ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التضامن
المعنوي مع ضحايا نظام الأسد د. صالح بن
سبعان عكاظ 1-7-2012 الجمعة الماضية
خصصها السوريون لاستصراخ نخوة وتعاطف
إخوتهم في الشعوب العربية للتحرك
والتعبير عن تعاطفهم ووقوفهم معهم في
محنتهم، إلا أن حائل إمارة وشعبا سبقت
صرخة إخوتهم الذين يحاصرهم الموت
والدمار والتشريد في سوريا باتخاذهم
موقفا نبيلا جسد فعلا لا قولا أجمل
وأعمق معاني التضامن والأخوة، فقبل
أسابيع قليلة على الصرخة السورية
الجريحة بادرت بعض العائلات في منطقة
حائل بإلغاء مظاهر الفرح التي عادة ما
تتخللها العرضة النجدية والسامري
والدبكة، وسط مطالبة بتعميم ذلك على
جميع حفلات الزواج بالمنطقة، تضامنا
مع ضحايا الثورة السورية، واقتصرت
حفلات الزواج على تقديم وجبة العشاء
فقط. فيما أجمع منظمو
مهرجانات الصيف السعودية على إلغاء
الوصلات الغنائية في أوبريت الافتتاح،
وخلت مهرجانات أخرى من مظاهر الاحتفال
للسبب نفسه، وبرز خلال الأيام الماضية
مهرجان الطائف كأول مهرجانات الصيف
الذي ألغى أوبريته الغنائي تضامنا مع
الضحايا السوريين. وبحسب ما نشرته صحيفة
«الوطن» السعودية قام منظم مهرجان
الصيف في حائل بتحويل الأوبريت
الغنائي الذي كان من المزمع أن يؤديه
الفنانان محمد الزيلعي ونايف البدر،
إلى حفل إنشادي، وفي مهرجانات صيف
الجوف وعرعر والقريات، لم يعلن عن
أوبريت غنائي. واقتصرت مهرجانات الصيف
في السعودية على برامج ترفيهية
للعائلات، ومحاضرات وندوات. هذه الظاهرة التي
تكاد تكون سعودية بامتياز من حيث اتخاذ
مواقف جادة وذات طابع عملي، تجلت في
العديد من المناسبات، ولعل مقاطعة
البضائع الهولندية في أثناء أزمة
الرسوم المسيئة للرسول الكريم ليست
ببعيدة عن الأذهان، لنجد اليوم قطاع
الأعمال في المملكة يستبق النداء
السوري بوقفة قوية عكست أصالة هذا
الشعب، فقد أصدر رئيس مجلس الغرف
السعودية عبد الرحمن الجريسي، قرارا
بإلغاء اللقاء الذي كان مقررا عقده
للمجلس مع وفد أعمال روسي، وذلك
احتجاجا على الموقف الروسي تجاه سوريا
.. وأرسل خطابا عاجلا
للسفير الروسي، لإبلاغه بإلغاء
اللقاء، تعبيرا عن تضامن رجال الأعمال
مع موقف المملكة الإنساني الأخوي تجاه
الشعب السوري. وأوضح الخطاب أن إلغاء
اللقاء والاعتذار عن استقبال الوفد
الروسي الغرض منه إيصال رسالة للشعب
الروسي عن طريق رجال الأعمال. وجاء في
الخطاب: إن المملكة بشقيها الحكومي
والخاص وحدة متلاحمة، ورجال الأعمال
يقفون خلف توجه وقرارات قيادتهم
الحكيمة. وأشار إلى أن موافقة الغرفة
على طلب استقبال الوفد الروسي في
البداية كانت بهدف إيصال رسالة للشعب
الروسي عبر الوفد تتضمن استياء رجال
الأعمال السعوديين من الموقف الروسي
تجاه الشعب السوري، إلا أن الغرفة رأت
أن إلغاء اللقاء أبلغ رسالة ولا سيما
أن الموقف الرسمي للمملكة قد عبر عنه
خادم الحرمين الشريفين، والمتمثـل
بشجب واستنكار ما يتعرض له الشعب
السوري الشقيق من قتل وتنكيل. وأكد
الجريسي أن الشعب السعودي وحدة
متلاحمة، ورجال الأعمال يقفون خلف
توجه وقرارات قيادتهم الحكيمة. هل تحتاج هذه المواقف
إلى مزيد كلام ؟؟. www.binsabaan.com ================= قصة
التكافل الاجتماعي في الثورة السورية:
الواقع والمطلوب مطلوب أن تزداد
دوائر ثقافة التكافل والتضامن حتى
تُصبح ثقافةً شائعةً في المجتمع
السوري بشكلٍ أوسع د. وائل مرزا الأحد 01/07/2012 المدينة أرسل أحد الشباب من
الداخل هذه القصة (وأستميح القارىء
عذراً في تركها بلهجتها العامية
ونقلها بتصرفٍ بسيطٍ جداً لربط
العبارات): [من اسبوعين وأنا بالجامعة
تعرضت لأحقر موقف..وانا قاعد بعد فحص
العملي بيجيني طفل مبين عمرو شي 7 أو 8
سنين..ودار الحوار التالي: - عمو معك 5
ورقات (بالحمصي)؟ - من وين انت عمو؟ - من
بابا عمرو - وين ساكن حبيبي؟ - مو ساكن
حاليا بمحلّ عم نام هون بالحارة - انت
وأهلك؟ - لا عمو البابا استشهد والماما
من لما أخدها الجيش مابعرف وينها
وبيتنا ما لقيتو (مع غصة ودمعة).. - عمو
لكن وين عم تنام؟-بعرف واحد عم يخليني
نام عَباب محلَو والصبح بس يفتح بفيق
عصوت الجرّار، بلعب مع رفقاتي شوي، وبس
خلص اذا ما لقيت حدا يطعميني بجي
عالجامعة باخد 25 ليرة وبروح باكل-طيب
ليش بدك بس 5؟-لأنو معي 20 ومارضي البياع
يعطيني سندويشة ب 20. انتهى الحواروما
رضي الولد ياخد غير 5 ليرات، قال مشان
ما فكروا عم يشحد..]. من المؤكد أن الثورة
تُغير كثيراً من أساليب التفكير
والحياة التي كانت سائدةً في سوريا،
لكن من الواضح أن هذا التغيير يجري في
أوساط الجيل الجديد أكثر منه بكثير في
الأجيال الأكبر سناً. نحن في هذه
القصّة بإزاء طفلٍ بطلٍ تختصر قصته
ملحمة الثورة السورية بِحُكم رؤيةٍ
شاملة للصورة، لكنه أيضاً بحكم الواقع
المُحدد طفلٌ يتيمٌ مُشرّد يريد فقط أن
يعيش. ولهذا يُضطر عملياً إلى أن يطلب
ثمن طعامه من شخصٍ لايعرفه. رغم
هذا،يبقى حريصاً جداً على أن ينحصر هذا
الطلب فيما يؤمّن الحدّ الأدنى من
بقائه حياً، لاأكثر ولاأقل. ثمة معنىً كبير في
الرسالة التي يُرسلها الطفل، فهو إذ
يؤكد أنه لايُمارس عملية (الشحاذة)،
يؤكد معها على أنه يرى هذه الممارسة
بمثابة فعلٍ اضطراري يقوم به بنفسه لـ (يُصحّحُ)
جملة أخطاء كان المفترض بـ (آخرين) أن
يقوموا بحلّها، فلا يدفعوه للوصول إلى
مرحلة الطلب. تبدأ السلسلة من
نظامٍ فاجرٍ لم يترك رذيلةً أو دناءةً
إلاوارتكبها بحقّ شعبٍ كان المفترض أن
نقول أنه شعبهُ، لكنه لم يعد يستحق حتى
هذا الوصف ولو على صعيد الكتابة في
مقال. ولئن بات السوريون يتوقعون من
هذا النظام كل شيءٍ، بحيث لم يعد
الحديث عن جوانب انحطاطه يُضيف
جديداً، إلا أن سلسلة الأخطاء، في هذه
الحالة المحدّدة، تمتدُّ إلى آخرين
يُفترضُ أن يتحمّلوا مسؤوليتهم بشكلٍ
يليق بثورة سوريا وأهلها. ونحن نستخدم عبارة (في
هذه الحالة المُحدّدة) لأننا نعرف
تماماً حجم العمل الذي يجري داخل سوريا
في مجال التكافل والتضامن الاجتماعي،
ونعرفُ أنه عملٌ متقدمٌ جداً ويغطي
تقريباً كافة مساحة البلد جغرافياً،
كما يصل تأثيره الإيجابي إلى الملايين
عددياً. لكن حجم إجرام نظامٍ
يستخدم طاقات دولة لإبادة شعب يبقى
أيضاً كبيراً جداً، إلى درجةٍ
لاتُمكّنُ العمل المنظم في مجال
التضامن الاجتماعي أن يصل إلى كل فرد. من هنا، يُصبح
مطلوباً أن تزداد دوائر ثقافة التكافل
والتضامن حتى تُصبح ثقافةً شائعةً في
المجتمع السوري بشكلٍ أوسع، ومن هنا
يأتي الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها
آخرون في قصة الطفل البطل، وهي أقربُ
لـ (الخطايا) في عُرف التكوين الثقافي
الجديد الذي تخلقه الثورة وتفرضهُ
مقاييسُها. إذ لم يعد يجوز مثلاً
لصاحب المحلّ الذي ينام الطفل على بابه
أن يكون هذا (مُنتهى) عطائه! ويقتربُ
إلى حدّ الجريمة فعلُ البائع الذي رفض
بيع (السندويشة) للطفل مقابل 20 ليرة؟
أما أولئك الذين أعطوا الطفل مايطلبه
في الأيام السابقة لحوار صديقنا،
فإنهم يحتاجون لجرعةٍ أكبر من الوعي
الذي يدفع للمبادرة والفعل البشري
المطلوب في مثل هذه المواقف. ويبدو
غريباً أن أحداً منهم لم ينتبه من
طبيعة الحدث إلى ضرورة العمل بأي طريقة
لإدخال الطفل في إطار إحدى شبكات
التكافل الاجتماعي التي خلقتها الثورة.
فالقائمون على هذه الشبكات يحاولون
الوصول إلى تغطية أكبر مايمكن من
المساحات والأعداد، لكن شروط عملهم
الصعبة والمعروفة لاتمكّنهم من
الإحاطة الكاملة، وهو مايوجبُ على
أبناء الشعب أن يكونوا في غاية اليقظة
للحالات التي يجب إدماجها في تلك
الشبكات، سيّما وأن الوصول إلى إحداها
ممكنٌ بشيءٍ من التواصل المدروس . سنُرجّح في هذا
المقال حُسن الظنّ بمن لايزالون
يرتكبون الأخطاء، لكن هذا لايمنع من
تذكير كل من يحاول أن يغتني من ظروف
الثورة وآلامها وتضحيات أبنائها، وإذا
ما أصرّ هؤلاء على أفعالهم فإنهم
سيكونون بمثابة كتائب من (المرتزقة)
التي تحارب الثورة، وستكون أفعالهم
وجهاً آخر لأفعال وحوش النظام وجزاريه. اننا نؤمن أن الله في
عليائه سيسحب البركة من أموال هؤلاء،
وسيمحقُ أعمالهم، وسيُنزل عليهم،
آجلاً أم عاجلاً، لعنةً تلاحقهم في كل
شؤون حياتهم. {فليعبدوا رب هذا
البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من
خوف}.هكذا ربط الخالقُ العبادةَ بأمرين:
أن يجد الناس ما يكفيهم من طعام، وأن
يكون لديهم إحساسٌ بالأمان وعدم الخوف. حريٌ إذاً بالبشر أن
يأخذوا هذه القاعدة بعين الاعتبار،
خاصةً في إطار العلاقة بين الحاكم
والمحكوم. ================= عمر قدور المستقبل 1-7-2012 ليس تصعيداً عابراً
من قبل قوات النظام أن تعتمد، بشكل
مكثف، أسلوب قصف المناطق الثائرة
بالمروحيات أو براجمات الصواريخ، فما
يمكن ملاحظته في الأسبوعين الأخيرين،
هو تعميم القصف ليصبح نهجاً دائماً لا
يخضع حتى لاعتبارات الضرورة العسكرية
القصوى، هذا إن أقررنا أصلاً بوجود
قواعد اشتباك بين القوات العسكرية
والمدنيين العزّل. على مدار الساعة
تقريباً، تواصل المروحيات والمدرعات
وراجمات الصواريخ قصفها وقليلة جداً
هي الأماكن التي لا تُسمع فيها أصوات
الانفجارات أو أصوات المروحيات في
ذهابها وإيابها، قليلة جداً بالقياس
إلى المدن والمناطق المنكوبة، والتي
لا تجد في أحسن الأحوال من يعلنها
مناطق منكوبة، ويقر بحقوقها بوصفها
هكذا. بالتعبير العسكري،
من الواضح أن قوات النظام غيّرت قواعد
اشتباكها مع السكان المدنيين، لا
لتغير طرأ على تحرك هؤلاء، ولكن لأن
أسلوب القصف يخفف من أعباء العسكر،
ويسد العوز المتواصل في إمكاناتهم
البشرية. وإذا كانت هذه القواعد بين
العسكر والمدنيين غير موجودة في
القانون الدولي، لأنها حالة شاذة أن
تشن سلطةٌ حربَ دمار شامل على مَن انه
يُفترض إنه شعبها، فإن قوات النظام بعد
تجاوزها لكافة مواثيق حقوق الإنسان
تثبت "شجاعتها" في خرق كافة
المواثيق الدولية، التي تُعنى بحماية
المدنيين في أثناء الحروب، بخاصة بعد
إعلان النظام نفسه عن أنه في حالة حرب،
طبعاً من دون أن يفصح عن أنه في حالة
حرب ضد السوريين. لا يعلن النظام، الذي
لا يكشف مطلقاً عن حجم خسائره الحقيقي،
عن أعداد المنشقين عن قواته، ولا عن
أعداد المتسربين منها لأنهم لا يريدون
المشاركة في الحرب، لكن من المعلوم أن
هذه الأعداد تكاثرت بحيث استنزفت
جزءاً كبيراً من قواته على الصعيدين
المعنوي والقتالي. في المقابل اتسعت
رقعة المناطق الثائرة إلى حد تصعب معها
السيطرة الميدانية المستديمة، وقد بات
جلياً أن السيطرة المستمرة تقتضي
وجوداً عسكرياً مكثفاً وفي كافة
الأماكن دفعة واحدة. وهذا ما لا
يستطيعه النظام فيستعيض عنه بالقصف
المكثف دفعة واحدة. وعلى ما استطاع من
أماكن. فضلاً عن ذلك، يبدو القصف أقرب
إلى ما يبتغيه النظام أصلاً، فالطاقة
التدميرية الضخمة، والعشوائية أيضاً،
تتلاءم مع عقلية الانتقام الذي بات
هدفاً محورياً، بعد عجزه عن قمع
الثورة، وإفلاس تدابيره بملاحقة
أبنائها بمختلف أنواع التشبيح
والتنكيل الأمني المعتاد. في الواقع يصعب تصور
أن النظام يسعى إلى كسب معركته باللجوء
إلى قصف المدن السورية، والأقرب إلى
المنطق أنه يسعى إلى إبادة خصومه
متيقناً من عدم قدرته على الانتصار.
لقد افتقر وزير الخارجية يوماً إلى
اللياقة الدبلوماسية عندما قال إن
أوروبا لم يعد لها وجود على الخارطة
بالنسبة إلى النظام. ومن المرجح أن
العقلية ذاتها لم تعد ترغب في وجود مدن
سورية على الخارطة فاستدعى ذلك بدء
تسويتها بالأرض، وإرغام الناجين من
سكانها على البحث عن ملاذ في الداخل أو
الخارج. لقد أُعجب النظام بنجاحه "الساحق
فعلاً" في حيي بابا عمرو والإنشاءات
في حمص، فقرر تعميم التجربة على
المناطق التي لم تستوعب الدرس، ولا بأس
بشيء من القصف الاستباقي لمناطق يُشكّ
في أنها لن تستوعب الدرس. ثمة طرفة يتداولها
السوريون مفادها أن النظام لن يدع
سوريا إلا بعد أن يعيد عدد سكانها إلى
ما كان عليه يومَ استولى على الحكم،
وإذا كانت هذه الطرفة صعبة التحقق
واقعياً، فقد لا تكون بعيدة عن تصميم
النظام إن رأى ذلك يمنحه بصيصاً من
الأمل بالبقاء. يدرك النظام أن وجوده
ووجود البلد معاً بات من الماضي، لذا
يسعى حثيثاً إلى التضحية بالبلد؛ كنا
لنقول إن في هذا نوعاً من العدمية
السياسية، لولا علوّ هذا التوصيف
الثقافي على العقل المنحط الذي يدير
عمليات الإبادة الجماعية. إن تدمير
سوريا، على النحو الذي يحدث الآن، وإن
ارتقى إلى مستوى الفعل الممنهج إلا أنه
لا يرقى أبداً إلى السياسة بأيّ من
معانيها بما في ذلك أشد تجلياتها
سوءاً، لعل الحقد المطلق يقدّم لنا
تفسيراً غير شافٍ بدوره ما لم يقترن
بالانفصال التام عن كل ما هو إنساني. "هذا النظام لا
يتورع عن ارتكاب الفظاعات"؛ لطالما
كانت هذه الفكرة راسخة في عقول
السوريين، والحقّ أن مخيلاتهم كانت
قاصرة عن توقع الفظاعات التي ارتكبها
منذ بدء الثورة حتى الآن. لا يزال
السوريون بغالبيتهم يعربون عن الصدمة
والاستغراب إزاء الجرائم والمجازر
التي تُرتكب بحقهم، لا يزال قسم منهم
بين مصدّق وغير مصدق، لقد بزّت المجازر
والمذابح أشد التوقعات سوءاً، وأثبتت
أنه ليس بوسع أحد من السوريين الافتراء
أو التجني على النظام. في هذا المضمار
أيضاً دللت الثورة على الأخلاقية
العالية للسوريين، إذ ليس بوسع
مداركهم التكهن بالحدود القصوى
للوحشية، وليس بوسعهم تخيّل التحلل
التام مما هو إنساني. في بابا عمرو،
مثلاً، ظنت إحدى العائلات أنها نجت بعد
قصف مدفعي وصاروخي متواصل لمدة شهر
باستثناء فقدان طفلها لأطراف أصابعه.
فيما بعد أثبتت الفحوصات الطبية أن
الطفل لم يفقد أطراف أصابعه بفعل شظية،
لقد أكل الطفل أصابعه من الخوف حينما
كان مختبئاً تحت المغسلة هرباً من
القصف؛ لعل حالة هذا الطفل تشفي غليل
القتلة من الناجين الأحياء! أن يسقط صاروخ أو
قذيفة كل خمس دقائق، هذا يعني اهتزاز
محتويات البيوت التي لم تُدمر بعد،
ويعني أن ساكنيها لن يستفيقوا من صدمة
الصاروخ الأول قبل سقوط التالي، ولأن
القصف يشتد ليلاً فسيصعب إقناع
الأطفال بالنوم، أو بعدم الاستفاقة
وهم مذعورين. لكن مَن عاشوا هذا
السيناريو الرهيب يعرفون هول ما سيحدث
عندما يتوقف القصف، حينئذ وبعد أن تكون
الأبنية قد سُوّيت بالأرض يدخل الرعب
الراجل ليتفقد الناجين من القصف، يدخل
أولئك المدججون بالرشاشات والسكاكين
لمعاقبة الذين عاندت أرواحهم الموت.
مَن واجهوا تنكيل ما بعد القصف لم تتح
لهم الفرصة أبداً ليشرحوا لنا معنى "الأفظع"،
فقط تركوا جثثهم المشوهة أو المقطَّعة
لتدل عليه. التفاؤل والموضوعية
يقتضيان القول إن النظام، باعتماده
القصف على نطاق معمم، يدخل طور الإفلاس
النهائي ويقترب حثيثاً من السقوط، لكن
هذا لا يقدّم عزاء جيداً لأسر الضحايا
ما دام قادراً على إيقاع المزيد من
القتلى يومياً. يتوق السوريون إلى
نهاية استحقوها على الأقل منذ سالت
دماء المتظاهرين في بداية الثورة. هم
بالتأكيد لن يتراجعوا عن نيل حريتهم
مهما كلفهم ذلك، ومع الأسف إن عبارة
"مهما كلفهم ذلك" تخرج يومياً من
إطار المجاز، ويتحداها النظام بقدرته
المدهشة على ارتكاب ما لا يخطر في أكثر
المخيلات سادية. ستأتي النهاية بعد أن
يختبر أطفال سوريا أصوات القصف
اليومي، وقد يحتاج الناجون منهم سنوات
لاستيعاب وجود طائرات تنقل الركاب
بدلاً من إلقاء القنابل، أما الطفل
الذي أكل أصابعه فلا يُنصح أصحاب
القلوب الضعيفة بقراءة قصته، يكفيهم
رأفة بهم أن يأخذوا علماً بما يحدث على
طريقة الخبر العاجل. ولأن تعداد المدن
والبلدات السورية قد يطول، بوسعنا
إجمال الحالة الآن بأن سوريا كلها.. فوق
القصف. ================= فاروق البرازي المستقبل 1-7-2012 على الرغم مما حصل من
ويلات ومجازر بحق السوريين، إلا انّهم
مازالوا يصرّون على المداومة
والمتابعة في العمل على اسقاط النظام.
وبدا انّ قدرهم يحتم عليهم أن يصبروا
أكثر، وكما قال أحد الثوار الشيوعيين
جورجي ديمتروف في القرن الماضي"
تسلوا يا رفاق فانّ درب النضال طويل"،
فانّ هذا الكلام وما يشبهه من الأحاديث
يتحدث به فطاحل السياسة عندنا، هؤلاء
الذين يقرأون التوازنات السياسيّة
وانعكاساتها على السوريين. منذ انطلاق الثورة
درجت العادة بين السوريين، في المجالس
وفي أماكن التعازي، وفي سيارات
السرفيس، وفي المقاهي، يتساءلون لكل
من يتراءى لهم بانّه يتعاطى الشأن
العام:" وآخرتها؟".. ويكون الجواب
غالبا: "واضح انّ قصتنا طويلة"...
والحق يقال هي ليست قصة، فما يجري في
سوريا أكبر من الروايّة، وأكبر من قصة
ألف ليلة وليلة. لايمتلك الناشط
السياسيّ السوريّ ما يطمئن به
الجمهور؛ ومن يسأله عن زمن إسقاط
النظام لا يملك غير شرح تداخل المصالح
الدوليّة والإقليميّة في سوريا، مرة
يكرر بأنّ ما جرى مع ثورة مصر أثر في
ثورتنا وصار حجة للدول أن لا يتعاملوا
بالحماسة المطلوبة مع ثورتنا ومرةً،
يشرح للجمهور تداخل المال والأمن في
مفاصل الحكم، وكيف نتج عن هذا التداخل
الفساد، الأمر الذي يعيق الكثيرين عن
إعلان موقفهم من النظام، ومرة يلجأ إلى
تذكير الناس بأنّ ثمّة طبخة سورية تطبخ
في مطابخ صنع القرار العالمي، أو ربما
يكون مؤتمر مجموعة الاتصال هو لحظة
انقشاع الجليد عن صدر السوريين، وانّ
هذا المؤتمر ربما يساهم في بلورة صيغة
جديدة جديّة للخروج من الأزمة. كل هذه
المبررات يضطر الناشط السياسي السوريّ
إلى قولها لجمهور الثورة، الذي كاد
صبره أن يبلغ "صبر أيوب". هذا الجمهور هو جمهور
الثورة بامتياز. انه المتعمق بالثورة
وثقافتها، بل صارت الثورة ذاتها
بالنسبة اليه هي النظام، وتشكل اليوم
الشغف الوحيد لهذا الجمهور كما لو أنّ
الثورة صارت مصلحة للناس، عدا عن انها
وسيلة الخلاص من الظلم والخنوع".. الناس في سوريا لا
يرون مصلحتهم في أي شيء غير الثورة. هذه
الثورة التي حررت السوريين من ثقافة
الإتكاليّة (على سبيل المثال لا الحصر)،
فمثلا لم يعد السوريون يرضون أن يفكر
أحداً بدلاً عنهم، ولا يقبلون أن يتخذ
أحد أي قرار بدلاً منهم، ولم يعودوا
يتكلون على أحد مهما كان موقعه ومكانه.
ونحن رأينا كيف انّ موقفهم من المجلس
الوطني السوري في الأشهر الأخيرة،
وكذلك كيف يقيّمون هيئة التنسيق
وموقفها من الأحداث، وكيف انّه عندما
حاول البعض الركوب على حصان الثورة
سرعان ما انطفأ نجمه. إذا لم نخطئ فنقول
انّ غالبيّة الثوار كانوا على يقين تام
انّه حتى يرحل هذا النظام فلا بد للصبر
الطويل، وإن كانوا مقتنعين انّ سقوط
نظام الاستبداد سيكون بشكل مفاجئ، لكن
ليس قبل أن يصل السوريون إلى الذروة.
ذروة الثورة، والذروة في انضاج الظروف
الموضوعيّة والذاتيّة. وهم لذلك
يومياً ينزلون إلى الشارع ويهتفون
برحيل النظام. لا شيء استطاع ان يخيفهم
لا الشبيحة ولا القدرات العسكريّة
والأمنيّة. وبدا انّهم مصرّون على
الاستمرار، وعلى أن يحملوا على عاتقهم
مسؤوليّة حمايّة واستمرار الثورة حتى
يرحل النظام. ================= الحروب
الأهلية الثلاث في سوريا المستقبل 1-7-02012 باتَ الأمر رسميا،
بما أن الأمم المتحدة نفسها أقرّت به:
لقد دخلت سوريا في الحرب الأهلية. هرفي
لادسوس، قائد قوات السلام التابعة
للأمم المتحدة هو ديبلوماسي متمرس،
وهو الذي كسر التابو وأعلن عن "حرب
أهلية" في سوريا (...). نحن الآن اذن أمام
ثلاث أنواع من الحروب في سوريا. الحرب
الاولى هي الحرب ضد المدنيين، التي
بدأت في آذار من العام الماضي. فمنذ
التظاهرات الأولى التي لم تكن تطالب
بإسقاط النظام، إنما بتحرير أطفال
اعتقلوا وعذّبوا في درعا، كان النظام
قد اتخذ قراراً بتصويب سلاحه، فأمر
باطلاق الرصاص على متظاهرين سلميين
يغنون الشعارات ويرفعون اللافتات. على
الرغم من آلاف القتلى ومن الإرهاق، فإن
هذه الثورة السلمية ما زالت مستمرة في
ضواحي دمشق وحلب وفي عشرات البلدات حيث
يستمر الأهالي بالنزول الى الشارع
جمعة إثر جمعة. هؤلاء المتظاهرون الذين
لا يحملون أي سلاح لم يسقطوا النظام،
ولكنهم زعزعوا ما كان يعتبر نقطة قوته
الأساسية، أي حاجز الخوف. واذا حصل ان
توقفت هذه التظاهرات، يصبح بوسع نظام
بشار الأسد الإدّعاء بأنه يواجه
عصابات مسلحة. منذ نهاية صيف 2011،
حرب أخرى فرضت نفسها على الارض: وآيتها
الحرب الدموية، وإن غير متكافئة، التي
تخوضها وحدات من الجيش النظامي ضد
المجموعات المحلية المسلحة المكونة من
مدنيين وعسكريين منشقين عن الجيش
النظامي، انضموا الى ابناء قراهم
وبلداتهم. مجموعات الدفاع الذاتي هذه
منضوية تحت اسم "الجيس السوري الحرّ"،
الا ان هذه التسمية لا تحجب تماما
استقلالية الوحدات المحلية. "الجيش السوري
الحرّ" لا يشكل خطراً على الجيش
الرسمي، الأكثر مِراسا وتسلّحا؛ ولكن
عوامل شتى تقلق النظام، أهمها، تكتيك
حرب العصابات الذي يتبعه هذا الجيش،
فضلا عن تجذّر أعضائه المحلي، وتدفق
السلاح عليه. بؤر حرب العصابات هذه
بدأت تتشكل، خصوصاً في الرستن، في
أنحاء حمص أو في جبل الآكراد، بالقرب
من الحدود التركية. "الجيش السوري
الحرّ" ليس بوسعه ان يصدّ هجمات
الجيش النظامي، ولكن المواقع التي
ينسحب منها لصالح الأخير يعود فيحتلها
من جديد منذ اللحظة التي تنسحب منه
الدبابات للتوجه نحو مواقع اخرى بغية
قصفها. وحسب مصادر الأمم المتحدة، فان
40 بالمئة من الأراضي السورية بات خارج
سيطرة السلطة المركزية. ولمزيد من
التعقيد، ينضم الى حرب العصابات هذه،
بل تتسلّل اليها، مجموعات تدعى "جهادية". الصراع الأخير هو حرب
الجميع ضد الجميع. انها المجازر
والفظائع، كتلك التي وقعت في قرية حولا
السنية، حيث قتل 100 مدني، بينهم 49 طفلا،
والبعض منهم بالسلاح الأبيض؛ اما
منفذو الجريمة فهم من ميليشيات
الداعمة للنظام، الشبيحة القادمين من
قرى علوية قريبة. هنا تكمن الخشية
الكبيرة وسط الأسرة الدولية. ومن
علاماتها المقلقة الأخرى: منع مراقبي
الأمم المتحدة، مرات عدة ومتتالية، من
الاقتراب من مكان حصول المجازر، كما
حصل في القبير والحفة، وهما قريتين
سنيتين أخريَين، وأبطال المجزرة
علويون اعتدوا على سيارات المراقبين. كل هذه المذابح ليست
الأولى من نوعها، ولكن تكاثرها يبعد
السوريين عن الحل السياسي ويضعف من
احتمال التدخل الدولي. يقول فواز جرجس،
مدير مركز الشرق الاوسط في جامعة لندن:
"التحدّي لم يعد يتجسد الآن في حرب
الرئيس الأسد ضد المعارضة، بل في حرب
الجميع ضد الجميع". بتجنيده أبناء
الطائفة العلوية، أغرق النظام السوري
البلاد في حرب طائفية؛ وهدفه في ذلك ضم
الأقليات الأخرى، من دروز ومسيحيين،
الى الخوف من قدوم هيمنة سنية، فيقدم
نفسه بصفته ضامناً لهذه الأقليات
وللدولة المدنية. والواقع ان
استراتيجيته هي خطر أقوى على الطائفة
العلوية نفسها، التي قد تجازف
بانطوائها في جبل العلويين. ولكي
يتحقّق النذير القاتم لهذه الحرب
الأخيرة، أي حرب الجميع ضد الجميع،
ينقص عامل مهم، ألا وهو الندية. هناك
حملات انتقامية نالت من عائلات علوية،
خصوصا في حمص، ولكن، حتى الآن، كما
تلاحظ المعارضة السورية عن حق، فان
مجازر بحق السنة لم تليها مجازر مقابلة
بحق أي كان. ولكن الى متى؟ كريستوف اياد ================= المسيحيون
في سوريا: تصويب البوصلة بعد التشويه مبادرات من
الداخل والخارج حفاظاً على شبكة أمان روزانا بومنصف 2012-07-01 النهار خلال الأيام العشرة
الاخيرة توالت مواقف
لكل من بطريرك انطاكية وسائر
المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس
الرابع هزيم والسفير
البابوي المعتمد في دمشق ماريو
زيناري، تدحض المواقف التي اطلقها
اساقفة او كهنة حول تعرض المسيحيين في
سوريا، وخصوصاً في حمص للاضطهاد او
التطهير العرقي من جانب المعارضة
السورية. البطريرك هزيم قال "ان موقف
الكنيسة الانطاكية من الاحداث ينطق
بها البطريرك حصرياً، وان آراء بعض
الاساقفة في لبنان وسوريا لا تعبّر
بالضرورة عن مواقف الكنيسة الانطاكية
من الاحداث والتغييرات". فيما حذر
السفير البابوي من معلومات تنشر في
وسائل الاعلام ترمي الى التخويف بنشر
انباء عن اضطهاد المسيحيين، معتبراً
انه حتى اليوم "لن اقول أنهم تعرضوا
لتمييز محدد او اي اضطهاد ومن المهم
التيقظ ورؤية حقيقة الوقائع". هذان الموقفان
يحاولان تهدئة المخاوف التي تثيرها
جهات عدة على المسيحيين منذ بدء الازمة
السورية، والتي وجدت لها صدى في لبنان
بمواقف سعت الى تبرير تأييدها إستمرار
النظام، بالمخاوف على الاقلية
المسيحية ووصول الاسلاميين، ولا تزال.
وأخذ تسعير هذه المخاوف طريقه الى
الترجمة في الآونة الاخيرة عبر تسليط
الضوء على احداث وضعت في اطار استهداف
المسيحيين وتم تداولها في لبنان، كما
في بعض وسائل الاعلام العالمية، ولا
تزال المخاوف في هذا الاطار تستخدم
لتبرير دعم المسيحيين الرئيس السوري
على قاعدة خوفهم من احتمال وصول
اسلاميين الى السلطة مع تصاعد المد
الاسلامي في المنطقة. والسؤال الأساسي
هو هل تطور موقف القيادات الروحية
المسيحية من النظام السوري أو تغير بعد
اكثر من سنة على الازمة واتضاح
اتجاهاتها ؟ وما هي حقيقة
الوضع على الارض؟ ان المعلومات
المتوافرة للمطلعين عن كثب على الوضع
السوري عموماً، والمسيحي خصوصاً، ان
عدد الذين غادروا حمص كبير، وقد يكون
في حدود المئة الف نسمة، ولا سيما ان
القسم الاكبر منهم نزح من المدينة
القديمة التي تتعرض بقوة للقصف على نحو
ما تعرض له بابا عمرو، ما ادى الى نزوح
المسلمين والمسيحيين معاً، وقد توجه
غالبية هؤلاء الى وادي النصارى،
خصوصاً ان اكثريتهم تتحدر من تلك
المنطقة، في حين تقوم الكنيسة
الارثوذكسية بتقديم المساعدات لهم،
وان كانت غير كافية، الامر الذي يبدو
أصعب بالنسبة الى المسلمين النازحين.
وتالياً فإنه لم يبقَ في قلب المدينة،
إلاّ عدد محدود من الناس، ومعهم اربعة
كهنة، ارثوذكسيان ويسوعيان. وبحسب
المعلومات فان المعارضة لم تعتدِ على
الكنائس، في حين ان كنيسة مار جرجس
الاثرية للارثوذكس دمرها القصف، كما
انها لم تحتل بيوت المسيحيين، إلاّ في
حالات معدودة ولذرائع امنية، ولم تطلب
من المسيحيين المغادرة، بل على العكس.
وتقول المعلومات نفسها ان حمص لم تشهد
قتلاً او خطفاً على الهوية طاول
المسيحيين، علماً ان الثوار قتلوا منذ
الخريف الماضي تسعة مسيحيين، وعدداً
اكبر من المسلمين بعد اتهامهم بأنهم من
المتعاونين مع اجهزة المخابرات
السورية ومن ناقلي المعلومات اليها او
من "العوايني"، كما يطلق على
المتعامل مع هذه الاجهزة. وفي متابعة
الفاتيكان المباشرة لهذه المسألة، فان
الثورة السورية لم تنتهج سلوكاً
معادياً للمسيحيين يتعمد ايذاءهم او
اخافتهم، كما ليس من تطهير عرقي لا في
حمص ولا في القصير او في غيرها، وان كل
ما يروجه حتى رجال دين او راهبات عن
اعتداءات على الكنائس او تهجير متعمد
غير صحيح، وصولا الى تحذير المسؤولين
الكنسيين هؤلاء من مغبة افعالهم التي
ستكون كلفتها عالية عليهم وعلى من
يدعون مساعدتهم، وفقاً لما يقول هؤلاء
المسؤولون بالتزامن مع مبادرات اطلقت
خارج سوريا وداخلها بدفع من هيئات
مسيحية ويشارك فيها سوريون من اتجاهات
مختلفة تهدف الى الحؤول دون افتعال
مشكلات طائفية، اضافة الى اقامة نوع من
شبكة امان للعلاقة بين المسيحيين
والمسلمين. وهناك ثلاثة مطارنة من
الروم يعملون يوميا على معالجة اي
مشكلة طارئة على هذا الصعيد. اما القادة الروحيون
والذين غالوا مع انطلاق الثورة في دعم
النظام السوري، فانهم اصبحوا اكثر
حذراً في الجهر بهذا الدعم لاعتبارات
متعددة قد يكون ابرزها ان الكلفة
الانسانية لما قام به النظام كبيرة
جداً لا يمكن التغاضي عنها او تحملها. ويقول الوزير السابق
طارق متري الذي يتابع عن كثب شأن
المسيحيين في سوريا والمطلع على
المبادرات الخارجية في اتجاههم، ان
وضع المسيحيين في سوريا من حيث موقعهم
في قلب ما يجري من حروب على الارض لا
يختلف عن وضع السوريين ككل وهو وضع صعب
جداً. "هناك تغيير في الموقف المسيحي
ومن الواقعي القول ان هناك اقلية صغيرة
تعمل لمصلحة النظام السوري وتجهد كي
تربط مصير المسيحيين بمصيره من دون ان
يعني ذلك ان باقي المسيحيين صاروا ضد
النظام او انهم يتحولون نحو اتجاهات
علمانية او ليبرالية في المعارضة
السورية". ويوضح "لعل الاكثرية لا
تزال مقيمة في قلقها وصمتها"،
عازياً ذلك الى جملة عوامل يتصل بعضها
باختزال الصراع في سوريا وعليها بين
العلمانيين والاسلاميين من خلال ابراز
علمانية النظام وتجاهل طائفيته
والمغالاة في اسلمة الثورة السورية او
"سلفنتها" نسبة الى السلفيين،
وتعمد الخلط بينها وبين الحركات
المتطرفة او الارهابية من دون
الاعتراف باتساع شعبية الثوار او
تنوعهم. كما تتصل بالقلق المسيحي
الاقلوي الضارب في الذاكرة التاريخية
من جهة والعازف عن المشاركة في الحياة
العامة من جهة اخرى، او المقارن مع ما
حصل في العراق مثلا". ولا يستبعد ان
يكون القلق قد ازداد اخيراً بفعل القمع
المتصاعد في دمويته والعسكرة
المتعاظمة للثورة وعدم نجاح المعارضة
في مخاطبة مواطنيها المسيحيين او
ايضاً قلة عدد الشخصيات المسيحية
الفكرية او السياسية المشاركة في
الثورة "ما زاد عند بعضها شعوراً
بالغربة او رغبة في الهجرة في حين ان
الغالبية تعرف ان مصير السوريين مشترك
وترى انه مهما حصل فمسلمو سوريا باقون
في حين ان الانظمة متغيرة ومن بينها
شبان كثر لا يقبلون ان يأخذهم القلق
الى التنصل من واجباتهم الاخلاقية
النابعة من قيمهم المسيحية"المسيحيون
في سوريا: تصويب البوصلة بعد التشويه ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 1-7-2012 قد تتخلى روسيا عن
بشار الأسد وتبيعه في وضح النهار ولكن
ليس بأرخص الأثمان فهي تطلب لقاء هذا
موقعاً في المعادلة الدولية هو موقع
الإتحاد السوفياتي السابق نفسه أيام
الحرب الباردة وصراع المعسكرات ويوم
كانت واشنطن وموسكو تقرران مصير
العالم وذلك رغم أنه كانت هناك دول
عظمى كفرنسا وبريطانيا والصين لكن كما
يبدو فإن هذا الثمن «التعجيزي» لا يزال
الأميركيون غير مجبرين على دفعه طالما
أنهم يرون أن الرئيس السوري ساقط لا
محالة في نهاية المطاف وطالما أنه لا
تزال في أيديهم أوراق كثيرة بالإمكان
استخدامها لجعل تطلعات فلاديمير بوتين
ترتطم بجدران الحقيقة. إن الولايات المتحدة
تعرف، بل أنها أكثر من يعرف، أن
التنازل أمام تطلعات روسيا ولو خطوة
واحدة سيؤدي الى تراجعها خطوات كثيرة
وواشنطن تعرف أن بشار الأسد ونظامه هما
مجرد ورقة يلعبها الروس والصينيون
بمؤازرة بعض الدول «الصامتة» مثل
البرازيل والهند لفرض معادلة جديدة
على أميركا هي غير المعادلة التي بقيت
سائدة منذ إنهيار الاتحاد السوفياتي
في مطلع تسعينات القرن الماضي والتي
عنوانها عالم القطب الواحد على ركام
عالمٍ متعدد الاقطاب فالآن يعتقد
الرئيس بوتين وبقناعة أن هذه المعادلة
الآنفة الذكر يجب أن تصبح عالم متعدد
الأقطاب بديلاً لعالم القطب الواحد
وأنه لابد من تحجيم الأميركيين والحد
من إدارتهم للكرة الأرضية. لا يهم الولايات
المتحدة ولا يهم روسيا أن يبقى بشار
الأسد أو يرحل ويلتحق بالرئيس التونسي
زين العابدين بن علي وبمعمر القذافي
وبعلي عبد الله صالح وبحسني مبارك
فالمهم بالنسبة لهاتين الدولتين هو أن
أميركا من خلال إمساكها بكل خيوط
التحولات الشرق أوسطية وبخيوط كونية
أخرى تريد المحافظة على معادلة القطب
الأوحد التي استجدت بعد إنهيار
المنظومة الإشتراكية في بدايات
تسعينات القرن الماضي بينما إن ما يهم
الرئيس فلاديمير بوتين تحديداً أن
يعيد لروسيا مكانة الإتحاد السوفياتي
السابق وأن يظهر أمام الروس على أنه
استعاد أمجاد القادة الروس الذين
وضعوا بلدهم على قدم المساواة مع الدول
العظمى التي غدا بأيديها قرار العالم
كله وبخاصة بعد الحرب الكونية الثانية. ولهذا فإن الخطأ
القاتل الذي ارتكبه بشار الأسد أنه
استدرج هذه التدخلات الخارجية في شؤون
بلاده، ومنذ لحظة انفجار هذه الأحداث،
استدراجاً وأنه حوّل سوريا الى ساحة
لتصفية الحسابات بين الدول المتطاحنة
كونياً وساحة للصراع بين الولايات
المتحدة ومعسكرها الغربي والشرقي
والشرق أوسطي من جهة وبين روسيا والصين
ومعهما إيران وبعض الدول «الصامتة»
كالهند والبرازيل من جهة أخرى وهذا
يعني أن بقاءه أو عدمه سيتوقف على
إمكانية التفاهم بين هذه الدول وفق
صفقة قد تتم في لحظة من اللحظات مع أنها
تبدو وكأنها مستبعدة الآن. لقد قال بوتين وأكثر
من مرة حتى عندما كان لا يزال رئيساً
للوزراء :»لقد ولّى الزمن الذي كان فيه
الأميركيون يصدرون لروسيا أوامر
فتطيعهم» وهذا في حقيقة الأمر يفسر
مواقف موسكو تجاه الأزمة السورية
فالروس بالطبع لهم مصالح في سوريا وفي
المنطقة يريدون الحفاظ عليها لكن
الأهم من كل هذا بالنسبة إليهم هو أن
يستغلوا الأوضاع الملتهبة في سوريا
لإملاء بعض شروطهم المتعلقة بمعادلة
القطب الواحد الكونية على الولايات
المتحدة الأميركية. ويقيناً أن بوتين إن
هو حصل على هذا وإن بحدود معقولة فإنه
سيتخلى عن بشار الأسد قبل أن يصيح
الديك وأنه سيبادر الى تصحيح الأمور
والسعي لفتح أبواب للتفاهم مع بديل
الرئيس السوري وإن بحدود معقولة أيضاً
فالدول الكبرى مصالح وتصادماتٍ
استراتيجية ولذلك فقد بادرت الولايات
المتحدة الى ركل حسني مبارك بقدمها
والتخلي عنه لحساب التيار الإسلامي
والإخوان المسلمين وهذا ما فعلته
روسيا بالمقابل مع معمر القذافي حيث
كانت «جماهيريته» تعتبر في دائرة
المصالح الإستراتيجية الروسية. ================= الأحد ١
يوليو ٢٠١٢ الحياة الياس حرفوش يريد الرئيس السوري «حلاً
سورياً» لأزمة بلاده. وتتفق معه موسكو
على أن العملية السياسية في سورية يجب
أن تحسم نتيجتها إرادة السوريين من دون
تدخل خارجي. كلام مثالي في المطلق
وينطبق على الدول التي يتاح فيها
للمواطنين اختيار قياداتهم بحرية وعلى
تلك التي لا تتحول فيها أجهزة الحكم
إلى أدوات لقتل المعارضين لمجرد
إبدائهم رأياً مخالفاً لما تقول به
السلطة الحاكمة. غير أن الوضع في
سورية لا يشبه هذه الحالة ولا تلك.
والغريب أن القيادة السورية، في سياق
إنكارها لأسباب المأزق الذي وجدت
نفسها فيه، لا تريد الاعتراف بذلك وتصر
على الدعم الشعبي الذي توهم نفسها أنها
تتمتع به. شاهدت باستغراب مقابلة مع
مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان
على قناة «روسيا اليوم»، التي باتت في
تغطيتها للحدث السوري أقرب إلى
المحطات السورية وتلك اللبنانية
المتعاطفة مع نظام دمشق، في إصرارها
على رواية «المجموعات الإرهابية
المسلحة» التي اصبحت تضم اليوم معظم
أبناء الشعب السوري، بعد امتداد ثورته
إلى كافة أنحاء البلاد. اعترضت شعبان
على المطالبة بإزاحة الرئيس الأسد عن
السلطة متسائلة: بأي حق يطلبون ذلك من
رئيس يحكم بإرادة شعبه؟ هل يجرؤون على
مطالبة ديفيد كاميرون مثلاً بالتخلي
عن رئاسة الحكومة البريطانية؟ الغريب أن تعليقاً
كهذا لا يأتي على لسان شخص يجهل أنظمة
الحكم في العالم، ولا يعرف الطريقة
التي يصل بها كاميرون وسواه من
المسؤولين الغربيين إلى السلطة، بل من
مسؤولة درست في بريطانيا ويفترض
بالتالي أن تعرف الفرق بين طريقة وصول
الأحزاب إلى الحكم في هذا البلد وطريقة
وصول رئيسها وحزبه إلى الحكم في سورية.
بل يفترض أن تعرف أيضاً، من خلال
تعاطيها مع المجتمع البريطاني، أن
التظاهرات ضد توني بلير في الماضي وضد
كاميرون اليوم لا تنتهي بقطع أصابع
الأطفال وبسحل المواطنين في الشوارع
وبتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم. بالطبع هي
تعرف. ولكن ما العمل إذا كان منصب
المستشارية يقطع الطريق على الجهر
بالمعرفة؟! من الاستخفاف البالغ
بإرادة السوريين، وبما يجري في شوارع
مدنهم وقراهم منذ عام ونصف، أن يدعو
الرئيس الأسد اليوم إلى «حل سوري» رداً
على المحاولات التي تبذل لإيجاد مخرج
للأزمة، يضمن بالدرجة الأولى وقف نزيف
الدم السوري. ذلك أن هذا الحل خرج منذ
فترة طويلة من أيدي السوريين. فالنظام
هو الذي دفعهم إلى السعي إلى حلول
خارجية، بعد أن واجه مطالبهم المحقّة
التي دعوا فيها إلى منحهم حرية التعبير
عن رأيهم في من يحكمهم، بالسلاح والقتل
وتدمير المدن المنتفضة. النظام السوري هو
الذي فرض على السوريين البحث خارج
سورية عن مخرج مما يصيبهم. وعندما
تنادى المجتمع الدولي، مدفوعاً بهول
المجازر التي نشهدها على الشاشات كل
ليلة، إلى البحث عن حل يحفظ ما تبقى من
مؤسسات سياسية وأمنية في سورية،
ويستبعد في الوقت ذاته المسؤولين الذي
باتوا عقبة في طريق المستقبل، بعد أن
تورطوا في إدارة أعمال القتل، وجد في
وجهه العقبة الروسية التي تدعم موقف
نظام دمشق، الرافض لأي حل لا يتم
تفصيله على مقاس مصلحته وبما يخدم
بقاءه في الحكم، ولو فوق دماء السوريين. ================= فايز سارة الشرق الاوسط 1-7-2012 يتفق كثير من متابعي
الوضع السوري على قول إن سوريا صارت
ميدانا لتدخلات كثير من الدول والقوى
في أزمتها الحالية. وهذا الوضع يجد له
ما يشبهه في تاريخ سوريا بعد
الاستقلال، حيث تكثف «الصراع على
سوريا» عبر انقلابات عسكرية وتدخلات
مباشرة وغير مباشرة، وقد بدأ الوضع
يتبدل مع الوحدة السورية - المصرية (1958 -
1961)، وتقوى لاحقا بعد أن أحكم العسكر
قبضتهم على السلطة، حيث صارت سوريا
لاعبا في المستوى الإقليمي، تمارس
سياساتها الخاصة إلى جانب مواقف
وسياسات الآخرين، قبل أن تعود في العقد
الأخير، وخاصة بعد اندلاع ثورة
السوريين في مارس (آذار) 2011، وتصير
ميدانا لتدخلات الآخرين، ورغبتهم في
أن يكونوا فاعلين في تحديد المستقبل
السوري كيانا وشعبا ونظاما. ورغم أن ثمة أسبابا
متعددة ومعقدة، جلبت تدخل الآخرين في
الشؤون السورية، فإن سياسات النظام في
التعاطي مع حركة الاحتجاج والتظاهر،
عززت فرص هذه التدخلات، ثم عملت على
تكريس بعضها بصورة عملية.. ذلك أن
النظام لم يكتف بجلب تدخلات دولية
وإقليمية معينة إلى الشؤون السورية،
إنما شجعها على الوقوف إلى جانبه في
الأزمة الداخلية ومساعدته في الحرب
على معارضيه، وجهد في دفع خصومه نحو
علاقة مع قوى إقليمية ودولية معينة من
خلال أمرين اثنين: تبنيه الحل الأمني
العسكري وإصراره على المضي به نحو الحد
الأقصى، مغلقا بوابة الحل السياسي،
ورفض حل الأزمة باعتبارها أزمة
داخلية، والإصرار على اعتبارها مؤامرة
خارجية لها أدوات محلية. لقد تبلورت التدخلات
الخارجية في الأزمة السورية في
اتجاهين، كان أولهما تدخل روسيا
وتابعها الصيني، إضافة إلى إيران ودول
أخرى محدودة العدد، وقفت إلى جانب
النظام ودعمت مواقفه، بينما تمثل
الاتجاه الثاني بالتدخلات الغربية
والإقليمية بما فيها العربية، والتي
وقفت إلى جانب الحراك الشعبي ومطالبه.
ورغم التجانس العام في مواقف الطرفين
وتناقضهما في الموقف من النظام ومن
الأزمة، فإن تفاوتا واضحا ومتدرجا في
موقف كل واحد من الأطراف المنضوين في
الكتلتين. ففي الوقت الذي بدا أن موقف
الكتلة المؤيدة للنظام وسياساته
بقيادة روسيا إلى جانب إيران والصين
تتسم بالجدية والعملية في مواقفها
السياسية والإعلامية ودعمها المادي،
الأمر الذي أفاد النظام بصورة كبيرة،
فقد كانت مواقف الكتلة المؤيدة للحراك
الشعبي من القوى الدولية والإقليمية،
أقل تجانسا وضعيفة ومترددة، وتغلب
عليها المواقف الإعلامية والدعائية
والمتناقضة في بعض الأحيان، وهي لم
تقدم مساعدة جدية وملموسة، بل إن كثيرا
منها ألحق الضرر بالحراك الشعبي
وبالمعارضة السورية على السواء. وهذا
ما يؤشر إليه ضعف مبادراتها لمعالجة
الأزمة، التي كان منها المبادرة
العربية ثم خطة الموفد الدولي والعربي
كوفي انان، وما كررته مؤتمراتها، التي
لم تتمخض عن نتائج عملية أو تأثيرات
سياسية إيجابية على الأزمة في سوريا
على نحو ما كان عليه مؤتمر أصدقاء
الشعب السوري بدورتيه في تونس ثم في
إسطنبول. لقد ذهبت الكتلة
المناصرة للنظام وسياساته إلى الأبعد
في دعمها، وخاصة لجهة رفض تغيير
النظام، ومنع التدخل العسكري ضده حتى
لو كان عبر الأمم المتحدة، بل هي تبنت
رؤيته للأزمة وموقفه منها، وقدمت
أطرافها دعما كبيرا للنظام. وعلى سبيل
المثال، فإن التدخل الروسي بالتآزر مع
التابع الصيني، منع تبني أي ضغوط ضد
النظام في مجلس الأمن الدولي، وقدم
كثيرا من إمدادات الأسلحة والذخائر
والتجهيزات الروسية، وقد غطت الحكومة
الروسية دعمها بالقول إنه تنفيذ
لاتفاقات سابقة، وأضافت إلى تدخلاتها
السابقة ثلاث خطوات أخرى: أولها تعزيز
حضورها في القاعدة البحرية في طرطوس،
وسيرت إلى هناك اثنتين من سفن الأسطول
الروسي، والثانية بناء محطة مراقبة في
كسب شمال غربي سوريا وسط أنباء عن
تشغيل محطة قديمة مماثلة في دمشق،
وإرسال فرقة كوماندوز روسية إلى سوريا
هدفها حماية المصالح الروسية، وهو
تعبير فضفاض، لا يمكن تقدير مداه
ومحتواه. وواقع الحال، فقد
أفادت التدخلات الدولية النظام من
جوانب مختلفة، وأضرت الحراك الشعبي
والمعارضة، وكلاهما أصر لأشهر طويلة
على ضرورة بقاء سوريا خارج التدخلات
الخارجية، وهو إدراك بديهي وأولي
للأخطار التي يمكن أن تحملها هذه
التدخلات من جهة، وإصرار على فكرة
ضرورة حل الأزمة في مستواها الداخلي
سواء من خلال تسوية سياسية، كما كانت
الأمور مطروحة في البداية، أو عبر
إسقاط النظام حسب هتافات المحتجين
والمتظاهرين، لكنه في ظل إصرار النظام
على الحل الأمني العسكري وتصعيده، فقد
انتقلت الأزمة من الداخل إلى الخارج
لتصير أزمة إقليمية أولا ودولية
ثانيا، وغدت التدخلات الخارجية أوسع
وأكثر تأثيرا، ولا سيما مع تصاعد أصوات
في الشارع السوري وفي صفوف المعارضة
تدعو إلى تدخلات خارجية لحماية
المدنيين ووقف القتل وإخراج السوريين
من معاناتهم، وفي الأبعد من ذلك حل
الأزمة في سوريا أو المساعدة في تحقيق
ذلك، وكلها عززت التدخلات الخارجية في
الأزمة. لقد باتت التدخلات
الخارجية في الشؤون السورية عامل
استدامة للأزمة في سوريا، حيث يستفيد
منها النظام بصورة مباشرة على المدى
القريب، لكن المستفيد الأكبر منها
مجموعة اللاعبين الإقليميين
والدوليين الذين يجعلون من الأزمة في
سوريا ساحة صراع لتأمين مصالح هي أبعد
ما تكون عن مصلحة سوريا والسوريين،
الأمر الذي يرتب على السوريين وأصدقاء
سوريا العمل الجدي والسريع للحد من
التدخلات، والذهاب بأسرع ما يمكن إلى
معالجة الأزمة السورية. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 1-7-2012 جميل ما قيل في جنيف
من قبل معظم القوى الدولية ذات الموقف
الحاسم تجاه جرائم بشار الأسد، وحتى ما
قاله السيد كوفي أنان، لكن رغم كل ذلك
فلا يمكن توقع نجاح أي خطة تجاه الثورة
السورية، وبما فيها مؤتمر جنيف، ما دام
الأسد نفسه موجودا على الأراضي
السورية، وليس في السلطة وحسب. فحتى لو تجاوبت موسكو
مع الضغوط الدولية، وقبلت بتشكيل
حكومة وحدة وطنية من دون الأسد، خصوصا
أن التصريحات الصادرة من بعض وزراء
الخارجية الغربيين، ومنهم وزير
الخارجية البريطانية، واضحة وصريحة،
وحاسمة، تجاه الأسد؛ حيث يطالب ويليام
هيغ بضرورة صدور عقوبات دولية من قبل
مجلس الأمن تجاه نظام الأسد، وتحت
الفصل السابع. نقول حتى لو تم الاتفاق
على ذلك فلا أمل في النجاح ما دام طاغية
دمشق لا يزال يقيم على الأراضي
السورية، فالأسد يجيد تماما التلاعب
بأي اتفاق كان، وتفريغه من مضمونه، فقد
فعلها في العراق، وبالطبع في لبنان،
والأهم من كل ذلك التسويف والمماطلة،
والأكاذيب التي يقوم بها كل يوم في
سوريا، منذ انطلاق الثورة. فمنذ عام ونصف العام
تقريبا، عمر الثورة السورية، لم يقدم
نظام الطاغية جنديا واحدا، ناهيك من
ضابط أو مسؤول، للمحاكمة تجاه ما اقترف
من جرائم بحق السوريين، ولم يفِ بوعد
واحد من وعوده الإصلاحية، بل إن جميع
ما فعله كان تمثيليات خادعة تصب في
تكريس نظام حكمه، والتنكيل بالسوريين.
وبالطبع فقد قام الأسد بتفريغ مبادرة
السيد أنان الأولى من كل محتواها، ولم
يلتزم ببند واحد من بنودها، مثل ما فعل
مع المبادرات العربية في ذات الشأن،
فكيف يمكن تصديق أنه سيسمح لحكومة وحدة
وطنية أن تتشكل في سوريا يستبعد هو
منها، حتى لو اتفق المجتمع الدولي،
وحظي الاتفاق بموافقة موسكو؟ فهل
نعتقد أن الأسد سيكون علي عبد الله
صالح آخر؟ أمر مشكوك فيه تماما. ولذا، فإن أي اتفاق
لا ينص على الخروج الفوري للأسد من
سوريا، وقبل تشكيل حكومة وحدة وطنية أو
خلافه، فإنه أمر مشكوك فيه تماما لأنه
لا يمكن تخيل أن طاغية دمشق سيكون
متعاونا، إلا في حال علم الأسد يقينا
أنه في حال فشلت عملية خروجه فإن
التدخل العسكري الخارجي سيكون هو
الخيار القادم؛ وهذه أيضا مشكوك فيها؛
لأن الواضح أن الأسد رجل منفصل عن
الواقع، ناهيك بمنسوب الغرور الطاغي
في إدارته للأمور. ومن هنا فإن ما يجب
على الجميع التنبه إليه الآن هو واقع
الأمور على الأرض في سوريا، فالواضح أن
قوات الطاغية بدأت تشعر بازدياد قوة
الجيش السوري الحر. وعليه، فلا بد من
مواصلة دعم الثوار السوريين، لأن من
شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار قوات
الطاغية، ناهيك بأنه يرخص الثمن الذي
تطلبه موسكو في سوريا، سواء سياسيا، أو
اقتصاديا، يوما بعد آخر. أما التفكير
في أن الأسد سيدع حكومة وحدة وطنية
تتشكل أمام عينيه وهو في سوريا، فهذا
أمر يصعب تصديقه، وسيكون مفاجأة لو
تحقق! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |