ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 26/07/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

لكيلا تشهد سورية "حلبجة" جديدة

2012-07-25 12:00 AM

الوطن السعودية

تهديدات النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي والجرثومي ضد أي عدوان خارجي يتعرض له تعيد إلى الأذهان ما جرى في حلبجة الكردية بواسطة نظام البعث العراقي في ثمانينات القرن الماضي حينما استخدم صدام حسين هذا النوع من الأسلحة لإبادة سكان تلك القرية.

ليس هنالك ما يضمن عدم استخدام هذه الأسلحة بواسطة البعث السوري ضد المطالبين بإسقاطه، فالذين يجري حصد أرواحهم بالمدفعية والدبابات والمروحيات تمكن إبادتهم في نهاية المطاف بأسلحة الدمار الشامل، طالما كان هدف النظام في دمشق هو إسكات أصواتهم إلى الأبد.

العدوان الذي يتحدث عنه نظام الأسد لا يخص في حقيقته الغرب ولا اليهود، فالإعلام السوري لم يأل جهدا في تفسير كنه هذا العدوان، إذ إن ما يقوم به الأحرار من الدفاع عن أعراضهم وأرواحهم وأموالهم هو ذاك العدوان الذي يعنيه النظام، لكنه يريد خلق تفسيرات خاصة في محاولة منه لشرعنة ما يقوم به ضد الشعب السوري.

إن التهديد السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية لم يترتب عليه حتى الآن سوى انتقادات خجولة من المجتمع الدولي، ولم يرتفع رد فعله لمستوى الكارثة الرهيبة التي يمكن أن تحدث إذا استخدمت تلك الأسلحة في لحظة من لحظات الحماقة التي باتت سمة ملازمة للنظام السوري، ذلك أن طبيعته تتنافى مع أيسر القيم الإنسانية، وتستبيح كل الموبقات من قتل للأطفال وتشويه أجسادهم واغتصاب النساء والفتك بالشيوخ.

يتحتم على المجتمع الدولي أن يأخذ تهديدات نظام الأسد على محمل الجد، وأن يتحرك سريعا عبر آليات جديدة لحماية المدنيين من جريمة تبدو إرهاصاتها في الأفق، مع تواتر الأنباء عن تحريك دمشق لمخزوناتها الكيماوية والجرثومية.

ترك هذه الأسلحة تحت سيطرة نظام دموي لا تلجمه إية خطوط حمراء، أو اعتبارات إنسانية، هو بحد ذاته جريمة مكتملة الأركان ضد الشعب السوري. كما أن تصريحات النظام بأن هذه الأسلحة مخزنة ومؤمنة من قبل قواته وبإشرافها المباشر، لن يحول دون وقوعها في أيدي عابثين إذا انهار النظام بشكل مفاجئ وهو سيناريو متوقع الحدوث.

=================

رأي الراية ... أزمة النظام السوري تتعمق

الراية

25-7-2012

يؤشر ثاني انشقاق على مستوى دبلوماسي عال عن النظام السوري، الذي قامت به القائمة بالأعمال السورية في قبرص لمياء الحريري، على عمق الأزمة التي بات يواجهها النظام في سوريا، الذي يواجه أيضا حركة انشقاقات عسكرية واسعة من الضباط والجنود الذين يرفضون توجيه سلاحهم نحو أبناء شعبهم، وينضمون إلى الجيش السوري الحر للدفاع عن مواطنيهم في وجه آلة النظام العسكرية.

خبر انشقاق الدبلوماسية السورية الحريري ترافق مع أخبار تحدثت عن قيام قوات الأسد بقتل 30 مصليا عند حاجز تفتيش حول مسجد في قرية شمال شرقي حماه بسوريا، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى أن النظام ماض في خياره الأمني الذي كبد سوريا أمنها واستقرارها، وكبد الشعب السوري خسائر باهظة في الأرواح ودمارا هائلا في بنيتها التحتية ليس من السهل تعويضه.

إن استمرار النظام السوري في سياسة القتل والعنف وتدمير المدن والبلدات وقصفها بالطائرات والأسلحة الثقيلة، دفع المجتمع الدولي إلى نفض يديه عن الحديث عن أية حلول سياسية يمكن أن تعيد تأهيله بحيث يجري القبول به كطرف لحل الأزمة في سوريا، حيث لم يعد أحد يتحدث عن خطة المبعوث العربي والدولي كوفي عنان التي أصبحت في حكم الماضي، خاصة بعد فشل مجلس الأمن الدولي في الخروج بقرار تحت الفصل السابع يجبر النظام السوري على تطبيقها وتتوقف بالتالي المجازر اليومية التي ترتكب بحق الشعب السوري.

ما تشهده المدن والبلدات السورية وآخرها مدينة حلب التي انضمت إلى الثورة السورية وفقدان النظام السوري للسيطرة على مساحات واسعة من البلاد لصالح قوات المعارضة، يشير إلى انتقال الأوضاع في سوريا إلى مرحلة الحسم العسكري على الأرض رغم محاولة النظام استعادة ما خسره عسكريا، ويضفي مصداقية وجدية كبيرة على خيارات المجلس الوطني السوري الذي يبحث حاليا استجابة لدعوة - مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع الدوحة - لتشكيل حكومة انتقالية تضم القوى السياسية المعارضة وقوى الحراك الثوري والتشكيلات الميدانية والجيش الحر والشخصيات الوطنية والمستقلين من مختلف مكونات المجتمع السوري، تكون قادرة ومؤهلة على قيادة البلاد في المرحلة المقبلة تحضيرا للحوار الوطني الشامل الذي يستجيب لمطالب الشعب السوري في الحرية والديمقراطية ويؤسس لسوريا الجديدة القائمة على سيادة القانون والتعددية وحماية حقوق الإنسان.

إن مشهد آلاف السوريين الذين يغادرون وطنهم يوميا هربا من العنف والقتل ويلجأون إلى دول الجوار بحثا عن الأمن لعائلاتهم، بعد أن وصلت الاشتباكات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة إلى عقر دار النظام، يؤكد أن سقوط نظام الأسد أصبح مسألة وقت فقط وأن على النظام السوري أن يتعظ من مصير الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية التي تجبرت على شعوبها، لكنها خسرت معركتها في النهاية أمام إرادة هذه الشعوب في الحرية، ويبادر إلى التعاطي مع الحل العربي "القاضي بتنحي الأسد" الذي سيوفر دماء السوريين ويحافظ على سوريا ومستقبلها.

=================

الصدام التاريخي بين دمشق.. وبغداد!!

يوسف الكويليت

الرياض

25-7-2012

    لم تكن العلاقات العراقية السورية على خط مستقيم، فزمن الملكية، وحلف بغداد، كانت سوريا القومية، والوحدوية، تتعاون مع مصر عبدالنصر على قلب نظام الحكم، وتم بالفعل، غير أن عبدالكريم قاسم قلب الطاولة في وجه دولتي الوحدة الثنائية، وأنشأ تياراً أقرب للشيوعية، وكانت الأحزاب اليسارية تعارض الوحدة إلى الاتحاد طمعاً بأن تبقى الهيمنة شيوعية بدعم سوفيتي، وحتى زمن بعث دمشق وبعث العراق، نشأ عداء بين الفرعين أكبر من أي عداء سابق..

فصدام حسين كان يرى نفسه البديل عن عبدالناصر في قيادة الأمة العربية، وأن عروبته أكثر صدقاً من حافظ الأسد والذي عرف عنه مهارة سياسية غير عادية، وكلا الزعيمين يجد نفسه لاعب الدور، لا ظله، ومع أنهما يتلقيان سلاحهما من الاتحاد السوفيتي، ثم روسيا إلا أن التقريب بينهما ظل متقاطعاً، بل ذهب الأسد إلى إيران الخمينية عدو صدام الأول، وقد قيل وقتها إن براعة الأسد في هذا التقارب، أهم من مغامرة صدام الدخول في حرب مع قوة اقليمية كبرى، لكن ما كان يخفى على الجميع أن الأسد كان يتحالف من خلال الطائفة، وهو ما اتضح بشكل مكشوف مع بشار الابن عندما تحوّل الموقف إلى شراكة استراتيجية أنجبت حزب الله ليشكل الثلاثي مع العراق الطوق الجديد للشيعة والعلوية..

ما بعد احتلال العراق، لم تكن دمشق على توافق مع نظام بغداد، فقد آوت القيادات البعثية من بقايا حكم صدام، وفتحت المجال لهم ليقاوموا ويتحالفوا مع قوى أخرى مما تسبب في أزمات أمنية وسياسية، استدعت أن تشتعل المذابح على الهوية، ثم ضاعفت دمشق نشاطها في تدريب وتسليح أعضاء من القاعدة دفعت بهم إلى المدن العراقية من خلال حدودها، مما سبب أزمة بين النظامين، إلى أن قامت الثورة السورية، فجاءت انعكاساتها حادة على طرفي العلاقة المتوترة، وليتحول العداء إلى تحالف، وهذه المرة ضد سنّة سوريا بشعور أنهم لو حكموا فموازين القوى سوف تتغير في العراق ولبنان وإيران، ومن هنا بدأت المعونات لحكومة دمشق وفتح الحدود لتمرير المعونات والأسلحة والمتطوعين من إيران والعراق..

الحالة الراهنة، وبعد استيلاء الجيش الحر على المنافذ ومنها ما يربط سوريا بالعراق تحول الموقف إلى دعم المعارضة في الداخل العراقي، كرد فعل من الثوار السوريين وأصبح الطرف السني والقبلي أكثر تفاؤلاً بنظام سوري جديد يعزز مواقفهم ضد الدولة الطائفية العراقية..

هذه الصور المتداخلة، والتاريخية، والتقلبات السياسية والحزبية، لم تجعل دمشق تتآخى مع بغداد، بينما الرؤية الواقعية، ترى لو حدث تكامل سياسي واقتصادي، فإنهما ستصبحان القوة الهامة في المنطقة العربية، لتوفر العديد من الروابط، غير أن تنازع الزعامة بينهما أبقى الأمور مستعرة، والمنجز الوحيد الذي تم بينهما دخول الجيش العراقي لمساندة سوريا في حربيها مع إسرائيل، وقد جاءت بفرضية الحاجة، ومع نهايات هاتين الحربين عادت الخلافات إلى الدوران، وستظل قائمة، إلى أن يحكم البلدين نظامان يقدمان المصالح على غيرها، وهو أمر لا يلوح بالأفق..

=================

سورية: المرحلة الأخطر

مشعل الفوازي

عكاظ

25-7-2012

ستة عشر شهرا نازفا لم تستطع خلالها هيئة الأمم المتحدة أن تقدم للشعب السوري ما يوقف دوامة قتله اليومي سواء ضمن الفصل السابع من مواثيق الأمم المتحدة أو خارجه كل ذلك بسبب تعقيدات القضية وخطورتها في منطقة ملتهبة تتضارب فيها مصالح القوى الدولية وتصطدم.

الآن بعد أن أصبح سقوط الأسد أمرا حتميا ستأخذ القضية منحنى أكثر خطورة فرحيله هو مطلب الشعب السوري لكنه ليس غاية مطالبه ونهايتها. فالشعب الذي ثار طلبا للحرية والكرامة والحياة السعيدة لن يتحقق له ذلك إذا ما استمر المجتمع الدولي في سلبيته في التعاطي مع القضية حتى بعد سقوط الأسد لأن سورية والمنطقة كلها مقبلة على مرحلة في غاية الخطورة تتمثل في تمدد التنظيمات الإرهابية واستغلالها للوضع المتأزم هناك.

ارتفاع أعلام القاعدة في عدد من الميادين المحررة، وظهور تنظيمات على شاكلة ( مجلس شورى المجاهدين ) وظهور مصطلح ( إمارة الشام ) وما أعلنه مصدر أمني أردني لإحدى الصحف السعودية مؤخرا بأن السلطات الأردنية رصدت دخول ما يقارب ستة آلاف عنصر من تنظيم القاعدة للأراضي السورية كل هذه المعطيات تعتبر ناقوس خطر حقيقيا يدق في كل المنطقة .

لم يكن للقاعدة دور في تشكل الثورة ولا في مساراتها في مراحلها الأولى، أو حتى قبل النهائية لكنها دخلت على الخط في النهاية لتحاول أن تحصد نتائج التضحيات التي قدمها الشعب السوري ضمانا لنجاح ثورته وتحقيقا لمطالبه العادلة، وهي من أجل تحقيق مخططاتها تتصرف بطريقة ميكافيلية كما هي عادتها، ويكون من أولى مهامها إزاحة الجيش الحر عن المشهد نهائيا بعد تكفيره وتخوينه. وهي مرحلة دموية إن عرفت بدايتها فمن المستحيل معرفة مداها الزمني والجغرافي.

=================

أثار مخاوف تتعلق بمصير أسلحة سوريا الكيمياوية

الهجوم على دمشق... وتكتيكات «الجيش الحر»

تاريخ النشر: الأربعاء 25 يوليو 2012

الاتحاد

في وادٍ يقع خلف الجبال إلى الشمال من دمشق، يستجمع مقاتلو "الجيش السوري الحر" قوتهم ويعدون العدة لما يأملون أن يكون هجوماً أخيراً على العاصمة. غير أنهم قد يضطرون إلى الانتظار مدة أطول مما كانوا يتمنون.

والواقع أن القنبلة التي قتلت أربعة مساعدين كبار للرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي شكلت دعماً كبيراً جداً لمعنويات الثوار المنظمة على نحو فضفاض هنا في "التل" وعبر أرجاء البلاد، مما أدى إلى استعار القتال على صعيد البلاد في وقت سعى فيه الثوار إلى البناء على حالة الفوضى والتشويش التي عمت العاصمة.

غير أنه بعد خمسة أيام على ذلك، بات من الواضح أن انفجار العنف في دمشق ربما كان مجرد معركة أخرى ضمن ما يمكن أن يكون حرباً طويلة.

ففي يوم الاثنين الماضين، انتقل الجنود السوريون من منزل إلى منزل في أحياء كانت قد سقطت لوقت قصير في قبضة الثوار، حيث قاموا بكسر الأبواب واعتقال من يشتبه في تعاطفهم مع المعارضة. وبث التلفزيون الرسمي صوراً لجثث مقاتلين، وسجناء مصفدين ومعصوبي الأعين، وجنود يقومون بعمليات تمشيط في الحقول على أطراف المدينة من أجل ملاحقة "الإرهابيين"، وهي الكلمة التي تستعملها الحكومة في الحديث عن الثوار.

وفي أول تصريحات علنية لمسؤول سوري منذ الهجوم، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي لمؤتمر صحفي في دمشق إن الحكومة استعادت السيطرة على زمام الأمور. وقال "مقدسي" في تصريح بث مباشرة على التلفزيون الرسمي: "إن الوضع الأمني سيكون تحت السيطرة في غضون يوم أو يومين".

كما وجه تحذيراً إلى المجتمع الدولي بعدم محاولة التدخل عسكريا، متعهداً بأن سوريا لن تستعمل الأسلحة الكيماوية ضد شعبها، ولكنها ستستعملها في حال وقوع هجوم خارجي. وفي هذا الإطار، قال مقدسي: "هذه الأسلحة مخزنة ومؤمنة من قبل القوات العسكرية السورية وتحت إشرافها المباشر، ولن تستعمل أبداً إلا إذا واجهت سوريا اعتداءً خارجيا".

التهديد يعقب تقارير واسعة الانتشار تفيد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يقومون بإعداد مخططات طوارئ من أجل تأمين ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية في حالة ازدادت الفوضى سوءا، وبأن الحكومة السورية قد قامت مؤخراً بنقل بعض مخزوناتها، إما بهدف استعمالها أو منع استيلاء الثوار عليها. غير أن ظهور مقدسي أوحى أيضاً بأن الحكومة أخذت تستعيد توازنها بعد أكبر هزة لتماسكها منذ بدء الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد قبل 16 شهراً.

وفي الأثناء، قال العقيد مالك كردي، المتحدث باسم قيادة "الجيش السوري الحر" ، إن الثوار ليس لديهم خيار غير الانسحاب من أحياء دمشق التي كانوا استولوا عليها الأسبوع الماضي لأنهم يفتقرون إلى الوسائل اللازمة لمواجهة الجيش النظامي المجهز على نحو أفضل.

وفي هذا الإطار، قال كردي، متحدثاً عبر الهاتف من مخيم اللاجئين العسكري في جنوب تركيا حيث يوجد مقر قيادة الثوار: "إن الجيش السوري الحر يخوض حربا تقوم على إنهاك الجيش النظامي إلى أن يصيبه الإجهاد، باستعمال تكتيكات حرب العصابات"، مضيفاً "إننا لا نستطيع الحفاظ على سيطرتنا على منطقة ما، ولذلك فالأمر يتعلق بعملية دائرية، حيث ننتقل من مكان إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، من أجل إتعاب النظام وإنهاكه".

الأحداث في "التل"، وهي ضاحية سكنية راقية تبعد بنحو تسعة أميال عن العاصمة، أعقبت نمطا شوهد في عدة أجزاء من البلاد في أعقاب التفجير الذي وقع الأسبوع الماضي داخل دمشق؛ حيث يقوم الثوار بشن هجمات على مواقع حكومية في محاولة لأخذ المبادرة.

وتنفيذا لأوامر قالوا إنهم تلقوها من مقر "الجيش السوري الحر" في جنوب تركيا، هاجم المتمردون في "التل" موقعين حكوميين حيث ألقوا القبض على أكثر من 40 سجينا واستولوا على كميات كبيرة من الأسلحة.

الثوار قد يكونون أقل تسليحاً، إلا أنه من الواضح أنهم أخذوا يتعلمون كيفية استعمال الأسلحة التي بحوزتهم بشكل فعـال؛ والشاهد هيكلا دبابتين محترقتين يجثمان على الطريق نتيجة محاولة حكومية غير ناجحـة لتعزيز قواتهـا خلال المعركة. إحداهما تم نسف برجها تماما نتيجة قذيفة "آر. بي. جي" كانت جد متقنة أو جد محظوظة. وقال المقاتلون إن ثماني دبابات أخرى انسحبت بعد أن تعرضت الدبابات المتقدمة للتدمير.

والآن، يتناوب الثوار على حراسة نقاط التفتيش التي تم الاستيلاء عليها حديثاً، حيث يحيطون بالبلدة، ويراقبون وينتظرون وصول التعزيزات التي قيل لهم إنها قادمة من أجل مساعدتهم في الزحف الأخير على دمشق.

وفي هذا الإطار، قال مقاتل في إحدى نقاط التفتيش قدم نفسه باسم أبو زيد: "في كل يوم، يأتي المزيد من كل البلدات الواقعة إلى الشمال"، معتبراً أن الثوار يمكن أن يكونوا مستعدين لهجوم مع بداية الأسبوع المقبل. وأضاف يقول: "إن بشار الأسد سيُقتل في دمشق قريبا".

ولكن قبضتهم على البلدات تم تحديها في وقت لاحق من ذلك اليوم من قبل قذيفتي مدفعية تحطمتا في وسط البلدة. ثم تجمع السكان في الشوارع من أجل معاينة حجم الضرر مما قالوا إنها أولى قذائف المدفعية التي تضرب "التل" منذ بداية النزاع.

أوستن تايس - التل، سوريا

ليز سلاي - أنطاكية، تركيا

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

=================

أهي ثورة اللاعنف؟

تاريخ النشر: الأربعاء 25 يوليو 2012

د.خالص جلبي

الاتحاد

مع كتابة هذه الأسطر تدخل الثورة السورية منعرجاً خطيراً، بمحاولة تحرير مدينة حلب ثاني المدن السورية في الشمال، مما يذكرنا ببنغازي الليبية. يحدث هذا بعد مصرع قادة الأمن والمخابرات والجيش، في ضربة غير مفهومة، إذ من غير الواضح ما إذا كانوا قد قضوا نحبهم بأيدي الرفاق جرّاء خلاف داخلي، أم على أيدي الثوار! والمؤكد أن أربعة قضوا بانفجار مروع، هم وزير الدفاع "راجحة"، ووزير الداخلية "الشعّار"، ورئيس خلية إدارة الأزمة "تركماني"، ونائب وزير الدفاع "شوكت"، ليلحقهم بعد يومين "هشام بختيار" الذي التقيته شخصياً عام 1991.

قد يكون هذا الفصل الأخير أو ما قبل الأخير أو فاتحة حرب مدمرة تذكر بالحرب الأهلية اللبنانية على حجم مضاعف بقدر السكان. لقد بدأت الثورة السورية بثلاثة شعارات: لا للتدخل الأجنبي، لا للطائفية، لا للعنف. لكن ما يجري حالياً هو أن الثورة تحدث استقطاباً طائفياً، والثوار يطالبون بحماية دولية، ثم إن النظام لم يُبقِ أمام المحتجين سوى خيارين اثنين أحلاهما مرّ: السكوت أو الموت! وهنا وُلدَ الإنسانُ المحرر من الخوف بدخول بوابة الموت طائعاً مختاراً.

هل تحطمت نظرية اللاعنف في الخيار السوري والليبي؟ يجب أن نعترف أن ثمة خياراً ظهر إلى السطح من خارج المنظر التونسي واليمني والمصري.

لقد أنهى التوانسة نظام بن علي في ثلاثة أسابيع سلمياً. وقام المصريون بما يشبه النزهة فأنهوا أسطورة مبارك في 18 يوماً، سلمياً وبضحايا قليلة نسبة لشعب يعد بثمانين مليوناً. وطال الأمر عند "صالح" اليمن حتى أصيب في ضربتين؛ الأولى التفجير الرئاسي الذي نجا منه بأعجوبة وإن خرج محروقاً فتنازل مكرهاً، وبقي الشعب اليمني صامداً لآخر لحظة، يتجمع ويتظاهر سلمياً رغم امتلاكه ملايين قطع السلاح.

الاستعصاء في الثورة السورية متعدد الجوانب، وقد ظهر واضحاً مع الفيتو الثالث المزدوج من روسيا والصين في مجلس الأمن، فضلا عن الدعم الثلاثي من إيران والمالكي العراقي و"حزب الله" اللبناني.

وهكذا ففي الخلطة السورية هناك امتناع عن التدخل الدولي نظير ما حدث في ليبيا لإنقاذ الشعب السوري من الذبح اليومي، مقابل آلة قتل قوية في يد النظام الأسدي. وفي هذه الخلطة السورية أيضاً نجد الثوار يتسلحون، والجيش ينشق، و"الجيش الحر" يتشكل يومياً... فهل نودّع في سوريا نظرية اللاعنف والكفاح السلمي؟

كان هذا السؤال يوجه إلى غاندي: ماذا كان فاعلا في مواجهة النظام النازي لو عاش تحت ظله الجهنمي؟ فكان جوابه أنه سوف يستمر في المواجهة السلمية، متسائلا: وهل الخلاص بالاقتتال أخف وطأة وأرحم؟ وفي نظرية غاندي أن الصبر في المواجهة السلمية ذو نتائج أفضل، ولكنها مسألة تدريب، والشحن الأخلاقي ممكن بالتدريب كما يتدرب الجنود في الثكنات على السلاح.

وحسب دراسات حول ثورات القرن الفائت، فقد نجحت ثورات سلمية وأخرى مسلحة. كما تبين أن الثورات السلمية تنتهي ناجحة في مدى سنتين ونصف بالمتوسط، أما المسلحة فعشر سنين تلحقها في أغلب الأحيان فوضى مدمرة وحرب أهلية.

سوريا على مفترق طرق وقد ينتهي النظام فجأة فيما يشبه السكتة القلبية، أو بحماقة تجعل تركيا أو "الناتو" توجه له ضربة، أو قد تدخل المنطقة حرباً إقليمية بعد أن هددت إسرائيل بالتدخل، كما استعد "حزب الله" وإيران وتركيا.

=================

ما وراء الفيتو المزدوج الثالث

مأمون كيوان

المستقبل

25-7-2012

مرة ثالثة استخدمت موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار حول سوريا تحت حجج وذرائع متعددة منها: عدم توازن مشروع القرار وغطرسة الغرب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. بالرغم من أن استخدام هذا الحق لا يلزم مستخدمه إبداء أسباب قراره. ويشير سجل استخدام حق النقض (الفيتو) إلى أنه منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، استخدم الاتحاد السوفيتي ولاحقاً روسيا حق الفيتو (النقض) 122 مرة، والولايات المتحدة 77 مرة وبريطانيا 32 مرة وفرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين سبع مرات.

وكان استخدام الاتحاد السوفيتي لحق الفيتو واسعا جدا في الفترة بين عامي 1957 و1985، إلى درجة أن وزير خارجيتها آنذاك، أندريه غروميكو، أصبح يعرف بـ "السيد نيت"، أو "السيد لا".

وخلال السنوات العشر الأوائل من عمر المنظمة الدولية، استخدم الاتحاد السوفيتي حق الفيتو 79 مرة، ومن المفارقات أن كلمة "فيتو" غير موجودة أصلا في ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على أنه لا يمكن أن يصدر قرار من مجلس الأمن إلا بعد أن تكون هناك تسعة أصوات من بين الأعضاء الخمسة عشر في المجلس، بينهم 5 أعضاء دائمين.

ومن بين مشاريع القرارات الاثنين والثلاثين التي صوتت ضدها بريطانيا، هناك 23 مشروع قرار صوتت إلى جانبها الولايات المتحدة، و14 صوتت ضدها فرنسا أيضا. وكان آخر فيتو استخدمته بريطانيا عام 1989، عندما صوتت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضد مشروع قرار ينتقد التدخل العسكري الأميركي في بنما. ولم تستخدم بريطانيا حق الفيتو منفردة إلا سبع مرات، كان آخرها عام 1972 وهو قرار يتعلق بجنوبي روديسيا.

ومن مجموع 18 مرة استخدمت فيها فرنسا حق الفيتو، 13 مرة كانت ضد مشاريع قرارات صوتت ضدها كل من بريطانيا والولايات المتحدة أيضا. وصوتت فرنسا إلى جانب بريطانيا مرتين أثناء أزمة السويس عام 1956. وهناك مشروعا قرارين صوتت ضدهما فرنسا فقط، أحدهما عام 1976 حول خلاف بين فرنسا وجزر القمر، والآخر حول إندونيسيا عام 1947. وفي عام 1946 صوت كل من الاتحاد السوفيتي وفرنسا حول الحرب الأهلية الأسبانية.

احتل مقعد الصين في مجلس الأمن وفي الفترة بين عام 1946 و1971، جمهورية الصين (تايوان حاليا) التي استخدمت حق الفيتو لإعاقة عضوية منغوليا في الأمم المتحدة. وقد استخدمت الصين حق الفيتو مرتين عام 1972، الأولى لإعاقة عضوية بنغلادش، ومرة أخرى مع الاتحاد السوفيتي حول الوضع في الشرق الأوسط.

وكانت واشنطن قد استخدمت حق الفيتو لأول مرة عام 1970، إذا صوتت إلى جانب بريطانيا ضد مشروع قرار حول روديسيا التي أصبحت فيما بعد زيمبابوي. كما صوتت الولايات المتحدة ضد 10 قرارات تنتقد جنوب أفريقيا، وثمانية حول ناميبيا، وسبعة حول نيكاراغوا، وخمسة حول فيتنام، وكانت الدولة الوحيدة التي أعاقت صدور 53 قرارا. واستخدمت أميركا الفيتو 36 مرة ضد مشاريع قرارات تدين إسرائيل في حين تدعم الحقوق الفلسطينية.

وثمة أصوات تطالب بتعديل نظام الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن، وسمعت بعض الأصوات الداعية إلى إلغاء نظام التصويت بالفيتو نهائياً واعتماد نظام أكثر شفافية وديمقراطية وتوازن.

وإذا ألغي حق الفيتو فإن رأي الأغلبية في المجلس سوف يسود، وقد نرى المزيد من القرارات التي يصدرها المجلس، لوضع الحلول لمشاكل العالم الأمنية والمزيد من فرض العقوبات على بعض الدول وعلى نحو خاص الدول المارقة أو الفاشلة.

ويبدو من استخدامات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لحق النقض غياب الحد الأدنى من النزاهة والحرص على المعايير الأساسية للعدالة الدولية، ناهيك عن فشلها الذريع في معالجة الأسباب والعوامل التي تجعل دولة داخل أو خارج مجلس الأمن تهدد حالة السلم والأمن الدوليين.

وفي النموذج الروسي- الصيني لاستخدام حق النقض لا بد من الإشارة إلى أحد العوامل أو الدافع الجوهري غير المُعلن لموقف هذا الثنائي يتمثل في كبح أو ردع أية إمكانية لتدخل المجتمع الدولي لمصلحة ثورات وانتفاضات شعبية تندلع في أي بلد من البلدان. أي أن موسكو وبكين بتاريخهما وسجلهما في قمع شعبيهما في المرحلتين الستالينية والماوية وفي المراحل اللاحقة تدركان حقائق وتحديات الواقعين الروسي والصيني اللذين ينبئان بتوافر أسباب اندلاع ثورات أو احتجاجات جديدة في الأفق المنظور ضد الديمقراطية المافيوزية في روسيا والصين.

=================

ما جناه حافظ.. على بشار.. وعلى سوريا

خيرالله خيرالله

المستقبل

25-7-2012

يتوّج الفيتو الروسي- الصيني الثالث في مجلس الامن سلسلة من الدعوات الصادرة عن قصد او عن غير قصد الى مزيد من سفك الدماء في سوريا وممارسة مزيد من الجرائم في حقّ الشعب السوري. يبدو الفيتو دعوة صريحة الى الرئيس بشّار الاسد من اجل التمسّك بالرهان على الحلّ الأمني والسعي الى البقاء في السلطة عن طريق التخلّص من الشعب السوري. أليس في موسكو وبيجينغ من يعرف ان النظام السوري انتهى وانّ إطالة عمر النظام ليس سوى الطريق الاقصر من اجل تفتيت هذا البلد لا اكثر؟

ولّى زمن المعجزات. ولذلك لا وجود لأيّ أمل من اي نوع كان بإنقاذ النظام السوري. صار هذا النظام الذي أنشأه حافظ الاسد جزءا من التاريخ. مشكلة بشّار الاسد تكمن بكلّ بساطة في انّه ورث نظاما غير قابل للحياة اضافة بالطبع الى انه يفتقد اي نوع من الثقافة السياسية.

لو كان الراحل حافظ الاسد يمتلك حدّا ادنى من الفكر السياسي السليم والرؤية الاستراتيجية، لكان رفض التوريث قبل اي شيء آخر وذلك حرصا على افراد عائلته اوّلا، في مقدّمهم الدكتور بشّار، وعلى سوريا ومستقبلها ثانيا وأخيرا. كان يفترض بالاسد الاب ترك سوريا للسوريين بعدما حكم البلد بالحديد والنار طوال ثلاثة عقود وبعدما كان شريكا اساسيا في السلطة بصفة كونه وزيرا للدفاع بين العامين 1966 و1970.

لا يتحدّث عن محاسن حافظ الاسد وإتقانه لعبة التسويات وامتلاكه فكرا استراتيجيا سوى السذّج من الذين لا يمتلكون حدّا ادنى من الوعي السياسي. بقي حافظ الاسد في السلطة لأنّه كانت هناك حاجة اليه طوال مرحلة معيّنة وذلك بغية تنفيذ اهداف معيّنة. كوفئ في العام 1970 لأنّه سلم الجولان الى اسرائيل ابان توليه وزارة الدفاع في العام 1967. لعب خلال توليه السلطة او جزءا منها كلّ الادوار المطلوبة منه بدءا بتهريب الاسلحة الى لبنان ثم تسليح الفلسطينيين وكلّ انواع الميليشيات المسيحية والاسلامية في الوطن الصغير.

ارتكبت قواته وأجهزته كلّ انواع المجازر في لبنان. ذهب ضحية هذه المجازر مسيحيون ومسلمون لبنانيون وآلاف الفلسطينيين فضلا عن لائحة طويلة من الشخصيات اللبنانية المرموقة من كلّ الطوائف والمناطق.

لم تدرك القيادات الفلسطينية يومها، وثمة من لا يزال لا يدرك الى الآن، انه بتحوّل الفلسطينيين طرفا في الحرب اللبنانية منذ العام 1975، وقبل ذلك في احداث الاردن في 1970، كان حافظ الاسد يمارس هواياته المفضلة. كان يمارس هواية التمتع بسفك الدماء، فضلا عن هواية المتاجرة بالشعب الفلسطيني وقضيته، وأخيرا وليس آخرا هواية مشاهدة اللبنانيين يتقاتلون في ما بينهم ويدمّرون بلدهم. وهذا ما احسنت الاردن تفاديه بفضل تعقّل الملك الحسين، رحمه الله، وبُعد نظره وشجاعته ورجولته الحقيقية.

زادت الحاجة الى حافظ الاسد، الذي لم يتردد في السنة 1980 في حشد قواته على طول الحدود مع الاردن لإفشال القمة العربية التي استضافتها عمّان، مع صعود نجم صدّام حسين في العراق. كان البعثي الآخر الحاكم في العراق يمتلك ما يكفي من الغباء لجرّ العراق الى كلّ انواع المغامرات وصولا الى جريمة احتلال الكويت في العام 1990. قبل ذلك، بين العامين 1980 و1988، كان مطلوبا اطالة الحرب العراقية- الايرانية قدر الامكان بغية انهاك العراق والقضاء على النسيج الاجتماعي لشعبه. اكثر من ذلك، كان مطلوبا استنزاف الثروات العربية خدمة لاسرائيل وزيادة الاعتماد العربي على الوجود العسكري الاميركي في الخليج. كان حافظ الاسد يعرف ذلك جيّدا فذهب الى النهاية في دعم ايران- الخميني التي كان همّها الاول والاخير، ولا يزال، القضاء على كلّ ما يمت الى الحضارة من قريب او بعيد في المنطقة العربية. استخدم العلاقة مع ايران في ابتزاز العرب الآخرين، خصوصا اهل الخليج.

ادى حافظ الاسد كلّ الادوار المطلوبة منه، بما في ذلك ابقاء جبهة جنوب لبنان الجبهة العربية الوحيدة المفتوحة، خصوصا بعد حرب العام 1967 وبعد التوصل الى اتفاق فك الارتباط بين سوريا واسرائيل في العام 1974. لم تعترض اسرائيل يوما على ذلك، هي التي دعت في العام 1976 الى منع الجيش السوري من دخول جنوب لبنان "بسبب حاجتها الى الاشتباك مع الفلسطينيين بين وقت وآخر".

فوق ذلك كلّه، أفقر حافظ الاسد سوريا واستخدم الاسلحة السوفياتية في قمع شعبه وإذلاله وتهجير كلّ الكفاءات. لم يكن هناك حتى مستشفى لائق في دمشق. وعندما تعرّض نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لنوبة قلبية، في العام 1999 نقل على عجل الى بيروت لانقاذ حياته على ايد اطباء لبنانيين في مستشفى الجامعة الاميركية!

كان حافظ الاسد مجرّد اداة تستخدم في تأدية ادوار معيّنة. كان الدور الاقليمي لسوريا وهماً أكثر من ايّ شيء آخر ولا يزال الامر كذلك. لو كان يمتلك حدّا ادنى من الذكاء السياسي الحقيقي، الذي لا بدّ من التمييز بينه وبين ما يسمّى "المكر"، هل كان قَبِلَ أن يرثه نجله الثاني؟ هل كان قبِل ان يكون على رأس بلد مثل سوريا، حيث لا نظام سياسيا على علاقة بالسوريين، شخص مثل بشّار الاسد؟

يحصد الرئيس الحالي، الذي يسمّيه نائب بيروت الصديق نهاد المشنوق "الرئيس السابق"، ما زرعه والده. زرع نظاما قائما على الاجهزة الامنية. لو كان مثل هذا النظام قابلا للحياة، لكان الاتحاد السوفياتي ما زال حيّا يرزق... ولكانت تماثيل ستالين في كل مدينة روسية!

=================

جمهورية الفلول السورية

عبد الوهاب بدرخان

2012-07-25

النهار

تأجل الحوار الوطني، أو لعله توقف، بعدما تحققت الغاية التي حددها "حزب الله" لاستئنافه، وهو انذار "الفريق الآخر" بالتزام التهدئة وعدم التدخل في الأزمة السورية لمصلحة المعارضة. اما الحزب نفسه فلا يتدخل لأنه منذ اللحظة الاولى جزء عضوي لا يتجزأ من حملة النظام على الشعب السوري، وجزء من الدعم الايراني المطلق للنظام. لذلك، فإن الافضل من الحوار هو عدم الحوار عندما يكون حول اوهام، ولم يخف "حزب الله" وضوحه في شأن سلاحه، فهو لا يريد اخضاعه للنقاش، وليس مستعدا لتسليمه في اي حال، ولا لالتزام عدم استخدامه في الداخل.

بعد خطاب السيد حسن نصرالله، وخطب النائب محمد رعد، تلاشت التوقعات "الايجابية" التي استبقتها وتبين انها مجرد بالونات اختبار. اذ دخل "حزب الله" مزاجا جديدا على خلفية تيقنه الآن بأن النظام السوري مندفع الى نهايته. لم يتخلّ عن حذره، ولم تتبدد مخاوفه، لكنه اقصى نهائيا كل الاطروحات التي اقترحت عليه القيام بمبادرات طيبة سواء نحو الداخل اللبناني او نحو انفتاح ما على المعارضة السورية. فالحزب يتموضع الآن نفسيا، الى حد ما عملانيا، مع ما يستشرفه من تطورات في سوريا ستنعكس حتما على لبنان.

لن يبقى النظام الحالي في دمشق وانما سينكفئ الى الساحل، والى لبنان. لا جديد في ذلك، فكثيرون يعرفونه منذ فترة ويجتهدون في استقراء التواصل الجغرافي الذي تقيمه المجازر والعمليات العسكرية بين حمص وريفها وبين الشريط الساحلي الواقع تحت الهيمنة العلوية، ثم تواصلهما الجغرافي مع الشمال والشمال الشرقي اللبنانيين. ستكون لـ"حزب الله" وظيفة جديدة هي تأمين هذه المناطق لمصلحة "الدويلة" المرتقبة، بالاضافة الى استرهانه جنوب لبنان في مواجهة العدو الاسرائيلي (الذي يوفر له الذرائع ويحميها) لكن لمصلحة الأب الايراني واحتمال تعرض ايران لحرب تخوضها ضدها اسرائيل والدول الغربية. وفي كل ذلك يعوّل "حزب الله" على "تعاون" لا يبدو الجيش اللبناني مخيرا في امكان حجبه او منحه.

اذا كان للدويلة العلوية ان تقوم، حتى لو لم يعترف بها احد، فإنها ستتمتع بضمان روسيا ودعم ايران. وسيعتبر لبنان تلقائيا مدى حيويا لها، بسبب ما تشكله العقوبات الغربية من صعوبات. وبفضل سياسة النأي بالنفس التي استعدت المعارضين السوريين، تكون بيروت قد اسست لعلاقة جديدة غيير سليمة مع سوريا والنظام الجديد المتوقع في دمشق. ومع وجود اعداد كبيرة متوقعة من "فلول النظام" وعائلاتهم و... اسلحتهم على ارض لبنان، وبتسهيلات من "حزب الله" وأذرعه في الدولة وأجهزتها، سيتعزز التواصل مع "الدويلة" وتتضاعف الهيمنة والوصاية المتجددتان، ستصبح الجمهورية اللبنانية "جمهورية الفلول" بحكم الأمر الواقع. بديهي ان هذا مجرد سيناريو لكن ارهاصاته باتت ملموسة خصوصا مع انتقال "حزب الله" من تقليب الاحتمالات الى التشدد في المواقف والخيارات.

=================

كيف يفكر بشار وأسئلة اليوم التالي؟! * ياسر الزعاترة

الدستور

25-7-2012

إنهما السؤالان الأكثر أهمية هذه الأيام فيما خصَّ ثورة الشعب السوري ضد نظامه المجرم؛ سؤال المسار الذي سيختطه بشار الأسد في مواجهة التقدم الحثيث الذي يحرزه على الأرض الجيش السوري الحر، ومن معه وحوله من المقاتلين، أكانوا من السوريين، أم من العرب الذي تدفقوا خلال الشهور الأخيرة. ثم سؤال اليوم التالي لسقوط النظام.

المحللون يحتارون في البحث عن إجابة السؤال الأول، ويطرحون إجابات شتى يرى أولها أن بشار الأسد سيقاتل حتى الرمق الأخير، فيما يرى آخرون أنه سيفكر في مسار الاستقلال بدولة علوية، بينما يرى فريق ثالث أنه ينتظر مخرجا مناسبا يرحِّله إلى الخارج، بينما يحتفظ للنظام ببعض تماسكه عبر حكومة انتقالية.

من المؤكد أن المسألة الطائفية تحضر بقوة في وعي الأسد، هو الذي قال قبل أسابيع لأحد رموز الطائفة اليهودية الأمريكية إن تركه السلطة سيعرض طائفته للإبادة. ويحدث ذلك ليس حرصا من طرفه على الطائفة التي ينتمي إليها، بل خوفا منها، لأن الطغاة يعبدون ذواتهم، ولو كان حريصا عليها بالفعل لرتب انتقالا سلميا للسلطة يحافظ على بعض مكتسباتها، بينما يجنب البلاد ما أصابها من تدمير، فضلا عن توفيره لمعاناة وقتل بلا حساب تسبب فيها من خلال تمسكه بالسلطة.

من الصعب الحديث عن أية شقوق في الطائفة العلوية حتى الآن. وفيما سمعنا مرارا عن خلافات بين بعض رموزها حول طريقة مواجهة الأزمة، فإن الواقع على الأرض لا زال يؤكد تصميمها على القتال بشراسة إلى جانب ابنها الرئيس، رغم تأكيد وقائع التاريخ على أن آل الأسد لم يرحموا من عارضهم من أبناء الطائفة، بل لعلهم كانوا أكثر قسوة عليهم من الآخرين، في ذات الوقت الذي يمكن القول فيها إن حكم العشرية الأخيرة بقيادة بشار قد بات أقرب إلى نخبة حاكمة فاسدة تتوزع على سائر الطوائف أكثر منه حكما طائفيا، وإن بقيت الهيمنة الطائفية واضحة في المؤسسة العسكرية والأمنية.

ما يراه كثيرون هو أن بشار لن يواصل القتال بسبب شجاعته ورفضه الاستسلام، وإنما لأن الطائفة لن تسمح له بالرحيل الطوعي، ووصل الحال بروبرت فيسك حد القول إن الضابط العلوي برتبة عميد الذي سيوصله للمطار في حال قرر الرحيل قد لا يسمح له بذلك.

من المؤكد أن هذا المسار لا يمكن أن يكون في صالح العلويين الذين ينبغي أن يكون لهم موقفهم الجدي، أقله بعد ملامح سقوط النظام الواضحة. وإذا قيل إن ذلك صعب إلى حد كبير، فإن انشقاق عدد من كبار الضباط العلويين قد ينفس الاحتقان، ويدفع الطائفة نحو مقاربة مختلفة تدعو الأسد للرحيل.

أما سيناريو التقسيم والدولة العلوية فلا يمكن أن يكون منطقيا حتى لو كان مناسبا للدوائر الصهيونية، وتبعا لها الأمريكية، لأن الثوار لن يسكتوا حتى يُسقطوا تلك الدولة مثلما أسقطوا حكم الأسد لما تبقى من البلاد، لاسيما أن تركيا ستكون الأكثر حرصا على إسقاطها تبعا للإشكالية العلوية الكامنة عندها. ويبقى سيناريو الانقلاب على بشار من داخل الطائفة بالتعاون مع رموز من السنة على أمل أن يجنبهم ذلك مصير المتعاونين مع نظام مجرم، وهو سيناريو يبقى واردا، وإن ترجح رفضه من قبل الثوار وعموم المعارضة.

اذا تواصلت المعركة على النحو الذي نتابعه، فلن يقبل الثوار ببقاء حضور العلويين في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية على ما هو عليه، مع أن كثيرا من رموزهم سيفرون مع الأسد أو بعده مباشرة خشية التعرض للانتقام.

فيما يتعلق بسيناريو اليوم التالي، فإن الأسئلة لن تكون سهلة الإجابة بحال، لاسيما أن الجيش الحر ليس وحده في الميدان بوجود الكتائب الأخرى غير الخاضعة لسيطرته، تحديدا تلك التي تنتمي لفكر القاعدة أو قريبا منه، وهنا ينبغي أن يكون الموقف واضحا لجهة رفض الفوضى، والإقرار بمرحلة انتقالية تفضي إلى تعددية في البلاد، لأن ما جرى هو ثورة من أجل الحرية وليس انقلابا مسلحا يقوده تنظيم أو مجموعة ضباط.

الشعب السوري متنوع الأعراق والمذاهب والأفكار، ولا ينبغي لأحد أن يعتقد أن بوسعه فرض شيء عليه بسطوة القوة مهما كان دوره في الثورة كبيرا. ومن الأفضل للمجاهدين العرب والمسلمين أن يكتفوا بالدور الرائد لهم في التحرير، وأن يتركوا إدارة البلد لأهله.

خلاصة القول هي أن المرحلة الانتقالية لن تكون سهلة، وربما المرحلة الأخيرة من التحرير أيضا، لكننا نأمل من قلوبنا أن تمر المرحلتان بيسر وسهولة حتى لا تزداد المعاناة، ومعها الضحايا والدمار على نحو لا يخدم غير العدو الصهيوني.

=================

رأس «الأسد» أصبح مطلوبا للثورة! * حسين الرواشدة

الدستور

25-7-2012

لم يعد السؤال: هل سيسقط النظام السوري أم لا؟ السؤال المطروح الآن: متى سيسقط؟ وفي أغلب التقديرات ان العد التنازلي لبقاء النظام أوشك ان ينتهي، ربما في غضون أسابيع أو شهور قليلة، هذا -بالطبع- ليس مجرد تخمين، فكل المستجدات التي تجري على الارض تؤكد ذلك.

التصريحات التي اطلقها السفير الروسي في باريس حول “نية” الاسد القبول بعرض “التنحي” بشكل حضاري تبدو صحيحة، فبعد حادثة تفجير خلية الازمة وانطلاق حرب التحرير في معظم المحافظات السورية وصولا الى “قلب” دمشق، اصبح الرئيس مقتنعا أكثر من اي وقت مضى بأن موعد الحسم اقترب، وبأن الحل العسكري فشل تماما، وبأن قصة “العصابات المسلحة” التي ظل اعلام النظام يروّج لها على مدى عام ونصف انكشف ايضا، فما حدث كان “ثورة” شعب، بدأت سلمية ثم انتهت “عسكرية” وليس امامه الآن إلا “الهروب” الى مصيره المحتوم، اما من خلال صفقة تضمن له خروجا آمنا الى اي منفى متاح، او من خلال انتظار “لحظة” يجد فيها نفسه “مطوقا” بعساكر الجيش الحر، وعندها لا احد يعرف اذا ما كان سيودع في “القفص” لينال جزاءه كما حصل مع مبارك او سيقتل كما حصل مع الرفيق القذافي.

مسألة وقت اذن ويسقط النظام، لكن كيف؟ اعتقد ان لحظة الانهيار ستكون مفاجئة، وانها مرتبطة بالرئيس تحديدا، ولنا ان نتصور مثلا السيناريو التالي: امكانية الوصول الى رأس “الاسد” سواء من خلال عملية اختراق امني، او عملية عسكرية لالقاء القبض عليه، او انقلاب مباشر من قبل الحلقة العسكرية الاقرب اليه، عندها سنشهد انهيارا في المؤسسة العسكرية، وتفككا في مفاصل النظام السياسية، وبداية لتشكيل تفاهمات بين اطراف في النظام وبين قوى الثورة في الداخل والخارج وصولا الى مجلس انتقالي مؤقت.. كما حصل في ليبيا تقريبا.

اذن، رأس “الاسد” اصبح مطلوبا كهدف لحسم المعركة، وإذا ما حصل ذلك فان رهانات الحلفاء الأربعة: روسيا والصين وايران وحزب الله ستسقط تباعا، ولن يكون امامهم سوى القبول بالواقع الجديد ومحاولة التعاطي معه.

هنا، بالضبط، تكمن اهمية “اغتيال” القادة الأربعة، باعتبارها المفتاح لحل لغز “اسقاط” النظام من خلال ضربات موجهة الى “قلبه” وقد نجحت في قص “اطرافه” وأصبح من الممكن ان تتوجه الى “رأسه”، وهذا تطور استراتيجي في تعامل الثورة مع النظام، حيث تدرجت في مراحل عديدة بدأت بإنهاكه واستنزافه وتفتيت اجزائه. وانتهت الى إحكام الطوق عليه ومباغتته بضربات مباشرة وقاصمة، وفي العمق ايضا.

الرهان على بقاء الاسد في الحكم لم يعد قائما حتى لدى اقرب حلفائه، ولكن ثمة سؤالين ما زالا معلقين: اولهما من هو البديل؟ وثانيهما كيف ستكون سوريا في اليوم التالي؟ من المبكر -بالطبع- الاجابة على ذلك، لكن المؤكد ان لدى الشعب السوري -بعد كل هذه الدماء والتضحيات- ما يلزم من كفاءات وامكانيات لطرح البديل، وبمقدوره ان يحافظ على “سوريا” العظيمة التي صنعت هذه الملحمة التاريخية ونجحت في انتزاع استقلالها من جديد.

مهما كانت مبررات واسباب من يدفع باتجاه “التنبؤ” ببقاء الاسد ونظامه، ومهما كانت رغباتهم وحساباتهم، فان الدرس الوحيد الذي خرجت منه الشعوب في عصر ثوراتها هو الاصرار على “ازاحة” قتلتها واليقين بحتمية انتصارها.. وسوريا ابدا .. ليست استثناء.. ومن يراهن على سوى ذلك حتما سيخسر؟!

التاريخ : 25-07-2012

=================

الخيارات الايرانية في سورية ما بعد الاسد

2012-07-24

القدس العربي 

المواقف السياسية في ايران تؤخذ من منطلقين مركبين مع بعض وهو المنطلق الطائفي الشيعي ممزوجا بالمنطلق القومي الفارسي واحلام الامبراطورية الفارسية القديمة والتي لا تغيب عن الذاكرة الفارسية وتعمل جاهدة على ارجاعها، وكان اقامة الحكم الشيعي في العراق ووجود بشار الاسد في سورية وحزب الله في لبنان ومحاولات ايران ضم حركة حماس تحت جناحها في وقت من الاوقات رجوعا نسبيا لذكريات الامبراطورية الفارسية القديمة اليها. لذلك فزوال النظام السوري يمثل تراجعا حقيقيا لهذه الاحلام التي لن تتخلى عنها ايران بسهولة وستظل متشبثة بها بشتى الوسائل ، وما التصريحات الايرانية الحالية التي تحاول فيها التقليل من اهمية بقاء بشار الاسد في السلطة الا دليل على ان ايران تخطط ومنذ الان لمرحلة ما بعد الاسد بعد ان تيقنت انه زائل لا محالة.

ولكي تبقي ايران نفوذا لها في سورية فان عليها ان تتحرك باتجاه المجموعة الاقرب اليها مذهبيا وهي الطائفة العلوية باعتبار ان ايران لن تستطيع اتخاذ مكون سوري اخر حليفا ستراتيجيا لها عداها، وما سيسهل هذه المهمة على ايران هو استعداد ابناء هذه الطائفة من الناحية العسكرية للقيام بمهام مشابهة لما وكل به حزب الله في جنوب لبنان بسبب ان اكثرية التشكيلات العسكرية المهمة في سورية الاسد كانت تتكون من ابناء هذه الطائفة وكونهم الاقرب مذهبيا الى المذهب السائد في ايران مما يساعد في ترشيح الطائفة العلوية لتكون حليفة الجمهورية الايرانية مستقبلا. ورب قائل يقول ان العلويين لن يورطوا انفسهم في هكذا دور.. ولكن باستحضار التجربة العراقية الى الاذهان بعد الالفين وثلاثة ودراسة الدور الايراني في اثارة النعرات الطائفية والقومية بين ابناء العراق فسنعرف ان دفع العلويين بهذا الاتجاه لن يكون امرا صعبا على ايران، فقد كانت سورية الاسد في بداية الاحتلال الامريكي للعراق ( وبتنسيق مع ايران) ترسل افواجا من الارهابيين الى المناطق السنية والشيعية في العراق بحجة قتال الامريكان وتسببت في احداث خلخلة امنية فيه واثارة النعرات الطائفية بين ابناء الشعب العراقي وقد كان لهم ذلك فقد عاش العراق سنين عديدة يعانون من القتل الطائفي بدون ان يكون الفاعل مشخصا، و كانت اغلب التفجيرات تستهدف المناطق السنية لإبقائها غير مستقرة امنيا وسياسيا واداريا الى ان سيطرت الاحزاب الشيعية على الوضع السياسي في العراق بشكل كامل خصوصا بعد الانسحاب الامريكي. والان وبعد زوال بشار الاسد يمكن خلق موجة معاكسة من الارهاب للداخل السوري لاستهداف المناطق العلوية واتهام السنة في سورية بها ودفع العلويين للارتماء بشكل كامل للحضن الايراني (لحمايتهم) ، وبذلك يسقط العلويين في الشرك الايراني ليكونوا موطئ قدم لها داخل الدولة السورية كما هو حال حزب الله في لبنان.

السيناريو الثاني لإيران والذي من الممكن ان تلجا اليه( في حالة مشروطة ) هو التحالف مع حزب العمال الكردستاني في سورية. وعلى الرغم من ان التطورات الاخيرة على الساحة الكردية السورية تشير الى ان الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني قد دخل في تحالف مع القوى الكردية الاخرى في سورية الا ان هذا التحالف سيكون مرهونا بالخطوات التركية حيال هذا الحزب والوضع الكردي وكذلك التوجهات التركية حيال افرازات الثورة السورية بشكل عام. فحزب العمال الكردستاني يتقن تماما استغلال التناقضات في المنطقة وسوف يتخذ من الموقف الايراني الجديد ازاء سورية ورقة ضغط على تركيا لتسيير دفة التطورات بالشكل المناسب لها. ومن هذا المنطلق فان ايران سوف ترحب باي تقارب مع هذا الحزب مستقبلا والابتعاد عن المحور التركي للوقوف في الجانب المضاد للثورة السورية بما يتلاءم وتوجهات الطرفين.

اذا فشلت ايران في استمالة الطرفين السالفي الذكر وفي حالة تأكدها بان مصالحها قد اصبحت مهددة فلن يبقى امامها الا تهديد الوضع السوري بواسطة المالكي وبعض الاحزاب الشيعية الاخرى المتعاطفة معها في العراق وهذا التهديد قد يكون بتعكير الوضع الامني في داخل سورية كما قلنا سابقا او الدخول في مناوشات عسكرية على نطاق ضيق مع القوى الجديدة في سورية (حسب مبدا الهجوم خير وسيلة للدفاع) وبذلك فستقلل من خطر نتائج الثورة السورية على نفسها وخلط الاوراق فيها وفي نفس الوقت سوف ينوب عنها العراق في التصادم مع الحكومة الجديدة في سورية من دون ان تتدخل هي بنفسها في معمعة المشاكل هذه ، وكما هو متوقع من الساسة العراقيين في المنطقة الخضراء فانهم لن يرفضوا القيام بهذا الدور نيابة عن الجارة ( الشقيقة ) ايران، وموقف حكومة المالكي المسبق من الثورة السورية ووقوفه مع بشار الاسد الى هذه اللحظة يشير الى نوعية علاقة الجوار ( المتشنجة ) التي يخطط لها العراق مع سورية مستقبلا.

انس محمود الشيخ مظهر دهوك

Portalin2005@yahoo.com

=================

الحل السوري خارج مجلس الأمن

ريتشارد هاس *

الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢

الحياة

لم يفاجئ أحداً نقض موسكو وبكين مشروع قرار مجلس الأمن الأخير. فروسيا والصين تتجنبان إضفاء مشروعية على تدخل خارجي في شؤون دول أخرى مخافة أن يدور الدور عليهما. وعلى خلافهما ترى الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية أن واجبها الإنساني يحملها على التدخل إذا انتهجت الحكومات سياسات باطشة إزاء شعوبها. وآن أوان العزوف عن توسل عبارة المجتمع الدولي في مثل هذه الحالة التي يغيب فيها الإجماع.

لن يغير «الفيتو» الأخير مسار الحوادث في سورية. فحكومة دمشق فقدت السيطرة على أجزاء مهمة من البلاد، والمعارضة أثبتت قدرتها على الضرب في قلب دمشق، ويرجح أن يتعاظم القتال. فالمعارضة ترغب في قطف ثمار زخم التفجير الناجح الأخير. ويسعى نظام الأسد إلى إثبات قدرته على إلحاق هزيمة بالمعارضة وجبه التحديات. وليس مدعاة أسف الفشل في تجديد بعثة المراقبين التي يتولاها كوفي أنان. فمشروع السلام الذي حمله أنان ولد ميتاً ولم تكتب له الحياة، والمعارضة لم تكن لتقبل به. لذا، تبرز الحاجة إلى طي هذا المشروع والمباشرة بمشروع آخر يمهد لسقوط النظام السوري. وحريّ بالولايات المتحدة وغيرها من الدول ألا تعتبر أن الأمم المتحدة هي مرادف التعددية القطبية وألا تقصر إضفاء المشروعية السياسية على هذه المنظمة الأممية. وتقتضي الظروف أن تبادر أميركا ودول «الناتو» وعدد من الدول العربية والدول العازمة على تشديد العقوبات على سورية وحلفائها، إلى تشكيل ائتلاف يرص صفوف قوى المعارضة السورية ويرجح كفة وزنها السياسي. وهذه الدول مدعوة إلى التلويح بإدانة المسؤولين السوريين المقربين من بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب، والإعداد لاستهداف ترسانة الأسد الكيماوية، وإعداد العدة لمرحلة ما بعد عهده. ويبدو أن إرساء الاستقرار والديموقراطية في المرحلة الانتقالية عسير، وعثراته قد تفوق عثرات إطاحة النظام.

والحق أن المناقشات تدور حول السياسة المناسبة إزاء الشرق الأوسط، وغالباً ما تنتهي إلى مواجهة بين الواقعيين والمثاليين. فالولايات المتحدة تُدعى وغيرها من الدول من أصحاب المصالح والنفوذ في المنطقة إلى الانحياز إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان، وتجاوز المخاوف إزاء تقويض إطاحة الأنظمة التسلطية الحليفة، في مصر وغيرها من الدول العربية، مصالح الأمن القومي الأميركي. وينتهج القادة الأميركيون والأوروبيون سياسة تدوير الزوايا، وهي مساومة غير ناجعة. وعلى خلاف التنازع هذا، لا تباين في سورية بين المصالح الاستراتيجية والمصالح الإنسانية. فعدد من الحكومات يرغب في إطاحة النظام السوري المقرب من إيران و «حزب الله». والرغبة هذه تتماشى مع رغبة إنسانية في التخلص من نظام قتل أكثر من 15 ألف سوري.

لكن التدخل العسكري التزام كبير يقتضي توسل القوتين الجوية والبرية، في وقت لا تزال فرقتان عسكريتان قويتان، على أقل تقدير، على ولائها للأسد. ويرجح أن تتعثر مرابطة قوات أجنبية في سورية بالصعوبات المترتبة على طائفية المجتمع السوري.

والبديل من تدخل عسكري مباشر هو تزويد المعارضة بالسلاح والعتاد، وهذا البديل قائم والعمل به سارٍ. لكن تسليح المعارضة ليس محمود العواقب إذ يؤجج الحرب الأهلية ويشجع أنصار الرئيس على البقاء في خندقهم. وقد تستخدم الفصائل السورية المعارضة الأسلحة للتقاتل إثر سقوط النظام، وانفلات العنف من عقاله في سورية بعد الأسد.

ولكن لا يجوز جعل تحديد التدخل في سورية مقتصراً على قطبي التدخل العسكري والتدخل السلمي (من غير سلاح). ففي وسع العالم اتخاذ إجراءات كثيرة تساهم في إطاحة نظام الأسد، على غرار فرض عقوبات اقتصادية بالغة القسوة تشمل القطاع المصرفي وقطاع الطاقة وتضاهي تلك المفروضة على إيران، وتوسيع لائحة الممنوعين من السفر إلى العواصم الغربية. ومثل هذه العقوبات يضيّق الخناق على النخبة الموالية للأسد.

أما الدول العربية المستاءة من مآل الأوضاع في سورية فيمكنها تجميد علاقاتها بسورية، وتخفيض مستوى علاقاتها الديبلوماسية والتجارية بروسيا، داعمة الأسد.

ويفترض بالديبلوماسية اليوم أن ترمي إلى تأمين مخرج للأسد وللدائرة الضيقة المقربة منه، والسعي إلى عملية سياسية ترسي نظاماً تمثيلياً ركنه حكم القانون. ودائرة الانشقاق في أوساط المقربين من الأسد تتوسع. فهم يريدون النجاة من السفينة الغارقة، وقد يؤدي تحديد مهلة تنتهي الشهر المقبل قبل إدانة مقربين من الأسد بارتكاب جرائم حرب، إلى تسريع وتيرة الانشقاقات.

وتقديم المعارضة نفسها على أنها البديل عن نظام الأسد وتشريع أبوابها أمام الأطراف الأخرى قد يسرّعان كذلك وتيرة الانشقاقات في صفوف النظام. فالأقلية العلوية تخشى أن تلقى مصير السنّة في عراق ما بعد صدام. والسبيل الأمثل لطمأنتها وحضّها على الانشقاق، هو التزام المعارضة مبادئ وطنية جامعة يرتضيها السوريون كلهم. والقوى الغربية مدعوة إلى التعاون عن كثب مع المعارضة المنقسمة، والطرية العود، المفتقرة الخبرة.

* رئيــس مجلـــس العـــلاقات الخـــارجية، عن مـــوقـــع «كوانسيل اون فورين ريلايشنز» الاميركي، 16و19/7/2012، اعداد منال نحاس

=================

إيران تتدخل... وبعد؟

الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢

عبدالله اسكندر

الحياة

شكت غالبية الدول العربية، وما تزال تشكو، من تدخلات إيرانية في شؤونها الداخلية. وذهب بعضها، تصريحاً أو تلميحاً، إلى أن هذا التدخل يتخذ أشكالاً عدة، من دعم مالي لأطراف داخلية وتعبئة وتحريض ونشر مذهب ولاية الفقيه وصولاً إلى شبكات تجسس تعمل مباشرة مع السلطات الإيرانية، خصوصاً «الحرس الثوري».

إيران تتباهى ببعض هذا الدعم، خصوصاً في لبنان وسورية وفلسطين، بذريعة مواجهة إسرائيل. وتعلنه في العراق بذريعة مواجهة النفوذ الأميركي، خصوصاً بعد الغزو. وتنشر قوات وتقوم بمناورات في الخليج بحجة مواجهة القوات الأميركية في المنطقة. لكن، ورغم أن مثل هذه المبررات والحجج لا تبرر قط أي تدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، يبقى أن الشكوى من السياسة الإيرانية تأتي أيضاً من السودان ومصر وصولاً إلى موريتانيا والمغرب.

بكلام آخر، يطاول التدخل الإيراني كل المنطقة العربية. وبالتأكيد لا يتوقف عندها. إذ إن الشكوى تتكرر في المحيط الإيراني غير العربي، من باكستان وأفغانستان وأذربيجان. اضافة إلى تلك الشبكات الإيرانية في بقاع كثيرة من العالم، من جنوب شرقي آسيا إلى أوروبا وصولاً إلى أميركا اللاتينية، مروراً بالقارة الأفريقية. وهي شبكات متهمة أيضاً بكثير من النشاطات غير القانونية، من التهريب والتحريض وصولاً إلى أعمال إرهابية.

ووفي مواجهة هذه الكمية من الاتهامات والاشتباهات، تكرر إيران أن هذه الحملة إنما تقوم بها الدوائر الأميركية والإسرائيلية لأن طهران وحدها تقف في وجهيهما. أما عن كل الأدلة عن التورط الإيراني، فلا يسع طهران إلا أن تنفي مسؤوليتها على نحو لا يقنع أحداً.

كما أن هذا السلوك الإيراني العام إزاء العالم، خصوصاً منطقتنا، يقع في إطار السياسة العامة لطهران الساعية إلى مراكمة القوة العسكرية بكل أنواعها، بما فيها القوة النووية ربما، من اجل أن تنتزع ما تسميه مصالحها الحيوية في المنطقة والعالم. أي أن الشبكات الإيرانية التي تتدخل في العالم، ومنطقتنا، لا تتوافق مع هذه الاستراتيجية فحسب، وإنما هي إحدى أدواتها المهمة.

لقد كررت طهران، حتى الملل، أن ثمة مساعي أميركية وغربية من اجل جعل إيران عدواً للغرب بدل إسرائيل. وإن هذه المساعي تهدف إلى التطبيع مع إسرائيل وتغذية العداء إزاء إيران. لكنها في الوقت نفسه لا تترك مناسبة تمر من دون إظهار هجومية سياسية وميدانية إزاء العرب. وترفض إعطاء أية ضمانات حقيقية وتطمينات فعلية في شأن نياتها، سواء في الهيمنة السياسية أو في ما يتعلق ببرنامجها النووي. ما يجعل الشك والريبة، وأحياناً العدائية، من ميزات العلاقات الإيرانية - الخليجية.

قبل أيام قليلة، أعلنت صنعاء اكتشاف شبكة إيرانية، وقال الرئيس اليمني إن لديه الأدلة على ذلك. ومنذ فترة اتهمت شبكة إيرانية بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. وفي الغضون، اعلن اكتشاف شبكات إيرانية أخرى في الكويت والبحرين، وقدم متهمون إلى المحاكمة. كما جرى التلميح إلى شبكات في بلدان خليجية أخرى.

إيران تتدخل في الشؤون العربية عموماً، والخليجية خصوصاً... لكن ماذا بعد؟

وفي كل هذه الحالات، صدر بيان من مجلس التعاون يدين السياسة الإيرانية ويندد بها ويتضامن مع الدول المستهدفة ويدعمها... لكن ذلك لم يمنع تكرار التدخل الإيراني أكثر فأكثر.

ما يجعل مشروعاً التساؤل عن جدوى التنديد والتضامن إذا لم يؤد إلى وقف هذه التدخلات، أو حتى التساؤل عن جدوى البيانات أصلاً.

=================

في ما خصّ سورية وحديث التقسيم

أكرم البني *

الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢

الحياة

في 1982 راجت فكرة عن وجود مخطط لبلقنة المشرق العربي وتقسيمه علي أساس عرقي وطائفي، ومن ضمنها تفكيك الوطن السوري تبعاً لتنوع تركيبته السكانية وتعدديته، كي تتفرد إسرائيل بقيادة المنطقة، والهيمنة على مقدراتها، ودفع دولها لتغرق في أتون الحروب الأهلية.

وقتئذٍ لم تلق تلك الفكرة أي اهتمام بل قوبلت بالسخرية والاستهزاء، وتراجع الحديث عن مخطط البلقنة إلى اليوم، ليعود إلى الظهور مجدداً في ظل بيئة خصبة حاضنة، خلقتها حدة الصراع السياسي والأمني وأساليب العنف السلطوي المفرط ومحاولات تشويه وطنية الثورة السورية وحصرها في البعد الطائفي، وكأنها صراع ليس من أجل حرية المجتمع وكرامته، بل بين غالبية سنّية وأقلية حاكمة.

نعم، الحديث عن التقسيم يحظى هذه الآونة بكثير من الاهتمام، ويرى البعض أنه أمر يسير نحو التحقق مع كل يوم يمر، وسط رفض النظام الحاكم أية معالجة سياسية وإصراره على التعبئة والتجييش الطائفيين وعلى استخدام كل صور العنف والقهر للحفاظ على سلطته بما في ذلك حصار وقصف مدن وبلدات كثيرة، وخوض مواجهات مسلحة مفتوحة ومتنقلة في الكثير من المناطق وصلت أخيراً إلى أحياء العاصمة السورية وشوارعها. وما لا يدرك كله لا يترك بعضه، فإذا تعذرت إعادة السيطرة على كامل البلاد يمكن الاكتفاء بشريط ساحلي منسجم طائفياً... عبارات يروجها بعض أنصار النظام ربما لتخفيف قلقهم من هزيمة شاملة، وكإشارة بأن لديهم خياراً أخيراً، أو مكاناً يؤويهم ويحميهم من المتابعة والمحاسبة والعقاب.

ويضيف أصحاب هذه الفكرة أن لا خيارات كثيرة أمام نظام فشل في سحق الثورة أو محاصرتها، وفقد سيطرته على مزيد من المواقع والمساحات، وتزداد حركة الانشقاقات في صفوفه في شكل مثير، وصار تهديده بحرب إقليمية شاملة أو بحرق المنطقة، أشبه بحبر على ورق، ويرجحون أن يلجأ النظام، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلى الانسحاب نحو مواقعه الاجتماعية ونحو المزيد من العنف الطائفي، بل ويرون في الأماكن المختارة للمجازر التي حصلت في حمص وحماة وما تبعها من تهجير، كأنها محاولة لخلق خط متجانس طائفياً يرسم حدود التقسيم العتيد.

وعند هؤلاء، إلى جانب السبب الداخلي، ثمة عوامل خارجية تشجع اللجوء لتقسيم سورية كخيار أخير، أهمها المصالح الروسية والإيرانية، ولكل منهما حيثياتها، فقادة إيران لا يريدون التفريط، وأياً تكن النتائج والآثار، بالحلقة السورية من سلسلة محور نفوذهم المشرقي، ولو تقلصت إلى شريط ساحلي مع ما يتطلب ذلك من توظيف جهود وإمكانات لمدها بأسباب الحياة، وروسيا ربما لا يهمها حصول تغيير في خرائط المنطقة بمقدار ما يهمها الاحتفاظ بالورقة السورية وبالقاعدة العسكرية المتقدمة في مدينة طرطوس لتعزيز موقعها التفاوضي مع الغرب.

في المقابل يجد البعض أن الحديث عن التقسيم في سورية ليس أكثر من اجترار للأوهام، وهو لا يملك أية فرصة للتحقق على الأرض. فالسوريون هم من أفشل مشروع الانتداب الفرنسي بتقسيم بلادهم إلى خمس دويلات، وحافظوا عليها كياناً واحداً تحت الانتداب، وصولاً إلى الاستقلال، وهم الذين عززوا دولتهم الموحدة وبلوروا في صورتهم الجغرافية والسياسية الحالية شخصية وطنية جامعة متجاوزين حتى ما أظهروه من ميل وتعاطف قوميين وحنين إلى دولة عربية واحدة، وهم الذين تجنبوا الانجرار إلى حرب أهلية في محن سابقة ونجحوا في الحفاظ على وحدتهم وهزم فكرة التقسيم، وسارعوا إلى العض على الجراح وتجاوز ما حصل من عنف ودماء لمواصلة حياتهم العامة وتعايشهم في إطار وحدتهم الكيانية والسياسية.

ويعزز هؤلاء موقفهم بفشل محاولات تقسيم بلدان في المنطقة هي أقل تماسكاً، منها محاولة تقسيم لبنان خلال الحرب الأهلية (1975 – 1990) وكذلك العراق بعد الحرب الأميركية عام 2003، بل إن مشروعاً شبه ناجز لانفصال الأكراد في شمال العراق لم ينجح، ما يعني صعوبة السير بتقسيم سورية نحو التنفيذ العملي، وأن سقف ما قد يحصل هو تمترس سياسي للسلطة في دويلة صغيرة، يسهل تحصينها اجتماعياً وحمايتها عسكرياً، لكن لن تكتب لها حياة طويلة، وربما غرضها بالحد الأدنى، إطالة أمد المعركة والرهان على حل يضمن لمن يتبقى من النظام الحاكم مخرجاً مرضياً.

ثم هناك قوى خارجية، إقليمية ودولية، لا مصلحة لها في التقسيم وتتحسب من تداعياته. ففي منطقة كمنطقة المشرق العربي المتداخلة بشرياً وديموغرافياً، يصعب حصول تغييرات كيانية أو تقسيم لبلد ما، أو انزلاقه إلى أتون حرب أهلية، من دون أن تنعكس وتمتد إلى البلدان المجاورة، والقصد حصول الأسوأ وأن يتصاعد العنف، وتتورط فيه المجتمعات المتجاورة أكثر فأكثر، ويتخذ أشكالاً طائفية على نحو متزايد، ما يفتح الباب أمام إعادة رسم الخرائط السياسية لبلدان المشرق العربي كلها أو غالبيتها، الأمر الذي سيهز بشدة استقرار المنطقة، ويضرب أو على الأقل يضر بالاستراتيجيات الإقليمية والدولية وبمصالح كثير من الدول ذات العلاقة. غير أنه لا يمكن الركون إلى ما سبق، واعتباره حقيقة مطلقة، وطي فكرة تقسيم سورية، لأن حدوث تغييرات كبيرة في الصراع القائم، مثل تعميم العنف وتوسيعه، وزيادة حدة التدخل الخارجي وتضارب مصالح الدول المؤثرة، ربما تجعل التقسيم أمراً ممكناً، كما حدث مثلاً في بلاد البلقان حين أعادت الحروب الأهلية رسم حدود الكيانات السياسية والاجتماعية على أسس جديدة.

أخيراً، إذا كان الهدف من الحديث عن التقسيم والحرب الأهلية هو استخدامهما كفزاعة، فالواضح أن هذا الهدف سيمنى بالإخفاق وسيصطدم بعبارة بت تسمعها على لسان غالبية السوريين: بأن بقاء الوضع الراهن أو عودة الأمور إلى ما كانت عليه، هو الأسوأ من أي خيار.

=================

المشهد الأخير في سوريا

عبدالمنعم سعيد

الشرق الاوسط

25-7-2012

لا أدري ما إذا كانت الأحوال الدموية في سوريا سوف تكون باقية ساعة نشر هذا المقال؛ أو أن المشهد السوري سوف يكون قد وصل إلى نهايته المحتومة بمقتل أو هروب أو اختفاء الرئيس بشار الأسد، وبداية دخول الدولة السورية إلى مرحلة جديدة لا تقل صعوبة وخطورة عن سابقتها، وهي ما باتت معروفة في أدب «الربيع العربي» باسم المرحلة الانتقالية. بدأ المشهد الأخير بتلك العملية «النوعية» التي أطاحت بنصف قيادات الدفاع والأمن في سوريا؛ وعلى الأرجح فإن هذه العملية لن تكون مثل «فالكيري» التي حاول فيها روميل وعدد من الجنرالات الألمان التخلص من هتلر فتمثل إشارة النهاية، حيث استمرت الحرب عاما آخر؛ وإنما سوف تكون النهاية نفسها التي عندها يسقط النظام السوري وتبدأ بعدها سوريا مرحلة جديدة من تاريخها.

والحقيقة أنه بات الآن ممكنا الوصول إلى أنماط عامة وأخرى خاصة جرى التعبير عنها في الدول العربية فيما سمي بالربيع العربي؛ فحيث تكون الدولة قوية والجيش محترفا فإننا نحصل على ذلك النمط الذي جاء في تونس ومصر، فتنتهي الثورة بسرعة، ويسقط النظام ولكن الدولة تبقى، أما الأطراف السياسية، بما فيها الدولة ذاتها، تدخل في عملية مساومة طويلة لإنجاز بناء الدولة على أسس جديدة. النمط الثاني عندما تكون الدولة ضعيفة والجيش أقل احترافا وكلاهما منقسم إلى قوى متعادلة على أسس قبلية؛ في هذه الحالة يمكن بعد نزف دماء، ونتيجة الخوف من الحرب الأهلية، أن نصل إلى «الحل اليمني» حيث يذهب الرئيس وبطانته، ويبقى النظام تقريبا بعد إضافة بعض سمات الديمقراطية عليه. والنمط الثالث عندما تحتكر السلطة جماعة عرقية، أو آيديولوجية، أو حزب واحد، أو قائد يعتقد في وجود حقوق إلهية له على شعبه؛ هنا فإن الجنون ينتصر على الحكمة وتجر البلاد جرا إلى حرب أهلية بالفعل تنزف فيها الدماء غزيرة، وينتهي الأمر بدخول جيش الثوار إلى العاصمة في مشهد يجمع بين الانتصار عندما يذهب الزعيم أو يقتل، والتدمير حيث تكون إزاحة السلطة الفاشية بثمن فادح كما جرى في ليبيا ويجري الآن في سوريا. والنمط الرابع في النهاية يحدث عندما تكون الدولة متماسكة وخائفة من الثورة؛ ولكنها عاجزة عن الإصلاح حتى تتجنبها، ومن ثم يتولد نمط من القلق والأحداث الثورية المتقطعة والعنف غير المستدام، التي تستمر لفترة طويلة تسمح بالتدخل الأجنبي، والأمثلة موجودة في السودان وموريتانيا على اختلاف حدة التناقضات والتمايزات فيما بينها، ولكنها في النهاية لا وصلت إلى ربيع الثورة أو صيف الاستقرار.

الحالة السورية واقعة بالتأكيد في النمط الثالث من أنماط الربيع، وهي أشدها وحشية، وأكثرها دموية، ولكنها أيضا أكثرها تعبيرا عن فاشية «قومية» دامت لفترة طويلة، تتمتع بدرجة غير عادية من الغرور والجنون أيضا. ولذلك فإن رد الفعل يكون قاسيا، وفي العادة يجري انقسام الدولة، والجيش، والجماعة السياسية، وينتهي رئيس الدولة عادة في مشهد مأساوي. السوابق هنا معروفة في العراق، وفي ليبيا، والآن فإن الحالة السورية لا تختلف كثيرا، حيث تشققت الدولة من حول حزب البعث، ففر من فر واختفى من اختفى، وانقسم الجيش إلى واحد نظامي وآخر حر، وتفرقت الجماعة السياسية بين أغلبية ذاقت المر على مدى عقود وتظن أنه جاء وقت الانتقام، وأقليات مرتجفة ظنت أن حمايتها من الأغلبية تأتي من حضن النظام الباغي، فتجد نفسها واقعة بين شقي رحى، وخيارات أحلاها مر وعلقم.

المدهش أن هذه النوعية الأخيرة من النظم كثيرا ما عاشت على شرعية «القضية الفلسطينية»، والذود عنها ضد مؤامرات دولية شتى، ولكن «القضية» عادة أمر، والفلسطينيون أمر آخر، فهؤلاء مطلوب منهم التبعية المطلقة للنظام الذي بقي صامدا حتى لا تجري تصفية القضية. ولكن عندما تأتي ساعة الثورة التي هي في حقيقتها في هذا النمط من التغيير على الأقل لا تنتمي للربيع بصلة، وإنما تجتاحها الخشونة والغلظة في مواجهة نظام لا يرحم، فإن الفلسطينيين في النهاية يصبحون بين شقي رحى: بين النظام الذي يرى أن وقوفهم بجانبه من الأمور المنطقية، والثوار الذين يرون أنهم دفعوا ثمنا فادحا لقضية لا تصل أبدا إلى حل، بينما أبناؤها وقعوا دائما داخل صفوف نظم طاغية. النتيجة هي أن المشهد الأخير يشتمل دائما على خروج جديد للفلسطينيين جرى من قبل في العراق، وليبيا، والآن نشهده في سوريا، حيث قتل 300 فلسطيني على الأقل قبل سقوط دمشق برصاص النظام والثوار في آن واحد.

ولكن ذلك مشهد جانبي على أي حال مهما كان تراجيديا؛ أما المشهد الأصلي فهو لحظة دخول الجيش الحر إلى دمشق، والذي سوف يكون مشهدا تاريخيا لا يقل في تاريخيته عن دخول الجيش العربي إلى دمشق في نهاية الثورة العربية الكبرى، أو استقرار الانقلابات السورية على حكم البعث منذ عام 1971 حينما قام حافظ الأسد بحركته التصحيحية التي ظلت تصحح الأوضاع في سوريا على مدى أكثر من أربعة عقود دون نتيجة سوى حالة مرعبة من الفاشية والتوريث للحكم.

هل ستكون لدينا طرابلس أو بغداد أخرى فيكون الاجتياح في دمشق والبحث عن أزلام النظام الذي يجري أفراده كالفئران المذعورة في كل اتجاه بينما تتملك الشعوب حالة من اللوثة الجماعية التي تجعل القتل والتمثيل بالجثث أمرا يشفي غليل ظلم المعتقلات والتعذيب؟ وقت كتابة هذه السطور لم يكن المشهد مختلفا، كان النظام يقصف دمشق من كل الاتجاهات كما لو أنها لم تكن عاصمته الفيحاء يوما، ويبدو الأمر كما كان وقت هتلر قبل انتحاره، حيث كان انتقامه من الشعب الألماني وبرلين خاصة مروعا. وكذلك، وبالطبيعة، كان ما يفعله الثوار حيث لا تنتهي الثورة إلا بسقوط النظام والعاصمة.

حتى الآن فإن ما نسمعه من قادة الثورة يثلج القلب، فالأمور كلها على ما يرام، وسوف يتم تطبيق القانون فقط لا غير، وسوف تلتقي الأغلبية مع الأقليات على أساس من المواطنة، وبعد ذلك سيكون دستور جديد ديمقراطي يقيم العدل ويعدل الميزان ويجري فيه تداول السلطة بسلاسة في ظل شعب سعيد ينعم بموارده الكثيرة. نتمنى أن يحدث ذلك بالطبع، ولكن السوابق لا تدل على ذلك، وربما كانت هناك سابقة جديدة، والأفضل أن يكون هناك احتراز وتحوط منذ البداية. وإذا كانت الجامعة العربية قد دخلت في الأزمة السورية، وربما تعلمت من الأزمة الليبية، فالأجدر بها أن تكون هناك في دمشق في صورة سياسية، أو عسكرية إذا لزم الأمر حتى يجري انتقال السلطة بشكل سلمي. ربما يكون ذلك عزيزا على الحدوث، ولكنه نوع من التمنيات على أي حال.

=================

الأسد ينتحر دوليا

طارق الحميد

الشرق الاوسط

25-7-2012

كالحيتان عندما تقذف بنفسها للسواحل انتحارا، قام بشار الأسد بالانتحار دوليا، وذلك عندما أعلن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأسدية أن ما لديهم من أسلحة كيماوية، وجرثومية، في مواقع آمنة، وتحت سيطرة قواتهم، وأنه لن يتم استخدامها أيا ما آل إليه وضع الأزمة السورية، وأن النظام لن يستخدم تلك الأسلحة إلا في حالة حدوث عدوان خارجي!

والاعتراف بامتلاك هذه الأسلحة، وعلى لسان النظام الأسدي نفسه، يشكل بحد ذاته سببا مقنعا للتحالف الدولي ضده، هذا فضلا عن تلويح النظام الأسدي بأنه سوف يقوم باستخدامها في حال أي تدخل خارجي. وهذا الاعتراف لا يورط الأسد وحده، وحسب، بل إنه يحرج حتى الروس الذين يدافعون عن طاغية دمشق. والإعلان عن امتلاك الأسلحة، والتلويح باستخدامها، يعد دليلا على حالة اليأس التي بلغها النظام في دمشق. فالأسد أقر مجانا بما كان ينفيه، طوال أربعة عقود، وعكس القذافي الذي سمح للأميركيين بتفتيش حتى أقنان الدجاج، وسلمهم ما سلم من أسلحة محرمة، لكنه احتفظ لنفسه بشيء منها، ولم يُكتشف ذلك إلا بعد سقوطه، وعكس صدام حسين الذي وقع ضحية كذبه هو نفسه حول امتلاكه للأسلحة الكيماوية، حيث أقر بعد أن ألقي القبض عليه بأنه لم يكن بمقدوره الإفصاح عن عدم امتلاك السلاح النووي لكي لا تهتز صورته القوية أمام إيران، بينما نجد الأسد، وفي حالة يأس واضحة، يسلم رقبته علنا للإسرائيليين، والمجتمع الدولي!

خطوة لا يمكن القول عنها إلا أنها انتحار سياسي حقيقي، حيث تعطي المبرر الآن للتعامل مع طاغية لا يتوانى عن ارتكاب أفظع الجرائم بحق أبناء الشعب السوري. وبالتالي، فقد يقوم باستخدام هذه الأسلحة ضد شعبه، وربما جيرانه، خصوصا أنه يقول إنه لن يقوم باستخدامها إلا في حالة التدخل الخارجي في سوريا، والنظام لا يكف عموما عن وصف الثوار والثورة بأنهم نتاج مؤامرة خارجية! فمن يمكن أن يضمن نظاما مثل نظام الأسد الذي قتل قرابة 17 ألف سوري إلى الآن؟ بالتأكيد لا أحد! ولذا فإن ما فعله النظام الأسدي من اعتراف باستخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية، ما هو إلا دليل على أن النظام بات يتأرجح، وفي لحظة ضياع حقيقية أفقدته صوابه، وإلا لما تجرأ على هذا التصريح الانفعالي المكلف جدا، الذي يستوجب بالطبع تحركا دوليا سريعا، من أجل ضمان أن لا تقع هذه الأسلحة بيد حزب الله، أو غيره. وقبل هذا وذاك، ضمان أن لا يقوم النظام باستخدام تلك الأسلحة الخطرة ضد السوريين العزل، خصوصا مع احتدام المعارك في العاصمة السورية دمشق، وفي مدينة حلب، وازدياد العنف الذي بات ينهجه النظام الأسدي مع فقدانه للسيطرة على كل سوريا، وقد يفعله النظام الأسدي، أي استخدام الأسلحة المحظورة، كما فعله صدام حسين في حلبجة ضد الأكراد، فالأسد هو الوجه الآخر لنفس عملة صدام حسين، فالبعث كلهم واحد، وإن تفاوتت جرائمهم. كما أن لديهم نفس العقلية الانتحارية، فصدام انتهى بحفرة، وها هو الأسد يحفر لنفسه حفرة أخرى!

====================

رسالة إلى بشار الأسد

الصديق بودوارة - كاتب ليبي

"العرب أونلاين" اللندنية 25/7/2012

 (1)

إلى بشار الأسد.. وقبل أن ينفد وقتك، وينتهي زمن الكلام، ويدق بابك زوار يريدونك ولا تريدهم، ويتكرر بحذافره مشهد القذافي محاطاً بثوارٍ طالما تفنن في تعذيبهم فعذبوه في نهاية المطاف.

(2)

إلى بشار الأسد.. وكي لا نفقد إحساسنا الحضاري كبشرٍ لا يليق بهم أن يهبطوا إلى درك التعامل بوحشيةٍ طالما شوهت أحداث تاريخنا القديم والحديث، دعها تمر هذه المرة من جانبك، افسح لها المجال يا رجل، كي لا تمر من فوقك وتدهس جسدك بسنابك خيلها الجامحة.

(3)

إلى بشار الأسد.. تمعن جيداً في الصورة، دع عنك تقارير مخبريك وأكاذيب رؤساء نقاطك الأمنية، وتطمينات عناصر أمنك الشخصي، اطرح جانباً هذه الأساطير وتمعن جيداً في الصورة، وستعلم أن هذا هو الوقت المناسب لتترك السفينة التي غرقت بك، لأنك إن تأخرت الآن فلن يفيدك أن تندم بعد ذلك.

(4)

إلى بشار الأسد.. أخاطبك من ليبيا، حيث علمني زمنُ بها أن من يزرع الرصاص في صدور الناس لن يجني في النهاية إلا رصاصة في صدره، وأن من يتفنن في تعذيب البشر، لن ينال في آخر الحكاية سوى أن يعذبه ضحاياه.

(5)

إلى بشار الأسد.. تمعن جيداً في الصورة، أشهرا طويلة وشبيحتك تقتل وتسحل وتقلع أظافر الناس وتفقأ عيون وطن أراد أن يبصر الدنيا بدونك، أشهرا طويلة وصراخ الضحايا يملأ الكون، وبعد هذه الأشهر نبت للضحايا واقع جديد، صرت تسمع من عناصرك عن كيان لم تكن تسمع به قبل ذلك، كيان اسمه "الجيش الحر"، أراد مخبروك وزبانيتك أن يطمئنوا قلبك قليلاً فاسموه على سبيل السخرية "الجيش الكر"! لا تضحك، ولا تسعد، ولا تبتهج، قبلك فعلها القذافي وابتسم وهو يستمع إلى أزلامه ومذيعيه المسخرة، وهم يسمون المجلس الانتقالي بالمجلس "الانتقامي"، وثوار ليبيا الأبرار بثوار "النيتو"، لكن الحق في العادة لا يضيعه السفلة، والتاريخ لا يصنعه عناصر الشبيحة ولا المذيعون المسخرة.

(6)

بشار الأسد.. من ليبيا أخاطبك، تمعن في الصورة، كنت تعربد وتزأر "باعتبارك الأسد" في الضواحي، وفى مدن الحدود، وكانت دمشق مكممةً تنام في ظلك ولا تنطق بحرف، والآن يا بشار!! هل اختلف الوضع؟ ها أنت تستقبل خبر تفجير دمشق، وتدفن بيديك جثث كبار رجالك الذين ذهبوا إلى الجحيم وهم يجتمعون على بعد 200 متر من قصرك الرئاسي، وها أنت تشاهد على الفضائيات ثواراً من جمر يمزقون صورتك على معابرك الحدودية هنا وهناك، وها أنت تتابع أخباراً مريبة عن أحياء محررة، وعن مدن تحت سيطرة الجيش الحر، فيما يواصل إعلامك حقنك بمخدر الكذب لعلك تستغرق في المزيد من نومك أكثر، وأنت الذي تحتاج إلى اليقظة أكثر من كل البشر.

(7)

إلى بشار الأسد.. لعلها الفرصة الأخيرة، انتهى زمنك، سيتخلى عنك أنصار الوهم، صدقني، ستطفأ الأنوار فجأة، وستجد نفسك في نهاية المطاف لعبةً رخيصة في يد ثوار من ذهب، يتقاذفونك بينهم كالكرة، يضربونك، يشجون رأسك، يرسمون بدمك خطوطاً تشوه معالم وجهك، ينتقمون لأرواح أزهقتَها، وحرائر اغتصبها شبيحتك، وأطفال مزق رصاصك أجسادهم، عندها، ربما سيمر ببالك هذا المقال، ولكن، لا وقت لديك للقراءة آنذاك!!.

======================

لعبة الإخوان المسلمين الطويلة: حزب مصر الحاكم يحبك مؤامرته للطريق إلى السلطة.

إيريكتراغر

( زميل من الجيل التالي في معهد واشنطن)

Foreign Affairs

6 تموز، 2012

المصدر : مجموعة الخدمات البحثية

خلال الثمانية عشر شهراً منذ الإطاحة بحسني مبارك، صعد الإخوان المسلمون بسرعة من الكهف إلى القلعة. إذ أسسوا في نيسان الماضي حزب الحرية والعدالة المهيمن الآن، وفازوا بأكثرية هائلة في الانتخابات البرلمانية في الشتاء، واحتفلوا في الأسبوع الماضي بفوز مرشحهم للانتخابات الرئاسية المصرية. وبعد 84 سنة من استخدامهم شبكات الخدمات الاجتماعية التابعة لهم لبناء دولة إسلامية من الألف إلى الياء، يكون الإخوان المسلمون ، وللمرة الأولى, على وشك تشكيل مجتمع مصري من القمة نزولاً إلى القاعدة.

في كل الأحوال هناك شيء ملفت: معظم مكاسب الإخوان موجودة بالاسم فقط. ففي أوائل حزيران، أبطلت محكمة مصرية الانتخابات البرلمانية وحلت  البرلمان الذي هيمن عليه الإخوان. بعدها، وقبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية تماماً، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلاناً دستورياً صادر السلطة التنفيذية من الرئاسة، ما يجعل مرسي في النهاية شخصية عاجزة وضعيفة عموماً.

لكن بعد أسابيع من تزايد التوتر مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بما فيه التظاهرات الضخمة ضد إمساك المجلس العسكري بالسلطة، يعيد الإخوان المسلمون حساباتهم. فهم يخافون من أن يؤدي التحريض للحصول على سلطة أكبر إلى إثارة اضطرابات وتنفير شعب منقسم بعمق. كما أنهم حذرون مما حدث في الجزائر في العام 1991، عندما ردت الحكومة المدعومة من قبل الجيش على النصر الانتخابي لحزب إسلامي بحملة قاسية توجت بحرب أهلية. ولتجنب عنف أكبر  وتمتين مكانهم في الحياة السياسة المصرية، يأمل الإخوان المسلمون الآن بفترة هدوء في المدى القصير بحيث يتمكنون من التصرف بطريقة أكثر حزماً في المستقبل.

بداية، يحاول الإخوان المسلمون صياغة جبهة موحدة مع أحزاب سياسية أخرى. لقد بدأ الإخوان هذه الجهود قبل أسبوع من إعلان انتصار مرسي لثني المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تزوير الانتخابات لصالح المرشح أحمد شفيق، والأخير من حقبة مبارك. وخلال يومين من المفاوضات المكثفة، اجتمع مبارك مع طيف واسع من الجماعات والناشطين السياسيين، واعداً بتسمية امرأة  وشخص مسيحي كنائبين للرئيس وتعيين حكومة لا يكون فيها الإخوان مهيمنين عليها. وقد استخدم قادة الإخوان هذا الاتفاق لإثبات نيتهم ببناء حكومة ممثلة للشعب. " نحن نقف مع كل القوى السياسية لأجل نفس المطالب"، قال لي خالد ديب، النائب من الإخوان المسلمين.

مع ذلك، إنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الإخوان المسلمون عزل أنفسهم بالمواءمة مع فئات أخرى،ويعرض التاريخ إلى أن هذه  الاتفاقيات قصيرة العمر. ففي حزيران 2011، انضم الإخوان إلى حزب الوفد في إنشاء " التحالف الديمقراطي لأجل مصر"، وهو ائتلاف انتخابي  شمل في إحدى المراحل حوالي أربعين حزباً سياسياً، تتراوح من الأحزاب الاشتراكية وصولاً إلى السلفية. لكن بحلول أيلول، انهار " التحالف الديمقراطي" على خلفية إصرار الإخوان على التحفظ على 40 بالمئة  من مرشحي التحالف لصالح أعضائهم، تاركين بذلك مقاعد قليلة جداً لإرضاء شركائهم، معظمهم ممن انسحبوا. الأمر بالكاد يهم: ثلاثة أشهر من الوحدة مكنت الإخوان المسلمين من بناء صورتهم ككيان سياسي قيادي، وفازوا بالنهاية بأكثرية 47 بالمئة في الانتخابات البرلمانية في الشتاء.

يبدو أن مشروع الوحدة الحالي للإخوان سيلاقي المصير نفسه. فبالرغم من التقارير المبدئية التي تصور الإخوان بأنهم لن يشغلوا سوى 30 بالمئة فقط منالحقائب الوزارية،  فقد قال رئيس البرلمان الإخواني فريد اسماعيل مؤخراً في صحيفة الأهرام بأن  المنظمة قد تحتل نصف الوزارات الحكومية. كما يبدو بأن لدى الإخوان نية السيطرة على عملية اختيار مجلس الوزراء لضمان أن يكون عدد من الوزراء غير الإخوانيين من غير الخبراء الإيديولوجيين المتوازنين مع مساعدي الوزراء المنتمين للإخوان. " لدينا أكثر من مرشح ( إخواني) لكل منصب وزاري، وبعض هؤلاء قد يكونوا مساعدي وزراء، وقد نسمي واحداً ذي خلفية تكنوقراطية أو نطلب من أحزاب أخرى أن تسمي"، قال لي النائب سعد الحسيني القيادي في الإخوان.

إن وعد الإخوان المسلمين بتسمية شخص مسيحي وسيدة كنائب للرئيس أمر له علاقة بالرمزية أكثر مما له علاقة بتقاسم السلطة الحقيقي. وقد عرضت مصادر الإخوان إلى أن مرسي قد يعين حوالي 5 نواب له، ليخفف بذلك تأثير النانبين، المسيحي والسيدة. فضلاً عن ذلك، ولمنع أن يخلف مرسي قبطي أو امرأة في حال موته، سيسعى الإخوان للحفاظ على الفقرة الدستورية الحالية  التي تخول رئيس البرلمان - حالياً القيادي في الاخوان سعد القطاني – بتولي منصب الرئاسة. " إن دولة ذات أكثرية مسلمة لا يمكن أن يحكمها شخص غير مسلم"، أخبرني محمود حسين، قيادي في مكتب مرشد الإخوان، مستشهداً بمبدأ في الشريعة الإسلامية.

أما الشق الثاني من إستراتيجية الإخوان للتهدئة المؤقتة فتشتمل على تنسيق الحركة مع الجيش. "هذه العلاقة تم التأسيس لها من اليوم الأول. لا صدام، ولا اتفاق"، هذا ما قاله لي ديب النائب الإخواني. وفي الأسبوع الذي أفضى إلى إعلان فوز مرسي، التقى القياديان في الإخوان المسلمين قطاني وخيرت الشاطر، من بين آخرين، مع جنرالات في المجلس الأعلى للقوات المسلحة تكراراً، لتجزئة صفقة بحسب الظاهر وضمان انتخاب مرسي في الوقت الذي طرحوا فيه مجالات أخرى للخلاف. إن وجود هذه الاجتماعات، التي تتضمن مرسي الآن، أدت إلى تحول في خطاب الإخوان. فبعد أشهر من اتهام المجلس الأعلى  للقوات المسلحة بالسعي لتصميم انتخابات رئاسية والتحضير لانقلاب، يثني قادة الإخوان الآن على إدارة وإشراف المجلس العسكري. وفي حفل تنصيبه يوم السبت، أعلن مرسي قائلاً، " لقد أنجز المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعوده والقسم الذي أداه، بألا يكون بديلاً عن الإرادة الشعبية".

كما أشار الإخوان أيضاً إلى أنهم سيقبلون الآن مطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي كانوا قد عارضوها سابقاً. وفي هذا السياق، ومباشرة بعد إعلان انتصاره في الانتخابات، صرَّح مرسي بأنه لن يؤدي القسم سوى أمام البرلمان، ليضغط بذلك على المجلس العسكري للتراجع عن حل البرلمان. مع ذلك فقد وافق في نهاية المطاف على القسم في المحكمة الدستورية العليا،  التي اعترفت ضمنياً بصحة الإعلان الدستوري للمجلس العسكري.

كما ألمح قادة الإخوان أيضاً إلى أن بإمكانهم التعايش مع السلطة التي خصصها المجلس العسكري لنفسه عبر الإعلان الدستوري، على الأقل الآن. " الإعلان الدستوري لا يعطي المجلس العسكري سلطة كاملة – يعطيه فقط حق التشريع. الرئيس يملك سلطة الاعتراض ( الفيتو)"، قال لي النائب الحسيني القيادي في الإخوان. يبدو الإخوان مستعدون حتى لتقبل استقلالية المجلس العسكري بشأن  الموازنات العسكرية، المطلب الأساسي له، ما دام لجنة مدنية صغير مطلعة على التفاصيل. " لا يمكنني جلب الموازنة العسكرية ووضعها أمام البرلمان ومناقشتهاعلناً. ينبغي مناقشتها بين قلة في البرلمان وبسرية"، قال لي عزة الغرف النائب الإخواني. نتيجة لذلك، يبدو بأن قطاع الأعمال والمؤسسات القابضة التابعة للجيش، التي يقال بأنها تشمل ما بين 15 و40 بالمئة من الاقتصاد المصري، آمنة في الوقت الحالي.

إن اتفاق الإخوان المسلمين مع المجلس العسكري ليس مفاجئاً. فهو ينسجم مع استراتيجية المنظمة التي طالما تمسكت بها وهي تجنب المواجهة مع السلطات الأقوى منها عن طريق التفاوض حول مدى نشاطاتها السياسية. بالواقع،  لقد كان مرسي الرجل المعين للإخوان في هذه المفاوضات خلال السنوات الخمس الأخيرة من حكم مبارك، مستخدماً الصفقات لتنسيق مشاركة الإخوان في الانتخابات البرلمانية والتفاعل المحدود مع مختلف حركات التظاهر. وكمنظمة منسجمة ومتجانسة يبلغ عمرها 84 عاماً، يضع الإخوان أهدافاً تنظيمية عادة، كتحقيق السلطة تدريجياً، حول أهداف مجتمعية أوسع، كإنهاء الحكم الاستبدادي بشكل فوري. " إن برنامجنا طويل الأمد، وليس للأمد القصير. لو أننا نستعجل الأمور، عندها لا أعتقد أن هذا يقود إلى وضع مستقر حقيقي"، قال لي مرسي في آب 2010.

في كل الأحوال، بالكاد يعني هذا أن الإخوان ينوون استيعاب مع الجيش حتماً. ففي تشرين الثاني الماضي، على سبيل المثال، عقد المجلس العسكري والإخوان صفقة وافق فيها الإخوان على تجنب التظاهرات العنيفة في ميدان التحرير مقابل موافقة المجلس العسكري على إجراء انتخابات برلمانية في الوقت المحدد. لكن الاتفاق انهار في آذار، عندما هدد المجلس العسكري أولاً بحل البرلمان وتخلى الإخوان فجأة عن وعدهم بأنهم لن يخوضوا الانتخابات الرئاسية بمرشح من قبلهم. فضلاً عن ذلك، يبدو من غير المرجح أن يقبل الإخوان حدوداً طويلة الأمدة للسلطة التي فازوا بها في الانتخابات. " الجيش ملك الشعب. الإشراف المدني على الجيش هي إرادة شعبية – ولا أحد يمكنه وقف الإرادة الشعبية"، قال لي أسامة سليماني النائب الإخواني.

باختصار، إن المواجهة التي طال انتظارها بين المجلس العسكري والإخوان قد تم تأجيلها – ولذلك فإنها كثيراً من المصريين يشعرون بالامتنان. فبعد كل شيء، بدت القاهرة على شفير كارثة قبل بضع أسابيع، عندما تجمع عشرات الآلاف معظمهم من الإسلاميين في ميدان التحرير، حيث أعلن بعضهم استعدادهم للموت إذا ما تمت تسمية شفيق رئيساً لمصر. لكن الهدوء الحالي، ومحاولة الإخوان للظهور بمظهر الشامل، والمستوعب للمجلس العسكري، لن يدوم. فالإخوان المسلمين سيستخدمون هذه الفترة لبناء شرعيتهم كحزب مصر الحاكم المقبل، واستئناف اندفاعهم للحصول على سلطة أكبر ما أن تبرد الحرارة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ