ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
زين
الشامي / سأنتقد الثورة لأني أحلم
بسورية جديدة الرأي العام 15-8-2012 لا يختلف اثنان على
ان الثورة السورية هي من اكثر ثورات
الربيع العربي التي ظلمت سواء أتى هذا
الظلم من السوريين انفسهم الذين أيدوا
النظام الاستبدادي وأيدوا النظام الذي
قتل المتظاهرين والمحتجين بكل قسوة
ووحشية، او من قبل بعض العرب الذين
صدقوا كذبة النظام وماكينته الدعائية
حين ادعى انه يواجه «مؤامرة» خليجية
واسرائيلية وتركية ودولية عليه، او من
قبل المجتمع الدولي الذي بقي منقسما
حتى هذه اللحظة حول اتخاذ موقف صارم من
اعمال القتل والجرائم ضد الانسانية
التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه
منذ نحو عام ونصف العام والتي راح
ضحيتها اكثر من عشرين الف شخص واعتقال
نحو مئتي الف وتهجير نحو ثلاثمئة الف
آخرين. طبعا هذا عدا عن الدمار الذي لحق
بكل المدن والبلدات والقرى السورية
وفي مقدمتها مدينتا دمشق وحلب
العريقتان. كذلك ظلمت هذه الثورة
حين تم التشكيك بها حيث انبرى الكثير
من المحللين والمعلقين العرب للتحدث
عن عناصر «القاعدة» الذين تسللوا الى
الاراضي السورية وحين طالبها البعض
بأن تكون «علمانية» وقال انها ضد
الأقليات. كذلك ظلمت حين راح بعض
اللاعبين الاقليميين يجيرونها كل
لصالحه ووفقا لاجندته الخاصة ومصالحه. لكن رغم كل ذلك فان
الظلم الذي تعرضت له الثورة السورية لا
يعفيها من النقد أو يجعلها فوق النقد
خصوصا بعد انتشار الكثير من
الفيديوهات على مواقع التواصل
الاجتماعي تصور كيف تعامل بعض عناصر
الجيش السوري الحر او المحسوبين عليه
مع معتقليهم وأسراهم من المدنيين
المؤيدين للنظام او العسكريين الذين
حملوا السلاح ضد الشعب السوري وشاركوا
في قتل المحتجين او المدنيين او عناصر
من الجيش الحر. ان الصور التي ظهر
فيها عناصر من الجيش الحر ينفذون حكم
الاعدام بحق «الشبيحة» من آل بري في
مدينة حلب يعكس مسارا خاطئا يمضي فيه
المحسوبون على الثورة، وهم اذ يمارسون
ثأرهم ممن وقفوا مع النظام وروعوا
اهالي حلب فانهم كانوا يعيدون تماماً
ما كان النظام واجهزته الامنية
يرتكبونه بحق المحتجين والمعتقلين. ان
ذلك يعتبر مخالفا تماماً للأخلاق
الثورية التي يجب ان تميز المعارضة
السورية المسلحة عن النظام الذي ثار
الشعب عليه بسبب ممارساته تلك ووحشيته.
ومن ناحية اخرى، نعلم جميعا اي صدى
ونتائج سلبية ترتبت على سمعة الجيش
السوري الحر في المحافل والمنظمات
الدولية المعنية بحقوق الانسان وعلى
مستوى الرأي العام الدولي، بل حتى على
المستوى الداخلي حيث ما زال ينظر البعض
بعيون متوجسة على مستقبله بسبب ما يحكى
عن مصير قلق ينتظر الأقليات فيما لو
سقط النظام. ورغم ان الكثير من كتائب
الجيش السوري الحر وقعت لاحقا على
مدونة لقواعد السلوك في ما يخص التعامل
مع أسرى النظام ومعتقلين، فان ذلك
يحتاج الى تأكيد وتطبيق وبراهين على
توقف مثل هذه الاعمال. لكن وما ان وقعت تلك
الكتائب على تلك المدونة حتى انتشر
فيديو آخر على مواقع التواصل
الاجتماعي يظهر قيام البعض ممن هم
محسوبون على الجيش السوري الحر في
مدينة «الباب» في محافظة حلب وهم يرمون
جنديا تابعا للنظام من على سطح بناية
عالية؟؟ فيديو آخر ظهر من
مدينة «التل» شمال العاصمة دمشق يظهر
مراسلة قناة «الاخبارية» السورية مع
فريق التصوير المرافق لها وقد وضع
معتقلوها حجابا على رأسها فيما احد
عناصر الجيش الحر يتلو بيانا يعلن فيه
الالتزام بتسليم الفريق الصحافي وتلك
المراسلة الى اهلهم قريبا. لكن رغم ذلك
البيان فقد بدا واضحا ان تلك المراسلة
قد اجبرت على وضع الحجاب وبدت جالسة
بوضعية لا تخلو من خوف وقلق وذل. «مشين جداً ان تظهر
مراسلة قناة الاخبارية وقد وضع
معتقلوها حجابا على رأسها...قناة
الاخبارية وقناة الدنيا متورطتان في
دم السوريين نعم..لكن هذا شيء وان يمارس
بعض «الثوار» قناعاتهم وفلسفتهم عن
الحياة ويفرضوها على أسرى النظام فهذا
شيء آخر.. اما من يقول ان الثورة فوق
النقد، فهو عدو هذه الثورة ويشبه
تماماً منافقي النظام الذين قالوا ان
الاسد وحزب البعث فوق النقد...نحن نحلم
بسورية جديدة وليس نسخة استبداد جديدة
عن النظام لكن باسم الثورة...» هذا حرفيا ما قلته
لاحد أصدقائي الذين عاتبوني على موقفي
مما يحدث من اخطاء واحيانا جرائم ترتكب
باسم الثورة السورية وباسم الجيش الحر. اعرف ان الكثيرين
سيبررون تلك الأخطاء وتلك الجرائم
بحجة «اننا في وقت ثورة» وان الثورة،
كل ثورة لا تخلو من اخطاء ومن فوضى..لكن
رغم ذلك فان ما يحصل على الارض لا يعفي
من النقد، لأننا ان صمتنا اليوم فربما
يأتي يوما يطيح التطرف والمتطرفون
الذين ينمون على الارض السورية مثل
الفطر بكل ما قامت هذه الثورة لاجله
وفي مقدمة ذلك الثورة على الاستبداد
والظلم والحكم الشمولي. نحن في سورية خرجنا
للشوارع وسقط منا الآلاف ودمرت بيوتنا
ومدننا ليس من اجل ان نعيد نسخة من
النظام الحالي بوجوه واسماء جديدة..ان
نجاح هذه الثورة يتوقف على عدالة
قضيتها وعدالة مطالبها واخلاقياتها
وليس على ارتكاب اعمال وممارسات تشبه
تماماً فظائع وجرائم نظام المافيا
الاسدي. ================= رؤوف بكر التاريخ: 15
أغسطس 2012 البيان لا تنفك الثورة
السورية تنال، منذ انطلاقتها قبل 17
شهراً، مزيداً من التأييد في مختلف
أنحاء العالم، وخاصة العربي والإسلامي. لكن
المشكلة، رغم ذلك، تكمن في المخاوف من
تحول الثورة إلى مرثية أو بكائية، يذوب
جوهرها تدريجياً إلى أن ينتهي إلى ما
انتهت إليه القضية الفلسطينية، تنال
قدراً من عطف شعوب الدول العربية
والإسلامية وحكوماتها، يترجم مبادرات
إغاثة للنازحين ومخيمات لحصرهم فيها،
تترافق دوماً مع عبارات رنانة وبيانات
طنانة عن وجوب رفع الحيف عن السوريين،
وضرورة دعم قضيتهم العادلة ونصرتهم،
فضلاً عن تسليط الضوء بشكلٍ مكثف على
المآسي بطريقة درامية تساعد المعارضة
السورية على تعزيزها من خلال خطاب خشبي
إصرار رموزها على «الترحم على الشهداء»
في بداية كل حديث إعلامي. كما يخشى، والحال
كذلك، مسخ قضية السوريين العادلة إلى «طقوسيات»
باتت ماثلة للعيان في ظاهرة انتشار
أعلام الاستقلال السورية والمنشورات
وربطات اليد ودبابيس الزينة والرايات
المزدانة بشعارات الثورة وأعلامها في
المتاجر، على نسق الكوفية الفلسطينية
التي أضحت المذكّر اليتيم بوجود
فلسطين. وتكمن أوجه الشبه
أيضاً في الدعم الشعبي العربي
والإسلامي في ضفة، والصمتين الرسمي
العربي والدولي في الضفة الأخرى،
وتصدر مشاهد الدم والمجازر شاشات
التلفاز ونشرات الأخبار ليعتاد
المتابع على مناظر القتل في ما يشبه «تطبيعاً»
من نوعٍ آخر. أما في الداخل، فإن
نواحي التطابق تتمثل في استراتيجية
النظامين السوري والإسرائيلي لكسب
الصراع، من حيث اتباع سياسة الأرض
المحروقة والمجازر والتهجير واستهداف
المقدسات، لمحو أي خطوط حمراء، وإفراغ
المناطق من سكانها لتغيير التركيبة
الديمغرافية وتحويل الأنظار إلى دول
الجوار بإلهائها بجيوش اللاجئين. وإن كانت القضية
الفلسطينية اختبرت عشرات «الفيتوهات»
الأميركية على مدى ستة عقود، فإن
للسوريين الحق أيضاً في الادعاء
بالتفوق على أشقائهم، بعدما تعرضت
قضيتهم إلى «فيتو» مزدوج روسي صيني
تكرر ثلاث مرات في أقل من عام، وهو رقم
قياسي أممي نالت حظوته موسكو وبكين،
اللتان بزتا الغرب في دعم الجانب
المخطئ، حيث جرت العادة على تحمل
الولايات المتحدة وحدها وزر حق النقض
ضد مشاريع قرار دولية في مجلس الأمن
تتعلق بالقضية الفلسطينية دون أن ترى
حليفتيها بريطانيا وفرنسا حاجةً لكي
تغمس أيديهما في دم الفلسطينيين. ولا ينسى المرء الكم
الهائل من المبادرات واللجان ومؤتمرات
الدعم والقمم التي طفحت بها قضيتا
الشعبين الفلسطيني والسوري لكي يصل
إلى استنتاجٍ مفاده أنه إن أريد إطفاء
مسألة ما، فيتوجب إغراقها باللجان
والمبعوثين والمؤتمرات. إن التركة الثقيلة
التي سيخلفها نظام الأسد في نفوس وعقول
السوريين ووعيهم الجمعي تحتاج إلى
أعوام طويلة للتخلص منها بهدف إعادة
تشكيل المجتمع السوري، وهو ترف قد لا
يطيق السوريون صبراً لتحقيقه. وعليه، وإن كان حل
الدولتين نتيجةً حتمية لحل القضية
الفلسطينية، رغم كل العراقيل، فإنه
يبدو أمراً لا مفر منه في سوريا أكثر
منه في فلسطين، لأن مفهموم «إسراطين»،
الذي بشر به عقيد ليبيا المقتول، لم
يعد مقبولاً في سوريا الثورة، وهو
العنصر الإيجابي الوحيد في خيار
فَلَسْطَنة سوريا. ================= الانقسامات
تتحدى المعارضة السورية المصدر: صحيفة
"كريستيان ساينس مونيتور"
الأميركية التاريخ: 15
أغسطس 2012 البيان من بين كل التفسيرات
حول السبب في أنه لم تتم الإطاحة
بالرئيس السوري بشار الأسد بعد، ربما
يكون أهمها هي المعارضة السورية. فقد
ساهم عجزها المستمر عن توحيد صفوفها في
امتداد أمد الانتفاضة إلى حد كبير،
والتي استمرت وقتاً أطول من أي دولة
أخرى في منطقة الشرق الأوسط. بالطبع فإن هذا لن
يقلّل من احتمالات كبيرة تتراكم ضد
المعارضة. ذراعها العسكرية الجيش
السوري الحر، يقاتل برغم كل شيء آلة
الأسد واستراتيجيته القائمة على مبدأ
فرّق تسُد بدعم دولي محدود. وعلى الرغم من هذا
الواقع، فإنه لا ينبغي أن يحجب الحقيقة
القائلة إن أداء المعارضة السياسية في
سوريا حتى الآن كان مروعاً، وسلوكها في
أكثر الأحيان كان يأتي بنتائج عكسية.
وتعد المعارضة السياسية، وتحديدا
المجلس الوطني السوري ليست حالة ميئوس
منها ولكنها بوسعها القيام بما هو أفضل
من ذلك بكثير وينبغي عليها ذلك. وهذا
أقل ما يستحقه الشعب السوري. المرء ليس مضطراً لأن
يكون خبيرا في الشأن السوري أو يكون
على دراية بحال المعارضة السورية
لمعرفة ما تواجهه من متاعب عميقة.
فلنتأمل هذه القصة: في محاولاتها
للتخطيط لمرحلة ما بعد الأسد، طرحت
ثلاث مجموعات معارضة سورية منفصلة،
أخيراً، مقترحات مختلفة لتشكيل حكومة
انتقالية. يحاول هيثم المالح، وهو ناشط
محنك ومعارض منذ فترة طويلة ورئيس مجلس
أمناء الثورة السورية وكان سابقاً
عضواً في المجلس الوطني السوري (استقال
بسبب معارضته لتكتيكات المجلس الوطني)،
تشكيل حكومة انتقالية في القاهرة
قوامها شخصيات تكنوقراطية. إلا أن
جهوده قوبلت بانتقادات شديدة من قبل
المجلس الوطني السوري، الذي يجري
أعضاؤه محادثات لتشكيل حكومة انتقالية
مختلفة. وأعرب الجيش السوري
الحر عن رفضه بشدة لكل المبادرات، ودعا
بدلاً من ذلك إلى إنشاء مجلس أعلى
للدفاع يضم شخصيات عسكرية ومدنية.
ووجّه زعيم الجيش الحر العقيد رياض
الأسعد بعض الانتقادات القاسية ضد
المجلس الوطني، قائلاً إنه يتألف من
الانتهازيين الذين يريدون "الركوب
على ثورتنا والتجارة بدماء شهدائنا". يؤكد واحد من كبار
أعضاء المجلس الوطني الأعلى أنه لا
توجد انقسامات بين جماعات المعارضة
والمجلس الوطني الأعلى وغيرها. فهم
يصفونها بأنها اختلافات طبيعية. لكن
هذا هراء. هناك انقسامات حقيقية في
الصفوف التي عرقلت العمل الجماعي
الفعال، وهذه الانقسامات لم تمر مرور
الكرام دون أن يلاحظها أحد من
المسؤولين الأميركيين والأوروبيين
والعرب. ما الذي تسبّب في هذه
الانقسامات؟ لقد ذهب الكثيرون إلى
القول إن أعضاء المعارضة، وعلى وجه
التحديد المجلس الوطني السوري، غير
محنكين سياسياً بسبب القمع المستمر
منذ عقود على يد النظام السوري. لذا فهم
يخطئون في تعاملهم مع بعضهم البعض. ولم
ينتهجوا حتى ثقافة التفاوض. ================= تاريخ النشر:
الأربعاء 15 أغسطس 2012 الاتحاد في عطلة نهاية هذا
الأسبوع، سافرت هيلاري كلينتون على
نحو غير متوقع إلى تركيا قصد مناقشة
الأزمة في سوريا والالتقاء بشخصيات
المعارضة السورية. ويجدر برئيسة
الدبلوماسية الأميركية أن تحثهم على
ضرورة توحيد صفوفهم المتصدعة بسرعة. فمن بين كل التفسيرات
التي تقدم بشأن لماذا لم يُطح بالرئيس
السوري بشار الأسد بعد، فإن أهمها ربما
هي تلك المتعلقة بالمعارضة السورية،
ذلك أن عجز هذه الأخيرة المستمر عن
توحيد صفوفها ساهم كثيراً في تراجع
مستوى الانتفاضة التي دامت أطول من أي
انتفاضة أخرى في الشرق الأوسط. بالطبع،
نحن لا نقصد من وراء هذا التقليلَ من
شأن الظروف الصعبة جداً التي تواجه
المعارضة. فجيشها، الجيش السوري الحر،
يخوض، في نهاية المطاف، قتالا ضد آلة
القتل التي يمتلكها الأسد واستراتيجية
هذا الأخير القائمة على "فرق تسد"،
مع دعم دولي قليل. غير أن هذا الواقع لا
ينبغي أن يحجب هنا حقيقة أن أداء
المعارضة السياسية السورية كان حتى
الآن فظيعاً، وأن سلوكها يأتي عادة
بنتائج عكسية. غير أن المعارضة
السياسية، وخاصة المجلس الوطني
السوري، ليست حالة ميؤوساً منها؛ فهي
تستطيع وينبغي أن تبذل جهدا أكبر لأن
الشعب السوري يستحق ذلك. والواقع أن
المرء ليس مضطراً ليكون خبيراً في
سوريا أو حتى على اطلاع على حالة
المعارضة السورية ليعرف مشاكلها
العميقة. ولنتأمل هذا المثال الذي وقع
مؤخراً. ففي إطار محاولاتهم التخطيط
لليوم الذي يلي سقوط الأسد، طرحت ثلاث
مجموعات مختلفة من المعارضة السورية
مقترحات مختلفة لحكومة انتقالية. فهذا
المعارض والناشط المخضرم هيثم المالح،
وهو رئيس مجلس أمناء الثورة السورية،
وكان في الماضي عضوا في "المجلس
الوطني السوري" (استقال بسبب عدم
موافقته على تكتيكات المجلس)، يحاول
تشكيل حكومة انتقالية في القاهرة
مؤلفة من تقنوقراطيين. غير أن محاولته
قوبلت بانتقادات شديدة من قبل "المجلس
الوطني السوري"، الذي يوجد أعضاؤه،
على نحو يبعث على السخرية، بصدد عقد
محادثات حول تشكيل حكومة انتقالية
مختلفة. وفي الأثناء، عبر
الجيش السوري الحر عن رفضه القوي لكلتا
المبادرتين ودعا بدلا من ذلك إلى إنشاء
مجلس أعلى للدفاع يشمل شخصيات عسكرية
ومدنية. وقد خص قائد الجيش السوري الحر
العقيد رياض الأسعد المجلس بكلمات
قاسية، قائلاً إنه مكون من انتهازيين
يرغبون في "الركوب على الثورة
والاتجار بدماء الشهداء". ولئن كان خبر
انقسامات المعارضة السورية ليس بالأمر
الجديد، فإن الوقت موات لنفهم بشكل جيد
مدى خطورة هذه المشكلة، والأسباب
الكامنة وراءها، وكيف يمكن إدارتها أو
حلها. ولنبدأ بالخطورة.
فالأعضاء الكبار في المجلس الوطني
السوري الذي تفاعلتُ معهم عن كثب في
واشنطن وعواصم أوروبية منذ بدء
الانتفاضة يشددون على أنه لا توجد
انقسامات بهذا المعنى بين المجلس
ومجموعات معارضة أخرى مثل منظمة هيثم
المالح. ويصفونها بأنها "خلافات"
عادية ينبغي توقعها بين أشخاص ينحدرون
من خلفيات سياسية مختلفة. ولكن
اعذروني، فهذا هراء! ذلك أن الواقع
يشير إلى أن هناك انقسامات حقيقية في
الصفوف، حالت دون تحرك جماعي فعال
وتخطيط استراتيجي؛ وهذه الانقسامات
لاحظها المسؤولون الأميركيون
والأوروبيون والعرب. ولكن ما الذي يسبب
هذه الانقسامات؟ كثيرون قالوا إن عددا
من أعضاء المعارضة السورية، ولاسيما
المجلس الوطني السوري، يفتقرون إلى
التجربة السياسية بسبب القمع الذي
مارسه النظام السوري لعقود طويلة.
ولذلك، فإنهم سيرتكبون أخطاء لا محالة
في تعاملهم مع بعضهم البعض. كما أنهم لم
يطوروا بعد ثقافة التفاوض والسعي إلى
التوصل إلى توافقات وحلول وسط. ثم إنهم
جدد على لعبة السياسة، ولذلك لا يمكن
لومهم. آسف، ولكنني لستُ
مقتنعا بهذا الكلام. ثم هناك سبب ممكن آخر
يتمثل في حقيقة أن مجموعات مختلفة من
المعارضة السورية لديها شبكات دعم
أجنبي مختلفة، وهي شبكات إما مترابطة
أو متنافسة حول مستقبل سوريا. ذلك أن
بعض هذه المجموعات مدعومة من قطر،
وأخرى من السعودية، هذا في حين تدعم
تركيا "الجيش السوري الحر" بشكل
رئيسي. ونظرا للأجندات المتنافسة لهذه
القوى الإقليمية، فإن مجموعات
المعارضة السورية ينتهي بها المطاف
إلى الدفع في اتجاهات مختلفة ومقاتلة
بعضها البعض. تفسير يبدو أكثر إقناعا
من انعدام التجربة؛ إلا أن مجموعات
المعارضة المختلفة هذه اتخذت قرارات
عن وعي بالسعي وراء مساعدة أو دعم
خارجي على حساب الوحدة. ولذلك، فإنها
تستحق نصيباً من اللوم. والواقع أن الانقسام
له علاقة بالذهنية والمقاربة. ولأن
المجلس الوطني السوري يعتبر أكبر
مجموعة معارضة سياسية، ولديه أكبر
الإمكانيات، فإنه يجب وضع أخطائه
وعيوبه تحت الضوء. وباختصار، فإن
المجلس يقوم بتهميش وإقصاء شخصيات
المعارضة التي لا تشاطره آراءه
وتكتيكاته. فرغم كل الليبرالية
التي يعتنقونها، إلا أن ليبراليي
المجلس الوطني السوري يثبتون أنهم غير
ليبراليين، وغير مستعدين أو غير
قادرين على قبول آراء لا تنسجم تماما
مع آرائهم. والأدهى من ذلك أنهم كثيراً
ما يسمون أولئك الذين لا يتفقون معهم
وأولئك الذين ينشقون من صفوفهم بأنهم
"خونة" للقضية. إن التسامح السياسي
ليس ترفاً، بل هو أساسي للتجربة
الديمقراطية. وقد عبر توماس جيفرسون (الرئيس
الثالث وأحد الآباء المؤسسين للولايات
المتحدة) عن ذلك على نحو بليغ خلال خطاب
تنصيبه الأول حين قال: إن أولئك الذين
قد يرغبون في حل الاتحاد الذي أُسس
حديثا ينبغي "عدم المساس بهم كشاهد
على الأمن والسلامة التي يتم التسامح
بهما مع الآراء الخاطئة "في بلد"حيث
يُترك العقل حرا لمواجهتها". والواقع أنه حري
بالمجلس الوطني السوري أن يتبع هذه
النصيحة. ولئن كان التوافق مع كل
مجموعات المعارضة السورية الرئيسية،
التي لديها مصداقية في أعين الشعب
السوري صعبا، إلا أنه سيخدم المعركة ضد
الأسد، وكذلك الجهد العام ضد الطغيان
والاستبداد. كما أنه سيسرع الانتقال
نحو الديمقراطية عندما تسقط دمشق. بلال صعب باحث بمركز دراسات
حظر الانتشار النووي بمعهد مونتري
للدراسات الدولية في كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع
خدمة "كريستيان ساينس مونيتور" ================= تدمير
كنوز سوريا القديمة في سياق الحرب
الجارية روبرت فيسك () المستقبل 15-8-2012 أصبحت آثار سوريا
التاريخية التي لا تقدر بثمن ضحية
عمليات النهب بسبب الحرب. وقعت الكنوز
التاريخية لسوريا التي لا تقدر بثمن
القلاع الصليبية، المساجد والكنائس
القديمة، الموزاييك الروماني، "المدن
الميتة" الشهيرة في شمال البلاد
والمتاحف المكتظة بالآثار- ضحية للصوص
وللتدمير على يد الميليشيات الحكومية
والثوار على حد سواء، فيما المعارك
تدور في جميع أنحاء البلاد. وفي حين أن
آثار ومتاحف المدينتين العظيمتين،
دمشق وحلب، قد حُيّدت إلى حد كبير، إلا
أن التقارير التي ترد من جميع أنحاء
سوريا تفيد بأن أضراراً جسيمة لا يمكن
إصلاحها قد لحقت بالمواقع التاريخية
التي ليس لها مثيل في جميع أنحاء الشرق
الأوسط. حتى أن قلعة الحصن - التي قال
عنها لورانس العرب "ربما هي أكثر
قلعة محافظ عليها والأكثر جمالية
وروعة في العالم"، والتي لم يستطع
صلاح الدين الايوبي احتلالها- تعرضت
للقصف من قبل الجيش السوري، ما أدى إلى
تدمير الكنيسة الصليبية في داخلها. إن تدمير التراث
العراقي خلال الفوضى التي أعقبت الغزو
الأنغلو- أميركي في العام 2003 نهب
المتحف الوطني، حرق المكتبة القرآنية
ومسح المدن السومرية التاريخية قد
يتكرر الآن في سوريا. تفيد التقارير
الواردة من علماء الآثار السوريين ومن
الخبراء الغربيين في العصر البرونزي
والمدن الرومانية القديمة، أن معبداً
أشورياً قد دمر في تل الشيخ حمد، وأن
دماراً كبيراً لحق بجدران وأبراج قلعة
المضيق إحدى القلاع المحصنة المتقدمة
للصليبيين في الشرق الأدنى والتي
احتلها الملك بوهيموند الأول ملك
أنطاكية في العام 1106 كما عن نهب
موزاييك أفاميا الرومانية القديمة حيث
استخدم اللصوص الجرافات الضخمة لنزع
الأرضيات الرومانية العهد ونقلها من
مكانها. وبشكل لا يصدق، تمكن اللصوص
أيضاً من سرقة عامودين ضخمين من الطريق
الرومانية القديمة "ديكومانوس"
والتي تقليدياً كانت تمتد من الشرق إلى
الغرب في المدن الرومانية. وفي العديد من
الحالات، اتخذ الثوار السوريون من
جدران القلاع الأثرية القديمة مكاناً
للاحتماء فيها، لكنهم فوجئوا بأن
القوات الحكومية لم تتردد في قصف هذه
الأمكنة الأثرية فقط لكي يقضوا على
أعدائهم. ودارت معارك ضارية بين الثوار
والقوات الحكومية السورية وسط "المدن
الميتة"، وهي عبارة عن مئات المدن
التي تعود إلى العهد اليوناني-
الروماني التي بنيت في الريف خارج
مدينة حلب، والتي كانت تشكل يوماً قلب
سوريا القديمة. وقد احتلت القوات
الحكومية السورية قلعة "ابن معن"
فوق المدينة الرومانية القديمة في
تدمر، وركنت دباباتها وآلياتها
المدرعة في "وادي المقابر" إلى
الغرب من المدينة القديمة. كما أفيد عن
قيام الجيش السوري بحفر تحصينات
دفاعية عميقة جداً فوق الأنقاض
الرومانية. وتقول جوان فرشخ،
عالمة الآثار اللبنانية التي عاينت
الدمار وعمليات النهب التي تعرضت لها
آثار العراق التاريخية بعد غزو العام
2003 كما ساعدت متحف بغداد على استعادة
بعض آثاره المسروقة: "إن وضع الآثار
وتراث سوريا اليوم كارثي". وتضيف "إحدى
المشاكل هي أن النظام السوري وقبل
بداية الحرب بعشر سنوات، أنشأ 25 متحفاً
ثقافياً في جميع أنحاء البلاد لتشجيع
السياحة وللمحافظة على الآثار القيّمة
في هذه المتاحف العديد منها وُضع
تماثيل حجرية في الحدائق الخارجية
جزئياً لإثبات قوة النظام وقدرته على
حمايتها. اليوم، تعرض متحف حمص للنهب
على يد الثوار أو الميليشيات
الحكومية، من يعلم؟ - في وقت يخبرني
تجار الآثار أن الأسواق في الأردن
وتركيا تعج بالآثار السورية". هناك بالطبع سؤال
أخلاقي يطرح حول اهتمامنا بعملية
تدمير الكنوز التاريخية. أبسط القواعد
الإنسانية تقول إن مقتل طفل سوري واحد
من بين الضحايا التسعة عشر ألفاً الذين
سقطوا لغاية اليوم في المأساة
السورية، يجب أن يكون له تأثير أكبر
بكثير من سرقة وتدمير ثلاثة آلاف عام
من الحضارة. هذا صحيح. لكن عملية
التدمير ونهب المدن التاريخية يحرم
الأجيال المستقبلية وهي بالملايين- من
حقها الطبيعي وبذور حياتها الخاصة. لقد
عُرفت سوريا دوماً على أنها "أرض
الحضارات" دمشق وحلب من بين أقدم
المدن المسكونة في العالم. كما أن
سوريا هي منبع المجتمع الزراعي وسوف
يحرمنا النزاع الرهيب الذي يجتاج
سوريا اليوم بكاملها، ويحرم أحفادنا،
من هذا التاريخ إلى الأبد. والذي يسجل لعلماء
الآثار السوريين أنهم قاموا بأنفسهم
بتسجيل وقائع تدمير المواقع التاريخية
في بلادهم. وتتضن الوقائع قيام القوات
الحكومية بقصف القرى الواقعة في المدن
القديمة؛ يبدو أن الثوار على سبيل
المثال، اتخذوا من القرية الصغيرة
التي بنيت بالقرب من الآثار الرائعة في
"بصرى" التي تضم أقدم مسرح روماني
في العالم وهذا لم يمنع الجيش السوري
من تدمير عدة مبان فيها. وأدى القصف
المماثل إلى تدمير المباني
البيزنطينية العهد في البارة، دير
سنبل وعين لاروز في شمال سوريا. وفي دير صيدنايا،
الذي أسسه الإمبراطور الروماني
جوستينيان وحيث لا يزال سكان القرية
يتحدثون باللغة الآرامية، لغة السيد
المسيح- فإن القصف المدفعي أدى إلى
تدمير الجزء القديم من الدير والذي بني
في العام 574 ميلادي. كذلك، تضرر المسجد
الأموي في مدينة درعا، وهو أحد أقدم
الأبنية الأثرية التي تعود إلى العصر
الإسلامي القديم، والذي بني بناء لطلب
الخليفة عمر ابن الخطاب. ويقول الدكتور
بسام جاموس، المدير العام للآثار في
سوريا، إن "الإرهابيين" استهدفوا
في عملياتهم المباني التاريخية في
دمشق، حلب، بصرى، تدمر وقلعة صلاح
الدين التي استولى عليها القائد
الكردي الشهير في العام 1188، وهو العام
الذي تلا استعادة سيطرته على مدينة
القدس بعد أن كانت وقعت بيد باليان
الثاني دي إيبيلين. وقبل عدة أشهر، تقدمت
السلطات السورية ببلاغ إلى الشرطة
الدولية (الانتربول) حول سرقة تمثال
ذهبي يعود إلى القرن الثامن قبل
المسيح، يمثل أحد آلهة الآراميين ولا
يزال مفقوداً حتى اليوم- كما اعترفت
بوقوع سرقات في المتاحف الحكومية في
دير الزور، الرقة، معرة النعمان وقلعة
جابر. وأكدت هبى ساخل مديرة المتاحف
السورية، أن الآثار الموجودة في متحف
حلق قد نقلت إلى خزنة المصرف المركزي
السوري في دمشق، للمحافظة عليها. وكشفت مجموعة من
الخبراء السوريين الذين يدونون وقائع
سرقة آثار بلادهم التاريخية، أن رئيس
الوزراء السوري السابق عادل سفر وجه
مذكرة إلى وزراء حكومته في 11 تموز 2011
يبلغهم فيها أن "التراث التاريخي
السوري في خطر"، محذراً من أن "البلاد
مهددة من قبل مجموعات إجرامية مسلحة
تمتلك تقنيات متقدمة ومتخصصة بسرقة
المخطوطات والآثار، كما في نهب
المتاحف". ويجد الخبراء أن هذه
المذكرة "غريبة جداً" إذ يبدو
أنها تحذر من عمليات نهب لم تقع بعد
ويعتقدون بالتالي أن مسؤولي النظام قد
يكونوا يمهدون الطريق لأنفسهم لكي
يسرقوا أو يبيعوا تراث البلاد، وهو أمر
حدث في الواقع في عهد والد (الرئيس
السوري بشار) الأسد، الرئيس الراحل
حافظ الأسد. إذاً، إن مسؤولية
النهب والتدمير تقع على جميع أطراف
النزاع في سوريا إلى جانب اللصوص الذين
يجولون على جميع المواقع التاريخية
عندما تغيب سلطة الأمن. في الحقيقة،
لقد عانت سوريا دوماً وتسامح النظام
دائماً- مع نسبة محدودة من السرقات في
المواقع التاريخية، لتعزيز الاقتصاد
في المناطق الفقيرة في شمال البلاد،
ولإغناء مافيا النظام نفسه. لكن الذي
يحدث اليوم يجيء على نطاق واسع ومرعب.
وتقول جوان فرشخ "أما الكنائس
القديمة، المنازل القديمة، وشوارع حمص
القديمة، فيمكنكم نسيانها لم تعد
موجودة". فرشخ الخبيرة في شؤون
الآثار ورصدها في زمن الحروب في لبنان،
العراق، شمال قبرص وسوريا، فهي تنقل
بأسى معلومات جديدة عن المواقع
التاريخية التي تعود إلى ما قبل
الميلاد حيث حفر اللصوص فجوات عميقة
جداً عرضها متر تقريباً، لسرقة ما يوجد
تحتها من كنوز ما قبل التاريخ. ربما كانت لدينا نحن
"الغربيين" بعض الجرأة لإدانة
تدمير الآثار السورية. من التدمير
الروماني لمدينة قرطاجة، إلى قصف
طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني
خلال الحرب العالمية الثانية
لهامبورغ، دريسدن ومئات المدن
الألمانية القديمة الأخرى، فقد كنا
نحطم تاريخنا ونحوله فتاتاً منذ قرون.
لقد كانت عمليات نهب المدن العظيمة في
أوروبا ممارسات حربية معتادة تشابه
عمليات اغتصاب نساء الأعداء قبل مئات
السنين، وشهد القرن الماضي مثل هذه
الوحشية على نطاق غير مسبوق. إن تدمير
الألمان لمكتبة لوفان وقاعة الملابس
في مدينة إيبرس البلجيكية وحرق عدد لا
يحصى من الكنائس والكاتدرائيات
القوطية (في العصور الوسطى) الفرنسية،
إلى قصف مدينة روتردام ومدينة لندن، لا
يضعنا في موقع يسمح لنا بتوجيه إصبع
الاتهام إلى العالم العربي لتدمير
تاريخه بنفسه. لا أحد يعلم كمية
الآثار التي فقدت في لبنان بين العامين
1975 و1990. في العام 1975، وُضع الجيش السوري-
كما يفعل تماماً اليوم في سوريا- في
مواقع لبنان الأثرية بما فيها هياكل
بعلبك في البقاع. لا يزال معبد جوبيتر
شاهداً على آثار قذائف الآر بي جي التي
أطلقها الفلسطينيون ضد الجيش السوري،
والظاهرة في الزاوية الجنوبية الغربية
من المعبد. لذا من المهم جداً
إجراء إحصاء دقيق للكنوز الموجودة في
المتاحف الوطنية والمواقع الأثرية
التاريخية. لقد وضعت أيما كونليف،
الباحثة في جامعة دورهام البريطانية،
أول دراسة موسعة عن حالة المواقع
الأثرية السورية في كتاب حمل عنوان "التراث
الثقافي السوري في صراع" عددت فيه
أسباب الدمار الذي لحق بهذه المواقع
بسبب استخدامها كمواقع عسكرية وبسبب
عمليات النهب المنظمة. ترجمة: صلاح تقي
الدين ()خدمة الاندبندانت ================= وتداعياته على
الساحة السياسية الإسرائيلية نبيل السهلي المستقبل 15-8-2012 ركز الإعلام
الإسرائيلي في الآونة الأخيرة على
امتلاك سوريا للسلاح الكيماوي، وذهب
إلى ابعد من ذلك ليوصف تداعيات ذلك على
المشهد السياسي في إسرائيل. حيث برزت
وبقوة عدة تصريحات من قبل قادة المؤسسة
العسكرية تؤكد من خلالها بان الجيش
الإسرائيلي سيمنع حزب الله وبقوة
الاستئثار بصواريخ محملة برؤوس
كيماوية تهدد الداخل الإسرائيلي وعلى
مسافات كبيرة. وفي هذا السياق أشار
شاؤول موفاز رئيس حزب كاديما المعارض
والنائب السابق لرئيس الحكومة
الإسرائيلية الى إمكانية إقدام
نتنياهو على خطوة حربية مغامرة. وقال
إنه عارض هذه المغامرة وإن معارضته هذه
أغضبت نتنياهو فافتعل الأزمة
الائتلافية التي أدت إلى انسحاب حزب
كديما من حكومة الائتلاف. بيد أن نتنياهو كذبّ
الاتهام المذكور ودحضه. ومن الأهمية
الإشارة إلى انه على الرغم من بعض
التكهنات الإعلامية حول حرب إسرائيلية
قادمة بفعل التداعيات المتسارعة في
المنطقة. لكن رئيس أركان الجيش
الإسرائيلي، بيني غانتس أكد وجود خلاف
علني مع حكومة نتنياهو. فقال " إن قصف
شاحنات في سوريا سيجر إلى حرب قد تتسع
لتشمل دولا أخرى في المنطقة تتعدى
سوريا وإسرائيل ولبنان. وأكد أن
الأسلحة الكيماوية الموجودة في سوريا
ما زالت خاضعة للسيطرة الكاملة
للحكومة السورية ولا خطر عليها. ولذلك،
فلا حاجة للحديث عنها كمشكلة". لكنه
اشار في ذات الوقت الى استعداد المؤسسة
العسكرية الإسرائيلية لمنع انتقال هذه
الأسلحة إلى حزب الله. وفي مقابل تلك
التحذيرات من المؤسسة العسكرية
الإسرائيلية، أكد نتنياهو قبل أيام
بأنه لا يخرج من حساباته الاضطرار إلى
استخدام القوة لمنع انتقال صواريخ
كيماوية من سوريا إلى حزب الله. ومن
جهته صرح ايهود باراك وزير الدفاع
الإسرائيلي، بأن هناك خطرا في أن يحاول
حزب الله السيطرة على أسلحة سوريا
ثقيلة مثل الدبابات والصواريخ المضادة
للطائرات وغيرها من الأسلحة المتطورة،
وبأن سوريا تعتبر صاحبة أكبر مخزون في
العالم من الأسلحة الكيماوية. وقد
يحاولون السيطرة عليها أيضا. وقال "إن
إسرائيل لن تسمح بذلك، وستستخدم كل
قوتها لمنع ذلك". وفي السياق نفسه تحدث
نائب رئيس الوزراء، موشيه يعلون،
وكذلك الحال وزير الخارجية، أفيغدور
ليبرمان. وذهبت وسائل الإعلام
الإسرائيلية إلى ابعد من ذلك حين بدأت
تشير الى انتشار قطعات من الجيش
الإسرائيلي على الحدود مع سوريا
وتتدرب بشكل لوجستي على قصف الشاحنات
التي تنقل الأسلحة إلى لبنان. وكشف
النقاب مؤخراً في إسرائيل عن خطة
عسكرية يجرى التدرب عليها، تأخذ
بالاعتبار أنه بالإمكان نقل الأسلحة
الكيماوية في غضون ساعتين فقط من سوريا
إلى لبنان، وضرورة اتخاذ القرار
وتنفيذه قبل أن تصل الأسلحة إلى أيدي
حزب الله في جنوب لبنان. وكشفت وسائل
إعلام إسرائيلية مكتوبة مؤخراً عن أن
قوات من الجيش النظامي السوري دخلت إلى
المنطقة الحرام في منطقة خط وقف إطلاق
النار بين البلدين، وهي منطقة خاضعة
لسيطرة قوات الطوارئ الدولية العاملة
في هضبة الجولان السورية المحتلة.
وتبعاً لتلك التداعيات المتسارعة على
الجبهة مع سوريا حذر وزير الدفاع
الإسرائيلي ايهود باراك من أن هذا تطور
حربي من الطرف السوري. ويبدو من خلال
تصريحات القادة العسكريين في إسرائيل
خلال الأيام الأخيرة أن إسرائيل باتت
قاب قوسين او ادني من حرب محتملة. ويميل
بعض المحللين للقول بأن قادة الجيش
الإسرائيلي قرروا تنفيذ تصريحات
متناقضة حول حرب محتملة، الأمر الذي
دفع إلى الاعتقاد بان الاختلاف العلني
في وجهات النظر بين قادة المؤسسة
العسكرية والحكومة على أنه انحدار
كبير في الثقة بين الطرفين. وفي هذا
السياق يشير متابعون للمشهد السياسي
في إسرائيل إلى أن موقف المؤسسة
العسكرية في إسرائيل قريب نوعاً ما
ومنسجم مع موقف الإدارة الأميركية
والقيادات الأوروبية، في حين توجد
فجوة كبيرة بين موقف المؤسسة العسكرية
الإسرائيلية وموقف الحكومة
الإسرائيلية في القضايا الراهنة. مما
دفع الإعلام الإسرائيلي إلى القول بان
الخلاف بين المؤسستين العسكرية
والسياسية في إسرائيل مشكلة كبرى يجب
تلافيها بسرعة قبل نفاذها إلى الصحافة
العالمية. ================= سياسة
أميركا "القيادة من الخلف"؟ سركيس نعوم 2012-08-15 النهار "المحافظون الجدد"
الذين سيطروا على بعض سياسات اميركا في
أثناء الولايتين الرئاسيتين لجورج بوش
الابن لا يزالون موجودين في قلب الساحة
السياسية الاميركية. ويُمثِّلهم في
صورة رئيسية الحزب الجمهوري
والمتطرفون من قادته الذين اطلق على
تجمعهم اسم "حزب الشاي". وعلى رغم
تمنيات أخصامهم لم يستسلم هؤلاء للناس
بل خاضوا معركة ناجحة في أثناء
الانتخابات التشريعية النصفية قبل أقل
من سنتين. وهم يعملون اليوم لاستعادة
رئاسة الدولة في انتخابات تشرين
الثاني المقبل. وخلافاً لتوقعات
الكثيرين، فان معركتهم جدية رغم ان
الاستطلاعات لا تزال تعطي اوباما
الديموقراطي حظوظاً أكبر. ويكفيهم
اعترافاً بقوتهم اضطرار المرشح
الجمهوري التقليدي ميت رومني الى
الاستعانة بهم لتحسين حظوظه الرئاسية
وذلك باختيار احد ابرز رموزهم مرشحاً
لنيابة الرئاسة معه. ما هي سياسة هؤلاء
المحافظين الجديد حيال ما يجري في
المنطقة حالياً وتحديداً حيال موضوعين
متشابكين ومنفصلين في آن واحد ومهمين
جداً للعالم كله هما ايران الإسلامية
"النووية" والازمة السورية؟ ليست سياستهم مخفية.
فهم معادون لايران الاسلامية بسبب
سياساتها المعادية في نظرهم لاميركا
وحلفائها وأهمهم اسرائيل. وقد ازداد
عداؤهم بعد مباشرتها وبنجاح برنامجاً
جدياً للتحول دولة نووية سلمياً
وعسكرياً. ولذلك فإنهم مع توجيه ضربة
عسكرية إليها لمنعها من ذلك. كما ان
مرشحهم رومني اعطى الضوء الأخضر
لاسرائيل لتنفيذ ضربة كهذه. وهذا ما
سيحصل في حال وصولهم الى البيت الأبيض،
إذا لم يكن حصل قبل الانتخابات. وهم في
الوقت نفسه معادون لنظام بشار الاسد في
سوريا ويشجعون بلادهم على الانخراط
أكثر في دعم الثائرين عليه مادياً
وتدريباً وسلاحاً وحتى تدخلاً عسكرياً
مباشراً أو بالواسطة. وتتساوى في هذا
الموقف غالبية الجمهوريين من محافظين
جدد وتقليديين. طبعاً هذه السياسة،
وعلى الاندفاع الذي يميز المؤمنين
بها، لا تستهوي غالبية الشعب الاميركي
وقياداته السياسية والحزبية
وفاعلياته الإعلامية والمالية
والبحثية، رغم اشتراكها مع "المحافظين
الجدد" في الموقف السلبي من ايران
النووية، ومن نظام الاسد في سوريا، ومن
الموقف الايجابي جداً من اسرائيل.
وأكثر ما ترفضه الغالبية المشار اليها
هو الانخراط الاميركي العسكري المباشر
في الحرب السورية الدائرة. وأسباب
الرفض كثيرة، منها صعوبة تأمين النصر
لثوار متناقضين ومتنوعين وبالكاد
معروفين من دوائر الاستخبارات
الاميركية. ومنها ان التدخل سيكون ليس
في ثورة بقصد إنجاحها بل في حرب أهلية
أو مذهبية مع كل الدم الذي يراق وسيراق
فيها. فذلك امر لا تستطيع اميركا
احتماله. في هذه الحال ما هي
السياسة التي يتوجب ان تعتمدها اميركا
حيال ايران وسوريا؟ حيال ايران فان
السياسة التي ينصح بها باحثون جديون في
مراكز ابحاث عريقة، منها مجلس
العلاقات الخارجية في نيويورك، تقوم
على بذل كل الجهود الصادقة لايجاد حل
للخلافات معها بالحوار، وعدم اللجوء
الى الخيار العسكري الا عندما ترى
الإدارة الاميركية ان ايران مصممة على
متابعة سياسة التحول قُطباً اقليمياً
بل دولياً يمتلك ترسانة عسكرية نووية.
اما حيال سوريا فان السياسة التي ينصح
الباحثون انفسهم باستعمالها فهي "القيادة
من الخلف" وعدم التورط مباشرة في أي
عمل عسكري أو من شأنه استدراج اميركا
الى عمل عسكري. أي قيادة الدول
الاقليمية المعنية بما يجري في سوريا
والمنطقة التي تقع عليها مسؤولية دعم
الثوار بكل ما يحتاجون اليه وحتى
بالتدخل العسكري المباشر أو غير
المباشر إذا قضت تطورات الصراع بذلك.
إذ ان ما يجري في سوريا يؤثر على هذه
الدول. كما ان نتائجه قد تكون لها
مفاعيل تغييرية سلبية او ايجابية
داخلها، علماً ان التمييز بين السلبية
والايجابية يخضع لما تعتبره الانظمة
في تلك الدول في مصلحتها او في غير
مصلحتها. ابرز هذه الدول جيران سوريا
وفي مقدمهم الاردن وتركيا ولبنان رغم
ظروفه البائسة، واشقاؤها مثل العربية
السعودية وقطر. طبعاً يعرف الباحثون
انفسهم ان اسرائيل ايضاً معنية بما
يجري حالياً في سوريا وانها خائفة من
انتصار الثوار بل من وصول إسلاميين
متشددين الى السلطة فيها، وتحويلهم
جبهة الجولان جبهة تشبه ما كانت عليه
جبهة لبنان ولا تزال. لكنهم لا
ينصحونها بالتدخل. والسؤال الذي يطرح
نفسه هنا هو: هل الدول المذكورة هذه
قادرة على القيام بالمطلوب منها؟ ================= احمد ذيبان الرأي الاردنية 15-8-2012 ساهمت كثرة «الطباخين»
في الثورة السورية، من قوى اقليمية
ودولية، سواء المؤيدة للنظام او
المناهضة له في حرق الطبخة، وكل له
مصالحه و«يغني على ليلاه»! وقبل هذا
وذاك مكابرة النظام واصراره على الحل
الامني، وتجاهل حقيقة ان الشعب
السوري، كسر حاجز الخوف ولن يقبل بأقل
من انتزاع حريته. ليس أكثر بشاعة من
مشاهدة مظاهر الاقتتال الداخلي، ولم
أجد اي فرق بين ما يجري من قصف وتدمير
للمدن والاحياء السكنية، على قاعدة
الارض المحروقة التي ينفذها جيش
النظام والاجهزة الامنية والشبيحة،
وحصد الاف الضحايا وارتكاب المجازر
المروعة، وبين تلك المشاهد المحفورة
في الذاكرة لجيش الاحتلال الاسرائيلي،
عندما اجتاح ودمر مخيم جنين، والعدوان
على غزة والحرب على لبنان ! انه أمر
مقيت لا يصدق، وكأن ما تبثه الفضائيات
نتاج افلام سينمائية من صنع الخيال !.هل
لهذه الغاية تم تسويق ـ على مدى عشرات
السنين ـ كذبة إعداد الجيوش لمواجهة
الاحتلال، وبناء التوازن الاستراتيجي
مع العدو ؟ سيناريو التقسيم هو
أخطر ما تواجهه سوريا، اثر فشل الجهود
السياسية، واستقالة كوفي عنان بعد
وصوله الى نقطة اليأس، وهو خطر اصبح
ماثلا، وفق ما تفرزه تطورات الصراع من
معطيات على الارض، فقد اصبحت المدن ذات
الاغلبية الكردية في سوريا، أشبه
بكيان يدير نفسه، ويهيء نفسه لتكرار
نموذج كردستان العراق، فضلا عن تداخل
المشكل الكردي في تركيا وسوريا، حيث
وجد حزب العمال الكردستاني التركي،
بيئة لوجستية لتكثيف نشاطاته وعملياته
العسكرية ضد الجيش التركي، وما يعنيه
ذلك من احتمال اجتياح عسكري تركي لتلك
المناطق. يتضح من تطورات
المواجهات العسكرية، ان مناطق شمال
سوريا القريبة من الحدود التركية
وخاصة حلب وأدلب، اصبحت خارج سيطرة
النظام، حيث فرض «الجيش الحر» نفسه
واقام حواجز عسكرية عند مداخل المدن
والمعابر الحدودية، ما يعني الاقتراب
من اقامة منطقة عازلة ومناطق حظر جوي،
تشكل قاعدة لصراع طويل. ويلفت الانتباه
ان القنوات الفضائية، التي يعتبرها
النظام معادية وتحرض على العنف، أوفدت
مراسلين يتنقلون بحرية في تلك المناطق
رغما عن النظام، ويعدون تقارير مصورة
عن تطورات الاحداث الميدانية، تعكس
معاناة السكان من جراء ما يرتكبه الجيش
النظامي من عمليات تدمير وقتل وتشريد.
وهو مشهد يذكر بالمشهد الليبي في
بدايات الانتفاض على نظام القذافي،
حيث سقطت بنغازي واصبحت قاعدة
للمعارضة المسلحة، بدعم من حلف شمال
الاطلسي. تصفية القادة
الأمنيين في عملية نوعية، والانشقاقات
عن النظام وكان اخرها انشقاق رئيس
الوزراء رياض حجاب، شكلت ضربات سياسية
ومعنوية موجعة للنظام، لكنها حتى الان
لم تشكل الصدمة المطلوبة، لكي يصحو
النظام على ما آلت اليه الامور، بل
يبدو انه يزداد مكابرة وعنجهية،
ويعتمد سياسة «انا او الطوفان «، وما
يثير العجب كيف يفكر النظام بامكانية
بقائه في حكم الشعب السوري بعد كل هذه
الدماء التي سالت ؟هل فات الوقت، أم لا
تزال ثمة دقائق أخيرة لصحوة ولو متاخرة
؟ ثمة حلم بورود «خبر عاجل»، يتضمن
اعلان انشقاق بشار الاسد عن النظام
السوري؟ ولست أعني بذلك انشقاقه على
غرار العديد من المسؤولين السياسيين
والضباط العسكريين الذين انشقوا، بل
الخروج ببيان يعلن تنحيه عن الحكم، على
غرار حسني مبارك، وفق جدول زمني يفتح
الطريق امام عملية انتقال سلمي
للسلطة، وهو بذلك يسجل مبادرة تحفظ
وحدة سوريا واستقرارها، بما يمثله ذلك
من انعكاسات على المنطقة، حيث ان
استمرار الصراع، سيفاقم التدخل
الخارجي، ويخلط الاوراق على مستوى
الاقليم. ================= الحل..
تسليح الجيش السوري الحر بسام الكساسبة الرأي الاردنية 15-8-2012 اتسمت الثورة
السورية في النصف الأول من عمرها
بسلميتها، مع إنها واجهت بطش وإرهاب
النظام السوري العسكري والأمني منذ
الأيام الأولى لإنطلاقتها، لذا فقد
تأسس الجيش السوري الحر بعد عدة أشهر
من إنطلاق هذه الثورة كرد على إستخدام
النظام لأجهزته الأمنية وآلته
العسكرية بوحشية وهمجية في وجه الشعب
الثائر. لقد إتسمت بنية الجيش
السوري الحر بالهشاشة في الأشهر
الأولى من تأسيسه لقلة عديده وضعف
إمكانياته التسليحية، لكن بمرور
الأشهر ومع إزدياد الإنشقاقات في صفوف
الجيش النظامي، فقد إرتفع عديده
وتطورت أسلحته إلى حد ما بفضل ما غنموه
من اسلحة من الجيش السوري النظامي،
ومما كانوا يحصلوا عليه بالشراء من بعض
جنود وضباط الجيش السوري النظامي، مع
ذلك فإن إستبسال الجيش السوري الحر
بأسلحته البسيطة والخفيفة غير كافٍ
لمواجهة جيش الأسد النظامي المزود بكل
أنواع الاسلحة وصنوفها الخفيفة
والمتوسطة والثقيلية البرية والبحرية
والجوية، فالجيش الحر لا بد من تزويدة
بمعدات وتجهيزات ووسائط نقل، وأسلحة
مضادة للدروع والطائرات المروحية
والحربية، وأجهزة إتصال حديثة، كي
يتكمن أولا من كسر آلة القتل والتدمير
الضخمة التي يمتلكها جيش النظام
السوري، وثانياً لتحرير وتطهير مناطق
كاملة من الأراضي السورية وبالتالي
إستخدامها في الإنطلاق نحو تحرير
مناطق جديدة حتى تحرير كامل الأرضي
السورية من براثن النظام السوري
المجرم والإرهابي. لقد كانت الذريعة
المريبة في عدم تسليح الجيش السوري
الحر هي للحيلولة دون إزدياد الإقتتال
شدة وعنفاً، وأن لا تتحول الحالة في
سوريا إلى حرب أهلية أو طائفية، وقد
حفزت هذه الذريعة المريبة النظام
السوري على إقتراف أبشع الجرائم من قتل
وتدمير وتشريد بحق الشعب السوري
خصوصاً في ظل التأييد الروسي
والإيراني، مع أن النظام السوري نفسه
تعامل في حربه التي يخوضها ضد شعبه على
أسس طائفية ومذهبية وعنصرية صرفة، وأن
ما يقوم به النظام السوري ضد شعبه من
حرب تدميرية إنما هي الحرب الأهلية
نفسها، التي يخشاها أصحاب هذه الذريعة
إن صدقت نواياهم. إن التأخير في تسليح
الجيش السوري الحر، إنما يعكس توجهاً
دولياً وإقليمياً لإطالة أمد
الإقتتال، وتدمير بنية الدولة
السورية، وتعلية الحواجز مابين مكونات
الشعب السوري الطائفية والمذهبية
والعرقية، وبالتالي إبراز حلول مريبة
وأكثر سوءا، في مقدمتها تنفيذ مؤامرة
تفكيك الدولة السورية خدمة لمصالح
العدو الصهيوني، فإطالة الصراع سيغذي
النزعة الإنفصالية لدى البعض في سوريا
ممن يرتبطون بأجندات صهيوأمريكية، ثم
إنه سيؤي إلى سقوط أعداد كبيرة جداً من
القتلى والجرحى والمشردين وتدمير
وتخريب ممتلكات الشعب السوري وهو ما
سيجعل مهمة إعادة بناء الدولة السورية
بعد توقف القتال وسقوط النظام مهمة
عسيرة جداً خصوصاً في ظل محدودية
الموارد السورية المادية والطبيعية
التي تسمح بإعادة هذا البناء، كما
ستعرض وحدة الدولة السورية للخطر، إلى
جانب إلإنعكاسات الوخيمة للوضع السوري
على أمن وإستقرار المنطقة برمتها. ================= المجلس
الوطني السوري يلفظ انفاسه؟ رأي القدس 2012-08-14 القدس العربي
عندما تفقد ثلاث دول
غربية كبرى هي الولايات المتحدة
الامريكية وبريطانيا وفرنسا ثقتها في
المجلس الوطني السوري وتبدأ في البحث
عن بديل ممثل للثورة السورية فهذا يعني
ان المجلس اضاع فرصة تاريخية لكي يحظى
بقيادة هذه الثورة وتمثيل القطاع
العريض من الشعب السوري الذي يلتف
حولها. الدول الغربية
الثلاث تبنت المجلس الوطني السوري، بل
لعبت دورا كبيرا في تكوينه، متشجعة
بتجربة المجلس الوطني الليبي المؤقت،
وحرصت على حضور قيادته لمختلف
اجتماعات تحالف اصدقاء سورية في
اعتراف صريح وواضح به، ولكن الخلافات
الكبيرة داخل صفوفه، وفشله في استقطاب
جماعات اخرى للعمل تحت مظلته، واقامة
قنوات اتصال حقيقية مع جماعات الداخل،
كلها عوامل تقف خلف قرار هذا المثلث
الغربي المذكور. تطورات الاوضاع على
الاراضي السورية لا يمكن تجاهلها في
رصد اسباب سحب الثقة بالمجلس، فانتقال
الثورة من المرحلة السلمية الى
المرحلة العسكرية، جعل الثقل الداخلي
السوري هو صاحب الكلمة العليا في مسألة
تمثيل الشعب السوري المعارض للنظام. وكان واضحا ان الكثير
من قيادات الداخل السوري لم تكن متحمسة
لقيادة المجلس الوطني للثورة الشعبية
وتمثيلها في المؤتمرات واللقاءات
الدولية، وانعكس هذا الموقف في العديد
من البيانات التي اتهمت اعضاء المجلس
بالبعد كثيرا عن الواقع السوري لانها
عاشت لسنوات طويلة في المنفى، ومعظمها
من الاكاديميين والمثقفين المثاليين
قليلي الخبرة في العملين السياسي
والعسكري الميداني. وهذه النتيجة التي قد
ينتهي اليها المجلس الوطني السوري
ليست غريبة او غير متوقعة، فالتجارب
السابقة اثبتت ان من يحمل البندقية
ويخوض المعارك في ميدان المواجهة هو
الذي ينتزع التمثيل وبالتالي القيادة. من يخوض المواجهات
العسكرية الدامية في جبهات القتال في
حلب وحمص وحماة وادلب ودير الزور وبقية
المناطق السورية الساخنة من الصعب
عليه ان يقبل بتسليم امر قيادته الى
مجموعة من الاكاديميين في باريس او
لندن او واشنطن يتنافسون فيما بينهم
على المناصب الرئيسية، ويتبادلون
الاتهامات فيما بينهم، ومن ثم مع
الآخرين في الجبهات والتجمعات الاخرى
المعارضة. الثورة السورية
اصبحت الآن ثورة مسلحة، رأس حربتها
الجيش السوري الحر، ومن المنطقي ان
يكون القادة الميدانيون هم الذين
يجلسون خلف عجلة القيادة في هذه
المرحلة على الاقل، وهذا ما يفسر
اجتماع سفراء امريكان مثل روبرت فورد
السفير السابق في سورية، وجون ويلكس
مبعوث بريطانيا في شؤون سورية بممثلين
عن الجيش السوري الحر، وبحث
احتياجاتهم من المساعدات المالية
والعسكرية. هذا الارتباك في صفوف
القوى الغربية المتمثل في دعم تشكيل
المجلس الوطني، والاعتراف به كممثل
للثورة السورية، ثم التخلي عنه بهذه
السهولة والسرعة، يعكس حالة من قصور
الفهم، والقراءة الخاطئة للواقع
السوري الراهن، ولا نتوقع حدوث اي
تغيير لهذا النهج في المستقبل القريب. الجماعات الجهادية
الاسلامية التي عززت وجودها في سورية
بعد عمليات التمويل المادي والعسكري
في الاشهر الاخيرة، وباتت تعمل
باستقلالية عن المجلس الوطني السوري
او المعارضة السورية التقليدية، بما
في ذلك حركة الاخوان المسلمين نفسها،
هذه الجماعات اصبحت تمثل التيار
الثالث القوي، والعمود الفقري
للمعارضة السورية المقاتلة على الارض. المثلث الامريكي
البريطاني ـ الفرنسي بات الآن امام
خيار وحيد وهو التعاطي مع هذه الجماعات
والتسليم بنفوذها وقوتها وتواجدها على
الارض، او محاربتها. الاعتراف بها
والتعامل معها سيشكل تناقضا مع كل
الادعاءات الغربية بمحاربة الاسلام
الجهادي وجماعاته، ومحاربتها تعني
الوقوف في خندق النظام. لن نستبق الامور،
ونطلق تنبؤات حول ما يمكن ان يتبلور
عليه شكل القرار الغربي المستقبلي حول
هذه المسألة، ولكن ما يمكن قوله وبكل
ثقة ان هذه الجماعات الجهادية سحبت
البساط من تحت اقدام الجميع، وباتت
الرقم الاصعب في المعادلة السورية،
وبات من المتأخر جدا لاي قرار امريكي ـ
غربي ان يغير هذه الحقيقة. ================= سيريل تاونسند * الأربعاء
١٥ أغسطس ٢٠١٢ الحياة ظننتُ على مدى 16
شهراً أنّ عملية إسقاط الرئيس بشّار
الأسد ستكون عملية طويلة وبطيئة وأنّه
لا يجوز مقارنتها بليبيا. فالرئيس
السوري يحظى بدعم جيش معظم قياداته
علوية ويواجه معارضة منقسمة في العمق.
ويجب أن نتوقّع حصول المزيد من التعذيب
ومن الدمار ووقوع المزيد من الإصابات
والقتلى. إلا أنّ تفجير مقرّ
خلية الأزمة العسكرية في دمشق في 18
تموز (يوليو) الماضي الذي أدّى إلى مقتل
أربعة من كبار المسؤولين العسكريين
والمستشارين المقرّبين من الرئيس شكّل
على ما يبدو بعد أسابيع قليلة على
حصوله نقطة تحوّل بالنسبة إلى نظام
الأسد. إذ تدعم المعركة القريبة من وسط
دمشق والمعركة القاسية والدامية
الدائرة في حلب التي تعدّ المدينة
الثانية في سورية، هذه الفرضية. وفوجئنا حين تقدّم
خالد الأيوبي، المسؤول الأول في
السفارة السورية في لندن بطلب لجوء
سياسي من وزارة الخارجية البريطانية
في 30 تموز (يوليو). وكان الرئيس الأسد قد
أعفى السفير السوري من مهامه في
السفارة. إلا أنّ رحيل القائم بالأعمال
السوري، في الوقت الذي قدم ألفا صحافي
إلى لندن لتغطية الألعاب الأولمبية،
يعدّ رمزياً. فهذه السفارة العربية
كانت هي الرابط بين زوجة الأسد أسماء
وعائلتها التي تقيم في غرب لندن. ويوماً بعد يوم،
تزداد لائحة المنشقين. شكّل انشقاق
رئيس الوزراء السوري رياض حجاب في 6 آب (أغسطس)
تطوّراً مفاجئاً. والعميد مناف طلاس
كان يعرف الرئيس الأسد منذ صغره وينظر
إليه كزعيم محتمل للمعارضة التي تقف في
وجه الرئيس. ولجأ السفير السوري القوي
في بغداد نواف الفارس إلى قطر. ومنذ
أسابيع قليلة، انشق ثلاثة ديبلوماسيين
آخرين عن النظام. وفي لندن، صرّح شخص
يراقب ساحة الأحداث عن كثب لصحيفة «التايمز»
إنّ «النظام بات يشعر بالعزلة. فقد
أغلقت السفارات أبوابها في دمشق وتمّ
إلغاء كل الرحلات المتجهة إليها. وبدأ
الديبلوماسيون السوريون الذين لا
يزالون يمارسون مهامهم يفكّرون في
الرحيل الآن قبل فوات الأوان». ومن
المؤكّد أنّ مناصري النظام سيدركون
المخاطر التي يوشكون على مواجهتها في
حال بقوا في الجانب الخاسر. وبعد
المعاناة وإراقة الدماء التي شهدتها
الأشهر الأخيرة، سيكون هذا الموقع
سيئاً. وانشق آلاف الجنود عن
الجيش السوري القوي والمجهّز بالمعدات
ولم يعد ممكناً الاعتماد على
المجنّدين السنّة في هذه الأيام لفتح
النار على إخوانهم غير المسلحين. وفي 10
حزيران (يونيو)، انشقت كتيبة دفاع جوية
تضمّ مئة جندي عن الثكنات القريبة من
قرية تلبيسة الواقعة غرب سورية وأخذوا
أسلحتهم وقنابلهم معهم. وأدى تراجع معنويات
الجيش السوري الذي يضمّ ظاهرياً 300 ألف
جندي، إلى الاستعانة الدائمة بالفرقة
المدرعة الرابعة وبالحرس الجمهوري
الذي يقع تحت إمرة شقيق الرئيس الأصغر
ماهر الذي يملك نفوذاً كبيراً. وتمّ
تحميل الشبيحة أو ميليشيا الحكومة
التي لم تعد تحت سيطرة مُحكمة مسؤولية
الأعمال الوحشية التي ارتُكبت. وتعطي التقارير حول
المعارك الدائرة في دمشق وحلب
انطباعاً بأنّ جيشين يواجهان ويحاربان
بعضهما بعضاً في إطار معارك مخطط لها.
لكن الحقيقة أن مجموعات مسلحة تنفّذ
هجمات كر وفر بواسطة الدبابات التي
استولت عليها ضد الجيش السوري. وتفتقر
هذه المجموعات إلى الأسلحة إلا أنها
تحصل تدريجياً على الموارد والكميات
اللازمة من الذخائر لا سيّما عن طريق
تركيا. أما الجيش النظامي فيستخدم
الطائرات المروحية والدبابات
والمدافع في مناطق سكنية. ويتمّ تزويده
بمعدّات حديثة من روسيا. وحين ستتمّ كتابة
تاريخ هذه المعركة، من الواضح أنّ
روسيا ستحظى بدور أساسي فيها. وفي رأيي
أساءت موسكو الحساب وستدفع الثمن
غالياً تماماً كما حصل حين دعمت العقيد
معمّر القذافي. يصرّ الرئيس
فلاديمير بوتين على دعم الرئيس الأسد
الذي لا يزال يعتبره الحليف العربي
للاتحاد السوفياتي الأسبق، كما كان
والده. وخلال مناسبات ثلاث استخدمت
روسيا حقّ النقض (الفيتو) ضد مشاريع
قرارات في مجلس الأمن تدعو إلى زيادة
الضغوط على نظام الأسد. وتخشى روسيا أن
يدعم الغرب تغيير النظام لا سيّما أنها
تذكر جيّداً ما حصل في العراق وليبيا.
فقد بدا الثوّار عاجزين على طول الساحل
الليبي، عن السيطرة على الأراضي التي
استولوا عليها من دون الغطاء الجوّي
الذي وفّره حلف شمال الأطلسي. ويتعرّض
الرئيس بوتين لضغوط سياسية متزايدة في
روسيا. ويبدو الكرملين
قلقاً على مستقبل مدينة طرطوس،
القاعدة البحرية السورية حيث تواجدت
البحرية الروسية في المتوسط على مدى
عقود. وتمّ إعلام الروس بالحاجة إلى
حماية أمن روسيا ومصالحها الاقتصادية
في سورية غير أنّ روسيا يمكن أن تجد
نفسها في نهاية المطاف من دون شريك
تجاري. ويعاني الاقتصاد السوري بعد 16
شهراً من القتال فوضى عارمة. ولا يرتبط
الروس بعلاقات جيّدة مع العالم العربي.
فالمملكة العربية السعودية مثلاً
غاضبة من روسيا. وتملك موسكو أكثر من
تركيا مفتاح وقف إطلاق النار في سورية. ================= الأربعاء
١٥ أغسطس ٢٠١٢ عبدالله اسكندر الحياة الإشاعات هي عماد
الحرب النفسية التي هي الوجه الآخر
للحرب الميدانية. ومع التطور الكبير في
وسائل الاتصال وتقنيات التصوير، بات
ممكناً الشك في كل ما نسمعه ونشاهده
على شاشات التلفزة وشبكة الإنترنت
وحتى ما نقرأه في الصحف. وقد اعلن
الرئيس بشار الأسد سابقاً ان ما يجري
في سورية «حرب فضائية» لتأكيد ان كل ما
تشهده بلاده مفبرك، خصوصاً لجهة
الممارسات العنفية التي تمارسها قواته
ضد الشعب السوري. وباتت الفرص متوافرة
لأي كان للإدلاء بـ «معلومات»، نظراً
الى حاجة وسائل الاعلام البصري لتعبئة
الوقت، وهي معلومات تحافظ على منطق
ظاهري لكن صدقيتها تنهار لدى اي تدقيق
في جوهرها. ما يغذي حرب الإشاعات على
نحو لم تشهد البشرية مثله من قبل. وقد بات من الصعب
التيقن من طبيعة هذه الحادثة او تلك،
ومن هوية ابطالها. ما يصلنا من اخبار
تتعلق بالنظام وممارساته لا يمكن
التأكد من مصدرها ولا من مضمونها. كذلك
الامر بالنسبة الى المعارضة. وعلى سبيل
المثال، ذلك الشريط الذي وضع على
الانترنت يظهر معارضين مسلحين يرتكبون
اعمالاً مقززة في حق مؤيدين للنظام.
وقد يكون هؤلاء المسلحون، الذي كانوا
يحتفلون باحتلال مبنى اداري رسمي
يهدفون الى إظهار بأسهم وقوتهم
ويحذرون المدافعين عن النظام من
المصير الاسود الذي ينتظرهم. لكن ثمة من يعتقد بأن
النظام فبرك هذا الشريط بهدف إظهار ان
المعارضة المسلحة ترتكب اعمالا
لاإنسانية بحق خصومها، وايضاً لإظهار
المصير المشؤوم الذي ينتظر مؤيدي
النظام في حال هزيمته. هكذا نرى ان الشريط
نفسه يؤدي أغراضاً تخدم كلاًّ من طرفي
القتال. عندما تم تفجير المقر
الامني في دمشق، حيث قتل مسؤولون كبار،
لم تصل الى المتلقي معلومات مؤكدة عن
الفاعل. وما يزال الغموض يلف التفجير.
وخرجت نظريات عدة عن طبيعته
والمتورطين فيه، علما ان المبنى حيث
تلتقي القيادات الامنية العليا من
المفترض ان يكون من أكثر الأمكنة حراسة
وإجراءات امنية، خصوصاً في ظل الحرب
المفتوحة داخل البلاد. ومن هذه
النظريات اعتبار التفجير في اطار
تصفية داخلية تتعلق بكيفية ادارة
الازمة والخروج منها. لكن عودة الحديث
عن اصابة ماهر الاسد في التفجير ينسف
هذه النظرية ويعيد التأكيد ان التفجير
هو من صنع المعارضة التي لم تقدم ما
يؤكد مثل هذه المسؤولية. وهكذا، في ظل غياب
الشفافية والصدقية واعتماد حرب
الإشاعات، يحمل كل حدث معنى وهدفاً
ونقيضهما في آن. لكن، ومهما بلغت شدة
حرب الاشاعات، تبقى الحقائق الأكيدة
على الارض، يمثلها حجم الدمار الكبير
في كل المدن السورية وعدد القتلى
المرتفع جداً وأعداد الفارين من وجه
آلة القتل السورية، وكذلك شهادات
المنشقين عن طبيعة النظام وممارساته.
وتبقى ايضاً الحقائق في شأن ممارسات
غير انسانية يُقْدِم عليها مسلحون
يعملون في ظل شعارات المعارضة على
الاقل ان لم يكونوا منضمين اليها. وفي النهاية، هذه
الحقائق هي التي تحدد وجهة الازمة
وكيفية الخروج منها، وليس الاشاعات
والتركيبات الاعلامية. وبمقدار ما
تعتمد المعارضة الشفافية وحساب الذات
عن سلوكيات مقززة قد تحصل هنا وهناك،
بمقدار ما تضمن الوصول الى الاهداف
الاساسية التي رسمتها، خصوصاً لجهة
وحدة الدولة والبلد في ظل نظام
ديموقراطي تعددي جديد. ================= زيارة
لوران فابيوس لجيران سورية الأربعاء
١٥ أغسطس ٢٠١٢ رندة تقي الدين الحياة زيارة وزير الخارجية
الفرنسي لوران فابيوس الى الاردن
ولبنان وتركيا التي تبدأ اليوم هي
بمثابة تحرك فرنسي في منتصف الاجازات
الصيفية للقول للمعارضة الفرنسية
الداخلية ان الديبلوماسية الفرنسية
تتحرك وتبحث عن حل للازمة السورية. وما
لا شك فيه حالياً ان الاسرة الدولية من
الدول العربية النافذة الى الاعضاء
الثلاثة الدائمين في مجلس الامن (الولايات
المتحدة وفرنسا وبريطانيا) في مأزق
ازاء الوضع السوري والموقف الروسي
والصيني المساند لنظام يستمر بالقمع
والاجرام تجاه شعبه. ان فرنسا برئاسة
هولاند معنية بالبحث عن حل والخروج من
هذا المأزق في مجلس الامن الذي تترأسه
هذا الشهر ويمثلها سفير محترف ماهر هو
جيرار آرو الذي القى خطاباً حول الازمة
في سورية ووحشية قمع النظام كان مضمونه
بأهمية ما ورد في خطاب وزير خارجية جاك
شيراك دومينيك دوفيلبان الذي ألقاه في
نيويورك وأعلن فيه رفض فرنسا المشاركة
في حرب العراق. ويتعرض الرئيس هولاند
لانتقادات داخلية من قيادات اليمين
المعارض من امين عام حزب اليمين
الديغولي جان فرانسوا كوبي ورئيس
الحكومة السابق فرنسوا فيون بأنه لا
يتحرك بشأن سورية. وقد نصحه فيون
بالتوجه الى موسكو لاقناع الرئيس
بوتين بتغيير موقفه علماً ان فيون نفسه
استقبل بوتين وحاول اقناعه من دون جدوى.
ووزير الخارجية السابق الان جوبيه
الذي امتنع عن التدخل في هذا الجدال
الداخلي اعلن مراراً احباطه لعدم
تمكنه من تغيير الموقف الروسي الذي
يعطل اخراج بشار الاسد من الحكم.
فالجدال الحالي الدائر في فرنسا عقيم
والبيان المشترك الذي اصدره الرئيس
الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مع
رئيس المجلس الوطني السوري عبدالباسط
سيدا لم يكن موفقاً بتوجيه الانتقاد
لجمود الديبلوماسية الفرنسية في حين
ان ساركوزي ورغم تميز وزير خارجيته
جوبيه لم يستطع التقدم في الملف السوري
واقناع الروس. وكان من الافضل ان يعتمد
ساركوزي نهج سلفه جاك شيراك الذي بقي
صامتاً وامتنع عن الادلاء برأيه عندما
استقبل ساركوزي بشار الاسد بالحفاوة
المعروفة في عيد الثورة الفرنسية. ولا شك ان الجدال
الداخلي الفرنسي عقيم ولا يحل المشكلة
السورية. فباريس تبحث اليوم عن حكومة
سورية بديلة في المنفى على طريقة
المجلس الانتقالي الليبي، ينبغي ان
تختارها المعارضة وتعترف بها الجامعة
العربية كي تسقط شرعية الاسد فعلياً
على ان تعمل الاسرة الدولية مع هذا
الحكم البديل بانتظار خروج الاسد من
الصورة. فالمهمة صعبة ولكنها ممكنة.
وفابيوس سيجس نبض القيادة التركية
ازاء ما يمكن القيام به للخروج من
المأزق كما انه سيتفقد الاوضاع
الانسانية للاجئين في كل من لبنان
والاردن وتركيا ويقدم المساعدات التي
بدأت فرنسا بارسالها الى الاردن ويحث
جيران سورية وخصوصاً لبنان على مساعدة
اللاجئين. وتأتي زيارة فابيوس
الى لبنان وسط قضية بالغة الاهمية هي
توقيف الوزير اللبناني السابق ميشال
سماحة بتهمة نقل متفجرات استعداداً
لوضعها في مناطق في شمال لبنان بطلب من
بشار الاسد. وسماحة ليس فقط رجل النظام
السوري في لبنان ولكنه ايضا له تاريخ
قديم من التعاون والتنسيق مع
الاستخبارات الفرنسية من خلال صداقاته
في العهدين الاشتراكي واليميني في ظل
رئاسة ساركوزي حيث كان باستمرار يدخل
قصر الاليزيه ولاحقاً وزارة الداخلية
الى حد أن الديبلوماسيين الفرنسيين
المعتمدين في القصر وفي الخارج كانوا
يستاؤون من زياراته العديدة وتدخله
بعمل هذا او ذاك من السفراء خصوصا اذا
كانوا اكثر وفاء لاستقلال لبنان
وسيادته. وسماحة له شبكة اعلاميين
فرنسيين وظفهم لخدمة النظام السوري
وصورته في فرنسا وفي لبنان ايضاً، وكان
يفاوض رؤساء تحرير المجلات الفرنسية
الواسعة الانتشار من أجل وضع صور بشار
الاسد وزوجته اسماء على الغلاف اثناء
زيارتهم الى فرنسا. وكان ينظم زيارات
بشار الاسد مع القيادات الفرنسية الى
حد انه أثار غيرة واستياء مستشارة
الاسد بثينة شعبان والسفارة السورية
في فرنسا التي لم تلعب أي دور في
التحضير للزيارات. ولا شك ان زيارة
فابيوس الى لبنان ستكون مناسبة ليستمع
الى ما لدى السلطات وخصوصاً الرئيسين
ميشال سليمان ونجيب ميقاتي من معلومات
حول ما اتهم في شأنه سماحة وما يسعى
النظام السوري الى نشره من كوارث في
لبنان. فباريس لها ايضا حوالى
٩٠٠ جندي في قوة «اليونيفيل»
في الجنوب وهم معرضون لخطر كبير في هذه
الظروف وفرنسا حريصة على سلامتهم في
مثل هذه الاوضاع الخطيرة. فزيارة
فابيوس الى المنطقة هي اكثر من
استطلاعية. وفرنسا تبحث عن حل لدعم
المعارضة السورية على الارض وفي
الخارج ولكن طالما ان انشاء منطقة حظر
جوي غير مطروح (وهو نوع من التدخل
العسكري) فإن معضلة خروج بشار الاسد من
الحكم باقية، ولكن الامور قد تتغير في
غضون اسابيع لان النظام السوري في
تدهور مستمر وسكان المدن التي كانت
تؤيده في البداية يقولون الآن انه
ينبغي ان يرحل كي تنتهي محنتهم لأن
بقاءه اصبح مكلفاً للجميع . ================= لكنْ ...
ما الذي تريده أميركا؟ أكرم البني * الأربعاء
١٥ أغسطس ٢٠١٢ الحياة «ما لم تتخذ أميركا
موقفاً حاسماً من الحدث السوري فلن
يحصل أي تحول نوعي»: عبارة تتكرر عند
البعض في معرض الجدل حول العامل
الخارجي المؤثر في مسار الثورة
السورية واتجاهات تطورها، مستندين إلى
تجارب مقاربة، وإلى ما تملكه الولايات
المتحدة، من قوة نافذة، سياسياً
وعسكرياً واقتصادياً، تضعها في موقع
اللاعب الأول وأحياناً المقرر لمصير
الكثير من الصراعات الوطنية والأزمات
الإقليمية. لكن، إلى اليوم لا
يبدو أن الوقت قد حان لتقول واشنطن
كلمتها الحاسمة في الشأن السوري، وهو
ما كشفت عنه سياستها طيلة عام ونصف من
عمر الثورة، وما توجته تصريحات
كلينتون في زيارتها الأخيرة تركيا
والتي دارت في فلك الموقف القديم ذاته،
المفعم بالتردد والإحجام عن التدخل
الفاعل في الصراع السوري وتكرار
الذرائع نفسها، كأولوية العمل من خلال
مؤسسات المجتمع الدولي واحترام
قراراتها ودعم خططها ومبادراتها، أو
التحجج بتفكك العمل المعارض وتشتت
رؤيته السياسية، ثم الخشية من بديل آتٍ
يهدد حقوق الأقليات، أو المبالغة بخطر
تسلل جماعات القاعدة إلى بلاد الشام
وسعيها لقطف ثمار الحراك الشعبي، ولا
يغير من هذه الحقيقة تصاعد حدة هجومها
على الفيتو الروسي، ولا الإدانات
الحادة للعنف المفرط وتكرار المطالبات
برحيل النظام، ولا تشديد العقوبات
الاقتصادية والديبلوماسية ضد أهم
الشخصيات السلطوية وضد بعض حلفائهم،
ووضع ثقلها وراء محاسبتهم على ما
ارتكبوه، ولا الدعم اللفظي للشعب
السوري والتغني بشجاعته والوعود
بتقديم أشكال من المساندة لثورته
وتمكينها من تحقيق طموحها في نيل
الحرية. وراء ما يصح تسميته
بنهج خاص للسياسة الأميركية في
التعاطي مع الحالة السورية، جوهره ترك
الصراع مفتوحاً وعدم استعجال الحسم،
ثمة قطبة مخفية تحيكها أسباب عدة. يصيب من يرى الأمر من
قناة اختلاف ترتيب الأولويات لدى
الإدارة الأميركية وفق حسابات تتعلق
بالرأي العام الذي ذاق مرارة الثمار في
العراق وأفغانستان، وانقلب مزاجه ضد
تفعيل الدور الخارجي لبلاده ومنحه
الأولوية على حساب المشكلات الداخلية،
وراهناً لغايات انتخابية، وكي يضمن
أوباما دخولاً آمناً إلى التجديد من
دون التباسات قد يجرها التصعيد في
الشرق الأوسط، والواضح أن إدارة البيت
الأبيض تعمل اليوم على تمرير الوقت
والمهل لطي صفحة الانتخابات بهدوء،
والبحث عن اللحظة الأنسب للتدخل
الفاعل في سورية، من دون أن تعير
انتباهاً للحملة المضادة التي يشنها
ميت رومني ضد أوباما بإظهاره عاجزاً
أخلاقياً عن التعامل مع ما يخلفه عنف
السلطة السورية من مآسٍ وآلام. والحال أن موسم
الانتخابات الأميركية مع وجود الرئيس
كمنافس للحصول على ولاية ثانية يشكل
ضغطاً عليه كي يتجنب أي مغامرة أو
منزلق، وكي يغازل مزاج الشعب الأميركي
الذي يبدو أنه غير معني بأحداث لا تمسه
مباشرة، خصوصاً بعد تجارب سابقة دفع
ثمنها من تنميته وعافية اقتصاده! وأيضاً يصيب من يرجع
الأمر إلى خصوصية سورية وارتباطاتها
الإقليمية والعالمية وخشية واشنطن من
أن يتحول تدخلها المباشر والحاسم إلى
ورطة تكبدها المزيد من الخسائر خصوصاً
إن تشابكت الأوضاع وتدخلت أطراف
مختلفة وطال الصراع، بل الأجدى لها مد
زمن الثورة السورية وتأخير المعالجة
الجذرية، لاستنزاف خصومها، روسيا
وإيران، لأطول مدة ممكنة، وإنهاكهما
مادياً وسياسياً وتشويه سمعتهما أمام
الشعوب العربية على حساب تحسين
صورتها، التي وصلت إلى حد الاحتراق
إبان اجتياحها العراق. ليصح القول إن
واشنطن تستطيع ربما تحمل مشاهد القمع
والتنكيل مهما اشتدت لكنها لا تستطيع
تحمل تكاليف التدخل الناجع، في قراءة
للمسألة من زاوية النتائج والتكلفة
وما يترتب على ذلك من خسائر مادية يصعب
تعويضها من بلد فقير بثرواته كسورية. ثم لا يخطئ من يعتبر
النهج استجابة خفية للرؤية
الإسرائيلية التي لا تحبّذ وصول سلطة
جديدة إلى الحكم في سورية بدلاً عن
سلطة خبرتها جيداً ووفت بوعدها طيلة
عقود بإبقاء جبهة الجولان مستقرة، وفي
حال تعذر ذلك، فقد رشح أن الأجدى عند
قادة تل أبيب ترك الصراع يستنزف
أطرافه، حتى تصل البلاد إلى حالة من
التعفن والاهتراء ويغدو المجتمع
ضعيفاً ومفككاً فيأمنون جانبه لسنوات
عدة. والمغزى هو قوة كلمة
إسرائيل وتأثيرها في مواقف الغرب،
وعلى اتجاهات الرأي العام هناك، فلا
يمكن القفز مثلاً على طلب إيهود باراك
الفاقع والمثير من الحكومة الأميركية
بتخفيف الضغط على النظام السوري وتركه
لشأنه، بل لا بد أن يؤخذ بقوة في
الحسبان مع اقتراب موعد الانتخابات! وربما لا يجانب
الصواب من ينظر إلى الأمر من قناة
تآمرية ويربطه، مرة برؤية أمنية
أميركية ترجح تحول الساحة السورية إلى
بؤرة جاذبة للقوى الإسلامية المتطرفة
وبالأخص للقاعدة، ما يوفر فرصة لتوجيه
ضربة قوية لهذا التنظيم بسلاح النظام
السوري ذاته ما يحد من قدرته على النمو
والتجدد، خصوصاً أنه لا يزال العدو
الرقم واحد لدى واشنطن. ومرة بموقف
استراتيجي، يندر الحديث عنه، حول وجود
مصلحة أميركية خفية في بقاء محور «الممانعة
والمقاومة» وإن ضعيفاً، كبعبع في
مواجهة المحور العربي، لتطويع هذا
الأخير وضمان استمرار حاجته لها،
والدليل هو المفارقة بين سلبية
أميركية مخجلة تجاه الحالة السورية مع
أن نظامها هو الأشد عداءً لسياستها،
وبين مسارعتها للتدخل الحاسم في بلدان
كانت أنظمتها حليفة! ربما هو حظها العاثر
أن تواجه الثورة السورية أعتى وسائل
الفتك والدمار وحيدة، وأن يكون بلدها
إلى جوار إسرائيل ويرتهن لأمنها
الاستراتيجي، أو تضطر للانتظار ريثما
يمر زمن الانتخابات الأميركية كي
تختبر مدى جدية واشنطن، أو يكون رهانها
على تعاطف الشعوب الأخلاقي معها لقاء
الأثمان الباهظة من الضحايا والجرحى
والمعتقلين، لإحراج السياسات الرسمية
ودفعها لاجتراح مخرج عاجل لما يحصل. * كاتب سوري ================= عماد الدين
أديب الشرق الاوسط 15-8-2012 أنا من هؤلاء الذين
يعشقون تعذيب النفس ومشاهدة الفضائية
الرسمية السورية، إلى حد أنني سألت
طبيبا نفسيا صديقا: «هل أنا من هؤلاء
المرضى النفسيين الذين يعشقون إطفاء
السجائر المشتعلة في جلودهم»؟!! بالأمس كانت
الفضائية السورية تعرض أفلاما وثائقية
تتحدث عن اقتراب سقوط الأنظمة العربية
الخليجية بسبب الأزمات الاقتصادية،
بينما قامت فور ذلك بتقديم تقرير
اقتصادي بارتفاع فائض الميزان التجاري
السوري «لاحظ هذا العام» بـ8 مليارات
دولار! إذن حسب الفضائية
السورية فإن السعودية وقطر والإمارات
في أزمة مالية طاحنة، بينما الاقتصاد
السوري لديه فوائض مالية نتيجة الأداء
التجاري الباهر لهذا العام، على الرغم
من الحرب الأهلية، وعلى الرغم من
الهجرة، وعلى الرغم من انفلات الأمن،
وعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية
والمقاطعة التجارية! يا سلااااام! هذه الأداة
الإعلامية التي تعيش في كوكب آخر وفي
واقع افتراضي صنعته لنفسها بعيدا عن
حقائق الواقع المعيش يوميا في حمص
وإدلب وحلب وريف دمشق وجسر الشغور
وحماة، ترتكب جريمة لا تقل عن جرائم
الشبيحة القتلة الذين يستخدمون السلاح. شبيحة الإعلام،
حولوا المدنيين العزل إلى قتلة،
والأطفال الأبرياء إلى عناصر مأجورة،
ومظاهرات رفض النظام إلى عملاء
للاستخبارات والصهيونية. شبيحة الإعلام
الرسمي السوري، حولوا المعارضة
المدنية إلى قوى تخريبية، ومن يحملون
المصاحف أمام الرصاص إلى قوى متطرفة،
وصوروا من يغلقون متاجرهم ومصالحهم
تضامنا مع الثوار على أنهم أصحاب مصالح
مدعومة من أعداء البلاد. شبيحة الإعلام
السوري، تجاهلوا المشروع الأخير الذي
تم ضبطه بتمويل ودعم من الأمن الرسمي
السوري لإشاعة فتنة طائفية ووصفوه على
استحياء بأنه دسيسة لتشويه سوريا
الممانعة! أما حكاية الممانعة
هذه التي زهقونا وأصابونا بالغثيان
منها ليل نهار، فإن المرء ليسأل ما
دلائل تلك الممانعة العظيمة؟ هل
الممانعة تعني عدم إطلاق النار من قبل
الجيش الرسمي السوري على جبهة الجولان
منذ عام 1967، وعدم إصابة أي كائن
إسرائيلي حتى لو كان عصفورة
إسرائيلية؟! هل الممانعة هي
التخطيط والدعم والمساعدة في تصفية 18
معارضا لبنانيا للسياسة السورية على
رأسهم الشهيد رفيق الحريري؟ هل
الممانعة هي التفاوض العلني مع
الإسرائيليين عبر قناة أميركية
والخلاف على بضعة أمتار؟ هل الممانعة
هي التعاون الكامل مع الاستخبارات
الأميركية في خطط مواجهة التطرف عقب
أحداث 11 سبتمبر 2001؟ احترموا عقولنا
بالله عليكم! ================= لكي لا
تقع الانتفاضة السورية في أخطاء الأسد عادل الطريفي الشرق الاوسط 15-8-2012 من المقرر أن تنتهي
اليوم أعمال قمة مكة الاستثنائية
لمنظمة المؤتمر الإسلامي، التي كان
خادم الحرمين الشريفين قد دعا إليها
قبل أسابيع، وحظيت بحضور عربي وإسلامي
لافت. الأزمة السورية تصدرت جدول أعمال
المؤتمر، ولعل أبرز النتائج فيها
تعليق عضوية سوريا، والتوصل إلى إجماع
إسلامي على إدانة انتهاكات النظام
السوري الحاكم. قد يعتبر البعض هذه
النتيجة متواضعة نظرا لكون عضوية
سوريا في منظمات مهمة قد تم تعليقها،
كما حدث في الجامعة العربية، أو تم
استبعادها، كما حدث في بعض اللجان
التابعة للأمم المتحدة ومؤسساتها.
حقيقة الأمر أن الإدانة وتعليق
العضوية لهما أهمية بالغة في هذه
المرحلة بالذات، فالآن بات بمقدور
الدول المعارضة للحملة العسكرية لنظام
الرئيس الأسد أن تقول للدول الداعمة -
أو المتعاطفة - معه إن أغلبية الدول
العربية والإسلامية رافضة لاستمرار
النظام. كيف يمكن لحلفاء الأسد في
روسيا والصين ولبنان وعدد من الدول
اللاتينية أن يبرروا دعمهم للنظام
السوري في وقت تقف فيه أغلبية العالمين
العربي والإسلامي ضده؟ وحتى إن كانوا
لا يأبهون لما يصدر عن الجامعة العربية
والمؤتمر الإسلامي، فإنه لم يعد
بوسعهم تجاهل مطلب أغلبية المجتمع
الدولي برحيل الأسد. مشكلة الانتفاضة
السورية أنها تحولت منذ أول يوم إلى
قضية إقليمية، ليس لأن «الثوار»
أرادوا ذلك، بل لأن بلدهم كان مرتهنا
لعقود لأجندة خارجية. ليس سرا أن نظام
بشار الأسد لعب دورا أساسيا في المحور
الإيراني، ونشط خلال العقد الماضي في
الاغتيالات وزعزعة الأمن الإقليمي
لحساب المتشددين في الحرس الثوري
الإيراني. لأجل ذلك، فإن الأنباء التي
تتحدث عن اعتقال ضباط إيرانيين هنا
وهناك، ومقتل عناصر من ميليشيا حزب
الله اللبناني، هي دليل على أن ما يدور
اليوم هو حرب إقليمية، وأن الثوار
السوريين لا يواجهون قوات الأسد فقط،
بل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. في تحليل عسكري نشرته
«نيويورك تايمز» بعنوان «أسلحة الزعيم
السوري تحت الضغط» (2 أغسطس «آب»)، تحدث
عدد من الخبراء العسكريين عن أن النظام
بات غير قادر على مقاومة حرب العصابات
في شوارع المدن الكبرى، وفقدت قواته
خطوط الإمداد، ولأجل ذلك فإن النظام
بات يلجأ في الشهور الأخيرة للاعتماد
على أسلحة مخصصة للحروب التقليدية
كالطائرات الهجومية، ومدافع السفن،
وصواريخ نوعية لضرب مناطق سكنية،
وبحسب التقرير، فإن لجوء النظام لهذه
الأسلحة يعني أنه بات لا يملك دعما
كافيا من المؤن العسكري، وسيضطر مع
الوقت إلى خسارة عتاده من الأسلحة
الحربية المتقدمة، مع تكرار تعرضها
للعطب، ونقص الصيانة. لعل هذا ما يفسر
حديث رئيس الوزراء المنشق حديثا، رياض
حجاب، حول أن النظام لم يعد يسيطر إلا
على 30 في المائة من الأراضي السورية.
يضاف إلى ذلك أن الانشقاقات في صفوف
الجيش تجاوزت 70 ألفا ما بين جنود
وضباط، فيما تقدر الخسائر البشرية
والمادية بأرقام هائلة، حيث دمرت
أحياء كاملة في كل مدينة سورية، وتجاوز
عدد اللاجئين المسجلين لدى الوكالات
الدولية 150 ألفا. قائد للشرطة في حمص
انشق مؤخرا أكد في حديث له، أن
ميليشيات الشبيحة المؤيدة للنظام باتت
تتحرك وفقا لتوجيهات ضباط من الحرس
الثوري الإيراني، فيما أكدت السلطات
الإيرانية ذاتها أن من بين المعتقلين
الـ48 أعضاء متقاعدين في الحرس الثوري.
قد يكون ذلك صحيحا، ولكن لماذا لم تطلب
إيران من مواطنيها مغادرة بلد تحولت
عاصمته ومدنه الكبرى إلى ساحة للحرب
الأهلية؟! ليس هناك شك في أن نظام الأسد
لم يعد قادرا على العمل كدولة شرعية
ذات سيادة، وحتى إن تمكن من البقاء
بالاعتماد على الدعم الخارجي، فإن
سلطته الداخلية، بل ورقعة ما يحكمه،
ستتقلص على الأرض. برأيي أن الخوف
الحقيقي ليس في بقاء نظام الأسد فهو
نظام حكم على نفسه بالهلاك، بعد أن
استهدف مواطنيه بالقتل والترويع، ولكن
الخوف الحقيقي هو على الانتفاضة
السورية، لكي لا يتم جرها إلى ذات
الأساليب اللاإنسانية التي يمارسها
النظام وشبيحته. لقد طفت إلى السطح
مشاهد «فيديو» مروعة لإعدامات ميدانية
اتهم بها الجيش الحر، وبعض المقاتلين
المنضوين تحت أعلام أخرى، وبدا في بعض
المناطق نشاط ملحوظ لعناصر من
المقاتلين الأجانب، وإن كانوا قلة،
بحسب بعض المراقبين المطلعين على
يوميات الحدث السوري. هذه ولا شك
علامات تبعث على القلق، فوحدة الدولة
السورية، والحفاظ على نسيجها
الاجتماعي والطائفي، ضرورتان لكي
تجتاز سوريا أزمتها الراهنة. من
المؤشرات الإيجابية أن قوى المعارضة
السورية، لا سيما بيان الإخوان
المسلمين المتميز مضمونا وتوقيتا، قد
تعهدت كلها بالعمل على إنشاء دولة
ديمقراطية مدنية، تصان فيها الحقوق
السياسية والاقتصادية لكل مكونات
الدولة السورية، ولكن خلف كل هذه
التعهدات لم نلمس حتى الآن قدرة
المعارضة كمؤسسة سياسية على الفوز
بثقة المكونات الطائفية الأخرى التي
تتخوف مما بعد سقوط النظام. لا شك أن هناك صعوبة
أخلاقية في أن يُطالب الضحية باحترام
اتفاقية جنيف بخصوص الأسرى، فيما
يمارس النظام والميليشيات التابعة له
صنوف التنكيل، وأبشع الانتهاكات
الإنسانية. بيد أن الانتفاضة السورية -
لا سيما العسكري منها - مطالبة بالتزام
القواعد الأخلاقية، واحترام
الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. إذا
كانوا يريدون أن يبدوا شرعيين، فعليهم
إذن التزام الشرعية الدولية. خذ على
سبيل المثال قضية المختطفين
الإيرانيين، لا يصح للجيش الحر
التهديد بقتلهم حتى وإن كانوا جناة، أو
المساومة بهم عبر تسجيلات فيديو حتى إن
كانوا مذنبين. قد يقال إن الجيش
الحر غير قادر على توفير محاكمة لهم،
أو حتى الحفاظ على سلامتهم، وإذا كانت
الحال كذلك، فينبغي أن يتم تسليمهم
لتركيا أو أي دولة أخرى للحفاظ على
سلامتهم، ويمكن للسوريين بعد ذلك
محاكمتهم متى توفرت لهم السبل لذلك.
هناك ضرورة لنقد تصرفات القلة في
المعارضة المسلحة، لكي تتجنب
الانتفاضة السورية الانزلاق إلى مستوى
النظام. لقد ضرب السوريون صنوف الشجاعة
والتضحية في مواجهة نظام ظالم، ولكن
تضحياتهم قد تتضرر إن استطاع النظام أن
يجرهم إلى أن يكونوا مثله، أو أن
يضطرهم للقيام بذات الانتهاكات التي
يقوم بها. قوة الانتفاضة السورية في
منطقها الإنساني، وعلى الثوار
المحافظة على ذلك. وعليهم ألا ينجروا
لأماني النظام وأحلامه في أن يتحول
هؤلاء الضحايا، إلى جلادين. وأن يحذروا
من ألاعبيه ومن الفرص التي يتيحها لهم
الجلاد لتشويه ثورتهم. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 15-8-2012 يمكن القول أيضا،
وبالمقابل: إنه نظام أخرج من مجتمعه،
إذا ما أردنا تقديم وصف للوضع السوري
الراهن من جانبيه الشعبي والرسمي، وإن
كان القول الأكثر دقة يتلخص بالأحرى في
كون المجتمع هو الذي خرج من النظام
وعليه، بما أن النظم الشمولية تعمل
لاحتواء مجتمعاتها، ولابتلاعها
وإعادة صياغتها بالطرق التي تتفق مع
مصالحها بوصفها نظما تعيد إنتاج
الواقع من فوق، من رأسها، من الممسك
الأعلى بها، الذي لا يطيق أن يكون هناك
شعب مستقل عن إرادته، وأن يقاسمه أحد
التحكم بمصير «شعبه»، ويؤمن أنه
يستطيع إبقاءه راضخا له، بالشروط التي
يحددها هو. في البدء، يخرج
المجتمع ببطء وبطرق غير منظورة غالبا
من النظام الشمولي، قبل أن يخرجه من
عالمه الخاص، مجتمعا يريد الحرية. هذه
هي بصورة عامة الآلية التي عشناها في
كل مكان أسقط المجتمع فيه نظاما شموليا
محدثا أمنيا. لقد أمسك قادة هذا النظام
بالمجتمع بأذرع أخطبوطية أوهمتهم أن
سيطرتهم عليه غدت أبدية. ثم، وفي خطوة
تالية غالبا ما تكون مباغتة، يخرج
المجتمع الضعيف ظاهريا - ولكن القوي
فعليا - من نظامه القوي ظاهريا -
والضعيف عمليا - قبل أن يخرجه في طور
تال منه، أي يسقطه ويتخلص من مؤسساته
وهياكله وأبنائه ورموزه، ويحل محله
نظاما بديلا ينهض على أسس وركائز
مناقضة لأسسه وركائزه. ومع أن هذه العملية
لا تكون سريعة، ولا تتم بضربة واحدة،
بل هي تشبه ولادة كيان جديد من داخل
كيان قديم، فإننا نستطيع ملاحظتها في
كل مكان من سوريا، حيث أبدعت عبقرية
الشعب أشكالا من التعاون والتضامن
لعبت دورا مهما في جعل قهره أمرا شبه
مستحيل، من ذلك على سبيل المثال لا
الحصر تقاسم ما تمتلكه الأسر في المدن
والقرى من أرزاق ومواد غذائية، وفي
أحيان كثيرة في الأموال، بغض النظر عن
درجة غنى أو فقر من يتقاسمون ما لديهم،
فأنت ترى أسرة تمتلك مخزنا من المواد
الغذائية تقدم مفاتيحه طواعية لأهل
القرية أو الحي، وتهب كل ما فيه
للمواطنين، الذين لا يملكون غالبا
المال لدفع ثمن ما يحصلون عليه. يحدث
الشيء ذاته بالنسبة إلى الدواء وغيره،
حتى إن هناك قرى وأحياء تجمع ما لديها
من مواد غذائية وتقدمه إلى النسوة
اللواتي يقمن بإعداد طبخة جماعية يأكل
منها الجميع، بغض النظر عن كونهم
أسهموا أو لم يسهموا فيها. هكذا، يعيش
الناس بفضل ما ابتدعوه من أشكال تضامن
وغيرية، ويواصلون صمودهم بمعونة ما
يقدم إليهم من مساعدات يومية. من ذلك
مثلا ما كانت حماه تحصل عليه يوميا من
خبز تأتيها به القرى والأرياف القريبة
منها، التي كانت تمدها بعشرات أطنان
الخبز كل يوم، فضلا عن المواد الغذائية
والإغاثية الأخرى، التي مكنتها من
الصمود طيلة عام ونصف العام، وجعلت
نضالها ممكنا ومستمرا، شأنها في ذلك
شأن حمص، وإدلب، ودير الزور، ودرعا،
وسائر المدن والبلدات السورية، التي
يكاد أهلها يتقاسمون كل شيء، لاتفاقهم
على هدف كبير يخصهم جميعا هو إسقاط
النظام، ولأنهم خرجوا معا من النظام
وشرعوا يخرجونه من مجتمعهم، الذي يصير
حرا بقوة تضامنه وتآزره. ربما كان أفضل تعبير
عن خروج المجتمع السوري من نظامه ما
تأسس خلال الثورة من منظمات قاعدية
تكفلت بإدارة مناطقها ديمقراطيا،
وبالعمل على أنها سلطات بديلة لسلطة
النظام المطرودة أو الهاربة. ثمة سلطة
شعبية بديلة تنشأ في كل مكان بموافقة
شعب ينتخبها بصورة مباشرة غالبا. هذه
الخطوة كانت البداية الفعلية لخروج
المجتمع من النظام ولإخراج النظام من
المجتمع، وهي التي ضمنت للسوريين
الاستمرار في العيش تحت الحصار
الغذائي، وفي ظل قطع الكهرباء والماء
لأيام طويلة، وأتاحت لهم النجاة من
الفوضى التي أراد النظام زجهم فيها،
سواء من خلال افتعال وإثارة مشكلات
محلية، أم عبر ممارسة سياسات تمييزية
تضغط على جهة وتحابي أخرى، تعرض مناطق
للحرمان، وتغمر أخرى بالسلع والخدمات.
عندما يقال اليوم إن السلطة خرجت من
نصف سوريا، فهذا يعني أن هذا النصف
يدار اليوم من قبل ممثلين اختارهم
الشعب ومنحهم ثقته وكلفهم بخدمته،
ريثما تنتصر الثورة وتشكل حكومة
تتوافق عليها قوى المعارضة داخل سوريا
وخارجها، إلى أن يحدث هذا، تقوم بمهام
الحكومة هيئات محلية تعمل على مستوى
القاع المجتمعي منتخبة من الشعب. هاتان الوقعتان «فائقتا
الأهمية» تؤكدان أن مجتمع سوريا خرج من
نظامه، وأنه يخرج النظام المستبد منه،
ويفقده وظيفته بعد أن تراكم فشله وساءت
أوضاع سوريا في ظله بدل أن تتحسن،
ونشأت هيئات قاعدية بديلة حلت محل
أجهزته، مارست أساليب في الحكم
والإدارة أكثر تطورا بكثير من أساليبه
وقربا من مصالح الشعب وتلبية لها، فلا
يعقل أن يعود نظام أثبت أنه متخلف
ومعاد للشعب ليحل من جديد محل نظام
أقامه الشعب بتضحيات جسيمة قدمها في
سبيل الخلاص من حكم السلطة الجائر. ومن
يراقب مظاهرات سوريا الأخيرة، سيضع
يده على الحقيقة، وهي أن الشعب صار في
واد والنظام في واد آخر، وأن مجرد نزول
الناس إلى الشارع للمطالبة بإسقاط
الرئيس أو نظامه، بعد قصف عنيف تتعرض
له أحياؤهم، هو دليل دامغ على نهاية
زمن وبداية آخر، فليس من المعقول أن
يعرض الناس أنفسهم لقصف بالمدافع
ولنيران القناصين وغيرهم، لو لم
يكونوا على ثقة من أنهم صاروا في عالم
غير ذاك الذي فرضته السلطة عليهم
بالنار والحديد، ويخرجون منه بولادة
عسيرة كلفتهم كثيرا من الأرواح
البريئة وأنزلت بهم أفدح الخسائر. تدخل سوريا إلى عالم
ينتفي منه نظامها. ودخل المواطن السوري
إلى زمن ما بعد الخوف، بينما دخل
النظام القائم إلى زمن العجز فالسقوط،
الذي تبدو ملامحه واضحة في كل شيء؛ من
عقلية الناس وتصرفاتهم، إلى إفلاس
السلطة وتهاويها. ولعله ليس من
المبالغة في شيء القول: إن سوريا تقف
اليوم على مشارف مستقبل يختلف عن كل ما
عاشته خلال السنوات الخمسين الماضية،
سيكون دور شعبها فيه مقررا، لأنه يصنعه
بتضحيات تجل عن الوصف. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |