ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 16/07/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مجزرة جديدة ولا شيء سوى الشجب

2012-07-15 12:00 AM

الوطن السعودية

مذبحة أخرى ذهب ضحيتها ما يفوق 200 شخص في بلدة التريمسة بريف حماة في سورية، ولا شيء سوى الشجب والاستنكار الدولي والدعوات لوقف العنف أو حتى معاقبة سورية كما بدر أخيرا من المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان الذي دعا مجلس الأمن إلى معاقبة سورية لعدم امتثالها لخطته. ولكن عدم الامتثال السوري كان واضحا منذ اليوم الأول ودموية النظام لم تكن تحتاج لدليل، وهذه المجزرة البشعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طالما ظل العالم يراقب بدون تحرك حقيقي وفعال على الأرض.

بعد مجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها أطفال تم نحر رقابهم بالسكاكين جاء اليوم الدور على التريمسة لتشهد هذه الويلات، وفي تطور نوعي جديد لم ينف النظام السوري قيامه بالمذبحة كما حدث في الحولة بل ادعى أن ما حدث في التريمسة كان عملية نوعية تستهدف "مجموعات إرهابية مسلحة" على حد زعم النظام.

النظام السوري يزيد في طغيانه كونه يرى عجز العالم عن معاقبته بشكل فعال، وهذا الطغيان بدا واضحا من خلال استخدام السلاح الثقيل والطائرات المروحية والدبابات ضد بلدة التريمسة. وللأسف فإن عجز عنان مع النظام السوري وقبله إعلان الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية أن الجامعة لم تعد تملك ما تقدمه من أجل الحل في سورية كلها مؤشرات تزيد من طغيان نظام بات بحاجة لمن يردعه عما يرتكبه من فظائع.

مجلس الأمن اليوم عاجز بسبب الفيتو الروسي، ولا تزال كل الحجج تقاد على خلفية التخوف من التدخل العسكري، ولكن في المقابل لا شيء حقيقيا يقدم للتعامل مع الوضع السوري. عجز مجلس الأمن سوف يستلزم مع الوقت تحركا من خارجه، ولكن في حال رفض التدخل الخارجي فإن فرض عقوبات هو أمر لا يجب التهاون فيه، حيث إن نزع الخيار العسكري من على الطاولة هو ما تسبب في هذا التصعيد الخطير في المقام الأول، فالنظام السوري اليوم لا يرى وجود أي سبب يردعه طالما ظل العالم عاجزا ومتنازعا في أمره حول كيفية التعامل معه.

هذه المجزرة الجديدة التي ذهب ضحيتها أبرياء وتبرير النظام السوري لها يجب أن تدق ناقوس خطر كبير بأن ما يجري في سورية حرب من النظام لن تجدي معه سوى حلول قوية وفعالة وليس مزيدا من الاجتماعات حول الطاولات تزيد في إضاعة الوقت مهما تشدق العالم باهتمامه بما يجري هناك.

=================

رأي الراية … جريمة التريمسة يجب ألا تمُرّ

الراية

15-7-2012

أصبح مجلس الأمن الدولي بوصفه الجهة التي تحمي الأمن والسلم الدوليين أمام مأزق أخلاقي كبير مع استمرار ارتكاب النظام السوري للمذابح والتي كان آخرها مذبحة التريمسة في ريف حماة التي أقدمت قوات النظام على ارتكابها بدم بارد مستغلة الانقسام في مجلس الأمن الدولي وعدم قدرته على اتخاذ مواقف موحدة تجاه ما يحدث في سوريا من جرائم.

لقد انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في موقف نادر مجلس الأمن الدولي مشيرا إلى "أن عدم تمكنه من الاتفاق على موقف موحد لممارسة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لوقف العنف في بلده هو بمثابة إعطائه "ترخيصا لارتكاب المزيد من المجازر".

إن الرد الحقيقي على مجزرة التريمسة ومن قبلها المجازر العديدة التي ارتكبتها قوات النظام السوري يكمن في صدور قرار واضح من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإجبار النظام على وقف العنف فورا ودون تأخير وإنذاره بضرورة سحب أسلحته الثقيلة من المدن والبلدات السورية على الفور وتشكيل بعثة تحقيق دولية للتحقيق في مذبحة التريمسة التي يندى لها جبين الإنسانية وجميع المجازر التي ارتكبت في سوريا وإخضاع الجناة للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية فالمذابح التي شهدتها سوريا تعتبر جرائم حرب يجب أن لا يفلت مرتكبوها من العقاب ومن العار استمرارها وتواصلها أمام سمع العالم وبصره.

إن تساهل المجتمع الدولي مع الجرائم السابقة التي ارتكبتها قوات النظام وعدم التحقيق الجدي فيها واكتفائه ببيانات الشجب والإدانة والاستنكار لهذه الجرائم دون تحرك حقيقي على الأرض ساهم في تكرار هذه الجرائم وتوسعها لتشمل معظم المدن والبلدات السورية فالعجز الدولي المشين عن وضع حد لمأساة الشعب السوري ساهم في تفاقم هذه المأساة الإنسانية التي لم يسلم منها بيت في سوريا.

إن فشل مجلس الأمن الدولي في الخروج بموقف موحد تجاه ما يحدث في سوريا يجعله شريكا فيما يجري هناك من مآس ويجعل شرعيته ودوره كراع للسلم والأمن الدوليين محل شك كبير.

الإدانة الدولية الواسعة لجريمة التريمسة المروعة لا تكفي فدول العالم والمنظمات الأممية مطالبة بالاضطلاع بمسؤولياتها السياسية والإنسانية والتحرك سريعا لوقف المأساة التي يعيشها الشعب السوري منذ نحو ستة عشر شهرا من خلال سرعة توفير الحماية الدولية للشعب السوري لضمان عدم تكرار هذه المجزرة.

=================

هل يُذبح الشعب السوري بالأسلحة المحرّمة دولياً؟!

يوسف الكويليت

الرياض

15-7-2012

    الحالة السورية كل يوم تفتح باباً للجريمة من قبل النظام، وسيستمر، لأن حماية المواطن هناك ليست قائمة في الذهن العالمي، وخاصة تلك الدول التي تدعي حماية حقوق الشعوب من الانتهاكات، والرمزية هنا أن سورية لا تشكل قيمة إستراتيجية للغرب إلا ما يتعلق بأمن إسرائيل، وهذا محميّ تلقائياً من النظام نفسه، والذي وجد نفسه يعقد صلحاً غير مدون رسمياً، ولكنه اتفاق أكدته الأحداث منذ حرب ١٩٧٣م، وبالتالي طالما ضمن الغرب هذه الحقيقة، فجزء من الاعتقاد ضعفه أمام الموقف الروسي - الصيني يفسر بسذاجة تامة، لأن المخرج ليس مجلس الأمن والخوف من اتخاذ الفيتو ضد أي إجراء من دول حلف الأطلسي لأنه ممكن دعوة الأمم المتحدة لاجتماع دولي، والتصويت على نقض مقابل للروس والصينيين بالتدخل وفقاً لموقف يؤيد هذا الإجراء، والامتناع عن هذه الدعوة، هي رغبة أن لا يكون الغرب بشقيه الأمريكي، والأوروبي طرفاً في معركة لا يرغبون بها، معتقدين أن روسيا تجر نفسها إلى مواجهة مع كل العرب لو سقط النظام.

روسيا تدعي أنها لا تسلم الأسد الأسلحة إلا بشروط إنهاء الأزمة، في حين بوارجها وأسطولها يتناميان بشكل مباشر على السواحل السورية، وهذا التواجد لا يُعزى إلى محاولة منع أي تدخل خارجي وإنما داعم للنظام إن لم يكن مشتركاً معه بشكل فعلي في قتل الشعب السوري، والصورة الروسية التي اهتزت عربياً وعالمياً ساهمت في عنادهم وبعث الروح السوفييتية بالقوة الموازية للأطلسي، وهو بيع للوهم، لأن تأثير الروس في محيطهم، وداخل ما كان يسمى الجمهوريات السوفييتية، صار معظمه في عصمة الغرب، ولم يبق إلا البعض الذين فرضت روابطهم المصلحية والإستراتيجية معها، وهو ما ينطبق على معظم دول العالم التي لم ترتبط معهم بمصالح كبيرة.

هناك تصرف لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار عندما نقل النظام السوري أسلحته الجرثومية والكيماوية، لما يدعي تأمين سلامتها بأماكن آمنة، لكن الظواهر بينت أنه استعمل أسلحة مماثلة وجدت على أجسام الجرحى، وهي سابقة خطيرة عندما يقدم الأسد على ضرب مواطنيه بهذه الأسلحة المحرمة دولياً مثلما فعل صدام حسين، أو أمريكا في أسلحة مشابهة استخدمتها في العراق، لأن نظاماً يقوم بالقتل المتعمد وبمجازر ظاهرة للرأي العام العالمي، مثل القتل الأخير لما يزيد على مئتين وعشرين مواطناً في بلدة (التريمسة) قد يذهب بعيداً إلى تنفيذ مخطط إبادة شاملة، وعندها ماذا ينفع الدور الدبلوماسي لرجل مثل عنان هو متورط أصلاً في فضائح خط النفط في العراق وغيرها، وما لم يكن هناك تحرك سريع يمنع الجريمة القادمة، فإن الزمن قد يتعدى القرارات الدولية إن لم يفضح المواقف المتخاذلة، والاحتمالات ترشح أن نظاماً أعلن الانتحار المتبادل، لا يجد الرادع الأخلاقي ولا العسكري، وستكون دماء السوريين في ذمة المجتمع الدولي كله؟!

عربياً، عدا الموقف الواضح لدول الخليج، فالذي لا يدعم النظام السوري مثل العراق، يساهم بصمته على تشجيع الحكومة، وهو تخاذل يرقى إلى الإسهام بالجريمة!!

=================

الثورة السورية في مواجهة “القذارة” السياسية

الثورة السورية تُواجه نقلةً نوعيةً في المكْر السياسي الذي يُحاول الكثيرون محاصرتها بأساليبه المختلفة.

د. وائل مرزا

الأحد 15/07/2012

المدينة

منذ عقود، لخَّص الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان رأيهُ في السياسة بهذه العبارة: «من المفترض في السياسة أن تكون ثاني أقدم مهنة في العالم، ولكنني أدركت مع الوقت أن هناك شبهاً كبيراً بينها وبين أقدم مهنة»..

ربما يجرح الكلامُ البعض من مرهفي الأحاسيس، لكنه يُعبّر عن معنىً محدد للسياسة كان ولازال يؤثر في العالم بأسره، وهو يكاد يكون اليوم المعنى الأكثر بروزاً عندما يتعلق الأمر بالثورة السورية.

صحيحٌ أن بالإمكان الإشارة إلى الدلالات التي أرادها ريغان من عبارته بشكلٍ آخر، ربما يكون أقلّ صراحةً وأكثر تهذيباً.لكن الواقعية تفرض علينا الاعتراف بأن تلك الدلالات كانت ولا زالت وستبقى موجودة، إلى درجة أو أخرى، ليس في الولايات المتحدة فقط، وإنما في كلّ مكان يوجد فيه ساسةٌ وسياسة على هذه الأرض.

تواجهُ الثورة السورية وستواجه تحدياتٍ كثيرة قد يكون عنفُ النظام ودمويتهُ أبرزَها، لكن أصعبَها على الإطلاق يتمثل في درجة (المكْر) السياسي الذي يُحاول أن يُحيط بنقائها إحاطة السوار بالمعصم، ويعملُ على تلويث طهارتها وإزاحتها عن أهدافها بكل طريقةٍ ممكنة.

ثمة ألفُ شاهدٍ وشاهدٍ على مانقول.

فقبل بضعة أيام، خرج السيد كوفي عنّان بعد لقائه رأس النظام السوري بتصريحٍ لم ينتبه الكثيرون إلى معانيه الخطيرة. إذ قال للصحفيين بعد إجراء محادثات في طهران إن الأسد «اقترح وضع منهج تدريجي يبدأ من بعض المناطق التي شهدت أسوأ أعمال عنف في محاولة لاحتوائه فيها والبناء خطوة بخطوة على ذلك لإنهاء العنف في كافة أرجاء البلاد».

نُدرك درجة (الفوقيّة) التي يتعامل بها السيد عنّان مع الشعب السوري وثورته، وهي فوقيةٌ نُشهدُ العالم بأنها ستُصبح مسمار الخطيئة الأخير في نعشِ حياته السياسية. لكننا نستغرب أن يصل الأمر إلى درجة (استغباء) السوريين من خلال صياغة عبارةٍ مراوِغة تُقدّمُ كـ (بشارةٍ) ينقلها إليهم عن السفاح الأكبر. فالحديث يوحي وكأن النظام سيبدأ عملية إصلاحٍ شاملة في تلك المناطق «التي شهدت أسوأ أعمال عنف»، أو أنه، في أقلّ الأحوال، سيسحب منها الدبابات والمدافع والشبيحة ليملأها بالمستشفيات والغذاء وشركات الإعمار. في حين أن أبسط قراءة سياسية لطريقة النظام في التفكير تُظهر بأن المقصود من العبارة يتمثل يقيناً في موجة التدمير المنهجي الوحشي لمناطق ريف دمشق ودرعا وحمص حماة والساحل وريف حلب ودير الزور، والتي بدأت قبل تصريح عنان ولاتزال مستمرةً إلى وقت نشر هذه الكلمات.

نعرف أن الموفد العربي والأممي ليس غبياً، وأنه كان يُدرك معنى الرسالة التي نقلها، فبماذا كان يُفكّر حين طلع علينا بتلك البشارة؟ لانتطلّع هنا لموقفٍ مُشرّفٍ يقوم فيه عنان بشرح الرسالة وتوضيح خطورتها على الشعب السوري وتناقضها مع الهدف المُعلن من مبادرته العتيدة. ولانجرؤ حتى بأن نحلم بإمكان إعلانه الاستقالة بسبب ماعرف أنه سيجري من مذابح ومجازر. وإنما كنا ننتظر حداً أدنى من الإحساس بالمسؤولية يتمثل في ألا يستخفّ بعقول السوريين والعالم، فلا يعرض علينا جميعاً تلك المقولة وكأنها إنجازٌ عظيم.

نعلم طبعاً أن السيد عنان لايقوم بممارساته بالأصالة عن نفسه، وإنما بالنيابة عن أطراف أخرى تمارس السياسة بنفس الطبيعة التي تحدّث عنها ريغان. وإذا كنا نعتب عليه أنه ارتضى لنفسه هذه المهمة البائسة، فإننا ندرك أن مصدر المشكلة يكمن في تلك الأطراف التي تُحرّكه وترعاه في نهاية المطاف.

من الواضح تماماً أن الثورة السورية تُواجه نقلةً نوعيةً في المكْر السياسي الذي يُحاول الكثيرون محاصرتها بأساليبه المختلفة. وقد بدأت هذه النقلة مع وضوح وصولها إلى نقطة اللاعودة في مسيرتها لإسقاط النظام في الأسابيع القليلة الماضية.

فحجم المكائد والمناورات والصفقات يزداد كمتواليةٍ حسابية. ودوائر اللاعبين الذين ينغمسون في (اللعبة) تتسعُ بشكلٍ سريعٍ ومتصاعد. وسيناريوهات (الاحتواء) والتلاعب لحرف الثورة عن تحقيق أهدافها الحقيقية تتكاثر مثل الفطر. وفي هذا الإطار، تجري عملية خلطٍ كبرى للأوراق تهدف إلى لفت الأنظار عن الحقائق والثوابت، والانتقال بدلاً من ذلك للحديث عن (الممكن) و(المعقول) بدعوى وشعارات الواقعية والعقلانية السياسية.

لاأعلم بماذا يُفكّر ثائرٌ مثل خالد أبو صلاح بعد أن رأى مارآه من عجائب في رحلته المؤقتة خارج سوريا، لكنني على ثقة بأنه زاد يقيناً بمقولة أحد مؤرخي اليونان، دولاكروا، حين قال: «الوقائع كائناتٌ مقدسة، تمارس انتقاماً بشعاً من الباحث الذي يتظاهر أنها غير موجودة». ذلك أن أبو صلاح يعرف تماماً طبيعة الوقائع على أرض سوريا الطاهرة، ويُدرك مَن الذي يصنع تلك الوقائع.

الأهمّ من هذا أن أبو صلاح وإخوانه الثوار يعرفون طبيعةَ من يواجهونهم من خلال وصفهم الواضح في الكتاب الحكيم: {وقد مكروا مَكْرَهُم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزولَ منه الجبال}، لكنهم يمضون مطمئنين بوعد الله حين يقول: {ولاتحزن عليهم ولاتكن في ضيقٍ مما يمكرون}، لأنهم يؤمنون أشد الإيمان بالنتيجة النهائية التي تؤكد بأنه: {ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلا}.

=================

حل سوريا في الاستفتاء

محمد بن هويدن

التاريخ: 15 يوليو 2012

البيان

إن الخيارات المطروحة للتعامل مع الوضع في سوريا تتمحور حول ضرورة إنهاء نظام الأسد للبدء في الحديث عن مستقبل جديد لسوريا من دون ذلك النظام. لذلك يعمل الجميع على دعم خطة كوفي أنان وعلى الضغط على روسيا والصين وإيران وعلى تمويل ودعم المعارضة السورية .

وذلك في سبيل تحقيق هدف إزاحة نظام الأسد من السلطة في سوريا. وهذه العملية في حقيقة الأمر عملية صعبة جداً، فنظام بشار الأسد لا يتمحور حول مجموعة من الأفراد كما كان عليه الوضع في ليبيا وإنما هو عبارة عن شبكة معقدة من الطوائف والعرقيات التي استطاعت أن ت

تأصل بنفسها في مختلف مؤسسات الدولة وتسيطر عليها. لذلك فإن إزالة نظام الأسد يتطلب ثورة شعبية عارمة يقودها الشعب بأكمله ( من العرب والأكراد والدروز والسنة والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين)، كما حدث في ليبيا وليست ثورة يقودها جزء من الشعب. وعليه يصبح خيار تغيير النظام في سوريا بغير نظام الثورة الشعبية الكاملة عملية صعبة للغاية.

وبالتالي فإن على المجتمع الدولي أن يفكر في طريقة أخرى لتحقيق هدفه بعيداً عن طريقة تغيير النظام نحو اتباع استراتيجية لتغيير رأس النظام وإبقاء النظام قائماً حتى يتآكل من نفسه من الداخل مع الوقت عند غياب رأس النظام الحالي. وهنا على المجتمع الدولي أن يأخذ على عاتقه كل الخيارات المطروحة لتغيير رأس النظام بما فيه خيار الاستفتاء الشعبي على بقاء الأسد أو ذهابه.

إلى اليوم لم يتحدث أحدهم عن إجراء استفتاء للشعب السوري لتحديد مستقبل بلاده مع بشار الأسد، استفتاء شعبي ينظمه المجتمع الدولي بمشاركة ومراقبة من روسيا والصين من شأنه أن يحدد الملامح الحقيقية لمستقبل سوريا ويكون خطوة مقبولة لدى الروس والصينيين الذين لا يريدون لخيار استخدام القوة المسلحة أن تكون هي الوسيلة في يد الغرب لتغيير الأنظمة السياسية غير المرغوب فيها في العالم.

إذا كنا بالفعل نود لسوريا عدم الانزلاق في حالة من العنف غير المسيطر عليه وإبعاده عن سيناريو العراق فإن فكرة مثل فكرة الاستفتاء الشعبي يجب أن تعطى حقها؛ وهنا يكون الشعب السوري وليس غيره هو الذي يحدد مستقبله ومستقبل بلده.

وبالتالي الضرب على وتر ما يردده الروس والصينيون وحتى الإيرانيون بأنهم مع إرادة الشعب السوري في تحديد مصير نظامه الحاكم وليست الإرادات الخارجية. على الشعب السوري أن يُعطى الحق في الاختيار بين بقاء بشار الأسد واستمراره في إجراء إصلاحاته السياسية، أو ذهاب الأسد وإعطاء السلطة للشعب السوري لتقرير مصيره السياسي.

الاستفتاء هو الحل الأمثل للوضع الراهن في سوريا بسبب أن الوضع هناك قد تعدى حاجز المقبول ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى تراجع عزم أو تفكك قوة النظام السياسي في سوريا باستثناء خروج بعض الأفراد والضباط غير المحسوبين بشكل واضح على النظام السياسي السوري من الجيش السوري وانضمامهم إلى الجيش السوري الحر. مثل هذه الانشقاقات لا تولد سوى استمرار حالة العنف المسلح بين الطرفين والتي يذهب ضحيتها الكثير من المدنيين في سوريا.

ومع تزايد التدخلات الدولية تصبح العملية أكثر تعقيداً، حيث يصبح سيناريو لبنان ماثل أمام أعيننا بشكل كبير وواضح، ولا يبدو أن الدول الداعمة لكل طرف مستعدة للتنازل عن ما تقدمه من دعم لحليفها سواء كان ذلك الحليف هو النظام بالنسبة لبعض الدول أو المعارضة بالنسبة لدول أخرى، الأمر الذي يجعل مستقبل سوريا قاتم للغاية وينذر بعرقنة ولبننة سوريا.

نعم سوريا ليست ليبيا لأن النظام الليبي تُرك وحيداً يواجه مصيره مع الغرب، أما سوريا فلا روسيا ولا الصين ولا حتى إيران مستعدة للتنازل عنه، فإلى متى ستظل الحالة السورية تجرى وراء الإرادات الخارجية؟!

هذا الأمر يطرح الحاجة لضرورة الاعتماد على الخيار السياسي بديلاً عن الخيار العسكري في إيجاد حل للوضع الراهن في سوريا لطالما لا يوجد اتفاق دولي على الخيار العسكري. فإذا جاءت نتيجة الاستفتاء معبرة عن رأي الشارع السوري الثائر والرافض للأسد فإن ذلك خير وبركه، بحيث تحتضن موسكو أو بكين أو طهران الأسد ومن معه وتترك الشعب السوري يحدد مستقبل بلده.

وعندها لا يستطيع بشار الأسد التمسك بالسلطة ولا تستطيع روسيا ولا الصين التعذر بإرادة الشعب السوري؛ أما إذا جاءت النتيجة معبرة عن رغبة السوريين في إبقاء الأسد، عندها لا صوت يعلو على صوت الشعب وعليه يجب على الأطراف المعارضة وغيرها التي لا تود للأسد البقاء أن تجلس معه للتشاور وإجراء إصلاحات سياسية بإشراف المجتمع الدولي بما فيها روسيا والصين.

نعم قد لا يعجب هذا الخيار الكثيرين ولكن ضياع الوقت في سوريا لغير صالح الحل السياسي سيلقي بظلاله على الوضع في المنطقة برمتها، الأمر الذي يجب أن يجعلنا نفكر خارج الصندوق الذي يُقيدُنا بخيار القوة العسكرية وخيار تغير النظام السياسي من الخارج بدلاً من التفكير بخيار التغيير من الداخل وفقاً لمعادلة كلمة الشعب.

=================

ميقاتي بين "حزب الله" وسوريا

تاريخ النشر: الأحد 15 يوليو 2012

د. رضوان السيد

الاتحاد

جاء أحمد جبريل، أمين عام "الجبهة الشعبية- القيادة العامة"، إلى لبنان قبل شهرين وهدَّد اللبنانيين بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا حاولوا "الاعتداء" على المخيمات الفلسطينية وبخاصةٍ نهر البارد، وقال إنه قابل أمين عام "حزب الله" الذي قال له إنّ المهمة الرئيسية للحزب وسلاحه في هذه الأيام تتمثل في الحفاظ على نظام الممانعة والمقاومة في سوريا! وأَظهر وقتَها بعض قادة 14 آذار الاستغراب، لأنّ الحزب يقول كلَّ وقت إنه يحتفظ بسلاحه لتحرير الأرض، وردْع العدو الإسرائيلي! ومنذ جاء جبريل إلى لبنان وإلى اليوم جرت اشتباكاتٌ بين الجيش والفلسطينيين في مخيم نهر البارد، وبين جبل محسن وباب التبانة، كما جرت محاولتا اغتيال لسمير جعجع وبطرس حرب! وفي كل يومٍ تقريباً تجري اشتباكاتٌ على الحدود بين الجيش السوري ومسلحين في عكّار يقال تارةً إنهم سوريون وتارة إنهم لبنانيون يريدون التسلُّل إلى سوريا. ولدى لبنان من المسجَّلين رسمياً حوالي الثلاثين ألف نازح، بيد أن عدد السوريين المعدمين وشبه المعدمين الذين أتوا إلى لبنان في عام 2012 يزيد على المائة ألف. ومنذ بدء الاشتباكات على الحدود قبل عامٍ وحتى الآن قُتل 15 لبنانياً بينهم نساء وأطفال، وما حرَّكت الحكومة اللبنانية ساكناً، ولا استدعت السفير السوري لتسأله عما يجري. بل إن السفير السوري يأتي إلى المسؤولين اللبنانيين، مستنكراً!

ذكرتُ هذه الأمور كُلَّها لأن الحكومة اللبنانية واجهت أزمةً عصيبةً الأسبوع الماضي، بسبب خلاف أعضائها على تثبيت زُهاء الألفين من المياومين بشركة الكهرباء، ووزير الكهرباء كما هو معروف، جبران باسيل، صهر الجنرال عون حليف "حزب الله" في السياسة والحكومة، وله نصف الوزراء. وقد أصرَّ بري على تثبيت المياومين لأنّ 60 بالمئة منهم شيعة، بينما السنة حوالي 25 بالمئة، والمسيحيون 15 بالمئة فقط. والطريف أن مسيحيي عون ومسيحيي 14 آذار تحالفوا بمجلس النواب وانسحبوا من الجلسة لمنْع تثبيت المياومين المسلمين! فتصاعدت أزمةٌ كبرى، وقيل إن الحكومة تفككت إلى غير رجعة، وقد تشاتَمَ عون وبري عَلَناً، وحمل الوزير باسيل على "حزب الله" لعدم تدخُّله لصالح عَون! ثم وكأنما بسحر ساحرٍ خفتت كلُ الأصوات، واجتمعت الحكومة لمناقشة أربعة أُمور: بحث الاحتجاجات في عكار على قتل الجيش اللبناني لشيخين قبل شهر، وقيام المحكمة العسكرية بإطلاق سراح الآمرين بإطلاق النار، وبحث محاولة اغتيال النائب بطرس حرب (من 14 آذار)، ورفض وزير الاتصالات تسليم الداتا للقوى الأمنية لملاحقة الجُناة، وبحث الوضع المتوتر على الحدود مع سوريا وسقوط القتلى من اللبنانيين والسوريين النازحين يومياً، وإقرار موازنة العام 2012-2013.

وجرى إقرار الموازنة بما في ذلك الـ35 مليون دولار السنوية لتسديد نفقات المحكمة الدولية. لكن الأمور الثلاثة الأُخرى تعرقلت رغم ما يقال من أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ما كانا مسرورَين! إذ رغم محاولات الاغتيال، والحوادث الأمنية الأُخرى، لم تتعاون وزارة الاتصالات مع الداخلية والدفاع في تسليمهما الداتا لمتابعة المكالمات الهاتفية. وحُجَّةُ وزير الاتصالات وأكثرية وزراء عون و"حزب الله" أن في ذلك مساساً بالحريات والخصوصيات، رغم أن المتابعة ستكون بإشراف القضاء. وقد دفع ذلك السنيورة وحرب إلى اتهام أعضاء الحكومة بأنهم إمّا أن يكونوا هم الذين يمارسون الاغتيال، أو أنهم يتسترون على القائمين بذلك لأنهم يعرفونهم!

وفي مسألة مقتل الشيخين، أوصت الحكومة بالتوسُّع في التحقيق بإشراف مدعي عام التمييز، لكنها رفضت تحويل القضية إلى المجلس العدلي. أما في مشكلات الحدود، فأوصت الحكومة بنشر الجيش، مع أنّه موجود على الحدود بالفعل ولا يفعل شيئاً غير مراقبة النشاطات"غير المشروعة" حيال النظام السوري، وما حال ولا مرَّة دون دخول القوات السورية إلى لبنان!

لماذا نذكر هذا كلَّه؟ لأن الحكومة الحالية تشكلت قبل عام ونصف العام، أي قبل الثورة السورية بشهرين تقريباً، وقد شكَّلها نصر الله والأسد أثر إسقاط حكومة الحريري بانحياز جنبلاط وبعض نوابه إلى حكومةٍ برئاسة ميقاتي. ويقال إنّ فيلتمان شارك في التشكيل، بسبب العلاقة التي تربطه بميقاتي وجنبلاط، ولأن الأميركيين كانوا لا يزالون يأملون بتحسين العلاقات مع سوريا الأسد! وهكذا فقد فُرض عزل سياسي على الاتجاه السياسي الرئيسي لدى المسلمين السنة. وتعرض ميقاتي لبعض الإحراج بعد نشوب الثورة في سوريا. فقد بادر وزير الخارجية اللبنانية، وهو شيعيٌّ من جماعة "حزب الله" وإيران- إلى تأييد نظام الأسد في الجامعة العربية وفي الأُمم المتحدة، وذهب مبعوثاً من قِبَله إلى روسيا وأماكن أُخرى. وكان ميقاتي يعبر أحياناً عن أسفه لسفك الدم، ثم طوَّر مع وزير الخارجية ورئيس الجمهورية سياسة الوقوف على الحياد بشأن الأحداث في سوريا. بيد أنّ النظام السوري احتاج مع اشتداد الضيق عليه لما هو أكثر من ذلك: لجهة الأمن على الحدود، ولجهة تعاوُن الأجهزة الأمنية اللبنانية، ولجهة تهريب الأموال والتحويلات عبر النظام البنكي اللبناني. لكن ميقاتي ظل يتمتعُ بدعم واستحسان عدة جهات أوروبية وأميركية وعربية. وقد قيل في البداية إن السبب هو أنه يشكل قناةً باقيةً مع الحزب ومع النظام السوري. وعندما سقط هذا الاعتبار واستمر الرضا قالت السفيرة الأميركية في بيروت: إن السبب هو إبعاد لبنان عن الغرق في الأزمة السورية. والحقيقة أن ميقاتي و"حزب الله" يفعلان عكس ذلك، فهما يُعينان النظام السوري حتى في المواطن التي تؤدي إلى الإخلال بالأمن اللبناني وبالسلامة المالية للبلاد! وإذا كان "حزب الله" يعتبر ذلك واجباً دينياً واستراتيجياً، فإن الدوافع ذاتَها لا تتوافرُ لدى ميقاتي. إذ المفهوم أنه جاء للرئاسة بسبب شراكته مع الأسد وحُبه للسلطة، الشراكة التي صارت مكلفةً جداً حتى على أصدقائه من مديري المصارف الذين مَثَلُهُمُ الآن مَثَل مَنْ يلحس المبرد. أما حُبُّ السلطة، فيكفيه مرارةً ما يتجرعُهُ يومياً من عون الذي يريد الحصول على كل شيء قبل انهيار النظام السوري، وإعراض "حزب الله" عنه أو ضعفه.

بيد أن هذا شيء، ومصالح إيران و"حزب الله" شيء آخر. فإيران تخوض الآن معركة وجودٍ في وجه الحصار، وتخشى أن يضيع كل ما كسبته خلال أكثر من عشر سنوات إن تزعزعت أو أظهرت ضعفاً. والأميركيون الذين عملوا سنوات على تضييق الخناق عليها لن يُرخُوا قبضتهم عن عنقها قبل الحصول على ما يريدون. ولا شك أنهم يعتبرون التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هُرمُز فرصةً واستدراجاً. ولن تقع إيران في هذا المغطس، أي خوض حرب مباشرة مع الولايات المتحدة. لذلك لا تزال لـ"حزب الله" وظيفة مهمة هي التعرُّض لإسرائيل أو التهديد بذلك. ولا تزال له وظيفة معاونة النظام السوري. لذلك لا يستطيع ميقاتي مغادرة رئاسة الحكومة حتى لو أراد، لأنه رهين الحزب، ورهين النظام السوري المتداعي. وبذلك فالضغوط على المسلمين السنة وعلى قوى 14 آذار ستظل شديدةً وقاسية، ومنها الاغتيالات، ومنها استمرار العزل السياسي، ونشر التشققات والاختراقات في صفوفهم!

=================

في التبرّؤ الطائفي من الثورة السورية

عمر قدور

المستقبل

15-7-2012

لم تواجه ثورة من ثورات الربيع العربي ما واجهته الثورة السورية من وضع طائفي شائك تم استثماره على أسوأ وجه من أجل الطعن بها. ولعل هذا الوضع الذي كرسه النظام طويلاً، كان من أهم أسباب "اطمئنانه" الداخلي، فضلاً عن ثقته بحلفاء خارجيين سيواصلون دعمهم له على أسس عقائدية. هكذا قد تبدو القسمة نهائية بين أنصار الثورة وأعدائها، إذ ليس من المتوقع حدوث تحولات جذرية في الاصطفافات، ما دامت مبنية في جزء معتبر منها على قناعات طائفية غير قابلة للزحزحة، أقله في المدى المنظور. هذا لا يعني إطلاقاً استحالة الانتقال من معسكر النظام إلى جانب الثورة، بقدر ما يعني ملاحظة الديناميات التي تعيق الانتقال، والتي يجدر ملاحظتها ضمن كل كتلة طائفية على انفراد، إذ تكفلت هذه الآليات بمؤازرة النظام، فحاولت كبح جماح أولئك المتعطشين للثورة من شبابها؛ أولئك الذين باتوا بحكم "صعاليك" الطائفة!

منذ البداية دأب النظام على تصوير الثورة كمؤامرة سنيّة تبتغي الهيمنة على الطوائف الأخرى وإقصاءها، وتبتغي على نحو خاص الانتقام من الطائفة العلوية. ولكي ينجح في ترسيخ هذه الصورة كان لزاماً عليه مواجهة الثائرين من الطوائف الأخرى بأساليب أكثر خبثاً من القمع الوحشي المباشر الذي يُمارس على أقرانهم. إن وصف "حامي الأقليات"، الذي نسبه أنصار النظام إليه كان بحاجة إلى ضلوع ما يُسمى الأقليات فيه، سواء أكان عبر الاكتفاء بالصمت الذي يعني الموافقة أو عبر قيامها باستنفار أشد العصبيات الاجتماعية تخلفاً من أجل السيطرة على أبنائها ودعم رواية النظام. وبالتأكيد، يدرك الأخير جيداً المقدار المتفاوت من الضغط الذي تستطيع كل طائفة ممارسته، وعلى ذلك يختلف الدعم المستهدف من كل منها، وتتباين الوسائل التي يتم بها إظهار الدعم.

قد تكون المفارقة أن النظام الذي يستقوي خصوصاً بأبناء الطائفة العلوية يستشعر الخطر على نحو خاص من هذه الطائفة، إذ من المؤكد أن انخراط نسبة بارزة منها في الثورة سيعني سقوطه عاجلاً، وليس مستغرباً أن يُوجّه جزء أساسي من دعاية الإعلام الرسمي وشبه الرسمي لاستلابها وإثارة المخاوف الوجودية لدى أفرادها. لقد خاض النظام معركة مديدة من أجل احتكار تمثيل الطائفة، في الوقت الذي كان يدعي فيه تمثيل الوطن. وفي الواقع، تمكّن من تهميش بعض الزعامات التقليدية ومن ترويض بعضها الآخر الذي ارتضى المشاركة بفتات السلطة، ذلك فضلاً عن إفساد ما تيسر له من أبناء الطائفة عبر الرشاوى الصغيرة، مستغلاً حال الحرمان والشظف التي عانى منها الريف السوري على اختلاف الطوائف المنتمية إليه. بدءاً من انقلاب عام 1970 لم يتهاون النظام قط مع أي منافسة له ضمن الطائفة العلوية، بل إن ظاهرة الشبيحة كانت بدايةً بمثابة استعراض فظ لمدى سيطرته عليها، التي أعقبت الانتصار على الأخوان المسلمين. ومن المعلوم أن أبناء الطائفة هم أول من قاسى بطش الشبيحة وتحللهم من كافة القيم، أي أنهم دفعوا فوراً فاتورة باهظة مقابل الانتصار الذي يُفترض أن ينعموا به، وهذا ما يُتوقع أن يحدث على نحو أدهى وأمرّ فيما لو قُيّضت أدنى فرصة ليكسب النظام معركته الحالية.

مع سيطرته على الطائفة العلوية واحتكار تمثيلها أخذت متوالية السيطرة بالتوسع ضمن الطائفة لتطرد كل تمايز. وعلى العكس من مرحلة سبعينيات القرن الماضي، التي شهدت تنوعاً ومعارضة خلّفت آلاف المعتقلين من أبناء الطائفة فإنه بدءاً من منتصف الثمانينيات استتب الأمر للشبيحة كي ينكّلوا بالمارقين، من دون أدنى رادع أخلاقي أو اجتماعي. من الناحية السياسية تم إفقار الطائفة بنجاح ساحق، جنباً إلى جنب مع محاولة تغريبها الشامل عن المجتمع السوري ككل، وأتت ثمار تلك المرحلة لتعلن جلياً تبرؤَ الطائفة من الثورة منذ بدايتها، بل التبرؤ من فكرة الثورة بالمطلق. هي نكسة بالمعنى الكلي للكلمة أن تُجرَّد طائفة من دورها الوطني، وأن تقف على الضد من حركة التاريخ، بخاصة بعد المشاركة الحثيثة التي ميزت أبناء الطائفة من قبل، وبعد الانفتاح الذي عُرفوا به قياساً إلى البيئات الاجتماعية المحافظة.

أن يظهر على وسائل الإعلام الموالية أشخاصٌ من أسرة ليتبرأوا من شقيقاتهم أو أشقائهم، وحتى أن تظهر أم لتتبرأ من ابنها، هذه الظاهرة لم تشهدها سوريا في أشد العصور حلكة، فقد اقتصرت سابقاً على تبرؤ بعض العائلات من أبنائها إن ارتكبوا فعلاً مشيناً بالمعنى الأخلاقي. أما في السياسة، فقد كان من المعتاد أن تشهد الأسرة السورية تنوعاً في الميول والمشارب. تكتمل اللعبة القذرة في دفع عائلات علوية حصراً لإعلان تبرؤها من أبنائها على خلفية مشاركتهم بالثورة، لا لأن النظام عاجز عن الضغط على عائلات من ألوان طائفية مغايرة لتفعل ذلك بل لأنه يستهدف هذه الطائفة تحديداً ويريد تكريس وضعها على الجانب المقابل لعموم السوريين. وحتى إن أخذنا بالحسبان العائلات التي اندفعت إلى التبرؤ من بناتها أو أبنائها بلا أي ضغط مباشر من السلطة ليس بوسعنا القول إنها تصرفت بملء إرادتها. فمن المعلوم أن سيطرة النظام توالت حتى الحلقات الأدنى اجتماعياً، لتكتسب طابعاً مركباً على الصعيدين الاجتماعي والطائفي؛ الأمر يغدو شبيهاً بأن ترتكب أسرة ما يُسمى "جريمة شرف" لتتبرأ مما يُعتقد في وسطها الاجتماعي أنه عار كبير.

في الدلالات العميقة، فإن أسوأ ما فعله النظام بالطائفة العلوية هو الانحدار بها لتتخذ شكل الطائفة وتظهر بشكل متماسك يتبرأ من شبهة التنوع. وفي المؤدى الحقيقي النزول بالطائفة المعروفة بالتحرر الاجتماعي لتصبح أقل من غيرها حرية. فالحرية لا تتوقف عند المظاهر الاجتماعية من لباس وغيره، بل تتعين بمقدار حرية كل فرد واختياره لقراراته بملء إرادته. وأن تتبرأ كتلة اجتماعية من خيار سياسي فهذا يعني أولاً إنكار حرية كل فرد منها، ويعني تالياً وجود هيمنة مطلقة ضمنها بحيث تستطيع الفئة المهيمنة عليها تحديد المسار الذي تريد واستلاب السواد الأعظم تحت أوهام مختلفة، منها وهم المشاركة في الهيمنة.

استكمالاً للعبة القذرة، تحاشى النظام استخدام العنف المفرط مع الثائرين من أبناء الطائفة، محققاً بذلك غايات عديدة منها عدم تسليط الضوء على مشاركتهم بالثورة، ومنها أيضاً محاولة زرع الفرقة بينهم وبين أقرانهم، الذين تعرضوا لمستوى أعلى من العنف. لكن المحك الفعلي هو فيما لو تزايدت نسبة هؤلاء الناشطين وبات من الصعب السيطرة عليها اجتماعياً. أغلب الظن أن النظام لن يميز حينها بين طائفة وأخرى، لأن المقايضة الحالية تقوم أساساً على تقاسم الدور الأمني، وعندما تفشل الآليات الاجتماعية والطائفية في تنفيذ المهمة الموكلة إليها، فمن المتوقع أن يلجأ إلى التعويض عنها بالأسلوب الأمني المعهود.

قد يكتشف العلويون في وقت قريب، أن ابتلاءهم بهذا النوع من السلطة هو أكبر مصيبة حاقت بهم في العصر الحديث، فالديكتاتورية التي تدّعي حماية طائفة لا تفعل في الواقع سوى الاحتماء بها، ونسب سيئات الديكتاتورية إليها، هذا فضلاً عن إفساد الطائفة ذاتها بفكرة السلطة. أما الأسوأ، فهو أن يضطرنا النظام إلى استخدام هذه التوصيفات في الحقل السياسي، فمن المرجح أن العلويين لن يكونوا طائفة سياسية بمعزل عنه وعن إعاقته لهم، وحتى في الظروف الحالية قد لا يطول الأمر كثيراً لتبدأ الكتلة الخائفة منهم بإعلان تبرؤها من ممارسات النظام، أما بخصوص الكتلة المؤيدة فإن الدواعي الوطنية والأخلاقية والإنسانية تدفع إلى التمسك بأمل أن تقرر التخلي عن نظام، لا يفعل شيئاً سوى تقديمها قرباناً له.

=================

"أنتروبولوجيا" الصراع السوري

دمشق ـ غازي دحمان

المستقبل

15-7-2012

لم يعد بالإمكان إخفاء طبيعة الصراع الدائر في سورية، على الأقل في تجلياته وتمظهراته الأخيرة، إذ طالما عكف الناشطون وأصحاب الرأي على محاولة رفض تصوير ما يجري في البلاد على أنه إقتتال أهلي، وربما كانوا في ذلك يقفون عند توصيف اللحظة الأولى من الثورة، قبل أن تشهد البلاد عمليات الفرز الهائلة والاصطفافات التي جرت في عمق المكونات السورية، أو ربما لأن ذلك يناقض حلمهم في ثورة مدنية تأتي بدولة مدنية عصرية ومتنورة، قبل أن ينجح النظام وأعوانه الإقليميون والدوليون بتحويلها إلى حرب أهلية، تشكل طوق نجاة للنظام الحاكم، علّها تحمل بذرة الخلاص من الثورة، أو على الأقل التأكيد بان نموذج الممانعة إن سقط فليس بفعل ثورة، لأنه "هو الثورة ذاتها"، وإنما بفعل مؤامرة خارجية، أو نتيجة تخلف المنظومة الإجتماعية التي لم تستطع هضم إنجازات نظام الثورة على مدار خمسة عقود، وترفض إعطاء النظام فرصة كافية لتطويرها!

وفي الواقع، ليست حال الصراع بين المكونات السورية حال مستجدة. صحيح أن تمظهراتها في السابق لم تكن بمثل الوضوح الذي نشاهده اليوم، إلا أن الذاكرة الإجتماعية لمختلف المكونات السورية تحمل الكثير من الحكايات والقصص، بعضها مشوّه وبعضها مختلق وبعضها فردي، لكنها تشكل أحد منابع ثقافة السوريين تجاه بعضهم البعض، كما أن سلوك السوريين تجاه بعضهم البعض يصدر عن هذه التوليفة، ومن الأسف أنه ترك التوليفة تتفاعل وتتعبأ وتتشوه من دون ان يبذل أحد جهداً في هذا المجال، فيما ظل السوريون عقوداً من الزمن يعيشون في ظل لعبة تكاذب هي الأطول ربما في التاريخ.

ويبدو أن المستعمر الفرنسي كان الطرف الوحيد الذي يعرف حقيقة الأمور في سورية، ربما لأن رجالاته كانوا يقفون على حقيقة الأوضاع نتيجة مصارحة السوريين لهم، وإنكشافهم أمامهم من دون أقنعة وحيل، ولذلك عندما أقدم على تقسيم سورية إلى دول طائفية كان يعتقد انه يقدم خدمة جليلة للسوريين قبل مغادرة البلاد. لكن الواضح أن دهاء السوريين، وشعورهم بضعف فرنسا وإقتراب خروجها من مسرح التأثير الدولي، هو ما دفعهم الى الإنقلاب على الصيغة الفرنسية، والقبول بوحدة سورية إلى أن يقدر الله أمراً كان مفعولاً.

في السنوات الأولى التي تلت خروج فرنسا من البلاد إستطاع السوريون تجاوز الحرب الأهلية عبر الإلتفاف على مظاهرها، بمعنى عدم السماح بإنفلاشها في الشارع، ربما لأن الجميع لم يكن على إستعداد كاف لخوضها، وكذلك لعدم وضوح قدرة كل طرف، ثم ولسبب أهم لعدم توفر خطوط الإحتكاك المباشرة بين الفرقاء، نتيجة حال الإنغلاق التي كانت تعيشها مختلف الطوائف في مناطقها. ونتيجة لذلك، جرى حصر الصراع في المجال الذي يوفر كل هذه العناصر، وكان الجيش في ذلك الوقت الجهة التي يتواجد فيها كل أبناء الطيف السوري ويحتكون ببعضهم البعض، ولازالت الذاكرة السورية تختزن ذكريات الصراع المرير الذي خاضه أبناء الطوائف للسيطرة على الجيش، ومن ثم تغيير موازين القوى لصالح هذه الطائفة أو تلك.

ويمكن القول أن تلك المرحلة حدًدت الفئة الغالبة في هذا الصراع، وبات المطلوب هو تعميم هذا الإنتصار عبر فرضه على بقية المكونات، مرة عبر بعض التنازلات المحسوبة، ومرة أخرى عبر القوة العارية، لكن دائماً كان يُراد للوجدان السوري هضم هذه الحقيقة وإعتبارها نهاية تاريخ الصراع السوري، عبر قبول العلمنة الشكلية والعروبة الشعاراتية بديلاً مرضياً ومناسباً للجميع، وإعادة صياغة الهوية السورية بناءً على هذا التراضي المتصور.

غير ان النظام الحاكم لدمشق لم يجهد نفسه كثيراً في السعي لترسيخ الهوية السورية الجديدة، كما لم يسعَ إلى إحداث الإندماج الإجتماعي، الذي من شأنه أن يكون حاملاً للمشروع المقترح، وضامناً شرعياً لإستمراره، بل تبين أن النظام لم يكن حتى جدياً في الدفاع عن مشروعه ذاته، وقد فاجأته وأحرجته بعض القوى الوطنية بإصرارها على تنفيذ هذا المشروع، الذي لم يكن يمتلك تصوراً حقيقياً لأبعاده، كما لم يكن مستعداً للإنخراط فيه بما يكفي، كيلا ينزع منه وهج الإنتصار الفئوي التاريخي، وكان أن بدأ حملة قمع رهيبة هدفها الأساسي إفهام الآخرين أن سورية الجديدة باتت من نصيب جهة محددة، وربما هي التي شكلت الإرهاصات الأولى لشعار "الأسد أو لا أحد".

على الصعيد الإجتماعي، لم تساهم سيولة النزوح الريفي إلى دمشق، من مختلف أبناء المكونات الطائفية والعرقية، بصياغة نمط من التصاهر والإندماج المجتمعي. بل على العكس من ذلك، عملت على تعزيز الصور النمطية المشوهة لدى المكونات عن بعضها البعض، ذلك أن أغلب هذه المكونات نقلت معها، ليس عاداتها وتقاليدها وقيمها، بل حتى أواني الطبخ وعدة الشاي والمتة، وسكنت فيما يشبه الغيتوات المغلقة، وكان لوجودها في دمشق وظيفة محددة هي تحصيل المنافع من الدولة وإعادة إرسالها إلى أريافها. وبالتالي، فإن غاية وجودها في دمشق لم يكن الإستقرار الذي ينتج عنه الإندماج والتكافل وتشكيل الجسد الوطني الواحد.

من جهتهم، ظل أبناء دمشق ينظرون الى هؤلاء الوافدين بصفتهم أناساً أقل تحضراً ومدنية، وبالتالي فإن المجال المشترك معهم لن يكون سوى البيع والشراء، بمعنى إختصار العلاقة إلى أدنى حدودها، والقبول بذلك، إلى أن يقدر الله أمراً كان مفعولاً.

واليوم ينفجر الصراع عارياً وبكل وضوح ومن دون الحاجة للتكاذب، وقد إتضح أن الوحدة الوطنية تنتعش في سورية فقط في ظل معادلة الغالب والمغلوب. وحينما يصار إلى تغيير قواعد اللعبة فإن ذلك يصبح خطراً يستوجب التصدي له. هل ينتهي هذا الصراع إلى تقسيم سورية؟ ربما، وربما ينتهي بتسوية معينة، لكن الأكيد أن هذا وذاك لن يتم قبل يأخذ قسطه من دماء أبناء السوريين، أو من يسمون بذلك حتى هذه الحظة.

=================

المجزرة السورية

يوسف بزي

المستقبل

15-7-2012

ليست السلطة وحدها هي مطلب صدام حسين أو معمر القذافي أو بشار الأسد. هؤلاء تحديداً يختلفون في استبدادهم عن حسني مبارك أو زين العابدين بن علي مثلاً. فالرئيس المصري المخلوع كانت معقودة له مؤسسة الرئاسة، وله السيطرة على أجهزة الأمن الداخلي، فيما فقد في السنوات الأخيرة هيمنته على الإعلام، وأظهرت الانتفاضة الشعبية العارمة "استقلالية" الجيش، ولم يبد الجهاز البيروقراطي الضخم أي ولاء سياسي فعلي سوى للدولة وليس لشخص الرئيس أو حاشيته. والقمع بكل أشكاله، كان يخضع لموازين وحسابات داخلية وخارجية، تجعل السلطة مقيدة نسبياً وعاجزة عن إبادة المعارضة أو نفيها. وهذا ما ينطبق على حال سلطة بن علي. وحتى في الاقتصاد، ورغم فداحة استغلال النفوذ وما رافقه من فجور وفساد كبيرين، فإن الأعمال والثروة المالية لم تنحصر أبداً بيد السلطة وحدها، وربما كان تحسّن أحوال الطبقة الوسطى وتوسّعها هما من الأسباب المباشرة للثورتين المصرية والتونسية. إذ إن التوسع في السفر وازدياد فرص التعليم وانتشار التكنولوجيا، ساهم كله في محاصرة السلطة، وقلل كثيراً من انقياد المجتمع وطاعته العمياء للسلطة.

كان بقاء مبارك وبن علي أو سقوطهما يخضع لـ"شرعية" الطاعة التي يبديها المجتمع أو يخرج عليها. لذا، فإن ذهاب مبارك إلى السجن وبن علي إلى المنفى، بعد مقاومة ركيكة وكاريكاتورية (بضعة أسابيع وحسب)، يكشف أن ثمة حدوداً سياسية وأخلاقية كانت تحفُّ سلطتهما. لقد افتقد مبارك وبن علي لخطاب إيديولوجي توتاليتاري يدجنان به المجتمع. لذا كانت "السياسة" (الرأي والاعتراض) ممكنة، ولو في حدها الأدنى، في مصر وتونس.

في حال عراق صدام وليبيا القذافي وسوريا الأسد، ليست الرئاسة هي المطلب، بل مصادرة الدولة ودفن المجتمع، وإزالة كل تمايز أو تعدد لأوجه السلطة (تشريعية أو قضائية أو تنفيذية) وتوحيدها في عقله وفمه ويده.

هكذا يغدو الشخص هنا هو "الأمة" مجسدة فيه. هو "الإرادة" الوحيدة و"الدستور" الحي. الديكتاتورية التامة، والفاشية في أحط صورها. ومن أجل ديمومتها تتحول السلطة إلى مشروع عنف مستمر، تنخرط في حرب مفتوحة على المواطنين. شرط الطاغية هو نصبه العداء ضد مجتمعه. وهذا ما يتيح له، أخلاقياً، ممارسة القتل، وسحق أي تمرد أو اعتراض، بكل وسائل القوة المتوفرة له.

ليس النفوذ والجاه والمال والشهرة فحسب، مطلب من هم على شاكلة القذافي أو بشار الأسد، بل "التمتع" بممارسة السيطرة المطلقة، الانغماس في لذة التسيُّد القسري، وفي لذة التغلب العنيف، والبحث عن نشوة الفوز بمصارعة الآخرين وقتلهم إن أمكن. صدام حسين والقذافي كانا يستعرضان أساليب هذه الممارسة، بوصفها دعاية مؤثرة إضافية لقوتهما. بينما يلجأ الأسد الإبن إلى تمويه الوحشية بمظهر التهذيب واللطف، بل وأحياناً بمظهر الرقة العاطفية. وبهذا المعنى، هو ديكتاتور "حديث"، تلفزيوني ـ إعلامي وترويجي، يطلب الإعجاب من قتلاه ومن ضحاياه ومن المتفرجين.

الثورتان التونسية والمصرية، اكتفتا بالتظاهر والعصيان المدني. النزول إلى الميادين والتظاهر والاعتصام، مزق "العقد" المبرم بين المواطنين والسلطة، التي مارست عنفاً محدوداً ومتوقعاً وهزيلاً، فانتهى أمرها سريعاً ورحلت. أما في حال صدام، فحتى الثورة الشعبية المسلحة لم تكن كافية لإزاحته، وتطلب الأمر حرباً خارجية بائتلاف دولي قادته الولايات المتحدة، فيما القذافي سقط بحرب داخلية خسرها، لفرط تخريبه المنهجي لكل تنظيم، ومنه الجيش المنظم. أما بشار الأسد، فمصيره لم يحسم بعد، رغم مرور سنة ونصف السنة على حربه الضروس ضد الثورة السورية، مستثمراً البناء (أو التخريب) الممنهج الموروث من عقود الاستبداد البعثي وعقود ديكتاتورية أبيه، المصحوبة بخطاب توتاليتاري وبتقاليد عريقة ومديدة في التدجين وفي زرع الخوف والرعب.

الدولة، في غايتها، تسعى إلى تحقيق السعادة العامة، والخاصة. أما عندما تكون في عهدة ديكتاتورية من صنف بشار الأسد، فهي تنتقل من سوية "التسلط الطبيعي" إلى علاقة الإرهاب من طرف واحد، السعادة للسلطة والإرهاب المستديم للمجتمع. لذا فإن السمة المميزة للثورة السورية بين ثورات الربيع العربي، ستكون "المجازر" والقتل الجماعي. الاستبداد هنا يصير عنفاً محضاً. والثورة لن تكون حقيقية ولن تستمر إن لم تكن عنيفة بدورها. كل اعتراض على "العنف الثوري" ليس طرحاً أو اقتراحاً حالماً ومثالياً، بل هو يغدو تسليماً لحصرية العنف بالسلطة واستسلاماً لها. وأكثر من ذلك، إذا لم يشكل العنف الثوري رادعاً ولم يتقدم بالثورة نحو أهدافها، يغدو طلب العون العنيف من الخارج مطلباً "انسانياً" ومشروعاً.

لقد حان وقت وقف المجزرة.

=================

تريمسة يا تريمسة

احمد عياش

2012-07-15

النهار

إذا قرر طفل أن يسأل أمه التي تهدهده كي ينام وهي ترنم أغنية "تريمسي يا تريمسي يا حبة العديسي" الشعبية أليست "تريمسي" الاغنية هي "تريمسة" حماه التي شاهد ضحايا مجزرتها على شاشة التلفزيون؟ بماذا تجيبه؟ ستنفي بالطبع العلاقة بين الأغنية والمجزرة. ولكنها ستقرر أن لا ترنم مجدداً بالأغنية وستفتش عن أخرى. فطفلها لن يتردد في السؤال مجدداً. من الأفضل أن تكون كلمات الأغنيات خالية من الاشارة الى مكان أو زمان أو اشخاص يستحضرون سوريا. لكن أمر هذا الطفل وأمه يبقى أهون من أمر أمهات وآلاف الاطفال الذين فتك بهم الطاغية السوري. هو لا يلغي اغنيات الاطفال بل يلغي المترنمين بها والمستمعين الصغار الذين ينامون على انغامها.

تغيير الأغنية لا يقاس بتغييب الفاعل. في لبنان لا يغني اتباع الطاغية لأنهم أصلاً لا علاقة لهم بالأغنيات بل يتكلمون بلسانه. الى درجة أنهم يستنكرون الموت باعتباره فعل من افعال الموتى لا من افعال قاتلهم. يطبقون بحزم اجراءات التقشف على اسعاف الجرحى في صفوف النازحين السوريين، ويدققون ويعتقلون على المعابر الحدودية جواً وبراً وبحراً كل من يشكون بأنه فار من جحيم الطاغية. لا عجب فهم يأكلون من خبز الطاغية ويضربون بسيفه الذي أثخن لبنان جراحاً.

يتباهى "حزب الله" بأن الجنوب هو الأكثر استقراراً في لبنان وربما في الشرق الأوسط، وفي سوريا يتباهى بشار الأسد بأن الجولان المحتل هو ايضاً الأكثر استقراراً في سوريا، وحليفه القيصر الروسي بوتين عندما زار اسرائيل أخيراً قدم التطمينات بأن ترسانة اسلحة تابعه السوري ولاسيما منها الكيماوية في حرز أمين. ولأن الجنوب اللبناني الأكثر استقراراً ومثله الجولان السوري فلا ضير أن يُنقل الجيش من مربع اليونيفيل الى الحدود الشمالية من دون أن يعترض معترض. فالخطر لم يعد من اسرائيل بل أصبح في سوريا. كم هي محظوظة اسرائيل. فالقرار 1701 الذي أنتجه "الانتصار الإلهي" في حرب تموز 2006 أقام سياجاً دولياً يرعاه ليس قوات اليونيفيل فحسب بل جيش "حزب الله" ايضاً. اما في سوريا، فقد أكد النظام في صورة لا لبس بها ان قدراته الجوية والبحرية والبرية هي لمحاربة العدو في الداخل وليس على الحدود. انه العدو الرابض في دمشق وحماه وحمص وادلب ودير الزور وحلب ودرعا وكل الارياف. فإذا لم تنفع معه المدرعات تكلمت المدافع بعيدة المدى. وإذا عجزت المدافع تحدث الطيران الحربي. وإذا سألك أحدهم من أين للنظام هذه القدرة فأجب بأنها من ثمار "الممانعة" و"المقاومة" على مدى أكثر من 40 عاماً. لا ينفع أن تتوقف الأم عن الترنم بـ"تريمسي يا تريمسي" فالاطفال أذكى من الطاغية وأعوانه وهم قادرون أن يغنوا "يا مال الشام يللا يا مالي". فالطاغية وأعوانه الى زوال مهما طال المطال فيا حرية تعالي.

=================

لقد أذنت ساعتهم في سوريا

علي حماده باريس

2012-07-15

النهار

قبل يومين ثار مخيم اليرموك الفلسطيني في قلب دمشق على "جمهورية حافظ الاسد" ونزل سكانه الى الشارع لينشدوا للحرية، فيما توجه بعضهم نحو نصب رفع في المخيم يحمل في وسطه رسما لحافظ الاسد وشرعوا يدكونه بأحذيتهم في استعادة لمشهد اعتدناه في ليبيا وفي مناطق سورية ثائرة، ثم حطموا النصب. رد النظام وجماعاته كتنظيم احمد جبريل "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" المعتبر ذراعاً مخابراتية سورية باطلاق النار على شبان المخيم وقتلوا العديد منهم وجرحوا العشرات، ثم حوصر المخيم لتبدأ مرحلة قمع وقتل شبيهة بما يحصل في عشرات المناطق والمدن والقرى السورية الثائرة على النظام.

تدل انتفاضة مخيم اليرموك في قلب دمشق على حقيقة مفادها ان الثورة صارت اكثر انتشارا، وهي كما سبق ان قلنا في مطلعها تملك هوامش واسعة للتوسع والتطور في الوقت الذي لا يملك نظام من الهوامش الفعلية سوى آلة قتل مدججة معطوف عليها عقل مافيوي يحاكي في وحشيته عقول اكبر طغاة التاريخ. هامش النظام هو قتل الناس فيما هامش الثورة هو استقطاب مزيد من الناس للتعجيل في انهاء مأساة وطن وشعب كبيرين. لقد انتهى عصر حافظ الاسد في اليوم الاول للثورة في آذار ٢٠١١، وسقط بشار في بحر الدماء التي فجرها محاولا ايقاف عقارب الساعة، وتغيير العصر المتغير. وعندما نتحدث عن الثورة فإننا لا نتحدث عن المعارضة السياسية في الخارج بل عن كل ما هو ثورة ان في الداخل او في الخارج، سياسيا كان ام عسكريا أم ثقافيا ام اقتصاديا ام انسانيا. اننا لا نتوقف عند عثرات المعارضة و لا عند تواطؤ بعض المعارضة في الداخل مع بعض النظام وان سرا. كما اننا لا نلتفت حقيقة الى مسألة توحيدها بوصفها حالة سلبية بالمطلق. واننا ننظر الى الثورة السورية بشمولية اكثر: ننظر اليها من زاوية المسار التاريخي في المنطقة، وخلاصته ان الموجة الحالية في العالم العربي كبيرة الى حد لن تقدر كل اسلحة روسيا المستخدمة من جانب بشار وبطانته على ان توقفها. قد تؤخرها قليلا ولكنها لن توقفها. حتى التأخير الذي نشكو منه فإنه في مقياس الحدث التاريخي تفصيل وان تكن الآلام هائلة.  ان التغيير في سوريا حصل في آذار ٢٠١١، ونحن نعيش اليوم نتائجه. بشار هو الماضي الاسود فيما رفاق حمزة الخطيب هم المستقبل.

على ارض الواقع وصل الامر بالنظام الى ان يتخذ قرارا باستخدام الطيران لقتل الناس وتدمير قراهم واقتحامها. لم تعد الدبابات ولا المدفعية بكافية لتركيع الثورة، جاء دور الطيران تماما كما حصل في قرية التريمسة في ريف حماه، والاخطر من ذلك ان مشهد التطهير المذهبي يتكرر في غير مكان. و مع ذلك فإن الثورة تكبر في نفوس السوريين ، ولن تتمكن منها حتى الاسلحة الكيميائية التي بدأ بشار بتحريكها! لقد اذنت ساعتكم في سوريا...

=================

انان نأى بنفسه في أسوج بعد شعوره بالخديعة

عوامل ثلاثة قادته الى استنتاجات خاطئة والفشل

روزانا بومنصف

2012-07-15

النهار

تلقى مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان الى سوريا ضربة قوية في ضوء المحادثات التي اجراها  مطلع الاسبوع الماضي مع الرئيس السوري بشار الاسد، اذ شعر على اثرها في ضوء ما سرب عن الاجتماع، انه تعرض للخديعة، وتالياً للفشل  مما تسبب بشعوره بخيبة واحباط كبيرين دفعاه الى مغادرة جنيف يوم الخميس الماضي الى اسوج من اجل الابتعاد، عما اثقل عليه في هذا الاطار. ومع ان انان يزور موسكو من حيث المبدأ غدا الاثنين للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فان القرار المنتظر صدوره عن مجلس الامن قبل العشرين من الجاري هو الذي سيسمح بتبين ما اذا كان ثمة فرصة لأنان، لأن يستأنف مهمته. ًذلك انه في حال اراد ذلك او كلف بمتابعة مهمته في غياب اي بديل راهنا  فان عليه ان يتسلق جبلا عاليا في محاولة لاستعادة ثقة السوريين الذين كلف مهمة في سوريا من اجلهم ومن اجل ان يحمي الشعب السوري فلا يبقى ضحية للعنف الذي يتعرض له، ذلك ان انان لا يستطيع ان يكمل، كما كان يفعل، ويفترض به اعادة صياغة مهمته في حال استطاع، كونه تسبب باذية للناس الذين اعتقد انه يخدمهم  وتسبب بغضب المعارضة السورية التي لم تكن مؤمنة اصلاً بمهمته ولم تقبل بها، الا لاعتقادها انه يمكن ان يقنع الروس بالتعاون.  كما عليه ان يستعيد ثقة الدول العربية وبعض الدول الغربية والبعض يقول ثقة فريقه المباشر التي تعرضت للاهتزاز مع عدم اخفاء البعض رغبته في الاستقالة من فريق عمل انان كون هذا الاخير اهمل الاستماع الى تقويم مختلف من جانب هذا الفريق. 

وتكشف مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع ان ثلاثة عوامل على الاقل ساهمت في انزلاق انان الى ما اعتبرته المصادر فخا نصب له ووقع فيه. اول هذه العوامل انه كون انطباعا بعد اجتماع سان بطرسبرغ بين وزيرة الخارجية الاميركية ونظيرها الروسي ان الروس اكثر وعيا وادراكا لما يريدونه من الوضع السوري، واكثر استعداداً لتحقيق ما يريدونه في حين ان موقف الاميركيين غير واضح لا من حيث استعدادهم للوصول الى ما يقولون به حول تنحي الاسد ولا بتشددهم او بتراخيهم في هذا الاطار. وتاليا استنتج انان وفق معلومات هذه المصادر ان الموقف الروسي ومعه الدعم الايراني اقوى في دعم الاسد من دعم الولايات المتحدة والغرب والدول العربية للمعارضة باعتبار ان هذا الدعم ليس بالقوة نفسها وهو دعم مبدئي وليس بالقوة الفعلية نفسها للدعم الروسي والايراني للاسد . وهو الامر الذي ظهر في اجتماع جنيف لمجموعة العمل المتصلة بسوريا فاعتقد انه من ضمن ميزان القوى الروسي الغربي الحالي لا يستطيع ان يضغط على النظام السوري بل ان يحاول ان يصل معه الى تسوية مقبولة منه،  وهو الخطأ الذي وقع فيه انان من اول الخط الى نهايته.

العامل الثاني وفق معلومات هذه المصادر يتصل بنظرة انان الى ما يجري في سوريا بناء على ما تقدم. فبات ينظر الى الثورة في سوريا على انها صراع مصالح بين ايران والمملكة العربية السعودية مغلباً العنصر الجيوسياسي على طابع الانتفاضة الشعبية في سوريا. مما يعني ًانه بات يعتبر ان السوريين هم ادوات في خدمة مصالح الآخرين، منزلقا الى تفسير جيوستراتيجي لما يحصل،  مرتكبا بذلك خطأه الكبير الثاني في تجاهله الاسباب الداخلية للثورة السورية وديناميتها التي دخلت عليها الاعتبارات الخارجية.

اما العامل الثالث فكان اعتماد انان في تقويمه للوضع الداخلي وميزان القوى الداخلي في سوريا على تقدير رئيس فريق المراقبين الجنرال روبرت مود الذي من موقعه اعتبر ان ميزان القوى لا يزال الى جانب الجيش الموالي للنظام في قدرته على استخدام الاسلحة الثقيلة على رغم ان التقارير من جهات استخبارية عدة تكشف خسارة النظام سيطرته على مناطق عدة من الاراضي السورية. ويعود ذلك وفقاً لما تقول هذه المصادر الى غياب وجود للامم المتحدة على الارض في سوريا وعرقلة النظام السوري اقامة مكتب دائم يمكن ان يساهم من خلال تقارير موضوعية  في تقويم الوضع على الارض على حقيقته. والخطير في هذا الاطار انه غاب عن انان، تبعا لذلك،  ان ما يجري في سوريا ليس،من عمل مجموعة مسلحين او ارهابيين مسلحين وفقاً لما يقول النظام بل معارضة وقوة سياسية غيّبهما انان في جولته الاخيرة بعد غيابه عن اجتماع مجموعة اصدقاء سوريا الذي انعقد في باريس، فاكتفى بزيارة النظام السوري وحلفائه اي العراق وايران من دون التحدث مع المعارضة او مع الدول العربية. وتالياً،  فاستنتاجه كان وفق معلومات هذه المصادر الديبلوماسية،  انه في ظل الخلل في ميزان القوى الدولي وفي ظل صراع جيوستراتيجي يجعل السوريين ادوات في صراع اقليمي وتشخيص خاطىء لميزان القوى العسكري في الداخل، ان عليه ان يكون اكثر مرونة في التعامل مع الاسد. وقد تبين له ان الرئيس السوري وعده بمجموعة امور ظهر من تسريب السوريين لما سمي محضر اللقاء انه كان ضحية خديعة باعتبار انه تم تظهير انان موافقا على اقتراحات الاسد وخططه في حين نفى المبعوث الاممي انه وافق. فانان اعتبر انه اخذ من الرئيس السوري أمرين: احدهما هو موافقته على وقف العنف وقبوله بالحوار. لكنه في العنصر الاول ذهب الى شروط  وتفاصيل تنسف خطة انان في الاساس ويستحيل في ضوئها ان يتحقق اي وقف للنار، وفي العنصر الثاني فان تسمية علي حيدر للبحث في تشكيل الهيئة الانتقالية ليس اقتراحاً جدياً باعتبار ان هذا الاخير ليس من ضمن النظام وهو على طرفه في حال التسليم جدلاً بأن الاسد يريد ان يسلم السلطة الى هيئة انتقالية تأخذ منه صلاحياته.

هذا الاهتزاز العميق لمهمة انان من حيث تقويمه للامور وشعوره بالخديعة واثارته غضب المعارضة السورية وفقدانه ثقتها الى جانب الاعتقاد انه اداة طيعة في يد الروس سيجعل الامور اكثر تعقيداً في المرحلة المقبلة على رغم اقتناع عام بان انان يضيع الوقت ليس الا، خصوصاً بعد استنتاج المعارضة السورية بكل تلاوينها ان روسيا لم تغير اطلاقاً موقفها من النظام واستمرار دعمه. لكن مهمته تبقى ذات دلالة معنوية ان لم تكن فعلية فكيف سينقذها مجلس الامن او الدول التي تحتاج اليها في الوقت الضائع؟

=================

وصفة عنان : أعطوا القاتل فرصة * سالم الفلاحات

الدستور

15-7-2012

يظهر ان اختيار كوفي عنان مبعوثا دوليا وعربيا كان معبرا حقا عما يريده الغرب والشرق والعرب بسوريا المستقبل

فتاريخ عنان حافل بالسماح للقتل ورؤية الدماء والتمثيل بالجثث والاحتفاظ بالرؤوس والجماجم في متاحف التاريخ الاسود ,لتبقى صفحة سوداء في جبين الدول الكبرى وفي سجل الصمت والتخاذل وقبل ذلك في تاريخ عنان نفسه.

ولو رجعنا الى الفترة التي كان فيها عنان امينا عاما للامم المتحدة وكيف كان السلم العالمي في عهده وكيف كان حال العديد من الشعوب في العالم الثالث , لوجدنا انه حاز قصب السبق في حيازته على اكبر قدر من المذابح التي طالت العديد من الشعوب

ويظهر ان هذه المؤهلات التي حازها عنان , وابرزها الانحياز للاقوياء على حساب الضعفاء ,, وللحكام على حساب الشعوب , ولمنطق القوة على حساب قوة المنطق والحجة , ثم القدرة على الابتسام والظهور بالمظهر الجاد وبسحنة أفريقية تجعل البعض يظن انه من المكتوين بنار الظلم , لتتوقع منه نصرة المظلومين .

لعل هذه المواصفات والمؤهلات هي التي جعلته الشخص المفضل الذي يفهم المراد دوليا وعربيا وقبل ذلك صهيونيا المبعوث الدولي والعربي لانقاذ الشعب السوري , وهكذا جاء عنان بالفرج ولكن للقتلة المجرمين وليس للشعب المقتول المشرد المطارد والمهجر منذ ثلاثين عاما او تزيد حتى اليوم .

جاء عنان بمهمته التي توهم البعض في البداية انها بداية نهاية معاناة الشعب السوري لاخراج سوريا قوية متماسكة لتستطيع ترميم ما دمره النظام خلال سنة ونيف وايقاف النزيف الدموي الهائل ...

كان نصاب القتل الذي حدده النظام السوري خشية ان يثور عليه العالم من ابناء الشعب قبل وساطة عنان عشرين قتيلا وبعد استيقاظ ضمير عنان بطولاته وانسانيته قدره بمئة او مئتين او ربما ثلاثمئة ، ثم أعطى مهلا جديدة للنظام   ليثخن في القتل وهتك الاعراض واخافة الناس وترويعهم لعله يرتوي من هذه الدماء الطاهرة لاكمال المأساة السورية وايصال الشعب .لحالة من اليأس والاستسلام لبطش النظام .

لانستطيع احصاء المذابح الجماعية للشعب السوري في عهد بعثة عنان وليس اخرها مذبحة تريمســــــــة وما من مذبحة الا وهي اكبر من سابقاتها حيث احصى من تبقى على الحياة منهم لبعثة عنان اكثر من مئتين وعشرين شهيدا ولا مانع من ادانة النظام احيانا عندما تفتضح بعض المذابح الكبرى عربيا ودوليا وحتى من روسيا نفسها التي اصبحت عظمى فقط في المسالة السورية ولا يستطيع احد في الارض ان يجرح شعورها .

وموقف عنان ليس اكثر سوءا من الموقف الدولي والعربي عدا عن الموقف الروسي الذي لا يحتاج الى وصف , ويتبدى للعيان ان الباعثين والمبعوث(عنان) متفقان على شيء واحد هو قتل روح التمرد على الاستبداد والقتل التي انفجرت في سوريا بعد معاناة وصمت , وهو الموقف نفسه تجاه العديد من الشعوب العربية الثائرة على الفساد والاستبداد بل والداعم للانظمة الدكتاتورية والفردية, ومدها بعناصر البقاء والحياة ما دامت المصلحة الصهيونية ببقاء الانظمة المجربة والمستألفة والمدجنة المتفاهمة سرا وعلنا معه ، كل بطريقته الخاصة لكنها متفقة جميعها في المحصلة أخيرا.

ولعل حكمة ربانية تخفى علينا جميعا ـ وهذا لايعفي المجتمع الدولي من مسؤولياته ـ لعل الشعب السوري يحرر نفسه دون تدخل دولي لصالحه وحتى تبقى ثورته نظيفة وبايد سورية فقط , صحيح ان الخسائر في الارواح والممتلكات والقيم والاعراض كبيرة وهائلة , ولكن اذا لم يكن غير الأسنّة مركبا    فما غاية المضطر الا ركوبها .

=================

سورية: التوريث والأخطاء القاتلة

الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢

خالد الدخيل

الحياة

من الواضح أن حافظ الأسد نجح في بناء مؤسسة أمنية قوية بقدرات عسكرية عالية، للنظام الذي أعاد تأسيسه في خريف 1970. الأداء العسكري للنظام هذه الأيام يؤكد ذلك، والأعداد الكبيرة ممن قضوا على يده، ومن شردهم، ومن اعتقلهم من السوريين، ومن حجم الدمار الذي يوزعه على معظم مدن وقرى سورية خير شاهد على ذلك. لكن من الواضح أن النظام السوري فشل في كل شيء آخر، وأبرز معالم هذا الفشل أنه أشعل حرباً أهلية لا يستطيع بعدما يقرب من 16 شهراً أن يكسبها، ولا أن يوقفها، ولا حتى أن يخسرها. وصلت الأمور إلى حد المأزق، لأن النظام فقد السيطرة على سياق الأحداث. يملك النظام قوة تدميرية هائلة مقارنة مع المعارضة، وسقفه في التدمير والقتل مرتفع جداً حتى عن سقف إسرائيل، لكنه لم يعد يملك القدرة على حماية نفسه من السقوط. كل ما يملكه هو رفع كلفة هذا السقوط، وهو ما يفعله الآن، وربما لهذا اقترح الرئيس الأسد على كوفي أنان هدنة تسمح بخروج متزامن من المواقع الحساسة لقوات النظام وقوات المعارضة، وأن يضمن خروجاً آمنا لهذه الأخيرة. قد يكون في ذلك خدعة، لكن الأرجح أنها تعبير عن عجز بدأت بوادر استيعابه تظهر للعلن.

هنا يبرز السؤال: كيف نجح الأسد الأب في سحق انتفاضة حماة عام 1982 في ثلاثة أسابيع، وحصرها بحيث لم تنتقل عدواها إلى مدن أخرى، في حين فشل ابنه في السيطرة على انتفاضة درعا، ومنع انتقالها إلى أنحاء سورية؟

درعا مدينة ريفية وأصغر من حماة، وتقع في منطقة نائية عن المدن الكبرى، ثم إن ما حصل في حماة كان ذروة مواجهة شرسة بين النظام و»الإخوان المسلمين» بدأت عام 1979. أما ما حصل في درعا فلم يكن إلا محاولة أطفال لتقليد ما كانوا يسمعونه من شعارات الربيع العربي التي كانت تتردد بشكل يومي على شاشات الفضائيات. كان بالإمكان معالجة الموقف بشيء من الحكمة، لكن قسوة النظام وشراسته تعكس من ناحية طبيعته الحقيقية، ومن ناحية أخرى ارتباكه في ظل أجواء الانتفاضات الشعبية. نجح الأسد الأب لثلاثة أسباب: الأول أن الانتفاضة اقتصرت بشكل أساسي على حماة، وثانياً أنها حصلت قبل الربيع العربي بحوالى ثلاثين سنة، وثالثاً أن حافظ الأسد كان آنذاك يتمتع بغطاء عربي ودولي سمح له بتدمير المدينة وفرض تعتيم إعلامي على ما كان يحدث. الرئيس الشاب يفتقد هذه الميزات الثلاث، ومع ذلك تصرف مع أطفال درعا بالطريقة نفسها التي تصرف بها والده مع حماة، غير آبه أو غير مدرك لأهمية الاختلافات الكبيرة بين الحالتين، بما في ذلك اختلاف الظروف المحيطة بهما، وبخاصة اختلاف الظرف الإقليمي والدولي وعلاقته الوثيقة بما كان يحدث في كل منهما. لم تتحول انتفاضة حماة إلى ثورة شعبية تشمل غالبية سورية، أما انتفاضة درعا فتوسعت لتصبح انتفاضة في كل أنحاء سورية تطالب بإسقاط النظام. وبما أن سياسة النظام واحدة في الحالتين، فإن هذا الاختلاف يعود بشكل أساسي إلى اختلاف طبيعة الانتفاضتين، واختلاف الظروف المحيطة بكل منهما، وبالتالي فإن المسؤولية في عدم تقدير هذه الاختلافات، وما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات خطرة تعود بشكل حصري إلى قيادة النظام السياسي للرئيس بشار الأسد. السؤال: لماذا فشل الرئيس في إدراك هذا الاختلاف بما يمكنه من احتواء أحداث درعا، ومنعها من التحول إلى شرارة ثورة تطالب بإسقاطه؟

بدأ مأزق الرئيس الشاب قبل الثورة بسنوات، وتحديداً مع عملية التوريث التي أوصلته للحكم. كان التحضير والترتيب لهذه العملية أمنياً وسرياً، وعندما توفي الأسد الأب تمت عملية التوريث بشكل مموّه، إذ تم تعديل المادة الدستورية المتعلقة بسِنّ الرئيس لتلائم سنّ الوريث خلال أقل من نصف ساعة، ثم صوّت مجلس الشعب، وبعده أجرى استفتاءً شعبياً تحت إشراف وزارة الداخلية لإعطاء مسحة انتخاب للرئيس الجديد، أي أن النظام كان في حالة تناقض حاد مع نفسه، فأقر التوريث، لكنه لا يستطيع الاعتراف بذلك، ولا يستطيع إعطاءه صفة رسمية دستورية، لأن هذا يتطلب تعديلاً دستورياً يغير من طبيعة وأسس الجمهورية، ولم يكن هذا متاحاً. بعبارة أخرى، أضعف التوريث موقف الرئيس الجديد، أضف إلى ذلك أن التوريث اقتضى تجاوز كل القيادات الكبيرة، سياسية وعسكرية، والتي شاركت الأسد الأب في بناء النظام، وإحالة بعضهم على التقاعد، ونشأ نتيجة ذلك صراع بين الحرس القديم والحرس الجديد الذي جاء مع الوريث الجديد على رأس الحكم، وهو ما يعني أن الرئيس بشار كان في سنوات حكمه الأولى يستشعر هاجس تهديد داخلي. في تلك الأثناء حصل الغزو الأميركي للعراق، وسقوط نظام صدام حسين خلال ثلاثة أسابيع من بدء الغزو. حينها بدا واضحاً أن القيادة الجديدة في دمشق وجدت نفسها، وفي أيامها الأولى، أمام تطور إقليمي ودولي لم تتهيأ له، وبدا واضحاً من تصرفات هذه القيادة أن الخوف قد استولى عليها من التداعيات المحتملة لهذا التطور الخطر. أصبح الجيش الأميركي على حدودها، وهناك من يقول بأن المحطة القادمة لهذا الجيش يجب أن تكون دمشق. في الوقت نفسه كانت الأصوات ترتفع في لبنان مطالبة بتخفيف القبضة الأمنية السورية على الحياة السياسية في هذا البلد، وإعادة انتشار القوات السورية.

وجد الرئيس الجديد نفسه تحت وطأة شعور متمكن بأنه بين ثلاثة مصادر للتهديد: أولها داخلي، واثنان من الخارج، واستقر رأيه على أن الموقف يفرض الإمساك بالورقة اللبنانية بأي ثمن، للمساومة بها إذا ما فرضت التطورات ذلك. اتخذ الرئيس قراره تحت وطأة الشعور بالخوف والضعف، وليس بناء على حسابات سياسية متوازنة. بدا للرئيس أن السبيل الوحيد للإمساك بالورقة اللبنانية هو فرض التمديد للرئيس اللبناني حينها، إميل لحود، حليف دمشق القديم، بالتعاون مع الحليف الآخر، «حزب الله»، ففعل ذلك بالقوة والتهديد، وكأنه ليس في لبنان من صديق لسورية إلا لحود، وتم التمديد بالفعل. بعد التمديد بقليل اغتيل رفيق الحريري، ثم «كرت» سبحة الاغتيالات اللبنانية. هل هناك من علاقة بين التمديد وموجباته، وبين هذه الاغتيالات؟ التمديد فرضته دمشق، والاغتيالات بدأت بعد التمديد. أخذت الأسئلة والاتهامات تزعج عاصمة الأمويين، وهنا بدأ التخبط السياسي للقيادة السورية، الذي أفقدها كل أوراقها الإقليمية والدولية. اعتبرت هذه القيادة الورقة اللبنانية أهم بالنسبة لها من أي شيء آخر، وأهم شيء في هذه الورقة هو «حزب الله» بقدراته العسكرية الضاربة. وهذا مؤشر على شعور حادٍ بضعف موقفها الداخلي. أولوية تحالفها مع «حزب الله»، تعني أولوية تحالفها مع إيران، وهو ما يوحي بأن هواجس دمشق مع الرئيس الجديد ومخاوفها تتجه للخارج. لكن جاءها التهديد من حيث لم تحتسب: ثورة شعبية من الداخل تريد التخلص من النظام ومن رئيسه، وعندها وجد الرئيس الشاب نفسه أمام الثورة أعزل في الداخل إلا من قوة عارية، ومن دون أي غطاء إقليمي أو دولي في الخارج، إلا غطاء طهران وموسكو. وهذا على عكس ما كان عليه والده عام 1982. طهران تعاني من العزلة والعقوبات، وغطاء موسكو لم يحمِ كل من حاول تغطيته من أفغانستان، مروراً بالعراق، وأميركا الجنوبية، وانتهاء بأوروبا الشرقية.

ما آلت إليه أوضاع سورية مع الرئيس الجديد تؤكد الخطأ القاتل للتوريث الذي وقع فيه الأسد الأب، فبسبب هذا الخطأ تغيرت حسابات دمشق وأولوياتها الإقليمية، وأوقعتها أخيراً في الأخطاء القاتلة على يد الرئيس الجديد، وهي أخطاء حاذر الأسد الأب من الاقتراب منها على مدى ثلاثة عقود. الخطأ الأول هو الدخول في محور إقليمي يقيد النظام بخيارات مغلقة، ويحد من حركته إقليمياً، ويخل بتوازنات إقليمية لا يستطيع النظام السوري بتركيبته المحافظة على استقراره، بل والبقاء من دونها. الخطأ الثاني القطيعة مع السعودية ودول الخليج العربي من ناحية، ومع مصر من ناحية أخرى، فالقطيعة مع السعودية ومصر معاً، مع بقاء الحالة العراقية كما كانت عليه في عهد صدام، أو وهي تحت النفوذ الأميركي الإيراني المزدوج، تعني أن سورية تصبح معزولة إقليمياً ودولياً. الخطأ الثالث السماح لعلاقة سورية مع إيران أن تكون على حساب علاقاتها العربية، أو العكس. والخطأ الرابع الارتهان لفريق واحد في لبنان، لأن هذا يضيق من خيارات سورية لبنانياً وإقليمياً، والغريب أن الرئيس الجديد وقع في كل هذه الأخطاء مجتمعة، وهو يدفع ثمنها هذه الأيام. وقبل ذلك يدفع ثمن أولوية الخارج على الداخل، وتعامله مع هذا الداخل بطريقة انتهت إلى ثورته عليه، وعلى نظامه الذي أتى به الى الحكم.

=================

رسائل التريمسة

الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢

عبدالله اسكندر

الحياة

كلما ارتكبت مجزرة في سورية، تتجه الأنظار إلى مجلس الأمن كي يتخذ قراراً ملزماً بوقف العنف، وتالياً إلى روسيا التي لا تزال تمانع مثل هذه الخطوة.

وجاءت مذبحة التريمسة بين ثلاثة مواعيد مهمة. الأول جولة الموفد كوفي أنان على دمشق وطهران وموسكو. وهي الجولة التي تحول خلالها من موفد مشترك - دولي عربي، أي ينقل صيغة التفاهم العربية - الدولية التي تبلورت في النقاط الست، إلى مروّج لمسار جديد خاص.

الثاني، زيارة موفدين من المعارضة السورية، بشقيها المجلس الوطني المتشدد في مواقفه وقبله التيار الديموقراطي الداعي إلى حوار داخلي ما والمعارض لأي تدخل خارجي، من أجل توفير صيغ طمأنة في شأن المصالح الروسية في المرحلة المقبلة.

والثالث، عودة الملف السوري إلى مجلس الأمن، سواء في إطار بحث مهمة المراقبين وتمديدها أو في قرار جديد يتناول الأزمة السورية عموماً، وكيفية دفع خطة أنان (الأولى أو الجديدة؟) إلى حيز التطبيق.

وقراءة رسائل المذبحة الجديدة في ريف حماة تأتي في هذا الإطار السياسي، خصوصاً أنه ليس هناك أي شك في الطرف الذي ارتكبها، وهو القوات السورية النظامية والشبيحة. لقد اعترفت دمشق رسمياً بأن قواتها هي التي تقوم بعمليات في المنطقة واعترفت بعثة المراقبين، وللمرة الأولى ومن دون لبس، أن القوات النظامية هي التي ارتكبتها.

ويطرح السؤال عن دوافع النظام إلى ارتكاب هذه المذبحة، في الوقت الذي يسعى أنان إلى إشراك الحليف الإيراني في الحل ويتوجه إلى الحليف الروسي في إطاره، وفي الوقت الذي يعود الملف إلى مجلس الأمن. وقد رأينا الردود العربية والدولية المنددة والمطالبة بالفصل السابع وبعضها بالتدخل الخارجي.

الأرجح أن النظام يريد استدراج مثل هذه المواقف ويدفع الأمور إلى تصعيد ميداني وسياسي، من أجل قطع الطريق على أي احتمال للحوار، سواء جاء عبر أنان أو موسكو، ناهيك بالطبع عن رفضه المطلق لأي بحث في مرحلة انتقالية.

على المستوى الظاهري قال النظام كلمته في هذه المسألة، عبر تنظيم انتخابات برلمانية وحكومة «وحدة» مع «معارضة» داخلية، إلى حد تسمية أحد هؤلاء المعارضين وزيراً للحوار والمصالحة. أي أن النظام قام، شكلياً، بما عليه. ويبقى إقناع «المجموعات المسلحة والإرهابيين» بالانضمام إليه. وهذا بالضبط ما ركزت عليه موسكو في تبرير موقفها المناهض لأي قرارات دولية ملزمة لوقف العنف.

والرسالة التي يبعث بها النظام حالياً هي لحليفه الروسي الذي يبعث بإشارات متعارضة في شأن الحوار وأطرافه. والتصعيد في هذا الإطار يلزم الحليف بتأييد النظام وخطواته السياسية.

أما الرسالة البعيدة المدى فهي تنطوي على تسعير للنزاع بما لا يبقي أي شك في طبيعته الطائفية، الأمر الذي يدخل الأزمة في معادلة جديدة، تفرض على جميع الأطراف الدوليين إعادة النظر في تقويمهم للوضع وللأدوار التي يمكن أن يقوموا بها، خصوصاً لجهة التدخل المباشر. من البديهي أن اتخاذ هذا النزاع البعد الطائفي يدفعه إلى أن يصبح جزءاً لا يتجزأ من نزاع إقليمي، أي انزلاق فيه يتحول حرباً إقليمية لا تستبعد إيران وتركيا، ناهيك عن دول الخليج والأردن. والجميع يدرك أن دول المنطقة والدول الكبرى لن تبقى بمنأى عن مثل هذا النزاع الذي لا ترغب فيه، لأسباب كثيرة، وستعمل على أن تحول دونه أو اشتراكها فيه. أي أن التصعيد الطائفي يبعد شبح التدخل الخارجي أكثر من كونه مستدرجاً له.

وبذلك تكون الدماء السورية، مرة أخرى، هي الثمن الذي يقدمه النظام من أجل البقاء في السلطة وتخويف العالم من عواقب سقوطه. وعلى روسيا أن تقرر الآن ما إذا كانت تلتقط هذه الرسائل الدموية أم أنها ستبقى تتصرف وكأنها لا تعرف.

 

=================

ادعاءات حول سوريا!

فايز سارة

الشرق الاوسط

15-7-2012

تكثر الادعاءات حول سوريا، كلما أوغلت الأزمة السورية إلى الأعمق زمنيا والأكثر تعقيدا في تفاصيلها الداخلية وفي التدخلات الخارجية في الشأن السوري، وتصل بعض هذه الادعاءات إلى حدود الكذب صراحة أو تلميحا أو تتجاوزه في بعض الأحيان. وتتشارك في تلك الجريمة التي ترتكب بحق سوريا والسوريين هيئات دولية وإقليمية ودول كبرى وصغرى، إضافة إلى شخصيات معروفة، ولكل طرف من الأطراف أسبابه ودواعيه في ما يسوقه عن سوريا وأوضاعها من ادعاءات وأكاذيب.

ومن بين أكثر الادعاءات شيوعا عن سوريا، أنها تعيش حالات انقسام حاد في بناها السكانية طبقا لمكونات دينية وطائفية وعرقية، وأن هذه الانقسامات تتبلور في تكوينات متشددة، تأخذ طريقها نحو التحول إلى جماعات مسلحة، أو أنها أصبحت كذلك بالفعل، وأنها انخرطت في أعمال ونشاطات، تعزز الانقسامات. غير أن واقع الحال في العديد من المناطق والمدن السورية، لا سيما دمشق التي تضم ربع السكان السوريين، يؤكد خطأ الادعاء، ويجعله بلا مصداقية.

وهناك ادعاء آخر، يتردد كثيرا، بالقول إن سوريا تعيش حربا أهلية، أو القول إنها غرقت في حرب طائفية، وهو ادعاء لا يراعي الواقع ولا يفهمه، حيث إن النظام من خلال تبنيه للحل الأمني العسكري يشن الحرب ضد سوريين في كل المناطق، بمدنها وقراها، ولا تميز قذائف الدبابات والمدافع، وحتى طلقات البنادق والقناصات، أهدافها من البيوت والأفراد طبقا لطوائفهم أيا كان الذي يطلقها، بل إن الذين يطلقون النار لا ينتظمون حسب طوائف ومناطق أو ديانات.

كما أن من بين الادعاءات الفاضحة القول بأن سوريا أصبحت قاعدة للخلايا الإرهابية المتشددة، والتي لا تتشكل من سوريين فقط، وإنما من عرب ومسلمين يفدون من أنحاء العالم إلى سوريا ليجعلوها أفغانستان جديدة أو ما يماثلها. ولا شك أن قولا كهذا يشكل كذبا فاضحا، حيث لم تبين وقائع وتطورات نحو عام ونصف عام من الأحداث السورية أحداثا تؤيد أو تدعم هذا الادعاء، بل إن البيئة السورية بما عرف عنها من الناحيتين السياسية والدينية لا تشكل حاضنا لمثل ذلك، ولا هي بيئة جاذبة للمتشددين على نحو ما هو معروف.

وثمة ادعاءات وأكاذيب أخرى، يجري ترديدها حول سوريا، من بينها وصف المعارضة بأنها مسلحة من دون إشارة إلى أن الأمر ينطبق بصورة محددة على الجيش الحر الذي يشكله منشقون عن المؤسسة العسكرية، ومثل ذلك القول بأنه يتم تجنيد أطفال في العمليات العسكرية، وهو أمر غير صحيح في ضوء الوقائع، وكذلك القول بوجود عمليات قتل وخطف وتخريب ممتلكات على خلفيات دينية أو طائفية، خاصة حيال المسيحيين، وجميعها ادعاءات لا تتوافق مع الحقائق القائمة في الواقع.

وأي شيء غير النفي المطلق لأحداث تتصل بما سبق، يدخل في دائرة مبالغة توازي في خطئها ما تذهب إليه تلك الادعاءات والأكاذيب، التي تأخذ حادثة أو قلة من الحوادث، أو مظاهر، أو معلومات يرددها البعض لأهداف سياسية تخدمه، وتعتبرها ظواهر عامة، صارت بمثابة ملامح لسوريا والسوريين، وأصبحت ترسم ملامح أفكارهم وسلوكياتهم، وتحدد الآفاق التي ستتطور إليها مستقبلاتهم.

لقد حدثت في ظروف الحل الأمني – العسكري، الذي اختارته السلطات سبيلا لمعالجة الأزمة بدل المعالجة السياسية، ارتكابات وجرائم وحشية، لا سيما من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية، وامتدت بعض تلك الارتكابات إلى الوسط الشعبي والجيش الحر، وبعض الأعمال والارتكابات كانت في إطار ردود الفعل على ما حدث ويحدث من انتهاكات فاضحة، لكنها ظلت أعمالا فردية أو محدودة ومقترنة بظروفها وبأماكنها، بمعنى أنها لم تكن ظواهر على نحو ما توصف.

إن الخلفية التي تنطلق منها الادعاءات والأكاذيب السابقة وما يماثلها، تعود إلى أسباب متعددة ومختلفة. أول هذه الأسباب يكمن في جهل الواقع السوري، أو ربط المعرفة به بما هو معروف عن مجتمعات عربية وإسلامية أخرى مثل لبنان والعراق وأفغانستان، وجميعها بلدان لكل واحد منها خصوصياته، التي تجعله مميزا عن غيره، وفي مثال محدد فإن جماعات الإسلام السياسي في كل واحد من البلدان السابقة لا تشبه بعضها حتى في الاسم.

وثمة سبب آخر وراء تلك الادعاءات والأكاذيب، حيث تتحول إلى ذريعة، يتم الاستناد إليها في تبرير مواقف أصحابها، وصولا إلى التنصل من مسؤولياتهم في المشاركة الجدية والعملية بحثا عن حل للأزمة القائمة في سوريا، والتي يمكن أن تكلف البعض مسؤوليات وأعباء سياسية ومادية لا يرغبون في تحملها والقيام بها، ولعل أحد الأمثلة على ذلك الادعاءات القائلة بتشتت المعارضة السورية وانقسامها، باعتباره يبرر عدم اتخاذ موقف يؤازر مطالب السوريين.

وهناك سبب ثالث في خلفية تلك الادعاءات، وهو استخدامها لخدمة مواقف سياسية، يتبناها أصحاب تلك الادعاءات، ومن ذلك قول المسؤولين الروس وتكرارهم إن المعارضة في سوريا مسلحة، وإنها تستهدف تدمير الدولة السورية، وهو ادعاء هدفه تبرير الموقف الداعم للسلطات السورية ومواقفها الذي تقوم به موسكو، وجعل السلطة والمعارضة على ذات الأرضية والمسؤولية في الأزمة السورية.

خلاصة الأمر في الادعاءات والأكاذيب، التي يتم ترويجها حول سوريا والسوريين، أنها ترسم صورا غير حقيقية عن الواقع، وهي تسهم في استمرار الأزمة وتصعيدها، وغالبا فإنها سوف تقود إلى توطين الأزمة وتعميقها، الأمر الذي يضع مسؤولية كبيرة على مختلف الأطراف لا سيما الباحثين عن مستقبل أفضل لسوريا والسوريين للوقوف ضد تلك الادعاءات ومحاربتها.

=================

بوابات سوريا المفتوحة

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

15-7-2012

ازدادت ظاهرة بيانات المنشقين عن قوات النظام السوري، من رتب عسكرية مختلفة، وطوائف متعددة، بما فيها طائفة الرئيس العلوية، أيضا، كما تجرأ ثلاثة سفراء وأعلنوا انشقاقهم. وعلينا أن ندرك أن معظم كبار موظفي الدولة الراغبين في العصيان يخشون إعلان مواقفهم خوفا على أقاربهم من النظام الذي لا يتورع عن الانتقام من أفراد عائلاتهم ردعا للبقية التي لم تهرب بعد.

وكان آخر المنشقين العسكريين، مناف طلاس، قائد لواء بالحرس الجمهوري ومن أبرز المقربين، سابقا، من الرئيس بشار الأسد، هرب سرا عبر الحدود بعد أن غادر معظم أفراد عائلته. وكان يهيئ لنفسه الخروج فعليا منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ولم يغادر إلا بعد أن تسلل والده مصطفى، وزير الدفاع الأسبق أيضا، عبر الحدود مع لبنان ثم إلى الخارج.

ويبدو أن المخابرات السورية لم تعد تملك القدرة على مراقبة ومنع كبار القيادات العسكرية والسياسية من الهرب، وهذا ما جعل مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» الذي انعقد في باريس يفاجئ الجميع بمشاركة قيادات عسكرية وسياسية ميدانية جاءت حديثا من داخل سوريا.

وبالتالي، يتضح أن النظام يفقد السيطرة تدريجيا، وهو الذي يقوم أساسا على السيطرة على الجميع بحدود مغلقة، ونظام عقوبات قاس، لردع الناس من معارضته.

ولا يزال مئات من السوريين يخرجون يوميا عبر لبنان، والأكثرية إلى تركيا، وهناك من فر إلى الأردن. وفي الاتجاه الآخر، من تركيا إلى داخل سوريا، يتم تهريب كثير من المؤن والمساعدات الإنسانية رغما عن حرس الحدود السوري، كما يتم تهريب المقاتلين والأسلحة أيضا. وبالتالي ارتخت قبضة القوات السورية ولم تعد تقدر على حراسة حدودها، معتمدة أكثر على حراسة قوات الحدود من الدول الأخرى المجاورة مثل العراق والأردن ولبنان. هذا العجز يظهر أن ما يحمي النظام السوري فعليا اليوم هو «الفيتوان» الروسي والصيني في مجلس الأمن، وإلا لكانت عمليات نقل الأسلحة والمقاتلين المتدربين تتم بشكل أكبر، دون خوف من الجيش السوري المنشغل جدا في قمع المظاهرات اليومية في أنحاء البلاد. ولو أن مجلس الأمن سمح للمعارضة بالتسليح لحل المعادلة سريعا، حيث إن كثيرا من الدول مستعدة لإرسال ما يحتاج إليه الثوار للسيطرة على أراضيهم وطرد قوات النظام حتى محاصرته. لكن من دون موافقة مجلس الأمن لن يمكن إيصال العتاد العسكري الكبير، ولن تسمح تركيا وبقية الدول المجاورة، وهذا ما جعل القضية أكثر تعقيدا.

وكل ما يتم تهريبه إلى الداخل هو الخفيف من العتاد، والقليل من المؤن الغذائية والمساعدات الطبية المحدودة.

أصبح النظام محاصرا من كل الجهات. فالمظاهرات وصلت إلى قلب العاصمة، دمشق، ونشاط الثوار المسلحين اتسع إلى درجة تحرير مناطق كاملة في الداخل؛ دير الزور مثلا في قبضة الثوار الذين عينوا حتى مدير شرطة للمدينة. والنظام فاقد السيطرة على الحدود مع تركيا ولبنان. ويبدو أن هناك عددا كبيرا من كبار رجالات النظام يرتبون للتخلي عنه. ومن عجزه، أصبح الأسد يريد الآن العودة للمبادرات السياسية بعد أن كان هو من أفشلها، وقد حرص دبلوماسيوه على التأكيد أنه يقبل بمبادرة كوفي أنان الأولى التي ماتت.

==================

مجزرة التريمسة : أن يسقط النظام أو يسقط الشعب

وليد جداع

الحركة الدستورية السورية 2012/07/14

ليس من رد على مجزرة التريمسة وعلى غيرها مما سبق ومما قد يأتي -لا سمح الله- إلا العمل البناء والتعبئة العامة وحشد قوى الشعب السوري عامة في معركتنا الكبيرة مع الطغاة في دمشق.إننا جميعا أمام مصير واحد: إما الخضوع لآل الأسد من جديد، وإما الاستمرار حتى النصرمع بذل الثمن الكبير اللازم من دم ومال وتضحيات..إن المعركة كما دأب شيخ الحقوقيين السوريين السيد هيثم المالح أن يقول-وكلنا نقول- إما أن يسقط النظام أو أن يسقط الشعب!

على بساطة هذا القول فإن الالتزام به يحتاج لتبنيه أولا بصورة لا لبس فيها، ومن ثم القيام بمتطلبات خاصة للوصول إليه، ليس أقلها أهمية عوامل مثل التفاني والذكاء وحسن الأداء....إن الصراخ والعويل والتهديدات الجوفاء، أو التعويل على العمل الدولي، لا تنفع أمام آلة قتل فتاكة أعلن رئيسها الحرب على الشعب السوري منذ اللحظة الأولى، وجدد الأسد الصغير هذا الإعلان مرات عدة، ليس آخرها طلبه من مجلس الوزراء المعين أخيرا حشد الجهود للانتصار في المعركة على أساس أن العدو ليس على الحدود بل هو الشعب السوري في الداخل. إن هذا التصريح الصهيوني جدا والذي لم يقله الطغاة السابقون الذين سقطوا ،بهذه الصفاقة، يؤكد أننا نحارب آلة صهيونية إسرائيلية ، وليس ذلك الديكتاتور الصغير بشار الأسد.

 

ربما كان قاسيا جدا أن نقول إن على الإخوة الجنرالات أن يكفوا عن التصريحات السياسية ومغازلة الفضائيات، وأن يعملوا بصمت لحماية الشعب السوري وتنظيم قواهم العسكرية والتنسيق فيما بينهم ، لمنع حدوث هذه المجازر أو التخفيف من ضراوتها قدر المستطاع! إن عملهم كعسكريين هو أمل الشعب السوري فيهم ،وهو مجال عملهم الذي عليهم أن يتقنوه ابتداء..إنهم إن يتركوا الإعلام والسياسة لغيرهم، لا ينتقصون من قدرهم أو مكانتهم..بل بالعكس : إن هذا عنوان كرامتهم وسبقهم وحسن مآلهم. ما الذي يمنعهم من القضاء على عتاة مجرمي النظام إذا كانوا يستطيعون ،بدل توجيه الإنذارات وإعطاء المهل كما يفعل مجلس الأمن ! إن غلبة الاتجاه العسكري في ثورة الشعب السوري يرتب على الإخوة العسكريين مهمات جسيمة ، تقتضي منهم العمل الدؤوب في مجالهم الحيوي بالذات، ولن يقصر الشعب السوري في دعمهم وبذل الغالي والنفيس لهم للانتصار في معركتهم.

والمجلس الوطني قد أحسن الصنع فعلا حين أعلن دون تردد أنه مع خيار الشعب السوري في دعم المقاومة المسلحة والجيش السوري الحر، إضافة إلى العمل الجماهيري السلمي العام. إن عدم التردد في هذا الشأن أضحى مسلمة ضرورية، ولم يعد هناك مكان للتراجع..وعندئذ فإن إعلان التعبئة العامة في صفوف الجاليات السورية في الخارج بشكل خاص أضحى مسألة استراتيجية من مهام المجلس الوطني الأساسية اليوم، بعد أن أصبحت التعبئة في الداخل حالة شبه قائمة. إن الجاليات السورية في الخارج تملك إمكانات كبيرة جدا في كل المجالات ، وقد آن الأوان ليخصص المجلس الوطني هيئة للتعبئة العامة وحشد الجاليات ، مع مراعاة ظروف هذه الجاليات في أقطارها المتعددة وعدم الإخلال بالأنظمة و السياسات الداخلية في هذه الأقطار ...ومن اليسير القول حسب تجارب المعارضة السورية السابقة، أن الأولوية يجب أن تعطى للكفاءات الاستثنائية في الاختصاصات الضرورية، وأن لا يخاف السادة في المجلس الوطني من المنافسة، أو أن يأخذ بعض القادمين إلى المجلس أو المعارضة مواقعهم التي يبدو أن المحافظة عليها أضحت شغلهم الشاغل وكأنهم ولدوا أعضاء في المكتب التنفيذي، وسيموتون فيه!

والمجلس الوطني قد أحسن صنعا أيضا ويحسن الصنع في طلب الدعم واتأييد من الدول العربية والإسلامية وكل الإنسانية التي اتفقت على أن الحق في الحرية حق من حقوق الإنسان الأساسية وحق من حقوق الشعوب كلها. ليس عيبا أبدا أن نطلب العون من الأشقاء كما يلمح بعض الإخوة في فصائل معارضة وكأننا بهذا الطلب من العون نصبح وكلاء لهذه الجهة أو تلك! بل عملاء كما يقول بعضهم للأسف الشديد! إن الشعب السوري يواجه آلة قتل فتاكة تدعمها علنا بكل السلاح والمال والخبرات والتغطية السياسية، روسية والصين وإيران وحزب الله وجهات أخرى كثيرة، إضافة إلى دعم خفي من جهات قد نعلمها أو لا نعلمها...وإن من حق الشعب السوري المكلوم والمتسلح بالإيمان والإصرار وبعض وسائل الدفاع عن النفس البسيطة، أن يطلب الدعم والتأييد بكل أنواعه. إن الشعب السوري حين يطلب ذلك من المملكة العربية السعودية أو قطر أو تركية أو غيرها ، فليس إلا من أجل حريته وكرامته والدفاع عن أبنائه وبناته وأعراضه وكرامته... وهذا حق له ، وواجب على أشقائه وأصدقائه. إن على الحكومات العربية والإسلامية وكل العالم أن يهب إلى نجدة الشعب السوري. هذا الشعب  في محنة هائلة وعلى الإنسانية كلها أن تمد يد العون له فكيف بالأشقاء والأصدقاء.

ولا بأس أن نذكر هنا أن الدول العربية رصدت من قبل أموالا طائلة لسورية تحت شعار مواجهة العدو الإسرائيلي في مراحل كثيرة مضت. إن المال السعودي والعربي عموما كان وراء حرب تشرين 1973، وإن قمة بغداد 1978 رصدت مليارا وثمانمئة مليون دولار سنويا لسورية لدعمها في مواجهة العدو الإسرائيلي ، وإن هناك الكثير الكثير الذي قدم لحافظ الأسد سابقا ولابنه لاحقا على أساس بناء الجيش السوري وحسن إعداده، ثم إذا هذا الجيش يقتل شعبه ومواطنيه. إن الشعب السوري يجاهد في سبيل معنى عظيم نبيل ، وإن على الإنسانية كلها دعمه وتأييده.

ولا ينبغي أيضا أن نمل أبدا من الدعوة إلى تكثيف العمل في مدينة دمشق العاصمة، وأن تسخر لهذه المدينة كل الإمكانات! إن الديكتاتور الصغير وأذنابه يعرفون أن مقتلهم في دمشق، وأن حتفهم النهائي ومقبرتهم ستكون دمشق! وقد لا يكون غريبا أن أحد أهدافهم من افتعال معارك هنا وهناك، إبعاد قوى الجيش الحر وفصائل المقاومة عن دمشق. إن القصر الجمهوري ينبغي أن يكون هدفا عسكريا أولا الآن. ولقد أضحى الوصول إليه أكثر سهولة من قبل. إن الدكتاتور الصغير وزمرته الضيقة فاقدون لأعصابهم وتركيزهم وسيطرتهم، وهم يهربون إلى الأمام بعمليات القتل والإجرام والتدمير، فهي خيارهم الوحيد ويعلمون أنهم في الدرك الأسفل الآن.

كلنا يعلم أن الشعب السوري انتصر منذ اللحظة الأولى التي حطم فيها جدار الخوف، وحطم فيها أصنام الطاغية الكبير.إن العملية الآن تحتاج للصبر العظيم الذي يكلل عمل الأشهر التي مضت والتضحيات العظيمة التي بذلت ، بالنصر الكامل الذي يعيد للشعب السوري حريته وكرامته. ليس في سورية عائلة للأسد بعد اليوم. ليس هناك أسد للأبد أو سورية الأسد ...هناك سورية الشعب السوري فقط. وهو أمر جلل ترخص من أجله التضحيات.

يدمى القلب لشهداء التريمسة كما لشهداء سورية جميعا، والعزاء في هؤلاء أنهم في سبيل الله مضوا ، وأنهم بنوا باستشهادهم لبنة جديدة في بناء سورية الجديدة الحرة الكريمة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ