ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحياة 24-6-2012 عبدالله اسكندر قد يكون خطأ فنياً من
الطيار التركي الذي اخترق المجال
الجوي لسورية، او من طاقم الدفاع الجوي
السوري الذي أطلق مضاداته على هدف قبل
التحقق من هويته، وراء إسقاط الطائرة
المقاتلة التركية. واستناداً إلى
الردود الأولى من الجانبين، وفي
انتظار تحقيقات في شأن الحادث، يبدو ان
ثمة رغبة بعدم تصعيد المشكلة والتوجه
الى ايجاد صيغة ما لتسويتها. لكن كل ذلك لا ينفي ان
التوتر بين الجارتين ارتفع درجة
إضافية، وأنه بات يتحول شيئاً فشيئاً
إلى نقطة اللارجوع. وبغض النظر عن
التسوية الممكنة لهذا الحادث، ثمة
دلالة كبيرة الأهمية ينطوي عليها
اسقاط الطائرة التركية بمضادات سورية. وترتبط هذه الدلالة
بكون هذه الطائرة جزءاً من الترسانة
الاطلسية، اضافة الى كونها تركية. وهذا
يعني ان سورية رفعت درجة توترها ايضا
مع الحلف الاطلسي الذي تتهمه بالتدخل
في شؤونها الداخلية، عبر تسليح
المعارضة ورعايتها، وتنسب اليه النية
بالتدخل العسكري المباشر فوق أراضيها.
وبهذا تبعث برسالة الى الحلف مفادها
أنها مستعدة للمواجهة، خصوصاً بعدما
أثبت دفاعها الجوي قدرته على التصدي
لمن يخترق اجواءها. وفي الوقت نفسه
تبعث برسالة الى الحامي الروسي
المنغمس في مناقشات استراتيجية مع
الحلف والمعترض على كثير من خطواته.
ومفاد هذه الرسالة التي جاءت في الوقت
الذي كان وزير الخارجية السوري وليد
المعلم يبحث في خطة انان مع نظيره
الروسي، أن التدخل الخارجي في الشؤون
السورية قائم، وأن على موسكو ان تستمر
في الدعم العسكري للحكم السوري الذي
يواجه الهجوم الاطلسي. هكذا يبدو ان ثمة
سعياً سورياً لربط مباشر بين الازمة
الداخلية للحكم وبين العلاقة الروسية-الأطلسية،
على نحو يجعل هذه الازمة جزءاً من
الموقف الروسي في مواجهة الاطلسي. في موازاة ذلك، هناك
دلالة إقليمية لإسقاط الطائرة
التركية، فالقول إن طائرة من دولة
مجاورة تخترق المجال الجوي السوري،
ينطوي على القول إن مصدر اختراق الأمن
الداخلي يأتي من وراء الحدود، تعزيزاً
لنظرية الجماعات المسلحة من الخارج
والتدخل العسكري الخارجي، خصوصاً
الإقليمي، الذي يمنع تطبيق خطة أنان. فهذه الخطة تترنح،
بحسب واضعها المبعوث الدولي-العربي
كوفي انان، وبحسب قائد فريق المراقبين
الدوليين الجنرال مود، بفعل استمرار
العنف الداخلي واستخدام الاسلحة
الثقيلة من الحكم، وبفعل استمرار
المجازر، حتى لافروف لم يتردد في اعلان
انه طلب من الحكم السوري ان يتخذ
مزيداً من الإجراءات لإنجاح هذه الخطة.
أي أنه اعترف بالجانب الداخلي من
الأزمة التي يتعين على هذا الحكم ان
ينفذ المطلوب منه. ومع ترنح الخطة
وزيادة المطالبة من الحكم في دمشق
بالتعاون لتنفيذ البنود الأخرى منها،
تسقط النظرية السورية الرسمية القائلة
ان كل العنف مصدره الخارج، وتالياً
عليه النظر الى الداخل والتعاون مع
الأفكار المطروحة من اجل انتقال سلمي
للحكم. ويأتي التوتر
الميداني مع تركيا، لينقل الجدل من
ضرورة تنفيذ خطة انان، اي التركيز على
الجانب الداخلي للأزمة السورية التي
نفاها الحكم مراراً، الى المواجهة
الخارجية تعزيزاً لنظرية المؤامرة من
الخارج، بما فيه المعارضة السورية.
وتاليا عدم البحث في اي من البنود
الاخرى من خطة انان التي لم يعد امام
مجلس الامن خيارات كثيرة لإنعاشها. وفي اطار هذا السعي
الرسمي السوري، تبدو تركيا مرشحة اكثر
من غيرها من دول الجوار لتكون الطرف
الآخر في التوتر الاقليمي، فالأردن
اتخذ على ما يبدو قراراً استراتيجياً
بالحرص على الإبقاء على علاقة طبيعية
مع الحكم السوري الى حد استثنائه من
العقوبات العربية، ولبنان الدولة أعجز
من ان يتخذ موقفاً مناكفاً للخروقات
السورية لحدوده الدولية، وإن كانت
الأزمة السورية تنعكس تأزماً أهلياً
لبنانياً. والعراق الدولة يقف عملياً
الى جانب الحكم السوري. تركيا وحدها
تناهض هذا الحكم وتعلن معارضتها له،
ولديها من الادوات للتأثير. ويحسب
الحكم السوري أن أي صدام مع تركيا،
خصوصاً حالياً، يعفيه من التزام خطة
أنان، وأيضاً يعزز نظرية التدخل
الخارجي، وايضاً الموقف الروسي
الداعم، بحجة المواجهة المشتركة
للأطلسي. ================= الحروب
بالوكالة بدل الحرب الاهلية الرأي الاردنية 24-6-2012 موسى الكيلاني بوجود 400 طائرة
مقاتلة , و900 دبابة , وبمشاركة تسعين الف
مقاتل على
الاراضي السورية , تكون دمشق
قد ورطت المنطقة بما هو اخطر الف
مرة من حرب اهلية , الا وهو الحرب
بالوكالة عن العمالقة
الكبار. لقد نشرت الصحف هذا
الاسبوع عن مناورة عسكرية, تشارك بها
قوات جوية
وبرية من اربعة دول وهي روسيا والصين
وايران وسوريا , وهذه من اكبر
المناورات التي
تشهدها المنطقة , وجاء الاعلان
عنها بعد تسرب انباء عن سيناريو تفكر
به دول اوروبية وامريكية
لفرض حظر للطيران في مناطق محددة
فوق دمشق ودرعا وحمص وحماة وذلك حماية
للمدنيين الذين تقصفهم طائرات
الهليكوبتر والميغ. يضاف الى تلك الانباء
, ما اعلنته الصحافة المصرية عن طلب
السلطات الصينية السماح بمرور 12 قطعة
بحرية عبر قناة السويس متوجهة الى
ميناء طرطوس حيث احتشدت ايضا منذ
16 شهرا اكبر ترسانة للاسلحة
والصواريخ المتطورة تمتلكها موسكو
خارج الحدود الروسية . وما زالت انباء الفشل
في قمة المكسيك الاسبوع الماضي تسيطر
على اجواء العمل السياسي بعد ان اعترف
الرئيس الامريكي باراك اوباما بعجزه
عن اقناع الصينيين والروس بوجهة نظره
حيال الملف السوري. وستحمل المشاركة
الايرانية في تلك المناورات الكبرى
اهمية خاصة لشعوب المنطقة وللدول
العربية في الخليج التي ترى ان اوهام
الهيمنة الايرانية على العرب بدات
تلوح من جديد , من خلال مضاعفة جاهزية
حزب الله اللبناني ليكون شريكا
ميدانيا في اية تطورات قادمة على
المنطقة بشكل عام , وعلى سوريا بشكل خاص. ولا شك ان لهذه
المناورات الكبرى دلالة اخرى ان نظام
الرئيس بشار الاسد في مأمن من اية
محاولة للاطاحة به بواسطة قوى
المعارضة السورية حتى ولو تم تسليحها
بالصواريخ المتقدمة المتطورة ضد
الدروع وضد الهليكوبترات بعد ان ثبت
فشل مضادات الدروع
« ار. بي . جي « في التاثير على
دبابات 72 مما استوجب استخدام السلاح
الجديد الذي اعطب في يوم واحد ثماني
دبابات شوهدت محترقة. لقد تم تزويد
المعارضة بصور الاقمار الصناعية عن
تحركات الشبيحة ومكامنهم , وعن تحركات
الجيش السوري ومناطق تموضع كتائبه
وذلك من خلال شبكة اتصالات حديثة لا
تمتلك مثلها حتى جيوش المنطقة , ولكن
ذلك لن يؤدي الى تقويض النظام. وكم استوقفني تعليق
الصحفي سفيان السفياني من بيروت الذي
وصف النهاية السريعة لمهمة كوفي انان
بانها جاءت في الوقت المناسب لان تدويل
الصراع في سوريا اصبح امرا ملموسا يشعر
به كل مواطن , وان السوريين يقتلون
بعضهم بعضا نيابة ووكالة لصراع دول
اخرى خارجية , لها اجنداتها , ومصالحها ,
واهدافها غير المعلنة . ويقول السفياني ان
تفكيك سوريا الى ثلاث دول سيعطى ابناء
السنة شعورا ان دماء الشهداء لم تذهب
هدرا, كما سيعطى العلويين احساسا
ان دفاعهم الشرس لم يكن بلا جدوى . ولكن من سيواسى عواطف
الأُم التي ثـُكلت بابنها ,
اوالطفل الذي تيتم عن والده ,
اوالزوجة التي
قـبـَّلت وجه زوجها الصقيعي
المتفحم من القصف المدفعي ؟ ================= الأميركيون
نحو تواصل أكبر مع معارضي الداخل
السوري مجموعة الاتصال
لتوريط روسيا في الحلّ ولا أوهام النهار 24-6-2012 روزانا ابو
منصف تكشف مصادر
ديبلوماسية واسعة الاطلاع عن ان
الفكرة التي يعمل عليها المبعوث
المشترك للامم المتحدة والجامعة
العربية الى سوريا كوفي انان اي انعقاد
مجموعة اتصال دولية تضم الدول الخمس
الكبرى من الاعضاء الدائمين في مجلس
الامن، اضافة الى بعض الدول الاقليمية
العربية وغير العربية ودول الجوار
السوري، اطلقها اجتماع مع انان عقد في
25 ايار الماضي في جنيف في حضور شخصيات
سياسية معروفة من العالم العربي
وفاعلة لدى العالم الغربي او على علاقة
مع الامم المتحدة ايام
رئاسة انان للمنظمة الدولية. ومن بين
هذه الشخصيات وزراء
وسفراء سابقون، اضافة الى خبراء في
الشأن الاقليمي والسوري. وقد بحث
اللقاء في السبل الآيلة الى ايجاد حل،
للازمة السورية وكان مرتكزها ان هناك
حاجة الى توريط روسيا في العمل من اجل
ايجاد حل كما توريط
دول اخرى يمكن ان تضغط في الاتجاه نفسه
ومن بينها ايران. وهناك بنود اخرى برزت
في هذا اللقاء كان ابرزها عزم الولايات
المتحدة على التواصل بشكل اكبر مع
المعارضة الداخلية في سوريا وعدم
اقتصار التواصل مع المعارضة السورية
في الخارج، لئلا تتكرر التجربة نفسها
التي حصلت مع الرهان على احمد الشلبي
في العراق والتعاون معه من اجل اطاحة
صدام حسين. اذ هي ترغب في ان تكون على
صلة اكبر بما يجري في الداخل وما يقوم
به الثوار والمعارضون هو الاساس في
دينامية الازمة السورية. ولا تعتبر هذه
المصادر ان مجموعة الاتصال الجديدة في
حال اجتماعها قد تلغي او تحل مكان
مجموعة اصدقاء سوريا التي انعقدت أول
مرة في تونس وتعتزم الاجتماع مطلع تموز
المقبل في باريس، الاّ انها تندرج من
ضمن محاولة انان اعطاء خطته الزخم
اللازم ومن اجل ان يساهم الافرقاء
المعنيون عملياً في الضغط على
الافرقاء لوقف العنف والمساعدة
للانتقال الى العملية السياسية. وبحسب
هذه المصادر، فان لا أوهام لدى انان
بأن النظام السوري يمكنه ان يستمر او
ان يبقى، الاّ انه لا يستطيع الجهر
بذلك كما لا يمكنه الانطلاق بالعملية
على اساس القول للرئيس السوري ان عليه
ان يرحل. وتواجه مجموعة الاتصال مجموعة
تساؤلات تتصل بجملة امور من بينها في
شكل خاص ما هو معروف من هذه التساؤلات
حتى الآن وتتصل برفض الولايات المتحدة
مشاركة ايران في هذه المجموعة. اذ تقول
هذه المصادر ان الاميركيين يعترضون
على وجود ايران اذا كانت ستستمر في دعم
الرئيس بشار الاسد في حين ان الامر
سيكون مختلفا اذا كانت ستضغط عليه من
اجل رحيله، اضافة الى عدم الرغبة في
اتاحة الفرصة لايران لتطرح ما تريده من
دور في المنطقة، وفقا لما رغبت فيه في
مناقشة ملفها النووي. وما هو غير معروف
يتصل بما اذا كان هناك احتمال لنجاح
هذه المجموعة في حال اجتماعها في
الخروج بجديد ام لا. اذ ان الموقف
الروسي حتى الان لا يسمح بالرهان على
نضوجه باعتبار ان هناك تحوّلا حصل،
لكنه ليس بالتحول الكافي في عملية
تبدوانها تسير ببطء شديد وفق الوتيرة
التي يحددها الروس. ولم يطرأ جديد يذكر
بين اللقاء الذي عقده الرئيسان
الاميركي باراك اوباما وفلاديمير
بوتين في لوس كابوس في المكسيك في
اوائل الاسبوع الماضي في 18 من الجاري
من دون ان يؤدي الى نتيجة تذكر على
الصعيد السوري. ولذلك فان اجتماعا
جديدا لدول مجلس الامن الدائمة
العضوية اضافة الى بعض الدول
الاقليمية والعربية المؤثرة سيعطي
صورة اخرى عن عدم التوافق الدولي،
وتالياً العجز الدولي في ايجاد آلية
لوقف العنف مما سيترك انطباعات سلبية
على هذه الدول اكثر مما يتركه واقع عجز
مجلس الامن عن وقف ما يحصل في سوريا او
يؤكده باقل الاحتمالات. الاّ ان هذه المصادر
تشير ايضاً الى استحقاق وصول خطة انان
الى خواتيم مهلتها في منتصف تموز
المقبل بحيث يتعين توفر عناصر التجديد
او التمديد لها. وهو عنصر ضاغط على
الافرقاء المعنيين، اذ انها وعلى رغم
عدم نجاحها في تنفيذ اي بند من بنودها
ولا سيما منها وقف النار، فإنها لا
تزال الوحيدة المتاحة في غياب البديل
الذي يسمح بالاستغناء عنها، علما ان
انان نفسه لا يعتقد ان الخطة يمكن ان
تنفذ وفقاً لما تقول هذه المصادر، الاّ
انه يكسب بعض الوقت او يشتريه حتى نضوج
المواقف والتوصل الى تسوية. وسيكون
صعباً على كل الدول المعنية الذهاب
مجدداً الى مجلس الامن والتمديد لمهمة
انان وقت نعاها عدد كبير من الدول
الغربية او في
حين انها وصلت الى حائط مسدود مع تعليق
المراقبين عملهم وعدم توافر العناصر
التي تسمح لهم باستئنافها. علماً انه
بين اقرار خطة انان قبل بضعة اشهر
والتمديد لها طرأت مجموعة متغيرات على
الارض مؤثرة، وينبغي ان تؤخذ في
الاعتبار. واياً تكن الخطوة
التالية على هذا الصعيد اي توافر
القدرة على تأمين لقاء لما يسمى مجموعة
الاتصال حول سوريا التي يعمل على توفير
عناصرها في المدة الفاصلة عن اواخر
الشهر الجاري ام عدم توافر هذه القدرة،
فان الامور، وما لم يطرأ ما يبدلها
على نحو جذري، تراوح من ضمن المعطيات
التي لا تزال قائمة منذ بضعة اشهر، وان
اكتسبت تأكيداً اكبر مع فداحة ما يحصل
في سوريا يوميا. وهذه المعطيات هي وفق
ما تؤكدها هذه المصادر:
ان لا حل في الافق المنظور حتى الآن
على رغم وفرة الافكار في هذا الاطار،
عدم امكان بقاء الرئيس السوري في اي
شكل من الاشكال في اي صيغة مستقبلية
لسوريا على رغم ان مهلة استمراره غير
واضحة اطلاقاً، وما اذا كانت ستستغرق
اشهرا عدة حتى نهاية السنة او اكثر
بقليل على رغم ان هناك عجزا عن ايجاد
شخصية علوية بارزة من ضمن النظام يمكن
ان تمثله في اي حكومة مستقبلية،
واحتمال قبول
اي نظام جديد تسوية سياسية تسمح برحيله
من دون محاكمته تغدو
ضعيفة اكثر فاكثر. ================= الثورة
السورية من "صمتكم يقتلنا" إلى
"صمتكم يقتلكم"! المستقبل 24-6-2012 عمر قدور قلما يتم الانتباه
إلى الكلفة التي يتكبّدها النظام
السوري في مواجهة الثورة، وبخاصة
الكلفة البشرية التي راحت تتزايد في
الأشهر الأخيرة، أي مع اتجاه النظام
إلى استخدام المزيد من العنف أملاً
بحسم سريع وعد به أنصاره منذ أكثر من
سنة!. ومن المؤكد أن عدم الاكتراث العام
هذا يرجع إلى هول أعمال القتل التي
تطال المدنيين السوريين أولاً، فلا
يعود ثمة فرصة للاكتراث بخسائر
الجناة، فقتلى النظام قضت غالبيتهم
العظمى في مواجهات كانوا فيها هم الطرف
المهاجم، ويندر عدد الذين قُتلوا منهم
في أعمال هجومية لكتائب الجيش الحر ذات
القدرة التسليحية المتواضعة أصلاً. لا توجد معلومات
معلنة وموثقة عن قتلى قوات النظام، كما
تنعدم المصداقية في الأرقام المصرّح
عنها، إذ من المعتاد أن يُعلن عن أرقام
القتلى فقط، عندما يتم استثمارها في
لحظات الإحراج الدولي الشديدة، ومن
أجل الظهور بمظهر الضحية، أو على الأقل
من أجل الحصول على نوع من المساواة بين
المجازر الجماعية بحق المدنيين وقتلى
الاشتباكات العسكرية. فيما عدا ذلك، لا
يبدي النظام ذاته أدنى اكتراث بالعدد
المتصاعد من القتلى في صفوف أنصاره. بل
يبدي التصميم على البقاء مهما كلف
الأمر، بما أن من يدفعون الكلفة هم على
الأغلب الموالون، الذين لا وزن لهم في
سلم السلطة. ومع ازدياد الخسائر في
صفوف مواليه، لا يجد مبرراً للإبقاء
على تماسك صفوفهم سوى التصعيد
الطائفي، لكي يظهر كضامن لسلامة
الطائفة، بينما في الواقع يستخدم
أبناءها كدروع بشرية تحميه. قياساً إلى الخسائر
البشرية في صفوف الثورة تأخر النظام
عدة أشهر في تكبد خسائر مماثلة، إذ من
المعلوم أن الثوار أصروا حينها على
السلمية المطلقة للثورة، ورفعوا
شعارات من نوع "إن بسطتَ يد لتقتلني
فما أنا باسط يدي لأقتلك". إلا أن
دعوات السلمية لم تفلح في ثني النظام
عن مواصلة القتل والتنكيل، بل أمعن في
الاستخدام المفرط للعنف، وعلى وجه خاص
لم تنجح دعوات السلمية في كسب التعاطف
من فئات اصطفت مع النظام منذ البداية،
وكان من المأمول تغيير موقفها بعدما
شاهدت فظائعه المرتكبة على امتداد
الأراضي السورية. ففي 29/7/2011 أطلق
ناشطون سوريون على ذلك اليوم تسمية "جمعة
صمتكم يقتلنا"، وكانت بمثابة
استغاثة صارخة موجهة للكتلة الصامتة
من السوريين، لأن هذا الصمت وفر الغطاء
لفظائع الأمن والشبيحة، مثلما وفر
الغطاء للرواية الإعلامية الرسمية
التي تدعي تمثيل كتلة اجتماعية واسعة،
وإن أخذت بالتآكل التدريجي لتتوقف عند
ادعاء تمثيل طوائف بعينها مستثمرة في
الخوف الأقلوي. خلافاً للوقائع نجح
النظام في ترويج روايته عن كون الثورة
السورية ذات طابع طائفي أصولي سني، ولا
يزال هذا النجاح يُحتسب له في صفوف
الأقليات الدينية أو الطائفية التي لم
تشجعها مشاركة بعض شبابها في الثورة
على رؤية دقيقة لما يحدث. وعلى الدوام
خلّف الإعراض الأقلوي غصة في نفوس
الثائرين لما له من أثر يفوق بعمقه
اتهامات النظام، ورغم التأكيد
المتواصل من قبلهم على وطنية الثورة
بأهدافها وممارساتها، إلا أن الواقع
راح يفرض خطاً من المواجهة لا يتوقف
عند قوى السلطة المباشرة بل يتعداها
إلى الفئات الاجتماعية الداعمة لها
بقوة، والتي للأسف تأخذ في بعض الأحيان
منحى طائفياً صارخاً. بدايةً لم يجد
المتظاهرون مناصاً من ردع قطعان
الشبيحة التي تروّع المتظاهرين
السلميين، فلجأوا إلى استهداف أفراد
منهم خارج التظاهرات، بغية إفهامهم
باللغة الوحيدة التي يتقنونها أن
المتظاهرين طفح الكيل بهم، ولن يصبروا
إلى ما لا نهاية. لكن الشبيحة، الذين
يتم تصويرهم غالباً على أنهم فئة
اجتماعية خاصة، ليسوا في الواقع شريحة
منبتة اجتماعياً، ولهم أيضاً حيثياتهم
الاجتماعية التي توفر لهم الحصانة
والحماية، وتوفر لهم الدعم عند اللزوم.
ومما لا شك فيه أن جزءاً مما سمي "الكتلة
الصامتة" لم يكن صمته دلالة على
الخوف من النظام، أو دلالة على التريث
الانتهازي بانتظار انجلاء أوضح
لموازين القوى على الأرض، فقد تكشف هذا
الجزء عن اصطفاف شديد بجانب السلطة،
ولم تستنهض مجازرها أدنى حالات
التعاطف مع الضحايا، أما الذين خرجوا
عن صمتهم من هذا الجزء فكانوا أقرب إلى
التشبيح الإعلامي، وبعضهم طالب
بالمزيد من القمع، واستقوت بهم صفحات
المؤيدين على مواقع التواصل الاجتماعي
لتتشفى بجثث الضحايا وبذويهم. لم يكن للمساحة
الواسعة من الصمت التي رافقت بداية
الثورة أن تستمر إلى ما لا نهاية،
فخرجت كتل كبيرة عن صمتها وانضمت إلى
الثورة، وفي المقابل خرجت أصوات أقل
عدداً، ولكنها ليست بلا تأثير، لتجهر
بوقوفها إلى جانب النظام، وبالتالي لا
تترك مجالاً للشك أو التأويل، وليس
مفيداً إنكار حقيقة أن الذين جهروا
باصطفافهم النهائي إلى جانب النظام
فعلوا ذلك لأسباب يغلب عليها النزوع
الطائفي، بعد الترويج طويلاً لرُهاب
أقلوي من التغيير. لقد سعى البعض إلى
ترويج مقايضة بين القمع الوحشي الذي
يتعرض له الثوار والخوف الأقلوي من
المستقبل، أي مقايضة الموت اليومي
بافتراضات لا تؤكدها سوى دعاية
النظام، ولأن هذه المقايضة مغشوشة
أساساً لم تنفع كل التطمينات التي
ساقها المعارضون في زعزعة المخاوف
الأقلوية التي ازدادت تماسكاً وتصلباً.
الصمت، الذي لم يعد ممكناً تأويله على
محمل آخر سوى الموافقة على القتل أو
المشاركة فيه، تضاءل فيه هامش
المناورة إلى أقصى الحدود، أما شعار
"صمتكم يقتلنا" فقد تخلى عن نبرته
الحزينة السابقة ليكتسب إشارة اتهامية
واضحة المعالم. لقد كان محتماً ألا
يتحمل الثوار الضيمَ إلى ما لا نهاية،
وأن يندفع قسم منهم إلى حماية الثورة
بقوة السلاح، وبالتالي أن ينقلب صمت
الموالاة عليها أيضاً، فيصبح صمتاً
قاتلاً على الجهتين. دفعت الثورة ثمناً
باهظاً من دماء أبنائها بسبب ذلك الصمت
المتواطئ مع القتل، وأعاق ذلك إمكانية
تحول الثورة إلى عصيان مدني عام يشل
قدرة النظام الأمنية. لو أن الفئات
الاجتماعية الحاضنة للشبيحة اتخذت
منهم موقفاً رادعاً، ربما كانت الأمور
سارت على نحو مختلف. لو أن الفئات ذاتها
في المقابل لم تتبرأ علناً من أبنائها
المشاركين في الثورة ربما كانت أرسلت
إشارة مختلفة عن صمتها، لو أن هذه
الفئات تململت قليلاً من ممارسات
النظام تجاه أشقائها في الوطن ربما
أعاد حساباته، ولم يتجرأ على تصعيد
القمع بشكل سافر. لو أن ذلك كله حدث لما
باتت المناطق الموالية تستقبل كل يوم
جثث العشرات من أبنائها؛ أولئك
البؤساء أيضاً الذين يضحي بهم النظام
ليطيل مدة بقائه، من دون أن يقدّم لهم
سوى المزيد من الخوف على المستقبل. صمتكم يقتلنا
ويقتلكم؛ ربما هذه هي الصيغة الأكثر
واقعية التي يدركها الكثيرون اليوم،
فالسقوط التام للنظام داخلياً لن
يتحقق إلا بتحول الصمت المتواطئ إلى
صرخة ضد النظام، ومع الأسف ربما لا
يتحقق ذلك إلا مع تفاقم عدد القتلى، أي
عندما يسأل الموالون أنفسهم عن جدوى
الزج بشبابهم في حرب لن يربحها النظام
على كل حال، وسيخسرونها هم في مطلق
الأحوال ================= أن تتدخل
عسكرياً في سوريا؟ المستقبل 24-6-2012 هناك أسباب وجيهة
تدفع فرنسا لإرسال أقوى ما عندها من
عناصر عسكرية الى سوريا. العمليات العسكرية
التي خاضها جيشنا خارج البلاد، ألم تكن
نتيجتها نجاحا مبهراً؟ فلنأخذ افغانستان
مثلا: بضعة سنوات من الوجود العسكري في
كابول كانت كفيلة بتحويل هذا البلد الى
ديموقراطية سعيدة، نزيهة وهادئة. ففي
كل بيت من بيوت أفغانستان تسكن عبادة
الجندي الفرنسي والحب العارم له. في
السوق، كما في المسجد فان مظليي وتقنيي
الجيش الفرنسي هم أيقونات الحية. وراء
كل هذه المشاعر الطيبة سبب جوهري: هو
إعتراف الأفغان بجميل جنودنا، لما
أنجزه هؤلاء من أجل أفغانستان
والأفغان. فالحياة اليومية في
أفغانستان هي نموذج يحتذى لكل جيرانها
بل للعالم بأسره: نموذج من التوازن
والاعتدال. بكلمة واحدة، ان افغانستان
اليوم هي نموذج للتسامح. شوارع كابول
هي بهدوء شوارع باريس نفسه في شهر آب.
والنساء هناك يرتدين الميني جوب و"التوبات"
العارية الكتفين، يتشمّسن في الحدائق
والمطاعم في الهواء الطلق. النساء هناك
يدخن سجائر "الجيتان" ويشربن
البيرة ويضحكن على سكيتشات أحدهم التي
تذيعها مكبرات الصوت. السجال الفكري في
ذروته، ورسائل الدكتوراة حول الفيلسوف
الالماني نيتشه والروائي الماركيز دي
ساد، أو حول "ألف ليلة وليلة"،
تتكدّس في مكتبات عميد جامعة كابول؛
حيث تنظَّم أيضا مهرجانات الأفلام
الرائدة ومعارض البينيالي الفني
وأعياد الكتب الإلحادية في كندوز: كل
هذه الفعاليات الثقافية، هل كان ممكن
حصولها لولا تدخّل الجيش الفرنسي؟ أما ليبيا، فماذا
نقول عنها؟ بعد أربعة عقود من
الديكتاتورية الكافكاوية، باتت
البلاد تتنفس أخيراً هواء
ديموقراطياتنا الغربية. هل كان كل ذلك
ممكنا لولا ردّة الفعل العسكرية
السليمة للـ"ناتو" بإيعاز من
الرئيس الفرنسي السابق نيقولا
ساركوزي؟ فمنذ قيامها، هذه الحملة،
وليبيا تنعم بمناخ من السلام
والتعايش، ويسود الازدهار والفرح في
طرابلس الغرب وبنغازي... ومشاريع
اقتصادية كلها خلاقة: شركة تاكسيات في
طبرق وانعدام البطالة والإنجازات
الرياضية والاقتصاد العائد الى الحياة
من جديد. ولا فوضى على الاطلاق في دوائر
الشرطة والمؤسسات الرسمية. بخصوص العراق الآن؛
الجميع في فرنسا يعلم بأن فرنسا لم
تشارك في المجهود الحربي الذي أقرته
الاسرة الدولية بغية طرد صدام حسين من
السلطة. ولكن، نظراً للنتائج الرائعة
التي توصل اليها الجيش الاميركي، فان
بلادنا اليوم نادمة على عدم المشاركة
في الحملة على صدام. فبغداد عادت
مركزاً شرقيا مضيئا، موئلا للسلام
العريق، والبحث العلمي والحياة
الجامعية الزاخرة، ونتاجات أدبية
موسمية. الأمر نفسه ينطبق على
ساحل العاج، حيث تدخلت القوات المسلحة
الفرنسية لتحسم الصراع بين الرئيس
المنتخب الحسن واتارا والرئيس
المنتهية ولايته لوران غباغبو. ومنذ
ذلك الوقت وساحل العاج ينعم بالسعادة
والنشوة، فيما أنصار الرئيس لوران
غباغبو الذين يشكلون أقل أو أكثر من 50
بالمئة من أصل الذين اقترعوا في
الرئاسيات، فهم وضعوا نهاية لخلافاتهم
مع الرئيس الجديد الحسن واتارا، ونسوا
العداوات والمجازر، وتراهم يمشون جنبا
الى جنب، يدا بيد، نحو مستقبل مشرق. يمكننا الذهاب
بعيداً في الأمثلة التاريخية للتدخل
العسكري الفرنسي: في الهند الصينية وفي
قناة السويس والجزائر، وحديثاً في مصر
والمكسيك.... هكذا، سوف نبلغ
النتيجة نفسها: خارج حدوده، تسبّب
الجيش الفرنسي بالآلام والأضرار...
بالكثير من الآلام والأضرار. مارك فينيو [إفتتاحية مجلة "لوبوان"
الفرنسية (14 حزيران 2012) ================= أوباما
وبوتين: الصراع على سوريا الاتحاد رضوان السيد 24-6-2012 لا يزال الصراع على
سوريا ناشباً بين عدة أطراف، والطرفان
المحليان: النظام والثوار. ثم المحور
الإيراني لدعم النظام السوري، ويضم
إيران والعراق و"حزب الله". أما
المحور الثالث فدولي، ويضم روسيا
والصين في مواجهة الولايات المتحدة
وأوروبا. ويضع بعض المراقبين المحور
العربي (الخليج خصوصاً) في وجه المحور
الإيراني. وقد جرى في الأيام
الماضية اجتماعان على علاقةٍ بالصراع
على سوريا. أولهما اجتماع الرئيسين
الأميركي والروسي على هامش قمة دول
العشرين بالمكسيك. وثانيهما اجتماع
دول الـ 5+1 مع إيران ووكالة الطاقة
الدولية بموسكو. وفي كلا الاجتماعين
كان هناك حديثٌ عن "الأزمة السورية".
وثمة مبادرة سلمية عربية تضمنت
مراقبين لكنها لم تنجح، ثم انضمّت
إليها مبادرةٌ دوليةٌ صادرة عن مجلس
الأمن ويرأسها "عنان" الذي تقدم
بستّ نقاطٍ أولها وقف العنف وسحب
السلاح الثقيل من المدن والبلدات. لكنّ
المراقبين الدوليين أعلنوا عن وقف
عملهم مؤقتاً بسبب تصاعُد العنف! والمهم في هذا
السياق، أنّ موقف موسكو وبكين خلال
عام، هو الذي منع مجلس الأمن من اتخاذ
قرارٍ تحت الفصل السابع بحماية
المدنيين في سوريا. وقد عمل الغربيون
بجدٍ لإقناع موسكو بأن تكون طرفاً
مُحايداً ومشاركاً في الحلّ السلمي
بدلاً من مساندة النظام السوري. وتحت
وطأة الضغوط الغربية تظاهرت موسكو
بالاستجابة، وتحدث وزير خارجيتها عن
مؤتمرٍ دولي حول سوريا بموسكو تحضره
دول الجوار... وتحضره إيران! وجاء اجتماع أوباما
وبوتين بعد طول انتظار، وقد تشاورا في
عدة موضوعاتٍ أهمها: الدرع الصاروخية
التي تطالب موسكو بإزالتها، والملف
النووي الإيراني، والوضع في سوريا.
وتدرك موسكو أن موقفها قوي رغم كل شيء
في الملف السوري لعدة أسباب: أن النظام
لا يزال صامداً رغم تراجع قدراته
وسيطرته، وأنّ أحداً لا يستطيع التقدم
في الملف السوري بدونها، وأنها لا تمثل
النظام السوري فقط بل هي مسؤولةٌ أيضاً
عن أمن إسرائيل لوجود مليوني إسرائيلي
من أصل روسي في الدولة العبرية. إنما من جهةٍ أُخرى
فإن أوراق موسكو محدودة إذا قورنت
بمطالبها، فالأمر مثل قالب الآيس كريم
المهدد بالذوبان إن لم يجر أكله. بمعنى
أنه إذا تداعى النظام السوري، فالورقة
السورية لا تعود لها قيمة! ويصعُبُ من
جهةٍ أُخرى أن يستجيب أوباما قبل
الانتخابات لمطالب موسكو في الدرع
الصاورخية، وتظلُّ موسكو حريصة على
نجاح مفاوضات النووي، باعتبارها تجري
على أرضها، وأنّ إيران تقع بشكلٍ من
الأشكال تحت مظلتها. وإذا كانت موسكو
أقرب إلى طهران في الملف السوري، فهي
أقرب للغرب في الملف النووي، لكنها هي
والصين لا تريدان حرباً على طهران ولا
حصاراً لها! ولو عُدْنا للملف السوري
لوجدْنا أن بوتين لا يملك حرية الحركة
المطلوبة من المتفاوضين. فطهران لا
تزال تمون على النظام السوري أكثر من
موسكو، والنظام لا يزال يريد إخماد
الثورة بالقوة، بينما تبدو موسكو
جادةً في قصة الحل السياسي الإصلاحي.
وفي روسيا الاتحادية 30 مليون مسلم، وهي
تخشى الاضطراب في الأقاليم الإسلامية. وسط هذه الاعتبارات
كلها، التقى الرئيسان الأميركي
والروسي بالمكسيك. وما كان الاجتماع
حاسماً. فالملف النووي الإيراني شديد
التعقيد، وموسكو حريصة على الشراكة مع
الولايات المتحدة، وعلى عدم إغضاب
إيران في الوقت نفسِه. والدرع
الصاروخية لا زحزحة فيها قبل
الانتخابات الأميركية على الأقل. فبقي
الملف السوري الذي يمكن التحرك فيه
وإنْ بشكلٍ محدود. وقد دعمت روسيا
مبادرة عنان ولا تزال، كما أنّ
الولايات المتحدة ليست بعيدةً عنها،
لأنها لا تريد التدخل العسكري في سوريا
قبل الانتخابات أيضاً. فالذي يمكن أن
يشكّل فارقاً لدى الطرفين هو تنحّي
الأسد، وتخفيض العنف، والسير في
الخطوات السياسية السالفة الذكر.
وموسكو لا مانع لديها في تنحّي الأسد،
لكنها تخشى تعنُّت طهران التي لم تستجب
للافروف قبل أُسبوع. ومن جهةٍ أخرى
فالولايات المتحدة والسعودية على حدٍ
سواء ترفضان مشاركة طهران في مؤتمر عن
سوريا. وحجة الأميركيين والسعوديين أن
طهران ليست من دول الجوار السوري،
وأنها تُسهم في العنف ضد الشعب السوري،
فلا تتوافر لها الحيادية اللازمة. ومع
أن شيئاً رسمياً لم يصدر عن مفاوضات
الرئيسين، فالمفهوم أنهما اتفقا على
"عدة نقاط"، أهمها تخفيض العنف
بعدم إرسال مزيد من السلاح الروسي
لسوريا، وحثّ الولايات المتحدة
حلفاءَها على عدم الإسراف في دعم
الثوار. ويعمل الطرفان، الولايات
المتحدة مع المعارضة وروسيا مع
النظام، على الذهاب بعد خفض العنف إلى
الحوار السياسي. ولأن عقدة الأسد
شخصياً باقيةٌ، والمعارضة غير مستعدة
لأي تفاوُضٍ بحضوره أو بقائه رئيساً،
فإن التوافق لم يكتمل، كما أن الصراع
لن يُرجعَ إليه، بل تحدث حالة مهادنة،
قد تفيد في الداخل السوري، وفي النووي
الإيراني أيضاً، وستبقى الأمور على
هذا النحو لعدة أشهُرٍ قادمة! ذلك الانطباع الذي
نشأ لدى المشاركين في قمة العشرين، دفع
الرئيس الفرنسي للقول إن الأسد الذي
يذبح شعبه لا يجوز أن يكون جزءاً من
مستقبل سوريا. ونقل رئيس الوزراء
البريطاني عن بوتين قوله إنّ موسكو لا
يهمُّها بقاءُ الأسد، بل تريد الحلَّ
السياسيَّ ولو بدونه! ثم أعلنت وزارة
الخارجية الأميركية أنّ كلنتون
ستتشاور مع لافروف في آخر هذا الشهر
بشأن الأزمة السورية. بيد أن كل تلك
التصريحات ما بدَّدت الانطباع الأول.
وحتى لو وافقت روسيا على وضع مبادرة
عنان تحت الفصل السابع، فإنّ أحداً لا
يرغب في أن تقوم قواتُهُ بالتدخُّل. لنعُدْ إلى الثورة
السورية، فمنذ أُسبوعين وأكثر يشنُ
النظام حرب أرضٍ محروقةٍ في سائر أنحاء
سوريا وبخاصةٍ في حمص والرستن والقصير
وتل كلخ. ويختلف المراقبون في تعليل
ذلك. فمنهم من يقول إنّ المعارضة
ازدادت قدراتها بل إنّ النظام خشي من
التقارب الأميركي الروسي فصمَّم على
إنهاء الثورة بهذه الطريقة. وهناك رأيٌ
ثالثٌ يقول إنّ كلاً من النظام
والمعارضة يريد تثبيت خطوط تماسّ بعد
أن انقسمت البلاد إلى مناطق نفوذ لكلٍ
منهما. ويريد النظام تهجير حمص وريفها
حتى الحدود اللبنانية، لخلق مناطق
صافية طائفياً وربطها بالمناطق
الشيعية بالهرمل! وأياً يكن الأمر؛
فالواضح أنّ الأزمة السورية لن تتسبب
بمشكلةٍ جديدةٍ بين أميركا وروسيا.
ولذا ينبغي الانصراف عن الأمل في
تغيُّر الموقف الإيراني وموقف حكومة
المالكي. وينبغي أيضاً الاعتماد على
الجيش السوري الحر، وقوى المعارضة
الأُخرى، ليس بإنشاء المواقع الثابتة
كما حدث بحمص، بل بالضربات المتلاحقة
في شتى أنحاء البلاد، والتركيز على
المراكز العسكرية والأمنية. وإذا
تمكنت الثورة خلال زمنٍ قليلٍ من تثبيت
المناطق الآمنة وحمايتها؛ فإن النظام
سيتداعى ويسقط، سواء اتفق الروس
والأميركيون على ذلك أم لم يتفقوا. ================= المدينة وائل مرزا 24-6-2012 يبقى مُرجحاً أن أي
منطقٍ نطرحهُ هنا سيحتاج إلى شهادة
تاريخٍ قادمٍ في نهاية المطاف "لولا دمشقُ لما
كانت طُليطلةٌ ولا زَهت ببني العباس
بَغدانُ". لو قال هذا شاعرٌ من
دمشق لكانت شهادتهُ مجروحةً بالتأكيد.
لكن مصداقيةً عالية تكمن في معاني
الكلمات ودلالاتها حين نتذكر أن من
قالها هو أمير الشعراء أحمد شوقي، من
مصر المحروسة حفظها الله من كل سوء. لايعرف أحدٌ مثل ثوار
دمشق فضل أقرانهم من أبطال حوران وحمص
والساحل وحماة وإدلب ودير الزور
والقامشلي وحلب والحسكة والسويداء.
لايجادلون في مقامات العطاء والتضحية
والفداء والصبر والعزيمة والإصرار
الذي أظهره أولئك الأبطال على مدى خمسة
عشر شهراً من عمر الثورة. . لكن هذا لايتضارب مع
حقيقةٍ أخرى تتمثل في أن شرارةً
أساسيةً من شرارات الثورة انطلقت من
قلب دمشق التجاري في منطقة (الحريقة)
مبكراً بتاريخ 17 شباط/فبراير عام 2011.
حصل هذا الحدث الاستراتيجي الذي كان
بدايةً أولى لكسر حاجز الخوف حين خرج
قرابة 1500 شخص من المواطنين والتجار بعد
أن اعتدى رجال الشرطة في المنطقة على
أحد المواطنين، وكان ذروة التعبير
وقتّها عن الاحتجاج على سرقات رجال
الأمن . لهذا، بدأت المظاهرة
أولاً بهتاف "حراميّة.. حراميّة".
ثم جاءت لحظةٌ نادرة من لحظات التحول
التاريخية التي يحسبها الكثيرون
صغيرةً، لكنّ تأثيرها حساسٌ جداً في
رسم مصائر الشعوب، وذلك حين تجرأ
مواطنٌ لأول مرة في تاريخ دمشق المعاصر
وهتف قائلاً "الشعب السوري مابينذلّ"،
ليلتقط الآخرون الرسالة ويُصبح الهتاف
المذكور جماعياً، ثم ينقلبَ بعد ذلك
ليصير أيقونةً رمزية ورصاصةً معنويةً
أساسية في قلب النظام يُكررها الثوار
حتى الآن. ثمة سجلٌ مكتوبٌ
وموثّقٌ للمظاهرات التي خرجت مبكراً
مع بدايات الثورة . وثمة سجلٌ آخر
مكتوبٌ وموثّق لفعاليات الحراك السلمي
الأخرى المتنوعة والمُبدعة، والتي
بدأت أيضاً في مرحلةٍ مبكرة. لكن طرح
هذه القضايا بالتفصيل سيأتي في وقته. رغم هذا، يمكن القول
أن كل تلك النشاطات كانت بمثابة عمليات
تحضير وتدريب وتجربة وتحفيز وتنظيم،
كان من المحتّم أن تأخذ وقتها الطبيعي
في خضمّ وضعٍ أمني خانقٍ فَرَضهُ
النظام على العاصمة منذ اللحظة الأولى
لاندلاع الثورة ولايزال. ومن المهمّ
جداً التأكيدُ هنا، وبصراحة، على أن
القائمين على تلك النشاطات كانوا
أقليةً في المجتمع الدمشقي لأسباب
اجتماعية واقتصادية معروفة، إضافةً
للظروف الأمنية البالغة الصعوبة. لكنّ الحسّاس في
الموضوع أن مثل هذه التحولات
التاريخية لاتبدأ، في ظرفٍ له خصوصية
الثورة السورية، بمشاركة شرائح عدديةٍ
كُبرى، كما كان الحال في مصر التي لم
تسمح تركيبة نظامها السياسي والعسكري
بممارسة القتل الجماعي الواسع منذ
اللحظة الأولى. وإنما تنطلق بمبادرة
شريحةٍ متميزةٍ جداً على المستوى
النوعي. تمثلت هذه الشريحة في
دمشق بشباب الطبقة الوسطى العريقة
اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً
وحضارياً. ورغم الإرث الثقيل الذي
خلّفتهُ عقود الظلام السابقة على جيل
الشباب بشكلٍ عام، كانت هذه الشريحة
تحديداً مُشبعةً بإرثٍ حضاري وثقافي
عريقٍ وأقوى ظلّ بمثابة المكوّن
الأساسي للشخصية، وأصبح الحاملَ الذي
يُطلق كل هذا الكمون الذي رأيناه عندما
حانت اللحظة التاريخية المناسبة.
إضافةً إلى هذا، مكّنت الوفرة
الاقتصادية الجيدة أصحاب هذه الشريحة
من امتلاك قدرةٍ متقدمة على المعرفة
بتقنيات العصر وأدواته ولغته الجديدة،
خاصةً في مجالات الإدارة والتنظيم
وتكنولوجيا المعلومات. وهكذا، اجتمعت
للشريحة التي نتحدثُ عنها جميع الظروف
الموضوعية التي مكّنتها من أن تُصبح
تدريجياً نقطة ارتكازٍ أساسية لانقلاب
دمشق على النظام تدريجياً. لابدّ، بطبيعة
الحال، أن نضع هذا التحليل في سياق
عملية توزيع الأدوار التي حصلت بين
ثوار سورية على المستويين الجغرافي
والزماني، لندرك كيف تطورت الأمور من
خلال تلك العملية لنصل إلى هذه
المرحلة، حيث تستلم دمشق، الآن وفي
الوقت المناسب، راية الثورة السورية. من السخافة بمكانٍ
طبعاً الادعاءُ بأن هذه العملية تعني
التقليل من أهمية الدور الذي ستقوم به
المناطق الأخرى في سوريا. بل الأمر على
العكس من ذلك تماماً. لأن من الطبيعي
سياسياً أن تكون الضربة القاضية
للنظام في العاصمة، لكن هذا لايمكن أن
يحدث في معزلٍ عن إنهاك مرتكزاته
وقدراته الأمنية والعسكرية
والاقتصادية، فضلاً عن تحطيم معنوياته
نفسياً، من خلال دفعه إلى تشتيتها إلى
أقصى حدٍ ممكن جغرافياً. ثمة تعليقات كثيرة
ستُقال عن هذا المقال. سيُشفق البعض مثلاً
من إمكانية (المبالغة) في الكلام،
وسيخشى آخرون من مظنةٍ (شوفينيةٍ) فيه.
أما البعض الثالث فقد يخاف من إيحاءاتٍ
(مناطقية) تحذَرُ الثورة من ترسيخها
بأي درجةٍ من الدرجات. والحقيقة أن
التحليل المطروح أعلاه يستند إلى
كثيرٍ من الوقائع والمعلومات
والمعطيات، سواء كان الأمر يتعلق بما
جرى منها، أو بما سيجري في قادم الأيام. رغم هذا، يبقى
مُرجحاً أن أي منطقٍ نطرحهُ هنا سيحتاج
إلى شهادة تاريخٍ قادمٍ في نهاية
المطاف. من هنا، نترك الأمر
لذلك التاريخ، وقبل هذا، لفهمٍ شموليٍ
مُتكامل نعتقد أن الثورة أوجدتهُ لدى
شرائح واسعة من أبناء المجتمع السوري. وقد ينفع في هذا
الإطار أن نعود مرةً أخرى إلى إشاراتٍ
استطاع أمير الشعراء أن يلتقطهاعن
دمشق منذ قرنٍ من الزمان، بنظرته
التاريخية الثاقبة، علّها تساعد البعض
فيدركوا دلالاتها بعد كل هذا التاريخ: "وللحرية الحمراء
بابٌ بكل يدٍ مُضرّجةٍ يُدقُّ. جزاكُم
ذو الجلالِ بني دمشقٍ وعزُّ الشرقِ
أوّلهُ دمشقُ". ================= لماذا
الرغبة في إزالة حمص عن الخريطة ؟ الرأي العام خير الله خير
الله 24-6-2012 لى الرغم من مرور ستة
عشر شهرا على اندلاع الثورة السورية،
امّ الثورات العربية، وعلى الرغم من
تهجير قسم من اهلها الى مناطق اخرى، لا
تزال حمص صامدة. لماذا كلّ هذه الوحشية
التي يلجأ اليها النظام السوري في
تعاطيه مع حمص؟ لماذا كلّ هذا التركيز
على المدينة؟ هل يريد النظام القول ان
لديه بديلا من الحلّ الامني يتمثّل في
اقامة دولة علويّة «قابلة للحياة»
تشكّل حمص العقبة الابرز على طريق
قيامها ورسم حدودها؟ هناك بالفعل ما يثير
الاستغراب بسبب كلّ هذا الامعان في
ازالة حمص عن وجه الخريطة السورية،
علما بانها ثالث اكبر مدينة سورية بعد
دمشق وحلب كما انها لا تبعد عن حماة،
المدينة السنّية الاخرى التي ثارت في
العام 1982 سوى نحو خمسة واربعين
كيلومترا. بعد مضي ستة عشر شهرا
على اندلاع الثورة في سورية، يتبيّن
باختصار شديد، ان حمص 2012 ليست حماة 1982
التي تعرّضت لمجزرة مروّعة لم يعرف
العالم شيئا عنها الاّ بعد اسابيع عدة
من حصولها. حمص في السنة 2012 تعرّضت ولا
تزال تتعرّض لمجازر وليس لمجزرة واحدة
ولقصف مستمر بالاسلحة الثقيلة. تحوّلت
المدينة بكلّ بساطة الى رمز لصمود
السوريين وتصميمهم على التخلص من
النظام القائم وعلى رفض تقسيم بلدهم
وتفتيتته. لم يعد السؤال هل تصمد حمص ام
لا؟ اصبح السؤال هل يسمح العالم
المأخوذ، حاليا بانتخابات مصر وباحداث
اخرى مهمة مثل انقاذ اليونان
اقتصاديا، بمحو مدينة كاملة من الوجود
كي يعتبر النظام السوري ان لديه خيارا
آخر يمكنّه من البقاء على قيد الحياة
ولو على جزء من الاراضي السورية؟ من يتمعّن جيدا في
المواقف الروسية والايرانية، يكتشف ان
هناك من يدعم التوجه نحو تقسيم سورية،
خصوصا ان النظام السوري الذي عرفناه
منذ العام 1970 انتهى عمليا في ظلّ
استمرار الثورة وامتدادها وتوسّعها.
هذا ما يفسّر الى حد كبير كلّ هذا
التركيز على حمص وكأن معركة حمص صارت
معركة الدولة العلوية التي يرفضها قسم
لا بأس به من العلويين. في العام 1982، كان
هناك تواطؤ عربي ودولي على سورية
وشعبها. صبّ التواطؤ في اتجاه تغطية ما
ارتكبه الاسد الأب. كان تدمير حماة على
اهلها كافيا كي يدبّ الرعب في البلاد
كلّها. صمدت جمهورية الرعب التي تأسست
في العام 1970 اربعة عقود اخرى. ساد
السكون القاتل في كلّ انحاء سورية حتى
السنة 2011. اكثر من ذلك، نجح النظام في
جعل الرعب يخيّم على لبنان ايضا.
استهدف طرابلس واستهدف زحلة. قبل ذلك،
اي قبل مجزرة حماة، احرق مناطق مسيحية
واسلامية عدة في لبنان. من صيدا، الى
الدامور، الى الاشرفية... الى قرى
مسيحية حدودية في البقاع والشمال. بعض
هذه القرى حوصر وبعضها الآخر دمّر بشكل
منظّم بهدف نشر الرعب. عمل على تهجير
اهل هذه القرى لافتعال انقسام طائفي
ومذهبي في لبنان. بعد ذلك، ضرب ضربته
الكبرى بفضل الغطاء الذي امّنه له
الجنرال ميشال عون، النائب المسيحي
حاليا، الذي كان حليفا لصدّام حسين،
لدى احتلاله الكويت، كما كان يحتلّ
القصر الرئاسي في بعبدا في العام 1990. وقتذاك، بفضل عبقرية
ميشال عون، دخلت القوات السورية قصر
بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانية في
اليرزة للمرّة الاولى منذ استقلال
الوطن الصغير وامنت سيطرتها على كلّ
لبنان بعد سيطرتها على سورية نفسها. كانت حماة 1982 نقطة
تحوّل على صعيد توسيع نطاق سيطرة
النظام على كلّ من سورية ولبنان. تمثّل
حمص في السنة 2012 نقطة تحوّل في اتجاه
رحيل النظام الى غير رجعة. فما لا يمكن
تجاهله ان النظام السوري خرج من لبنان
في العام 2005 نتيجة اغتيال الرئيس رفيق
الحريري ورفاقه وذلك تحت ضغط
اللبنانيين عموما والشارع السنّي في
المدن الكبرى والمحافظات، على رأسها
بيروت وطرابلس وصيدا خصوصا. عاد النظام
الى سورية وصار نفوذه في لبنان مرتبطا
الى حدّ كبير بمشيئة «حزب الله» التابع
لايران. بدل ان يهتمّ بمشاكل سورية
وشعبها الصابر، اعتقد ان في استطاعته
استعادة الاعتبار عن طريق تكرار تجربة
حماة 1982 في كل انحاء البلد بدءا بدرعا
الباسلة التي كانت اوّل من انتفض في
آذار- مارس 2011. في العام 1982، وفّرت
مجزرة حماة حياة جديدة للنظام. في
السنة 2012، يبدو ما شهدته حمص اقرب الى
النهاية من اي شيء آخر. لم تخمد مجازر
حمص الثورة السورية. على العكس من ذلك،
وفيما كانت قوّات النظام تتابع حملتها
على اهل المدينة، كانت مدن وبلدات عدة
في مناطق مختلفة تنتفض مجددا. شمل
التحرّك دمشق وحلب. كلّ ما يسعى السوريون
الى اثباته في السنة 2012 هو ان التاريخ
لن يعيد نفسه. ما بدأ في حماة قبل
ثلاثين عاما انتهى في حمص التي تبدو
مصمّمة على قطع الطريق على اي محاولة
لتقسيم سورية وتفتيتها واعادتها الى
نظام الوصاية العائلي- البعثي. تحوّلت
حمص بتنوعها الطائفي والمذهبي والاثني
الى قلب سورية النابض. من حمص يمكن
اعلان نهاية النظام العاجز عن فهم انه
ليس في استطاعة اي حاكم، مهما بلغت
سطوته وعنجهيته والدعم الايراني
والروسي والصيني، الغاء شعبه الى ما لا
نهاية. من حمص، يمكن فهم ان النظام يلعب
ورقته الاخيرة... ورقة تقسيم سورية
وتفتيتها! ================= لماذا
حمص ... أو هل يمكن تأسيس دولة علوية ؟ الرأي العام زين الشامي 24-6-2012 ليست هي المرة الاولى
في تاريخ سورية التي يطرح فيها موضوع
الدولة العلوية، المرة الاولى كانت في
شهر ايلول عام 1923 حين اعلنت دولة
الانتداب الفرنسي على سورية قيام
الدولة العلوية وعاصمتها مدينة
اللاذقية على الساحل السوري ووقتها،
وحسب ما اعلنت سلطات الانتداب، كان من
المفترض ان تضم تلك الدولة اجزاء من
محافظات طرطوس وحمص وحماة اضافة الى
اللاذقية. اليوم الحديث عاد من
جديد عن نية النظام السوري، الذي يقوده
رئيس وضباط ومسؤولون غالبية منهم
ينتمون الى الطائفة العلوية، تأسيس
مثل هذه الدولة، ويضربون امثلة على ذلك
ما تتعرض له بعض المناطق في محافظات
حمص وحماة واللاذقية وطرطوس من قمع
وحشي وقتل وتهجير للسكان. وللحقيقة فقد شهدت
محافظة حمص وسط البلاد العديد من
المجازر التي راح ضحيتها المئات من
ابنائها، كمجزرة حي كرم الزيتون
والحولة اضافة الى الهجوم العسكري
الذي دام اكثر من شهر على حي بابا عمرو
وسط المدينة، حيث تعرض اهالي هذا الحي
لحصار محكم من قبل قوات النظام السوري
قبل ان تقتحمه وتدمره عسكريا. وكان من
نتيجة ذلك ان سقط الآلاف من ابناء
المدينة ونزح عشرات الآلاف منهم
باتجاه محافظات حماة وحلب ودمشق
وريفها، اضافة الى اولئك الذين فروا
الى لبنان. اما اليوم فتبدو العشرات من
احياء المدينة او القرى والمناطق
المجاورة، شبه خالية من اهلها. بعض المراقبين
يشيرون الى اصرار قوات النظام السوري
على اقتحام وتهجير اهالي مناطق معينة
في حمص وريفها مثل سهل الحولة الذي
تجاوره بعض القرى العلوية والشيعية
اضافة الى مدن الرستن وتلبيسة والقصير
ايضا. كذلك تحدث البعض عن عمل قوات
ومرتزقة النظام السوري على تهجير نحو
خمس قرى من ريف حماة، ويضربون مثالا
على ذلك مجزرة القبير التي راح ضحيتها
نحو مئة شخص. وفي اللاذقية شهدت منطقة
الحفة «السنية» ومعها قرية «سلمى»
عملية عسكرية لقوات النظام كان من
نتيجتها مقتل المئات من ابناء المنطقة
من الطائفة السنية ونزوح عشرات الآلاف
منهم الى مناطق جسر الشغور في ادلب
والى الحدود التركية. هذه الوقائع
المؤلمة على الارض بدأت تعطي نوعا من
القبول للحديث عن هذا «المخطط»، نقصد
تفكير النظام السوري وعمله على تأسيس
دولة علوية في المستقبل. هناك من يتحمس ويعتبر
هذا المشروع كما لو انه قادم لا محالة،
وما هي إلا مسألة وقت حتى تصبح الدولة
العلوية واقعا قائما، ويعتبرون تلك
الدولة المنشودة بمثابة «الملجأ
الأخير لتلك العصابة من المجرمين
الذين سينفصلون عن سورية ليعيشوا في
بلد لن يلاحقهم فيه أحد... يتمتعون
بثروات سورية المنهوبة على مدى خمسين
عاما.. ويحتمون بأسلحة سورية التي
دفعنا ثمنها... لتصدير أكبر تهديد لنا».
على حد تعبير احد الناشطين السوريين في
مقالة كتبها على موقع للمعارضة
السورية. ويرى المتيقنون من
قيام هذه الدولة وتنفيذ هذا المخطط ان
ما يعيق ذلك «هو وجود غالبية سنية،
فكان الواضح أن تهجير السنة هو الجواب
لهذه التساؤلات. وقد بدأ التهجير
باكراً عندما تم قصف حي الرمل
الفلسطيني في مدينة اللاذقية، ثم كانت
البداية الحقيقية لتنفيذ التهجير و
إفراغ المدن هي كلمة بشار الاسد عندما
قال إن سورية تتعرض لمخطط لتقسيمها...
فمنذ تلك اللحظة بدأ النظام حملة لا
تؤدي إلى القضاء على الثورة، وكان
القصف والحصار احدى الوسائل». لكن ورغم كل ما أشيع
وما يشاع عن امكانية قيام مثل هذه
الدولة فإن للواقع الجغرافي
والديموغرافي السوري كلمة مختلفة.
فالحقيقة على الارض سوف تجعل من
الصعوبة بمكان تأسيس مثل هذه الدولة
حتى لو افترضنا ان هناك نية او مشروعا
معدا لها، بحيث يهرب اليها الرئيس
الحالي في حال اجبر على الرحيل من
السلطة بفعل قوى الثورة في الداخل او
بموجب حل اقليمي ودولي متفق عليه. اولى الحقائق على
الارض السورية هي الحقيقة
الديموغرافية او الواقع الديموغرافي
السكاني المتعلق بالهوية الطائفية
والدينية لتلك المناطق التي يفترض ان
تكون ضمن حدود الدولة العلوية. وهذا
الواقع الديموغرافي هو واقع بالغ
التعقيد والتشابك، في كل من محافظات
اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، ففي
اللاذقية يختلط السنة والعلويون
والمسيحيون في العديد من المدن
والقرى، اختلاطا يكاد يكون تاما، مثل
مدينة اللاذقية «وهي العاصمة المفترضة
للدولة العلوية المفترضة» التي تسكنها
غالبية سنية واقليتان علوية ومسيحية.
كذلك مدينة جبلة المجاورة التي تسكنها
غالبية سنية وتحوط بها قرى علوية
ومسيحية وسنية ايضا، وهذا التوزع يشبه
تماما ما هي عليه مدينة الحفة «السنية»
التي يحيط بها بعض القرى العلوية.
الشيء نفسه ينطبق على مدينة بانياس في
طرطوس التي تسكنها غالبية من «السنة»
واقلية من العلويين ومحاطة بقرى علوية
وسنية ومسيحية. ايضا محافظتي حمص
وحماة، فهناك غالبية سنية في
المدينتين وقرى ومدن محيطة بهما
متعددة ومتنوعة من الناحيتين الطائفية
والدينية. ان هذا التداخل يفترض
تهجيرا قسريا للملايين من السكان او
عمليات تطهير عرقي بحق طائفة معينة،
وهي طائفة ليست قليلة او اقلية، ان ذلك
من الاستحالة تحقيقه واقعيا، لاسباب
كثيرة اولها، عملي يتعلق بقدرات
النظام السوري على فعل ذلك، وثانيهما
ان العالم جميعه يراقب ما يحصل في
سورية، ان قتلا او تهجيرا جماعيا
لطائفة او جماعة سورية ما قد يجمع
القوى الدولية العظمى كلها رغم كل
خلافاتها ضد نظام الرئيس الاسد للعمل
على اسقاطه. السبب الآخر يتعلق
بموقف النخب العلوية نفسها من هذا
المشروع، حيث لم يسجل الى اليوم ان
مثقفا واحدا او رجل دين او جنرالا
عسكريا كبيرا عبر عن تأييده لمثل هذه
التوجهات، لا بل على العكس فإن رجل دين
علويا مثل الشيخ محمود قدور قال حرفيا
في لقاء مع تلفزيون «الجديد» اللبناني
خلال مقابلة مع الصحافي رامي الامين ان
«العلويين حاربوا الفرنسيين واسقطوا
مشروع الدولة العلوية في الماضي
واليوم سنحارب العالم من اجل عدم قيام
مثل هذه الدولة». اما من حيث الحقائق
الجغرافية على الارض، فيبدو ضربا من
المستحيل ان تعيش وتحيا دولة ضمن محيط
وحدود كلها معادية من الناحية
الطائفية تركيا «السنية» في الشمال،
ادلب وحلب السنيتين في الشرق، حماة
وحمص من الجنوب الشرقي، ايضا طرابلس
اللبنانية «السنية» في جنوبها. واخيرا، ومن ناحية
عملية فإن الإعلان عن هذه الدولة سيكون
نهاية وجودها ذلك لأن الشعب السوري و
كل محيطها لن يرى فيها إلا مكاناً
يتخندق فيه النظام بما يشبه الانسحاب
العسكري... وهذا ما يجعله هدفاً عسكريا
والقضاء عليه سيكون أسهل من إسقاط
النظام الذي استطاع البقاء بسبب كذبة
الممانعة والعصابات المسلحة والحرص
على وحدة سورية والخوف على المنطقة،
أما وقد انسحب للتخندق في مكان او حصن
ما او «دولة علوية»... فهذا يجعله أشبه
بحصن باب العزيزية الذي تخندق فيه
القذافي وكلنا يعرف الخاتمة غير
السعيدة... ================= انشقاقات
الجيش السوري وتداعياتها الوطن اون لاين 24-6-2012 انشقاق الطيار
السوري قبل أيام أمر له رمزية كبيرة
على عدة أصعدة، فبداية يدل هذا الأمر
على أن النظام السوري بدأ يجنح نحو
استخدام سلاح الجو أكثر في عملياته ضد
الثوار السوريين، ورغم أن النظام
استخدم الطائرات المروحية في قصف
مواقع الثوار إلا أن سلاح الجو السوري
يظل الأقل استخداما حتى الآن، وهو أمر
يعود بالأساس للتجربة الليبية حيث إن
استخدام القذافي لهذا السلاح تحديدا
كان أحد أبرز الأسباب للتدخل الدولي
السريع. ولذلك جنح النظام السوري قدر
المستطاع منذ بداية الثورة السورية
لتجنب استخدام سلاح الجو في عمليات
قمعه للشعب السوري. حالة الانشقاق هذه
تدل على أن الثورة في بداية مرحلة
جديدة أكثر خطورة. أغلب طياري سلاح الجو
السوري هم من الطائفة السنية في سورية،
ولذلك يمثل هذا الانشقاق رسالة للنظام
كون الكثير من أبناء السنة وبالأخص
الطيارين لن يتعاونوا مع النظام في
حملته لقمع الشعب، وهو إذا ما تم سيعني
فقدان النظام لأحد أهم أركانه
العسكرية. ثم إن حافظ الأسد نفسه كان
ضمن سلاح الجو السوري سابقا ولذلك فإن
لسلاح الجو تحديدا رمزية كبيرة داخل
الجيش السوري نفسه. انشقاق الطيارين
يمثل على الصعيد العسكري رمزية أكبر من
انشقاق الوحدات الأرضية. فالثورة
السورية لن تنجح في تحقيق تقدم كبير
على الأرض ما لم تبدأ وحدات أكبر من
الجيش السوري بالانضمام للثورة، وهو
الأمر الآخذ بالازدياد مع الوقت. وسيكون الخطر الأكبر
في المرحلة المقبلة هو اعتماد النظام
على المرتزقة، سواء من لبنان أو العراق
أو حتى الأجانب من روسيا ودول شرق
أوروبا. وقد شهدنا خلال الثورة الليبية
اعتماد القذافي على طيارين أجانب أو
مقاتلين من دول أفريقية، ومثل هؤلاء
المرتزقة الذين يعملون كمقاتلين
محترفين هم أسوأ من سيشعل الوضع نحو
حرب شوارع مفتوحة. لا مفر من القول إن
الثورة السورية تدخل نحو نفق أكثر ظلمة
ووعورة، والأمل أن يعبر السوريون هذا
النفق بجلد وشجاعة كما أظهروا خلال
السنة ونصف الماضية من عمر ثورتهم، ولا
بد من الإقرار أن جزءا كبيرا من إنقاذ
سورية اليوم سيكون مرهونا بالمزيد من
الانشقاقات داخل الجيش مما يضعف الجيش
السوري ويسمح في ذات الوقت لأن يكون
لسورية ما بعد الأسد كيان منظم يضمن
أمن سورية وسلامتها. ================= الشرق الاوسط عماد الدين
اديب 24-6-2012 إلى أين يمكن أن يؤدي
موضوع إسقاط مقاتلة تركية بواسطة
أسلحة المضادات العسكرية السورية؟ ما هو رد الفعل
المنتظر من أنقرة؟ وما هي الحسابات
السورية الرسمية حينما أقدمت على
اتخاذ قرار التعامل العسكري مع
المقاتلة التركية التي تم إسقاطها على
الأراضي السورية؟ سألت صديقا لي، وهو
خبير متخصص في الشؤون التركية، حول
احتمالات رد فعل أنقرة بالنسبة لهذه
الحادثة، فأفادني بالآتي: 1- رد الفعل يسبب أزمة
للرئيس غل ورئيس وزرائه أردوغان، بسبب
توتر علاقاتهما وحزبهما الحاكم مع
المؤسسة العسكرية التركية التي لا
تسعى إلى أي تصعيد عسكري غير محسوب في
هذه المرحلة. ولا يمكن لأي قيادة
سياسية أن تقدم على عمل عسكري كبير إذا
كانت على خلاف مع مؤسستها العسكرية. 2- إن قرار التصعيد
العسكري المباشر من قبل تركيا تجاه
سوريا سوف يتحول إلى طوق نجاة سياسي
للنظام السوري المأزوم، لأن التاريخ
المعاصر قد علمنا أن أي نظام سياسي
مأزوم إذا ما تعرض لتهديد عسكري خارجي،
فإن ذلك سيكون بمثابة دعم سياسي لبقائه
على أساس أن الرأي العام الداخلي، مهما
اختلف مع نظامه، قد يتوحد إزاء أي عمل
عسكري خارجي. لذلك كله يصبح
التصعيد العسكري لصالح نظام بشار وليس
ضد مصالحه. 3- إن احتمال التصعيد
العسكري التركي سوف يهدم الصورة
الذهنية التي سعى أردوغان وحزبه إلى
تكريسها طوال الفترة الماضية وهي «الدور
التركي القائم على القوة الناعمة»
القائمة على التعاون الإيجابي، وسوف
يعيد العمل العسكري إلى الأذهان
استدعاء فكرة الدور التوسعي
للإمبراطورية العثمانية في المنطقة
بشكل عام، وفي سوريا التي عانت من
القمع التركي في عهود جمال باشا السفاح
وسياساته. 4- لا بد أيضا لأنقرة
وهي تحسب بدقة أي تصعيد عسكري أن تفكر
بعمق في ردود الفعل الإقليمية من إيران
وحزب الله من ناحية، وتأثير ذلك على
علاقاتها التجارية القوية مع روسيا
والصين. ذلك كله يرشح أن تقوم
أنقرة بإعلان مواقف سياسية شديدة
اللهجة، وتتخذ إجراءات دبلوماسية
انتقامية، لكنها سوف تبتلع إمكانية رد
الفعل العسكري مثلما فعلت مع حادثة
الاعتداء على سفينة الإغاثة التي
أرسلتها إلى غزة وتم الاعتداء السافر
عليها من القوات الإسرائيلية. سوف تسمع صوتا عاليا
من تركيا، ولكن أقصى فعل هو زيادة
الدعم العسكري لقوى المعارضة السورية. ================= دمشق ـ
أنقرة على بوابة تصعيد عسكري! الشرق الاوسط فايز سارة 24-6-2012 بغض النظر عن أي
تفاصيل في موضوع إسقاط القوات السورية
للطائرة الحربية التركية بالقرب من
اللاذقية على الساحل السوري، فإن
الحادث يضع البلدين على بوابة تصعيد
عسكري، لم يسبق للبلدين أن دخلا في
حدوده منذ الأزمة الساخنة في
التسعينات، يوم هدد الأتراك باجتياح
الأراضي السورية وصولا إلى دمشق نتيجة
علاقة دمشق مع مسلحي حزب العمال
الكردستاني (PKK)،
الأمر الذي مهد لتسوية الخلاف، وأدخل
علاقات البلدين في تحسن لاحق استمر
سنوات قبل أن تتردى على خلفية الأزمة
السورية الراهنة. ويستمد التصعيد
العسكري السوري - التركي الحالي أساسه
من ثلاثة أسباب؛ أول هذه الأسباب، واقع
الاختلاف السياسي واسع الهوة بين
الجانبين في الموقف من الأزمة السورية
وسبل حلها، ومختصره، حل سياسي كما ترغب
تركيا وعسكري أمني كما تريده دمشق،
وترتب على هذا الاختلاف ذهاب كل طرف
باتجاه اصطفافات سياسية، يتعلق بعضها
بعناصر ومكونات داخلية سورية - تركية
ومنها علاقة تركيا بالمعارضة السورية،
والتي ردت عليها دمشق بتعزيز علاقتها
مع المعارضة التركية، والأهم منها
اندراج الطرفين في اصطفافات إقليمية
ودولية حادة حول الأزمة في سوريا،
والتي لا يستبعد دخولها القريب في
عمليات شد وتصادم عسكري. والسبب الثاني الذي
يجعل من حادثة الطائرة التركية بوابة
لتصعيد بين سوريا وتركيا، يتمثل في
المواجهات التركية - السورية غير
المباشرة الحاصلة عبر الحدود، والتي
يبدو حدها التركي في تأمين ملاذ آمن
ومرور لسوريين وقيادات وعناصر من
الجيش السوري الحر في بعض المناطق
التركية، وهو أمر يترافق مع اتهامات
سورية معلنة لأنقرة بتمرير أسلحة
ومقاتلين إلى الأراضي السورية، يقومون
بالاشتباك مع القوات العسكرية -
الأمنية السورية وخاصة في ريف إدلب
المتاخم للحدود التركية، فيما يتمثل
الحد السوري في دعم حزب العمال
الكردستاني (PKK)
وعملياته العسكرية في جنوب شرق
الأناضول، وقد لوحظ تطور مهم على عدد
ونوعية تلك العمليات في تركيا، وسط
اتهامات أنقرة لدمشق بدعم «المتمردين»
الأتراك. أما السبب الثالث،
فهو تكرار الحوادث العسكرية عبر
الحدود، والتي رصد الأتراك منها
حادثتين خطيرتين قبل أن تحصل الحادثة
الأخيرة. كانت الأولى عملية إطلاق نار
سورية عبر الحدود، أصابت لاجئين
سوريين في معسكرات اللجوء التركية،
وأوقعت قتلى وجرحى، ثم جرى إطلاق نار
وإصابة مروحية زراعية، كانت تقوم
بأعمال إطفاء حرائق في الأراضي
التركية، ثم جاءت عملية إسقاط طائرة F4
العسكرية الأخيرة لتتوج هذا
النسق من الحوادث العسكرية. وإذا كانت هذه
الأسباب كفيلة بوضع تركيا وسوريا على
بوابة تصعيد عسكري، فإن ثمة بيئة
إقليمية ودولية، تعزز حدوث ذلك. ففي
مواجهة انسداد حل أزمة سوريا حلا
سياسيا، فإن التوجه إلى خيارات الحل
العسكري يتزايد، وبطبيعة الحال، فإن
حضور الدول المحيطة في خيارات الحل
العسكري أمر مؤكد، ليس بسبب رغباتها
الذاتية في إسقاط وتغيير النظام، وهو
أمر قد يكون قائما، إنما بفعل ما يمكن
أن تتمخض عنه الأزمة وتداعياته على
الدول المحيطة، ولها جميعا روابط
سياسية وديموغرافية مع الداخل السوري
الذي سيفرز تأثيراته على جواره، إذا
انخرط في حرب داخلية واسعة، إضافة إلى
أن الجوار سيشكل مصدر دعم بشري وتسليحي
ولوجستي لأطراف الصراع الداخلي. ولعل تركيا من أكثر
الدول المجاورة، التي يمكن أن تتأثر
بحرب داخلية سورية. فهي صاحبة أطول
حدود مع سوريا، وتضم هذه الحدود على
جانبيها أكرادا يحملون قدرا كبيرا من
الحساسية القومية مع السلطتين التركية
والسورية، بل إن ثمة تناقضات داخلية
كردية في تلك الحساسيات، يمكن أن تقود
إلى تفاعلات كردية - كردية، كما أن
تركيا مثل سوريا لديها حساسيات طائفية
داخل أكثريتها الإسلامية بين السنة
والعلويين، وقد تركت هذه الحساسية
بصماتها في البلدين في خلال الستة عشر
شهرا من عمر الأزمة السورية
وتفاعلاتها. لقد لعبت العوامل
السابقة إلى جانب غيرها دور الكابح
لتركيا في الدخول إلى صراع عسكري مع
سوريا، غير أن تصعيد فرص الصراع في ضوء
تطورات الأوضاع بين البلدين وفي
المستويين الإقليمي والدولي، سوف يخفف
من أثر تلك العوامل، ولعل التحقيق الذي
شرعت فيه تركيا حول حادثة سقوط
طائرتها، يمكن أن يكون مؤشرا، لما سوف
تتطور إليه الأمور، سواء في اتجاه
الإبقاء على الوضع الراهن في علاقات
سوريا وتركيا، أو الذهاب من خلاله إلى
تصعيد نحو مواجهة عسكرية تركية -
سورية، وهو أمر محتمل في ضوء ما يحيط
بالأزمة السورية من تطورات داخلية
وإقليمية مضافة إلى تحركات دولية
تستنفد فرص الحل السياسي الممكنة
لأزمة صارت أرجحية حلها عسكرية، وهو
تطور يراهن البعض من خلاله على إعادة
خلط الأوراق، وتغيير وجه الأزمة في
سوريا من صراع داخلي إلى أزمة إقليمية -
دولية. ================= الشرق الاوسط ميشيل كيلو 24-6-2012 بدأ قسم متزايد من
السوريين يكنون العداء لروسيا، لأن
سياساتها خاطئة وغير مفهومة ولا مبرر
لها. يعتقد غالبية السوريين أن: - أميركا لا تريد
إخراج روسيا من سوريا، ولا تسعى إلى
تقاسم النفوذ فيها معها، ويدللون على
صحة ما يعتقدون بالسياسات الأميركية،
التي تظهر قدرا جد قليل من الاهتمام
الحقيقي بسوريا، ولا تقوم بأي إجراء
فاعل ضد نظامها، وتكتفي بتصريحات
كلامية متناقضة حول أزمتها، مع أنها
كان بوسعها فعل الكثير ضده، لو كانت
تريد وضع يدها عليها وإخراج روسيا منها.
ويؤمن السوريون بأن روسيا لا تستطيع
مواجهة أميركا في سوريا، لو كانت
أميركا تريد دخولها مثلما فعلت في
العراق، الذي كانت علاقاته مع روسيا من
نمط علاقات النظام السوري وأكثر، أو في
البلقان، السلافي والأرثوذكسي مثل
الروس، والذي حرره هؤلاء خلال الحرب
العالمية الثانية، لكن أميركا أخرجتهم
منه وجعلتهم يتفرجون من دون أن يفعلوا
أي شيء على تفتيت دولة حليفة لهم هي
يوغوسلافيا. بما أن أميركا لا تريد
إخراج روسيا من سوريا، فإن السوريين لا
يفهمون لماذا تصرفت موسكو إلى اليوم
وكأن هناك خطرا جديا عليها في عقر
دارها، أو كأن دورها الدولي يتوقف على
بقائها في بلادنا. - ولا يريد السوريون
إخراج روسيا من بلادهم، الآن وفي
المستقبل أيضا. إنهم لا يرون بين
أهدافهم تسليم سوريا لأي دولة أجنبية،
أو وضعها تحت إبط أي قوة عظمى، لذلك
يفكرون في إقامة مصالح متوازنة
وعلاقات ودية مع الجميع، ليحفظوا
استقلالهم ويصونوا وطنهم، وروسيا لها
دور في هذا السياق، خاصة أن السوريين
أقاموا معها أحسن العلاقات منذ عام 1954،
قبل مأساة الانقلاب البعثي بعشرة
أعوام كاملة، وكانوا أول من اشترى
أسلحة روسية في الشرق الأوسط، وأول من
عقد اتفاقية تجارية معها كانت الأكبر
في عصرها بين أي دولة عربية وأخرى
أجنبية. والغريب أن الروس يبدون كمن
يجهل أو يتجاهل هذه الحقائق، وأنهم
يكتفون بمد خيط واه ورفيع يصل من
الكرملين إلى القصر الجمهوري بدمشق،
من دون أن يمر بأي قطاع من قطاعات الشعب
السوري، الذي بدأت سياساته المعادية
لهم والمؤيدة لنظامهم تجبرهم على كرهه
وحب أميركا. - أخيرا، صحيح ما
يخشاه الروس من أن سوريا يمكن أن تذهب
من حالها الراهن إلى مزيد من العنف
والفوضى. لكن من يخاف أمرا يبحث عن
أسبابه. ولا سبب للفوضى والعنف
الحاليين في سوريا غير النظام
وسياساته، التي قامت منذ اليوم الأول
لثورة الحرية على تحويلها إلى اقتتال
داخلي، طائفي وأهلي، وعلى بث أعظم قدر
من الفوضى في مختلف أنحاء البلاد،
لإخراج الشعب من الشارع وإرعابه،
واستعادة الوضع الذي كان قائما قبل
الثورة بعد قتل أكبر عدد من السوريات
والسوريين. لو لم يكن الوضع قبل
الثورة في حال فوضى كامنة رعاها النظام
وغذاها طيلة نيف وأربعين عاما، لما
انقض على شعبه الأعزل واستخدم أحدث
الأسلحة الفتاكة ضده في كل مكان من
وطنه. ولو لم يخطط النظام للفوضى، لما
وقعت في سوريا فوضى وحدث عنف. ترى، أي
عنف كان الشعب الأعزل سيستخدم، وضد من،
وهو الذي خرج أعزل ومسالما للمطالبة
بحقوقه وبالإصلاح ولم يخرج مناديا
بالموت والدمار لأي كان؟ ومن الذي
استخدم عبارة الحرب، ورحب بالحرب في
خطابه الأول أمام «مجلس الشعب»،
المتظاهرون أم الرئيس شخصيا؟ ومن الذي
حكى عن تحول نداء الحرية الشعبي إلى
اقتتال طائفي، المتظاهرون أم مستشارة
القصر الجمهوري للشؤون الإعلامية
والسياسية الدكتورة بثينة شعبان؟ ومن
الذي اعتبر حقوق الشعب مؤامرة يجب أن
تقمع بالقوة والعنف، ورأى في الحراك
الشعبي مجرد غطاء لها، المعارضة أم
السلطة؟ ثم من يضمن للسادة في موسكو أن
قمع الشعب في سوريا ممكن أولا وجالب
للهدوء والأمن ثانيا؟ وما الدلائل
التي تؤكد لهم أن المنطقة لن تشتعل
بأسرها في حال واصل النظام قمع الشعب
بالوتيرة الحالية؟ إن من يزرع الريح
يحصد العواصف.. هذه حكمة يعرفها كما
يبدو جميع خلق الله عدا ساسة روسيا،
وإلا لما تجاهلوا أو جهلوا دور النظام
في قلب حراك من أجل الحرية إلى حرب
منظمة تشنها سلطته ضد شعب تعلم تماما
أنه كان أعزل ومسالما عند بدء مظاهراته.
أما النظام، الذي زرع الريح وحولها إلى
عواصف، فلا يستبعد أبدا أن يكون هو
الذي يتسبب في اقتلاع روسيا من سوريا،
التي بدأ صبر شعبها على موسكو يتلاشى،
بعد أن ألحقت سياساتها المعادية له أشد
الأذى به، وحمت النظام الذي يقتله
بالجملة والمفرق! يغرق الروس أنفسهم في
شبر ماء وهم «يعالجون» الأزمة السورية
على الطريقة الشيشانية. إنهم كمن ينتحر
هربا من الموت، مع أن الموت لن يأتيهم
من أي جهة أخرى غير النظام. لماذا تفعل
السياسة الروسية ذلك بنفسها؟ يقول
عارفون روس إن موسكو تخشى الإسلاميين
وفوضى السلاح.. ونقول ردا على أقوالهم:
هل يعقل أن الكرملين لا يرى الرابطة
بين تصاعد عنف النظام وصعود
الإسلاميين، ولا يرى العلاقة بين عنف
النظام، الذي يحدث أعظم قدر من الفوضى
عرفته العقود الأخيرة في أي صراع،
والسلاح الذي لم يجد المواطن العادي ما
يدافع به عن نفسه وأهله غيره، وسينتهي
دوره بمجرد أن يوقف النظام إجرامه
المستشري، الممتد أكثر فأكثر إلى كل
متر مربع من سوريا؟ يغرق الروس أنفسهم في
شبر ماء. بقي أن يعلموا أننا نستخدم هذا
التشبيه في سوريا لنقول إن من يفعل ذلك
يكون، بقول مهذب، قليل خبرة، وبكلام
صريح.. غبيا! ================= الشرق الاوسط حسين شبكشي 24-6-2012 محاولة فهم الموقف
الروسي بخصوص الثورة السورية وحمايته
بكل الوسائل لنظام بشار الأسد مهما
كانت التكلفة ومهما بلغت الضغوط
الدولية، هي مسألة، كما يصفها
الكثيرون، تعدت العرف الدبلوماسي لتصل
لمستوى غير مسبوق من الفجاجة والوقاحة
على الرغم من وجود الأدلة الدامغة التي
تدين الأسد ونظامه على ما ارتكب من
جرائم، ومع ذلك، يبقى الموقف الروسي
مؤيدا بلا تراخ. النظام السوري تمكن من
«بيع» فكرة أن سوريا بلد الطوائف
المسالمة، وأنه النظام العلماني
الوحيد في المنطقة العربية الذي يتعرض
لحملة مسلحة عنيفة وإرهابية من مجاميع
أصولية سلفية ترغب في قمع الأقليات
وسحب حقوقهم وإلغاء التعايش والتسامح
الموجود بين طوائف الشعب، وأكبر فئة
مهددة من هذه المسألة هم مجموعة طوائف
المسيحيين الذين في مجملهم من الطائفة
الأرثوذكسية، التي تعود مرجعيتها إلى
الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا. وفي ترويج نظام بشار
الأسد فكرة فزاعة الأصوليين والسلفيين
مغزى غير بريء أبدا؛ فبوتين شخصيا
الآتي من جهاز الـ«كي جي بي»، أحد أعتى
أجهزة المخابرات العالمية إبان
الاتحاد السوفياتي، وغيره من قادة
المخابرات والعسكر الروس لا يزالون
يتذكرون الخسارة المذلة لهم في
أفغانستان التي تمت أيضا على يد «مجاهدين»
أصوليين وسلفيين، وهي مسألة لقيت
قناعة كبيرة من رأس الكنيسة
الأرثوذكسية في روسيا نفسها البطريرك
كيريل الأول الذي صرح بوضوح بأن موقف
كنيسته هو الرفض التام للتدخل الخارجي
في الشأن السوري أو تغيير النظام، وذلك
لأجل «حماية» الـ10% من سكان سوريا
الذين ينتمون للطائفة المسيحية. وطبعا يأتي هذا
التصريح متناغما تماما مع الرغبة
السياسية للكرملين وأجهزته وإدارته
وسياسته. والكرملين يستخدم موقف
الكنيسة هذا على أنه إحدى أهم وسائل
القوة الناعمة للتأثير على الرأي
العام العالمي لنيل التفهم لموقف
بلاده من الحكم في سوريا. ومن المهم هنا
استرجاع التنسيق الكامل الذي حدث بين
بوتين وفريقه خلال حملة الانتخابات
الرئاسية في روسيا من جهة، والكنيسة
الأرثوذكسية الروسية التي أيدته بشكل
واضح جدا من جهة أخرى، وذلك في مقابل
وعوده وضماناته لها بأن يمول، كحكومة،
كل الاحتياجات التطويرية لدور العبادة
والمدارس الدينية التابعة للكنيسة. وهناك إحساس بالرغبة
في الثأر والانتقام من هزيمة
أفغانستان لا يمكن إنكاره في الخطاب
الروسي، واهتمام روسي بالتركيز بشكل
أساسي على «الخطر الأصولي» الذي يهدد
استقرار النظام والحكم في سوريا،
وإغفال الحديث عن المخالفات الإجرامية
للنظام نفسه ضد شعبه، واعتبار أن الجرم
مشترك، إذا كان ذلك موجودا. ويساعد على
تأصيل الموقف الروسي هذا زيارة
البطريرك كيريل الأول نفسه إلى دمشق
منذ فترة وإحاطته خلال الزيارة
بمواطنين مسيحيين عبروا عن «خوفهم» و«ذعرهم»
في حال تغيير النظام ومجيء حكم أصولي
متطرف يتعرض لحقوقهم ويهدد حياتهم
وحرياتهم، وذلك في مشهد معد إعلاميا
بشكل واضح من قبل ماكينة الإعلام
السورية المتمرسة في مسائل من هذا
النوع. روسيا بموقفها هذا
تساهم فعليا في تأجيج الحرب الطائفية
بدفاعها عن فريق ضد آخر واعتبار أن
الحكم والنظام على حق وغيره على باطل.
حكم يمثل 10% من السكان هو ديمقراطي! هل
يا ترى من الممكن أن تقبل روسيا أن تحكم
بإحدى الأقليات فيها وتعتبر ذلك
ديمقراطيا أيضا؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |