ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/07/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

أنان هو الفاشل!

الشرق الاسوط

طارق الحميد

7-9-2012

طوال فترة مهمة المندوب العربي والأممي السيد كوفي أنان في سوريا ونحن - ومثلنا آخرون - نقول إن مهمته فاشلة، وحماية لأرواح السوريين على السيد أنان إعلان فشل مهمته. وكتبت هنا مرارا بأنه ليس أنان الفاشل، بل إن خطته هي التي فشلت، والسبب طاغية دمشق بشار الأسد.

لكن اليوم، وبعد مضي ثلاثة أشهر على مهمة أنان، وبلوغ عدد القتلى في سوريا على يد النظام الأسدي 17 ألف قتيل، وجب أن نقول إنه ليست مهمة أنان الفاشلة فقط، بل إنه هو شخصيا يعتبر فاشلا، حيث قام بإعطاء الأسد الفرصة تلو الأخرى، ولم يقل منذ وقت مبكر إن الأسد غير صادق، ولا ينوي أن ينجح أي مبادرة، وهذه أمر واضح، ومنذ اندلاع الثورة السورية، قبل 17 شهرا، حيث كان أنان في سوريا مثله مثل الفريق الدابي. لكن الفارق بين الدابي وأنان هو أن الأول كان يريد إرضاء الأسد، بينما كان أنان يريد إرضاء غروره السياسي، والدبلوماسي!

أنان لم يكلف نفسه حتى عناء الحديث للرأي العام السوري، أو العربي، بل إنه لا يتحدث إلا لوسائل الإعلام الغربية، وآخرها الـ«لوموند» الفرنسية، علما بأن القتلى هم من السوريين، والأزمة في سوريا، والأطراف الفاعلة هي العالم العربي، وضمير الأزمة السورية الحقيقي والصادق هو الرأي العام العربي. لكن السيد أنان لم يكلف نفسه عناء التوجه للرأي العام السوري، أو العربي، طوال الأشهر الثلاثة الماضية. وكان محقا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد وهو يقول في مؤتمر أصدقاء سوريا بباريس الأخير إن عدم حضور أنان لذلك الاجتماع وبقاءه في جنيف يعد أمرا معيبا. فأنان لم يكلف نفسه مجرد حضور مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس على الرغم من حضور قرابة مائة دولة عربية وغربية، وإنما يطالب بإشراك إيران في الأزمة السورية لأنها طرف فاعل! وهذا بحد ذاته يعد ليونة سياسية، ولا أجد تعبيرا ألطف من ذلك.

فإشكالية بعض الساسة، وتحديدا الدبلوماسيين، أنهم يريدون الوصول إلى أي نتيجة للقول إنهم قد أوجدوا حلولا، ولو كان الحل إبقاء طاغية دمشق، ومكافأة إيران بمنحها شرعية في سوريا، مثلما منحتها واشنطن الشرعية في العراق، وهذا أمر مرفوض سوريًّا، ويجب أن يرفض عربيا أيضا، وبشكل علني، وواضح، وبدون أي مساومة.

والمؤسف، والمستفز، أن السيد أنان دائما ما يقول متسائلا: ما هو البديل لمهمته في سوريا؟ وهذا حديث العاجز، فالبديل عن مهمته هو وضع روسيا والصين أمام الاستحقاق الذي نعيه كلنا وهو أن الأسد يلعب، ولا بد من العودة إلى مجلس الأمن، وأن عليهم أن يكفوا عن دعم طاغية دمشق، والإعلان عن فشل المهمة منذ وقت طويل يعني أيضا أن أنان قد وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لوقف آلة القتل الأسدية، بدلا من منح الأسد الفرصة تلو الأخرى لقتل السوريين العزل.

لذا، نقول اليوم إنه ليست مهمة أنان الفاشلة وحسب، بل إن السيد أنان نفسه كان فاشلا في سوريا، خصوصا عندما منح الأسد الفرصة تلو الأخرى، ويريد منح إيران شرعية لا تستحقها في سوريا.

=================

أنان يهاجم الخليجيين ويدافع عن الروس!

الشرق الاوسط

عبد الرحمن الراشد

7-9-2012

منذ تسميته مبعوثا دوليا ظننت أنني تعجلت بالتحذير منه. زعمت حينها أن كوفي أنان شخصية جيء بها لإطالة أمد النظام. قلت إنها فصل هزلي آخر في مسرحية الجامعة العربية والأمم المتحدة. كوفي أنان كان أمينا عاما للأمم المتحدة وخرج منها بفضيحة اتهام ابنه في قضية المتاجرة بعقود النفط مقابل الغذاء في زمن العقوبات الاقتصادية على نظام عراق صدام. وبعد أشهر ثلاثة من الفشل، والمزيد من الدم، اتضح أن أنان بالفعل دمية جيء بها لصالح المجموعة التي تريد شق الصف الدولي، وإنقاذ نظام الأسد بإطفاء الثورة السورية.

الآن، طفح الكيل من هذا المندوب حتى خرج وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد عن هدوئه وانتقد أنان على الملأ قائلا: إنه أمر معيب أن المكلف بمهمة المبعوث الأممي في سوريا، لا يحضر مؤتمرا عن سوريا فيه نحو نصف ممثلي حكومات العالم!

بعدها رد أنان على الشيخ عبد الله في حديث لصحيفة الـ«لوموند» كشف فيه بوضوح عن ميوله.. اتهم صراحة دول الخليج، ويعني السعودية والإمارات وقطر. قال «القليل يقال عن الدول الأخرى (يقصد الخليجية) التي ترسل السلاح والمال ولها وزن على الأرض»! يعني أنها من تسلح الثوار. طبعا، أنان يتجاهل أنه لم يطبق أهم بنود مبادرته، ولم يطلب معاقبة النظام السوري التي تقضي بوقف عملياته العسكرية وسحب آلياته من المدن، ثم يطلب من العالم ترك الناس يذبحون!

ويستغفل أنان العالم محتجا في مقابلته على التركيز في النقد على روسيا.. يقول: «التركيز على روسيا يزعج الروس كثيرا.. ما يفاجئني أن الكثير من التعليقات تركز على روسيا، فيما تذكر إيران بدرجة أقل»! إن تخصيص روسيا بالنقد فلأنها عضو دائم في مجلس الأمن، أما إيران فلا قيمة لها في مسار القرارات الدولية. ولولا روسيا - لأن الصين لن تعارض - لكان التدخل الدولي حتميا منذ الصيف الماضي لوقف الإبادة من قبل قوات النظام. بسبب روسيا، وليس إيران، المأساة مستمرة في سوريا حيث قتل آلاف الأبرياء ويشرد الآن مليون ونصف المليون إنسان سوري.

ثم يطالب أنان بإدخال إيران إلى طاولة التفاوض حول مستقبل سوريا، هذا مقبول لو كان الهدف إقناع نظام الأسد بإجراء إصلاحات، لكننا تجاوزنا هذه المرحلة وبات الحل الوحيد التوجه نحو حل سلمي ينهي النظام الحالي بأقل قدر من الضرر، وهذا أمر لن تلعب فيه إيران دورا إيجابيا. وربما يكون لها دور مستقبلي إن أثبتت حسن تصرفها لاحقا بالتعاون مع النظام البديل.

ثم يتبنى أنان موقف روسيا في مساندتها رفض التدخل لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الأسد، حيث يقول إنه تم خداع روسيا والصين في ليبيا بتبني مبدأ «مسؤولية الحماية» للمدنيين وتحول إلى عملية لتغيير نظام القذافي. وتناسى أنان الظروف المحيطة بالقرار الدولي، فقوات القذافي كانت فعلا تقوم حينها بعمليات تشابه ما تفعله قوات الأسد اليوم، من قتل وتدمير وتشريد لمئات الآلاف من الناس. وبالتالي لم يكن القذافي جالسا في بلد آمن، بل كانت ليبيا في حمام دم لا بد من إيقافه حماية للمدنيين، ولولا قرار مجلس الأمن تلك الليلة لكانت قوات القذافي قد دمرت مدينة بنغازي المحاصرة.. هذه حقيقة وليست حيلة.

إن التدخل الدولي في سوريا بات ضرورة لحماية الشعب السوري، وضرورة لحماية المنطقة، واستباقا لوقف تفكيك تلك المنطقة إلى دويلات، ومنعا لظهور جماعات إرهابية في فراغ انهيار نظام الأسد.

=================

بشار الأسد وشعب سوريا

الشرق الاوسط

عطا الله مهاجراني

7-9-2012

أجرت الصحيفة التركية «جمهورييت» مؤخرا مقابلة مع الرئيس بشار الأسد، التي فسر فيها الأوضاع الحالية في سوريا من وجهة نظره الخاصة. بداية، كان أمرا لا يمكن تصديقه بالنسبة لرئيس مثل بشار الأسد، أن يتحدث أحد أنصاره في البرلمان السوري زاعما أن سوريا والمنطقة لا تكفيان بشار، وأنه يجب أن يحكم العالم بأسره! وجعلني هذا أسترجع مقولة شهيرة لنابليون بونابرت. قال بونابرت إن كل شخص يمكنه ترويض زوجته، فهو قادر على ترويض دولة بأكملها، لكن كل شخص بإمكانه إدارة شؤون نفسه، بإمكانه إدارة شؤون العالم أجمع!

من الواضح جدا أن بشار عاجز عن إدارة سوريا. وهو يدعي أن السواد الأعظم من المتظاهرين قد خرجوا إلى الشوارع لأجل المال! يقول: «المخطط ضد سوريا مر بثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى هي مرحلة المظاهرات.. جزء كبير من هذه المظاهرات كان مدفوعا.. في بداية الأزمة كان سعر المتظاهر عشرة دولارات.. الآن أصبح 50 دولارا أو مائة دولار حسب المنطقة ولكن كانوا يتوقعون أن يكون هناك فعلا ثورة حقيقية من خلال المظاهرات وثورة سلمية، كما حصل في مصر وتونس، حتى شهر رمضان الماضي فشلوا في تلك المرحلة.. انتقلوا بعدها لخلق مناطق في سوريا تسيطر عليها العصابات المسلحة بشكل كامل على طريقة بنغازي في ليبيا؛ فجرب الجيش هذه المحاولة التي استمرت حتى شهر مارس (آذار) الماضي حيث فشلوا في المرحلة الثانية.. فانتقلوا لعمليات الاغتيال الفردية وارتكاب المجازر بحق المدنيين، بالإضافة لمهاجمة مؤسسات الدولة بالمتفجرات».

يعتبر هذا النوع من التبرير شهيرا جدا. قبيل اندلاع الثورة في إيران، عندما كان المتظاهرون يخرجون إلى الشوارع والميادين بأعداد ضخمة، أشار رئيس الحكومة العسكرية (الجنرال أزهري) إلى أن هؤلاء الأفراد أتوا من دول أخرى. وحينما كان الناس يرددون صيحة الله أكبر كل ليلة من أسطح المنازل أو من خلف النوافذ، زعم أن تلك الأصوات منبعثة من أجهزة تشغيل أشرطة الكاسيت!

وبعد اندلاع الثورة، حينما بدأ بعض الكتاب والصحافيين في انتقاد الحكومة، قال آية الله جناتي، الإمام الذي كان يؤم المصلين في صلاة الجمعة، إنهم قد تلقوا 20 مليون دولار من أميركا. وفي مصر، بدا واضحا أن أحمد شفيق قد فاز بأكثر من 10 ملايين صوت، غير أن معارضيه ادعوا أنه دفع مبلغا ضخما من المال للمصريين كي يصوتوا لصالحه. يمكننا أن نجد كثيرا من الأمثلة المماثلة. وهذا يعني أن الحكومات تعتقد دائما أنها تنتهج المسار الصحيح، بينما ينتهج الشعب المسار الخاطئ.

في خمس دول، كنا نواجه خمسة أنواع مختلفة من الأساليب فيما يتعلق بالمنهج الذي اتبعته الحكومات في التعامل مع شعوبها. في تونس، في أعقاب قيام محمد بوعزيزي بإحراق نفسه موقدا شرارة مظاهرات عارمة اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) 2010، فر بن علي إلى السعودية. لقد أدرك بن علي وإدارته أن الشعب لم يقبل حكمه، ومؤخرا، تقدم هو وزوجته، ليلى الطرابلسي، باعتذارهما لأسر الضحايا في تونس، وطلبا من الشعب الصفح عنهما.

وفي مصر، استغرقت عملية خلع حسني مبارك وقتا أطول، مما أسفر عن سقوط عدد هائل من الضحايا المصريين في ميدان التحرير. وبعد 18 يوما، أعلن مبارك تخليه عن منصبه.

وفي اليمن، أعلن عبد الله صالح، أنه سيظل في منصبه حتى نهاية مدة رئاسته، وقتل كثيرا من اليمنيين. وفي ليبيا، استخدم العقيد القذافي القذائف ضد شعبه، وادعى أن المتظاهرين يتعاطون عقاقير هلوسة. رأيناه في آخر أيامه، وشاهدنا بأعيننا ما حدث له. كل هؤلاء الحكام استخدموا مفردات متشابهة وأساليب خطاب متقاربة. ووجهت الاتهامات إلى شعوب مصر وتونس واليمن وليبيا جميعها بأنها قد وقعت ضحية لخداع من قبل دول أجنبية، بتلقي دولارات أميركية، إلى ذلك من الاتهامات الأخرى المشابهة.

إن أسلوب تعامل سوريا مع شعبها في الوقت الراهن يعد أسوأ رد فعل على احتجاجات شعبية. كانت ليبيا حكومة ودولة مستقلة بذاتها، وكان القذافي هو زعيم قبيلته، كان موقفه وأفعاله والخطاب الذي استخدمه غريبا. على الجانب الآخر، درس الأسد في المملكة المتحدة، ولا يبدو شخصا أحمق، ولهذا يظهر على السطح سؤال، ألا وهو: لماذا يدعي أن شعبه يتلقى 10 دولارات أو 50 أو 100 دولار نظير المشاركة في مظاهرات ضد نظامه؟ ألم يدركوا أن النظام يستخدم المدفعية في قصف مدنهم ومنازلهم؟ لماذا يفر أفراد الشعب إلى تركيا ولبنان؟ هل الإقامة في مخيمات اللاجئين أسهل بالنسبة لهم؟ كل هذا يوضح أننا ندور في حلقة مفرغة إذا ما حاولنا فهم موقف وسلوك النظام السوري، أو على الأقل بشار الأسد، في ضوء تسليمنا بأنه صانع القرار الرئيسي في سوريا. أعتقد أن بشار الأسد في أضعف فترات حياته وحكمه؛ أولا: يظن أن شعبه يتلقى دولارات من أجل المشاركة في المظاهرات، ثانيا: يعتقد أن سوريا في أفضل حال ممكن!

لدى ديفيد أوين كتاب مهم يحمل اسم «في المرض وفي السلطة». وفي هذا الكتاب، يركز على الأمراض الجسدية التي أصيب بها حكام الدول المختلفة، مثل شاه إيران والرئيس الفرنسي ميتران، اللذين توفيا جراء إصابتهما بمرض السرطان. لكني بصفة شخصية أعتقد أن المرض العقلي أسوأ تأثيرا. فالقذافي لم يكن مصابا بمرض جسدي، لكنه كان مجنونا بلا شك. والرجل المجنون يخالجه اعتقاد قوي بأنه محور العالم. إنه أيقونة الحقيقة. رأيت عنوانا فرعيا باللغة العربية على شاشة التلفزيون السوري. كان مأخوذا من زعم بشار الأسد أن النظام السوري يسير على النهج الصائب.

ليس ثمة أدنى شك في أن بشار الأسد سوف يعثر على الحقيقة في المستقبل، وسوف يعتذر في نهاية المطاف للسوريين، ولكن ذلك سيكون بعد فوات الأوان.

الآن قد ندمت وما ينفع الندم!

=================

إيران والنظام الأسدي: حلف غير مقدس

عكاظ

عبدالله السلطان

9-7-2012

اتحدت مصالح فرس إيران ومصالح الرئيس بشار الأسد من منطلق طائفي وعرقي، وتبعا لذلك اتحدت رؤاهم واستراتيجياتهم ضد العرب، خاصة أهل السنة، فتحالف الطرفان ضد الشعب السوري وثورته، وتوحد شبيحة بشار وجيشه وأمنه مع مليشيات إيران (الباسيج وفيلق القدس ...) لإحباط انتفاضة السوريين السلمية، التي لولا الظلم والطغيان الذي مارسه الرئيس حافظ الأسد وابنه بشار لعقود على السوريين لما قامت ثورتهم.

في البداية واجه بشار الانتفاضة بالقمع مقلدا الأسلوب الإيراني في التعامل مع التظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح. لكنه تفوق في شن حملات التطهير العرقية والطائفية، وإقامة المجازر، وضرب الأرياف والقرى والمدن بالأسلحة الثقيلة: الدبابات والمدافع والطائرات، مما جعل الآلاف من السوريين الناجين يفرون للدول المجاورة خوفا من الموت.

فبدلا من حمايتهم فتك بشار ونظامه بهم وشردهم. فأصبحت جرائم بشار ضد السوريين الأبرياء، بكل المقاييس، جرائم ضد الإنسانية، وترقى لإحالتها للمحكمة الجنائية الدولية. فماذا بعد إقامة المجازر تلو المجازر ضد السوريين الأبري، ولازالت مستمرة؟.

يبدو أن بشار أخذ المشورة والأسلوب الروسي في مساواة المدن السورية بالأرض كما فعلت روسيا في مدينة غروزني عاصمة الشيشان. وروسيا، لها مصالح خاصة بها في سوريا: عسكرية واقتصادية وسياسية...، كذلك من مصلحة روسيا الوقوف بجانب بشار ونظامه لخوفها، كما قال وزير خارجيته، سيرغي لافروف، من وصول الإسلاميين إلى حكم سوريا.

ولتزييف الحقائق والتشويش على ما يجري في سوريا، صدرت تصريحات إعلامية سورية شملت الاتهامات بأن من وراء أعمال العنف إرهابيون، ومرات أخرى من وراءها متطرفون إسلاميون، أو عملاء لدول أجنبية...، كما اتهمت القاعدة بأعمال العنف الجارية في سوريا، مع العلم أن بشار ونظامه هم الذين سمحوا سابقا للقاعدة بعبور الحدود السورية للعراق.

وما قام به جيش بشار وأمنه وشبيحته ومرتزقة حزب الله وإيران من أعمال عنف ضد السوريين الأبرياء يزيد على ما يمكن تصوره من أعمال قامت بها القاعدة في أي مكان.

وأخيرا، صدرت تصريحات النظام الأسدي وإيران وحزب الله على السواء بأن الصراع السوري طائفي وذلك لصرف نظر الرأي العام العربي والدولي عن انتفاضة السوريين السلمية. وإصرار بشار وأعوانه على العامل الطائفي يراد به من جانب آخر تخويف الأقليات السورية كي تنضم لمعسكره بدلا من أن تتعاطف مع المتظاهرين.

هذا مع أن البعد الطائفي، إلى جانب مصالح أخرى، دفع إيران وبقوة للوقوف بجانب بشار والتحالف معه بسبب طائفته وبسبب الرغبة من جانبها في استثمار هذه العلاقة الطائفية لتحقيق مطامعها السياسية والقومية.

ومن ذلك التعمق في لبنان وغزة ومصر إلى جانب الرغبة في الإطلال على البحر الأبيض المتوسط.

ومهما تلقى بشار من دعم إيراني وروسي وغيره فلا يمكن إيقاف الثوار السوريين دون نيل حقوقهم، ولا يمكن لبطشه بهم أن يستمر، ولا أن يكتب لنظامه البقاء، وكما يروى أن الإمام علي بن أبي طالب رضي عنه قال: «إن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم» ، ولا بد من نهاية للحلف غير المقدس لبشار والإيرانيين الفرس.. والله أعلم.

=================

المجتمع الدولي والمسؤولية العاجلة لحماية السوريين

الوطن القطرية

التاريخ: 09 يوليو 2012

تزداد معاناة الشعب السوري وسط استمرار النظام في اتباع سياسة القمع، دون أن يحفل بتواتر الإدانات الإقليمية والدولية ضده، لأزيد من عام كامل.

ويوميا، تحمل الأنباء المزيد من التصريحات التي تحذر من مغبة بقاء الأوضاع في سوريا على ما هي عليه، وسط تعرض المدنيين لقتل مبرمج تنفذه آلة القمع العسكري والأمني للنظام. وفي هذا السياق، فقد حذرت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية، أمس، الحكومة السورية من «هجوم كارثي»، قائلة إنه «كلما أمكن إيجاد نهاية أسرع للعنف، وبداية لعملية تحول سياسي، فلن يقل عدد القتلى فحسب، بل ستكون هنالك ثمة فرصة لإنقاذ سوريا من هجوم كارثي، سيكون خطيرا للغاية، ليس على سوريا وحدها لكن على المنطقة».

إن الأزمة بكل أبعادها الأمنية والإنسانية في سوريا، تتفاقم يوما بعد يوم. ووسط هذه الحالة غير المقبولة، فلابد من أن تتكثف الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى الحلول المنشودة للأزمة، بالشكل الذي يقوم على تأمين الحماية للمدنيين في سوريا وتحقيق تطلعات الشعب السوري في اختيار النظام السياسي الذي يريده، في إطار من الحرية والديمقراطية.

إن كافة المؤشرات، تؤكد بأن إفساح المجال للنظام السوري للاستهتار بمتطلبات حل الأزمة، سيخلف المزيد من المجازر الدموية في سوريا، إذ إن النظام يظن بأنه يستطيع أن يواصل مراوغته، لكل ما يصدر عن الشرعية الدولية من قرارات، تطالبه بوقف العنف، ووقف استهداف المدنيين. ومن هذا المنطلق، نرى أنه بات ضروريا أن يقوم المجتمع الدولي بالدور المناط به، لوقف مجمل المآسي الإنسانية الراهنة التي يتعرض لها الشعب السوري، بصورة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية.

=================

بوتين والقبض على الماء والنار بيد واحدة!

الحياة

جورج سمعان

الإثنين ٩ يوليو ٢٠١٢

أول ما يلفت في مقاطعة روسيا والصين «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» في العاصمة الفرنسية، هو أن اتفاق جنيف الذي أبرم قبل أسبوع بين الدول الخمس الكبرى وممثلين عن الأمم المتحدة والجامعة العربية وتركيا والعراق، لم يكن اتفاقاً. لو كان كذلك لكان يفترض ألا يعقد مؤتمر باريس. أو على الأقل لكان على المقاطعين أن يحضروا، وفي مقدمهم السيد كوفي أنان الذي لم يجد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد عذراً لغيابه «المعيب»!

في أي حال لم يكن السوريون ينتظرون مؤتمر «الأصدقاء» ليعرفوا أن ما توصل إليه لقاء جنيف ولد ميتاً. ألا تكفي كثرة التفسيرات المتناقضة التي تولاها موقعو الاتفاق بعد دقائق من ارفضاضه. كأنه لم يكن! ولو كانت روسيا مهتمة بمصلحة الشعب السوري ولا تدعم النظام، كما تكرر، لكان عليها أن تحضر لتشرح للسوريين و «أصـــدقائهم» كيف تحرص على مصلحة هذا الشعب لعلهم يقتنعون... أو يقنعونها. ولو كانت الإدارة الأميركية مهتمة بوقف إهدار الدم السوري لكان عليها مقاطعة جنيف وحتى باريس، فلا تكتفي بما تكرره السيدة هيلاري كلينتون من تصريحات منذ أشهر.

ومثلها «الأصدقاء» الذين حضروا مؤتمر باريس. لم يكفوا عن مناشدة الرئيس فلاديمير بوتين التخلي عن النظام في دمشق ورأسه، أو مناشدته الحفاظ على مسحة أخلاقية في سياسته الخارجية. لقد فات هؤلاء أن يتذكروا ما يفعله الزعيم العائد إلى الكرملين بخصومه. لم يتردد لحظة في زج عشرات الصحافيين ورموز المعارضة المتنامية لإدارته في السجن. لم يرأف بخصومه في الداخل فلماذا يرأف بالمعارضة السورية مهما بلغ حجمها واتساعها، ومهما علا صوتها وكبرت تضحياتها؟ لم تتورع حكومته قبل ثلاث سنوات عن تفكيك جورجيا واقتطاع أبخازيا وأوسيتيا وإخراجهما من سلطة تبليسي، فلماذا يستمع إلى التحذيرات من تفكك سورية وتفتيتها؟

صحيح أن مؤتمر باريس الذي ضم ممثلين لأكثر من مئة دولة يبعث برسالة قوية إلى دمشق وموسكو وبكين. ويؤسس لاحتمال تحرك أممي واسع خارج إطار الأمم المتحدة، إذا فرضت التطورات ذلك مستقبلاً أو تعثرت الصفقات. وهو ما يقلق روسيا التي تشدد على وجوب التحرك في إطار المنظمة الدولية ومواثيقها. لكن الصحيح أيضاً أن الأميركيين والأوروبيين يكتفون بمناشدة روسيا التخلي عن نظام الرئيس بشار الأسد. ويكررون أن وجهتهم هي مجلس الأمن، من دون التلويح بأي «سلاح» يمكنهم من دفع الكرملين إلى التفكير في تبديل موقفه. هكذا، كأنهم يرتاحون إلى الوقوف بباب المجلس في انتظار أن تتلطف موسكو بفتحه! مع العلم أن هذه تدرك في قرارة نفسها، كما يدرك كل الذين يقفون خلف النظام في دمشق استحالة بقاء هذا النظام.

إزاء هذا الوضع قد يهدر وقت طويل قبل أن يتوقف هدر دماء السوريين. قد يستغرق حوار الطرشان الدوليين، أو الحوار الروسي - الأميركي، وقتاً يفاقم تعقديات التسوية، فيما العنف المتصاعد يستدرج «القاعدة» وأخواتها إلى ساحة مفتوحة، كما نبّه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري. وهذا ما يحوّل الأزمة السورية كتلة من التعقيدات. إنها ساحة مفتوحة لشتى أنواع الاشتباكات والتدخلات... وشتى أنواع الصفقات. باتت جزءاً أساسياً من شبكة العلاقات الدولية المعقدة تعقيداً يتجاوز قدرة الأطراف السوريين على دفع المجتمع الدولي، خصوصاً موسكو وواشنطن إلى تغيير موقفيهما.

سعت موسكو ولا تزال إلى الإمساك الكامل بالورقة السورية، إمساكاً يعزز حوارها أو صراعها مع الولايات المتحدة. لأن امتلاك المفتاح السوري يعني امتلاكاً لشبكة معقدة من العلاقات والمصالح في المنطقة كلها. لذلك، حاول الرئيس بوتين في جولته الأخيرة على المنطقة أن يثبت ما يمكن تسميته «مثلث» مصالح لروسيا، من طهران إلى تــــل أبيب – رام الله فدمشق. وهو يــــدرك أن سقوط سورية في يد تركيا يعني أن حلف «الناتو» بات يطوق بلاده في هـــــلال واسع يمتد حتى دول الخليج، فضــــلاً عن شمال أفريقيا بعد التغييرات التي أفرزها «الربيع العربي» في كل من مصر وليبيا وتونس. مثلما يدرك أن سقوط هذه الورقة في يد إيران يخل بموقع روسيا في هذا الإقليم، ويضعف موقفها حيال أميركا.

ولا جدال في أن موسكو تضع العلاقة مع واشنطن فوق أي اعتبار. وستستخدم بلا تردد الورقة السورية في حوارها أو صراعها معها. تماماً كما فعلت في السنوات الأخيرة في الملف النووي الإيراني. لذلك، لم تخل علاقاتها بطهران من اضطراب وذبذبة. ويعود ذلك بالطبع إلى أن إيران لا يمكنها الانضواء تحت جناح موسكو لتغادر عباءة الخميني وشعار ثورته «لا شرقية ولا غربية».

يدرك الرئيس بوتين أيضاً أن دور طهران في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لا يقل أهمية عن دور أنقرة في هذه المنطقة الشاسعة. ولا يمكنه بالطبع أن يتغاضى عن تمدد تركيا نحو قلب الجهوريات السوفياتية السابقة فضلاً عن القوقاز والشيشان وغيرهما مما كان له صلة بالإمبراطورية العثمانية. لأن ذلك يضع هذا التمدد في خانة «الناتو». بينما تحاول إيران عبر هذا الانتشار أن تعزز مرحلياً على الأقل موقعها في مواجهة الغرب، حواراً أو صراعاً. وبالتالي سيكون من السهل على موسكو التفاهم معها في هذه المنطقة ما دامت طهران تحتاج إليها سنداً دولياً وازناً في الدوائر الدولية.

لا يعني ذلك أن روسيا لا تقيم اعتباراً للمواقــــف العربية. لقد توقفت أمام غضب دول الخلــــيج من سياستها في سورية. وحاولت وتحاول أن تجد أعذاراً لهذه السياسة. صحيح أنها تعتمد على إيران في تلك المنطــــقة وعلى قدرتها في إزعاج جيرانها وتهديدهم. لكن الصحيح أيضاً أنها تدرك حجم الخسائر التي قد تلحق بها إذا بالغت في دعم سياسات طهران حيال جيرانها. وقد تتضرر علاقاتها مع الدول العربية، فضلاً عن أميركا وأوروبا... وإسرائيل. ولكن ما دام أن روسيا عاجزة عن مجاراة الولايات المتحدة في تمددها العسكري وانتشارها في كل البحور، خصوصاً في الخليج والمحيط الهندي وحتى بحر الصين، ناهيك عن المتوسط. لذلك، لا بأس في أن تعتمد مرحلياً على الجمهورية الإسلامية وسورية في محاولة لمواجهة هذا الانتشار وعرقلته وإزعاجه، إن لم تكن قادرة على بناء توازن استراتيجي مع الدولة العظمى.

ولكن تجدر الملاحظة هنا أن روسيا أثبتت في الصراع على الملف النووي الإيراني أنها تعارض صراحة امتلاك الجمهورية الإسلامية الســـــــلاح النووي. وهذه نقطة خلاف جوهرية سببت في السنوات الأخيرة صراعاً مكشوفاً بين البلديــــــن لم تتــــردد طهران في سوق اتهامات إلى موسكو بأنها تذعن لرغبات الأميركيين. إن امتلاك الجمهورية الإسلامية هذا السلاح سيخل بميزان القوى في المنطقة. ويضر ليس بمواقع الغرب فحسب بل بدور روسيا ومصالحها أيضاً. ولا يغيب عن بال بوتين أيضاً أن بناء علاقات بين طهران وواشنطن مستقبلاً سيكون في النهاية على حساب مصالح بلاده وعلاقاتها بالمنطقة. من هنا، إن التعامل الروسي مع طهران يقوم على وزن كل خطوة بميزان دقيق وحساس.

في المقابل باتت الإدارة الأميركية الحالية تحاذر في تعاملها مع موسكو إغضابها أو إثارتها في قضايا حساسة كالأمن القومي، من الدرع الصاروخية إلى تمدد «الناتو» نحو الجمهوريات الإسلامية. وتهادنها في الأزمة السورية. وتخشى دفعها إلى موقف متصلب في الملف النووي الإيراني. فتخسر دعمها... وتدفع إيران إلى الاستئثار بالورقة السورية. ذلك أن تغيير النظام في دمشق وليس رحيل الأسد وحده، يمكّن في ضوء الخريطة القائمة، الضغط على طهران وشل نفوذها في لبنان وتهديد حضورها في العراق. ويقود أيضاً إلى إضعاف روسيا ويهدد وجودها ومصالحها في المنطقة.

والسؤال المطروح هو هل ينجح سيد الكــــرملين في تثبيت علاقته بهذا المثلث من أجل تحقيق تطلعاته وأحلامه السياسية؟ إن تحقيق هذا الهدف رهن بالقـــــدرات العسكرية والاقتصادية لروسيا والتــــــي لا يبــــــدو أنها تشكل رافعة كافية. فإذا كانت العلاقــــــــات مع كل من إيران وســـــورية مشوبة بأخطار ومحاذير جمة، فإن بناء علاقـــــات مع إسرائيل تستند إلى هذه الكتلة الكبيرة من اليهود الروس المهاجرين لن يطمئن إيران من جهة. ولن يهدئ، من جهة أخرى، من مخاوف تل أبيب حيال طهران، شريكة روسيا مرحلياً في المواجهة مع الولايات المتحدة. كما أنه من ناحية ثالثة لن يساعد بوتين في أداء دور كبير في التسوية مع الفلسطينيين، في وقت ترجح كفة «حماس» على السلطة ومنظمة التحرير رجحان كفة «الإخوان» في مصر... وغير مصر، ورجحان كفتهم تالياً في أي تسوية للقضية الفلسطينية. أما مغازلة الأردن الذي ينأى بنفسه عن التدخل في الأزمة السورية فسيظل قاصراً عن التأثير في العلاقات التي تربط عمان بعواصم الخليج الغاضبة من الموقف الروسي. وفوق هذا وذاك لا يمكن موسكو أن تعادي الإسلام السياسي في العالم العربي، وتحالفه وتهادنه في الجمهورية الإسلامية. بالتالي لا يمكن بوتين حيال هذه المعطيات والوقائع أن يقبض على الماء والنار بيد واحدة! فإلى متى يصمد هذا المثلث الروسي؟

=================

الأردن والنار والربيع

الحياة

غسان شربل

الإثنين ٩ يوليو ٢٠١٢

فاجأت الأزمة السورية الدول المجاورة. فاجأتها باستمرارها وعمقها ومشاهدها المروّعة وأخطارها وحجم ضحاياها. كانت الدول المجاورة تعتقد أن النظام السوري صارم ومحكم ومستقر. وأن القلعة التي يزيد عمرها على أربعة عقود لن تسمح للعاصفة ان تهب من داخلها وتتلاعب بحجارتها. نام النظام على حرير الاعتقاد انه قادر على «وأد الفتنة في مهدها». روّج دائماً ان التهديد يأتي من الخارج. ويأتي في صورة «مؤامرة» لمعاقبة النظام على نهجه الممانع. لم يحسن الالتفات الى الأجيال الجديدة التي سارعت الى رفض القاموس القديم. راهن على مواقفه الثابتة في الخارج وراهن على الآلة الأمنية الصارمة في الداخل. لم يلتقط أن الحزب تقاعد بعدما نخرته شبكات الأمن والمصالح. وأن التقارير عمقت المسافة بين الناس ومركز القرار.

بالغ النظام في الرهان على عائدات السياسة الخارجية. عائدات النجاح في المساهمة في إفشال الغزو الأميركي للعراق. وعائدات النجاح في استيعاب الاضطرار الى سحب القوات السورية من لبنان في ختام أطول وحدة عربية إلزامية. وعائدات النجاح في العودة الى الساحة الدولية بنصائح تركية ودعم قطري ومشاركة فرنسية وتشجيع سعودي. قطف النظام النجاحات وامتنع عن تسديد الأثمان المطلوبة في الخارج والداخل معاً. وكانت الأثمان المطلوبة هي قدر من الاعتدال في الخارج وقدر جدي من الانفتاح في الداخل. لهذا اندفع النظام الى مواجهة عاصفة الاحتجاجات بعدما خسر صمامات الأمان التي كانت توفرها له علاقاته بعواصم الاعتدال في الإقليم وخارجه.

سورية لا تشبه تونس. ولا تشبه ليبيا. ولا يمكن عقد المقارنة مع مصر. تركيبتها مختلفة وحساسة ونظامها مختلف وموقعها أيضاً. سورية شديدة الارتباط بشرايين الدول المجاورة لها. نارها تنذر بالفيض. للتغيير فيها أثمان كما للحرب الأهلية الطويلة.

في ليل عمّان تهجم عليك المشاهد السورية. قاسية وجارحة وخطرة ومحزنة.

والأردن محكوم أيضاً بالتعايش مع الحريق السوري ومع «الحراك الشعبي» في شوارعه. لكنك لا تشعر في عمّان بأن البلد موعود بانهيار. لم تسقط السلطات الأردنية في إغراء القمع. لم تسمح بتحويل نهارات الجمعة الى أيام منجبة للجنازات. لم تخاطب المحتجين بالرصاص ولم تعتبرهم عصابات مسلحة.

التقطت السلطات الأردنية رسائل الشارع، أو بعضها على الأقل. حاولت تحويل المشكلة الى فرصة. اعتبرت ان الرد على رياح «الربيع العربي» يكون بالذهاب أبعد في الإصلاح السياسي الذي نجحت قوى من داخل النظام في لجمه في السنوات الأخيرة. اعتبرت أن الحديث عن مكافحة الفساد يجب أن يترجم عملياً وأن المؤسسات يجب أن تحظى بالحصانة وأن يتسم عملها بالشفافية. رأت ان المخرج من غليان الشارع يكون بترك الأردنيين يقولون كلمتهم في انتخابات نزيهة وشفافة. تتعامل مع «الإخوان» بوصفهم جزءاً من النسيج الوطني. تحاول استدراجهم الى المشاركة في الانتخابات من دون السماح لهم بإملاء قواعد اللعبة وبما يفوق حجمهم التمثيلي.

في مكتب الملك عبدالله الثاني يسمع الزائر أن قرار الإصلاح نهائي ولا عودة عنه. وأن الانتخابات المرجحة في نهاية العام ستكون نزيهة وشفافة. ويسمع الزائر كلاماً مشابهاً في المواقع الأخرى المؤثرة. ويخالط الكلام على الربيع كلام على الوضع الاقتصادي الصعب وتقدير للدور الذي لعبته السعودية في السنوات الأخيرة في منع الاقتصاد من الاختناق.

عمّان تنتظر. لكنها تنتظر في ظل حكومة قادرة على الاجتماع ومؤسسات عسكرية وأمنية متماسكة، وفي ظل اقتناع الأردنيين بأن إصلاح النظام ضروري وبأن إسقاطه غير وارد، لأنه مجازفة تفتح بوابات التفكك والحرب الأهلية. في المقابل الانتظار اللبناني مفتوح على الهاوية.

كان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في عمّان يزور ويستقبل. ذهبت اليه. اعتدت في السنوات الماضية على زيارته في دمشق. غيّر الربيع العربي أشياء كثيرة. وصار باستطاعة مشعل أن ينام في عواصم عدة.

=================

انشقاق مناف طلاس.. الانحدار نحو الهاوية

د. محمد جميعان

2012-07-08

القدس العربي

 العميد مناف مصطفى طلاس الذي انشق عن النظام السوري هو قائد لواء الطوق الداخلي في الحرس الجمهوري الذي يؤمن حراسة الرئيس وتحركاته مباشرة، وقد كُلف مؤخرا بالاضافة الى واجباته الاساس بعمليات قمع الثورة والمظاهرات الشعبية في العاصمة دمشق وتأمين حالة الاستقرار مهما كلف الثمن بحسب تقارير اخبارية.

ليس ذلك وحسب، بل يعتبر شريكا في الحكم ايضا، اذ انه ابن وزير الدفاع السوري الاسبق العماد مصطفى طلاس الذي وفر الغطاء الشعبي والسياسي فضلا عن العسكري للنظام باعتباره 'سنيا' ومن ابناء محافظة حمص ومن الرستن بالذات التي هي معقل المعارضة منذ المجازر الاولى في حماة وحلب وحمص والتي تتعرض الآن لأبشع الجرائم على يد النظام، كما وفر طلاس الحماية العسكرية والامنية ايضا لعائلة الاسد على امتداد حكمها منذ تولي الاب حافظ الاسد الحكم،

يعتبر مناف الابن المدلل لعائلة الاسد،ويبلغ من العمر (48) سنة،وهو صديق شخصيا ومقربا جدا للرئيس بشار، وكثيرا ما ظهر مناف برفقة بشار في زيارات وجولات شخصية في سوريا وله معه صور منشورة على النت..

هناك من يحاول ان يهون او يبسط الدلالات ومن ثم النتائج لهذه الحادثة، ولا غرابة في ذلك فهو اما من عملاء النظام السوري نفسه او شركائه او من المستفيدين منه او المحسوبين عليه، ويرون في أية دلالات على سقوطة بمثابة السرطان الحاد الذي يسري في اجسادهم ويقتلهم وهم ينتظرون.

وهناك من يظهر خطورة انشقاق مناف ولكنه في سياق الدفاع عن النظام نفسه، ويعتبر ان هذا الانشقاق بمثابة ضربة موجعة وخطيرة للنظام ولكنها ليست قاتلة، ولا تعطي دلالة على قرب سقوطه، وهؤلاء يحاولون تصبير النظام على البقاء والمحافظة على ما تبقى من معنويات لدى راس النظام والمحيطين به، من منطلق ان لا يستبقوا الاحداث سيما ان النظام يحظى بدعم قوى خارجية متعددة من الصين الى روسيا الى ايران الى الهند، وهي تحاول ان تحافظ على هيكل النظام حتى وان تداعت احشائه ومكوناته ولهم في ذلك مصالح وسياسات ومكاسب يستميتون في المحافظة عليها.

ولكن مضامين الرسالة الموقعة باسم العميد مناف طلاس التي وصلت الى وكالة فرانس برس تضع النقاط على الحروف وتوضح وتؤكد ان طلاس غادر سوريا بعد ان اصبحت حياته وحياة عائلته مهددة بالخطر نتيجة التداعيات وتفكك النظام وعدم سيطرته على البلاد، ووجه طلاس، بحسب الرسالة، شكره الى 'كل من مكنوني من مغادرة الأراضي السورية التي أصبحت فيها حياتي وحياة أقاربي مهددة وفي خطر' ودعا 'العسكريين مهما تكن رتبهم والذين ينجرون في قتال ضد شعبهم ومبادئهم الى عدم تأييد هذا المسار المنحرف..'

موقع الرجل الذي كان يشغله وطبيعة عمله وقربه وصداقته بالرئيس اتاحت له ان يطلع مباشرة على الحالة النفسية والمعنوية المتردية للرئيس نفسه، والتي بدورها اثرت على مناف نفسه وجعلته يسارع الى هذا الانشقاق، كما اتاحت له الاطلاع على تقارير يومية استخبارية وسياسية وعسكرية حول تقديرات الموقف الامنية والعسكرية والحالة السياسية والتقديرات المتداعية والمتوقعة والمستقبلية جعلت الرجل يستشعر الخطر ويحزم امره بالمغادرة، رغم ادراكه التام انه لن يجد مرتعا ودلالا كما لقيه في ظل حكم الاسد المنهار، ولكن حياة الانسان وشعوره بالخطر تجعله بالطبع يطوي كل حسابات اخرى تتعلق بالرفاهية.

لقد غاب عن البعض ان الحقائق لا يمكن حجبها، سيما ان الامر لا يتعلق برتبة او منصب ولكنه يتعلق بالشركاء التاريخيين والفاعلين والداعمين للنظام، وان انشقاق مناف له دلالة واضحة واكيدة على ادراك الرجل ويقينه ان بقاء الاسد ونظامة مسألة وقت قصير، وان الانهيار متوقع في اي لحظة، وان الرجل اراد ان يأمن على نفسه قبل ان تهدد حياته وحياة عائلته بالانهيار المفاجئ..

واذ جاز لي ان اقرب المسألة في الاذهان واصف الانشقاق بايجاز ساقول؛ ان دلالات وتأثيرات وتداعيات انشقاق مناف مصطفى طلاس على النظام السوري تمثل مفصل الانحدار السريع نحو الهاوية .

=================

مؤتمرات تتاجر بالشعب السوري

2012-07-08

القدس العربي

 د. عوض السليمان

بعد عام سيكون الوضع على الأرض قد تحسن، هكذا أنهى كوفي عنان تصريحه بعد انتهاء مؤتمر جنيف حول سورية. لم يعد السياسيون يخجلون من دماء الشهداء. فالمبعوث الأممي - العربي الذي أعطى الأسد سابقا مهلة ثلاثة أشهر ليطبق خطته ذات النقاط الست، والتي لم يطبق بشار منها كلمة واحدة، يعود اليوم ليمنح قاتل الأطفال سنة كاملة يمعن فيها بالتذبيح.

جاء البيان الختامي للمؤتمر المشؤوم ضبــــابياً وغير واضــــح، ولا شك أن المؤتمرين قصدوا ذلك في سبيل أن يفسره كل طرف على الوجه الذي تقتضيه مصالحه السياسية. وقد بدا ذلك واضحاً عند مناقشة تنحي بشار الأسد، فبينما أشار وزير الخارجية الفرنسية فابيوس، إلى أن نـــص مقترحات عنان التي تم التوافق عليها تلمح إلى ضرورة تنحي الأسد، استغرب لافروف هذه الأقوال، مؤكداً أنه ليس هناك ما يشير إلى تنحي بشار على الإطلاق.

وأياً يكن من أمر فإنه يبدو اضحاً للعيان، أن مؤتمر جنيف قد جاء مباشرة بعد لقاء بوتين بنتياهو وقبل اجتماع مؤتمر أصدقاء سورية الذي سيعقد في باريس في السادس من الشهر الجاري.

بالنسبة للقاء بوتين بنتنياهو، فيبدو أن هناك خطوطاً مشتركة عميقة بين الطرفين العدوين للشعب السوري. فروسيا تخاف من المد الإسلامي المتنامي في المنطقة، كما عبر عن ذلك لافروف صراحة عندما حذر من تعاظم دور السنة واشتداد شوكتهم، ولا يخفى على أحد أن الكيان الصهيوني يعيش رعباً حقيقياً بعد صعود التيار الإسلامي في تونس وليبيا وخاصة في مصر، ولا يريد أن يكون بأي حال محاطاً بالإسلاميين من جميع جهاته. أضف إلى ذلك فإن 'إسرائيل' لن تجد حامياً لحدودها كبشار الأسد، الذي حافظ على مخططات والده التي تقضي 'السلام مقابل الكرسي'. فكلنا يعلم أن بشاراً وأباه، لم يعكرا صفو الكيان الصهيوني ولو مرة واحدة منذ عام 1973، بل ولم يطلقا طلقة واحدة باتجاه الجولان المحتل. وبالطبع فإن هذا يناسب ليس روسيا فحسب بل 'العالم المتمدن' الذي يسمح لبشار الأسد أن يفتك بالشعب السوري جهاراً نهاراً.

أمّا إن المؤتمر قد جاء قبل مؤتمر أصدقاء سورية، فإن القصد من ذلك أن لا يخرج المجتمعون في باريس بقرارات جديدة أو ذات شأن على أساس أن مؤتمر جنيف أخذ من القرارت ما يلزم، وتوافقت عليه الدول الكبرى. وبهذا فقد قطع المؤتمر الطريق على أية مساعدة يمكن أن يقدمها المجتمع الدولي للشعب السوري.

بالطبع فلن ننسى أن المؤتمر ساوى بين النظام المجرم الطائفي وبين الشعب السوري الذي ينشد دولة حرة لكل أبنائها.

من المعيب أن تجتمع الدول الكبرى لإهانة الدم السوري ومحاولة استغفال الشعب الثائر، فقد أشار المؤتمر إلى ضرورة تطبيق خطة عنان ذات البنود الست، وهذا يعني صراحة أنها لم تطبق إلى اليوم، وكانت مدتها القصوى ثلاثة أشهر، فعلى أي أساس يجتمع إذاً هؤلاء. أليس الصحيح أن يقرروا فشل الخطة ويتجهوا إلى فرضها على بشار بالقوة؟. إن الصورة مفضوحة ولا قراءة لها إلا أن العالم يريد أن يرتوي من دماء السوريين. الخطة اليوم مستمرة لسنة كاملة، ليس فحسب لأن الدول الكبرى تريد إفناء الشعب السوري والقضاء عليه، ولكن أيضاً لأن عنان الموظف يحتاج إلى آلاف الدولارت التي يقبضها من خلال عمله الجديد، ناهيك عن أنوار الصحافة والبهرجة الإعلامية.

يجب علينا أن نعترف أن كوفي عنان ونبيل العربي ومود والدول الكبرى كلها تخطط لما يحدث اليوم، وأرجو ألا ننسى أن 'مود' قد علق مهمة المراقبين، بسب ازدياد العنف، دون إعلان فشل الخطة، ولكنهم بالمقابل استرخوا في فنادقهم بينا ذهب الأسد ليذبح الشعب السوري بإرادة دولية.

بشار الأسد يدرك تماماً أن أحداً لن يهاجمه، كما قال بنفسه من خلال التلفزيون الإيراني، ولذلك فقد تجرأ منذ أيام إلى إسقاط طائرة تركية في المياه الدولية. ولقد ضمن الرد الذي عرفناه جميعاً فيما بعد. والأنكى من ذلك، أن بشاراً هذا قد قتل في يوم اجتماع جنيف نفسه ما يقرب من مئتي سوري معظمهم في ريف دمشق. ففي يوم الاجتماع المشؤوم تم تهجير أكثر من نصف مليون دوماني على مرأى العالم وسمعه ولاحق الجرحى منهم إلى الغوطة وأجهز عليهم. خرجت الحرائر من دوما بثياب النوم، اضطررن أن يدسن على جثث أقربائهن للفرار من الموت، رأين الكلاب تنهش جثث الشهداء، وفي زملكا تم إطلاق قذائف الهاون على المشيعين، وفي عربين تم الإجهاز على خمسة وأربعين جريحاً في المستشفى. كل هذا وكوفي عنان يحارب في جنيف ليمدد مهمته عاماً كاملاً.

أصبحت دماء السوريين رخيصة، ربما لأنها دماء عربية، وربما لأنها دماء إسلامية. لدرجة أن مؤتمر جنيف يعقد دون دعوة المعارضة السورية إليه. فهم يناقشون مصيرنا دون وجودنا، بل وليس لنا الحق بالاعتراض أو التعليق.

اليوم بدأ كثير من السوريين يدرك أن وحدة المعارضة كانت كذبة من كذبات السيد نبيل العربي وكوفي عنان وهيلاري كلينتون لكي لا يتم مساعدة الشعب السوري. كانوا يبحثون عن أي طريقة للحفاظ على الأسد وحماية مصالحهم الرخيصة في المنطقة.

بعد كل هذا، وبعد خيبة الأمل العارمة التي أصابت أحرار العالم، من تخاذل القوى الكبرى وتآمرها على الشعب السوري المضطهد، وبعد إدراك السوريين لهذه المؤامرة القذرة، شخص سوري واحد رأى فيها نقاطاً إيجابية، إنه عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري السيدة بسمة قضماني. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

===============

أخطاء ومخاطر سياسية

تاريخ النشر: الإثنين 09 يوليو 2012

د. طيب تيزيني

الاتحاد

جاء مؤتمر باريس الذي شارك فيه "أصدقاء سوريا" يوم الجمعة الماضي، ليُحدث وجوماً على وجوه الكثير من الساسة والباحثين الإستراتيجيين والمثقفين السياسيين وغيرهم، في سوريا والعالم العربي عموماً، فلقد لاحظ هؤلاء أن الموقف السوري الذي أفصح عن نفسه حيال خروج شباب وأطفال في درعا قبل خمسة عشر شهراً.

وبالتحديد منذ إطلاق الرصاصة الأولى على المتظاهرين، لم يتغير في مساره، لقد أخذ خطاً بيانياً متصاعداً عبر الانتقال من حالة الرصاص إلى حالة السلاح الثقيل أرضاً وجواً، دون التفكير لحظة واحدة في اللجوء إلى طريق أو طرق أخرى، تقدم للبلاد والعباد خطوات إصلاحية حقيقية بمشاركة ندية فاعلة من أطراف البلد جميعاً.

لقد فرّط المسؤولون العسكريون والأمنيون بسوريا بفرص كان عليهم أن يقتنصوها، فيجنبوا أنفسهم والناس ما لا يُحمد عقباه، وإذا تعقبنا المسألة في سياقها التاريخي، سنجد أن ما خرج الشباب من أجله في شهر مارس من عام 2011 تمثل في مطالب لا تخرج عن دائرة إصلاح اقتصادي وسياسي وتعليمي ثقافي خصوصاً، ومن ثم في تحقيق الغلبة على الاستبداد والفساد والإفساد بحدود كافية، كان ذلك، لو حدث، فضيلة عظمى، بعكس ذلك، أخذ النظام الأمني سبيلاً آخر: لقد رفض الإقرار بضرورة الإصلاح (الحقيقي)، فوقع في خطأ وخطر كبيرين، ومن أجل إقناع الداخل (والخارج خصوصاً)، لجأ مستشاروه إلى تلفيق أسباب زائفة لخروج الشباب إلى الشارع، فكان هذا باعتقادهم سبباً كافياً لتأليب الداخل والخارج عليهم، بمثابتهم متآمرين وضالعين في مؤامرة كونية يُراد منها تدمير سوريا، ومن هنا جاء الحديث عن "مجموعات مسلحة" و"سلفيين ومندسين... إلخ".

كان من مقتضيات الحكمة والعقلانية أن يجري التدقيق في الأحداث منذ بداياتها، مع الإشارة إلى محاولات للإصلاح الكثيرة ظهرت وراحت تُعلن عن ضرورتها في الاقتصاد وفي كل الحقول الأخرى قبل مجيء بشار الأسد، أي في أثناء حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، ولكن أجهزة القمع في "الدولة الأمنية" انتصرت على الشعب، بل إن مجيء بشار إلى الحكم ارتبط بتنفيذ مشروع وطني في الإصلاح والتحديث وإعادة النظر في توزيع الثروة، كما في القيام بإصلاح في بنية الحكم وفتح أبواب إعادة البناء السياسي في ضوء مبادئ الديموقراطية والمجتمع الوطني المدني.

لم يلتقط نظام الحكم السوري منذ البدايات أية ضرورة لإصلاح حقيقي، فاستبدل ذلك بمواجهة جموع الشباب الطامح إلى الحرية والكرامة والعمل، فزاد من أعداد المعتقلين والقتلى والمهجرين، بدلاً من تفهم عميق وضروري لواجب القيام بلحظة تأمل عقلاني وديموقراطي في ذلك، وبهذا زاد في إشعال النار.

وإمعاناً في التنكر لمطالب الشعب، قامت السلطة بخطوات قُدمت للناس على أنها تحقيق للإصلاح، مثل الدستور ومجلس الشعب، ولم يدرك أصحاب تلك الخطوات أن النظر إليها بمثابتها نماذج إصلاحية، كان يجب أن يدقق في مصداقيتها، خصوصاً وأنها جاءت بوقت صعب إشكالي: كان يجب أن يُدرك أن تحقيق إصلاح فعلي في الحقلين المذكورين وفي غيرهما (وهو كثير) كان يشترط أن يحدث عن طريق "لجنة إصلاح" أطرافها تتحدر من كل أطراف الشعب السوري، فهذه هي التي تؤسس سياسياً تاريخياً للضرورة التاريخية للقيام بمثل هذا العمل، تشكيلاً، وتحديداً لموضوعات البحث، واستنباطاً للنتائج المرجوة، وذلك يداً بيد مع تأسيس إعلام وطني ديموقراطي يعم ذلك ويطرح لحوار شعبي صادق، لم ينجز شيئاً من ذلك لا عموماً ولا خصوصاً، بالمعنى الإصلاحي التغييري الدقيق.

وعلينا أن نعلم أن المهمات العظمى، التي تشترط القيام بالإصلاح المعني، لم يتحقق منها شيء فعلي، أما البدء فقد كان شرط الشروط فيه ممثلاً في سحب كل مظاهر العنف والسلاح من الشارع إلى الثكنة، وفي الوقت نفسه كان يتوجب إخلاء السجون السياسية من ساكنيها، ومحاسبة من أطلق الرصاص وقصف الأحياء والناس، وفي هذا وذاك وذلك، كان ينبغي القيام بالتأسيس لمؤتمر وطني من كل الأطياف السياسية والمدنية تُناط به مهمات إنجاز خطوات المرحلة الانتقالية المحتملة.

لم يحدث شيء من ذلك، فبدلاً من هذا، هيمن الحل الأمني العسكري، فزلزل الداخل السوري، وأنتج ظروفاً لاختراق الداخل من الخارج، فاختلط الحابل بالنابل، وصار الناس يبحثون عن حلول هنا وهناك حتى في باريس.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ