ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سورية ..
الفساد والفوضى يضيعان "التربية"
و"الصحة" أصحاب الحالات
الحرجة بحكم الأموات.. والاختبارات
أصبحت "مزادا" دمشق: أنس حداد 2012-07-24
- الوطن السعودية لم يكن حسام يوما من
الأيام طالبا عاديا في المدرسة فهو
دائما يتربع في أعلى قائمة المتفوقين
ويحصل على حصة الأسد من شهادات الشكر
والتقدير، ربما تكون البيئة المتعلمة
التي تربى فيها والوضع الاقتصادي
الصعب الذي مرت به عائلته من أكثر
الأسباب التي دفعته للاجتهاد والتفوق
للحصول على درجات مميزة في كل
اختباراته مما قد يؤهله للحصول على
وظيفة ترقى بعائلته إلى خط الحياة
الكريمة، لا أنكر له حماسته الدائمة
وعصاميته التي طالما تباهى بها أمام
زملائه. إضاعة الوقت لا تدخل قواميسه،
فهو على خلاف وليم "ابن المسؤول
المليونير" الذي لا يأبه بوقت أو
دراسة لأن سياراته الفارهة وسهراته في
كازينوهات الشام لا تترك وقتا للتفكير
حتى بغلاف الكتب، وعلى حد قوله إنه "ابن
البطة البيضاء" فلم الدراسة؟ اختبارات الصف
الثالث الثانوي أيام عصيبة على كل طالب
فهي لا تخلو من التعقيد والصعوبة، لكن
ليس على طالب مجد كحسام. وبعد إنجاز
حسام الاختبارات سأله عمه مفيد: كيف
كانت اختباراتك؟ فرد بنبرة حزينة إنها
كانت جيدة، ثم انهمرت دموعه على خديه.
اقترب منه عمه وربت على كتفيه وسأله لم
البكاء! الرجل لا يبكي. مسح حسام الدموع
عن خديه وأخبر عمه أن الفقير ليس
لبقائه فائدة وليس لحياته معنى، فهو لا
يجرؤ حتى على رفع رأسه، مضيفا أن العدل
غائب عن سورية. فهو طالب مجد منذ
نعومة أظفاره ويحصد أفضل الجوائز
وأحسن النتائج على مستوى مدرسته، وفي
نهاية المطاف يأتي وليم الذي لا يعرف
أن يحل معادلة أو يرسم جدولا ليحصد
نتيجة تفوق نتيجته. أثار كلام حسام
دهشة عمه الذي استفسر منه قائلا: "وكيف
ذلك؟"، فيجيبه حسام أن وليم حصل على
أسئلة الاختبارات جميعا مع إجاباتها،
كل ذلك مقابل 6000 ليرة للمادة الواحدة.
كان جواب العم حاضرا بأن رفض كلام حسام
ونعته بالكاذب، فانفجر حسام عن صمته
قائلاً إن الدنيا أصبحت فوضى في سورية،
فالطلاب يحضرون الاختبار ومعهم رشيتات
(براشيم) ويخرجونها أمام المراقبين،
وليس هناك من رقيب. وأضاف لم يبق نظام في
البلد فكل شخص يتصرف كما يحلو له،
وتابع قائلا إنه أنهك في قراءة وفهم
دروس الرياضيات والعلوم والفيزياء
التي لم يحضر كثيرا منها بسبب تعطل
المدارس لفترات متعددة نتيجة للأحوال
الصعبة التي تمر بها البلاد، والشيء
الذي أثر كثيرا في نفسه أن "ابن
البطة البيضاء" يحصل على أفضل
الدرجات العلمية دون عناء يذكر بينما
"ابن البطة السوداء" يدمي عيونه
بالدراسة لكي يحصل على بعض ما يصبو
إليه. تراجع المستوى وتراجع مستوى
التعليم في سورية الذي كان مفخرة
للسوريين نظراً إلى صعوبة بلوغ
المرحلة الجامعية والحصول على شهادات
عليا، نتيجة لممارسات النظام الذي
فضّل الفوضى في بلده على الاستجابة
لمطالب شعبه. فالسنة الحالية، بحسب أحد
الأساتذة، لم تحمل اختبارات جدية بل
كانت محاولة فاشلة لكسب تعاطف الطلاب
مع الحكومة عبر تسهيل الأسئلة
والتغاضي عن محاولات الغش. يتابع الأستاذ: على
الرغم من أن الأمن استطاع أن يحكم
قبضته على مداخل الجامعات عبر وضع
بوابات تفتيش للطلاب الجامعيين،
وتخصيص الكثير من رجال الأمن للحضور في
القاعات الجامعية بغرض اعتقال أي ناشط
سياسي يحاول حشد الطلاب للمظاهرات،
فإن كل هذه الإجراءات لم تنجح في كبح
جماح المظاهرات العارمة التي عمت كل
جامعات القطر دون استثناء، فكان
انضمام الطلاب الجامعيين للثورة ضربة
قاسية للنظام، فثورة المثقفين منظمة
وقلمهم جارح وصوتهم عال والتعاطف معهم
كبير، فهم من يبني الوطن ويسير أمور
الدولة المستقبلية. والحياة الجامعية
تحمل طابع الأخوة فمن قتل زميله لن
يثنيـــه عن الثأر له أي ردع أو بطـش،
بل سيقوى ثأره لتلاحم زملائه من حوله. حديث المدارس وللحديث عن المدارس
وقع خاص لدى السوريين وبخاصة أهالي
درعا التي انطلقت الثورة من رحم إحدى
مدارسها. ويعرف السوريون أن الثورة ما
كان لها أن تنطلق لولا اعتقال كل من كان
اسمه محمد في المدرسة. وما الجرم! كل
الجرم كان أن كتب أحد الطلاب "الشعب
يريد إسقاط النظام" ودون اسم محمد
تحتها، فما كان من رئيس الأمن السياسي
في درعا عاطف نجيب، وهو أحد أقرباء
الرئيس من أمه، إلا أن يعتقل جميع
الأطفال الذين يحملون نفس الاسم وكان
عددهم يفوق العشرين. وعندما قدم إليه
أعيان وشيوخ مدينة درعا لمكتبه
ليطلبوا منه أن يفرج عن الأطفال،
معلنين له التزامهم بعدم تكرار ذلك،
وطلبوه بعقلهم التي كانت تزين رؤوسهم
كدلالة على أنهم لن يذهبوا قبل تحقيق
ما أتوا من أجله، فما كان منه إلا أن
قرع جرس طاولته، ليدخل إليه شاب مفتول
العضلات، ممتلئ القوام يحمل مسدسا على
حزام بنطاله، علت البسمات وجوه
الأعيان لاعتقادهم أنه السجان الذي
سينفذ أمر الإفراج عن أطفالهم. حدث ما
لم يتوقعه الجميع، حينما أمره أن يرمي
العقل في سلة المهملات، ولم يكتف بذلك
بل قال لهم: "أنتم لا أولاد لكم عندي"،
وأضاف كلاما بذيئا يطال الأعراض. فما كان من رئيس
الأعيان إلا أن رد عليه: "الله لا
يخلينا إذا خليناك يا عاطف نجيب، ونحن
أهل حوران". ضحك عاطف نجيب بسخرية
واستهزاء، وخرج الأعيان دون عقلهم لكن
الحقد والثأر على ما فعل ملأ نفوسهم .
فانطلقت الثورة واشتدت ونجا عاطف نجيب
من موت محقق بعد أن استطاع أن يهرب
بمروحية قبيل القبض عليه بقليل. تفشي الفساد ويعرف السوريون أن
الثورة التي انطلقت نتيجة عجرفة
المسؤولين والصراع على السلطة في ما
بينهم، غذتها النقمة على الفساد الذي
كان مستشرياً وتفاقم إبان الأحداث.
فالناس أصبحوا عاجزين عن إكمال أي من
معاملاتهم دون رشوة أو إكرامية (كما
يسمونها)، والفساد استشرى كمرض
السرطان في كل مفاصل الدولة ولم يعد له
حل أبدا سوى الاستئصال، الموظفون لا
يحسبون دخلهم الشهري وفقا لرواتبهم بل
تبعا لما يتقاضونه من رشوة في دولة
ترعى الفساد وتحميه. ويذكر السوريون
قصصاً من ضروب الفساد، منها قصة لأحد
الشبان المتورطين في جريمة قتل مثبتة،
فما كان منه إلا أن رشا بمبلغ 10 ملايين
ليرة سورية ليخرج بريئا من تهمته. وفي
رواية ثانية حصلت معه قبل فترة وجيزة
حينما كان شخص جالسا عند أحد المسؤولين
ممن قبضوا منه رشوة كبيرة لإنجاز
معاملة متعثرة، فشكره المسؤول على
مبلغ الرشوة ودعاه لشرب فنجان من
القهوة كان قد اعتاد أن يضيفه لكل
فريسة تقع تحت يديه، وهما يحتسيان
القهوة، دخل مفتش من هيئة الرقابة
والتفتيش، فما كان من المسؤول "الشريف"
إلا أن رحب به وشكره على عمله الذي كلف
به من أعلى رتبة في الدولة، قال له إن
عمل الهيئة رائع، فهو يقضي على
الفاسدين الذين لا يخافون الله،
واستغرب من شخص يقبل على نفسه أن يتلقى
رشوة من مواطن، فالضمائر لا تزال حية
والرواتب ممتازة وكافية، مضيفا أن
المسؤول إنما وجد ليخدم المواطن ويلبي
طلبه دون كلل أو تذمر، نظر الضيف إليه
مستغربا، أما المفتش فكان معجبا
بكلامه الرنان، فرد عليه المفتش بارك
الله فيك وزاد من أمثالك، في هذه
الأثناء كان الضيف يهمس في فؤاده: "لم
يخرب هذا البلد إلا من هم من أمثالك"،
قبل مغادرته لمكتب المسؤول، قال له:
أنت يا مثال الشرف والأمانة، ومن وضعك
في مكانك هذا يعرف مقدار أمانتك"،
وختم قائلا: "إن كل من يأخذ رشوة
سيلقى حسابا عسيرا فيما بعد" انقلب
وجه المسؤول من إحساس بالغرور إلى
إحساس بالنقمة على مخاطبه، لكنه لم يكن
يبالي بنظراته فمعاملته قد انتهت. "طاعون فتاك" والحديث عن سوء
الأوضاع التربوية والفساد في سورية
هذه الأيام "كوم" والحديث عن
الأوضاع الصحية والاستشفائية "كوم
آخر"، خصوصاً في ظل ما يعانيه القطاع
الصحي من مصاعب أرهقت المستشفيات
والمستوصفات في ظل شح كبير في المواد
الطبية والدوائية. ويقول أبو حسين الذي
يعمل في مستشفى المواساة بدمشق، إنهم
يعانون من ضغط كبير في العمل "لم
نشهد له مثيلاً". فالأسرة في
المستشفى لم تعد كافية لاستقبال العدد
المتزايد من الجرحى والمرضى، فكأنما
البلد قد أصابها طاعون فتاك، مضيفاً:
"هل لك أن تتصور وأنت تراقب مريضا
يعاني وأنت لا تجد له دواء في كل
صيدليات المستشفى. البلد يمر بمحنة
حقيقية والله يستر من الآتي. المرضى
أصبحوا يعالجون في الممرات في بعض
الأحيان لعدم توافر الأسرة الكافية،
فالوضع الاقتصادي لم يعد يسمح
للمواطنين بانتقاء الأغذية الصحية من
الأسواق فباتوا يبحثون على البضاعة
الرخيصة غير آبهين بتاريخ الصلاحية
وغيره، ولا أريد أن أتكلم أكثر من ذلك
لأن الأمر بات يزعجني في كل مرة أتحدث
به". موتى بثلاجات "آيس
كريم" وتابع: الوضع أصبح لا
يطاق، فالبرادات التي يتم حفظ الموتى
فيها امتلأت وأصبحوا يستعينون
بالبرادات التي تحفظ الآيس كريم لحفظ
الموتى. نعم المستشفيات ما زالت تعمل
لأن الطاقم الطبي ومع اختلاف وجهات
نظره السياسية من معارض أو موال، فإنه
اتخذ قراره أن عليه أن يؤدي ما أقسم على
فعل من مساعدة للمرضى وتخفيف
لمعاناتهم، في حين لجأ قسم آخر من
الأطباء لعمل مستشفيات ميدانية في
الأماكن المشتعلة لأن شرطة المستشفيات
تعتقل كل من يدخل المستشفى بإصابة نتجت
عن مشاركته في إحدى المظاهرات. وتابع: من الممكن أن
تسألني، وكيف لطبيب أن يعالج مريضا دون
تجهيزات طبية مكتملة؟ وجوابي لك أن
العمليات الجراحية البسيطة والمتوسطة
يتم إجراؤها في هذه المستشفيات
الميدانية لكن الإصابات الخطيرة يموت
أصحابها بالتأكيد لأنه ولو قرر أهل
المصاب نقله إلى المستشفى فإن ذلك يعني
ساعات من التحقيق على الحواجز وربما
اعتقال الأهل قبل أن يصل المصاب إلى
المستشفى حيا. هذا فضلا عن أن بعض
المستشفيات في حمص ودرعا وغيرها من
المناطق الثائرة أصبحت خاوية حتى من
الأسرة نتيجة أعمال التخريب والنهب،
أما المستشفيات الأخرى في هذه المناطق
فإنها تفتقر إلى طواقم طبية كاملة وعجز
في التجهيزات وندرة في الدواء. لقد
ارتفعت أسعار الدواء في الآونة
الأخيرة إلى مستويات قياسية فما كان
يباع بـ 100 ليرة أصبح اليوم بـ 250، إضافة
لعدم توفر الكثير من الأدوية لاعتماد
كثير منها على مواد أولية من الخارج
يصعب الحصول عليها. طفل يناجي أمه لتعيش أما عن الأطفال فبات
المرض ملازما للكثير منهم حيث إن
تهجيرهم من مكان لآخر وعدم توفر السكن
الملائم لهم ونقص الحليب وغيره أثر
كثيرا عليهم. وبالتأكيد فإن ما ستخرج
به تقارير الأطباء النفسيين عن الوضع
النفسي للأطفال سيدهش لقراءته العالم
بأسره. فليس هناك شيء مؤثر أكثر من رؤية
طفل يجلس إلى جانب أمه ويضع يده على
رأسها علها تقوم من سباتها الأبدي بعد
قصف بيتهم، ويكلمها "ماما ما عاد
بعذبك قومي، أنا خايف، ما تمزحي معي
هيك". ويقبل جبهتها الباردة ويبكي
بصوت مرتفع كي يستثير مشاعرها لكن بلا
فائدة، فلقد مات قلبها ولكن بالتأكيد
مات كل شعور بالصفح والمسامحة عمن قتل
أمه. ويواصل أبو حسن حديثه
قائلاً: نحن كبشر نستطيع أن نغفر كل شيء
إلا ما يتعلق بأقرب الناس إلينا. أذكر
أنه بعد أحد الانفجارات قدم إلينا أحد
الشبان إثر إصابة أفراد عائلته
المكونة من والده ووالدته وابنه
الرضيع، كان يأمل خيرا فمن اتصل به
ليخبره بالحادث الأليم قال له إنها
خدوش بسيطة، كانت صدمته كبيرة أثناء
رؤيته لجثة أمه وزوجته ووالده العجوز
الذين فارقوا الحياة قبل وصولهم الى
المستشفى ولم ينج من هذه الحادثة
المرعبة سوى ابنه الرضيع الذي حالفه
الحظ بحياة جديدة ولكن بقدمين
مبتورتين. بكى الأب وصرخ في كل مكان
الله أكبر، يا ألله يا ألله يا منتقم من
كل ظالم، أن تنتقم من قاتلي والدي
وزوجتي، أنت الجبار يا ألله. كان صديقه
يحضنه ولم نكن نجرؤ أن نقترب منه فكان
كأسد جريح لم يعد يخشى شيئاً. اتجه
بسرعة نحو ولده وقال له وحياتك عندي
دمهم ما رح يروح هدر. كان منظرا مؤثرا
جدا بكينا جميعا وكان السؤال الذي
يتبادر إلى أذهاننا جميعا من سيعوض هذا
الرجل عما ابتلي به، فقد أمه وأباه
ورفيقة دربه وقدر له أن يصبح أبا لطفل
عاجز سيسأله غدا من الذي فعل بي هذا؟
وماذا فعلت أنت لتدافع عني؟ ================= الثورة
السورية خارج مقولة "من يدفع يأمر" 2012-07-24 12:00 AM الوطن السعودية لم
تعد لقرارات مجلس الأمن حول سورية
الأهمية التي كانت لها في بداية الأزمة.
كان المطلوب في البداية إدانة النظام
لارتكابه المجازر ضد شعبه، وتطورت إلى
ضرورة استخدام الفصل السابع من ميثاق
الأمم المتحدة الذي يجيز للمجتمع
الدولي فرض عقوبات رادعة، ثم التدخل
العسكري لوقف المجازر المرتكبة ضد
الشعب. وفي كلتا الحالتين كان الفيتو
الروسي والصيني جاهزا، لمنع اتخاذ مثل
هذه القرارات. ربما كان لمصلحة
الشعب السوري وثورته استخدام موسكو
وبكين الفيتو، كما أنه كان لمصلحة
الثورة أيضا التقاعس الغربي عن دعم
الثوار بالعتاد والسلاح، والاكتفاء
بالدعم الكلامي. فالثورة التي تصاعدت
وتيرتها مع تصاعد وتيرة القتل، كان يجب
أن تصل إلى المرحلة التي وصلت إليها من
القوة، والتعبير عن مصالح من آمنوا
بها، بقواها الذاتية وليس بدعم خارجي،
لأن ذلك سيكون عالة عليها وستكون أسيرة
من دفع، انطلاقا من مبدأ "من يدفع
يأمر". تجاوزت الثورة
السورية، هذه المرحلة، بعد أن وجهت
للنظام عددا من الرسائل الأمنية
الهامة، كان آخرها عملية دمشق ضد قادة
عناصر إدارة الأزمة، ثم خارج دمشق، عبر
السيطرة الكلية على مواقع أمنية على
الحدود مع العراق وتركيا، إضافة إلى
تحريك كافة الشوارع السورية من دمشق
إلى حلب، ومن درعا إلى دير الزور مرورا
بحمص وحماة وإدلب. بالمحصلة، الثورة
السورية في طريقها إلى إسقاط النظام
بقواها الذاتية، وما حصل حتى اليوم، مع
الفاتورة الأمنية الكبيرة في عدد
الضحايا، لا يبدو أنه ذهب سدى، وستكون
الثورة السورية في النهاية، ثورة
مميزة، يحتذى بها إذا ما وصلت إلى
خواتيمها، ساعتئذ، على الكبار في مجلس
الأمن إعادة النظر في مواقفهم. التاريخ سيسجل سورية
مثالا على فشل مجلس الأمن وضرورة إصلاح
نظامه وإصلاح نظام الأمم المتحدة كله. عاد مجلس الأمن بعد
الفيتو الروسي والصيني، ليصوت
بالإجماع على قرار يتضمن تمديد مهلة
فريق المراقبين الدوليين لثلاثين يوما
أخرى، وهذا القرار موقف مستغرب من مجلس
الأمن الذي يغرد خارج السرب تماما فيما
يتعلق بسورية، وكأن الحرب الدائرة في
شوارع سورية أمر آخر، وكأنه لا يزال
هناك أمل في أن يلتزم النظام السوري
بخطة عنان وأن تقبل الأطراف التفاوض! ================= الوطن السعودية 24-7-2012 • الحرب كعادتها
الهدامة.. في جزءٍ مما تفعله أنها تعيد
التعريفات، بحيث تكون أجواؤها طرفاً
في معنى أي شيء، بل وتبتكر معاني
وأسماء لم تكن موجودة. ليست الحرب مجرد
طرفين يتنازعان، ليست قتلى وجرحى،
مشردين ومعذبين وأسرى فحسب، هي أفظع من
كل هذا؛ إنها تدمير ذاكرةٍ ووجدان
مطمئنٍ ومستقر، وإعادة تكوين ذاكرة
وتشكيل أنفسٍ ورؤى أخرى، بغاية الوجل،
وفي منتهى الخراب والريبة في الوجود
كله، والشعوب حتى لو انتصرت ـ ولا بدّ
لها أن تنتصر ـ إلا أنها تحتاج أجيالاً
لتتعافى من ثقوب الطلقات والحواجز
والمنجزات التي في روحها، تحتاج
أجيالاً لتختفي عيون القتلة وزفرات
الشهداء الأخيرة. • بهذا سيكون الذين
يكبرون في سورية، منذ عامٍ ونصف،
يحملون الآن فكرةً أخرى عن الأشياء،
غير تلك التي نعرفها، لا الموت نفس
الموت، ولا الحياة نفسها، ولا الحب ولا
السحابة، لا الكرامة والجوع، ولا
الخوف والطفولة.. إلخ، لا شيء كما هو،
ولا شيء سيبقى كما هو، وربما صارت
لزمات الطبيعة مثار كوابيسهم مهما مرّ
الزمن. هذا هو الشقاء الذي يلقي قنابله
البغاةُ في خيالات الأطفال وكوابيس
المسنين أكثر مما يخزقون الأجساد
والجدران بقذائفهم! • ستبقى الغيمة في
عين الطفلة السورية، وإن في آخر الأرض،
لا تعني المطر فقط، فمهما زخّت وغسلت
الأرض بغيثٍ ناعم، إلا أن الغيمة سيبقى
فيها احتمالٌ آخر، سيقول الأطفال
والنسوة والرجال وكل من شهدوا الحرب في
أنفسهم؛ لا بد أن هذه الغيمة جاءت من
دويٍّ ودخانٍ أسود، وصياحٍ يعلو من
ناحيةٍ ما! تصير البروق لمعات
الفوّهات، ونقرات المطر على الشبابيك
تستحيل إلى صوت الرعب المتربص خلف
أردافها! • تترك الحرب بين
أبنائها أن الموت وثيقة لسنّ البلوغ،
أما الحياة فهي سؤالٌ مرتاب يواجهه
الرجال؛ بأي طريقةٍ بقيت حيّاً! تترك
الحرب أن الغرام هو تولّه امرأةٍ حرّة،
بالرصاصات التي لم يجد وقتاً ليخرجها
رجلٌ ما، من أحد فخذيه أو كتفيه. تصير
الجروح والندبات مزحة، والبقاء إما
بطولة أو احتيالا أو تفاديا للدمار،
وأما العائلة فتاريخها بعدد قتلاها! http://youtu.be/eywc4anU4M •
ترى أي تعاريف للحياة نمت عليها أجيالٌ
في فلسطين ولبنان، وأي تعاريف للحياة
ستنمو عليها أجيالٌ أخرى في العراق،
وليبيا، وتونس، ومصر، واليمن، وسورية،
وهل تعي الأنظمة الجديدة في هذه
البلدان وجدان شعوبها، هل ستعمل على
صبّ كل التعريفات والمعاني والتجربة
التي مرّ بها الناس لإعلاء قيمة الحياة
والعمل وشراكة الوطن ومصيره! عبدالله ثابت ================= رأي
الراية ... النظام السوري وسياسة الهروب
إلى الأمام الراية 24-7-2012 لم يكن أمرا مفاجئا
سرعة رفض النظام السوري لعرض جامعة
الدول العربية الذي جاء خلال إجماع
مجلس وزراء الخارجية العرب الطارئ
بالدوحة بتنحي الرئيس السوري بشار
الأسد مقابل تأمين خروج آمن له
ولعائلته. لكن المفاجئ كان محاولة
النظام عبر المتحدث باسم وزارة
الخارجية السورية الهروب إلى الأمام
والإقرار للمرة الأولى بامتلاك سوريا
لأسلحة كيميائية والتهديد باستخدامها
" في حال تعرضت سوريا لعدوان خارجي".
إن الربط بين الموضوعين يشير إلى المدى
الذي يمكن أن يذهب إليه النظام السوري
المتشبث بالسلطة على حساب دماء الشعب
السوري. إشارة النظام السوري
إلى الأسلحة الكيماوية ووجِهَت بردود
دولية صارمة ومهددة فمحاولة النظام
تصدير أزمته إلى الخارج لن تفلح في خلط
الأوراق وإقناع الشعب السوري أن هناك
مؤامرة خارجية على النظام وهو ما فشل
في تسويقه سابقا أملا في انحسار الثورة
السورية وسيفشل في تسويقه لاحقا بعد أن
ارتكب العديد من المجازر بحق الشعب
السوري. لقد وفر بيان الجامعة
العربية فرصة حقيقية أمام النظام
السوري لإعادة قراءة مسار الأحداث
بطريقة مختلفة والتعامل معها من منطق
حماية سوريا التي باتت مهددة بالتفكك
وبالحرب الأهلية، ووقف شلال الدم
السوري المتواصل منذ أكثر من سبعة عشر
شهرا. كما أن المجلس
الوزاري العربي وحقنا لدماء السوريين
وحفاظا على مقومات الدولة السورية
ووحدة سوريا وسلامتها الوطنية ونسيجها
الاجتماعي ولضمان الانتقال السلمي
للسلطة وضع آلية واضحة لتحقيق انتقال
سلمي للسلطة من خلال الدعوة فورا
لتشكيل حكومة انتقالية سورية بالتوافق
تتمتع بكافة الصلاحيات وتضم قوى
المعارضة داخل وخارج سوريا والجيش
الحر. إن اعتبار الخارجية
السورية بيان الجامعة العربية تدخلا
سافرا في الشؤون الداخلية لدولة ذات
سيادة ودولة مؤسسة للجامعة العربية
يمكن الرد عليه ببساطة من أن النظام
السوري قد فقد شرعيته الداخلية منذ أن
أطلق أول جندي من جنود النظام الرصاص
على المواطنين السوريين الذين تظاهروا
سلميا للمطالبة بالحرية والتغيير وفقد
شرعيته العربية منذ أن قام بالمماطلة
والتسويف وعدم التعاطي بإيجابية مع
الجامعة العربية ومقترحاتها لتحقيق
هدف وقف القتل والعنف الذي يلجأ إليه
النظام ضد شعبه الذي يطالبه بالرحيل،
وفقد شرعيته دوليا بدليل هذا الكم
الكبير من العقوبات التي فرضت عليه من
قبل المجتمع الدولي لاستمراره في قتل
شعبه وارتكاب المجازر بحقهم. لقد منحت الجامعة
العربية من خلال اللجنة العربية
الخاصة بالأزمة في سوريا النظام أكثر
من فرصة ليوقف القتل لكنه استمر
بالمماطلة والتسويف مما دفع الجامعة
العربية لتبني دعوة الرئيس السوري
للتنحي عن السلطة كحل أخير سعيا لحقن
الدماء والحفاظ على وحدة سوريا
ومستقبلها. ================= مع الشعب
السوري.. تلاحم الدم بالمال! يوسف الكويليت الرياض 24-7-2012
المواقف الكبيرة تحتاج إلى رجال
كبار، والملك عبدالله صاحب المبادرات
الوطنية، والعربية والإنسانية بقي على
عقيدة ومبدأ أن الأمة العربية كيان
واحد، في وقت توارت فيه هذه الأفكار مع
من بشروا بها ليأخذوها شعارات مثلما
جرى لحكم عائلة الأسد الذي زايدت بهذا
المبدأ وظلت العدو الأول لأمتنا
العربية، وكل ما يتعلق بتضامنها
ووحدتها حين تضررت دول الجوار من هذا
النظام وقيادته.. الملك عبدالله فتح
باب التبرعات لشعب سوريا العظيم،
كواجب وطني وعربي، وهي دلالة أن القول
يجب أن يرتبط بالفعل، وخاصة زمن
الأزمات، وقد عرفنا منذ طفولتنا على
مقاعد الدراسة، خطوات مماثلة للتبرع
للجزائر وفلسطين، ثم لحقتها دول عربية
وإسلامية، وسوريا اليوم لا يفتدى
شهداؤها بالبلايين، لكن الوقوف
المعنوي، والمادي يعطيان قيمة أنهم
ليسوا وحدهم في موقع النضال من أجل
الحرية، وإنما يشاركهم أشقاء لهم في
المملكة، ومما يوجب لحاق دول أخرى
اتخاذ مواقف مماثلة كواجب تفرضه مبادئ
الاخوة العربية.. الشعب السوري ظل
كريماً وسمحاً مع الشعب العربي كله،
فلا تأشيرات لدخول هذا البلد المفتوح
الحدود لكل مواطن عربي، ولا موانع
للإقامة به، لكن النظام الراهن هو من
حاول خلق الفجوات وإرهاب السائح
العربي بتجاوز القوانين، مما سبب
أضراراً لهذه الصناعة المهمة ذات
الدخل الهائل في بلدان أتقنت قيمة
السياحة والتجارة، وفتح أبواب
الاستثمار.. الشعب في المملكة
كريم ومشاعره متدفقة، وخاصة تجاه
المواطن العربي والإسلامي، وما يجري
في سوريا من جبروت السلطة على شعبها
فجر الروح المتضامنة معهم، وفي الواقع
المستجد، فإن التبرع للاخوة في
الملاجئ أو الداخل السوري حق علينا
جميعاً لأن من يدرك معاناة السوريين
هناك، ومواجهتهم مصيرهم بشجاعة دون
تذمر أو شعور بالقهر يجعلنا نبادلهم
هذه الروح وهو الواجب القليل جداً أمام
تضحياتهم ودورهم الفاعل في التحرر من
سلطة القمع والذبح على الهوية بدون
رادع أخلاقي.. الأمر الآخر أنه إذا
كانت إيران والعراق وروسيا والصين، لا
تخفي إعلانها مساعدة ومساندة النظام
ومده بالأسلحة والمؤن وكل متطلباته
التي يحتاجها، فمن باب أولى أن نكون
المباشرين الأوائل في مساعدة الأكثرية
الشعبية وبغاية تختلف عن غايات تلك
الدول التي تجسد مصالحها السياسية
والإستراتيجية حتى لو نزف الشعب
السوري كل دمائه.. ومثلما أخذت المملكة
المواقع المتقدمة في إغاثة وإعانة،
وإعطاء دعمها اللامحدود، وتفوقها على
دول أكثر غنى منها، فمثل هذا الدور
يعمق إنسانية هذا البلد مع الفضاء
العالمي، وسوريا إذا كانت تقف لتمثل
الوجه الشجاع والإنساني في أعنف ثورة
شهدتها المنطقة العربية، فالضريبة يجب
أن لا تكون من دماء السوريين، لأن حقهم
علينا أن نكون على نفس المسافة معهم،
لأن المشاعر لا تكفي ما لم يصاحبها
عطاء لا محدود في مفصل الحياة والموت
في تحرير وطنهم من اسوأ عصابة حاكمة
شهدها تاريخنا العربي الحديث.. الملك عبدالله،الذي
طالما كان مثالاً لعصره وأمته
العربية، أدرك بحسه أن مساهمة أبناء
وطنه في نصرة الشعب السوري، تلاحم بين
الدم والمال في أخذ الحرية، وهو معنى
كبير لمبادرة شخص عظيم.. ================= الثورة
السورية ومخاطر الحل السياسي نصر طه مصطفى التاريخ: 24
يوليو 2012 البيان لم يأت تصريح السفير
الروسي في باريس يوم الجمعة الماضي عن
أن "الرئيس السوري بشار الأسد على
استعداد لنقل السلطة بصورة منظمة"
من فراغ، فهو على الأغلب رسالة أولى
ينقلها الروس للعالم باعتبارهم الوكيل
الدولي المعتمد للنظام السوري المنهار. ورغم أن هذا الأخير
نفى صحة ما طرحه السفير الروسي، إلا أن
العالم كله يعرف مثل هذه الألاعيب
المعتادة في عالم السياسة، مثل أن تطلب
من صديقك أن يقول عنك شيئا ثم تنفيه
أنت، لمجرد أن تلمس مدى تجاوب الآخرين
وتقبلهم لما طرحه صديقك كي تبني عليه
خططك القادمة. وكنت توقعت أن يتم
إحياء مشروع الحل السياسي، عبر تطبيق
النموذج اليمني على سوريا عقب الضربة
القاصمة التي أصابت نظام الأسد يوم
الأربعاء الماضي، بمقتل رئيس غرفة
عمليات الأزمة حسن التركماني ووزيري
الدفاع والداخلية داوود راجحة ومحمد
الشعار ورئيس جهاز الأمن القومي هشام
بختيار، وصهر الأسد الرجل القوي في
النظام آصف شوكت.. وهي ضربة لن تسقط
النظام فورا بالتأكيد، لكنها قصمت
ظهره إلى حد لا يمكنه أن يتعافى بعده. فقد
وجد الأسد نفسه فجأة دون أهم معاونيه
الذين يحملون أخطر الملفات الأمنية،
وفي مقدمتها ملف الثورة الشعبية،
ولذلك لم يكن غريبا أبدا أن يبادر
الروس إلى الإعلان عن استعداد حليفهم
للتنحي، لأنهم يريدون إبقاء أيديهم هي
الطولى في شأن التعاطي مع الثورة
السورية، سواء في الحل العسكري أو في
الحل السياسي. وبفشل الحل العسكري
والأمني طوال الشهور الستة عشر
الماضية، والذي زاد اتساع مدى ونطاق
الثورة لتشمل كل المدن السورية،
وليمتد أخيرا إلى داخل العاصمة نفسها،
فإن الحل السياسي سيبرز بالتأكيد
لتحقيق عدة أهداف روسية، منها وقف
النجاحات العسكرية المتواصلة التي
يحققها الجيش السوري الحر، والتحكم في
مسار التغيير الذي سيحدث، بحيث يظل
للروس تأثيرهم في مسار الحل السياسي،
والحيلولة دون سقوط منظومة الحكم
القائم كاملة، حتى وإن سقط الأسد
وعائلته كلياً. يطمح الروس لأن
يديروا العملية السياسية القادمة في
سوريا إذا تم تفعيل النموذج اليمني،
تماما كما يديرها الأمريكان بفاعلية
في اليمن. والروس في طموحهم هذا
لا يسعون للحفاظ على موطئ قدم لهم في
المنطقة وحسب، بل يريدون إرضاء وتمثيل
حليفهم الأساسي وهو إيران.. وفي ظني أن الولايات
المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يدعمان
المضي في الحل السياسي، فيما يرجح أن
تتحفظ عليه دول الإقليم المعنية
بالثورة السورية، وفي مقدمتها تركيا
ودول الخليج، باعتبار أن رهانها
الأساسي اليوم كجار مباشر لسوريا، هو
في السقوط الكامل للنظام الذي أصبح
التعايش معه أو حتى مع جزء منه في حكم
المستحيل، كما أن سقوطه الكامل
بالنسبة لدول الإقليم، سيضعف النفوذ
الإيراني بالتأكيد والذي أصبح عامل
إزعاج مستمر لهذه الدول.. فإيران لا تواجه
حصاراً دولياً وحسب بسبب الملف
النووي، بل إنها مهددة اليوم بخسارة
أهم حلفائها في المنطقة العربية،
والذي يمكنها من النفاذ المباشر إلى
شواطئ البحر المتوسط، كما أنه يحقق لها
نفوذا كبيرا في لبنان من خلال حزب الله
حليف إيران وسوريا الأهم في ذلك البلد
العربي، الذي عانى الكثير من التدخلات
الخارجية التي حالت بينه والاستقرار
السياسي الذي ينشده. ليست هناك مصالح
اقتصادية كبرى للروس في سوريا، ولا تعد
صفقات السلاح التي يشتريها النظام
السوري من روسيا بين الحين والآخر،
داعما هاما للاقتصاد الروسي الذي
يتمتع بوفرة جيدة لا تجعله محتاجا لمثل
هذه الصفقات.. لذلك فطموحات روسيا في
سوريا سياسية وأمنية وعسكرية بامتياز،
ناهيك عن أنها تعبر عن تحالف روسي
إيراني وثيق. لكن هذا كله لا يشفع
للروس في الاستمرار الغريب في مساندة
نظام لم يعد يمتلك أيا من مقومات
الاستمرار، كما أن هذا الدعم لن يمكنهم
من تحقيق النجاح الذي ينشدونه في
المنطقة، بل إنه قد يحرمهم كليا من آخر
عناصر التأثير فيها.. فغالبية الشعوب
العربية متعاطفة مع الشعب السوري الذي
يناضل سلميا ويقاتل بالسلاح دفاعا عن
حريته، في وجه نظام لم يستطع تجميل
وجهه يوما بقدر ولو بسيط من الحريات
السياسية والاقتصادية، بل إنه اليوم
آخر الأنظمة القمعية في المنطقة ولن
يكون مآله إلا السقوط كما سقط نظراؤه
قبله، سواء خلال ثورات الربيع العربي
أو قبلها بسنوات. وفي المقابل فإن
الغرب تحديدا يطمح لرؤية نظام آخر في
سوريا، ليس بغرض الضغط عليه لتحقيق
السلام مع إسرائيل، بل من أجل التخفيف
من النفوذ الإيراني في المنطقة. ففي ظني أن الغرب
يرقب ثورات الربيع العربي بقدر كبير من
التأمل، بسبب تصاعد نفوذ الإسلاميين
في الدول التي سقط حكامها، ولذلك يعنيه
كثيرا أن يسهم في رسم خارطة النظام
القادم في سوريا، للحيلولة قدر
الإمكان دون تصاعد مماثل لنفوذ
الإسلاميين فيها، رغم أن حركة الإخوان
المسلمين السورية حرصت بوضوح على ألا
تتصدر المشهد السياسي من خلال
التشكيلات المختلفة للثورة، كما أنها
أصدرت وثيقة سياسية تعبر عن رؤيتها
لسوريا المستقبل، حرصت أن تجعل منها
وثيقة مدنية متقدمة تنهي أية مخاوف لدى
شركائها في المعارضة أولا إلى جانب
أنها رسالة واضحة لطمأنة الغرب. ستكون الأيام
القادمة صعبة على السوريين، وسيكون
هناك سباق بين حل سياسي تريد الأطراف
الدولية المعنية تمريره في هذه
اللحظات الحاسمة، وبين الحل الميداني
الذي يمضي الجيش السوري الحر في تحقيقه
باقتدار وتقدم على الأرض.. ومع دخول
المعارك مرحلة الحسم، فإن فرص النظام
الدموي في النجاة تتضاءل وتتراجع،
لكنه في المقابل سيزيد من حجم الفتك
والقتل الذي يمارسه في حق شعبه. ومع اقتراب النصر
سيكون لزاما على المجلس الوطني والجيش
السوري الحر، أن يبعثا بالعديد من
الرسائل المطمئنة للطوائف السورية
المختلفة، التي سعى النظام لإقحام
بعضها في المواجهات ضد الثورة، وفي
مقدمتها الطائفة العلوية التي لا
ينبغي أن تدفع ثمن جرائم عائلة الأسد
في حق الشعب السوري. ================= المصدر: صحيفة «غارديان»
البريطانية التاريخ: 24
يوليو 2012 البيان لقد مر 16 شهرا على
اندلاع الانتفاضة السورية، وما يشهده
كل يوم من خسائر في الأرواح يندرج حتما
في خسائر يوم آخر. ولكن الأربعاء
الماضي كان مختلفا، وذلك لسببين؛
أولهما أن القتال استمر حتى يومه
الثالث في قلب دمشق، مثبتا أن الجيش
السوري الحر يستطيع الآن الصمود أمام
قوات تتفوق عليه في كل شيء. وثانيهما أن
الصراع، وللمرة الأولى، وقع على مقربة
من الرئيس السوري بشار الأسد. ولم يكن الهجوم الذي
أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد حاشية
الأسد في العاصمة السورية فحسب، وإنما
في المقر الرئيسي للأمن القومي، وهو
المعقل داخل المعقل. وفي حين أن وفاة أي من
مساعد نائب الرئيس العماد حسن
تركماني، أو وزير الدفاع العماد داوود
راجحة، أو وزير الداخلية محمد الشعار،
الذي أشار بعض التقارير إلى مقتله،
فيما أشارت أخرى إلى إصابته بجروح،
كانت ستشكل لحظة هامة، فإن مقتلهم
جميعا يحدث ثقبا في قلب الحكومة. ولكن
الأهم من ذلك كله هو فقدان نائب راجحة
آصف شوكت، وهو مهندس الحملات القمعية،
والرجل الذي، بصفته صهر الرئيس
السوري، اندمج في عشيرة الأسد التي
حكمت سوريا على مدى أربعة عقود. وسرعان ما تم الإعلان
عن التعيينات البديلة، للتذكير ـ في
حال كانت هناك حاجة لذلك - بأن نظاما
يحافظ على احتكاره للقوة الجوية
والمدفعية الخطيرة، لا ينوي رفع
الراية البيضاء. والحقيقة المروعة
بالنسبة للشعب السوري، هي أنه سيشهد
على الأرجح المزيد من إراقة الدماء
مستقبلا. ولكن حتى أكثر وجوه النظام
الجديدة قسوة، لا يسعه فعل الكثير حيال
عدد من الحقائق غير الملائمة. فقبل
أسبوعين، كانت هناك شوارع في دمشق بدا
فيها الحديث عن أهوال حمص كتقارير
مرسلة من بلد آخر. ولكن بعد أن اعتبرت
اللجنة الدولية للصليب الأحمر ما يجري
في سوريا حربا أهلية، خرجت الدبابات
إلى شوارع دمشق، وشهدت الثكنات التي
تحرس القصر الرئاسي مناوشات خطيرة
وحريقا لم يقدم تفسير له. وحتى الآن، فإن
النظام السوري يحظى ببعض الدعم
الحقيقي. ويمكن لتصعيد الطائفية أن
يعزز ذلك الدعم بين أوساط الأقلية
العلوية، التي تنحدر منها عائلة
الأسد، إلا أن تلك العائلة كانت تستمد
قوتها من تحالف أوسع، ضم أكرادا
ومسيحيين وأجزاء من الطبقة الوسطى
السنية. وقد ضيقت الانشقاقات
الأخيرة هذه القاعدة، حيث انشق أخيرا
سفير سوريا السني إلى بغداد نواف
الفارس، تماما كما فعل مناف طلاس، وهو
عميد ينتمي إلى أقوى العائلات السورية
السنية. كما ضيقت عمليات
القتل التي وقعت يوم الأربعاء الماضي
دائرة الحكم، إذ كان العماد راجحة
مسيحيا أرثوذكسيا، فيما كان الجنرال
تركماني ينتمي إلى عائلة سنية قوية
أخرى. إن خطة مبعوث الأمم المتحدة
وجامعة الدول العربية كوفي عنان
الحكيمة للسلام، لم تعد تصلح بسبب تغير
الأحداث. ولا أحد يعرف ما إذا
كان قد تم الوصول إلى نقطة اللاعودة،
غير أن الفصل الأخير من هذه التراجيديا
الرهيبة، يمكن أن يأتي أسرع بكثير مما
كنا نعتقد قبل بضعة أيام فقط. ================= تاريخ النشر:
الثلاثاء 24 يوليو 2012 عبد الوهاب
بدرخان الاتحاد في اليوم الأول من
شهر رمضان، العام الماضي، كان قتلة
النظام السوري يحاصرون مدينة حماة
ويستبيحونها ويذيقون أهلها المهانة.
اصطفت أرتال سيارات النازحين على
مسافة طويلة، معظمهم من المسنين
والنساء والأطفال. فرض عليهم العساكر
خزي المغادرة، واستهزأ "الشبيحة"
بهم: ألقوا نظرة أخيرة على مدينتكم،
فلن تعودوا إليها، وإنْ عدتم فلن
تجدوها. دفعت حماة الثمن
دماراً وتخريباً والكثير من الضحايا،
للمرة الثانية خلال ثلاثين عاماً. لم
ينقذها من الزوال سوى ضغوط الانتفاضة
في المدن الأخرى المجاورة، مما اضطر
النظام إلى سحب قواته لمواجهة الثوار
في حمص التي ما لبثت أن غدت عاصمة
الثورة وشهيدتها الحيّة. كان هذا أحد
الأساليب الناجحة لـ"التنسيقيات"،
التي أدركت أن النظام لا يستخدم كل
قواه، بل يعتمد على جزء محدود منها
لانعدام ثقته بالجزء الأكبر. لكنه
عندما حاصر حي بابا عمرو في حمص عوّض
قلة عديدة باستعمال الأسلحة الثقيلة
والتدمير المنهجي. في اليوم الأول من
شهر رمضان، هذا العام، لم تعد أحوال
النظام ومعنوياته كما كانت. خسر لتوّه
عناصر ما يعرف بـ"خلية الأزمة"،
وانتهت كل حملاته للحسم إلى الفشل،
وأصبح مشكوكاً في قدرته على السيطرة
على كامل البلد. فـ"المناطق العازلة"
بدأت ترتسم، وهي في طريقها لأن تكون
"مناطق آمنة"، ثم أنه دخل مرحلة
تدمير العاصمة دمشق التي كان يباهي
بهدوئها و"ولائها" له وبالحياة
الطبيعية التي تعمّها. لم يسبق
تاريخياً لأي حكم أن استطاع البقاء بعد
انقلاب العاصمة عليه. أصبحت مقار
النظام في قلب المعركة وتحت مرمى
النار، وقريباً تحت مرمى الصواريخ،
ولم يعد كبار المسؤولين قادرين على أخذ
قسط مضمون من الراحة. على الهاتف، من قلب
دمشق، يقول الصديق السوري (كان حتى
الأمس القريب موالياً للنظام): إنهم (عسكريو
النظام وسياسيوه) يرحّلون عائلاتهم
جميعاً. طوال الشهور الماضية تحدّوا
الداخل والخارج بأن لديهم شعبية
واسعة، لكنهم اليوم لا يسألون عن أحد.
العلويون وبعض المسيحيين يقصدون مناطق
الساحل، السنة وبعض المسيحيين إلى
لبنان. لا يستطيعون المغادرة إلا إلى
موسكو أو طهران، ولا رغبة لهم في ذلك.
أحياء العلويين في العاصمة صارت
مهجورة. الأحياء الأخرى ينزح أهلها في
كل اتجاه. لم تعد هناك مناطق آمنة.
القتال يمتد من حي إلى حي. خلال بضعة
أيام تبدّلت الحال. لم نعد نستطيع
مغادرة بيوتنا لم يعد النظام يعني لنا
شيئاً. ولا أحد هنا ليحمينا. هذا مناخ نهاية عهد،
ولا ملامح واضحة للعهد الجديد. في
الأساس ما كان لهذا القتال أن يحصل،
وما كان لهذه الأزمة أن تطول. لعلها لا
تزال تنذر بمزيد من الكوارث. شهادات
كثيرة نقلت عن قادة أمنيين على الأرض،
ومن أحد الذين قضوا في تفجير مبنى
الأمن القومي. مفادها أن النظام لن
يسقط بسهوله. إنه سيترك المدن الكبرى
رماداً، إنه لن يتورع عن استخدام
السلاح الكيمياوي و"ليبلّط مجلس
الأمن البحر". عرف النظام الحقيقة
منذ الصرخة الأولى في درعا لكنه أنكرها.
راهن على الوقت ولم يعرف كيف يستفيد
منه. لم يعرف أنه مقطوع إلى هذا الحد من
الشعب، وأنه كان أحرق كل الجسور معه.
ذهب في إتقان القتل إلى أبعد مدى، لكن
استسهال الشعب الموت فاجأه وشلّ آلته.
للمرة الأولى لم يعد القتل ليرهب أو
يردع أو حتى يميت، فكلما قتل كلما
ازداد الشعب استبسالاً. رغم تكاثر مؤشرات
السقوط وعوارضه، وتسارع التطورات، لا
تبدو النهاية وشيكة أو قريبة جداً.
فطالما أن هناك سلاحاً، وطالما أن
العائلة والطائفة اللتين تسيطران على
السلطة أصبحتا مهتمتين بمصيرهما أكثر
من حرصهما على الشعب والدولة والجيش،
فإن القتال مرشح لأن يطول. فمن المتوقع
أن تنتقل القيادة إلى اللاذقية، وإلى
طرطوس، على الساحل لتكون بحماية
القاعدة الروسية وتدافع عن كونها "الحكومة
الشرعية" إمعاناً في إرباك الداخل
والخارج... ومن يدري، فربما يحل الأول
من شهر رمضان، السنة المقبلة، فيما
تقول الأنباء إن قوات المعارضة التي
حررت المناطق كافة تشن هجمات على "الدولة
العلوية" القائمة بحكم الأمر الواقع
حتى لو لم يعترف بها أحد. ================= العنف
السياسي وتداعياته: الحالة السورية تاريخ النشر:
الثلاثاء 24 يوليو 2012 د. أحمد يوسف
أحمد الاتحاد تطورت أحداث الثورة
في سوريا مؤخراً على نحو ينبئ بتصعيد
هائل للعنف بين نظام الحكم وقوى الثورة.
وليس هذا فحسب وإنما يشير أيضاً إلى
فقدان النظام سيطرته على المفاصل
الحساسة في بنيته، ومن ثم إلى قرب
نهايته، فليس هناك أكثر دلالة على
فاعلية قوى المعارضة من ذلك الانفجار
الذي وقع الأسبوع الماضي في مكان يعد
من قلاع النظام الرئيسية، وأودى بحياة
نفر من أفراد الدائرة الضيقة اللصيقة
بالرئيس السوري من ذوي الأدوار
الأساسية في قمع الثورة. ومنذ البداية
تبنت القيادة السورية الحالية خطاباً
سياسياً لم يحدث فيه أدنى تحول حتى
الآن، وذلك على رغم الشواهد العديدة
التي لا تقبل الجدل حول فساد هذا
الخطاب، وهذا يدل بلغة التحليل
السياسي على أن تلك القيادة لديها "صورة
مغلقة" عن الوضع السوري وتطوراته، و"الصور
المغلقة" لا تكون قابلة لأي تطوير
تحت تأثير المتغيرات التي تحيط بها،
ويترتب على هذا أن يكون إدراك صانع
القرار للموقف مشوهاً ومحرفاً، وهكذا
تكون قراراته في مواجهة هذا الموقف غير
سليمة أصلاً. منذ البداية أصر
الرئيس السوري -كما فعل غيره من قبله-
على أن سوريا ليست تونس أو مصر، وذلك
على الرغم مما رآه لاحقاً من انتهاء
حكم معمر القذافي في ليبيا بمقتله،
وإزاحة الرئيس اليمني السابق عن كرسي
الرئاسة من خلال تسوية مهما كانت معيبة
إلا أن الفضل كان لها في تحقيق هذا
الإنجاز، وربما زين بعض النخب العربية
-التي لم تكن ترى فيما يجري إلا مؤامرة
خارجية على سوريا ونظام حكمها الممانع-
للرئيس السوري هذا الانغلاق المطلق في
فهم ما يجري، وكذلك فعل بعض المواقف
الإقليمية والدولية. ولذلك ظل الرئيس
السوري يصف المشاركين في الثورة بأنهم
جماعات إرهابية مدفوعة وممولة من
الخارج للقضاء على موقف الممانعة في
الصراع العربي- الإسرائيلي الذي
يتبناه نظام الحكم السوري الراهن،
وثابر على هذا الإدراك على رغم تزايد
أعداد المشاركين في الثورة وانتشارهم
جغرافياً في مختلف الأقاليم السورية.
ونتيجة لهذا كله تعامل مع قضية "الإصلاح
السياسي" -الذي كان من شأن الجدية
فيه أن تنقذه في البداية من التصعيد
الذي جرى لاحقاً- وكأنه حاكم يمن على
شعبه في ظروف استقرار راسخ، ولذلك لم
تجدِ خطواته نفعاً في كسب ثقة هذا
الشعب، وكانت خلاصة هذا كله هي العنف
المفرط والقسوة الوحشية في التعامل مع
الموقف على نحو لم يصب الثوار فقط
وإنما امتد إلى غيرهم من المدنيين
الذين لم يشاركوا فعلياً في
الاحتجاجات. ولكن العنف لا يولد
إلا العنف، ولأن وتيرة عنف النظام
الحاكم تجاه الثوار قد ارتفعت، ولأن
ضحايا هذا العنف قد تزايدوا على نحو
لافت، ولأن التدخل العسكري الخارجي
المباشر كان صعباً -بل مستحيلاً- لأنه
أولاً غير مرغوب فيه عربياً على ضوء
التجربة الليبية، ولأن القادرين على
القيام به ثانياً كانت لهم أسبابهم
الداخلية القاهرة التي تحول دونهم
وهذا التدخل، لهذه الأسباب كلها لم يجد
فريق من الثوار وسيلة للاستمرار في
ثورتهم سوى مواجهة العنف بالعنف،
وأخذت قدرتهم على تصعيد هذا العنف
تتعاظم خاصة بعد تزايد عمليات
الانشقاق من الجيش السوري احتجاجاً
على ممارسات النظام تجاه الشعب
والثورة، وانضمام الغالبية العظمى من
المنشقين للثوار، إلى أن وصل الأمر إلى
اختراقهم العصب الحساس للنظام،
وتمكنهم من القيام بذلك التفجير الذي
يرمز إلى انهياره، والذي طال نفراً من
نخبة النخبة العسكرية والسياسية في
هذا النظام، وهو ما يعني إما أن لهم
مقدرة فائقة على اختراق هذه القلاع
الحصينة من قلاع النظام، أو أن لهم
أنصارهم داخل مؤسسة الرئاسة الذين
تمكنوا من تنفيذ هذه العملية. وحتى إذا
كانت هناك أصابع أجنبية وراء هذا
الانفجار فإن النتيجة واحدة، وهي أن
النظام السوري فقد سيطرته على جهازه
العصبي. كثيراً ما توجد
مشابهات بين تطورات الأوضاع في
البلدان التي شهدت مد ما يسمى "الربيع
العربي"، وإحدى هذه المشابهات
الواضحة أن ما حدث في سوريا بموجب هذا
الانفجار يشبه ما حدث في اليمن في
واقعة تفجير المسجد الرئاسي في صنعاء
أثناء وجود الرئيس اليمني السابق فيه
مع نخبته الضيقة، ويبدو الدرس شديد
الوضوح، فعندما يوصد نظام حاكم كل
أبواب التغيير السلمي لا يبقى أمام
معارضيه سوى اللجوء إلى العنف وصولاً
إلى هذه المستويات المختلفة نوعياً عن
أعمال العنف السياسي العادية، وربما
كان الفارق بين الواقعتين أن الرئيس
السوري لم يكن موجوداً في الاجتماع
الذي أودى بحياة نفر من كبار معاونيه،
غير أن المهم أن تفجير المسجد الرئاسي
في الحالة اليمنية كان نقطة فاصلة في
مسار الثورة، لاضطرار الرئيس اليمني
السابق إلى المغادرة إلى المملكة
العربية السعودية شهوراً لتلقي العلاج
كانت -أي هذه الشهور- كافية للبدء في
التنفيذ الفعلي للمبادرة الخليجية
التي تقضي -ضمن أشياء أخرى- بإبعاده عن
الرئاسة. صحيح أنه ماطل طويلاً بعد
عودته من السعودية إلى اليمن، لكن
تفجير المسجد الرئاسي كان بداية
النهاية لنظامه، ومن الواضح أن
التفجير الأخير في سوريا سيكون له
الأثر نفسه. يقترب النظام السوري
إذن من نهايته التي تنبأ بها كثيرون،
على الأقل من باب المقارنة مع حالات ما
يسمى بـ"الربيع العربي" الأخرى،
وبقدر ما يمثل هذا التطور المرتقب مصدر
سعادة لكل من رأى في الثورة السورية
محاولة تنطوي على إصرار مطلق على
استعادة حقوق مهضومة من أربعين سنة على
الأقل بقدر ما يقلق هذا التطور -بل
ويخيف- كافة الحريصين على سوريا
باعتبارها -بغض النظر عن نظام حكمها-
حجر أساس في النظام العربي، إذ يبدو أن
كافة النظم الشمولية في الوطن العربي
التي سقط منها أربعة حتى الآن لم تنجح
إلا في تعويق تكوين معارضة منظمة يكون
بمقدورها أن تخوض صراعاً سياسياً وفق
قواعد الفكر والممارسة الديمقراطية،
كما أن انغلاق تلك النظم وعنفها في
مواجهة معارضيها يؤدي -كما سبقت
الإشارة- إلى عنف مضاد، لكن المشكلة
الراهنة في سوريا أن قوى المعارضة
السياسية منقسمة على نحو بيّن قد يصل
إلى حد التشرذم، وما المؤتمر الذي حضره
معظم هذه القوى في القاهرة برعاية
جامعة الدول العربية ببعيد، ويعني هذا
أن التوصل إلى توافق وطني بعد انتصار
الثورة سيكون من أشق المهام. من ناحية
أخرى فإن المعارضة العسكرية كما شهدنا
جميعاً قد تطورت على نحو لافت، غير أن
كافة التقارير تشير إلى افتقادها
لقيادة موحدة، وهذا أخطر، خاصة إذا ظل
السلاح بعد النصر في أيدي قوى متناحرة. ويعني ما سبق للأسف -سواء
على ضوء المعطيات السورية أو العربية
المقارنة- أن ثمة خطراً حقيقياً على
مستقبل سوريا بعد انتصار الثورة،
وخاصة أن ثمة استحقاقات سوف تواجه
الممسكين بزمام الأمور في سوريا
الجديدة. ومن هذه الاستحقاقات احتمال
حدوث عمليات انتقام طائفي (سنة وعلويون)،
وبروز مطالب قومية أكيدة (حالة أكراد
سوريا). كل هذا في ظل غياب قيادة قادرة،
وللأسف لا يبدو حتى الآن أن ثمة نجاحاً
في الجهود الرامية إلى تفادي هذا
السيناريو الكارثي. ================= راجح الخوري 2012-07-24 النهار كنا نظن ان مهمة كوفي
انان انتهت وان "الفيتو" الروسي -
الصيني الثالث لم يكن اكثر من اعلان
متكرر لوفاتها، لكن "لجنة المتابعة
العربية" التي اجتمعت يوم الاحد في
الدوحة وجدت له وظيفة جديدة، عندما دعت
الى تحويل مهمته من السعي الى وقف
العنف وتحقيق المصالحة السورية الى
البحث في انتقال السلطة من الاسد! اذاً
يمكن القول ان انان كان وسيطاً وقد
يصبح وكيلاً لحصر الارث السياسي في
سوريا بعد مسلسل الدماء والمآسي الذي
قد لا ينتهي غداً. ومن الواضح ان "بريد"
الرئيس السوري سيزدحم اكثر من ذي قبل
بالدعوات الى خروجه من السلطة الى
اقامة آمنة له ولبطانته، ولعل الاكثر
اثارة هنا ان روسيا، نعم روسيا، تسابق
"لجنة المتابعة العربية" في
الدعوة الى خروجه من السلطة وتختار
لهذا اسلوباً إلتوائياً يمهّد لانقلاب
تراجيدي في موقفها المؤيد له، والذي
يعتبره السوريون صراحة شريكاً في سفك
دمائهم. قبل اسابيع دعت هذه
الزاوية الى قطع العلاقات
الديبلوماسية العربية مع موسكو، وقد
افادت تقارير ديبلوماسية رفيعة ان
موسكو تلقت اشارات من عواصم عربية
واسلامية عدة، الى أن الاستمرار في
حماية نظام الاسد سيرتد سلباً على
علاقاتها ومصالحها العربية
والاسلامية. ولم يكن مفاجئاً ان يعلن
السفير الروسي في باريس الكسندر
اورلوف يوم الجمعة الماضي، مباشرة بعد
تفجير دمشق: "ان الرئيس السوري ينوي
التنحي بطريقة حضارية"، وهو ما
سارعت دمشق وموسكو يومها الى نفيه. لكن السفراء الروس
العاملين تحت رقابة صارمة ومقطبة مثل وجه سيرغي
لافروف، لا يقعون في التسرع والاخطاء،
ولهذا عندما كرر اورلوف نفسه تصريحه
يوم الاحد عن تنحي الاسد، تأكد فعلاً
ان الروس شرعوا في النزول خطوة عن شجرة
الاسد ( كما عنونت هذه الزاوية)، بعدما
تأكدوا انها لن تصمد طويلاً امام ثورة
الشعب المقموع بالقذائف والاسلحة
الروسية تحديداً، وانهم ليسوا مضطرين
الى المضي في ما سبق لواشنطن ان ابلغته
الى العرب قبل اشهر: "دعوا الروس
يشنقون انفسهم بحبال الاسد". كلام اورلوف هو مجرد
فتح نافذة روسية جانبية اقل حرجاً من
كلام يأتي مباشرة من موسكو، بعد كل هذا
الانحياز الاحمق ضد الشعب السوري،
لكنها ليست النافذة الوحيدة بعد اعلان
اللجنة العربية من دبي، ودزينة سابقة
من "الدعوات" لاستضافة الاسد الذي
يرى الكثيرون انه يفضل الانتقال الى
"عاصمة" جديدة هي اللاذقية! ================= الحرب
الجدية بدأت سورياً ولبنانياً...
وعربياً؟ سركيس نعوم 2012-07-24 النهار يعرف متابعو الاوضاع
اللبنانية بتشعباتها الاقليمية ان "حزب
الله" القائد الفعلي للطائفة
الشيعية لا يريد حرباً مع السنّة في
بلاده، وانه يسعى الى تلافيها. لكنهم
يعرفون في الوقت نفسه انه لا يمانع في
حرب سنّية – سنّية تكون بديلاً من
الحرب المذهبية بين المسلمين، ويمكن
ان تحقق اهدافها. ذلك انه جزء من فريق
اقليمي مهم يواجه ما يعتبره هجمة شرسة
عليه من الغرب وزعيمته اميركا كما من
غالبية العرب. كما ان سنّة لبنان صاروا
في معظمهم جزءاً من الفريق الآخر في
المواجهة نفسها. طبعاً نجح "الحزب"
في تلافي الحرب المذهبية المباشرة حتى
الآن. لكنه اخفق في اطلاق الحرب
البديلة التي تجعل التلافي المذكور
نهائياً. والأسباب كثيرة قد يكون
ابرزها ان "سنّته" غير شعبيين،
وتالياً غير قادرين على خوض معركة "داخلية"،
طبعاً باستثناء الرئيس عمر كرامي
وجزئياً السياسي الصيداوي اسامة سعد.
علماً ان الاول اثبت ومن زمان انه ثابت
في حلفه الداخلي والاقليمي المناقض
لتوجّه غالبية طائفته، لكنه اثبت
ايضاً رفضه الدخول في معركة معها
وخصوصاً عند شعوره بأنها قد تكون
مستهدفة. ويعرف متابعو
الأوضاع اللبنانية انفسهم ثانياً ان
"تيار المستقبل" زعيم الغالبية
السنّية، وقبل ان يصبح الاسلاميون من
سلفيين و"اخوانيين" شركاء له، لم
يُرِد بدوره حرباً مع الشيعة. اولاً
لأن أضرارها ستشمل المسلمين كلهم
ولبنان. وثانياً لأن "الحزب"
القائد للشيعة منذ سنوات طويلة
عسكرهم، في حين بقي السنّة بعيدين من
السلاح اجمالاً. لكنهم يعرفون ايضاً ان
التيار المذكور حاول دائماً شق
الطائفة الشيعية التي وحّدها الاحتلال
والمقاومة فالتحالف مع سوريا الاسد
وايران الاسلامية واخيراً التحرير،
وذلك بهدف اضعاف "الحزب" وتالياً
إقامة تعاون سياسي بين السنّة والشيعة
ومسيحيين. وفي هذا الاطار يمكن وضع
اغراءات عدة قدمت الى رئيس حركة "امل"
ومجلس النواب نبيه بري الذي يظن السنّة
ان حلفه مع "حزب الله" كان على
حسابه وعلى حساب حركته. لكن المحاولتين
المذكورتين اخفقتا، أولاً لأن بري ليس
"ابن مبارح" ويعرف عواقب "الانشقاق".
وثانياً، لأن الآخرين الراغبين في
اعلان مواقفهم المعترضة داخل الطائفة
لم يمتلكوا يوماً بغالبيتهم القدرة
على ذلك وربما الجرأة. ويعرف متابعو
الأوضاع اللبنانية اياهم ثالثاً ان
الاحتجاج المباشر حكومياً وسياسياً
وشعبياً الذي قام به "التيار الوطني
الحر" على الرئيس بري وحتى على حليفه
الاستراتيجي "حزب الله" لأنه لم
يماشه في احتجاجه، قد يكون استُغل سواء
من داخل التيار او من خارجه لإحداث
فتنة شيعية – شيعية، علماً ان زعيمه
العماد عون أكد تحالفه الاستراتيجي مع
"الحزب". لكن الذين يعرفونه
يقولون انه غير قادر عند ذهابه بعيداً
في مواقفه على العودة عنها، وانه كما
وصفه الاميركيون لا يمكن التنبؤ
بتصرفاته، وعلماً ان استمرار احتجاج
عون قد يؤسس لعودة حرب مسيحية –
اسلامية. ويعرف متابعو الاوضاع
اللبنانية انفسهم رابعاً ان الفريق
اللبناني المؤيد لحلف الممانعة
الاقليمية لم يمانع يوماً في نشوب نزاع
مسيحي – مسيحي في ظل الانقسام الحاد
بين "قوات" جعجع و"تيار" عون،
وفي ظل الجهوزية الدائمة عند الزعامات
المسيحية للاقتتال من اجل الخاص وليس
العام. لماذا هذا الكلام
اليوم؟ ليس لدفع الناس الى
اليأس والإحباط. فهم وقعوا فيهما من
زمان. ولكن للفتهم الى انهم يعيشون
حالياً وضعاً بالغ الخطورة يمكن ان
ينفتح في اي ساعة وعند اي تطور مفاجىء
على فتن وحروب وقلاقل داخلية وخارجية.
فإقليمياً يؤكد قريبون جداً من دمشق ان
نظام الاسد سيستهدف قريباً الدول التي
تغذّي الثورة عليه وتحديداً العربية
بل الخليجية منها. ويمكن ان يكون
لايران دور في ذلك. وقد اعلن هذا الامر
وزير اعلام دمشق من على تلفزيون بلاده
بعد ساعات من استهداف كبار قادة الامن
في سوريا. اما داخلياً فان كل المعلوات
تشير الى استعداد للقتال ربما بشكل
يختلف عن قتال 1975 – 1990. فمساندو ثورة
سوريا من لبنان على تنوعهم،
والمجاهرون بعدائهم لـ"حزب الله"
لأسباب معروفة سيحاولون تقوية انفسهم
وإعداد انفسهم لاستعادة وضع يظنون
انهم فقدوه في لبنان. و"الحزب" لن
ينتظر هؤلاء حتى تنبت انيابهم او حتى
يقوى عودهم. بل سيواجههم قبل ان يصبحوا
تهديداً جدياً له ولمن يمثل. طالما انه
لا يزال الاقوى وبفرق شاسع. طبعاً يسأل البعض هنا
إذا كان هذا الكلام تهويلاً؟ والجواب
تقدمه فقط التطورات المقبلة. ================= الدبّابة
السورية التي تقتل عشوائياً اوكتافيا نصر 2012-07-24 النهار أكتب اليوم بقلم
متأثّر بالندوب العميقة التي تركها في
نفسي القصف الكثيف لإحدى الدبابات
السورية التي كانت مهمّتها الوحيدة أن
تُبقي مدفعها موجّهاً صوب حيّنا وتطلق
القذيفة تلو الأخرى من أجل القضاء على
الأرواح والممتلكات، فتتسبّب بالمآسي
وتزرع الرعب في نفوس الصغار والكبار من
دون استثناء. لا شك في أن النظام السوري
الذي كان يصدر الأوامر بقصف أحيائنا في
لبنان يومياً بلا هوادة في الثمانينات
والتسعينات، كان يأمل ألا يبقى أحد على
قيد الحياة ليتذكّر ما جرى، فكم بالحري
لينقل تاريخنا الشفوي إلى أجيال
المستقبل. النظام نفسه يستخدم
دبّاباته وسواها من أسلحة المدفعية
لزرع الرعب في أحياء دمشق وإدلب وحلب
وحماة وعدد كبير من المدن السورية
الأخرى، فيهدّد حياة الأبرياء بذريعة
محاربة "الإرهابيين". إنهم يقتلون
شعبهم هذه المرّة بالأسلحة والنيران
الفتّاكة نفسها. آلات القتل هي هي،
والأيدي الدموية هي نفسها. يجعلنا هذا
نتساءل، ايهما الأسوأ؟ أن تقتل القوات
السورية جزءاً من الشعب اللبناني أم أن
تقتل أبناء بلدها من رجال ونساء
وأولاد؟ على غرار عدد كبير من
أبناء جيلي، أقف مصدومة وعاجزة في وجه
العنف الذي يستهدف المدنيين في سوريا.
بعضنا يندد، وبعضنا الآخر يصفح، فيما
يقف كثرٌ صامتين وغير قادرين على
التعبير عن مشاعرهم لأن الصدمة التي
تعرّضوا لها على أيدي القوات السورية
تحزّ عميقاً في نفوسهم؛ فلا شيء يضاهي
الألم الذي عانوه آنذاك ولا يزالون
يحملونه في قلوبهم. إنه العذاب الذي
عاشوه لفقدان أحبّائهم وأصدقائهم
وجيرانهم. إنها أصوات الموت التي كان
تئنّ فوق رؤوسهم فيما كانوا يُحصون
القنابل وقذائف الهاون والرصاصات
والأسلحة الأخرى، وينتظرون أن يأتي
دورهم. كلما سمعت عن مدينة
أو قرية سورية تنهال عليها قذائف
المدفعية وتعيث فيها دماراً، أتساءل
ما إذا كانت تتعرّض للوابل نفسه الذي
كانوا يمطروننا به ليل نهار، وكان
محمّلاً بالقسوة الشديدة والكراهية
والترهيب. لقي أكثر من 19 ألف سوري حتفهم
منذ بدء الانتفاضة. إنه رقم مؤلم جداً
ولا يمكن تحمّله، لكن من عاشوا بيننا
المجزرة عن كثب في لبنان، يعلمون أن
هذا الرقم يمكن أن يزداد بسرعة كبيرة
لأن آلة القتل لا ترحم ولا تشعر بالخزي.
علّمتنا التجربة اللبنانية أن ضمير
العالم أسطورة. فالمجتمع الدولي
يتصرّف بحسب ما تمليه المصالح القومية
غير عابئ بعدد القتلى أو المصابين أو
الأشخاص الذين يتعرّضون للتعذيب أو
الترهيب. انسحبت القوات
السورية مع دباباتها وأسلحتها من
لبنان منذ عام 2005، لكن التروما باقية.
لقد هاجمت آلة الحرب السورية أجزاء من
لبنان، وسحقت جزمة الاحتلال
والمطاردات السورية الحرية فيه. كان
السياسيون في ذلك الوقت دمى في أيدي
النظام السوري، ومن يتجرّأ على انتقاد
سوريا في العلن كان يُسكت باغتياله أو
زجّه في السجن، وكان الناس يعانون.
يصعب أن ننسى كيف وقف لبنان وحيداً في
وجه الحديد والنار اللذين قضيا على
الأرواح والأرزاق. أين كانت الدول
العربية أو الغربية في ذلك الوقت؟ أين
كان الغضب من القصف المتواصل والترهيب
الوقح؟ اعتبر المواطنون
والديبلوماسيون والمراسلون الأجانب
في ما مضى أن بقاءهم في لبنان لمتابعة
مهماتهم بات محفوفاً بالمخاطر، فرحلوا.
وساد شعور باليأس لدى كثيرين في ذلك
الوقت. وها هو نظام الأسد
يتسبّب بالشعور نفسه بالعزلة واليأس
لدى ملايين من السوريين بمنع
المراقبين المستقلّين والمراسلين من
دخول سوريا. من سخرية القدر إنما
من المؤسف أيضاً أن نرى السوريين
يتوافدون إلى لبنان بعشرات الآلاف
هرباً من النزاع الدموي، لكن طريقة
استقبالهم تشكّل اختباراً ودرساً على
السواء لعدد كبير من اللبنانيين. إنه
اختبار في نسيان الماضي الأليم
والشفاء من الجروح، ودرس في مواجهة
التاريخ وربما الحصول للمرة الأولى
على فرصة رؤية المواطنين السوريين
العاديين بمعزل عن الديكتاتورية
البعثية التي كانت تمثّلهم وارتكبت
طوال عقود فظائع في لبنان باسمهم. ================= عيسى الشعيبي الغد الاردنية 24-7-2012 ما سأتحدث عنه في هذه
العجالة ليس شخصاً بعينه من لحم ودم،
له لسان وشفتان، وهوية أحوال مدنية
ورقم وطني؛ ولا هو أيضاً كائن تخلّق من
بنات أفكار روائي متمكن، يبتكر الشخوص
وينطقها كيفما يشاء له الخيال؛ بل
الحديث هنا عن ظاهرة فردية تنتجها
الدولة الشمولية، وتعيد تشكيلها على
نحو يشبه الدكتاتور بدون أن يضاهيه، أو
قل صورة تحاكي الأصل في الظاهر من غير
أن تكون نسخة عنه. ولعل موسى إبراهيم،
الناطق باسم معمر القذافي في أواخر
عهده البائس، هو آخر النماذج الطرية في
الذهن، المجسدة لمثل هذه الشخصية
النمطية التي تتوهج بشدة، وتخطف
الأبصار بقوة في المطاف الأخير من زمن
الانهيارات المدوية لأنظمة القمع
والترويع؛ إذ يسجل التاريخ أن لكل
طاغية "موسى إبراهيم" خاصاً به،
يأفل نجمه مع أفول شمس سيده، ولا يترك
لنا سوى التندر على مزاعمه، واستعادة
تلك المكابرات المضحكة. وها نحن اليوم في زمن
الثورة السورية المجيدة نجد قبالتنا
أكثر من موسى إبراهيم واحد، يقومون في
دمشق بذات المهمة التي شاهدنا مثيلاً
لها في طرابلس الغرب، ويؤدون فيها
الدور نفسه الذي برع في أدائه الناطق
الوحيد باسم القذافي، الأمر الذي يغري
بعقد عدد من المقارنات واستحضار بعض
المشتركات بين هؤلاء الشبيحة
المدافعين عن نظام استبدادي بات يعد
أيامه، وبين موسى إبراهيم القذافي،
لنرى أن النتيجة على تواضعها هي في
صالح ذلك الليبي الذي قيل إنه هرب،
وقيل إنه اعتقل متنكراً في ثياب امرأة..
والله أعلم. ومع أن موسى الذي
اتضح لنا فيما بعد أنه من قبيلة
القذاذفة، كان شاباً سنه في حائط
الأربعين، له إطلالة حسنة المظهر
قياساً بعبدالله السنوسي مثلاً، ولديه
قدر كبير من التواضع المشوب بالخجل
الشخصي، ناهيك عن معرفة جيدة بمخاطبة
الرأي العام، وإتقان شديد للإنجليزية،
إلا أن أقرانه في دمشق، وهم كثر على
شاشات الإعلام، ليس بينهم من لديه
موهبة موسى ولا عصاه، إن لم نقل إن كل
واحد منهم أغلظ (بحرف الزين) من الآخر. كان موسى إبراهيم
بمثابة لسان لدكتاتور أحمق، ظل حتى
الساعة الأخيرة من حياته يعتقد أن
الجماهير المؤمنة بكتابه الأخضر سوف
تزحف من الصحراء لتدافع عن أمجاده. أما
شبيحة الإعلام السوري، فالواحد منهم
يبدو، بصيغة المفرد، بمثابة لسان
لدكتاتور جبان، قال عنه عمه رفعت قبل
أكثر من نصف عام، إنه لو كان حافظ الأسد
حياً لكان قد قتل أكثر من مئتي ألف سوري
وما تردد، في سبيل إعادة ترسيخ حكم
العائلة. وإذا كان من الصحيح
أن موسى الليبي، وجميع أشباهه
السوريين، تحدثوا عن عصابات إرهابية
مأجورة، وعن "قاعدة"، وجرذان
وجراثيم وغير ذلك من المفردات
المتماثلة، وحاولوا جميعهم التمويه
على الوضع الآيل للسقوط، وبث طمأنينة
مزيفة لدى الرأي العام المحلي، مهونين
من شأن التطورات غير المواتية، زاعمين
أن الوضع على خير ما يرام، فإن من
الصحيح أيضاً أن موسى القذافي كان يسعى
إلى إظهار ليبيا كضحية للغرب، فيما
نظراؤه في الشام يسعون جاهدين إلى
تقديم نظام الأسد كقلعة ممانعة، وكعبة
كفاح ضد الإمبريالية المتهالكة. لقد مضى موسى إبراهيم
القذافي في نهاية المطاف إلى حيث يمضي
الدجالون في مكب صغير للنفايات
البشرية، وخسر كل شيء وربما خسر حياته،
أما نظراؤه السوريون، فقد فاز البعض
منهم بعضوية مجلس الشعب، لقاء البلاء
الذي أبلوه على الشاشة السورية وغيرها
من المنابر التي صنعت من هؤلاء نجوماً،
والبعض الآخر منهم ما يزال ينتظر، فيما
قلة قليلة منهم توارت عن الأنظار بعد
أن تسلل الارتياب إلى نفوسها، وأخذت
تحسب الحساب لعاقبة قد تكون أشد هولاً
من عاقبة موسى القذافي المذلة. ================= الأردن
وسيناريو انهيار الدولة السورية د.باسم الطويسي الغد الاردنية 24-7-2012 جاءت الضربة التي
تلقاها النظام السوري الأسبوع قبل
الماضي، واستهدفت البنية الأمنية
الداخلية (وهي ضربة استخبارية
احترافية بكل المعايير)، لتعيد قراءة
المشهد السوري من جديد من قبل الأطراف
كافة، كل حسب مصالحه وطموحه في الشرق
الأوسط القادم، مع ظهور خطاب متشائم،
يأخذ بعين الاعتبار احتمالات انهيار
الدولة السورية قبل النظام. تأتي هذه التطورات
المتسارعة مع حضور متغيرات جديدة،
تطرح ثلاثة أسئلة أساسية: أولا، هل
نظام الأسد مقبل على انهيار درامي على
الطريقة العربية، وأن الهشاشة
الداخلية آخذة في البروز، فيما خيار
المعركة الطويلة أصبح خارج الحساب؟
ثانيا، هل نحن أمام أيام سورية صعبة
وحالكة، ستدفع الضغوط على الأرض
بالنظام إلى المزيد من الجنون؟
وثالثا، هل نفاجأ خلال الأيام المقبلة
بحدث من خارج السياق، يعيد ترتيب
تفاصيل المشهد السوري والإقليمي من
جديد؛ من قبيل ضربة إسرائيلية لمواقع
سورية تستهدف القدرات الدفاعية
والصاروخية ومخزون الأسلحة
الكيماوية، وهو سيناريو تحدثت عنه
الصحف البريطانية خلال الأيام
الماضية؟ عدم قدرة نظام الأسد
على التعلم من التجارب العربية الأخرى
في ضوء لعبة الأمم الجديدة، يعني، بكل
أسف، قرب اليوم السوري الأسوأ، والذي
يعني عمليا المزيد من العناد والجنون،
فيما على الأرض تقود التحولات البلاد
السورية إلى خيارين: إما الحرب الأهلية
الطويلة تحت عناوين طائفية، أو تقسيم
سورية إلى دويلات يبدؤها النظام الذي
قد يلجأ إلى نقل تحصيناته باتجاه
الساحل ومدينتي اللاذقية وطرطوس، ما
يعني عمليا إنشاء دولة علوية، فيما
تتحدث المعارضة الكردية علنا عن
استعداداتها لإقامة دولة على الشريط
الحدودي مع كردستان، أو على أقل تقدير
إعلان حكم ذاتي. كل القراءات الدولية
لليوم السوري القادم تبني تصوراتها
على مسارات تصب في النهاية ضد الدولة
السورية؛ بمعنى ليذهب النظام ولتذهب
الدولة معه، أو ليبق النظام وتنهار
الدولة، وفي الذاكرة الحالة العراقية
والحالة الليبية معا. وهو الأمر الذي
أخذ بالتبلور في الرؤية العربية
مؤخرا، وفي العرض الذي قدمه المجلس
الوزاري للجامعة العربية بتأمين مخرج
آمن للأسد وعائلته من السلطة مقابل
تنحيه عن الحكم، وذلك على وقع تفاقم
العنف واستمرار القتال في دمشق وحلب،
وتجنبا لسيناريوهات انهيار الدولة
السورية، وهو الأمر الذي سترفضه
القيادة السورية. لا يتوقف موقع الأردن
من السيناريو الأسوأ بأنه الخاسر
الأكبر، بل ويتحمل مسؤولية سياسية
وأخلاقية وقومية هي الأكبر في حماية
وحدة الدولة السورية، وفي تجنيب
الأشقاء شبح حرب أهلية مفزعة. يزداد
وقع هذا السيناريو مع احتمالات دخول
حركة اللجوء عبر الحدود الأردنية إلى
مستوى لا يحتمله الأردن، وامتداد
المعارك على أطراف الحدود الأردنية،
ما سيضيف حساسية جديدة، بحيث يجد
الأردن نفسه طرفا في عمليات عسكرية أو
لوجستية غير مرغوبة، فيما يبدو احتجاز
عشرات الشاحنات الأردنية داخل الحدود
السورية إنذارا بتعطيل التجارة البرية
الأردنية التي تعتمد بشكل رئيس على
المعابر البرية السورية. لقد حان الوقت أن
يخرج الأردن من دائرة الانتظار ومن
تصريحات جس النبض، وأن يصعّد جهوده
السياسية بالدفع نحو الحل السياسي
الذي يضمن وقف انهيار الدولة السورية
ويحافظ على وحدة شعبها. ولعل أمام
الأردن منافذ لتأمين صيغة للهروب
النظيف للأسد، مع بقاء طرف من نظامه،
ولو رمزيا، ضمن أطراف صياغة الحل، وعلى
مدى مرحلة انتقالية يكون لأطراف عربية
بينها الأردن مساهمة واضحة فيها. انهيار الدولة
السورية سيناريو مخيف بالنسبة للأردن،
وسيُدخل المنطقة في فوضى عارمة،
والأخطر من ذلك أن تنهار الدولة ويبقى
النظام. ================= ثورة
سوريا تنتصر رغما عن روسيا * د. فخري
العكور الدستور 24-7-2012 لاحظ الجميع بعد
انهيار الاتحاد السوفياتي مسلسلا
كبيرا للتخبط الشديد في السياسة
الخارجية الروسية من قبل قادتها الجدد
امثال يلتسين وبوتين. وقد فشلت
الدبلوماسية الروسية وعلى رأسها وزير
الخارجية لافروف في الحصول على اية
نجاحات او مكتسبات دولية، لا بل تسببت
في تشويه صورة روسيا امام شعوب العالم
اجمع، فقد وقفت اولا مع الطاغية الليبي
معمر القذافي وخرجت من المولد بدون حمص
بعد انتصار الشعب الليبي، وها هي الان
تجلب الخزي والعار لنفسها بعد ان آثرت
الاصطفاف الى جانب اكبر نظام فاشي في
سوريا قتل شعبه واحرق مدنه فكانت روسيا
مشاركة بالكامل في هذه الجرائم
الوحشية التي عجز المغول والتتار من
التشبه بها. ان بوتين يحاول جاهدا
ان يجر العالم الى حرب باردة جديدة
مستغلا الدماء السورية البريئة للظهور
بمظهر القوة الكبرى المعادلة لأمريكا
ودول الناتو دون ان يرتجف له جفن من
صورة اشلاء الاطفال الذين قتلتهم
الدبابات والطائرات الروسية الصنع. لكن الثوار في سوريا
البطلة وجهوا لروسيا والصين لطمة قوية
بانتصاراتهم المذهلة والمتواصلة ضد
الجيش النظامي، فقد شنوا هجوما مركزا
على دمشق العاصمة ودكوا اركان الحكم
الظالم ولن تفيد كل محاولات روسيا
لاطالة عمر هذا النظام عن طريق استخدام
الفيتو في مجلس الامن وامداد الجيش
النظامي بالمروحيات والدبابات. ان نجاح الثورة
السورية واقتراب موعد انتصارها بالرغم
من تخاذل دول الغرب وعداء الشرق وتفرج
العرب لهو دليل على ان الشعوب المناضلة
من اجل حريتها وكرامتها تستطيع بعد
التوكل على الله ان تحقق المعجزات
بسواعد ثوارها الاشاوس بالرغم من كل
التضحيات الجسيمة. ان روسيا والصين
بموقفهما المشين المعادي لقضية الشعب
العربي السوري العادلة تستحقان الرد
المناسب من قبل الدول العربية
والاسلامية ويجب ان تدفعا ثمن هذا
الموقف. وعلى الدول العربية
والاسلامية ان ترد عليها بكل اشكال
الاستنكار والاحتجاج وحتى المقاطعة
الاقتصادية فروسيا والصين لهما مصالح
كبيرة في الوطن العربي وتستفيد من
اسواقنا اكبر الفائدة حيث تصدر لها
بضائع مختلفة تقدر قيمتها بتريليونات
الدولارات. ان المحزن والمخزي ان
نرى عالمنا العربي مشلولا بالكامل حيث
يقوم الشرق والغرب بتقاذفنا مثل كرة
القدم فهم يبحثون مشاكلنا ويختلفون
عليها او يصطلحون ونحن كالبلهاء ننظر
بعيوننا دون حول لنا او قوة. التاريخ : 24-07-2012 ================= انقذوا
سورية الحبيبة قبل الهلاك د. محمد صالح
المسفر 2012-07-23 القدس العربي (1) مؤتمرات تعقبها
مؤتمرات وتزدان شاشات التلفزة العربية
والدولية بوجوه المؤتمرين ونسمع
بيانات وخطبا وتصريحات من العرب
والعجم من كل جنس كلهم يطالبون بانقاذ
الشعب السوري من الهلاك. صحيح لكل من
هؤلاء المؤتمرين اهدافه ومآربه في
سورية البعض محبا والبعض كارها، البعض
توريطا والبعض تفريطا ولكن الكل ينادي
بوقف المذابح التي ترتكب في سورية
الحبيبة ضد الانسان والحيوان وتدمير
الممتلكات. النظام السوري يقول
كلكم يا حكام العرب تقمعون الخارجين عن
طاعتكم المتظاهرين ضد نظمكم وتتوعدون
بقطع يد كل من يعبث بامن انظمتكم
وسجونكم مزدحمة بكل من يعارضكم فلماذا
انا مستثنى منكم؟ يقول النظام السوري
انكم يا عرب تتآمرون مع الصهيونية
العالمية وامريكا والغرب على سورية
لانها دولة المقاومة والممانعة ويرد
العرب عن طريق كتابهم ومثقفيهم
وصحافتهم تفنيدا لما يقول بشار الاسد
وزبانيته ويتساءلون عن اي مقاومة
تتحدثون واي ممانعة تقصدون. الكاتب لا
يريد ان يدخل في هذا الجدل البيزنطي
ولكني اقول: اذا كانت هناك مؤامرة وقد
ادركها النظام القائم في دمشق بحسه
وعلمه فلماذا لم يقلب الطاولة على كل
من يتآمر على سورية الحبيبة وبكل بساطة
وبدون اراقة قطرة دم واحدة وذلك عن
طريق الاستجابة لمطالب الشعب في
الاصلاح لقد كان يرى بام عينه انظمة
عربية عاتية تتهاوى واحدا بعد الاخر
لانها رفضت مطالب الاصلاحات الوطنية،
كما انه يعلم ان الشعب السوري الذي
واجه بكل شجاعة واباء كل الحملات
الصليبية والتتار وغيرهم من القوى عبر
التاريخ ولم يستسلم لكل تلك القوى، فهل
يعتقد بشار الاسد واركان حكمه ان الشعب
السوري سيستسلم لجبروته وطغيانه. لقد ركبت القيادة
السورية جنون القوة والاحتماء بقوى
اقليمية متمترسة في حروب المدن مدججة
بالسلاح والمال الوفير والعقيدة
الطائفية الى جانب القوة الروسية
والصينية وظن انه سيحقق اهدافة باطالة
البقاء في كرسي الزعامة الى مالا نهاية
وغاب عنه انه لكل طاغية نهاية. ( 2 ) المؤتمر الوزاري
العربي المعني بالوضع في سورية الذي
انعقد في الدوحة في 22 / 7 شدد على
الاسراع في الوصول الى حلول توقف نزيف
الدم المراق على امتداد القطر السوري
الشقيق وللمرة الاولى التي يدعو
المؤتمر الوزاري العربي الرئيس بشار
الاسد للتنحي عن السلطة مقابل تقديم
ضمانات لمخرج امن، ووجه
المؤتمرالبعثات العربية في الامم
المتحدة ان تعمل لعقد اجتماع طارئ
للجمعية العامة تحت بند 'الاتحاد من
اجل السلام' ومعلوم ان هذا البند
يستدعى للعمل به عندما يفشل مجلس الامن
الدولي للوصول الى اتفاق بين الاعضاء
الدائمين في المجلس (امريكا، روسيا
الاتحادية، بريطانيا، فرنسا، الصين)
ومعلوم ايضا ان الفيتو الروسي الصيني
قد حالا مرات ثلاث للوصول الى اجماع
بشأن الوضع في سورية. الامر الثاني
انها المرة الاولى التي يقرر فيها
الاجتماع الوزاري العربي تكليف وفد
يرأسه معالي رئيس وزراء وزير خارجية
دولة قطر للتوجه الى موسكو وبكين لوضع
القيادتين الروسية والصينية في الصورة
كما يراها العرب. وكم كنت اتمنى لو ان
العرب اتجهوا نحو موسكو وبكين منذ
اللحظة الاولى للازمة السورية
فمشكلتنا هناك وليست في لندن وباريس
وواشنطن ولا بد ان يأخذ العرب في
اعتبارهم مخاوف القوتين من الهيمنة
الغربية الامريكية على المجتمع الدولي
وبالتالي على مصالح الدولتين في
العالم وخاصة الشرق الاوسط. جهد اخر تدفع به
المملكة العربية السعودية في هذا
الشأن وهو الدعوة لعقد اجتماع طارىء
لدول ' مؤتمر التضامن الاسلامي 57 دولة '
في مكة المكرمة في العشر الاواخر من
رمضان لتدارس الوضع المتفاقم في سورية
ومحاولة انقاذ الشعب السورى من الهلاك
على يدي جيش النظام الحاكم وحلفائه
الاقليميين والدوليين. (3) المجلس الوزاري
العربي قررتقديم مساعدة مقدارها 100
مليون دولار تخصص لللاجئين السوريين
وفي تقديري ان هذا المبلغ متواضع جدا
فكل الدول المحيطة بسورية والتي تدفق
اليها اللاجئون السوريون باعداد كبيرة
دول محدودة الامكانيات مثل الاردن على
سبيل المثال وعلى ذلك اتمنى اعادة
النظر في هذا المبلغ المتواضع علما بان
امريكا تبرعت للاردن بمبلغ 100 مليون
دولار لذات السبب. المجلس الوزاري في
ختام اعماله دعا الى تشكيل حكومة وفاق
وطني انتقالية تكون ضمانة لكل مكونات
المجتمع السوري لكن من يشكل هذه
الحكومة المعارضة ام النظام القائم في
دمشق. يجب على المعارضة في الداخل
والخارج والجيش الحر الاتفاق وتوحيد
الكلمة وتشكيل حكومة تضم كل مكونات
المجتمع السوري بما في ذلك حزب البعث
من الذين لم تتلوث ايديهم بدماء الشعب
السوري قبل فوات الاوان. اخر القول: اسرائيل
تهدد بضربة استباقية خشية تسرب
الاسلحة الكيماوية الى حزب الله في
لبنان، وهناك حملة تخويف من الجهاديين
والسلفيين والقاعدة والاخوان
المسلمين بانهم سينقضون على اسرائيل
بعد اسقاط النظام انتبهوا يا معارضين
ويا مؤيدين لمستقبل سورية وليس مستقبل
النظام وافراده. ================= هل يحل
تنحي الاسد مشكلة سورية الان؟! 2012-07-23 القدس العربي سورية هذا البلد
العظيم الذي أصبح يتهاوى بنيانه بعدما
تعاقبت على بنائه عدة حضارات واجتمعت
فيه عدة ثفافات وديانات. بلد بنته عدة
شعوب منذ5 آلاف سنة, يدمر في شهور. ومهما
كان الوضع فان سورية مقبلة على حرب
أهلية كارثية، فعزل الأسد أو قتله
سيؤدي الى مزيد من شلالات الدم بين
العلويين والمسيحيين من جهة والطائفة
السنية من جهة أخرى، حيث لا يمكن
للطوائف أن تسمح للطائفة السنية
بالاستيلاء على الحكم واقامة دولة
دينية تحكم من الخليج. وهو ما سيقوض
العملية السلمية مستقبلا ويهدد دمشق
بالسقوط وانهيار الدولة، حيث لا يمكن
أن يستولي عليها أحد وستحتدم المعارك
فيها مستقبلا. سوري ربما تواجه مصيرين،
اما البعث والعلمانيون اي الاستبداد
والفساد، واما المتأسلمون, كما حدث في
مصر، ولكن الفرق هو وجود طوائف من
علوية وسنية ودرزية واسماعيلية
ومسيحية متنوعة واقليات عرقية كذلك,
وهذا ما يجعل انقاذ سورية من الطريق
المحتوم يكاد يكون مستحيلا. ولكن اي
خطوة للأمام أو للخلف في سورية تبدأ
بالاطاحة بالطاغية. هل يمكن لسورية أن
تبدأ بداية جديدة من الاصلاح مع بشار؟
لا أعتقد ذلك فقد فات الأوان الان,
ودارت العجلة بقوة غير عابئة, وكل ما
نتمناه من الله ألا تتمزق سورية
العظيمة، لا قدر الله! رحيل الاسد جزء من
الازمة وبعد رحيله ستتعمق الازمة لتصل
لمرحلة الاقتتال الداخلي بين السوريين
أنفسهم لتقسيم الكعكة بينهم، فالساسة
لم يتفقوا على شيء، لذلك هنا جوهر
المشكلة بخلاف عدم وجود من سيطرح في
حال رحيل الاسد والجهة الوحيدة التي
ستكون قادرة هم جنرلات الجيش الحر
لانهم الاولى بذلك بالاشتراك مع
الساسة المدنيين من المجلس الانتقالي
السوري. الاوضاع ستكون شبيهة بما يحدث
في مصر وتولي الجيش أفضل لعودة
الاستقرار وعدم حدوث حرب أهلية، وبغض
النظر عما سيقال عن سوء ادارتهم للبلاد
فاني اضع مثال ما حدث في العراق او
لبييا عندما لم يتول الجيش زمام الامور
بادارة البلاد فماذا حدث؟ ارى ان الازمة لن تحل
بسهولة فبعد رحيل الاسد المحتم،
فضحايا الشهداء لن يسكتوا بسهولة عن
ارواح ابنائها التي زهقت وستسمر الى
ابعد من ذلك، وستكون هناك على الجيش
السوري قضايا ومشاكل لانهم متهمون
بقتل الاطفال وان انتقال الحكم للجيش
الحر سيكون هو الحل الاول لحين قيام
انتخابات ووضع النقاط على الحروف،
ولكن اتوقع ان تكون هناك خروقات كبيرة
من الجيش الحر واعوان النظام السابق
وهم من مخابراته او سيكون هناك تدخل
خارجي من ايران ودول الخليج والدول
الغربية وروسيا والصين. هناك ايضا معارضة
مسلحة اسلامية بسميات فضفاضة تمارس
نفس ما يمارسه البعث الحاكم.. والشعب
ضائع بينهما.. انتهت قصة الشعب يريد
اسقاط النظام والربيع العربي المزعوم
وافرزت انتخابات دول الربيع العربي عن
حجم القوى المناوئة للنظم الحاكمة،
وتريد ان تأخذ مقاليد السلطة بوضع اليد
ومساعدة الامبريالية الجديدة.. نفس
ادوات الحرب الباردة القديمة يستخدمها
الغرب اليوم كأدوات للفوضى الخلاقة..
وكان الاجدى لسورية الاقتداء بالتجربة
اليمنية. والعودة للشعب ليقرر عبر
خارطة طريق. والانتخابات الحرة هي
المحك بلا منازع. لكن تبقى المسألة
الطائفية هي الاخطر، فحينما تتحدث مع
اي علوي مثلا يحدثك عن الفساد والاصلاح
وعطيك بعضهم اسماء كبيرة فاسدة او
مجرمة من كل الطوائف، وعندما تصل الى
شخص بشار الاسد يقولون لك، يا اخي هادا
ما دخلوا، مما يعطيك احساسا انهم يرون
في بقاء طاغية دمشق بقاءهم
واستمرارهم، وتنحي او اقصاء هذا
الطاغية سيعني محاولة التشبث بالبقاء
سواء في المناصب او غيرها بشتى السبل،
وتنحية بشار سيعني ترحيله واعادة
هيكلة الدولة بما فيها اعادة كتابة
الدستور الذي يجب سحب كل هذه الصلاحيات
منه والتي جعلت منه ديكتاتورا بقوة
القانون، كذلك سيتبع تنحيه فترة من
الخلخلة نتيجة لبحث اعوانه عن طريقة
لمقاومة التغيير ولكنها ستكون اسهل في
اخمادها وقمعها وبالتالي استسلام
صاحبها لواقع انهيار النظام, نعم ان
رحيل هذا الرجل سيعطي سورية دفعا الى
شط الامان بخسائر اقل بكثير من ترحيله
بالقوة. لانه سيرحل هو وعصابته، سواء
قبل ام لا وسواء تدخل المجتمع الدولي
ام لم يتدخل فاسوريون انجزوا معظم
الاشياء بايديهم على الارض. كفاح عبدالحكيم ================= عبد الباري
عطوان 2012-07-23 القدس العربي رفضت
السلطات السورية بسرعة قياسية العرض
الذي تقدمت به اللجنة الوزارية
العربية الخاصة بسورية، اثناء
اجتماعها الاخير في الدوحة، بتأمين
مخرج آمن للرئيس بشار الاسد وعائلته
مقابل تنحيه عن السلطة، حقنا لدماء
السوريين وحفاظا على مقومات الدولة
السورية ووحدة أراضيها وسلامتها
الوطنية ونسيجها الاجتماعي، وضمان
الانتقال السلمي للسلطة، على حد قول
بيانها الاخير. هذا العرض، علاوة على
كونه جاء متأخرا، يعكس ازمة النظام
العربي اولا، وانعدام وجود مبادرات
وحلول جديدة يمكن تطبيقها على الارض
ومرضية لجميع الأطراف، كما انه يعكس في
الوقت نفسه، تصميم اللجنة والاطراف
العربية المشاركة فيها على استمرار
الضغوط على النظام السوري، والتمسك
بقرارها بضرورة تنحيته عن رئاسة
البلاد، كطريق وحيد لوقف حمامات الدم.
ويتضح هذا من خلال ثلاثة مطالب او
تحركات رئيسية: *الاول: مطالبة الامم
المتحدة بتعديل مهمة كوفي عنان
المبعوث الاممي والعربي بحيث تتركز
على تنحي الاسد، والانتقال السلمي
للسلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى
زمام الامور في المرحلة الانتقالية. *الثاني: الدعوة
لاجتماع عاجل للجمعية العامة للامم
المتحدة لاصدار توصيات باتخاذ اجراءات
من بينها اقامة مناطق آمنة في سورية
وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية
مع النظام. *الثالث: زيارة رئيس
اللجنة الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس
الوزراء وزير الخارجية القطري،
والدكتور نبيل العربي امين عام
الجامعة العربية الى كل من بكين وموسكو
في محاولة لتغيير موقفيهما الداعمين
للنظام السوري، والتماهي مع الموقف
العربي ـ الامريكي. من المؤكد ان اللجنة
تعرف جيدا ان الرئيس بشار الاسد لن
يتقبل عرضها هذا، ولن يتنحى عن السلطة،
وينتقل الى منفى في صقيع موسكو، لعدة
اسباب ابرزها شخصيته التي تتسم
بالعناد والمكابرة اولا، واستمرار
سيطرته وقواته على معظم الاراضي
السورية ثانيا، والاطمئنان الى
الدعمين الروسي والصيني ثالثا، وتماسك
الجيش السوري، او نواته الصلبة رابعا. فإذا كانت الثورة
السورية ،السلمية بداية، والمسلحة
مثلما هو عليه الحال الآن، قد حققت
صمودا اعجازيا استمر اكثر من ستة عشر
شهرا في مواجهة آلة جهنمية جبارة من
القتل دون رحمة او شفقة، فإنه لا بد من
الاشارة ايضا الى ان النظام فاجأ
الجميع عندما صمد طوال الفترة نفسها،
وما زال متشبثا بالسلطة، رغم حجم القوى
المعارضة له، عالمية وعربية بوزن
امريكا واوروبا والمملكة العربية
السعودية ودول الخليج الاخرى، التي
تجلس على ثروة تفوق الثلاثة تريليونات
دولار. ' ' ' صحيح ان النظام
السوري تلقى ضربات قاتلة في الاسابيع
الاخيرة، حيث وصلت الهجمات الى قلب
العاصمة دمشق، وحي السفارات، المربع
الامني للنظام (المزة)، وباتت قوات
المعارضة على وشك السيطرة على مدينة
حلب بعد سيطرتها على المعابر الرئيسية
على الحدود التركية والعراقية، ولكن
الصحيح ايضا ان هذا النظام ما زال
يقاتل على جبهات عديدة، ويؤكد انه لم
يستخدم الا اقل من عشرة في المئة من
قدراته العسكرية. رئيس عربي واحد فقط
هرب من بلاده الى المنفى، وهو الرئيس
التونسي زين العابدين بن علي، وبعد ستة
اسابيع من انفجار الثورة في بلاده، لكن
جميع الرؤساء الآخرين فضلوا البقاء
ومواجهة مصيرهم، فالرئيس اليمني علي
عبدالله صالح ما زال في قصره في صنعاء،
والرئيس حسني مبارك رفض عروضا سعودية
واوروبية بمغادرة مصر، وفضلّ مواجهة
القضاء على سرير المرض، والى جانبه
ابناؤه وافراد عائلته. اما العقيد معمر
القذافي فقد فضل وابناؤه القتال حتى
الموت. وربما يفيد التذكير،
تذكير اللجنة العربية في هذه العجالة،
ان رئيسا عربيا آخر وهو صدام حسين تلقى
مبادرة مماثلة من دولة الامارات
العربية المتحدة، تقدمت بها الى القمة
العربية في مصر بالرحيل وعائلته الى
منفى آمن مريح، حفاظا على العراق
ووحدته الترابية، وتجنب المواجهة
العسكرية مع امريكا، ولكنه رفض هذا
العرض، وعندما دخلت الدبابات
الامريكية بغداد غادرها لكي يطلق
رصاصة المقاومة الاولى، ولم يهرب من
العراق مطلقا، ووقف امام المقصلة وقفة
إباء وشمم تاريخية. ولا ننسى ايضا الرئيس
الفلسطيني ياسر عرفـــــات الذي حوصر
في مكتبه في رام الله لسنوات من قبل
شارون اسرائـــــيل، وكان يعــــرف
انه ســــيموت شهيدا سواء بالسم او
بغــــيره، على ان يتــــنازل عن
ثوابته ومواقفه، وكان له ما اراد. وجبّ
بهذه الشهادة كل ما ارتكبه من اخطاء،
حسب اتهامات معارضيه. نحن هنا نسوق امثلة،
ونبرز حالات، ونستخدم علم القياس الذي
برع فيه اجدادنا العرب والمسلمون،
ولكن هذا لا يعني ان هناك استثناءات،
وان المقارنات ليست جائزة في بعض
الحالات لاختلاف الظروف واختلاف
الاشخاص، ولكن ما يمكن ان نخلص اليه هو
ان بقاء الرئيس الاسد في السلطة قد
يطول اكثر مما يتوقعه الكثيرون، الذين
يصلّون من اجل حقن الدماء ووقف اعمال
القتل بعد ان فاق عدد الشهداء رقم
العشرين الفا. المأزق السوري مرشح
للتفاقم، ونعتقد ان الرئيس الاسد تخلص
من ابرز خصومه في السلطة بمقتل
الجنرالات الاربعة، سواء كان نظامه
يقف خلف عملية تفجيرهم، او قوات
المعارضة السورية اومخابرات غربية هي
المسؤولة عن عملية التخطيط والتنفيذ.
فهؤلاء ابرز المرشحين للحفاظ على
هيكلية السلطة في حال رحيله، او القيام
بانقلاب داخلي للإطاحة به. ' ' ' الطريق الأقصر
للتخلص من النظام في سورية هو التدخل
الخارجي، بعد ان عجزت عمليات تسليح
المعارضة حتى الآن في انجاز هذه المهمة
قبل الانتخابات الرئاسية الامريكية،
موعد بدء العد التنازلي للهجوم على
ايران، ولا نستبعد هجوما اسرائيليا،
بدعم عربي لاسقاط النظام تحت غطاء
تأمين ترسانة الاسلحة الكيماوية
السورية. ولكن هل سيحقق هذا التدخل
اغراضه، وبأي حجم من الخسائر؟ مسؤول سوري قال قبل
عشر سنوات، ان الرئيس صدام حسين ارتكب
خطأ قاتلا عندما لم يجهز صواريخه برؤوس
كيماوية، ويطلقها على اسرائيل عندما
تعرضت بلاده لعدوان امريكي. الدكتور جهاد
المقدسي المتحدث باسم الخارجية
السورية ذكرني بهذه المقولة يوم امس في
مؤتمره الصحافي عندما قال ان الاسلحة
الكيماوية والبيولوجية السورية لن
تستخدم ضد الشعب السوري، وانما في حال
تعرض سورية لهجوم خارجي. الايام المقبلة حبلى
بالكثير من التطورات، حيث ستظهر
الأمور على حقيقتها، وسنرى ما اذا كانت
الاقوال ستقترن بالأفعال ام لا، لكن ما
هو مؤكد ان حمامات الدم ستستمر في
سورية وسيذهب ضحيتها الآلاف، ان لم يكن
عشرات الآلاف، للأسف الشديد. ================= ... عن
النظام السوري وعقدة السنّة عمر قدور * الثلاثاء
٢٤ يوليو ٢٠١٢ الحياة تنشر جريدة «الثورة»
الرسمية السورية البرنامج اليومي
لقناة «نور الشام» التلفزيونية، وهي
قناة دينية تقرر إنشاؤها بعد بدء
الثورة الشعبية، وما يزيد الأمر
بروزاً أن الجريدة لا تغطّي سوى برامج
هذه القناة استثناءً من القنوات
الرسمية الأخرى، ومن المعلوم أن
النظام قرر «استجابةً للمطالب الشعبية»
في مستهل الثورة تغييرَ الحكومة
وإنشاء محطة تلفزيونية دينية وإعادة
المنقّبات إلى الوظائف التي نُقلن
منها؛ أي تنفيذ «الإصلاحات» التي لم
يطالب بها أحد! لقد عُدّت إجراءات
النظام حينها استهانة صارخة بالوعي
الشعبي الوطني، الأمر الذي استدعى غضب
الشارع وازدياد أعداد المنضوين في
انتفاضته، لكن إجراءات النظام تعبّر
من جهة أخرى عن سوء فهم أصيل تجاه
الأكثرية العددية من حيث التعامل معها
بوصفها كتلة مذهبية، وأيضاً من حيث
قياس ما يحدث اليوم على ما حدث قبل
ثلاثة عقود في المواجهة مع الأخوان
المسلمين. فالدعاية التي اصطنعها
النظام لتصوير الثورة على أنها حركة
سنية أصولية، وتظهير الصورة بمثابة
تهديد بالإرهاب للخارج وتهديد
بالتطهير الطائفي للداخل، هذه الدعاية
ليست فقط وليدة مكر طارئ بل تستمد
جذورها من المواجهات الأولى بين حكم
البعث والإسلاميين، والتي تمثلت بداية
بما يُعرف بثورة حماة الأولى عام 1964.
حينها كان من بين أسباب عدة لثورة
المدينة إقصاءُ ابن حماة أكرم
الحوراني عن قيادة البعث، ورفعُ
شعارات استفزازية مناوئة للدين مثل «يا
أخي قد أصبح الشعب إلهاً» و «آمنت
بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة
ديناً ماله ثاني». في هذا المناخ نشرت
مجلة «الفجر» رسماً لحمار على رأسه
عمامة، وهتفت قوات الجيش التي راحت
تخمد الاحتجاجات: «هات سلاح وخذ سلاح
دين محمد ولى وراح». على رغم ذلك انحصرت
مطالب المدينة بثلاثة بنود عامة أهمها
إلغاء حالة الطوارئ وإطلاق الحريات
العامة وإعادة العمل بالدستور، ولم
يشر أي منها إلى المسألة الدينية، ذلك
في الوقت الذي حكمت فيه المحاكم
الميدانية برئاسة مصطفى طلاس بالإعدام
على الكثير من وجهاء المدينة بعدما
صرّح الجنرال حافظ الأسد من ثكنة «الشرفة»
في حماة: سنصفّي خصومنا جسدياً. ليس في وسعنا استبعاد
الملامح الطائفية عن ثورة حماة،
بالقدر الذي لا يجوز استبعادها أيضاً
عن استفزازات البعث الذي هيمنت عليه
وقتها مجموعة من الضباط المنحدرين من
منابت مذهبية أقلوية. وفي شباط (فبراير)
1966 كرست هذه المجموعة هيمنتها المطلقة
على البعث وأبقت على سنية منصب الرئاسة
الذي أوكل إلى بعثي مدني هو نور الدين
الأتاسي، لكن موقع الرئاسة أُضعف إلى
حد كبير. أيديولوجياً اتجهت كتلة
الضباط يساراً بما لا يتناسب مع المزاج
الشعبي العام، لذا كان سهلاً على وزير
الدفاع حافظ الأسد القيام بانقلابه
عام 1970، وكان أول ما فعله بعيد
الانقلاب خطب ود السنّة عبر استرضاء
مدينتي دمشق وحلب، فضلاً عن طمأنة
القوى الإقليمية، بالتخلي عن المغامرة
اليسارية لرفاقه. مع ذلك لم تكن الطريق
ممهدة تماماً أمام حافظ الأسد لاستلام
الرئاسة، ولم يتحصل على قدر واضح من
القبول الشعبي العام إلا بحرب تشرين
الأول (أكتوبر) 1973؛ ذلك الرصيد الذي
قامر به بإرسال الجيش إلى لبنان بعد
ثلاث سنوات. من موقعه الأقلوي راح
الأسد يعمل على مستويين، الأول تعزيز
قوة قطعات محددة من الجيش يرأسها ضباط
يشاطرونه الانتماء الطائفي على حساب
قوة المؤسسة العسكرية ككل، تزامناً مع
تقوية وتضخم أجهزة المخابرات في شكل
غير مسبوق والهيمنة عليها بالطريقة
ذاتها. على المستوى الثاني ابتدع الأسد
نوعاً من المحاصصة غير المنظورة في
المناصب المدنية، طرفاها السنّة
والعلويون، لكنه أصبح مفهوماً على
نطاق واسع أن اليد الطولى هي للمخابرات
والقطعات الخاصة من الجيش، لذا لم تنفع
محاولة استرضاء السنّة بغض النظر عن
نشاطات الأخوان المسلمين في الوقت
الذي كان يلاحق فيه الحراك اليساري. في أثناء مواجهته
للأخوان في مطلع الثمانينات، سيقول
الأسد في أحد خطاباته: «أنا منذ ثلاثين
سنة أصوم وأصلّي، فما الذي يريدونه مني
ليعترفوا بإسلامي؟!». لعل هذه العبارة
تفضح سوء الفهم، أكان عفوياً أو
مقصوداً، فادّعاء التدين يحرف النقاش
عن الأصل السياسي، ويضع الأكثرية
السنية في موقع المتطلّب دينياً لا
سياسياً. بناء على هذه المغالطة سيذهب
النظام أبعد من قبل في إقصاء الشخصيات
السنية القوية عن مراكز القرار، في
الوقت الذي يسعى فيه حثيثاً إلى سحب
ورقة الدين من الإسلام السياسي. آنذاك
بدأ الإعلام الرسمي برسم صورة الرئيس
المؤمن، وغير بعيد عن ذلك سيحاول
الأخير إظهار فصاحته بالارتجال في
خطاباته المتكررة، تنشئ السلطة «معاهد
الأسد لتحفيظ القرآن»، وتبذل جهداً
لافتاً من أجل استمالة رجال الدين
الذين قبلت غالبيتهم بهذه المقايضة.
بالتزامن مع القمع الدموي الشديد، بدا
أن تلك السياسة قد حققت النجاح. لكن
الأسد الأب ما كان ليطمئن تماماً إلى
رضوخ الأكثرية العددية، ومع بروز
مشروع التوريث باتت الحاجة أكبر
للمصالحة معها من دون تقديم تنازلات
حقيقية، تجلى ذلك خصوصاً بالمصاهرة
السياسية لولديه الباقيين! الملاحظ أن النظام،
خلال أربعة عقود، لم يحد عن أسلوبه في
التعاطي مع الأكثرية، الأمر الذي تجلى
في الإصرار على تقديم نمط ثابت من
الرشاوى، ما يعني بحد ذاته تنميطاً لها.
في الدلالات العميقة في وسعنا تأويل
جانب من تضخم الأجهزة الأمنية على أنه
تعويض عن اليأس المطلق من الحصول على
قبول أكثري، وفي هذا تتضافر مبررات
الديكتاتورية مع الاعتبارات
الأقلوية، فالفشل يبدو ملازماً لبنية
النظام، حيث لم يساعده رهابه الأقلوي
على القبول بتقاسم حقيقي وعادل للسلطة
مع الأكثرية، وكان من الأسهل له
إدراكاً وسلوكاً أن يُخرج الصراع من
دائرة السياسة إلى الحيز الطائفي. إن عقدة السنة
المستفحلة لدى النظام ومواليه لا
يحلها مثلاً عدم انضمام قسم كبير منهم
إلى الثورة إلا في مراحل متأخرة،
فانزواء النظام فوراً إلى أقلويته
الطائفية كان الأسبق في ترسيمهم ككتلة
واحدة معادية. في الواقع لم يستخدم
النظام المسألة الطائفية لغايات
إعلامية فقط، بل لأن ذلك يشي بالفهم
الحقيقي له، وضمن هذا الفهم كان من
المستحيل عليه في أي وقت الدخول في
عملية سياسية داخلية تنتقص من
استفراده بالسلطة، ففي ميزانه الطائفي
لا مجال لاستمالة السنّة إلا بشرائهم
خارج السياسة. أما ما لا يدركه بعض
الموالين فهو أن الديموقراطية وحدها
الكفيلة باختراق الترسيمة الحالية،
واصطناع أكثرية وأقلية سياسية غير
مطابقة للطوائف، حينها ستُحلّ عقدة
السنّة من تلقاء نفسها، إذ ليس في وسع
الأكثرية إلا أن تكون متباينة
سياسياً؛ ليس في وسعها أن تكون طائفة. ================ الثلاثاء
٢٤ يوليو ٢٠١٢ الياس حرفوش الحياة عندما يعتبر وزير
الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، أن
«الوضع في دمشق عادي وهادئ ولا توجد
مشكلة في سورية حتى نقلق بشأنها»،
وعندما لا يتردد وزير الخارجية الروسي
في التأكيد ان النظام السوري لا يزال «قوياً»
ولا مبرر لدعوة رئيسه الى الاستقالة،
يصبح طبيعياً ان تسخر دمشق من عرض
وزراء الخارجية العرب على رئيسها
توفير خروج آمن له ولعائلته، ومن
دعوتها المعارضة الى تشكيل حكومة
انتقالية، على اساس ان الجامعة
العربية طوت ورقة الحل السياسي
وانتقلت الى البحث في ترتيب نقل السلطة
في سورية. فعرض لجنة الجامعة لا
يتمتع بفرصة للتنفيذ على الارض افضل من
الفرصة التي حظيت بها الدعوة الغربية
في مجلس الامن الى فرض خطة المبعوث
الدولي كوفي انان بالقوة تحت الفصل
السابع، فالفيتو المزدوج الروسي
الصيني يماثله في دمشق وفي وجه قرارات
الجامعة العربية، فيتو مزدوج آخر
يتألف من اركان العائلة الاسدية
واقاربها ومن القادة الرئيسيين في
الجيش، الذين يرون ان خروجهم من المسرح
السياسي، بالسلم او بالدم، يعني
نهايتهم جميعاً، ومن هنا لم يُبقوا
لأنفسهم سوى خيار الاستمرار حتى
النهاية. ويَعتبر قادة النظام
السوري ان الحرب التي يخوضونها هي حرب
وجود، وان إخراجهم من دمشق سيكون بعيد
المنال بالطرق التي يقترحها عليهم
معظم العرب. لقد رمت دمشق منذ زمن
بعيد وصفات الجامعة العربية في سلة
المهملات، وليس ثمة ما يدفعها إلى
العودة إلى الأخذ بها اليوم. هي تعتبر
ان الجامعة العربية تغطي بمواقفها من
النظام السوري الحرب التي تشنها عليه «العصابات
الارهابية المسلحة»، وتعتبر اكثر من
ذلك أنها تخوض هذه الحرب بجدارة كاملة
مع «اعداء الداخل»، وفق توصيف الرئيس
السوري، ولا يعنيها ولا يقلقها في شيء
ان ما يفعله جيشها اليوم ليس أقل من شن
الحرب على المدن السورية، بما فيها
العاصمة، لاخضاعها بالقوة الواحدة بعد
الاخرى، تحت شعار تنظيفها من «فلول
الارهابيين». كما لا يعني النظام
السوري ان «العصابات المسلحة» باتت
تضم معظم ابناء الشعب السوري،
وبالتالي فإن ما يفعله النظام عملياً
هو خوض حرب على شعبه لفرض حكمه عليه
بالقوة. وعندما يعتمد النظام
منطقاً كهذا ويسير على هديه، يصبح
تهديده بنزع ورقة الحل السياسي
واستبدالها بالدعوة الى نقل السلطة،
من باب العبث وإضاعة الوقت، وفي هذه
الاثناء يتزايد سقوط القتلى وتدمير
المدن. لقد اكد الرئيس الاسد في اكثر من
مناسبة انه يتمتع بشعبية واسعة بين
مواطنيه، وقال انه عندما يشعر انه لم
يعد يتمتع بها سيتنحى من تلقاء نفسه
على الفور. ولا بد ان يسأل نفسه اليوم
أمام قناعته هذه: لماذا يدعونني إذن
الى مغادرة عاصمتي؟ ولماذا يطالبون
بنقل السلطة الى حكومة اخرى، طالما
أنني الرئيس الشرعي؟ ولا شك في ان
الرئيس الاسد لا يسمع نصائح اقاربه
والمحيطين به فقط، بل هناك دول
وتنظيمات حليفة له تُسمعه الكلامَ
نفسه، مثل الكلام الذي نقلناه عن وزيري
خارجية روسيا وايران. خلاصة كل هذا ان
سورية تجاوزت مرحلة الحلول السياسية.
لا الخروج الآمن مقبول ولا نقل السلطة
سلمياً وارد حتى لو نجحت المعارضة، مع
تشرذمها المعروف، في التوصل الى تشكيل
حكومة انتقالية. سورية ماضية في طريق
دموي لا يعرف أحد كيف سينتهي، وما اذا
كانت سورية ستخرج منه واحدة كما
نعرفها، ام مفككة وفق الخطوط المذهبية
والعرقية التي تخوض الحروب على أرضها
اليوم. ================ إثارة
المخاوف من المرحلة الانتقالية اكرم البني الشرق الاوسط 24-7-2012 لا يمكن تجاهل
التوظيف الإعلامي الرسمي الخبيث لبعض
المشكلات والصعوبات التي تمر بها
الثورات العربية، بغرض تضليل السوريين
وإثارة مخاوفهم من التغيير، والطعن
بأهليتنا، نحن العرب، لتقبل
الديمقراطية، وعرض معطيات تغري بذلك،
مثل بعض مظاهر الفلتان الأمني، وتكاثر
التجاوزات وصور الاحتقان الطائفي
والأهلي، أو الحضور المستفز للسلفيين،
وهم يرهبون من يخالفهم الرأي،
والفتاوى التي تحلل وتحرم وتهدد البشر
باتباع ما تراه الطريق القويم، والقصد
إظهار خطر وصول القوى الإسلامية إلى
سدة الحكم، وحالة التضييق والتنميط
المرافقة لها، بما في ذلك الطعن في
مصداقيتها وبأنها تضمر غير ما تظهر،
ولن تفي بما وعدت به. ويسأل سائل، ألم تنكث
جماعة الإخوان المسلمين في مصر عهدها
بعدم ترشيح أحد أعضائها لمنصب
الرئاسة؟! ألم تستغل الثقة التي منحتها
لها أكثرية نسبية لتكشف عن نهم «سلطوي»
للاستحواذ على كل شيء دون اعتبار
للآخر، وللتقاليد القضائية العريقة
ولشعارات المساواة والمشاركة التي
رفعتها؟! ألم يجاهر أحد قادة حزب
النهضة التونسي، ما إن استشعر بالتفوق
النسبي في الانتخابات، بدعوته لإقامة
الخلافة الإسلامية السادسة، وهو الحزب
الذي دأب على إظهار تميزه في الدفاع عن
الحريات ومدنية الدولة وتداول السلطة! مثل هذه الظواهر ليست
عديمة الدلالة أو الأهمية، وهي تؤثر،
بلا شك، ليس فقط على عافية الثورات
وصحة تمثلها للشعارات الديمقراطية،
وإنما أيضا على مزاج الشعوب الثائرة
وحماستها للتغير، ويتضاعف التأثير
السلبي في مجتمع تعددي، إثنيا ودينيا
ومذهبيا، مثل المجتمع السوري، مما
يمنح قوى الاستبداد فرصة ثمينة لتشغيل
الأسطوانة «المشروخة إياها»، بأن
الآتي لن يكون أفضل وأن مناخات الحرية
تسوق الشعوب إلى الفلتان والفتن
والانقسامات واستحضار العنف وأساليب
التسلط ذاتها! وإذ نعترف بحضور قوى
متنوعة من الإسلام السياسي، لا يهم
بعضها شعارات الحرية والمواطنة التي
من خلالها حاولت كسب الناس ونيل ثقتهم
بقدر ما يهمها طبع الثورة بطابعها،
وجعل هوية الدولة ببعد واحد ينسجم مع
ما تمليه أجندتها الأيديولوجية، نعترف
أيضا بأن التحول نحو الديمقراطية ليس
مخططا ذهنيا سهل التنفيذ، وبأن هذه
الطرق سوف تكتنفها صعوبات ومشكلات
كثيرة، يعمقها غياب نموذج ديمقراطي
عربي يحتذى به، وسعي مرتكزات الماضي
لتقويض هذا المسار وإفراغه من محتواه،
عبر تفعيل التوترات المستندة إلى
محمولات متخلفة، إثنية ودينية، ما
يعني أن الانتقال إلى الديمقراطية لا
يتحقق بمجرد إزاحة الاستبداد وتوفير
بعض الحريات والقيام بانتخابات، بل هو
عملية تاريخية تحتاج لزمن غير قصير،
وبديهي أن تشهد في بعض المحطات إرباكات
وصراعات حول السلطة وإصرارا قويا على
تخريبها وإيقافها والارتداد عنها. وبعبارة أخرى، فإن
إسقاط الاستبداد لا يعني أن الثورة
انتهت، بل على العكس من هنا يبدأ العمل
الدءوب لوضع حجر الأساس للمشروع
الديمقراطي المعافى، ودون فهم هذه
الحقيقة سيفضي أي تطور لمشكلة من
المشكلات إلى بعض الإحباط واليأس
وشيوع إحساس باللاجدوى، فليس بالإمكان
نقض الاستبداد وبناء الديمقراطية من
دون عمل مثابر لدحر الثقافة السياسية
والمدنية القائمة على روح الاستئثار
والطغيان، والانتصار للروح
الديمقراطية القائمة على الحرية
والتسامح والمساواة والمشاركة!. ولنعلم جميعا، أن ما
تعانيه المجتمعات الآيلة للتحول
الديمقراطي اليوم من نزاعات واضطرابات
جراء انكشاف أحشائها ليس إلا نتيجة لما
راكمته سنوات طويلة من القهر والقمع،
ولنجاح الاستبداد في تدمير المجتمع
المدني والأحزاب السياسية، وقتل روح
السلام والتآخي والمبادرة لدى الناس،
والأوضح سعيه المستمر لتلغيم وحدة
المجتمع بإحياء شبكات من المصالح
والارتباطات العشائرية والقبلية أو
الدينية، يستولد منها الصراعات
المتخلفة عند اللزوم، ليضع الجميع
أمام اختيار خطير، إما الانصياع
للاستبداد بوصفه ضامنا للأمن
والاستقرار وإما الفوضى والصراعات
الأهلية! واستدراكا، فإن من
يريد الحفاظ على الأوضاع القائمة بحجة
الحفاظ على الأمن والاستقرار أو خوفا
من أن لا تأتي نتائج التغيير كما تشتهي
سفنه، يريد في الحقيقة تأبيد
الاستنقاع والتعفن والتسلط والفساد،
وهو يطعن - من حيث يدري أو لا يدري - في
شعارات طالما تغنى بها، عن الشعب ودوره
التاريخي وأهليته للتمتع بالحرية
والنهوض بالمجتمع، ويبدو كأنه أدمن
العيش معارضا ناقدا للمشكلات القديمة،
ويأنف خوض صراعات المرحلة الانتقالية
والتعاطي مع إشكاليات من طراز مختلف
تفرضها الديمقراطية الوليدة! لا أحد يستطيع تقديم
ضمانات حول مستقبل المرحلة
الانتقالية، التي يحتمل أن يطول زمنها
أو يقصر، تبعا لحجم المشكلات
والصعوبات ولنوعية المعوقات السياسية
التي تعترضها، وتأثرا بخصوصية المجتمع
وتنوع مكوناته، ودرجة تطوره الاقتصادي
والثقافي، والأهم مدى تبلور البديل
السياسي الديمقراطي ونضجه، فمن لا
يحضر السوق لا يبيع ولا يشتري. ويصح
القول إنه كلما نجحت قوى التغيير
الديمقراطي في خلق تفاهم عريض،
وتجاوزت سوء الفهم، والتنافس المرضي،
وأحبطت الألغام الأيديولوجية التي
خلقها تباين الخيارات الفلسفية
والاجتهادات الدينية و«الحزازات»
القديمة، كان المسار أسهل وأسرع. والحال، لن يكون
القادم - أيا كانت حيثياته - أكثر سوءا
مما نعيش، وليس من خيار بعد هذا
الاستبداد المزمن وما خلفه من بؤس وترد
سوى فتح الأبواب لرياح التغيير
والإيمان بولادة صيرورة جديدة أهم
وجوهها إطلاق حريات الناس وحقوقهم،
ومشاركتهم في صياغة مستقبل آمن من دون
قهر أو وصاية، صيرورة يمكن الوثوق
فيها، والاطمئنان لآفاقها وديمومتها،
كونها تأتي بالضد من ماض استبدادي ثقيل
ومكروه يصعب الارتداد إليه، ولأنها
تنعم باستعداد شبه دائم للإرادة
الشعبية لتوظيف الميادين والساحات
دفاعا عن حقوقها وخيارها الديمقراطي. ================ طارق الحميد الشرق الاوسط 24-7-2012 هل يعتقد الوزراء
العرب أن تجد دعوتهم لتنحي بشار الأسد،
وتحويل مهمة أنان إلى مهمة «نقل السلطة»
أذنا صاغية، سواء لدى الأسد، أو لدى
موسكو؟ أم أن العرب قرروا فعل ذلك بناء
على بعض الإشارات الروسية، وأهمها
تصريحات السفير الروسي في باريس عن أن
الأسد يريد رحيلا بـ«طريقة حضارية»؟ أيا تكن الإجابة، فإن
على العرب تذكر أن موسكو قد «لعبت»
بالمجتمع الدولي منذ اندلاع الثورة
السورية، مثلما نكلت بالسوريين عندما
وقفت مع طاغية دمشق طوال 17 شهرا
بالسلاح، والغطاء الدبلوماسي. وعليه،
فلا يمكن تصديق حيل روسيا اليوم،
وإشاراتها، كما لا يمكن التعويل على
الأسد من أجل القيام بـ«خطوة شجاعة»
كما طالب الوزراء العرب في الدوحة، ولا
يمكن أيضا تصديق أن الأسد «يستطيع أن
يوقف التدمير والقتل بخطوة شجاعة، هي
خطوة شجاعة وليست هروبا»، كما يقول
رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن
جاسم، ففي الوقت الذي كان الوزراء
العرب يقرأون فيه بيانهم المتضمن دعوة
الأسد للتنحي كانت فرقة شقيقه ماهر
تعربد في دمشق، وتقوم بإعدام الشباب في
الشوارع! الحقيقة أنه إذا كان
من أمر جيد في البيان العربي فهو تكليف
وزراء الخارجية العرب سفراءهم في
نيويورك بالدعوة لاجتماع طارئ للجمعية
العامة للأمم المتحدة لإصدار توصيات
باتخاذ إجراءات منها «إنشاء مناطق
آمنة في سوريا لتوفير الحماية
للمواطنين السوريين، وتمكين موظفي
الإغاثة من أداء أعمالهم»، وإن كانت
الملاحظة الأساسية على ذلك هي ضرورة
الإسراع بهذه الخطوة، وعدم انتظار
الأمم المتحدة لفعل ذلك، فعدد
اللاجئين السوريين في ازدياد كبير،
وحجم القتل والدمار الذي تقوم به قوات
الأسد بات أفظع، حيث صار من الواضح أن
الأسد يريد الانتقام بقتل أكبر عدد من
السوريين الثائرين بعد أن تأكد من أنه
لا أمل له بالسيطرة على الأوضاع، وهو
نفس ما فعله القذافي من قبل. وحماية السوريين لا
تحتاج إلى مماطلة أو تسويف في مجلس
الأمن، بل إن من شأن إقامة المناطق
الآمنة التعجيل بانكسار قوات الأسد،
خصوصا مع ازدياد عدد الانشقاقات، وكم
كان محقا المجلس الوطني السوري
المعارض في بيانه الذي أصدره عشية
الاجتماع العربي في الدوحة، والذي جاء
فيه أن «أصدقاء النظام (الأسدي) يحمونه
سياسيا، ويزودونه بأسلحة القتل، وكل
أسباب الدعم للاستمرار.. فأين أصدقاء
الشعب السوري الكثر؟ وهل يقومون
بموجبات هذه الصداقة؟». وأقل موجبات هذه
الصداقة، بل المصلحة، هو إنشاء
المناطق الآمنة، وخصوصا بعد سيطرة
الجيش الحر على كثير من المعابر
الحدودية، ناهيك عن خوضهم لمعارك
ضارية في دمشق وحلب، من دون مساعدة من
المجتمع الدولي الذي يكتفي بالفرجة،
والإدانة، عن بُعد، بينما الأسد يحرق
سوريا والسوريين انتقاما، فما يجب أن
يدركه العرب هو أن الأسد قد انتهى،
وتعزيز قدرات الجيش الحر، وإنشاء
المناطق الآمنة، هو الأهم، وهو ما
سيجعل الروس يسعون وراء العرب،
والمجتمع الدولي، وليس العكس، كما يجب
على العرب ألا ينتظروا «خطوة شجاعة» من
قاتل الأطفال والنساء. ================ الجيش
السوري وإمكانية الانقلاب العسكري غسان الإمام الشرق الاوسط 24-7-2012 أريد أن أعود بالقارئ
العزيز إلى المجزرة التي تعرضت لها
الخلية المخابراتية/ العسكرية، في
نظام ماهر وبشار الأسد يوم الأربعاء
الفائت. السبب أني لست مقتنعا بالرواية
الرسمية التي تزعم بأن حارسا - مجرد
حارس «خائن» - اخترق قدس أقداس أمن
النظام. ودس المتفجرات التي تركت، بين
قتيل وجريح، هذه «النخبة» التي قيل
إنها «تدير» الأزمة السورية. السبب الآخر هو أن «نخبة»
أخرى ربما هي التي عطلت النخبة «المنكوبة»
عن التفكير، مجرد التفكير، بوقف مسلسل
القتل. والذبح. والتدمير. فهذا النظام
البوليسي الذي يبدو خلية واحدة
متماسكة، هو في الواقع مراكز قوى لا
تجمعها سوى المصلحة المشتركة في نهب
وترويع الشعب الذي تحكمه. حتى الأب لم يكن
مستأثرا بالحكم وحده. كان عليه مشاركة
واسترضاء القادة العلويين للفرق
المدرعة. ولم يأمن «شرورهم»، إلا عندما
أنشأ الأجهزة الأمنية المخيفة التي
سلطها على المدنيين والعسكريين. فحيدت
«النخب» العسكرية. وعندما خطط لتوريث «نخبة»
أولاده وعائلته نظامه، سرح قادة «النخب»
الأمنية الكبار. وترك لبشار وماهر
التوسع في تشكيل «نخب» أمنية أكثر
شبابا. وثقة. وفسادا. وكلهم من أبناء
العمومة. والخؤولة. والأقارب. أية «نخبة» إذن، في
هذا النظام الفسيفسائي هي التي فتكت
وعطلت «نخبة» مكتب الأمن القومي؟ هل هي
«نخبة» منافسة أشد قوة وطموحا في «وراثة»
النظام المتهاوي، وفي تعويم سفينة
غارقة بالدعاء؟ أم هي «النخبة» الأكثر
ولاء. والأشد فتكا؟ أم هي «نخبة»
النخب، نخبة العائلة المافيوية التي
تدير عمليا «الأزمة»، بوحشية لم
يعرفها عصر ما بعد الحرب العالمية، إلا
في عصر الخمير روج، في كمبوديا. مع كل تقدير لدماء
وأرواح شهداء الثورة المسلحة، أنحني
للنخبة في الجيش الحر التي نسبت لنفسها
التفجير داخل مكتب الأمن القومي، إنما
أقول خدمة للحقيقة، وأمانة مع الواقع،
إن أي تحليل موضوعي عارف بإمكانيات
النظام والمعارضة، يتجه إلى تحميل نخب
النظام المتنافسة مسؤولية الفتك
وتعطيل «نخبة» من نسيجه، ربما فكرت أو
عملت لتغيير المسار، بعدما أيقنت أن
اتهام الشعب الذبيح «بالتآمر» هو من
قبيل الكذب الفاضح الذي لم يعد
بالإمكان تصديق بشار بما يدعيه. لا شك أن ادعاء
المعارضة المسلحة بأنها هي صانعة
التفجير في مكتب الأمن الذي لم يسمع
دويه خارجه، شجعها كثيرا في عملية
اقتحام دمشق وحلب، ببسالة لم تشوهها
سوى نداءات متفرقة انطلقت في الدعوة
إلى خلافة إسلامية... هذه النداءات التي
أطلقها مسلحون متسللون في حي الميدان
الضخم الذي يشكل ثلث مساحة دمشق
القديمة، وأيضا في حزام البؤس المحيط
مع مخيم اليرموك، بجنوب دمشق، حدت
بفلسطينيي المخيم إلى الطلب من
المسلحين الانسحاب. حسنا صنع المخيم.
بعد تجارب التدخل الفلسطيني المريرة
في شؤون لبنان. الأردن. العراق، فمن
الحكمة الاستماع إلى نصيحة محمود عباس
لفلسطينيي سوريا، بكتم عواطفهم
المتحيزة لنظام «الممانعة/ المقاومة»
الكاذبة، وعدم الاستجابة لضغطه عليهم،
لخوض معركته. أما حي الميدان
المعارض للنظام والمعروف بقوة شكيمته
المستمدة من أصوله البدوية، ثم
بمحافظته الدينية التي احتضنت، في
تعايش مدني رائع، أقدم الكنائس
والكاتدرائيات المسيحية، وزقاقا
كبيرا للإخوة الدروز، فهو أيضا طالب
المسلحين المتزمتين بمغادرته، بعدما
سقط شهداء منه ومنهم، في معارك مع قوات
النظام، الأمر الذي يدل على أن سوريا
المستقبل لن تقبل بحكم متزمت. الغلالة «البعثية»
الخفيفة للنظام نسيت أن حزب البعث
انطلق من الميدان المحافظ بزعامة
توأمية لابنه المسيحي ميشيل عفلق،
وابنه المسلم صلاح الدين البيطار سليل
أسرة دينية سنية عريقة. ومن هذا الحي،
قاد الشيخ حسن حَبَنَّكَهْ، في
الستينات، أول مقاومة سلمية لبعث صلاح
جديد وحافظ الأسد. افتراضية بتر النظام
لخلية من نسيجه ربما فكرت بمسايرة منطق
الثورة الشعبية، تفسح في المجال
للادعاء بأن هناك أكثر من «نخبة» واحدة
في النظام باتت تفكر، أو تهيئ للتغيير
فيه، بعد فشل الحل الأمني، وبعد سقوط
نظرية «مؤامرة» شعب على نظام مستبد. أين تكمن هذه النخب
والخلايا؟ أستطيع أن أقول إن دفع ماهر
وبشار الجيش السوري النظامي إلى خوض
حرب خاسرة، قد رد الاعتبار لقادة الفرق
المدرعة العلويين الذين حيدتهم
الأجهزة الأمنية، وحرمتهم من النفوذ
الذي كان أسلافهم القادة يتمتعون به في
سبعينات وثمانينات الأب. هؤلاء القادة يرون
الثورة المشتعلة قد حررت الريف السوري
وصولا إلى الحدود الأردنية. العراقية.
التركية (حيث سكتت تركيا عن إسقاط
طائرتها)، لنجاحها الباهر في تعزيز
ودعم القرويين الثائرين (في سهول حلب.
وجبال وراوبي إدلب). ثمة اقتناع لا بد أنه
يتشكل في ذهن وصمت هؤلاء العسكريين
العلويين بأن الهجوم المضاد الذي
أمروا بشنه لاستعادة السيطرة على
الحدود والأرياف لن يكتب له النجاح
التام. الاختبار الحقيقي للنجاح
والفشل هو في وسط سوريا، حيث قوات
المعارضة المسلحة ما زالت صامدة أمام
القوات النظامية التي تنطلق من
الأحياء والقرى العلوية في حمص
وحولها، في الهجمة الشرسة على المدينة
الاستراتيجية المرشحة، في الفكر
الانفصالي، لتكون عاصمة لدويلة
طائفية، تمتد كخنجر في قلب الجغرافيا
السورية، وصولا إلى بحر المتوسط. الجيش النظامي مثخن
بالجروح. لكن لا يزال يملك احتياطا
بشريا لم ينشق معظمه عنه. وأيضا
احتياطا هائلا من الذخيرة، ومعدات
حديثة متدفقة بسخاء من روسيا التي باتت
تدير الأزمة السورية داخليا وخارجيا.
والأرجح أن لديها قوة برمائية في قاعدة
طرطوس تشكل حماية لنحو عشرين ألف روسية
تزوجن، خلال السنوات العشرين الأخيرة
من عشرين ألف سوري، معظمهم علويون
عسكريون، تدربوا في روسيا. قاعدة طرطوس الروسية
هي الآن ملجأ آمن لأسرتي بشار وماهر
اللتين وصلتا إلى طرطوس، لتشييع ودفن
آصف شوكت زوج بشرى الشقيقة الكبرى لهما.
القاعدة تصلح غدا لاستقبال الرجلين
كملجأ مؤقت، ريثما يتم ترحيلهما إلى
إيران أو روسيا، إذا كتبت لهما النجاة. ليالي دمشق حُبالى
بالانقلابات العسكرية. لكن يستحيل
الانقلاب العسكري في حالة صحوة الجيش،
وانتشار فرقه خارج ثكناتها، بكامل
أسلحتها وجاهزيتها القتالية. مع ذلك،
أحسب أن فرصة وقتية قصيرة متاحة، بأيام
أو أسابيع قليلة للقادة العسكريين
العلويين، للقيام بانشقاق «سلمي» عن
النظام، وتشكيل قيادة تغيير عسكرية،
مع من تبقى من ضباط السنة والأقليات. هذه القيادة
المشتركة تحفظ كرامة الضباط العلويين.
وتؤمِّن الطائفة. وهي مؤهلة ليس للحكم،
وإنما لفترة انتقالية وجيزة، تنتهي
بانتخابات حرة، وتسليم الحكم إلى سلطة
مدنية منتخبة، لا سيطرة لطائفة كبرت أو
صغرت عليها. ليس في فمي ماء. أتكلم
بصراحة مطلقة. وحالي كحال الشاعر
العربي: وقد أمرتهم أمري
بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح
إلا ضحى الغد الأمر هنا النصيحة
للقادة العلويين. «منعرج اللوى» مكان
في صحراء العرب. لعل النصيحة تنفع
اليوم قبل الغد. ======================= نهاية
البداية في سوريا: العوائق أمام
التفاوض والتوصل لتسوية بينيديتابيرتي كاميرون
س. براون INSS)INSS Insight No. 352) 5
تموز، 2012 المصدر
: مجموعة الخدمات البحثية عقب
إسقاط طائرة الاستطلاع التركية مؤخراً
بواسطة مضادات الطائرات السورية،
يناقش المجتمع الدولي مجدداً، هذه
المرة من خلال الناتو، مسار العمل
الواجب اتخاذه بما يتعلق بسوريا. ففي
الأسابيع الماضية، أصبحت الأزمة
السورية أكثر شدة وعنفاً وإقليمية، ما
رفع بدوره مستوى الاهتمام الدولي في
إيجاد طريقة لوقف حمام الدم وإنهاء
الأزمة. في كل
الأحوال، لقد أخفقت جهود المجتمع
الدولي بذلك حتى الآن. فالمبادرات التي
أطلقتها تركيا، والجامعة العربية،
وكوفي أنان فشلت كلها في وضع حد للحرب
الأهلية. على العكس من ذلك، لقد تضاعف
عدد الضحايا بعدما انضم النظام
السوري، ظاهرياً، إلى خطة السلام التي
اطلقتها الجامعة العربية في تشرين
الثاني. وبشكل مماثل، لقد تم ارتكاب
أشد الأعمال وحشية منذ بدء الثورة بعد
دخول خطة عنان المؤلفة من 6 نقاط حيز
التنفيذ. إن هذه
المحاولات الفاشلة في سعيها لوضع حد
سلمي لسفك الدماء المروع يشير إلى عدم
احتمال نجاح كل الجهود للحصول على حل
متفاوض عليه للصراع في المستقبل
القريب. وبصورة محددة أكثر، ونظرا ً
لما سوف يخسره كل فريق لو اعترف
بالهزيمة، فإن احتمال تحقيق حل
ديبلوماسي بحت هو احتمال قاتم بشكل غير
عادي. هذا ما يبدو عليه الحال حتى ولو
اقتنع بشار الأسد بالذهاب إلى المنفى.
بدلاً من ذلك، من المرجح أن تنتهي
الثورة السورية بإحدى طريقتين: إما أن
يقمع أحد الفريقين الآخر بشكل كامل،
وإما أن تفرض جهات فاعلة خارجية نهاية
للمذبحة وتشرف على عملية انتقال
سياسية. لماذا
فشل صناع السلام في مهمتهم؟ لا يزال
النظام متجانساً إلى حد كبير ومصمماً
على سحق المعارضة، برغم الانشقاقات
الجارية في الجيش. وإلى جانب دعم معظم
العلويين، فقد رعى النظام دعم مجموعات
الأقليات الأخرى، كالمسيحيين، الذين
امتنعوا حتى الآن، عن المشاركة في
التظاهرات. فضلاً عن ذلك، وبما يتخطى
السياساتالإثنية، ضمن الأسد حكمه عن
طريق ابتكار نظام معقد مبني على الولاء
الشخصي، والامتيازات، والزبائنية.
نتيجة لذلك، هناك عدد كبير من السنة
حتى ممن يعيشون في المدن الحديثة كدمشق
وحلب يدعمون النظام، أو يستفيدون بشكل
كبير منه، وبذلك فإنهم سيتعرضون
للخسارة لو انهار نظام الأسد. في
الجانب الآخر هناك الأكثرية السنية في
البلد، خاصة الفقراء في الأرياف،
الذين كانوا لعقود تواقين لرؤية نهاية
لطغيان الأسد. والآن وقد أصبحت
المعارضة قادرة أخيراً على تنسيق
تظاهراتها والخروج بشكل جماعي، فإن
الأمر سيتطلب مقداراً استثنائياً من
القوة لإقناعهم بإنهاء الثورة. فهم،
كنظرائهم الليبيين، يعلمون تماماً
بأنهم إذا ما وضعوا حداً للتظاهرات،
حتى ولو لوقت قصير، فإن النظام لن يألو
جهداً باصطياد قياداتها ومنع أية
محاولة لإحياء التظاهرات لاحقاً. إنهم
يدركون أنه إذا ما فشلت المعارضة الآن،
فستمر عقود قبل أن تسنح فرصة أخرى لذلك. لذا
فإن السبب في فشل الديبلوماسية لهذا
الحد بتحقيق تسوية سلمية لا يعود فقط
إلى أن كلا الفريقين قد وصلا إلى طريق
مسدود ولأنهما يعتبران أن الصراع أمر
يماثل تساوي المكسب والخسارة، وإنما
لأن أياً من الفريقين لا يثق بأن خصمه
سيرقى إلى مستوى غايته بأية مساومة
موضوعية. في نفس
الوقت، بدأ الصراع السوري يصبح أكثر
إقليمية، مع لعب قوى خارجية دوراً
متزايداً أكثر من أي وقت مضى. فإيران
تساند نظام الأسد وتدعمه بقوة، في حين
أن دولاً سنية إقليمية في الخليج
كالسعودية وقطر كانت تدعم وتسلح
المعارضة. وهذا بدوره، لم يؤد إلا إلى
صب المزيد من الزيت على نار المذهبية
الداخلية. باختصار، لقد أصبحت سوريا
ساحة معركة بديلة لهاتين القوتين
الإقليميتين، حيث إنهما منخرطتان في
نزاع لأجل النفوذ على الشرق الأوسط،
تماماً كما كان الحال في لبنان خلال
حربه الأهلية الطويلة ما بين عامي 1975 و1990. نظراً
للاستقطاب البالغ للمجتمع السوري،
المنقسم بين أولئك الذين يمسكون بزمام
البلد حتى اليوم وبين أولئك الذين
يتحدون توزيع السلطة الحالي، فمن غير
المرجح أن يقود مجرد استسلام الأسد
الفريقين المتحاربين إلى إلقاء
أسلحتهم والموافقة على صيغة مرضية
لهما معاً بتقاسم السلطة. الطريق
إلى الأمام؟ ومع
وجود عوائق متأصلة كبرى كهذه مزعزعة
للثقة بين الجانبين، سيكون على الجهود
الدولية المبذولة لإنهاء القتال أن
تقدم للفريقين ما هو أكثر من الجزرة
والعصا لحملهم على التفاوض والتوصل
لاتفاق. ينبغي لهذه الجهود أن تشتمل
على ضمانات أمنية لكل فريق من الفريقين. إن
الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح تكون
في إقناع المجتمع الدولي الغربي
المساند للأسد، كالصين وروسيا، بتحويل
أشرعته للمساعدة على الإطاحة بالرئيس
السوري. وهذا بدوره، سيزيل عائقاً
أساسياً منع النظام البعثي والمعارضة
من الجلوس والتفاوض معاً. في كل
الأحوال، إن إزاحة الأسد لن يكون سوى
الخطوة الأولى في سلسلة خطوات ضرورية
لإنهاء الحرب الأهلية. فحتى بعد
استسلام الأسد، سيكون هناك حاجة، على
الأرجح، لأن يعتمد الحل السياسي
الناجح على انخراط فريق ثالث لتعزيز
السلام إضافة إلى توفير ضمانات متينة
لجهة ألا يتم انتهاك الهدنة مستقبلاً
ولعدم السماح بعمليات الثأر والانتقام. بمعنى
آخر، وكي ينجح الحل السياسي للأزمة في
منع حصول كارثة إنسانية، سيكون من
الصعب تجنب انخراط فريق ثالث أساسي في
العملية. قد يكون الناتو قادراً على
استخدام سلاح الجو وحده لإزاحة الأسد
من السلطة، لكن عمق الدعم للنظام
الحالي هو أكبر بكثير من قاعدة الدعم
التي أبقت القذافي. نتيجة لذلك، لا
يمكن لسلاح الجو وحده إنهاء حمام الدم
في المدى الطويل. وكما أثبت "اتفاق
دايتون" في البوسنة وحتى حيث يكون
سلاح الجو حاسماً في إنهاء القتال
نفسه، فإن التوصل إلى اتفاق ملزم أمر
يتطلب وجود قوات عسكرية على الأرض تحت
غطاء الناتو أو الأمم المتحدة لتوفير
ضمانات أمنية متبادلة موثوقة. وفي
الوقت الذي يناقش فيه الناتو مجدداً
الأزمة السورية، من المهم بالنسبة
للمجتمع الدولي أن يتذكر هشاشة الوضع
الحالي والتحديات التي سيواجهها أي
تدخل مباشر.إذ ينبغي، تحديداً، ونظراً
للاستقطاب الحالي للشعب السوري، أن
يكون هناك فهم واضح لمسألة هي أن إزاحة
الأسد خطوة ضرورية، لكنها غير كافية
وحدها لإنهاء حمام الدم. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |