ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حزب الله
وإسرائيل.. لماذا اتفقا على بقاء
الأسد؟! بينة الملحم الرياض 29-7-2012
منذ أن بدأت الأحداث في سورية
وانعكاساتها على موازين القوى في
لبنان واضحة. هناك انشقاقات حصلت
وأبرزها انشقاق وليد جنبلاط المعروف
بتحولاته تبعاً لميزان القوة وتبعاً
للمصلحة التي يريدها لطائفته. لبنان
بلد يعتمد على مصلحة الطائفة لا مصلحة
الوطن. من هنا فإن الحدث السوري أثّر
كثيراً على لبنان. وربما كان من أوضح
تجليات الانعكاس ما نراه من مواقف
هزيلة لحزب الله، الذي يصارع على
البقاء. والتقارير تتحدث عن أن نصر
الله جنّد ألفين من حزبه ووضعهم بأمر
بشار الأسد. لأن قوة النظام السوري
مهمة لحزب الله وسقوطه هو سقوط لذراع
أو لسند كان يدعم الحزب بالمال والسلاح
وبالمواقف السياسية. الغريب أن حزب
الله يتفق الآن مع إسرائيل من ناحية
الرؤية لمستقبل النظام السوري. مواقف إسرائيل من
النظام السوري متناقضة، بين من يريد
إسقاطه ومن يدافع عنه، غير أن الرؤية
الاستراتيجية لإسرائيل تعتبر بقاء
الأسد ضمانة لسلامة الجولان. ولهذا
انطلقت إسرائيل لتبني الجدار العازل
في الجولان خوفاً من النظام السوري
القادم الذي سيلي نظام الأسد. حزب الله
وإسرائيل في خطٍ متفق، كلاهما لا
يريدان زوال النظام السوري. حزب الله
يعتبر وجود النظام السوري قوة له،
وإسرائيل ترى في بقاء النظام السوري كل
الأمن والأمان. بقيت إسرائيل بأمنٍ
مطلق بفضل نظام الأسد، والجولان لم
تنطلق منها رصاصة واحدة خلال العقود
الماضية باتجاه إسرائيل. لهذا فأي نظام
مقاوم هو نظام بشار الأسد؟! هل هو فعلاً
مقاوم؟! اتفاق حزب الله
وإسرائيل على ضرورة بقاء النظام
السوري يعني أن النظام السوري ليس كما
يزعم بأنه نظام مقاومة وممانعة، بل هو
نظام نفوذ في لبنان ونظام دعم ومنع
للشر عن إسرائيل. حاول أمين عام حزب
الله حسن نصر الله أن يتحدث في خطبه عن
مقاومة النظام السوري، وإمداده له
بالسلاح والمال والعتاد. حاول أن يجند
كل الأتباع الذين يستمعونه لصالحه. بل
وفي موقف استفزازي للثورة السورية وصف
نصر الله القتلى في عملية مبنى الأمن
العام بالشهداء. وبأنهم هم الذين
ساندوه، وكانوا رفقاء سلاح له. إنه
موقف استفزازي واضح لتثبيط همة الثوار
والمجتمع السوري الذي اختار أن يغير
النظام السوري الغاشم. لبنان يمر بهذا
التحول، قوة حزب الله تتضاءل، حتى مع
امتلاكه للسلاح لا يمكنه أن يحتكر
لبنان لصالحه هو فقط من دون شركائه في
الوطن. المواقف اللبنانية الأخيرة
توضح أن الرؤية العامة للسياسيين
وللمجتمع تعرف أن النظام السوري ساقط
لا محالة، وأن عملية مبنى الأمن العام
النوعية كانت قاصمة الظهر للنظام
السوري ولحلفائه في لبنان. ولا يمكن
لحزب الله إلا أن يخضع في آخر المطاف
للواقع الماثل أمامه. أنكر حزب الله أي
اعتداء من النظام السوري على
المدنيين، وأخذ نفس المنطق السوري
والروسي من أن هؤلاء مجموعة من
الإرهابيين، بل ويأخذون على المملكة
وقفتها الشجاعة مع الشعب السوي منذ أن
بدأت الثورة. والموقف الاجتماعي
السعودي الذي جمع تبرعات بالقنوات
الرسمية للشعب السوري خير مثال على
تفاني المجتمع، وهو التفاني الذي ضاق
به ذرعاً حزب الله وأنصاره. الثورة السورية
تتصاعد والقوة للجيش الحر تزداد،
والنظام السوري يستطيع فقط أن يقتل؛
أما أكثر من ذلك فليس لديه أي قدرة على
إدارة البلد، حتى وإن بقي لعدة أشهر
فإنه بقاء مافيا تقتل فقط، وليس بقاء
نظام يحكم. ولهذا فإن تشكيل حكومة
مؤقتة من قبل الثوار أمر ضروري كما
قالت فرنسا. والواقع السوري سيتشكل وفق
ما تتطلبه الثورة الشجاعة، اما حزب
الله فسيرى إذا انجلى الغبار أفرس تحته
أم حمار كما قالت العرب. ================= تاريخ النشر:
الأحد 29 يوليو 2012 الاتحاد بعد تزايد وتيرة
العنف والقتال في العاصمة دمشق،
وانتقالها الآن إلى مدينة حلب، تراجعت
كثيراً احتمالات التغيير السلمي الذي
سعت إليه الجامعة العربية والمنظمات
الدولية بقيادة أمين عام الأمم
المتحدة السابق كوفي عنان لإرساء
السلام في سوريا. فالوضع في سوريا قد
تغير الآن كثيراً، ولم يعد منطقياً
العودة إلى ما كان عليه الحال في
السابق، فالقتال العنيف لا يزال
مستمراً، وعملية إسقاط النظام أصبحت
مسألة وقت فقط كما قال رئيس بعثة
المراقبين الأمميين، ربما تطول أو
تقصر... وقد أعلن المتحدث باسم "الجيش
السوري الحر" أن سقوط النظام أصبح
أمراً وشيك الحدوث وقد يكون في نهاية
هذا الشهر الفضيل أو بعده بقليل. أنصار النظام يرون
بأن معركتهم ضد الإرهابيين المدعومين
من الغرب ودول الخليج، وتحديداً قطر
والسعودية، سوف تنتهي قريباً جداً. أما الدول الغربية،
بما فيها روسيا، إضافة إلى الصين، فقد
أصدرت بيانات متعددة تحذر فيها من لجوء
النظام السوري إلى استعمال مخزوناته
من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية
المحظورة دولياً. وهناك بالفعل قلق
متزايد على مستقبل سوريا، ومن الذي
سيحكمها بعد سقوط نظام الأسد؟ لكن لا
أحد يشكك في مقدرة الشعب السوري على
إقامة نظام تعددي ديمقراطي مدني حر بعد
رحيل الأسد. هذا رغم حقيقة أن التجارب
العربية مع ثورات "الربيع العربي"
التي أطاحت بالأنظمة الاستبدادية في
تونس ومصر واليمن، ووعدت شعوبها
بالحرية والديمقراطية والنظام
التعددي الحر... أفرزت أنظمة حزبية
إسلامية إقصائية، لديها مواقف واضحة
معادية للحريات وللتعددية الفكرية
والدينية، وتسود هذه الأنظمة ثقافة
الاحتكار وإقصاء الآخر. ما يقلقنا فعلاً على
مستقبل سوريا هو تزايد الخلافات
والانشقاقات بين أقطاب المعارضة. هذه
الخلافات برزت في الوقت الذي يتصدى فيه
الشعب السوري وشباب الجيش الحر لآليات
القتل والحرق والتشريد واستعمال
الأسلحة الثقيلة والدبابات والمدفعية
والصواريخ الراجمة والطيران... ضد
المدنيين في الأحياء السكنية بمختلف
المدن السورية. إن تماسك الشعب
السوري ومحافظته على نسيجه الاجتماعي
المتعدد والمتنوع، هو الضمانة الوحيدة
لاستقرار سوريا المستقبل، وهذا يعني
ببساطة احتضان الدولة الجديدة كل فئات
المجتمع، من أديان وطوائف وقوميات،
وألا يتم إقصاء أحد مهما كانت الأسباب،
وهذا يتطلب إعطاء ضمانات تطمئن
الطائفة العلوية وغيرها من الطوائف
والفئات والقوى الاجتماعية
والسياسية، إلى أن سوريا الجديدة
ستكون بلدهم، وأنه لن يتم حسابهم على
جرائم النظام. دول الاعتدال
العربي، ومعها الدول الغربية والدول
الديمقراطية في العالم، متخوفة من
انحراف الثوار والثورة إلى العنف
والانتقام، فالنظام الاستبدادي مزق
نسيج المجتمع السوري وخلق فتنة بين
فئاته المختلفة، حيث سوّق للطائفية
والأحقاد الدينية بين الطوائف، مما
جعل من الصعب جداً تصور بروز نظام
مستقر في سوريا خلال الفترة القريبة
القادمة. مطلوب من المجتمع الدولي وقوى
السلام والتقدم، مساعدة الشعب السوري
في محنته الحالية، لضمان مستقبل أفضل. ================= كيف
تطورت ثقة الثوار السوريين بأنفسهم؟ المستقبل 29-7-2012 كان يُقال عن مقاتلي
"الجيش السوري الحرّ" أنهم غير
مزودين بالسلاح اللازم، غير منظمين،
غير مجرِّبين. ولكن المعركة المباشرة
التي بدأوها في 16 تموز الجاري ضد نظام
بشار الأسد غيرت هذه السمعة. وإذا لم
يكن بوسع أحد ضمان انتصار مقاتلي
المعارضة هؤلاء، فانهم بالتأكيد
فاجأوا الجميع، وأثبتوا أن المخرج
العسكري لثورتهم لم يعد من المستحيلات. بات "الجيش السوري
الحرّ" يعبّر عن ثقة جديدة، اكتسبها
بعدما أظهر مقاتلوه شجاعة فائقة في
معارك دمشق، بل صارت حماستهم أعظم بعد
عملية 18 تموز الجاري، التي فقد فيها
أربعة مسؤولين أمنيين كبار حياتهم، ثم
ما تلاها من انشقاقات في صفوف الجيش،
غير مسبوقة بكثافتها. فهد المصري، مدير
المكتب الاعلامي لقيادة "الجيش
السوري الحرّ" في الخارج، المقيم في
باريس يقول ان "أيام بشار الأسد باتت
معدودة"، ويضيف بثقة: "قد نحتفل
بنهاية شهر رمضان المبارك مع نهاية
بشار في الآن عينه". إن صعود "الجيش
السوري الحرّ" أخذ بعداً جديداً في
صبيحة 17 تموز الجاري. المقاتلون في ذاك
اليوم باشروا بنتفيذ خطتهم؛ فهاجموا
كل الحواجز التابعة للجيش السوري
الرسمي، وكذلك مكاتب أجهزة المخابرات
ومراكز حرس الحدود. وعمّدوا عمليتهم
تحت اسم "بركان دمشق زلزال سوريا". أضواء الإعلام ركزت
يومها على دمشق فحسب، خصوصاً على
أحيائها الجنوبية مثل الميدان
والتضامن. ولكن القتال كان مندلعاً في
كل انحاء البلاد؛ في أعزاز، وهي بلدة
تقع شمال حلب، حيث استولى الثوار على
مركز المخابرات العسكرية، وقبضوا على
ثلاث مسؤولين كبار، ومن بينهم، كفاح
ملحم، أحد المقربين من بشار الأسد،
والحافظ للعديد من أسرار النظام.
الناطق باسم "الجيش السوري الحرّ"
يؤكد بأن معركة تحرير سوريا قد بدأت. هذه المعركة
المفاجئة بزخمها وجرأتها هي في الواقع
نتيجة هيكلة بطيئة قام بها "الجيش
السوري الحرّ" لقواته، وأيضاً،
نتيجة لإستقلاليته عن الضباط الذين
أسسوه في تموز من العام الماضي. معظم
هؤلاء الضباط الأوائل لجأوا إلى
تركيا، كما فعل الكولونيل رياض
الأسعد، الذي لم يفلح بضبط عناصره
وتنظيمهم ميدانياً. في شهر أيار
الماضي، انشق الثوار نهائياً عن
الأسعد، ورفضوا وقف اطلاق النار الذي
كان كوفي أنان يسعى لإلزامهم به، تبعاً
للخطة الأممية والعربية. فالمقاتلون
على الأرض كانوا قد اختاروا العصيان
ومواجهة التحدي العسكري الذي يفرضه
النظام بقواهم الذاتية. يقول فهد
المصري: "من يود أن يصبح قائداً عليه
العمل ميدانيا. وتأثير الضباط الباقين
في تركيا لا يتجاوز حدود مخيمهم". ومن ذيول هذا
الإنشقاق أيضاً إنشاء القيادة
الموحّدة للـ"الجيش السوري الحرّ"
في الداخل. هذه القيادة تتألف من عشرة
مجالس عسكرية محلية تضم عدة كتائب،
وترمي بطابعها الجماعي إلى التعامل مع
الفوضى التي سادت في الأيام الأولى
للعسكرة. يقول الديبلوماسي الفرنسي،
إنياس لوفيرييه الذي كان مركزه دمشق:
"السوريون في الداخل فهموا أن عليهم
توحيد قواهم، بعد الضربات التي تلقوها.
انهم غير مسيسين، ولا دينيين، وهم على
هذا الأساس استطاعوا أن يوسعوا صفوف
كتائبهم". الضربات المتتالية
التي تلقاها النظام، منذ بدء الهجوم،
هي نتيجة جهود إعادة التنظيم هذه.
بفضلها، تمكن المئات من المقاتلين من
درعا من التوجه إلى دمشق، ما شجع قوات
الثورة في دمشق وأثار حماستها. هيثم
المناع، رئيس هئية التنسيق للتغيير
الديموقراطي، يقول: "هناك تقدم،
هناك تكثيف للتنظيم وتطوير
للاستراتيجية، ولكن السرعات تختلف من
منطقة إلى أخرى. بعض المجموعات تستفيد
من تجربة المنشقين، وبعض المجموعات
الأخرى ما زالت تعمل بطرق بدائية. ليس
هناك جيش سوري حرّ واحد، انما عدة جيوش"
(...). بانجمان كوستان صحيفة "لوموند"
الفرنسية (23 تموز 2012) ================= دمشق ـ غازي
دحمان المستقبل 29-7-2012 يشكل الراهب باولو
ديلو، أو "أبونا"، كما يحلو
للثوار أن يسموه تحبباً، حالة منفردة
من بين رجالات الدين الذين يؤيدون
الثورة السورية، وذلك بما تتضمنه
مواقفه وتصريحاته السياسية من رؤية
خاصة للثورة، فضلاً عن مسيرته الدؤوبة
في العمل التنويري الجاد، في إطار
المجتمع السوري، على مدار أكثر من
ثلاثة عقود. ولعل من أهم عناصر
رؤيته هذه إعتبارها ثورة مدنية
بإمتياز تنتمي لعصرها بتمثلها قيم
الحداثة من حقوق للإنسان والحريات
العامة، من دون تمييزات طائفية أو
عرقية، ورفضه للإشارات التي من شأنها
الإيحاء بطائفية الحراك الثوري
السوري، والتي طالما إستند إليها
مناوئو الثورة في إتهامهم لها. على
العكس من ذلك، فإنه لا يرى في الإيمان
الديني قضية معيبة بحق أنصار الثورة،
أو بعضهم، فهو يرى أن "الإيمان جسر
لابد أن نقطعه جميعا لنكون بشراً أفضل"،
في ما يبدو أنه إظهار للبعد الإنساني
للإيمان، في مقابل قناعته بأن الرغبة
المحمومة في السلطة والمجد الشخصي هي
ما تجعل الناس يحيدون عن الدين،
والمتطرفين منهم يتحولون إلى طغاة. ما يميز سلوك الأب
باولو هو عمله في إطار المكون السني. إذ
أن غالبية من إنخرط معهم في الحراك
الثوري كانوا من أبناء هذه الطائفة،
وكان يمثل مرجعاً يستأنسون بآرائه
ويسترشدون بها، وتأتي أهمية ذلك من
كونه كان يعمل في منطقة إنقسام طائفي،
حيث تنمو الأفكار المتطرفة بسهولة. كما
يستبطن هذا السلوك بعداً تنويرياً
واضحاً، حيث تغيب الوظيفة الدينية ذات
الطابع التبشيري، أو الدعوي، ليحل
مكانها خدمة الإنسان أياً تكن طائفته،
ما يذكرنا بالسيرة الحميدة للأم
تيريزا. وما يشدّ الإنتباه في
سيرة هذا الرجل، أنه لم يكن مجرد ناسك
في دير، على ما تظهره الصورة النمطية
لمثل هذه الحالات ولم يكن منغلقاً ضمن
ثقافته الدينية ومتطلبات التقرب من
الرب، لناسك إعتزل صخب الحياة
الاوروبية في دير على تخوم الصحارى
السورية، إستطاع أن يجعل منه مركزا
للحوار بين الطوائف الدينية والأعراق
المتعددة في سوريا، ويتعاون كذلك مع
جماعات مسلمة، لتحسين مستقبل الشبان،
وتشجيع الحوار بين رجال الدين،
واحترام البيئة المحلية. بل أكثر من ذلك،
يذهلك الراهب باولو بمعرفته بتفاصيل
التاريخ السوري الحديث، وبخاصة في
جانبه المقاوم للإستبداد، ومتابعته
لتعبيراته المختلفة، والتي يعجز حتى
بعض الباحثين المهتمين في رصدها
وتحقيبها وتفصيل مستوياتها وأشكالها،
من "الكتابة والاستقلالية ونظافة
الكف والمحافظة على القيم داخل البيوت
والحفاظ على الدين الخالي من الفساد"،
في مواجهة نظام فقد كل مبررات وجوده
الأيديولوجية والأخلاقية، وأصبح
عبارة عن هيكلية من القمع واحتكار
السلطة ونهب الأموال العامة. إنحياز الراهب باولو
للثورة وقواها، ليس مطلقاً أو على
بياض، كما يقال بالمثل الدارج. فهو لا
يتردد في إنتقاد أخطاء الثورة
إنطلاقاً من حرصه على صفائها وإيمانه
بأن "الثورة التي لا تضبط نفسها، هي
ثورة خاسرة اليوم وغداً". لذا فهو
وبرغم قناعته بان المجتمع السوري غني
في التنوع وقيم حسن الجوار والتعايش
المشترك والاحترام المتبادل بين
الناس، فإنه يحذر من التطرف الذي سرعان
ما يجفف الوسط الثقافي والروحي
والأخلاقي والأدبي، الحامل للتنوع
ويسحبه باتجاه التطرف. وبصراحة جارحة،
إفتقدت الثورة السورية لمثل هذا النمط
من رجال الدين، ومن كل الطوائف من دون
أي إستثناء، فبين سلوك محابي للنظام
رغم كل إرتكاباته، وسلوك ينتهج التطرف
بحجة محاربة النظام، كشفت الثورة
السورية عن ثقافة دينية إنتهازية
ومتخلفة وغير أمينة، وربما نبهت إلى
ضرورة تحييد هذه الفئة من المجتمع
السوري، والإعتماد على رؤى الجيل
الشبابي وتصوراته عن التغيير
والمستقبل، لأنها الأضمن للعبور إلى
سورية المشتهاة، وليست سورية المظلمة
والمفككة، المستبطنة في عقول رجال
الدين وهواجسهم، والتي لا يمكن أن تخدم
سوى الطغمة الحاكمة وأحلامها في
البقاء. ليس غريباً ولا صدفة
إذاً، أن يدعو الثوار الراهب باولو"
أبونا "، فالرجل الذي يعتبر الثوار
أبناءه، إستطاع أن يحوز على ثقتهم
المطلقة بإنسانيته المنفتحة ورعايته
وخدمته اللامحدودة. وهذه الثقة إن دلت
على شيء فإنما تدلل على مقدار مكانة
الرجل في التنوير والتثوير السوري،
لدرجة يمكن موازاة عمله بجهود النخبة
الثقافية على مدار عقود من التنظير،
فطوبى للذي يبحث عن السلام وطوبى للذي
يُضطَهد في سبيل البر. ================= رستم محمود المستقبل 29-7-2012 ليس بشكل استثنائي،
لكن في الجذر، ثمة معضلة تكوينية تخص
تأسيس الكيان السوري. فالصيغة والمناخ
اللذان رافقا التأسيس الأول، خضعا
بدرجة كبرى لجملة معطيات العلاقات
والتوازنات الدولية بعيد الحرب
العالمية الأولى، بما لا يقارن بما
يوازيها من التفاعلات والخيارات
البينية في المجتمع السوري. طبعا ثمة
شيء مشابه لذلك في يخص جل الكيانات
الحديثة التي تأسست على أنقاض
الولايات العثمانية، وبدرجات متفاوتة.
وهي عموما، كانت قضية عالمية مركزية
عامة، فكل الدول كيانات مصطنعة بدرجات
متفاوتة، تلك الدرجة التي تتعلق بمدى
تطابق خيارات وحدود الكيان "المصطنع"
مع رغبات وخيارات مجتمعاته الداخلية.
حتى أن فرنسا التي تأسس كيانها
المركزي، منذ أواسط القرن الخامس عشر
زمن لويس الرابع عشر، فأن الكثير من
الكتاب والباحثين الفرنسيين
يعتبرونها كيانا مصطنعا للغاية، "اختراع
فرنسا" حسب المؤرخ الشهير أمانويل
تود. تعمقت "الاشكالية
الاصطناعية" في المراحل التي تلت
المرحلة التأسيسية في التاريخ السياسي
السوري الحديث. ففي أغلب الكيانات،
وبشكل تقليدي، كانت المجتمعات
الثقافية والأهلية المكونة لأي كيان
حديث، تبدأ مرحلة التعارف والتآلف مع
بعضها البعض. لتعمق معرفتها وفهمها
المتبادل، ولتؤسس لذاكرة وطنية سياسية
وثقافية واجتماعية ومشهدية...الخ. حيث
كانت تلك الذاكرات والهويات الوطنية
المشتركة بين البنى الأهلية الأولية،
تتكون عبر مسيرتين مترادفتين. صوغ "النضال"
المشترك الذي يخوضه جل المواطنين، في
سبيل مصالحهم المشتركة. عبر نشاط
النقابات وهيئات الدفاع عن الحريات
العامة وشركات التنمية الاقتصادية
والجمعيات المدنية والعمل السياسي
والتصارع الفكري والثقافي
والاجتماعي، في السينما والمسرح
والإعلام وصناعة الرأي العام...الخ. ومن
جهة أخرى، عبر صوغ مجموع مؤسسات الدولة
التربوية والقضائية والدفاعية
والاعلامية والحكومية، التي يجب أن
تسعى لصناعة وتطبيق قوانين عمومية على
اساس المواطنة، بحيث يتراجع دور البنى
الأهلية في آليتي "الحق" و"الواجب"
التي يفرضها جهاز الدولة العمومي،
والذي يسعى لتحقيق أكبر قدر من العدالة
والمساواة في كافة السياقات، وتشكل
تقاربا وتآلفا بين تلك القوى الأهلية
المؤسسة لكيان الدولة. ما جرى في سوريا منذ
التأسيس الأول عام 1920، وحتى راهن
الثورة الآن، كان تقريبًا عكس ذلك
بالكامل. فخلا سنوات الديموقراطية
اليتيمة التي امتدت بين عامي 1954-1958
كانت "الدولة" السورية تعمل بوعي
تاريخي تام، لتعميق الشقاق فيما بين
البنى الأهلية السورية، وبين تلك
البنى والدولة نفسها. إي أنها كانت
تزيد من غرابة السوريين عن بعضهم البعض
وتضعف شعور المواطنة فيما بينهم،
وتعمق من شكوكهم حول بداهة الكيان
السوري. فتعظم من شك السوريين من
منجزية كيانهم الدولتي. فطوال فترة
وجود الكيان السوري، وبدرجات وأشكال
متفاوتة، وبالذات في أزمان البعث،
ومنها بالتحديد زمن الأسدين الأب
والأبن، كانت السلطات الحاكمة قد
ابتلعت الدولة، فلم تلعب المؤسسات
دورها الذي ذكرناه سابقا. كما انها
أججت الصراعات الأهلية وتوازناتها،
كأداة لضبط وإخضاع المجتمع، فتعمقت
غربة السوريين عن بعضهم البعض، وكذلك
هواجسهم المتبادلة. ثمة مثال على شكل
سؤال يخص المناهج التربوية، ربما يكون
بالغ الدلالة على هذه الحالة في اللحظة
السورية الراهنة، حيث تعتبر المناهج
التربوية، المركزية والموحدة، عاملاً
مؤسسًا لذاكرة السوريين. من تلك
المناهج التربوية يُسأل : ماذا يعرف
السوريون عن شكري القوتلي ؟! لا شيء
أبدا، بالتمام والكمال. ففي كتب
التاريخ وطوال مراحل الدراسة العامة،
وفي كتب "التربية" القومية، لا
يردُ أي ذكر لإسم "شكري القوتلي".
ذلك الرجل الذي قاد كفاح السوريين
لتحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي،
وشكل فيما بعد حزبا سياسيا ليبراليا
رائدا على مستوى الدولة السورية، ووصل
لرئاسة الدولة اكثر من مرة، وتبرع بقسم
كبير من ممتلكاته الشخصية لصالح
الثورات السورية كلها، وتخلى بكل رضا
عن منصبه في رئاسة الجمهورية لصالح حلم
الوحدة ومصالح سوريا الكبرى (تصور يا
رعاك الله). عن ذلك الرجل، لا شيء أبدا
في منبع ذاكرة السوريين التأسيسية
المناهج التربوية - وبالذات في ذاكرة
الأجيال التي ترعرعت في زمن البعث. إذ
كيف لأجيال سوريا كثيرة أن تعمق وعيها
بفكرة القانون والدولة والدستور
والمساواة...الخ من دون أن يكون لديها
أي اطلاع على شخصية تمثيلية لهذه القيم
في تاريخهم الحديث مثل شكري القوتلي ؟؟ توسيعا لتلك
الملاحظة، وعلى المقلب نفسه، يمكننا
السؤال : أي شيء يعرفه السوريون عن
الطائفة العلوية، أقصد عن المذهب
نفسه، عن رؤيته الروحية وفضائه
الأخلاقي، عن تشريعاته وآدابه
وشخصياته التاريخية، عن طبيعة الحياة
الاجتماعية والثقافية لأتباعه. لا شيء
من كل ذلك في المناهج التربوية السورية
طوال سنوات الدراسة، وكذلك لا شيء من
ذلك في الكلام السوري العام، بدعوى "صدّ"
الطائفية. على مستوى أكثر قسوة، ماذا
يعرف العلويون أنفسهم عن مذهبهم
وعوالمه، بعدما تم أعادة تأسيس كل طبقة
رجال الدين في تلك الطائفة، منذ زمن
الأسد الأب. والسؤال نفسه عن الطائفية
العلوية، يمكن طرحه فيما يخص كافة
المذاهب الأخرى من خزان الهويات
الثقافية السورية، بما فيها الأشكال
غير الرسمية لتفاصيل المذهب السني.
والأمر الذي ينطبق على المذاهب
والأديان السورية، ينطبق على القوميات
التأسيسية في سوريا وثقافتها ولغتها
وفضائها. ويكبر السؤال نفسه، ليشمل جل
معرفة السوريين ببعضهم البعض، بعيدا
عن سماجة الخطاب الرسمي المتحدث عن
الوحدة الوطنية والتآلف..الخ. مثل جهلهم بقامة مثل
شكري القوتلي، ومثل مخيلاتهم أو
أوهامهم المتبادلة عن ثقافاتهم
الأهلية البينية. تشكل كل وعي السوريين
ببعضهم البعض، وعن الدولة ووظائفها.
فالحساسية المواطنية والهوية الوطنية
السورية المشتركة حتى قبيل الثورة
الراهنة يمكن اختصارها بعبارتي الجهل
والخشية المتبادلتين. هذا ما يجب أن
يعيه السوريون عن لحظتهم التاريخية
هذه، ليعوا أسباب تشنجهم وغضبهم
وعنفهم اللفظي وميلهم للأحكام القاطعة
والنهائية عن بعضهم البعض. فالاعتراف
بحقيقتي الجهل والخشية المتبادلة بين
السوريين من جهة، والجهد لبناء مؤسسات
الدولة العمومية من طرف آخر، قد يساعد
على تكوين مداولة سورية عمومية تؤسس
لمحو الاغتراب السوري المتبادل. خلال السنوات العشر
الأخيرة، كان السجناء السياسيون
السوريون الأكثر معرفة ووعيا ببعضهم
البعض، فقد كان حيز السجن الضيق قد
منحهم جغرافيا مناسبة للتداول فيما
بينهم. كما ان طبيعة السجن نفسها، قد
كسرت في وعيهم التقية المتبادلة وسمحت
لهم ببناء جملة من القوانين والاعراف
العمومية المتبادلة. كان السجن السوري
المكان الوحيد الذي سمح ببناء مداولة
وطنية، ولو بالغة الصغر. ربما لأنها
كانت المكان الوحيد المحمي من وحش كان
يسمى "السلطة". آن للسوريين أن
يكبّروا مداولة السجن الصغرى تلك، إلى
مداولة كبرى، لسبب بسيط، هو أن يبنوا
وطناً. ================= تسليم
جريح إلى مستشفى يعني موته! في تطبيع
المجزرة بكر صدقي المستقبل 29-7-2012 في المجازر النوعية
التي يرتكبها نظام بشار الأسد في
المنطقة الوسطى من سوريا المختلطة
طائفياً، تكرار "تكتيكي" لمجزرتي
تل الزعتر وصبرا وشاتيلا في لبنان.
يقوم التكتيك العسكري في جميع تلك
الحالات على تطويق الجيش السوري أو
الإسرائيلي لـ"الهدف"، لتقوم
ميليشيات مدنية مسلحة من طائفة بعينها
بذبح السكان بصرف النظر عن العمر أو
الجنس أو اللون. لا يمكن اعتبار حصائل
مجازر جماعية بشعة من هذا النوع
انتصارات بالمعنى العسكري. والهدف
منها هو خلق ترويع شديد يدفع الخصم إلى
الاستسلام أو النزوح. لذلك ترتكب مثل
هذه المجازر عادةً في الحروب الأهلية
لتحقيق تطهير عرقي، وفرض توازنات
ديموغرافية جديدة كأمر واقع على
الأرض، من الصعوبة بمكان التراجع عنها. لهذه المجازر أثمان
قد يدفعها المرتكبون يوماً ماً، لكنها
لا تعيد ضحاياها إلى الحياة، وتكون
الأثمان رمزية وتطال بعض الرموز،
ويفلت الباقون من العقاب. والحال أن
أحد أهم دوافع النظام السوري لارتكاب
المزيد من المجازر الطائفية، إنما هو
شد العصبية الموالية له، وطمأنتها
بأنها قوية وفي منأى عن المحاسبة. لكن هناك وجهاً آخر
لهذه المجازر البارزة (الحولة والقبير
والتريمسة وغيرها) هو أنها تكثيف
للمجزرة الواحدة المتصلة ضد الشعب
السوري منذ 16 شهراً. فهذه الأخيرة،
الممتدة على بساط الزمن، تضمنت
أنواعاً من الانتهاكات لا مثيل لها في
أي احتراب داخلي آخر، سنعمل في هذه
العجالة على تقديم عينات بارزة منها. يركز إعلام المعارضة
عموماً على عدد الضحايا في صفوف
المدنيين العزل، أو المسلحين
المناهضين للنظام. ويكتفي إعلام
النظام برصد جزء صغير من ضحايا قواته
المسلحة للتدليل على وحشية خصومه. هناك
فجوة ضائعة بين الطرفين هي عدد الضحايا
الحقيقي في صفوف قوات النظام
وميليشيات الشبيحة المناصرة له، كما
في عدد أولئك الجنود الذين يقتلهم
النظام بدم بارد بسبب رفضهم الأوامر
بإطلاق النار على المدنيين العزل، أو
أثناء محاولتهم الانشقاق. معظم هذه
الحالات تنتهي إما في مقابر جماعية أو
ضحايا مفترضين لعمليات تفجير كبيرة
بسيارات مفخخة، أمام مراكز الأمن، كما
حدث قبل حين أمام فرع فلسطين في دمشق.
فهذه التفجيرات، التي يسود الاعتقاد
بأنها من تدبير أجهزة أمن النظام
البارعة في هذا النوع من الأعمال
الإرهابية، يكون التخلص من بعض جثث
الضحايا أحد فوائدها الجانبية بالنسبة
للنظام. وبعض هؤلاء الضحايا هم معتقلون
تم تعذيبهم حتى الموت، إما لانتزاع
اعترافات منهم، أو لإرغامهم على القول
بألوهية بشار الأسد وأخيه ماهر. غير أن الفظاعة
السورية إنما تبلغ ذرى سوريالية فائقة
في المستشفيات. منذ بداية الثورة اقتنع
المشاركون فيها بأن تسليم جريح إلى
مستشفى من أجل العلاج، يعني تسليمه
للموت. هناك شهادات كثيرة عن تعذيب
الجرحى في المستشفيات الحكومية على يد
أطباء وممرضات لا يتورعون عن اقتلاع
عين الجريح أو بتر أحد أعضائه. فإذا نجا
الجريح من تلك الأهوال على قيد الحياة،
اقتيد إلى أحد فروع الأمن، حيث تبدأ
فصول جديدة من التعذيب الذي قد يؤدي
إلى الموت. وفي حالات أخرى تم الإجهاز
على الجرحى مباشرةً أثناء إلقاء القبض
عليهم في التظاهرات، أو قضوا في إطلاق
النار على سيارات الإسعاف التي تقلهم.
أما المستشفيات الخاصة، فبعضها يمتنع
عن استقبال جرحى المظاهرات خوفاً من
الأجهزة الأمنية. ويستقبلهم بعض آخر من
تلك المستشفيات، لكن عناصر الأجهزة
المسلحين بالبنادق موجودون في كل
المستشفيات الخاصة. فإذا غضوا النظر
نجا الجريح، لكن المطلوب منهم هو إبلاغ
رؤسائهم بكل حالة، لتأتي دورية من
الفرع فتلقي القبض على الجريح متلبساً
بجرحه. هذا ما خلق الحاجة
إلى المشافي الميدانية. ففي كل مدينة
ثائرة تتعرض لقمع النظام، قام السكان،
بجهودهم الخاصة، بتأمين بعض
التجهيزات، والأدوية الضرورية
للحالات الإسعافية، وأطباء متطوعين
يفعلون ما في وسعهم لإنقاذ الجرحى. قضى
كثير من المصابين بإصابات عادية بسبب
نقص التجهيزات أو الأدوية أو بسبب تعرض
"المستشفى الميداني" للقصف من قبل
قوات النظام (في حمص ودوما وغيرهما من
المدن المنكوبة). لكن ما لا يمكن تصديقه
حقاً هو تحول الطبيب المتطوع لإسعاف
الجرحى إلى مجرم يستحق العقاب في نظر
النظام وأجهزته الإرهابية. قبل ثلاثة
أسابيع عثر في مدينة حلب على جثث أطباء
ومسعفين كانت أجهزة النظام اعتقلتهم
بتهمة معالجة الجرحى. ولم تكن عقوبتهم
السجن لفترة محددة من الزمن بل القتل
وإحراق الجثث. وسوريا هي البلد
الوحيد في العالم الذي تجري فيه عمليات
إغاثة النازحين بسرية تامة. أولئك
الجنود المجهولين ممن كرسوا وقتهم
لتأمين المأوى، وغيره من مستلزمات
الحياة، لعشرات آلاف النازحين من
المدن والقرى المنكوبة، متهمون تحت
الطلب من قبل أجهزة النظام، بتهمة "مساعدة
الإرهابيين". قال لي أحد المتطوعين
في أعمال الإغاثة: "نحن نحل مشكلة
للنظام. ماذا لو توقفنا جميعاً عما
نقوم به؟ ألن يكون النظام مرغماً على
أداء هذه المهمة؟". لا.. لن يكون
مرغماً على أي شيء. تصح هذه المحاكمة
على أي نظام دكتاتوري أو فاشي دموي،
ولكن ليس على نظام بشار الأسد الذي لا
يكتفي بإرغام السكان على النزوح أو
بتركهم في العراء لمصيرهم، بل كثيراً
ما يقتلهم على الحواجز أو يعتقلهم،
لمجرد أنهم من حمص أو حماة أو الزبداني
أو درعا أو جبل الزاوية مثلاً. هذه مجرد عناصر من
لوحة فظيعة، ربما لم تشهدها أكثر
الحروب الأهلية دموية في التاريخ. نظام
إرهابي شعاره: "الأسد أو لا أحد"،
و: "الأسد أو نحرق البلد". ولكن ماذا عن
الجيران؟ ماذا عن لبنان الذي يرفض
معالجة الجرحى السوريين في مستشفياته؟
وماذا عن العراق الذي أغلق أبوابه أمام
نزوح السوريين؟ هذه منطقة ابتلت بشيء
رهيب، ألبسته فوق ذلك ثوب "قضية"!
حين تعلو القضية ينحط الإنسان. وحاملو
القضية يتحولون إلى جزارين ووحوش. حسن
نصر الله ونوري المالكي يمنعان معالجة
الجرحى السوريين واستقبال النازحين
السوريين، في إطار مقاومتهما البطولية
للامبريالية والصهيونية! تباً! ================= نشرت صحيفة "هيرالد
تريبيون" (24 تموز 2012) تحقيقاً
صحافياً عن الحياة اليومية في ظل الحرب
التي تخيّم على سوريا، كتبته جانين دي
جيوفاني إثر رحلتها إلى دمشق. منه
نقتطف: المستقبل 29-7-2012 كيف تشعر حين تبدأ
الحرب؟ كيف نعلم أن الوقت قد حان كي
نوضّب حقائبنا ونترك بيتنا وأهلنا
وبلدنا؟ كيف نقرر القيام بذلك او عدم
القيام به؟ ولماذا؟ بالنسبة للناس
العاديين تبدأ الحرب بصدمة: نكون
منشغلين بأخذ موعد مع طبيب الأسنان أو
بمتابعة درس رقص الباليه لابنتنا،
وفجأة تُسدل الستارة. في لحظة، يتعطل
الروتين اليومي: تتعطل خطوط الهاتف
الخلوية، وآلات سحب النقود، كل شيء
يتوقف. ترتفع الحواجز، يبدأ
التمييز، الاغتيالات. تعمّ الفوضى، يختفي
الآباء، تغلق المعارض، وتختفي النقود
والأنشطة الثقافية والحياة التي
اعتادها الناس. في دمشق، حلت هذه
اللحظة. أمضيت نحو الأسبوعين
في سوريا منذ بداية الشهر الحالي. كان
الخوف الذي يصاحب الحرب الأهلية.
محسوساً. بعد أسبوع من وصولي إلى دمشق،
اعلن الصليب الأحمر ثورة الـ 17 شهراً،
بانت حرباً اهلية الأمر الذي يعني ان
القوانين الدولية لحقوق الانسان يجب
أن تُطبق في البلد. أما الأهم فهو أن
السوريين ما عادوا قادرين على إنكار
حقيقة الحرب (مثلما حاول البعض)
والاعتراف بأن الحياة التي اعتادوها،
وصلت إلى النهاية. خلال الوقت الذي
أمضيته في سوريا، بدت الحياة شبيهة
بالحياة في أي مكان آخر. لقد شاهدت عرض
اوبرا. وذهبت إلى عرس وتابعت تحضير
جلسة تصوير احدى الفنانات لغلاف مجلة
فنية. كل ذلك كان جزءاً من الحياة التي
استمرت على نحو ما إلى جانب الحرب
ولكنها على وشك الاضمحلال والتحول إلى
ذكريات. بدأ الناس يتركون
المدينة حين وصلت إليها. الناس يرحلون،
والسفارات تغلق أبوابها. أحياء البرزة
والميدان أصبحت خطرة. الأمور ستصبح
أكثر دموية، وبت أتساءل كم من السوريين
الذين التقيتهم سيهربون من البلد. لقد عرفت سرعة الحروب
في كل البلدان التي غطيت اخبار حروبها،
من البوسنة إلى العراق وأفغانستان
وسيريلانكا والشيشان وكوسوفو كان
المشترك هو تلك اللحظات التي يتغير
فيها كل شيء من العادي إلى غير العادي...
بتطرف. أخبرني الجنرال مود،
القائد السابق لقوات مراقبي الأمم
المتحدة في دمشق انه لا يوجد صيغة
محددة للحروب. ولكن قراءة الأخبار
العاجلة الواردة عن مجزرة تريمسة
ورؤية النازحبين عن حمص، جعل من الصعب
عدم تذكر أخطاء العشرين سنة الماضية. مع استمرار الفيتو
الروسي واستمرار القتل الوحشي من
الصعب جداً ان لا نرى بوسنة أخرى.
السوريون الذين اعتبروا انفسهم سوريين
منذ أشهر خلت باتوا يعرفون عن أنفسهم
الآن كعلويين ومسيحيين وسنة وشيعة
ودروز. خلال الوقت الذي
أمضيته في سوريا قابلت أشخاصاً من
مختلف الانتماءات والخلفيات، أردت أن
اسمع رواية المناصرين لبشار الأسد عما
يحدث في بلدهم، كما أردت أن احصل على
شهادات الذين عانوا من نظامه. على الطريق الممتد من
دمشق إلى حمص، مررت على ثمانية حواجز
أمنية تابعة للنظام. في مركز مكتظ
باللاجئين قابلت امرأة كانت قد رأت
ابنها البالغ 23 عاماً، للمرة الأخيرة
في كانون الأول الماضي في مستشفى حمص.
ذهبت في اليوم التالي لتراه، فكان
سريره فارغاً، أخبرها الأطباء انه نقل
إلى المستشفى العسكري، حين وجدت إبنها
بعد عشرة أيام على تلك الحادثة كان جثة
تبدو عليها آثار التعذيب بالكهرباء
وحروق السجائر... وطلقتين في الرأس. بالنسبة لهذه
المرأة، الحرب بدأت لحظة رؤيتها جثة
إبنها. أخبرتني انه كان شاباً عادياً،
عامل بناء، ولا علاقة له بالثورة، لكن
مجرد سكنهم في حي بابا عمرو، في حمص جعل
منه هدفاً للنظام كغيره من الناس
الساكنين هذا الحي. في حمص أيضاً قابلت
طفلاً جالساً على أرض منزله يلعب.
بالنسبة اليه الحرب بدأت في آذار 2011
حين لم يعد أهله يسمحون له باللعب
خارجاً، الآن يربض القناص في أول
الشارع. أسرة ذلك الطفل لم تكن من
مناصري الأسد بل على العكس اذ عبّرت
جدته مثلاً عن كرهها الشديد له.
العائلة لا تريد الرحيل، لماذا؟ قالت
الأم إنهم باقون لأن هذا هو منزلهم.
أصبحت حياتهم وكأنهم يعيشون في سجن
وهذا الأمر سيزداد سوءاً. بالعودة إلى دمشق،
جلستُ على شرفة عابقة برائحة الياسمين
مع مهندسة معمارية انيقة نشرب الشاي
فيما يلعب طفلاها في الداخل. كنت
أتساءل إلى متى ستبقى في البلد. ذهبت إلى تمارين
أوركسترا الأطفال في سوريا. كنت أشاهد
وجوههم الفتية وهم يلعبون على آلاتهم
الموسيقية واتساءل من منهم سيموت؟ من
منهم سيرحل؟ من منهم سيبقى؟ من منهم
سيقاتل؟ ذهبت إلى المستشفى
العسكري في برزة ورأيت التحضيرات
لجنازة جماعية لخمسين من جنود النظام.
اخبرني مدير المستشفى ان 15 جندياً يموت
يومياً، ولكن بالطبع لا مجال للتأكد في
هذه الأرقام. تفيد أرقام الأمم المتحدة
ان عدد القتلى المدنيين وصل إلى 10 آلاف
بينما يفيد الناشطون في المؤسسات
الانسانية أن الرقم فاق الـ 17 ألفاً. في الحروب، يقال إن
الحقيقة هي أول الأموات. في حمص تبحث
الأمم عن إجابة لسؤالها عن سبب تعذيب
ابنها الجريح وقتله. في دمشق تخبرني
الناشطة الشابة ونحن نشرب القهوة أنها
ليست خائفة من الدخول إلى السجن مجدداً
بسبب مشاركتها بالتظاهرات السلمية.
انها تستعمل أسماء مستعارة وتغير مكان
سكنها باستمرار. هي تريد العيش في بلد
حر لا تحكمه انظمة دكتاتورية، وتقول
"لست خائفة" انا أؤمن بالذي أقوم
به". ================= احمد عياش 2012-07-29 النهار أذكر في العام 1984 أني
كنت في مهمة صحافية في سوريا وعلى موعد
مع العماد مصطفى طلاس لاجراء مقابلة
تطلعت أن أفوز فيها بسبق تسجيل مواقف
من كان أحد أركان نظام الرئيس حافظ
الأسد في الشؤون العسكرية. وفوجئت انه
أراد اللقاء في منزله بدمشق وليس في
مكتبه في وزارة الدفاع. وبدلاً من أن
تمضي الأمور في اتجاه اجراء حديث
يتناول مسائل السلم والحرب بعد اجتياح
اسرائيل للبنان عام 1982 أخذ طلاس الكلام
نحو هواية التصوير التي يتمتع بها وعرض
أمامي مجموعة آلات تصوير. وانتهى
اللقاء يومذاك بأن أهداني كتابه
الأنيق المؤلف من مجلدين والذي يحمل
عنوان "ورد الشام". وكلما عدت الى
هذا الكتاب أجد فيه مرجعاً علمياً
لورود الشام ومعها لبنان وسائر منطقة
الشرق الاوسط. لكن ما يشد الانتباه الى
الكتاب اليوم حديثه عن "مواسم الزهر
طوال السنة"، كما يقول طلاس عن حمص
مسقط رأسه حيث "كانت معظم مراجعاتي
لدروسي تتم تحت ظلال الزيزفون بجوار
سور المشتل الزراعي من الناحية
الشمالية من حمص على طريق الرستن".
كل اسماء اماكن ورد الشام في الكتاب هي
اليوم أسماء الخراب الذي الحقه بشار
الأسد في كل انحاء سوريا. من يستمع هذه الايام
الى ما يقوله عبد الحليم خدام يوم كان
وزيراً لخارجية سوريا في الثمانينات
ايضاً ثم ليصبح بعد ذلك نائباً لرئيس
الجمهورية أي حافظ الأسد، ثم يقرأ
كتابه "التحالف السوري الايراني
والمنطقة" الصادر قبل عامين يجد ان
الرجل من طينة قول الاشياء كما هي فلا
ينكر خطأ ولا يقلل صواباً في عهد الأسد
الأب. في لبنان، يطل الأمين
العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله
في احتفال حرب تموز 2006 ليشيد بسوريا
بشار الأسد لا سوريا خدام. وكأن الاخير
الذي أمضى عقوداً في ادارة ملفات سوريا
الخارجية المتعلقة بلبنان وفلسطين
والخليج وايران هو عابر سبيل لا يرتقي
الى النظام الذي ربط نصرالله مصيره
حالياً به. ومثل نصرالله، النائب ميشال
عون الذي محا من تاريخه زمناً طويلاً
من العداء لسوريا في عهد الأسد الأب
ومن ثم في القسم الأول من عهد الأسد
الابن بين عامي 2000 و2005 ليصبح اليوم
مدافعاً عن نظام يمارس أبشع أنواع
الظلم بحق شعبه. فيكرر بذلك سيرته مع
الرئيس العراقي السابق صدام حسين
عندما كان عون حليفاً له في زمن
التحولات التي أطاحت بديكتاتور العراق
لاحقاً. الفارق بين طلاس
وخدام من جهة وبين نصرالله وعون من جهة
أخرى، ان معدن الرجال هو فارق جوهري.
فعلى رغم العواصف التي تهب على سوريا
اليوم لا ينزلق رجالاتها في حقبة حافظ
الأسد الى درك المهاترات. في حين أن
رجالات زمن الوصاية السورية، على غرار
نصرالله وعون يسابقان الطاغية في
التعبير عن تبعيتهما له ومساندة بطشه
لشعبه. إذا عاد للشام وردها لا بد
للبنان من أن يتخلص من أشواكه. ================= علي حماده 2012-07-29 النهار حتى الآن اقتصرت
المعلومات عن تورط "حزب الله" مع
النظام في سوريا وقتل المواطنين
السوريين على بعض الجثامين العائدة من
سوريا، او بعض الوثائق المصورة التي
يحصل عليها الثوار لدى دهمهم مقار
امنية في مناطق ريفية وفيها اشارات
مكتوبة الى مشاركة عناصر من "حزب
الله" في عمليات عسكرية او امنية.
وثمة معلومات اخرى مصدرها جهات حليفة
للحزب في لبنان وضمنا لا تكنّ له
الكثير من "الحب" تكشف ان الحزب
المذكورمتورط في اعمال قمعية في
الداخل السوري وان نطاق عملياته
الاساسي هو المناطق القريبة لا الحدود
مع لبنان اي على تخوم البقاع الشمالي
وصولا الى عكار، وفي العمق وصولا الى
مدينة حمص نفسها. بالطبع لا تزال هذه
معلومات متداولة على نطاق ضيق، ولا يتم
البناء في شأنها على مواكب السيارات
ذات الزجاج الاسود التي تعبر الحدود
ذهابا وايابا خارج اي رقابة للجيش أو
الأسلاك الأمنية المعنية بضبط الحدود.
ولا يغيب عن البال ان العديد من
الشاحنات المموهة تعبر من دون تفتيش
على الخطوط العسكرية بين البلدين ولا
يسمح للسلطات اللبنانية بمراقبتها
ويقال انها محملة سلاحاً وذخائر و ربما
اشياء اخرى. في لبنان ليس ثمة
دولة. و ليس ثمة سلطة رسمية. هناك
تافهون يتقاتلون على مناصب تافهة
لاسباب اتفه. وبقولنا هذا لا نشمل
الاستقلاليين الذين يناضلون منذ سنوات
طويلة في مواجهة أعتى آلتي قتل محلية (حزب
الله) واقليمية (نظام بشار الاسد)
ويتعرضون لشتى أنواع الحصار الامني
والمخابراتي الترهيبيين. ولا ننسى
ايضا ان اللبنانيين في بيروت يعيشون
تحت احتلال "حزب الله" المقنع
بحراسة شرعية الجيش اللبناني الذي
بالكاد يصلح لأن يكون بفعل هذه السياسة
فرقة كشافة في خدمة حزب حارة حريك! العالم كله يعرف ان
ايران متورطة في القتل في سوريا
حتى النخاع. و"حزب الله" تنظيم
امني - عسكري فاشيستي طبيعيّ "يمثل
جزءا" لا يتجزأ من النظام الإيراني
وهو ليس ببعيد عن التورط. وخشيتنا من
اجل لبنان خصوصا، وبالتحديد الحاضنة
الشعبية للحزب ان يكون تورطه اكبر مما
نعرف حتى اليوم، وان تكون يداه ملطختين
بدم السوريين
ايضا، بعدما تلطختا بدم اللبنانيين
وفي مقدمهم رفيق الحريري. ليس ثمة دولة في
لبنان، ليس بفعل ضعف الامكانات، بل
بفعل قرار بني في الاساس على مصالح
ضيقة من جهة، ومن جهة على ضعف واستضعاف.
في لبنان على سبيل المثال رئيس حكومة
يقول في احدث تصريحاته: "عند تغيير
الدول احفظ رأسك"، ولكنه فيما ينبطح
يمنة و يسرة عند اعتاب السعودية و دول
الخليج والاميركيين والاوروبيين، لا
يتأخر عن خدمة بشار الاسد والمشروع
الايراني من خلال "حزب الله".
مهم اليوم ان يدرك "حزب الله"
ان لتورطه في قمع الثورة عواقب خطيرة
للغاية، وخطورتها مباشرة عليه كتنظيم
وبيئة حاضنة، و يا للاسف غائبة عن
الوعي. ================= نقطة
تحول في الموقف الرسمي من سورية ياسر
أبو هلالة الغد الاردنية 29-7-2012 مهما حاول الناطق
باسم الحكومة التخفيف مما شهدته
الحدود السورية فإنه لا يغير من
الحقيقة شيئا. فـ"الاشتباك"
اشتباك بالأسلحة وليس مشاجرة، وهو ليس
بين أولاد حارة وإنما بين جيشين على
الحدود. والنتيجة مروعة، إنها قتل
الطفل بلال اللبابيدي وجرح العسكري
الذي حاول إنقاذه بلال الريموني. ولأن
الدنيا ليلا وأماكن الانتشار
والاختباء واسعة فإن الخسائر أقل في ظل
إطلاق النار الكثيف.
بين البلالين تكمن الحقيقة. الأردن
ليس دولة عظمى ولا تدخلية، لكنها دولة
مثل أي دولة تحترم القوانين الدولية،
وقبل ذلك تتكون من شعب وجيش يتحليان
بقيم العروبة والإسلام التي تلزم
بحماية وإجارة الأطفال والنساء وعموم
"الداخلين" علينا هربا من الجور
والموت، فحتى في الحرب "وإن أحد من
المشركين استجارك فأجره". مقابل ذلك، ثمة نظام
مجاور ليس بدولة وإنما عصابة، ولا يقيم
وزنا لقوانين دولية ولا يتحلى بقيم ولا
بخلق. ليس منذ عام ونصف، بل من قبل وهو
يؤسس شرعيته على القتل والترويع
والإرهاب. وليس غير ذلك يثبت أنه نظام
أقلية منبوذ معزول. بلال اللبابيدي
الذي هرب من الموت في حمص ولقيه في تل
شهاب واحد من مئات الأطفال الذين لم
يكن أولهم حمزة الخطيب. والحمد لله أن
العسكري الذي حاول إنقاذه نجا، وما هي
إلا ملمترات بين الإصابة في مقتل وبين
النجاة. منذ انطلاق الثورة
السورية كانت الأكثرية الساحقة في
الأردن معها. لا يؤكد ذلك استطلاعات
الرأي فقط، وإنما الممارسة على أرض
الواقع، فالمئة وخمسون ألفا من
اللاجئين بعد الثورة استوعبوا في بيوت
الناس لا في مخيمات اللجوء.
والاعتصامات أمام السفارة السورية
احتجاجا بالآلاف، وتأييدا بالعشرات.
في جنازة الطفل خرجت الرمثا تبكي،
مقابل العشرات الذين قدموا العزاء
للسفير السوري بمقتل قادة أجهزة
النظام الذين زرعوا الموت في سورية.
وقضوا وفي ذمتهم مفقودون أردنيون لا
يعرف مصيرهم. بعيدا عن الجدل
العقيم، هذا النظام يخدم الصهيونية
اليوم، فجرائمه أظهرت نتنياهو أمام
العالم وكأنه حمامة سلام، ومدفعيته
التي تدك نازحي الجولان والقرى
الحدودية هي برد وسلام على من يحتل
الجولان. وهذا لا يلغي تاريخه في دعم
المقاومة الفلسطينية والعراقية
واللبنانية. لكنه اليوم عبء على سورية
بقدر ما هو عبء على فلسطين. ليس مطلوبا
من الدولة أن ترتقي إلى غضب الشارع،
ولكن المطلوب، وهو ما يبدو أننا
انتقلنا إليه، أن تكون إلى جانب الشعب
السوري. وثمة هامش واسع للحركة.
فالمسألة تعدت الجانب الإنساني،
والأردن بأفق عربي وإسلامي ودولي، من
خلال علاقاته بالخليج وتركيا وأميركا
قادر على مساندة الشعب السوري. ومن
خلال هذه المساندة فقط يستطيع أن يمنع
التداعيات السلبية، والمساهمة في بناء
سورية الغد. بتصور النظام السوري
فإن الأردن متآمر، وقد صدرت كثير من
التسريبات والتصريحات. والموقف
المرتبك والسلبي والمتردد خلال عام
ونصف لم نكسب فيه الثورة وخسرنا النظام.
إن المسألة أخلاقية بالمقام الأول،
وهو ما عبر عنه العسكري الأردني الذي
غامر بحياته وخاض لجة النار لإنقاذ
طفل، ومع ذلك
هي مصلحية. فالعلاقة مع النظام الجديد
في سورية ستكون لها عوائد اقتصادية
وسياسية تخدم البلدين. فالنهضة
الاقتصادية في أوروبا تحققت في إعادة
الإعمار بعد الحرب، وكذا في كل العالم.
ومن مصلحتنا أن نكون شركاء في إعادة
بناء سورية. وبناء المدن السورية
المدمرة أهم من بناء المخيمات. ================= الدوري
وطلاس .. وعمق المسافة * عمر كلاب الدستور 29-7-2012 ليس الاختلاف بين
دمشق وبغداد بالياسمين فقط، ولا بخلاف
البعث وتصنيفاته بين البعث الاشتراكي
او البعث العربي، المسافة اوضح كثيرا
في الهلال الخصيب، الذي انحاز شامه الى
دمشق بل انه اطلق على الياسمينة
الدمشقية لفظة البلدي، وبقي الياسمين
العراقي هكذا، ليس بلديا، والبلدي
دائما اغلى واحلى عند بَر الشام. وبقيت بغداد وحدها
تناكف وتلاطف بلاد الشام في مجموعة
الهلال الخصيب الذي بقي محافظا على
جفاء الشام منذ الامويين والعباسيين،
فالحجاج ظل حارس الحدود بين القطرين
وظل هو المرجعية النظرية للحزبين، الى
ان جاء صدام حسين رحمه الله، فحمل
بفروسيته الجميلة بلاد الشام الى حضن
بغداد، وبنى مداميك علاقة مع بغداد لم
تكن مبنية الا في اذهان نخبة سياسية
محدودة كانت ترى في العراق سندا، فيما
ظلت الياسمينة الدمشقية تمنح ظلالا
لاحزاب ونخب رغم رقة ساقها اضعاف ما
تمنحه النخلة العراقية. في رمضان شهر العمل
والفعل في بلاد الهلال الخصيب، ثمة
ثورة في قلب الشام وثمة ثورة متصلة منذ
احتلال العراق، ثورة الياسمينة على
نفسها وثورة العراق على الذات
والاحتلال، فزمن الاقصاء انتهى وزمن
الحزب الواحد غادر، والبعث في العراق
مقاوم يمشي امينه العام في طرقات بغداد
والكاظمية منذ اول رمضان محروسا بأعين
العراقيين رغم انه مرصود بالملايين من
اعين الاحتلال واعوانه، فيما تختلف
التكهنات بمكان امين عام بعث دمشق،
وهذا تحت احتلال ويمشي وذاك هو احتلال
ويختفي. ثوريّ العراق يمشي في
بغداد وثوري الشام يهرب خارجها، فما
يجري في الشام اعادة استحضار لاسوأ
اشكال الانتهازية السياسية حين تتحالف
مع الطوائف لتشكيل بلد الوحدة والحرية
والاشتراكية، فأين الوحدة في عصر
الطوائف واين الحرية في زمن القذائف،
منذ اول ايام رمضان اعلنت المقاومة
العراقية ان الامين العام لحزب البعث
العربي الاشتراكي في العراق عزة
ابراهيم الدوري يقضي رمضان في بغداد
ويمارس صيامه وقيامه في عاصمة الرشيد
ومساجدها. في دمشق تتحدث
الاصوات عن مناف طلاس بوصفه زعيم طائفة
قادم، وبوصفه اضافة نوعية للمقاومة
وخسارة استراتيجية للنظام، فالرجل ابن
الطائفة الاكبر في دمشق، والرجل ابن
مدينة جرى تحطيم روحها وتدمير ذاكرتها
-الرستن- دون ان يشفع لها ابنها الاكبر
او ابنها الصغير الذي غادر الى خارج
دمشق فهو تيار الحمائم البعثي الذي لا
يطيق الدم ولا رائحته رغم انغماس ايدي
ابيه في الدم والشعر. الخلاف بين الشام -وهذا
طغيان لدمشق ما بعده طغيان، عندما
اختصرت كل المدن لصالحها، فباتت هي
الشام- وبين بغداد خلاف لا يمكن ردمه
بسهولة، بعد ان فرّطت دمشق ببغداد في
حرب البوابة الشرقية، وعادت لتبني
معها علاقات تمر بممر لا ينطق بالعربية
الفصحى، وتحت اسد علم بلاد العجم لا
اسد بلاد العرب، فكانت العلاقة مشروخة
ولا تستقيم، وكانت خطيئة العرب عندما
قدموا اُضحيتهم الاغلى على مذبح
الامريكان في عيد الله اكبر. الان نحن بحاجة الى
مشروع جديد تقوم من خلاله بغداد من
وطأة الطائفية وهي العاصمة التي تنطق
العربية بالفصحى دون لكنة اعجمية،
لتنقذ دمشق من اعوجاج لسانها
واعجميته، ولا ضير من بقاء لكنة الشام
العذبة، وبدون تمركز المقاومة في
بغداد ودمشق ودون النطق بالفصحى في
العاصمتين ستبقى مسافة الحرية بعيدة
عنّا، فلا يمكن ان تكون الزعامة
العربية لغير الهلال الخصيب من قبل ومن
بعد ولا بد لربيع الثورة ان يخضوضر،
ويتوحد الياسمين، حتى نتفيأ ظلال
الربيع وظلال العزة بعد ان استوطن
الربيع في بلاد المانجا والرُطب بدون
عربية فصحى. ================= عن ثورة
حلب ومساعي الحل السياسي * ياسر
الزعاترة الدستور 29-7-2012 نكتب بينما تتعرض
مدينة حلب الشهباء لحصار وقصف بمختلف
أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران. حلب
التي كانت إلى جانب دمشق عنوان
التبريرات التي تساق للتقليل من شأن
الثورة السورية عبر الإصرار على أنها
ثورة أطراف وأرياف تحركها قوىً خارجية
متآمرة مع “الإمبريالية” العالمية
والصهيونية المجرمة!! بعد انخراط دمشق وحلب
في الثورة لم تعد هذه التبريرات قابلة
للتسويق، لكن من استخدموها شهورا
طويلة لم يغيروا رأيهم، بمن فيهم محمد
حسنين هيكل الذي رددها غير مرة، فضلا
عن جحافل الشبيحة المنبثين في دول
عربية كثيرة. في معركة دمشق على
سبيل المثال، وبعد أن ضرب الثوار رؤوس
الإجرام في عملية مبنى الأمن القومي،
بل قبل ذلك بأيام حين كانت الصدامات
المسلحة مندلعة في أحيائها الرئيسة؛
في المعركة المذكورة استعاد النظام
زمام المبادرة بهذا القدر أو ذاك عبر
سيطرته من جديد على الكثير من الأحياء
التي سيطر عليها الثوار لبعض الوقت،
لكن ذلك لا يغير في الحقيقة شيئا، أعني
انخراط المدينة بمختلف أحيائها في
الثورة. الآن يحدث مثل ذلك في
حلب. وفيما يصعب الجزم بنهاية المواجهة
الدائرة فيها، فإن نهج الثورة هو حرب
العصابات، ولا يمكن القول إن النظام قد
تفوق لمجرد استعادة السيطرة على
المدينة أو أجزاء منها، لاسيما أن
الفارق في السلاح والإمكانات كبير بين
النظام وبين الثوار الذين يعتمدون على
الأسلحة الخفيفة والكمائن التي تستخدم
فيها متفجرات أكثرها من صناعة محلية. لا يُستبعد بالطبع أن
تتفوق حلب في المعركة وتكون بمثابة
بنغازي ليبيا، لكن ذلك يتطلب حظرا جويا
لا يلوح في الأفق في ظل الموقفين
الروسي والصيني، ما يعني أن حرب
العصابات ستتوالى؛ وتتسع معها دائرة
الانشقاقات في الجيش والمؤسسة
السياسية وصولا إلى تداعي النظام
بالكامل. هذا البعد لا ينفي أن
ثمة حديثا جديا عن شكل من أشكال التدخل
العسكري يتمثل في استحداث مناطق آمنة
أو عازلة تكون بمثابة مأوىً للثوار،
ويبدو هذا التطور على صلة بشعور أكثر
المعنيين بإمكانية سقوط النظام في أية
لحظة، واحتمال أن تحل مكانه قوىً تصعب
السيطرة عليها في ظل وجود سلاح كيماوي
يخشون من وقوعه بين أيديها، فضلا عن
المخاوف من تقسيم البلد، لاسيما
بالنسبة لتركيا التي تتابع بقلق
تحركات الأكراد في مناطقهم، فضلا عن
إمكانية لجوء العلويين إلى مناطق
الساحل وتشكيل دولة لهم فيها. من هنا تكثر التحركات
المتعلقة بإيجاد البديل الذي يملأ
الفراغ، وما قصة مناف طلاس عنا ببعيد،
حيث استقبل الرجل من قبل كثير من العرب
والأتراك ومن الغربيين، ما يعني
إمكانية البحث عن بديل يحول دون فراغ
مخيف، أو تقسيم محتمل. والحال أن خيار
التقسيم يبدو مستبعدا؛ ليس فقط لأن
تركيا ترفضه، بل لأن الثورة التي دفعت
الكثير من التضحيات لن تقبل بأن تكون
خاتمتها تقسيم سوريا مهما كان الثمن؛
وحتى لو استمرت المعركة فترة طويلة. المجلس الوطني
المعارض، ومعه الجيش السوري الحر لا
يقول الكثير على صعيد الموقف من
التحركات السياسية الجارية، وهو موقف
يبدو عاقلا إلى حد كبير، لأن النظام هو
المعني بهذه التحركات، وليس من الحكمة
أن تقدم هي تنازلات مجانية في وقت يعلن
النظام وداعموه وفي مقدمتهم روسيا
وإيران بأن مسألة تنحي الرئيس غير
واردة. إذا يئس النظام من
وضعه وقرر بشار الرحيل مع عائلته، فلكل
حادث حديث، وأية ترتيبات أخرى تأخذ في
الاعتبار التطورات على الأرض يمكن أن
تكون قابلة للتفكير، لاسيما أن من
اقتلع نظاما دمويا عمره 40 سنة، لن يعجز
عن مواجهة آخرين في حال لم يعبروا عن
تطلعاته في الحرية والكرامة. وفي حين تبدو الهواجس
الإسرائيلية هي الأكثر تحكما بالموقف
الأمريكي والغربي عموما، مع أخذها في
الاعتبار بالنسبة لروسيا، فإن عموم
المواقف لم تعد تشك في رحيل النظام،
وضرورة ترتيب الوضع التالي. الأمل بالطبع أن تؤدي
إطالة أمد المداولات السياسية إلى
الإطاحة العملية بالنظام، وحينها لن
تعجز المعارضة بشقيها السياسي
والعسكري عن تشكيل حكومة انتقالية
لمدة معينة، حتى لو استغرق ذلك بعض
الوقت وقدر من الإشكالات الطبيعية في
حالة ثورة تقتلع نظام دمويا يستند في
بعض تجلياته إلى بُعد طائفي واضح، فضلا
عن تعددية مذهبية وعرقية يتمتع بها
البلد، ولن يكون من السهل التعامل معها. الثورة بعد انخراط
حلب ودمشق فيها بقوة تسير نحو
الانتصار، بصرف النظر عن أسئلة اليوم
التالي الكثيرة والمعقدة؛ تلك التي لا
ينبغي أن تشكك أحدا في مشروعية الثورة
وروعتها وما ستحققه من إنجاز تاريخي
يتمثل في التخلص من نظام دكتاتوري فاسد
جثم على صدور الناس لأربعة عقود. التاريخ : 29-07-2012 ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 29-7-2012 ليس فألاً حسناً ،لا
بلْ هو فألُ شؤمٍ، أن يعطي النظام
السوري ،الذي يبدو الآن وكأنه معلقٌ من
رموش عينيه، لمعركة حلب الإسم ،الذي من
المفترض أنه ماركة مسجلة لصدام حسين
ولوزير إعلامه محمد سعيد الصحاف صاحب
إصطلاح «العلوج»، وهو :»أم المعارك»
والفرق هنا هو ان الرئيس العراقي
السابق كان في مواجهة مع تحالف دولي
كانت قواته تزحف في اتجاه بغداد بينما
بشار الأسد يقول هذا الذي يقوله وهو في
مواجهة مع شعب من المفترض أنه شعبه
ويهدد مدينة أي «حلب» من المفترض أنها
العاصمة الثانية لبلده. غير معروف من الذي
أشار على بشار الأسد أن يطلق على معركة
حلب إسم «ام المعارك» الذي كان من
الأحرى أن يكون «أم المهالك» فالرئيس
السوري فقد قبل أيام قليلة أربعة من
كبار مستشاريه.. أو خمسة أو ستة في ضربة
واحدة كان يجب أن تُعطى إسم «أم
الضربات» إذا كان لابد من الأخذ
بالأسلوب الأميركي في هذا المجال على
الأقل وإعطاء كل عمل عسكري إسماً ذا
دلالة في أغلب الأحيان يتم أخْذه من
أحداث وخرافات التاريخ. لن تكون معركة حلب «أم
المعارك» حتى وإن دمَّرتها دبابات
بشار الأسد وصواريخه وطائراته
المروحية والمجنحة عن بكرة أبيها
وتحويلها الى ما كان أصاب «حماه» أم
النواعير في عام 1982 فالشعب السوري الذي
واصل طريقه بعد تدمير حمص وبعد تدمير
إدلب وبعد تدمير ما جرى تدميره في دمشق
وريفها وفي درعا ودير الزور سوف يواصل
طريقه التي بات على مسافة مرمى حجر من
نهايتها.. والتدمير الأكثر خطورة هي
تدمير معنويات الشعوب وتدمير إرادتها
أما المدن وبخاصة المدن التاريخية ومن
بينها مدينة «أبو فراس الحمداني» هذه
فإنها بقيت يدمرها إما الغزاة أو
الحكام المستبدون لكنها بقيت تبنى من
جديد وبصورة أبهى من الصور السابقة!!. لم يعد هناك مجال
للتعلق بزبد البحر فهذا النظام ،الذي
أضاع فرصة ثمينة عندما اختار منذ
اللحظة الأولى خيار العنف والقوة
العسكرية الغاشمة، لم يعد امامه إلاّ
حزم أمتعته والتسلل تحت جنح الظلام
للوصول الى الملجأ الآمن الذي من
المفترض أنه بادر لتأمينه منذ ان بدأت
المناطق السورية تتسرب من بين أصابعه
ومنذ أن كانت هناك «أم الضربات» في يوم
الأربعاء الذي سيكرس على أنه إحدى
المحطات الرئيسية التي حددت ملامح
سوريا الجديدة. لقد كانت قوات النظام
السوري وإلى ما قبل شهورٍ قليلة تسيطر
على كل ما في سوريا من مدنٍ وقرى وأرياف
وصحارى قريبة وبعيدة ولقد كانت هناك
معركة بابا عمرو في حمص.. وأمس الأول
كانت هناك معركة الميدان والمزة وكفر
سوسة واليرموك في دمشق ولكن الشعب
السوري بقي يفرض نفسه على واقع الأحداث
فالغلبة دائماً وأبداً هي لإرادة
الشعوب وإلا لكان عرش الطاؤوس في إيران
لا يزال باقياً ولكان «الرفيق» الذي
انتهت إليه رئاسة المكتب السياسي
يصطاف الآن في ذلك المنتجع الجميل على
شواطئ البحر الأسود.. ولكان القذافي لا
يزال في ساحته «الغبراء» ولكان
العنصريون في ذروة تألقهم في إفريقيا
الجنوبية. لا يفيد هذا النظام
،الذي قد وصل الى قعر البئر ولا يزال
يرفض الاعتراف بالحقيقة، ان يحتل في «ام
المعارك» هذه مدينة حلب وان يستعيد
احتلال كل من حمص والرستن وإدلب وحماه
والمدن الشمالية-الشرقية التي «اهداها»
لحزب العمال الكردستاني التركي لصاحبه
عبد الله أوجلان فالإحتلال الأخطر هو
احتلال إرادة الناس والواضح أن إرادة
الشعب السوري غدت بعيدة عن أيدي أي
احتلال لا في أمهات معارك ولا في أمهات
مهالك.. وهذه هي الحقيقة ومن لا يستطيع
رؤيتها لاشك في انه مصابٌ بعمى البصر
والبصيرة!!. ================= السوريون
إذ يعيدون استكشاف وإنتاج وطنهم هوشنك اوسي الشرق الاوسط 29-7-2012 حين بدأت حركة
الاحتجاج الجماهيرية ضد نظام الأسد في
سوريا، منتصف مارس (آذار) 2011، كانت حركة
إصلاحية لاعنفية، وكانت سترضى ببقاء
الأسد، مع إخلاء سبيل الوطن - الدولة
والمجتمع من أسر القبضة الأمنية عبر
السير نحو الدولة الوطنية.. اللاقومية..
اللاحزبية.. اللاطائفية. رويدا، ومع
اشتداد التعاطي الدموي للنظام السوري
مع حركة الاحتجاج السلمية، ارتفع
منسوب الثورية في هذه الحركة، بارتفاع
سقف المطالب لتصل إلى: «الشعب يريد
إسقاط النظام»، بالتزامن مع بدء
المعارضة السياسية والمسلحة دخول حرب
التحرير الوطنية ضد النظام الأسدي
المحتل للدولة والوطن والمجتمع، بحيث
أضحى هذا النظام متجاوزا بسنوات ضوئية
الاحتلال الفرنسي لسوريا، الذي لم
يفعل في السوريين ولم يقتل منهم طيلة
ربع قرن (1920 - 1946) ما قتله نظام الأسد من
السوريين في 17 شهرا من عمر الثورة
السورية. مع بدء حركة الاحتجاج
السلمية في سوريا، كان المتظاهرون
يرفضون رفع أي علم غير علم النظام
السوري. ويحاولون تبرئة مؤسسة الجيش من
جرائم النظام. ولكن في ما بعد، قال
المتظاهرون: «خاين ياللي بيقتل شعبه..
الجيش السوري خاين»! وصار النشطاء
والمتظاهرون يرفعون علم الاستقلال،
ويرفضون رفع العلم السوري الحالي،
ويصفون الجيش السوري، بـ«كتائب الأسد»
أو «ميليشيات الأسد»!. في بداية حركة
الاحتجاج والثورة السورية، كان
النشطاء السوريون العرب، والمعارضة
السورية العربية، ترفض بشكل قاطع، رفع
أي علم أو رمز أو شعار كردي أو سرياني
في المظاهرات الاحتجاجية! وفي ما بعد،
صارت الأعلام الكردية، يرفعها الكرد
والعرب السوريون ليس فقط في المناطق
الكردية السورية، شمال وشمال شرقي
البلاد، بل وفي حمص ودرعا ودمشق وحلب..
وصار السوريون يرددون كلمة «آزادي -
الحرية»، واضطرت المعارضة العربية
السورية، ولو على مضض، لقبول الواقع
الموزاييكي القومي والديني والطائفي
السوري، وسعت لتحصينه وتدعيمه
وطمأنته، بشكل أو آخر! وهكذا دواليك، صارت
عروبة سوريا محل نقاش وتداول، وازداد
عدد السوريين المطالبين بعودة سوريا
لأصلها «الجمهورية السورية»، قبل
انقلاب حزب البعث على الدولة
والمجتمع، وتحويل البلاد إلى «الجمهورية
العربية السورية». بمعنى أن الثورة
السورية فتحت قوسا لسؤال كبير ومصيري،
ذي عمق وخلفية سياسية.. اجتماعية..
ثقافية.. وطنية.. وحتى نفسية، مفاده: كيف
يمكننا إعادة إنتاج الوطن السوري،
وتطهيره من الموروث القومجي - البعثي،
ذي المنحى العنصري الشوفيني؟! وصولا
لتأسيس عقد اجتماعي - سياسي وطني، ينقل
البلاد من ركام الفساد والاستبداد
والاستعباد على مدى نصف قرن، إلى دولة
المواطن والمواطنة والحقوق
والمؤسسات، دولة العدالة والحريات! وتحت سقف هذا السؤال
الكبير والمهم والمصيري، ومع تنامي
الوعي الوطني الديمقراطي الناضج
والمنتج للسلوك الديمقراطي، يجب أن لا
توجد خطوط حمراء أمام أي سؤال وطني
يسعى إلى الدفع بعجلة التنمية
الديمقراطية.. السياسية - الاجتماعية،
على كل المستويات، بما يضمن إعادة
إنتاج كل المفاهيم السابقة للمواطنة
والوطنية التي أتلفها نظام الأسد -
البعث، وإعادة هيكلة الدولة
ومؤسساتها، بما يعزز الوحدة الوطنية
وينجز العناق الوطني الكبير والعظيم
عبر تدعيم وتحصين وتنمية قيم ومبادئ
الاختلاف والتنوع بين مكونات الشعب
السوري، من شعوب وأقليات قومية،
وأديان ومذاهب وطوائف! هكذا، بدأت المسلمات
والبديهيات السابقة المتوارثة، بفعل
نظام البعث، تدخل دائرة النقاش
والتغيير. فحتى النشيد الوطني السوري،
ينبغي إعادة النظر فيه، لاشتماله على
عبارات تقارب العنصرية، نتيجة رفع
النص شأن العرب والعروبة على شؤون باقي
مكونات الشعب السوري، ومنح العرب
السيادة على باقي الشركاء في الوطن
والتاريخ والجغرافيا، وتجاهله التعدد
القومي والديني في البلاد؛ إذ يقول: عرين العروبة بيت
حرام وعرش الشموس حما لا
يضام فمنا الوليد ومنا
الرشيد فلم لا نسود ولم لا
نشيد ببدء الثورة
السورية، بدأ المجتمع السوري اكتشاف
نفسه.. اكتشاف حقائق مكونات نسيجه،
وأنه لطالما سعى النظام الأسدي حثيثا
ومستميتا إلى تصفيتها. ولأن سوريا تولد
من جديد، فهذا يعني أن شهادة ميلادها،
واسمها وعلمها ونشيدها، يجب أن لا يمت
بأية آصرة مع حقبة القومجية البعثية -
الناصرية وتركتها من سياسات التمييز
والصهر والتذويب والإنكار والتصفية
السياسية والثقافية، وتزوير تلك
الحقبة حقائق التاريخ والجغرافيا
والديموغرافيا السورية. ومع كل ولادة
جديدة، ثمة مخاضات وآلام، وإن ولادة
سوريا الديمقراطية.. العلمانية..
الوطنية، بالتأكيد ستكون آلامها ليست
فقط محصورة في مدى الوحشية التي يبديها
نظام الأسد فحسب، بل من المخزون والإرث
أو الموروث العنصري والشوفيني، الذي
لا يمكن إنكار وجوده في المعارضة
السورية. وهذا الموروث إلى زوال. لأن
المصدر الرئيسي، (النظام السوري)،
بوصفه أحد تجليات الأنموذج المشوه
للمشروع القومي العربي، أثبتت ثورات
ربيع الشعوب، في تونس ومصر وليبيا
وسوريا، وقبلها في العراق، سقوطه
وزواله. والإشكال الذي يجعل الولادة
صعبة ومؤلمة، أن معارضات الشرق
الأوسط، هي أيضا، تلوثت بموروث
الأنظمة الاستبدادية التي كانت
تعارضها. أيا يكن حجم آلام
مخاضات إعادة إنتاج الوطن السوري،
وأيا كان مستوى تسرب الإسلام السياسي
إلى الثورة السورية، فهذا لا يعني أن
سوريا ستعود لنظام، يشبه نظام الأسد -
البعث. ذلك أنه لم ولن يمر على سوريا
نظام أسوأ من نظام الأسد الأب والابن،
ولن يمر عليها حجم الدمار المادي
والمعنوي الذي ألحقه هذا النظام
بالوطن والدولة والمجتمع والإعلام
والثقافة ومناهج التربية والتعليم. * كاتب كردي سوري ================= فايز سارة الشرق الاوسط 29-7-2012 تبدو ثورة السوريين،
وكأنها آخذة في المراوحة بالمكان. إذ
تواجه صعوبات جدية في إكمال مسيرتها
نحو التغيير الشامل للنظام، وإقامة
نظام ديمقراطي جديد يوفر العدالة
والمساواة للمواطنين كافة دون تمييز
من أي نوع، كما يجد النظام صعوبة كبيرة
في إخضاع السوريين وإعادة الأمور إلى
ما كانت عليه قبل انطلاق حركة الاحتجاج
والمظاهرة في مارس (آذار) 2011، التي
تحولت إلى ثورة عارمة. السبب الرئيس للوضع
السوري الحالي، هو توازن القوة بين
النظام والثورة، وهو بين أسباب أدت إلى
انتقال أزمة سوريا من أزمة داخلية إلى
أزمة إقليمية ودولية، صار السوريون في
ظلها، نظاما ومجتمعا ومعارضة، عرضة
لتأثيرات الخارج الإقليمي والدولي،
وصار وجودهم في الأزمة هو الأقل تأثيرا
على مستقبل سوريا، رغم استمرار الحل
الأمني العسكري من جانب النظام من جهة
واستمرار عمليات التظاهر والاحتجاج من
جهة أخرى، وقد زاد عليها دخول الجيش
السوري الحر دائرة الفعل الداخلي في
سياق إفشال سياسات وممارسات النظام
وأجهزته. وأدى مسار الحل
الأمني العسكري وتصاعده إلى زيادة حجم
الخسائر البشرية والمادية التي تصيب
السوريين قتلا وجرحا واعتقالا ونزوحا،
وتدميرا للممتلكات ومصادر عيش السكان،
وساهم دخول «الجيش الحر» دائرة
الهجمات، بعد ما حصل ويحصل في دمشق
وحلب، في زيادة نتائج القتل والدمار في
الواقع السوري. ولعل هذا التطور يمثل
أحد العوامل الضاغطة على السوريين من
أجل تصعيد النشاط السياسي من أجل حل
الأزمة وتحقيق الانتقال من نظام
الاستبداد والفساد والقتل إلى النظام
الديمقراطي التعددي المنشود، وكان أحد
تعبيرات التصعيد في النشاط السياسي،
تزايد دعوات من جماعات سياسية ومدنية،
ولا سيما الشبابية منها، إلى إعادة
الاعتبار للنشاط السياسي والسلمي
بأشكاله المختلفة من التظاهر إلى
الاحتجاج وصولا إلى العصيان المدني. وفي سياق هذه
التوجهات، شاركت مجموعة نشطاء سياسيين
سوريين في ندوة أقيمت الأسبوع الماضي
بالعاصمة الإيطالية حول سوريا ومستقبل
العمل السياسي فيها بدعوة من جمعية
سانت اجيدو إحدى أهم الجمعيات غير
الحكومية في أوروبا، وهي مهتمة
بالسلام وحل النزاعات، وبمحصلة
الأطروحات والنقاشات، التي تمت في
الندوة، أصدر المشاركون ما سموه «نداء
روما من أجل سوريا» الذي تضمن خلاصات
رسمت مسار العمل السياسي بطابعه
السلمي في مواجهة تحديات الحل الأمني
العسكري الذي اختاره النظام في مواجهة
الثورة، وما أدت إليه تداعياته من توسع
لمظاهر وتجليات العنف والدمار الذي
لحق بأشخاص سوريين وبممتلكاتهم
وكيانهم السياسي ومستقبله. وخلص المشاركون إلى
تأكيدات، أولها أنهم عرفوا أنفسهم
باعتبارهم مواطنين ينتمون إلى فصائل
من المعارضة الناشطة داخل البلاد
وخارجها، وأنهم جزء من الشعب السوري
الذي يعاني قمع الديكتاتورية وفسادها،
ويقفون بحزم ضد الممارسات الطائفية
والتمييزية، ويريدون مستقبلا لسوريا،
يحترم الحياة والكرامة البشرية في
إطار العدالة. وهم يرون المستقبل عبر
مسار سياسي سلمي، يمنعه استمرار الحل
الأمني العسكري وتصاعد العنف بما
يخلفه كلاهما من دمار عام. وبسبب من تلك الأوضاع
والتطورات، أكد المشاركون أنهم وإن
كانوا يؤيدون حق المواطنين في الدفاع
المشروع عن أنفسهم، فإنهم يأخذون على
عاتقهم العمل من أجل وقف العنف، ودعم
كل أشكال النضال السياسي السلمي
والمقاومة المدنية بديلا للسلاح ورفضا
للعنف اللذين يدفعان البلاد نحو الحرب
الأهلية، ويعرضان وحدة الشعب والدولة
والسيادة الوطنية للخطر. ويجزم أصحاب النداء،
بأن هناك حاجة إلى مخرج سياسي للأوضاع
في سوريا باعتباره الطريقة الملائمة
للدفاع أيضا عن قيم وأهداف من يضحون
ويعرّضون حياتهم للخطر من أجل الحرية
والكرامة، ويدعون جميع السوريين،
وخاصة الشباب والمواطنين المنضوين في
الجيش السوري الحر وكل من حمل السلاح،
للمشاركة في عملية سياسية تؤدي إلى
سوريا سلمية آمنة وديمقراطية. وإزاء ما لاحظوه من
تحول البلاد إلى ساحة للصراعات
الدولية والإقليمية، فقد أكدوا ضرورة
سعي المجتمع الدولي لتحقيق توافق دولي
يؤسس لمخرج سياسي من الأوضاع
المأساوية الراهنة، يقوم على فرض فوري
لوقف إطلاق النار، وسحب المظاهر
المسلحة وإطلاق سراح المعتقلين
والإغاثة العاجلة للمنكوبين وعودة
المهجرين وصولا إلى مفاوضات شاملة،
تستكمل بمصالحة وطنية أصيلة، تستند
إلى قواعد العدالة والإنصاف. في نداء ذلك النفر
القليل من السوريين، ثمة محاولة
جديدة، تنطلق للخروج من نفق الأزمة،
تقوم على خيارات أساسها توسيع
المشاركة الشعبية لتكريس خط سياسي
سلمي على نحو ما بدأت الثورة في أولها،
وخروجا من محنة الدم التي أصر النظام
عليها منذ البداية وما زال مستمرا
فيها، وسعيا إلى كسب دعم وتأييد
المجتمع الدولي لهذا المسار، وقيامه
بالضغط على النظام للاستجابة إلى
مطالب الشعب في بناء سوريا ديمقراطية
مدنية وتعددية، تعتمد أسس العهد
الوطني المشترك الذي أقره بالإجماع
مؤتمر المعارضة السورية الأخير
بالقاهرة. ولا شك في أن القريب من الزمن
يمكن أن يبين لنا القيمة الحقيقية لهذه
المبادرة الساعية لإخراج سوريا من
الأزمة بطريقة وربما بأدوات مختلفة
عما سبقها. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 29-7-2012 يوحي سؤال «ما العمل؟»
بالتقدم الذي أحرزته الثورة السورية
ويطرح سؤالا مفصليا وحاسما علينا
اليوم: ماذا انتم فاعلون، كمعارضة، في
ظل وضع قائم يدور القتال فيه داخل
دمشق، بما تمثله من معركتها من أهمية
لمصير الدولة والمجتمع السوريين؟ جوابي على هذا السؤال
من ثلاث نقاط: 1) لا بد من تشكيل
حكومة مرحلة انتقالية تكون حكومة وحدة
وطنية بأفضل معاني الكلمة، على أن يتم
ذلك بالتشاور مع التنسيقيات والجيش
الحر والمعارضة الداخلية والخارجية،
ويكون معظم أعضائها من التنسيقيات
والجيش الحر، وتترك فيها مقاعد لأفراد
من النظام لم تتلوث أيديهم بالدماء.
هذه مهمة للأيام القليلة القادمة. بعد
تشكيلها، من المحتم أن تصدر الحكومة
بيانا وزاريا يجب البدء بكتابته منذ
اليوم، ليحدد الإجراءات والسياسات
الكفيلة بالحفاظ على وحدة سوريا دولة
ومجتمعا، ويعطي أدوارا مطمئنة لما
يسمونه في الغرب «الأقليات»، ويشركها
في وقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع
والمصالحة الوطنية والإشراف على مناطق
بعينها تضررت وحدتها بسبب سياسات
النظام الطائفية وما قابلها من سياسات
مذهبية مارستها بعض أطراف المعارضة.
هذه الحكومة لا يجوز بأي حال أن تكون
حكومة محاصصة، أو خلافات سخيفة حول
الأحجام المزعومة لهذه الجهة أو تلك،
لكونها ستتولى إدارة البلاد في
المناطق المحررة اليوم، وفي كامل
البلاد بعد سقوط النظام، وستضمن
الحدود مع العدو الصهيوني وتعمل لمنع
أي فريق إقليمي من استغلال الأزمة
السورية كي يفجر الأوضاع ويحبط
التسوية بين السوريين ويحول دون رحيل
الأسد، وتطلب معونة عربية قد تشارك
فيها أطراف دولية لضبط الوضع خلال
الطور الأول من مرحلة الانتقال. كما
يجب أن تضم الحكومة ممثلين عن كافة
مكونات المجتمع السوري، وتعمل ببرنامج
وطني عام وتوافقي لا خلاف بين السوريين
عليه، يدور أساسا حول وحدة الدولة
والمجتمع، وحقوق المواطن والإنسان
وحقوق القوميات والأقليات، وأسس مرحلة
الانتقال العامة. 2) إصدار إعلان وطني
تشارك في صياغته وتوقيعه جميع أطياف
المعارضة من تنسيقيات وجيش حر ومجلس
وطني وأحزاب - بغض النظر عن تسمياتها
الحالية - على أن يتضمن صورة سوريا
الغد، التي تتعهد هذه القوى مجتمعة
بالتوافق عليها وإقامتها، سوريا الحرة
مع تحديد إجرائي لسبل الوصول إليها
ومراحله، وللخطوات التي سيتم القيام
بها لتحقيق كل مرحلة، والحوامل
القانونية والعملية للأدوار المباشرة
التي سيقوم بها مختلف السوريين للخروج
من الأزمة الراهنة، وتستبعد نزعة
انتقامية أو تمييزية أو إقصائية،
وتقوم على التسامح وما يراد لسوريا
الحرة دولة ومجتمعا من تماسك مجتمعي
ووطني، بالنظر إلى أن النظام لم يكن
نظام فئة أو طائفة بعينها، بل كان نظام
مافيا متنوعة المنابت والمذاهب،
يوحدها عداؤها للشعب وتجمعها مصالح
موحدة أو متقاربة، سيتحرر السوريون من
مختلف الفئات والأطياف بسقوطها
وانتهاء حكمها، فلا يجوز أن تنسب إلى
فئة أو طائفة غير طائفة سلطة تضم فاسدي
المذاهب والفئات والتيارات السياسية
وأعداء الوطن والشعب، ويجب أن تعتبر
مسؤولة عن العنف الذي مورس ضد
المواطنين، والتنكر لحقوق الشعب،
والعمل لتحويل ثورة تريد الحرية لجميع
السوريين إلى اقتتال طائفي وحرب أهلية
لا تبقي ولا تذر. 3) حيوية وأهمية أن
يتخذ ضباط الجيش والأمن السوريون
موقفا واضحا من النظام، يفكهم عنه،
ويضعهم في صف شعبهم الذي ينتمون إليه،
حيث مكانهم الحقيقي ودورهم في تسوية
تاريخية أعظم مهامها إعادة تأسيس
الدولة والمجتمع في سوريا على أسس
ديمقراطية تراعي حقوق الإنسان وتنمي
حرية المواطن بغض النظر عن مذهبه
ومنبته المجتمعي وإثنيته وعرقه ووضعه
الطبقي.. الخ. لا بد أن يلتقي موقف الجيش
والأمن مع موقف الشعب، الذي ينشد
التعاون مع أشخاص وطنيين ونزيهين من
داخل النظام لم تتلوث أيديهم بدمائه،
فمن الطبيعي أن يتعاونوا هم أيضا مع
أشخاص من المعارضة لم تتلوث أيديهم
بدورهم بأي دماء بريئة، وليس في
مشروعهم ما يتنافى مع مصالحة وطنية
وحكومة وحدة وتفاهم تحفظ حقوق
المواطنات والمواطنين وتضمن أدوارهم
الحرة في سوريا المستقبل، التي ستطوي
صفحة الإقصاء والتمييز، وستفتح أبواب
التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعمل
السياسي أمام جميع أبنائها، ما دام
بناؤها بأيدي أي فريق بمفرده مستحيلا،
وسيؤدي حكما إلى وضع شبيه بالوضع الذي
يضحي الناس اليوم بالغالي والنفيس من
أجل التخلص منه. لا بد إذن من حركة
متعاكسة، واحدة من داخل المعارضة
وأخرى من داخل النظام، يلتقي طرفاها
عند التصميم على إخراج بلادنا من
مأزقها، وإلا فلن تتكامل بغير ذلك
الجهود والنيات ويلتقي المتقاتلون
الحاليون على طريق يأخذهم في اتجاه
واحد يقود إلى دولة حديثة ووطنية تقدم
الحرية للجميع وتجعلها في متناول أيدي
الجميع، لأن الأصل في المواطنين أن
يكونوا أحرارا ومتساوين. هذه النقاط الثلاث
يجب أن يعمل عليها للتو، دون أي إبطاء
أو انتظار، فالحكومة المرحلية ضرورة
لا بد منها لإدارة المناطق المحررة
اليوم وسوريا الحرة غدا، والتوافق
العام الذي يرسم صورة المستقبل وطريقه
التزام سياسي وإنساني ووطني يستبعد أن
يكون هناك أي تغيير جدي من دونه، وقيام
ضباط الجيش والأمن بملاقاة الشعب في
منتصف الطريق أفضل ضمانة لمستقبل
الشعب السوري ولوحدته وتضامنه، وخير
وسيلة لفتح طريقه بأيدي جميع أبنائه>
فإن تكاملت هذه الخطوات، وجد العالم
نفسه راغبا، وإلا فمجبرا، على التخلي
عن الأسد والدائرة القريبة منه، التي
بنت سياساتها على تعقيد الأزمة
وتطييفها وطبعها بطابع العنف الأشد
قسوة ورعبا، وعلى تسليح المواطنين كي
يفتكوا بعضهم ببعض، بينما ستطبّع
الخطوات المطلوبة الأجواء وستعيدها
إلى شيء قريب مما كانت عليه قبل البعث
وحكمه الرهيب. تقف المعارضة ويقف
كثيرون من أهل النظام أمام امتحان
جدارة من طبيعة وطنية استثنائية لا
سبيل إلى تنصلهم منه، بينما يضغط الوقت
وتتسارع الأحداث، فلا عذر بعد الآن لمن
يفوت على الشعب سانحة تاريخية خلقتها
تضحيات المواطنين، ومن غير الجائز أن
تضيعها إهمالات أو ألاعيب سياسية
تافهة يمارسها من يعتقدون أنفسهم
أوصياء عليه، لمجرد أن كرتونة رفعت هنا
وأخرى هناك، تجعلهم ممثلين «شرعيين
ووحيدين» لأصحابها. ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق الاوسط 29-7-2012 تسارعت الخطى باتجاه
وراثة نظام الأسد بعد أن أصبحت دلائل
سقوطه واضحة للجميع حتى حلفائه: اجتماع
الدوحة، وبيانات من الرياض، ونداء من
روما، واشتباكات الحدود مع الأردن،
وتهديد تركيا بأنها ستتدخل لمواجهة
حزب العمال الكردستاني الانفصالي على
حدودها مع سوريا، عدا عن الكتل
السياسية والعسكرية الثورية داخل
وخارج سوريا. ولن يكون سقوط النظام
السوري حتى في آخر أيامه هينا، كما
يتصور البعض، وستكون وراثته أصعب من
المشهد الذي أمامنا. الجميع تتملكهم
رغبة في الانتقال بسوريا إلى مستقبل
مختلف، ووداع أربعة عقود من الحكم
الحديدي، ربما باستثناء ما يسمى بتجمع
«نداء روما»، المحسوب على النظام
والمتحالف بعض رموزه مع طهران وموسكو
منذ العام الماضي. الخشية أن السباق
المتعدد والمتعجل نحو دمشق قد ينجب
المزيد من الفوضى، ويفتح الباب على
مصراعيه للقوى التي تريد تخريب سوريا،
وأتحدث هنا تحديدا عن إيران وجماعاتها.
الجماعات السورية المتنافسة، في
معظمها، وطنية، وتمثل فئات في الداخل
مختلفة التوجهات، وهي ما لم توسع دائرة
المشاركة وتنضوي تحت مظلة واحدة تقبل
التعددية وتترك للمواطن السوري أن
يختار في مرحلة لاحقة، فإنها ستجد
نفسها مختنقة في ساعة الخروج، عند عنق
الزجاجة. ولأن سنوات الحكم السوري
الماضية لم تكن تسمح لنا بالتعرف على
كل القوى، فهذا لا يعني أنها لم تكن
موجودة.. فالتعددية داخل النسيج
الاجتماعي السوري حقيقة قديمة، فكريا
وسياسيا وحركيا. الساحة السورية الآن
في ذروة حراكها: المجلس الوطني، والجيش
السوري الحر، والحركة الديمقراطية،
والإخوان المسلمون، والمجلس الكردي،
وقوى العشائر العربية، والحركة
التركمانية، ورابطة العلماء
السوريين، والائتلاف العلماني
الديمقراطي السوري، والعائلات
التاريخية مثل الشيشكلي والأتاسي،
وطبعا هيئة التنسيقيات والقوى الثورية
المختلفة على الأرض. ومن المبكر، طبعا، أن
نرسم خريطة سوريا السياسية، لكن ليس من
المبكر أبدا أن يفكر السوريون في تجمع
واسع يضم الجميع تحت العلم الجديد. ومن
هناك يمكنهم أن يفكروا في آلية التمثيل
والعمل، ولاحقا صيغة الحكم. الجميع لا
يريدون فقط أن يسقط الأسد وتبقى صيغة
النظام الأسدي، أعني النظام الشمولي
الأمني الذي سام السوريين سوء العذاب
منذ استيلائه على الحكم في انقلاب «البعث»
1963. ولن يوجد من خيار آمن للخروج من
مخاطر مرحلة الفراغ لما بعد الانهيار،
سوى المظلة الواسعة التي تستوعب
الجميع، وتترك الخيار لاحقا للذين
دفعوا الثمن غالبا، وهم غالبية الشعب
السوري. وليست مسألة دفع الثمن فقط، بل
هو مستقبل مشترك. ======================== حلب :
قلوب الأمريكيين مع أهلها والسيف
الروسي يذبحها! وليد جداع الحركة
الدستورية السورية 2012/07/28 ليست مفارقة مخزية
فحسب، بل تنسيق وتواطؤ يتركان مدينة
حلب تحت رحمة الدبابات الروسية
والطائرات الروسية والصواريخ الروسية
والقتل الروسي والغطاء السياسي الروسي.. تنسيق واضح يقول بقلق
الفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين
وغيرهم من أمم الغرب، على حلب وأهل
حلب، بينما الروس يصرون على القتال مع
الأسد بكل قوة ، لا يقلقون ولا يرف لهم
جفن ، فيما المدينة تقصف وتدمر ويقتل
أهلها وتستباح حرماتها بأسلحتهم
وتخطيطهم وخبراتهم وتقنياتهم. ثم
يتحدثون عن محاربة الإرهاب ، وهم
يعرفون أن الأسد هو إرهابيهم الأول في
المنطقة، وأن ما يمدونه به من أسباب
القوة إنما هو لقتل الشعب السوري
وإذلاله وسحق روح التحرر والثورة على
الطغيان فيه. كثيرة هي الأسباب
التي تدفع أمريكة والغرب إلى ترك حلب
وسورية وشعب سورية الأعزل، يواجهون
آلة القتل الروسية بقلوبهم فقط،
وقلقهم فقط، ومساعداتهم غير القاتلة
فقط-إن كان هناك مساعدات من هذا النوع
حقا- ... ولربما هي نفسها التي دفعت
الكسندر هيغ وزير خارجية أمريكة
الأسبق، إلى ترك حماة تدمر بالأسلحة
الروسية عام 1982 بإشراف الأسد الأب،
واكتفى يومها بالإعلان السمج عن أن
قتالا يجري في حماة. وكثيرة في الوقت نفسه
الأسباب التي تدفع الروس إلى إرسال
طائراتهم وصواريخهم ودباباتهم إلى
الأسد الابن، لقتل أهل حلب وتدميرها
على رؤوس أهلها. ولربما كان أحد هذه
الأسباب الكراهية الدفينة لهذا الطقم
الحاكم في روسية للحرية ، فهو يرى في كل
نسمة حرية تهديدا له ولوجوده. أما أنهم
ينتقمون بهذه الطريقة الوحشية
لهزيمتهم في أفغانستان أو ليبيا فهذا
متروك للتحليلات والتأويلات. غير أن
التفصيلات والنوايا لا تغير من واقع
يومي يقول إن آلة القتل الروسية هي
التي تقتل الشعب السوري الآن. أما نحن في سورية ،
المتروكين للذئاب تنهش أكبادنا
وقلوبنا ، بآلة قتل روسية وبقلوب
أمريكية وبقلق أوروبي، فليس لنا إلا
إيماننا وثقتنا ويقيننا ، وسواعدنا
بعد ذلك وصبرنا وتضحياتنا، نواجه به
هذا الهجمات المتوالية علينا ،
وسننتصر بإذن الله ، ولن تخمد جذوة
الحرية في سورية. أما إذا قدر لحلب أن
تكون مثل حماة، فلن يكون هذا إلا محطة
من محطات التاريخ المقاوم لشعب سورية،
ومحطة من محطات العار لحاكم قاتل أعلن
الحرب على الشعب السوري بنفسه، وجدد
هذا الإعلان مرات ومرات... التاريخ يصنع بطرق
مختلفة. بعضهم يصنعه بطريقة يحفظ بها
لنفسه مكانا في سجل السفاحين والقتلة
والمجرمين ، ولن يكون له في هذا
التاريخ إلا اللعنات والاحتقار من
الإنسانية كلها كما يفعل سفاح سورية
اليوم وكما فعل أبوه من قبل.. وبعضهم
يصنعه بطريقة تنحني له القبعات كلها
كما في مانديلا أفريقية مثلا. أما
الشعب السوري فيصنع التاريخ اليوم ،
ويكتب فيه أنه شعب حر ، حي ، ومقاوم ،
وسينتصر بإذن الله. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |