ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
روسية خاطئة للواقع السوري 2012-07-30 12:00 AM الوطن السعودية لم يكن تصريح وزير
الخارجية الروسي سيرجي لافروف منفصلا
عن السياق العام للسياسة الروسية منذ
أن اندلعت الأزمة السورية في 16 مارس 2011. فالتصريح الذي أدلى
به في سوتشي كان في سياق تبرير قتل
النظام لأبناء الشعب السوري، كما أنه
يأتي في سياق التبرير الروسي لجرائم
القتل التي ارتكبت منذ انطلاق الثورة،
عبر المقاربة بين ممارسات النظام
والثوار والمساواة بين ما ارتكبه
شبيحة النظام، مع حالة الدفاع عن النفس
التي يمارسها المنتفضون على النظام،
ومحاولتهم حماية المدنيين وما تبقى من
بنى تحتية في الأحياء التي أحكموا
سيطرتهم عليها. يبدو أن موسكو الآن
تلعب بآخر ورقة لديها في منطقة الشرق
الأوسط، بعد أن جردتها الولايات
المتحدة من اللعب بالورقة الفلسطينية،
عبر الاتفاقات التي أبرمت منذ زيارة
الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس
المحتلة واتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو
ووادي عربة. إنها المعركة
الأخيرة لروسيا في المنطقة تنسق فيها
مع النظام السوري، وتستخدم الفيتو في
مجلس الأمن لمنع أي عقوبات ضده،
ويبادلها نظام بشار بالعرفان في خوض
القتال والصمود أمام الشعب وآلته
العسكرية المتمثلة في الجيش السوري
الحر. لم يتبق لموسكو سوى
طرطوس تطل منها على البحر الأبيض
المتوسط، وهو حلم قيصري لم يتحقق إلا
في ظل نظام البعث السوري، وسينتهي
بزوال هذا النظام وهذا الحزب. لم تلتفت روسيا إلى
مصالحها بقدر ما حاولت حماية نظام
الأسد، فأخطأت العنوان، كما أخطأت في
كثير من المرات خلال علاقاتها مع العرب
في نظامها الحالي، وخلال الحقبة
السوفيتية، واختصرت الشعب السوري
بحراكه السياسي والمدني، بنظام
ديكتاتوري همه الحفاظ على مصالح من
يتربع على عرشه، مع أنها كانت قادرة
على أن تحفظ مصالحها عبر السير في الخط
الذي اختاره الشعب. ================= خيرالله
خيرالله / لماذا تأجيل إعلان وفاة
النظام السوري؟ الرأي العام 30-7-2012 نتهى النظام السوري
ولكن من دون ان ينتهي. انتهى منذ فترة
طويلة. لكن اعلان الوفاة يتأجل يوميا
في ضوء الحاجة الى اطالة عمر الازمة
السورية التي هي ازمة نظام وكيان في
الوقت ذاته. يبدو مطلوبا الانتهاء من
الكيان والنظام معا. ولذلك يصعب تحديد
متى انتهى النظام السوري فعلا. هل
انتهى مع انتهاء الحرب الباردة
وانهيار الاتحاد السوفياتي مطلع
التسعينات من القرن الماضي؟ يمكن
افتراض انه انتهى وقتذاك نظرا الى انه
كان جزءا من الحرب الباردة. لكن الرئيس
الراحل حافظ الاسد عرف، بفضل مكره
المعهود، ايجاد شريان حياة للنظام
عندما ارسل قوات الى حفر الباطن شاركت
الجيش الاميركي والتحالف الدولي في
عملية تحرير الكويت من الاحتلال
العراقي. وقتذاك، لم يقبض الأب
ثمن الرهان على الاميركيين ونجاحهم في
اخراج صدام حسين من الكويت في سورية
فقط. جدّد الاميركيون لوجوده العسكري
في لبنان، على الرغم مما نص عليه اتفاق
الطائف صراحة. اكثر من ذلك، سمحوا له
باخراج ميشال عون، الجنرال المتمرد
على الشرعية، من قصر بعبدا الذي احتله
فترة لا بأس بها بدعم مباشر من الرئيس
العراقي الراحل ونظامه البائس. كان
صدّام، بغبائه المعهود، يظنّ ان في
استطاعته استخدام ميشال عون في سياق
المواجهة بينه وبين حافظ الاسد البعثي
الآخر المتحالف مع خصمه الايراني من
منطلق مذهبي لا اكثر ولا اقلّ.كان ذلك
ممكنا لو لم يذهب صدّام بعيدا في
مغامرته الكويتية المجنونة، خصوصا ان
ميشال عون يظلّ، على رغم رعونته، اداة
جيّدة. في مرحلة لاحقة، عمل
النظام السوري على شراء الوقت. شارك في
مؤتمر مدريد للسلام الذي انعقد في
اكتوبر 1991 كنتيجة مباشرة للانتهاء من
الاحتلال العراقي للكويت. وتظاهر في
السنوات التي تلت المؤتمر بانّه يريد
فعلا السلام واسترجاع الجولان. الى ان
تبين كلّ همه محصور في وضع اليد على
لبنان من جهة وابقاء جبهة الجنوب
مفتوحة من جهة اخرى. وهذا امر لم تعترض
عليه اسرائيل يوما نظرا الى ان مصلحتها
كانت دائما في بقاء الجيش اللبناني
خارج الجنوب. من يحتاج الى دليل
على التفاهم السوري - الاسرائيلي الذي
ظل معمولا به حتى صيف العام 2006 وصدور
القرار الرقم 1701 عن مجلس الامن، يستطيع
العودة الى العام 1998. فمن بين الاسباب
التي ادت الى فرض قائد الجيش اميل
لحود، رئيسا للجمهورية، منعه في العام
1996 الجيش اللبناني من دخول جنوب لبنان
على الرغم من اتفاق بين الرؤساء
الثلاثة على ذلك. لعب الأسد الاب ورقة
المفاوضات من اجل استرجاع الجولان
بشكل جيّد. استخدم الورقة الى ابعد
حدود في عملية كسب الوقت واعداد نجله
بشّار لخلافته، خصوصا بعد مقتل نجله
البكر باسل في حادث سير في العام 1994. من
الناحية التكتيكية. تمكّن الاسد الاب
من تمهيد الطريق امام التوريث. ولكن،
في السنوات الاخيرة من حكم حافظ الاسد،
حصل تحولان مهمان سيظهر تأثيرهما بعد
وصول بشّار الى الرئاسة في يونيو من
السنة 2000. كان التحول الاول
امساك افراد العائلة بكل مقاليد
السلطة. شمل ذلك استبعاد كبار الضباط
العلويين او السنّة الآتين من الارياف
الذين كانوا حلفاء لحافظ الاسد وغطاء
لحكمه. اما التحوّل المهمّ
الآخر، فقد تمثّل في زيادة النفوذ
الايراني في سورية ولبنان مع اضطرار
بشّار الاسد الى التعاطي مع المستجدات
الاقليمية. من بين المستجدات «الحرب
الاميركية على الارهاب» بعد احداث
الحادي عشر من سبتمبر 2001 ثم بدء
الاعداد لاجتياح العراق. بدا النظام في
تلك المرحلة وكأنه فقد توازنه. فقد ما
يمكن تسميته بـ «العدو المفيد»
المتمثل بالنظام العائلي- البعثي
لصدّام حسين. كانت تلك الخسارة منعطفا
اساسيا اوصل النظام الى اتخاذ قرارات
لا تدل سوى على انه عاجز عن التعاطي مع
الواقع المتمثل في فقدان احدى علل
وجوده...اي ايجاد توازن مع النظام
العائلي- البعثي الآخر الحاكم في
العراق! قاد فقدان التوازن
الى قرارات مجنونة تشبه الى حدّ كبير
قرار صدّام باجتياح الكويت صيف 1990. جاء التمديد لاميل
لحّود على الرغم من صدور القرار 1559
بمثابة تأكيد لحال فقدان التوازن التي
ادّت الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق
الحريري ورفاقه والى الخروج العسكري
من لبنان. جعل هذا الخروج الذي ترافق مع
جرائم اخرى، استهدفت تغطية جريمة
الرئيس الحريري، النظام السوري تحت
رحمة النظام الايراني اكثر من اي وقت. تأخر سقوط النظام
السوري كثيرا. هل كان مطلوبا ان تسقط
سورية ايضا مع النظام فجرى تطويل الحبل
لأركانه كي يضعوا موضع التنفيذ شعار «عليّ
وعلى اعدائي يا ربّ» الذي رفعه السيّد
رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري منذ
بداية الثورة الشعبية قبل سبعة عشر
شهرا؟ في الثامن من نوفمبر
2011 كتب انطوني شديد في «نيويورك تايمز»
مقالا تحت عنوان: «في سورية الاسد لا
وجود لمخيّلة». في ذلك المقال، يقول
الصحافي الاميركي اللبناني الاصل -
الذي توفي اثر ازمة صحية تعرّض لها في
فبراير الماضي بعد دخول الاراضي
السورية من لبنان، ان رامي مخلوف يوحي،
بأن سورية كلها ارضا وشعبا «ملك
للعائلة». كلّما استعاد المرء قراءة
مقالات انطوني شديد، يتأكد امرين.
اولهما، انه من افضل الذين فهموا سورية
بشكل عميق. امّا الامر الآخر فهو، ان
المطلوب الانتهاء من النظام على
مراحل، اي من دون عجلة او استعجال،
وذلك من اجل تفتيت الكيان السوري،
خصوصا ان تصرفات هذا النظام محسوبة
جيدا في ظل فقدانه اي مخيّلة من اي نوع
كان! ================= سورية
بعد الأسد.. من خطر إسرائيل إلى الخطورة
على إسرائيل د.مطلق سعود
المطيري الرياض 30-7-2012
سيطرت قناعة تامة على أغلب
المحللين السياسيين، بأن نظام الأسد
بات من المؤكد اقتراب موعد نهايته، ولن
تستطيع دائرة تحالفاته الدولية
والإقليمية إنقاذه مهما حاولت، إلا ان
هذا السقوط سيؤثر على الشرق الأوسط؛
فتركيا التي تدعم الثوار، قلقة
للغاية، لأن نجاح الثورة السورية سوف
يدعم قوة الأكراد الذين سيطروا على
أربع مناطق في سورية، ويرجح بعض
المراقبين أن أكراد سورية سوف يحاولون
القيام باتحاد مع اشقائهم في تركيا
ليقيموا أخيرا كردستان المستقلة، وعلى
الجانب اللبناني قد تتشكل قوة تدفع نحو
الاتحاد بين شمال لبنان السني وسورية،
وكذلك الدروز الموزعين بين ثلاث دول
سيحاولون ايجاد اتحاد خاص بهم. السلاح الكيماوي
السوري أخذ أبعادا خطيرة في اطار
الاستعدادات الإسرائيلية للتعامل مع
الواقع السوري بعد الأسد، فتل أبيب ترى
صعوبة انتقال السلاح الكيماوي السوري
إلى أي طرف خارجي، حتى لو كان هذا الطرف
الحليف الاستراتيجي للنظام السوري حزب
الله، ووفقا لهذا المعطى يمكن أن نطرح
سؤالا مهما جدا، فهل تقوم اسرائيل
بضربة استباقية لمنظومة السلاح
الكيماوي السوري؟ في ظل معرفتها جيدا
ان القيام بهذا الهجوم سوف يشعل نارا
كبيرة جدا تتبعها ادانة دولية
لإسرائيل، ولن تتسامح معها القوى
الدولية بعد أن جاءت بمنظومة حكم جديدة
في سورية، وهذا ما حذر منه رئيس
الأركان العسكرية الإسرائيلية بيني
جانتس حين قال: "إن الدخول في معركة
على الجبهة الشمالية سيؤدي لتعرض
اسرائيل لهجوم صاروخي، الأمر الذي سوف
يجعل الهجوم على ايران امرا صعبا
للغاية، وسيكون من الصعب على اسرائيل
أن تقوم بهاتين المهمتين في وقت واحد". سقوط الأسد سوف يسبب
لإسرائيل قلقا أمنيا شديدا على طول
الحدود مع سورية التي ظلت هادئة على
مدى عقود من الزمان، وفي هذا الاتجاه
يرى بعض المقربين من الدوائر الأمنية
الإسرائيلية أنه من المتوقع أن تبادر
مجموعة عسكرية سورية سوف تتشكل بعد
سقوط الاسد بالاعتداء على مواطنين
وجنود إسرائيليين، إلا أن هؤلاء
المتابعين للوضع الأمني الاسرائيلي
يرجحون انتصار اسرائيل في النهاية
لأنها تمتلك توقيت الهجوم وجغرافيته،
كما أن أعضاء حركة الجهاد الإسلامي
الفلسطينية فروا الى طهران، وبالتالي
لن يستطيعوا دعم أعضاء حركتهم في
فلسطين بالقيام بأي عملية ضد اسرائيل. الأكيد أن رحيل بشار
الأسد سوف يجعل الأمن الاسرائيلي في
وضع شديد التعقيد، وكل تحرك امني
اسرائيلي باتجاه سورية سوف يكون له
انعكاساته على حسابات اسرائيل
الامنية، ولن تكون خياراتها بين
الإجراء المناسب وغير المناسب، وانما
بين مجموعة خيارات جميعها تحمل خطرا
كبيرا على أمن اسرائيل. ================= بشّار في
سوريا: دكتور «جيكل» «ومستر هايد»..؟ د. فايز بن
عبدالله الشهري الرياض 30-7-2012
قصّة الدكتور «جايكل» ومستر «هايد»
من القصص العالميّة التي ظهرت عام 1886
للكاتب الانجليزي «لويس ستيفنسون»،
وتحكي قصة شخصية مزدوجة لدكتور اخترع
مادة جعلته يظهر في شخصيتين الأولى
مهنته ودوره الانساني في المجتمع،
والثانية شخصية دموية لرجل عصابات
وقاتل. ونستحضر وقائع هذه القصة ونحن
نراقب سلوك الدكتور «جيكل بشّار الأسد»
إذ من الواضح أن «بشّار» لم يتعلّم في
مدارس الطبّ وحدها كما حاول النظام أن
يسوّق صورته. كما ويبدو أن الشركة
الأمريكية (BLJ) Brown Lloyd James
المتخصّصة في العلاقات
العامة لم تنجح في بيع صورته كرئيس شاب
مع زوجة عصرية تتكلم انجليزية الطبقة
الارستقراطية بطلاقة. وقريبا جدّا
سيرتد نحس شركة BLJ
على بشّار كبقية عملائها
السابقين وآخرهم «معمر القذافي» الذي
سوقته الشركة سياسيا ثوريا فانتهى
قتيلا بأحط درجة المهانة والذل على يد
شعبه وهو يسأل في ذهول «من أنتم؟». بكل وضوح يبدو فشل
خبراء العلاقات العامة جليا من خلال
عجزهم عن فصل صورة دكتور «جيكل» عن
مستر «هايد» إذ أن «بشار الأسد» خرّيج
نجيب في مدرسة الاغتيالات والمؤامرات.
ألم ينشأ ويتعلّم في مدرسة النظام
البعثي الطائفي المسؤولة عن قتل
وتشريد عشرات الآلاف من ابناء سوريا
الشرفاء طوال اربعة عقود. ولعلّ الفارق
هنا بين الابن ووالده أن احدهما قاتل
محترف صامت، والثاني لا يكاد يقفل فمه
من كثرة الثرثرة وهو يبدّل اقنعة دكتور
«جيكل» ومستر «هايد» متّبعا نصائح
خبراء الصورة ليبدو امام الشاشات
طبيبا ورئيسا طامحا لمستقبل زاهر
لبلده وأمّته وفي خلف الكواليس متصدرا
مجلس القتل والدمار اليومي الموجّه
الى شعبه وجيرانه في «لبنان» «والعراق»
«ودول» الخليج متى ما دعت الحاجة. والغريب كيف لم
يتعلّم هذا الذي يُسمّى «الأسد» من
ذكاء «الضباع» التي اجتمعت حوله ثم
تفرّقت وولت الفرار خشية غضب شعوب
العالم وعزمهم على إنقاذ دمشق التاريخ
والانسان من حرائق «نيرون الأسد». لا
لم يتعلّم «بشّار» شأنه شأن كل مستبد
ولم يستوعب قصص تاريخ «فَتلْكَ
بُيُوتُهُمْ خَاويَةً بمَا ظَلَمُوا»
وهي تروي كيف ينتهي الظالمون إلى أبشع
النهايات. وبكل وضوح يبدو أن «بشار»
وهو تحت تأثير خدر الهوى «الفارسي»
وتاجر الخردة الروسي لم يعتبر مما مضى
من سير الباطشين ليتيقن أن ما من ظالم
مستبدّ عرف الطمأنينة في حياته أو كوفئ
بالمجد بعد هلاكه. وما اعجب أن ينتسب
مثله للإسلام ثم يكون للطغيان والبغي
متعهّدا وحليفا كيف يفعل هذا «
وَاللّهُ لاَ يُحبُّ الظَّالمينَ».
وأي أمل في نصر أو نصرة يرتجيه هذا
المستبد «فَمَا للظَّالمينَ من نَّصير».
والأعجب كيف تركن «كائنات» عجيبة لهذا
الظالم وتدعو الى نصرته مع علمهم
بشريعة «وَلاَ تَرْكَنُواْ إلَى
الَّذينَ ظَلَمُواْ» وأنّى لهم هناءة
العيش وهم يزيّنون صورة الباغي
ويبررون جرائمه مع علمهم اليقين «إنَّهُ
لاَ يُفْلحُ الظَّالمُونَ» ألا ساء ما
يفعلون. مسارات: قال ومضى: من دم
الأحرار تتعطّر الحرية ================= سوريا
الوطن.. لا سوريا الطائفة.. يوسف الكويليت الرياض 30-7-2012
هل يمكن تسمية بلد عربي، لديه
أقليات قومية مختلفة، وبعضها سابق
للعرب بحصرها في هذا الجنس؟ نموذج العراق بارز،
حتى رغم وجود أكثرية عربية يمثلها
المذهبان السنّي والشيعي، إلا أن
العرب حُصروا بالسنّة فقط، ومع أن
الأحزاب القومية حاولت أن تقصي بقية
الأعراق الأخرى، وهو خطأ تاريخي، فقد
نشأت فيما بعدها شعوبية جديدة، تريد
نفي هذه الصفات العربية والعودة إلى
تاريخ يجعل العراق آشورية، وبلدان
الشام (فينيقية) ومصر فرعونية، إلى آخر
التقسيمات التي أخذت حيزاً من ثقافة
بعض المفكرين.. وحتى لا يتكرر ما جرى
بالعراق، وتنتقل حمّاه إلى سوريا،
لابد من فهم موضوعي لطبيعة السلسلة
الطويلة التي يتكون منها الشعب
السوري، والذي طالما تعايش بدون فرز
طائفي أو قومي، إلا بعد بروز
الانقلابات العسكرية والتخلي عن
المولود الديموقراطي الذي خلفته
حكومات الاستقلال، حتى أن المفاخرة
بمناضلين علويين، وأكراد، ودروز
قاوموا الاستعمار وحافظوا على وحدة
النسيج الاجتماعي، استمرت إلى ان بدأت
الدكتاتوريات العسكرية تأخذ بالمبدأ
الانتهازي «فرِّق.. تسد» والذي طبقها
بشكل منهجي نظام الأسد، الذي كرسه الأب
وطوره الابن مع عائلته وبطانته.. جيش العراق كان يشبه
الجيش المصري قوامه كل أنماط الشعب،
وكان باستراتيجية أمريكا أن يكون حله
هدفاً أساسياً، وهنا بدأت تسود
التصفيات الجسدية وتنتشر المليشيات
الطائفية، بينما الادعاء بأنه بعثي لم
يكن صحيحاً، لأن الذين حاربوا على
الجبهة الايرانية شيعة عرب بمبدأ صراع
الفرس يجب أن يقف عند حدود إيران، وهذا
الحافز حتى لو أراد صدام إجبارهم على
خوض هذه الحرب، فإنهم سيكونون مناوئين
له وحكومته، بل كان اللجوء للعديد منهم
لإيران أحد الدوافع، أو خدمتهم للعدو
بالتطوع بأن يكونوا طابوراً خامساً
له، لكن كل هذا لم يحدث، لكن تلاقي
الأهداف بين أمريكا وإسرائيل، والتي
كان أحد بنود الأخيرة حل هذا الجيش،
وخاصة بعد انتصاراته في حربه مع إيران
ظل جزءاً من أسباب غزو العراق، ومن
إنهائه.. ما جرى بالعراق مخيف
أن ينسحب على سوريا، فالتطورات التي
تجري على الساحة السورية صراع جيش
نظامي عماده الطائفة العلوية، وجيش حر
جديد يتم تشكيله على الولاء الوطني،
وفي حال انتصرت الثورة، يجب أن لا يؤخذ
كل من كان في الجيش أنه عدو للشعب، لأن
مبررات كثيرة سوف تكشف الوجه الخفي لكل
ما جرى من نظام الأسد، لأن المحافظة
على جيش وطني يكون نواته الجيش الحر،
سوف يجنب سوريا ما حدث من فراغ في
العراق جراء حل الجيش، وهي مسألة لابد
أخذها في الاعتبار من كل القوى الوطنية
التي تحارب النظام الدكتاتوري.. على نفس الخط لابد من
إشراك كل التنوعات القومية والدينية
في بناء سوريا جديدة، وليأخذوا بنهج
غاندي في الهند الذي وحّد وطناً شديد
التنوع، وأخذ العبرة من (مانديلا) الذي
وقف مع البيض رغم كل الويلات التي
عاناها السود، وسوريا التي جربت
وحدتها الوطنية، وتجاوزتها للوحدة
العربية بطروحات وطنيين، مسيحيين،
ومسلمين وأكراد وغيرهم، لديها مقومات
المحافظة على نسيجها الوطني، بدون
تارات، أو سوابق، لأن الثورة تستطيع أن
تعفو وتنسى ما قبلها من أحداث وويلات.. ================= أمل وعمل إبراهيم محمد
باداود الإثنين 30/07/2012 المدينة نشرت صحيفة
الغارديان مقالاً للكاتب جوناثان
فريلاند بعنوان ( المعركة في سوريا هي
معركة الشرق الأوسط بأكمله ) ، حيث يقول
كاتب المقال ( إنه عند سقوط الأسد فإن
المنطقة ستخسر ديكتاتوراً قاسياً
وحليفاً لإيران ، وبذلك قد ترسم نهاية
ثقافة سياسية في المنطقة ) . كما يقول في
ختام مقاله ( إن سوريا على المحك ..
والآتي غير واضح نظراً لإختلافات
وانقسامات المعارضة ) . وأعتقد أن ماذكره
الكاتب شيء حقيقي فالمعركة التي تجرى
اليوم في سوريا لاتخص السوريين فقط بل
تخص الأمة الإسلامية أجمع، فالجيش
الحر والشعب السوري يعملان على القضاء
على هذا النظام الظالم الجائر والذي
يستعين تارة بالجيش الإيراني وتارة
بحزب الشيطان في لبنان، وعلى الرغم من
تقديم أمريكا العراق كهدية ثمينة إلى
إيران لتكوين الهلال الشيعي، وإبقائها
نقطة ساخنة في المنطقة من خلال مواصلة
الاضطرابات فيها ، فإن قطع هذا الهلال
بتغيير النظام في سوريا سيكون ضربة
موجعة لكل أعوان النظام ، وفي نفس
الوقت سيعيد توازن القوى في المنطقة من
ناحية، ويزيد من نسبة الاستقرار فيها . لايخفى على الجميع
العلاقات الخفية الموجودة بين إسرائيل
ومكونات هذا النظام ، وعلى الرغم من
التهديدات المتبادلة بين الطرفين ،
إلا أننا لم نسمع في يوم ما أن طلقة
واحدة إنطلقت من الجولان أو الحدود
السورية على إسرائيل ولعل في هذا الأمر
مصالح مشتركة غير معلومة ، بل حتى
مايحدث من ردود فعل من قبل الصين
والروس فهو ليس أكثر من تبادل أدوار
لتحقيق مصلحة واحدة وهي حماية إسرائيل
، وهذا يفسر التعثر المتواصل لكل
الجهود الدولية منذ أكثر من 14 شهراً
للقضية السورية . فالمعركة كما ذكر
الكاتب ليست معركة ضد النظام الظالم في
سوريا فقط بل معركة الشرق الأوسط
بأكمله ضد حلفاء تربطهم مصالح مشتركة . ================= تاريخ النشر:
الإثنين 30 يوليو 2012 عائشة المري الاتحاد تراقب إسرائيل تطور
الأحداث في سوريا، وتتخوف من تطاير
شظايا الحرب الدائرة في سوريا إلى
ديارها، وتتحسب لتدفق اللاجئين
السوريين على هضبة الجولان المحتلة،
وهناك قلق إسرائيلي من مرحلة ما بعد
الأسد، وهناك تخوف من مصير الأسلحة
الكيميائية والبيولوجية السورية من أن
توجه ضدها أو أن تقع في أيادي جماعات قد
تهدد أمنها. وعلى رغم أن تأثير إسرائيل
على تطورات الأوضاع في سوريا ضئيل إلا
أن انعكاسات ما يحدث في سوريا سيكون
لها تأثير عميق على إسرائيل وأمنها
وعلى التوازنات الإقليمية في المنطقة. لعبت سوريا لسنوات
دوراً إقليمياً مهماً من وجهة نظر
إسرائيل، فالنظام السوري رفع راية
المقاومة وكان شريكاً في عملية السلام
وسعى إلى تحقيق توازن استراتيجي مع
إسرائيل، وشكل نظام الأسد صمام أمان
للنظام الإقليمي. وتعكس تحليلات
المهتمين بالشأن السوري تباين تأثير
مرحلة ما بعد الأسد على إسرائيل، إذ
يرى البعض أن سقوط الأسد يشكل ضربة
للتحالف السوري الإيراني، وللتحالف
السوري مع "حزب الله" ألد أعداء
إسرائيل، ولذا فهو يصب في مصالح
إسرائيل، بينما يتخوف آخرون من الفوضى
السياسية والأمنية التي ستنجم عن
السقوط المدوي للأسد ولعل أكثر ما يقلق
الساسة الإسرائيليين ضبابية المشهد
السوري، وسيولة الأوضاع في مرحلة ما
بعد الأسد والبديل المجهول لنظامه. يستند القراءة
الإسرائيلية للثورة السورية إلى ثلاث
قضايا رئيسية تتداخل وتؤثر وتتأثر
ببعضها بعضاً: المحور السوري
الإيراني، علاقة نظام الأسد ودعمه لـ"حزب
الله" اللبناني، وأخيرا مصير
الأسلحة السورية غير التقليدية من
أسلحة كيميائية وبيولوجية. إذ تعتبر
إسرائيل المشروع النووي الإيراني
تهديداً استراتيجياً، كما ترى أن
العلاقات السورية الإيرانية تجسد
امتداد النفوذ الإيراني في المنطقة،
وسقوط الأسد سيوجه ضربة قاسية لإيران
وللهيمنة الإيرانية الإقليمية. وسيؤثر
سقوط نظام الأسد على "حزب الله"
حليفه الاستراتيجي ونقطة اتصاله
بحليفته إيران، وسيفقد حينها جسر
الإمداد بإيران، وسينعكس ذلك بالتأكيد
على قوة ومكانة "حزب الله" في
لبنان وفي لعبة التأثير الدولية خاصة
مع إسرائيل. ومن المسلم به أن ما يحدث
في سوريا سينعكس على لبنان وقد بدأت
التوترات والانقسامات تتصاعد في لبنان
بين مؤيد لنظام الأسد وعلى رأسهم "حزب
الله" وبين مجموعات سنية مناصرة
للمعارضة السورية، وقد وجه اختطاف نحو
عشرة من الشيعة اللبنانيين واحتجازهم
من قبل جماعة معارضة في سوريا ضربة
لنصر الله ورسالة لتدخله ولدعمه للأسد. وتخشى إسرائيل من أن
يحصل "حزب الله" على أسلحة غير
تقليدية إذا سقط النظام السوري، وهددت
إسرائيل بأنها سترد بقوة وفوراً وبأشد
طريقة ممكنة في حال نقل النظام السوري
أسلحة كيماوية إلى "حزب الله"،
وقال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان:
"إن عملية كهذه ستشكل سبباً للحرب"،
وقد حذرت روسيا الأسد من مغبة استعمال
الأسلحة الكيميائية بموجب التزامات
سورية بالاتفاقية الدولية التي تمنع
استخدام مثل هذه الأسلحة في الحروب.
ويعرف الروس أكثر من غيرهم ما يجري في
ساحات القتال السورية وتطورات
الأوضاع، ولذا فالتحذير الروسي جاء
بناء على معلومات موثوقة تؤكد تقييم تل
أبيب وواشنطن وتؤكد صحة المعلومات
التي سربها الجيش السوري الحر
وتداولتها وسائل الإعلام الدولية. واقعياً تتمنى
إسرائيل إطالة أمد الصراع في سوريا،
فإسرائيل ستستفيد من إضعاف نظام الأسد
ككيان، كما أنها ستستفيد من إكساب
الصراع طابعاً طائفياً، وسيشكل سقوط
الأسد ضربة قوية لإيران، ولـ"حزب
الله" و"حماس" معاً، لقد بدأت
تل أبيب بالتأهب الأمني والحوار
والتنسيق مع الولايات المتحدة وشركاء
آخرين استعداداً لمرحلة ما بعد الأسد،
فسقوط الأسد لا ينطوي على تهديدات جدية
لإسرائيل بقدر ما ينطوي على فرص كامنة
في الوضع الجديد. ================= الثورة
السورية... وسقوط الأقنعة! تاريخ النشر:
الإثنين 30 يوليو 2012 د. عبدالله
خليفة الشايجي الاتحاد كتبنا مراراً
وتكراراً على مدى الأشهر الماضية عن
مرحلة اللاحسم والضبابية والتذبذب في
منطقتنا... ولاشك أن الثورة السورية هي
الحراك الثوري الأقرب لمفهوم وتعريف
الثورة الذي شرحناه في سلسلة المقالات
والتحليلات خلال الأشهر الماضية في
تعليقنا على ما يجري في أرض العرب من
المحيط إلى الخليج. وفي الوقت الذي أبقت
فيه تدافعات الربيع العربي بقايا
وقادة وشخصيات من الأنظمة السابقة،
وغيرت الوجوه والأسماء وأبقت على
مؤسسات النظام في حالة تونس بعودة
الباجي قايد السبسي، وفي الحالة
المصرية راوح القرار الحاسم لجمهورية
تُحكم اليوم برأسين بين الجنرال
والرئيس الإسلامي. والقول الفصل أقرب
لطنطاوي ومؤسسته العسكرية القوية وليس
للرئيس المنتخب الذي فاز بعد تنافس شرس
وبالكاد بنصف الأصوات ضد مرشح المؤسسة
العسكرية الفريق أحمد شفيق آخر رؤساء
وزراء مبارك. وحتى أن نائب مبارك عمر
سليمان الذي توفي مؤخراً رشح لمنصب
رئاسة مصر، ولكنه لم يحصل على الأصوات
الكافية ليدخل سباق الرئاسة. وفي اليمن
من يحكم اليوم بفعل المبادرة الخليجية
التي أوجدت مخرجاً للرئيس اليمني
السابق علي عبدالله صالح، هو نائبه عبد
ربه منصور هادي. وتبقى الحالة
السورية هي الحالة الوحيدة التي إذا
سارت إلى نهاياتها المتوقعة من شأنها
أن تغير النظام برمته، وتُحدث نقلة
كاملة تسقطه من جذوره ولا تسمح لفلول
النظام وبقاياه بلعب أي دور مستقبلي.
هذا إذا لم يلقوا مصير القذافي في
ليبيا، أو زين العابدين في تونس، أو
مبارك في مصر. وما يجري في سوريا
مفصلي ومصيري. هي الثورة الأكثر دموية
وطولاً ودرامية. ووسائط التواصل
الاجتماعي الحديثة من تويتر وفيسبوك
ويوتيوب مع الفضائيات الإخبارية تنقل
على مدار الساعة صوراً وتقارير ومقاطع
فيديو للفظائع ومناظر الموت والأشلاء
والمجازر والمقابر الجماعية في مشهد
بشع وغير مقبول في عصرنا الحالي، فيما
يبقى العالم متفرجاً وعاجزاً عن وقف
حمامات الدم، وسط عجز النظامين العربي
والدولي، وانقسام وشلل كلي في مجلس
الأمن بسبب رهانات وحسابات الكبار، و"الفيتو"
المزدوج لروسيا والصين وللمرة الثالثة
منذ أكتوبر الماضي فيما يعيد أجواء
الحرب الباردة! في كل ثورة وحركة
تغيير كبيرة هناك لحظات فارقة ومفصلية.
رأينا ذلك في مصر وإجبار الرئيس المصري
السابق على التنحي. ورأينا ذلك في
ليبيا بسقوط باب العزيزية معقل
القذافي ودخول طرابلس أجواء الانتفاضة
والثورة. وتكرر ذلك أيضاً في اليمن
برضوخ علي عبدالله صالح وقبوله مرغماً
المبادرة الخليجية، والتوقيع عليها في
الرياض. الكثيرون توقعوا بعد
تفجير مبنى الأمن القومي الغامض ومقتل
العقول المدبرة والمخططة والمنفذة
للخطة الأمنية والعمليات العسكرية
لقمع الانتفاضة والثورة السورية أن
لحظة الحسم قد أتت في سوريا، وخاصة بعد
مقتل وزير الداخلية، ووزير الدفاع
ونائبه ورئيس خلية الأزمة ومسؤول
الاستخبارات والأمن القومي. وقد سقط
أربعة من أعمدة النظام الأمني
والعسكري بضربة نوعية واحدة في عملية
تزامنت أيضاً مع انشقاقات نوعية في
القطاعات العسكرية (مناف طلاس) وتسارع
وتيرة وارتفاع رتب المنشقين من ألوية
وعمداء وعقداء. وانشقاق دبلوماسيين (سفراء
وقائمين بالأعمال في العراق والإمارات
وروسيا البيضاء وقبرص). فهل هذه هي
اللحظة الفارقة في الثورة السورية
التي تشابه اللحظات الحاسمة التي مرت
بها ثورات التغيير في مصر وتونس وليبيا
واليمن؟ أم أن ذلك تفاؤل مبالغ فيه؟ أم
هي بداية النهاية؟ الرئيس الأميركي
والناطق باسمه ووزيرة الخارجية
كلينتون مع المندوبة الأميركية
الدائمة سوزان رايس يتوعدون ويحذرون
ويكررون، أن أيام الأسد باتت معدودة،
وأن عليه أن يرحل. والروس يتحدثون عن
مخرج مشرف ويرفضون الاتهامات
بانحيازهم للنظام السوري بل يقولون إن
هدفهم منع الفوضى. والأتراك، ممثلون
برئيس وزرائهم، يكررون: لن نبقى صامتين
على ما يجري! وما برز خلال الأسبوعين
الأخيرين ليس القلق على عدد القتلى
السوريين الذين سقطوا خلال سبعة عشر
شهراً من عمر الثورة الدامية، الذي زاد
بشكل مرعب ويقترب من عشرين ألف قتيل.
ولكن مكمن القلق يتركز حول ترسانة
السلاح الكيماوي القاتل وغاز الأعصاب
والخردل السام، وقد تعهد الأسد بعدم
استخدامه. والراهن أن العجز
الدولي والعربي والغربي -وخاصة
الأميركي- كان واضحاً في تعليق الناطقة
باسم الخارجية الأميركية بعد تقارير
عن حشد آلاف الجنود من الجيش السوري
النظامي لمهاجمة وقصف حلب كبرى المدن
السورية والعاصمة الاقتصادية
والصناعية للبلاد! ولم تملك سوى القول
بشكل واهن ومتخوف من ارتكاب النظام
السوري لمجازر في حلب، بأن "قلوبنا
مع السوريين في حلب!". وأنا أكتب هذا المقال
صباح السبت بدأ الهجوم على حلب، التي
يسكنها خمسة ملايين سوري. حلب المدينة
التاريخية لسيف الدولة الحمداني، وقد
بدأ دك المدينة وخاصة حي صلاح الدين!
وبدأت معركة حلب بينما الجميع يتابع
بعجز واستسلام. لم يعد الصراع
والمواجهات الدامية على مستقبل حلب أو
دمشق، التي لا تزال الاشتباكات مستمرة
في أكثر من حي من أحيائها. بل إن ما يجري
في سوريا والكيفية التي ستنتهي بها
الثورة السورية مما سيغير دينامكية
وجيوبوليتيكية الشرق الأوسط برمته!
ويسقط مشروع إيران في المنطقة، ويعيد
التوازن للطرف العربي، ويقضي على ما
يُسمى بمحور الممانعة والمقاومة الذي
استخدم طويلًا لتقسيم المنطقة بين
حلفاء إيران وخصومها ممن تتهمهم هي
وحلفاؤها في سوريا و"حزب الله" في
لبنان، بأنهم حلفاء الغرب وأميركا. ولا
حاجة للتذكير بأن تلك التهمة لم تعد
مقنعة ولا منطقية بعد الربيع العربي
وسقوط حلفاء الغرب! لقد أسقطت الثورة
السورية وأحرجت أدعياء حقوق الإنسان
ورفض الطغيان ومحاربة الطغاة
والديكتاتورية في الغرب قبل الشرق.
وسقطت أقنعة في الشرق من إيران إلى
البحر المتوسط، من أدعياء دعم
الثائرين والمقاومين والمستضعفين
والانحياز للشعوب ضد الأنظمة التي
تقمع وتقتل بشكل منهجي. قضت الثورة السورية
وأسقطت أقنعة عمن حتى قبل ستة أعوام
كان العرب من المحيط إلى الخليج ينظرون
إليهم كمقاومين و"أبطال" و"مجاهدين"!
ولم يعد الغرب هو الوحيد الذي يكيل
بمكيالين. ولا الوحيد الذي يتعامل مع
قضايانا بازدواجية.. بل فضحت الثورة
السورية هؤلاء الذين أشبعونا محاضرات
وتعليقات بحق تقرير المصير ومحاربة
الطغيان والقمع والاحتلال وحق الجهاد
والتحرر! واكتشفنا أن ذلك كله كان
شعارات جوفاء يلوح بها بشكل انتقائي! نجاح الثورة السورية
سيغير دينامكية وجيوبوليتيكية ووجه
منطقة الشرق الأوسط بأسرها. ويعيد رسم
خريطة توازن القوى والحسابات في
المنطقة. وربما يدشن لمشروع عربي ويقضي
على مشاريع القوى غير العربية في
المنطقة. ولهذا مقال ووقفة قادمة إن
شاء الله. ================= الثوار
يتدفقون والمدينة تعاني من نقص
الأسلحة والأدوية معركة حلب...
مصيرية للثورة السورية! تاريخ النشر:
الإثنين 30 يوليو 2012 الاتحاد قام رجال يصيحون بنقل
المقاتل الجريح، محمولا على نقالة،
إلى جناح طوارئ مؤقت مع غروب شمس
الجمعة بعد أن اخترقت شظية من قذيفة
هاون أطلقتها قوات الحكومة السورية
ساقه. ويقول أبو حسن، وهو مقاتل آخر من
الجيش السوري الحر: "أرأيت؟ قل لبلدك
أن يقوم بشيء ما، أي شيء!". وبعد وقت
قصير على ذلك، تم جلب رجل آخر، وهو
سمكري أصيب برصاصة في ساقه أطلقها عليه
قناص حكومي سوري. التوتر يزداد حدة في
حلب، التي تعد ثانية مدينة سورية، حيث
يتوقع قادة الثوار هجوما حكوميا قويا
في أي لحظة من أجل نسف المكاسب التي
حققها الثوار خلال الأسبوع الماضي،
على غرار ما حدث في دمشق التي استعادت
فيها قوات النظام العاصمة من الثوار
بالقوة النارية ومعارك الشوارع. ومن
المرجح أن تصوغ معركة السيطرة على
العاصمة الاقتصادية لسوريا الواقعة
شمال البلاد، مصيرَ الانتفاضة التي
بدأت قبل 17 شهراً ضد الرئيس بشار
الأسد، والتي حصدت حتى الآن أرواح نحو
20 ألف شخص، وفق بعض التقديرات. ذلك أن
من شأن خسارة حلب أمام الثوار أن تُظهر
ضعفاً كبيراً من جانب الحكومة. ومع التحضير
للمعركة، قيل إن ثمانين دبابة سورية
وصلت إلى جبهة المعركة على الأطراف
الغربية لمدينة حلب. وكانت طائرات
الهيلكوبتر أطلقت يوم الجمعة وابلا
متكرراً من الرصاص على مناطق يسيطر
عليهـا الثـوار معظم اليـوم، ما أسفـر
عن مقتل ستة أشخاص. كما قتل القناصة
الحكوميون من جانبهم شخصين آخرين، وفق
الثوار في حلب. وفي هذا الإطار، يقول
"أبو محيو"، وهو ضابط في الجيش
السوري الحر في منطقة حلب: "إن الجيش
السوري الحر مستعد، فلدينا الكثير من
المتفجرات والقنابل التي تزرع على
جانب الطريق"، مضيفاً أن الدبابات
المنتشرة في حلب لم تستعمل بعد،
المدفعية فقط استخدمت من بعيد، لكن
استعمالها "مسألة وقت فقط، ونحن لا
نعرف متى". ويقول "أبو محيو"
عن المناطق التي يسيطر عليها الثوار
شرق وغرب وجنوب غرب وسط المدينة: "إن
النظام لا يستطيع الدخول إلى هنا لأن
الجيش السوري الحر قوي جداً والجميع
يدعمه"، مضيفاً: "إن الناس يفتحون
بيوتهم لنا". ومن غير الممكن
التحقق من أقوال الثوار بشأن الدعم
الواسع الذي يتلقونه في حلب؛ غير أن
امرأة تحمل طفلها على كتفها توقفت عند
مكتب للجيش السوري الحر خصيصاً لتطلب
علم الثورة من أجل استعماله كخلفية
لصورة لابنها، كما قالت، ولتعليقه في
البيت. وطيلة هذا الأسبوع،
سارعت العائلات إلى ملء الشاحنات
بالأغراض، وتحميل الثلاجات والتلفزات
وأي شيء تتسع له وسيلة النقل المتاحة
قبل اللجوء إلى قرى أكثر أمناً في شمال
سوريا أو عبور الحدود إلى تركيا. وكانت
ملامح الخوف بادية على وجوههم في وقت
كانوا يراقبون فيه السماء للتحقق من
موقع طائرات الهيلكوبتر التي تطلق
الرصاص. غير أن حلب تمثل
تحدياً بالنسبة لقوات الثوار. ذلك أن
المدينة كانت متأخرة في الانضمام إلى
الانتفاضة؛ كما أنها لطالما دعمت
النظام، وأحياؤها منقسمة بين المعارضة
وأنصار الحكومة. لكن المواجهة
المتوقعة بين الثوار وقوات النظام أدت
أيضاً إلى تدفق جديد للثوار إلى
المدينة. وفي هذا السياق، يقول
مقاتل وجندي سابق من القوات الخاصة
الحكومية قدم نفسه باسم أبو عمر: "في
كل يوم يأتي مزيد من المقاتلين من
القرى... إننا نرغب فقط في الدفاع عن هذه
الأماكن (في حلب)، والله ولينا"،
مضيفاً: "إن النظام يقوم بقصف كثيف
في الليل من أجل تخويف الناس وتدمير
المباني وقتل المزيد من السكان وجعل
الناس يلعنون الجيش السوري الحر...
ولذلك فإننا نحاول حماية الناس؛ لكننا
بحاجة إلى الأسلحة، المزيد من
الأسلحة، من أي بلد". مقاتل آخر، يدعى أبو
حمزة، لوح ببندقيته من طراز "إي كي
47" من أجل توضيح فكرته وقال: "هذا
السلاح يكلف 2000 دولار، وكل رصاصة تكلف
دولارين... إنه باهظ جداً". السوريون في هذه
المدينة عبروا عن غضبهم يوم الجمعة
لأنه لم يتم القيام بشـيء من أجل
مساعدتهم، مشيرين إلى استعمال الفيتو
في مجلس الأمن الدولي من قبل روسيا
والصين وتصريحات من قبل الولايات
المتحدة والأوروبيين تستبعـد تدخلا
عسكرياً. ويشار هنا إلى أن بعض
التقارير تفيد بأن وكالات الاستخبارات
الأميركية والتركية نقلت أسلحة خفيفة
ومعدات اتصال ومعلومات استخباراتية
إليهم، في حين وفرت بلدان خليجية المال
وبعض المعدات. النقص يعاني منه
أيضاً نظام طبي يعاني الإجهاد بسبب
العدد الكبير من الإصابات. والدلائل
على الحاجة موجودة في كل مكان. ففي أحد
الشوارع، استقرت قذيفة هاون من عيار 120
ملمتراً في الأسفلت؛ لكن شظاياها حطمت
نوافذ سيارة مجاورة وأصابت شخصاً
واحداً على الأقل، ترك وراءه خطاً
طويلا من الدماء التي تنزف على طول
الشارع. وتقول أم هدى،
الطبيبة التي تدير هذا الجناح المرتجل
الخاص بالطوارئ: "إننا لا نستطيع فعل
أي شيء عدا مشاهدتهم يموتون أحياناً"،
مضيفة: "هناك أطفال، في سن العاشرة
أو الثالثة، لم يفعلوا شيئاً، لكنهم
يموتون أمامك. إنهم ملائكة!". وترى أم هدى أن غياب
المساعدة الدولية نعمة ونقمة في آن
واحد، إذ تقول إن الولايات المتحدة "تستطيع
القيام بأشياء كثيرة. إنها تعرف كيف
تنهيه". لكن في الوقت نفسه، يمكن
القول إن الفيتو الروسي والصيني ضد
التدخل يمثل "شيئاً جيداً... لأننا
نريد أن نفوز، لكن بالاعتماد على
أنفسنا، بدون مساعدة من أحد". سكوت بيترسون حلب - سوريا ================= نبيل بومنصف 2012-07-30 النهار احتلت الاستعدادات
العسكرية المتقابلة لمعركة حلب مكانة
ساحقة في الاعلام العالمي، لم يخرقها
سوى تسليط الضوء على بدء العد العكسي
لفترة المئة يوم الفاصلة عن
الانتخابات الرئاسية الاميركية. يكتسب الامر دلالة
مهمة ليس في طبيعة الحدث العسكري الذي
يحمل نتائج حاسمة على مسار الصراع في
سوريا فحسب، بل في رمزية تجاوز معركة
حلب أطر "ربيع" الثورات العربية
الى تحديد معالم مصيرية للشرق الاوسط
برمته. ولا ندري امام هذا الحدث، كم ان
اللبنانيين محظوظون لانصرافهم عنه
بملهاة اليوميات التي تتقدم اولويات
السياسة والاعلام عندهم. ونقول ملهاة
لا للاستهانة بحجم الازمات الخانقة
التي تطبق على أنفاس اللبنانيين، بل
للتحذير، ان كان يجدي، من ان الاعلام
الغربي في خلفية تعامله مع الحدث
السوري بدأ يصنف لبنان البلد الاكثر
اهلية وقابلية للانفجار مع، او بعد،
سوريا. ولا تعوز هذا الاعلام حجة او
ذريعة او خلفية، أمشبوهة كانت ام
موضوعية في هذا المنحى، ما دامت اي
قضية او ازمة صغيرة او كبيرة في لبنان
تضع امنه واستقراره على شفا هوة
الانزلاق الى المحظور. ثم ان التهديد بتفجير
لبنان، لم يعد صنيعة السياسات
المتحكمة فيه من الداخل او الانتهاكات
الوافدة عليه من الخارج فحسب. فها هي
صحيفة دمشقية تحرض بالامس حلفاء
النظام علنا وبأشد العبارات وضوحاً
على إشعال الفتنة في لبنان". دعوة
"الى الفتنة لا تشبه الا التهديد
باستعمال الاسلحة الكيماوية مما يثبت
تكرارا كم هي "الورقة اللبنانية"
ثمينة لدى النظام السوري، وكم هو حريص
على استعمالها في اللحظات الحاسمة،
وكم هو مدرك أيضا لخطورة صدى التهديد
بتقويض الاستقرار اللبناني لدى
المجتمع الدولي. امام هذه السحب التي
تتلبد في سماء لبنان ترانا أمام مئة
يوم مصيرية تعني اللبنانيين، تماما
كما تعني السوريين وكل أنحاء الشرق
الاوسط، سواء احتفظ باراك اوباما
بمنصب الرئاسة الاميركية أم حل مكانه
منافسه ميت رومني. هي مئة يوم برمزية
المهلة وليس بعدد الايام، لان أحدا في
العالم لا يمكنه التكهن بمآل الانفجار
السوري وانعكاساته على الجوار بعدما
تعولم الصراع السوري على خطى "اللبننة"
و"العرقنة" وسائر مشتقات الدمار
والتقسيم واستباحة الصراع للمصالح
الدولية. ولن تكون مغالاة أبدا ان
يعتبر لبنان نفسه في عين عاصفة هذه
المهلة الجهنمية. فبين معركة حلب
ومعركة الرئاسة الاميركية لن يقوى على
الوقوف الا من يخرج من زواريب
المياومين والكهرباء والاضطرابات
بالجملة والمفرق وحتماً لا ينطبق ذلك
على أصحاب ملهاة وافدة في هذه الزواريب
اسمها الانتخابات النيابية في كل هذا
الجحيم الشرق أوسطي والعالمي. ================= من
واقعتي حمص وحماه إلى معركة حلب عجز دولي مستمر
أم نقطة تطفح الكأس؟ روزانا بومنصف 2012-07-30 النهار مع انطلاق التجاذب
الدولي حول سوريا قبل عام كان بعض
وزراء الخارجية الغربيين يسأل ما هو
عدد القتلى الذي ينبغي ان يسقط قبل ان
تتدخل الدول او تتوافق من اجل ان تتخذ
موقفا حاسما من الوضع السوري؟ وكان كل
من وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري
كلينتون ووزير الخارجية الفرنسي
السابق آلان جوبيه أكثر من أثار هذه
النقطة ليتبين بعد سنة ان المجتمع
الدولي وكل الدول تستطيع ان تتحمل سقوط
عدد كبير من الضحايا وقد تجاوز أخيرا
الـ20 ألف ضحية في سوريا من دون ان تتحرك
على نحو فاعل ومجد. وتستعيد مصادر
سياسية هذه الوقائع لتشير الى المواقف
الدولية التي اكتفت على عتبة تحضير
الرئيس السوري بشار الاسد لشن حرب على
حلب بالتحذير من وقوع مأساة، كما ورد
على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي
لافروف محملا الغرب وجيران سوريا تبعة
اراقة الدماء، او "دعوة" الامين
العام للامم المتحدة بان كي - مون
النظام السوري الى وقف الهجوم على حلب،
او إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان انه "لا يمكننا ان نلتزم
الصمت امام ما تفعله قوات الاسد في حلب"،
ودعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند
مجلس الامن الى التدخل في اسرع وقت
ممكن لوقف المجازر في سوريا وما الى
ذلك من مواقف تشكل هذه النماذج بعضها
ولكنها تصب في اطار "تبرئة الذمة"
اذا صح التعبير ورمي الكرة في ملعب
الآخرين. ولا يبدو طبيعيا في الزمن
الراهن ان تكتفي الدول الكبرى من
التحذير من وقوع مجزرة وتتوقع حصولها
من دون ان تمتلك الوسائل او تستخدم
الوسائل المناسبة للحؤول دونها ومنع
سقوط المزيد من الضحايا، على رغم ان
الدول الكبرى سبق ان شهدت وقوع مجازر
كبيرة في البوسنة وفي سواها من دون ان
تتحرك الا بعد حصولها. فهل تكون معركة
حلب والضحايا التي يمكن ان تضيفهم الى
اللائحة الطويلة من الضحايا السوريين
النقطة التي يمكن ان تغيّر مجرى الامور
لجهة اثارة الحمية الدولية في سبيل وضع
حد لما يجري؟ ام ان الدول الكبرى
ستستعيد التحذيرات التي وجهت قبل
موقعة حمص وحماه باعتبار ان مواقف
مماثلة صدرت قبل اشهر في الاطار نفسه؟
وما هو العدد المحتمل للضحايا والذي
يمكن ان يرسم خطا فاصلا بين وصف ما يحصل
مجزرة ووصفها بتعبير آخر؟ تقول المصادر ان
المواقف الدولية المعلنة توحي فعلا
العجز عن اتخاذ المواقف الحازمة
والرادعة لاحتمال حصول مجزرة في
المدينة، فضلا عن كشفها مدى
الانقسامات التي لا تزال قائمة حول
الموضوع السوري من دون اي تغيير فعلي
قياسا على تبجح الغرب بحصول تغير في
الموقف الروسي في وقت سابق لدى لقاء
مجموعة العمل حول سوريا في جنيف
والاتفاق على مرحلة انتقالية. وهذه
التحذيرات هي بمثابة انذارات ضمنية
بان وقوع مجازر قد يرتب رد فعل مختلفا
عما حصل حتى اليوم. فسقوط عدد كبير من
الضحايا سيلقي باللائمة على كل الدول
وليس على واحدة من دون الاخرى لعدم
القيام بأي عمل يمنع حصول المجازر،
ويمكن ان يثير ضجة اعلامية وسياسية
كبيرة مؤثرة. ولفت هذه المصادر صدور
مواقف في الصحافة الاميركية تحذر
الادارة الاميركية من ان زمن
الانتخابات الرئاسية لا يبرر التهاون
في احتمال او انتظار حصول مجازر من اجل
البناء على الشيء مقتضاه. فالمسؤولون
الاميركيون يدافعون عن مواقف بلادهم
بالقول انها حازمة وجدية وان النظام
السوري ساقط لا محالة، لكن زمن
الانتخابات يقيد حركة الرئيس الاميركي
ويشل قدرته على اتخاذ قرارات بالتدخل
في اي مكان من العالم. ودور الولايات
المتحدة في هذا الاطار حاسم واساسي
باعتبار ان لا تحرك من دونه اقليميا او
غربيا وقد يكون سببا لمحاولة تعزيز
المواقع والاوراق في اعادة كسب الارض
قبل الخريف المقبل واتضاح معالم
الاتجاهات النهائية حيال التحرك
المحتمل الذي سيعتمد ازاء النظام في
سوريا. الا ان الاكتفاء
بالتحذير من مجازر لا يبدو كافيا، وليس
واضحا ما اذا كان الاسد سيتجنب التسبب
بمجازر كبيرة يمكن ان تكون مبررا لتدخل
من اي نوع كان ضده، او انه سيضع المجتمع
الدولي امام الامتحان مجددا في عمل من
هذا النوع بعدما اطمأن منذ زمن بعيد
الى ان لا تدخل ضده على غرار ما حصل في
ليبيا، كما اطمأن الى حماية روسيا له
ووقوفها بجانبه وتوجيه وزير الخارجية
السوري وليد المعلم من ايران الشكر
للافروف على مواقفه في حين يسعى الاخير
الى النأي ببلاده عن دعم الأسد او
تبنيه. وتخشى المصادر ان
تكون الامور في سوريا اصبحت اكثر
تعقيدا مما كانت قبل عام وكذلك
التدخلات المباشرة، بدليل المواقف
الايرانية المتقدمة في دعم الاسد
وتحديه اي عملية انتقال سياسي، وكذلك
استمرار المواقف الروسية على حالها،
وتاليا قد تكون المعالجات اختلفت سواء
برد فعل على مجازر محتملة او اي امر آخر. ================= تركيا
مع "الإخوان" السوريين و"المجلس
الوطني"! سركيس نعوم 2012-07-30 النهار عاد أخيراً باحث
اميركي معروف من رحلة استطلاعية "للمعارضة
او المعارضات السورية" المقيمة في
مدينتي انطاكية واسطنبول التركيتين
نظمتها مؤسسة اوروبية تروج
للديموقراطية بانطباعات اربعة. أولها،
ان صورة الأمور تبدو مختلفة
عن الصورة المتكوّنة عنها قبل
اللقاءات المباشرة. وثانيها، ان
المسؤولين الاتراك يمارسون بطريقة
لافتة جداً اشرافاً وضبطاً لقوات
المعارضة السورية المقيمة داخل بلادهم.
وثالثها، ان جماعة "الاخوان
المسلمين" موجودة داخل المجلس
الوطني السوري وداخل عدد من المجموعات
المعارضة المقيمة خارج سوريا. اما رابع
الانطباعات، فهو وجود انتقاد لاذع
وساخر ومرّ في آن واحد للعالم الخارجي
عند المعارضة السورية ومقاتليها
لإحجامه عن تزويدها "الدعم العملي"
اللازم. الى الانطباعات
الأربعة العامة المذكورة أعلاه ما هي
الانطباعات التفصيلية التي عاد منها
الباحث الاميركي نفسه من الجولة
الاستطلاعية المذكورة أعلاه؟ عاد بالآتي: 1 – لاحظ ورفاقه
استعمال شخصيات سورية معارضة أو من لغة
مزدوجة في الاجتماعات المغلقة. فهي
قالت شيئاً للبعض ثم قالت لبعض آخر
شيئاً آخر مناقضاً.
مثال على ذلك قول شيخ سوري يدير جمعية
خيرية مُقيم على الجانب الاردني من
الحدود مع سوريا للوفد الزائر وبلهجة
واثقة: "نحن كلنا متساوون ونؤمن بكل
الأنبياء الرحومين والرؤوفين". ثم
طلب دعم عمله المخصص لمساعدة الشعب
السوري. لكنه بعد ذلك انتحى جانباً
بعضو آخر من الوفد فلسطيني الهوية،
وقال له: "انت تعرف انه عندما تتحدث
الى هؤلاء الاوروبيين عليك ان تكون
كالثعلب. يجب ان تقول لهم أشياء لطيفة.
لكنك تعرف اننا لا نعنيها أبداً".
انطلاقاً من ذلك لا بد من الدقة
والمعرفة في اثناء اختيار الشخص او
الأشخاص او الجهات التي ستُدعم تلافيا
للوقوع في شرك أو مأزق. 2 - لافتة للنظر هي
سيطرة تركيا على مخيمات النازحين
السوريين في اراضيها وعلى قوات
المعارضة السورية. فالأخيرة تحتاج الى
أذونات منها للتحرك خارج الارض
التركية حتى في سوريا. كما ان
الاتصالات بين ضباطها وعناصرها مع
زملائهم العاملين داخل سوريا قليلة
وتحتاج الى اذونات تركية. 3 - لافت وصاعق فقدان
نظام سوريا السيطرة على عدد من المعابر
الحدودية مع تركيا. فالسوريون يتحركون
بحرية بين سوريا وتركيا ولكن بإذن من
الأخيرة. وقد زار وفد من المعارضة
المقيمة داخل بلادها الوفد الزائر
وعندما استفسر من الاخير عن زيارته
تلقى عرضاً لزيارة سوريا والعودة منها. 4 - رغم تأييد تركيا
للفصائل السورية المعارضة كلها بدا
واضحاً من المتابعة انها تميل الى
جماعة "الاخوان المسلمين" و"المجلس
الوطني السوري". وبدا واضحاً ان "الجماعة"
تريد السيطرة أو الهيمنة على "المجلس"
وعلى الحركة العامة للمعارضة السورية.
وقد ازعج ذلك جهات سورية معارضة اخرى
وعبرت عن انزعاجها للوفد الزائر. ويعود
الاختلاف بين "الاخوان" والآخرين
الى علمانية البعض، والى الطموحات
السياسية للبعض الآخر، والى رفض البعض
الثالث النفوذ التركي في الأوساط "الإخوانية".
وبدا واضحاً ايضاً ان الاسلاميين
وحدهم منظمون جيداً، نسبياً طبعاً،
ومنضبطون وموحدون وإن كانوا لا يمثلون
غالبية المعارضة السورية في الخارج.
اما في الداخل فإن وجود "الإخوان"
لا يزال محدوداً تنظيمياً. ما هي المطالب التي
قدمها المعارضون السوريون في تركياً
للوفد الزائر؟ طالبوا في وضوح بوسائل
اتصال، ومساعدات طبية، ومضادات
للطيران والمدرعات. واشاروا الى انهم
لم يعودوا يريدون مزيداً من
الاجتماعات والدعم السياسي والتدريب
والتصريحات الايجابية. فهم اعتبروا ان
العالم لا يقدم اليهم ما يحتاجون اليه
عملياً في ثورتهم، وبعضهم اتهمه بانه
لا يريد اسقاط الاسد، وبعضهم حمّل
اسرائيل مسؤولية منع اميركا من تقديم
الدعم اللازم الى الثوار. وفي النهاية
أكد هؤلاء انهم لا يريدون منطقة حظر
طيران او ملاذاً آمناً، ولكن منطقة
تحظر فيها القيادة على آليات الجيش
السوري وممرات آمنة الى عمق سوريا.
وقالوا: "اعطونا مضادات للطائرات
الحربية والمدرعات. اعطونا سلاحاً ولا
تغطونا جوياً. نحن سنقوم بالمهمة وحدنا".
واخيراً اجابوا بنعم جازمة عندما سأل
الوفد بعض هؤلاء المعارضين اذا كانوا
يقبلون أي مساعدة عسكرية (معدات وأسلحة)
اسرائيلية في حال احتاجوا اليها ولم
تقدمها الجهات الدولية الداعمة لهم. ================= إبراهيم غرايبة الغد الاردنية 30-7-2012 لم يتدخل العالم
الخارجي (حتى الآن) لإنهاء الكارثة
المروعة والمجازر البشعة بحق
الإنسانية، وضاعت بذلك على النظام
السوري فرصة استخدام السلاح الكيماوي.
فقد وعدنا النظام السوري، على لسان
الناطق باسم وزارة الخارجية جهاد
مقدسي، بألا يستخدم النظام الأسلحة
الكيماوية إلا في حالة العدوان
الخارجي. وطبعا لن يخطر على بال أحد أن
يستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي
ضد إسرائيل أو الغرب أو تركيا،
سيستخدمه بالطبع ضد عاصمته ومدنه
وشعبه. ولعله النظام السياسي الوحيد في
التاريخ والجغرافيا الذي يدمر عاصمته
على سكانها، ثم يلحق بها العاصمة
الاقتصادية. وهما ابتداء (دمشق وحلب)
تشكلان عقدة نقص لعصابة النظام
السوري؛ فهما أكبر بكثير من النظام
الطائفي، وتشعرانه بالاحتقار. ولعل
هذه مشكلة الأسد (العائلة) مع دمشق
وحلب، أنهما ما تزالان تلفظانه، ويشعر
تجاههما بحقد كبير ورغبة كبيرة في
الانتقام. ولعله يتمنى أن يدمرهما
بالكيماوي، فالقرداحة تكفيه! العالم كله اليوم
يتحمل مسؤولية إنسانية كبرى، ليس فقط
لوقف المجازر البشعة، ولكن أيضا
لتخليص البشرية من وحوش آدميين لا يكاد
عقل الإنسان وتصوره يقوى على احتمال
واستيعاب البشاعة والانحطاط والإجرام
في تفكيرهم وسلوكهم. والأكثر عجبا
وغرابة أن هذه القسوة والوحشية
الخيالية وغير المسبوقة في التاريخ لم
تنل في يوم من الأيام من الاحتلال
والمحتلين، ولم تتطور أبدا إلى إطلاق
رصاصة ولو طائشة في وجه الغارات
والتحرشات الإسرائيلية في سورية
ولبنان، واغتيال القادة السياسيين
والعسكريين من سورية ولبنان وفلسطين،
أو لأن تتصدى للطيران الإسرائيلي الذي
اقترب من قصر الرئاسة في دمشق في رسالة
ذات مغزى. مشهد اختطاف الشعب
السوري (25 مليون نسمة) بأكمله،
والتهديد بحرقه وإبادته وتدمير مدنه
وقراه، مثل صورة مكبرة ملايين المرات
لرجل العصابة في الأفلام الأميركية
الذي يضع مسدسه على رأس امرأة أو طفلة
مهددا بقتلها، وأحيانا تكون زوجته أو
ابنته، ودائما توحي في الأفلام بوحشية
الخصم واستعداده لعمل أي شيء. ولكن
الخيال الهوليودي لم يكتشف بعد الرجل
الذي يختطف خمسة وعشرين مليونا، ويهدد
بإبادتهم، ولعله يفضل ذلك ويستمتع به.
فقبل ثلاثين سنة، دكت سرايا حافظ الأسد
مدينة حماة على ساكنيها وأبيد منهم
عشرات الآلاف. وفي حادثة أخرى لا تقل
بشاعة ووحشية، اقتحمت سرايا الدفاع
بقيادة رفعت الأسد (صارت الفرقة
الرابعة بقيادة ماهر الأسد) سجن تدمر
وقتلت ألف سجين أعزل. لنحاول تخيل
المشهد والقدرة النفسية الهائلة لدى
نظام الأسد وسراياه وشبيحته على قتل
معتقلين عزل لا يملكون من أمرهم شيئا..
صحيح أن الأمر مضى، وغفرت حركات
إسلامية ذلك للأسد.. ولكن الله لا ينسى! ================= محمد أبو رمان الغد الاردنية 30-7-2012 يحاول النظام السوري
جاهداً اختزال الثورة اليوم بوصفها
حرباً مفتوحة مع "القاعدة"
والمقاتلين الأجانب. وهي اللعبة التي
سعى إلى الوصول إليها، منذ البداية،
لترهيب العالم الخارجي (والشعب) من
مرحلة ما بعد النظام، وخطورة انهياره،
ولتبرير المجازر الدموية البشعة التي
يقوم بها بحق المدنيين والمدن
والأحياء، طالما أنّها حرب مع "المتطرفين
والظلاميين الأجانب"! نجح النظام في
استدراج عناصر من "القاعدة" إلى
سورية، وعزّز من دعايته الاهتمام
والتركيز الغربيان على عناصر "القاعدة"
الوافدين. وكانت صور المتطوعين على
الحدود التركية، وبعد تحرير معبر باب
الهوى، صيداً ثميناً للنظام؛ ولم يسلم
منه أردنيون وعرب حبستهم الظروف في
دمشق، فقتلهم واتهمهم بأنّهم من "القاعدة"! اليوم، لا يمكن تجاهل
وصول عناصر من "القاعدة" إلى
سورية، وهنالك عناوين عديدة لها، مثل
كتائب عبدالله عزام، وجبهة نصرة
الشام، وفتح الإسلام، وجند الإسلام،
وغيرها من أسماء تنبثق من المجموعات
نفسها، لكنّها مجموعات صغيرة ولا
تشكّل رقماً صعباً في المعادلة هناك،
إلى الآن على الأقل. قبل أيام، صدر تقرير
دقيق للبنتاغون يضع حدّاً لهذا الهوس
والأوهام المرتبطة بالقاعدة، يؤكّد
أنّهم في أقصى التقديرات بضع مئات،
مقارنةً بعشرات الآلاف من الجيش
السوري الحرّ. وهي نسبة محدودة جداً
بالنسبة للثوّار، الذين لا يحملون
بالضرورة فكر "القاعدة" ولا
يخضعون لاستراتيجيتها. بالضرورة، وجود "القاعدة"
لا يخدم صورة الثورة السورية ولا
مضمونها، ويتناغم مع دعاية النظام
السوري. لكن الخلط يحدث لدى المراقبين
اليوم بين أي شعار إسلامي و"القاعدة"،
وهذا غير صحيح؛ فليس كل من أطلق لحية أو
تحدث بخطاب ديني هو من "القاعدة". الدين في لحظة المحنة
العصيبة الحالية هو الملجأ والملاذ
للشعب السوري، وهو العمق المعنوي
والرمزي لهم، وسط تخاذل المجتمع
الدولي أمام آلة القتل والدمار؛ فهذا
مجال حيوي مختلف تماماً عن طابع "القاعدة"
وأيديولوجيتها، ومن المهم -كذلك-
محاولة توظيف العامل الديني الحيوي ضد
الطائفية وليس العكس! وتحت بند "القاعدة"
والحرب الأهلية، يجري تسويق نظرية
المؤامرة والحديث عن "عراق 2"، وفي
السياق ذاته، كتب توماس فريدمان
وديفيد اغناتيوس. وهي مغالطات فادحة؛
فدور "القاعدة" يختلف جذرياً بين
الحالتين، فضلاً عن اختلاف الشروط
الموضوعية. في العراق، تمكّنت
المجموعة القريبة من "القاعدة" (مجموعة
الزرقاوي "التوحيد والجهاد، انضم
لاحقاً إلى "القاعدة") من تجاوز
صدمة السنة بانهيار النظام، وبدأت
عمليات المواجهة مع الاحتلال الأميركي
منذ اليوم التالي للحرب مباشرة،
واستطاعت ملء الفراغ، وشكّل الاحتلال
الأميركي شرطاً موضوعياً لقدرة "القاعدة"
على التجنيد والتعبئة، فكانت رقماً
صعباً في المعادلة في اليوم الأول، قبل
أن تأخذ المعركة مساراً طائفياً
لاحقاً. في سورية، الوضع
مختلف تماماً. فالكتلة الكبرى من
المقاومة السورية هي من أبناء الجيش
الحرّ، ومن المواطنين، ولا يوجد
احتلال خارجي، وعناوين المعركة واضحة؛
الديمقراطية، والكرامة وحقوق الإنسان
والحريات العامة، كباقي ثورات الربيع
الديمقراطي العربي، وهي "شعارات"
تتناقض جذرياً مع خطاب "القاعدة"
ومنهجها. المحفّز الوحيد
لخطاب "القاعدة" هو ما يقوم به
النظام من ضرب الطائفة العلوية
بالسُنية، وحالة الفوضى التي تقع
حالياً. وفي حال تطوّرت الأمور باتجاه
الحرب الأهلية واتخذت طابعاً طائفياً،
فستكون عندئذٍ فقط الظروف مواتية لنمو
خطاب "القاعدة" أو السلفية
الجهادية، لكن إلى الآن ما يزال حضورها
محدوداً، مقارنةً بالثورة والجيش الحر. "القاعدة" مصيدة
للثورة السورية، وتضخيم وجودها ودورها
لا يخدم إلاّ النظام ودعايته لخلط
الأوراق. لذلك، فإن التأكيد على أهداف
الثورة الوطنية والتحرّرية، ومفهومها
المدني الديمقراطي، يمثّل اليوم
أولوية مهمة في الصراع مع نظام الأسد. ================= رجا طلب الرأي الاردنية 30-7-2012 خيارات الرئيس
السوري بشار الاسد باتت محدودة للغاية
بل في الواقع اصبحت محصورة في خيار
واحد وحيد وهو ادامة العنف والقتل
وبوتيرة اكبر واكثر دموية وهو خيار
اثبتت الاحداث على مدى اكثر من عام
ونصف العام هي عمر الثورة السورية انه
خيار فاشل ومرهق، وان
عامل الوقت الذي كان في البداية يصب
لصالح الة القمع التى يملكها النظام
تحول الان لصالح الثوار والثورة،
ففي كل يوم مزيد من الانشقاقات في
الجيش ومزيد من الانشقاقات في السلك
الدبلوماسي والبرلمان ومؤسسات الدولة
المختلفة، وهي انشقاقات تتراكم بصورة
كمية قادرة في لحظة ما من احداث
التغيير النوعي المتمثل في سقوط
النظام ورأسه. المقترح الذي تقدمت
به الجامعة العربية للاسد في الخروج
الآمن جاء منسجما تماما مع واقع الحال
الذي وصل اليه وضع الرئيس الاسد
والنظام الاسدي، ولكن
كما هي عادة «الطغاة» الذين يفقدون اية
صلة بما يحيط بهم نتيجة الغرور او
الوهم سارع الاسد الى رفض هذا المقترح
الذي سيصبح مع مرور الوقت وفي لحظة
تاريخية معينة امرا صعبا ومستحيلا،
ورد فعل الاسد السريع على المقترح
العربي لم يكن الا تعزيزا لقناعة
الكثير من المتابعين والمهتمين بالشان
السياسي ببعده السيكولوجي من ان «الطغاة
الدمويين» لا يعترفون بالواقع او لا
يحسون به او منفصلون عنه بواقع اخر في
عالم الوهم، وفي
التاريخ القريب نجد ان هذا السلوك
للطغاة هو القاعدة وخلافه هو
الاستثناء، لقد
سخر صدام حسين من مبادرة الشيخ زايد
رحمه الله التى تضمنت مقترحا بتنحى
صدام واقامته هو وعائلته في الامارات
لتجنيب العراق ويلات الحرب والتى قدمت
لممثل العراق عزت الدوري في قمة شرم
الشيخ عام 2003، لم
يكتف العراق الرسمي بالرفض فحسب بل
تطاول وقتها الدوري على الشيخ عبد الله
بن زايد الذي كان وزيرا للاعلام ووصف
الموقف الاماراتي بانه متخاذل،
وقبل اشهر حاولت الامارات مرة اخرى
انقاذ الموقف في ليبيا واقترحت ايضا
مخرجا آمنا للقذافي والاقامة هو
وعائلته في الامارات مقابل التنحي
وتجنيب ليبيا الحرب وويلاتها ايضا الا
ان القذافي وعلى خطى صدام حسين سخر من
المقترح واصر على عناده وراينا كيف
انتهى به الامر جثة هامدة وكيف تشتت
شمل عائلته وبصورة مأساوية. الاسد وبرفضه السريع
لفكرة الملاذ الآمن التى اقترحتها
الجامعة العربية يكون عمليا قد رسم
لنفسه صورة قريبة او تكاد تكون مطابقة
لما حدث لصدام حسين وعائلته ولمعمر
القذافي وعائلته. الطغاة لا يرون الغد
او المستقبل بل هم في الواقع اسرى
اللحظة، ولو
كان الطاغية ايا كان يفكر في الغد ربما
لتردد في اتخاذ الكثير من القرارات
ولربما تملكه الشعور بان فعل اليوم هو
بانتظاره غدا ومهما كانت ادواته في
تطويع اللحظة واعتقالها والقبض عليها
لن ينجح في ادامتها لتصبح حالة دائمة
او ابدية. ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 30-7-2012 يجب تحميل روسيا،
سياسياً وأخلاقياً، مسؤولية استمرار
الأزمة السورية مفتوحة على هذا النحو
المروِّع حتى الآن إذْ لولا هذا الموقف
المعاند الذي بقيت تتخذه موسكو
والمثير للشبهات لما استمر بشار الأسد
في ركوب رأسه الى ان أصبحت سوريا تغرق
في الدماء والدمار وأيضاً في الحرب
الأهلية وبحيث لم يعد ممكناً الحديث عن
حلٍّ توافقي لهذه الأزمة ولا عن محاولة
لترقيع خطة كوفي أنان التي ولدت ميتة
والتي لم تُنْجِزْ إلاّ إعطاء النظام
السوري المزيد من الوقت ليستمر
باستخدام المزيد من القبضة الحديدية
لمواجهة انتفاضة شعبه. لوْ أن روسيا، هذه
الدولة التي سقطت أخلاقياً، لم تتخذ
هذا الموقف المشبوه الذي اتخذته منذ
البداية وبقيت تتمسك به بصورة مثيرة
للتساؤلات والشبهات فلأذعن بشار
الأسد، قبل أن تصل الأمور الى ما وصلت
اليه، للضغوطات التي مورست عليه وعلى
نظامه داخلياً وعربياً ودولياً
ولانصاع لدعوات التَّعقُّل وقَبِلَ
بإيقاف حلول العنف والقوة العسكرية
الغاشمة واختار غير هذا الطريق الوعر
الذي أغرق سوريا في الدمار والقتل وقد
يأخذها الى الإنقسام والتشظي ولوافق
على الإلتقاء مع مطالب شعبه في منتصف
الطريق!!. لكن ولأن روسيا،
السباقة في ذبح الشعب الشيشاني وتدمير
بلاده وتشريد أبنائه في أربع رياح
الأرض وبالطريقة ذاتها التي كان
اتبعها جوزيف ستالين ضد هذا الشعب وضد
العديد من شعوب جمهوريات ما كان يسمى
الإتحاد السوفياتي العظيم، الذي لم
يكن لا عظيماً.. ولاهُمْ يحزنون، كانت
قد ألزمت نفسها بـ»أجندةٍ» قذرة منذ
البدايات من خلال هذا الموقف الذي بقيت
تتخذه، مدعومة بالصين، وللأسف،
وبالطبع بدولة الولي الفقيه التي
استيقظت في عهدها كل النزعات الفارسية
القديمة، قد ورطت بشار الأسد في موقفٍ
ما عاد بإمكانه التراجع عنه وهو الذهاب
على هذا الطريق الذي أُختير له حتى
النهاية.. ومهما حصل!!. والآن فإن السؤال
الذي من المفترض أن يطرحه كل عربي وكل
إنسان في هذه الكرة الأرضية على نفسه
وعلى غيره وقد وصلت الأمور الى ما وصلت
اليه هو :ما الذي تريده روسيا ياترى
باتخاذها هذا الموقف غير المبرر الذي
كانت اتخذته منذ البدايات وبقيت تتمسك
به بصورة مثيرة للإستغراب والشبهات
منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة..؟! وللإجابة وبموضوعية
على هذا السؤال الذي أصبح مطروحاً على
الصعيد العربي على الأقل لابد من الأخذ
بعين الإعتبار أن روسيا كانت قد بادرت
الى دخول هذه المواجهة، التي بقيت
محتدمة لنحو عام ونصف والتي غدت مفتوحة
على أسوأ الإحتمالات، بألوف الخبراء
العسكريين وبالسلاح والاستخبارات
وبالاستعراضات العسكرية البحرية
والجوية وهدف هذا كله هو تثبيت بشار
الأسد على مسار التصعيد والمزيد من
التصعيد الى أن أصبحت سوريا مهددة
بوحدتها بالفعل والى أن غدت مؤامرة
إقامة الدولة الطائفية العلوية التي
يجري الحديث عنها قيد التنفيذ وبصورة
جدية!!. وهذا يعني، بما أن
اسرائيل هي المستفيد الأول من إنهاك
سوريا على هذا النحو ومن تمزيقها بهذه
الطريقة وأيضاً من «فكفكة» هذه
المنطقة وزرعها بالدويلات المذهبية
والطائفية والأثنية، ان روسيا متورطة
في مؤامرة قذرة وأنها اتخذت هذا الموقف
الذي اتخذته والذي لاتزال تتخذه
لتثبيت الرئيس السوري على هذا المسار
المدمِّر من أجل هذا الهدف الآنف الذكر
الذي هو هدف اسرائيلي ولقاء أن تتحول
قاعدتها البحرية في طرطوس إلى كل حجم
هذه الدولة العلوية التي يجري الحديث
عنها والتي من الواضح أنها غدت خيار
بشار الأسد الذي لا خيار غيره طالما أن
رحيله عن دمشق بات محسوماً وبات مسألة
أيام وليالٍ معدودات فقط! ================= لحظة
الحقيقة بسقوط الأكاذيب ضد الثورة
السورية طاهر العدوان الرأي الاردنية 30-7-2012 أطراف دولية عديدة،
من الشرق ومن الغرب، من
العرب ومن أصدقاء سوريا،
مدوا الحبل على غاربه لطاغية الشام
فتمادى في جرائمه الى حد يخجل فيه
تيمورلانك من افعاله وكل ذلك يتم بغطاء
ورقة توت اسمها رفض التدخل ورفض تزويد
الثوار بالسلاح تحت مزاعم منع الأوضاع
من التطور الى حرب أهلية. وكل هذه
المهزلة السياسية للمجتمع الدولي خدمت
بتواطؤ لا مثيل له خطط الاسد الطائفية
في تسعير نار الحقد والوحشية بين صفوف
كتائب جيشه التي تقوم عقيدتها على حفظ
نظام الطائفة حتى لو كان الثمن تدمير
سوريا حجرا على حجر وأسالة الدماء
انهارا. يعلق احد السوريين
على مزاعم النظام بان منطلقات الثورة
طائفية قائلا: لو كنا طائفيين لما
قبلنا بحكم عائلة الاسد لأكثر من
٤٠ عاما !. وها هي الاحداث
المأساوية في حلب ودرعا ودير الزور
ودمشق وكل المدن والقرى حيث يعيش
السوريون حالة مواجهة مع جيش يدعي انه
جيش الوطن واذا به جيش يرتكب من
المجازر وجرائم الحرب ما لا ترتكبه
الجيوش الغازية. وهذا ثمن الاستسلام
الطويل لأكاذيب النظام والتستر على
جرائمه ليس في سوريا وحسب انما في
لبنان وحماة وتدمر خلال ربع قرن من
رعاية الحروب الطائفية مباشرة،
وبالوكالة كما فعل مع العراق اثناء
الحرب الإيرانية العراقية وحتى احتلال
بغداد. لقد وصل الوضع في
سوريا لحظة الحقيقة ويجب تسمية
الاشياء بما هي عليه فعلا،
فما يجري من وحشية ومجازر من جيش
يفترض انه جيش البلاد هي حملات ابادة
وتطهير ضد شعب باسره،
يلاحق فيها الناس في الشوارع
والحارات، يدمر
البيوت على ساكنيها ويصفيهم جماعات
ووحدانا تحت مزاعم انهم إرهابيون،
اعمال لا يمكن وصفها في قواميس
السياسة والحرب الا انها حرب طائفية
حقيرة. لان الضحايا مدنيين،
ومن حمل السلاح منهم فللدفاع عن
النفس ( بعد ان بلغ السيل الزبى ) انهم
ليسوا ثوارا ضد النظام لجأوا الى
الجبال او جماعة خارجة على القانون
التجأت الى حي او مدينة واحدة اتخذتها
رهينة، انما
ثورة شعب في جميع المدن والمحافظات. لقد تواطأ الجميع مع
الجزار من ما يسمى بأصدقاء سوريا الى
حكام روسيا، والى الصين التي لم يشهد
لها يوما انها ساعدت شعبا انتفض
لحريته، لقد
أحكموا الطوق على الثورة السورية فلا
مال ولا سلاح بزعم رفض عسكرة الثورة،
ولم يصل من اموال الى المجلس
الوطني السوري على مدى ١٨ شهرا
سوى ١٥ مليون دولار وفق تصريح
لاحد أعضائه، بينما خزائن ايران
وروسيا لم تتوقف في إمداد الاسد
بالأموال والسلاح والطيارين والخبراء. حلب هي لحظة الحقيقة
التي اسقطت أكاذيب النظام عن وجود تدخل
خارجي ضده، فهو
المعتدي عندما وضع نفسه في حرب على
شعبه، شعب في
صموده العظيم وتضحياته يثبت انه يستحق
الحرية والكرامة. والدعم الخارجي
الوحيد الذي يتلقاه السوريون هو نشر
وسائل الاعلام لصور دمار مدنهم وصور
أجساد شهدائهم من الاطفال والرجال
والنساء وقد مزقتهم أسلحة الطاغية،
وغير ذلك من دعم مزعوم هو رحلات في
الدرجة الاولى لوزراء خارجية ومؤتمرات
٥ نجوم تكرر أكذوبة الوقوف الى جانب
شعب يذبح كل يوم بل كل ساعة ودقيقة. الجميع يعطي الوقت
للطاغية، بسياسة عدم الفعل لوقف
جرائمه، الذي
تقود افعاله الى ولادة دويلات طائفية
اخرى تمتد من الخط الأزرق الى جنوب
الاسكندرون شمالا ومن المتوسط الى بحر
قزوين، لكن
السوريين الذين يواجهون التدخل الروسي
الإيراني بدمائهم يثبتون كل يوم انهم
اهل عزم وارادة لا تهزم. ================= صبحي حديدي 2012-07-29 القدس العربي
في أواخر الستينيات
كانت في سورية جامعتان: دمشق، التي
تأسست سنة 1923 تحت اسم 'الجامعة السورية'؛
وحلب، التي تأسست سنة 1958. ورغم أنني كنت
من أبناء محافظة الحسكة، إحدى
المحافظات الشرقية، وتوجّب بالتالي أن
أنتسب إلى جامعة حلب؛ إلا أنّ حصولي
على منحة دراسية قادني إلى جامعة دمشق،
الأمر الذي جعلني أكثر معرفة بالعاصمة
السياسية، خلال سنوات الدراسة،
وإقامات أخرى أطول. حلب، المدينة
الثانية في سورية، والعاصمة التجارية
عملياً، عرفتها خلال زيارات متقطعة،
فضلاً عن أداء دورة التدريب للخدمة
العسكرية الإلزامية في واحدة من
مدارسها. ولقد شاء الحظّ أن
تجري تلك الدورة خلال العام 1979، في
ذروة المواجهات العنيفة، والعنفية،
بين النظام والجناح العسكري لجماعة
الإخوان المسلمين، فشهدتُ (مثل
العشرات من زملائي 'الطلاب الضباط'،
كما تسير التسمية) بعض فصول تلك
المواجهات. كان قائد اقتحام الأحياء
الحلبية ضابط في 'الوحدات الخاصة'،
برتبة مقدّم، يُدعى هـ. م.، وكانت
فضيلته الوحيدة أنه ظلّ يستهوي
مصارحتنا بحقيقة دورنا في تلك
العمليات: أنتم تؤدّون الخدمة
الإلزامية، وبالتالي لن يستهدفكم 'الإخوان
الشياطين' (لم تكن مفردة 'الإرهابيين'
أو 'المندسين' رائجة آنذاك)، مثل
استهدافهم للعسكريين العاملين؛ ولهذا
فأنتم أشبه بالدرع البشري، ننشركم في
مدخل الحيّ، قبل أن نبدأ بالاقتحام
والتطهير! كانت تلك 'الفلسفة'
تثير القشعريرة حقاً، ليس لأننا
بالفعل كنّا نؤدّي 'خدمة العلم'، لا
أكثر؛ ولسنا، استطراداً، على دراية
بفنون القتال عامة، وقتال الشوارع
والأزقة والمدن خاصة؛ بل، كذلك، لأنّ
مفهوم 'الدرع البشري' في ذاته يحيل إلى
صيغة الدريئة التي تتلقى الرصاص، وتلك
هي وظيفتها الوحيدة! المدهش أنّ الضابط
كان على حقّ، في نهاية المطاف، لأنّ
أياً من زملائنا الطلاب الضباط لم
يُقتل في المواجهات، رغم أنّ بعضها كان
ساخناً بالفعل (كما في معركة حيّ
الصاخور، مثلاً)، ورغم أنّ مجموعاتنا
كانت تُنشر على هيئة دروع بشرية، وحدث
مراراً أنّ الرصاص كان يمرّ من فوق
رؤوسنا! وفي هذه الأيام
تحديداً، إذْ يحاصر عسكر النظام مدينة
حلب، ويعتزم حرق الأخضر فيها قبل
اليابس، أستعيد ـ ضمن اختلاطات
متلاطمة لمشاعر الاعتزاز والأسى،
البهجة والسخط، الدهشة واليقين... ـ
واقعة ذات مغزى بالغ الخصوصية؛
شهدتها، شخصياً، صحبة عدد من الزملاء،
في 'جبّ القبة'، أحد أعرق أحياء
المدينة، والذي يقع على مرمى أمتار من
سور القلعة. كنّا يومها في ساعات الفجر
الأولى، وفرغنا من تفتيش أحد البيوت،
ليس دون فظاظة شديدة تعمدها عناصر 'الوحدات
الخاصة'، دون أن نعثر على أي سلاح، حين
باغتنا المقدّم هـ. م. دخل إلى البيت
مجدداً، وألقى نظرة سريعة على المكان،
ثمّ سأل الساكن الوحيد (وكانت سيدة
سبعينية) إنْ كانت عندها شربة ماء؛
فأجابته بنبرة جافة، ونظرة صقيعية: 'عندك
البئر، فانزحْ منه واشربْ'. ابتسم المقدّم، على
نحو ماكر لن ندرك مغزاه إلا بعدئذ،
وغادر المكان مع عناصره، وبقينا نحن
مرابطين أمام البيت، حتى تصلنا
تعليمات أخرى. وبعد دقائق أطلّت
السيدة، وهي تحمل 'صدر' قشّ عريضاً،
تكدست فوقه أصناف منوّعة من الجبن،
والعسل، والمربى، والزيتون، والزعتر،
والزيت، والبيض المقلي والمسلوق، وخبز
الصاج الساخن... كانت السيدة تجهل مللنا
ونحلنا، أدياننا وطوائفنا، مناطقنا
وأعراقنا، ولكنها قالت، بصوت واهن
ولكنه يطفح حناناً وعذوبة: 'أنتم
مجبرون على هذا، وأمهاتكم بعيدات
عنكم، فاعتبروني أمّكم، واقبلوا هذا
الفطور بالنيابة عنهنّ'. وقبل أن نتحرر
من المفاجأة الصاعقة، أو نمتلك الوقت
لنتداول في ما إذا كان من الصائب ('عسكرياً'،
على الأقلّ!) أن نقبل هذه الدعوة السخية
الاستثنائية، تعالى مجدداً صرير عجلات
سيارة الـ'رينج روفر'، يقودها المقدّم
دون سواه، والابتسامة ذاتها على وجهه. 'ليس
عندك شربة ماء يا خالة، أليس كذلك؟'. 'لك
ماء البئر' ردّت الخالة بحزم، 'وهؤلاء
أولادنا، لهم القلوب والعيون'! تلك هي حلب، وهذه
حكاية واحدة صغيرة تعكس وجدانها
السوري الثرّ، وتؤشر على بعض أسفارها
وأطوارها وأحوالها، بوصفها الشهباء
الكريمة المجيدة الأبية، صاحبة الموقع
السياسي والثقافي والحضاري، الإنساني
والوطني والكفاحي، الذي تضرب جذوره
عميقاً، بل تغوص في الأعمق من تاريخ
سورية، القديم والوسيط والحديث
والمعاصر. وتلك هي الحاضرة التي
حرص النظام أن يُطبق عليها الخناق (وربما
أكثر ممّا فعل مع دمشق)، ففرض عليها
حصاراً خارجياً، وأقام الحواجز في
الشوارع والأحياء الرئيسية، كما نصب
عدسات المراقبة في الساحات العامة
وأمام المساجد، ولجأ إلى طرائق أشدّ
شراسة في تفريق التظاهرات أو
الاعتصامات. وهي، أيضاً، حلب بعض كبار
التجّار، الذين تحالفوا مع بعض
المشايخ ورجال الدين، فلعبوا دوراً
ميدانياً مباشراً في إخماد النقمة
الشعبية، واعتمدوا في هذا أساليب شتى
تبدأ من التلويح بقطع الأرزاق، ولا
تنتهي عند إصدار الفتاوى. 'حلب الشهباء'، مدينة
تلك السيدة الفريدة، 'الأمّ شجاعة' على
نحو ما صوّر برتولت بريخت، وأرفع؛
صارت، أيضاً، 'حلب الشهداء'، بالعشرات
كلّ يوم. هي، كذلك، عاصمة الانتفاضة،
راهناً وحتى إشعار آخر؛ وتلك التي
تشهد، وتستعيد، أمثولة محمود درويش: 'في
كلّ مئذنة/ حاوٍ، ومغتصب/ يدعو
لأندلسٍ، إنْ حوصرت حلبُ'! =================== عبد الباري
عطوان 2012-07-29 القدس العربي
السيد وليد جنبلاط
الزعيم الدرزي اللبناني المعروف، اوجد
لنفسه اكاديمية سياسية خاصة به، ابرز
عناوينها التقلب في المواقف، من
النقيض الى النقيض في بعض الاحيان،
وهذا امر لا يعيبه، فالسياسة هي فن
التعايش مع المتغيرات على الارض، وفي
حالته كزعيم لأقلية مذهبية، فإن
الحفاظ على مصالح الطائفة يتصدر
اولوياته، ويشكل همّه الأكبر. في حديثه الذي ادلى
به الى محطة تلفزيون 'بي. بي. سي'
العربية، وجرى بثه ليلة امس الاول،
فجّر السيد جنبلاط كعادته في مقابلاته
قنبلة سياسية وصحافية من العيار
الثقيل عندما اجاب في سؤال عن رأيه في
انشقاق العميد مناف طلاس بقوله انه كان
عليه ان يذهب الى مدينة الرستن في حمص،
حيث اهله واقاربه وينضم الى الثوار
المدافعين عنها، على المغادرة الى
باريس. كلام السيد جنبلاط
يحمل وجهة نظر تستحق التوقف عندها
لتأمل حاضر الوضع السوري ومستقبله،
والمخططات التي تطبخ على نار هادئة في
غرف مغلقة، بينما تشتد حدة المواجهات
الدموية وترتفع اعداد القتلى
والمهجّرين من ابناء الشعب السوري. الثورة، اي ثورة،
ومثلما علمتنا دروس التاريخ، من
المفترض ان تأتي، في حال نجاحها،
بقيادات جديدة من رحم المعاناة
والتضحيات، وتحدث تغييرا سياسيا
واجتماعيا شاملا على كافة الصعد
والمستويات، وان تؤسس لنظام جديد
بوجوه جديدة. ولعل ما هو اهمّ من كل
ذلك، هو ان يختار الشعب، اي شعب كان،
قيادته الجديدة التي من المفترض ان
تعبّر عن طموحاته في التغيير الذي ثار
من اجل فرضه، فالقيادات الثورية التي
غيّرت مجتمعاتها على مرّ العصور كانت
دائما شابة طموحة، انبثقت من وسط
الشعب، وقادت المقاومة منذ ايامها
الاولى، ولدينا امثلة عديدة مثل
نابليون وشارل ديغول، في فرنسا،
ونيلسون مانديلا ونكروما في افريقيا،
وغاندي ونهرو وسوكارنو في آسيا، وجمال
عبد الناصر وعبد الكريم قاسم في الوطن
العربي، والقائمة طويلة. اللافت، ومن خلال
متابعة عملية الإعداد النشطة
والمكثفة، والحفاوة البالغة التي قوبل
بها انشقاق العميد طلاس ان هناك جهات
عديدة تريد منذ الآن فرضه على الشعب
السوري، ودون استشارته (اي الشعب)،
كزعيم المستقبل الذي يجب ان يلتف
الجميع حوله. ' ' ' هناك عشرات وربما
مئات العمداء في الجيش العربي السوري،
وبعض هؤلاء انشقّ فعلا عن النظام في
بداية الانتفاضة، ولكن هؤلاء لم
يستقبلهم العاهل السعودي الملك عبد
الله بن عبد العزيز، ولا احمد داوود
اوغلو وزير خارجية تركيا، ولم تطأ
اقدامهم باريس، ولم يعلن وزير
الخارجية الفرنسي فابيوس وصولهم
بطريقة دراماتيكية اثناء انعقاد
اجتماع اصدقاء سورية. ما هي المؤهلات التي
تجعل العميد مناف طلاس مميزا عن غيره
من العمداء او الألوية في الجيش السوري
بحيث يحظى بكل هذا الاهتمام ومن قبل
المملكة العربية السعودية واجهزة
اعلامها على وجه الخصوص بحيث تكون اول
اطلالة له على قناة العربية، واول حديث
له لصحيفة سعودية؟ العميد مناف طلاس لم
يخض اي حرب ضد اسرائيل او غيرها، كما
انه غير معروف بتفوقه العسكري
وبطولاته الميدانيةن كل ماهو معروف
عنه انه ابن وزير الدفاع السابق مصطفى
طلاس الذي امضى معظم حياته في ظل
الرئيس الراحل حافظ الاسد، وكانت
علاقته بالجميلات من الفنانات
العالميات اكثر من علاقته بالفنون
العسكرية او وحدات الجيش العربي
السوري، وكان من ابرز الشخصيات التي
باركت التوريث ووصول الرئيس الحالي
بشار الاسد خلفا لابيه. العميد طلاس وسيم،
ويضاحي نجوم السينما العالمية في
وسامته، وليس لدينا اي شك في ذلك،
وابرز انجازاته انه كان صديقا مقربا
للرئيس بشار الاسد منذ ايام الدراسة
الابتدائية، وتولى منصب قائد الفرقة 105
في الحرس الجمهوري السوري. فهل هذه هي المواصفات
المطلوبة في رئيس سورية الجديد التي
تزكيه وتميزه عن غيره من ابناء
العائلات السورية التي قدمت آلاف
الضحايا والشهداء في الانتفاضة التي
اندلعت قبل 16 شهرا للمطالبة بالتغيير
الديمقراطي؟ العميد طلاس قال انه
كان معارضا للنظام الديكتاتوري الفاسد
منذ اكثر من سنه، ولا نجد ما يجعلنا لا
نصدقه، وقد يكون الحال كذلك فعلا، ولكن
هل ديكتاتورية النظام وفساده وليدتا
الامس، ومنذ اندلاعة الانتفاضة فقط؟ السؤال الآخر الذي
يطرح نفسه بقوة ايضا وهو عن الكيفية
التي غادر فيها سوريةن ونجح في الوصول
الى بر الامان في باريس حيث والده
وبقية اهله (شقيق وشقيقه)، فهل شاركت
قوات او اجهزة مخابرات فرنسية او غربية
اخرى في تهريبه؟ العميد طلاس وفي
مقابلته الصحافية الاولى منذ انشقاقه،
رفض الحديث عن كيفية هروبه، ولم يكشف
مطلقا عن عملية تهريبه وعبر اي منفذ
حدودي، ولغز تضليل اكثر من 17 جهاز
مخابرات من المفترض ان تكون تتابع
تحركاته وتتوقع انشقاقه طالما انه
اعتكف في بيته احتجاجا. ' ' ' القفز من السفينة
الغارقة، او التي هي في طريق الغرق حسب
آراء او حسابات القافزين، امر متوقع،
خاصة اذا كان هؤلاء تعودوا على
الرفاهية. والتنعم بالمناصب العليا،
في اندية السلطة الضيقة العضوية، وان
ينجو هؤلاء بارواحهم ايضا من الامور
غير المستغربة، لكن ان يقفز هؤلاء الى
سدة الحكم، ويتجاوزون الكثيرين الذين
فجروا الانتفاضة لوضع حد للظلم
والاضطهاد واحتكار السلطة من قبل فئة
محدودة اسرة طلاس هي جزء اساسي من
نواتها، فهذا امر يستعصي على الهضم. فاذا كان الشعب
السوري الذي قدم حتى الآن اكثر من
عشرين الفا في مسيرته للتغيير
الديمقراطي سينتهي برئيس من ابناء
النظام القديم تشرف على اعداده
وتهيئته المطابخ نفسها التي تسلح
الجيش السوري الحر وتموله، فلماذا قدم
الشعب السوري كل هذه التضحيات اذن.. لكي
يعود الى الوراء؟ الشعب السوري ينتفض
ضد عائلة الاسد، ويريد الاطاحة بها حسب
شعارات مظاهراته الاحتجاجية وتصريحات
قادة القوات المسلحة التي تقاتل
باسمه، هذا واضح، ولكن هل يريد استبدال
عائلة باخرى صديقة لها وموالية لحكمها
لاكثر من اربعين عاما.. فاذا كان الحكم
يمكن ان يورّث، فهل التغيير الذي ضحى
من اجله الشعب السوري يمكن ان يتأتى من
خلال استبدال عائلة في الحكم باخرى
موالية لها؟ السيد جنبلاط اعترض
على 'ترؤس' العميد طلاس لانه ينحاز الى
صديقه عبد الحليم خدام الذي خدم اسرة
الاسد لاكثر من اربعين عاما، وابتلع
كرامته وعملية التوريث التي تجاوزته
بطريقة مهينة وهو الذي كان نائيا
للرئيس والمؤهل الاكبر للرئاسة، ولكن
اعتراضنا نابع لاسباب اخرى مختلفة وهي
التدخل الخارجي في اختيار القيادات
الجديدة حسب المواصفات الغربية
ومحاولة فرضها على الشعب تحت مسميات
واعذار عديدة مما يشكل نسفا لكل
الادعاءات حول الديمقراطية وحقوق
الانسان والمساواة والعدالة
والاختيار الشعبي الحر. نخشى على سورية من
مخططات من يدعون صداقتها والحرص
عليها، مثلما نخشى على الشعب السوري من
الذين يتعاطون معه كما لو انه شعب قاصر
لا يستحق ان يختار قياداته ويقومون
بهذا الدور نيابة عنه، ودون التكلف حتى
باستشارته. =================== حزب
العمال الكردستاني حيال الحراك جان عبدالله * الإثنين
٣٠ يوليو ٢٠١٢ الحياة منذ بدء الاعتراض
الاحتجاجي في سورية وجُل مقاربات
المثقَّفين لمسألة حزب العمال
الكردستاني وموقِفه من الحراك السوري
تنوسُ بينَ فكَّي ثنائيَّة شالَّة،
يشكِّل حدَّاها مساران إطلاقيَّان
ومُغلقان، المسارُ الأوَّل مُتشنِّج
يرى في حزب العمال تنظيماً سياسيَّاً
مُلحقاً على شكل استطالة ممتدَّة
للنظام السوري، وأنه سلطة «أسديَّة»
بديلة وتابعة في المناطق الكردية،
قراره السياسي يطبخ في أقبية
الاستخبارات السورية. المـسار الـثاني
شعـبوي ودوغمـائي، يؤكّد أن قرار
الحزب مستقلٌّ تماماً، وغير خاضغ
للتـوازنات الإقليميَّة الدقيقة، وأن
وجوده كميليشيا مسلَّحة في المناطق
الكرديَّة ملحٌّ ومهمٌّ، لحمايتها من
الاستخبارات التركيَّة التي «تسرحُ
وتمرح» على الحدود السورية - التركية،
وبأنه قوَّة ضبطٍ تمنع المجتمع الأهلي
الكردي داخليَّاً من الفوضى والانفلات. حتى نخرج من حدي
المقاربتين السابقتين يصبح علينا
تفكيك شكل النظام الإقليمي الجديد
البادئ بالتشكل منذ بدء «الربيع
العربي»، حيثُ إنَّ المنطقة من جنوب
اليمن حتى إقليم كردستان العراق تشهدُ
تفكُّكاً أهليَّاً عموديَّاً على أساس
الهويَّة، بسبب هشاشة الهوية الوطنية
الجامعة وضعف قاعدة المجتمع المدني.
والأحزاب السياسيَّة الكرديَّة
الفاعلة على الساحة الإقليمية لن
تستطيع «النأي بنفسها» عن هذا
الاستقطاب. فالساحة الكردية - السورية
منذ بدء الحراك الشعبي تشهدُ توتراً
بين «حزب الاتحاد الديموقراطي PYD»
الذي هو جناح سياسي سوري رديف لـ «حزب
العمال»، و «المجلس الوطني الكردي»
الذي يعتبره مسعود البرزاني عمقاً
استراتيجياً له في الأراضي الكردية -
السورية، وجزءٌ كبير من هذا التوتر
مرده في العمق انشطار رئاسة الإقليم
وحزب العمال بين المحورين السنّي -
الشيعي. فإشارات التودد بين رئيس إقليم
كردستان وحكومة أنقرة تعبر عن اقتراب
رئاسة الإقليم من المحور السنّي،
وانتعاش حزب العمال الكردستاني بعد
الأزمة السورية وعودة عناصره للسيطرة
على المناطق الحدودية السورية -
التركية، وإيقاف الجناح الكردي -
الإيراني من حزب العمال الكردستاني
عملياته ضد نظام الملالي، كلها دلائل
على اقتراب حزب العمال من المحور
الشيعي «الممانع». والمكان الذي
سترتفع فيه حدَّة المواجهة بين حزب
العمال ورئاسة الإقليم هو الساحة
السوريَّة - الكرديَّة، وبأدوات هي
المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد
الديموقراطي والقوة العسكريَّة
الغامضة الملامح والأهداف التي
تُدرَّب الآن في أراضي الإقليم ربَّما
(أقول ربَّما) وستكون لمواجهة الوجود
المسلح لحزب العمال في الأراضي
الكردية - السورية عند غياب سلطة
الدولة، والانهيار المفاجئ للنظام
السوري والوقوع في شرك الفوضى. بعبارة
أخرى نحن نشهد تصدعاً للأكراد بين طرفي
الاستقطاب الملتهبين في المنطقة،
السنّي التركي والشيعي الإيراني. إن حركات التغيير
العربي بتحقيقها أعمق التغييرات
الـسياسية والمـجـتمعية في شـكل سـلمي
لاعنـفي، أصـابت التنظيمات (القاعدة
مثلاً) التي تتوسـل العنف وسـيلة
للتغيير بدوخان أيديولوجي وفقدان في
التوازن، وهذا ما دفع خالد مشعل رئيس
حركة حماس، وهي حركة يمينية دينية
بالغة التشدد، إلى تبني المقاومة
الشعبية، مع العلم أنَّ النضال
السياسي المدني اللاعنفي هو أفضل
طريقة للحفاظ على نقاوة القرار
السياسي من ضغوط الغير، وأن حَرْبة
السلاح تفضّ بكارة عذريَّة الاستقلال
السياسي لأيّ حزب. على حزب العمال أن
يضع مشروعه الحزبي القائم على الهيمنة
بقوة السلاح على المناطق السورية
الكردية جانباً، وعلى المجلس الوطني
الكردي أن يبقى مشدوداً إلى دمشق بدلاً
من عواصم أخرى، لأن القضية الكردية،
على حد تعبير السياسي الكردي الراحل
اسماعيل عمر، «تحل في دمشق وليس في
أنقرة وطهران وبغداد»، والعمل جنباً
إلى جنب مع المعارضة لإرساء سورية على
مرفأ الديموقراطية. * كاتب سوري =================== عبدالعزيز
التويجري * الإثنين
٣٠ يوليو ٢٠١٢ الحياة منذ سنوات عدة وشهر
رمضان يقترن بالأحداث العاصفة المدمرة
التي تقع في عدد من الدول العربية
الإسلامية، فتحيل الشهر الكريم إلى
موسم للبكاء والحزن نتيجة الكوارث
الإنسانية الفظيعة التي تترتب على تلك
الأحداث المروعة. وقد بدأ شـهر رمضان
هذه السـنة بهذا التـصـعيد العنيف
المدمّر للأزمة التي تشهدها سورية،
منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً، نتيجة
لإصرار النظام الطائفي الاستبدادي
الذي يحكم هذا البلد العربي بقوة
الحديد والنار، على المضي قدماً في
ممارسة الخيار الأمني، ومواصلة الحرب
ضد شعبه المنتفض الثائر على الظلم
والقهر والقمع والحرمان من الحقوق
وامتهان الكرامة والإضرار بالمصالح
العليا للبلد من خلال استشراء الفساد
والإفساد على أوسع مدى، على أيدي
الطغمة الحاكمة المستبدة المستفيدة
العابثة بمقدرات الشعب والمستغلة
للثروة الوطنية. وإذا تجاوزنا النظرة
التقليدية إلى مجريات الأحداث،
وتعمقنا في تحليل الوضع المزري البالغ
أقصى درجات التدهور، نجد أننا أمام
حالة شاذة تكاد تكون غير مسبوقة، ليس
فقط على الصعيد العربي، ولكن على
الصعيد العالمي، أللهم إلا بعض
الاستثناءات التي لا تمنع من القول
إنها حالة فريدة من نوعها. ذلك أن طبيعة
النظام الطائفي الديكتاتوري في سورية،
تنفرد بخاصية لا تتوافر في الأنظمة
الشمولية الطاغية التي عرفها العالم
خلال القرن العشرين. فالحكم في سورية
هو، وفق التوصيف الواقعي، حكم عصابة
إجرامية طائفية قام على أساس دولة
بوليسية حديد منغلقة تمارس أقسى أنواع
القمع ضد إرادة الشعب المقهور المغلوب
على نفسه المحروم من كل الحقوق تستفيد
منها فئة محدودة ورثت الحكم المستبد في
ظروف مشبوهة، وتتصرف وكأنها صاحبة
الحق المطلق الذي لا ينازع، في إدارة
دفة الحكم بمقدار كبير من الجهل والبطش
وعمى البصيرة والطيش والإصرار الغريب
على ممارسة الإجرام في حق المواطنين
والوطن. ونظام تكون هذه هي
ملامحُه وأوصافه ودوافعه ومحركاته، لا
يمكن أن يكون نظام دولة، وإنما هو نظام
عصابة بكل دلالات العبارة. لقد جاءت
الأحداث المدوية المروعة لتؤكد أن
سقوط نظام العصابة أضحى وشيكاً
بالمقياس الواقعي، كما جاء ردّ الفعل
من جانب النظام على ما يجري على الأرض،
مؤكداً حالة الغيبوبة وانعدام التوازن
التي يعيش فيها أفراد هذه العصابة
الإجرامية؛ إذ تبيّن أن هذا النظام
الطائفي مقطوع الصلة بالواقع، وهو لا
يزال متقوقعاً على نفسه متوهماً -
توهماً مرضياً - أن الوضع سليم ومسيطر
عليه، وأن الأمر كله، كما يزعم، إنما
يتعلق بعصابات إجرامية وجماعات
إرهابية في الاستطاعة القضاء عليها في
أقرب الآجال. وتلك أوهام غرقت في
مستنقعها العصابة المجرمة التي تقتل
الشعب السوري وتهدد بالإبادة الجماعية
له حتى تبقى هي سيدة الموقف. وهنا يكمن الخطر الذي
يتهدد سورية بالمزيد من الكوارث
المدمرة. وإذا كان النظام الطائفي في
سورية ينحدر سريعاً نحو الهاوية، فإن
أحداً لا يمكن أن يجزم بأنه سينتهي
قريباً، على رغم ظهور المؤشرات الدالة
على ذلك؛ لأن الطغاة حينما يجدون
أنفسهم محاصرين ووجوههم إلى الحائط
وواقعينَ تحت الضغوط القاهرة الشديدة
الوطأة، لا يتورعون عن التصعيد في
الموقف والضرب في كل اتجاه، ولا
يترددون عن حرق الأرض بمن عليها.
فهؤلاء مجرمون عتاة لا خلاق لهم ولا
ذمة ولا رادع من دين أو عاصم من فكر
مستنير يهديهم سواء السبيل، ابتلي بهم
الشعب السوري الشقيق منذ أكثر من أربعة
عقود. إن التحليل الموضوعي
للأوضاع في سورية الآخذة في التأزم
البالغ الذروة، تطرح في هذه المرحلة
العصيبة، أسئلة كثيرة عن موقف المجتمع
الدولي إزاء المأساة التي تعصف بالشعب
السوري والتي تهدد الدولة السورية
بالتلاشي والانهيار. فالحلول السياسية
والديبلوماسية فقدت صلاحيتها وأصبحت
ضرباً من الخيال، واستخدام القوة لردع
النظام في سورية من خلال تفعيل الفصل
السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بات
دونه خرط القتاد كما تقول العرب،
والقرار الذي اتخذته جامعة الدول
العربية في شأن تأمين خروج الرئيس
القاتل بشار بعد تنحيه عن الحكم مع
أسرته، لا جدوى منه ولا فائدة فيه. وهي
الصفة اللازمة لجميع القرارات التي
اتخذتها الجامعة منذ نشوب الأزمة في
سورية وإيران وروسيا والصين لن تكف عن
مساندة النظام السوري إلا إذا شعرت
بتهديد مباشر لمصالحها من خلال موقف
صريح وجريء وشجاع تتخذه جامعة الدول
العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. وفي
غياب ذلك كله، فلا أمل في وضع حد سريع
لهذه المأساة المروعة، ولإنقاذ سورية
من الحرب الأهلية العارمة الشاملة. تحركوا قبل أن تُحرق
الفيحاء والشهباء. تحركوا قبل فوات
الأوان. والنداء موجّه إلى العرب
والمسلمين كافة وإلى المجتمع الدولي
برمته. =================== دمشق
تحرك حروب الاقليم والحسم بعيد الإثنين
٣٠ يوليو ٢٠١٢ الحياة لم يكشف الجنرال
روبرت مود جديداً. جميع اللاعبين في
الساحة السورية يعرفون أن سقوط النظام
مسألة وقت. وما يقلقهم ليس سقوطه بل
احتمال سقوط سورية كلها وغياب أي قدرة
على استعادة حكمها أو بناء نظام جديد.
ما جرى منذ زمن وما يجري هذه الأيام هو
استكمال التدمير الممنهج لمعظم المدن
والحواضر السورية. لم تخرج المعارضة من
مدن حمص وحماة وإدلب ودرعا وغيرها، لكن
هذه لم يبق من معالمها شيء. وهذا ما
يحصل وسيحصل للعاصمتين أيضاً. عملية «بركان
دمشق» قبل أسبوع انتهت بلا حسم. لم يحقق
«الجيش الحر» والجماعات المقاتلة ما
كانت تطمح إليه. نفدت ذخيرتها، وجيش
النظام لم يتورع عن استخدام كل آلته
التدميرية. ولا ينتظر أن تشكل «أم
المعارك» في حلب مصيراً مغايراً. علماً
أن المجتمع الأهلي فيها عبر عن تمرد
واسع بمختلف تشكيلاته وهيئاته. ولا
يتوقع أن توفر تركيا الدعم المطلوب
لتحويل عاصمة الشمال «بنغازي» جديدة
يمكن أن تشكل منطلقاً للمنشقين وتسهل
على القوى الخارجية أداء دور أكبر في
دعم الثورة. وفي حين تمعن موسكو في «قهر»
أنقرة لا ترى واشنطن وجهاً للشبه بين
حلب وبنغازي! ولا يعني ذلك أن النظام
انتصر أو سينتصر في هذا «البركان»
المتنقل في كل أرجاء البلاد. لم يربح
أحد حتى الآن. ولن يربح أحد في المستقبل
المنظور، وإن كانت النتيجة النهائية
معروفة لمصلحة الناس. ما صرح به الرئيس
السابق للمراقبين الدوليين نعي واضح
لمهمة المبعوث الدولي - العربي كوفي
أنان الذي لم يكن مطلوباً منه في
الأساس سوى السعي إلى توفير مزيد من
الوقت للاعبين الدوليين والإقليميين.
وبات واضحاً أن هذه المهمة استنفدت
غرضها. لذلك، لجأ النظام إلى تشريع
الأبواب واسعة أمام تصدير «حروبه
الأهلية» إلى أكثر من جبهة: من إثارة
قضية الأسلحة الكيماوية والجرثومية
التي قضّت مضاجع كثيرين، خصوصاً
إسرائيل. إلى قضية تسليم تنظيمات كردية
مناطق واسعة محاذية للحدود مع تركيا
التي لم تتأخر في التعبير عن مخاوفها.
ومثلها فعلت قوى في المعارضة السورية
التي أقلقتها إثارة قضية قد تشغلها عن
المواجهة الكبرى مع النظام. إلى قضية
اللاجئين الذين يتدفقون إلى دول
الجوار وقد يشكلون مستقبلاً بؤر توتر
في مجتمعات هشة تقف على شفير الهاوية،
من لبنان إلى الأردن والعراق. وفوق هذا
وذاك تصاعد الحديث عن احتمال تفتيت
البلاد وتقسيمها على غرار ما حل
بيوغسلافيا وما ينذر ذلك بحروب مذهبية
لن تكون إيران ودول عربية بمنأى عن
الانخراط فيها. اللعب بالقضية
الكردية في سورية أكثر خطورة وأشد
تعقيداً. منذ البداية لزم الكرد ما
يشبه الحياد في الأزمة. لم ينخرطوا في
الحراك كما كانت تأمل المعارضة. ولم
يشايعوا النظام كما فعلت أقليات أخرى.
انتظروا هذا الاهتراء ليبدأوا مسيرة
إقامة أمر واقع في مناطق وجودهم الكثيف.
لذلك، لم تفلح كل مؤتمرات «المجلس
الوطني» من اسطنبول إلى القاهرة في
ضمهم إلى صفوف المعارضة. كما لم تفلح كل
الإغراءات التي قدمها النظام منذ
البداية في دفعهم إلى الدفاع عنه.
مشكلتهم تشبه مشكلة إخوانهم في العراق
قبل انهيار نظام صدام حسين. لم يغفروا
للبعث في دمشق محاولات طمس هويتهم
القومية. بعض أدبياته تحدث صراحة عن
وجوب «تعريب الكرد». وبعض سياساته وفرت
للعناصر العربية التي تتجاور معهم في
المدن والنواحي وكثير من القرى كل
الدعم لإخضاعهم. هذا من دون الحديث عن
حرمان عشرات الآلاف منهم من بطاقات
الهوية. وعندما وجد النظام حاجة إليهم
في عز صراعه مع البعث في بغداد لم يتأخر
في إرضائهم إلى حين. ولم ينسوا ما حل
بهم بعد الغزو الأميركي العراق من
ممارسات القمع والتكنيل والحرمان
والتضييق، عندما انتفضوا في وجه
الأجهزة الأمنية. تجربة أشقائهم في
كردستان العراق تغريهم. لن يصلوا إلى
مرحلة المطالبة بالاستقلال. ولكن لا
بأس من تكريس أمر واقع قد يتحول إلى ما
يشبه الإقليم الفيديرالي في العراق.
ولكن هذا الأمر قد يستثير ليس العرب
السوريين فحسب، بل قد يفتح باب التدخل
واسعاً أمام تركيا عندما يحين وقت
التدخل. هذه «الخطوة»
الكردية عززت المخاوف من تفتيت سورية.
فالجميع يدرك أن نظام الرئيس بشار
الأسد لن يسلم بأي حل سياسي. لن يسلم
بمرحلة انتقالية حتى وإن سقطت
العاصمتان. ثمة سيناريو قديم كان خصوم
النظام يتحدثون عنه باستمرار: إذا ضاق
الخناق على أركان النظام وقواه
المقاتلة لن يكون صعباً عليهم
الانتقال إلى منطقة الساحل الغربي
للتحصن هناك والدفاع عنها ما استطاعوا
إلى ذلك سبيلاً. فإن لم يؤدِ ذلك إلى
تقسيم حقيقي فإنه سيوفر لهم ملاذاً
آمناً. ويقيهم على الأقل من المحاسبة
والمطاردة لاحقاً إلى أن تنضج الظروف
لتحقيق تسوية ما. وهو ما ترى إليه
غالبية السوريين مؤشراً إلى بداية
تفتيت بلادهم، على طريقة ما حدث في
البلقان وأدى إلى تفتيت يوغسلافيا.
خصوصاً في ضوء محاولة الكرد الاستقلال
ببعض مناطق انتشارهم لإقامة منطقة حكم
ذاتي يمكنهم الانطلاق منها لاحقاً
للتفاوض أيضاً على حدود «استقلالهم»
في إدارتها. والسؤال هنا هل يعقل
أن ترضى روسيا في نهاية المطاف بمثل
هذا السيناريو؟ تتصرف موسكو على أنها
تسعى إلى استعادة موقعها قوة عظمى
ونداً للولايات المتحدة فهل ترضى
بالنزول إلى هذا النوع من الحلول؟ إذا
كان المنطق يطرد مثل هذا الرضى، فإن
مثال جورجيا مثال حي وقائم. اقتطعت
موسكو «دويلتي أوسيتيا وأبخازيا» رداً
على «تدخل» الغرب في فضائها الحيوي. وبعيداً من موقف
موسكو، لا يمكن هنا تجاهل موقف
الغالبية السورية التي وحدها حددت
وتحدد حتى اليوم مجرى الأزمة وأحداثها
بصرف النظر عن موقف روسيا أو الولايات
المتحدة وأوربا وغيرها من الدول.
السنّة في سورية قد يكررون تجربة
الشيعة العراقيين الذين ظلوا طوال
سنين يشعرون بأن «شرعية» االحكم يجب أن
تؤول إليهم نظراً إلى رجحان كفة
تعدادهم في مواجهة تعداد السنّة العرب.
ويبدو سنّة سورية بعد هذه الشهور
الدموية الطويلة من مقارعة النظام
مصممين على استعادة ما يعدونه «شرعية»
الحكم الذي يجب أن تؤول إليهم في
النهاية. وانطلاقاً من هذه القاعدة قد
لا يتوانون عن مواصلة حربهم لمنع تقسيم
البلاد وتفتيتها. وهو ما قد يرفع من
وتيرة الحرب المذهبية بين السنّة
والعلويين وربما الحرب الإثنية بين
العرب والكرد. ولن تقف هذه الحروب عند
حدود سورية وحدها. قد تمتد إلى العراق
بشيعته وكرده، وإلى لبنان أيضاً. ولوحت
إيران صراحة على لسان أحد جنرالاتها
مسعود جزائري بأن «الشعب السوري وجبهة
المقاومة لن يسمحا بتغيير النظام».
وهددت بتوجيه «ضربات حاسمة إلى جبهة
العدو خصوصاً العرب المكروهين»! والتحرك الإيراني
بمقدار ما يخدم الموقف الروسي يقلق
الإدارة الأميركية التي كان تركيزها
الأساس أولاً وأخيراً على إيران أكثر
منه على سورية. وهو موقف إسرائيل أيضاً.
صحيح أن سورية شكلت وتشكل جسر عبور
لإيران وصواريخها إلى جنوب لبنان وأن
تدمير هذا الجسر سيلحق خسارة كبرى
بالعنصر الأهم من استراتيجيتها في
الشرق الأوسط. لكن الصحيح أيضاً أن
واشنطن وتل أبيب تدركان عظم الأخطار
التي يعنيها جر طهران إلى حرب واسعة في
المنطقة كلها. وتشعر الولايات المتحدة
في هذه المرحلة بحاجة ماسة إلى شراء
مزيد من الوقت. وهي تالياً بحاجة إلى
الدور الروسي في التعامل مع الملفات
الإيرانية. وهو ما دفعها ويدفعها حتى
اليوم إلى سياسة الانكفاء عن التدخل
المباشر في الأزمة السورية. وأفادت روسيا بالطبع
من إحجام البنتاغون عن الاستعداد لأي
تحرك عسكري في وقت لا تزال أميركا
تعاني من عقدة حربي أفغانستان والعراق
ومن العبء الاقتصادي الذي ترتب عليهما.
وهي إذ استحوذت على الورقة السورية
كاملة بحيث بات مصير الأسد في يدها
وحدها، ستحاول التلويح بالورقة
الإيرانية حتى استنفاد كل أدواتها من
أجل فرض نفسها شريكاً أساسياً في رسم
مستقبل المنطقة ونظامها الأمني
والسياسي. نظراً إلى ارتباط هذا النظام
بمسائل الإسلام السياسي وانعكاساته
على الداخل الروسي والدول الإسلامية
المحيطة بهذا الداخل. ونظراً إلى
ارتباط هذا النظام بمستقبل الطاقة
والمشاريع الكبرى المتعلقة بهذا
القطاع الحيوي للعالم أجمع. وليس مصادفة في هذا
الوقت تكرار التهديدات الإيرانية
بالتدخل لمنع سقوط نظام الأسد. وليس
مصادفة أن تقر غالبية في البرلمان
الإيراني مشروع قانون يهدد بإغلاق
مضيق هرمز رداً على العقوبات
الأوروبية على النفط الإيراني. وليس
مصادفة أن توجه صنعاء اتهامات إلى
طهران بالتدخل في اليمن، فهي تتدخل منذ
زمن لدعم الحوثيين وبعض مجموعات «الحراك
الجنوبي». وليس مصادفة أن توجه أميركا
وإسرائيل اتهامات إلى طهران و «حزب
الله» بالوقوف وراء الاعتداء في مطار
بلغاريا. وليس مصادفة تململ دول الخليج
ودول عربية أخرى كثيرة من التدخل
الإيراني في شؤونها. أن يدخل العامل
الإيراني بقوة على الأزمة السورية،
وأن تهتز المنطقة كلها على وقع الصراع
المذهبي والعرقي ليس ما يضير روسيا،
بمقدار ما يعزز موقعها في مواجهة الغرب
وعرب كثيرين. وأن تتفتت سورية وتصبح
عاجزة عن إدارة شؤونها بعد غياب النظام
ليس ما يضير أميركا وإسرائيل. وهذا فصل
جديد قد يطول وتطول معه آلام السوريين
وجيرانهم أيضاً. =================== سورية...
ثائر الميدان ومنشق القصر! الإثنين
٣٠ يوليو ٢٠١٢ الحياة أستغرب كلما شاهدت
محاولات حثيثة تجنح إلى تلميع شخصيات
سورية محترقة شعبياً، على رغم أنها لم
تخرج من عباءة النظام إلا بعد أن ولغت
في قهر وفقر وقتل الشعب. أخيراً خرجت
أسماء تمّ الاحتفاء بها تحت صفة «منشق»،
بعد أن ضاقت عليها الدائرة، وتمكّنت
المعارضة من تحقيق اختراقات وانتصارات
على النظام وأربابه وشبيحته. شخصيات
ولدت من رحم النظام وتمتعت بكل شيء،
وكانت عاشقة للأسد ونظامه وربما ما
زالت حتى وإن تبرأت. شخصيات تحمل
تاريخاً أسود، وتعتبر شريكة للنظام في
البطش والجريمة. تحضر تلك المحاولات
السياسية الاستخباراتية المكشوفة
وكأنها تريد نقر رؤوس السوريين والربت
على أكتافهم بقصد تصويب الأنظار نحو
تلك الشخصيات المكروهة داخل سورية قبل
غيرها. شخصيات يسوق لها إعلامياً
واستخباراتياً وسياسياً على أنها
قيادية، وهي لا تستحق كل ذلك الاحتفاء،
سواء انشقت أم بقت، لأن الثورة السورية
متقدمة وتحاصر النظام وتتعارك معه في
العاصمة دمشق ولها قرابة عامين وهي
صامدة، ورجال «الجيش الحر» يظهرون في
مراحل متقدمة من العنفوان والإقدام،
بهدف إسقاط النظام وشركاء الأسد مهما
كان الثمن باهظاً، حتى وإن أضرجت جلق
الفيحاء وجلق الشهباء بأنهار من
الدماء. آلاف الآلاف قتلوا.
آلاف الآلاف أصيبوا. مصابون لا يحصون.
نازحون لا يحصون وتكتظ بهم مخيمات
اللاجئين في تركيا والأردن ولبنان.
مجازر ومذابح يومية حتى أضحى في كل بيت
سوري أرامل وأيتام. سأضرب بمثالين من بيت
طلاس أحدهما العميد مناف طلاس والآخر
الملازم عبدالرزاق طلاس، الأول لم
ينشق إلا قبل أيام، بعد أن أصبحت سورية
حمام دم وهو ربيب النظام وتربية بيت
الأسد، وكان قائداً في الحرس الجمهوري
ووالده كان وزيراً للدفاع في عهد نظام
الأب ثم الابن، ويعتبره السوريين من
فرقة القتلة وتلوح في ذاكرتهم مجزرة
حماة عندما كان والده وزيراً للدفاع في
عهد حافظ الأسد. أما الشخصية الثانية
فهو شاب حر أبي يتمتع بالبساطة
والتواضع والشجاعة، وقد انضم للثوار
منذ البدايات، وحقق شعبية واسعة في
سورية بحكم أعماله وشجاعته وصلابته
وقدرته على المواجهة من دون خوف من بطش
النظام. يخرج عبدالرزاق للشاشات وهو
ببزته العسكرية، ويجول بين البلدات
المدمرة، ويواسي السكان والمصابين،
فيما يخرج مناف تارة من جدة وتارة من
أنقرة وتارة أخرى من باريس وهو يوزّع
الابتسامات في كامل أناقته، وكأنه
ذاهب إلى حفلة غنائية. في الأيام الأخيرة،
اهتم الإعلام بانشقاق نواف الفارس (سفير
دمشق لدى بغداد)، ثم خروج مناف طلاس من
دمشق وانشقاقه، لكنه لم يكترث بعدد
كبير من المنشقين الفاعلين في
الميدان، ومن بينهم عبدالرزاق طلاس،
الثائر الحر الذي انضم لثورة الشعب منذ
الأيام الأولى، فهو كما يروي لهذه
الصحيفة بحسب اللقاء الذي أجراه معه
الزميل مالك داغستاني في 1 حزيران (يونيو)
الماضي يقول: «بعد بضعة أيام من اندلاع
الثورة اصطحب مجموعة من أصدقائه
الضباط، وراحوا يتجولون بسيارتهم حول
المتظاهرين الذين اشتبهوا بأن السيارة
لمخبرين. أحاط بهم الشبان وحاولوا
التهجم عليهم فما كان من طلاس إلا أن
اعتلى ظهر السيارة وكشف عن صدره صارخاً
بالجموع: «أنا معكم.. أنا عبدالرزاق
طلاس من الرستن». وتراجع المتظاهرون
بعد أن تأكدوا من هويته. وتلك لحظة
انشقاق عبدالرزاق عن الجيش الذي وجّه
مدافعه إلى صدور الشعب بدلاً من حمايته
والدفاع عنه. انشق عبدالرزاق عن نظام
الأسد سريعاً حينما رآه يقتل الشعب
وترك منصبه في الجيش، وأصبح ذلك الشاب
مضرب المثل في الإنسانية والشجاعة.
ويقول في حواره: «خشيت على أهلي من
الأذى، ولكن أهلي كمعظم السوريين
يتوقون للحرية، والعائلات التي دفعت
دمها ودم أبنائها لا تختلف عن أسرتي».
فيما يقول الآخر مناف طلاس إنه تأخر
ليخرج إلى تركيا ثم باريس ليضمن خروج
بقية عائلته وتأمين خروجه. أليس الفارق
واضحاً بين عبدالرزاق الشجاع والمنشق
من أجل حرية السوريين قبل أن يفكر في
أهله، فيما ابن الوزير وصديق الأسد لم
يخرج إلا بعد أن ضمن خروج عائلته وأمن
نفسه؟ اللافت، مسارعة
ودعوة مناف في بيانه الأول بعد انشقاقه
إلى ضمان الشروع في بناء سورية
الجديدة، سورية التي لا تقوم على
الانتقام والإقصاء والاستئثار. وهذا
كلام جيد، لكن من يستمع لمثل هذا
الخطاب من شخص للتو انشق سيحلّله
بطريقة مختلفة، أو ربما يعتقد أن نظام
الأسد رحل، وأن السوريين يناقشون
مرحلة ما بعد الأسد، أو كأن مناف يريد
أن يقدم نفسه بديلاً عن صديقه ليحل
محله. في المقابل، عندما سئل عبدالرزاق
عن سورية، قال أحلم كبقية السوريين بأن
تكون سورية القادمة بعد سقوط النظام،
بلداً ديموقراطياً حراً ومتقدماً،
يتمتع بالاستقلالية. وهنا يتضح الفارق
بين تفكير من يدافع عن الثورة، ويعيش
بين الثوار، ويعرف همومهم وجروحهم،
ومن خرج من القصر ولا تزال صورة العودة
إلى القصر في ذهنه! لا شك في أن انشقاق
مناف طلاس ونواف الفارس وغيرهما يمثّل
صفعة لنظام الأسد، لكن الشعب السوري لا
يريد من هؤلاء المنشقين الذهاب إلى
باريس وأنقرة والدوحة وجدة، ليصرحوا
من فنادق خمس نجوم، ويقدموا النصائح
للثوار والزعم بأنهم أبطال المرحلة،
بل يريد من هؤلاء حمل السلاح مع الرفاق
والنضال والقتال والدفاع عن المظلومين
لنصرة ثورة الشعب كما يفعل عبدالرزاق
ورفاقه، لا كما يفعل مناف وثلة أخرى من
«هتيفة» المؤتمرات والفضائيات. =================== سميح ايديز الشرق الاوسط 30-7-3023 من الصعب رؤية الصورة
الكاملة لما يحدث في سوريا بأي درجة من
الوضوح في تركيا بسبب سياسة حكومة رجب
طيب أردوغان ذات البعد الواحد
والداعمة للسنة تجاه النظام السوري،
وتحت تأثير خطاب حزب العدالة والتنمية
كان الانطباع الذي ترسخ في نفوس الشعب
هو وجود نظام وحشي غير متدين على طرف،
وعلى الطرف الآخر شعب مسلم مظلوم يقتل
على أيدي هذا النظام، ومع تزايد العنف
في سوريا، يرى الناس «الواقع السوري»
بشكل أفضل، ويعد هذا بمثابة جرس إنذار
على المستوى القومي، لأن أكراد سوريا
يتجهون على نحو غير متوقع وبطريقة لا
تنزع إلى العنف نحو إقامة منطقة حكم
ذاتي على طول الحدود مع تركيا.
القوميون الأتراك غاضبون حاليا لأن
الظروف التي لم تستطع أنقرة التنبؤ بها
أو السيطرة عليها ستساعد على ميلاد «كردستان
الكبرى»، ويهاجمون الحكومة، خاصة وزير
الخارجية صاحب الطموحات الكبيرة داود
أوغلو بتوجيه، نقد لاذع بسبب ذلك. على الجانب الآخر،
كان ينبغي على رئيس الوزراء رجب طيب
أردوغان أن يسلط الضوء خلال زيارته
الأخيرة إلى موسكو على الأهمية التي
توليها تركيا لوحدة الأراضي السورية،
ولا عجب إذن أن نسمع أنقرة تردد هذا من
الآن فصاعدا. بطبيعة الحال تزعم
مصادر في حزب العمال الكردستاني أن
تركيا أكدت قبل ذلك كثيرا على هذا
الأمر، لكنها لم تقدمها كقضية رئيسية
في خطاب الحكومة، الذي لم يركز سوى على
فكرة واحدة تقريبا هي ضرورة رحيل
النظام السوري، كذلك تم تجاهل قلق
العلويين والمسيحيين في سوريا، والذين
يرون أن النظام يوفر لهم الحماية من
السنة الذين يمثلون الأكثرية. كذلك تم إغفال
الأكراد، الذين اقتنصوا فرصة تاريخية
تمثلت في الغزو الأميركي للعراق،
وأمامهم حاليا فرصة تاريخية أخرى في
سوريا. مع ذلك تتغير هذه الأمور حاليا،
وكما يحدث، ينبغي توضيح بعض
الاحتمالات البغيضة بالنسبة لتركيا
والتي تتعلق بـ«الصورة الكاملة» في
سوريا. ينبغي أولا ملاحظة أن
سوريا صورة معكوسة للعراق، حيث قهر
النظام السني الذي يمثل الأقلية،
بقيادة صدام حسين، الشيعة، الذين
يمثلون الأكثرية، أما في سوريا، فكانت
الأقلية العلوية هي التي تحكم البلاد،
وتظلم السنة الذين يمثلون الأكثرية
حتى وإن كان يعمل بالحكومة والجيش
أفراد من السنة العلمانيين، والأكراد
عالقون في الوسط، حيث تعرضوا للظلم في
الدولتين. بكلمات بسيطة يمكن
القول: إن الانقسامات الطائفية
والدينية والعرقية في العراق تنذر بما
يمكن أن يحدث في سوريا، وتعد التفجيرات
المميتة التي حدثت في أنحاء متفرقة من
العراق خلال الأسبوع الحالي من أوضح
الأمثلة على ذلك، وتتزايد الأدلة التي
تشير إلى أن هذه التفجيرات ليست منفصلة
عما يحدث في سوريا من تطورات، كما
يخبرنا الواقع، يقول تنظيم القاعدة
إنه يريد جمهورية إسلامية تضم
الدولتين. من السيناريوهات
المحتملة الأخرى في سوريا، تزايد
وتيرة العنف والتوتر بين العرب
والأكراد، كما يحدث في العراق، وهو ما
من شأنه أن يضيف بعدا جديدا إلى الألم
في رأس تركيا، وهناك احتمال مختلف هو
أن يتوحد العلويون والمسيحيون، الذين
يمثلون ربع عدد السكان، ضد «العدو
المشترك» ويحاولون تحديد منطقتهم
الآمنة على طول الساحل. ومن الواضح أن
هذا سيسرع وتيرة انقسام البلد، وهو ما
تخشاه تركيا حاليا. على الجانب الآخر،
صرح رئيس الوزراء رجب طيب لقناة خاصة
يوم الأربعاء بأنهم لن يشاهدوا ما يحدث
في الجزء الشمالي من سوريا، الذي يسيطر
عليه الأكراد، دون أن يحركوا ساكنا.
وأضاف أن تركيا لها الحق في التدخل
هناك، مع ذلك أي عملية عسكرية تشنها
تركيا ضد العناصر الموالية لحزب
العمال الكردستاني في شمال سوريا
ستجرف البلاد إلى مغامرة جديدة غير
مرحب بها، لن تفسد فقط التقارب المستمر
مع إقليم كردستان العراق في الشمال، بل
أيضا سوف تؤدي إلى تفاقم المشكلة
الكردية في تركيا. ومع تزايد وضوح «الصورة
الكاملة» في سوريا بالنسبة للأتراك،
بات من الواضح لهم أن كل الخيارات
المطروحة في البلد ليست لصالح تركيا. * بالاتفاق مع صحيفة «حرييت
ديلي نيوز» التركية =================== عطاء الله
مهاجراني الشرق الاوسط 30-7-3023 قرأت مؤخرا عددا من
صحيفة «الجماهير»، التي تتخذ من حلب
مقرا لها. في بعض الأحيان، يمكنني أن
أعثر على بعض النقاط شديدة الأهمية،
ليس فقط في القسم السياسي، وإنما أيضا
في الأخبار السياسية والثقافية.
وقراءة مثل هذه الأخبار تتيح لنا
مشاهدة الصورة الكلية للنظام السوري.
نشر الخبر التالي يوم الثلاثاء، 24
يوليو (تموز) في الصفحة الأولى من صحيفة
«الجماهير»: انقطاع متواصل
للمياه منذ أكثر من أسبوع في منطقة
ساحة الملح - شارع القصر العدلي. - سكان بستان القصر
شارع مطحنة قشقش يعانون من انقطاع
الكهرباء يوميا من الساعة 9 للساعة 12
ظهرا ثم من الساعة 2 للساعة 8.30 مساء. - أهالي حلب يناشدون
شركة الكهرباء بعدم قطع التيار أثناء
صلاة الجمعة والتراويح لما تسببه من
ضيق وإزعاج للمصلين وخصوصا كبار السن
نتيجة الحر الشديد واكتظاظ المساجد
بالمصلين. - انتشار ظاهرة بيع
الأغنام بجانب مستديرة قاضي عسكر
ووقوف سيارات لنقل الركاب حولها مما
يسبب اختناقا مروريا يوميا. يقول
مواطن: في هذه الفترة تشهد شوارع مدينة
حلب مرور ناقلات مواد البناء (الإسمنت)
بشكل كبير ودائم في معظم الشوارع
الرئيسية والفرعية، وتقوم هذه
الشاحنات أثناء السير بإسقاط المواد
البيتونية على الشوارع وبشكل كبير في
معظم الأحيان ودون أي مبالاة منها،
وهذا ينعكس سلبا على نظافة الشارع
وتعطيل المادة الزفتية وانتشار الغبار
وتغيير هيكلية الشارع ومظهره. يمكننا أن نضيف أيضا
الحرب الأهلية الدائرة بين الجيش
السوري الحر والجيش النظامي وقوات
الأمن السورية في حلب. إضافة إلى ذلك،
فقد تعرضت حلب لقصف بمروحيات مسلحة
وطائرات نفاثة. تخيل الوضع الحالي في
سوريا، لا يتمكن مواطنو المناطق التي
يسودها الاضطراب من الحصول على المياه
والكهرباء، ويتعين عليهم تحمل القصف
العنيف من جانب النظام. ما تقييمنا
للموقف؟ من يمكنه تبرير أفعال نظام
الأسد؟ ماذا يجب أن يكون معيار تقييم
الموقف؟ منذ احتلال الجولان في عام 1973،
على مدار فترة 39 عاما، لم يستخدم
النظام مطلقا مقاتليه ضد إسرائيل؛ على
النقيض، في عامي 1982 و2012، استخدم
مقاتليه وأسلحته ضد شعبه. لماذا؟ لأن
النظام لا يملك أي شرعية. قرأت تعليقا
ساخرا في إحدى المقالات: محرقة معركة دمشق..
كارثة تخفيها المعارضة كتب كاتب التعليق –
يوسف العظمة: فجر الياسمين 25/ 7/ 2012
04:18، توقيت دمشق. في دمشق منارات من
الأبجدية إلى حضارة الفينيقيين
وزنوبيا وماري والأمويين والحمدانيين
وإبراهيم هنانو والأطرش وصالح العلي
والخراط والدندل ويوسف العظمة والقائد
الخالد حافظ الأسد.. كلها منارات تعني
أن سياج الوطن الحقيقي هو المحبة. وقتما كان يوسف
العظمة يكتب تعليقه، كان المقاتلون
يقصفون حلب، ولم تكن هناك مياه أو
كهرباء. ربما كان محمد
الماغوط محقا عندما قال: «مستقبل الحرية مظلم مستقبل الحب مظلم مستقبل الثقافة مظلم وفوق ذلك: هناك تعتيم إعلامي وتعتيم سياسي وتعتيم عسكري وفوق ذلك انقطاع
التيار الكهربي كل نصف ساعة ومع ذلك لا يتحدثون
في هذه الأيام سوى عن الشفافية». (شرق عدن، غرب الله.. ص:
43 - 44). إنها حالة من الغشاوة.
كي أكون صادقا، فمقارنة بالأسد، كان
مبارك رجلا نبيلا بحق! لم يستخدم أي
مروحية أو دبابة أو طائرة مقاتلة نفاثة
ضد شعبه. وحينما أدرك أنه وأسرته
ونظامه قد فقدوا شرعيتهم، تخلى عن
السلطة. نتذكر فقط «موقعة الجمل» في
القاهرة بوصفها آخر صورة كاريكاتيرية
لنظام مبارك. الآن، نحن نواجه
سؤالا كبيرا، ألا وهو: هل بإمكان الأسد
حماية سلطته ونفوذه من خلال استخدام
طائراته المقاتلة النفاثة ودباباته؟
بعبارة أخرى، عندما يستخدم نظام، مثل
النظام السوري، طائرات مقاتلة نفاثة
ضد شعبه، هل تعتبر هذه إشارة إلى مواطن
قوة النظام أم دليلا على ضعف وهشاشة
مكانته. هل قتل شعبهم سيجعل بذور
السلطة تنمو بشكل أكثر قوة وكثافة؟
بالطبع تعمل هذه الطائرات المقاتلة
النفاثة كمعول يقتلع النظام تماما من
جذوره. يقول الله في كتابه
الكريم: «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ
صُنْعًا». (سورة الكهف: آية 104). السؤال الثاني هو:
لماذا بعد حادث تفجير مجلس الأمن في
دمشق لم نشهد أي مظاهرة من جانب
السوريين لدعم نظامهم؟ إن حلب ليست
بمدينة صغيرة، إذن، أين الجماعات
المؤيدة للنظام. دعوني أروِ لكم قصة
فريدة. برفقة بعض أعضاء البرلمان
الإيراني، توجهت إلى حلب في عام 1985. ذهب آية الله بيات،
النائب الثاني لرئيس البرلمان، الذي
يعتبر الآن أحد كبار آيات الله في قم،
وآية الله قرباني، إمام صلاة الجمعة
الحالي، وممثل آية الله خامنئي في رشت،
ودكتور أصغري، وزير العدل السابق،
وأنا، بوصفي نائبا لرئيس الوزراء مير
حسين موسوي، إلى الجامع الكبير لأداء
الصلاة. بعدها، تقدم نحونا سوري متوسط
العمر ودعانا بحفاوة إلى منزله. كان وجهه مفعما
بالطيبة. نظر بعضنا لبعض، وطلبت من
زملائي أن نذهب. وذهبنا بالفعل إلى
منزله الذي كان كائنا في طريق المتنبي،
الذي لا يبعد كثيرا عن المسجد. بود وحفاوة شديدين،
أعد لنا بعض الطعام، وحدثنا قائلا: «يوما
ما سيغير النظام رأيه بشأن نظام الأسد.
فهو يقتل شعبه، هل يمكنك تخيل نظام
يستخدم الطائرات المقاتلة النفاثة ضد
شعبه؟». واصل قائلا: «تعرضت
حماه لقصف ولحق بها الدمار، ولقي فيها
أكثر من عشرين ألف شخص مصرعهم. وتم ذبح
أسر كثيرة وأطفالها. يجب أن تقولوا له
لا تقتل شعبك البريء». بعدها، أجهش في
البكاء. قبل عشر سنوات، التقيته في
دمشق للمرة الثانية. وحينما عدت من
منزل الدكتورة نجاة العطار – كان
منزلها بسيطا جدا – التقيت عثمان. كان
مريضا، وبعد عام، وافته المنية، غير أن
كلماته الحكيمة ظلت عالقة في ذهني:
حينما يستخدم أي نظام طائرات مقاتلة
نفاثة ضد شعبه، تكون هذه إشارة قوية
إلى أنه على وشك فقدان سلطته، فالأنظمة
لا تقوى شوكتها بارتكاب المذابح. دائما ما تكون الحبال
السميكة قوية، باستثناء حبل واحد، وهو
حبل الوحشية: فكلما زاد سمكه، زاد
احتمال تمزقه بقوة =================== حمد الماجد الشرق الاوسط 30-7-2012 ثورة سوريا إذا
انتصرت فلن تقلب موازين القوى في
المنطقة أو تربك بعض التحالفات فحسب،
بل هي في الحقيقة شرعت في هز بعض
المفاهيم التي لو لامسها أحد أو حام
حول حماها لصنف على أنه طائفي. فقبل
اندلاع الثورة السورية، كان الذي يحذر
من امتطاء إيران للتبشير الشيعي
لتعزيز تمددها السياسي، أو يتحدث عن
التوافق الطائفي بين نظام إيران ونظام
سوريا - يعتبر في الحقيقة طائفيا أو في
أقل الأحوال فيه لوثة طائفية، وقد كان
هذا التحذير المبكر من خطورة هذه
الاستراتيجية الإيرانية حكرا على
التيارات السلفية التقليدية والسلفية
المسيسة، وأما حركة الإخوان والتيارات
الإسلامية المقاربة لمنهجها فكانت
تتحاشى منازلة الاستراتيجية
الإيرانية أو التصدي لها ناهيك بفضحها
وتعريتها، صحيح أنها تتذمر من النفس
الطائفي في الاستراتيجية الإيرانية،
لكنها تمتنع عن المصادمة بسبب وجود
تقاطعات في المصالح بين بعض أذرعها في
الدول العربية وإيران التي عرفت من أين
تؤكل كتف العالم السني. وقد نجحت آلة الدعاية
الإيرانية منذ اندلاع ثورة الخميني،
ومعها دعاية حلفائها في المنطقة، في
خداع الشعوب العربية والإسلامية، مرة
تحت شعار الوحدة الإسلامية، ومرة باسم
مقاومة إسرائيل، ومرة من خلال ابتزاز
الدعم المادي، كما هو حاصل مع حركة
حماس، التي ما إن اندلعت الثورة
السورية حتى أحرق لهيبها المظلة
المزيفة التي تجمعها بالثورة
الإيرانية. وحتى لو سكت قادة
حماس عن الحديث عن التورط الإيراني
الطائفي في سوريا، فقد كفتهم أذرع «الإخوان»
في بقية الدول العربية عن الحديث
الصريح في كشف المخطط الإيراني الذي
عرته الثورة السورية، فمن تصريحات
الشيخ القرضاوي المحذرة من انتشار
التشيع في مصر، إلى موقف الشيخ الغنوشي
المعترض على التبشير الشيعي في تونس
وتأييده لتصريحات القرضاوي، إلى
التحول الواضح في الخطاب الإسلامي
الحركي الناقد لإيران ودعمها لنظام
بشار، المدفوع بأجندة طائفية واضحة،
وأما ذروة هذا التحول فكانت في التصريح
المدوي للرئيس المصري محمد مرسي حين
قال إن السعودية ترعى الإسلام السني
ومصر عليها الحماية، ولا نحتاج إلى
مزيد تأمل حتى نخلص إلى أن هذا التصريح
موجه بالدرجة الأولى لإيران، التي لم
تترك بلدا سنيا واحدا إلا ورعت نشاطها
التبشيري فيه، فأحدثت خلخلة في الوحدة
المذهبية لهذه الدول التي لا تعرف
للتشيع وجودا، وشوهت تناغمه الذي كانت
تتفاخر به. وهذا الأزهر
المتسامح، الذي وصل تسامحه درجة
تدريسه المذهب الفقهي الجعفري
بالتساوي مع المذاهب الفقهية السنية
الأخرى، غيّر هو الآخر لهجة خطابه بعد
إدراكه لخطورة الأخطبوط الإيراني
الملوث بتصدير آيديولوجيته المذهبية،
وأيد في خطوة لافتة إدراج مواد جديدة
في الدستور المصري تحرم وتجرم سب
الصحابة وأمهات المؤمنين، مما يدل على
أن إيران بالغت في استغباء العالم
السني ومؤسساته وعلمائه وحركاته،
فانقلب السحر على الساحر وصارت تندب
حظها وهي ترى تنامي الوعي بمخططاتها في
نشر آيديولوجيتها. أعود إلى التحول
الاستراتيجي في موقف الحركات
الإسلامية السياسية تجاه إيران
ومخططاتها التي عرتها الثورة السورية،
الذي يجب أن يرعى ويؤخذ بيده، خاصة أن
هذه الحركات وصلت إلى قمة الهرم
السياسي في كل من مصر وتونس. فإذا كنا
نحذر من خطورة التقارب بين الحركات
الإسلامية السياسية مع إيران وهي في
المعارضة، فمن باب أولى أن توثق الدول
العربية العلاقة معها وهي في السلطة،
وخاصة السعودية. دماء الشهداء
السوريين الزكية عزيزة وغالية على
نفوس العرب، والدمار الذي تسبب فيه
نظام بشار الفاشي شديد، والتضحيات
ضخمة، لكن المقابل كبير وكبير للغاية،
فالثورة السورية هي الكاشفة لمخططات
إيران الطائفية، الفاضحة لدعاواهم
بمناصرة المظلومين، تماما مثل سورة
التوبة التي سميت بالكاشفة الفاضحة،
لأنها كشفت أساليب وألاعيب النفاق في
العهد النبوي. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |