ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رأي
الراية ... المطلوب .. قرار إسلامي شجاع الراية 13-8-2012 إن العالم الإسلامي
بصفة عامة والشعب السوري بصفة خاصة
ينتظر من القمة الإسلامية الطارئة
التي ستعقد غدا بمكة المكرمة بدعوة من
خادم الحرمين الشريفين قرارات فورية
وعاجلة لإنقاذ الشعب السوري الذي
يواجه الإبادة الجماعية وجرائم الحرب
من نظام رفض كل المبادرات والخطط
الدولية والإقليمية لحل الأزمة سياسيا
وإخراج سوريا من مستنقع العنف والقتل
والدمار والخراب، فليس هناك أي مبرر
لعدم صدور قرار إسلامي جماعي لإنقاذ
هذا الشعب خاصة وأن كل الأنظار تتجه
إلى هذه القمة وتنتظر موقفا جماعيا
إسلاميا بعدما فشل مجلس الأمن
والمؤسسات الدولية الأخرى في حل
الأزمة. كما أن العالم
الإسلامي في امتحان عسير وهو يواجه هذه
الأزمة في الشهر الفضيل ولذلك فلا مفر
أمام القادة إلا اتخاذ قرار واحد وشجاع
وهو إنقاذ الشعب السوري من هذا النظام
حتى ولو عبر التدخل العسكري المباشر
مثلما تم في دول أخرى خارج مجلس الأمن
باعتبار أن الموقف لا يتحمل أي تأخير
أو مماطلة وتسويف، فالقضية هي قضية
إنقاذ شعب من مقصلة الإبادة والمجازر،
ولذلك ليس من المقبول التلكؤ في ذلك
خاصة بعدما وضح للجميع أن النظام غير
جاد ولا هو مستعد لتغيير منهجه
وسياساته وأنه لن تنفع معه إلا إظهار
القوة وأن قمة التعاون الإسلامي التي
تمثل أكثر من 57 دولة وأكثر من مليار و300
مليون مسلم مؤهلة لاتخاذ موقف صارم ضد
النظام وأن المطلوب من القادة التجاوب
مع نبض الشارع العربي والإسلامي
الداعم للشعب السوري. من المهم أن تدرك
القمة أن الشعوب العربية والمسلمة في
انتظار قرارات شجاعة تعيد زمام
المبادرة للمنظمة تجاه الأزمات
بالمنطقة وأن اجتماع مكة المكرمة هو
آخر فرصة لإظهار مدى جدية المسلمين
والعرب لحل الأزمة السورية بقرار شجاع
يردع النظام ويعيد الأوضاع المأساوية
إلى طبيعتها فقد حان الوقت لمواجهة
النظام السوري بموقف إسلامي موحد
وشجاع خاصة وأن الجميع يدرك أن الشعب
السوري قد قال كلمته في النظام وأنه
لامكان له وأن عليه الرحيل عاجلا أم
آجلا وأن عجز المجتمع الدولي وخاصة
الدول العربية والإسلامية هو الذي جعل
النظام يتمادى في رفض جميع الحلول
السلمية ومن بينها خطة المبعوث الدولي
والعربي كوفي عنان الذي اعترف بفشله
واستقال من منصبه. إن دعم الشعب السوري
في مواجهة هذا النظام واجب وشرعي وإن
المطلوب من القمة الإسلامية أن تحول
الدعم المعنوي والتأييد الشعبي العربي
والإسلامي والدولي إلى واقع مادي على
الأرض لاستئصال النظام من جذوره،
فالمجتمع الدولي يدرك أن النظام لن
يتراجع عن مواقفه وأنه يحاول اتخاذ
الشعب السوري رهينة لديه من خلال منع
الإغاثة عنه، ولذلك فليس هناك بديل
لمواجهة هذا التصرف إلا التدخل دوليا
وعربيا وإسلاميا بقرار جماعي لفرض
مناطق آمنة وفرض حظر الطيران العسكري
الحكومي من أجل حماية هؤلاء النازحين
وتقديم الإغاثة لهم بتحرك دولي سريع
لمواجهة استخفاف النظام بالتزاماته
المحلية والدولية واستباحته دم شعبه. ================= تاريخ النشر:
الإثنين 13 أغسطس 2012 عائشة المري الاتحاد على وقع القصف
الصاروخي للمدن السورية عقدت إيران
مؤتمراً دولياً في طهران للتشاور حول
الأزمة السورية الخميس الماضي، وكانت
طهران قد أعلنت أنها ستدعو الدول ذات
الموقف الواقعي من الأزمة السورية،
ولم تدع إيران إلى هذا الاجتماع
البلدان الغربية وبعض الدول العربية
التي تتهمها طهران بتقديم دعم عسكري
للمعارضين المسلحين. حضر الاجتماع
وزراء خارجية العراق وباكستان
وزيمبابوي، وكذلك حضرت كل من
أفغانستان والجزائر وأرمينيا وبنين
وبيلاروسيا والصين وكوبا والإكوادور
وجورجيا والهند وإندونيسيا والأردن
وكازاخستان وقرغيزستان والمالديف
وموريتانيا ونيكاراغوا وسلطنة عمان
وروسيا وسريلانكا والسودان
وطاجيكستان وتونس وتركمانستان
وفنزويلا، بتمثيل دبلوماسي أدنى
ومثـّل أغلبها سفراؤها في طهران. فيما
رفضت كل من الكويت ولبنان المشاركة،
وكان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر
صالحي قد صرح بأن "طهران تحاول إحياء
خطة السلام" العربية والدولية،
مؤكداً "رغبة إيران إنهاء العنف في
أقرب فرصة في سوريا". ماذا تريد
طهران من المؤتمر؟ وإلى ماذا تهدف من
طرح فكرة الحوار الوطني السوري، وهل هي
جادة فعلاً؟ بدأت طهران بحملة
إقليمية للتحشيد لهذا المؤتمر حيث زار
وفد إيراني رفيع المستوى عدداً من
الدول الإقليمية شملت سوريا ولبنان
والعراق، وكذلك تركيا ومصر، بهدف
التوصل إلى "حوار سوري وطني" بين
حكومة الأسد وأطراف المعارضة. وقد
اجتمع الوفد الإيراني مع الرئيس
السوري في دمشق حيث أكد أمين عام مجلس
الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي دعم
إيران للنظام السوري، وقال إن طهران
"لن تسمح أبداً لمحور الممانعة أن
يتفتت"، فيما قال الرئيس السوري
أثناء الاجتماع إن "الشعب السوري
وحكومته مصممون على تطهير البلاد من
الإرهابيين ومحاربة الإرهاب دون هوادة". وقد دعا وزير
الخارجية الإيراني في افتتاحه للمؤتمر
إلى "حوار وطني بين المعارضة
والحكومة السورية من أجل إحلال الهدوء
والأمن" في البلد المضطرب، مضيفاً
أن إيران على استعداد لاستضافة مثل هذا
الحوار. ولكن الحضور الدبلوماسي
المتواضع للمؤتمر أظهر حجم التوقعات
والنتائج المأمولة منه، فإيران تدعو
إلى وقف إطلاق النار والبدء بحوار وطني
بين الحكومة والمعارضة ولكنها تقف إلى
جانب الأسد، كما ظلت طهران ومنذ بدء
الأزمة قبل سبعة عشر شهراً تدعم توصيف
دمشق للمتمردين بأنهم "إرهابيون"
مدعومون من الخارج، فإيران تقدم نفسها
كوسيط بين الحكومة السورية والمعارضة
على رغم انحيازها الصارخ للنظام
السوري ودعمها اللوجستي للنظام في
حربه. ففي دمشق طالب جليلي بـ"وقف
التدخل في الشؤون السورية"، ودعا
الدول التي ترسل السلاح إلى التوقف عن
ذلك واعتبرها "شريكة في سفك الدم
السوري". ورغم قبول أميركي
أوروبي غير معلن للدور الإقليمي
الإيراني في المنطقة، فواشنطن على رغم
ضجيج التصريحات حول النووي الإيراني
لا تمانع النزعة الإيرانية للهيمنة
الإقليمية، ولم تمانع النفوذ الإيراني
في العراق. والصين وروسيا من ناحيتهما
تقران بالدور الإقليمي الإيراني
وبالمصالح الإيرانية في المنطقة
وتدعمان المحور الإيراني، وسيبقى
التنسيق الإيراني عالي المستوى مع
المحور الصيني الروسي في الملف السوري
وكافة الملفات الإقليمية والدولية ما
دامت طهران تتعاون مع العاصمتين في
مختلف المجالات. ومن الواضح أن طهران
أرادت من مؤتمرها أن تؤكد على أنها
لاعب إقليمي مهم وأن لها نفوذاً في
سوريا. ومع استمرار شلال
الدماء وأصوات المدافع تقصف المدن
السورية يصبح الحديث عن حل سلمي للأزمة
حلماً بعيد المنال، يعلم الجميع من حضر
ومن لم يحضر، من دعي ومن لم يدعَ بأن لا
فائدة ترتجى من مؤتمر طهران، ومن
الطريف أن تتبنى طهران الحديث عن حوار
وطني وعن رفض التدخل الخارجي في الأزمة
السورية وهي جزء من الأزمة السورية.
وعلى رغم الإقرار بالدور الإقليمي
الإيراني إلا أنه لا يمكن صناعة حل
إيراني للازمة السورية؟ ================= الأزمة
السورية... والتجاوز الممكن تاريخ النشر:
الإثنين 13 أغسطس 2012 كينيث إم. بولاك الاتحاد يقول المثل الصيني
"إن بداية الحكمة هي أن تسمى الأشياء
بأسمائها الصحيحة". والاسم الصحيح
لما يجري في سوريا في الوقت الراهن -بل
ومنذ ما يزيد على عام- هو أنه حرب أهلية
شاملة، فسوريا اليوم هي مثل لبنان في
السبعينيات والثمانينيات، ومثل
الكونجو والبلقان في التسعينيات، ومثل
العراق بين عامي 2005 و2007. فما يحدث فيها
يختلف عما جرى في اليمن ومصر وتونس. ومن المهم قبول هذه
الحقيقة البسيطة، لأن الحروب الأهلية-
خصوصاً الإثنو، طائفية- مثل تلك التي
تحتدم نيرانها الآن في سوريا، تعكس
وتطلق في الوقت نفسه قوى جبارة تحد
وتقيد مما يمكن عمله إزاءها. وهذه
القوى من النوع الذي لا يمكن صرفه، أو
تجاهله، وإنما يجب التعامل معه مباشرة
إذا ما أردنا خلق أي فرصة لإنهاء
الصراع. وإذن، فكيف يمكن
إنهاء هذا النوع من الحروب؟ يتم ذلك
بإحدى طريقتين: أن يكسب أحد الطرفين
الحرب، وهو أمر غالباً ما يتم بطريقة
وحشية، أو أن يقوم طرف خارجي بالتدخل
بقوة كافية لإطفاء نيران الحرب وإيقاف
القتال. وإلى أن تلزم واشنطن نفسها
بمساعدة طرف، أو قيادة تدخل في سوريا،
فإن أي شيء آخر قد لا يكون قادراً على
جعل الأمور تختلف عما هي عليه الآن. وتاريخ الحروب
الأهلية -والجهود التي تبذل من أجل
إيقافها- يبين بجلاء التدابير التي
يمكن أن تنجح في إيقاف تلك الحروب،
وتلك التي لا تقدر على ذلك. ويأتي على رأس قائمة
المبادرات التي قلما تنجح في إنهاء
الحروب الأهلية بمفردها، تلك الخاصة
بالتوصل إلى تسوية من خلال مفاوضات.
ففرص نجاح مثل تلك التسوية في غيبة قوة
تفرضها أو تضمنها، محدودة. ولعل هذا
تحديداً هو السبب الذي جعل خطة عنان
محكوماً عليها سلفاً بالفشل، وهو
السبب الذي يدفعنا بعد أن أعلن "عنان"
استقالته فعلاً، إلى التخلي عن تلك
الخطة باعتبار أنها تصرف الانتباه عن
المشكلة الحقيقية. وهذا أيضاً هو السبب
الذي يجعل من اقتناع الولايات المتحدة
بقدرة روسيا على أن تعمل رافعة لإقناع
نظام الأسد بقبول حل على الطريقة
اليمنية، يقوم من خلاله بالتخلي عن
الحكم، نوعاً من سوء الفهم أوسوء
الإدراك، لسبب بسيط، لأن الأسد مقتنع-
شأنه في ذلك شأن رادوفان كارادزيتش،
وصدام حسين، والقذافي من قبله- أن
خصومه سيصفونه إن فعل ذلك. وحتى إذا ما تخلى
الأسد عن منصبه طواعية، أو فر من
سوريا، فإن مثل ذلك التخلي أو الفرار
لن يكون له معنى، لأن النتيجة المحتمة
في هذه الحالة هي أن تحل محله في الحكم
شخصية تنتمي إلى الطائفة العلوية التي
قد يعتقد بعضها هي وغيرها من الأقليات
في سوريا أنها لا تقاتل من أجل الحفاظ
على وضعها المتميز في المجتمع السوري،
وإنما تقاتل من أجل وجودها. ويعود بنا ذلك إلى
الافتراض الذي طرحناه في البداية، وهو
أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا من
خلال اختيار الانحياز إلى الطرف (الرابح)
أو الذي نعتقد أنه كذلك، أو قيادة تدخل
متعدد الأطراف والدول. والفرص المتاحة
الآن تدلنا على أنه من الأفضل لنا أن
نبدأ بالخيار الأول، وإذا ما فشل هذا
الخيار في تحقيق النتيجة المرجوة، فما
علينا حينئذ سوى الانتقال إلى الخيار
الثاني. كينيث بولاك زميل رئيسي بمركز
سابان لسياسات الشرق الأوسط في معهد
بروكنجز ينشر بترتيب خاص مع
خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز
سيرفس" ================= نايلة تويني 2012-08-13 النهار لم أحادث مي شدياق
امس، ولم أجرؤ على ذلك، لاني، وانا
المصابة بوالدي وخالي وخال والدي،
انتابني شعور لا أجد له تفسيرا فيما
انا أقرأ ان العبوات المصدرة من سوريا
الينا هدايا حب واخوة وتعاون وتنسيق،
تشبه الى حد بعيد تلك التي استهدفت مي
شدياق، وسمير قصير وجورج حاوي. انتابني ألم اللحظات
الاولى لفراق جبران، عادت الي
الذكريات الموجعة، القاهرة، القاتلة.
فكرت في الشعور الذي يحاصر مي، وتأكد
الشك باليقين في هوية الجهة المدبرة
والقاتلة. هل يراودها مجددا الشعور او
الرغبة في الانتقام؟ في التعويض
بالقتل؟ بالشماتة من النظام السوري
وأزلامه؟ رأيتني أدعو مي من
بعيد للجوء مجددا الى عدالة الارض، الى
المحكمة التي آمنا بدورها في ضبط
الجريمة ومنعها عن أناس جدد على الاقل،
فإذ بالامل يتوسع اليوم في تسطير اتهام
واضح الوجهة بأدلة جرمية لا لبس فيها. بالامس كانوا يقولون
لنا ان اتهاماتكم لسوريا ونظامها
سياسية ولا دليل واحدا عليها، اليوم
نقول لهم ان بعض الدلائل الحسية قد
ظهرت فماذا تقولون؟ وكيف تفسرون ما حدث
في السياسة ان كان بعده الامني واضحا؟
وهل ان التفجيرات والاغتيالات تأتي
ترجمة لمعاهدة الاخوة والتعاون
والتنسيق؟ على المؤيدين للنظام
السوري ان يعترفوا اليوم بالاخطاء
الكبيرة التي ارتكبها النظام "الحليف"
في سوريا قبل لبنان، ونحن لا نستغرب
ردة فعله الحالية في قتل المواطنين
السوريين وسحقهم، وتدمير المدن، ونسف
البنى التحتية كما نشاهد كل يوم، اذ ان
حروبه علينا لا تزال ماثلة امامنا، ولا
ننسى حصار الاشرفية وزحلة، واجتياح
القصر الجمهوري في بعبدا بالطائرات
الحربية "الشقيقة"، واعدام
المئات من ضباطنا وجنودنا الابطال في
وزارة الدفاع وفي غير موقع بالرصاص "
الشقيق" إياه. العبوات السورية
القاتلة لم تكن مفاجئة، اذ انها ليست
الاولى، ولكن عسى أن تكون الاخيرة. ================= 2 -
الجيّد والسيِّئ والبشع في سوريا
اليوم سركيس نعوم 2012-08-13 النهار يوم السبت الماضي
نشرنا في "الموقف هذا النهار"
بعضاً من تقويم جدي للاوضاع في سوريا
اجرته مجموعة بحثية اميركية موضوعية
قادرة على ايصال استنتاجاتها الى
الادارة في واشنطن. اليوم نتابع وفي
"الموقف" نفسه بعضاً آخر من هذا
التقويم لعله يفتح عقول اللبنانيين
على حقيقة ما يجري داخل سوريا، ويدفعهم
الى وضع عواطفهم جانباً في اثناء
التعاطي معها بحيث يجنبون بلادهم خطر
الانخراط مع الثوار او مع النظام. ماذا في البعض الآخر
من التقويم نفسه؟ فيه ان سوريا اصبحت
ساحة لتدخل خارجي متنوّع يغذي الحرب
الدائرة فيها. وان الموفد العربي
الدولي كوفي انان (استقال أخيراً) سعى
الى التوسّط بين أطرافها لكنه لم ينجح
لأن الذين دعموا مهمته كان لكل منهم
هدف يريد تحقيقه مناقض لأهداف الآخرين.
ذلك ان خطته كانت ايجاد قاعدة مشتركة
بين اطراف الصراع، في حين ان خطة
غالبية هؤلاء كانت الافادة منه
للانتصار على الآخرين بالضربة القاضية. وفي التقويم أيضاً ان
المواقف الدولية يمكن ان تتغير. تدفعها
الى ذلك مجزرة كبيرة أو فقدان النظام
سيطرته على الأسلحة الكيماوية الأمر
الذي يطلق عملاً عسكرياً غربياً.
وتدفعها الى التغيير ايضاً مبادرة
تركيا والاردن الى إقامة منطقة آمنة
على أراضٍ سورية حدودية في حال تدفق
اللاجئين السوريين إلى الدولتين
بالآلاف. فضلاً عن ان ايران و"حزب
الله" قد يتحركان عسكرياً نيابة عن
نظام الأسد في اثناء تنفيذ العمل
العسكري الغربي ضده. طبعاً هذه
السيناريوات لا تزال نظرية لكن
تحوُّلها عملية ممكن جداً. علماً ان
الحقيقة الثابتة حتى الآن هي ان الصراع
في سوريا سيستمر الغرب في تغذيته، لكنه
لن يكون الجهة التي ستحدد مصير الصراع،
ومن سيفعل ذلك السوريون انفسهم. وفي
التقويم إياه أيضاً انه بسبب المذكور
أعلاه فإن مواقف وأفعالاً مهمة ستحصل
على أرض الواقع. انطلاقاً من ذلك يميل
المراقب وخصوصاً من خارج، الى
الاعتقاد ان النظام السوري تصرف منذ
البداية بدم بارد ومن دون تمييز.
والحقيقة ليست كذلك أو هي كذلك جزئياً
فقط. فالصراع مرّ بمراحل عدة أولاها
تقديم النظام تنازلات سياسية غصباً
عنه ووجهت بتصاعد المطالبات الشعبية،
وممارسته في الوقت نفسه قمعاً وحشياً
افقد تنازلاته صدقيتها. وثانيتها
اعتماده الحل الأمني لإخضاع كل
المجموعات السورية، لكنه حفَّزها بذلك
على الصمود وعلى الاستمرار في
المقاومة. اما ثالثة المراحل فهي لجوؤه
الى الحل العسكري الذي نفذ سياسة الأرض
المحروقة، والذي انطوى على السرقة،
فتحول بذلك الجيش السوري قوة احتلال
مكروهة. وفي كل من هذه المراحل الثلاث
دمَّر النظام السوري جسراً، فاقداً
بذلك طريقاً للعودة ومخرجاً من الوضع
الذي أصبح فيه. ذلك ان "الحل السياسي"
اضعف وشوّه سياسيي النظام، والحل
الأمني دمر قدرة الأجهزة الأمنية على
العمل، والحل العسكري قضى نهائياً على
صدقية الجيش ورصيده. في اختصار، يشير
التقويم الموضوعي للمجموعة البحثية
الأميركية الجدية نفسها الى ان
الديناميات الاجتماعية أنشأت أو أظهرت
أوضاعاً ثلاثة هي الآتية: - الوضع الجيد: وقد
تمثّل في اظهار المجتمع المدني السوري
حيوية ملحوظة وشجاعة ومرونة. وقد حرَّك
ذلك أو عبأ شبكات المساعدة الشعبية،
وأقام نوعاً من الضبط أو المراقبة على
النشاط المعارض او بعضه وخصوصاً
الناشط منه في أجواء مسمومة. وتمثّل
ايضاً بفشل وحشية النظام في اخضاع
الاحتجاجات الشعبية وبدفع المعارضة
السورية الى اكتشاف معنى التضامن
والمجموعة المشتركة والفخر الوطني. - الوضع السيِّئ:
وتمثّل بالمذهبية والاصولية
والجهادية والمقاتلين الأجانب الذين
اخرجهم من تحت الارض (مجازاً طبعاً) طول
مدة الحرب وممارسات النظام. ويظهر ذلك
من تبني عدد من مجموعات المعارضة
خطاباً وسلوكاً اصوليين تصاعدياً
ومذهبين لاحقاً. وتمثّل ايضاً بفقدان
شعب سوريا ثقته بالغرب وبلجوئه طلباً
للمساعدة إلى الدول الخليجية ولا سيما
السعودية وقطر. - الوضع البشع المخيف
والخطير: وتمثّل باتساع الهوة العميقة
بين مؤيدي النظام ومؤيدي المعارضة في
سوريا. فكل منهما يرفض الآخر ولا
يتلاقيان الا في المعركة. ففي معسكر
الثوار يظهر على السطح الموقف المعادي
للعلوية واستطراداً الشيعية
وتبريراته. كما تظهر في معسكر المؤيدين
للنظام المخاوف من الغالبية والتصميم
على القتال خوفاً من القتل أو الإبادة. ================= الأردن
يدخل الأزمة السورية من شماله فهد الخيطان 13-8-2012 الغد الاردنية على وقع تطورات
الأزمة السورية، تتحول المناطق
الشمالية من المملكة إلى مسرح عمليات
يجذب اهتمام العالم كله. ففي غضون أشهر
قليلة، وجد سكان إربد والمفرق والرمثا
وقراها أنفسهم في خضم الحدث السوري
وتشابكاته الإقليمية والدولية. عشرات الآلاف من
اللاجئين يحتلون الساحات والحدائق،
ومخيمات في أطراف المدن. حشود عسكرية
على الجانبين، وأصوات المدافع
والطائرات على مدار الساعة، ومواكب
لمبعوثين أمميين وعرب تجوب المناطق
يوميا، ومحطات تلفزة تبث من وسط
الأحياء الشعبية. عملاء سريون لأجهزة
استخبارات عالمية، وفرق إغاثة من
مختلف الجنسيات، ومستشفيات ميدانية.
جهاديون ينتظرون حلول الليل للتسلل
إلى درعا، وتجار أسلحة يبرمون الصفقات
مع الثوار. واجهت الحدود
الأردنية مع العراق أوضاعا مشابهة في
حربي الخليج الأولى والثانية، لكن
الفرق أن هناك صحراء شاسعة كانت تفصل
مسرح العمليات عن المناطق المأهولة
بالسكان، باستثناء بلدة الرويشد
الصغيرة التي عايشت المأساة العراقية
عن قرب. في الحالة السورية
الوضع مختلف تماما؛ نقاط التماس
الاجتماعي تمتد على طول الحدود،
والقوى من الطرفين تكاد تشتبك مع بعضها
يوميا. بمعنى آخر، مسرح العمليات
متداخل جغرافيا وسكانيا، وأحيانا
عسكريا؛ فالمناوشات بين الجيشين صارت
شبه يومية، وعناصر الجيش الحر تتواجد
على الجانبين. ويسهّل من عملية التواصل
استخدام نفس شبكات الاتصال الهاتفي في
درعا والرمثا. الأزمة في سورية
ستطول، حسب تقدير خبراء في شؤون
المنطقة. ذلك يعني المزيد من موجات
اللجوء، واستمرار حالة الاستنفار
العسكري إلى أمد غير منظور، واتساع
نطاق جهود الإغاثة الدولية. لكن ربما
يخبئ المستقبل لمناطق الشمال ما هو
أصعب من ذلك. فمنذ يومين، بدأت الإدارة
الأميركية تتحدث، وبشكل صريح، عن
احتمال فرض مناطق حظر طيران في سورية.
وعقب مباحثات مع نظيرها التركي في
اسطنبول أول من أمس، صرحت وزيرة
الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون،
بأنها بحثت في خطط عملانية وتبادل
البيانات مع الجانب التركي، بغية "تسريع
نهاية إراقة الدماء ونظام الأسد. هذا
هو هدفنا الاستراتيجي" تقول كلينتون. إذا أجازت الإدارة
الأميركية هذا الخيار، فإن فرض حظر
الطيران لن يقتصر على الحدود السورية
مع تركيا، بل سيشمل الحدود مع الأردن.
وسيكون هذا بلا شك تحولا دراماتيكيا في
مسرح العمليات، تصبح المناطق الشمالية
معه جبهة شمالية بالفعل. قوات الأسد التي تخوض
حربا انتحارية لن تسلم بالحظر الجوي،
ولن تتوانى عن المواجهة وتوسيع نطاق
العمليات، بما يمهد لتدخل عسكري واسع
لتسريع نهاية النظام. ليس سهلا التنبؤ
بمسار الأحداث، لكن الأشهر القليلة
المقبلة فاصلة في حياة سكان المناطق
الشمالية، وعليهم الاستعداد لأيام
حافلة وعاصفة. ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 13-8-2012 إن كان النجاح غير
مضمون فإن الأفضل للأخضر الإبراهيمي
،الذي يتمتع بتاريخ طويل من الإنجازات
الكبرى التي كان حققها عندما كان أحد
رموز الثورة الجزائرية العظيمة وعندما
كان سفيراً لها في أكثر من دولة ثم
عندما أصبح وزيراً للخارجية بعد أكثر
من ثلاثين عاماً من المساهمات الفاعلة
الرئيسية في بناء الدولة التي جرى
تغييبها مائة واثنين وثلاثين عاماً،
ألاّ يُقْدِم على هذه المغامرة الكبرى
في ظل هذه الاوضاع المعقدة التي باتت
تعيشها سوريا وفي ظل كل هذا التداخل
الإقليمي والدولي في ما أصبح يعتبر
قضية سورية. كان السبب الأول
والرئيسي لفشل كوفي أنان أن مجلس الامن
الدولي لم يستطع توحيد موقفه إزاء ما
يجري في سوريا ،وإن في الحدود الدنيا،
وأن روسيا ومعها الصين ،للأسف، قد بقيت
تُحبط أي جهدٍ للأمم المتحدة لمعالجة
هذه الأزمة ،عندما كانت الأمور لم تصل
بعد الى كل هذه التعقيدات التي وصلت
اليها وعندما كانت طرق الحلول
السياسية لا تزال آمنة وسالكة، بقدر ما
كانت ولا تزال تشارك مشاركة فعلية
بالخبراء وبالسلاح وبالذخائر في معركة
بشار الاسد ضد شعب من المفترض أنه شعبه. وبالتأكيد أن الأخضر
الإبراهيمي ،بخبرته وبتاريخه الطويل
في العمل السياسي وبالنجاحات التي
حققها في العراق وافغانستان وفي لبنان
وفي قضايا أخرى كبيرة، يعرف هذا أكثر
من غيره ولذلك فإنه قد بادر ،مع انه في
إجازة رمضانية في اندونيسيا، في ما
يعتبر شرطاً مسبقاً للقبول بأن يخلف
كوفي أنان في هذه المهمة الصعبة
والمعقدة، الى مطالبة أعضاء مجلس
الأمن الدولي ،أصحاب حق «الفيتو»، الى
اتخاذ موقف موحد تجاه الأزمة السورية. إنها مهمة صعبة وإن
النجاح فيها ليس غير مضمون فقط بل هو
مستحيل وغير متوقع على الاطلاق طالما
انه لا أمل بأن يكون هناك موقف موحد
لأعضاء مجلس الامن الدولي حول هذا
النزاع الذي بات يتخذ طابع الحرب
الاهلية والذي اتخذ طابع المواجهة
الاقليمية وتسديد الحسابات الدولية
فالمواقف غدت متباعدة جداً ولعل ما زاد
الطين بلَّة ،كما يقال، أن النظام نفسه
ممثلاً بالرئيس بشار الأسد أصبح مسلوب
الارادة وغدا مجرد كرة صغيرة يجري
تقاذفها في هذه اللعبة الاقليمية
والدولية. إنه لايمكن ان تغير
روسيا ،كما هو واضح، الموقف الذي
اتخذته وبقيت تتمسك به منذ بداية
انفجار هذه الأزمة التي غدت مستفحلة
وشائكة ومعقدة والمؤكد أنها ،أي
روسيا، ومعها الصين ،للأسف، لا تزال
مصممة على استخدام حق النقض «الفيتو»
ضد أي قرار لا يتطابق مع موقفها ومع
حساباتها للمرة الرابعة والخامسة..
والألف فالروس ،بقيادة فلاديمير بوتين
الذي يحلم بأن يستعيد أمجاد كل الذين
سبقوه إن في عهد إمبراطورية آل رومانوف
وإن في فترة الاتحاد السوفياتي»العظيم»!!،
مصرون على الذهاب بهذا المشوار الدامي
حتى نهايته ولذلك فإن ما لا نقاش فيه
أنهم لن يعطوا الأخضر الإبراهيمي ما لم
يعطوه للأمين العام السابق للأمم
المتحدة كوفي انان رغم محاباته لهم
ورغم أنه وضع نفسه قبل استقالته في
الدائرة التي يقف فيها هؤلاء ومعهم
جمهورية الولي الفقيه الإيرانية. ولهذا ومن موقع الحرص
على ألاّ يحرق الأخضر الابراهيمي
،الذي بقي يحقق النجاح تلو النجاح منذ
أن كان ممثلاً نشطاً للثورة الجزائرية
وحتى أصبح وزيراً للخارجية وإلى أن حقق
ما حققه في لبنان وأفغانستان والعراق
وفي جنوبي افريقيا، تاريخه السياسي
ويفشل في مهمة محكوم عليها بالفشل
بعدما وصل الصراع الإقليمي والدولي
على سوريا الى هذا المستوى الذي وصله
وبعدما أصبح كل هذا العنف يجتاح كل شبر
من الأرض السورية من درعا في الجنوب
وحتى حلب وإدلب في الشمال ومن البوكمال
في الشرق وحتى اللاذقية وجبلة وبانياس
وطرطوس على شاطئ البحر الأبيض المتوسط
في الغرب. ================= رجا طلب الرأي الاردنية 13-8-2012 اكثر من عام ونصف
العام والثورة مشتعلة في سوريا او «
العنف « كما يحلو للبعض لدينا تسميته
ومازال هذا البعض يتجاهل تماما ارواح 20
الف ضحية سقطت بنيران جيش « الممانعة
والصمود « ويناقش بحرقة منقطعة النظير
القضية من زاوية واحدة فقط وهي هل ما
يجرى في سوريا ثورة ام مؤامرة ؟ ويخلص
بكل بساطة الى اعتبار ما يجرى هو
مؤامرة على سوريا ونظامها السياسي
بسبب مواقفها « الممانعة والصامدة «
بوجه اسرائيل واميركا ، وهو بذلك يعتبر
مدنا باكملها كدرعا ودير الزور وحمص
وحماة وقرى ريف دمشق واحياء كاملة في
حلب يعتبرها كلها مجرد معاقل للعملاء
وجزءاً من المؤامرة ... هؤلاء «
المعلبون بزيت الايدولوجيا « يمارسون
السياسة ويتحدثون فيها تماما بمنطق «
القاعدة « التى كانوا يدافعون عنها
ويؤيدونها في العراق بعد سقوط صدام
حسين واثناء ماكانت « تُطبخ «
مجموعاتها وتُصنع في اقبية المخابرات
السورية والتى اصبحت الان وبقدرة قادر
عميلة للاميركان وتنفذ المؤامرة ضد
بشار الاسد ، هذه القاعدة التى لا تفهم
الا القتل ( فمن قتل وكان كافرا فهو الى
النار اما ان كان مؤمنا فالي الجنة ) ،
فهؤلاء المعلبون بالايدولوجيا لا
يفهمون السياسة الا بمثل منطق القاعدة
الدموي هذا ، بمنطق التخوين والمؤامرة
ويهملون نتيجة و لقصور واضح في التفكير
العلمي كامل الواقع ومعطياته . اعتقد ان المنطق
السليم يدفعنا بالضرورة الى الانتقال
نحو المربع قبل الاخير في المعادلة
السورية وهو مربع ما قبل سقوط بشار
الاسد ونظامه والمربع اللاحق له وهو
ماذا بعد الاسد ونظامه ؟ انه السؤال
الاهم الان الذي من المفترض ان تحاول
دوائر صنع القرار الاقليمي والدولي
العمل الجاد للاجابة عليه . في المعلومات لا يوجد
سيناريو محدد لمرحلة ما بعد سقوط
النظام ، بل ان الادهي من ذلك ان معظم
العواصم المهتمة بالملف السوري تركز
فقط على نقطة واحدة هي اسقاط الاسد
وفقط ، وحتى لو حاولت بعض العواصم
الاقليمية كتركيا مثلا رعاية اجتماعات
للمعارضة السورية بشان هذا الموضوع ،
فالتطورات الميدانية على الارض هي
التى ستتحكم بالامور وليست
السيناريوهات المعدة في غرف دول
الجوار ، فالفوضى هي الاحتمال الاكبر
بعد سقوط النظام ولتفادي هذا الاحتمال
من المفترض للعواصم المعنية العمل على
تحقيق مسالتين اساسيتين : الاولى : الحفاظ على
المؤسسة العسكرية السورية وتجنب الخطأ
الفادح الذي ارتكبته ادارة بوش الابن
في العراق عندما قررت حل الجيش العراقي
. اما
المسالة الثانية : تجنب هدم بنية
الدولة السورية باي شكل من الاشكال
ومنع تجريم البعث السوري على غرار ما
جرى في العراق ، وتوفير حماية سريعة
للطائفة العلوية لتجنب الحرب الطائفية
التى ستكون شرارتها بكل تاكيد مواجهة
سنية – علوية وقد تمهد لتقسيم سوريا
الى دويلات طائفية . بالتاكيد ان طريقة
سقوط بشار الاسد من حيث مدى سلميتها او
دمويتها ومدى مقاربتها للنموذج
التونسي او النموذج الليبي سيكون لها
الاثر الكبير ايضا في فرض معطيات محددة
لطبيعة النتائج السياسية وغير
السياسية على الارض . نحن في الاردن وبحكم
اننا الاكثر قربا من سوريا جغرافيا
وديمغرافيا واقتصاديا يهمنا بالدرجة
الاولى تجنب الفوضى في سوريا بكل ما
تحمله من مخاطر على الاقليم برمته
وتجنب الحرب الطائفية التى ستكون من
مخرجات هذه الفوضى المتوقعة ، ولذا
علينا دعم خيار حماية المؤسسة
العسكرية وحماية بنية الدولة السورية
من اجل اختصار الزمن في عملية اعادة
انتاج الدولة السورية من جديد . ================= التغيرات
الدولية حول الأزمة السورية خيري عمر 2012-08-12 القدس العربي تتجه المواقف
الدولية نحو سوريا لمزيد من التباعد
والتباين، وبشكل يتقارب مع بلورة
تحالفات دولية متناقضة المصالح، وفي
ظل هذا المناخ تشهد سوريا حالة من
تزايد العنف تجاه المدنيين، وصارت
الأحداث تتجه نحو إخماد الثورة بكل
الوسائل الممكنة، وهذا التوجه يرتبط
بسياق السياسة الدولية المرتبطة
بإدارة الأزمة السياسية في سوريا،
وخاصة ما يتعلق منها بالصراع الدولي
على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وهو
ما تشترك فيه عدة أطراف دولية، وهذا ما
يثير تعقيد مسار الثورة السورية. وفي الأيام الأخيرة،
اتجه النظام السوري لاستعادة زمام
المبادرة من الجيش الحر، حيث اعتبر أن
اندلاع المعارك في دمشق وحلب يشكل
تحدياً للنظام، ولذا اتجهت القوات
النظامية لإخماد الثورة في المدينتين
مهما كانت التكلفة الإنسانية
والعسكرية، ويمكن ملاحظة وجود علاقة
ارتباطية بين زيادة عنف الجيش السوري
وبين الاختلاف الدولي حول تسوية
الأزمة في سوريا، حيث لا يقتصر
الاختلاف أو التناقض الدولي علي
النقاش السياسي ولكنه يمتد لتزويد
وإمداد سوريا بالسلاح الروسي وبشكل
يفوق بكثير تسليح المعارضة السورية (الجيش
الحر)، وهذا الاختلال ظل خارج النقاشات
الدائرة في الأمم المتحدة (مجلس الأمن)،
ومن ثم فإن استمرار هذا الوضع سوف يغري
الجيش السوري بالاستمرار في إخماد
الثورة. وقد تؤدي هذه السياسة
لزيادة العنف الانتقامي تجاه
المدنيين، وبشكل عام تشير هذه السياسة
إلى أن النظام السوري تبنى استراتيجية
صفرية تقوم على أن استمراره يرتبط
بتعميق التحالف مع إيران وأن إخماد
الثورة هو الشرط اللازم لبقاء التحالف
مع إيران والنظام البعثي، ومن ثم يعد
التحالف الإيراني ـ السوري سياسة حدية
واختيار وحيد في ظل تباين المصالح
الدولية. ويمكن القول أن
استمرار النظام السوري الحالي صار يعد
من محددات السياسة الخارجية
الإيرانية، فمن خلال التحالف مع 'الأسد'
تسعي إيران لترسيخ نفوذها السياسي
ونقله للمنطقة العربية، وفي هذا
السياق يظل الدعم الإيراني لاستمرار
التحالف مع سوريا استراتيجية ثابتة
تحت رعاية أجهزة السياسة الخارجية
والتي تشمل ملف الأمن القومي وتطوير
التكنولوجيا النووية. ويكشف لقاء وزيري
الخارجية الإيراني والسوري في 28 يوليو
2012عن أنه رغم اعتماد إيران على إمداد
سوريا بالدعم غير المباشر، فإنها
أعلنت منذ أيام عن تضامنها مع استمرار
النظام القائم، واعتبرت أن 'فكرة
القيام بعملية نقل منظم للسلطة في
سوريا وهم'، وهو تصريح لوزير الخارجية (علي
صالحي)، وهو تصريح لا يحمل تهديداً
للبلدان العربية وداعمي الثورة
السورية، بقدر ما يشير لصعوبة نقل
السلطة في سوريا في وقت تقترب فيه
البلاد تقترب من حالة الفوضى، وهي
الحالة التي تتهم فيها إيران بعض الدول
العربية بأنها تدفع بعدم استقرار
سوريا وتشارك في تدميرها، وبهذا
المعنى، تتطلع السياسة الإيرانية
لتعريف الخصوم والأعداء في المنطقة
العربية من خلال الاقتراب والابتعاد
عن مساندة الثورة السورية كمعيار
لتصنيف علاقات التعاون والعداء في
العلاقات السياسية. وقد وضح من التصريحات
الإيرانية التي ظهرت عقب اللقاء
السوري ـ الإيراني، أن إيران تعتبر أن
استمرار النظام السوري يمثل خط الدفاع
الأول عن إيران، وهو ما يعزز تزايد
تدخلها العسكري إذا ما نشبت حرب
إقليمية. ولعل النتيجة الأكثر
أهمية لهذا اللقاء تكمن في أنه تزامن
مع تشكل تنسيق سياسي بين بعض الدول بما
يمهد لتحالفات دولية خلال الفترة
القادمة، فمن خلال متابعة ردود الفعل
على المواقف السورية والإيرانية،
يلاحظ أنه بينما زاد تشدد روسيا والصين
في كثير من المحافل الدولية والتأييد
العلني للنظام السوري، فإن دول الخليج
وتركيا صارت أكثر تناولاً وإدراكا
للتهديد الإيراني، حيث انتشرت تعليقات
تشير إلي ضرورة تشكيل تحالف إقليمي
لمواجهة الخطر الإيراني ومساعدة
الثورة السورية، حيث تعتبر بلدان
الخليج العربي أن الدعم الإيراني
لنظام 'الأسد' يشكل حالة من التغلغل
الإيراني في المنطقة العربية ويلقى
هذا التحالف تأييد الأوربيين
والأمريكيين. وعلى مدي اشتعال
الأزمة السورية، تتجه الأمور لبلورة
تحالفين متناقضين في المصالح السياسية
والاستراتيجية، حيث الأوربيين
والأمريكيين من جهة والصينيين والروس
من جهة أخرى، وهو ما يعد امتداداً
لصيغة الحرب الباردة، ولعل تصاعد
الأحداث في الفترة الأخيرة يساعد في
زيادة تناقض المصالح بين كل هذه
الأطراف، وهو وضع يشير إلي أن التدخل
الدولي في سوريا سوف يكون من خارج
الأمم المتحدة، وذلك بسبب الانقسام في
مجلس الأمن، وهذا المدخل يتسق مع إعلان
الولايات المتحدة عن دعم المعارضة
السورية وتوفير الإسناد السياسي لها
بشكل رسمي، وهو تصرف يناظر الدعم
العسكري الروسي للنظام السوري. ولعل التهديد الأكبر
للدول العربية وليس سوريا فقط، هو أن
تكون الأراضي العربية منطقة لتصفية
الصراعات الدولية، حيث تبلور الأحلاف
وتزايد التناقضات سوف يؤدي لاحتدام
صراع سياسي أو عسكري، فالصراع
الأمريكي ـ الروسي حول النفوذ في
منطقتي الشرق الأوسط والقوقاز هو صراع
على الميزات الجيو استراتيجية في هذه
البلدان. ولعل دخول سوريا في
حزام الصراعات الدولية يشكل تحدياً
للثورة السورية، ويفرض عليها الانحياز
لكتلة دولية، ربما تكون الكتلة
الغربية الأكثر تفضيلاً، لكن الانحياز
في حد ذاته لا يضمن تحقيق الثورة
لأهدافها، غير أنه في اقل الأحوال سوف
يؤدي لتغيير النظام السوري وإزاحته،
ولكنه لا يضمن توافر فرصة تكوين نظام
جديد يراعي التطلعات الوطنية ووحدة
الدولة. ويتحدد الموقف
السياسي في البلدان العربية على أسس
مختلفة تجمع ما بين المصالح الدائمة
ومراعاة التغير والتحول السياسي، وهنا
يمكن الإشارة لنوعين من القيود على
تصرفات البلدان العربية: 1. فبينما المعيار
الأساسي لبلدان الخليج العربي يتحدد
في ضرورة تفكيك التحالف الإيراني ـ
السوري وهو ما يتلاقى مع رغبة العديد
من البلدان العربية في تغيير النظام
السوري، كما أنه يتلاقى مع المصالح
الأمريكية في عزل إيران، ومن ثم فإن
التعاون لإسقاط 'الأٍسد' سوف يتقيد
بسقف السياسة الأمريكية وطبيعة تصورها
لإدارة التعاون والصراع في المنطقة. 2. كما أنه في ظل عدم
نضج المسار الثوري في بعض البلدان
العربية لا يمكن التنبؤ بمدى مساهمتها
في الترتيبات الإقليمية، حيث من
المتوقع أن تشهد حالة انكفاء على
الشؤون الداخلية التي تشهد الكثير من
الجدل والاختلاف، وهو ما يعني أن النظم
الجديدة تقود دول ضعيفة وغير متماسكة،
وهذا ما ينطبق بشكل كبير على كل من مصر
وتونس. وفي هذا السياق يمكن
القول أن التعامل الدولي مع سوريا سوف
يعكس التباين في المصالح السياسية،
وهو ما يتضمن عدة احتمالات، من بينها
نشوب حرب إقليمية يترتب عليها إسقاط
النظام السوري واحتواء الثورة، وهذه
النتيجة تعد كارثية للبلدان العربية،
وخاصة في ظل تراجع فرص المبادرات
السياسية بعد انهيار مبادرة 'كوفي عنان'،
وهو ما يشكل أيضا تحدياً لعملية التحول
السياسي التي اندلعت في بلدان الربيع
العربي. ================= شوط
ثانٍ مع خليفة أنان في سورية بلا...
أهداف؟ الإثنين
١٣ أغسطس ٢٠١٢ جورج سمعان الحياة عندما يشترط الأخضر
الإبراهيمي «دعماً قوياً وموحداً» من
مجلس الأمن للقبول بخلافة كوفي أنان
مبعوثاً دولياً - عربياً إلى سورية،
يلقي الضوء مجدداً على الأسباب التي
دعت الأمين العام للأمم المتحدة إلى
تقديم استقالته مطلع هذا الشهر. يدرك
الرجلان تماماً ما لم يعد سراً وهو أن
التوصل إلى اتفاق سياسي بين نظام
الرئيس بشار الأسد وخصومه لوقف العنف
ليس هو العقبة. فالحكم في دمشق لم يعبّر
منذ اليوم الأول لاندلاع الحراك عن
رغبة في حلول سياسية. انخرط ولا يزال في
الخيار العسكري الذي قام عليه النظام
أساساً ووفّر له البقاء طوال عقود
أربعة في ظل غطاء من الشعارات الطنانة!
ودفع هذا الخيار المعارضة إلى مزيد من
العسكرة. حتى باتت البلاد اليوم بين
حراب معسكرين غابت عنهما السياسة
كلياً. وبمقدار ما لم يعد مفيداً
للنظام أن يتلطى خلف ذرائع ليست مقنعة،
وبمقدار ما لم يعد مفيداً للمجلس
الوطني المعارض أيضاً التغطية على
قصوره وعلى تضارب مكوناته، لم يعد
مفيداً إخفاء انزلاق البلاد إلى حرب
أهلية، وتالياً إلى فوضى شاملة يصعب
بعدها قيام حكم مركزي قادر على
إدارتها، ويسهل معها قيام كيانات تهدد
بتقسيم وتفتيت سيلقيان بظلهما الثقيل
على عدد من دول الجوار. في ظل تغييب السياسة،
يستحيل على أي وسيط إيجاد اتفاق بين
المتصارعين في الساحة السورية. ولا
حاجة إلى تعداد المحاولات والمساعي
التي فشلت في تحقيق ولو مجرد هدنة منذ
اندلاع الأزمة. العقبة باتت في مكان
آخر. أنان والإبراهيمي وجميع اللاعبين
الآخرين يعرفون أن ليس في مقدور أي
وسيط أو مبعوث تحقيق اختراق بين الكبار
على المستوى الدولي والإقليمي. هؤلاء
لا يبدو أنهم مستعدون اليوم إلى إبرام
تفاهم أو تسوية توقف حمام الدم. أدرك
ذلك المبعوث الدولي - العربي المستقيل
منذ اليوم الأول لتكليفه. أدرك أن
الأزمة مفتوحة وطويلة. واحتاط للأمر
فأعد خطة أعلن صراحة أنها تتطلب سنة
وربما أكثر! أرادت الولايات المتحدة
وشركاؤها القريبون والبعيدون وأرادت
روسيا وشركاؤها القريبون والبعيدون
شراء الوقت والتلطي خلف مهمة الأمين
العام السابق. وهو أيضاً أراد شراء
الوقت مثل الآخرين، في انتظار أن تنضج
الظروف الخارجية تسوية ما مقبولة.
ويبدو أن هذا الانتظار سيطول أكثر مما
يتوقع... فآثر الانسحاب. انتهى الفصل الأول أو
الشوط الأول من مهمة المبعوث الدولي -
العربي. كان مستحيلاً تسجيل أهداف، أو
أي اختراق. فالصراع في سورية وعليها لا
ينتظر فقط نتائج الانتخابات الرئاسية
الأميركية بعد ثلاثة أشهر عندما يتحرر
باراك أوباما من قيود المعركة
الداخلية وما تفرضه مواجهة حملات
منافسه، إذا قيض له التجديد. ولا ينتظر
تحرك أميركا وأوروبا بلا تفويض من مجلس
الأمن بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان
وحماية المدنيين من المجازر، كما حصل
في مناسبات حديثة سابقة آخرها ليبيا.
هو جزء من صراع دولي أوسع على المنطقة،
من شمال أفريقيا إلى آسيا الوسطى وأبعد
منهما... ولا ينتظر أن ترأف روسيا في
النهاية بالسوريين وتتخلى عن دعم
النظام في دمشق، أو أن تبدي حرصاً على
ما بقي لها من علاقات ومصالح مع عدد
كبير من الدول العربية التي اعترضت
وتعترض على موقفها من الأزمة. ولا
ينتظر أن تنكفئ الصين التي استثمرت
الكثير الكثير في أفريقيا وآسيا
الوسطى وفي إيران. وقد زاد من حدة
الصراع اندلاع «الربيع العربي»
وانتشاره من تونس إلى سورية مروراً
بليبيا ومصر واليمن والنتائج التي
أفضى إليها هذا «الربيع» في هذه الدول.
وهي نتائج شكلت بمعظمها خسائر لكل من
موسكو وبكين. في خضم هذا الصراع لا
يمكن أن يتوهم أنان أو من يخلفه
بالقدرة على تحقيق اختراق بين الكبار.
ثمة قواعد وشروط لهذه اللعبة التي لا
تحتاج إلى وسطاء. تحتاج إلى اقتناع
الأميركيين وشركائهم الأوروبيين
والروس والصينيين بأن الحرب السورية
استنفدت كل الوقت اللازم، وأن
التطورات على الأرض باتت تستدعي البحث
عن آفاق الصيغة المقبلة وإدارة
المرحلة الانتقالية. لذلك، ربما كان
المؤتمر التشاوري الذي دعت إليه إيران
محاولة استباق لأي صفقة، بالسعي إلى شق
طريق ثالث لمعالجة الأزمة، بعيداً عما
يمكن أن يستقر عليه الموقفان الدوليان
المتواجهان. وسبق ذلك تراجع طهران عن
اتهاماتها لكل من تركيا والسعودية
وقطر في خطف مواطنيها الـ48 في سورية،
ومحاولتها مغازلة أنقرة مجدداً بعد
سيل من الاتهامات التي وجهها إليها عدد
كبير من المسؤولين السياسيين
والعسكريين الإيرانيين. وواضح أن الجمهورية
الإسلامية تعي مثل غيرها أن النظام في
دمشق تعرّى تماماً ولم يعد له ذلك
الغطاء «الوطني الجامع» بعد انشقاق
رئيس الحكومة المعين حديثاً وتزايد
أعداد العسكريين المنشقين وخروج كل من
العاصمتين عن صمتهما الطويل. وأن الوضع
يتجه بوضوح نحو خروج النظام في النهاية
إلى الشريط الساحلي ليحتمي به ويحميه
ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. وقد لا تروق
لها مثل هذه النهاية. فهي تفكر أيضاً
بمشاكل الأقليات والمكونات الأخرى
للجمهورية، وفي مقدمها الأكراد الذين
ستتعزز أحلامهم إذا استقلوا بحكم
مناطقهم كما هي الحال في كردستان.
لكنها قد لا تجد مفراً إذا تلقّت ضربة
قاسية بمثل هذا السيناريو، من دعم هذا
«الشريط العلوي»، والتعويل على حليفها
اللبناني من أجل الحفاظ على قاعدتها
المتقدمة على حدود إسرائيل أولاً. وقد
تعمل على ربطه بامتداد لبناني حتى سهل
البقاع. وهذا ما فسر ويفسر «حملات
التطهير» المستمرة والتي تطاول حمص
وحماة وريف اللاذقية... وهذا ما يجعل
فئات لبنانية تتوجس من احتمال تكرار «حزب
الله» تجربة القوى الشيعية في العراق
التي أمسكت بزمام السلطة ومعظم
مفاصلها بعد سقوط نظام صدام حسين، على
رغم أن التركبية الديموغرافية
اللبنانية مختلفة إلى حد ما عن نظيرتها
في العراق بوجوه شتى. لذلك، سيكون لبنان
أول اختبار لقدرة جيران سورية على تحمل
نتائج الفصل الثاني من الصراع الدولي
والإقليمي على سورية. وليس اللبنانيون
أفضل حالاً من السوريين. لا شيء يجمعهم
في السياسة. يعيشون يوماً بيوم على
تداعيات أزمة جيرانهم. ولا يحتاج الوضع
الهش إلى دلائل. يكفي أن الحكومة التي
يفترض أنها تضم فريقاً واحداً تتصرف
مكوناتها بما يوحي أن لا شيء يجمع بين
هذه المكونات. بل وصلت الحال في معظم
الملفات التي تهم المواطنين وتسيير
شؤونهم وحاجاتهم إلى «اشتباكات» شلت
البلاد وتشلها. هذا ناهيك عن أطرافها
الذين لا يلتقون على موقف سياسي واحد.
فضلاً عن تعثر طاولات الحوار،
والتوترات المتنقلة من صيدا إلى
طرابلس ومحاولة العودة إلى مسلسل
الاغتيالات. كلها مؤشرات إلى ضعف لبنان
وقصوره عن التعامل بجدية مع تداعيات
الأزمة السورية. وليس من باب
المصادفات أن تبادر الإدارة
الأميركية، غداة اختتام إيران المؤتمر
التشاوري الذي أعدته عاصمتها للبحث في
أوضاع سورية، إلى إضافة «حزب الله» إلى
لائحة العقوبات المفروضة على كل من
سورية والجمهورية الإسلامية. وإلى
تحريض أوروبا على أن تحذو حذوها متهمة
الحزب بأنه ضالع في أداء دور مركزي في
أعمال القمع التي تطاول المعارضين
السوريين. وليس من باب المصادفات أن
ترتفع مجدداً وتيرة الجدل في إسرائيل
حول احتمال توجيه ضربة إلى البرنامج
النووي الإيراني قبل الانتخابات
الرئاسية الأميركية، خصوصاً أن رئيس
الوزراء بنيامين نتانياهو وفريقه لا
يخفيان دعمهما السياسي وغير السياسي
للمرشح الجمهوري ميت رومني في مواجهة
باراك أوباما. وقد لا يكون من باب
المصادفات أن توقف الأجهزة الأمنية
اللبنانية الوزير السابق ميشال سماحة
الذي يعد أحد أبرز المستشارين للرئيس
بشار الأسد. ولا شك في أن توقيفه
والحملة على «حزب الله» سيحركان
المياه الراكدة في لبنان الذي سيجد
نفسه في مواجهة ما تستدعيه العقوبات
الأميركية - وربما الأوروبية قريباً -
على الحزب في أكثر من مجال سياسي وغير
سياسي وعلى رأسه المسائل المالية، وفي
مواجهة انعكاسات توقيف الوزير السابق
وإصدار مذكرة جلب لأحد أبرز رجالات
الأمن في نظام بشار الأسد، على سياسة «النأي
بالنفس» وعلى العلاقات الرسمية بين
دمشق وبيروت. الصراع بفصله
الإيراني مرشح للتصاعد مع طي صفحة كوفي
أنان، وبدء شوط جديد قد توفر فيه
التطورات على الساحة السورية فرصة
لبعض اللاعبين لتسجيل أهداف تساعد في
الضغط على ساحات أخرى... فلا يظل
الأميركيون والأوروبيون «يتلهون»
باستنباط وسائل لدعم المعارضة السورية
بما لا يخل بميزان القوى القائم،
حفاظاً على قواعد اللعبة وضبط
إيقاعها، وإن تأجل تسجيل الأهداف إلى
الوقت الضائع أو في أوقات إضافية تكون
معها خريطة «الشرق الأوسط الكبير» من
أفغانستان إلى شمال أفريقيا اتضحت
ألوانها وخطوطها. ================= الإثنين
١٣ أغسطس ٢٠١٢ غسان شربل الحياة قال السيد الوزير إن
ما تعيشه المنطقة حالياً من توتر ليس
سوى مقدمات الزلزال. لفتني الى الحديث
الاخير للملك عبد الله الثاني، والذي
اشار فيه الى مخاطر جدية على وحدة
سورية. توقف ايضاً عند الاتهامات
التركية لسورية بتسليح حزب العمال
الكردستاني. اشار الى كلام الرئيس نوري
المالكي عن احتمال احتراق دول وزوالها.
تحدث عن التهديدات التي أطلقتها
اسرائيل في حال تسرب جزء من الترسانة
الكيماوية السورية الى ايدي متشددين
معادين لها. قال إن لبنان يعيش منذ
اندلاع الاحتجاجات في سورية على صفيح
ساخن، وإن قضية الوزير ميشال سماحة قد
تدفع السخونة الى درجة الغليان. رأى السيد الوزير أن
عودة النظام السوري الى السيطرة على
كامل اراضي البلاد صارت مستبعدة
تماماً. وقال إن معرفته بأصحاب القرار
في دمشق والعصبية التي يتكئ عليها
النظام والجيش، تدفعانه الى الاعتقاد
ان القتال سيكون طويلاً ومريراً
ومدمراً. اعرب عن اعتقاده ان سقوط
النظام في سورية سيكون في حال حصوله
أخطر بكثير من اقتلاع النظام العراقي.
وقال إن الدول المحيطة بسورية ستواجه
وضعاً يفوق في مخاوفه وأخطاره
وانعكاساته ما واجهته أوروبا ساعة
سقوط جدار برلين. أصغيت إلى الكلام،
لأن الرجل يعرف دمشق وحمل الى أهل
القرار فيها أكثر من رسالة. استوقفتني المقارنة
مع جدار برلين، الذي وُضع المدماك
الاول فيه في مثل هذا اليوم من العام 1961
وسقط في تشرين الثاني (نوفمبر) 1989. كان
سقوط ذلك الجدار هائلاً ومدوياً، لكن
صمامات الامان الاوروبية، ولاسباب
سياسية واقتصادية وثقافية، ساهمت في
استيعابه، على رغم انفجار قوة عظمى
اسمها الاتحاد السوفياتي وغيابها عن
الخريطة. لا وجود لمثل هذه الصمامات في
الشرق الاوسط، وخصوصاً في المنطقة
المحيطة بسورية. تبدو المسافة بعيدة
بين برلين ودمشق. المواجهة الدائرة على
ارض سورية أيقظت كل انواع المخاوف
والاسئلة. ثمة من بات يعتقد ان عمليات
القتل والتدمير المنهجي مزقت النسيج
الوطني السوري، وأنه لن يكون سهلا عودة
المكونات السورية الى التعايش، خصوصاً
في ظل غياب قوة قاهرة وزاجرة. استفاقت
الجروح القديمة بين المكونين السني
والعلوي، ورشَّتْ عليها عمليات
التهجير والفرز السكاني والمجازر
المتكررة أملاح الرعب والحقد. تفاقمت
خطورة هذا الانهيار بعد تداخل فصوله مع
النزاع السني-الشيعي الذي تعيشه
المنطقة، وهو ما تعكسه لافتات ترفع في
تظاهرات الاحتجاج ضد ايران و «حزب الله». يطرح انهيار جدار
دمشق في حال حصوله مسائل اخرى لا تقل
خطورة. الورقة الكردية التي حركها
النظام لإخافة تركيا هي ورقة متفجرة في
اكثر من دولة. يصعب الاعتقاد ان اكراد
سورية سيسلمون بالعودة الى الوضع الذي
كانوا فيه عشية انطلاق الاحتجاجات.
للوضع الكردي في سورية ذيول في تركيا
وكردستان العراق والى درجة اقل في
ايران. هناك ايضا قلق الاقليات
المسيحية التي دفعتها التجربة
العراقية المريرة الى الخوف من اي
تغيير واسع لشعورها ان حالات الفوضى
يسهل اقتلاعها. انفجار سورية الى
جيوب تعيش في ظل جيوشها، سيطرح سؤالاً
مقلقاً، هو: لماذا يببقى لبنان موحداً
اذا وقع الطلاق بين المكونات السورية؟
وماذا عن العراق وتركيا؟ وماذا عن
استقرار الاردن في هذا المناخ
المحموم؟ انهيار الجدار
السوري يعني ايضاً انهيار محور
الممانعة وانحسار الدور الايراني
وفقدان «حزب الله» الشريانَ الحيوي
الذي سهَّلَ وجوده ودعم تصاعد دوره
وحوَّله لاعباً اقليمياً يستند الى
ترسانة لا يمكن الحفاظ على قوتها
وهيبتها من دون الشريان السوري. ولمثل
هذا المشهد، في حال قيامه، انعكاسات
على صورة ايران ودورها، وربما
استقرارها. وانهيار الجدار السوري
يعني ايضاً خروج روسيا من آخر موقع لها
في العالم العربي، خصوصاً في دولة
محورية متاخمة لإسرائيل. يلوح جدار دمشق
بالمخاطر التي ستعصف بالمنطقة في حال
انهياره. هذا التلويح لا يساعده على
الخروج من المأزق. كانت مهمة كوفي انان
فرصة لتنظيم تفكك تدريجي للجدار تحت
مظلة دولية. ضاعت الفرصة، وها هي
المنطقة تحبس انفاسها استعداداً لما
هو اخطر من سقوط جدار برلين. ================= حسين شبكشي الشرق الاوسط 13-8-2012 المعركة الدائرة
الآن بين نظام بشار الأسد وترسانته
المسلحة في مواجهة الجيش السوري الحر،
الذراع العسكرية للثورة السورية، هي
عند الغالبية العظمى من العقلاء
والموضوعيين مواجهة بين باطل استشرى
وطغى وافترى على العباد وسفك الدماء،
وبين حق متمثل في أبرياء يطالبون بحقهم
الإلهي في العيش بكرامة وحرية. هذه المعركة يتابعها
العالم بأسى وحزن واشمئزاز منذ أكثر من
17 شهرا بلا توقف. ولكن المدهش أن هناك
من يتابع المعركة نفسها ولكن لأسباب
أخرى تماما.. فهناك فريق عريض من
المسلمين يتابع أحداث هذه المعركة
ويعتبرها من «علامات الساعة» ويحاول
إسقاط ما ورد من الأحاديث النبوية
الشريفة، على صاحبها أزكى صلاة وأطهر
سلام، وما ورد عن أرض الشام وما سوف
يحدث فيها من أحداث ومواقف وتطورات،
على ما يحدث، ويتم الرجوع إلى مواقع
معينة في أرض الشام وروايات عن تلك
المواقع وعن شخصيات وأحداث ستأتي
لاحقا، وهي تقع في باب اتفق علماء
المسلمين على تسميته بباب فتن نهاية
الزمان. والفتن المقصودة هنا
هي التي تحير من يراقبها، فلا «يفهم»
ولا «يستوعب» ما يحدث من سرعة تتابع
الأحداث وعجائبها، ولكن ليس المسلمون
وحدهم هم الذين يراقبون الأحداث
السورية بهذا المعنى، ولكن المسيحيين
الإنجيليين أيضا يفعلون ذات الشيء..
فهذه الطائفة المسيحية العريضة
والكبيرة والمؤثرة تبني الكثير من
عقيدتها على فكرة المسيح المخلص الذي
يعود في «أواخر الأيام» لإنقاذ أتباعه
وإحداث المواجهة الأخيرة في المعركة
الكبرى المسماة بـ«هرمجدون»، ولدى
أتباع هذه الطائفة المسيحية مراجعهم
التي يتبنونها في سفر «النبوءات»، وهو
جزء مهم من العهد الجديد (الإنجيل)
والذي يوضح نبوءات عن أواخر الأيام كما
يسمونها. ولكن سفر «النبوءات»
هذا «لا بد» أن يقرأ بدقة مع سفر «دانيال»
من العهد القديم (التوراة)، لأنه
باعتقادهم يفك شفرات النبوءات ويسقط
الأحداث بشكل مسلسل وتاريخي، وهم الآن
يشيرون إلى ما يحدث في أرض الشام على
أنه متوقع وفي نبوءات وردت، حيث يشيرون
إلى أن النبوءة تقول إنه على أرض الشام
(سوريا) يتآلف ملك الشمال (والمقصود
روسيا) مع أهل فارس (إيران) ويأجوج
ومأجوج (الصين) في مواجهة التنين ذي
الرؤوس العشرة (الاتحاد الأوروبي)،
وتصور الوضع بأنه مقدمة الحرب الكبرى
ونهاية الزمان. هذه الخلفيات من
المهم جدا معرفتها، فهي وإن كانت لا
تدخل في صميم القرارات الدبلوماسية
والسياسية والعسكرية إلا أنها موجودة
في عقليات وذهنيات الكثيرين ممن لديهم
خلفيات روحية ودينية في صفوف الفريقين
والمعسكرين، كما أن المعركة العسكرية
موجودة على الأرض وهناك معارك سياسية
ودبلوماسية في الأروقة الأممية ومعارك
إلكترونية في الفضاء الافتراضي. هناك أيضا معارك
فكرية على تأويل ما يحدث من إسقاط ديني
لتفسير العقائد الخاصة بنهاية الزمان
والمواجهة الكبرى الختامية ومعركة
الحق والباطل الأخيرة وظهور المخلص
وتحقيق العدل والنصر وإنجاز أمر الله. كل هذه الأفكار
والعقائد هي قناعات تغذي المعركة
وتمثل وقودا خطيرا لإشعال الوضع في
اتجاهات غير معلومة، ولكن هناك كما
هائلا من المعلومات والأفكار
والكتابات المنتشرة اليوم والمتعلقة
بنهايات الزمان على «أرض الشام» كل
بحسب زاويته وقناعاته وأسبابه، ولكن
حتما نرى جانبا جديدا يضاف للأحداث في
سوريا معقدا الموضوع بشكل مثير. ولكن الظاهر والواضح
والذي لا غبار عليه هو ما اتفق عليه
العالم بأسره أن نظام بشار الأسد
وزبانيته باطل مطلق ويجب الخلاص منه،
والحق مع شعب أراد الحياة بحرية وعدل
وكرامة، وهذه حقوق إلهية منحت وليس لأي
مخلوق أن يسلبها منه. وإذا كان للباطل
جولة (حتى وإن دامت 40 سنة هي عهد حكم
الأسد وأبيه)، فإن للحق جولات آن
أوانها. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 13-8-2012 أصدر عالمان شيعيان
في لبنان بيانا مهما حول ما يجري في
سوريا، حيث أعلنا تأييدهما للثورة،
وطالبا شيعة المنطقة بعدم التناقض في
مواقفهم تجاه ما يحدث في العالم
العربي؛ حيث دعا البيان الموقع من قبل
السيد محمد حسن الأمين، والسيد هاني
فحص، وهما من أبناء الطائفة الشيعية،
للانسجام مع أنفسهم «في تأييد
الانتفاضات العربية، والاطمئنان
إليها، والخوف العقلاني الأخوي عليها،
وخاصة الانتفاضة السورية المحقة»! أهمية البيان تكمن في
أنه من الواضح أن مصدري البيان قد
تنبها للمأزق الذي تورط فيه عقلاء
الطائفة الشيعية في المنطقة؛ حيث أصبح
الموقف الشيعي انتقائيا، بل وأقرب
للنفاق. فكيف تؤيد كل حراك في العالم
العربي، ثم تعود وتقف ضد الثورة
السورية، وتناصر نظاما إجراميا قاتلا
مثل نظام بشار الأسد؟! والأمر المحرج
الآخر بالنسبة لعقلاء الشيعة أن موقف
إيران، وحزب الله، كان على نفس
المنوال، أي دعم إسقاط أنظمة الدول
العربية التي أصبح فيها حراك، بينما
المحافظة على الأسد في سوريا فقط
لأسباب طائفية صرفة، حيث سقطت كذبة
المقاومة، والممانعة! كما أن أهمية البيان
الشيعي هذا تكمن في أنه من المرات
النادرة التي نرى فيها أصواتا شيعية
تقول رأيا مختلفا، وصادما، لآراء
متطرفي الشيعة، خصوصا أنه منذ اندلاع
الثورة السورية، كتبنا - وكتب غيرنا -
مطالبين عقلاء الشيعة بضرورة كسر
صمتهم، ووجوب رفض ما يقوم به نظام
الأسد الإجرامي، حيث قلنا - وقال غيرنا
- إنه من الضروري أن يتصدى عقلاء الشيعة
لمتطرفيهم، أيا كانوا، سواء حسن نصر
الله، أو غيره من حلفاء إيران في
البحرين، أو القطيف، وعلى رأسهم الأسد
في سوريا. وذلك مثلما تصدى عقلاء السنة
لمتطرفيهم، من دول وجماعات وأشخاص
كانت لهم في لحظة من اللحظات شعبية
جارفة في الشارع، إلا أن عقلاء السنة
قاموا بالتصدي لهم ولم يداهنوهم باسم
الطائفية. وقد يقول البعض إن
البيان الشيعي جاء متأخرا، وبعد أن
أدرك الجميع أن لا أمل في بقاء الأسد في
الحكم، وقد يكون ذلك صحيحا. لكن الأهم
أن يتعود الشيعة في منطقتنا إنكار ما
يقوم به بعض متطرفيهم، سواء كان التطرف
طائفيا، أم إرهابيا، أم حتى تطرفا
بالانقياد وراء إيران وعلى حساب مصالح
أوطاننا، وأمننا، والسلم الاجتماعي،
وحق التعايش بين مكونات منطقتنا. كما
أن أهمية البيان الشيعي تكمن في أنه
رسالة للمجتمع الدولي، وقبله للقلقين
من بعض الشيعة، حيال ما يحدث في سوريا،
وخوفهم مما بعد الأسد، ومفاد هذه
الرسالة أن الثورة السورية ليست ثورة
سنية، بل هي ثورة على الظلم، والجور،
والتخلف. فنظام الأسد هو الوجه الآخر
لنظام صدام حسين، ولم يكن صدام مجرما
لأنه سني، كما أن الأسد ليس بمجرم لأنه
علوي. ولذا، فإنه ينبغي
الترحيب بالبيان الشيعي الخاص بسوريا
والصادر في لبنان، والأمل ألا يكون هذا
هو البيان الوحيد الذي يتصدى لمتطرفي
الشيعة في منطقتنا وحلفائهم، بل يجب أن
يكون نهجا لعقلاء الطائفة الشيعية
بمنطقتنا. فمثلما ينبذ السنة متطرفيهم
فإن المؤمل من عقلاء الشيعة فعل ذلك
لتكون منطقتنا منطقة تعايش، وسلام،
وبناء، لا منطقة إقصاء واستقواء
بالخارج، أيا كان. ================= عطاء الله
مهاجراني الشرق الاوسط 13-8-2012 للربيع العربي وجهان
مختلفان، يمكن من خلالهما أن ندرك أن
التغييرات التي وقعت تمت عبر نهجين
مختلفين، وأعني بذلك القدرة على
التفرقة بين السبل التي تغيرت بها
الحكومات في تونس ومصر وليبيا واليمن
وفي سوريا في المستقبل، وأريد هنا أن
أركز على الوسائل التي انتهجتها
الحكومات في تعاملها مع شعوبها،
والمظاهرات والثورة، أو إن شئت القول «ريفوليوشن»
(الإصلاح من الداخل)، المصطلح الجديد
الذي تمت صياغته قبل سنوات في أعقاب
الثورة الملونة في أوروبا الشرقية، ثم
الربيع العربي. يمكننا تقسيم هذه
البلاد أو الثورات إلى نموذجين
مختلفين، النموذج الغربي والنموذج
الشرقي. مبارك وبن علي انتهجا النموذج
الغربي، أما القذافي وبشار الأسد
فاتبعا النموذج الشرقي. وقبل الربيع
العربي، تبع شاه إيران النموذج
الغربي، فيما تبع صدام النموذج الشرقي.
لكن ما معيار التعرف على هذه النماذج؟ بداية، كانت جيوش
الدول التي تبعت النموذج الشرقي تتلقى
الدعم من الاتحاد السوفياتي السابق
وخلفها روسيا في الوقت الراهن، وتمت
هيكلة قواتها الأمنية وفقا للنموذج
الروسي كذلك. هذا الأسلوب العسكري
للحكم قائم على الاستبداد المطلق، وقد
كان ستالين أيقونة لهذا النظام الشهير
- أو بالأحرى سيئ السمعة. وليس بخفي أن
الحرية في أي شكل أو على أي شكل تقف على
طرف نقيض من هذا النموذج. والآن دعونا نركز على
قضية النظام السوري. في عهد حافظ الأسد
لم يتمتع الأفراد بحرية الوصول إلى
الإنترنت والهواتف الجوالة وآلات
الطباعة وخلافه، فقد كانت الحكومة
تسيطر على كل شيء. وأذكر أنني خلال
لقائي الأول والأخير مع بشار الأسد في
أولى أيام حكمه قال إن السوريين يريدون
مني الديمقراطية والحرية، لكنهم نسوا
أنني لم أنتخب رئيسا بصورة ديمقراطية.
وعندما يواجه نظام مثل الأسد أزمة
سياسية، كانت روسيا والصين تقوم بكل ما
في وسعها لدعم النظام بما يتفق مع
مصالحها. ولهذا ترك بن علي
البلاد بعد أسبوعين، وترك مبارك
السلطة بعد ستة أسابيع لكن القذافي ظل
في السلطة لأكثر من ستة أشهر، واستخدم
الصواريخ والمدفعية الثقيلة ضد شعبه.
أراد قتل الثوار في كل مكان، كما قال «بيت
بيت، ودار دار، وزنقة زنقة». والآن
يواجه بشار مقاومة قوية من المعارضة
منذ أكثر من 16 شهرا، تحولت معها حلب
العاصمة الاقتصادية للبلاد إلى أطلال.
لكن بشار لا يزال يعتقد أنه قادر على
تخطي الأزمة. «قُلْ هَلْ
نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِين
أعمالا * الَّذِين ضَلَّ سَعْيُهم فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهم
يَحْسَبُون أَنَّهم يُحْسِنُون
صُنْعًا» (سورة الكهف 103 – 105). محاولة معرفة أن قوات
الأسد فقدت شرعيتها، ليس بالأمر الصعب.
فبينما كنت أشاهد التلفزيون السوري،
كان المذيع يقول: «إن جيشنا الوطني
وقواتنا الخاصة قتلوا عددا كبيرا من
الإرهابيين». ويبدو أنه بحسب هذه
القنوات، فإن عددا كبيرا من السوريين
إرهابيون، هل هذا مقبول؟ كيف يمكننا
القول إن الغالبية العظمى من الشعب
إرهابيون؟ كيف يمكننا إصدار هذا الحكم
بهذا اليقين القوي؟ الحقيقة أنه في
النموذج الشرقي، تفترض الحكومات أنها
قادرة على حل كل أزمة باستخدام القبضة
الحديدية. فهم قادرون على تدمير
المنازل وهدم المدن وقتل المتظاهرين.
لكن هذا أمر سخيف، فقد شهدنا انهيار
الاتحاد السوفياتي ونعلم أن هذا
الأسلوب من الحكم لم يعد مجديا. هل ترغب
روسيا الجديدة والصين في إعادة بناء
مثل هذا النموذج؟ تعتبر حلب خزانة
كبيرة للثقافة والحضارة، لا للسوريين
فحسب، بل للعالم أجمع. وللأسف، نشهد
تدمير هذه المدن الجميلة كل يوم. ففي
حلب هناك - أو بالأحرى كان هناك - 150 مبنى
رائعا غالبيتها من المباني أو المعالم
الفريدة في العالم. زرت هذه المدينة
الجميلة قبل عشرين عاما، بدعوة من
الدكتور تونجي إلى منزله لاحتساء قدح
من الشاي الحلبي. جلسنا في مكتبه في
الطابق الثاني من منزله وكنا نتحدث
بشأن التاريخ الطويل والثري لحلب. تطرق
بنا الحديث إلى بدر شاكر السياب،
ورددنا بعضا من قصائده. وقلت له إنني
أرى نفسي في مدينة السندباد، في عالم
الأساطير. فحلب ليست بالمكان العادي.
وقرأ التونجي قصيدة أبي العلاء المعري: يا شاكي النوب انهض
طالبا حلبا نهوض مضني لحسم الداء
ملتمسي واخلع إذا حاذيتها
ورعا كفعل موسى كليم الله
في القدس كيف يمكنني أن أنسى
تلك الليلة! كيف يمكنني أن أنسى حلب
الجميلة. تلك المدينة التي لعبت دورا
بارزا في التاريخ الإسلامي. فكانت
المدينة خلال حقبة العثمانيين، ثاني
أو ثالث أشهر مدينة في العالم الإسلامي. وما من شك في أن ما
يجري في سوريا ليس جزءا من الربيع
العربي، إنما هو شتاء جاف حالك السواد،
مليء بدماء الضحايا، خلف دمارا شاملا
لسوريا والسوريين، ودمار ثقافة وحضارة.
إن حلب باتت مثل مرآة مكسورة تعكس
حقيقة الشتاء العربي في سوريا. هذه
لعبة لن ينتصر فيها أحد، فقبل أكثر من
عام، أشرت في أحد مقالاتي أن على بشار
الأسد أن يجري انتخابات حرة وبإمكانه
أن يشارك فيها مرشحا. وقلت حينئذ إنه إن
فاز في الانتخابات فسوف يكون الرئيس
الشرعي وسوف يحكم بصفته رئيسا حقيقيا،
وإذا ما خسر فسوف يكون مؤسس ديمقراطية
حقيقية وحرة في سوريا. ولسوء الحظ قد خسر
كثير من الوقت، ولطخت يداه بدماء أبناء
شعبه، وستقول الأجيال القادمة في
المستقبل إن سوريا دمرتها حكومة الأسد. يعتقد بشار أن نظامه
أشبه بقلعة قوية، تقاوم إسرائيل لكن
الحقيقة هي أنه يدمر أمته ودولته. كيف
يمكنه تبرير هذا التناقض؟ من يستطع أن
يبرر جرائم إسرائيل أفضل من بشار
الأسد؟ هذا هو الأسلوب الشرقي في
الحكم، الذي تتلخص استراتيجيته
الرئيسية في القتل والتدمير. أنا أتساءل الآن ما
الذي يمكن أن يكون قد حدث لمنزل
الدكتور تونجي الجميل؟ ما الذي حدث لكل
الطلاب الذين التقيتهم في جامعة حلب؟
كيف يقضون الليالي في مثل هذا الموقف
الموحش؟ وربما لا يعبر عن ذلك سوى
المتنبي: فكيف ليل فتي الفتيان
في حلب؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |