ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 08/08/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

رأي الراية ... النظام السوري يهتز ويترنح

الراية

7-8-2012

انشقاق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب ووزيرين من النظام يشكل ضربة قاضية ويؤكد أن النظام السوري قد بدأ يتهز ويتآكل من الداخل بعدما تلقى ضربات موجعة من الثوار وعاش في عزلة داخلية وإقليمية ودولية وأن هذا الانشقاق ما هو إلا بداية النهاية المحتومة للنظام والذي يجب عليه أن يدرك أنه حفر قبره بنفسه وأن ساعة المحاسبة قد اقتربت ولذلك لم يجد كبار المسؤولين فيه ومن بينهم رئيس الوزراء إلا الانشقاق والفرار بعد إدراكهم الحقيقة بأنه لامجال لمواجهة إرادة الشعب بالقوة.

من المؤكد أن انشقاق رياض حجاب مع اثنين من الوزراء ومن قبلهم كبار الضباط وانضمامهم للثوار في مواجهة نظام كانوا من سدنته يشكل ضربة معلم ورسالة واضحة للنظام ورئيسه وزمرته بشكل مباشر بأنه انتهى رغم محاولات التشكيك لخداع النفس بانه يمسك بزمام المبادرة كما أنه يكشف بان النظام قد فقد فعليا السيطرة على سوريا وأن عليه أن يعترف بذلك خاصة أن الأمور قد بدأت تتكشف بإدراك الجميع أن أيام الأسد قد باتت معدودة وأن الشعب السوري لن يسمحوا له بالبقاء في السلطة وأن عليه أن يدرك الحقيقة ويعمل على وضع حد لحمام الدم والمجازر اليومية قبل فوات الآوان .

إن الوقت قد بدأ ينفد للوصول لمرحلة انتقالية سياسية في سوريا وإن النظام السوري غير قادر على التغيير والتعامل بواقعية مع تطورات الأحداث وإن تمسك النظام بالحل العسكري قد قاد الى هذا التصعيد الخطير وإن انشقاقات كبار السياسيين والضباط والدبلوماسيين تؤكد أن النظام غير قابل للتغيير وأن سياساته ستقود سوريا الى حرب أهلية اذا لم يتدارك المجتمع الدولي الأمر ويعمل سريعا على إجبار النظام على التنحي فورا وترتيب انتقال سياسي للسلطة للمجلس الوطني.

من المهم أن يدرك قادة الثورة السورية من جيش حر والمجلس الوطني الانتقالي ومختلف الكيانات السياسية المعارضة أهمية توحيد المواقف وتسريع تكوين حكومة انتقالية تضم جميع المكونات باعتبار أن ذلك سيقود الى الاعتراف الدولي كما يشجع المزيد من الانشقاقات الداخلية من النظام الذي بدأ يتآكل ويفرض عليه المزيد من العزلة ويمنعه من إدخال سوريا في حرب أهلية والتي تراهن عليها كورقة أخيرة للضغط على المجتمع الذي فشل حتى الان في حماية الشعب السوري من المجازر وحرب الإبادة وإن هذه الانشقاقات تحتم على الأسد أن يستفيد من الفرصة الأخيرة إن أحسن استغلالها فانه سينهي حمام الدم والمجازر ، وهي تتمثل بقبوله بالعرض العربي الذي يكفل له الخروج الآمن مقابل تنحيه عن مقاليد الحكم وتركه الشعب السوري يقرر مصيره لوحده، فما عليه إلا أن يتحلى بالشجاعة ليخرج للعلن ويقول إنه يتنحى ويغادر سوريا الى الأبد، وإلا فإن مصيره سيكون لا محالة نهاية دموية.

=================

الأسد محاصر في قفصه!!

يوسف الكويليت

الرياض

7-8-2012

    كل يوم تحصد المعارضة والجيش الحر السوريان مكاسب جديدة، فالقبض على ثمان وأربعين إيرانياً صنّفوا ضمن عسكريين دفعت بهم سلطتهم لمساعدة النظام السوري، وقد تكشف التحقيقات وبالوثائق هذه المرة تورطاً إيرانياً مباشراً، وقبل ذلك الضربة الكبرى تفجير الأمن الوطني الذي حصد الرؤوس الأساسية لصياغة وتنفيذ القرارات العليا..

ثم توالي الانشقاقات، رئيس الوزراء ومعه وزراء وضباط، وهم مفاتيح أسرار مهمة للسلطة، وكذلك من سبقوهم من رؤوس عليا بمن فيهم رائد الفضاء الشرع، وهذا يدلل أن الهروب بهذه السلسلة المهمة، سوف يطرح بعداً للشكوك وعدم الثقة بالمحيط، بالرئاسة وأجهزة الأمن والجيش حتى أن تسريبات سورية من أن حماية الأسد ونظامه خضع لعناصر إيرانية ومن حزب الله، أي حتى أعضاء الطائفة صاروا موقع شك، وأن الأسد أصيب بوسواس من الأطعمة والمياه، وكل ما يتعلق بالحياة اليومية، إما سموم، أو متفجرات وتحت هذا الضغط النفسي بدأ يتصرف برعب المصير المظلم وبإصدار أوامر القتل مشافهة خوفاً من الاختراقات التقنية ورصدها والتجسس عليه..

هذا الحصار النفسي والرعب، ومطاردة الأشباح المجهولة، باتت تضاعف الخوف المحيط به، وهذا نجاح ايجابي للجيش الحر والذي بات يعرف الواقع الداخلي في المراكز الحساسة للاستخبارات والأمن، مما يطرح بعدا أن نظام الدولة يتداعى من خلال الهروب الكبير، والذي دافعه القراءة الواقعية بأن الأسد أصبح يعيش أيامه الأخيرة..

هناك من يرجح أن من داخل بنيته الجهاز الأمني من يتعاون مع المعارضة، وإلا كيف يتم انشقاق وتهريب عناصر تراقب حركاتهم ويتم التنصت على اتصالاتهم وهم جزء من لحمة النظام وبوظائف مرموقة، طالما الحصار الحديدي والمراقبة والالتزام بساعات وأماكن العمل التي تخضع لعيون السلطة كلها تحت نظر الأسد وأعوانه؟!

المؤكد أن البحث عن السلامة دافع أساسي، لكن المغزى أن السلطة تتفتت من داخلها، ودافع الانشقاقات أصبح هاجساً عند معظم القيادات، والعاملين بالمراكز الحساسة، ولعل ضعف الروح المعنوية وانكسار حاجز الخوف، وتوفير الملاذ الآمن وتسهيل السفر حتى بوجود الحواجز والمخافر ونقاط التفتيش، شتت ذهن السلطة وانفلات أعضائها..

كيف تتم هذه الانشقاقات وروسيا وإيران والصين، توفر للنظام تقنيات عالية في الأجهزة الأمنية والاتصالات ووسائل الحماية من الاختراق، لولا أن جبهة أخرى تحارب بتقنيات أعلى ويكفي أن الدخول في عمق المواقع المحصنة وضربها، عمل حيّر الحلفاء، وبالتالي فالنظام لا يخسر فقط رجاله ودروعه التي تحميه، بل ضعف وسائله التي ظلت السلطة العليا حتى في مراقبة أنفاس الخصوم ومن هم في حقل السلطة وحمايتها مكشوفة؟!

وتأتي مسألة الحدود المفتوحة مع تركيا والأردن، والتي أصبحت خارج السيطرة في عبور الأشخاص والأسلحة والجواسيس وغيرها، وحتى لبنان، رغم خوف السلطة هناك من أي ظن أو شك في مساعدتها للثوار والمعارضة، فإن السيطرة على الحدود باتت صعبة، وخاصة من المجاميع المؤيدة للثورة سواء أكانوا مسلمين أو حتى مسيحيين..

الأسد يعيش في قفصه المغلق، والدليل أنه بلا ظهور مباشر ليخطب بالمناسبات وهو ترجمة حقيقية لوضعه الصعب والمعقد داخل حبوسه التي فرضت عليه بالقوة..

=================

سوريا تدور في حلقة مفرغة

المصدر: صحيفة «ذا نيشن» الأميركية

التاريخ: 07 أغسطس 2012

البيان

في الآونة الأخيرة، راحت الانتقادات الدولية الموجهة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، تشهد تصاعدا ملحوظا، فيما أخذ بعض المحللين والمراقبين يشككون في تماسك نظام البعث، الذي لا يزال غارقا في محاربة انتفاضة شعبية عمرها 17 شهرا.

وفي الأشهر القليلة الماضية، استهدف هجوم بقنبلة عددا من كبار مسؤولي الأمن في نظام الرئيس بشار الأسد، فيما كانت قوات النظام تخوض مناوشات ضد قوات الثوار في دمشق وحلب.

ولكن على الجانب الآخر من المعادلة، ظلت "المعارضة" السورية ثابته في أدائها، مصممة على انقسامها.

وعلى الجبهة المدنية، كشفت مجموعة من السياسيين السوريين مؤخرا عن أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الائتلافات المعارضة. وقالت المجموعة، التي يقودها الناشط الديمقراطي هيثم المالح، إنها ستبدأ إجراء المشاورات مع قوى المعارضة بشأن الالتفاف حول حكومة انتقالية سيتم تشكيلها.

وكان من المشجع بدرجة أكبر، أن نسمع أن تلك المشاورات قد جرت بالفعل، حتى يمكن تقديم شيء عملي للشعب السوري.

أما على الجبهة العسكرية، فقد قدمت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر، أو القيادة المتمركزة داخل البلاد، مؤخرا تصورها لمرحلة ما بعد الأسد. وبطبيعة الحال، فإنه يتعين على الشعب السوري أن يتخذ القرار بناء على مزايا اقتراح الجماعة، الذي يوضح، على نحو مثير للاهتمام، كيف يشعر القادة العسكريون على أرض الواقع حيال الشكل المستقبلي للنظام السوري.

حيث يضعون قائمة بالمهام اللازمة لضمان عملية إعادة الإعمار المادي، ويركزون على أولوية الحفاظ على المؤسسات الحكومية القوية. وبعبارة أخرى، فإنهم ينادون بتجنيب سوريا المسار الذي سلكه العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.

إلا أن قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد، الذي لجأ إلى تركيا، سرعان ما صب الماء البارد على هذه الفكرة، قائلا إنها تشكل استيلاء على السلطة من قبل أشخاص يرغبون في الحصول على مناصب عليا في النظام المستقبلي. وهكذا يواصل قادة الانتفاضة السورية قنص بعضهم البعض، عوضا عن الخروج بقاسم مشترك عملي للتحرك.

وعندما ترغب مجموعة معينة في مناقشة المستقبل، يقال لها إن الانتصار في المعركة الجارية هو ما ينبغي أن تصب تركيزها عليه. وعندما تصب مجموعة أخرى تركيزها على الانتصار في المعركة الجارية، يقول المنتقدون إنها لا تبذل أي جهد للتفكير في المستقبل.. وهكذا وهكذا، في حلقة مفرغة.

وتتمثل إحدى النقاط المضيئة القليلة التي ظهرت مؤخرا، وسط أعمال العنف والتدمير التي تجري في جميع أنحاء سوريا، في أن الناشطين على أرض الواقع يمضون الكثير من وقتهم في التنظيم وإنشاء الشبكات للاضطلاع بجهود الإغاثة. وفي بعض الحالات، وضع الشباب السوريون خلافاتهم السياسية جانبا، لضمان حصول مواطنيهم على الإمدادات الطبية العاجلة، والمأوى بصورة عاجلة.

وإذا كان هناك بصيص أمل في سوريا، فإنه يكمن، كالعادة، في الشباب الذين يشكلون جوهر الانتفاضة، وليس في "القادة" الذين يستمرون في إصدار البيانات والانتقادات، التي لا تقدم ولا تؤخر في العادة.

=================

قعقعة السلاح حوّلتها إلى مدينة أشباح

حلب: شهادات حية من «بنغازي» السورية

تاريخ النشر: الثلاثاء 07 أغسطس 2012

الاتحاد

ترك أسبوع من القتال المحتدم أكبر مدينة في سوريا تترنح؛ ولكن الأسوأ قد يأتي خلال الأيام المقبلة حين تتقابل الحكومة والثوار في ما يمكن أن يكون مواجهة مصيرية.

كانت حلب هادئة طيلة معظم الانتفاضة التي بدأت في سوريا قبل 17 شهراً تقريباً؛ ولكن خلال الشهر الماضي، سرعان ما تحولت المناوشات والاحتجاجات التي كانت تندلع من حين لآخر إلى حرب مدن مستعرة.

وتمثل حلب جائزة كبيرة بالنسبة للثوار، جائزة قد تتأثر بشكل خاص بكفاحهم من أجل انتزاع السلطة من نظام بشار الأسد. ومن أصل سكان حلب البالغ عددهم 2,5 مليون نسمة، يشكل السنة أغلبية السكان، والكثير منهم يشعرون بالتهميش والإقصاء من حكومة الأسد التي يقودها العلويون. ويسمح قرب المدينة الجغرافي من الحدود التركية لقوات الثوار بنقل الرجال والمعدات بسهولة نسبية.

وإذا استطاع الثوار الفوز في حلب، فإنهم سيسيطرون على مدينة لطالما مثلت المحرك الاقتصادي لسوريا، مما يزيد من صعوبة تمسك الأسد بالسلطة. وفي هذا السياق، يقول هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت: "إذا سيطرت على حلب، فإن الزحف على دمشق يصبح أكثر سهولة"، مضيفاً: "إن المعارضة ترغب في تحويلها إلى بنغازي"، المدينة الواقعة في شرق ليبيا، التي أصبحت عاصمة الثوار الفعلية وسرّعت بإسقاط نظام العقيد معمر القذافي.

ولكن الحكومة أشَّرت بقوة إلى أنها لا تنوي السماح بحدوث ذلك؛ حيث بادر الجيش بضرب المدينة بالمدفعية، وقصف الأحياء بقذائف طائرات الهيلكوبتر؛ ولأول مرة في النزاع، أرسل مقاتلات لتضرب مناطق سكنية. والأكيد أن العنف مرشح للازدياد؛ حيث قامت قوات الثوار، التي تقول إنها تسيطر على نصف مدينة حلب، بمصادرة دبابات وأخذت تستعمل أسلحة ومعدات أثقل.

وفي يوم الجمعة، قام الجيش السوري بنسف أجزاء من المدينة بواسطة قذائف المدفعية في وقت اندلعت فيه اشتباكات ضارية في الشوارع في حيي "المريديان" و"الفرقان". ونتيجة لذلك، قُتل ستة أشخاص على الأقل في حلب، وفق لجان التنسيق المحلية. وهذه الهجمات أتت بعد يوم واحد على إصدار الأمم المتحدة لتحذير غاضب. وفي هذا الإطار، قال إيرفيه لادسو، مساعد أمين عام الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، في نيويورك: "إن التركيز الآن هو على حلب، التي عرفت حشداً معتبراً للوسائل العسكرية، وحيث لدينا أسباب للاعتقاد بأن المعركة الرئيسية باتت على وشك أن تبدأ".

وفي الأسبوع الماضي، فر أزيد من 200 ألف شخص، ولجأت آلاف أخرى إلى المدارس، وقُتل العشرات. أما أولئك الذين لم يغادروا، فقد علقوا في منازلهم إذ يخشون المجازفة بالخروج.

ونتيجة لذلك، فإن عدة أجزاء من مدينة مأهولة بشكل متواصل منذ 5000 سنة باتت تشبه مدينة أشباح. والسكان يتضورون جوعاً ويبحثون عما يأكلونه. وأكوام القمامة التي تزكم الأنوف متراكمة في الشوارع، بالقرب من جثث أحياناً. والماء مقطوع معظم اليوم؛ والوقود وغاز الطبخ من المستحيل تقريباً العثور عليهما.

وفي هذا الإطار، يقول محمد سعيد، وهو ناشط في الخامسة والعشرين من حلب، في حوار معه عبر "سكايب": "إن الحياة هنا مثل الجحيم... من الصعب البقاء على قيد الحياة. لا يمكنك إيجاد أي شيء. إن الحكومة تحاول ارتكاب مجزرة في حلب".

ويقول محمد إنه يعرف أشخاصاً كثيرين فروا من المدينة؛ ولكنه يشعر بمسؤولية البقاء من أجل تسجيل وتوثيق التجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن الحكومية. ويقول في هذا الإطار: "لا يمكنني أن أرحل"، مضيفاً: "عليَّ أن أدخل المدينة وأنظر في كل المناطق لأرى ما إن كان ثمة قصف وقتال حتى أبعث بتقارير".

والحال أن الحصول على صور ومقاطع فيديو ليس بالأمر السهل، ولاسيما بالنظر إلى الانقطاعات المتكررة للكهرباء والهاتف. ولكن محمد لديه أداة قوية: "جهاز مودم عبر الأقمار الاصطناعية". فعندما تأتي الكهرباء ولو لفترة قصيرة، يسرع محمد إلى إرسال ما في جعبته من أخبار. والأخطار التي ينطوي عليها عمله واضحة وبديهية، فقد قُتل صديق له من النشطاء على يد قناص قبل ثلاثة أسابيع. ولم تستلم العائلة جثته الممزقة من قوات الأمن سوى في الأسبوع الماضي.

والواقع أن الكثير من السكان ما زالوا مذهولين بمدى السرعة التي انتشر بها القتال عبر المدينة. وفي هذا الإطار، يقول رجل في الثامنة والعشرين من عمره رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بسلامته: "لقد فوجئت للغاية عندما تصاعد الوضع بسرعة كبيرة جداً في حلب. في أحد الأيام أنا ذاهب إلى عملي وأسمع عن اندلاع معارك عبر سوريا"، مضيفاً "وفي اليوم التالي، أختبئ في المنزل في الحمام مع عائلتي بينما ابنة أختي الصغيرة تبكي بشدة بسبب دوي القنابل".

ولعل المنطقة الأكثر تأثراً بالقتال هي "صلاح الدين"، وهو حي يقطنه في الغالب السُّنة من الطبقة العاملة في جنوب غرب حلب. والحي يغص بأنصار المعارضة ويقع بالقرب من أكاديمية الأسد العسكرية. وبالتالي، ففي كل مرة يغادر فيها الجنود القاعدة للذهاب إلى وسط المدينة، فإنهم يمرون عبر حي صلاح الدين، مما يشعل فتيل اشتباكات ضارية مع المقاتلين الثوار، حسب نشطاء المعارضة. وفي الأسبوع الماضي، قام الجيش بدك الحي بواسطة المدفعية. ويقول أبو ثابت، وهو قائد من الجيش السوري الحر، في حوار معه عبر الهاتف: "إن القتال في حلب مسألة حياة أو موت بالنسبة للمعارضة والنظام معاً"، مضيفاً "لدينا خطط عسكرية وتصميم. النظام لديه أسلحة أكثر تفوقاً، ولكننا أقوى في تكتيكات قتال الشوارع داخل المدن!".

باباك ديهجانبيشه

بيروت

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

=================

هل تعود روسيا وتوافق على حل يمني في سوريا؟

اميل خوري

2012-08-07

النهار

أسئلة كثيرة تطرح ولا يعرف الجواب عنها حتى الآن، منها: ماذا بعد تصويت الجمعية العمومية للامم المتحدة بغالبية واسعة على قرار يطالب الحكومة السورية بسحب قواتها المسلحة من المدن ودعوة كل اطراف النزاع الى وقف العنف وتهيئة الظروف لاطلاق عملية انتقالية للسلطة، وما معنى ان يصير البحث في خَلَف للمبعوث الاممي العربي كوفي أنان الذي استقال عندما تبين له انه بات من المتعذر عليه تنفيذ خطته ذات النقاط الست، وماذا بعدما فشلت جامعة الدول العربية وبعدها مجلس الامن في حل الازمة السورية المتفاقمة وارتفاع منسوب الدم نتيجة الحرب المستعرة بين جيش النظام و"الجيش السوري الحر"؟ هل يكون ذلك بداية حرب أهلية على غرار ما حصل في لبنان سابقاً ولم تتوقف الا بتدخل عسكري سوري حظي بموافقة اميركية وعربية وعدم ممانعة اسرائيلية، وبالتوصل الى اتفاق سياسي عرف باتفاق الطائف، وهل يواجه الوضع في سوريا "اللبننة" التي تحوّل الحرب فيها حرب الآخرين على ارضها بعد عسكرة المعارضة، ام يواجه "العرقنة" اي الفوضى ام حلاً شبيهاً بالحل في اليمن؟

في معلومات لمصادر ديبلوماسية ان اتصالات ولقاءات سوف تعقد مع روسيا للتشاور في مرحلة ما بعد قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة قبل العودة مرة جديدة الى مجلس الامن لاتخاذ قرار حول الوضع المأسوي في سوريا لاخراجها منه، وذلك بتخيير الدول المساندة للنظام السوري بين الاتفاق على صيغة لتغيير هذا النظام او تحمل مسؤولية قيام حرب داخلية في سوريا قد تمتد ليس الى دول الجوار فحسب بل ربما الى كل دول المنطقة فتقرر ليس مصير سوريا فقط بل مصير المحور الايراني في المنطقة. وعلى رغم ان الجميع يحذرون من عواقب هذه الحرب ويدعون الى العمل على تلافيها مخافة ان تنتهي بتفكيك دول المنطقة وتقسيمها، فلا اتفاق حتى الآن بينهم على صيغة حل تخرج سوريا من حرب مدمرة بسبب تضارب المصالح وصراع النفوذ.

ومن الآن الى ان تتظهر هذه الصورة، لا بد من أن تكون روسيا قد حددت موقفها، فإما يتم التوصل الى صيغة حل سياسي للأزمة السورية تصدر عن مجلس الأمن، او لا يتم التوصل اليها للاسباب التي حالت حتى الآن دون ذلك، او تواصل دول الغرب إحراج روسيا امام الرأي العام العالمي فتطرح على مجلس الامن حلاً للأزمة السورية حتى وإن كانت متأكدة مسبقاً من مواجهة "فيتو" روسي للمرة الرابعة، ولكي تحمّلها عندئذ مسؤولية قيام حرب داخلية في سوريا وما لها من عواقب داخل سوريا وخارجها.

الى ذلك، يمكن القول ان الازمة السورية دخلت مرحلتها الحاسمة، فإما ان يتم التوصل الى حل سياسي لها بموافقة دولية وعربية، وإما يصبح الحل العسكري هو الحل الذي لا مفر منه. وهذا الحل العسكري اما يبقى داخلياً بحتاً لا تدخّل خارجياً فيه، حتى وإن طال، كما حصل في لبنان، الى ان يصير اتفاق دولي وعربي على حل كما حصل ايضا في لبنان بالتوصل الى اتفاق الطائف، وإما ان ترى الدول المعنية بوضع سوريا انه لا بد من تدخل عسكري لوقف حرب الاستنزاف السورية الداخلية قبل ان تمتد شرارتها الى دول الجوار وربما الى دول المنطقة كلها، وعندها فإن هذا التدخل يكون حاسماً اذا لم يقابله تدخل آخر داعم للنظام في سوريا في حربه ضد الثائرين عليه، فتقع عندئذ حرب عالمية ثالثة انطلاقاً من الشرق الاوسط كما اندلعت الحرب العالمية الثانية انطلاقاً من اوروبا.

لكن اوساطاً سياسية وديبلوماسية مراقبة تستبعد ذلك لأنه اذا كان من تدخل عسكري خارجي فإنه لن يكون تدخلاً مباشراً بل غير مباشر بحيث تمد الدول المساندة لمعارضي النظام في سوريا هؤلاء بالمساعدات المالية والاسلحة، فيما تمد الدول المساندة للنظام بمثل هذه المساعدات الى ان يتغلب طرف على آخر، او يتعب الطرفان المتحاربان ويصيران مستعدين للقبول بحل ما. وتعتقد الاوساط نفسها ان روسيا لا يناسبها استمرار العنف في سوريا لئلا ينتهي الى تقسيم تنتقل عدواه الى غير دولة فتكون اسرائيل هي المستفيدة منه كونها صاحبة هذا المخطط من زمن بعيد.

هذا الوضع المقلق قد يجعل روسيا تعيد النظر في موقفها، فتعود الى الحل اليمني. والايام المقبلة هي التي ستجيب عن هذه الاسئلة.

=================

حكاية الحكومات الانتقالية في سوريا

مأمون كيوان

المستقبل

7-8-2012

عرف تاريخ أنظمة الحكم والتغيير السياسي الثوري والتقليدي أنواعاً مختلفة من الحكومات التي ترث حكومات فاشلة أو مهددة بالسقوط، فكان اللجوء إلى تشكيل حُكومَة مُوَقَّتَة حُكومَة اتِّحادٍ وَطَنِيٍ أو حُكومَة منفى أو حُكومَة انْتِقالِيَّة من اسمها يتضح الدور للمكلف بها في مرحلة ثورة أو انقلاب على الحكم، وتستمر لفترة يتعهد خلالها بنقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة بشكل ديمقراطي ، أما الحكومة الإنتقالية ، فهي حكومة تسيير شؤون بلد ما ، لحين إجراء انتخابات نيابية أو رئاسية ، وتشكيل حكومة مستقرة، وتختلف مدة وجود الحكومة أو المجلس الانتقالي حسب ظروف كل دولة.

وقد برزت ، مبكراً، في ظل السجالات والحوارات حول مرحلة ما بعد الأسد فكرة تشكيل النظام البديل في سوريا الجديدة التي يؤمل ألا تكون دولة الفوضى أو دولة فاشلة أو مترهلة، أو دويلات مملوكية متناحرة فيما بينها. وجرى مسخ أو تقزيم هذه الفكرة إلى مستوى إداري بشكل مبتذل يتجاهل فلسفة وأصول الحكم الديمقراطي الرشيد. حيث قبل المعارض هيثم المالح تكليف "مجلس الأمناء الثوري السوري" رئاسة حكومة انتقالية في الخارج. محاولاً تجسيد فكرة طرحها قبل عام في إسطنبول حين دعا إلى إعلان "حكومة ظلّ" من خبراء غير سياسيين مستقلين استعداداً لسقوط الحكومة السورية.

وكان المالح قد أوضح أنه يستنسخ النموذج البريطاني في الحكم حيث لكل حزب فيها حكومة ظل، والهدف من حكومة الظل السورية هو الاستعداد لسد الفراغ الذي قد يحصل مستقبلاً إذا ما سقط النظام بدلاً من الدخول في اقتتال داخلي. لكنه تراجع عن فكرته بعد اتهامه من أوساط معارضة بأنه طامع في السلطة ليس أكثر. وانضم لاحقاً إلى المجلس الوطني السوري لينشق عنه بعد فترة قصيرة مؤسساً لتشكيلات معارضة هلامية كان آخرها "مجلس الأمناء الثوري السوري" الذي يعتقد أن من أهم واجبات الحكومة الانتقالية هو أن تكون مستعدة لتولي دفة الأمور، حسب دستور عام 1950 وتعديلاته، لحين وضع دستور جديد، وتشكيل هيئة مصالحة وطنية، مع أخذ مبدأ محاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب والوطن .

وكان رجل الأعمال السوري نوفل الدواليبي نجل رئيس الوزراء السوري الأسبق معروف الدواليبي، قد أعلن في اواخر شهر نيسان الماضي في باريس عن تشكيل حكومة انتقالية في باريس تضم نحو 25 وزيراً داخل سوريا، يكون لديهم تفويض بأن يطلبوا توجيه ضربات جوية وإقامة منطقة حظر طيران وإنشاء ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية. وبرر تشكيلها بإخفاق كل ما حاولته البنى المعارضة، من "مجلس وطني" أو غيره. وقوله "إننا قررنا إبدال الهيئات الحالية بهيئة تنفيذية محضة تنسّق عمليات الفرق المقاتلة من أجل الحرية، استجابة لإرادة الشعب السوري صاحب السيادة". وتتمثل أهداف الحكومة الانتقالية في تسليح المقاتلين والعمل على تدخل عسكري دولي مباشر، وضمان عودة الامن والاستقرار الى سوريا.

كما كشف المعارض السوري هيثم منّاع أنه رفض عرضاً لقيادة حكومة انتقالية في سوريا بالمرحلة المقبلة قدمته إليه جهات بالنظام السوري إضافة لأطراف دولية أخرى. لأنه لا يعتبر نفسه الشخصية المناسبة لمثل هذا المنصب. لكنه اشترط في حال تشكيل حكومة انتقالية لإدارة البلاد، ألاّ تزيد فترة ولايتها عن سنة ونصف السنة تمهد لانتخابات ديمقراطية تؤسّس لدولة مدنية لكل أبناء الشعب السوري.

وفي السياق نفسه، نُسب إلى الجيش السوري الحر في الداخل بيان تضمن ما سمّي "مشروع انقاذ وطني يلبي كامل متطلبات الثورة" وينص على انشاء "المجلس الاعلى للدفاع" الذي ستكون أولى مهامه تأسيس مجلس رئاسي من ست شخصيات مدنية وعسكرية لادارة الدولة في المرحلة الانتقالية. ومن مهام المجلس الرئاسي اقتراح قوانين تطرح على الاستفتاء العام واعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية على اسس وطنية ووضع حلول لاستيعاب المدنيين الذين حملوا السلاح خلال الثورة في المؤسستين العسكرية والأمنية.

وفي اقتراح لتشكيل حكومة انتقالية، عرض الجيش الحر في الداخل ان تكون للمؤسسة العسكرية فيها حقيبتان وزاريتان هما الداخلية والدفاع، على ان تكون حقيبة وزير شؤون رئاسة الحكومة لشخصية مدنية تقوم المؤسسة العسكرية للثورة بتعيينها.

لكن سرعان ما أعلن قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد رفضه طرح المشروع المذكور لكونه تشويهاً لصورة الجيش السوري الحر الذي يحارب لإبعاد العسكر عن السلطة. والمرحلة الانتقالية يجب ألا تكون بقيادة شخصيات عسكرية، بل يجب أن تكون الحكومة الانتقالية مؤلفة من سياسيين، والعسكر هو الحامي لها ولهذه المرحلة".

وقد يكون وصف خطوة المالح بالخطوة المتسرعة التي تضعف المعارضة أمراً دقيقاً لكنه غير كاف، فالمطلوب خطوات واقعية عملية سريعة تأسيسية وضرورية لإرساء أسس نظام ديمقراطي، تتزامن مع هجر المناكفات والمهاترات والمزايدات الثورجية، وخلاف ذلك سيجر على الشعب السوري العظيم النكبات وخيبات الأمل التي يبذر البعض بذورها عمداً طلباً لسلطة لا تدوم أو عن جهل مشفوع بالنوايا الطيبة أو عن حماقة.

=================

نهاية الأسد.. لا سورية!

منار الرشواني

الغد الاردنية

7-8-2012

حتى رياض حجاب، رئيس الوزراء "الإصلاحي" الأوحد في عهد الأسدين الابن والأب، وذلك بحكم تعيينه بعد ما سماه بشار الأسد يوماً "إصلاحات!"، لم يعد يصدق (بافتراض حسن نواياه) أكاذيب النظام، أو لم يعد يعتقد بإمكانية استمرار الأسد وبطانته وشبيحته بعد كل الدمار الذي ألحقوه بسورية، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.

ولعل الأهم في انشقاق حجاب (تماماً كما في حالة انشقاق مناف مصطفى طلاس، وبعده يعرب وكنان الشرع من فرع المعلومات في الأمن السياسي، وغيرهم؛ مضافاً إلى ذلك حتماً عملية اغتيال أعضاء خلية الأزمة) هو ما يكشفه عن حجم الاختراق الأمني الذي ينخر نظام الأسد. فكل انشقاق مما سبق (وكذلك كل اغتيال) يعني حتماً تواطؤاً من قبل واحد أو أكثر من أهم الأجهزة الأمنية التي شكلت وحدها فقط درع الأسد الحامي، وأساس شرعيته الدموية، التي باختراقها وتخلخلها وانحلالها (الأجهزة الأمنية) اليوم يكون منطقياً الاستنتاج أن الأسد قد انتهى فعلاً.

هنا تبرز السمة الأخرى التي تزداد وضوحاً مع كل انشقاق، والمتمثلة حتى اللحظة في الانتماء الطائفي "السني" لأركان النظام المنشقين. فإزاء التاريخ الطويل لهؤلاء وأسرهم (طلاس والشرع خصوصاً) في خدمة نظام الأسد، ولأداء مهام قذرة بحق الشعب السوري في بعض الحالات، يكون انشقاق هذه الرموز، الأسدية-البعثية سابقاً، دليلاً لا يرقى إليه الشك على يقينهم بصبغة الصراع الطائفي الذي دفع الأسد إليه الشعب السوري ثمناً لثورته. فحتى اليوم، لا نرى انشقاقاً علوياً مؤثراً ومدوياً رغم تآكل نظام الأسد وانهياره الحتمي، وإن كان مؤجلا ومسألة وقت ليس إلا. بل إنه بالإصرار حتى الآن على الدموية خياراً وحيداً في مواجهة الثورة السورية، كما يتجلى ذلك خصوصاً في الحشود المتواصلة لتدمير مدينة حلب، يكون الأسد متشبثاً في مسيرته إلى حتفه باختطاف طائفته العلوية التي بقيت معه، سواء كان هذا البقاء حقيقة أو انطباعاً زائفاً، رهباً أو رغباً.

لقد اختطف الأسد الأب ماضي سورية ودمره، كما اختطف الأسد الابن حاضرها وأجهز عليه، لكن المهمة الكبرى للثورة السورية اليوم، وأنصارها ومؤيديها الحقيقيين، هي أن لا يسمحوا لهذا النظام باختطاف مستقبل الوطن السوري. ومثل هذا الاختطاف يكون ممكناً فقط عبر اختطاف الطائفة العلوية، وتحميلها جرائم أيام هذا النظام الأخيرة، لتضاف إلى جرائم عقود حكمه السابقة؛ وليشعل الأسد بذلك في ساعاته الأخيرة فتيل حرب أهلية لا تنتهي إلا بعد إحراق سورية بحجرها ومواطنيها.

اليوم، وبعد أن لم يبق للأسد ما يخسره، وبات إنجازه الوحيد هو الانتقام قدر الإمكان وبأبشع صورة من ضحاياه بسبب طلبهم الحرية والكرامة، يكون مطلوباً أكثر من أي وقت مضى اجتذاب المواطنين السوريين العلويين إلى الثورة، باعتبارهم مواطنين وشركاء حقيقيين في صناعة المستقبل. والآن سيتحدد ما إذا كانت سورية المقبلة هي وطن كل مواطنيها، أم ساحة حرب أهلية مديدة تكوي بنارها الجميع.

ان الاّراء المذكورة

=================

ماذا يجري في سوريا؟ * عريب الرنتاوي

الدستور

7-8-2012

الأنباء الواردة من سوريا تطرح بقوة أسئلة: ما الذي يجري في سوريا؟...هل فقد النظام سيطرته على أركانه؟...من الذي يدير البلاد؟ من الذي يحكم سوريا؟..هل أزفت ساعة الحقيقة والاستحقاق؟...هل نحن على وشك استقبال مفاجآت جديدة، وربما من عيار أثقل؟

رئيس الوزراء السوري المُعيّن حديثاً يعلن انشقاقه عن “النظام المجرم” والتحاقه بثورة الشعب السوري، فيما الناطق باسمه يقول إن “التحضير للانشقاق والانتقال إلى مكان آمن بالتنسيق مع الجيش السوري الحر” بدأ قبل عدة أشهر، أي قبل أن يؤدي حجاب اليمين الدستورية أمام الأسد رئيساً للحكومة...هل يعقل أن “التقية” بلغت بالرجل هذا المبلغ، أم أن المبالغات التي درج عليها الناطقون باسم الثورة تريد إحاطة حدث مهم بذاته، كانشقاق رئيس الورزاء، بهالة “بوليسية” شديدة التعقيد، تجعل منه حدثاً استثنائياً ؟!

والمفارقة أن سوريا تأتي برئيس جديد للحكومة ينتهي اسمه بـ”غلاونجي”، لكأنه كُتِبَ على السوريين، أن يظلّوا مطاردين بشبح الغلاء وارتفاع الأسعار وشح المواد واشتداد الضائقة الاقتصادية، فجيء لهم برئيس حكومة يذكرهم في كل نشرة أخبار وعلى امتداد الساعة بغول الغلاء الذي يلتهمهم، أللهم إلا إذا قرر الأخير الانشقاق بدوره، أو ربما يكون شرع فعلاً في إنجاز ترتيبات انشقاقه مع “الجيش الحر”، عندها نسأل الله أن يأتي برئيس حكومة له من اسمه نصيب طيب على الشعب السوري المنكوب...شر البلية ما يضحك.

معركة حلب التي قيل فيها ما قيل في “مصيريتها” و”تاريخيتها”، تُجمع الأطراف على أنها لم تبدأ بعد...الجيش النظامي توّعد بتقديم “الطبق الرئيس” قريباً لـ”العصابات المسلحة”...ما يعني أن كل ما جرى تقديمه والتهامه حتى الآن يندرج في عداد المقبلات والمُشهيات، مع أن نصف حلب تحوّلت إلى خرائب وأنقاض...المعركة الكبرى لم تبدأ بعد، مع أن التحضيرات والحشود قد استكملت، ماذا ينتظر “الشيف” حتى يخرج علينا بـالطبق المفاجأة؟...لماذا التردد في اتخاذ القرار؟...هل هي الحسابات الدولية، وما جديدها إن كانت السبب، أم أن الأمور في حلب، كما دمشق، باتت أيضاً خارج السيطرة والتغطية.

قبل حلب كان الإعلام الرسمي يعلن “تطهير” دمشق من “فلول العصابات” ويبث التقارير تباعاً عن عودة الحياة الطبيعية إلى معظم أحيائها...منذ ذاك التاريخ وقعت العشرات من المعارك وسقط المئات من الضحايا، وانضمت مناطق جديدة إلى قائمة المناطق التي دفعت أبهظ الأثمان (اليرموك والتضامن على سبيل المثال)...لا شيء عاد إلى طبيعته المعتادة في دمشق...دمشق بل وسوريا جميعها، باتت كالخرقة البالية، ما أن “تقطبها” من هنا حتى “تفرط” من هناك، ألا تذكرون حمص ودير الزور وحماة ودرعا؟..كم مرة “حسم” النظام الوضع و”طهّر” تلك المدن؟ يبدو أن هذه العمليات لن تنتهي إلى ماشاء الله.

أمس، وتزامناً مع انشاق رئيس الحكومة وعدد من وزرائه، كانت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحصينة في قلب دمشق، في ساحة الأمويين، تحت مرأى ونظر قصر الشعب، تتعرض لـ”عملية إرهابية جبانة”...العملية وقعت في قلب المبنى، في الطبقة الثالثة منه زرعت العبوة الناسفة...أصابت من أصابت وخربت ما خربت في واحد من أكثر المباني تحصيناً في سوريا...وهي إذ تأتي بعد تفجير مقر “الإخبارية السورية” واستهداف مقر التلفزيون في حلب، ومن قبله تدمير مكتب الأمن القومي في حي الروضة الحصين، تدلل أنه لا “مأمن” في سوريا...لا مكان لا تستطيع يد “العصابات الإرهابية” أن تطاله...فمن هو بحاجة أكثر للملاذات الآمنة بعد اليوم: النظام أم المعارضة؟.

أما عن الانشقاقات فحدّث ولا حرج...الأعداد في تزايد كماً ونوعاً...رتب ومرتبات رفيعة تغادر إلى الأردن وتركيا...لا أحد يذهب إلى لبنان سوى الفلسطينيين “المعتّرين” الذين بلغوا الآف هناك وقرروا الالتحاق بمخيمات أشقائهم المكتظة في بيروت والبقاع وشمال لبنان...آخر أنباء الانشقاقات تلك التي تحدثت عن هرب أول رائد فضاء سوري الطيار محمد أحمد فارس إلى تركيا (بالمناسبة هو أول وآخر رائد فضاء سوري)، وسط حفاوة من قبل معارضي النظام باحتمالات “التحاق الصناعات الفضائية السورية” بالثورة ؟!.

لا نعرف ماذا يجري في سوريا، لكن وتائر تفكك النظام تتسارع، خصوصاً مكونه السني، فالنظام وإن غلبت على تكوين مفاصله الأساسية هوية مذهبية معينة، إلا أنه في الحقيقة يضم عناصر ومجاميع من مختلف الطوائف...يبدو أن عمليات الفرز الطائفي في سوريا والمنطقة تجعل حياة ممثلي “المكوّن السني” في النظام صعبة للغاية.

لقد قلنا بعد عملية حي الروضة ومقتل القادة الأمنيين الأربعة، أنها ستسرع وتائر الانشقاقات...هذا ما يحصل الآن، والمرجح أن يتواصل بوتائر أعلى وأشد...لكن ذلك لا يعني أن الحرب في سوريا وعليها قد شارفت على أن تضع أوزارها...وانشقاق رئيس حكومة في سوريا له دلالة نفسية ومعنوية فقط، فالمنصب بمجمله “مهمّش” تماماً، حتى أنك تحتاج للعودة إلى “غوغول” للتدقيق في اسم رئيس الحكومة هناك، وهذا ما فعلته اليوم، لكنني وغيري نحفظ عن ظهر قلب، أسماء من يشغلون المواقع الأولى في “حلقة صنع القرار السياسي والأمني في دمشق”...كان الله في عون السوريين وعوننا.

التاريخ : 07-08-2012

=================

عاجل : انشقاق بشار الأسد ! * ياسر الزعاترة

الدستور

7-8-2012

“نظام القتل والإرهاب”.. هكذا وصف رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق نظام بشار الأسد.

فماذا يقول شبيحة النظام المنبثين داخل سوريا وخارجها، والذين ينافحون عنه بكل ما أوتوا من قوة وبلاغة؟!

عملية الانشقاق استغرقت شهورا من الإعداد. هذا ما قاله المقربون من رياض حجاب وقادة الجيش الحر، ما يعني أن المسؤولين السوريين بكافة أشكالهم هم عبارة عن رهائن بيد النظام يحاصرهم الحرس الجمهوري بدعوى الحماية كي يحول بينهم وبين التفكير في الانشقاق!!

لم يخرج الرجل إلا بعد أن أمّن أفراد عائلته الكبرى وليس الصغرى فقط، ما يعني أن النظام لا يأخذ المسؤولين رهائن لديه، وإنما يأخذ عائلاتهم رهائن أيضا، ونعلم أن أحدا لا يمكنه التضحية بعائلته، كما نعلم أن جحافل الشبيحة والحرس والمخابرات يشددون الرقابة على الجميع.

أقسم أنه لو منح النظام مهلة أسبوع واحد لمن أراد الانشقاق عنه كي يخرج هو وعائلته لما بقي معه غير جزء يسير من بنيته الطائفية، وأقول جزء لأن كثيرا من العلويين لن يبقوا معه، لاسيما غير العسكريين منهم، هم الذين يدركون أنه يخوض معركة عبثية لا أفق لها على الإطلاق.

لولا إسناد إيران التي تتدخل في مفاصل النظام وتدير المعركة وتوجه الوحدات المقاتلة، وهي ذاتها التي تقنع بشار ومن حوله بإمكانية الانتصار لانتهى كل شيء سريعا، ولجرى تجنيب البلد المزيد من الموت والدمار.

إننا لا نبالغ حين وضعنا عنوان المقال، إذ لا يستبعد أن يكون الإسناد الإيراني والبنية الأمنية والعسكرية والطائفية التي تحيط ببشار الأسد هي التي تحول بينه وبين الموافقة على عروض “الخروج الآمن” التي قُدمت له من العرب وتركيا، فالرجل ليس خارق الشجاعة لكي يختار القتال حتى النهاية؛ هو الذي لا يحتاج لكثير من العقل والمنطق حتى يدرك أن انهيار نظامه لا يعدو أن يكون مسألة وقت لا أكثر.

حتى متى يستطيع النظام أخذ مسؤوليه وعائلاتهم رهائن؟ وحتى متى يستطيع الإبقاء على عشرات الآلاف من الضباط والجنود رهائن في وحداتهم العسكرية لا يشاركون في القتال خشية الانشقاق، بينما يكتفي باستخدام الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد إلى جانب الحرس الجمهوري مع مضموني الولاء من الجنود والضباط؟!

نعلم أنهم سيقولون إننا نتحدث بروحية طائفية، ولكن ما بات واضحا هو أن البنية السنية قد خرجت من دائرة الأسد، ولم يبق معه غير البنية العلوية، أو الجزء المقتنع بالمعركة منها، إلى جانب نسبة من بعض الأقليات الأخرى. وقد أصبح كل سني في دائرة الشك تراقبه البنية الأمنية الطائفية.

ليست المسألة طائفية بالضرورة، بل هي منطقية، إذا أن عاقلا لا يمكن أن يعتقد أن النظام سيبقى، والغريب أن بعض النخب اليسارية والقومية في بعض الدول العربية ما زالت تعتقد أن النظام سينتصر على الإرهاب، ومن ورائهم إيران وحزب الله، لكن الواقع يصفعهم جميعا، وجاء انشقاق رياض حجاب ليشكل الصفعة الأكبر على وجوههم بعد عملية مبنى الأمن القومي، فالأمر لا يتعلق برئيس وزراء ومعه عدد من المسؤولين الحكوميين والأمنيين فحسب، بل بعملية معقدة تثبت تداعي النظام واقتراب انهياره.

نكتب الآن، وقد سمعنا ونتوقع أن نسمع الكثير من الهراء من قبل النظام وشبيحته في الداخل والخارج بخصوص انشقاق رياض حجاب (قيل إنه أقيل!!)، لكن أي كلام يمكن أن يقولوه لن يداري حجم الخيبة التي يشعرون بها والارتباك الذي يتلبسهم.

فالمسألة هنا لا تتعلق بسفير سيتهمونه بالفساد أو القول إنه مجمد أو إنه لم يكن سفيرا بل مجرد قائم بالأعمال أو قنصل أو موظف، بل يتعلق برئيس الوزراء.

على الذين يحرصون على سوريا أن يطالبوا هذا النظام بسرعة الرحيل وتجنيب البلاد مزيدا من الدمار، أما تشجيعه على العناد والمضي في مسيرة القتل، فيمثل جريمة يتحملون مسؤوليتها معه، ونعني هنا إلى جانب الشبيحة إيران على وجه الخصوص، وكذلك حال روسيا والصين (ننتظر تصريحات لافروف، الناطق باسم التحالف الشيعي!! ألم يحذر من الدولة السنية؟!).

سوريا الشعب تتنظر إعلان الانتصار. صحيح أن اليوم التالي سيبقى برسم الأسئلة، لكن ذلك لا يقلل من قيمة الانتصار، فما من ثورة مرت بيضاء معقمة، ومن الطبيعي أن تكون هناك خلافات ومشاكل وفوضى، لكن ذلك كله ثمن ضروري للتخلص من الديكتاتورية والفساد.

التاريخ : 07-08-2012

=================

هل بدأ تفكك النظام السوري؟

الياس خوري

2012-08-06

القدس العربي

  مكابرة النظام السوري الدموية وصلت الى نهايتها في حلب. اجمل مدن الكون واكثرها عراقة تقصف بطائرات الميغ الحربية. كأن بشار الأسد ولفيفه من القتلة والسفاحين يعتقدون انهم يستطيعون تدمير كل سورية وتحويلها الى مقبرة. وبذا يصير النظام حارسا للقبور وحاكما على الأشباح الهائمة.

لم يتعظ ابن 'السلطة الابدية' لما جرى لأقرانه من المستبدين العرب، بل اعتقد واهما ان الدعم الخارجي سوف يعطيه يدا حرة ومطلقة من اجل تدمير سورية.

كل مدن سورية ثائرة، والجيش النظامي ينتشر على مساحة البلاد كلها، القصف يمتد من دمشق الى درعا، ومن دير الزور الى حمص، ومن حلب الى حماه وحمص واللاذقية.

ومع ذلك استطاع الجدار العسكري الأصم ان يصمد في دفاعه عن الرئيس الديكتاتور والسلالة الحاكمة، ورغم كل الانشقاقات في صفوف جنود الجيش السوري، وخصوصا في صفوف الضباط، فان آل الأسد لم يبالوا، واستمروا في لعبة البقاء الدموي في السلطة.

لكن امس حدثت احدى المفاجاءات الكبرى، رئيس الحكومة رياض حجاب هرب الى الأردن، ويقال انه انشق مع ثلاثة وزراء، اعتقل منهم وزير المالية قبل ان يستطيع الهرب الى الاردن.

ماذا بقي من السلطة ايها الديكتاتور؟

بلد بلا حكومة، وبرلمان لا شرعي، وقضاء بلا معنى، واعلام كاذب.

السلطة تتفكك حجرا حجرا، ولم يعد من الممكن الاستمرار في اللعبة.

لا ادري ماذا سيقول لافروف لسيده بوتين، كي يلخص له بؤس حالة النظام الذي يبهدل السلاح الروسي، محولا روسيا الى عدو للسوريين والعرب اجمعين؟

لكن بعد تداعي الحكومة باتت المسألة في ملعب واحد.

انها لحظة الحقيقة بالنسبة للجيش السوري النظامي، على قيادات الجيش ان تختار بين النظام والوطن.

فالسياسة الرعناء التي تتبعها السلالة الحاكمة لن تقود سوى الى خراب سورية. فالنظام الأرعن الذي فتح جميع ابواب التدخل الخارجي، الروسي- الايراني، كان عليه ان يتوقع تدخلا موازيا من اطراف أخرى، وبذا فهو يقود سورية الى الخراب والدمار، فيما يحفر قبره بيديه.

انها لحظة الحقيقة بالنسبة للجيش الذي دُمرت سمعته وجرى تلويثه بدماء الأبرياء، فالمخرج الوحيد من الحرب المفتوحة، التي قد تكون كوكتيلا من مساويء كل الحروب الأهلية، لأنها سوف تدمج طائفية حرب لبنان بهمجية التطهير العرقي الصربي، بوحشية استباحة المدنيين على الطريقة العراقية، المخرج هو انشقاق قوى وازنة من الجيش النظامي وائتلافها مع الجيش الحر من اجل تشكيل قوة تحمي الثورة والمجتمع والدولة، وتعلن نهاية الحقبة الأسدية السوداء.

لا ادري اذا كان ما اقوله مجرد امنية، فالكلمات التي نكتبها الآن في سباق مع الاحداث، والأمل هو ان لا يسمح الجيش النظامي بارتكاب مذبحة مروعة في حلب، لأن ثمن هذه الخطيئة سوف يكون كبيرا، وكبيرا جدا.

ان انشقاق الجيش او قوى اساسية فيه عن هذه السلطة وانفكاكها عن الجريمة الوحشية التي ترتكب بحق الشعب السوري منذ ستة عشر شهرا، لن تأخذ معناها العميق الا عبر ائتلاف يجمعها مع الجيش السوري الحر ومع تنسيقيات شباب الثورة، كي يستعيد المجتمع المدني السوري حقه في حكم نفسه بنفسه، وكي يتم تحرير الثورة من اي ارتهان لقوى خارجية سواء كانت عربية او اجنبية.

فالحرية هي ايضا فعل مستقل واستقلالي بامتياز.

كل شيء يشير الى ان النظام الاستبدادي يتفكك.

والأمل هو ان يتسع الانشقاق اليوم قبل الغد، كي لا يكون ثمن اسقاط هذا النظام الوحشي اكبر من ان يحتمل.

=================

ضربات قوية لنظام الأسد

عبد الباري عطوان

2012-08-06

القدس العربي 

لا نعتقد ان الرئيس السوري بشار الاسد سينعم بنوم هادئ في الايام القليلة المقبلة بعد انشقاق رئيس وزرائه رياض حجاب وهروبه الى الاردن للانضمام الى رهط من المنشقين السياسيين والعسكريين، يتوزعون في عواصم عربية واجنبية عديدة ويشاركون المعارضة في التخطيط لاطاحة نظامه.

المتحدثون باسم النظام كانوا يتباهون، وحتى الامس القريب بان النظام قوي ومتماسك، بدليل مؤشرين اساسيين: الاول هو عدم حدوث انشقاقات كبرى في صفوف المؤسستين السياسية والعسكرية، والثاني استمرار العاصمتين السياسية (دمشق) والتجارية (حلب) في الولاء للنظام، ولكن توالي انشقاقات السفراء واخيرا رئيس الوزراء، ووصول هجمات الجيش السوري الحر وقوات المعارضة الى قلب المدينتين الكبريين، حرم هؤلاء المتحدثين من هاتين الورقتين الاساسيتين.

انشقاق الدكتور حجاب يختلف كثيرا عن كل الانشقاقات السابقة لسبب بسيط وهو ان الرجل جرى اختياره في منصبه الجديد بعد انتخابات برلمانية من المفترض ان تعكس اصلاحات سياسية تؤسس لمرحلة جديدة في سورية، وكأن الرئيس بشار يريد ان يقول للشعب السوري الموالي منه والمعارض، انه اختار رئيس وزراء مختلفا من حيث كونه من التكنوقراط نظيف اليد واللسان، يتمتع بخلفية عشائرية قوية (دير الزور) وشعبية كونها من خلال توليه مناصب عديدة كمحافظ للقنيطرة وبعدها اللاذقية، اي انه يؤرخ لمرحلة جديدة.

الدكتور حجاب كان اختيار الرئيس بشار نفسه وليس الاجهزة الامنية، ليكون الواجهة السياسية الجديدة والحضارية للنظام، ولكنها واجهة لم تعمر الا شهرين وانهارت بكاملها بانشقاقه.

انه اختراق كبير، اختراق مزدوج، سياسي وامني في الوقت نفسه، كشف عن اتساع الشروخ في الدائرة الضيقة للنظام، مثلما كشف عن اختراقات امنية اكبر من المفترض ان لا تتم بعد انشقاق حيتان عسكرية وسياسية كبيرة، مثل العميد مناف طلاس، والسفير نواف الفارس، واغتيال اربعة من ابرز اعضاء الخلية الامنية قبل اسبوعين، وهم وزير الدفاع ونائبه (صهر الرئيس) ورئيس الامن القومي وخلية الازمة.

' ' '

هذا الاختراق المزدوج الامني والسياسي ربما يكون ناجما عن اربعة امور رئيسية:

الاول: ان تكون المؤسسة الامنية قد ارهقت، وبالتالي ترهلت، وفقدت هيبتها وحماسها، ولم تعد قادرة على ممارسة دورها الترهيبي الذي عرفت به.

الثاني: انفضاض بعض العشائر والمخزون السياسي البعثي والمدني الذي كان يستند اليه النظام، وخاصة الطبقة الوسطى ومكوناتها الاقتصادية والاكاديمية والحزبية.

الثالث: نجاح خطاب المعارضة السياسي والدعائي المدعوم بآلة اعلامية فضائية جبارة في هز الثقة بالنظام من خلال الطرق المتواصل بقرب نهايته.

الرابع: الاغراءات الهائلة بالمناصب المستقبلية، وكثافة العمل الاستخباري الاجنبي، ووصول المعدات الامريكية التقنية المتقدمة في مجال الاتصالات خاصة (هواتف ذكية) يصعب رصدها او مراقبتها، الى اطراف في المعارضة سهلت عمليات الانشقاق هذه.

الامر المؤكد ان الخناق يضيق على نظام الرئيس الاسد وان الهجمة لاطاحته بدأت تعطي بعض ثمارها من حيث تقويضه من الداخل، وقصقصة اجنحته السياسية بالدرجة الاولى والعسكرية بالدرجة الثانية.

ولكننا قد نختلف مع التقويمات السابقة لاوانها، والامريكية خاصة، التي تعتبر انشقاق الدكتور حجاب كمؤشر على فقدان النظام سيطرته.

النظام السوري نظام عسكري امني بالدرجة الاولى، يستمد شرعيته ويدين بوجوده الى شراسة المؤسستين الامنية والعسكرية، بينما توفر المؤسسة السياسية غطاء شفافا وخفيفا للغاية ليس له اي قيمة. فحزب البعث كان مجرد ديكور هش ليس له اي علاقة بالحكم ومفاصله الرئيسية.

مجلس الوزراء كان وما زال عبارة عن 'مجلس بلدي' مكبر يتولى ادارة شؤون الخدمات، وتنفيذ الاملاءات الامنية والعسكرية. اما الوزارة الحقيقية الموازية التي تدير شؤون البلاد، وترسم السياسات الاقتصادية والامنية فموجودة في القصر الجمهوري ومؤسسته الامنية على وجه الخصوص.

وبهذا المعنى فان انشقاق وزير او سفير او حتى رئيس وزراء سيكون تأثيره معنويا ونفسيا، وان كان هذا التأثير بالغ الاهمية ولا يمكن، بل لا يجب التقليل من شأنه، فالحرب النفسية التي يتسيدها الاعلام حاليا هي نصف الحرب في مجملها ان لم يكن اكثر.

من المؤكد ان انشقاق الدكتور حجاب وبعد نجاحه في تأمين خروج سبعة من اخوته وشقيقتيه وعوائلهم جميعا الى الاردن، ودون علم النظام هو الضربة النفسية شبه القاضية للمؤسسة الامنية السورية، والغريب اننا لم نسمع مطلقا عن تشكيل لجنة تحقيق حول كيفية حدوث هذا الانشقاق، او الاطاحة برؤوس كبيرة في هذه المؤسسة. فاما ان يكون النظام اضعف من اجراء مثل هذا التحقيق، او انه يخشى تبعاته ويميل الى تجنب المزيد من الانشقاقات او حتى الانهيارات.

' ' '

سبحة الانشقاقات قد كرت، ليس هناك ادنى شك، وبات السؤال المطروح هو حول الشخصية او الشخصيات الاخرى التي ستظهر على الفضائيات معلنة انشقاقها، لكن الاختبار الحقيقي الذي يمكن من خلاله الحكم على قوة النظام او ضعفه هو معركة حلب، فنجاحه في استعادة الاحياء التي سيطرت عليها قوات الجيش السوري الحر سيحيل ملف الانشقاقات الى عالم النسيان، اما خسارته فتعني بدء العد العكسي والسريع لنهاية حكم الرئيس بشار الاسد.

النظام السوري سيحاول تعويض هذه الخسارة الكبرى من خلال التغول في القتال في حلب ومناطق اخرى في محاولة شرسة لاستعادة هيبته، او بالاحرى ما تبقى منها، وعلينا ان نتوقع، خسائر بشرية ضخمة في الايام المقبلة.

اما ما يمكن توقعه ايضا، فهو التخلي عن فكرة تولي بعض الواجهات السياسية غير الموثوقة مناصب هامة في الوزارة ورئاستها لتجنب انشقاقها في اسابيع او اشهر من توليها للمسؤولية الشكلية على اي حال.

الرئيس بشار الاسد يعيش حاليا وبعد هذه الاختراقات الامنية والسياسية المرعبة، ظروفا مشابهة لتلك التي كان يعيشها الرئيس العراقي صدام حسين بعد غزوه للكويت وقصف القوات الامريكية لعاصمته، فلم يعد يتحرك بثقة وعلانية، ولم يعد ينام في قصوره، ويتنقل من بيت الى آخر، فعندما تصل يد المخابرات الاجنبية الى خلية الازمة وتغتال اربعة من رؤوسها الاساسية، فان رأسه هو الذي بات مطلوبا، خاصة بعد ان اكدت الولايات المتحدة انها لن تكرر خطأها في العراق، وستعمل على الحفاظ على النظام وهياكله ومؤسساته، اي انها لن تمارس الاقصاء ضد البعثيين ولن تحل الجيش.

رأس الرئيس الاسد هو المطلوب الآن وربما رؤوس صغيرة حوله ايضا، وطالما بقي هذا الرأس مرفوعا فان الازمة في سورية ستستمر وقد تطول اكثر مما توقعه الكثيرون.

=================

مسألة العلويين والكلام في المحرّم

علي ديوب *

الثلاثاء ٧ أغسطس ٢٠١٢

الحياة

يأخذ الحديث في المحرم أهمية تفوق قيمته الجوهرية بالمعنى المعرفي. وهذه الأهمية تتحصل بالضبط من الوسط الذي يضفي عليه درجة عالية من القيمة. ولا يعود مهماً موقف المثقف منه بعد فقد السيطرة عليه، وقد أخذ الناس زمام المبادرة في إحكام سيطرتهم على شارع الكلام، وعلى وسائل إنتاج المفاهيم.

لا يزال الكلام في الممنوع الديني يشكل عقبة العقبات في ثالوث المحرّمات، الذي تكلم عنه الراحل بو علي ياسين (الثالوث المحرم: الدين والجنس والسياسة). ويكاد يشترك في تأبيده كل من النظام والمثقفين في سورية، فيما لم تعترف العامة بهذا التحريم الثقافي المسيّس، وعاملوه على قاعدة «الأصل في الحقوق الإباحة».

ومع دخول عصر الاتصالات، يتنامى دور العامة في سوق الكلام، حيث تغدو معه ديموقراطية أثينا تمريناً بسيطاً.

لماذا تطلّب مني التعليق على مقالة كامل عباس «عن العلويين والثورة» (الحياة، ٢٣ تموز/يوليو) هذا الإسهاب؟

لأكن واضحاً وصريحاً، فأقول إن الموضوع لم ينزل في وعيي منزلة المعلّم. وهو لا يتغيّا هذه الغاية. ولكنه حرك لديّ تقديراً حقيقياً لصاحبه، في تبنيه دوراً، أو شهادة، يمليها عليه ضميره ككاتب وكمواطن. وقد صدمني رأي الصديق الكاتب والمترجم ثائر ديب، في تعليقه على الموضوع في الموقع الالكتروني لجريدة «الحياة»، حين راح يرمي شخص كاتب المقال بحجارة الماضي، ويسجنه في ألقاب لا تعنيني كقارئ.

كما استغربت طريقة البعض في قراء المقال. فمن بديهيات الكتابة ألا يتوقف الكاتب عند كل مفردة، فيحسب حساب كل القراء، ليخلّص ذمته معهم كرقباء، بدلاً من أن يبذل اهتمامه في موضوعه. وإلا غدا حاله حال مطرب يتوقف بعد كل عبارة غريبة، فيشرحها شرح المفردات.

هل كان ينبغي حقاً على الكاتب أن يقول «بعض الطائفة العلوية»، ليتفادى التعميم؟ وكيف يحق لنا الجزم بأنه عمّم؟

أعتقد أن تبرئة الطائفة العلوية من حقيقة أن الحكم الأسدي يلبس قناعها، ويظهر بمظهر من يمثلها في الحكم، تحتاج أولاً إلى تبرئة أوهام العلويين الذين يحملون هذا الفهم المضلل. كما تحتاج الى تبرئة أوهام الطوائف الأخرى من هذا الوهم على قدم المساواة. وهي تماثل التنكّر لحقيقة أن الحكم في سورية هو لآل الأسد. وأما التعالي على هذا الواقع، فهو نوع من التأبّي عليه، يخرجنا من الواقع، فيما يبقى الواقع واقعاً. وتترسخ فيه حقيقة أن الشمس تدور حول الأرض.

هل أقصد تبرئة أو عدم تبرئة الطائفة العلوية من تهمة حكم البلد؟ لن أنجر خارج هدفي كمواطن معنيّ بأن تبقى الطائفة العلوية، مثلها مثل كل الطوائف والتكوينات الاجتماعية الأخرى، بريئة من الوقوع في الفخاخ التي زرعها الطاغية، في كل مكان وطائفة، تحت جلود الأخوة والجيران. كما أنني معني كثيراً بتجنيب أهلي وأماكن ذكريات الطفولة من لوثة الجنون والتبعية العمياء للحاكمين الظالمين القتلة. وهي لوثة لا يسعني التنكر لحقيقتها، كما لا يسعني التنكر لحقيقة أنها تتجاوز الطوائف، لتطاول تعبيرات المجتمع المدني.

تعرضت الطوائف، وأولاها الطائفة العلوية، للتخريب والدمار، على يد حكم آل الأسد الذين سخّروا كل ممكنات الحياة والناس لتدمير معالم الحياة وتشويه علاقات الناس؛ بغاية تأبيد حكمهم، متجاهلين حقيقة التغير الدائم للوجود. وهي حقيقة لا قدرة لكل قوى البشر مجتمعة على نفيها أو إبطالها. فكل حراسات الطغاة جميعاً لا تستطيع منع شيخوخة طاغية وموته، تماماً كما تتحول قطعة لحم في الهواء الطلق إلى كتلة من الديدان. وحين نرى فئة رجال الدين في الطائفة العلوية مثلاً - جرياً مع نقاش المقال هنا - غارقة في أوهام تجعل أفرادها عاجزين عن فهم هذه الحقائق البدائية؛ يكون علينا أن نعترف بأن عجزهم لا ينفصل عن موقعهم في ركب النظام، واحتلالهم مواقع سياسية تشكل وعيهم. ونعترف بحقيقة أن المتنفعين من الطائفة العلوية مهما قلت نسبتهم وتدرجات تنفيعهم، التي تبدأ من الاستئثار بالسلطة على يد عائلة أو بضع عائلات معروفة، وتنتهي عند آذن في مدرسة يدير مديرها؛ تفرض علينا القول إن الطائفة تشوهت. نعم. فلا يكفي لتشوّه الجسد أن يكون كل عضو فيه قد طاوله التشوه. حتى وإن كان هذا ليس وقفاً عليهم، من دون طبقة رجال الدين والمسؤولين السياسيين والأمنيين في بقية الطوائف (للاستفادة يراجع ما كتبه ياسين الحاج صالح في موضوعه الدولة السلطانية المحدثة)... بل لا يعني تجاهله سوى مساهمة في هذا التشوه.

لقد تم تخريب الطائفة العلوية بلا كلفة تقريباً. أو بثمن بخس. وهذا بحاجة إلى بحث مستقل، على رغم أن التخريب عادة عملية سهلة؛ وهو لهذا مثار خلافات في الرأي بين المثقفين، لا يتنازل فيها بعضهم عن التنابذ بالجهل، وقد ينحدرون إلى مستوى التخوين، ما يجعل من الكلام في هذا الباب حساساً ومحفوفاً بمخاطر، ترمي الرعب في قلب الجميع.

ولكن لا علاج للخوف بتفادي موضوعه، بل في الوقوع فيه - وفق عليّ - والقبض عليه، باعتباره من أهم أولويات حقوقنا.

ثمة نقطة أخيرة تتعلق برفض البعض النظر إلى التكوينات الاجتماعية بوصفها طوائف، وهذا برأيي يغفل أن الطائفة تتسم بالتركيب، وتتشكل من مزيج هويات، مثل حال أي فرد وأي مجتمع. فالهوية النقية للبشر لا وجود لها إلا في الأوهام.

* كاتب سوري

=================

سياسة تدمير المدن

خالد غزال *

الثلاثاء ٧ أغسطس ٢٠١٢

الحياة

تشهد الحرب الأهلية في سورية أعنف فصولها بعد الانفجار الذي أودى بخلية الأزمة التي شكلها النظام لإدارة آلة القتل ضد الشعب السوري. يتجلى هذا التحول في استخدام النظام ترسانة أسلحته التي امتنع حتى الآن عن استخدامها خصوصاً الطيران الحربي، في دك المدن والأرياف، غير عابئ بحجم الدمار الذي سيحصل. تؤكد المعارك الجارية على تصميم النظام وسعيه إلى إنهاء الانتفاضة مهما كلف ذلك من أثمان في البشر والحجر.

شكل دخول مدينتي دمشق وحلب في صميم الانتفاضة وتصدرهما الحراك الشعبي والعسكري نقلة نوعية لكلي الطرفين، فالانتفاضة وجدت في تحول المدينتين تغيراً نوعياً في معركة إسقاط النظام، بالنظر إلى ما تمثلانه من موقع سياسي لكون دمشق هي العاصمة، وثقل اقتصادي ترمز إليه مدينة حلب. كانت الشكوى دائماً من تخلف هاتين المدينتين عن الانخراط في الانتفاضة، حيث كانت الأسباب تتراوح بين الموقع الذي تحتله البرجوازية السورية في المدينتين، وخوفها على مصالحها بعد التهديدات التي كان الرئيس الأسد قد أطلقها في وجه رجال الأعمال الدمشقيين من أنه سيدمّر المدينة إذا ما تمردت عليه. كما يعزى سبب آخر إلى ذلك «العقد» الذي سبق للرئيس حافظ الأسد أن وقعه مع البرجوازية، خصوصاً السنيّة منها، بضمان مصالحها الاقتصادية، مقابل إطلاق يد النظام في الجانب السياسي. هكذا بعد أشهر مديدة على الانتفاضة، أدركت المدينتان أن ما كان يشكل ضمانة لمصالحهما، أي الولاء للنظام، بات يشكل الخطر الأكبر على هذه المصالح. أما النظام، فقد هاله أن تفلت من يديه هاتين المدينتين، وهو الذي كان يفاخر مع القوى الدولية، بأن حلب ودمشق تدينان له بالولاء، وأنهما يشكلان بشرياً نصف الشعب السوري. لذا أتى انتقامه من المدينتين عنيفاً جداً.

لا شك في أن سياسة تدمير المدن هي سياسة بعثية بامتياز. ما يقوم به الرئيس الحالي لسورية كان سبق الفضل فيه لوالده عندما قاد معركة ضد مدينة حماة في 1982، وأباد أحياء عن بكرة أبيها، وقتل جميع من فيها، شيوخاً وشباباً وأطفالاً، نساء ورجالاً، كل ذلك بدم بارد، ومن دون أي اعتبار لقيم إنسانية أو لتمييز بين مخطئ وبريء. ها هو الابن سر أبيه، يكرر ما سبق أن فعله الأب، وبشكل أشنع مما حصل. إذا كان الأب اقتصر تدميره على مدينة واحدة، فان الابن مصرّ على التفوق بامتياز على والده، فيعمل على تدمير كل المدن السورية، طالما أنها رفضت أن تركع لأجهزته الأمنية أو تنصاع لاستبداده. لقد حققت سياسة تدمير المدن حتى الآن الهدف الأكبر مما أراده النظام، وسيتحقق ما هو أخطر في الأيام المقبلة، في ضوء ما تسجله آلة الدمار اليومية في مدن وأرياف سورية.

إذا كانت سياسة تدمير المدن «ماركة بعثية مسجلة»، فان علامة أخرى تلتصق بالحكم البعثي، ألا وهي استخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية ضد الشعب المنتفض. على غرار ما قام به صدام حسين في العراق عندما استخدم الأسلحة الكيماوية ضد أبناء الشعب العراقي، وأباد الآلاف منه خلال حكمه الرهيب في القرن الماضي، فان النظام البعثي السوري يكرر المسلك إياه، بعدما أعلن عن وجود الترسانة الكيماوية لديه. ليس صحيحاً أن هذا النظام لن يستخدم هذا السلاح ضد الشعب السوري، إنما سيستخدمه ضد أي تدخل خارجي في سورية، لأن من تقاليد هذا النظام التراجع الفوري أمام الخارج، والاستئساد على الداخل، مما يجعل ترجيح استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري هو احتمال فعلي سيلجأ إليه النظام كلما شعر بأن مسار الانهيار الداخلي يتسارع في وجهه، وأن نهاية نظامه باتت قريبة. في أي حال إن استخدام الأسلحة الكيماوية هو الوجه المكمّل لاستخدام الطيران في تدمير المدن السورية.

يكتشف السوريون كل يوم أن أقصى ما يقدمه لهم المجتمع الدولي والعربي ليس أكثر من التأييد المعنوي الذي يصعب صرفه على الأرض. ويتأكد للسوريين أن قواهم الذاتية واتساع التأييد الشعبي، وتواصل الانشقاقات العسكرية، والإصرار على مواصلة الانتفاضة هي وحدها التي ستقودهم إلى إسقاط النظام. في المقابل، تبدو سورية أمام أيام صعبة وعصيبة على جميع المستويات، فالقتل والتدمير سيزداد، والمأساة الإنسانية باتت كارثية، ومعاناة الشعب السوري لا حدود لها. لقد حسم النظام وبشكل نهائي: إن ذهابه مقترن بتدمير سورية بشراً وحجراً.

=================

من سيهرب بعد رياض حجاب؟

الثلاثاء ٧ أغسطس ٢٠١٢

الياس حرفوش

الحياة

من هو الشخص التالي الذي سينشق عن نظام الرئيس بشار الاسد بعد رياض حجاب والعقيد يعرب الشرع ابن عم فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية، ومناف طلاس صديق الرئيس وابن وزير الدفاع الاكثر اخلاصاً وولاء لعائلة الاسد طوال فترة حكمها؟

هذا هو السؤال الذي اصبح على لسان الجميع بعد ان باتت حركة الانشقاقات عن النظام شبه يومية، وتمتد من ديبلوماسيين الى عسكريين وسياسيين، فضلاً عما يتردد عن اعتكاف مسؤولين في الداخل، لم يعلنوا انشقاقهم او يهربوا الى الخارج. وهكذا بات حال النظام السوري مثل حال باخرة تشرف على الغرق، ويسعى من يستطيع من ركابها للهرب الى اليابسة قبل النهاية المحتمة التي يراها الجميع. والسؤال هنا: هل تلوم رياض حجاب لأن «صحوة ضميره» تأخرت واكتشف «نظامَ الإرهاب والقتل»، كما وصفه امس، بعد أن اقتربت أعداد القتلى من عشرين الفاً خلال الشهور الستة عشر الماضية؟ أم تثني على شجاعته في مواجهة مخاطر النجاة، بينما الركاب الآخرون ينتظرون في مقاعدهم اللحظةَ التي سيغرق فيها ربان السفينة؟

لم يكن معروفاً عن رياض حجاب انه صاحب احلام سياسية ويسعى الى الانقلاب على النظام القائم ليقود منصباً بعد انتصار الثورة، فالرجل «زراعي» في زي حزبي، وليست السياسة على كل حال من المواصفات التي اتت به الى رئاسة الحكومة في سورية، فالكفاءات السياسية لم تكن يوماً من الصفات المطلوبة لهذا المنصب. في احسن الحالات، رئيس الحكومة السوري موظف من الدرجة الاولى او ما فوقها بقليل، لذلك كان المراقبون يعودون الى مواقع البحث مثل «غوغل» وما شابهها ليبحثوا عن هوية رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على هذا المقعد في ظل بشار الاسد، مثل رياض حجاب ومِن قبله عادل سفر، الذي نجا بنفسه وعاد الى بيته، وقبله محمد عطري ومحمد ميرو، والآن ... عمر غلاونجي.

من المبالغة النظر الى انشقاق رياض حجاب بأكثر من كونه رمزياً، نظراً الى الى ان الانشقاقات التي يمكن ان تقض مضجع النظام فعلاً هي تلك التي يمكن أن تحصل في دائرته الضيقة، المذهبية والعائلية، او تلك التي قد تحصل في القيادات الامنية التي تشرف على تنفيذ الاوامر العسكرية على الارض. لكن على رغم ذلك، فإن قدرة المعارضة على الوصول والتنسيق مع المسؤولين داخل اجهزة الدولة الى رئيس الحكومة نفسه، من شأنها ان تقلق النظام وان تزيد من حذره حيال التعامل مع الوزراء والمسؤولين على كل المستويات. ومن الطبيعي ان يؤدي هذا الحذر الى الاعتماد أكثر فأكثر على أقرب المحيطين بالرئيس مما يؤدي الى تزايد الانشقاقات بين المسؤولين في الدائرة الأوسع بسبب الحذر منهم وإبعادهم عن مركز صنع القرار.

لقد كان من البديهي ان يؤدي الإيغال في العنف وفي أعمال القتل الى هذه النتيجة، فالنظام الذي وضع نفسه في موقع «العداء» لأكثرية شعبه، حسب التعبير الذي اعتمده رئيسه، كان لا بد ان يتوقع ان معاونيه سوف يتخلون عنه بعدما بلغت نسبة المجازر والتهجير في المناطق التي ينتمون اليها حداً لم يعد يطاق. ليس غريباً بعد هذا أن يفكر ابن طلاس بمدينة الرستن، وابن حجاب بدير الزور، وابن الشرع بدرعا، بعد ان انكفأ النظام الى التفكير فقط بأبناء عشيرته ومذهبه ومنطقته، وصولاً الى شن حرب باسم هؤلاء على أكثرية أبناء البلد في سبيل البقاء في الحكم.

هذا هو المعنى الحقيقي لانشقاق رياض حجاب، وهو يفوق في بلاغته اي معنى آخر، مهما حاول النظام ان يلمّع الصورة وان يهون من قيمة الرجل، على رغم ان اعلامه وصف حجاب يوم تعيينه رئيساً للحكومة بأنه «رجل المرحلة الحالية والمقبلة». والمعنى من الانشقاق، ان بشار الاسد استطاع خلال السنتين الاخيرتين ان ينزع عن حكمه كل الشعارات التي نجح والده طوال ثلاثين سنة في تزيين نظامه بها، سواء منها العروبية والقومية، او تلك التي منحته غطاء داخلياً واسعاً يتشكل من ابناء الطوائف السورية المختلفة ويحميه من تهمة «حكم الاقلية».

=================

الخائفون في دمشق؟

علي إبراهيم

الشرق الاوسط

7-8-2012

عندما ينشق رئيس حكومة نظام ما بعد تقريبا شهرين من تعيينه وتتسرب معلومات عن أنه كان يتفاوض منذ فترة قد تكون سبقت حتى قرار تعيينه، على الهروب من البلاد - يصبح السؤال مستحقا عما تبقى من النظام، ومن الذي يديره في الوقت الذي تتصاعد وتيرة الانشقاقات بين أركانه وكبار مسؤوليه، وكذلك عن حجم الاختراق الموجود داخله الذي لا يقتصر على الانشقاقات ولكن على الوصول حتى إلى أهم معاقله الأمنية، مثل ذلك التفجير الذي حدث قبل أسابيع وقتل فيه أركان القيادات الأمنية.

منذ بداية الانتفاضة في سوريا واللجوء إلى الحل الأمني في مواجهة مظاهرات كانت سلمية في البداية، كان يطرح السؤال في مواجهة عبثية هذا الحل الذي يدرك أي عاقل أنه يقود إلى طريق مسدود: من صاحب القرار، وهل الأسد نفسه هو صاحب القرار أم هو رهنية آخرين؟ وثبت مع مرور الأيام والتطورات الدامية في سوريا، والتسريبات من هنا وهناك أنه المسؤول الأول، وأن دائرة ضيقة موثوقا بها وتربطها مصالح مشتركة ربما عائلية هي التي تدير الأزمة، بينما ينفض الجميع من حولها ويقفزون من السفينة التي توشك على الغرق.

وربما يكون أدق تعبير عن انشقاق رئيس الحكومة السورية ومعه وزيران وقيادات عسكرية - هو الذي أطلقه وزير خارجية ألمانيا أمس عن أن النظام يتأكل بسرعة، وليس معروفا ما إذا كانت هناك بوادر انشقاقات أخرى بين مسؤولين رفيعين مثل وزير الدفاع كما تردد، لكن مسار الأحداث يشير إلى أنه ربما هناك كثيرون يرغبون في القفز من السفينة من داخل النظام وينتظرون اللحظة أو الظروف المناسبة، وقد يكون ذلك مرتبطا بتأمين عائلاتهم، فالملاحظ أن كثيرين من المنشقين لا يفعلون ذلك إلا بعد تأمين عائلاتهم والخروج معهم خوفا من بطش النظام الذي يقال إنه يبطش بعائلات الذين ينقلبون عليه.

المحير أن المجموعة الضيقة التي تدير النظام حاليا، وعلى رأسها الرئيس الأسد نفسه، يبدو أنها مصابة بما يشبه العمى عن رؤية حقيقة أن السفينة تغرق بهم، وأنه مع تصاعد وتيرة الانشقاقات بين كبار المسؤولين التنفيذيين والقيادات العسكرية وخروج أجزاء كبيرة من الأراضي السورية عن سيطرتهم - فإن النظام دخل مرحلة أشبه بالمرحلة الأخيرة للقذافي في ليبيا. وقد تكون حالة ما تبقى من النظام في سوريا مختلفة عن القذافي من حيث وجود داعمين خارجيين إقليميين ودوليين، لكن حتى هؤلاء سيتخلون عنهم في مرحلة ما أو يساومون عليه عندما يشعرون بأنه لم تعد هناك فائدة.

المؤكد الآن أن هذه المجموعة الضيقة تتأكل يوميا لتصبح أضيق من ذي قبل يوما بعد يوم، والمرجح أن هناك الكثير من الخائفين في دمشق الذين يريدون أو يستعدون للقفز من السفينة بشرط تأمين أنفسهم، وهؤلاء يجب تشجيعهم على التخلي عن النظام في أسرع وقت، فلن يجدي القفز بعد أن تغرق السفينة، ولم يعد هناك ما يمكن الدفاع عنه بعدما لاحت علامات الانهيار، وقد تخطى النظام أو أصحاب القرار الحقيقي نقطة العودة بعد كل هذا الدم، والأوقع تركهم لمصيرهم بدلا من الارتباط بهم.

=================

فكروا في إيران ما بعد الأسد

طارق الحميد

الشرق الاوسط

7-8-2012

لا بد أن عبارة «سوريا ما بعد الأسد» قد باتت مألوفة اليوم، خصوصا مع تحرك جل الدول الغربية المؤثرة، ومعها دولنا العربية، أو هذا ما يفترض، من أجل العمل على مرحلة ما بعد سقوط، أو رحيل، الأسد، لكن هناك أمرا آخر يستحق أن تبدأ دول المنطقة، تحديدا، التفكير فيه، إذا لم تكن قد شرعت في ذلك فعليا، وهو: إيران ما بعد الأسد! فالتفكير لا بد أن يتركز الآن أيضا على كيف ستكون إيران بلا حليفها، وعميلها، الأسد الذي سهل لها التحرك في حيز مهم وحيوي من منطقتنا، من العراق إلى لبنان، ومن الأردن إلى غزة، ومن مصر إلى الخليج العربي، وكذلك اليمن، حيث تشارك كل من إيران الخمينية وسوريا الأسدية في تربية، وتسمين، كل أنواع الوحوش الإرهابية بمنطقتنا، ومن كل حدب وصوب.

فكيف سيكون وضع إيران من دون الرئة الإرهابية لها بالمنطقة، وهو نظام الأسد؟! وكيف تفك الحصار المتشكل اليوم على حسن نصر الله الذي من الممكن أن يتحول سلاحه إلى خردة في الضاحية الجنوبية من بيروت بعد سقوط الأسد؟! وكيف يمكن لإيران أن تكمل تمتعها بعراق سيكون محاصرا بالقطيعة من كل جيرانه العرب، وحتى تركيا، نظير طائفية النظام الذي بات لعبة بيد إيران؟! وكيف ستتعامل طهران مع نظام جديد في سوريا يكفر بالتبعية لطهران، ويراها اليوم العدو الأول لسوريا، وليس لأسباب طائفية، بل بسبب دعم إيران الخمينية لنظام الأسد الإجرامي رغم كل ما يقع بحق السوريين من قتل وتنكيل؟! والقصة هنا ليست قصة تنبؤات، فقد قال أول من أمس لـ«الشرق الأوسط» القيادي في الجيش الحر المقدم المظلي المنشق خالد الحمود إنه «من الممنوع لأي إيراني من الآن فصاعدا دخول سوريا، وسنقص لهم أرجلهم، أيا كانت التسمية التي يدخلون بها، سواء أكانوا مقاتلين أم حجاجا».

ومن هنا، فإذا كان الاهتمام منصبا الآن على سوريا ما بعد الأسد، فيجب ألا تغفل منطقتنا، وتحديدا الدول المؤثرة فيها، وكذلك تركيا، عن ضرورة الشروع في الاستعداد لإيران ما بعد الأسد، وهي مرحلة سيترتب عليها الكثير بمنطقتنا أمنيا، وسياسيا، واقتصاديا، فحينها ستكون إيران في حالة جنون حقيقي، كيف لا وها هي طهران تتذوق مرارة ترنح نظام الأسد في سوريا؟! حيث تجد إيران نفسها مضطرة للجوء إلى كل من تركيا وقطر ومناشدتهما من أجل التدخل لإطلاق سراح الإيرانيين المحتجزين من قبل الجيش الحر بدمشق! وما يوجب التفكير جديا في إيران ما بعد الأسد أيضا هو ما حدث على الحدود المصرية - الإسرائيلية في سيناء، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال فصله عما يجري في سوريا، خصوصا مع تهديدات عدة مسؤولين إيرانيين للعرب وإسرائيل، وكذلك الغرب، بأن سقوط الأسد سيعني إحراق المنطقة، ومعها إسرائيل.

ولذا، فلا بد من الشروع بالاستعداد لإيران ما بعد الأسد، وفي كل منطقتنا، فسقوط الأسد سيكون لإيران بمثابة زلزال سياسي مدوٍّ يستشعره الملالي تحت أقدامهم بطهران، مثلما سيستشعره حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية.

==================

مخاطر عدم التحرك في سوريا

جون ماكين وجوزيف ليبرمان وليندسي غراهام

الشرق الاوسط

7-8-2012

في الوقت الذي تشتد فيه وتيرة المعارك الدائرة في سوريا، وتجدد المعارضة السورية دعوتها للعالم لتقديم المساعدة، يمثل النهج الذي تتبناه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من عدم التدخل هناك تناقضا واضحا مع المبادئ والمصالح الأميركية على حد سواء.

أكد البعض أن المكاسب الحديثة التي تمكن الثوار السوريون من تحقيقها - بما في ذلك شن هجمات على قوات النظام في دمشق وحلب واغتيال بعض كبار المسؤولين السوريين والانشقاقات رفيعة المستوى التي تحدث داخل النظام - تعتبر دليلا على أن المعارضة السورية في طريقها لتحقيق النصر وأنها ليست في حاجة لمساعدتنا.

ولسوء الحظ، فعلى الرغم من زيادة قدرات مقاتلي المعارضة السورية بصورة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية، فإن نظام الرئيس السوري بشار الأسد أبعد ما يكون عن السقوط، بل إنه يطلق العنان الآن، أكثر من أي وقت مضى، لشن حملات عنف عشوائية ضد المدنيين باستخدام الدبابات والمدفعية والطائرات المروحية والميليشيات والقناصة، فضلا عن استخدامه الطائرات المقاتلة للمرة الأولى منذ بدء الصراع في البلاد.

تقوم كل من إيران وحزب الله بتقديم دعم مادي واسع النطاق لهذا الهجوم، وهو ما يرجع في الأساس إلى إدراك قادتهما أن سقوط الأسد سوف يمثل ضربة قاصمة لهما، بينما تستمر روسيا والصين في توفير الغطاء الدبلوماسي للأعمال الوحشية التي يرتكبها نظام الأسد.

على الرغم من أننا نتمنى انتصار الثوار في نهاية المطاف، فإنها تظل معركة غير عادلة ووحشية بصورة كبيرة للغاية، فضلا عن أن السرعة والطريقة التي ستنتهي بها هذه المعركة سوف تكون أمرا شديد الأهمية. تشير كل الأدلة إلى أن الأسد وحلفاءه سوف يقاتلون بشراسة حتى اللحظة الأخيرة، بدلا من تسليم السلطة بصورة سلمية، مما سيؤدي إلى تمزيق أواصر هذا البلد خلال هذه المرحلة.

يؤدي عدم تحرك أميركا لحل هذا الصراع إلى زيادة تكلفة هذا الصراع على الشعب السوري والمصالح الأميركية على حد سواء. وحيث إننا رفضنا مد الثوار السوريين بالمساعدات التي من شأنها ترجيح كفة الميزان العسكري بشكل حاسم ضد نظام الأسد، ينظر إلى الولايات المتحدة بصورة كبيرة في شتى أنحاء الشرق الأوسط على أنها تتغاضى عن عمليات الذبح المستمرة التي تحدث للمدنيين العرب والمسلمين. نحن نخشى أن يطارد هذا التردد أمتنا لسنوات طويلة مقبلة، تماما مثلما فشلنا في وقف عمليات ذبح الأكراد والشيعة في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أو عمليات ذبح قبائل التوتسي في رواندا.

ان عدم المشاركة الفعالة على الأرض في سوريا يعني أيضا أنه عندما يسقط نظام الأسد في نهاية المطاف، فمن المرجح أن يشعر الشعب السوري بالقليل من الامتنان للولايات المتحدة؛ على النقيض مما حدث في ليبيا، حيث ساعد الشعور الكبير بالامتنان للدور الذي قامت به الولايات المتحدة في الحرب ضد معمر القذافي، على وضع أسس فصل جديد ومشرق في العلاقات المشتركة بين البلدين.

وعلاوة على ذلك، تمتلك الولايات المتحدة مصالح شديدة الخطورة تتعلق بالأمن القومي في سوريا، أكثر بكثير من مثيلاتها في ليبيا، التي تتضمن منع استخدام أو نقل المخزون الهائل الذي يمتلكه النظام السوري من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية؛ وهو ما يمثل خطرا حقيقيا ومتزايدا، فضلا عن التأكد من أن تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية لن تتمكن من الحصول على موطئ قدم جديد لها في قلب منطقة الشرق الأوسط. لقد كانت القرارات والإجراءات التي اتخذناها غير كافية على الإطلاق لحماية مثل هذه المصالح وغيرها الكثير.

يسمح تردد الولايات المتحدة في التدخل في سوريا بإطالة أمد هذا الصراع وجعله أكثر دموية وراديكالية. وخلافا لبعض النقاد الذين يرون أن اضطلاع الولايات المتحدة بدور أكبر في سوريا من شأنه تمكين تنظيم القاعدة من الوجود في البلاد، فإن عدم قيام الولايات المتحدة بتقديم مساعدات قوية للمقاتلين الجديرين بذلك في سوريا هو ما سيكون بمثابة التخلي عن هذا الميدان للمتطرفين هناك.

لم يفت الأوان بعد بالنسبة للولايات المتحدة لتعديل مسارها في هذه القضية؛ فأولا، يمكننا، بل وينبغي لنا، تقديم مساعدات مباشرة وعلنية للمعارضة المسلحة، بما في ذلك الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتدريب. ومهما كانت المخاطر المترتبة على القيام بمثل هذه الخطوة، فإنها ليست ذات قيمة كبيرة إذا ما قورنت بالمخاطر الناجمة عن استمرارنا في الجلوس في أماكننا، وكل ما نستطيع عمله هو تمني حدوث الأفضل.

يجب أن تذهب المساعدات الأميركية لهذه الجماعات التي ترفض التطرف والعنصرية بالقول والفعل على حد سواء. ومثلما حدث في ليبيا، فإن العلاقات التي سنبنيها مع الجماعات المسلحة داخل سوريا في الوقت الراهن، لن يكون هناك غنى عنها في المستقبل.

ثانيا، وحيث إن الثوار قد نجحوا على نحو متزايد في إنشاء مناطق آمنة بحكم الواقع في بعض المناطق داخل سوريا، فإنه ينبغي للولايات المتحدة العمل مع حلفائها على تعزيز هذه المناطق، تماما كما اقترحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي. لن يتطلب هذا الأمر وجود أي قوات أميركية على الأرض داخل سوريا، ولكنه قد ينطوي على استخدام محدود للقوة الجوية وغيرها من الأدوات الأميركية الفريدة.

نحن ندرك جيدا أن هناك بعض المخاطر المرتبطة بزيادة تدخلنا في هذا الصراع العميق والمعقد والمفزع في سوريا، ولكن التقاعس عن العمل ينطوي على مخاطر أكبر للولايات المتحدة، تتمثل في إزهاق مزيد من الأرواح، وإهدار الفرص الاستراتيجية، فضلا عن تعريض قيمنا للخطر. إن الاستمرار في الوجود على هامش المعركة الدائرة في سوريا، التي ستساعد على تحديد مستقبل الشرق الأوسط، سوف يمثل خطرا كبيرا على مصالح الأمن القومي الخاصة بنا ومكانتنا الأخلاقية في العالم.

* ماكين وغراهام عضوان جمهوريان في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولايتي أريزونا وساوث كارولاينا بالترتيب، وليبرمان عضو مستقل عن ولاية كونيتكت

* خدمة «واشنطن بوست»

=======================

المسلمون في بورما.. والامتحان الصعب

د. محمد عياش الكبيسي

http://twitter.com/maiash10

العرب 2012-08-07 

ربما يقرب عدد المسلمين في بورما من التسعة ملايين من أصل خمسة وخمسين مليونا المجموع الكلي لسكان بورما، فهم مكون أساس من مكونات الشعب البورمي وليسوا أقلية صغيرة كما يتوهم البعض، كما أن وجودهم قد يكون أسبق بكثير من تلك المكونات التي تتحالف اليوم لاضطهادهم.

دخل الإسلام إلى هذه المنطقة أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد على يد طلائع المسلمين الأولى والتي جاءت من العراق والجزيرة العربية، ولذا يقول المختصون: إن أغلب المسلمين هناك يرجعون إلى الأصول العربية، والباقي يرجعون إلى السكان الأصليين لشبه القارة الهندية.

محنة المسلمين البورميين لم تبدأ الآن، حيث تمت عمليات التهجير القسري لهم عبر فترات متعاقبة امتدت لعشرات السنين وقد قضى الكثير من هؤلاء المهجرين بسبب المرض والفقر، وربما فاقم من هذه المحنة المركبة أن الدولة المسلمة الوحيدة التي تجاور بورما هي بنجلاديش وهي دولة ضعيفة وفقيرة لا تتحمل عبئا إضافيا ولذلك رفضت استقبال اللاجئين الجدد، حيث إنها عاشت تجربة مريرة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي حيث استقبلت ما يقارب النصف مليون منهم لكنها لم تستطع أن توفر لهم أبسط متطلبات الرعاية.

تتعامل الحكومة البوذية مع المسلمين كغرباء منبوذين لا يحق لهم أن يطالبوا بأبسط مقومات الحياة الآدمية كالتعليم والصحة فضلا عن مساواتهم بالبوذيين.

أما المجتمع الدولي فكأنه لا يحب أن يسمع شيئا عن هذه المعاناة رغم قساوتها وطول عهدها!

تعد قضية المسلمين في بورما تحديا جديدا يضاف إلى قائمة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، فرغم أن المعاناة التفصيلية يتحملها المسلمون البورميون اليوم لوحدهم إلا أن البعد الأوسع لهذه المعاناة يمتد ليشملنا جميعا في أي بقعة من الأرض، ذلك لأن الاضطهاد المهين الذي يتعرض له المسلمون هناك لم يكن إلا تحت هذا العنوان «المسلمون»، فالمستهدف هو هذا العنوان فقط وليس هناك هدف آخر سياسي أو اقتصادي أو حتى عرقي، وبالتالي فإن المهانة التي تلحق المسلمين هناك ستلحق بكل من يحمل هذا الاسم مهما حاول أن يتغافل أو يغض الطرف.

من هنا يمكن القول إننا لا نناقش اليوم قضية المسلمين في بورما بقدر ما نناقش قضيتنا نحن المسلمون في العالم، فالأغلبية البوذية الحاكمة اليوم والتي تسخر كل مؤسسات الدولة لقمع المسلمين هناك توجّه هذه الإهانة بشكل مباشر لنا نحن المسلمون أينما كنا في هذا العالم.

وإذا أردنا أن نحلل الأحداث هناك بطريقة علمية وموضوعية فإننا قد نصل إلى نتائج في غاية الخطورة، فالجرأة التي دفعت بحكومة بورما لهذا السلوك المشين تحمل في داخلها مؤشرات خطيرة عن نظرة العالم لنا ولوزننا وثقلنا في خارطة المجتمعات البشرية.

هذه الأمة التي تمتد جغرافيا من نواكشوط إلى جاكرتا، وتمتد تاريخيا من القادسية واليرموك إلى ثورات الربيع العربي، وتتربع على عرش البترول العالمي ومصادر الطاقة الأساسية في الأرض، وتضم ما يقرب من ربع الموارد البشرية في العالم، هذه الأمة تتجرأ عليها حكومة فقيرة ضعيفة منزوية في نتوء ضيق تاريخيا وجغرافيا، ألا يستدعي هذا وقفة جادة من أصحاب القرار وأصحاب الرأي والفكر وكل القوى الفاعلة ليس من أجل إنقاذ مسلمي بورما وإنما من أجل إنقاذ هيبة الأمة التي مرّغتها حكومة بورما.

وإذا كانت دولة مثل بورما تمتلك كل هذه الجرأة فلماذا نستغرب من الحلف الثلاثي الروسي الصيني الإيراني وهو يستهتر بدمائنا وأعراضنا في دمشق وحلب ودير الزور؟

وإذا كان العرب كلهم مشغولين فعلا بتداعيات الربيع العربي، وليس عندهم من الوقت ما يلتفتون فيه لتلك المأساة! فأين الملايين التي تسد عين الشمس في باكستان والهند وماليزيا وإندونيسيا؟

ثم هل فعلا أن ردع الحكومة البورمية يتطلب جهدا أو حشدا استثنائيا بحجم إمكانات الأمة ومواردها؟

إن الموضوع لا يتعلق أبداً بالقدرات والإمكانات، فاليسير مما عندنا يكفي لردع بورما وغيرها، لكنها الثقافة المريضة التي تسللت في كل مفاصل الأمة فأفقدتها القدرة على صناعة الرؤية والقدرة على تقدير الموقف وتداعياته.

فالمتدينون اليوم وهم يعمرون البيت الحرام وكل بيوت الله قد فصلوا بين هذه العبادات وبين غاياتها في النفس والمجتمع والأمة، فصلاة الجماعة لم تعد قادرة على بناء روح الجماعة، والكعبة التي توحّدنا في الحج والصلاة لم تتمكن من توحيد همومنا ومشاعرنا، حتى ترى أبناء الحي الواحد من المسلمين وهم يلتقون في مسجد الحي خمس مرات في اليوم الواحد لكن قد لا يعرف أحدهم اسم صاحبه الذي يقف بجنبه! وأما الزكاة فلم تعد تلك التي نقرأ عنها في كتب التراث أنها تجمع قلوب الأغنياء والفقراء بل أصبحت مجرد مساعدات إنسانية مفروضة على الأغنياء وهم يرسلونها إلى الفقراء عبر مسافات مادية أو معنوية قد لا تسمح لهذا الفقير حتى بتقديم الشكر لأخيه المزكّي. لقد انتقلنا من ثقافة البناء (بني الإسلام على خمس) إلى ثقافة التجزيء لمفردات الإسلام، وشتان بين من ينظر إلى الإسلام على أنه بناء كامل وشامل نستظل به من القرّ والحر والرياح العاتية، وبين من ينظر إليه كمواد أولية متناثرة يختار منها ما يناسب ذوقه ومزاجه!

ولإدراك الفرق بين الثقافتين لنقرأ هذه الآية «والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا» الأنفال/72، فالقرآن ينهانا عن موالاة هؤلاء المؤمنين فقط لأنهم لم يهاجروا، وما ذاك إلا لأن الهجرة في ذلك الوقت كانت عنصرا أساسيا من عناصر البناء، ولم يشفع لهؤلاء المؤمنين إيمانهم ولا عباداتهم!

أما المثقفون -أفرادا ومؤسسات- فقد جنحوا إلى مفهوم جديد في العلم والتعلم والتثقف يفصل بين مفردات العلم ومفردات الهوية، والعلم حقيقة لا يصنع أمة، وإنما ينهض بها بعد أن توجد، لكن الهوية هي التي تصنع الأمة، وقد اطلعت على برنامج ثقافي تطويري لإحدى المؤسسات المهتمة بهذا الشأن فعلّقت عليه: إن هذا البرنامج كمن يتعلم هندسة العمران بكل إتقان ثم لا يدري هل سيبني مسجدا أو كنيسة أو حسينية!! وهذا ما يفسّر وجود الكفاءات الجيدة ومهارات التواصل المتطورة لكن مع ضعف في بناء الرؤى الجامعة والمواقف الموحدة -إذا استثنينا ما طرأ في بلدان الربيع العربي- مما يبشر بانتقالة جديدة في هذا المجال.

أما صنّاع القرار السياسي، فهم أولا وأخيرا جزء من هذه الثقافة وهذه التربية، لكنهم محمّلون فوق هذا بحسابات أكثر تشابكا وأشد تعقيدا، وليس من بين هذه الحسابات مراعاة الرأي العام وضغوط الشارع إذ إن الرأي العام ما زال مرتبكا حتى في تصوراته النظرية البدائية.

إذن نحن حقيقة لا نناقش المأساة البورمية بقدر ما نناقش المعضلة الأكبر وهي الحالة المرَضية في الأمة والتي تفرز باستمرار مثل هذه الأعراض، تماما كالجسد الذي لا ينتفض أو لا يحس ببتر عضو أو طرف من أطرافه، فالعلة ليست في هذا العضو أو الطرف وإنما العلة في الجسد كله.

لقد صاحت امرأة واحدة في أطراف الأرض «وا معتصماه» فحفظت الأرض كلها هذه الصيحة وحفظها التاريخ كله، ليس لأن المعتصم كان أكثر تدينا أو تفقها في الدين من فقهاء المسلمين اليوم وعبّادهم، لكنها ثقافة البناء التي تجمع بين قاعدة (بُني الإسلام) وقاعدة (الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، هذا هو المطلوب منا اليوم سياسيين ومثقفين وإعلاميين، معلمين ومتعلمين، وهذا هو الامتحان الصعب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ