ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عيسى الشعيبي الغد الاردنية 3-8-2012 إذ كانت شهادة ميلاد
الثورة السورية قد دونها أطفال درعا في
سجل نفوس الوقائع الملحمية يوم 18/3/2011،
وهو اليوم المعتمد لدى أهل حوران، وليس
قبل ذلك بثلاثة أيام من ذلك التاريخ،
بحسب ما هو دارج في الإعلام، استناداً
إلى مظاهرة سريعة ونادرة حدثت في حيّ
الحريقة الدمشقي العتيق، نقول إذا كان
هذا الميلاد بحسب التقويم الحوراني
صحيحا، فإن هذه الثورة تكون قد اجتازت
هذا النهار 500 يوم بالتمام والكمال. ومع أنه لا يوجد في
التقاليد المرعية احتفال بمرور مثل
هذا العدد من الأيام على وقوع حدث
يستحق الاحتفاء، ويدعو إلى التنويه
بذكراه، وذلك مثل المئة يوم الأولى أو
السنة الواحدة أو غير ذلك من المناسبات
الفضية والذهبية والبلاتينية، إلا
إنني وددت على نحو شخصي أن افتعل عيداً
صغيراً بهذه المناسبة، كي أسترجع فيه
بعض التأملات والمقارنات، بين أمس هذه
الثورة الشاق وبين راهنها الرحيب. وبالحد الأدنى من
الجرعة السياسية التحليلية، فإنه يمكن
القول باطمئنان شديد: شتان ما كنا عليه
من توجس وتحفظ وضعف ثقة، في الأيام
الأولى من هذه الثورة، التي كسرت
المسلمات وفضت الالتباسات واجتازت
المستحيلات، وبين ما نحن عليه اليوم من
يقين، وصواب انحياز وحسن تقدير، بعد أن
ذهب القلق على مآلات الثورة، وتبدد
الشك بقدرتها على الصمود في وجه آلة
قمع النظام الاستبدادي. أول الأمر، كان
الإشفاق سيد الموقف، ونحن نرى
المتظاهرين يتلقون بصدور عارية رصاص
قوات الأمن المتوحشة. وكان الخوف على
مصير هذه الانتفاضة السلمية يستبد
بعقول وقلوب العارفين بدموية نظام
العائلة المافياوية، فيما كان الترقب
الذي كان لا يخلو من الجزع يترصد
سؤالنا الحار في كل يوم جمعة، عما إذا
كانت المسيرات السلمية هذه قادرة على
الانطلاق مجدداً بعد كل الترويع الذي
تعرضت له، حتى في المسيرات الجنائزية. أما اليوم، وبعد
انقضاء كل هذه الأيام التي طالت أكثر
بكثير مما كانت عليه أفضل التقديرات،
وحققت ما هو أكبر مما عقد عليها من
رهانات، لم يعد السؤال الحار ذاته
يتعلق بمشاعر الخشية على استمرارية
الثورة وزيادة زخمها باطراد، وإنما
بات يقتصر فقط حول كم تبقى من الأيام،
وليس الأشهر، كي تبلغ هذه الثورة
الإعجازية سدرة منتهاها، وأن ترفع على
جبل قاسيون رايتها. والحق، إنني لم أكن
متفائلا بصلابة عود السوريين كل هذه
الصلابة، كما أنني لم أتوقع رؤية بعض
من مشهد الربيع التونسي أو المصري في
البلد الذي تقبض فيه أعتى الأنظمة
البوليسية على رقاب الناس، وتعد عليهم
أنفاسهم، حتى إنني بعد فترة قصيرة،
وكنت ضنيناً بالدماء المسفوحة، قلت في
نفسي: هذا يكفي، هذه جولة أولى، انكسر
جدار الخوف وتحققت المعجزة. أما اليوم، وقد تحولت
الانتفاضة الشعبية إلى تمرد مسلح
شامل، فإنه لا يعوزني اليقين العميق،
وقد شبت الثورة عن الطوق، وعبرت نقطة
اللاعودة، وفقد النظام الاستبدادي كل
قدرة له على السيطرة، أن بيان النصر
النهائي على الدكتاتور، الذي يحث
عسكره على القتل من مخبئه، قد كتب
الثوار ديباجته الطويلة، وأنجزوا
الكثير من نص متنه الباذخ، ولم يبق
عليهم سوى السطر الأخير من نهايته
المؤكدة. صحيح أن غيوماً سوداء
ما تزال متلبدة، وأن المخاطر في ربع
الساعة الأخير قائمة، وأن الثمن الذي
تم دفعه كان باهظاً مع الأسف، وأن ما
تبقى من الشوط قد يكون أكثر كلفة من
سابقه، غير أن النتيجة التي تلوح في
الأفق القريب تبدو حاسمة، وأن الجائزة
العظيمة تبدو بحجم التضحيات العظيمة.
فبعد 500 يوم مجيد، انتقلت الثورة من طور
الدفاع الموضعي إلى طور الهجوم
الشامل، وشرعت من حلب، وتحت بقية من
ظلال سيف الدولة الحمداني، تعيد كتابة
تاريخ هذه المنطقة. ================= هل
الربيع العربي مؤامرة أمريكية؟! رؤية كيسنجر ..
هى رؤية أمريكا، وهى لا تعكس مؤامرة،
بمقدار ما تفصح عن منهج الأقوياء في
إدارة علاقاتهم الدولية عبدالمنعم
مصطفى الجمعة 03/08/2012 المدينة وصف د. أكمل الدين
إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة
التعاون الإسلامي، الوضع الراهن في
المنطقة بعد ثورات "الربيع العربي"
بأنه "يذكرنا بالوضع الإقليمي في
زمن اتفاقية سايكس - بيكو" ، و قال لي
في حوار نشرته صحيفة "المدينة"
الثلاثاء الماضي:" اننا نجتاز مرحلة
هى الأخطر منذ نهاية الحرب العالمية
الأولى". لا أظن أن ما قاله
أوغلو هو مجرد حدس سياسي أو تخمين
أفرزته مخاوف غير مبررة، لكن استعادة
أجواء سايكس – بيكو، واستدعاء مشاعر
خوف وخطر خيمت على الاقليم كله أثناء
الحرب العالمية الأولى وبعدها، يستثير
بدوره سؤالاً، عما إذا كانت أحداث
الربيع العربي، ليست سوى الجزء الظاهر
من سيناريو مؤامرة تستهدف إعادة هيكلة
اقليم الشرق الأوسط، وفق رؤية جديدة،
تستوعب حقائق ما بعد انهيار الاتحاد
السوفييتي، وكذلك مقتضيات ما بعد
هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟ في الشارع العربي
المسكون بنظرية المؤامرة، تغلب الظنون
بأن ما حدث ويحدث ليس سوى سيناريو "الفوضى
الخلاقة" الذي تحدثت عنه كونداليزا
رايس وزيرة خارجية الرئيس الامريكي
السابق جورج دبليو بوش. في الشارع المصري
مثلاً، يرى أنصار النظام السابق (الفلول)
أن ما تشهده مصر والمنطقة ليس سوى جزء
من مؤامرة أمريكية لم تكتمل فصولها بعد
لاعادة هيكلة الشرق الاوسط برمته،
بينما يرى فصيل من خصوم جماعة الإخوان
المسلمين في مصر، أن الجماعة طرف في
المؤامرة، ويستشهدون بحكايات عن
لقاءات سرية بين رموز الجماعة وبين
مسؤولين امريكيين كبار، معتبرين أن
واشنطن سعت لدعم قوى الاسلام السياسي
في دول الربيع العربي، في سياق رؤية
أمريكية تستهدف بناء "تحالف سني"
مناهض لـ "هلال شيعي" حذر منه
العاهل الأردني قبل أعوام، وبدت بعض
ملامحه بوصول نوري المالكي الى الحكم
في العراق، وهيمنة تيار الثامن من آذار
بزعامة حزب الله على المشهد السياسي في
لبنان، وتنامي النشاط المسلح لجماعات
ترتبط بالشيعة في اليمن. الحديث عن مؤامرة
وراء ثورات الربيع العربي، لا يعكس
فحسب هيمنة "الاستسهال" على مناهج
التحليل والبحث في العالم العربي،
لكنه يعكس وبقدر أشد، ميلاًً الى تقزيم
الذات، ويقيناً عربياً بالعجز وقلة
الحيلة.ولا أعرف اذا كنا بصدد مؤامرة
كبرى، فلماذا بدت واشنطن منحازة في
البدايات لأنظمة ثارت عليها الشعوب؟!..
ولماذا تحولت مواقفها تبعاً لتحولات
موازين القوى على الأرض، لتنتهي في كل
مرة بدعوة الدكتاتور إلى الرحيل؟! وإذا كنا بصدد مؤامرة
كبرى حيكت خيوطها بعناية كما يحلو
للبعض أن يقولوا، فلماذا نشاهد هيلاري
كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية، في
المنطقة، ثم يتبعها ليون بانيتا وزير
دفاع اوباما، الذي حرص في القاهرة على
لقاء، كل من الرئيس المصري المنتخب
محمد مرسي، و رئيس المجلس العسكري
المشير محمد حسين طنطاوي.. هل زيارات
كلينتون وبانيتا هى لاستكمال سيناريو
مؤامرة الربيع العربي، أم لتوقي
أخطاره على مصالح واشنطن في المنطقة؟ الإجابة عند هنري
كيسنجر وزير الخارجية ومستشار الأمن
القومي الأمريكي الأسبق، والرجل الذي
ما تزال كلماته علامات على طريق كافة
رؤساء الولايات المتحدة جمهوريين
كانوا أم ديموقراطيين. يقول كيسنجر في مقال
رائع له بصحيفة واشنطن بوست نشر مطلع
العام الجاري تحت عنوان (نظرية جديدة
للتدخل) ان أمريكا لا ينبغي ان تأبه
لأيديولوجية نظام الحكم او لهوية
الطبقة الحاكمة او لنوعية النخبة
المهيمنة، فلا يهم ان كانت حكومات تلك
الدولة ثورية، او دكتاتورية او
ديموقراطية، فالمهم فقط هو سياسات تلك
النخبة أو هذا النظام تجاه أمريكا،
ويبدي كيسنجر دهشته من انشغال صحافة
الغرب ورجال الحكم فيه بثورات "الربيع
العربي" معتبرا أن لا يجوز لحكومة في
الغرب ان تتوقف طويلا امام تلك الثورات
التي وصفها بأنها "لحظة انترنت". وينصح كيسنجر ادارة
اوباما بعدم التدخل لا لدعم الثورات
ولا لعرقلتها، مشيرا الى أن الغرب
يبالغ في تصوير حقيقة الثورات العربية
معتقدا انها قامت على دعامتين ( الشباب
والديموقراطية)، ويبدد كيسنجر أوهام
ادارته مشيرا الى أن الشباب باتوا خارج
المعادلة حين سمحوا للقوى التقليدية (عسكر
وإسلاميين) بإزاحتهم عن سباقات النفوذ
والسلطة. ويشير كيسنجر الى انه
لا يوجد أي رابط بين قيام الديموقراطية
في دولة عربية ما وبين مصلحة أمريكية
مباشرة يمكن تحقيقها بسبب ذلك، معتبرا
ان شكل او طبيعة نظم الحكم التي قد
تفرزها الثورات العربية لا ينبغي ان
يكون الشغل الشاغل لواشنطن، ملمحا الى
أن أكبر انجازات السياسة الخارجية
الامريكية في نصف القرن الفائت، تحققت
بفضل دعم واشنطن لأنظمة عربية مستبدة،
ويعدد من بين الانجازات( انتصار امريكا
في الحرب الباردة-تأمين مصالح واشنطن
في الشرق الاوسط- فرض معاهدة صلح بين
اسرائيل واكبر دولة عربية- تنفيذ بعض
المهام القذرة في الحرب على الارهاب
مثل مشاركة اجهزة امنية عربية في تعذيب
معتقلين وانتزاع اعترافات منهم لحساب
واشنطن). وينتهي كيسنجر
بالتأكيد على أن أمريكا سوف تدعم أي
نظام مهما كان استبداديا او
ديموقراطيا، علمانيا او دينيا، مادام
قد تعهد بحماية مصالح امريكا في الشرق
الاوسط، فالمهم هو ان يلتزم بأمن
اسرائيل، ومحاربة الارهاب، وتأمين
امدادات النفط، وتأمين المرور عبر
قناة السويس. رؤية كيسنجر .. هى
رؤية أمريكا، وهى لا تعكس مؤامرة،
بمقدار ما تفصح عن منهج الأقوياء في
إدارة علاقاتهم الدولية، فهم مؤهلون
دائما لبسط رؤيتهم على الآخرين، الذين
لا يرون بدا من تقبل تلك الرؤية،
والانخراط ضمن فريق يقوم على تطبيقها . ================= د. صالح الورثان الجمعة 03/08/2012 المدينة لم يكتف وليد المعلم
وزير خارجية نظام بشار الأسد في سوريا
بالكذب والافتراء على أبناء شعبه
الذين يطالبون بالحرية وكرامة
الإنسان؛ بل يحاول في جميع مؤتمراته
الصحافية أن يستخف بالعقول والأفكار
من خلال "خزعبلات" مضحكة لا
يصدقها إلا جاهل؛ يؤمن بنفس فكر نظامه
الوحشي الذي يجيد حرق الناس والأطفال
أحياء، بل ذبحهم بالسكاكين في أبشع
صورة دموية عرفها تاريخ البشرية! المعلم الذي كان في
كنف إيران صاحبة الشائعات والتدخل
المستهجن في دول الخليج والعالم
العربي، بادلته مضيفته الكذب بمثله،
واتفق مع صالحي وزير خارجية إيران "حامية
الأمن والسلام في المنطقة"! على
استهداف المملكة العربية السعودية،
والترويج أمام صحافتهم البائسة أن
السعودية هي سبب المصيبة "الكونية"
التي مسّت أمن سوريا وكيانها؛ يا للعجب!
السعودية التي تستضيف على أرضها منذ
عقود مئات العوائل السورية الذين
عرفوا في أرضها الطاهرة معنى أن يكون
الإنسان إنسانًا! السعودية التي قدمت
المليارات دعمًا لجميع قضايا الأمة
والعرب هي الآن التي تتآمر على سوريا
وتدك حصون أمنها القومي من خلال عصابات
مسلحة! هذا منطق وليد المعلم ونظامه
الوحشي، ولا ريب أن نظامًا وحشيًا يقتل
ويغتصب ويشرد جدير بكذب ومين كهذا،
فلكل من دهره ما اعتاد عليه؛ أما
السعودية فقد اعتاد قادتها الكرم
والإباء وقول الحق في وجه المعلم
ونظامه المتآكل الذي يريد البقاء على
حساب شعب بأكمله، وعلى حساب دماء
الأبرياء التي خضبت شوارع دمشق وحلب
ودرعا وكل شبر من أرض سوريا العربية
الحرة. نقول للمعلم الكاذب؛
كف عن أوهامك وأكاذيبك، فالعالم يرى
رأي العين أي نظام تنتمي إليه، إنه
نظام مجرم وكاذب أيضًا بل وجبان في عين
الوقت. ستتحرر سوريا "بإذن
الله تعالى" من طغمة الكذب والفساد،
وستعود إلى صفها العربي المسلم وتتخلص
من تسلط إيران وفكرها الدموي المدمر! البقمي.. ثقافة
وإعلام الزميل الإعلامي
والقيادي الفذ الأستاذ نايف البقمي
ألفيته في حوار قبل أيام، وكنت ألمس من
خلال إنتاجه التلفزي اللمسات
الإعلامية الحديثة، والإبداع الجديد
المتماهي مع عصرنة الإعلام، وثقافة
الأجيال التي لم تعد تقبل عمل
الموظفين؛ بل عمل المبدعين. والحق أن الأستاذ
نايف يكتنز ثقافة عالية المستوى،
ويجمع بين رصانة الأداء الإعلامي،
وثقافة الإنتاج الممنهج، رؤية إعلامية
قل نظيرها، ولذلك رسم منهجًا فريدًا
مكنه من النجاح الإعلامي والثقافي،
وجعله أحد ركائز النجاح في العمل
التلفزي برمته. وشخصيًا، أرى أن
الأفق الإبداعي سيكون أكثر وضاءة
بالاعتماد على أمثال الأستاذ نايف
البقمي في مستقبل العملية الإعلامية
إن أردنا تطويرًا وارتقاء. ================= د.نقولا زيدان المستقبل -
الجمعة 3 آب 2012 - العدد 4419 - رأي و فكر -
صفحة 19 تواجه الثورة
السورية ببسالة ورباطة جأش جديرة
بالاعتزاز والإكبار الآلة العسكرية
للنظام الأسدي الدموي في مدينة حلب
التي طالما انتظر الشعب السوري ومن
ورائه قوى الربيع العربي انتفاضتها
البطولية التي نشهدها الآن. وقد حشد النظام
السوري نخبة جيوشه المدعمة بالدبابات
والمروحيات والطيران الحربي للدفاع عن
مواقعه المنهارة داخل المدينة. وأياً
كانت نتائج المعركة التي تكاد تبدأ
الآن فإنها ستعتبر دون شك انتصاراً
عظيماً للثورة، ذلك ان حرب العصابات أو
حرب الشعب المسلح ليست سوى التمهيد أو
المقدمة للزحف الشامل الذي يكتسح
النظام بأسره، مع سقوط العاصمة دمشق في
موعد تاريخي قادم لا ريب فيه. إلاّ ان معركة حلب،
وهي مأثرة تاريخية ستردد صداها
الأجيال القادمة، تدور رحاها وسط
تعقيدات إقليمية ودولية شديدة الأهمية.
فالنظام التركي ما زال متحفظاً إزاء
تورطه العسكري في المدينة المتاخمة
لحدوده الجنوبية الغربية. ثم ان
الإيراني قد بدأ يدق ناقوس الخطر حيال
سقوط حلب بيد الثوار ويطلق التحذيرات
من أي تدخل تركي عسكري محتمل. ولا يبدو
الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو
راغباً في تشجيع تركيا على التدخل، إذ
ما زال متوجساً من نشوب نزاع إقليمي
واسع النطاق. وفي خضم هذه المعركة
يبرز العامل الكردي ليزيد الوضع على
الحدود السورية تعقيداً، فالحركة
اليائسة للنظام الأسدي بتسليمه أمن
خمس محافظات على حدوده الشمالية مع
تركيا لحزب العمال الكردستاني قد اثار
شهية أكراد العراق وسوريا في آن معاً
لطرح المشكلة الكردية من بابها
الواسع، خاصة انها تترافق مع تدهور
العلاقات بين اقليم كردستان العراقي
وحكومة نوري المالكي ذات الولاء
الإيراني. ولا يخفي الأكراد نواياهم في
سد الفراغ المتوقع في المناطق الكردية
السورية بعد سقوط الأسد ونظامه
المتداعي. ذلك ما يثير حفيظة ومخاوف
أنقرة من احتمال انتفاضة كردية واسعة
في المناطق التركية الشرقية. وقد قام
عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني
السوري وهو كردي، بزيارة اربيل
للاطلاع على نوايا أكراد الشمال
العراقي بهذا الصدد، إذ ان شكوك حزب
العمال الكردستاني في هذا المفصل
التاريخي انتهازي مشين وطعنة في ظهر
الثورة ويطيل نزع النظام الأسدي وموته. ولعل ما يثير الدهشة
ما صدر عن وزير الدفاع الأميركي في
زيارته لتونس، وعن رئيس الوزراء
التركي أردوغان، من تصريحات باعثة على
القلق حول نوايا أميركا وتركيا في ما
يتعلق بمرحلة ما بعد الأسد. وملخص
تصريحهما يكمن في الخوف على وحدة الجيش
السوري النظامي وعدم تكرار تجربة
العراق المأسوية عندما قام الأميركيون
بحل الجيش النظامي العراقي فأدخلوا
العراق في فوضى عارمة ما زالت
تداعياتها ماثلة حتى الساعة. إلاّ ان هذا الحرص
الأميركي والتركي على وحدة الجيش
السوري النظامي لا يخلو من التناقض، إذ
كيف تحتضن تركيا الجيش السوري الحر
وتشكل كما هو معروف قاعدة له، وتستضيف
المجلس الوطني السوري ركن المعارضة
الأساسي واللذان يدعوان، كواجب وطني
أخلاقي وكمطلب تاريخي وكحاجة ماسة،
ضباط وجنود الجيش النظامي السوري
للانشقاق والالتحاق بالثورة، أي
بعبارة أخرى ضرورة تفكيك وفراط عقد هذا
الجيش، وفي آنٍ معاً ضرورة الحفاظ على
وحدته وكيانه كما يرغب الأميركيون
والأتراك ومن ورائهما حلف الناتو؟ فهل
يعقل ان نطلب الشيء ونقيضه في آنٍ
معاً؟ أما السياسة
الأميركية حيال الثورة السورية فقد
كادت تستهلك ذاتها في خطب هيلاري
كلينتون وتصريحاتها التي لا تتوقف عن
دعوة المعارضة السورية للتوحد وتعيب
عليها تشتتها في تيارات عدة، وكأنها
تحصر مشكلة عدم إنجاز مهام الثورة ألا
وهي الإطاحة بنظام الأسد وزبانيته
جميعاً، في استمرار تواجد فصائل عدة
للمعارضة السورية. هذا في الوقت الذي
لم تقدم أميركا في مؤتمرات أصدقاء
الشعب السوري سوى بعض تجهيزات
الاتصالات وتكرار النصائح الثمينة
وتلاوة التعويذة المستهلكة الممجوجة
الا وهي دعوة الأسد للتنحي. هذا في
الوقت الذي تقدم له روسيا وإيران دعماً
لوجستياً بلا حدود، عدا ما تشير إليه
المعلومات من إرسال مقاتلين من الحرس
الثوري الإيراني وعناصر من حزب الله
اللبناني للانضمام لكتائب الأسد في
محاولاتها اليائسة لسحق الثورة
السورية، حيث ما زالت المعارك تدور في
قلب دمشق وحمص ودرعا ودير الزور. ان قوى المعارضة
السورية الجذرية وعلى رأسها الجيش
السوري الحر، ليزاوجا بنجاح بين نضج
سياسي متقدم وثابت من جهة وبطولات
ميدانية في ساحات القتال، مثيرة
للاعجاب والاحترام، من جهة أخرى،
فرغماً عن الاختلال الفاضح في ميزان
القوى بين الجيش النظامي والجيش
السوري الحر والمقاومة الشعبية، حيث
يحشد الأسد قوات ضخمة وطيراناً حربياً
من مروحيات وطائرات الميغ المتطورة
لخوض معركة حلب، يواجه الثوار هذه
الآلة العسكرية في المدينة بلا أي غطاء
جوي قط، انها لمأثرة بطولية هائلة
تسطّر الآن ملحمة تشرّف تاريخنا
العربي المعاصر. وليس عيباً بمكان ان
ينضم إلى الجيش السوري الحر في معاركه
مجاهدون عرب استفزتهم الحمية الوطنية
والقومية بل الدينية، اولئك الذين
ينعتهم الإعلام السوري الرسمي
بالارهابيين. إن مأثرة بل ملحمة
حلب البطولية أياً كانت نتائجها هي
علامة مشرقة فارقة في تاريخ الثورة
السورية التي تكتب بالدم وبالشهادة. وقد أحسن صنعاً هيثم
المالح بالاضطلاع بمهام تشكيله حكومة
سورية مؤقتة. وهذه الخطوة تندرج في
إطار التوحيد الفعلي لقوى المعارضة
الجذرية. كما ان أكراد سوريا هم جزء لا
يتجزأ من الشعب السوري الثائر وواجبهم
الوطني يملي عليهم الانخراط في صفوف
القتال السياسي والكفاح المسلح بعيداً
عن أية اعتبارات فئوية ضيّقة الأفق. إن
ذلك ليتطلب من قيادة المجلس الوطني
السوري حنكة ودراية وسعة صدر عالية
القدرة، ذلك وصولاً محتماً إلى
الإطاحة بالنظام الأسدي الفاشي، يوم
الانتصار المكلل بالمجد والظفر. ================= اتفاق
واشنطن - موسكو يوقف "حرب سوريا"؟ سركيس نعوم 2012-08-03 النهار تعتقد جهات اميركية
وعربية ان الحل للحرب في سوريا بين
نظام الاسد وغالبية الشعب السوري لن
يتم التوصل اليه الا باتفاق بين اميركا
وروسيا ينهي القضايا الخلافية بينهما،
ويطمئن روسيا الى مصالحها الحيوية
والاستراتيجية. وقد هدّدها ولا يزال
توسع "النفوذ الاوروبي" لاميركا
حتى الحدود الروسية، كما تُهدِّدها
حالياً الاسلامية الشرق الاوسطية
العربية و"العثمانية" النامية،
ذات العلاقة مع المسلمين والاسلاميين. هل الاعتقاد المذكور
اعلاه في محله؟ هو كذلك في صورة عامة.
فروسيا التي اغضبها استدراج اميركا
اياها لكي تصوّت على قرار في مجلس
الأمن يجيز عملياً وعلى نحو غير مباشر
التدخل العسكري في ليبيا واسقاط
نظامها من دون ان تتعمّق في درس بنوده
والبحث عن خلفياتها، روسيا هذه تبدو
مُصمِّمة على منع اميركا من تكرار
الاستدراج المشار اليه، ومن الاستخفاف
بها ومن تهديد مصالحها الحيوية
والاستراتيجية، وخصوصاً بعدما بالغت
في ذلك منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
ولم تجد هذه الروسيا الا سوريا نظام
الاسد "قضية" تستعملها لاعادة
الاعتبار الى دورها الدولي وقوتها
ونفوذها العالميين. وكانت "قاعدة
طرطوس" البحرية المؤجرة لها من زمان
المبرر لإحياء علاقة بين موسكو ودمشق
كانت قاربت التلاشي بسبب قلة اهتمام
الروس. كما لم تجد سوريا المذكورة إلاّ
روسيا، وتحديداً رئيسها فلاديمير
بوتين الذي تمتزج في شخصيته صفات
القيصر كما صفات الزعيم السوفياتي
الاول، سنداً دولياً لمواجهة غضب
شعبها وجيرانها الاتراك، واشقائها
العرب، والمجتمع الدولي، وخصوصاً
بعدما بلغ بتنوعه حجماً ادرك قادتها
وفي مقدمهم الرئيس بشار عجزهم عن
مواجهته وحدهم، رغم "جيشهم" داخل
الجيش "الرسمي" والأقوى منه، ورغم
مؤسساتهم الامنية الموجودة داخل
المؤسسات الامنية الرسمية، ورغم
امساكهم بحزب البعث وإن فقد سحره
القديم والعريق. لكن كل ذلك على
اهميته لا يجعل الاتفاق الاميركي –
الروسي قادراً على وقف الحرب الاهلية
السورية. ويعود ذلك الى سببين. الاول،
ادراك القيادة السورية ان اي اتفاق بين
واشنطن وموسكو على حل لسوريا سوف يكون
على حساب النظام وقادته كلهم، وعلى
حساب حزبهم، وعلى حساب العصبية
الاقلوية التي هم منها والتي قد تقاسي
الكثير في ظل "الهزيمة" التي
سيتسبب بها الاتفاق. ويدرك قادة النظام ان
انتصارهم في الحرب الاهلية ونجاة
نظامهم امران مستحيلان. لكنهم يثقون
بقدرتهم على الاستمرار في الحرب مدة
طويلة، لأسباب مذكورة اعلاه، وإن تخلت
عنهم روسيا. فضلاً عن اقتناعهم بأنهم،
وفي حال العجز عن الصمود في كل سوريا،
قادرون على الانكفاء الى "جغرافيتهم"
بعد توسيعها وانتظار تسويات اقليمية –
دولية مستقبلاً. ولعل ما يجعل النظام
وقادته على الدرجة المشار اليها من
الثقة في قدراتهم، وإن في غياب الدعم
الروسي، هو معرفتهم ان حليفتهم
الاستراتيجية ايران الاسلامية لن
تتركهم. فهي ستحاول تمكينهم من
الاحتفاظ بكل سوريا. وإذا عجزوا وعجزت
فستدعم "جغرافيتهم" الجديدة لأن
ذلك سيبقي لها موطىء قدم ونفوذاً، ربما
مع لبنان حيث لـ"حزب الله" الذي
اسسته من ابنائه وجود شعبي وعسكري مهم،
ولأنه سيمكنها من الاستمرار في متابعة
المواجهة مع اميركا والمجتمع الدولي
واسرائيل حول ملفها النووي. كيف يمكن ازالة
العقبة الايرانية هذه لتسهيل انهاء
الحرب الاهلية في سوريا؟ بطريقة من اثنتين،
يجيب متابعو العلاقات الاميركية
الدولية العربية – الايرانية. الاولى
يأس اميركا والمجتمع الدولي من تجاوب
النظام الايراني مع مساعيهما لتسوية
النزاع حول ملفها النووي سواء لغرور
يصيبها او لتوصلها الى تصنيع سلاح نووي
سرّاً، او لاقتناعها بأن الاثنين
يهولان عليها للحصول على تنازلات،
وبأن لا نية عندهما لضربها. وفي حال
كهذه تكون الطريقة ضرب ايران عسكرياً
وإعادتها الى "العصر الحجري" كما
يقول بعض الاميركيين. اما الطريقة
الثانية فهي التوصل الى تسوية دولية -
اميركية مع ايران. لكن الاسئلة التي
تطرح في ختام هذا "الموقف" كثيرة
منها: هل تتخلى ايران في التسوية عن
الاسد ونظامه، او على الاقل عن "جغرافيته"
الجديدة واستطراداً عن "حزب الله"
اللبناني؟ هل تسهّل روسيا تسوية مع
ايران لا دور لها فيها؟ هل تتوصل روسيا
الى تفاهم حول سوريا مع اميركا من دون
ان تتشاور مع ايران التي لها معها "علاقات
جيدة"؟ ================= كردستان
والحرب الإيرانية التركية! راجح الخوري 2012-08-03 النهار عشية زيارة وليد
المعلم لطهران ثم بغداد، كان الجنرال
مسعود جزائري نائب رئيس الأركان
الايراني يعلن: "سنقرر كيف سنساعد
اصدقاءنا والمقاومة في المنطقة ولن
نسمح للعدو بالتقدم في سوريا". في
غضون ذلك كانت أرتال من المدرعات
التركية تتقدم مدعّمة بمنظومات
صاروخية الى الحدود الشمالية الشرقية
السورية في مقابل نهر الخابور الذي
يشكل نقطة التقاء بين الاراضي
العراقية والتركية والسورية. للوهلة الاولى بدا
الاجراء التركي رداً سريعاً على قيام
النظام السوري بسحب قواته وتسليم اربع
محافظات كردية الى "حزب العمال
الكردستاني" بهدف زكزكة انقرة رداً
على دعمها المتزايد للثورة السورية،
لكن سرعان ما تبين ان المثلث الحدودي
العراقي - السوري - التركي قد يتحول
ساحة لنقل النار المشتعلة في سوريا الى
نطاق اقليمي [ لا ندري اذا كان تبادل
النار على الحدود السورية - الاردنية
امس يقع في هذا السياق]! ثم جاءت تصريحات وليد
المعلم ونده الايراني عن ان "سوريا
تتعرض لحرب كونية" في وقت نزل احمد
داود اوغلو في اربيل وأجرى محادثات "دقيقة
وحارة" مع رئيس اقليم كردستان مسعود
بارزاني، انتهت بالاعلان "ان الوضع
في سوريا خطير وكارثي وان تصرفات
النظام السوري وإثارته الصراع الطائفي
والعرقي، يمثلان تهديدا للاستقرار
والامن الاقليميين وهو وضع غير مقبول
بكل المقاييس"! وبرزت خطورة ما يجري
في المثلث الحدودي بعد قرار نوري
المالكي [الموحى به ايرانياً وبرضى
ضمني من جلال طالباني كما تشيع انقرة]
تحريك قطع من الجيش العراقي من البصرة
في الجنوب الى المنطقة الشمالية
المشرفة على معبر ابرهيم عند تخوم
مدينة زاخو، التي يمكن ان تشكل ممراً
للقوات الايرانية الى الاراضي
السورية، اذا قررت طهران ان تقرن قول
الجنرال جزائري بالفعل، فتتقدم "لمنع
العدو من التقدم في سوريا"، لكن
بارزاني سارع الى الاعلان انه امر قوات
البيشماركة الكردية المرابطة عند
الحدود السورية – العراقية بالتصدي
للقوات العراقية القادمة من البصرة في
ما بدا انه ينذر بمعركة قد تنزلق اليها
ايران وتركيا والاكراد المنقسمين،
وتشكل منطلقاً لحرب اقليمية كبيرة قد
تنجر اليها قوى دولية، فتركيا عضو في
حلف الاطلسي وروسيا لن تترك زلزال
الانهيار يجرف سوريا ويعيد ايران الى
جزيرتها الفارسية! من خلال كل هذه
التطورات الدراماتيكية الخطيرة ومع
الانهيار النهائي لكل مساعي التسوية
السلمية في سوريا، يجب التوقف ملياً
امام الموقف الاميركي القوي ضد بشار
الاسد امس، وهو ما يرى البعض انه قد
يكون مقدمة للاسراع باسقاط الاسد قبل
ان يتمكن مع حلفائه الايرانيين من
اشعال حرب اقليمية كبيرة! ================= السوريون
بين نفق الأزمة وتفشي الأحقاد *
عبدالمجيد جرادات الدستور 3-8-2012 أول أمس، قبضت
المعارضة السورية المسلحة في مدينة
حلب على أربعة أشخاص قيل أنهم من (شبيحة
النظام)، وقد تم اقتيادهم على مرأى من
الناس إلى أحد الميادين العامة، وهناك
أطلقت عليهم النار، وكنا نتمنى عدم
اللجوء لمثل هذا الفعل، لأنه ليس من
شيم الثوار، وهو يُمهد للمزيد من تفشي
الأحقاد، ولا يسهم بالخروج من نفق
الأزمة. في هذه الأثناء،
تتقاطع مواقف فصائل المعارضة السورية
بشأن خطوة تشكيل الحكومة الانتقالية،
والتي بادر وزير الخارجية الفرنسي
بتسمية السيد هيثم المالح 1931، ليكون
رئيسا ً لها، وقد وصف هذا التوجه من قبل
بعض عناصر الثورة السورية، على إنه
قفزة غير محسوبة، وهو لا يخلو من ملامح
استثمار جهد وإنجازات المعارضة
الداخلية، من قبل رموزها الذين
يتنقلون بين العواصم الأوربية،
ويتابعون أحدث التطورات عبر الفضائيات.
ماهي السيناريوهات
المتوقعة أو الحلول المحتملة في ظل هذا
المشهد المرعب ؟، وإلى أين تتجه الأزمة
السورية ؟. نميل في محاولة
الاجابة عن هذين التساؤلين للتذكير،
بأن ما يتم على أرض الواقع، يلتقي من
حيث الشكل والمضمون مع الفرضية التي
تبنتها قيادة قوات حلف شمال الأطلسي
فيما يتعلق بالمشهد السوري، إذ تم
التحسب منذ بدايات الأزمة، لتدخل
روسيا أو إيران من أجل دعم الرئيس بشار
الأسد، ولهذا جرى التوافق على خطة يتم
بموجبها تزويد الثوار بالمعدات
القتالية التي تعطيهم الفرصة تدريجيا
ً لتحقيق معادلة (توازن الرعب) مع قوات
النظام، وبغض النظرعن حصاد الشوك
والذكريات البشعة في مثل هذه
المنازلات. يعتقد بعض المحللين
بأن فرصة التدخل العسكري الخارجي لحسم
الوضع في سوريا باتت وشيكة، إذ أعلنت
السلطات التركية عن تنفيذ مناورة
عسكرية على حدودها مع سوريا، وهي لا
تخفي دعمها للجهات السورية التي تشاغل
النظام السوري من الأراضي التركية،
وبالعودة لحسابات الدول العظمى التي
تتنافس على حيوية دورها وصون مصالحها
في سوريا والمنطقة بمجملها، فإننا
نخلص إلى استنتاجين : الأول: بحكم قرب موعد
انتخابات الرئاسة في الولايات
المتحدة، فإن الرئيس الأميركي أوباما،
لن يكون متحمسا ً لوجود أي من جنوده على
الأراضي السورية خلال هذه المرحلة،
ومن الواضح بأن طهران، توظف هذه
النظرية من أجل الابقاء على موقفها
الداعم للنظام السوري، ويبقى الأمر
المزعج، وهو أن حسابات ووصفات خبراء
السياسة في الغرب والشرق، تهتم
بمستقبل مصالح دولهم ونفوذها بغض
النظر عن حجم الخطايا التي ترتكب بحق
الشعب السوري. الاستنتاج الثاني:
يتلخص باستطلاع الدور الذي سيقوم به
الجيش الإسرائيلي، عندما تسوء الأحوال
أكثر مما هي عليه وتشتد حالة الاقتتال
في سوريا، ثم تتهيأ الفرصة لخلط
الأوراق، آنذاك، سيحرص صناع القرار في
إسرائيل على تنفيذ أكثر من خطوة
استباقية بقصد تقوية موقفهم
الاقتصادي، وتعزيز قدراتهم العسكرية
التي سيقولون من خلالها للغرب بأنهم
سيواجهون بها اطماع دول الشرق في
المنطقة. ================= احمد صلال 2012-08-02 القدس العربي موزاييك المعارضة
السورية يثبت يوماً بعد يوم، عدم قدرته
على أن يكون حاملاً سياسياً للثورة
السورية ويترجم النصر الثوري للثوار
بنصر سياسي يجسد واقع هذه اللحظة
التاريخية والمفصلية في التاريخ
السوري الحديث. حيث بادر المعارض
هيثم المالح الى عقد مؤتمر في العاصمة
المصرية القاهرة، تحت عنوان 'أمناء
الثورة' أعلن في مؤتمره الصحافي عن
تشكيل حكومة إنتقالية برئاسته كنتاج
للمؤتمر. ويأتي هذا الفصل ضمن
سيناريو من المماحكات السياسية التي
درجت عليها المعارضة السورية منذ بدء
الثورة، وضربة إستباقية على المجلس
الوطني السوري، الذي بحث في إجتماع
أمانته العامة بالدوحة القطرية في وقت
سابق إمكانية تشكيل حكومة إنتقالية. والمستغرب في مؤتمر
المالح غياب تام لصوت الداخل الثائرأو
شخصيات كاريزمية من المنحى الوطني
أوالسياسي أو الثقافي...إلخ والتي منوط
فيها تكليف من يمثلها كون الشعب الثائر
هو صاحب الشرعية الثورية ومن يخرج عن
هذه الشرعية لاشرعية له، وحضور لوجوه
أبعد ماتكون عن الحراك الثوري وطغى
عليها البعد الردايكالي من حيث كونها
تدعي تمثيلا عشائريا والتي هي إحدى
الوجوه المتخلفة التي قامت الثورة من
أجل القضاء عليها، وحضور إسلامي متمثل
بشخصيات قريبة من الإخوان مضمونياً
بعيدة عنها شكلانياً مكرسة نهج قديم
جديد عبر كونها حاضرة في كل أطياف
المعارضة السورية لتكون صاحبة الكلمة
الفصل، وتنادى المؤتمرون الى عقد
إجتماع لكتلة العشائر بعد هذا
الإجتماع فوراً لتعلن تأييدها لهذه
المبادرة في إنتهاك واضح وصريح من هذه
الأخيرة لشرعية المجلس الوطني السوري
التي تعتبر إحدى مكوناته ويجب أن تكون
تحت مرجعيته السياسية. ما يؤخذ على هذا
المؤتمر كونه إستعراضا جديدا من
الإستعراضات الإعلامية التي تتناوب
عليها كتل وشخصيات وفصائل سياسية 'منذ
بدء الثورة، ولم تقدم للثورة والثوار
سوى مزيدا من وضع العصي في الدواليب
أمام دوران عجلة المشروع السياسي الذي
يعول عليه الداخل من أجل إستكمال
الثورة وصرف الأموال الطائلة التي من
المفترض أن تكون موجهة للداخل عبر جهود
الإغاثة كون أغلب المدن والبلدات
والقرى والأحياء السورية أعلنت كمناطق
منكوبة إنسانياً ومعاشياً، والدعم
المادي والوجستي للجيش الحر الذي يخوض
معركة مصيرية ضد كتائب الاسد في مدينة
حلب، وبعثرة للجهود السياسية التي من
المفترض ان تكون موجهة نحو هدف أساسي
يتمثل في إسقاط النظام أولاً ثم
التكالب السياسي من أجل وراثته
سياسياً، والحياد عن هذا الجوهر نحو
هوامش تصرف سياسي يصنف ضمن مراهقات
سياسية غير واعية ولامسؤولة تجاه شعب
أعزل يذبح عاجزة من تدعي أنها معارضته
وصوته السياسي أن تقدم له شيئاً يذكر،
بل على العكس تماماً تقدم خدمات جليلة
للنظام عبر تعزيز الشرخ السياسي بينها
يوماً بعد يوم. ويستحضرني في نهاية
هذا الإستعراض السردي لفصل من مماحكات
المعارضة السورية عبارة للكاتب ياسين
الحاج صالح حيث يقول فيما معناه: 'ليس
لدينا سياسيين محترمين'وهنا يكمن جوهر
القضية في إشكالية المعارضة السورية. ' كاتب صحافي من سورية ================= كم سنخسر
في حربنا مع ايران وسوريا؟ صحف عبرية 2012-08-02 القدس العربي
حسابات خبراء البحث
التنفيذي في جهاز الامن، بالنسبة
لامكانية حرب مستقبلية مع ايران وحزب
الله، تتوقع ان يبلغ عدد القتلى في
الجبهة الداخلية في مثل هذه الحالة نحو
200. ووفقا لتلك التقديرات، اذا ما انضمت
سوريا الى المواجهة ايضا، فقد يرتفع
العدد الى نحو 300 مواطن قتيل في الجبهة
الداخلية. قبل قرابة سنة أثار
وزير الدفاع اهود باراك صخبا عندما
قدّر في مقابلة مع صوت الجيش بأنه في
حالة حرب مع ايران، سيكون 'أقل بكثير من
500 قتيل' في الجبهة الداخلية. وحاول
باراك التقليل من قيمة التهديد والشرح
بأن في رأيه بعض التوقعات السوداء
بآلاف القتلى أو عشرات الآلاف عديمة
الأساس ولكنه حقق نتيجة معاكسة. ما
تبقى في الذاكرة العامة هو حساب 500 قتيل
والانطباع بأن باراك يقلل من أهميتهم. الأساس المبدئي لهذه
التوقعات هو بحوث قام بها الباحثون
التنفيذيون الذين أعدوا ابحاثهم بناءا
على طلب من جهاز الامن. هذه البحوث،
التي عُرض أهم ما فيها على الجيش
الاسرائيلي في اثناء المناورات العامة
وعلى القيادة السياسية، تستند الى عدد
الصواريخ والمقذوفات الصاروخية التي
لدى العدو، الى المعطيات التي تجمعت من
حروب اخرى والى وضع الاستعداد في
الجبهة الداخلية. مفهوم مسبقا بأنه لا
يوجد هنا ادعاء بتوقع دقيق، بل اطار
عام فقط، سيكون متأثرا جدا بالتطورات
على الارض نفسها. وحسب منشورات معاهد
البحوث في الغرب، تحوز ايران بضع مئات
من الصواريخ بعيدة المدى، من أنواع
مختلفة لصواريخ شهاب، بوسعها ضرب
أهداف في اسرائيل. الفرضية هي انه حتى
لو هاجمت اسرائيل مواقع النووي
الايرانية وقررت طهران الرد، فانها لن
تستخدم كل المخزون الذي تحت تصرفها. من
الصواريخ التي ستُطلق، بعضها سيواجه
مشاكل اطلاق، بعضها سيُضرب على الارض
بسلاح الجو الاسرائيلي، بعضا لا بأس به
سيتم اعتراضه بمنظومة 'حيتس' واخرى
ستخطيء أهدافها وتسقط في مناطق مفتوحة.
ومع ذلك، فالفرضية هي ان بضع عشرات من
الصواريخ ستضرب التجمعات السكانية،
والتي في الاحتمال الأعلى ان تضرب هذه
منطقة غوش دان. في حرب الخليج في 1991
قدّر خبراء البحوث التنفيذية في الجيش
الاسرائيلي بأن يكون عدد القتلى في
الجبهة الداخلية كنتيجة لاطلاق
الصواريخ من العراق ثلاثة قتلى
للصاروخ. أما عمليا، فأُطلق اربعون
صاروخ سكاد وقُتل شخص واحد كنتيجة
لاصابة مباشرة من صاروخ. تقدير الخبراء
تبين في حينه بأنه تقدير مبالغ فيه. مستوى الصواريخ التي
لدى ايران يفترض ان يكون أعلى من مستوى
الصواريخ العراقية. ومع ذلك، فان
التقدير بالنسبة لعدد المصابين
المتوقع، والذي ليس عاليا جدا، يرتبط
ايضا بجوانب سلوك السكان الاسرائيليين
واستعداد الجبهة الداخلية. البناء في وسط
اسرائيل، بالنسبة لدول اخرى، ليس
مكتظا جدا. قوانين البناء في
الثمانينيات فرضت واجبا لبناء هيكل
اسمنتي للمباني، الحقيقة التي تقلص
خطر الانهيار الشامل للمباني. كما ان
كثرة الغرف الامنية والملاجيء كفيلة
بأن تقلص عدد المصابين. عنصر حرج آخر هو
زمن الاخطار: رادار الـ X
الامريكي قادر على ان يوفر
اخطارا بنحو 15 دقيقة قبل سقوط صاروخ من
ايران في وسط البلاد، وهو زمن معقول
للاستعداد لاطلاق صاروخ بالستي. على أساس هذه العناصر
تقرر حساب تقديري لأقل بقليل من قتيل
للصاروخ البالستي. وينبغي ان يضاف الى
ذلك التهديد من جانب حزب الله، الذي لا
يجوز فقط على صواريخ كاتيوشا للمدى
القصير والمتوسط، بل وايضا عشرات أو
مئات صواريخ إم600 الدقيقة نسبيا، والتي
بوسعها ضرب وسط البلاد. عدد صواريخ حزب
الله هائل، وهو يُقدر اليوم بقرابة 60
ألف. في مواجهة محتملة مع
حزب الله، الكثير منوط بقدرة سلاح الجو
وأسرة الاستخبارات على ضرب الصواريخ
بعيدة المدى على الارض، قبل اطلاقها.
في حرب لبنان الثانية في 2006، ضرب الجيش
الاسرائيلي عشرات منازل نشطاء حزب
الله في لبنان، في الليلة الاولى من
الحرب ودمر معظم منظومة صواريخ
المنظمة للمدى المتوسط، قبل ان
تُستخدم. في المرة القادمة، سيكون هذا
التحدي أصعب. في الحرب في 2006 أُطلق
الى الجبهة الداخلية في الشمال نحو 4.200
صاروخ، معظمها كاتيوشا وقُتل 54 شخصا 42
مواطنا و12 مظلي احتياط أُصيبوا بسقوط
كاتيوشا في كفار جلعادي. الحساب، الذي
يستند الى المعطيات من الحرب السابقة،
يتوقع قتيلا واحدا في الجبهة الداخلية
على كل ثماني صواريخ تقريبا من لبنان. هذه حسابات على الورق
فقط ومن الصعب ان نعرف ماذا سيكون
وزنها في حالة حرب مع ايران تؤدي
باحتمالية عالية ايضا الى استخدام
منظومة صواريخ حزب الله ضد الجبهة
الاسرائيلية الداخلية. باراك محق
عندما يصف كهستيريا مبالغ فيها توقعات
الآلاف أو حتى عشرات آلاف القتلى. ولكن
من الأفضل عدم الاستخفاف بمصداقية
التوقعات العلمية ظاهرا بالنسبة
لنتائج الضربة للجبهة الداخلية. الحرب
هي مملكة عدم اليقين وأمور كثيرة جدا
يمكن ان تتشوش في اثنائها، دون صلة
بالتوقعات المسبقة. عاموس هرئيل هآرتس 2/8/2012 ================= الحكومة
الانتقالية السورية... قفزة في الهواء حازم نهار * الجمعة ٣
أغسطس ٢٠١٢ الحياة ما إن أعلن وزير
الخارجية الفرنسي ضرورة قيام المعارضة
السورية بتشكيل حكومة انتقالية حتى
تلقفت مجموعات كثيرة في المعارضة هذه
الفكرة، وباشرت اجتماعاتها على هذا
الأساس، وكأنها حققت استكشافاً
سياسياً مسبوقاً. هنا يستغرب المرء
درجة «الخفّة» التي وصلت إليها بعض
الأطراف التي باتت، بوعي أو من دونه،
مجرد أدوات تنفيذية لرؤى وتصريحات
عربية ودولية قد لا تكون أكثر من مواقف
عابرة. كما لا نبالغ عندما
نقول إن «الهبل» أصبح سيد الموقف لدى
أطراف أخرى. ففي خطوة لا تدل إلا على
البلاهة السياسية والوضاعة في آن
معاً، يتسابق آخرون للبدء بتشكيل هذه
الحكومة أو حتى لنشر تشكيلات لحكومات
انتقالية بأسماء مجهولة في سعي «رخيص»
و «غبي» لزيادة رصيدهم الشخصي في تشكيل
أي حكومة مقبلة، على رغم أن الكثير من
هذه الشخصيات قد ساهم في تشكيل صورة
هزيلة وصبيانية للمعارضة السورية،
بحكم عدم امتلاكهم الحد الأدنى من
المؤهلات، وعلى رغم ذلك فإنهم لا
يزالون غير مستعدين للتوقف قليلاً
والنظر في المرآة لمراجعة أدائهم خلال
عام ونصف العام من عمر الثورة. وهنا
يتحمل الإعلام مسؤولية كبيرة في
تغطيته لنشاطات ومبادرات لا معنى لها
سوى إضافة بلبلة جديدة
إلى الساحة. لعل أهم ما يميز
تجربة القسم الأكبر من المعارضة
السورية هو استناده إلى منطق التجربة
والخطأ في الممارسة السياسية، وقد
تجلى ذلك في طرح شعارات متلاحقة من دون
دراسة واقعيتها وإمكانيات تحقيقها،
وكلما سُدّت الآفاق أمام أحدها تردفه
المعارضة بشعار جديد، لكن استناداً
إلى المنطق ذاته. مع العلم أن منطق
التجربة والخطأ يعلِّمه أساتذة
المرحلة الابتدائية لطلابهم، فيما لا
تزال آليات التفكير والتحليل السياسي
بعيدة من معظم مجموعات المعارضة. لم ينجح المجلس
الوطني خلال عام كامل في التحول إلى
واجهة سياسية حقيقية للثورة، كما لم
تنجح بقية أطراف المعارضة، وربما كان
السبب الأساسي هو الإمكانيات الضعيفة
لشخصياتها في الحيز السياسي، ولا
غرابة آنئذ في أن يكون الهاجس الأساسي
لمعظم الشخصيات المعارضة هو الحصول
على تصفيق الشارع الثائر، ولعلهم
اعتقدوا أيضاً أن الموقف المعارض
للنظام يتحدد بمستوى الصراخ والادعاء
على الفضائيات. لسان حال معظم
المؤيدين لتشكيل هذه الحكومة
الانتقالية يقول: طالما لم ينجح المجلس
الوطني، فلنجرب إذاً تشكيل حكومة
انتقالية. إذ بدلاً من التفرغ لإنجاز
المهام المتعلقة بحل إشكاليات
المعارضة والثورة، يجرى القفز فوق هذه
المهام الملحة نحو خطوة شكلية لن تقدم
أو تؤخِّر، ولن تحل الإشكاليات
الموجودة، بل على العكس ستتحول إلى عبء
جديد على الثورة، كما كان المجلس
الوطني وسائر التشكيلات السياسية. لعل أولى المهام
الملحّة اليوم هي تحقيق توافق بين
أطراف المعارضة، بخاصة مع الأطراف
الكردية. إذ من البديهي القول إن وجود
التوافق يسهل بالضرورة تشكيل هذه
الحكومة الانتقالية في المستقبل، وهذا
التوافق أصبح ممكناً بعد اتضاح أوهام
النقاط الخلافية كالتدخل العسكري
الخارجي وغيره. إذا كان المجلس
الوطني قد رفض تشكيل لجنة متابعة في
لقاء المعارضة السورية في مؤتمر
القاهرة، فكيف سيقبل تشكيل حكومة
انتقالية بالتوافق مع البقية؟ وهل
المطلوب من بقية الأطراف التصفيق
للمجلس الوطني عندما يشكل هذه
الحكومة؟ إلا إذا كان المطلوب تشكيل
حكومة خاصة بالمجلس الوطني لا بالشعب
السوري، أو أن تقوم الدول (فرنسا، قطر،
السعودية...) باختيار ممثليها من
المعارضة في هذه الحكومة الانتقالية؟! المهمة الثانية هي
القيام بتنظيم الجيش الحر وتحقيق
التواصل بين كتائبه وتحويله إلى مؤسسة
عسكرية لها ضوابط وآليات عسكرية
وقانونية وأخلاقية واضحة وقيادة
موحدة، طالما أن ذلك أصبح حقيقة واقعة،
وضرورة التوافق على خضوع هذه المؤسسة
لقيادة سياسية تتوافق عليها أطراف
المعارضة. إذ إن القيام بهذه المهمة
يسهِّل على الأقل اختيار شخصية عسكرية
توافقية لتشارك في أي حكومة انتقالية
مزمعة. ويتعلق بهذه المهمة الاتفاق على
رؤية تتعلق ببناء المؤسسة العسكرية
والأمنية بالمجمل بحيث تستوعب قطع
الجيش النظامي ووحداته التي لم تشارك
في القمع والقتل. المهمة الثالثة، وهي
القيام بدور إغاثي سريع، عبر استنفار
الدول العربية والهيئات الدولية،
بالإضافة الى الأفراد، من أجل دعم
النازحين واللاجئين السوريين وأسر
المعتقلين والشهداء. فإذا لم تقم
المعارضة السياسية بهذا الدور، فما هو
مبرر قيامها بتشكيل حكومة انتقالية،
إلا إذا كانت المعارضة مقتنعة بأن
شرعية هذه الحكومة تعتمد على تبني أو
رعاية الدول لها فحسب؟ هذه المهام الثلاث
لها أولوية على تشكيل أي حكومة
انتقالية، وإلا فإن الذهاب في طريق
التشكيل لا يعدو أن يكون مجرد قفزة في
الهواء، ويعني تحول الممارسة السياسية
إلى مجرد لعبة تبديل كلمات ومصطلحات لا
وزن لها ولا دور، كالمجلس الوطني
والحكومة الانتقالية وغيرها. أما إذا
أردنا مقاربة موضوع تشكيل الحكومة من
زاوية التوقيت السياسي، فهناك أيضاً
ثلاث نقاط مفصلية في تحديد الموقف من
هذا الأمر. النقطة الأولى لها
علاقة بازدياد الاعتقاد بقرب سقوط
النظام في اللحظة السياسية الراهنة،
بخاصة بعد عملية خلية الأزمة، و «سيطرة»
الجيش الحر على القسم الأكبر من مدينة
حلب، وبالتالي تزداد الحاجة الى حكومة
انتقالية تمسك بزمام الأمور. وآخرون
يتوقعون انهياراً دراماتيكياً
للنظام، وبالتالي ينبغي الاستعداد
لمثل هذه اللحظة. وعلى رغم أنني أميل
للاعتقاد بأن الأمور ستستغرق المزيد
من الوقت حتى يتضح المسار العام للواقع
السوري، على الأقل إلى ما بعد استقرار
الرئيس الأميركي الجديد في البيت
الأبيض في شباط (فبراير) المقبل، إلا
أنني لا أستبعد المفاجآت في الواقع.
وعلى رغم ذلك، فإن تشكيل مثل هذه
الحكومة يحتاج بالتأكيد إلى ظهور أفق
مؤكد لسقوط النظام، بعد أن تأكد سقوطه
عاجلاً أم آجلاً بالمعيار التاريخي. أما النقطة الثانية
فتتعلق بطبيعة اللحظة الراهنة التي
تشير بوضوح إلى عدم إمكانية مشاركة
شخصيات من داخل البلد في هذه الحكومة
المزمعة، سواء من أطراف معارضة أخرى،
أو من الهيئات والمجالس الثورية
والمدنية، بحكم الظرف الأمني المعقد. وتتعلق النقطة
الثالثة بضرورة إدراك العلاقة ما بين
الكتلة الثورية والكتلة الانتخابية في
اللحظة الراهنة، فالمعروف أن هناك
كتلاً من الشعب السوري لم تشارك في
الثورة لأسباب مختلفة، وهذا الأمر لا
يثلم حقها بالتأكيد في المشاركة في أي
حكومة انتقالية مقبلة. خلاصة القول إن موضوع
الحكومة الانتقالية بحاجة إلى التريث،
سواء لجهة المهمات الأساسية التي
يفترض بالمعارضة السورية إنجازها قبل
التشكيل أو لجهة انتقاء اللحظة
السياسية المناسبة لإطلاقها، كي لا
تكون هذه الحكومة مجرد قفزة في الهواء
أو عبئاً جديداً على كاهل ثورة
السوريين. لقد انصب عملنا في آب
(أغسطس) من العام الفائت على فرملة خمس
جهات معارضة كانت تحاول الإعلان عن
تشكيل «مجالس وطنية» من دون تنسيق
بينها، وكان يمكن أن نكون أمام خمسة
مجالس وطنية آنذاك لولا الجهود التي
بذلت لمصلحة الدفع نحو تشكيل مجلس وطني
واحد، على رغم قناعتنا بأن الثورة
السورية لم تكن بحاجة إلى مجلس وطني،
بقدر ما كانت بحاجة إلى معارضة مؤتلفة
ومتوافقة تقوم بدور سياسي موقت أو إلى
هيئة داعمة للثورة في الحيزين السياسي
والإعلامي. واليوم هل يحمل شهر آب
الحالي مبادرات عدة لتشكيل حكومات
انتقالية، ليصدق علينا المثل الشعبي: «كأنك
يا أبو زيد ما غزيت»؟! * كاتب سوري ================= عيون
وآذان (والله أهل سورية ما بيستاهلوا) الجمعة ٣
أغسطس ٢٠١٢ جهاد الخازن الحياة هل هناك في العالم من
هو أسوأ حظاً من السوريين؟ مسلحون من
المعارضة يتسللون الى داخل دمشق وحلب
ويختارون أكثر الأحياء ازدحاماً
بالسكان، ثم يطلقون النار من أسلحة
خفيفة ليقولوا نحن هنا، ويرد جيش
النظام بعنف هائل فيقصف المسلحين
بالمدفعية الثقيلة، وأحيانا بغارات
الهليكوبتر، ويُقتَل ناس ابرياء،
وتُدمّر معالم التاريخ. ثم يتحدث
الرئيس بشار الاسد عن عملاء الداخل
وإرهابيين، وهم موجودون، إلا أن سوء
أداء النظام مسؤول مثلهم، خصوصاً ان
الثورة من صنع مواطنين ضاقوا ذرعاً
بحياتهم، ولا علاقة لهم بعملاء أو
إرهاب. دمشق وحلب حجر
الزاوية في تاريخ العمران البشري. هل
أحتاج أن أحكي عن دمشق، أقدم مدينة
مسكونة باستمرار في العالم، عن سورها
وأبوابه، الجامع الاموي، كنائس
المسيحية الاولى، القديس بولص وفراره
في سلة أُنزلت من على السور بعد ان همّ
اليهود بقتله، بردى والغوطة «ودمع لا
يكفكف يا دمشق». ومن قلعة دمشق الى
حلب وقلعتها، اين صلاح الدين ليرى ما
حل بقلعته؟ هي قديمة قدم التاريخ، عرفت
الحثيين والآراميين والسلوقيين
والرومان والبيزنطيين، وبنى صلاح
الدين فوق السابقين، وبقيت القلعة
وحلب حتى يومنا هذا. هل تعرف المعارضة
المسلحة أي تاريخ تهدده عملياتها؟ هل
يفهم النظام أنه يدمر التاريخ؟ يبدو
اننا امام فريقين: جاهلٍ وأشدَّ جهلاً
منه. ثم أقول إنني لا أزال عند رأيي أن
حفظ الحياة أهم من كل شيء، وكنت دنت قتل
ثلاثة او اربعة مواطنين سوريين في اول
مقال لي عن الوضع السوري في 1/4/2011، وأجد
اليوم ان الضحايا عشرات الألوف، وكل
يوم 50 ضحية او مئة او اكثر، يروحون
قرباناً للجهل حتى الجريمة. قبل ثلاث سنوات او
نحوها، دُعيت الى حلب لحضور احتفالات
ألفية مار مارون، فشفيع الطائفة
المارونية سوري المولد، ومدفون قرب
حلب. قلت للرئيس بشار
الاسد وهو يودع الضيوف بعد غداء أقامه
تكريماً لهم، ان الملكة رانيا كانت
مسرورة جداً بالزيارة غير الرسمية
التي قام بها الملك عبدالله الثاني
والملكة الى سورية، حيث أخذهما
الدكتور بشار وقرينته أسماء الى آثار
ومطاعم وسياحة والرئيس السوري يقود
السيارة بنفسه. هو قال لي إنه وزوجته
سُرّا بالضيفين وسيردان لهما الزيارة
قريباً. خرج الرئيس من المطعم
وقاد سيارته بنفسه، والى جانبه السيدة
اسماء، ورأى مواطنون في السوق الموكب
فصفقوا وهتفوا، وأوقفت امرأة تحمل
حاجات اشترتها ومعها بنتان، سيارةَ
الرئيس للسلام عليه. هذا مشهد لا
تستطيع استخبارات صنعه. كيف ضيع الرئيس
السوري في اسبوع شعبية بناها في عشر
سنين؟ لا أعرف جواباً. هو الآن يتحدث عن
معركة مصيرية ويعد بالصمود، إلاّ أنه
سيكون صموداً يدفع الشعب ثمنه من دمه
مع الرئيس، الذي أصبح الاميركيون -وفق
رواية «واشنطن بوست» قبل يومين- يقولون
انه سيخرج وقد لُفّ في كفن. ثم هناك المعارضة
السورية، وقد شكوت يوماً -ولا أزال-
ثقلَ دم هذه المعارضة، او «الغلاظة»
باللهجة السورية، الا انني اليوم اشكو
من الجهل القاتل. هل تريد المعارضة
السورية تحرير سورية او تدمير معالم
التاريخ فيها؟ بالنظر الى تعامل
النظام مع الثورة الشعبية منذ آذار (مارس)
السنة الماضية، ربما يصعب القول ان
النظام التالي قد يكون أسوأ، غير ان
المعارضة تصر على اخافة الناس، وفيها
قلة من اعضاء يجمعون بين الثقافة
العالية والوطنية الخالصة، ثم جماعات
متطرفة لا اصل لها او فصل، مع عصابات
ارهابية تقتل المسلمين، من العراق
وافغانستان الى سورية اليوم. من المستفيد من بطش
النظام ورعونة المعارضة؟ إسرائيل
وحدها. لبنان والأردن
والعراق والدول العربية كلها ستدفع
الثمن، ومعها تركيا وغيرها، ولا احد
سيستفيد غير إسرائيل، فلماذا تحارب
وتقتل طالما ان اهل البلد يحارب بعضهم
بعضاً ويقتلون ويدمرون، وعلى مستوى لم
تحلم اسرائيل يوماً بتحقيق نصفه. أما أميركا
وبريطانيا وفرنسا، فعندها مجلس الامن
لإصدار ما يناسب مصالحها من قرارات،
وتعارضها روسيا والصين بما يناسب
مصالحهما، ويُقتل السوريون يوماً بعد
يوم، من دون ان تقف الخسائر عند هذا
الجيل، فأجيالٌ قادمة ستأتي وتذهب قبل
ان يكمل السوريون بناء ما يتهدم اليوم. درس التاريخ هو أن
الحروب الدينية اكثر الحروب دموية،
ويكفي ان ننظر الى تاريخها الأوروبي،
ودرسه الآخر ان الحروب الأهلية هي أسوأ
انواع الحروب، وأهل البلد الواحد يقتل
أحدهم الآخر، وأخشى ان تكون سورية
فريسة حرب اهلية ثم طائفية. ثم لا أملك إلا أن
أقول باللهجة العامية: والله أهل سورية
ما بيستاهلوا. هم أحبّاء. ولا غفر الله
لمن كان السبب. ================= ميزان
القوى الجديد في سورية يغير المعادلة
السياسية الجمعة ٣
أغسطس ٢٠١٢ رغدة ردغاهم الحياة تغيرت المعادلة
الدولية في الشأن السوري والإيراني
بعد التغيير الميداني في توازن القوى
بين النظام والمعارضة في سورية، بدخول
الدبابات والصواريخ المضادة للطائرات
ساحة القتال لمصلحة المعارضة. كانت
الأجواء أسيرة للنظام في دمشق، وكان
ميل التوازن العسكري لمصلحته سلاحاً
في يد روسيا استخدمته في المفاوضات
السياسية حول مستقبل سورية، وكذلك حول
مستقبل نفوذ الجمهورية الإسلامية
الإيرانية في المنطقة. الآن، باتت
الديبلوماسية مرآة لما يجري على
الأرض، وأصبحت العملية السياسية تتبع
القوة، ولا تسبقها كما في الماضي
القريب. موازين القوى تغيرت ميدانياً،
بحيث أصبحت تركيا اليوم في حرب سورية
كما كانت باكستان في حرب أفغانستان
أواخر السبعينات، التي أدت الى انهيار
الاتحاد السوفياتي وبروز عهد القطب
الواحد في العظمة بدلاً من عهد القطبين:
الأميركي والسوفياتي. الوضع السوري
الآن يشبه الوضع الأفغاني حينذاك، من
ناحية تحالفات إقليمية مع الولايات
المتحدة في وجه روسيا المتمسكة بالنهج
القديم والتركة المهترئة وصوت الماضي
الرافض للمجتمع المدني والرأي العام
وسيادة القانون ومركزية التنمية. وتلك
الـ «روسيا» بدورها، متمسكة بنظام في
دمشق يشق طريقه الى الانهيار عبر حرب
أهلية يغذيها، كما بنظام في طهران
يصعّد نووياً وهو يسقط هدية في أحضان
التصعيد الإسرائيلي ضده. خسرت روسيا أوراق
الإقناع السياسي ودور عراب الحل
السياسي عندما نحرته في الفيتو الثالث
لها في مجلس الأمن. باتت موسكو اليوم
عرّاب التقسيم وراعي الحرب الأهلية. المعادلة العسكرية
الجديدة، المتمثلة بدخول الصواريخ
والدبابات المعركة ضد النظام، قد تؤدي
بموسكو الى موجة أخرى من الهستيريا
تقرر معها إعطاء المزيد من السلاح
القوي والمتفوق نوعياً الى النظام،
فتدخل حقاً حرباً بالوكالة في سورية ضد
التحالف الغربي-العربي في المنطقة،
بما في ذلك نحو إيران. في الوقت ذاته،
ربما تؤدي الموازين العسكرية الجديدة
الى تنبيه موسكو الى ضرورة العودة الى
طاولة المساومة والمقايضة مع الغرب
والعرب على أساس قبولها أخيراً بأن لا
مجال لاستمرار الرئيس بشار الأسد في
الحكم ولا مجال لبقاء النظام حاكماً
واحداً، فلقد راوغت الديبلوماسية
الروسية وأفرطت في الثقة بنفسها، ما
أسفر عن رفض قاطع أولاً لأية معادلة
تتم عبرها العملية السياسية بوجود
الأسد، وثانياً لبقاء النظام قوياً
بعد الأسد، فأقصى ما يمكن القبول به
الآن هو مشاركة بعض أركان النظام في
الحكم مع أركان المعارضة. هذا إذا لم
يكن فات الأوان إذا استمرت روسيا
بالتصعيد والمواجهة بعدما خسرت تماماً
هامش المناورة. واضح الآن أن الإدارة
الأميركية اتخذت قرار «غض النظر عن» أو
«تشجيع» تسليح المعارضة بالصواريخ
والدبابات. الرئيس باراك أوباما
أخيراً، «قبَّ إبطه» بحسب التعبير
اللبناني، أي انه كف عن التهرب من
الاستحقاقات العسكرية في الحرب في
سورية ووافق على ضرورة تسليح الثوار
مضطراً، إن لم يكن مقتنعاً أو راغباً.
وما اضطره ليس موقف المرشح الجمهوري
للرئاسة ميت رومني، بقدر ما هو الحزم
العسكري ميدانياً للمعارضة والإفراط
الروسي ديبلوماسياً في إحراجه وزجه في
الزاوية. ميزان القوى العسكري
الجديد ميدانياً غيّر المعادلة
السياسية لكل من النظام في دمشق
والحكومة الروسية، فلقد كانت موسكو
مرتاحة في هامش المناورة عندما كان
التوازن العسكري لمصلحة حليفها في
دمشق وعندما كان النظام في دمشق يتعالى
عن الحلول السياسية بحماية روسية له.
الآن، بات أي حل سياسي ممكن نابعاً من
توازن القوى الجديد. معركة حلب، كما
قال بشار الأسد، هي معركة المصير، إنها
معركة «تكسير المفاصل» بحسب التعبير
الشائع، إنها المعركة المصيرية. أجواء
تركيا تم فتحها الآن الى سورية كما سبق
وفتحت باكستان أجواءها الى أفغانستان
أثناء حرب إسقاط الاتحاد السوفياتي.
نفوذ روسيا قد يواجه المصير نفسه إذا
استمر الرئيس فلاديمير بوتين ووزير
خارجيته سيرغي لافروف في مسار
المواجهة، اقتناعاً منهما -كما يبدو-
بأن النظام في دمشق سيربح معركة حلب،
وأن بشار الأسد باقٍ في السلطة حتى وإن
كان ذلك في صيغة تقسيم البلاد. أما إذا انحسر الدعم
الفعلي للمعارضة السورية وتوقفت
إمدادات الصواريخ والدبابات وغيرها من
المعدات العسكرية الضرورية لها، فقد
يربح النظام السوري المعركة، وتضعف
المعارضة على ضوء تلك الخسائر، وتزداد
الأمور تعقيداً وإطالة، ويعزز
المتطرفون ممارساتهم ضد المعارضة التي
تدخل في خانة الإرهاب المنظم. إنما كل ذلك لن يعيد
للنظام الذي حكم لعقود إمكانية
الاستمرار في الحكم كما كان، فلقد فقد
بشار الأسد ونظامه السيطرة على الريف
والمناطق البعيدة عن المدن الكبرى. قد
يربح معركة إشعال الحرب الأهلية
ومعركة التقسيم، إنما هذا أيضاً لن
يضمن له الاستمرارية والبقاء، ذلك أن
صواريخ «ستينغر» ساهمت ليس فقط في
إسقاط الاتحاد السوفياتي في الحرب
الأفغانية بل إنها أسقطته برمته. واضح
الآن أن بشار الأسد لن يتنحى، ولن يقبل
بالنموذج اليمني القائم على مغادرة
السلطة بضمانات، ويبدو أن قراره
الحاسم -الذي قد يكون اتخذه طوعاً أو
اضطراراً- هو قرار عدم التراجع عن
تأجيج الحرب الأهلية وسيلة للبقاء في
السلطة، والعزم على تصدير الحرب
الطائفية الى الجيرة المجاورة لسورية،
كما تبدو القيادة الروسية طرفاً في هذا
الاتجاه، وفق الانطباع لدى الأكثرية
الشعبية والحكومية في المنطقة العربية. وهذا خطير على روسيا
ومصالحها، ففي حال بقاء النظام على
أجنحة الحرب الأهلية والتقسيم، فإن
روسيا ستخسر، وإذا انهار النظام في
دمشق، لن يبقى لروسيا موقع قدم في
الشرق الأوسط. الحرب في سورية الآن لم
تعد معركة «الكاتيوشا»، بل إن السلاح
النووي الجديد ما زال في صدد دخول
الساحة السورية، وعبره تتغير الموازين
على الأرض. بعض الناس يتساءل
اليوم: كيف تتخذ القيادة الروسية
قراراً استراتيجياً يكبّلها في يد
نظام ذاهب الى الزوال، ويصنّفها راعية
للحرب الأهلية والتقسيم في مواجهة
تحالف عربي - تركي - أميركي - أوروبي كان
عرَض عليها تكراراً أن تكون شريكاً له
في الحل السياسي؟ ويتساءل بعض آخر: ما
هي الحكمة في موقف روسي أدى عملياً الى
إخراج المسألة السورية من مجلس الأمن
ليضعها بتبريرات جاهزة ومنطقية في يد
مجموعة من الدول سئمت محاولة إرضاء
روسيا وإلقائها الفيتو إثر الآخر؟
أرادت موسكو الانتقام من «الإهانة»
التي تلقتها في ليبيا عبر عمليات القصف
التي قام بها حلف شمال الأطلسي (ناتو)،
لكنها في انتقامها هذا دفعت الأوضاع
الى اعتماد النموذج الليبي في سورية من
دون حماية جوية مباشرة لحلف الناتو.
أرادت موسكو مصادرة الحل السياسي
ووضعت المبعوث الأممي والعربي كوفي
أنان في صدارة المصادرة، لكنها
باستخدام الفيتو الثالث قضت على كوفي
أنان ومهمته وحوّلت مبادرته ذات
النقاط الست الى فعل ماض لا علاقة له
بالواقع الآن. موسكو هي التي دفعت
الأمور في اتجاه سكة الحسم العسكري
بعدما سارت الأكثرية معها في سكة الحل
السياسي طويلاً. موسكو هي التي حسمت
السكتين المتوازيتين لمصلحة سكة
المواجهة والحسم العسكري. لعل القيادة الروسية
تستدرك وتعيد النظر في سياساتها وفي
مصالحها، ولعلها تمعن أكثر في
الانتقام، بمواجهات سورية وإيرانية
ميدانية وفي مجلس الأمن. أيُّ استخدام
للأسلحة الكيماوية سيجبر روسيا على
الاستدراك، إذ إنها لن تتحمل أن تصبح
منبوذة دولياً كدولة دعمت استخدام
الأسلحة المحظورة. المصادر الغربية
قالت إن روسيا، وكذلك إيران تعهدتا
العمل على منع استخدام الأسلحة
الكيماوية في الحرب السورية. لكن هذه التطمينات لا
تعني أن مزاج طهران أو موسكو يتجه نحو
التوافق والاتفاق مع الغرب، بل العكس،
وقد تلجأ موسكو الى محاولة «تغيير
الحديث» في مجلس الأمن، عبر الاحتجاج
على التهديدات الأميركية للجمهورية
الإسلامية الإيرانية في حال استمرت في
نهجها النووي، فما قاله ميت رومني
أثناء زيارته إسرائيل وأدى الى إسراع
إدارة أوباما للمزايدة عليه، ليس موضع
خلاف بين المرشحين الجمهوري
والديموقراطي للرئاسة، وكلاهما وقع في
الحضن الإسرائيلي، وتحديداً وقع
أوباما أولاً في أحضان رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عندما
تعهد علناً بأن الولايات المتحدة لن
تسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية. تلك
السابقة القائمة على تعهد علني لرئيس
أميركي بعدم السماح لإيران أن تكون قوة
نووية مع الاحتفاظ بحق وحرية اللجوء
الى أي وسيلة لإيقافها عن ذلك، سبب
خللاً في العلاقات الدولية. لكن مواقف
طهران لم تساعد في إظهار ذلك الخلل، بل
ساهمت في تغذية السأم من المماطلة
والممانعة والمكابرة الإيرانية،
وآخرها دعوة المرشد في إيران الى
مضاعفة تخصيب اليورانيوم الى نسبة 60 في
المئة وليس فقط 20 في المئة، المرفوضة
أساساً، هذا إضافة إلى تعهده بأن إيران
ستحمي النظام في دمشق حتى بجيوشها. أجواء الفزع السياسي
تعم المنطقة، وتنذر بأن أجواء الحرب
ستمس إيران أيضاً، وإن لم يكن قبل
الانتخابات الرئاسية الأميركية في شهر
تشرين الثاني (نوفمبر). حتى الآن، تبدو
روسيا متأهبة لحرب الانتقام من
الإهانة لتفرض نفسها لاعباً يراهن على
وهن العزم الأميركي في المواجهة،
ورغبة الشعب بتجنب التورط، وحاجة
أوباما الى «السترة»، والتقاعس
الأوروبي بسبب الاقتصاد، والكراهية
البنيوية في العالم الثالث لاستفراد
أميركا بموقع العظمة، وعدم الثقة
بأميركا شريكاً بسبب سمعتها المعهودة
بالتخلي عن الشريك وخيانته في خضم
المعركة... كل هذا لا يجعل من المواقف
الروسية سياسة ناضجة واستراتيجية
واعية للمصالح على المدى البعيد، فلعل
الحكمة تشق طريقها الى السياسة
الروسية لتحل مكان ما لا يليق بروسيا
من هستيريا قومية شعارها الانتقام من
إهانة مصطنعة. ================= هذه
علامات النصر الثوري السوري وفيق السامرائي الشرق الاوسط 3-8-2012 بكل هدوء وبرودة
أعصاب، قدم مراسل قناة «الجزيرة» في
مدينة حلب صورة واضحة ومباشرة وحية عن
الوضع في قلب المدينة وأطرافها، بعد
ساعات فقط من هذيان وزير الخارجية
السوري خلال مؤتمره الصحافي في طهران
يوم الاثنين الماضي، الذي ادعى فيه أن
الثوار قد اندحروا في مدينة دمشق
وسيندحرون في حلب، ولو كانت وسائل
الاتصال والإعلام كما كانت عليه قبل
ثلاثة عقود لأمكن تصديق الادعاء! وشد انتباهي الموقف
الصلب لقائد المجلس العسكري في حلب
العقيد عبد الحميد العكيدي، الذي أعلن
ساعة الصفر، وإدارته المباشرة
للعمليات، وكذلك ظهور نائب قائد الجيش
الحر العقيد مالك الكردي في ساحة
القتال، وبين ما قاله العكيدي من أن
حلب ستكون مقبرة لدروع السلطة، وما
قاله وزير الدفاع الأميركي من أن الأسد
يحفر قبره بيده، أكمل الثوار فتح طريق
إدامة وتعزيز يربط حلب بالحدود
التركية، مما يوفر القدرة على تأمين
مستلزمات الدفاع الفعال عن المدنيين،
ويساعد في إدارة عمليات قتالية ناجحة
تترك أثرا كبيرا على سير الصراع لصالح
الثورة. ومن الحالات النادرة
أن نشاهد دبابات القمع وقد تحولت إلى
خردة في أكثر من مكان وعلى أكثر من
محور، وتحجيم دور الهليكوبترات
الهجومية في بعض المناطق باستخدام
رشاشات ثقيلة، واستخدام الهاونات
المتوسطة والثقيلة من قبل الثوار،
وهذا يثبت حصول تطورات كبيرة في قدرات
مقاتلي الجيش الحر، الذين يتمتعون
بمعنويات عالية جدا، وقابلية بدنية
ممتازة، ومستويات متقدمة من التدريب
الفردي والتعبوي. ويبدو واضحا أن
تشكيلات الجيش الحر، والمسلحين
المحليين نجحوا في تعقيد مناورة قوات
القمع من منطقة إلى أخرى، وهو ما أدى
إلى تأخير رد الفعل تجاه عملية تحرير
حلب، والتلكؤ في عمليات الاقتحام،
التي تجابه بمقاومة شعبية وثورية،
ستكون من أهم دروس الحرب في المعاهد
العسكرية، فلم أقرأ ولم أشهد مثلها على
مستوى الشرق الأوسط، فالقتال في حلب لا
يزال أفضل مما كان متوقعا حتى وقت
كتابة هذا المقال. «وحتى إذا ما اضطر
الثوار إلى تغيير استراتيجيتهم» نتيجة
الثقل الناري، أو نتيجة عدم كفاية مواد
تموين القتال، فإن العملية أكدت بشكل
قاطع بؤس حال وأفكار المدافعين عن نظام
انتهى عمليا. وحيث اتضحت الصورة
الآن لمن كانت تنقصه المعطيات، فإن
الثوار لا يحتاجون إلا لمواد تموين
القتال، وبما أن الثوار قد فتحوا
بأنفسهم طرق الإمداد اللازمة، فإن
مسؤولية أصدقاء سوريا تتحدد اليوم
بتأمين متطلبات الدفاع الاستراتيجي،
الذي سيتحول بلا تعقيد ولا حسابات
كومبيوترية إلى انتقال سريع لمرحلة
أكثر تقدما، تنهي المعاناة والكوارث
التي يتعرض لها المدنيون. ومطلوب من
السياسيين في المعارضة السورية
الانتقال الفوري إلى ساحات العمليات،
لإعطاء قوة دفع تساعدهم في كسب المزيد
من الدعم الخارجي. وبات الوقت ملائما
لتأسيس مقر متقدم جوال للمجلس الوطني
على الأراضي المحررة بالتنسيق مع
الجيش الحر، تمهيدا لإعلان شكل من
أشكال الحكومة المؤقتة أو الإدارة
المدنية. وتعزيزا للمكتسبات
التي يحققها الثوار على الأرض، فمن
الضروري إعادة حث الجنود والضباط على
ترك تشكيلات القمع، وإعادة الكلام عن
روح الأخوة مع أبناء الطائفة التي
يحاول النظام إبقاءها إلى جانبه،
والتأكيد على أن الثوار يقاتلون من أجل
الشعب السوري كله، وإبقاء باب التسامح
مفتوحا حتى النهاية، وإزالة مخاوف بعض
أطراف المنطقة. قبل بضعة أشهر كان
بشار قادرا على تجميع حشود، بعضها من
خارج الحدود، في ساحة الأمويين
والخروج لتحيتهم ولو بضع دقائق، وكان
قادرا على زيارة باب عمرو (بابا عمرو)
في قلب حمص قبل أن يغادرها تحت نيران «قناص
حمص»، أما الآن فما كان قد أصبح من قصص
كان، وبدأت الضربات تتلاحق بشكل
متواصل ومثير للغاية، والأفضل للنظام
أن يخضع لمنطق العقل ويقبل بمبادرة
اجتماع قطر للجامعة العربية، كفرصة لن
يوافق عليها الثوار بعد فوات الأوان. كان الجيش الحر مكونا
من أقل من 20 منشقا، والآن أصبح تعداده
معظم الشعب السوري، ولو أرسلت إليه
ملايين قطع سلاح لأصبح تعداده العملي
كذلك، وحتى إذا ما أصيب بكبوة في بعض
المعارك، فإن الحسم يتم تراكميا
بسلسلة معارك وليس بمعركة حاسمة
واحدة، والمناورة مطلوبة، وكثيرا ما
يكون الانسحاب المخطط له جزءا من
نجاحات كبيرة. ================= مشاري الذايدي الشرق الاوسط 3-8-2012 كان «راتكو ملاديتش»
جنرال الصرب في الحرب الأهلية في
البلقان، مطلع التسعينات، يردد دوما
هذه العبارة: «الحدود رسمت دائما
بالدم، والدول بالقبور». وهو عمليا طبق هذه
الفكرة، عبر خوضها بأوضح صورة من صور
الحرب العرقية والإثنية والطائفية في
صربيا الكبرى، فهو لم يكن فقط جزارا ضد
المسلمين البوشناق، بل كان أيضا عدوا
دمويا للكروات، وسعى إلى حفر خندق دموي
يعيد فرز الطوائف والتراكيب الإثنية
حتى يضمن الاتصال الجغرافي
والديموغرافي بين صرب البوسنة
وكرواتيا، منذ أن أعلن في يونيو (حزيران)
1991 جمهورية صربية في «كرايينا»
الكرواتية. الصفحة القانية
الدموية التي أدخلت ملاديتش متحف
القتلة الكبار في التاريخ، هي مجازر
قواته ضد المسلمين البوشناق، وهي التي
كانت السبب الرئيسي في جلبه لمحكمة
الجزاء الدولية، بعد سنوات من التخفي
والهرب في حضن سنده الأكبر «بلغراد»
وسيدها «سلوبودان ميلوسوفيتش»، الذي
جلب إلى المحكمة ذاتها لاحقا، ثم توفي
في سجونها. الفكرة من هذا
الاستذكار، فضلا عن ذكرى مجازر الحرب
البشعة في البوسنة، هي أن هذه العبارة
التي كانت تحكم تفكير ملاديتش: «الحدود
رسمت دائما بالدم، والدول بالقبور». هي
التي يبدو أنها تحكم بشار الأسد وزمرته
الدموية من حوله. ما لا يفهمه كوفي
عنان أو بان كي مون أو كثير من كتاب
الغرب والشرق، في مجازر الدم البشعة
على طول الخط الطالع من جبال الساحل
الغربي السوري إلى ريف حلب مرورا بحمص
وحماه، هو أن مسطرة بشار، أو عقل بشار
الحاكم له في الأغوار النفسية
السحيقة، هو إعادة رسم الخارطة
السكانية والاجتماعية، وفرز الصرب عن
البوشناق عن الكروات، باستعارة لغة
ملاديتش، ورفاقه، وضع من شئت من
القوميات والطوائف، في الحالة
السورية، محل من تمت تسميتهم أعلاه. لكن كما لاقى
ملاديتش، والدكتور النفسي «رادوفان
كاراديتش» مصيرهما وتم القبض عليهما
وحجزهما بعد سنوات من التخفي في أقفاص
المحكمة الدولية، فكذلك سيجري الأمر
من بشار وجنرالاته القتلة، اليوم أو
غدا أو بعد غد، لا مفر، الدم المسفوح «جهرا»
وقهرا، يفور حتى يبرد على منصة القصاص. لا يعني هذا
الاستذكار تطابق السيناريو بين ما جرى
لجنرالات الحرب الأهلية من الصرب
وغيرهم، وجنرالات وقتلة النظام
الأسدي، فلكل حالة مآلها، ولكل مقام
مقاله، ولكل قاتل مصيره، حسب تصاريف
القدر وفرص الاقتناص، لكن لا مناص من
شروق شمس القصاص، ولا يمكن لقاتل يحارب
أكثر من نصف شعبه، بل حتى لو ربع شعبه،
بل حتى لو خمس شعبه، بهذه القذارة
والهمجية التي لا تفرق بين شيخ وصبي
وامرأة وطفل، لا يمكن له البقاء هانئا
مطمئنا من يد قصاص تناله، ولو على حين
غرة. هذا هو المصير، بصرف
النظر عن التفاصيل، وبصرف النظر عن
هلوسات محمد حسنين هيكل أو هرطقات
الكتاب الخواجات، ناهيك عن أبواق
الأسد في لبنان والعراق وإيران، أو عن
خطب السيد حسن نصر الله العصماء، الأمر
أكبر من فصاحة المتفاصحين، أو حيل
المتحايلين. الأمر جلل وساطع. ======================== رأي
الراية ... خطاب دموي للأسد الراية 2-8-2012 بعد المجازر الأخيرة
في دمشق وحلب أطلّ علينا الرئيس السوري
بشار الأسد ليحثّ جنوده على مواصلة
الذبح والتنكيل والاغتصاب والتهجير
بحق الشعب السوري الأعزل، بدعوى أن
الجيش يخوض معركة الشرف مع عدو الشعب
السوري والأمة العربية. الأسد بخطابه الدموي
سعى لقتل كل حلٍّ عربي يُجنّب السوريين
المصير الدموي، فهو سعى لإجهاض
المساعي العربية في مجلس الأمن من أجل
تبنّي القرار العربي الهادف لتوفير
مخرج آمن له ولأسرته مقابل التنحّي
وإنهاء عذابات الشعب السوري منذ 17
شهرًا. خطاب الأسد لجنوده
إنما جاء من موقف ضعف لا قوّة فهو يُريد
أن يُطلق آخر رصاصة معه في وجه هذه
الثورة الشعبية التي اصطفّ الشعب
السوري خلفها وقدّم في سبيلها ما يزيد
على 20 ألف قتيل وهو لن يتوانى عن تقديم
المزيد إن دعت الحاجة، لذا فإن الأسد
مدرك لضعفه وانهيار الطغمة المحيطة به
فهم في آخر المطاف سيقذفون بأنفسهم من
السفينة إن هي بدأت بالغرق وسيتركونه
وحيدًا يُواجه مصيره الذي يستحق. لا شكّ أن الاختراق
الأمني الكبير الذي حققه الجيش الحر
المتمثل بتفجير مقر الأمن القومي
والنجاحات المتواصلة للثوّار في
السيطرة على العديد من المعابر
الحدودية، كذلك تطهير ادلب والريف
الحلبي من شبيحة النظام كل ذلك يقضّ
مضجع الأسد الذي ما زال يمتلك فرصة
أخيرة للنجاة بقبول القرار العربي،
فليس عليه أن يُكابر أكثر من ذلك لكي لا
يُلاقي مصير غيره من الرؤساء الذين
تجاهلوا مطالب الشعوب بالحرية فكانت
النهاية الدموية لمسيرتهم الإجرامية. الأسد يظن نفسه بمنأى
عن أي نهاية دامية طالما أوى إلى
الفيتو الروسي والصيني، ولكنه نسي أن
من خرج لطلب الحريّة لن يعود إلى بيته
دونما تحقيق هدفه، فهو على أتم
الاستعداد للتضحية بنفسه وبكل ما يملك
من أجل أن يعيش غيره من السوريين في ظل
دولة حديثة قائمة على العدل والمساواة
والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان
والتي هي أبعد ما تكون عن دولة الأسد
الإجرامية. ================= المصدر: صحيفة «غارديان»
البريطانية التاريخ: 02
أغسطس 2012 البيان يمكن القول إن الرئيس
الأميركي باراك أوباما لم يكن مصيبا في
قراره، حين دعا العام الماضي إلى إسقاط
نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو
الموقف الذي تبعته فيه بريطانيا
وحلفاء آخرون. وقد كانت أسبابه
مفهومة، وأولها أن النظام السوري كان
يتصرف بشكل مروع، وثانيها أن الولايات
المتحدة لم ترد أن تكون غائبة عن مرحلة
أخرى من مراحل الربيع العربي، لا سيما
وأن الحكومة في دمشق، خلافا لحكومة
الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لم
تكن تروق لها، وكانت ترتبط بأعدائها في
المنطقة. وثالث تلك الأسباب،
أن إسرائيل رحبت بأي شيء من شأنه أن
يضعف سوريا، ورابعها أن أوباما
ومستشاريه اعتقدوا، على الأرجح، أن
الأسد كان قد تجاوز النقطة التي تتيح
له أن يكون جزءا من أي حل. ومع ذلك، فقد كان
الاعتقاد بضرورة رحيل بشار الأسد
وأقاربه وشركائه في مرحلة من المراحل
أمرا، والتعبير عن ذلك علانية بصورة لا
رجعة فيها أمر آخر. وتمثلت النتيجة
المؤسفة لذلك في استبعاد أي إمكانية
للتفاوض بين الخصوم، وإغلاق الباب على
التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة
وروسيا، وهما الدولتان اللتان
تستطيعان، لو عملتا معا، قلب النتيجة
في سوريا. ويمكن القول،
بالطبع، إن الحكومة السورية رفضت جميع
الاقتراحات التي دعتها إلى تفهم أولئك
الذين تصفهم بالإرهابيين، وإنها قوضت
خطة عنان منذ البداية. ولكن كان يمكن للوقت
واليأس أن يغيرا ذلك، إذ يختلف موقف
حكومة الأسد الآن، ويزداد سوءا، عما
كان عليه قبل بضعة أشهر. ومع ذلك، فلم قد
يوافق النظام على التفاوض إذا كان لا
بد من جعل تصفيته أول بند من بنود
الأجندة؟ وبالمثل، فلم قد يفكر الثوار
في أي حل وسط، في الوقت الذي يشعرون بأن
القوى الغربية، فضلا عن العديد من
الحكومات في المنطقة، تقف وراءهم؟
وأخيرا، لماذا ينبغي لروسيا أن تمضي
قدما في سياسة تغيير النظام في سوريا،
في حين يعرضها ذلك لتهمة التخلي عن
حليف ويجعلها متواطئة في خطة، كما
يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،
تحد من نفوذ روسيا وسمعتها في الشرق
الأوسط؟ ولأنه لا أحد يستطيع
الحراك دبلوماسيا، فقد وصلت نيران
الحرب إلى الدرجة التي تهدد بتدمير بلد
يحتضن 24 مليون نسمة. ومن المؤكد أن
الصراع يتسبب أيضا في تمزيق نسيج سوريا
الاجتماعي، وذلك لا يقتصر على
العلاقات بين الطوائف والأديان، وإنما
يشمل العلاقات بين الطبقات، واحتمال
محاولة المتطرفين، تنظيم القاعدة
وغيره، التدخل يبدو جليا. ولا يزال هنالك
أشخاص، ومنهم أعضاء المعارضة السورية
الصغيرة الشجاعة والبعيدة عن العنف،
يعتقدون أن هناك طريقة أخرى، وهو ما
يذكرنا به بيان صدر بعد اجتماع "سانت
إيجيديو" الأخير في روما، إذ تواجه
القوى الخارجية الآن خيارين اثنين. أحدهما أن تقف متفرجة
فيما تحترق سوريا، مع مواظبة بعض
الحكومات على إمداد الثوار بالأسلحة،
وانتظار أن تؤدي الانشقاقات أو
الاغتيالات أو حركات التمرد بين
القوات المسلحة إلى إسقاط النظام. ولكن ماذا لو استمر
الأسد في الصمود؟ لأسابيع، لأشهر، بل
لفترة أطول؟ هذا هو السبب في أن
الخيار الثاني، وهو العودة إلى
الدبلوماسية وفتح أميركا وروسيا، على
وجه الخصوص، صفحة جديدة في التعامل مع
هذه المشكلة الرهيبة، يحتاج إلى أن يتم
النظر فيه. ================= رأي البيان التاريخ: 02
أغسطس 2012 البيان تجاوزت أعداد
النازحين السوريين 400 ألف إلى خارج
سوريا بحسب بيان للمجلس الوطني
السوري، ومعظم هؤلاء لجأوا إلى الدول
المجاورة، وبخاصة تركيا ولبنان
والأردن. ووفقاً لتقارير حقوقية فإن
أكثر من 200 ألف مدني نزحوا من مدينة حلب
خلال الأسبوع الماضي نتيجة المعارك
الضارية التي يخوضها الجيش الحر ضد
القوات النظامية. وبعيداً عن هذه
الأرقام، فإن الأعداد الحقيقية تفوق
ما ذكر بكثير، وتشهد سوريا حركة نزوح
دائرية نادراً ما تحدث في العالم، فمع
إحكام النظام سيطرته على طرق النزوح في
بعض المناطق، يضطر المدنيون مع
عائلاتهم إلى سلوك طريق دائري تأخذهم
في رحلة متنقلة إلى أماكن بعيدة نسبياً
عن نطاق الهدف المدفعي، وحالما تتغير
الحال يتنقلون مرة أخرى إلى ان يجدوا
أنفسهم ثانية في منزلهم. هذه الفئة هي التي لم
تسعفها حالها إلى الخروج من البلاد،
وهناك في بعض المناطق من لا يستطيع
مغادرة منزله مطلقاً نظراً لسوء
الأوضاع الأمنية، والمفارقة أن هذه
الحالة بدأت تفرض نفسها على سكان
العاصمتين، السياسية (دمشق)
والاقتصادية (حلب)، لتكون سوريا
بكاملها تحت تهديد النزوح الذي عرفه
السوريون ككلمة تخص الفلسطينيين الذين
هجّرهم الاحتلال الإسرائيلي من
أراضيهم، ولم يخطر ببالهم يوماً أن
النزوح الأكثر مرارة سيأتي على يد من
يرفع لواء محاربة إسرائيل ويتمسك
بعودة اللاجئين الفلسطينيين حتى يخال
المرء أن القضية الفلسطينية هي شأن
محلي للنظام. اليوم ينتظر
السوريون في مخيمات أقامتها حكومات
وجهات إغاثية في عدة دول، وهم يستذكرون
يومياً حال اللاجئين الفلسطينيين
والمتاعب المرهقة التي عانوا منها حتى
وصولهم إلى المخيمات، فالرحلة لا تبدأ
من المخيم بل من لحظة النزوح إليه، لأن
الهارب من القصف يجد في خروجه منجاة له
من الموت، لكن سرعان ما تبدأ العواطف
بالنيل من الرغبة في النجاة، ولتبدأ
معها أحلام العودة. ومثلهم مثل
الفلسطينيين، لم يخطر ببال النازحين
السوريين بأن الأمور ستطول، بل توقعوا
أن يستغرق الأمر بضعة شهور كحد أقصى
حتى ينالوا حريتهم. فما أشبه الحال بين
الناس المقيمين قسراً خارج أوطانهم؟. ================= معركة
حلب أم معركة سقوط النظام؟ علي حماده 2012-08-02 النهار في الايام الأولى
لبدء معركة حلب، وصفها إعلام النظام في
سوريا بأنها معركة النظام، وأصر على
تشبيهها بمعركة دمشق التي استطاعت
فيها قواته ان تحاصر الاحياء المنتفضة
وتجبر الجيش الحر على الانسحاب. وفي
هذه الأثناء قام وزير خارجية بشار
الاسد وليد المعلم بزيارة لطهران خرج
بعدها وبجانبه وزير الخارجية الايراني
ليصرّح بأن بلاده تتعرض لـ"مؤامرة
كونية" وان النظام سينتصر على
الاعداء. ثم توالت تطمينات من النظام
الى الحلفاء، او قل الايتام في لبنان،
بأن حلب ستكون ضربة كبيرة للثورة و"الجيش
الحر". مرّت الايام وسقطت فيها أكثر
من نصف احياء حلب بيد "الجيش الحر"،
وذلك بسهولة غريبة بعض الشيء، وخصوصاً
اذا ما عرفنا ان بشار كان يعتبر منذ
الايام الاولى للثورة أن حلب هي نقطة
قوته الأساسية، وان تحالفه مع
بورجوازية المدينة وعصابات الشبيحة
والتهريب والمخدرات في هذه المنطقة
كفيلة بمحاصرة اي حراك ثوري. ولذلك
شهدنا طوال الأشهر الماضية اقتصار
الحراك على المدينة الجامعية حيث
الطلاب من كل ارجاء محافظة حلب والشمال
السوري، والذين أبقوا على شعلة الثورة
في أصعب ظروف وفي مناخات صعبة جداً.
افتخر بشار بأن حلب بيده، واليوم يعيش
مرحلة فقدان حلب برمتها. ومع انه يحشد
لمعركة كبيرة في مقبل الساعات
والايام، فإن حلب كشفت الكثير من مواطن
ضعف النظام، وبيّنت حقيقة ان البيئة
التي توهم النظام انها تواليه ولن
تتزحزح هي متحركة بل متغيرة الى حد
بعيد. ولعل أهم ما كشفته حلب يتلخص
بحقيقة انه لو قيض لـ"الجيش الحر"
الحصول على تسليح متطور مضاد للدبابات
وللطائرات على علو منخفض، لانتهت
المعركة اليوم قبل الغد. ولكن يبدو ان
الضؤ الأخضر لم يصدر بعد الى الجهات
المعنية برفع مستوى تسليح "الجيش
الحر" الذي يستمد ٩٩ في المئة
من سلاحه من غنائم المعارك التي يخوضها
ضد جيش بشار. لذا عندما قالت مصادر فريق
المراقبين الدوليين بالأمس إن "الجيش
الحر" يمتلك في حلب دبابات واسلحة
ثقيلة كنا تمنينا لو زادت بالتوضيح ان
هذه غنائم المعارك. لقد وصف النظام
معركة حلب بأنها أم المعارك وانها
ستكون فاصلة. وفي المقابل، بدا الثوار
محافظين في توقعاتهم مخافة ان يكرروا
مناخات التفاؤل المبالغ فيها كالتي
اشاعوها خلال معركة دمشق الأولى إثر
تفجير مقر الامن القومي و قتل جنرالات
بشار. ولكن النظام عاد وخفض منسوب
التفاؤل بالتخلي عن وصف ام المعارك،
بالرغم من كلام وليد المعلم. واللافت
جدا ما حدث البارحة لمناسبة عيد الجيش
في سوريا حيث لم يجر اي احتفال، ولو
رمزياً، بالمناسبة، كما لم يوجه بشار
كلمة مباشرة عبر اي وسيلة اعلامية
اساسية، بل اقتصر الأمر على "أمر
اليوم" الذي نشر في مجلة الجيش،
وتحدث فيه عن "الاعداء في الظهر".
وهذا تحديداً ما يكشف حال النظام
راهناً وقد تخلّى عن مظاهر المكابرة
والنكران. بالأمس غرقت شبكة "تويتر"
بهذه التغريدة: "ليست معركة حلب، بل
معركة اسقاط النظام"! فهل تصدق تغريدات
انصار الثورة؟ ================= متى
تستحي المعارضات السورية فتتّحد؟ راجح الخوري 2012-08-02 النهار بعد اقل من 24 ساعة على
الدعوة الاميركية – التركية الى تأليف
حكومة سورية في الخارج، اعلن هيثم
المالح المنشق عن "المجلس الوطني
السوري" قيام ائتلاف باسم "مجلس
امناء الثورة السورية" كلفه تشكيل
حكومة انتقالية مقرها القاهرة! وبعد ساعات قليلة
انهمرت الانتقادات والتعليقات من
التنظيمات المعارضة وما اكثرها،
وبينها "المجلس الوطني" و"الجيش
السوري الحر" وتشكيلات عسكرية تقاتل
ضد النظام، اجمعت على ادانة هذه "الخطوة
المتسرعة" واعتبرتها "مجرد فقاعة"
او من "أرانب القبعات"! يأتي هذا التطور في
الانقسام بين المعارضين السوريين في
وقت تدور اشرس المعارك في حلب وريف
دمشق ودرعا وحمص، وكذلك مع ازدياد حدة
"القتال الدولي" في سوريا وعليها،
ليؤكد ان الفالج الانقسامي مستمر في
صفوف المعارضين السوريين، الذين بذلت
الامم المتحدة ودول كثيرة جهوداً
متواصلة منذ ما يزيد على سنة، لجمع
صفوفهم في اطار تنظيمي موحد ومتناسق
يقدم طرحاً واضحاً ومقنعاً عن نظرة
المعارضة وبرنامجها على الاقل للمرحلة
الانتقالية بعد سقوط النظام، وهو ما
يرفع من الحماسة الخارجية لتقديم
مساعدة الى المعارضة ولكن دون جدوى،
بما ينعكس سلباً على صدقية هذه
المعارضة وقدرتها على الامساك بزمام
الامور في دولة حساسة وذات اهمية
استراتيجية اقليمياً ودولياً! الآن بات من الضروري
طرح السؤال بحدة: متى تستحي هذه
المعارضات السورية المشرذمة فتتّحد
وتنظم صفوفها وتقدم للسوريين والعالم
صورة واحدة ولغة واحدة وخطة واحدة
وتصوراً واحداً وحساً واحداً وترفعاً
واحداً، لمرحلة انتقالية في انتظار
الاحتكام الى ارادة الشعب السوري في
صناديق الاقتراع احتراماً لروح
الديموقراطية التي يتغرغر بها الجميع؟
متى يتوقف المنقسمون في الخارج عن
التلطي بحجج التنوع والتعدد السخيفة
في وقت تسيل دماء السوريين انهراً في
طول الوطن وعرضه وتتشرد العائلات
ويقتل الاطفال وتنتهك الحرمات؟ لقد بذلت جهود مضنية
من السعودية وقطر وجامعة الدول
العربية، ثم من تركيا والدول
الاوروبية واميركا والامم المتحدة
لجمع صفوف المعارضات السورية المنقسمة
لكن دون جدوى وهذا امر فاضح، اولاً لأن
من المعروف ان النظام ارسل كثيراً من
معارضات "احصنة طروادة" الى داخل
صفوف المعارضين بهدف تقسيمها، وثانياً
لأن للدول حساباتها السياسية في الدعم
والتأييد، فهل يخفى كل هذا على
المعارضين الذين يتقاصفون على
الفضائيات واحياناً بحماسة معيبة
توازي وحشية القصف الذي يدك المدن
والاحياء والمنازل السورية المنكوبة؟ فعلاً، امام هول الدم
متى تستحي المعارضات السورية فتتّحد؟ ================= ياسر أبو هلالة الغد الاردنية 2-8-2012 حذر الكثيرون منذ
بداية تسلح الثورة السورية من دخول
المجاهدين إلى سورية؛ فذلك على نبل قصد
المتطوعين وحسن نواياهم، يشكل خدمة
كبرى لنظام السفاح. فهو ما انفك يردد
أساطير "الجماعات الإرهابية
القادمة من وراء الحدود"، واستخدمها
فزاعة لإخافة المواطن السوري والدول
المجاورة، وقبل ذلك وفوقه أميركا
وإسرائيل. ولا أميل إلى نظرية المؤامرة
بأن النظام استفاد من علاقاته السابقة
مع الجماعات الجهادية في العراق
وورطها وسهل دخولها إلى بعض المناطق.
وأميل إلى أن الحماسة الحقيقية،
وانهيار الأوضاع الأمنية، ووجود
الحاضنة الاجتماعية، هي ما سهل دخولهم. بالنتيجة، استفاد
النظام أيما فائدة من وجود المجاهدين
العرب الذين دخلوا الساحة متأخرين،
وصاروا عقبة أساسية في وجه التسليح
النوعي للجيش الحر، وتحديدا مضادات
الطيران والدورع. فأميركا تخشى أن توجه
تلك الأسلحة إلى إسرائيل. والمفارقة أن
ثقة إسرائيل وأميركا بالنظام السوري
تجعلهما تقبلان بوجود كل أنواع السلاح
لديه، حتى الكيماوي. وشغلهما الشاغل
اليوم هو تأمينه في حال سقوط النظام،
أي أنهما تثقان ببشار ولا تثقان ببديله. في المقابل، ثمة وجه
مشرق للأممية الثورية. واليوم، بعد أن
أصبح الجيش الحر يمتلك زمام المبادرة
ويسيطر على معظم حلب، يمكن القول إن
ثمة مناضلين يتحركون بإخلاص وفق بوصلة
إيمانهم، ويدفعون حياتهم ثمنا لذلك.
تذكر سورية اليوم بإسبانيا أيام الحرب
الأهلية؛ إذ تطوع كثير من اليسار
العالمي في الحرب ضد الجنرال فرانكو (وهو
قديس مقارنة بالسفاح بشار). وكان
الروائي العالمي إرنيست هيمنغواي
واحدا من أولئك، وألهمته تلك الحرب
رائعة "لمن تقرع الأجراس".
وبالمناسبة، لقي اليسار الأميركي عنت
الأجهزة الأمنية عندما عاد متهما
بالإرهاب والشيوعية. الأممية الثورية
اليوم إسلامية. لا نجد عالميا غيفارا
ولا هيمنغواي، المسلمون والعرب خصوصا
هم من لا يعترفون بالحدود. وقد احتفى
العالم بالأممية الثورية في حرب
أفغانستان الأولى، وكان الإعلام
الغربي يصف المجاهدين العرب بأبطال
الحرية، ولم ينقلب عليهم إلا بعد نهاية
الحرب الأفغانية. وليس صحيحا أن تلك
الأممية هي ما عرف لاحقا بـ"القاعدة"،
فقد كان المجاهدون جزءا من سياق عربي
وإسلامي يقاتلون في إطار القانون
الدولي. حتى أسامة بن لادن نفسه لم يكن
يغادر السعودية بدون إذن ولي الأمر،
حتى حرب الخليج الثانية. وتكررت تلك
الحالة في حرب البوسنة. حتى الآن، تبدو تجربة
الجهاد العالمي في سورية مطمئنة، وهي
أقرب إلى النموذجين الأفغاني والبوسني
منها إلى النموذج العراقي؛ فهي تأتي في
مناخ عالمي متعاطف مع الشعب السوري،
وفي ظل تحييد الأميركيين
والإسرائيليين. صحيح أن النظام حارس
أمين على الحدود في الجولان، وحزب الله
حارس عليها في لبنان، لكن لم نشهد
محاولات استهداف لا لقوات إسرائيلية
ولا لقوات دولية أو سفارات غربية،
والأهم من ذلك استهداف مدنيين في
الحسينيات والكنائس والأسواق. على صفحات مواقع
التواصل الاجتماعي تفاجئك صور
لمجاهدين كويتيين وسعوديين وأردنيين.
وأطرف ما شاهدت مجاهد خرج من غزة وقتل
في سورية. والليبيون الذين انتصروا على
نظام القذافي لم يتنعموا بالنفط، بل
واصلوا درب القتال في سورية.. بوصلة
أولئك هي الحرية. والسوريون المتطوعون
لا يقلون أهمية، تجد فتاة سورية كانت
تدرس في كندا تطوعت في الجيش الحر،
وآخر كان يدرس الطب في ألمانيا وترك
دراسته ليقتل في حلب. يؤمل أن يكون
الجهاديون قد استفادوا من الدرس
العراقي. ومنذ انطلاقة الربيع العربي،
يلاحظ أنهم وعوا الدرس وابتعدوا عن
الإرهاب. وعلى العموم، وفي أسوأ
أخطائهم، لا يقارنون بإرهاب النظام
وإجرامه. والنظام عندما سمح لإيران
وحزب الله وروسيا بالمشاركة في القتال
معه، عليه أن يقبل بالضيوف من العالم
كله. ================= سورية
دائماً وأبداً * رضوان السيد الدستور 2-8-2012 طمأَنَنا الرئيس
نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية
في مقابلةٍ له بجريدةالحياة قبل أيام
إلى أنه ليس معنياً ببقاء النظام
السوري أو بذهابه. وكان بوسعه القول
أيضاً: بل إنه معنيٌّ بالسلام والأمن
وحريات الناس وحياتهم بسورية كما
بلبنان! لكنه لم يفعل، إمّا ليبرِّئ
نفسَه تماماً أو لأنه كِره الملفَّ
السوريَّ لكثرة ما عانى منه بعد قيام
الثورة قبل أكثر من ستة عشر شهراً! لقد كانت العلاقة
بحافظ الأسد وأبنائه وأقاربه وأبناء
طائفته، شرفاً لمن يحظى بها. وإذا زادت
بعض الشيء – كما في حالة الميقاتي-
فإنها تعني غنائم ومناصب سياسية، إنما
طبعاً في مقابل التزاماتٍ دائمة لا
تنقضي حتى بانقضاء حياة المُنْعَم
عليه(!). ويزيد من الإحراج لميقاتي أنه
ظلَّ يتمتع بالنِعَم المتبادَلة من
جانب آل الأسد إلى ما بعد استشهاد
الرئيس الحريري والآخرين من قوى 14
آذار، وإلى ما بعد احتلال بيروت،
فالتآمر على إسقاط حكومة سعد الحريري
مع الأسد وحزب الله. ومصيبة ميقاتي أنه
بعد تشكيل حكومة” الثأر” بشهرين نشبت
الثورة السورية وتفاقمت. وما شعر
ميقاتي بإحراجٍ شديد في البداية، لأنّ
أكثرية المسؤولين عرباً ودوليين وإسر
ائيليين .. وإيرانيين وروساً، كانت ما
تزال مع الأسد، وتأمل منه الإصلاح.
والحقيقة أنهم ما كانوا يطمعون منه
بالإصلاح، بل إنما كانوا يكتفون منه
بالتوقُّف عن قتل المتظاهرين السلميين!
وما بلغ أكثر المسؤولين العرب
والأجانب بالطبع مبلغ رئيس وزراء
لبنان الحالي في تشابك العلائق مع
الأسد الابن وأقاربه وأعوانه؛ لكنّ
النظام السوري طال به الأمد، منذ
الانقلاب البعثي الأول الناجح عام 1963.
وقد حدثت تمرداتٌ علويةٌ وغير علويةٍ
ضد النظام، لكنه ما كان مرةً مهدَّداً
تهديداً حقيقياً. وبذلك فقد صار النظام
السوريُّ جزءًا من الأمر الواقع
بالمنطقة بعد نهاية الحرب الباردة.
وصيرورته كذلك ليس بالمصادفة؛ بل لأنه
استطاع تقديم خدماتٍ حُلَّى
للأميركيين والإسرائيليين منذ
السبعينات من القرن الماضي. فقد عادى
ياسر عرفات عداءً شديداً، وتنافس مع
صدام حسين على شرذمة المقاومة
الفلسطينية، وضَرب الحركة الوطنية
بلبنان، وأخر توقيع اتفاق إنهاء الحرب
عشر سنواتٍ إلى أن سنحت الفرصة في حرب
الخليج الثانية فأرسل جنوداً لمساعدة
الأميركيين في إخراج صدام من الكويت،
وحصل في مقابل ذلك على لبنان. وأقام
توازُناً مع الإسرائيليين بأن يكونوا
معاً بلبنان،وأن يدعم من جهةٍ أُخرى
المقاومة (الإسلامية الإيرانية وليس
غيرها) ضد الاحتلال الإسرائيلي! وعندما
غزا الأميركيون العراق على أثر هجوم 11
سبتمبر 2001، دخل مع الأميركيين في الحرب
على الإرهاب، واستقدم في الوقت نفسه
الجهاديين وأرسهلم إلى العراق،
ليقتلوا الأميركيين تارةً والشيعة
تارةً أُخرى مع أنه حليف إيران والشيعة
رسمياً. وما بلغ أيُّ طرفٍ
دوليٍّ من الانزعاج من آل الأسد، إلى
حدّ المطالبة أو التفكير بتغييرهم. بل
أقصى ما قاله الأميركيون منذ العام 2004
أنهم يطمحون إلى دفع النظام السوري
لتغيير سلوكه(!).وهكذا فقد استقرّ نظامٌ
للمصالح والمنافع ما تصوَّر أحدٌ في
الإقليم أو في العالم أنه يمكن تغييره.
ومن ضمن هؤلاء الأميركيون والروس
والإسرائيليون وبالطبع الإيرانيون
وحلفاؤهم وطوائفهم بالمنطقة! في
السياسة كان هذا هو الوضع عندما قامت
الثورات العربية. أمّا في الأخلاق فقد
كان الأمر مختلفاً تماماً. وأحسب أنّ
الثورات العربية كانت في أعماقها
ثوراتٍ أخلاقية على الفساد والإفساد
وانتهاك الحرمات وسفك الدم الحرام
وهتْك الشرف الحرام وأكل المال الحرام! إنّ الأمر الأخلاقي
هو وحده الذي لا يخضع لحسابات الربح
والخسارة في المنافع والمصالح. وهذا هو
ما قامت عليه الثورة السورية بعد
الثورات بتونس ومصر وليبيا واليمن.
وهذا لا يفهمه بشار وحلفاؤه في البلدان
العربية. فقد ظلَّ بشار الأسد يقول إنه
لن تحدث ثورةٌ عنده لأنّ الأميركيين
غدروا بأصدقائهم وأطلقوا الثورات، وهو
ليس من أصدقاء الأميركيين! بل أنت من
أصدقاء وأحباب كل الفرقاء مثل
الإسرائيليين والأميركيين والروس
والإيرانيين والأتراك. وأنت تتبادل
معهم المنافع والمصالح، وتعتقد أن
استقرارك واستقرارهم يخضعان
لأيديولوجيا: الاعتماد المتبادل! لكنك
لستَ صديقَ شعبك، الذي تجاوز الخَرْق
في العلائق بينك وبينه حدود السياسة
إلى حدود ومحرَّمات الأخلاق. ولذلك
أمكن للسوريين أن يثوروا، كما أمكن لهم
أن يتحملواعشرين ألف قتيل، ومليوني
مهجَّر بالداخل والخارج، فضلاً على
عشرات ألوف المعتقلين والمفقودين! في السياسة وممارسة
السلطة، يمكن الحديث عن حسابات الربح
والخسارة وتوازن القوى وأين ميزان
القوى، وفي صالح مَنْ؟ لكنّ ذلك كلَّه
يصبح ذا معنى بين الدول أو بين الأحزاب
المتنافسة. أمّا بين النظام وشعبه،
وعندما تحين الساعة( حين يقسم المجرمون
أنهم ما لبثوا غير ساعة!) فلا ميزان غير
ميزان الأخلاق. وهذا هو ميزاننا نحن
العرب جميعاً في النظر إلى سورية
وشعبها، وإلى سائر شعوب الأمة العربية. وإنه ليبلُغُ من هول
ما يحدث في سورية أن يتمنى أحدنا وسط
الغمِّ المُطْبِق لو لم يحدث من ذلك
شيء رحمةً بالأطفال والنساء والشيوخ.
ثم يؤول المرء إلى دينه وخُلُقه
وكرامته الإنسانية، فيرى أنّ هذه
الدماء هي الحدّ الفاصل بين الإنسانية
والوحشية، وبين الكفر والإيمان، وبين
العقل والجنون. هكذا تبقى سورية
العربية بالنسبة لنا دائماً وأبداً: ما
يحتضنُهُ القلب، ويفقهُهُ العقل،
وتعتزُّ به إنسانيةُ الإنسان. والذي
نرجوه من الذين لا يهمهم ما يحدث في
سورية أن يظلوا كذلك. لأنهم إن اهتموا
يكونون عندها مثلنا ومثل السوري
المعذَّب الذي قال: إنا إنسان وماني
حيوان، وكل الناس اللي حولي مثلي! نعم،
الجميع بشر إلاّ الذين يقتلون البشر،
والذين يصفقون لهم! ================= في
الربيع العربي وصيفه الإسلامي: هل ينجح
الاسد في اطفاء حرائق سوريا؟ سعيد يقطين 2012-08-01 القدس العربي عندما قام القذافي
بشن الحرب على شعبه معتبرا إياه حشرات
عليه أن يبيدها بما تراكم لديه من
أسلحة وذخائر، اعتبرنا ما قام به هذا
النظام شيئا يفوق كل تصور. ويتبين الآن
أن ما يجري في سوريا أكثر مما رأيناه في
ليبيا . فما إن خرج الشعب السوري مطالبا
بالحرية، حتى استرجع النظام السوري
ذاكرته الدموية في حماه، وأراد تسجيل
مفاخره على درعا المعزولة، فكان أن
تحولت مطالب الشعب السوري في كل سوريا،
من الحرية إلى الرحيل. كشر الأسد عن
أنيابه، وخلناه يضحك وهو يقدم روزنامة
من 'الإصلاحات' المدججة بالحديد
والنار، وخرجت 'الشبيحة' من القمقم
لترينا أصناف التعذيب والتنكيل وهي
تلتف على جماهير تخرج ليلا لتغني وتصفق
إيذانا برحيل نظام استنفذ خطابه
مشروعيته من زمان. لم تختلف الأنظمة
العربية التي خرجت عليها شعوبها
مطالبة برحيلها مظهرا أو مخبرا. فالشعب
الذي خرج مطالبا بالإصلاحات إرهابي
وموجه من القاعدة... إنها اللغة نفسها
التي استعملتها أمريكا في حربها
المباشرة على الشعب العربي والإسلامي
في العراق وأفغانستان. وتحت ذريعة
مواجهة 'الإرهاب' تخاض الحرب الإبادية.
منذ ستة عشر شهرا ورحى الحرب التي شنها
النظام السوري على شعبه تدور مخلفة
يوميا عشرات القتلى، وآلاف النازحين.
مورست في الحرب كل أصناف الأسلحة،
البرية والجوية، ويساندها الخطاب
الرسمي الذي يتحدث عن العصابات
الإرهابية الموجهة من الخارج. ومنذ أن
بدأ الجيش الحر يستقل عن أوامر القمع
النظامي، ويصطف إلى جانب الشعب الأعزل
اتخذت الحرب طابعا حول البلد بكامله
إلى بؤرة مشتعلة تلقي بظلالها على
البشر والشجر والحجر. كان التخويف من
الإرهاب والتدخل الخارجي سيد الموقف.
وكانت المهل المعطاة للنظام السوري
سواء من لدن الجامعة العربية أو الأمم
المتحدة، وكان للفيتو الروسي والصيني
دوره الكبير في إعطاء الشرعية للنظام
لإبادة شعبه. هذه الإبادة كانت مقصودة
ومضبوطة على إيقاع تنويع الموقف من
الربيع العربي وآثاره على المنطقة.
فالتفكير في إسرائيل وفي أمنها القومي
هو محدد كل المواقف بالرغم مما يسند
ذلك من خطابات ملتوية واحترازية في
الظاهر. لم يكن خافيا على
أحد، حتى من أشد المتحمسين للأنظمة
العسكرية 'الثورية' العربية ، أنها
أنظمة مخابراتية ودموية وقمعية. وكانت
مبررات الاصطفاف إلى جانبها من منظور
الحركات اليسارية والديموقراطية في
السبعينيات أنها في المواجهة مع
الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل
والأنظمة الرجعية، وأن مساندتها غير
المشروطة تصب في مسار تغيير موازين
القوى لفائدة حركة التحرر العربي؟ لكن
هذه الأنظمة، وياللمفارقة، ظلت
تستمريء هذا الموقع لإذلال شعوبها
وتجويعها وتضييق الخناق على مثقفيها
ومعارضيها، بدل أن يكون العكس، بذريعة
أنها تخوض حربا مصيرية ضد العدو
التاريخي. وصارت خرافة المقاومة
والممانعة السيف المسلط على الرقاب
المطالبة بالديموقراطية وبالإصلاح.
لكنها بالمقابل لم تكن في مستوى خوض
حرب ضد العدو، ولا حتى القيام بالرد
على الاعتداءات التي تمت على أراضيها،
بله تحرير أراضيها المحتلة؟ وباسم
احتواء بعض التنظيمات الفلسطينية على
أراضيها، ودعم المقاومة اللبنانية
ورفع التأشيرة على الدول العربية
وإتاحة العضوية لأي كاتب عربي ليكون
ضمن اتحاد كتاب العرب، ورفع شعارات
الوحدة العربية والاشتراكية كانت
سوريا تقدم نفسها رافعة للمقاومة
والتصدي والصمود. ظل هذا الوضع قائما
طيلة حكم حافظ الأسد. واستمر بعد تغيير
الدستور لفائدة الشبل الذي ظهر في
البداية بمظهر المغير للوضع. ولكنه بعد
مدة قصيرة بات أسدا لا يقل عهده صرامة
عن السابق. وعندما خرج الشعب مطالبا
بالحرية، ظننا أنه سيملك الشجاعة
السياسية ليستجيب للمطالب الشعبية،
لكنه أبان عن الطبيعة الجوهرية للنظام
والتي لا يمكن أن يفتح مجالا للحوار
والتغيير. وكان القتل اللغة الوحيدة. كل الأنظمة
الجمهورية 'الثورية' العربية، وقد باتت
ملكيات، متشابهة في موقفها من مطالب
الشعب. لذلك ظلت أمريكا، ومن يسير في
فلكها، تساند هذه الأنظمة، وإن كانت
خطاباتها الرسمية تعلن نقيض ذلك. إن ما
يهمها بالدرجة الأولى والأخيرة هو
مصلحتها التي لا تتعارض مع إسرائيل.
وأنظمة المقاومة والممانعة 'أنعم' في
مواجهتها. ولذلك ظلت إسرائيل سيدة
الموقف، وجعلها الربيع العربي تضرب
أسدادسا في أخماس. وبدا ذلك بجلاء من
موقفها من تونس وليبيا ومصر، وحتى من
سوريا. ففي الأسبوع الأول من الانتفاضة
الشعبية، وقعت اصطدامات مع إسرائيل
على الحدود في الجولان، الشيء الذي لم
يقع في كل تاريخ الممانعة؟ لكل هذه الاعتبارات،
لا تريد أمريكا والغرب، تكرار ما وقع
في العراق وليبيا وأفغانستان، وذلك
بالانخراط العسكري المباشر في سوريا.
إنها تريد مجتمعة تدمير سوريا، تماما
كما تم تدمير العراق. أما في سوريا،
فالنظام وهو يتخذ موقفا ضد الحراك
الشعبي، وما آل إليه بعد الانشقاقات
داخل الجيش، كفيل لوحده بممارسة
التدمير الذاتي عبر إشعال الحرائق في
دمشق، وتحويل سوريا بكاملها إلى حريقة.
لذلك لا بد من تركه يمارس أسديته وقد
زاد رصيد معدل ضحاياه يوميا ليتجاوز
المئة، ويتوالى النزوح بالآلاف. إنه
يقوم بما تعجز عنه أمريكا وحلفاؤها،
وعلى المستويات كافة. ولا يمكن أن يكون
للتلويح بعدم التدخل، وتشجيع
المعارضة، واجتماعات مجلس الأمن
والأمم المتحدة، والفيتو، سوى تغطيات
على النظام ليمارس حربه على معارضيه
مسلحين من الجيش الحر أو عزّل من
المتظاهرين في جمعات صارت لا تعد ولا
تحصى. الشعب السوري راق
ومتحضر. شعب مثقف وفنان. شعب يحب الحياة
ويزهو بالأمل،،، صبر كثيرا على العسف
والقمع وعد الأنفاس، باسم المقاومة.
وعندما انتفض مطالبا بالحرية، لم
يتفهمه النظام السادر في ممانعته وقد
صارت منعا للكلام والمطالبة
بالديموقراطية. خذل العالمُ الشعبَ
السوري وهو يحترق تحت نيران الظلم
والطغيان. لكن الشعب عبر عن استماتته
في الدفاع عن مطالبه العادلة كما أبان
عن شجاعة نادرة في مواجهة الآلة
الحربية والقمعية التي لم تسلم منها
أسرة سورية. أن يصبر شعب طيلة ستة عشر
شهرا أمام عجز العالم العربي والغرب
وأمريكا عن إيقاف المأساة ، فهذا دليل
على أنه سيحسم الأمر لصالحه مهما كلفه
ذلك من تضحيات. ها قد برزت يا أسد إلى
'غزالة الشعب في الوغى' وظل قلبك في
جناحي طائر؟ فهل تستطيع إيجاد حل
للمأساة التي أغرقت فيها سوريا؟ وهل
تفلح في إيقاف عجلة العنف التي تتحرك
في المدن والقرى والأرياف؟ وهل تنجح
أخيرا في إطفاء حرائق دمشق، بل وفي نزع
فتيل سوريا الحريقة؟ إن من يزرع الشوك
لا يجني سوى العاصفة. ونربأ بالجيش
الحر أن يتحول إلى أداة للدمار
والتقتيل والانتقام. فسوريا المعارضة
مطالبة بالارتقاء إلى الحلم الشعبي،
وإلى ممارسة الاختلاف بطريقة حضارية،
تبين المستوى الحقيقي للشعب السوري،
وما يزخر به من طاقات ومؤهلات، تمكنه
من الخروج من العاصفة ظافرا وقادرا على
الحفاظ على سوريا عملاقة، وشامخة،
تنبت كل الثمار والفواكه التي تحمل
أسماء أريافها ومدنها العريقة
والأصيلة. ================= رأي القدس 2012-08-01 القدس العربي
اقدام اشخاص محسوبين
على الجيش السوري الحر على اعدام
مجموعة من عشيرة بري الحلبية الموالية
لنظام الرئيس بشار الاسد وبطريقة
دموية كان امرا صادما بكل ما تعنيه هذه
الكلمة من معنى. من شاهد شريط الفيديو
الذي وثق عملية الاعدام هذه، وظهر فيه
رجال مسلحون يقتادون رجالا الى مكان
يضم آخرين يهتفون للجيش السوري الحر،
ثم يلتفون حول رجل وقد غطت الدماء
وجهه، ويوقفونه على الحائط مع آخرين
ويطلقون عليهم النار جميعا وسط
الهتافات والتكبيرات ثم يقطعون جثة
الرجل زعيم العشيرة، من شاهد هذا
المشهد الدموي يشعر بالاسى والحزن في
الوقت نفسه، ليس تعاطفا مع الضحايا
وانما استياء من هذه الطريقة
الانتقامية البشعة. النظام السوري ارتكب
مجازر اكثر دموية، وشبيحته اقدموا على
ممارسات واعدامات اكثر بشاعة لا شك في
ذلك ولا جدال، ولكن من المفترض ان يقدم
الجيش السوري الحر وكل فصائل المعارضة
السورية الاخرى نموذجا اخلاقيا
مختلفا، بل نقيضا للنظام وممارساته. سورية الجديدة من
المفترض ان تتأسس على قيم العدالة
والرأفة والانسانية والاحتكام
للقانون، والترفع على الاحقاد
والنزعات الانتقامية، وتقديم امثلة
اكثر حضارية وانسانية. وربما يحاجج البعض
تبريرا لهذه الاعدامات، بان الجيش
السوري الحر يخوض حربا، وان المعدومين
وقفوا الى جانب النظام وحاربوا في صفه،
واعلنوا العداء للثورة، ولا توجد
معتقلات او محاكم تحت سيطرة الجيش
الحر، وهذا كله صحيح ولكن لماذا هذا
التغول في سفك الدم وامام العدسات،
والتمثيل في الجثث وتقطيعها، وتعرية
اصحابها وربما هتك اعراضهم؟ هناك معسكرات للجيش
السوري الحر في تركيا ومناطق تحت
سيطرته على الاراضي السورية، ويمكن
الاحتفاظ بهؤلاء فيها ريثما تتم
محاكمتهم بطريقة حضارية، ووفقا
للقانون. لا نستبعد ان يتهمنا
البعض من الذين ينتمون الى الجيش
السوري الحر، او اولئك الذين فقدوا ابا
او ابنا او اختا او شقيقا على ايدي رجال
النظام باننا مثاليون، او نتحدث بلغة
المستشرقين، لانهم ينطلقون من نزعة
انتقامية، ولكن هذا الاتهام مردود
عليه بالقول ان الاسلام دين العدالة،
والمعاملة الطيبة للاسرى، ولنا في
رسولنا صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة،
وعلينا ان نتذكر ان الناصر صلاح الدين
لم يدخل التاريخ فقط لانه حرر القدس
وانما ايضا لانه قدم نموذجا مشرفا في
معاملته للاسرى من الصليبيين ما زالت
تتغنى به الادبيات والكتب في بلاد
الفرنجة، ويدرس في الجامعات. ان مثل هذه النزعة
الانتقامية التي يراها البعض مبررة
ومشروعة، توفر الحجج والذرائع للنظام
وميليشياته للاقدام على اعمال مماثلة،
وهو الذي لا يحتاج اساسا الى مثل هذه
الذرائع. ندرك جيدا، انه في
غمرة الصراع الدموي الدائر حاليا في
سورية، وارتفاع مستويات الغضب والرغبة
في الانتقام الى اعلى الدرجات، سيخرج
علينا من يختلف معنا، ويعارضنا، ويلقي
علينا محاضرات طويلة حول جرائم النظام
ومجازره، ولكن ردنا الواضح والثابت هو
بالقول ان اخلاق الثوار وممارساتهم
يجب ان تكون مختلفة، وتعكس اعلى درجات
ضبط النفس، وكظم الغيظ، واحترام
الاسرى وحماية ارواحهم.
================= سورية
وإيران: من معركة حلب إلى الحرب ضد «المؤامرة
الكونية» الخميس ٢
أغسطس ٢٠١٢ عبدالوهاب
بدرخان الحياة اختار كوفي انان لحظة
دوي المدافع في حلب ليُسمِع صوته
قائلاً إنه كان «كبش فداء» للدول
الكبرى التي عهدت اليه بمهمة لا تريد
لها النجاح أصلاً. لعله ظن أن هناك من
سيهتم لوسيط لم يحسن إبداء الاهتمام
بالشعب السوري وأدار مهمته كما لو أنها
موجهة الى تلميع النظام السوري
وتمكينه من التحكّم بعمل بعثة
المراقبين الدوليين. فكما اكتشفت
الجامعة العربية أن محمد الدابي كان
فخّاً، وقعت الأمم المتحدة بدورها في
فخ روبرت مود، ففي سياق تقويم المهمة
وأسباب إخفاقها يلقي فريق انان باللوم
على تفاهمات مود مع أجهزة النظام
وتقاريره غير الواقعية. وعلى رغم أن مهمة
انان صارت، مثل مستقبله، أي وراءه، إلا
أن الطرف الذي لا يزال متمسكاً بها هو
الذي أفشلها فعلاً، أي النظام السوري
نفسه. اذ أكد وليد المعلم، متحدثاً من
طهران، احدى عاصمتين مع موسكو يستطيع
مسؤول سوري زيارتهما هذه الأيام،
التزام حكومته تطبيق خطة المبعوث «الدولي
- العربي»، خصوصاً أنها في رأيه تحقق
أمرين: منع التدخل الخارجي وتغليب الحل
السياسي للأزمة... وطالما أن المرشحين
لـ «التدخل الخارجي» لا يزالون محجمين
عنه، فأي «حل سياسي» يُرتجى من حاكم
يدكّ عاصمتيه السياسية والاقتصادية؟
تأتي الاجابة من علي أكبر صالحي، الذي
اعتبر أن حكومة انتقالية أو نقلاً
منظماً للسلطة «ليس سوى وهم» وطالب
بمنح الحكومة السورية «فرصة لتنفيذ
الاصلاحات». من الواضح أن وزير
الخارجية الايراني هذا لم يدرك أن تلك
الاصلاحات لم تكن أيضاً سوى وهم، ومع
ذلك يريد أن يبيعه للشعب السوري
وللعالم. ما الذي دعا دمشق الى
إيفاد وزير الخارجية الى ايران في هذا
التوقيت؟ ليقول وليد المعلم إن النظام
أخمد معركة دمشق وأنه في سبيله الى حسم
معركة حلب، التي اعتبرتها أبواقه «أم
المعارك» وأنه بعدها سيسيطر مجدداً
على كل البلد، فمَن يريد بعدئذ محادثته
في «حل سياسي» فليتفضّل، لكن عليه أن
يمرّ بطهران هذه المرّة. صحيح أن
النظام مطمئن عموماً الى دور روسيا
التي استطاعت تعطيل مجلس الأمن
لمصلحته ولا تزال تحاول مع الولايات
المتحدة للمضي في حل يقوده النظام،
لكنه مدرك أن موسكو تسانده لأسبابها
وليس اعجاباً به، لذا فهو يسعى الى
التحوّط من أي مفاجأة روسية. وما دام
النظام يعتقد أن حلب «آخر المعارك»
وأنها ستنهي مرحلة دقيقة بالنسبة
اليه، فقد حان الوقت اذاً لتفعيل دور
الحليف الايراني، بالاعتماد عليه
اقليمياً، لنقل الأزمة الى دول الجوار
وما بعدها. والوزير علي أكبر صالحي قال
إن «هناك دولاً تضع امكاناتها كافة من
أجل إضعاف سورية»، وأن «عواقب ما يحصل
في سورية ستتجاوزها الى المنطقة»... يبقى أن يتأكد النظام
السوري من صلابة بعض افتراضاته: 1 - أن
تكون طهران مقتنعة فعلاً بإمكان
انقاذه وبجدوى ذلك على المدى الطويل
اذا صحّ أنه قادر على الصمود على المدى
القصير، و2 - أن تكون واثقة بصواب
الخيارات التي اتخذها لمواجهة «المؤامرة
الكونية» عليه وبالتالي عليها، و3 - أن
تكون مستعدة الآن لتسييل استثماراتها
السياسية الاقليمية من أجله كحليف لا
بديل منه، و4 - أن تكون مؤمنة بأن انقاذه
هدف يستحق منها أن تساهم في زعزعة
منطقتي الشرق الأوسط والخليج، فكما أن
سورية و «لبنان
حزب الله» شكّلا منذ عام 2000 ذراعاً
ضاربة احتياطية دفاعاً عن ايران، فلا
بدّ لها اليوم من أن تنبري لدرء الخطر
عنهما، و5 - أن تكون موقنة بأن
الاستحقاق المتوخى يوجب عليها
المجازفة حتى لو لم يرتبط مباشرة
بأمنها الوطني وبالتحديات التي
تواجهها بسبب أزمة الملف النووي. لا شك في أن ايران
تراقب الوضع السوري وتواكبه عن كثب
وعلى كل المستويات منذ بدايات الثورة
الشعبية، وكما وصفت «الثورة الخضراء»
التي شهدتها على أثر تزوير انتخابات 2009
بأنها «مؤامرة»، فإنها لا تحتاج الى من
يقنعها بأن ثمة «مؤامرة» أيضاً في
سورية. لكن طهران تمكنت من سحق
المعارضين الايرانيين وتابعت مزاولة
سياساتها القمعية كالمعتاد، وحين هبّت
نسائم «الربيع العربي» لم تتردّد في
ادّعاء أبوّته هنا وهناك الى أن بلغ
سورية فانكشف زيف هذه الأبوة التي لم
تعد ترى في ذاك «الربيع» سوى «مؤامرة»
ينبغي إحباطها. وعلى رغم أن نظام دمشق
لم يفلح في سحق معارضيه، إلا أن ما يريح
ايران أنه لا يزال قائماً ومصمماً على
القتل والتدمير، ما يعني في عرفها وفي
ضوء تجربتها أنه قادر على البقاء
والنهوض لمواصلة الوظيفة التي حددتها
له. بديهي أن علاقته بها مختلفة نوعياً
عن علاقته بروسيا، فهي لا تملك سوى
التمسك به لعدم اتضاح معالم بدائله
المفترضة، وعلى رغم اتصالاتها المعلنة
وغير المعلنة عنها مع بعض اطراف
المعارضة، إلا أن الوقت دهمها ولم
تتمكن من بناء مصلحة وجسور معها. وقد
تكون طهران درست احتمالات القيام بـ «انقلاب
داخلي» يتيح لها فرض أمر واقع وتحريك
خيوط حل «غير عسكري»، لكن طبيعة النظام
أثبطت عزمها وفوّتت عليها مثل هذه
الفرصة، فهي اشتكت من أنه لا يطلب
نصحها إلا في اطار «الحل الأمني». يضاف
الى ذلك أنه كلما مرّ يوم، أصبحت
التنازلات المطلوبة لشراء «الحل» أكثر
صعوبة، فالنظام لا يريد التنازل، بل أن
يكون «بطل الثورة» و «بطل
الاصلاح» في آن. قد تكون طهران توقعت
أن تؤدي الأزمة السورية الى فتح ملف
المنطقة وخرائطها، لكن ليس الى هذا
الحد، فالمعطيات الراهنة تفرض عليها
مراجعة مجمل استراتيجيتها. كانت
اعتادت طوال الأعوام الأخيرة وضع
الأجندات أو التسلل اليها أو التحكّم
بها، كما أنها حاربت بالعراقيين
واللبنانيين والفلسطينيين وبتنظيم «القاعدة».
أما اليوم فهي إزاء أجندة لم تتوقعها
ومواجهة لم تخطط لها ولم تستدرجها ولم
تحدد توقيتها ولا تضمن السيطرة على
تطوراتها ونتائجها وتداعياتها على
أمنها ومشاريعها. غير أنها مدعوة الى
الانغماس فيها، فالاصطفاف الدولي بات
واضحاً، و «المؤامرة» هي «المؤامرة»،
وما دامت تصدّقها فإما أن تكسب «ورقة»
سورية أو تخسرها. لكن كيف، ولماذا؟
طبعاً ليس من أجل المقاومة والممانعة.
صحيح أن تشظي المنطقة يمكن أن يكون
لمصلحتها، مثلها مثل اسرائيل، لكن الى
متى، فإيران تنطوي أيضاً على تنوع إثني
قابل للتفجير. وما الذي يضمن أن شيعة
الخليج سيجارونها في اللعبة الجهنمية
التي يدعوها النظام السوري الى خوضها
ضد السعودية وقطر والبحرين من أجل
انقاذه في حين أنها كانت بيّتتها
لاستباق أي استهداف مباشر لها، إلا اذا
كانت تعتبر أن هذا الاستهداف حاصل
فعلاً من البوابة السورية. فيما كان مغول النظام
السوري يحاولون اقتحام حلب، قبلة مدن
الشرق، وينتهكون تاريخها وعمرانها،
ويرتكبون مجازر في معضمية الشام
ودرعا، اتفق الوزيران الايراني
والسوري على أن «المؤامرة الكونية» من
صنع اسرائيل التي تصعب تبرئتها من أي
تآمر. فهل حان الوقت لدفع «حزب الله»
الى حرب جديدة ضد اسرائيل، وهل إن دمار
لبنان يمكن أن ينقذ النظام السوري؟ ================= فايز سارة * الخميس ٢
أغسطس ٢٠١٢ الحياة خرج مئات آلاف
السوريين من سورية تحت تأثير التطورات
العاصفة التي احاطت ببلدهم في العام
ونصف العام الماضيين نتيجة اعتماد
النظام الحاكم الحل الامني العسكري في
معالجة الازمة القائمة في البلاد،
وعلى رغم ان مغادري سورية توزعوا في
كثير من بلدان العالم، فإن قسماً مهماً
منهم استقر في البلدان القريبة
لاعتبارات متعددة، ربما كان الاهم
فيها، انها كانت الاقرب الى مناطق
سكنهم، وكان بين اهلها بعض من اقاربهم
او معارفهم، وهي الانسب اليهم
اجتماعياً وثقافياً، والأقل كلفة في
موضوع الانتقال وفي تكاليف العيش
ايضاً. وفي سياق هذا الحراك
السوري، توزع قسم من سوريي المنفى
الجدد على الدول المحيطة، وفي ترتيب
ذلك ذهب القسم الاكبر من سكان الجنوب
الى الاردن، فيما اتجه سكان مناطق ريف
دمشق الغربي وقسم من سكان حمص الى
لبنان، ولجأ القسم الاكبر من نازحي
ادلب وبعض مناطق غرب حلب الى تركيا،
وغادر بعض اهالي الحسكة ولا سيما
الاكراد الى شمال العراق. غير ان السوريين
الذين غادروا الى البلدان المحيطة، لم
يسجلوا جميعاً في عداد اللاجئين الى
تلك البلدان. اذ لم يتجاوز عدد
المسجلين ما مجموعه 125 ألف لاجئ موزعين
الى: 44 ألفاً في تركيا، و39 ألفاً في
الأردن، و34 ألفاً في لبنان، و10 آلاف في
العراق. وكلهم يقاربون نحو ربع عدد
السوريين الذين غادروا الى بلدان
الجوار، ولم يتم تسجيلهم فيها، وهو حال
كثير من السوريين الذين غادروا في
العام ونصف العام الماضيين الى بلدان
اخرى، ولا سيما الى بلدان الخليج ومصر
وأوروبا هرباً من التداعيات الامنية،
لكن لا تتوافر احصاءات عن أعدادهم،
والتقديرات تشير الى ان أعدادهم
كبيرة، وفي مصر وحدها قيل ان عدد
السوريين تجاوز نصف المليون نسمة، وهي
تقديرات تقارب عدد السوريين الذين
ذهبوا الى بلدان الخليج العربية، وقد
شجع تصاعد أعداد السوريين في مصر، ان
السلطات هناك لا تفرض شروطاً على اقامة
السوريين، فيما منحت بعض دول الخليج
العربية، ولا سيما السعودية السوريين
تسهيلات استثنائية لإقامتهم هناك. لقد واجه سوريو
المنفى الجدد صعوبات كثيرة في خروجهم
وإقامتهم، وكذلك في توفير سبل الحياة
لهم، ولا سيما الفقراء الذين توجهوا
الى بلدان الجوار عبر معابر غير شرعية.
فقد غادر اغلبهم وسط ظروف شديدة القسوة
بعد ان تعرضت مناطقهم للقصف والاجتياح
والمداهمة الامنية، وفقد كثير منهم
اقاربهم وممتلكاتهم ومصادر عيشهم،
وتعرض كثير منهم الى ملاحقات وإطلاق
نار من جانب دوريات الحدود على
الجانبين ولا سيما من الجانب السوري،
ثم واجهوا صعوبات الاقامة في بلدان
اللجوء كلها بفوارق طفيفة، وكان
لافتاً موقف كل من السلطات اللبنانية
والعراقية في موضوع اللاجئين
السوريين، حيث قيّدت الاولى تحركاتهم
وضيّقت عليهم، ومنعت الثانية دخولهم
حيث اغلقت الحدود في وجههم، وتناست
حكومتا البلدين احتضان سورية الملايين
من اللبنانيين والعراقيين على مدار
العقود الثلاثة الماضية بفعل ما عاشه
البلدان من تطورات عنف داخلية وحروب
عدوانية خارجية تعرضا لها. ولم يقابل اللاجئون
السوريون بالإجحاف من جانب حكومات
الجوار فقط، بل إن دولاً كثيرة، ضيّقت
فرص سفر السوريين اليها بخاصة بعدما
اغلق الكثير منها، لا سيما الاوروبية،
سفاراته في دمشق، وصار الحصول على فيزا
للذهاب الى تلك الدول صعباً ومحدوداً،
وهو يترافق مع صعوبات الاقامة هناك،
اذا تم السفر الى تلك البلدان. وأُحيط موضوع
اللاجئين السوريين ببعض حيثيات
التجاذبات السياسية والطائفية في دول
الجوار. فقد قاربت القوى المؤيدة
للثورة اللاجئين واحتضنتهم على نقيض
موقف القوى المؤيدة للسلطات السورية
في تلك البلدان، وغالباً فإن
التجاذبات الطائفية أطلت بوجهها
القبيح في موضوع اللاجئين، حيث بدا
المسلمون السنّة اقرب الى اللاجئين،
فيما كان المسلمون الشيعة والعلويون
على الضفة الاخرى وبخاصة في لبنان
وتركيا، الامر الذي اشار الى تصاعد
الاحتدامات الطائفية في دول المنطقة. وباستثناء الظروف
السياسية والامنية السيئة، فإن الظروف
المعيشية لم تكن احسن، اذ عجزت
المنظمات الانسانية عن القيام
بمسؤولياتها في تأمين احتياجات
اللاجئين المسجلين لديها، ولم تتمكن
المنظمات الاهلية والمدنية هي الاخرى
بسبب قلة امكاناتها من تغطية احتياجات
اللاجئين من سكن وغذاء وطبابة وتعليم،
ما جعل قسماً منهم يعيش ظروفاً غير
انسانية. خلاصة القول في موضوع
سوريي المنفى الجدد، انهم ذهبوا الى
المنفى في ظروف صعبة، وأن تلك الظروف
رافقتهم في خروجهم، وأن الكثير منهم
عانوا وما زالوا يعانون في بلدان
المنفى، وأن الاعانات هي اقل من ان
تغطي احتياجات اساسية لأغلب اللاجئين
وأسرهم، وكلها تقع مسؤوليتها على
النظام الحاكم اولاً، لكنها تستدعي من
الدول، ولا سيما جوار سورية والهيئات
الدولية والانسانية التدقيق في
سياساتها في موضوع الذين يخرجون من
بلادهم في الظروف الراهنة سواء سجّلوا
في سجلات لاجئي الامم المتحدة او لم
يسجلوا. ================ امل عبدالعزيز
الهزاني الشرق الاوسط 2-8-2012 كما يقال في المثل
المصري: «اللي يخاف من العفريت يطلع له»،
ظلت الولايات المتحدة وأوروبا تصران
على رفض إمداد الجيش السوري الحر
بالسلاح، خوفا من وصوله إلى يد متطرفين
إسلاميين. من المؤسف أن النبوءة تحققت
دون أن يمد الغرب الثوار بالسلاح،
فالجهاديون موجودون في سوريا، والجيش
الحر يواجه النظام بلا سلاح نوعي. كان من المتوقع أن
المماطلة في حسم معركة الثوار مع
النظام ستعطي المتطرفين الإسلاميين من
تنظيم القاعدة وغيرهم من التنظيمات
المسلحة فرصة الدخول والتمترس داخل
الأراضي السورية، كعادة هذه الجماعات
في استيطان الأراضي المهزوزة التي
تفتقر للاستقرار الأمني. ما ذكره تقرير صحيفة
الـ«نيويورك تايمز» عن وجود للجهاديين
في سوريا، يتوافق مع ما نشاهده من
لقطات فيديو مصورة لجماعات مسلحة
استبدلت بعلم الثورة السوري العلم
الأسود الذي ترفعه الجماعات الجهادية،
كما يفسر مشهد العناصر المسلحة التي
أعلنت من معبر «باب الهوى» الحدودي مع
تركيا بعد تحريره عن إقامة دولة
إسلامية. الجهاديون موجودون،
لا مجال للإنكار، وتصريحات القيادات
العسكرية في الجيش السوري الحر تؤكد
ذلك، خاصة في إدلب وحمص، صحيح أن
وجودهم ليس جوهريا من حيث العدد،
ولكنها كتائب سيئة السمعة، مدربة،
تملك السلاح، وتقف بجانب أفراد الجيش
الحر في مواقع مقاومتهم للجيش
النظامي، وسيزداد حجم وجودهم مع كل يوم
يمضي بلا حسم. قيادات الجيش الحر ليست
راضية عن هذا الواقع، خاصة أن عناصر
الجماعات المسلحة تعلن نيتها الجهادية
لتقيم إمارة إسلامية سنية، أي أن
أهدافها تختلف عن أهداف الجيش الحر
الذي يسعى لدولة مدنية تجمع كل الأطياف. متى دخلوا ومن أين؟
ربما كان التفجير الانتحاري الذي ضرب
دمشق في العاشر من مايو (أيار) الماضي،
وقتل 55 مدنيا، أول الأحداث التي شككت
المجتمع الدولي في وجود تنظيم
القاعدة، الذي جاء من بوابات يعرفها
جيدا، وسلكها قبل ذلك من العراق ولبنان. ادعى النظام السوري
وجود هذه الجماعات المسلحة قبل أن
يوجدوا فعليا بعام كامل، حينما كانت
الثورة سلمية، ثم أصبحت مسلحة من أفراد
منشقين عن النظام، واستخدم الأسد
الطائفية ليشتت المعارضة، فقرب إليه
العلويين وقصف تجمعات السنة، وهدد
المسيحيين بهم. من المستغرب أن هذه
الخطة الأسدية فشلت مع الثوار في
الداخل، ولكنها نجحت خارج سوريا،
فهناك تعاطف سني لدى شعوب البلدان
العربية مع القضية السورية، واجتاح
الناس شعور أن سوريا أرض للجهاد
الإسلامي السني، على الرغم من أن حقيقة
الوضع السياسي لا تقول ذلك. الذين أشعلوا الثورة
السورية ليسوا جهاديين، بل كانوا
أطفال درعا الذين كتبوا بعفوية على
جدار لم يقرأه إلا بضعة من الناس «الشعب
يريد إسقاط النظام»، هؤلاء الأطفال
ليسوا جهاديين، وعشيرتهم التي ناشدت
النظام الكف عنهم وأظهرت ولاءها
للرئيس بشار حينها لم تكن تنوي فرض
المذهب السني وإقامة إمارة إسلامية،
والذين خرجوا متظاهرين 6 أشهر بعد هذه
الحادثة عراة الصدور كانوا مواطنين
عاديين مسالمين، والجيش الحر الذي
تشكل بعد ذلك كان يستهدف الثورة على
نظام قمعي متسلط أهانهم وقتل أبناءهم،
وليس الثورة على الطائفة العلوية التي
تعايشوا معها وجاوروها وصاهروها. لم تكن الآيديولوجيا
حاضرة في أهم فترات الثورة السورية
الشعبية، وهو عامها الأول. المجتمع
السوري معتدل الديانة، وبعضه علماني
على الرغم من ديانته ومذهبه. في
الواقع، في كل ثورات الربيع العربي لم
تكن الآيديولوجيا الإسلامية تحديدا
حاضرة، على الرغم مما آلت إليه الأمور
من تمكين للإسلاميين في سدة الحكم،
وهذا من أظهر الدلائل على هبوط منحنى
الفكر الإسلامي بعد أن وصل لقمته،
بداية القرن الحالي. الجيش الحر المعترف
به من دول العالم ليس جيشا جهاديا،
بدليل أنه يحمل تركيبة ممزوجة من السنة
والعلويين والمسيحيين، والحديث عن
إمارة إسلامية سنية هو حديث جاء مؤخرا
ومتأخرا بعد أن أسس الثوار السلميون
قاعدة عريضة لهم من التعاطف والدعم
العالمي. الشام ليس شام السنة،
كما تردد بعض الكتائب المسلحة التي
دخلت سوريا بعدما نجحت المعارضة في فرض
حضورها على المشهد، كما أنه لا المجلس
الوطني ولا الجيش الحر يقبلون بهذه
النزعة المتطرفة، بل إن الكل يجمع على
أهمية التوافق الوطني، ويد الأسد التي
بطشت بالسوريين لم تترك أيا من فئات
المجتمع بلا ألم أو فقدان. عشوائية
القصف للأحياء السكنية لم تدع مجالا
للشك في أن ضحايا بشار الأسد هم كل
المجتمع السوري؛ فالقنابل التي تدك
المنازل لم تسأل صاحب البيت عن مذهبه
الديني، وكما هدمت الصواريخ المساجد
فقد دكت الكنائس وشردت العلوي والسني
والدرزي والمسيحي، وحتى المدن
المعروفة بخصوصية دينها أو مذهبها لا
تعني خلوها من غيرهم. ولنتذكر أن من
الطائفة العلوية من يحمل حسا وطنيا
عاليا أبى عليه أن يوالي نظاما اختار
أن يوغل في الدم، وأن هذه الطائفة لا
يمكنها أن تعرض تاريخها للتلوث أو
مستقبلها للخطر من أجل المراهنة على
رجل فاشل. الحقيقة أنه لا
الطائفة ولا الجماعة ولا القبيلة
تستطيع أن تواري سوأة طاغية أو تنظف
وجهه المتسخ بالإجرام، لم نرَ ذلك مع
صدام حسين ولا القذافي، ولا قبل ذلك مع
تشاوشيسكو رومانيا، أو بينوشيه تشيلي،
أو ميلوسوفيتش صربيا، فالطغاة يموتون
فرادى، بلا عصبة. ================= المثلث
«الحدودي» غدا ملتهبا.. والحرب
الإقليمية قد تشتعل في أي لحظة! صالح القلاب الشرق الاوسط 2-8-2012 مع أن الأضواء كلها
مركزة ومسلطة، في هذه الفترة، على «حلب»
وجوارها، التي باتت تعتبر البؤرة
الساخنة على خريطة الأزمة السورية،
فإن الحدث المرتقب الأخطر سيكون في ذلك
المثلث الذي غدا ملتهبا، والذي قد
تنطلق منه شرارة الحرب الإقليمية
المتوقعة، وهو مثلث نقطة تلاقي الحدود
التركية - العراقية - السورية في أقصى
شمال شرقي سوريا على نهر الخابور، حيث
إن هناك ما يسمى معبر إبراهيم بالقرب
من مدينة زاخو المعروفة. كانت البداية لجوء
نظام بشار الأسد إلى الانسحاب من عدد
من المدن والبلدات ذات الأغلبية
الكردية في أقصى الشمال الشرقي من
سوريا، مثل المالكية والقامشلي
وعامودا والدرباسية ورأس العين وعين
العرب وعفرين، وتسليمها إلى ميليشيات
حزب العمال الكردستاني التركي
المتحالف مع امتداد شكلي لحزب الاتحاد
الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه
الرئيس العراقي جلال طالباني، والذي
كان قد عانى من انشقاق كبير بقيادة
نوشيروان مصطفى تقوم طهران حاليا
بلملمته من قبيل زيادة الضغط الذي
يتعرض له الآن الزعيم الكردي مسعود
بارزاني، لاتخاذه موقفا من الأزمة
السورية يتعارض مع الموقف الإيراني
ومع موقف رئيس الوزراء العراقي نوري
المالكي وموقف رئيس الجمهورية
العراقية. وإزاء هذه الخطوة
الخطيرة جدا، التي أقدم عليها نظام
بشار الأسد بسحب وحدات جيشه النظامي من
هذه المناطق الآنفة الذكر ذات
الأغلبية الكردية، وتسليمها تسليم
اليد لميليشيات حزب العمال الكردستاني
التركي، التي تعتبر متجذرة في تلك
المنطقة، فقد ساد اعتقاد لدى من لا
يعرفون حقائق ما بات يجري في هذه
المنطقة بعد انفجار الأزمة السورية،
أن كل ما في الأمر أن النظام السوري
أراد أن يضغط على أطراف أصابع رجب طيب
أردوغان، وأنه أراد أيضا أن يرمي بكرة
اللهب هذه في أحضان المعارضين
السوريين، كما أراد أن يقول للشعب
السوري إنه هو وليس غيره ضمانة وحدة
البلاد بينما «المعارضة» تسعى لتمزيق
وحدتها الوطنية! لكن ثبت، بعد تلك
الزيارة الأخيرة التي قام بها وليد
المعلم إلى طهران ثم إلى بغداد، وبعد
التصريحات التي أدلى بها هناك حيث ذكر
بمعاهدة الدفاع المشترك الإيرانية –
السورية، وبأن بلده تتعرض لحرب «كونية»!
تشارك فيها إسرائيل، أن المسألة أكبر
مما سبق ذكره كثيرا، وأن هناك ترتيبات
فعلية باتت تتشكل على الأرض في هذا
المثلث الملتهب لتدخل عسكري إيراني -
عراقي في الأزمة السورية، قد يؤدي، وهو
سيؤدي إن بقيت الأمور تسير في هذا
الاتجاه الذي تسير فيه، إلى مواجهة
مؤكدة مع تركيا التي بادرت هي بدورها
إلى المسارعة لحشد قوات إضافية على
حدودها الجنوبية والجنوبية –
الشرقية، وعلى تركيز بطاريات صواريخ
متطورة في منطقة «ماردين» المطلة على
القامشلي، وعلى كل المناطق التي
انسحبت منها قوات بشار الأسد لحساب حزب
العمال الكردستاني التركي، الذي بقي
يواصل حرب استنزاف ضد الأتراك منذ
ثمانينات القرن وحتى الآن. وحقيقة أن إيران كانت
قد حاولت وبقيت تحاول إيجاد ارتباط
أرضي بينها وبين سوريا، قبل وبعد سقوط
نظام صدام حسين في عام 2003، وكانت قد
طلبت وبإلحاح وتحت التهديد والوعيد من
مسعود بارزاني أن يوفر لها ممرا (كاريدور)
عبر إقليم كردستان العراق يوصلها
جغرافيا ومباشرة بالأراضي السورية
بمنطقة المثلث الحدودي السوري -
العراقي – التركي، لكن رد الزعيم
الكردي كان رفضا مطلقا وذلك لمعرفته
بأن هذا سيشكل احتلالا إيرانيا
للإقليم الكردستاني، وأنه سيحول تلك
المنطقة إلى منطقة صراع مستمر قد يؤدي
في النتيجة إلى حرب إقليمية مدمرة،
ستكون ساحتها مناطق الأكثرية الكردية،
إن في سوريا وإن في العراق وإن في تركيا. ولهذا ولأن مسعود
بارزاني يعرف أن لجوء نظام بشار الأسد
إلى سحب قواته من معظم المناطق ذات
الأغلبية الكردية في شمال شرقي سوريا،
وتسليمها إلى حزب العمال الكردستاني
التركي وحلفائه المحليين، الذين
يشكلون امتدادا لحزب الاتحاد الوطني
الكردستاني الذي يتزعمه جلال طالباني
المتحالف مع إيران ومع نوري المالكي،
يأتي في إطار هذه التطلعات الإيرانية
المشار إليها آنفا، فقد بادر إلى إرسال
ستمائة وخمسين من أبناء هذه المنطقة
السورية الذين جرى تدريبهم في «دهوك»
في مناطق سيطرة حزبه في إقليم كردستان
العراقي ليحولوا دون سيطرة الـ«P.K.K»
وحلفائه على المناطق التي انسحبت منها
القوات النظامية السورية. وأيضا وبالتوازي مع
هذه الخطوة وكاستكمال لها أصدر مسعود
بارزاني بصفته رئيس إقليم كردستان
العراق أمرا عسكريا إلى قوات الـ«بيشمركة»
المرابطة على الحدود العراقية -
السورية في منطقة نهر الخابور بالتصدي
للقوات التي قام نوري المالكي
بتحريكها من البصرة في الجنوب إلى هذه
المنطقة في المثلث الملتهب على الحدود
المشتركة السورية - التركية –
العراقية؛ بحجة ضرورة القيام بكل
الاستعدادات، لمنع الأحداث التي تضرب
سوريا من الامتداد إلى العراق، وذلك مع
أن الحقائق كلها تشير إلى أن الهدف
الفعلي هو إيصال الإيرانيين إلى هذا
المثلث وهو تحقيق الـ«كاريدور»
الإيراني السالف الذكر؛ لربط الأراضي
الإيرانية جغرافيا عبر إقليم كردستان -
العراق بالأراضي السورية. وهنا فإن ما يجب
التوقف عنده هو أن نوري المالكي قد
بادر، بعد زيارة وليد المعلم إلى طهران
وبغداد، التي ذكر خلالها باتفاقية
الدفاع المشترك بين سوريا وإيران،
وتحدث عن أن «بلده» يتعرض لحرب كونية
تشارك فيها إسرائيل، إلى عقد اجتماع
عاجل بصفته القائد العام للقوات
العراقية المسلحة لمجلس الأمن الوطني
تقرر فيه إيصال القوات العراقية، التي
جرى نقلها على جناح السرعة من البصرة
في الجنوب، إلى الحدود السورية على نهر
الخابور، وحتى إن استدعى الأمر الصدام
العسكري مع قوات الـ«بيشمركة»
الكردستانية التابعة لرئيس إقليم
كردستان العراقي مسعود بارزاني. وهكذا فقد أصبحت
الأمور في ظل هذا كله مهيأة لاندلاع
حرب إقليمية ستبدأ بهذا «المثلث» الذي
غدا ملتهبا، لكنها ستشمل المنطقة
كلها، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار
وبكل جدية ذلك التهديد الأخير الذي
أطلقته إيران، والذي قالت فيه إنها لن
تبقى مكتوقة اليدين إذا واصلت تركيا
استعداداتها العسكرية على الحدود
السورية وبخاصة الشمالية الشرقية، وكل
هذا في حين أن ما غدا مؤكدا أن الأتراك
لا يمكن أن يقبلوا بأن يكون لحزب
العمال الكردستاني التركي أي قواعد
وأي معسكرات على الحدود المشتركة مع
سوريا، كما أنهم لن يقبلوا بأي تدخل
إيراني - عراقي عسكري مكشوف في الأزمة
السورية، وهذا يعني أن الحرب هناك في
تلك المنطقة الحساسة باتت على الأبواب
بالفعل ما دامت الأمور قد وصلت إلى هذا
الحد من السخونة ومن كل هذا التراشق
بالتهديدات المتبادلة. هناك الآن تحالف بات
واضحا بين إيران ونوري المالكي وجلال
طالباني، وهناك الآن أيضا ترتيبات
عسكرية على الأرض لتدخل إيراني - عراقي
في منطقة هذا المثلث الملتهب، قد يتعمق
كثيرا ليشمل كل الأراضي السورية إذا
غدا بشار الأسد معرضا لسقوط جدي وفعلي،
وهناك وإلى جانب هذا كله استعدادات
عسكرية تركية تدل على أن الحرب
الإقليمية أصبحت بحكم المؤكدة، هذا إن
لم تقع معجزة لتنفس هذا الاحتقان وإن
لم يوقف الإيرانيون ومعهم نوري
المالكي وجلال طالباني تدخلهم في
الشؤون السورية الداخلية، ويتراجعوا
عما أصبحوا مزمعين عليه، وأيضا إن لم
يتم طرد حزب العمال الكردستاني التركي
من الأراضي السورية ذات الأغلبية
الكردية، التي انسحبت منها القوات
النظامية السورية، وقامت بتسليمها
لهذا الحزب بالتنسيق مع الإيرانيين،
ومع رئيس الوزراء العراقي جلال
طالباني، الذي بقي يلعب دورا تآمريا
خطيرا منذ انفجار أحداث سوريا في مارس (آذار)
عام 2011 وحتى الآن. ================= الحل في
سوريا إما باتفاق أميركي ـ روسي أو
بانقلاب علوي! هدى الحسيني الشرق الاوسط 2-8-2012 في المسألة السورية،
الموقف الروسي هو الأهم، إذا شعر الروس
بأن النظام سينهار «يبيعونه»، هم
يرونه حتى الآن لا يزال واقفا على
رجليه. إنه يترنح، لكنه لم يسقط. هذا ما قاله لي مرجع
أميركي، كان عائدا لتوه من لبنان: «الكل
في لبنان يتحدث عن سوريا، لكن لا أحد
يعرف ماذا يجري بالتحديد هناك». ويعود
إلى روسيا؛ حيث سوريا هي آخر حليف لها
في المنطقة. إنها سوق مهمة لسلاحها، ثم
إن الروس لا يريدون لأسلحتهم
والتكنولوجيا أن تسقط في أيدي الثوار
والجهاديين - والسلاح لدى الجهاديين
يتنقل، وللروس جهاديوهم في الشيشان
وداغستان ودول أخرى - ويقول: «إن المؤشر
الحقيقي على أن النظام السوري على وشك
الانهيار، إذا ما بدأ الروس بسحب
مستشاريهم العسكريين». ويضيف: «يدرك
الأميركيون أن ما حصل في ليبيا هو
السبب، قلنا للروس نريد حماية
المدنيين، فاقتلعنا النظام»، رد الروس:
«نحن لسنا بجمهورية موز، لنا مصالح في
العالم وعليكم التشاور معنا». لكن ماذا بالنسبة إلى
الإدارة الأميركية؟ يقول محدثي إن
الإدارة أبلغت الدول العربية «الممولة»
للثورة السورية بعدم تمويل المتطرفين.
«لا نريد تكرار تجربة أفغانستان؛ هناك
كانت الأموال تُعطى لبرويز مشرف
والاستخبارات الباكستانية، وهؤلاء
بدورهم يعطون قسما منها لحلفائهم
الأفغان، أي: طالبان». ويحدد ما يريده
الرئيس باراك أوباما: «قال أوباما
لمسؤولي وكالة الاستخبارات الأميركية
(سي آي إيه) وأجهزة أخرى، إنه يريد
إسقاط النظام في سوريا من دون إسقاط
الدولة (في لبنان مثلا، سقطت الدولة
وبقي النظام). أوباما لا يريد أن تتأثر
المؤسسات الأمنية أو المؤسسة العسكرية.
هو يرفض تكرار تجربة العراق، لكن إسقاط
النظام من دون إسقاط الدولة أمر صعب،
وهذه هي الدوامة التي تتخبط فيها
الأجهزة». قد يكون هذا الطلب
ذريعة لعدم التدخل الفعلي،
فالانتخابات الرئاسية الأميركية لا
تسمح لأوباما بالتدخل، والمؤسسة
العسكرية، وبالذات رئاسة الأركان التي
تعقد اجتماعات مستمرة مع القادة
العسكريين الذين شاركوا في حربي
أفغانستان والعراق، لا تريد حربا
جديدة، وهي تطالب بالتريث. ويتذكر أوباما «نصيحة»
روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي
السابق، الذي قال قبل أن يغادر الوزارة:
إن أي رئيس أميركي يفكر في إرسال قوات
أميركية إلى دولة أجنبية، يجب فحص رأسه.
ثم إن أوباما وصل إلى الرئاسة لأنه
عارض الحرب على العراق! وإن كانت غارات
طائرات «الدرونز» على عهده فاقت
بأضعاف عدد غارات سلفه جورج دبليو بوش. في نظر الجيش
الأميركي، سوريا ليست ليبيا، «فيها
جيش متماسك». يقول محدثي: لنفترض أن
الأميركيين قصفوا دمشق، لدى السوريين
مراكز عسكرية وأمنية منتشرة في كل مكان
في كل المدن. قال الجيش الأميركي
لأوباما: إذا تدخلنا، سندخل في حرب،
وبالتالي سيسقط كثير من المدنيين. يوضح:
هناك تعاون استخباراتي قوي، أميركي،
فرنسي، بريطاني، شرق أوسطي حيث يجري
تدريب مجموعات في الخارج ومن ثم
إرسالها إلى الداخل مع أسلحة لتدريب
الذين يقاتلون من الداخل.. «الطريقة
المتبعة حتى الآن الضغط على النظام عن
طريق الأردن وتركيا ولبنان وعن طريق
التمويل والتسليح والمقاطعة، علّ ذلك
يضعف المؤسسة العسكرية»، إضعافها وليس
القضاء عليها. كشف محدثي أن الكل «يصلّي»
لو أن النظام تفجر من الداخل، ورأى أن
عملية دمشق كانت مدبرة من الداخل،
بمعنى أن هناك «اختراقا»، ويؤكد أن
التعاون الاستخباراتي بين سوريا من
جهة والولايات المتحدة الأميركية
والغرب من جهة أخرى قائم منذ زمن
الرئيس حافظ الأسد. ويشير إلى أن
الولايات المتحدة لا تريد أن تتأزم
علاقاتها مع روسيا بسبب سوريا، لأن هذا
الأمر يترك الروس يتساهلون مع إيران «من
هنا فإن التدخل العسكري الأميركي
المباشر صعب». ثم إن واشنطن تريد أن
تخفف من قلق الدول الخليجية وهواجسها،
فهذه الدول متخوفة من احتمال إقدام
أميركا على الاتفاق لاحقا مع إيران على
حسابها. ثم إن سمعة أميركا بأنها تتخلى
عن حلفائها بسرعة، أفقدتها مصداقيتها
مقارنة بتمسك روسيا بحلفائها حتى ولو
كانوا على خطأ. وعند الاستيضاح منه
حول ما يتردد من أن رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخطط لقصف
إيران في هذا الشهر، أغسطس (آب)، استبعد
ذلك. ويشرح أن حلفاء إيران في المنطقة
هم: سوريا والعراق وحزب الله، وكما
يعرف الجميع؛ إذا تغير النظام في سوريا
تضعف إيران.. «لكن تغيير النظام في
سوريا قد ينتج حالة مثل ليبيا، أيضا
يمكن أن يؤدي سقوط النظام السوري إلى
احتمال نشوب معركة بين السنة من جهة
والشيعة والعلويين من جهة أخرى
بمساعدة إيران. لذلك تستمر واشنطن
بتحذير كل الأطراف المشاركة في الثورة
السورية، مطالبة إياها بحماية
الأقليات من دروز ومسيحيين
وإسماعيليين، كي لا تتكرر تجربة
العراق، لأن الذبح على الهوية في سوريا
سيأتي بحزب الله إلى هناك. يتساءل محدثي عن
احتمال أن يتوصل الأميركيون والروس
إلى «اتفاق طائف» سوري؟ الروس يريدون
تكرار تجربة اليمن؛ حكومة ائتلاف
نصفها من المعارضة ونصفها من النظام،
كما أن المؤسسة العسكرية في اليمن لا
تزال بين أيدي الموالين للرئيس السابق
علي عبد الله صالح. «الروس مصرون على
اتفاق بين المعارضة والنظام، وهم
أبلغوا الأميركيين بأنهم يدركون أن
الوضع السابق في سوريا لن يتكرر، كأن
يحكم الأسد بطريقة مطلقة الصلاحيات
وسيطرة كاملة على البلاد. انتهى ذلك
الزمن». من جهة أخرى، يميل الأميركيون
والفرنسيون وبعض الدول العربية إلى
محاولة إقناع مجموعة من الضباط
العلويين بأن امتيازاتهم ستبقى
لاستمالتهم من أجل إضعاف الأسد، يقول
محدثي: «هناك اتصالات لإبراز شخصيات
علوية في المؤسسة العسكرية والأمنية،
ولطمأنتهم بأن دورهم لن يُهمش وأن مصير
الطائفة العلوية بين أيديهم، وليس بين
أيدي مجموعة الأسد». لا يعرف ما إذا
كانت هذه الاستراتيجية ستنجح، إنما
ستبقى هناك محاولات لإقناع العلويين
بأن لهم حصة في النظام الجديد «والروس
ليسوا في النهاية ضد هذه الفكرة». ولدى سؤالي عن
الأسلحة الكيماوية، اعتبر أن الاعتراف
السوري تهديد لأي تدخل أميركي أو
إسرائيلي.. «أرادت سوريا أن تقول إنها
ستوزع السلاح كما حصل عندما دخلتم
العراق، وأي سلاح!». وقال: أكدت سوريا
أن هذه الأسلحة بيد الجيش، لكننا لا
نعرف ما إذا كان (حزب الله) يعرف مكان
هذه الأسلحة. النظام السوري لن يحافظ
على هذه الأسلحة في أزمته، ويقول لنا:
تفضلوا خذوها. لهذا نحتاج إلى روسيا،
الوضع معقد والإدارة لا تريد أن تصبح
سوريا مشكلتها الآن». ثم يروي محدثي، كيف
أن زبغنيو بريجنسكي، مسؤول الأمن
القومي السابق، أبلغ البيت الأبيض
مؤخرا، بأنه «إذا قمنا بضربة عسكرية ضد
سوريا، فلننس أي اتفاق مع إيران حول
النووي». على كل، حتى موعد
الانتخابات الأميركية، لن يحصل شيء في
المفاوضات مع إيران حول برنامجها
النووي، فإيران ترفض التوصل إلى اتفاق
مع أوباما؛ إذ ما الفائدة إذا خسر؟!
وأوباما لا يريد توقيع أي اتفاق مع
إيران قبل الانتخابات، فالاتفاق يعني
رفع العقوبات وهذا يحتاج إلى
الكونغرس، ثم إن إيران تريد رفع عقوبات
يعود تاريخها إلى عام 1979. يقول محدثي: «إذا
أعيد انتخاب أوباما، فيمكن أن يعطي
الإيرانيين أكثر مما هو على استعداد
لإعطائه اليوم، هذا إذا لم تقصف
إسرائيل إيران، ولم تؤد الأوضاع في
سوريا إلى حرب إقليمية». وماذا عن القضية
الفلسطينية؛ هل ما زال أوباما
يتذكرها؟ يقول محدثي: إذا أعيد انتخابه
فقد يعين الرئيس السابق بيل كلينتون
مبعوثا خاصا للشرق الأوسط! ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 2-8-2012 كان الرئيس الأميركي
الأسبق، روزفلت، يردد مثلا أفريقيا
شهيرا يقول: «تحدث بلطف، لكن احمل عصا
غليظة»، وذلك لكي يظهر المرء أنه قادر
على تحويل كلماته إلى أفعال إذا اقتضت
الحاجة، ويبدو أن هذا ما أراد قوله
الرئيس الأميركي باراك أوباما لطاغية
دمشق بشار الأسد من خلال الصورة التي
وزعها البيت الأبيض على بعض وسائل
الإعلام، ومن بينها صحيفتنا. فقبل أول من أمس وزع
البيت الأبيض صورة تظهر الرئيس أوباما
بمكتبه البيضاوي ممسكا بعصا البيسبول
الغليظة أثناء الاتصال الهاتفي الذي
جرى بينه وبين رئيس الوزراء التركي،
والذي قيل إن الزعيمين اتفقا فيه على
تسريع العملية الانتقالية في سوريا،
التي تعني بطبيعة الحال رحيل طاغية
دمشق، فهل كانت عصا أوباما إذن رسالة
للأسد؟ بكل تأكيد نعم؛ فالصورة لم تكن
عفوية، ولم تلتقط من مقر إجازة أوباما،
بل كانت بمكتبه الرسمي، وفي السياسة،
وكما هو معروف، فإن الساسة يستخدمون كل
إيحاء، أو إسقاطة، لإرسال رسائل،
والصورة إحدى أبلغ الرسائل بالسياسة،
خصوصا إذا كان المقصود أيضا إيصال
رسالة للرأي العام. إلا أن السؤال
الأهم هو: هل يكترث الأسد بعصا أوباما؟ أشك، خصوصا أن الأسد
لم يكترث، طوال 17 شهرا، بكلام أوباما
اللطيف، فلماذا يكترث اليوم بصورة
عصا؟! فالديكتاتوريون من أمثال الأسد
لا يكترثون بصورة العصا، وإنما بوقع
ضربتها، وهذا ما رأيناه بحال صدام
حسين، ومعمر القذافي، وواشنطن أوباما
لم تذق الأسد حتى الآن لسعة النحل،
ناهيك عن العصا، ولذا فإن السؤال الآخر
الملح هو: هل ينوي أوباما فعل شيء الآن
تجاه الأسد؟ أيضا أشك، فجميع من
يتشاورون مع واشنطن باتوا على قناعة
بأن الإدارة الحالية لا تنوي فعل أي
شيء تجاه نظام الأسد قبل الانتخابات
الأميركية المقبلة بعد ثلاثة أشهر،
ولا نعلم ما إذا كان السيد أردوغان،
واعتمادا على ما يحدث على الأرض
بسوريا، قد نجح في إقناع أوباما بضرورة
التحرك الآن ضد الأسد! ربما، فكل شيء
جائز، لكن المؤكد للحظة أن حديث أوباما
اللطيف قد طال، ومن يقتل الأطفال
والنساء لا يمكن أن يفهم لغة اللطف. وبالطبع فليس
المطلوب من أوباما اليوم إرسال
طائراته وجيوشه لمقاتلة الأسد، فحتى
الثوار السوريون، لا يطالبون بذلك،
فكل المطلوب هو تزويد الجيش الحر
بالسلاح اللازم للتعامل مع الطائرات
الأسدية التي تستهدف المدنيين،
ومضادات لمواجهات الدبابات التي تعربد
بالأحياء والمدن، فمن شأن تلك الأسلحة
أن تعجل بكسر قوات الأسد الإجرامية.
والمطلوب من الرئيس أوباما اليوم،
وعبر الناتو وتحالف الراغبين
الدوليين، هو توفير المناطق الآمنة
على الحدود السورية - التركية،
والأردنية، التي ستضمن انهيار ما تبقى
من قوات الأسد. المطلوب من الإدارة
الأميركية هو أفعال، وليس أقوالا،
فإذا كانت صورة أوباما ممسكا بالعصا قد
ذكرتنا بالمثال الشهير الذي كان يردده
روزفلت «تحدث بلطف، لكن احمل عصا غليظة»،
فإن سياسة الرئيس أوباما نفسه تجاه
سوريا قد ذكرتنا أيضا بالمثال الشهير
الآخر بأميركا وهو «يقولون القول، ولا
يفعلون الفعل»! ================= حسين شبكشي الشرق الاوسط 2-8-2012 تتوجه أنظار العالم
المتابع لتداعيات الثورة السورية إلى
مدينة حلب؛ لأنها أكبر المدن السورية
وقلب البلاد الاقتصادي.. أصبحت خارج
منظومة الحكم، وباتت بشكل أو بآخر
وأكثر من 70 في المائة من أحيائها في
قبضة الجيش السوري الحر، فهو الذي يدير
المخابز والمستشفيات والمرور والدفاع
المدني والإسعاف، واحتل مراكز الشرطة
والمخابرات. حلب بقيامها بهذا
الشكل تسببت في صدمة هائلة للنظام
السوري، فهو كان «ضامنا» ومتأكدا من
ولاء حلب التام، سواء بمشايخها في
المساجد المرتبطين بشكل مباشر بمفتي
الجمهورية، أو بتجارها وصناعها الذين
كانوا ينالون من المزايا ما لا يناله
غيرهم، ومجموعة «محسوبة» من العشائر
كانوا على علاقة قوية بالمخابرات
وأجهزة الأمن، وكانوا يتولون دعم
الشبيحة وتوفيرهم حتى باتوا ضامنين
لولاء حلب وأهلها «بالقوة» والترهيب. وحلب نفسها كانت دوما
مثالا للتعايش الاستثنائي، فهي خليط
من كل الأعراق والأطياف والمذاهب. فيها
جالية مسيحية مهمة جدا قيمة وعددا،
وكذلك فيها جالية أرمنية مؤثرة
ولافتة، مع عدم إغفال الجالية الكردية
أو الإيطالية أو التركية. حلب التي أفرزت نماذج
لا تنسى من علماء الدين مثل عبد الرحمن
الكواكبي، أهم من تحدث عن الظلم
والاستبداد والطغيان، وعبد الله سراج
الدين وعبد القادر عيسى، وغيرهم، مع
عدم إغفال أسماء رنانة في عالم السياسة
كان لها المجد والتأثير، مثل رشدي
كيخيا، مؤسس حزب الشعب العريق، أو ناظم
قدسي رئيس الجمهورية في قلب عهد سوريا
الديمقراطي القصير، وسعد الله
الجابري، السياسي الاستثنائي الوطني
المخضرم الذي تسمى على اسمه الساحة
الأهم في قلب حلب. حلب لم تكتف بتقديم
هذه العينات من الناس، ولكنها قدمت أهم
رموز التجارة والصناعة والاقتصاد في
سوريا لأسر مثل ميسر والعداس والجابري
والمسلاتي وحمامي والزعيم وكيالي
وغيرهم، بل إن حلب قدمت أيضا أسماء
عظيمة في الفنون بكل أشكالها، فمن ينسى
لؤي كيالي أهم فنان تشكيلي في تاريخ
سوريا، أو صباح فخري المطرب السوري
الأشهر، وميادة الحناوي الصوت السوري
الأشهر، أو وليد إخلاصي أحد أهم روائيي
سوريا، كلهم من أبناء حلب. هذه هي المدينة
العريقة صاحبة الطراز المعماري المميز
والمطبخ ذائع الصيت. من هذه المدينة
التي سميت حلب الشهباء؛ لأن نبي الله
إبراهيم عليه السلام حلب بقرته
الشهباء فيها، واحتوت بعد ذلك إحدى أهم
القلاع في التاريخ الإسلامي، قلعة
حلب، لتصبح اليوم حلب هي قلعة الثورة،
وبمواجهتها لقوات الأسد بطائراتهم
ودباباتهم وصواريخهم وعدم تمكينهم من
دخول المدينة أبدا، كبدوا النظام
خسارة نفسية ومعنوية بالغة الخطورة
والأهمية. النظام يدرك أن سقوط
حلب في أيدي الثوار هو نهاية عملية لأي
نوع من الجدل الذي يروج له من أنه يحكم
سوريا، وأن ما يحدث فيها هو «حرب
عصابات مسلحة»، والثوار يدركون تماما
أن حلب هي الجائزة الكبرى، هي الجدار
الأعظم الذي ستسقط عليه كل حجج وأكاذيب
وأساطير ودجل نظام الأسد. وبالتالي هي
ليست فقط أم المعارك، ولكنها «المعركة»
نفسها. لم يتوقف القتال في سائر المدن
بما فيها العاصمة دمشق، وكذلك في المدن
الأخرى: درعا ودير الزور وحمص وحماه،
ولكن التركيز يبقى على المدينة الأولى
والكبرى، وخصوصا بعد نجاح الثوار في
تأمين خط حدودي متصل مع الحدود التركية
لتوصيل الأطعمة والأدوية والسلاح،
سيعطي ذلك الأمر الثوار العزيمة
والتشجيع والمدد اللازم لمواصلة
المشوار، بل الانتصار الذي يبدو قريبا
جدا. الأتراك من جهتهم
يعدون العدة على حدود سوريا بالعتاد
والجنود لأجل ضربة استباقية ضد أي حراك
كردي يجهز له السوريون والإيرانيون
لتوسيع طموح الأكراد لتأسيس دولة لهم،
وهي مسألة مستحيلة وخط أحمر بالنسبة
للأتراك. مشهد حلب الأخير هو الذي
سيكون مسمار النعش الأخير في نظام آن
أوان الخلاص منه ودفنه. حلب قيل عنها
قديما إنها بلد الطرب والكبب، ولكن من
الممكن إضافة أنها بلد الأخذ بالثأر
والكرامة. =================== رأي
الراية ...هدنة إنسانية في سوريا الراية 1-8-2012 تشير مطالبة
المفوضية الأوروبية بإقرار "هدنة"
في سوريا لإجلاء الجرحى والمدنيين،
إلى حجم المأساة الإنسانية التي بات
يعيشها الشعب السوري بسبب تواصل القتل
والعنف في المدن والبلدات السورية. النازحون واللاجئون
السوريون الذين وصل تعدادهم إلى أكثر
من مليون ونصف المليون نازح في داخل
سوريا والى أكثر من مائتي ألف لاجئ في
دول الجوار باتوا يشكلون قضية إنسانية
مؤرقة تستدعي من المجتمع الدولي ومن
المنظمات الدولية الإنسانية الضغط من
أجل فرض هدنة تمكن المدنيين السوريين
من مغادرة مناطق المعارك بدون خوف على
حياتهم خاصة بعد توارد أنباء عن
استهداف اللاجئين وقتلهم بواسطة كمائن
يقيمها جيش النظام السوري. إن تمكن المجتمع
الدولي من فرض هدنة إنسانية دون شروط
سيمكن المنظمات الإنسانية من الوصول
إلى مناطق القتال والقيام بواجبها
الإنساني في إجلاء الجرحى والمدنيين
وتقديم المساعدات الغذائية والطبية
والإنسانية للمنكوبين. عجز مجلس الأمن
الدولي عن إصدار قرار يدين العنف
والقتل في سوريا ويجبر النظام على وقف
الأعمال العسكرية في المدن والبلدات
السورية لا يبرر عدم القيام بواجبه في
فرض هدنة إنسانية استنادا إلى القانون
الدولي الذي يعتبر استهداف المدنين
بالقتل والقصف ومهاجمة المراكز الطبية
وطواقم الإسعاف واستخدام المستشفيات
كمراكز احتجاز - وهو ما يقوم به النظام
السوري - يعد جرائم حرب تستدعي
المحاسبة والعقاب. إن تواصل الاشتباكات
المسلحة في مدينة حلب بين الجيش
النظامي والمقاتلين في المعارضة
السورية يسبب حسب إحصائيات الأمم
المتحدة نزوحا جماعيا لنحو مائتي ألف
شخص من سكان المدينة، كما أن تعذر
معرفة عدد السكان المحاصرين أو الذين
بقوا داخل حلب يستدعي من مختلف
المنظمات الإنسانية سرعة التدخل
لتقديم المعونات العاجلة للنازحين
وتأمين حياة من ظلوا في المدينة وضمان
عدم تعرضهم للقتل والعنف. إن تزايد أعداد
اللاجئين السوريين إلى دول الجوار
بسبب استمرار المأساة الإنسانية في
بلادهم يرتب على دول الجوار مسؤوليات
كبيرة في تقديم العون والمساعدة لهم،
الأمر الذي يستدعي من المفوضية العليا
لشؤون اللاجئين سرعة مساندة دول
الجوار ماليا لتوفير حد أدنى من الحياة
الإنسانية للاجئين السوريين وهو ما
تفتقده العديد من المخيمات التي أقيمت
في دول الجوار لاستيعابهم، حيث لا تلبي
هذه المخيمات المعايير الدولية
الإنسانية ولا يتوفر فيها الحد الأدنى
للحياة الإنسانية الكريمة. مجلس الأمن الدولي
الذي سيجتمع خلال ساعات للبحث مجددا في
المأساة الإنسانية في سوريا مطالب
بالارتقاء فوق مصالح الدول الأعضاء
فيه ووضع صراعاته جانبا والاتفاق على
فرض هدنة إنسانية في سوريا تسمح
بالوصول إلى جميع المواطنين السوريين
وتقديم المساعدات العاجلة لهم، وهو حق
إنساني للشعب السوري لا يمكن تجاوزه أو
القفز فوقه مهما كانت المبررات. ================= تاريخ النشر:
الأربعاء 01 أغسطس 2012 د.خالص جلبي الاتحاد الخالة نور تجاوزت
الثمانين وما زالت تنتظر خروج ابنها
الرازح في سجن صيدنايا في دمشق منذ
ثلاثين عاماً. أول أمس علمتُ أن نور
توفيت ولم تحظ برؤية ابنها. قصة الخالة
نور ليست الحالة الوحيدة في سوريا.
فأنا شخصياً كنت ضيفاً على سجون "البعث"
أربع مرات. ما يشاهده الناس حالياً في
الإعلام عن الفظاعات، رأيته رأي العين
وكنت شاهداً عليه. وعليّ أن أفعل كما
فعل "خليفة" في كتابه "القوقعة...
التلصص من الداخل"، أو ما فعله محمد
الرايس في كتابه "تذكرة ذهاب وإياب
إلى الجحيم"، والذي أحببت أن أضعه
عنواناً لهذه المقالة بعد أن عكفت
يومين على قراءة مذكرات "خليفة"،
المسيحي الذي اعتقل بتهمة الانتماء لـ"الإخوان
المسلمين"، وبقي 12 سنة في سجن تدمر،
وبعدها في ثلاثة أفرع أمنية ليكمل 13
سنة و3 أشهر و13 يوماً. تحدث "خليفة" في
كتابه عن سجن تدمر وسجن عدرا. لكن السجن
الصحراوي حيث مملكة زنوبيا، له قصة
فريدة إذ تم انطلاقاً منه دفن عشرات
الآلاف من خيرة الشباب السوري وبأشنع
أنواع القتل، على نحو يستحي أمامه سجن
بوسليم في ليبيا. مات أولئك الشباب ألف
موتة قبل أن يموتوا الموتة الأخيرة.
وكانت محنة هذا المسيحي أنه تغلف في
قوقعة مزدوجة الجدار من المتشددين
الإسلاميين في الداخل حينما اكتشفوا
أنه "نصراني" فلم ينقذه إلا جوار
بعض العقلاء. والثانية صدفة قادت إلى
فتح ثقب في الجدار حيث ينام على
بطانيات قذرة مصاباً بالجرب والقمل؛
فكان يرى حفلات التعذيب والإعدامات
رأي العين، وحيث كان يتم إخراج شباب
وهم شبه عراة إلى المشانق، فلا
يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون. أعترف للقارئ أنني
غرقت في الكتاب ذي الـ375 صفحة، فأنهيته
في يومين، لكنني دخلت حالة من
الغيبوبة، وتدفقت دموعي على خدي ثلاث
مرات في ثلاث مناسبات من الكتاب. ومن القصص المروعات
التي يجدر أن تحتل قائمة أفضل الأفلام،
أشير إلى كتاب "الإخوان والثورة"
لحسن العشماوي وكتاب "السجينة"
لمليكة أوفقير، وكتاب الرايس عن "زيارة
الجحيم"، وكتاب فرانكل حول بحث
الإنسان عن المعنى في ظلمات سجن
آوسشفيتس، وكتاب "ماجلان"
لستيفان تسفايج. لقد بكيت في كتاب
القوقعة مع بكاء والد الشهداء الثلاثة
أسعد وسعيد وسعد، والذي كان ضباط
الإعدام يسخرون منه: "حجي... حجي،
أيهم تريده أن يعيش؟"، ما ذكرني
بفيلم "الاختيار" (The
Choice)
الذي جسدت بطولته الممثلة "ميريل
ستريب" حين طالباها النازيون
باختيار أحد ولديها للموت. النازيون
والفاشيون والصهاينة لا يصلحوا أن
يكونوا تلامذة متواضعين في مدرسة "البعث"
الطائفية. فهنا أيضاً كان الوالد
الحلبي مخيراً حول موت ثلاثة من أبنائه
الأربعة! رضي الرجل وفضل أن يموت أكبر
أولاده المتزوجين الاثنين أسعد وسعيد
وينجو الصغير سعد غير المتزوج؛ فلما
حانت ساعة الإعدام أخذوا أولاده أسعد
وسعيد وسعد. إن إعدام هؤلاء الثلاثة
أدخل لوثة على عقل "نسيم"، صديق
خليفة في السجن، لم يتعاف منها إلا
بالانتحار لاحقاً. ================= خشى أن
ينتقل إليه شرر من حريق الجيران لبنان: توجس من
تصعيد الجيش السوري تاريخ النشر:
الأربعاء 01 أغسطس 2012 الاتحاد مع احتدام القتال في
سوريا، يخشى كثير من اللبنانيين
امتداد النزاع عبر الحدود، الأمر الذي
يمكن أن يقلب التوازن الطائفي الهش
الذي يحافظ على تماسك البلاد، وقد
يفجّر أي تصعيد نزاعاً داخلياً دموياً
تغذيه القوى الإقليمية. وكانت الأسابيع
الأخيرة شهدت اندلاع اشتباكات بمحاذاة
الحدود، مما دق ناقوس الخطر بين
السياسيين اللبنانيين والجمهور
تحذيراً من احتمال تصعيد الجيش السوري
لهجماته العسكرية ضد البلاد بسبب
إيوائها ثواراً من المعارضة، الأمر
الذي يمكن أن يجلب تدخلات قوى إقليمية
أخرى مثل إيران وبعض دول الاعتدال
العربية. وفي هذا السياق، يقول
مسؤول أمني كبير سابق في لبنان، وافق
على الحديث شريطة عدم الكشف عن اسمه
نظراً لحساسية الموضوع: "إن العنف
يزداد سوءاً وأخذ يصبح أكثر تعقيداً"،
مضيفاً "سيكون ثمة المزيد من التدخل
السوري إذا زاد الثوار من هجماتهم". بيد أن إمكانية
امتداد النزاع السوري عبر الحدود
اللبنانية، وزعزعة استقرار المنطقة
برمتها، مقلقة أيضاً بالنسبة للولايات
المتحدة حيث قال نائب وزيرة الخارجية
ويليام بيرنز خلال زيارة قام بها إلى
لبنان في منتصف يوليو: "إن الولايات
المتحدة ما زالت قلقلة أيضاً لأن
استعمال النظام السوري للعنف ضد شعبه
يساهم في زعزعة الاستقرار في لبنان"،
مضيفاً "إننا نشدد من جديد على
مسؤولية النظام السوري في احترام
سيادة لبنان". وكان هجوم عابر
للحدود في 21 يوليو هو أكثر حادث
دراماتيكية يقع بمحاذاة الحدود، حيث
قام الجيش السوري بقصف وإطلاق النار
على قرى لبنانية قال إنها تؤوي ثواراً
سوريين، وهو ما أسفر عن مقتل اثني عشر
شخصاً على الأقل وجرح عدد هو الأكبر
منذ شهر مايو. وفي ذلك اليوم، شن الثوار
السوريون هجوماً على الجيش في بلدة
جوسيه ثم فروا عبر الحدود مسرعين إلى
التراب اللبناني. وبعدها شنت قوة من
الجيش السوري قوامها نحو 30 جندياً غارة
داخل الأراضي اللبنانية. فجُرح خمسة
عشر لبنانيا في الغارة، وأُحرق منزل
واحد من قبل الجنود السوريين. وفي هذا الإطار، يقول
وسام، وهو من سكان المنطقة ووافق على
الحديث شريطة عدم ذكر اسمه الكامل لأنه
يخشى على سلامته: "لقد اتهم السوريون
اللبنانيين بمساعدة الثوار، فجاؤوا
يطلقون النار ويغيرون على المنازل"،
مضيفاً "إن الجيش اللبناني يرى كل
الانتهاكات ولكنه لا يتدخل لأنه يريد
تجنب المواجهة". غير أن ذلك الهجوم
أثار غضباً عاماً بين خصوم الحكومة
السورية في لبنان؛ فطلب الرئيس
اللبناني ميشيل سليمان من وزارة
الخارجية إرسال رسالة شكوى رسمية إلى
السفير السوري في بيروت، الذي طالب بعض
اللبنانيين بطرده. ولكن الشكوى علقت
وسط التحالفات الطائفية والإقليمية،
وهي خاصية تميز الحياة السياسية
اللبنانية. فوزير الخارجية اللبناني،
عدنان منصور، عضو في حركة "أمل"
الشيعية التي تعتبر من أشد أنصار
الحكومة السورية؛ والرسالة التي بعث
بها إلى السفير السوري جاءت في النهاية
دون مستوى رسالة شكوى رسمية. والواقع أن البلدين
يتقاسمان تاريخاً معقداً ومضطرباً.
فلسنوات، مديدة عاملت سوريا لبنان
كإقليم تابع لها، وليس كبلد ذي سيادة.
فقد دخل الجيش السوري لبنان ظاهرياً
كقوة فصل في 1976، بعد وقت قصير على بداية
الحرب الأهلية، ولكنه لم يغادره
لقرابة ثلاثة عقود. والعديد من
اللبنانيين لديهم ذكريات قاتمة عن
الاحتلال وشبكة الاستخبارات السورية
الواسعة التي نفذت اعتقالات عشوائية
ومارست التعذيب. ومن بين الشخصيات
المحورية في النظام السوري التي تولت
الملف اللبناني آصف شوكت، الذي كان من
بين المسؤولين الكبار الأربعة الذين
قضوا في تفجير قنبلة في دمشق في 18 يوليو.
وفي 2005، طُرد الجيش السوري من لبنان
بعد اغتيال رفيق الحريري. ولكنه مازال
يدعم شبكة أمنية واستخبارية واسعة في
لبنان، يمكن أن يستعملها للمساعدة على
قمع الهجمات العابرة للحدود من
الأراضي اللبنانية. ومن المستبعد أن
يقوم السوريون بالرد بهجمات مماثلة
على جارتهم الشمالية الأكبر والأقوى،
تركيا، التي يستضيف مسؤولوها الكبار
صراحة المعارضة السياسية والعسكرية
السورية، ودعوا الأسد علانية إلى
التنحي. أما الحكومة
اللبنانية فتقول إنها تقوم بكل ما في
وسعها من أجل تأمين الحدود مع سوريا؛
وفي هذا الإطار، تم إرسال كتيبة من
الجنود لتعزيز مواقع الجيش خلال
الأسبوع الماضي. ولكن السياسيين
اللبنانيين يدركون أنهم يجلسون على
برميل بارود ، مثلما يقول بعض
المحللين؛ حيث يقول تيمور جوكسل،
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة
الأميركية في بيروت، الذي كان عضواً
ضمن فريق المراقبين التابع للأمم
المتحدة في لبنان لعدة سنوات: "لقد
قررت الحكومة اللبنانية انتهاج سياسة
عدم التدخل... فأياً يكن الجانب الذي
ينحاز اللبنانيون إليه، فإن ذلك يمكن
أن يورطهم ويخلق لهم متاعب". كما أن سوريا لديها
علاقات عميقة أيضاً مع "حزب الله"
الشيعي، الذي يعد أكثر مجموعة تسلحاً
في البلاد. ومع تدهور الوضع في سوريا،
هناك خطر أن يؤدي أي امتداد للعنف إلى
معركة شاملة بين حلفاء النظام السوري
في لبنان وأعدائه؛ ولاسيما أن الوضع
متوتر أصلاً للغاية. ففي أواخر مايو
الماضي، اختُطف 11 شيعياً لبنانياً في
سوريا في طريق عودتهم إلى الحدود
اللبنانية، وهو ما أطلق سلسلة من
عمليات إحراق الإطارات ودعوات من
الشيعة اللبنانيين إلى الانتقام من
أنصار المعارضة السورية وحلفائهم في
لبنان، إلى أن دعا زعيم "حزب الله"
إلى الهدوء. ومن غير المعروف
الجهة التي نفذت عملية الاختطاف -فمجموعات
المعارضة الأكبر في سوريا تنفي أي دور
لها في ذلك- ولكن العديد من الشيعة في
لبنان ما زالوا يلقون اللوم على الجيش
السوري الحر، الذي يعتبر معظم أعضائه
من السنة. باباك ديجانبيشيه الحدود اللبنانية -
السورية ينشر بترتيب خاص مع
خدمة «واشنطن بوست
وبلومبيرج نيوز سيرفيس» ================= «تقاطع
نيران» لسمر يزبك * معن البياري الدستور 1-8-2012 “تقاطع نيران.. من
يوميات الانتفاضة السورية” كتابٌ
للروائية السورية، سمر يزبك، صدر قبل
شهور في 300 صفحة عن دار الآداب في بيروت.
لا تجاوزَ في وصفه، هنا، بأنه نصٌّ
استثنائيٌّ في أَهميته، ليس فقط في
سرديَّته التي تُدَوِّن فيها يزبك
يومياتٍ رهيفةً في الشهور الأَربعة
الأولى للانتفاضة في بلادها، بل،
أَيضاً، لمنسوب الحرارة العالي في
الشحنة الحاضرة فيه، اللاذعةِ
بالضرورة، والبالغةِ الرفعةِ في
إِنسانيَّتها. لا مطرحَ للسياسة في
الكتاب، ولا للثرثرةِ عن الإقليميِّ
والدوليِّ والتدخل الأَجنبي، لا شيء
غير أَنفاس سمر يزبك وهي تقاوم الخوف،
وهي ترى “الدماءَ لا تأتي إِلا
بالدماء”، وهي تفكر في بيتِها بأَن
تندسَّ “في نوم القتلة” لتسأَلهم
أَسئلتها. وكذلك، وهي تشارك في مسيراتٍ
ومظاهراتٍ، وهي تهزأُ من عيون
المخبرين الذين يُراقبونها، وهي تلحظ
قناصاً على هذا البيت وآخر على ذاك
البيت، وهي تحاورُ شباناً وشابات في
لقاءات سرية، للدفعِ بوتيرة الاحتجاج
وغوث الناس، وهي في مركزٍ أَمنيٍّ
ويصوِّبُ الضابطُ عليها تهمةَ خيانةِ
طائفتها العلوية!. تتعرَّض سمر يزبك
لضربٍ وإِهانةٍ في تحقيقاتٍ تافهةٍ
معها، وتُفكر في أَثناءِ واحدةٍ منها
باستخدام سكينٍ صغيرةٍ تحتفظ بها في
صدريتِها. ويستنكرُ أَهلها وناسُ
بلدها، جبلة في بانياس، ما تقومُ به
وتنشط فيه، ويشعرُ قارئ سطورِها عن
استفظاعِ كثيرين منهم مماشاتها، وهي
العلوية، “المندسين” و”الإخوان
المسلمين”، بقرفٍ مفزعٍ مما راكمه
نظام آل الأسد من خرابٍ في الحالةِ
السورية، لمّا بنى طبقاتٍ ثقيلةً من
التربص والتحسب بين المكونين، السني
والعلوي، في المجتمع، وهو الذي ظلَّ
يزعمُ أَنه ينشدُ تحقيق الوحدة
العربية. لا نقرأُ تنظيراً في “تقاطع
نيران” في هذا الشأن، ولا تحليلا، ولا
كلاماً إِنشائياً عن سوريا الموحدة
وشعبها الواحد، بل كلاماً مستسرلاً
ينطقُ به أَصحابُه عما يجوسُ في
صدورِهم، وفي أَفهامهم ومداركهم.
نقرأُ، أَيضاً، مشاعر ضافيةً
بالوطنيةِ المحبّةِ لدى شهودٍ
تُوثِّقُ سمر يزبك مروياتِهم، ينتسبون
إِلى الطائفةِ العلوية الكريمة.
ونقرأُ شهادات آخرين، أَطباءَ وناشطين
وصحفيين وشهود عيان، من حمص وحماة
ودمشق وبانياس وغيرها، مهمٌ أَن
يقرأَها المولعون بفريةِ المؤامرةِ
الكبرى على سوريا، وبنكتةِ فبركاتِ
الفضائيات المغرضة، ليعرفوا، إِنْ
توفَّرَت لديهم النية أَنْ يعرفوا،
أَيَّ سفالةٍ ووضاعةٍ عليهما النظام
السوري، حين ينشر ميليشياتِه وشبّيحته
بين الناس، فيستسهل هؤلاءِ إِطلاقَ
الرصاص على الصدور العزلاء. فصولٌ من المأساةِ
السورية في شهورها الأولى، وقد قضى، في
غضونها بذلك الرصاص، نحو ثلاثة آلاف
سوري، بأَوامر من آصف شوكت وداود راجحة
وهشام بختيار وحسن توركماني، الذين
أَبرق كتابٌ ومثقفون وفنانون أردنيون
إِلى بشار الأَسد يعزونه فيهم، ولا
أَظن أَنَّ أيا من هؤلاء الزملاء قرأ
سمر يزبك وما وثقته، بلغة جذابة
ورائقة، من مشاهداتِها ومشاهدات
غيرها، ولم يكن قد تشكل جيشٌ حرٌّ
ومجلسٌ وطنيٌ معارض، وقبل أَن ينشطَ
التآمر العربي والدولي على سوريا
الممانعة والمقاومة. لم يقرأْ أَيٌّ من
أولئك حديث الضابط السوري للكاتبة عن
إِطلاقه النار على جسدِه ليصيرَ في
وسعه أَنْ يفرَّ من تنفيذ أَوامر القتل
إِياها. تورد سمر تفاصيلَ ومعايناتٍ
تُضيء على “انتفاضةِ شعبٍ مقهور يريد
التحرر من ذله”، وتكتبُ أَنه “يجب كسر
رواية النظام المجرم عن حقيقةِ هذه
الثورة”. أَحسبُها أسهمت مساهمةً
ثمينة في هذا، وأُشجعُ، هنا، على
قراءَة كتابِها. التاريخ : 01-08-2012 ================= رأي القدس 2012-07-31 القدس العربي تنعكس الخلافات
المتفاقمة بين جماعات المعارضة
السورية ومجالسها بشكل جلي من خلال 'حروب'
تشكيل الحكومات التي من المفترض ان
تمسك بزمام السلطة في مرحلة ما بعد
سقوط النظام الحالي. الجيش السوري الحر
اعلن امس الاول عن مشروع لتشكيل حكومة
برئاسة السيد ملهم الدروبي، وسبعة
نواب لمجلس الوزراء وواحد وثلاثين
وزيرا، وكان لافتا اختيار الدكتور
برهان غليون وزيرا للمغتربين، وعارف
دليلة للاقتصاد، وحسن عبد العظيم
للعدل، وكمال اللبواني للصحة، بينما
تم اختيار السيد عبد الباسط سيدا وزيرا
للخارجية سيرا على النهج العراقي
والمحاصصة الطائفية والعرقية التي
تحكم عمليته السياسية. مجلس الامناء الثوري
السوري الذي يضم شخصيات وطنية مستقلة
عقد اجتماعا في القاهرة امس رد فيه
بدوره بتشكيل حكومة خاصة به وكلف
المعارض المخضرم هيثم المالح بتشكيلها
من شخصيات من الداخل والخارج. وقال
السيد المالح 'كلفني الاخوة بقيادة
حكومة انتقالية بالتعاون مع المعارضة
في الداخل والخارج لان المرحلة
الحالية تتطلب منا التعاون لتشكيل
حكومة انتقالية'. الساحة السورية
المعارضة باتت تنتظر حاليا حكومات
مماثلة من كل من المجلس الوطني السوري
بقيادة السيد سيدا، والدكتور هيثم
مناع رئيس الهيئة التنسيقية حتى يكتمل
النصاب. ويبدو ان المجلس
الوطني يتردد في الدخول في هذه الحرب
في الوقت الراهن على الاقل، فقد وصف
رئيسه السيد سيدا ان خطوة السيد المالح
تشكيل حكومة انتقالية بانها خطوة
متسرعة 'كنا نتمنى ان لا تكون' مضيفا
بان 'تشكيل هذه الحكومة وغيرها يضعف
المعارضة السورية. اللافت ان حمى تشكيل
الحكومات هذه تحتدم في وقت تتصاعد فيه
المواجهات الدموية بين قوات الجيش
العربي السوري من جهة والجيش السوري
الحر من جهة اخرى للسيطرة على مدينة
حلب العاصمة الاقتصادية لسورية، وكذلك
وقوع مواجهات مماثلة في ريف دمشق
ومناطق سورية اخرى. هذه العشوائية في
تشكيل الحكومات تضعف المعارضة السورية
حتما، وتزيد من حدة الانقسامات في
صفوفها، علاوة على كونها سابقة
لاوانها، وينطبق عليها المثل الذي
يقول 'يتشاحنون على جلد الدب قبل صيده'. فالمعارضة السورية،
والشق الخارجي منها على وجه الخصوص،
تعاني مما عانت منه معظم المعارضات
العربية السابقة، اي وجود نسبة كبيرة
من الزعماء كل منهم يريد ان يكون
الاول، ووجود رهط من المستوزرين يعدون
بالمئات ان لم يكن بالآلاف، وهذا ما
يفسر كثرة الفصائل وكثرة الحكومات
الانتقالية. توحيد الصفوف،
والانضواء تحت مظلة واحدة لفصائل
المعارضة كلها، والتعايش بين مختلف
الوان الطيف السياسي والمذهبي
والعرقي، ابرز التحديات التي تواجهها
المعارضة السورية هذه الايام، وعدم
النجاح في مواجهتها، اي التحديات،
يضعف مصداقيتها في اوساط الشعب السوري
في الداخل والخارج، ويقلل من فرص
تمثيلها لهذا الشعب. ان اخطر ما يمكن
استخلاصه من كيفية تشكيل هذه
الحكومات، او بالاحرى مشاريع تشكيلها
والاسماء المقترحة للمشاركة فيها،
يتمثل في كونها تكرر الخطأ الذي وقعت
فيه المعارضة العراقية بعد احتلال
امريكا لبغداد. وسقوط نظام الرئيس صدام
حسين، اي المحاصصة الطائفية والعرقية،
وهي المحاصصة التي انعكست اولا في مجلس
الحكم، ثم جرى ترجمتها في الوزارات
وادت في نهاية المطاف الى تقسيم
البلاد، وتصاعد توجهات الفرز الطائفي
والعرقي بما ادى الى تدمير النسيج
الاجتماعي والهوية الوطنية الواحدة
الموحدة. سورية ليست بحاجة الى
حكومات وانما الى حل سياسي يضع حدا
لنزيف الدماء الراهن، ويحافظ على وحدة
البلاد الجغرافية والديموغرافية قبل
فوات الاوان. Twitter: @abdelbariatwan ================= سوريا
عند الساعة الخامسة والعشرين باسم الجسر الشرق الاوسط 1-8-2012 الوضع في سوريا بلغ
الساعة الخامسة والعشرين. وعبارة «الساعة
الخامسة والعشرون» مأخوذة عن عنوان
أشهر روايات الكاتب الروماني
كونستانتان جورجيو التي يصف فيها
أوضاع بلاده وحالة الإنسان في ظل الحكم
الشيوعي. وهو يعني بها «الساعة التي
تجاوزت الساعة الرابعة والعشرين»
الطبيعية في قياس الزمن. أي الساعة
الأخيرة التي لا تستطيع عندها لا
الرجوع إلى الوراء، ولا التقدم إلى
الأمام. وفعلا، ذلك هو أفضل
وصف لما وصلت إليه سوريا بعد سنة ونصف
من انتفاضة الشعب على النظام الذي
يحكمه منذ أربعين سنة، أسوة بما حدث في
عدة دول عربية أخرى، وسمي بالربيع
العربي. فلا النظام الحاكم قادر على
التغلب على الثورة الشعبية؛ ولا هذه
الأخيرة قادرة، حتى الآن، على الإطاحة
بالحكم.. ولا أي منهما قادر على التراجع
بعد أن سالت الدماء وقصفت المدن
بالمدافع وتشرد عشرات الألوف، خصوصا
بعد أن انقسمت الدول الكبرى والدول
الإقليمية النافذة في تأييدها للطرفين
المتنازعين، وشلت يدا مجلس الأمن
بالفيتو الروسي - الصيني. ربما كان بالإمكان،
عند اندلاع الانتفاضة الشعبية - وكانت
سلمية وإصلاحية الشعارات ورافضة لأي
تدخل خارجي - التوصل إلى حل سياسي سلمي
للأزمة، ولكن النظام الحاكم أغلق
الباب بوجه معارضيه والشعب المنتفض.
أما الحديث عن حل سياسي الآن، فهو «حديث
خرافة».. فمهما بلغت قوة النظام
العسكرية والدعم الروسي - الإيراني له،
فإن استمرارية النظام محدودة، ومن
رابع المستحيلات أن يعود إلى حكم سوريا
كما فعل طوال أربعين عاما. وقد يكون من
الصعب عسكريا الإطاحة بنظام لا يزال
حتى الآن يتمتع بقوة عسكرية ضخمة إلا
بانقلاب عسكري؛ وهو مستبعد ما دامت
قيادات القطاعات بيد العائلة والعشيرة
الحاكمتين. إلا أن الشعب الذي لجأ إلى
السلاح ليحمي نفسه ويدعم مطالبه، ووجد
تأييدا ودعما من المجتمع الدولي
والدول العربية، لا يستطيع التراجع
والاستسلام لنظام يحكمه بالنار
والحديد وبالمخابرات والسجون. في بداية الانتفاضة
الشعبية السورية حرص الطرفان
المتنازعان على رفع شعارات الإصلاح
وتلافي الحرب الأهلية والتدخل الخارجي
في النزاع. وذهبت هذه الشعارات في مهب
الريح بعد سنة ونصف من المواجهات..
فالحرب الأهلية ناشبة اليوم في سوريا،
والتدخلات الدولية والإقليمية في
المعركة على أشدها.. ولا أحد يستطيع
الجزم ما إذا كان الحل الآتي، يوما ما،
سيكون سياسيا أم عسكريا.. دوليا أم
إقليميا؛ ذلك أن الدول الكبرى والدول
الإقليمية النافذة لا تستطيع، هي
أيضا، التراجع بعد أن مضت في تأييدها
لهذا الفريق أو للآخر، إلى الحد الذي
وصلت إليه، وبعد أن باتت سوريا حلبة
صراع مكشوف بين الشرق والغرب، وبين
الدول الإقليمية النافذة. لقد قارن بعض
المعلقين بين ما يحدث في سوريا وما حدث
في لبنان في السبعينات من القرن الماضي.
ومجال المقارنة وارد نظرا لتطيف
النزاع دينيا ومذهبيا. وآخرون شبهوه
بما حدث في إسبانيا في ثلاثينات القرن
العشرين حين راحت بعض الدول الأوروبية
تدعم وتغذي هذا الفريق ضد الآخر. وفي
مطلق الحالتين، دام النزاع والقتال
سنوات، وإن اختلف أسلوب الحسم وعنوانه. ومما زاد الطين
السوري بلة المرحلة التي تمر بها
الولايات المتحدة ذات العناوين
القاتمة الثلاثة: عدم التدخل العسكري
في المنطقة، والسنة الانتخابية،
والأزمة الاقتصادية. كذلك السياسة
الجديدة التي قرر بوتين اتباعها بعد
عودته إلى رئاسة الدولة، وهي أقرب ما
يكون إلى السياسة التي كانت موسكو
تتبعها في عهد الحكم الشيوعي ووصفت بـ«الحرب
الباردة» بين الشرق والغرب. أكثر من سؤال يطرح
اليوم: سؤال حول تصعيد المواجهات
القتالية والدخول في حرب أهلية مكشوفة
ومرهونة بالنزاعات الإقليمية
والدولية، وسؤال حول موقف إسرائيل
الحقيقي مما يجري في سوريا، وسؤال حول
غموض مواقف بعض الدول العربية، وسؤال
حول العلاقة بين المشكلة النووية
الإيرانية والدور الإيراني في سوريا
والحديث عن صفقة أميركية – إيرانية -
إسرائيلية تنقذ النظام السوري أو تطيح
به. لقد اختلطت الأوراق
في هذه المنطقة من العالم وضاعت بينها
ورقة الصراع الدائر في سوريا. أما
الراهن الواضح، فهو أن روسيا مصممة على
دعم النظام السوري، ولم تكشف عن الثمن
الذي تطلبه من الغرب كي ترخي قبضتها.
والراهن أيضا هو أن إيران ماضية في
الدفاع عن النظام السوري لأنه يشكل حجر
زاوية في بناء حلمها الإمبراطوري -
الشيعي الممتد حتى البحر المتوسط. وهما
تستفيدان من ارتخاء قبضة الغرب في
المنطقة بعد تجربتي العراق وأفغانستان.
ولكن هذا الدعم الروسي - الإيراني قد
يطيل عمر الحرب الأهلية، ولن يحسمها. ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق الاوسط 1-8-2012 عندما سأل مذيع
المحطة الأميركية «إي بي سي»، الصحافي
البريطاني المخضرم روبرت فيسك، عما
يحدث في مدينة حلب، أجاب بأن صديقة
قالت له إن صديقة اتصلت بها من حلب،
وكان صوتها يصعب أن تسمعه، ولم يكن ذلك
بسبب أصوات إطلاق النار، بل لأنها كانت
في مطعم وسط حلب وفيه صوت موسيقى في
الخلفية. المعنى هنا أن قوات
الحكومة تمسك بوسط المدينة، وأن
الحياة فيها عادية، بخلاف كل الصور
والتقارير وعشرات الآلاف الذين ينزحون
من المدينة التي تدور فيها معارك من
أعظم المعارك في تاريخ الثورة السورية. طبعا، هذا هراء لكن
فيسك حر في التفتيش - كما يفعل منذ
بداية الثورة - عن أعذار وأوصاف لدعم
نظام الأسد، مختصرا انتفاضة السوريين
بأنها بفعل جماعات سلفية و«القاعدة»
وبدعم سعودي قطري. الحقيقة على الأرض
أهم من شهادات صحافيين عواطفهم مع
النظام السوري، وسيرى العالم أن حلب
ستسقط في يد الثوار، وقوات النظام
ستدحر، ثم ستلاحق وتحاصر في دمشق ثم
يسقط النظام إلى غير رجعة. هذه حقائق
الأرض وتطوراتها، وهي رغبة أغلبية
السوريين، وليست مشروعا سعوديا أو
غربيا. وما كتبه الزميل الأستاذ مشاري
الذايدي، أمس عن باتريك سيل صحيح أيضا،
باستثناء أن سيل يبقى مدافعا لينا عن
نظام الأسد، وليس مستميتا من أجله مثل
البعض الآخر. الذي حدث في منطقتنا
كبير جدا، أكبر من قدرتنا في الوقت
الحاضر على فهم كل أبعاده واستيعابه.
لعقود طويلة، كان العالم العربي متخما
برموز وشعارات نسفتها تغييرات المنطقة.
من الأسير الطليق سمير قنطار، وأديب
كبير مثل أدونيس، إلى الفنانة رغدة،
إلى زعماء حزبيين، ومؤسسات ثقافية
وإعلامية، إلى صحافيين غربيين، كل
هؤلاء تجاوزتهم الأحداث لكنهم أنفسهم
ربما لم يدركوا ذلك بعد. بعضهم يرفض،
والبعض يقبل وهناك من يحاول الاستيلاء
على الحاضر بمقاييسه الحديثة، كما
يفعل الإخوان المسلمون. وبعضهم يعيد
صياغة نفسه وينخرط مع العالم العربي
الجديد، وهذه هي الأغلبية. وهناك
متفرجون جلسوا في أماكنهم القديمة،
مثل سيل وفيسك، كما لو أن الأسد باق إلى
الأبد. غريب تمسك بعض الإعلاميين
الغربيين، وغيرهم من المثقفين،
بمواقفهم القديمة أكثر من الإعلاميين
العرب أنفسهم! ولا أتصور أن هؤلاء لا
يعرفون حقائق الثورة السورية مثلا، بل
معظمهم يعرفها أكثر من نظرائهم العرب.
حقيقة لا أدري لماذا، هل هم ضحية
علاقاتهم الشخصية الطويلة الرسمية
والشخصية، ربما. أو أنهم صاروا جزءا من
الثقافة القديمة التي قامت الثورات
ضدها، وباتوا عاجزين عن الإفلات من
ماضيهم، ماضي الأسد والقذافي ونصر
الله والمنطقة. النظام السوري حرص
منذ بداية أزمته في مطلع العام الماضي
على استمالة الإعلام الغربي من أجل
تجنب تكرار سيناريو ليبيا، لأنه كان
يعتقد أنه قادر وحده على قمع الثورة
الداخلية طالما أن الغرب كف يديه عن
التدخل العسكري. وقد مد بالفعل في
عمره، وإطالة أمد الأزمة وقدرته على
الصمود. لكنه استنفد قدرة أصدقائه
الإعلاميين وشركات العلاقات العامة،
وهو الآن يقاتل في الفصل الأخير من
الحرب. ولا نستطيع أن نلوم
كبار الكتاب والصحافيين الغربيين
المتعاطفين مع النظام السوري القديم،
مثل سيل وفيسك، فدورهم محدود في وجه
طوفان من تقارير وآراء عشرات الغربيين
الذين خاطروا بحياتهم، ودخلوا مناطق
القتال، أو تابعوا الثورة السورية
مباشرة مع النازحين والفاعلين في كل
مكان، هؤلاء هم الذين ينقلون الحقيقة
كما هي، بغض النظر عن رأيهم عن دوافع
الثورة أو دافعيها. ================= إياد شربجي * الأربعاء ١
أغسطس ٢٠١٢ الحياة في الأشهر الأولى
للثورة السورية وتحديداً في 9 آب (أغسطس)
2011 وصل إلى دمشق أبو الديبلوماسية
التركية ووزير خارجيتها أحمد داود
أوغلو حاملاً في حقيبته للأسد خطةً
تركية متكاملة للتعامل الرشيد مع
الحراك الثوري الشعبي الذي يواجه
الرئيس السوري، وتقترح الخطة - وفق ما
أعلن أوغلو حينها - التعامل مع الحراك
الشعبي وفق مبدأ «العلاج بالصدمة»
بحيث يقدّم النظام من تلقاء نفسه
مكتسبات متتالية للشارع تفوق ما كان
يطالب به في التظاهرات، وبما يشبه ضربة
استباقية تسقط كل مبرراته للثورة ضد
نظام حكمه، وتفضي في النهاية إلى تهدئة
النفوس وإعادة الأمور إلى نصابها،
فيرضى الناس بالمكاسب غير المتوقّعة،
ويستمر الأسد بحكمهم كقائد إصلاحي
يستجيب لمطالب شعبه... بل وزيادة. لكن الأسد وبدلاً من
أن يتجاوب مع تلك الوصفة - المجرّبة
تركياً - فقد رماها في وجه ضيفه، وهو ما
كان واضحاً في المانشيتات التي خرجت في
وسائل إعلامه في الصباح التالي والتي
كانت بمعظمها تتمحور حول جمل من قبيل: «لا يحق لتركيا التي
تقمع شعبها في جنوب شرقي البلاد إعطاء
دروسٍ في الديموقراطية للغير - علاج
الأزمة داخلي وسورية لن تسمح لأحد بمسّ
سيادتها الوطنية»، ثم ليخرج الأسد
ذاته بعدها في أقل من أسبوعين في حوار
مع التلفزيون السوري يوم 21 آب ليكرر
العبارات ذاتها، وليصعّد لهجة خطابه
حول المؤامرة والعصابات المسلحة و... إن المتابع سلوك
النظام السوري منذ 15 آذار (مارس) 2011
وحتى الآن صار يدرك أن بشار الأسد لم
يرفض حينها الخطة التركية، «العلاج
بالصدمة»، لأنه لم يفهمها هو، بل لأنه
اعتبر أن الأتراك هم من لم يفهموها كما
يجب. فبشار مقتنع بأن والده حافظ الأسد
هو مخترع وصاحب براءة هذه النظرية، وهو
من طبقها في شكلها الصحيح خلال تعامله
مع من ثاروا ضده من شعبه ومن
اللبنانيين والفلسطينيين، وهي ما أبقى
الأخير محكِماً قبضته على البلاد
وجوارها طيلة ثلاثة عقود. وانطلاقاً من
هذه القناعة الراسخة فإن بشار سيثبت
أنه ابن أبيه والمحافظ على مجده
ونجاحاته، وهو لن يقبل احتمال نجاح
الفهم التركي للنظرية، أمام النجاح
المطلق لطريقة فهم والده إياها. منذ بداية الثورة
اعتمد النظام السوري «العلاج بالصدمة»
أسلوباً عملياً في قمعها، فكلما شعر
بتحقيق الثوار مكسباً ما واجهه برد فعل
قوي جداً يفوق الحدث نفسه، ويصبح فيه
ما كان يُعتقد مكسباً وبالاً على
أصحابه. فالمنطقة التي تخرج
فيها تظاهرات كبيرة ترفع معنويات
الثوار يعمد النظام وبأقصى قوة
متوافرة إلى اقتحامها وتفتيتها وقمع
أهلها وإذلالهم ليتحوّل ما كان
انتصاراً بالأمس إلى هزيمة اليوم؛ هذا
تماماً ما حصل في الجامع الأموي بدمشق
عندما أصبح محرماً على الثوار بعد أول
تظاهرة خرجت من هناك في 18 آذار، وانسحب
الشيء نفسه على ساحات المحافظة في
درعا، والعاصي في حماة، والساعة في
حمص، وغيرها من ساحات الثورة التي
امتلأت بمئات الألوف يوماً وهي اليوم
تغصّ بالجنود والدبابات وصور القائد
الرمز وشعارات الانتصار له والموت
للخونة، وهو ذاته ما حدث أيضاً في بابا
عمرو التي كانت مفخرة للثورة وتحدياً
للأسد في قلب نظامه، فاقتحمها جيشه
وأعمل فيها شتى صنوف السلاح الشرعي
وغير الشرعي، ودمرها عن بكرة أبيها
ونكّل بأهلها وشرّدهم، ثم قام الأسد
ذاته – وعلى رغم كل الخطر - بزيارة
خاطفة إلى هناك برفقة كاميرات
التلفزيون فقط ليحرق قلوب الألوف
الذين كانوا يهتفون ضده هناك قبل أيام
فقط. الحدث الكبير الذي
حصل في دمشق وتمثل بمقتل عدد من رجالات
النظام الكبار يدخل السياق ذاته
تماماً، فبعد أن قضى السوريون في شكل
عام والدمشقيون تحديداً نهارهم يرقصون
فرحاً برحيل عدد من قاتليهم، جعل الأسد
ليلهم جهنّماً، وتحولت زغاريد الصباح
إلى عويل وصراخ في المساء عندما أمطر
دمشق (في سابقة تاريخية وخطيرة) بوابل
مجنون من قذائف الهاون والمدفعية
ورصاص المروحيات طيّرت الفرح من
عيونهم، وزرعت صدمة كبيرة في قلوبهم،
وماذا يكون صدمةً أكبر من التجرؤ على
دمشق بكل ما تعنيه هذه المدينة من
قداسة رمزية وتاريخية، عدا كونها
العاصمة ومعقل الأسد الأخير ومكان
سكناه، وسكنى رجالات المال والأعمال
الدمشقيين الذين حابوه كثيراً طيلة
الفترة السابقة. ما لم يدركه الأسد
حتى الآن، أن سياسة «العلاج بالصدمة»
هي تحديداً ما جعلت حفرته تزداد عمقاً
وغوصاً، أو لربما هو أدرك وندم لأنه لم
يأخذ بها بنسختها التركية المعدّلة
التي كانت لتنجيه حينها! وسواءً أدرك
أم لم يفعل، فإن الصدمة الحقيقية لبشار
الأسد ستكون عندما يجد شعبه يحطم باب
غرفة نومه في قصره بعد أن يتجاوز
بواباته وساحاته الخارجية، وهذا
تماماً ما يعنيه أن يكون الجيش الحر
اليوم يقاتل بهذا العدد والضراوة في
قلب دمشق التي كان يخرج فيها الملايين
ليهتفوا له يوماً. ================= سورية:
التعددية والمرحلة الانتقالية الأربعاء ١
أغسطس ٢٠١٢ عبدالله اسكندر الحياة في سورية اليوم عدد
غير قابل للحصر من التنظيمات والهيئات
والمجموعات والتنسيقيات والمجالس
والمنابر الخ... المنتمية إلى
المعارضة، ولو أن بعضها فرض نفسه سواء
عبر العمل السياسي أو العمل على الأرض
ضد النظام، وبات اكثر شهرة من غيره.
ويكاد المتابع أن يضيع بين الأسماء
الكثيرة التي يتداولها الإعلام، ولو
أن الشعارات الأساسية تبقى نفسها. هذا الواقع قد يبدو
مستغرباً في ظل الحملة العسكرية
الدموية التي يشنها النظام على المدن
والبلدات السورية، مع ما تحمله من
ارتكابات ومآس بشرية وخسائر مادية،
ومع ما تؤكده من استحالة التعايش مع
مثل هذا النظام الذي استعدى غالبية
الشعب السوري، ومع ما تظهره من تآكل في
نظام لا بد انه آيل إلى السقوط، بسرعة
متزايدة. أي أن وضع المعارضة
يكاد يتناسب عكساً مع وضع النظام.
فكلما اقتربت ساعة انهيار النظام
تزداد المعارضة تفتتاً وتشتتاً. في
الوقت الذي ينبغي، كما تدعو كل القوى
الإقليمية والدولية الداعمة
للمعارضة، إلى إيجاد صيغة تجمع غالبية
من اجل تشكيل البديل فور أن تتيح
الظروف ذلك. ثمة فرق جوهري بين
التعدد السياسي المطلوب، في أي بديل
ديموقراطي، يعكس تعدد المجتمع الأهلي
السوري ويعبر عنه، وبين بروز أشكال لا
حصر لها من التعبير السياسي يحاول كل
منها أن يستأثر بالقرار. التعدد
السياسي حالة طبيعية وضرورية في أي
نظام ديموقراطي وفي تشكيل صورته. لكن
هذا التشتت، وإن كان يصب في خانة
السلبيات، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعمر
النظام الحالي الذي لم يدع أي مجال
لنمو ما يمكن أن يشكل نواة لمعارضة أو
لبديل. فطارد كل فكرة أو شخصية أو هيئة،
واستخدم كل الأساليب من اجل تجفيف
منابع السياسة في المجتمع المدني
السوري. وإن تمكن النظام، عبر الاضطهاد
والقهر والسجون والفساد والشعارات
القومية الكبيرة، من فرض «استقرار»
خلال أربعة عقود لم تشهده البلاد من
قبل، فإن ذلك لم يكن ممكناً من دون
استئصال السياسة من المجتمع. واليوم مع انحسار هذا
الشكل السلطوي، تتفتح كل الأصوات
ويظهر الاعتراض على نحو ما نراه من
كثرة أشكال التعبير عنه، ولو على نحو
عشوائي. وفي مقدار ما تكون
التعددية السياسية تعبيراً عن
الديموقراطية، في مقدار ما يعبر تعدد
الأصوات في المعارضة عن الشعور
بالانعتاق من وطأة النظام وبطشه
وانحسار نفوذه. واليوم، مع ازدياد
الضغط، والحاجة أيضاً، من اجل إيجاد
صيغة أو هيئة أو شكل من التنظيم العام
ليتولى إدارة المرحلة الانتقالية،
تكثر المشاريع الطامحة إلى مثل هذه
الولاية. وهذا في ذاته مشروع، لكن
عندما يعتبر صاحب أي من هذه المشاريع
أنه وحده الممثل الشرعي والوحيد
للمعارضة، ويعلن حكومته أو هيئته
الانتقالية، يصبح التساؤل مشروعاً عن
مدى إفادة برنامج تغيير النظام من مثل
هذه التوجهات. ويبقى أن القوى
الفعلية للتغيير هي تلك العاملة على
الأرض، سواء عبر المقاومة المسلحة أو
التحرك السياسي والميداني أو العمل
الإنساني والإغاثي. أما الذين يفترضون
أن البرامج الحوارية والطلات
التلفزيونية تؤمن لهم النفوذ السياسي،
فإنهم يخلطون بين حاجة الفضائيات
لتعبئة الوقت وبين برنامج التغيير
لنظام أظهر تصميماً لا لبس فيه على
استخدام كل قوته العسكرية من اجل
البقاء. ================= النفط
والأزمة السورية بين كردستان والمالكي الأربعاء ١
أغسطس ٢٠١٢ رندة تقي الدين الحياة تفاقم الخلافات بين
إقليم كردستان وحكومة نوري المالكي في
بغداد هو نتيجة سياسة المالكي التي
يريدها تابعة لإيران كما أنه يرتكب
أخطاء فادحة في تعامله مع الشركات
النفطية العالمية. إن تمركز قوة من
الجيش العراقي في منطقتي الخابور
وزمار قرب الحدود مع سورية واعتراض قوة
من البيشمركة على تمركزها تظهران أن
رئيس الحكومة العراقية يريد منع
انتقال الثوار السوريين إلى المنطقة
حماية لنظام بشار الأسد. إن تبعية
حكومة المالكي لإيران تجعله يدافع عن
نظام هو أسوأ في الوحشية من نظام صدام
حسين الذي قاومه المالكي. فصدام حسين
كما بشار الأسد صفّى معارضيه من الشعب
العراقي إلا أنه عندما سقط لم يكن هناك
من يساعده كالمساعدات التي تأتي إلى
النظام السوري من المالكي وإيران
وروسيا والصين. وإدارة المالكي للعراق
بالغة السوء. فالتعطيل السياسي مثلاً
أدى إلى تأخر صدور قانون نفطي للبلد
وأدى إلى توقيع شركات نفطية عملاقة مثل
«اكسون موبيل» و «شيفرون» و «توتال»
عقوداً للتنقيب عن النفط في إقليم
كردستان وقد اشترت 35 في المئة من حصص «ماراتون»
الأميركية للتنقيب في هذه المنطقة. فقد
وقعت «اكسون موبيل» عقدي تنقيب في
إقليم كردستان مما جعل المالكي يكتب
احتجاجاً للرئيس أوباما الذي رد عليه
بطريقة غامضة قائلاً إن الولايات
المتحدة تؤيد وحدة واستقرار العراق.
وأعلن المالكي بعد ذلك أنها رسالة
تأييد له إزاء قيام «اكسون» بالتعاقد
في كردستان ولكن سرعان ما أصدر البيت
الأبيض تصحيحاً يؤكد استقلالية
الشركات الأميركية وعدم تدخل الحكومة
بما تقوم به. والحكومة العراقية أخرجت
«اكسون» من إدارة مشروع كبير لضخ مياه
في الحقول في الجنوب مما أخر انطلاقة
هذا المشروع الضروري لحقولها. ومنذ
بضعة أيام وقعت «شيفرون» عقدي تنقيب في
كردستان والشركة النروجية «ستات اويل»
تبحث أيضاً عن عقود هناك و «توتال» على
وشك توقيع عقود تنقيب في منطقة كردستان
وقد أبلغت الحكومة العراقية بنواياها. لا شك أن شروط العمل
والعقود مع الشركات الأجنبية في جنوب
العراق شجعت هذه الشركات النفطية
الكبرى التي تبحث عن مكاسب على التعاقد
في كردستان حيث هناك مناطق شاسعة
للتنقيب وحيث شروط العمل أفضل بكثير من
الجنوب. فعلى سبيل المثال انسحبت
الشركة النروجية «ستات اويل» من مشروع
في الجنوب وباعت مساهمتها فيه إلى
الشركة الروسية «لوك اويل» وفضلت
البحث عن عقود في الشمال في إقليم
كردستان. وتقول الشركات انه طالما ليس
هناك قانون نفطي في البلد فهي لا تعمل
خارج إطار قانوني. فالخلاف أيضاً بين
المناطق المتنازع عليها بين إقليم
كردستان وبغداد لن يرى حلاً مع سياسة
المالكي في نشر قوات في المناطق
المتنازع عليها لمنع دخول الثوار
السوريين و «الجيش الحر» إليها كما أن
شكوى بعض عناصر الأكراد من الجيش
المركزي وتعرضهم للتهميش كلها أمور
ستعزز النزاع بين الإقليم والحكومة
المركزية. إن سياسة المالكي تزيد
الانقسام في البلد. وواضح أن هناك
عناصر كردية في حكومة المالكي لا تؤيد
ما يقوم به بشار الأسد من قتل وقمع
لشعبه. وقد ظهر ذلك في تصريحات ومواقف
وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري.
إلا أن كلامه يختلف عن سياسة رئيس
حكومته المتحالف مع النظامين السوري
والإيراني على رغم التأثير الأميركي
على العراق. ويظهر أن الهيمنة
الإيرانية على المالكي أقوى من تأثير
الإدارة الأميركية عليه أو أنها تخدم
على المدى الطويل الولايات المتحدة
التي لها مواقف مبهمة في عدد من الدول
خصوصاً في ظل رئاسة أوباما. فعلى رغم
حضور ما زال ملموساً في العراق تبدو
الإدارة الأميركية وكأنها غير معنية
بحلف المالكي مع إيران أو بمساندته
لنظام بشار الأسد. والمالكي بسياساته
يبدو كأنه يسعى إلى تشجيع تقسيم العراق
وإبعاد إقليم كردستان. فهل هناك من
يريد تقسيم العراق وربما المنطقة
بأسرها؟ ========================= ليبراليون
منافقون وعلمانيون طائفيون د.فيصل
القاسم بوابة
الشرق 9 يونيو 2012 من
فضائل الثورات العربية المباركة أنها
أزالت الأقنعة عن الكثير من الوجوه
الثقافية والفكرية والسياسية
العربية، فقد "سقط القناع عن القناع"،
كما قال الراحل محمود درويش يوماً،
فبان الاعورار والعور والعورات وأوراق
الشجيرات التي تستر بها الكثيرون من
المدعين والمنافقين والكذابين. فكم
أمطرنا مدعو العلمانية والليبرالية
مثلاً بوابل من المقالات والتنظيرات
اللامتناهية. وكم شنوا الحملة تلو
الأخرى على بقية التيارات والكثير من
الأنظمة السياسية، إلى حد أننا كدنا أن
نصدقهم، بعد أن بدوا لنا، في كتاباتهم،
كما لو أنهم رسل الحضارة والتنوير
وتحرير العقول. لكن، كما قال الرئيس
الأمريكي الراحل إبراهام لينكولن لأحد
وزرائه:" يمكنك أن تكذب على بعض
الناس طوال الوقت، ويمكنك أن تكذب على
كل الناس بعض الوقت، ولكن لا يمكنك أن
تكذب على كل الناس كل الوقت". فلما جد
الجد، واندلعت الثورات، وحدث الفرز
الحقيقي، لم يعد بإمكان أحد التلطي
وراء أقنعته المزيفة وواجهاته
الثقافية والفكرية المفبركة، فسقط
جدار الكذب والتدليس، وانكشف المستور. لنتذكر
كم قرأنا من المقالات على مدى الأعوام
الماضية لأشخاص تلطوا وراء قناع
الليبرالية والعلمانية والديمقراطية.
ومن شدة حماسهم لتلك التيارات، ظننا،
وكل الظن إثم في هذه الحالة، أنهم
قادمون إلى عالمنا لتحريره من الجهل
والخزعبلات والطغيان والشمولية
والديكتاتورية لكثرة ما حثونا على
التخلي عن عقائدنا القديمة، الدينية
منها والسياسية كونها السبب الرئيس في
تأخر مجتمعاتنا وتخلفها. فكم رأينا
هؤلاء المدّعين وهم يهاجمون مثلاً
الإسلاميين "الظلاميين" كما
كانوا يسمونهم. وكم نادوا بالليبرالية
والعلمانية والتحضر. لكن ما أن سقط أول
"هُبل" عربي حتى راحت تتكشف
عوراتهم. وبدلاً من التهليل لبدء سقوط
الديكتاتوريات التي طالما تظاهروا
بأنهم ضدها ومع تخليص الشعوب من
ويلاتها، راحوا يتململون في أماكنهم
خوفاً على مستقبلهم، لا بل زادوا من
هجماتهم على الإسلاميين الذي أخذوا
يكتسحون صناديق الاقتراع في العديد من
البلدان العربية. لماذا أيها
العلمانيون والتنويريون المزعومون؟
ألم تصدعوا رؤوسنا بالديمقراطية
وضرورة حسمها عبر صناديق الاقتراع؟
لماذا لا تجارون رغبة الشعوب الثائرة
وخياراتها؟ لماذا تريدون فرض توجهاتكم
على الشعوب؟ لماذا بدأتم تترحمون على
الطواغيت الساقطين والمتساقطين؟ ألم
تزعموا يوماً أنكم ضد الطغيان؟ لقد
عرفت يوماً كاتباً ظنناه لكثرة ما كتب
في الديمقراطية أنه جان جاك روسو
العرب، فإذ به مجرد مخبر صغير وتابع
ذليل لأحد الطواغيت الساقطين، بدليل
أنه شعر بأن الأرض تزلزلت تحت أقدامه
عندما سقط رئيسه. ومما فضحه، وفضح
أمثاله أكثر، أنه، ما أن رأى بصيص أمل
لعودة أحد ذيول النظام الساقط إلى
الساحة السياسية حتى راح يدافع عن ذلك
الذيل بقوة منقطعة النظير، لعل
الديكتاتورية التي عاش في كنفها يوماً
تعود. لم يكن ذلك الكاتب وأمثاله لا
ليبراليين ولا علمانيين ولا تنويريين
ولا "ضرّاب السخن"، بل مجرد كتبة
مزيفين متدثرين بأقنعة الليبرالية
والعلمانية والتنوير المزعوم؟ وفي بلد
آخر كان أحدهم يمطرنا يومياً تقريباً
بمدرار من المقالات التنويرية
والعلمانية والليبرالية العتيدة، إلى
حد أنه كاد أن يحصل على لقب "جاك بيرك"
العرب أو ابن رشد عصره. لكن ما أن
اندلعت الثورة في بلاده، وحدث الفرز
الاجتماعي والشعبي والثقافي
والسياسي، حتى راح ذلك العلماني
الكاذب يتلطى وراء جدران طائفته. لقد
سقط صاحبنا فوراً من عالم التنوير
والحضارة العالمية والعلمانية
والليبرالية التي كان يتظاهر بها إلى
حضن الطائفة الضيق جداً، فراح يزيد من
هجماته المسعورة على التيارات الشعبية
الجارفة كالتيار الإسلامي وغيره، مما
فضحه وفضح طائفيته البغيضة أكثر فأكثر.
لقد كان ذلك المدّعي وغيره، يعيّر
الإسلاميين مثلاً بأنهم متعصبون
ومنغلقون وظلاميون، فإذا به أكثر
تعصباً لطائفته من عتاة التكفيريين.
وحدث ولا حرج عن انغلاقه الشديد الذي
لا يريد الانفتاح على السواد الأعظم من
المجتمعات العربية ألا وهم المسلمون.
أين تنويركم يا سيادة العلماني
الفظيع؟ أين العالم الواسع الذي كنتم
تنادون به وتتشدقون ببنائه؟ لماذا
لجأتم فوراً إلى جحر الطائفية عند أول
هزة شعبية؟ أليس من المفترض أن تنحازوا
إلى جانب الشعوب المظلومة التي ادعيتم
زوراً وبهتاناً أنكم مظلومون مثلها؟
لماذا انحزتم للطواغيت الذين اهتزت
الأرض تحتهم لمجرد أنكم تنتمون معهم
إلى نفس المذهب؟ كيف تختلفون عن
المذهبين الآخرين أيها العلمانيون
المدّعون؟ لماذا أصبح الفائزون في
الانتخابات الديمقراطية الجديدة
مرفوضين لمجرد أنهم من غير طائفتكم
أيها الليبراليون الكاذبون؟ قال
ليبرالي قال. كم قد
فوجئت عندما رأيت أحد الأكاديميين
الذين درسوا في أعرق الجامعات الغربية
ينقلبون فوراً إلى طائفيين منغلقين
صغار عندما اهتز، تحت ضربات الثوار،
النظام الذي يناصرونه على أسس طائفية.
أهذه الإنسانية الشكسبيرية التي
درستموها في الأدب؟ أين تبخر الأدب
الإنساني العظيم الذي قرأتموه في
أشعار "ويردزويرث" وروايات "جيمس
جويس"؟ ما أبشع
بعض اليساريين الذين أمضوا أعواماً في
زنازين الطغاة، ولما ثار الشعب على
أولئك الطواغيت، راح أولئك اليساريون
ينحازون لهم، لا لشيء إلا لأن التيار
الذي بدأ يقوى في وجه الطغاة هو تيار
إسلامي يختلف معهم مذهبياً وطائفياً.
قال يساري قال. وينسحب
النفاق العلماني والتنويري
والليبرالي على شخصيات كبيرة ذائعة
الصيت كنا نعتقد أنها نظيفة من النزعات
الطائفية والمذهبية الضيقة، فإذا بها
في حضيض السلفية الطائفية، فالثورات
لا تكون ثورات حقيقية، في رأي تلك
الشرذمة العلمانية المدعية، إلا إذا
كانت من لون مذهبي أو طائفي سياسي معين.
أما الديمقراطية التي تفرز إسلاميين
فليست ديمقراطية برأيهم، مع العلم أن
الشعوب اختارت يوماً النازيين بطريقة
ديمقراطية، فما بالك أن تختار
الإسلاميين المنبثقين من رحم الأمة،
بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معهم
ومع توجهاتهم. وكي لا
أبدو كما لو أنني أصولي، لا بد من
التنبيه إلى أنني أختلف مع الأحزاب
الدينية كثيراً جداً، لكن لا بد من
احترام فوزها في أي انتخابات
ديمقراطية، وإلا كنا منافقين وأفاقين
كأولئك الليبراليين والعلمانيين
والتنويريين المزعومين المفضوحين
الذين أعادتهم الثورات العربية
المباركة مشكورة إلى جحورهم خالدين
فيها، وبئس المصير. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |