ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 09/08/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هل تأخرت الثورة السورية أم تعجل داعموها؟

الوطن السعودية

8-8-3012

منذ انطلاق الثورة السورية، وهي تتأزم إلى درجة تتحول فيه الخطوات إلى مغامرة، واليوم سورية نفسها مهددة بالصوملة من خلال حرب أهلية من جماعات مسلحة، وتعقيدها بعناصر "الانفصال الكردي" و"الخلافات الطائفية" و"الصراعات على السلطة" و"القاعدة والسلفية" و"السلاح الكيماوي".

والواقع أن نظام الأسد على مدى عقود لم يحقق الرفاه إلا لعائلة الأسد والدائرة الضيقة من المنتفعين وحدهم، وخلق مافيا حقيقية لتجارة المخدرات جعلت من سورية مصنعا ومعبرا لها، وفرض سوق سوداء للمواد الأساسية سيطرت عليها عائلته، فكان الفشل الاقتصادي، ليأتي التضييق الأمني الذي سيطر على كل شيء وضغط وصولا إلى الثورة التي قرر النظام قمعها ليس بالحل الأمني لكن العسكري منذ انطلاقتها.

لتكون المجازر والدماء التي سُفكت بعلم الرئيس الأسد أو لفشله في السيطرة على الحرس القديم والجديد الذين كانت خلية الأزمة مركز تنفيسهم عن شخصياتهم الإجرامية للقضاء على كل ما يشكل خطرا على النظام ولو كان طفلاً صغيرا يحمل حجرا، ودروس الأب القائد حافظ الأسد تطبق حرفياً لضمان استمرار النظام ولو على الجماجم.

النظام الدموي ليس سياسياً، والدول الغربية المترددة قررت أخيراً دعم الثوار للوقوف مع خيار مبكر لبعض الدول العربية التي تحولت للدعم المالي والعسكري بعد أن لمست صعوبة الحصول على قرار دولي بسبب الفيتو الروسي والصيني، مراهنة على وعي شعب حضاري يستطيع مواجهة التحديات برموز بدأت تتشكل من خلال الانشقاقات الحاسمة سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا للنخب الوطنية الجديدة، ليأتي الجواب بأن داعمي الثورة لم يتعجلوا، لكن الشعب السوري هو من تأخر في الثورة.

=================

شعب سورية وإنسانية الدعم السعودي

2012-08-08 12:00 AM

الوطن السعودية

منذ بداية الثورة السورية، وقفت المملكة إلى جانب مطالب السوريين، إيمانا منها بأنه لم يصل إلى خياره الأخير إلا بعد فقد الأمل في أي إصلاح يأخذ البلاد إلى حال أفضل.

ومنذ وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ خطابه التاريخي إلى السوريين، قبل عام، تحدد الموقف السعودي الرافض للحل العسكري الذي اختاره النظام قبل أن يختاره الشعب، إذ حذر النظام في سورية من التمادي والاستمرار في إراقة الدماء، موكدا على أن مستقبل سورية بين خيارين لا ثالث لهما: "إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع".

واتصل الدعم السعودي للشعب السوري، عبر المراحل التي مرت بها الثورة جميعها، بيد أن الحلول الدبلوماسية التي اختارت المملكة السير في طريقها مع العالم، اصطدمت بمعوقات كبيرة ناجمة عن تضارب المصالح الدولية، فعجز مجلس الأمن عن الحسم، وفشلت جهود مبعوثه في التوصل إلى حل، مما أدى إلى تردي الأوضاع، لتكبر تداعياتها، وتتحول المشكلة إلى أزمة إنسانية حقيقية، يزداد حجمها مع إمعان النظام في القتل والتدمير، دون تمييز أو رأفة، وتتسع آثارها نتيجة تزايد أعداد اللاجئين، ونقص المواد الطبية، فضلا عن أساسيات العيش.

وأمام هذا الواقع، استشعرت المملكة واجبها الإنساني، فكان توجيه خادم الحرمين الشريفين، بتنظيم حملة وطنية لجمع التبرعات لنصرة الأشقاء في سورية، وفي توقيت يدل على الحرص على أن تكون الحملة فاعلة بالقدر الذي يسهم في مداواة جراح الشعب السوري المكلوم، ويشعرهم بأن أشقاءهم معهم في ضرائهم.

أمس، وصلت إلى محافظة المفرق الأردنية، الدفعة الأولى من الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سورية، وتتكون من 43 شاحنة محملة بمواد غذائية منوعة، وهي من الحملات الممتازة عن غيرها، بالنظر إلى ضخامتها، والآليات المتبعة في توزيعها.

تختلف الرؤى حول السياسة، إلا أنها تتفق دائما على أن للإنسان على الإنسان حقا واضحا، يزداد مع روابط الدين والدم والتاريخ، وهذه الحملة هي خير تعبير عن الموقف الإنساني المجرد الذي لا يخضع لأية اعتبارات سياسية.

=================

صورة من تدمر

تاريخ النشر: الأربعاء 08 أغسطس 2012

خالص جلبي

الاتحاد

تذكرني قصة الرجل الحلبي الذي خيروه في قتل اثنين من أبنائه الثلاثة بـ"سجن جزيرة الشيطان" الذي تفتقت عنه عبقرية نابليون الثالث. أما سجن "تدمر" السوري فمات كثير من النزلاء داخله وخرج آخرون لينتحروا! لقد عرفوا أنهم أصبحوا مقبرة كبرى كما يقول السجين السابق "خليفة" في كتابه "القوقعة... التلصص من الداخل". لقد بكيت وأنا أقرأ هذا الكتاب حين ذكر أنه قام يصلي صلاة الجنازة على والده بعد خروجه من السجن، وهو (أي المؤلف) مسيحي، لكنه قرأ الفاتحة على قبر والديه اللذين تركهما أحياء ورجع ليراهما وقد أصبحا تحت التراب. ثم بكيت مع صفحات الكتاب الأخيرة حين روى فيها انتحار توأم روحه الذي كان معه في السجن فلما اجتمعا خارج السجن قال له انتظر دقائق قليلة فعندي هدية لك، ثم ألقى بنفسه من الطابق السادس وهو يقول: خذها مني. كانت هديته موته!

أعترف أنني قرأت العديد من كتب السجون والمساجين، بما فيها كتاب "فيكتور فرانكل" الذي دخل سجن آوسشفيتس الرهيب وخسر زوجته هناك. لكن كتاب "القوقعة... التلصص من الداخل"، لمؤلفه السجين السوري السابق "خليفة"، أصابني بصدمة مزلزلة وقعت تحت تأثيرها أياماً وما زال هذا الكتاب مدموغاً في الذاكرة. ولعل من نظائره كتاب المغربي محمد الرايس، "تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم"، والذي يسرد تجربة في سجن تزمامارت الشهير لمجموعة من العسكريين (58 شخصاً) مات منهم خلال عشرين سنة نحو 28 شخصاً، أما كتاب خليفة فيذكر آلافاً ماتوا، لا يحصيهم كتاب ولا يضمهم سجل. كانوا يضربون ويذلون كل يوم ومع كل مخالفة 500 جلدة. وخليفة نفسه ضرب خلال حفلة استقباله حتى حافة الموت. بقي غائباً عن الوعي ستة أيام قبل أن يفيق بمساعدة الطبيب "زاهي" الذي مات لاحقا بالتهاب السحايا وهو يعالج عشرات المصابين الذين يتساقطون وبعضهم أصيب بالعمى المطلق.

كان جحيم دانتي حاضراً بما يخجل دانتي من وصفه، لكن رسمه حافظ الأسد في حقبة تاريخية مشؤومة على الشعب السوري، وها قد مضى إلى ربه فهو سائله عن كل تلك الآلام.

وفي لحظة غضب جاء مدير السجن فأفرغ 14 رصاصة في رأس 14 معتقلا سياسياً، لأنه بزعمه تلقى تهديداً من مجهول فقال هذا جوابي.

ومن قصص الكتاب ذلك الطبيب الذي قتل 14 زميلا من دورته، منهم اثنان بطريقة الخيمة أو القماشة، حيث يمسك خمسة من الأوغاد بأربعة أطراف وخامس بالرأس ثم يطوحونه في الهواء فيهوي على وجهه ويكررونها حتى تموت الضحية! كان القتل مسموحاً به لكل جندي ورقيب ومحقق، بأي طريقة.

كان سجن تدمر حداً فظيعاً لم يصل لحافته النازيون والفاشيون وستالين وبيريا وبول بوت وتيتو.

ومن أعجب القصص الموجودة في الكتاب اثنتان:

الأولى لضابط يتقيأ حين يرى أول مشاهد وجبات الإعدام في المشانق الطيارة، وبعد عدة أشهر يتحول إلى هذه الأمساخ، فيعامل الجثة المشنوقة المعلقة مثل كيس الملاكمة؛ يلكمها وهو يضحك!

والثانية حول قدرة التحدي في هؤلاء المعتقلين؛ حيث يقوم فريق من الأطباء بإمكانيات هزيلة يخترعونها من هنا وهناك، فيجرون عملية استئصال زايدة دودية لأحد المساجين.

إنه كتاب يخلد حقبة جهنمية من نظام "البعث" والسقوط الإنساني والتردي الأخلاقي إلى أسفل سافلين.

======================

إيران تريد... وإسلاميو سوريا لا يريدون!

سركيس نعوم

2012-08-08

النهار

المواقف الرسمية التي اعلنها قبل يومين في بيروت أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني سعيد جليلي لم تكن جديدة. فدعم بلاده المقاومة و"حزبها" في لبنان امر قديم ومستمر، وكذلك اعتبارها عنصر توازن بين لبنان واسرائيل وعنصر استقرار داخل لبنان. هذا فضلاً عن تمسكها بأن هدفها محاربة الصهيونية واميركا واسترجاع فلسطين. طبعاً حملت مواقف جليلي شيئاً من الجدَّة مثل التشديد على ان ثورتها كانت أساس الصحوة الاسلامية في العالم العربي، ومثل ان دفاعها عن نظام الاسد في سوريا سببه دعمه المقاومة.

كيف ينظر الاسلاميون السنّة على تنوع انتماءاتهم ونظرياتهم الى مواقف ايران التي كرر التعبير عنها جليلي قبل يومين؟

يعتقد قسم كبير منهم، استناداً الى مصادر اسلامية سنّية جدية ومطلعة بدقة على الواقع الاسلامي في لبنان، ان المواقف المذكورة اقرب الى "البروباغندا" اي الدعاية، منها الى المواقف الايديولوجية. فايران اسلامية في رأيهم لها في سوريا آل الاسد، وخصوصاً منذ تسلَّم الزمام فيها نجل المؤسس الراحل حافظ الاسد (الدكتور بشار)، وضع خاص بالغ الارتياح وبالغ الاتساع. ومن الامثلة على ذلك الامتيازات التي حققها لها النظام في مطار دمشق الدولي. اذ وضع في تصرفها قاعة خاصة داخل المطار ومسرب خاص لها يديرها عملياً ايرانيون يعملون مع سفارتهم في العاصمة السورية. ويتولى هؤلاء الاشراف على المسافرين الى طهران من ايرانيين وغير ايرانيين وخصوصاً إذا كانت وسيلة نقلهم ايرانية. ويُمكِّنهم ذلك من تسفير الذين يحملون جوازات سفر والذين لا يحملونها، والذين لديهم تأشيرات دخول لايران والذين ليس لديهم تأشيرات.

طبعاً الى المثل المذكور هناك امثلة اخرى قد تكون اكثر جدية وعمقاً. لكن المصدر الاسلامي الجدي والمطلع يكتفي به لانه يريد الانتقال الى موضوع آخر مهم جداً، وهو ان ايران الاسلامية، حليفة سوريا بل حليفة نظام الاسد الحاكم منذ نيف واربعة عقود، ليست ساذجة وتعرف تماماً حقيقة ما يدور في هذه الدولة، وتدرك ان النظام يتراجع رغم استشراسه في الدفاع عن نفسه، وان الثوار يتقدمون وسيستمرون في ذلك رغم ضعف امكاناتهم جراء "تنقيط" المجتمع الدولي المساعدات العسكرية والمالية لهم حتى الآن. وتعرف ايران ايضاً ان سقوط النظام في النهاية غير السريعة وغير القريبة على الاطلاق لا مفر منه، وأن البديل منه سيكون اسلامياً في صورة عامة. علماً ان ملامح هذا البديل ومدى اسلاميته ونوعية هذه الاسلامية، لا تزال مجهولة. لكن الحالة "الاخوانية" ستكون في رأي ايران الاقوى داخل سوريا الجديدة. وربما يكون ذلك في رأيها افضل من سيادة التيارات التي ترفع لواء السلفية الذي يغطي مواقف تكفيرية وعنفية من مسلمين وغير مسلمين. لهذا السبب تريد ايران، يقول المصدر نفسه فتح حوار مع "الاخوان"  السوريين بواسطة "اخوان" لبنان. وقد يكون ذلك مضمون الرسالة التي نقلها سفيرها في لبنان الى قيادة هؤلاء في بيروت. أما الهدف من الحوار فهو التفاهم مع سوريا الجديدة على وضع لايران في سوريا مماثل في خصوصيته واتساعه لوضعها داخل سوريا القديمة التي تقترب من الانهيار. وطبعاً، يضيف المصدر اياه، لن ينجح ذلك لان ايران هي جزء من "المشكلة" في سوريا كما في لبنان والعالم العربي اجمالاً. وبصفتها هذه لا تستطيع ان تكون جزءاً من الحل. فالسوريون عموماً وخصوصاً ابناء غالبيتها السنّية من اسلاميين وغير اسلاميين، يثمنون جيداً مساعدتها "حزبها" في لبنان لتحرير الاراضي التي احتلتها اسرائيل منه، لكنهم يعتبرون ان لها استراتيجية تقوم على "استعمال" العرب لتحقيق هدفين: الأول، التحول القوة الاقليمية الاسلامية الاولى في المنطقة العربية بل صاحبة الكلمة الاولى فيها. والثاني، ليس تشييع اهل هذه المنطقة لأن ذلك مستحيل، بل جعل الشيعة حيث هم اصحاب النفوذ الاول والتشجيع على الاقتراب منهم.

لو بقي مؤسس النظام الاسدي حياً هل كانت وقعت سوريا في "التماهي" التام مع ايران، او بالأحرى جزءاً من شركة معها من دون حصة كبيرة في قرارها؟ كلاّ، يجيب المصدر الاسلامي السنّي الجديد والمطلع. فهو اولاً كان يريد حلاً مع "اخوان" بلاده قبل مأساة "حماة". لكن هؤلاء اعتبروا موقفه هذا، بعدما ابلغه اليهم "اخوان" لهم لبنانيون، دليل ضعف فلم يتجاوبوا. وهو ثانياً كان حريصاً على المحافظة على خصوصية طائفته بعدما لمس بدء ايران الاسلامية حليفته حملة تشييع لابنائها، واتخذ خطوات عدة لوضع حد لذلك.

=================

رأي الدستور سوريا تسير نحو الهاوية

الدستور

 يقرع جلالة الملك جرس الإنذار، محذراً الأشقاء في سوريا الشقيقة، والأمة كلها، والمجتمع الدولي بأن استمرار الأزمة دون حل سياسي في القريب العاجل، سيدفع بالأوضاع في القطر الشقيق الى الهاوية.

جلالة الملك دعا مبكراً الفريقين: النظام والمعارضة الى الجلوس على طاولة الحوار، والاتفاق على حل سياسي كسبيل وحيد، لإنقاذ البلاد والعباد من المأزق الذي وصلت اليه، وتهدد بانفجار مروع في حالة وصول الأزمة الى مرحلة الاستعصاء، وهو ما يترجم اليوم على الأرض السورية، حرباً مدمرة حولت القطر الشقيق الى ارض محروقة، وحولت مدن الثورة الى مدن منكوبة، وقد علا صوت الرصاص، وهدير المدافع بدلاً من الحوار بين الأشقاء.

الحرب التي تعصف بالقطر الشقيق، والتي من المرجح ان تنزلق الى حرب اهلية في ضوء تركيبة المجتمع السوري، وفي ضوء التدخلات الأجنبية التي وجدت فيها فرصة للتدخل وتصفية الحسابات، وقد أصبحت “حرباً بالوكالة” تستدعي العمل ومن جميع الفرقاء المعنيين بهذه الأزمة، بخاصة الدول الشقيقة.. وبالسرعة الممكنة، قبل ان تخرج الأمور من تحت السيطرة، وهو ما يهدد المنطقة كلها بالخطر، وانفجار حروب لا تنتهي، سيكون المتضرر الوحيد منها الشعب السوري، والشعوب العربية المجاورة والأمة كلها.

إن ما يحدث في القطر الشقيق هو درس لكل الأنظمة التي ترفض خيارات الشعوب في الحرية والكرامة والديمقراطية وتداول السلطة، وتصر على الاحتكام للقوة العسكرية، والحلول الأمنية، ضاربة عرض الحائط بمنطق الحوار، وهو ما يؤدي الى حرب أهلية، ويفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الأجنبية، كما حدث في ليبيا، وها هو يتكرر في سوريا.. ما يهدد وحدة القطر الشقيق علاوة على سقوط اكثر من 20 الف بريء، وتدمير الاقتصاد والبنى التحتية، وإيجاد ازمة انسانية كبرى بنزوح اكثر من مليون لاجئ الى الدول الجوار، ومليونين الى الداخل هرباً من الموت المحقق الذي يحصد ارواحهم.

مجمل القول : تحذيرات جلالة الملك عبدالله الثاني من خطورة الأوضاع في القطر الشقيق، وخطورة انزلاقها الى حرب اهلية قذرة، تحرق الأخضر واليابس، تستدعي من الدول الشقيقة وكافة المعنيين بحل الأزمة، تكثيف جهودهم لاجتراح حل سياسي لإنقاذ البلاد والعباد من المأساة التي ترتسم في أفق الشام.. وتوشك أن تدفعه الى الهاوية والتي إن حدثت - لا سمح الله - ستصل نيرانها ولهيبها الى الجميع.. ولن ينجو منها أحد.

والعاقل من اتعظ بغيره.

التاريخ : 08-08-2012

=================

نعم.. فات الأوان!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

8-8-2012

لو أن بشار الأسد هو صاحب القرار في سوريا ولو أنه يحرص فعلاً على وحدة هذا البلد وعلى تجنيبه خطر الانقسام والتشظي والحرب الاهلية، التي هي في حقيقة الأمر في ذروة إحتدامها الآن، لكان عليه أن يتحلى بجرأة القادة التاريخيين وأن يسارع الى التنحي عن سدة الحكم وأن يحقن دماء شعب من المفترض أنه شعبه وأن يضمن قبل الرحيل والمغادرة انتقالاً سلمياً للسلطة يفضي الى انتخابات حرة ديموقراطية تؤسس لنظام كأنظمة القرن الحادي والعشرين التعددية والمتقدمة.

لقد أضاع بشار الاسد،  الذي هو محاط بالإضافة إلى معاناته من داء العظمة والتفوق بمجموعة من المغامرين الذي لا يتقنون ولا يعرفون إلاّ لغة القتل والذبح وسفك الدماء والذين كانت تفتحت عيونهم على مذبحة حماه الرهيبة في عام 1980، فرصة تاريخية عندما رفض نصائح القادة العرب الذين نصحوه بعد انطلاق شرارة درعا في مارس (آذار) العام الماضي بألاّ يلجأ الى العنف والحلول الامنية وأن يبقى قريباً من شعبه وأن يغلق الابواب أمام التدخلات الخارجية الدولية والاقليمية في بلاده.

ولقد أضاع بشار الاسد، الذي إما أنه لا يعرف حقيقة كل هذا الذي جرى ويجري في بلده أو انه مصاب بلوثة تجعله غير قادر على إدراك خطورة ما يفعله ببلده، أيضاً فرصة تاريخية عندما وضع مصيره ومصير بلده بيد الولي الفقيه في طهران وبيد فلاديمير بوتين وسيرجي لافروف في موسكو ورفض المبادرة العربية وأفشل خطة كوفي انان وواصل الإصرار على مواجهة شعبه بالدبابات والمدافع وبالقوة الغاشمة التي اتخذت طابعاً طائفياً مكشوفاً ساهم في دفع الامور الى كل هذه الانشاقاقات المتلاحقة التي بدأت صغيرة وانتهت الى من هُمْ في أكبر وأهمِّ مواقع المسؤولية ومن بينهم رئيس الوزراء الذي إنشق وغادر دمشق قبل يومين.

لم يتصرف بشار الأسد كما من المفترض أن يتصرف رئيس دولة كالدولة السورية التي هي ذات تركيب «فسيفسائي» والتي هي مستهدفة بوحدتها وبتماسكها لأسباب متعددة وكثيرة ولقد كان عليه لو ان لديه القدرة على قراءة الأحداث قراءة صحيحة أن يبادر الى التنحي والمغادرة قبل أن تصل الأمور الى كل هذا الذي وصلت اليه وان يضمن قبل تنحيه ومغادرته انتقالاً سلمياً للسلطة يجنب الشعب السوري أهوال الاقتتال الداخلي ويجنب سوريا مخاطر التشظي والانقسام التي غدت بعد كل هذا الاقتتال بطابع طائفي وبعد كل هذا العنف والدمار والخراب، مخاطر فعلية وحقيقية.

والواضح، وقد أخذت سوريا تتفسخ على هذا النحو وقد أصبح كبار المسؤولين فيها يقفزون من سفينة هذا النظام التي غدت آخذة بالغرق، أن خيار بشار الأسد الذي بات لا خيار غيره هو إقامة الدولة الطائفية على سواحل البحر الأبيض المتوسط الشمالية-الشرقية وهي دولة أو دويلة يبدو أن الروس يريدونها لتعزيز وجودهم البحري في هذه المنطقة التي تحد تركيا من الجنوب والتي يبدو أيضاً أن الإيرانيين يريدونها لإنجاز تطلعاتهم الفارسية للتمدد في هذه المنطقة الاستراتيجية والوصول الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط بوجود يلتقي مع وجودهم الذي حققوه في لبنان من خلال حزب الله وحسن نصر الله.

فهل فات الأوان وهل أن التنحي بالطريقة المشار اليها آنفاً لم يعد ممكناً بعدما تحولت سوريا كلها الى كرة ملتهبة وتحول الصراع فيها الى صراع طائفيٍّ لا يستطيع أيٌّ كان إنكاره..؟

نعم لقد فات الأوان ولم يعد أمام بشار الأسد إلاّ انتظار مصير كمصير معمر القذافي أو هروبٍ تحت جنح الظلام واللجوء الى دولة يضمن الاّ تساوم عليه وتسلمه للعدالة الدولية لاحقاً أو الإسراع في إقامة «الدويلة» الطائفية التي يفكر فيها والتي من المؤكد أن رموز الطائفة العلوية سوف يرفضونها حتى إن استطاع إقامتها مستغلاً هذه اللحظة المريضة!!.

=================

الأردن وسوريا الخيارات متعددة.. أسوأها الوقوف متفرجين

طاهر العدوان

الرأي الاردنية

8-8-2012

تزداد دقة وحساسية الموقع الجغرافي والسياسي للأردن نتيجة التطورات الراهنة والمتوقعة في سوريا،  ما يفرض على صانعي القرار في عمان البحث في الخطوات الواجب اتباعها لحماية مصالح الأردن الاستراتيجية في الحاضر وفي المستقبل القريب والبعيد. التطورات المقبلة في دمشق ايا كانت وجهة الرياح فيها ستكون ذات تأثير كبير علينا وان نظرة واحدة الى موقع الأردن الجغرافي تؤكد باننا امام احتمالين: الاول-سقوط النظام وهذا يعني وجود نظام جديد في سوريا لا احد قادرعلى تحديد ملامحه بسبب طبيعة الثورة التي تضم أطيافا واسعة من التيارات والاتجاهات السياسية والعقائدية. الاحتمال الثاني-انتصار الاسد،  وحتى ان كان ذلك مستبعدا،  فان ( المثلث الشيعي بالمعني الجغرافي والسياسي ) الممتد من طهران الى الضاحية الجنوبية من بيروت،  سيشكل طوقا على الأردن يزداد خطورة بوجود الخطر الصهيوني المتربص.

الاحتمال الاول يستدعي البحث في تطوير علاقات ( سياسية ) مع التيارات الرئيسية في الثورة مثل المجلس الوطني وجماعة الاخوان والقوى المنشقة عن النظام،  واذا كانت اسطنبول قد قطعت شوطا بعيدا في حضانة وتطوير هذه العلاقات من اجل الحفاظ على مستقبل مصالحها مع من سيحكم جارها الجنوبي،  فان دوافع ومصالح الاردن في تامين المستقبل مع الحكم المقبل في الجار الشمالي هي اكثر اهمية وإلحاحا. وهذا يتأتى في تطوير وتعزيز الموقف الأخوي والإنساني تجاه اللاجئين السوريين وإشعار الشعب الشقيق وممثليه بان الأردن يقف الى جانب محنته التي تحيط بها العذابات من كل جهة نتيجة الحملة الوحشية التي يتعرض لها.

اما الاحتمال الثاني ورغم استبعاده مع زيادة الثقة كل يوم بانتصار الثورة فلا يكفي مواجهته في ترديد المقولة بان الأردن لن يكون ساحة لتدخل عسكري اجنبي. انما يتطلب الامر تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي ومع الدول العربية لمواجهة اية ردود فعل شيطانية من قبل النظام خاصة وان العالم لن يقبل تحت جميع الظروف التعامل مع نظام الاسد الذي تقطر أياديه بدماء شعبه،  هذا النظام،  وفي ( حالة بقائه ) سيكون قلب محور حلف معاد تقوده طهران هدفه تصدير العنف والعمل على تقسيم الأوطان مستعيدا دوره وأساليبه الطائفية في العراق قبل وخلال وبعد الاحتلال،  وفي لبنان منذ عام ١٩٨٩.

من مصلحة الأردن ان تنتصر الثورة وان يعود اللاجئون الى ديارهم في اسرع وقت وان يعود الأمن والاستقرار الى سوريا حتى تفتح المنافذ البرية وتبدأ عجلة إعمار ما دمرته آلة حرب الطاغية. والطريق الى تأمين هذه المصالح هو المبادرة في اقامة افضل الجسور والروابط ( واكرر ) السياسية والإنسانية مع التيارات السورية بمختلف مشاربها واتجاهاتها في الخارج وفي الداخل،  فهؤلاء إخوة واشقاء من حقهم علينا ان نقف معهم في معاناتهم وصمودهم امام وحشية النظام.

لقد كان الأردن منذ ثورة دمشق وسلطان الأطرش ضد الفرنسيين وخلال جميع الاحداث التاريخية التي شهدتها سوريا الحديثة بما في ذلك حقبة استبداد آل الاسد، مكانا وملاذا آمنا يلجأ اليه الثوار والأحرار والمواطنون العاديون،  ما ترك اكبر الاثر في نفوس السوريين على مر العهود من محبة واحترام للأردنيين وملوكهم الهاشميين وهو ما كنا نسمعه في مناسبات كثيرة.

لم يعد الحياد ممكنا في ظل تداعيات ازمة تتوسع حلقاتها وقد جرت الى المنطقة وضعا من الاستقطاب الإقليمي والدولي لم تشهد مثله الا في الفترات الساخنة من حقبة الحرب الباردة في النصف الثاني من القرن العشرين،  الأردن يقف على حافة البؤرة الملتهبة وخياراته متعددة لكن أسوأها ان يقف متفرجا.

=================

بشار في وقت مستعار

صحف عبرية

2012-08-07

القدس العربي 

ان أصداء التفجيرات واصوات اطلاق النار التي تُسمع في الايام الاخيرة في حلب ودمشق، وهما أكبر مدينتين في سورية، هي بمنزلة آخر اصوات احتضار نظام بشار الاسد. من الممكن في الحقيقة ان يبقى الرئيس السوري في منصبه فترة ما يصعب تحديدها، قد تكون اياما أو اسابيع بل أشهرا. لكن الاتجاه واضح وهو ان النظام السوري في مسار انحلال سريع، وانشقاق رئيس الوزراء الدكتور رياض حجاب أمس يجسد هذا الاتجاه بصورة قوية. ويضاف هذا الاجراء بالطبع الى الواقعة الحادة السابقة حينما نجح المعارضون في القضاء في 18 تموز على اربعة من أكبر رجال النظام السوري المقربين من الاسد.

ان انشقاق حجاب هو الأهم الى اليوم بين جميع اعضاء نظام الاسد الذين هربوا من سورية، وهو ضربة شديدة لمنزلة الرئيس وانتصار كبير لمعارضيه، ولا سيما في الصعيد الرمزي. فحجاب الذي عُين للمنصب قبل شهرين فقط ولا يُعد في أقرب المقربين من الرئيس، ليس شخصا رئيسا في النظام السوري، ورئيس الوزراء في سورية كما في سائر النظم العربية هو موظف حكومة ينفذ سياسة الرئيس ويُعينه الرئيس.

هذا الى ان حجاب ابن لعائلة سنية وليس محسوبا في النخبة العلوية. ويمكن ان نضيف الى كل ذلك حقيقة انه من سكان دير الزور التي جربت بصورة عنيفة محاولات الجيش السوري قمع الاحتجاج على النظام. ومع كل ذلك فالحديث عن تعيين شخصي للرئيس وعن شخص يفترض ان ينفذ سياسته من غير حتى ان يعترض عليها. وها هو ذا هذا الشخص خاصة يستقر رأيه على إذلال الاسد لا أقل من ذلك.

تحدث متحدث حجاب عن ان الانشقاق قد خُطط له في واقع الامر منذ لحظة توليه المنصب، أي قبل شهرين بالضبط من مغادرته دمشق ووصوله الى الاردن. وقد نسق هذا الاجراء مع 'العدو'، أي 'جيش سورية الحر'، للتحقق من ان يكون مجيئه الى الممر الحدودي مع الاردن بصورة آمنة. واستطاع الجيش السوري ان يطلق بعض الرصاص على قافلة حجاب (التي اشتملت على عشر عائلات)، لكنه كان متأخرا جدا وأقل كثيرا من ان يمنع الانشقاق.

ليس واضحا الى الآن من الذي صاحب الدكتور حجاب. فبحسب تقارير في قناة 'العربية' انضم الى رئيس الوزراء ثلاثة جنرالات ووزيران هما وزير النفط ووزير حماية البيئة. وأُبلغ أمس انشقاق آخر لجنرال آخر هو ابن شقيق نائب رئيس سورية فاروق الشرع الذي لم يعد هو نفسه يظهر على الملأ في المدة الاخيرة. فهو تيار لا ينقطع من المنشقين الذين يدركون ان السفينة السورية تغرق. ان النخبة السنية التي سارت الى جنب الاسد الى وقت قريب تتركه وتُبقيه في خطر أشد مما كان دائما. ولهذا يستمر الجيش السوري الى الآن في الوقوف في الحقيقة الى جنب الاسد وقد نجح في ان يستعيد السيطرة على عدد من أحياء دمشق. لكن يمكن ان نقول في يقين ان انشقاق رئيس الوزراء سيُعجل فقط تيار المنشقين وان زمن الاسد أخذ يقصر.

آفي يسسخروف

هآرتس 7/8/2012

=================

الحرب مخرج لتفكيك الأزمة السورية

غازي دحمان *

الأربعاء ٨ أغسطس ٢٠١٢

الحياة

ثمة ما يؤشر إلى أن الأزمة السورية لن تبقى واقفة طويلاً على أعتاب محافل الديبلوماسية الدولية تستجدي حلاً لن يأتي. تلك مرحلة انتهت، أو أنها تلملم آخر بقاياها بعد التطورات الدراماتيكية ذات النمط المشبع بعوامل الخطورة وعناصر الانفجار، ومن الواضح أن الأزمة أخذت تبني حلولاً معينة وفق مسارب خاصة يجري تجهيزها وإعدادها بالتساوق مع المسار الديبلوماسي المعلن.

ليس ما سبق خلاصات إنشائية، ولا طروحات رغبوية، بل هي توصيف لملامح واقع إستراتيجي بدأ بالتكون وفرضته معطيات عدة أفرزتها الأزمة السورية، ذلك أن الأزمة ومنذ عام ونصف العام كرست على هامشها العديد من القضايا التي باتت بحاجة إلى حل جراحي، وإلا فإن البديل تشويه كامل للواقع الإستراتيجي الذي جرى بناؤه وتثبيته بتضحيات وجهود غزيرة صرفتها قوى دولية معينة.

ليست القضية سورية بموقعها الإستراتيجي ومكانتها الجيوسياسية، على رغم ثقل هذه الأوزان، يل القضية أصبحت في الفهم الإستراتيجي تتعلق بمحاولة تغيير الوقائع والظروف الإستراتيجية، بما يشبه نوعاً من السلوك التشبيحي تمارسه بعض القوى في السياسة الدولية، متكئة على قدرتها على إدامة عذابات الشعب السوري، وإمكانية ابتزاز العالم بذلك، ما جعل قراءتها للأزمة في مشهديتها الدولية، تقتصر على بعد واحد باعتبارها تهيئ فرصة إستراتيجية نادرة تتعلق بتغيير المراتب والمواضع الدولية، من دون أن يترافق ذلك مع تغييرات مهمة في واقع هذه البلدان وظروفها، رغم كل ما يحكى عن مؤشرات الصعود وواقع القوة التنافسية لديها، وهي حالة تشبه تماماً الوضع الدولي قبل الحرب العالمية الأولى، حينما سعت ألمانيا وإيطاليا إلى كسر قواعد التوازن الدولي مستندة في ذلك على قدرتها على إيذاء شعوب بعينها، مبتعدة في ذلك عما تتيحه القدرات التساومية والتفاوضية على تحريك الواقع الدولي.

أمام هذا الواقع الذي انكفأ على عدم قدرة الأطراف على درء التهديدات التي تواجه مواقعها وظروفها، وأمام عدم قدرة أطراف أخرى على تحقيق اختراقات مهمة في الواقع الدولي، فثمة ساحة أخرى من شأنها تغيير هذا الواقع وإعادة رسم خطوطه الرئيسية، أو محاولة للتجريب للحصول على مواقع معينة، وفي هذه الحالة تصبح الحرب بالوكالة هي الطريق الأفضل، ربما كوسيلة لجس نبض القوى المقابلة ومعرفة حدود ردات أفعالها. من هنا يمكن القول أن القضية باتت ليس التخمين بوقوع حرب، بل متى سيتم الإعلان عنها وما هي جبهاتها ونوعية الأسلحة المستخدمة فيها، وفي هذا المجال ثمة أكثر من سيناريو مرشح للتطبيق.

* السيناريو الأول: أن تتم المجابهة على الجبهة الأردنية، والواضح إنها الجبهة الأكثر استعداداً من الناحية اللوجستية، وتتميز عسكرياً بمزايا عديدة، من حيث انفتاحها على المقلب الخليجي حيث طرق الإمداد العسكري والمالي، كما أنه يسهل توفير الذرائع وبناؤها، وبخاصة إذا كان الهدف حماية كتلة سكانية في الجنوب السوري أو منع الاعتداء على مخيمات اللاجئين والفارين، والواقع أن التجهيزات اللوجستية لهذا الخيار بدأت منذ مدة، حيث جرت مناورات «الأسد المتأهب» وكان واضحاً أن طبيعتها كانت تحاكي هجوماً على مواقع معينة لا يوجد مثيل حالي لها سوى في الواقع السوري. وما يرجح مثل هكذا سيناريو عقيدة الجيش الأردني وطبيعة تكوينه العسكري، حيث يتم التركيز على قوات محترفة تتخذ شكل فرق مهمات خاصة.

* السيناريو الثاني: أن يتم الهجوم عبر تركيا، وثمة مؤشرات عديدة على استعدادات تركية أكبر من حالة استنفار موقتة أو طارئة، استعدادات بحجم حرب، وبخاصة في ظل اشتعال الحرب في مناطق حلب التي تشكل نطاقاً إستراتيجياً مهماً للأمن القومي التركي، وفي ظل الأنباء المتواترة عن سيطرة أطراف كردية على مناطق الشمال الشرقي والجزء الغربي من ريف حلب ما يشكل تهديداً إستراتيجياً صريحاً للأمن القومي التركي في المدى المنظور، غير أن ثمة عقبات كثيرة تعيق إمكانية حسم الخيارات التركية باتجاه الحرب، منها ما هو داخلي يتعلق بالتركيبة الداخلية للمجتمع التركي وحساسية التدخل في الوضع السوري، ومنها ما له علاقة بواقع العلاقات التركية الإقليمية والدولية، إن لجهة العلاقة مع طهران، أو لجهة موقع تركيا في حلف شمال الأطلسي، وإمكان تفسير هذا الأمر وكأنه تدخل من هذا الحلف.

* السيناريو الثالث: أن تشتعل الحرب عن طريق الجبهة الإسرائيلية، وكانت إسرائيل قد أعربت عن مخاوف من انتقال الأسلحة الكيماوية إلى «حزب الله» وهددت في هذا الإطار بأنها وفي حال رصدت نقل هذا السلاح للحزب فإنها مستعدة للقيام بعمل عسكري، غير أن لإسرائيل مشاكلها الخاصة، فهي لا ترغب في استنفاد جهودها في حرب ليست حربها، كما أن الوضع بالنسبة إلى الحالة السورية لا يزال في حالة ضبابية وهو ما أكدته جهات الرصد والتقدير الإسرائيلية في أكثر من مناسبة، إضافة لذلك من المتوقع أن تقف واشنطن بقوة في وجه أي استعداد إسرائيلي في هذا الاتجاه رغبة منها في عدم توسيع دائرة النزاع.

هذا عن الجبهات، أما في ما خص طبيعة القتال وتكتيكاته، يمكن الميل في هذا الاتجاه إلى نظرية الحرب المحدودة والخاطفة، التي لا تتطلب جهازاً عسكرياً ضخماً، وإن كانت تتطلب وجود أكثر من غرفة عمليات لإدارة المعركة، تكون الأساسية في عمان، وتردفها غرف من تل أبيب وأنقرة والبحر المتوسط، وتعتمد هذه العملية على ضربات نوعية وخاطفة وإنزالات في مناطق معينة، بحيث تنصب الأهداف على مراكز قوى النخبة ومواقع الأسلحة الحساسة، إضافة إلى مراكز الاتصال، بحيث يتم قطع إمكانيات التواصل بين القيادة السورية وبين وحداتها القتالية المنتشرة على مساحة كبيرة من البلد، وقد ثبتت في هذا المجال نجاعة التجربة البريطانية في ليبيا، حيث عمدت القوات البريطانية الخاصة إلى إتباع هذه التكتيكات، وكان لها الأثر الحاسم في إنهاء الحرب لصالح القوات المناوئة للقذافي.

لن تبقى الأزمة السورية على أعتاب الديبلوماسية. فشلت ديبلوماسية كوفي أنان لعدم إدراكها مكونات الأزمة السورية في جوهر الواقع الدولي، وفشلت قبلها ديبلوماسية الجامعة العربية لمبالغتها المنطقية وإغفالها واقع الصراع الدولي، وغداً سيأتي الرد من نفس نوعية التكتيك السوري – الروسي – الإيراني، رد ماكر على سياسة ماكرة دمرت البلاد والعباد وتدعي أنه «ما في شي بحمص».

=================

الطائفية والعبور إلى السلطة

طالب ك. إبراهيم *

الأربعاء ٨ أغسطس ٢٠١٢

الحياة

ماذا فعل النظام السوري بالطوائف السورية حتى جعل الكره والقطيعة أساس العلاقات بينها؟ لقد لحق التشويه بهذه الطائفة عبر المسّ بخصوصيتها الفكرية والأخلاقية، ناهيك عن الدينية. وليس صدفة أن يتم تعيين الضباط العسكريين والأمنيين في الأماكن الحساسة في الدولة منها، وليس صدفة أن يتم اختزال الطائفة كلها بمجموعة مرتهنة لمصالحها الشخصية تنوب بسلوكها المشؤوم عن الطائفة العريقة، وعن فلسفتها وتلاوينها، ناهيك عن إرادتها في العيش ضمن التنوع السوري التاريخي كأي تكوين اجتماعي له خصوصيته.

انتقل أفراد الطائفة من الريف إلى العاصمة وباقي المحافظات في سلسلة لا نهائية لعملية هجرة طويلة وقاسية بدأت مع ظهور السمة الطائفية للنظام. كانت تلك العملية تجرى بحكم حاجة الطائفة الى العمل والتخلص من الفقر والعوز، وبحكم رغبة داخلية في التشابه مع الآخرين، وتم توزيعهم بعناية فائقة في الأماكن الحساسة وغير الحساسة بما يتناسب مع مصلحة السلطة في إيجاد معادلات للتكوينات الأخرى. وخرج البعض من شيوخ الطائفة معترضين بشدة على ذلك لما له من أثر سلبي على وجود الطائفة ضمن التكوين الاجتماعي السوري. وتنبه النظام إلى مخاطر وجود معارضة دينية من قلب الطائفة، فتم تفريغها من زعمائها الدينيين عبر عملية تصفية روحية طويلة ومعقدة سيطر فيها الموالون للسلطة على زمام المبادرة.

وتفريغ الطائفة من رجالاتها كان الخطوة الأهم لتسلّم رهط كبير من المشايخ ذوي النزعة السلطوية والذين دأبوا على عملية بناء جيل جديد من العلويين الأحاديي النزعة والنظرة والانتماء. لقد كان كل رجل أمن متقاعد أو ضابط أو صف ضابط مشروع شيخ علوي إذا توافق نسبه السلالي مع متطلبات المشيخة في الطائفة، وهو ما ساهم في خلق مرجعية أمنية للطائفة. وظهرت شريحة واسعة من العلويين العاملين بالشأنين الاجتماعي والاقتصادي والذين يعتبرون الطائفة تكويناً اجتماعياً أفقياً وليس فوقياً، فرفضوا السياسة الطائفية تلك وتعرضوا للتسفيه والاعتقال. وفرز النشاط السياسي المعارض للنظام معارضة سياسية ضمت في صفوفها قيادة وقواعد وكوادر علويين تعرضوا للاعتقال والتعذيب والسجن فترات طويلة. وهؤلاء عانوا في ما بعد مأساتين:

رفض الطوائف الأخرى لهم كونهم علويين، ورفض طائفتهم لهم بحكم معارضتهم للنظام. وكان لقلق النظام الدائم من ردود فعل الطوائف الأخرى أن دفعه للتفكير بإيجاد حام موثوق ودائم، وهو جيش بعقيدة مختلفة عمادها الدفاع عن النظام تحت غمامة الدفاع عن الوطن، فاعتمد عمليات تجييش منظمة في صفوف الطائفة العلوية للحاصلين على الشهادة الثانوية كضباط، أو لفاشلي الطائفة دراسياً، قي أجهزة السلطة الأمنية وفق معايير الأمن ذاته وشروطه، أو في صفوف الجيش كجنود لمن كان أقل حظاً وحظوةً. ولم تكن خطوات النظام مقتصرة على طائفته وإنما حاول شراء الأقليات الدينية والقومية كل وفق ظروفه ورجالات دينه أو مخبريه، إلى جانب محاولات شراء الطائفة السنية عبر عمليات طويلة ومعقدة، لكن عامل الثقة كان معيار تعامله مع طائفته بخاصة في مجالي الأمن والجيش.

... في سورية الآن ثورة يقمعها النظام، وسورية الآن بين كتلة الرصاص وكمية الدم. فهل ينجح الشعب السوري بثورته، ويعيد تفصيل سورية على مقاس تكويناته جميعها، أم يسير ويسيّرنا جميعاً في متاهات الصراع؟

=================

صدام النظام السوري محلي وإقليمي ودولي

الأربعاء ٨ أغسطس ٢٠١٢

رندة تقي الدين

الحياة

كم كان من المحبذ ان يعلن مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان استقالته مع تحديد سبب فشلها بوضوح، أنه مسؤولية النظام السوري، باستخدامه السلاح الثقيل والطوافات وكل انواع أداة الاجرام في جميع مدن سورية ضد شعبه. ان كوفي انان الامين العام السابق للامم المتحدة والحائز جائزة نوبل للسلام، شخصية كبرى لها تاريخ مجيد ومشرف في عمله الدولي. ولا شك في ان فشله في مهمته في سورية كان متوقعاً، لان النظام السوري لا يسمع منذ البداية، وهو يبتكر الحجج، من إرهاب مستورد ومؤامرات خارجية، ليستمر في قتل شعبه مع دعم روسيا والصين لهذا العمل الاجرامي. فطبيعة عمل كوفي انان كانت بالفعل وساطة وكان مجبراً على ارضاء الروس الذين وافقوا على تعيينه. ولكنه برر استقالته بمسؤولية اعضاء مجلس الامن من دون تحديد اي اعضاء بوضوح مما جعل تصريحه مبهماً مع امكانية قراءته كما يريد كل طرف. ففشله الذريع في تحديد المسؤولية افتقد شجاعة وهيبة لشخصية متميزة لها مكانة كبرى في تاريخ الامم المتحدة. ان خطته بالنقاط الست التي يقال عنها انها ما زالت قيد الحياة رغم استقالته لم يعد لها معنى مع ما يقوم به النظام السوري من تدمير وقصف في جميع مدن سورية العريقة. فبدأت بدرعا والآن انتشرت الى اينما كان ومشاهد الرعب والقتل مريعة. ورغم ذلك هناك لائحة مرشحين لخلافة انان في مهمته، من ميغيل انخيل موراتينوس الى عمرو موسى الى البرادعي... الخ، وكلهم شخصيات لها تاريخ وخبرة في الديبلوماسية، الا ان الديبلوماسية لم تكن فعالة يوماً مع النظام السوري، والآن اكثر من قبل، فقد أيدت 133 دولة في الجمعية العامة من الامم المتحدة المشروع السعودي حول سورية، ما اظهر عزلة روسيا والصين في موقفهما. وفي هذا الاطار هناك الموقف الجزائري، الذي عارض هذا المشروع ويعكس تخوف النظام الجزائري من ان يصل الاحتجاج الشعبي اليه. اما لبنان ونأيه المعروف بالنفس، فهو بهذه الحكومة لا ينأى بنفسه بل يعمل لخدمة حليفه النظام السوري القاتل الذي قتل فيه لمدة عقود. فنسمع تارة ان مواطنين سوريين لاجئين اعيدوا منه الى بلدهم، او توقيف مدير حملات «آفاز» في العالم العربي الناشط السوري وسام طريف في مطار بيروت ومنعه من السفر وأخذ جوازه، فهي ممارسات غير مشرفة للحكومة اللبنانية، فالنظام السوري اليوم هو في حرب مع شعبه والأسرة الدولية بأغلبيتها، وهو يحاول جر المنطقة الى حربه، وتهييج حلفائه في لبنان مع الدعم الايراني ليستمر في توسيع نطاق القتل. الا ان ايامه اصبحت معدودة، ومهما كان دعم ايران وروسيا له فرهان هؤلاء هو الخاسر، لان العالم سيستيقظ قريبا ويبلغ بنهاية النظام السوري كما حصل بنظام القذافي، ولكن في هذه الاثناء المآسي تزيد والاجرام مستمر. ولكن شجاعة الشعب السوري وصموده يستحقان التحية، وفي النهاية سيخرج من التاريخ الاسود الذي ادخله فيه نظام الاسد وفريقه. ومشهد معلم ديبلوماسيته في ايران، الى جانب نظيره الايراني بعد مقتل قادة اجهزة الامن السوري، يدعي ان لا شيء يهز النظام ككل تعليقاته التي اشتهر بها كمعلم اللغة الخشبية في الدفاع عن قمع ابناء بلده وقتلهم. والشعب السوري الباسل لن يغفر لمثل هؤلاء.

 

=================

نموذج الثورة السوري!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

8-8-2012

عرف العرب نموذجين من الثورة المسلحة: الجزائري، الذي قام على وجود تنظيم واحد لا شريك له، ويمنع بالقوة وجود أي تنظيم إلى جانبه، مثلما يرفض أي خلاف معه أو اختلاف عنه. والفلسطيني، الذي كان عكس الأول وقام على تعدد التنظيمات وتعايشها، ضمن ما كان ياسر عرفات، قائد الثورة الراحل، يسميه: الديمقراطية الفلسطينية، أو ديمقراطية البنادق الفلسطينية.

استند النموذج الأول على واحدية التنظيم والتفكير، فكان قيامه بداية نهاية كل ما كانت الساحة الوطنية الجزائرية قد عرفته من أحزاب وهيئات ومنظمات، وبدء تأسيس حياة سياسية ربطت كل شيء بقيادة العمل النضالي المسلح، الذي تبنته «جبهة التحرير الوطني» الجزائرية، بعد أن كانت قد تخلقت في سياق كفاح سياسي متشعب بدأ في عشرينات القرن الماضي، وأدى اختناقه استعماريا إلى هجر فكرة السياسة والحزبية السياسية كأداة للتحرر الوطني من استعمار استيطاني متجذر في أرض احتلها طيلة قرن وثلث القرن، يصعب اقتلاعه بالعمل السلمي من بيئة تعرضت خلال هذا الزمن المديد لتغيير طاول طابعها الوطني بطريقة أرادت تغيير هوية المواطن الجزائري، فكان من المفهوم أن تأخذ الثورة طابعا اقتلاعيا يجتث الدخيل من الأصيل، والأجنبي من نسيج وطني تاريخي مجاف له. لا عجب أن جوبه عنف الواقع الاستعماري بعنف وطني شامل رفضت أداته النضالية المسلحة وجود أي تنظيم آخر إلى جانبها، لاعتقادها أن التعددية تشجع الانقسامات والتناقضات داخل الصف الوطني، التي لا يفيد منها أحد غير العدو الوطني المشترك، وتضعف الثورة وبالتالي فرص تحرر سيأخذ بالضرورة شكل انسلاخ عن جسدية أجنبية راسخة ومزودة بأفضل وأحدث الأسلحة.

قام النموذج الثاني، الفلسطيني، الذي واجه بدوره عدوا استيطانيا اقتلع الشعب الفلسطيني من وطنه بالقوة وأحل غرباء محل شعب البلاد الأصلي، على تعدد تخطى التنظيمات الحزبية السلمية المعروفة بأن أضاف إليها جميعها ذراعا مسلحة أو حولها بكاملها إلى ذراع كهذه، أراد للدولة الفلسطينية أن تنبثق منها، ورأى فيها مكونات أولية تكمن في هيكليتها دولة تحرر وطني مستقلة وسيدة ستنشأ بالضرورة منها، وستكون محصلة لها، فالتنوع يعني هنا التكامل الخلاق ولا يعني التناقض المضعف والمفتت، كما كان يعتقد في الحالة الجزائرية.

هل نجح النموذج الجزائري لأن التنظيمات السياسية والحزبية الوطنية لم تمثل عقبة جدية أمامه، ونجح التنوع في النموذج الفلسطيني لأنه كان موجودا قبل الثورة، وفي صورة منظمات مسلحة استقلت عن أحزاب عربية أو أسهمت في تأسيسها؟ مهما كان الرد، لم تشهد الساحة الفلسطينية تناقضات عدائية بين منظماتها تفضي إلى صراع عنيف، إذا ما استثنينا تلك المنظمات الواهية التي ارتبطت بأجهزة أمن عربية كتنظيمي الصاعقة البعثي السوري وتنظيم جبريل، المنشق عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي تحول إلى منظمة أمنية سورية ذات مهام داخلية وصار من الصعب اعتباره تنظيما فلسطينيا؟

يوجد اليوم في سوريا نموذج مختلط يجمع بصورة مشوهة بين النموذجين السابقين، فالمجلس الوطني يرى في نفسه «جبهة تحرير وطني» من الطراز الجزائري، لذلك عمل ويعمل على إقصاء واستبعاد غيره من منظمات المعارضة وشن عليها حملات تخوين عنيفة شوهت سمعة مناضلين ديمقراطيين حقيقيين تعرضوا لأسوأ أنواع البطش والقمع الرسمي عندما كان قادة المجلس ينعمون بالأمن والسلام في مهاجرهم، ولم يكن لهم أي وجود في النضال السوري المعارض. ولكن، ونظرا لوجود تنظيمات سورية أخرى معارضة، ولأن المجلس يفتقر تماما إلى القدرة على إبعادها عن العمل العام، فإنه يجد نفسه في موقف مليء بالتناقضات والمفارقات: من ذلك أنه يرفض التعاون معها تنظيميا ويقاوم العمل معها سياسيا، لاعتقاده أن ذلك يمس بتمثيله للمجتمع السوري. بالمقابل، يجد المجلس نفسه مجبرا بصورة متعاظمة على الإقرار بأنه ليس الجهة الوحيدة التي تعمل في الحقل العام السوري وتؤثر فيه. إلى هذا، طرح قادة المجلس حلا اقتصر على دعوة من ليسوا فيه إلى الانتساب إليه، ضمن نسب تمثيل عينها هو، بما أن الآخرين لم يقبلوا هذه الطريقة ولم يتفاعلوا معها بإيجابية، فقد مثل وجود المجلس مشكلة حقيقية وتحول إلى استعصاء سياسي يصعب تخطيه بدل أن يكون هو الحل. والغريب أن قادة المجلس ظلوا مصرين على تمثيل السوريين: على كونه التنظيم الوحيد الذي يعبر عنهم ويجسد ثورتهم، على الطريقة الجزائرية، بدل أن يقروا بالتنوع القائم فعلا ورغما عنهم، على الطريقة الفلسطينية، ويقيموا علاقات تشبه ما يقوم بين إخوة تضمهم أسرة واحدة، لا مصلحة لهم في الشقاق والصراع، وإنما توحدهم تربية متقاربة وأخلاقيات وأهداف موحدة، وتجمعهم حاضنة عامة هي البيت المشترك - الوطن الذي فيه نشأوا ويعيشون. هذا النموذج العملي والمنطقي، الذي صمد خلال عقود أمام حرب صهيونية ضارية على فلسطين، ونجح في تخطي مختلف أنماط التآمر على القضية الفلسطينية، وحفظ وحدة الشعب المشتت في أربع أقطار الأرض، وضمن له حدا من القوة والحراك السياسي والعسكري جعله رقم المعادلة الشرق أوسطية الصعب، كان يمكن اعتماده في سوريا، لبلوغ حال من التفاهم والتعاون والتنسيق داخل المعارضة تتخطى فكرة التمثيل قليلة الأهمية، وتفضي إلى تأسيس منظمة وطنية تشبه منظمة التحرير يقودها تنظيم لا يعلن انفراده بتمثيل الشعب والنطق باسم الثورة، فيسود الانسجام والتكامل داخل الصف الوطني السوري ونخرج من أكذوبة التمثيل المضحكة. لو اقتدى المجلس بحركة فتح، التي كانت أقوى منه بما لا يقاس، وموجودة على الأرض أكثر من مجموع المنظمات الفلسطينية الأخرى مجتمعة، دون أن تتطلع إلى تهميش غيرها أو إخراجه من العمل العام، لكان تجاهل مسألة التمثيل وأبرز عوضا عنها مسألة قيادة الساحة ووحدتها باعتبارهما المسألتين اللتين تنبع منهما جدارته بالتمثيل، ولركز جهوده على قدرة خطه السياسي الجامع على قيادة الساحة، بدل إخفاء حقيقة سياساته الإسلامية وراء غلالات ليبرالية لا حول لها ولا طول، وشحن الساحة بخلافات مفتعلة نابعة من رهانات حزبوية إسلامية ضيقة تتدثر بقصة التمثيل الوحيد والشرعي المزعوم.

ثمة متسع من الوقت لإصلاح «النموذج السوري» في المعارضة، لأنه ليس أصليا ولا ينبع من المصلحة الوطنية، بل تمليه رغبة طرف محدد في استغفال بقية أطراف المعارضة والواقع، وجعل وصوله إلى الحكم حتميا ومسلما به بعد سقوط النظام، بحجة أن هناك عقدا لا سبيل إلى التنكر له أو التنصل منه أو نقضه بين الشعب وبينه، منحه حقا لا يجوز أن يشاركه فيه أحد يخوله الاستيلاء على السلطة مستقبلا بوصفه ممثل الثورة ومعادلها الموضوعي، وإلا فإنها لن تحقق أهدافها.

بسبب هذا النموذج الفاشل، تم كل تطور داخلي سوري خارجه أو ضده: من «الجيش الحر» إلى فصائل التنسيقيات والجمعات الحزبية والهيئات المعارضة المتنوعة. السؤال الآن: هل يتم إصلاح المجلس باتجاه النموذج الفلسطيني، فيتسع للجميع دون استثناء ويقوم على الندية والشراكة في النضال والوطن، أم يكون هدف الإصلاح احتواء الآخرين داخله، أي إخضاعهم للإسلاميين المسيطرين عليه، فلا يحقق الإصلاح غير إضعاف المجلس وتهميشه ووقوعه في يد جهة واحدة تمسك به من داخله وتفتقر إلى ثقة أحد خارجه؟ للمجلس أن يختار: التمثيل أم الريادة، الاحتواء أم الإقرار بالتنوع والندية؟ ولنا أن نأمل أن يكون خياره صحيحا هذه الأيام، حيث يتجدد الحديث للمرة الرابعة عن إعادة هيكلته وإصلاحه، وأن يتسم بواقعية تلزمه بالتواضع، ويتفق مع حجمه المحدود داخل الحراك والمجتمع والمعارضة في سوريا!

========================

سفير والوزير السابق، عبد العزيز رحابي لــ"كل شيء عن الجزائر"

"نقوم بمحاكمة سيئة للدبلوماسية الجزائرية"

حاورته: صونيا لياس

Tsa-algerie.com

27/7/2012

* كيف تفسرون تحفظ الجزائر بخصوص مطلب رحيل بشار الأسد؟

ـ يبدو لي أن الجزائر اتخذت هذا الموقف، على اعتبار أن الدول الخليجية، التي تعد حاليا ضمن الفاعلين الناشئين في المجال الدبلوماسي، تطبق أجندة القوى الغربية الكبرى، وتعتبر دعوة الجامعة العربية سابقة في تاريخ هذه المنظمة، وبلادنا ليست مستعدة بعد لقبول مثل هذه الطفرة.

 

يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار أن العالم يتغير، وأن بلادنا، التي لم تحز بعد على مكان لها في الخريطة الجديدة للعلاقات الدولية، لا يمكن لها أن تسير عكس هذا الاتجاه.

 

* ألا يتشابه هذا الموقف الذي تبنته الجزائر بذلك الذي اتخذته في ملف القذافي؟

 

ـ سواء في قضية القذافي أو ملفات أخرى، في رأيي أن الجزائر ارتكبت خطأين اثنين في التقدير، الخطأ الأول عندما اعتقدت أن القادة يمكنهم البقاء في السلطة بفضل جيش قوي، أما الخطأ الثاني يكمن في عدم احتساب وقياس تطورات الآراء الحقيقية والتطلعات الداعية للتغيير.

 

ومن بين أهم العناصر الحقيقية التي ساعدت في نجاح الثورات في العالم العربي، نجد الرئاسة مدى الحياة وخلافتها من المحيط العائلي، غياب رقابة شعبية على الثروة العمومية والحصانة المطلقة الممنوحة للحكام.

 

* في حالة سقوط نظام دمشق، هل ستضطر الجزائر، في رأيكم، مرة أخرى، لتغيير موقفها؟

 

ـ السقوط أمر لا مفر منه، وموقف روسيا لن يتأخر في التغير، لأنه إذا كان هذا البلد قد اتخذ هذا الموقف من أجل إعادة التموقع في الساحة الدولية، فإنه يبقى عمل براغماتي ويدافع عن مصالح دولة عظمى.

 

إن النظام السوري يقترف نفس الخطأ الذي ارتكبه، صدام حسين الذي ظن آنذاك أن حلفائه الروس، سيتدخلون ويدعمونه عسكريا، في حربه ضد التحالف الغربي.

 

والشيء الذي يبدو لي مؤسفا في موقفنا نحو الثورات في كل من تونس، ليبيا، مصر وسوريا، هو أننا نعطي الانطباع للرأي العام في هذه البلدان على أننا ندعم قادتهم ضدهم.

 

* وكيف تفسرون هذه التحولات والانتكاسات المتكررة؟

 

ـ في الحقيقة، ليس هناك تحولات وهذه هي المشكلة، لدينا مشاكل خطيرة في التكيف وهذا لا يتعلق فقط بالسياسة الخارجية، بل هي مسألة الحكم بصفة عامة في البلاد، وينبغي على الجزائر أن تعتبر أن مبادئها هي فقط تلك التي تستجيب لمصالحها وأن تجعلها أساس إستراتجيتها في السياسة الخارجية، وإلا فإننا لن نخرج من تركة سنوات السبعينات.

 

* على الرغم من الانتقادات، خاصة من طرف الأحزاب، لا تزال دبلوماسيتنا صماء ...

 

ـ نحن نقوم بمحاكمة سيئة للدبلوماسية الجزائرية، التي تعد واحدة من بين العناصر الفاعلة في السياسة الخارجية. إن الذين فشلوا في الحقيقة في أداء واجبهم في توعية الجزائريين والتضامن مع الشعوب العربية، هي الأحزاب السياسية، الفاعلين في المجتمع المدني والنخب، كونهم لم يدركوا أنهم أيضا فاعلين في العلاقات الدولية، في الوقت الذي نجدهم منقسمين في اتجاهين، إما الدعم في حالة ما كانوا في السلطة أو الانتقاد في حال ما كانوا في صفوف المعارضة، وهم لا يملكون علاقات دولية وبالتالي لا يساهمون في العمل الدبلوماسي، وهو نفس الشيء بالنسبة للمنظمات الاجتماعية والمهنية مثل النقابات والمحامين.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ