ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
دلائل
الدور الإيراني في قمع الشعب السوري الوطن أون لاين 2012-08-24 12:00 AM لم تكن الأمم المتحدة
في حاجة إلى الاحتراز بجملة "فيما
يبدو"، عند اتهامها لإيران بتزويد
النظام السوري بالأسلحة من أجل قمع
الثورة الشعبية؛ ذلك أن الأنباء
تتواتر منذ بداية الثورة عن أنواع
مختلفة ومباشرة من الدعم، منها الدعم
المالي الذي ذكرت بعض التقارير
الصحفية الغربية أنه يصل إلى 5.8
مليارات دولار، فضلا عن 290 ألف برميل من
النفط يومياً، ومنها الدعم العسكري
المباشر من خلال جناحين عسكريين
إيرانيين هما: الحرس الثوري، وحزب الله
اللبناني، وهو ما يتأكد يومياً بمقاطع
الفيديو التي تبثها العناصر الإعلامية
السورية المعارضة، وفيها يظهر الأسرى
من هذين الفصيلين معترفين بأهدافهم
وقياداتهم، بالإضافة إلى تحول بعض
الحسينيات في دمشق إلى مراكز إدارة
وتخطيط لعمليات قمع الثورة، وذلك بهدف
توفير حرية حركة الكوادر الإيرانية في
سورية، بعيدا عن السفارة، أو المركز
الثقافي الإيراني. إيران تدرك أن النظام
السوري هو الحليف الأكثر انقيادا لها
في المنطقة، وتعلم أن بقاء النظام
السوري يؤمن لها الحرية الكاملة في نقل
الأسلحة إلى حزب الله، مما يمكنها من
تحريك هذه الجماعة لخدمة مصالحها
القائمة على خلق أسباب القلق والتوتر،
والمنطلقة من أيديولوجيا الثورة
الإيرانية، والهادفة إلى تصديرها بغض
النظر عن أي اعتبارات أخرى. تزويد إيران للنظام
السوري بالأسلحة، انتهاك واضح لقرار
مجلس الأمن ذي الرقم 1747 الذي يحظر على
إيران تصدير الأسلحة بموجب الفصل
السابع، وهو ما أشار إليه جيفري
فيلتمان مسؤول الشؤون السياسية في
الأمم المتحدة، أمس، مؤكدا على أن
الحظر يمنع صادرات الأسلحة الإيرانية،
مما يسمح لمجلس الأمن بإجازة إجراءات،
تتراوح بين العقوبات الدبلوماسية
والاقتصادية والتدخل العسكري. إن رهان النظام
السوري على الدعم الإيراني سبب رئيس في
استمرار الخيار العسكري الذي انتهجه
النظام منذ البدء الأول للثورة، وهو
الرهان الباقي له، في ظل الانشقاقات
السياسية والعسكرية وغياب أي تأييد
شعبي حقيقي، مما يجعل من القول
بمسؤولية إيران عن جزء كبير من الفظائع
المرتكبة ضد الشعب السوري قولا سائغاً
ومبررا بالأحداث والأدلة. ================= ألا ترى روسيا
كيف عايد الأسد شعبه، وذبح أطفالهم،
واغتصب نساءهم؟! د. صالح الورثان المدينة نيوز الجمعة 24/08/2012 بثت القنوات
الإخبارية الفضائية على مدار الأيام
الفارطة تقارير من الداخل السوري،
ونقلت للعالم "المتحضر" ما يجري
في سوريا الحرة في أيام عيد الفطر من
قتل ممنهج، وهدم للمنازل، وبيوت
المدن، والقرى السورية على رؤوس
ساكنيها بقنابل وصواريخ من طائرات
نظام الأسد الوحشي، ودباباته التي
دكّت كل شيء جميل في ذلك الوطن العربي
العزيز، واستفاق الناس على يوم عيد
حزين وسط رعب ومجازر مروعة لا يمكن
تصوّر حدوثها في أي عصر إلاّ في عصر
جاهلية نظام الأسد وزمرته المجرمة! هذا المجرم السفَّاح
يرد على اجتماع قمة التضامن الإسلامي
في مكة المكرمة بقتل المسلمين والعرب،
وذبحهم أمام مرأى دعاة الديمقراطية في
شرق وغرب؛ فيا لها من ديمقراطية لا
تُجيد سوى الكذب والتصريحات في
اجتماعات المخادعة والمداهنة
السياسية. لقد أهدى الأسد
ونظامه القاتل أطفال سوريا بدلاً من
ثياب العيد والأمان، أهداهم الأكفان
والحِرمَان من الاستقرار والأمان،
شرّد الآلاف وقتل مثلهم، وحرق
أضعافهم، ومزّق أوصال الأطفال
ليتلذَّذ هو وعائلته برائحة الدماء،
وليُصلِّي مذعورًا وسط غابة من
المنافقين حوله! وبعد ذلك الدمار
والعار تأتي "سيدة الديمقراطية في
العالم" روسيا لتقول إنه يجب على
الولايات المتحدة ألا تفرض على النظام
السوري ديمقراطية القنابل..! يا إلهي؟
وهل ما تقوم به طائرات الأسد ديمقراطية
في نظر لافروف وبويتن؟! إنها الشيوعية
بصورتها القبيحة ونظامها الاستبدادي،
والروس معروفون منذ الأزل بدعم
الديكتاتوريات في العالم، ومنطقهم
القوة، وإلاّ لما سجنوا فرقة غنائية
هتفت ضد بوتين! أين الديمقراطية في
وطنهم! يكذبون ويُماطلون ويُحاولون
فرض أسلوبهم الديكتاتوري على العالم
ويريدونه أن يُصدِّق أكاذيبهم! ألا ترى روسيا كيف
عايد الأسد شعبه، وذبح أطفالهم،
واغتصب نساءهم؟! يبدو أن بوتين
ولافروف مصابان بالعمى، وليته عمى
البصر، بل عمى في القلب والتفكير، وهنا
لا نترحم على حال الشعب السوري فحسب؛
بل على شعب روسيا الذي تحكمه قيادة
قمعية تريد أن تُصدِّر ديمقراطية
القتل للعالم كله! ================= المصدر: صحيفة «نيويورك
تايمز» الأميركية البيان التاريخ: 24
أغسطس 2012 تواصل قوات أمن
الرئيس السوري بشار الأسد قتل
السوريين بأعداد هائلة، ولكن احتمال
انتصار المعارضة يبدو أكثر ترجيحاً
مما كان عليه قبل ستة أشهر. ولا يتمثل
التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة
وشركاؤها في تصعيد الضغط فحسب، وإنما
في تمهيد الطريق لمستقبل سوري بناء
كذلك. وسجلت المعارضة
أخيراً انتصاراً نفسياً، عندما لجأ
رئيس الوزراء السوري رياض فريد حجاب
إلى الأردن، وقال زعماء المعارضة إنه
اصطحب معه وزيرين وثلاثة ضباط عسكريين
على الأقل. ولم يكن حجاب، وهو مسلم سني،
جزءاً من دائرة الرئيس الأسد
الداخلية، ولكنه كان أكبر مسؤول مدني،
وانشقاقه يمثل علامة أخرى على ما يتعرض
له النظام من ضغط. ويتحدى الثوار الجيش
السوري في مدينتي دمشق وحلب، ولكن يرجح
للقتال أن يزداد سوءاً. وقد كثف الصراع
بالفعل الانقسامات بين الجماعات
السنية والعلوية والمسيحية، وشرد
الألوف داخل سوريا، وأرسل ألوف
اللاجئين إلى الدول المجاورة، وهدد
بزعزعة استقرار المنطقة. وهناك أدلة
متزايدة على أن أفراد تنظيم القاعدة
وغيرهم من المتشددين، شاركوا في
القتال. وتمثل الحل
الدبلوماسي الأكثر قابلية للتطبيق، في
خطة من جانب الأمم المتحدة وجامعة
الدول العربية، كان من شأنها أن تخرج
الرئيس الأسد من سدة الحكم بهدوء،
وتبدأ التحول الديمقراطي. غير أن روسيا
حرصت على إفشال تلك الخطة، من خلال
تسليحها للنظام السوري ورفضها لفرض
العقوبات. وبحكمة، قاومت إدارة
الرئيس الأميركي باراك أوباما ومنظمة
حلف شمال الأطلسي، التدخل العسكري
المباشر. ولكن ذلك يمكن أن يتغير إذا ما
حاول الرئيس السوري بشار الأسد، على
سبيل المثال، استخدام الأسلحة
الكيميائية ضد أبناء شعبه. ومنذ عدة أشهر، تعزز
الإدارة الأميركية دعمها للثوار، حيث
نظمت مجموعة ضغط تضم 130 دولة، وعملت على
توحيد فصائل المعارضة، وساعدتها على
التخطيط لانتقال سياسي، وزودتها
بالمعلومات الاستخبارية والمساعدات
الطبية، وحددت أي الجماعات متطرفة،
وأيها ينبغي أن يحصل على السلاح. وشرعت الإدارة
الأميركية أيضاً في التفكير في ما بعد
سقوط الأسد، من خلال التخطيط لطريقة
لاستيعاب موجة جديدة من اللاجئين،
والحفاظ على الخدمات البلدية
الأساسية، وإعادة تشغيل اقتصاد مدمر،
ومنع قوات الأمن من التفكك. ويبدو أن المسؤولين
الأميركيين قد تعلموا الدرس من
العراق، الذي انهارت حكومته تاركة
وراءها الفوضى. وليس هناك ما يضمن أن
الثوار السوريين سيريدون تلك
المساعدة، ولكن ينبغي للإدارة
الأميركية أن تكون مستعدة لاستثمار
أموال حقيقية في هذه الخطط، في حال
أرادوها. وستحظى
وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون بفرصة للتأكيد على دعم الثوار
خلال جولاتها المقبلة، وتحتاج
الولايات المتحدة أيضاً إلى تكثيف
العقوبات المفروضة على سوريا، ومواصلة
حث روسيا على التعاون في إنهاء الصراع. ================= الوضع
الإنساني المتدهور في سوريا البيان التاريخ: 24
أغسطس 2012 تعيش سوريا وسط أزمة
إنسانية طاحنة جراء الأزمة السياسية
القاتمة التي تعيشها البلاد منذ ما
يزيد على عام ونصف، دون أفق في حل قريب. ومع كل يوم يمر
ويزداد قمع النظام وتتعمق الأزمة،
تزداد الأوضاع الإنسانية تدهورا،
فالفارون من النزاع في تركيا وصل عددهم
إلى نحو 70 ألفا، وضعفهم في الأردن حيث
تشير التقديرات إلى وجود حوالي 150 ألف
لاجئ سوري هناك، فضلا عن اللاجئين في
العراق. إن الوضع الإنساني
السوري ينذر بكارثة حقيقية ربما يكون
من الصعب تفادي آثارها في المستقبل،
فالمنازل التي تهدم والبيوت التي تقصف
والأحياء التي تدمر والمستشفيات التي
تئن تحت وطأة نقص الدواء والأدوات
الطبية، نماذج على تدهور الأوضاع بشكل
يدعو لتكاتف الجميع من أجل البحث عن
أفق حل لهذه الكارثة. ولعل التحذير الذي
أطلقته وكيلة الأمين العام للأمم
المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس
مؤخرا، يكون جرس إنذار جديد، حيث حذرت
آموس من تدهور الوضع الإنساني، وشددت
على أن أغلب الأدوية الضرورية أصبحت
غير متوفرة. وحضت وكيلة الأمين العام
للأمم المتحدة مجلس الأمن على مطالبة
السلطات السورية بإتاحة المجال لوصول
المعونات الإنسانية للمحتاجين،
وحماية المدنيين. إن مجلس الأمن مدعو
للعب دور أكبر في سبيل وصول المساعدات
الإنسانية للمدنيين، الذين يعانون من
نقص في كل شيء؛ الغذاء والدواء
والحاجات الأساسية الضرورية، ويجب على
المجلس الضغط على الدول الحليفة
للنظام لحضه على السماح بوصول
المساعدات الإنسانية العاجلة. كما
أن الجامعة العربية يقع على عاتقها
أيضا بذل جهد أكبر في هذا الإطار.
والسعي للضغط على النظام وحلفائه من
أجل السماح بوصول المساعدات،
فالتقارير الحكومية السورية الرسمية
تشير إلى أن حوالي 1.2 مليون شخص يقيمون
في مبان عامة كالمدارس، بينما يقيم
آخرون مع أقاربهم وأصدقائهم. إن القوى الدولية
والإقليمية جميعها مدعوة لمد يد
العون، لتخفيف معاناة الوضع الإنساني
المتدهور في سوريا، قبل فوات الأوان. ================= د. رياض نعسان
أغا الاتحاد تاريخ النشر:
الجمعة 24 أغسطس 2012 يشعر السوريون بأن
المجتمع الدولي قد تركهم لمواجهة
قدرهم، وأن مهمة الإبراهيمي لن تقدم
جديداً، وأن ما يتم الحديث عنه من حلول
سياسية داخل سوريا هو مجرد هروب من
مواجهة حقيقة تطور الحالة إلى صراع
دولي شامل على منطقة الشرق الأوسط كله،
وليس على سوريا وحدها. ورغم أن الرؤى تختلف
في تقويم ما يحدث، لكن العالم يكاد
يتفق على أن انعكاسات الحلول لن تكون
إقليمية فقط، وإنما ستمس النظام
الدولي الجديد الذي أعلن عنه الرئيس
الأميركي بوش الأب قبل نحو عشرين عاماً
في حالة امتحان جاد يحدد بقاء العالم
في أفق القطبية الواحدة أو ولادة جديدة
لعالم متعدد الأقطاب. ورغم التشكك بمسوغات
الموقف الروسي الذي يبدو فيه (السوفييت)
مخلصين للأصدقاء السوريين القدامى،
فإن حضور هذا الوفاء بقوة يعبر عن شعور
الروس بأن الوقت حان لإعلان كون روسيا
تستعيد مكانتها في القرار الدولي، وأن
ما حدث من تجاهل لمكانتها في القرار
حول ليبيا لن يتكرر، ولن يخرج موقف
الصين عن ذات الرغبة في الحضور الدولي. وإذا كان مجلس الأمن
وليد حرب عالمية، فإن الانقسام الحاد
فيه يولد أشباح حرب عالمية جديدة تطوف
في المخيلة الدولية، وتذكر العالم كله
بخطر أن يتكرر ما حدث قبل مئة عام حين
اندلعت الحرب العالمية الأولى بسبب
غضب روسيا من إعلان النمسا حرباً على
صربيا، والمخيف أن يعيد التاريخ بعض
وقائعه، فالعالم محتقن، والتهديد
بضربة لإيران لا يتوقف، وليس سراً أن
الولايات المتحدة وروسيا ما تزالان
أمام طريق مسدودة في حوارهما المشترك
حول الدروع الصاروخية، وبعد فشل
المباحثات العسكرية هذا الصيف حذرت
موسكو من أنها ستنشر صواريخ جديدة في
أوروبا لتدمير بعض مكونات تلك الدرع
المثيرة للجدل. وربما يكون مثل هذا
التفسير مبالغاً، ولكن العالم الذي
انزلق إلى حرب بدأ بها تاريخه المفجع
في مطلع القرن العشرين من أجل صربيا،
قابل أن يبدأ تاريخاً أشد فجيعة في هذا
القرن من أجل سوريا، ولا أدري إن كان
الأميركيون يعيشون هذه الهواجس في
تصريحاتهم القلقة التي يبدو فيها
تأرجح بين موقف معلن وآخر خفي. ولكن بعض المحللين
ولاسيما من المعارضة السورية يرون أن
الخلاف المعلن بين أعضاء مجلس الأمن
حول القضية السورية ليس جاداً أو
حقيقياً، وبعضهم يعتقد أنها مجرد
أدوار، فالأميركيون ليسوا جادين في
اتخاذ قرار صارم في موقفهم وهم يذعنون
لهذا الانقسام لأنه يزيح عبئاً عن
كاهلهم، ويعطيهم مبرراً سياسياً لما
يبدو من تلكؤ في اتخاذ موقف حاسم،
وبعضهم يعتقد أن الولايات المتحدة غير
مقتنعة بالبدائل المطروحة، وآخرون
يرون أن موقف البيت الأبيض تحدده
إسرائيل الخائفة من تداعيات التغيرات
الكبرى في المنطقة، وأن روسيا تفهم ذلك
جيداً وتفيد منه للعب دور البطولة في
الموقف الدولي. كل هذا يحدث والشعب
السوري يعاني مأساة لم يتعرض لمثلها في
تاريخه كله، حتى إنها تبدو لي أول حرب
حقيقية يعيشها السوريون بعد سلسلة
الحروب الصليبية والمغولية قبل نحو
ألف عام. وإن كان التاريخ
يذكرنا بحروب سريعة مثل معركة مرج دابق
قبل خمسمائة عام فإنها كانت محدودة بين
العثمانيين والمماليك، ولم يدخلها
الشعب السوري، ولم تشهد سوريا حرباً
بعدها حتى جاء إبراهيم باشا في حملة
على سوريا عام 1832 وكانت حرباً بينه
وبين الأتراك، ولم يدخل الشعب السوري
في أتونها، ربما عدا من كان يخدم في
الجيش العثماني. وأما الانتداب
الفرنسي فقد عاشه السوريون حالة من
المقاومة الوطنية الشاملة، ورغم قسوة
الاحتلال الفرنسي إلا أنه لم تسجل في
المعارك أحداث تشبه ما يحدث اليوم في
سوريا من فواجع فضلاً عن كون الشعب
السوري كان يحارب محتلاً أجنبياً
لأرضه وهو يقف ضده كتلة واحدة، وربما
كانت (الحريقة) التي نشبت عام 1925 في
دمشق بفعل القصف الفرنسي على بعض
المنازل والأسواق من أخطر الأحداث
يومذاك، وقد بقيت ذكراها في الوجدان
السوري حتى سميت المنطقة المنكوبة
باسمها قرب سوق الحميدية. وكذلك كان
الاعتداء على البرلمان السوري، وما
شابهه من فواجع باتت تبدو صغائر
بالقياس لما يعانيه الشعب السوري
اليوم فكل ذاك التدمير والقتل كان يحدث
بيد الاحتلال، أما أن يحدث بيد سوريةٍ
فهذا يعني فجيعة كبرى لا مثيل لها، ولم
تكن للشعب السوري تجارب سابقة في
مواجهة القصف والحصار، فحروب 48 و67 و73
عاشها السوريون على الجبهات عامة،
ربما عدا بعض الاختراقات الإسرائيلية
للداخل السوري في حرب أكتوبر وكان
الناس يومها يقفون على أسطح منازلهم
يتابعون سقوط الطائرات الإسرائيلية
ويهتفون لجيشهم السوري. وأعتقد أن الشعب
السوري لم يكن يتوقع أن تصل الاحتجاجات
التي بدأت تظاهرات محدودة في دمشق
ودرعا تطالب بإسقاط محافظ أو مدير فرع
أمني ستصل بهم إلى معاناة تدمير سوريا
وتشريد مئات الآلاف من شعبنا، بل باتت
تهدد ماضي سوريا ومستقبلها، فاستمرار
هذا التدمير سيقضي على المجتمع السوري
ويحيله إلى موتى بلا قبور، وإلى بقايا
معوقين ومفقودين ومشوهين وعجزة وأرامل
وثكالى وأيتام. وسيحتاج إلى سنوات
طويلة جداً كي يضمد جراحه، ويستعيد
حيويته ويعوض طاقاته، والأخطر ما
ستحفر المأساة في وجدانه من ندوب حادة
وأشجان مريعة ستبقى راسخة في الذاكرة،
فضلاً عن خطر تدمير الكنز الآثاري
والمعماري الإنساني الذي هو الثروة
المادية الكبرى لسوريا، والذي حفظه
أبناؤها لأكثر من عشرة آلاف عام. لقد بدأ السوريون
يعتقدون أن هناك من يريدون أن يروا
سوريا ممزقة ضعيفة مدمرة، وأنهم لن
يسمحوا لأحد بإنقاذها إلا بعد أن تصير
أرضاً يباباً وخراباً، لتكون لقمة
سهلة على من يتشهى ابتلاعها منذ قرون،
وهي التي كانت عصية عبر التاريخ على كل
من أراد بها سوءاً. وأنا لا أقصد
بالإنقاذ تدخلاً عسكرياً أجنبياً، فهو
يعني احتلالاً ومزيداً من الدمار،
وإنما أقصد حملة دولية إنسانية يجمع
فيها العالم على إنهاء فجيعة الشعب
السوري والحفاظ على وحدة سوريا وعلى
دماء أبنائها، ولا أجد حلاً أفضل من
صناديق الانتخاب التي تحسم الأمر بما
يختاره الشعب ويقرر فيه مستقبله
ومصيره. ================= عيسى الشعيبي الغد الأردنية أن ينحاز عدد من
المواطنين بين ظهرانينا، من قوميين
ويساريين وغيرهم، للنظام السوري
المدجج بآلة قتل جهنمية، وأن يدافعوا
عن خياره الأمني بكل ما أوتوا من
بلاغة، فذلك أمر مفهوم على نطاق ضيق،
حتى وإن كان هذا الانحياز الأعمى غير
مقبول لدى الأكثرية الكاثرة من الناس،
الذين استكثروا على بعض من يعرفونهم من
هؤلاء كل هذا الازدراء لحياة الأطفال
والنساء، وكل هذا التعامي عن حيوات
المقتولين تحت التعذيب، والمذبوحين
بحد السكين.غير أنه حين ينهض فريق من
هؤلاء المأخوذين حتى اليوم بفكرة
الممانعة، إلى التظاهر أمام سفارة
الأسد في عبدون، والهتاف لحارس الأمن
الإسرائيلي في الجولان بحماسة مفرطة،
بلغت حد الإعلان عن أنفسهم كشبيحة في
صفوف جيش غارق في دماء شعبه، فذلك أمر
أحسب أنه يتجاوز حدود التأييد المقبول
بالكلمة والمظاهرة، إلى فضاء إثارة
الارتياب بوجود أناس على شاكلة ميشال
سماحة اللبناني، قد لا يتورعون عن
مقارفة تفجير البلد كرمى لعيون بشار
الأسد.فقد كان إصدار بيان تحذيري "ليس
باسمنا" من مغبة انزلاق الأردن إلى
أتون الحرب المشتعلة في الجوار
الشمالي، مظهراً من المظاهر المعقولة
في مجتمع تعددي مفتوح؛ وكان اصطفاف نفر
من العقائديين هؤلاء إلى جانب النظام
المتمسك بنظرية المؤامرة الخارجية،
موقفاً لا يقدم كثيراً ولا يؤخر أبداً
في مجرى تطور داخلي في بلد مجاور،
امتلك فيه الشعب زمام أمره، ومضى
بتصميم لا حد له، وتحت أقسى الظروف
الإقليمية والدولية، نحو هدفه في
إسقاط نظام العائلة المافياوية.إلا
أنه عندما يتطوع بعض من المفتونين بعد
بالنظام الاستبدادي الفاسد، للانخراط
هنا في المعركة الدائرة هناك، بكل هذا
التهافت والرعونة، وتصنيف أنفسهم
كشبيحة تتهيأ للقتال إلى جانب الأسد في
معضمية الشام وداريا مثلاً، فذلك أمر
ينبغي له أن يشعل أكثر من لمبة حمراء
واحدة، وأن يقرع أكثر من جرس إنذار
شديد، بل وأن يوقظ الأذهان على مخاوف
لم تهدأ من وجود "سماحات" بيننا
بنسخة أردنية منقحة.والحق أنني
استكثرت على بعض من أعرفهم من بين
موقعي بيان "ليس باسمنا" أن يكون
من بينهم شبيحة يفاخرون الملأ علناً
بمثل هذه الوصمة المقيتة. ولولا أنني
أعي سلفاً ما لدى هؤلاء المنافحين عن
الأسد من مكابرة شديدة، وترفع عن رؤية
الحقائق كما هي، لدعوتهم إلى إصدار
بيان لاحق، تحت شعار "ليسوا منا"،
يتبرأون فيه من مثل هذا الانجراف
الخطير نحو أتون معركة داخلية، وينأون
بأنفسهم عمن ينهون من فعل السوء ويأتون
بمثله.ورغبة مني في جلاء صورة الشبيحة
التي أجزم أن بعضاً من الموقعين على
البيان التحذيري لا يدركونها تماماً،
ذهبت إلى معاني اللغة لمعرفة كنه هذه
المفردة السقيمة، فوجدت أنها صيغة من
صيغ المبالغة على وزن "فعّيل"، تم
اشتقاقها في الساحل السوري، وأنها تخص
جماعة محمية بقوة النظام تشتغل في
التهريب بكل أنواعه، ثم تحولت إلى
عصابات مسلحة، يتم اختيار أفرادها
بعناية فائقة من بين أشخاص ذوي عقول
صغيرة وبنية عضلية كبيرة، أغلبهم من
المجرمين وأشباههم في قعر المجتمع،
ممن لا ذمة لهم ولا ضمير ولا ولاء إلا
لسيد العصابة. فهل من المعقول أن
يرتضي أحد من "المثقفين العضويين"
وذوي التاريخ النضالي المشرف في
الكفاح ضد إسرائيل والإمبريالية، وضد
الرجعية والدولة القمعية، أن يجد نفسه
متماثلا مع الشبيحة، أو أن يكون مجرد
ستارة أنيقة لتغطية عورة هذه الفئة
الضالّة، حتى لا نقول إنه يقبل أن يضع
توقيعه إلى جانب تواقيع من ينهروننا عن
الانخراط في الخطأ، ثم يجاهرون
بالاستعداد لارتكاب الخطيئة، بل
وينذرون كل من له عين ترى أنهم يغزلون
هنا غزل ميشال سماحة هناك، ويبيتون لنا
فعل الفتنة اللئيمة؟ ================= النزاع
في سوريا انتقل عبر الحدود وشبح الحرب
الأهلية يعود الى لبنان المستقبل 24-8-2012 ألقت عمليات الخطف
التي شهدتها بيروت الضوء على انقسام
طائفي عززه العنف في سوريا المجاورة. أعادت عمليات الخطف
التي شهدها لبنان "ذكريات الحرب
الأهلية". الخليجيون يغادرون بيروت.
حزب الله اللبناني يرسل 1500 عنصر
لمساعدة (الرئيس السوري) بشار الأسد.
وزير لبناني سابق يتهم بتدبير مخطط
إرهابي سوري. أصبحت عملية انتقال هذه
الكلمة الكليشيه الجديدة في لبنان في
ظل الحرب السورية- الحرب إلى لبنان
بسرعة كمثل الكذبات التي استخدمت في
الترويج لها. لذا، بعد أن بدأ الخوف
ينتشر بسرعة عبر لبنان أصبحت المسألة
كالغرغرينا (الالتهابات التي تصيب
الساق نتيجة ارتفاع مستوى السكر في
الدم) وتحتاج لجراح لكي يبترها. أولاً، خطف 20 شخصاً،
كلهم من المسلمين السنة - من بينهم رجل
أعمال سوري، مواطن تركي وآخر سعودي-
بالقرب من طريق المطار في بيروت،
الطريق التي يسيطر عليها موالون
لإيران وسوريا، ومن المسلمين الشيعة
التابعين لحزب الله. طلب السعوديون
والإماراتيون والقطريون من مواطنيهم
مغادرة بيروت على الفور. نعم، كانت
عمليات الخطف الوقود الذي غذى نار
الأسابيع الأولى من الحرب الأهلية
اللبنانية في العام 1975. لكن أسباب
عمليات الخطف هذه المرة، أقل وضوحاً
بكثير. علينا أن نتطلع إلى
مسألة حسان سليم المقداد الذي من أجله
احتجز الرهائن في بيروت. إنه لبناني
شيعي قبض عليه الجيش السوري الحر داخل
سوريا وظهر على فيلم فيديو يزعم فيه
أنه من عناصر حزب الله، وفرد من مجموعة
من 1500 مقاتل أرسلهم الحزب إلى سوريا
لمساندة (الرئيس السوري بشار) الأسد.
اتهم الأميركيون حزب الله بدعم نظام
الأسد مما زاد من مرارة السنة
اللبنانيين الذين يكرهون الأسد
تقريباً بالمقدار نفسه الذي يستاؤون
فيه من ممثلي حزب الله في مجلس النواب
اللبناني وسيطرة الحزب على الحكومة في
بيروت. وصادف أنه يوجد في
لبنان حوالى 17 ألف شخص من عائلة
المقداد، جميعهم من العشيرة نفسها
لكنهم ليسوا من الشيعة فحسب، بل يوجد
منهم من هو سني وحتى أورثوذكسي.
واستناداً لزوجة حسان المقداد، فإن
زوجها يعيش في سوريا منذ ما قبل بدء
الثورة قبل 18 شهراً بسبب مشاكل مالية
في لبنان. وبعد أن حلت مشاكل حسان
المالية في لبنان، كان في طريقه إلى
منزله عندما خطف وتم تصويره على أنه
مقاتل في حزب الله. نفى الحزب أن يكون
المقداد من عناصره، كما أصر على أن ليس
لديه مقاتلين في سوريا، وهذا تصريح قد
يحمل مقداراً من الحقيقة على اعتبار أن
لدى الأسد ما يكفي من المسلحين وليس
بحاجة لاستئجار خدمات المزيد من لبنان. ليس باستطاعة حزب
الله أن ينفي أن الرهائن العشرين الذين
تم اختطافهم في بيروت أطلق سراح ستة
منهم كما أعلن ماهر المقداد (أحد افراد
العشيرة ال17000) احتجزوا جميعهم في
منطقة سلّمت الحكومة اللبنانية منذ
فترة طويلة أمنها بشكل أكيد إلى الحزب.
في الواقع، فإن عمليات الخطف لا تمثل
قوة حزب الله فحسب، بل العجز الكبير
للحكومة اللبنانية المنقسمة والمسيئة
لنفسها. وقال ماهر المقداد إن
أحد السوريين المحتجزين ملازم في
الجيش السوري أراد الانضمام إلى
الثوار. وفي هذه الأثناء، يزعم الثوار
السوريون أنهم يحتجزون عشرات "الجواسيس"
الإيرانيين الذين اعتقلوا على طريق
مطار دمشق، فيما تقول إيران إن هؤلاء
كانوا يزورون الأماكن المقدسة خارج
دمشق. لكن هل كان عملاء إيرانيون سريون
ليستقلوا حقاً باصاً عادياً إلى مطار
دمشق؟ القضية في الواقع مشابهة لقضية
المقاتلين الإيرانيين الستة الذين
اعتقلوا في حمص والذين تبين أنهم عمال
شرعيون في محطة توليد الطاقة في
المدينة. والآن، بعد أن أصبحت
"المؤامرة الإرهابية" للوزير
والنائب السابق ميشال سماحة وأحد
اللبنانيين المناصرين للأسد،
بالتخطيط لاغتيال سياسيين لبنانيين
نيابة عن رئيس الأمن السوري اللواء علي
المملوك من دون الكشف علناً عن أي دليل
حسي- واقعاً، ومسلسل سرقة المصارف في
جميع أنحاء بيروت، والمعارك بين
العشائر في وادي البقاع والهجوم
المسلح ضد قوات الأمن اللبنانية التي
كانت تحاول إتلاف حقول الحشيشة، فإن كل
هذا المسلسل لا يغري في الواقع السياح
والمستثمرين الخليجيين للمجيء إلى
بيروت السنية. ولا يساعد كذلك إعلان
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن
عمليات الخطف "تعيدنا إلى الأيام
المؤلمة للحرب الأهلية". ولا أظن، أن
هناك طبيباً جراحاً قادر على جمع لبنان
مجدداً. أسئلة وأجوبة: لماذا
انتقلت الحرب في سوريا عبر الحدود؟ س: لماذ ينتقل النزاع
السوري عبر الحدود؟ جواب: لقد تحولت
الانتفاضة المستمرة منذ 17 شهراً في
سوريا إلى حرب أهلية طائفية وتنعكس
صورة التوترات الدينية السورية على
الأرض في لبنان. يدعم العديد من
المسلمين الشيعة في لبنان الرئيس
الأسد، كذلك يفعل العلويون في سوريا (المذهب
الذي ينتمي إليه الأسد). في لبنان عدد
كبير من المسلمين السنة الذي يدعمون
بشكل ناشط الانتفاضة السورية ذات
الغالبية السنية. س: أين تقف الحكومة
اللبنانية؟ ج: حالياً الحكومة
مؤلفة من فريق 8 آذار المؤيد للأسد،
ويقوده حزب الله، الحزب المقاوم الذي
إلى جانب إيران، يشكل المحور الرئيسي
الداعم لنظام الأسد. لكن على الحكومة
أن تلعب بحذر دوراً متوازناً في ما
يتعلق بسوريا كي لا تؤجج التوترات. س: لماذ تتأثر
السياسة اللبنانية بسوريا إلى هذا
الحد؟ ج: انتقلت قوات
السلام السورية إلى لبنان بعد اندلاع
الحرب الأهلية في العام 1975، لكنها
تحولت إلى فريق في النزاع. لم تنسحب هذه
القوات إلا في العام 2005- بعد 15 عاماً من
انتهاء الحرب. حصل الانسحاب نتيجة ضغوط
تظاهرات ضخمة في الشارع أعقبت اغتيال
رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق
الحريري، الذي أراد تقليص النفوذ
السوري في لبنان، والذي ألقيت مسؤولية
اغتياله على دمشق. قليلون يتوقعون
حرباً في لبنان، لكن كلما طال أمد
الأزمة السورية، كلما تزعزع الاستقرار
في الجار الصغير لبنان. ترجمة :صلاح تقي
الدين ================= السفير 24-8-2012 حسام مطر الشرق الأوسط في لحظة
إعادة تشكل وكذلك النظام الدولي،
الأزمة السورية هي عارض من عوارض كلا
التحولين الإقليمي والدولي، أي ان
الازمة السورية تعكس التحول الطارئ
وليست سبباً له، ولكنها ستسهم في رسم
الشكل النهائي لهذه التحاولات، لا
سيما إقليمياً. هذه المعادلة تفرض بشكل
متزايد أن مآلات الأزمة السورية
ستتحدد أساساً عبر اللاعبين الخارجيين
ومصالحهم، وهو ما أدى منذ بداية الأزمة
الى انحدار مستمر للدوافع الداخلية
ودور كل من النظام والمعارضة والى
انتقال الأزمة من نمط سلطة معارضة الى
نمط قوى أجنبية تتصارع بأيد داخلية،
وحالياً بأيد داخلية وخارجية، خاصة من
ناحية المعارضة. إن الأزمة السورية،
في جزء منها، هي من ارتدادات الفراغ
الناتج من تراجع الدور الأميركي، وهي
حجة لطالما تغنى بها الليبراليون
الأميركيون بأن الهيمنة الأميركية هي
ضرورة لاستقرار أي نظام دولي أو إقليمي
سياسياً واقتصادياً. إن هذا التراجع
الأميركي مقروناً بحاجتها لتقليص
دورها في المنطقة والتركيز على منطقة
المحيط الهادئ في مواجهة الصعود
الصيني، يفرض على الولايات المتحدة أن
تكرس توازن قوى من خلال حلفائها
المحليين فقط في الشرق الأوسط، وهذا ما
يصبح ممكناً فقط في حال إسقاط النظام
السوري. اليوم لم يعد حلفاء واشنطن في
شرق وجنوب آسيا قادرين وحدهم على
موازنة الصين وبدرجة أقل روسيا، لذا
تعزز واشنطن حضورها المباشر هناك، وهو
ما فعلته سابقاً في الشرق الأوسط منذ
1990 لاحتواء العراق وإيران بما عُرف
بسياسة «الاحتواء المزدوج». هذا
التحول هو محدد أساسي أيضاً في فهم
سياستي الصين وروسيا تجاه الازمة
السورية، وثباتهما في المواجهة رغم
تكاليفها. إحدى أبرز قواعد
الصراع في سوريا هي ان كلا المحورين لا
يمكنه القبول بخسارة كاملة. إن ميزان
القوى في الشرق الأوسط يبدو مثل «ميزان
الذهب» ولا يحتمل هزائم أو انتصارات
كاملة، مثلاً حتى انتصار المقاومة في
تموز 2006 توقفت مفاعيله نسبياً عند حدود
التوازنات الداخلية، والهزيمة
الأميركية في العراق ورغم قسوتها لم
تنقلب الى هزيمة كاملة. هذا يعني أن كلا
المحورين لن يتردد في سبيل تفادي خسارة
كاملة الى توسيع دائرة الصراع وتعميقه
وإضافة لاعبين جدد له في محاولة لخلق
توازن قوى من خارج الصراع الأساسي. إلا أنه في المقابل
يبرز قلق كلا المحورين من الانجرار الى
مواجهة إقليمية شاملة لأنها ستكون
عبثية نظراً لحجم الدمار والخسائر
المتوقعة. من هنا تبقى سيناريوهات
محدودة، إما استمرار الواقع الحالي أي
حرب أهلية محدودة مع قضم متبادل لبعض
الجغرافيا، وإما مواجهة إقليمية
محدودة تشمل تدخلا ميدانيا - عملياتيا
رسميا لعناصر خارجية وانطلاق التوتر
الى الساحات المجاورة في لبنان
والعراق والسعودية وتركيا، وإما تقسيم
الدولة السورية على أسس إثنية -
مذهبية، وهو تقسيم قد يبدأ بإقليمين
وينتهي ببضع دويلات فاشلة مفتتة. في
هذا السياق يشير بريان جنكينز (مستشار
لدى رئيس مؤسسة «راند») الى أن سيناريو
الحرب الأهلية والتقسيم يبدو «النتيجة
الأكثر ترجيحاً، أو حرب أهلية تمتد
لسنوات، فقد أصبح الصراع وجودياً لكلا
الطرفين أي النظام والمعارضة. إنها
تبدو شبيهة بالحرب الأهلية اللبنانية
التي امتدت 15 عاماً وفرزت البلاد وفقاً
لخطوط مذهبية وإثنية». (السيناريوهات
السورية، مؤسسة راند، 8 آب 2012). إن تغييراً بهذا
المستوى للجغرافيا السياسية السورية
يضع لبنان ككيان سياسي أمام أسئلة
وجودية هي الأخطر منذ تأسيسه. لقد قيل
إن الأزمة في سوريا ستعيد لبنان الى ما
قبل الطائف في الواقع، من المحتمل أن
تعيدنا الى ما قبل ميثاق 1943، فهل سيعود
بعض المسلمين اللبنانيين لفكرة «سوريا
الكبرى» أو «ما سيتبقى منها» لخلق واقع
ديموغرافي جديد يقلب موازين القوى
الداخلية؟ هل سيسعى البعض لتوريط
شرائح سورية في الداخل اللبناني لفرض
طائف جديد يكرّس سطوته في السلطة؟
كثيرون في لبنان لا يخفون هذه الاحلام،
منذ الآن يتوعدون المقاومة بأن أيامها
معدودة، لذا يمكن القول انه يصعب أن لا
ينتج تقسيم سوريا كانتونات لبنانية
متناحرة وعاجزة، أكثر مما هي اليوم. يمكن أيّاً كان أن
يكتب مطولات في نقد السياسات الداخلية
للنظام السوري، شأنه ككل الأنظمة
العربية، ولكن ذلك لم يعد له علاقة
بالصراع القائم، فالمعارضة خسرت
قرارها بالكامل والطرفان خسرا سوريا.
إن «الأحداث في سوريا تظهر كأنها
ببساطة متعلقة بالنظام السوري، ولكن
هناك أهمية أبعد بكثير من ذلك وتشمل
احتواء القوة الإيرانية، خلق توازن
قوى عبر حلفاء واشنطن الإقليميين
وتحرير الولايات المتحدة من الأعباء
الإقليمية لتركز على القضايا
العالمية، بما فيها الصين وروسيا». (جورج
فريدمان، عواقب سقوط النظام السوري،
مركز ستراتفور، 24 تموز 2012). لقد تحولت
سوريا الى بيدق، والباقي تفاصيل لم تعد
مهمة، أقله على المدى المنظور. كاتب وأكاديمي لبنان ================= تقالة
الأسد مناورة وليست مبادرة وآفاق الحلول
السياسية لا تزال بعيدة روزانا بومنصف 2012-08-24 النهار مع ان ما اعلنه نائب
رئيس الوزراء السوري للشؤون
الاقتصادية قدري جميل من موسكو قبل
ايام قليلة بعد لقائه وزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف من ان دمشق مستعدة
للبحث في استقالة الرئيس بشار الاسد في
اطار مفاوضات مع المعارضة لم يحظ
بتعليقات كثيرة او يجذب الانتباه على
انه امر جديد دخل على المشهد السياسي،
فان مصادر ديبلوماسية متابعة تعتقد ان
هذه النقطة هي جوهر ما يمكن ان تعمل
عليه موسكو في المرحلة المقبلة. فعلى
رغم ان لافروف لم يعلق سلبا او ايجابا
على الموضوع يرجح ان هذه النقطة بدت
كأنها نتيجة ضغوط مارسها وزير
الخارجية الروسي على زواره السوريين
من اجل اعطاء روسيا عنصرا ما يمكن ان
تلوح به في وجه الغرب عشية استعدادات
الاخضر الابرهيمي لبدء مهمته في سوريا
بعدما حل مكان الموفد المشترك للامم
المتحدة والجامعة العربية كوفي انان
لايجاد حل لسوريا. لكن هذه النقطة لم
تحظ سوى بتعليقين اذا جاز القول احدهما
من واشنطن والآخر من المعارضة السورية
وهما تعليقان كافيان نظرا الى موقعي
صاحبيهما، علما ان ما سيق في هذا
الاطار لا تعتبره مصادر ديبلوماسية
جديا في شأن البحث في استقالة الاسد
لان الامر يعتبر مضيعة كبيرة للوقت
ستكون مماثلة لقبول النظام السوري
المبادرتين العربية والدولية شفهيا من
دون اي تطبيق عملي. فضلا عن ان الامر قد
يدور حول افق غير محدد لمغادرة الاسد
السلطة وقد يكون الموعد الاقرب هو
الانتخابات الرئاسية في 2014 وفقا
لاقتراحات سابقة روسية واخرى ايرانية
تصب في الاطار نفسه من ضرورة انتظار
السوريين الانتخابات الرئاسية
المقبلة من اجل تقرير اعادة انتخاب
الاسد او سواه وفق ما ترجح هذه المصادر
باعتبار ان الاسد لم يظهر في اي مرحلة
من المراحل استعداده للحوار مع
المعارضة. وبحسب هذه المصادر فان كلام
وزيره في موسكو لا يوحي انه بمثابة
اقتراح عملي ينبغي ان تأخذه الدول
الكبرى في الاعتبار وتبدأ البحث فيه
جديا في ما بينها وفتح الباب عبر وسطاء
مع الرئيس السوري لجهة مفاوضته على
الرحيل. بل تعتبر هذه المصادر ان الامر
ينطوي على مناورة مماثلة الى حد بعيد
للمناورات التي قام بها الرئيس اليمني
السابق علي عبد الله صالح عن استعداده
للاستقالة فيما رفض التزام اتفاق رعته
الدول العربية في هذا الاطار وناور
كثيرا قبل ان يرحل في حين ان اي جدية في
هذا الطرح ينبغي ان تظهر لاحقا عبر
مبادرات اخرى في حال كان النظام صادقا
في هذا الامر. وهو امر مشكوك فيه بقوة
حتى الآن ويندرج في اطار سعي النظام
الى كسب الوقت من اجل التقاط انفاسه في
الداخل واعادة تذخير قواته العسكرية
بحيث تعتبر استعداداته للحوار حول
استقالته مناورة اكثر منها مبادرة. بل ان اللافت في هذه
النقطة ما تبادلته كل من روسيا وواشنطن
اعلاميا في الجدل الاخير حول سوريا.
فروسيا تستعيد في مقاربتها للوضع
السوري المقاربة نفسها التي كان
يعتمدها النظام السوري ازاء لبنان حين
كان يصر على ان الحل في لبنان ابان
الحرب يعود الى اتفاق اللبنانيين
انفسهم من دون تدخل خارجي فيما كان
النظام يطبق على انفاس الغالبية من
اللبنانيين ويهدد الآخرين. اذ يكرر
وزير الخارجية الروسي ضرورة عدم تدخل
الاطراف الخارجيين في الازمة فيما
تدعم روسيا النظام بقوة وتصر ان على
السوريين ايجاد الحل بانفسهم على رغم
معرفتها باستحالة التفاهم بين الطرفين.
ويقول لافروف ان ممثلي الدول الغربية
في مجلس الامن رفضوا اقتراح روسيا
لاصدار قرار حول اتخاذ البيان الصادر
عن اجتماع مجموعة العمل حول سوريا في
جنيف اساسا للمباحثات الهادفة الى
انهاء النزاع في سوريا. ويحمل الدول
الغربية مسؤولية عدم الضغط على
المعارضة بقبول اتفاق جنيف على عكس ما
فعلت روسيا مع النظام واقنعته
بالموافقة عليه. فيما ترد واشنطن على
اعلان ممثلي الاسد من موسكو استعداد
الاخير لمناقشة استقالته في الحوار “ان
الحكومة السورية تعلم ما عليها القيام
به والحكومة الروسية انضمت الينا في
جنيف (في نهاية حزيران الماضي) لوضع خطة
انتقال (سياسي) بالغة الوضوح”. كما ردت
باريس لاحقا بان لا حل سياسيا في سوريا
من دون تنحي الاسد. وليس التناقض في
تفسير اتفاق جنيف ما يلفت في السجال
الروسي الغربي حول الازمة السورية بل
كون هذا السجال يشتد ويقوى على وقع
اشتداد المعارك في سوريا وسعي كل من
الطرفين الى تدعيم الفريق الذي يدعمه
مما يظهر ان آفاق الحلول السياسية لم
تتضح بعد ولا تبدو محتملة في المدى
القريب. بل ان الامر يبدو كما لو ان
روسيا تتحرك مع النظام وتستقطب
مسؤوليه جنبا الى جنب مع الصين التي
استقبلت مسؤولين آخرين من جانب النظام
اخيرا وكان لافتا انه لم يؤت على ذكر
المنطق نفسه اي الاستعداد لمناقشة
استقالة الاسد في الحوار في حين كانت
هذه الرسالة الاساس من جولة هؤلاء على
الدول الداعمة للنظام فيما تواصل
الدول الغربية التخبط من جهتها في سبل
دعم المعارضة ووضع الخطط لما بعد رحيل
الاسد علما انها باتت جاهزة في انتظار
النقطة الصفر التي لا تبدو متوافرة
اقله حتى الآن. ================= د. كمال
اللبواني 2012-08-23 القدس العربي عندما سألني صحفي
ألماني كان يزورنا عام 2001 في دمشق في
منتدى الحوار الوطني، عن توقعاتي
لمستقبل حركة الإصلاح (ربيع دمشق) قلت
له هذا الربيع سيُقْتَل على يد الأسد
الولد لأنه يكذب، ويريد فقط تمرير
عملية التوريث، وعندما سألني عن
مستقبل سوريا الذي أتوقعه في ظل قيادة
الولد، قلت طالما أن الإصلاح لن يتحقق،
فالمتوقع لسوريا هو ما يحدث في
الصومال، لم أقل ذلك بسبب ما رسخ في
ذاكرتي عن العلاقات الوطيدة بين حافظ
الأسد ومحمد سياد بري ديكتاتور
الصومال السابق، بل بسبب التشابه
الكبير بين نظامهما العسكري الاشتراكي
الاستبدادي الطائفي العشائري الفاسد،
الذي أدى في الصومال إلى تفكك مجتمعها
ودخولها بحرب أهلية طويلة، لذلك أتوقع
أن يؤدي إلى نفس النتيجة في سوريا
أيضا، وهذا ما دأبت على شرحه لرفاقي في
ربيع دمشق .. طبعا دخلت السجن منذ تلك
الأيام وحتى أشهر خلت أي حتى ما بعد
اندلاع الثورة السورية وتجذرها ....
وخرجت من السجن لأرى الصومال تبدأ
مسيرة التعافي وبناء الدولة بعد مرحلة
طويلة من الفشل، بينما تدخل سوريا -
الدولة مرحلة قد تطول من الفشل. وكي لا نضيع الوقت،
أرى أنه يتوجب علينا أن نتعلم ممن
سبقنا على هذا الطريق، وبشكل خاص نتعلم
منه أشكال التعايش المجتمعي مع حالة
فشل الدولة، وأن نسرع لتنظيم مجتمعنا
بما يتناسب مع غياب الدولة.. فأي قوة
خارجية قد تستطيع الاحتلال، لكنها لا
تستطيع بناء الدولة من دون عقد اجتماعي
وقبول مشترك، وهو الذي لا يمكن فرضه
بالقوة، وهو الذي يحتاج لرضى وتفاهم
بين مكونات المجتمع.. وهو الضحية الأهم
للسلوك الإجرامي الذي سلكته السلطة في
مواجهة الثورة، وكذلك (بدرجة أقل) هو
ضحية فشل الثورة في إنتاج قيادات
عملانية على الأرض ذات رؤية سياسية
ووعي كافي، قادرة على منع الانزلاق نحو
الانهيار الوطني والقيمي الشامل فوق
أغلب التراب الوطني .. وهنا أحمل
الأصدقاء مسؤولية الإصرار على فرض
قيادات غريبة عن الثورة بعيدة عن
الوطن، فشلت وأدى فشلها إلى تشرذم
وضياع الثورة في زواريب فوضى الولاءات
والمرجعيات، وردات الفعل والانتقام
والصراع الطائفي والمجتمعي، بعد
حرمانها من إمكانية توليد قياداتها
الحقيقية، وهذا بحد ذاته هدف سعى له
النظام بشكل ثابت ومستمر، وساهم فيه من
يعلن صداقته للثورة ويقدم لها الدعم
المشروط بالطاعة والولاء. وعندما أعود لأفكار
ربيع دمشق ومن ثم وثيقة إعلان دمشق،
وشعارات الثورة في بدايتها، وعندما
أقارن تلك مع حرب الإبادة والاستئصال
التي انتهينا إليها ، وربما غدا مع
حروب الدول على أرضنا، التي جرنا إليها
التدخل الخارجي الفظ، أرى أن ما وصلنا
إليه يبتعد كثيرا عن المبادئ
والأهداف، وكذلك عن الروح التحررية
الحضارية الديمقراطية الإنسانية،
التي بدأنا بها، والتي هي الهدف
الحقيقي الذي تحرك الناس من أجله، قبل
أن تدفعهم الظروف المأساوية التي
صنعها وأرادها وعمل من أجلها كل من
النظام وحلفائه، وساهم بها (عن قصد أو
قصور) كل من المجتمع الدولي والعربي
وبعض الأصدقاء، وأيضا بعض قيادات
المعارضة في الخارج الذين تطفلوا على
ثورة ليست منهم ولا تخصهم، وجيروها
لتلبي نزواتهم ... في النتيجة انحرف
منحى اتجاه الثورة، وتطورت أحداثها في
صالح الآخرين، أي ليس في صالح مستقبل
سوريا وشعبها، الذي دفع ويدفع الغالي
والغالي جدا، من دمه ومن اقتصاده وكذلك
من قيمه. بالأمس كنت أشاهد
مناظر التمثيل بالجثث، ومناظر ذبح
الأسرى.. وشعرت بالأسف ليس فقط لأن
النظام مازال يرتكب أبشع منها بكثير،
كسياسة منهجية منتظمة تنفذها أجهزة
الدولة المكلفة أصلا بحماية الناس،
والتي انقلبت على شعبها وأمعنت في
تقتيله وتدميره بشكل غير مسبوق وغير
مذكور في التاريخ، وليس لأن شبابنا قد
نصرهم الله على من يقتلهم ويمثل بهم،
أبدا .. فأنا منحاز كليا إلى جانب
الثورة (مظلومة كانت أم ظالمة)، لكنني
أشعر بالأسف لأن بعض أبناء الوطن الذين
ما يزالون في السلطة لم يستطيعوا حتى
الآن التخلص منها والتخلي عنها، لسبب
ذاتي أو موضوعي، وكذلك لأن بعض شبابنا
في المعارضة لم ينتصروا على أنفسهم،
ولم يَقُوْها نزوة الوحشية والانتقام
.. أنا فعلا صرت أخشى أن يتسلم هؤلاء
السلطة بعد أولئك... وبعد الحال التي
وصل إليها هؤلاء وهؤلاء أسأل أي نظام
حكم نتوقع؟ وأي معايير سوف تحترم، إن
نجحت الثورة أو فشلت؟ صرت أشعر بالخوف
من المستقبل بعد كل هذا القدر من
الاستخفاف بحق الحياة، وفي الحق
بالعدالة ... وبعد كل هذا الدمار في صعيد
المشاعر الإنسانية، وكل هذا التشوه
الذي أصاب الضحايا من أبناء الشعب ..
أنا فقط أرفع الصوت معبرا عن خشية من
إفراط المظلوم في إظهار القوة والبأس،
لدرجة البشاعة وفقدان الإنسانية،
فيتحول من مظلوم إلى ظالم .. وأسأل ماذا
ينفع الإنسان لو كسب المعركة وخسر نفسه
وإنسانيته ونبالته، تحت شعارات القوة
والبأس؟. فالمسألة بالنسبة لي
ليست في النتيجة، بل في الوسيلة .. لأنه
من حيث النتيجة الناس يقتلون وبالجملة
وبكل صنوف القتل وأنواعه.. لكن المسألة
من وجهة نظري تكمن في هذا الإنسان الذي
يثور ويحارب ويقاتل، هذا الإنسان الذي
خرج يدافع عن حياته وأهله وشعبه، خرج
في ثورته من أجل الحق والإنسانية
والقيم والشرف والنزاهة والرجولة، خرج
في سبيل الله من أجل عيال الله، ماذا حل
به، وأين وصلت به الظروف القاسية، وهل
بدأ ينسى ما خرج من أجله .. هل هو فعلا
يحاسب نفسه ويلومها؟ هل هو إنسان منضبط
بقيم ومعايير؟ أم أطلق العنان لنفسه في
وسط دوامة العنف الأعمى وحمام الدم
الرهيب الذي فرضه عليه النظام؟. ما أرغب في شرحه هنا
أن المنصب والموقع من السلطة والظروف
المحيطة بالشخص، لها دور في التحكم
بسلوكه، ربما أكبر من إرادته التي لا
تكون عادة حرة أو مستقلة، وهنا لا يجوز
أن نحمل الفرد مسؤولية يجب أن يتحملها
النظام والمؤسسة التي يجد الفرد نفسه
جزءا منها في سياق انخراطه في الحياة
المجتمعية - السياسية، أو في صعيد سعيه
لتدبير مصادر عيشه. ولقد علمنا القرآن
الكريم في قصة نوح أن إغراق كل
الخاطئين لا يلغي الخطيئة، لأنها تنبع
من النفس الأمارة .. لذلك لا أعتقد أننا
في سياق صراعنا الاجتماعي السياسي
الراهن، نملك المبررات الكافية لإطلاق
كل هذا القدر من الكره والحقد
والانتقام ضد الأفراد، حتى لو ارتكب
النظام أبشع الشناعات، على الأقل من
وجهة نظرنا نحن الذين نرى في الأخرى
غاية أهم من الدنيا، فندافع عن الحق
وننذر أنفسنا في سبيله، فنأخذ بعين
الاعتبار أن الفرد أسير مجتمعه ومحيطه
وظروفه ،وهي كلها مسؤولية جماعية،
كلنا مسؤولون عنها بشكل أو آخر، عندما
ساهمنا أو سكتنا عن نظام كان سيؤدي في
يوم ما إلى ما أدى إليه .. نحن كنا قد
خبرناه في تل الزعتر وتدمر وحماه
وبيروت وبغداد، وسكتنا حتى لحق
بذقوننا البل في درعا ثم دوما ثم حمص ثم
بانياس وهكذا .. فقط أولئك الذين بكروا
في رفض هذا النظام عن وعي وبصيرة ،
واصروا على معارضته بمفردهم، في زمن عز
فيه الرجال، هم فقط من يملكون صك
البراءة من جرائمه، وهذا لا يبرر ولا
يتسامح مع أي من الجرائم التي يرتكبها
النظام، بل يحذر من التغاضي عن نظام
آخر تصنعه الثورة يبرر لأفرادها ما
يبرره النظام السابق لشبيحته .. أردت
هنا أن أوضح الفارق بين مستوى مسؤولية
الفرد ومستوى مسؤولية النظام
والمجتمع، والفارق بين نظامنا الذي
نريد ونظامه الذي نقاتل .. وأن أوضح
أيضاً الفارق الأخلاقي والقيمي
والإنساني بيننا نحن الثوار على
النظام وبين الذين يدافعون عنه، وأن
أذكر بما تعلمناه من سنة الرسول الكريم
ومن سيرته. ثم ماذا عن المجتمع
الإنساني، ماذا عن الأصدقاء الداعمين
للثورة وللمجتمع السوري ولمستقبل هذا
الشعب البطل، كيف سيتعاملون مع حالة
مأساوية كهذه، إن كان في صعيد تدني
القيم والقيمة الإنسانية، وإن كان في
صعيد غياب الدولة والمؤسسات، وأهمها
العدالة، وسلطة القانون، ناهيك عن
غياب التمثيل الشرعي الصحيح لعناصر
المجتمع، وتمايزات مكوناته المختلفة
ثقافيا واقتصاديا وفكريا ومن ثم
سياسيا ، وفي ظل غياب وانهيار صيغة
العيش المشترك والعقد الوطني الجامع .. نحن بعد عام ونصف على
الثورة، وبعد سقوط القيم الوطنية
والأخلاقية الإنسانية على يد النظام
المجرم، وبعد بدء تفكك الدولة
وسقوطها، وفي لحظة الوقوف على أبواب
حرب إقليمية وربما أوسع من إقليمية ..
نقف متسائلين؟ إلى أين نحن نسير؟ وما
هي خططنا الجديدة؟ وما هي منظومة القيم
التي حدثناها وسوف نسير عليها؟ لأنه
بات واضحا أن كل ما بنيناه وتصورناه
وخططنا سابقا، قد تغيرت الأرض من تحته
، الأرض التي يفترض أن يبنى عليها،
فانهارت تبعا لذلك أهميته وقيمته
وفعاليته . مما يستوجب منا إعادة
التفكير من جديد؟ ما العمل؟ كيف نوفر الاحتياجات
الأساسية وفرص العيش المقبولة للبشر
في ظل غياب الدولة ..؟ كيف نوفر الأمن
للجميع، هل سنحتاج لقوات حفظ سلام
وممرات إنسانية ومناطق آمنة ..؟ كيف نعيد بناء سلطة
حد أدنى من العدالة والنظام، حتى لو
كانت محلية؟. على ماذا نعتمد في
بناء الاجتماع الإنساني ما قبل الدولة
وفي غيابها، على المجتمع الأهلي أم
المؤسسة الدينية أم المجتمع المدني،
وأي مزيج ممكن وصالح للتطبيق بين هؤلاء..؟ كيف نبني مؤسسات
السلطات المحلية وكيف نطورها لصناعة
مؤسسات الدولة فيما بعد. وكيف نعيد
بناء الدولة من الفوضى؟. أنا لا أجيب على سؤال
من سيحكم سوريا بعد الأسد الابن؟ أنا
أجيب على سؤال، أي نظام سيأتي بعد نظام
الأسد.. وكيف سنعيد بناء سوريا الدولة،
وهل هي فعلا قابلة للبقاء؟ أم سوف نشهد
خريطة سياسية جديدة في المنطقة يتصارع
فيها الجميع، وأي سلام واستقرار نرجو،
من دون مشروع بناء دولة اتحادية تعددية
موسعة، تضم كل مكونات المنطقة
وتنوعاتها، لكن لكي تنجح مثل هكذا دولة
على أنقاض الدول الفاشلة الشقيقة
المتجاورة في الشرق الأوسط، التي أنجز
فشله منها حتى الآن فقط كل من سوريا
ولبنان والعراق .. والحبل على الجرار ..
!!! ألا تحتاج المنطقة، إلى مشروع آخر
غير مشروع بيكو وسايكس، ألا نحتاج إلى
رؤية سياسية استراتيجية واضحة مقنعة
في الشرق الأوسط، في عصر العولمة
والدولة ما بعد القومية، ألا نحتاج
لفريق عمل مؤمن بها؟ أين أصدقاء سوريا
وجيرانها وأشقائها من هذا المشروع؟
وبعد أن فجرت الثورة السورية بقوتها
كامل نظام المنطقة، أين مفكري الثورة
من تطوير أهدافها وقيمها ومشاريعها
لتتجاوب مع متغيرات ليس نحن من فرض
وجودها .. في هذا السياق أعيد التذكير
بالمثل المعروف الذي يقول (من حفر حفرة
لأخيه وقع فيها). هم أرادوا خراب سوريا
والمنطقة، ونحن نريد إعادة بنائها من
دونهم، على أسس جديدة، نحن نعرفهم، وهم
يعرفون أنفسهم، ويعرفون ما اقترفت
أيديهم.. والله ولي المؤمنين. ' كاتب وناشط سوري ================= التحديات
وفرص النجاح أمام الأخضر الإبراهيمي باتريك سيل * الحياة الجمعة ٢٤
أغسطس ٢٠١٢ منذ نصف قرن، في عام
1962، حين كنتُ أعمل مراسلاً في الشرق
الأوسط لصحيفة الأحد البريطانية «أوبزيرفر»
علمتُ أنّ الجزائر أرسلت عقب
الاستقلال الذي نالته بصعوبة عن فرنسا
سفيراً إلى القاهرة، وأنّ الرئيس جمال
عبدالناصر وضع في تصرّفه أحد قصور
الملك فاروق. وكان هذا السفير يدعى
الأخضر الإبراهيمي. وبما أنني كنتُ
موجوداً في القاهرة حينها، قررتُ
الاتصال به. بدا القصر مهجوراً.
لم يكن أحد يقف عند باب المدخل. فدخلتُ
وسرتُ باتجاه الحدائق المؤدية إلى
المنزل الكبير على أمل أن أجد أحداً
هناك. ومن ثمّ رأيتُ شخصاً يعمل في أحد
أحواض الزهور. فسألته «أين يمكنني لقاء
السفير الإبراهيمي؟» فأجاب: «أنا
الأخضر الإبراهيمي». كان هذا لقائي
الأول وليس الأخير لحسن الحظ مع هذا
الرجل البارز. وتمكنت من إجراء
حوارات عديدة معه على مرّ السنوات حين
كان سفيراً في لندن في السبعينات من
القرن الماضي ونائباً لأمين عام
الجامعة العربية في القاهرة في
الثمانينات ووزيراً للخارجية في
الجزائر في بداية التسعينات وحين
اضطلع بمهام في لبنان وجنوب أفريقيا
وهايتي وأفغانستان والعراق. كما
استقبلني في منزله في باريس في عدّة
مناسبات. ما هو مفتاح شخصيته؟
إنها قناعته الثابتة بأنّ المفاوضات
وليس الحرب هي الطريقة الأفضل لحلّ
النزاعات بحيث يملك الشرق الأوسط حصة
كبيرة فيها. أظنّ أنه توصّل إلى
هذه الخلاصة بسبب المعاناة التي خبرها
بلده خلال نضاله على مدى ثماني سنوات
من أجل الاستقلال عن فرنسا من عام 1954
لغاية عام 1962، علماً أنه النضال الأكثر
مرارة من بين الحروب الحديثة ضد
لاستعمار. وتمّ ارتكاب كافة أنواع
الاعمال الوحشية في هذه الحرب الرهيبة.
وتشمل الارتكابات التي سُجّلت عدداً
من الأعمال الإرهابية ومن المجازر
القاسية ومن التعذيب البربري ومكافحة
التمرّد والقمع العنيف. وأطلق الطرفان
العنان للغرائز الشيطانية. فقُتل
حوالى 750 ألف جزائري وتهجّر نحو مليوني
شخص. كما خسرت فرنسا حوالى 25 ألف جندي.
وعقب الحرب، قتلت جبهة التحرير
الوطنية مئة ألف مسلم موالٍ لفرنسا.
وأسقطت الحرب جمهورية فرنسا الرابعة
وأعادت الجنرال ديغول إلى الحكم وأبقت
الجيش وقوى الأمن الجزائرية متجذرة في
الحياة السياسية في البلد لغاية اليوم.
ويعتبر البعض أنّ هذه الحرب شكّلت صدمة
لم تتمكن الجزائر وفرنسا من التعافي
منها بالكامل. ولا شكّ أنها تركت
آثاراً عميقة على تاريخ البلدين. يملك الأخضر
الإبراهيمي مزايا متعدّدة تجعله
مستعداً لمواجهة هذه المهمّة الصعبة
في سورية. أولاً، بما أنه رجل متحدّر من
منطقة المغرب العربي فهو ينظر إلى
المشرق المضطرب بنظرة غير متحيّزة.
بمعنى آخر، يمكنه التعامل مع النزاع من
دون أي مخزون عاطفي. ثانياً، يعرفه
القادة العرب حقّ المعرفة ويحترمونه
شأنهم شأن قادة القوى الخارجية
المعنية بشكل مباشر بالنزاع مثل
الولايات المتحدّة وروسيا وبريطانيا
وفرنسا وتركيا. فهذه الدول رحّبت
بتعيينه مبعوث الأمم المتحدّة للسلام.
ثالثاً، يملك عدد قليل من الأشخاص على
الساحة السياسية الدولية اليوم الخبرة
التي يتمتّع بها الابراهيمي للتوسط في
النزاعات في مختلف أنحاء العالم. لكن، هل يبدو الفرقاء
المعنيون بالنزاع السوري مستعدّين
لإبرام صفقة؟ هل يمكن أن تتفق
المجموعات التي تقاتل بعضها في
الشوارع على وقف استخدام أسلحتها
أقلّه لفترة قصيرة من الوقت من أجل
السماح ببدء المفاوضات؟ هل يمكن أن
يتوافق المنفيون المتخاصمون في تركيا
وفي امكنة اخرى على موقف مشترك
للتفاوض؟ هل يمكن جلب جماعة «الإخوان
المسلمين» إلى طاولة المفاوضات مع
النظام؟ هل يبدو الرئيس الأسد مستعداً
لتقديم تنازلات مؤلمة من شأنها وضع حدّ
لقيادته؟ من المرجح أن يخبر
الأخضر الإيراهيمي الفرقاء كافة بأنّ
وطنهم سورية وأمنه واستقراره ووحدة
أراضيه ومصلحة شعبه أكثر أهمية من
طموحاتهم وكراهيتهم الشخصية. فهذا ما صدر عنه في
أول بيان له بعد تعيينه مبعوثاً للأمم
المتحدّة «يجب على السوريين أن
يتكافلوا معاً كأمة واحدة بحثاً عن
صيغة جديدة. هذه هي الطريقة الوحيدة
لضمان عيش كافة السوريين بسلام مع
بعضهم بعضاً في مجتمع لا يقوم على
الخوف من الانتقام بل على التسامح. وفي
الوقت نفسه، يجب على مجلس الأمن ودول
المنطقة التوحّد معاً لضمان حصول
انتقال سياسي في أسرع وقت ممكن. يطالب
ملايين السوريين بالسلام. ولا يسع قادة
العالم أن يبقوا منقسمين بعد الآن غير
آبهين بصرخاتهم». يملك الأخضر
الإبراهيمي بضع أفضليات على سلفه كوفي
أنان الذي لم يحالفه الحظ، أهمّها
إدراك مختلف الفرقاء في النزاع أنّ من
غير المرجح أن يحقّق أيّ الطرفين
انتصاراً واضحاً وأنّ الحرب الطويلة
ستدمّر بلدهم ولا تخدم سوى إسرائيل. ولا يبدو النظام
السوري على وشك السقوط إلا أنه لا
يستطيع الفوز بسهولة في معارك الكرّ
والفرّ التي تنفذّها جماعات المعارضة.
ومع أن تسليح وتنظيم الثوّار اصبح أفضل
إلا أنهم بدأوا يدركون أنه لا يسعهم
الاعتماد على التدخّل العسكري
الخارجي، الأمر الذي خيّب آمالهم. ومن
دون هذا التدخّل، من غير المرجّح هزيمة
الجيش السوري. وبدأت واشنطن بدورها
تخشى من أن تتحوّل سورية إلى أفغانستان
أخرى في حال انضم المزيد من الجهاديين
إلى القتال. وآخر ما تريده الولايات
المتحدّة هو أن تجد نفسها في سورية في
الموقع نفسه مع تنظيم «القاعدة». بدأ قادة أساسيون في
المنطقة مثل الملك عبدالله بن
عبدالعزيز والرئيس المصري محمّد مرسي
والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد
يتحمّلون مسؤوليتهم المشتركة في وضع
حدّ للنزاع. حضر أحمدي نجاد القمة
الإسلامية الأخيرة التي عُقدت في مكة
المكرمة حيث حصل تبادل ودي للآراء بينه
وبين العاهل السعودي. وسيحضر مرسي الذي
كان موجوداً في قمة مكة مؤتمر دول عدم
الانحياز الذي سيُعقد في طهران اواخر
هذا الاسبوع، علماً أنها الزيارة
الأولى التي يقوم بها رئيس مصري إلى
إيران منذ الثورة. ونُقل أنّ الرئيس
مرسي اقترح أن تشكّل المملكة العربية
السعودية ومصر وتركيا وإيران مجموعة
اتصال لحلّ النزاع السوري عبر الحوار
والمصالحة. ويعد ذلك تطوّراً واعداً لا
سيّما أنّه يدل على أنّ القوى
الإقليمية الأساسية بدأت تُمسك بزمام
مصير منطقتها بعيداً من طموحات الخارج.
غير أنّها تواجه مهمّة صعبة بسبب
الطموح الواضح للولايات المتحدّة
وإسرائيل لتأكيد هيمنتهما الإقليمية. هذا هو الإطار الذي
يشكل تحدياً لمهمّة الأخضر الإبراهيمي.
ولكنه يجب أن يعطى فرصة للنجاح. * كاتب بريطاني مختص
في شؤون الشرق الاوسط ================= سورية:
فشل الديبلوماسية وحضور العنف إياد العبدالله
* الحياة الجمعة ٢٤
أغسطس ٢٠١٢ أضاع بشار الأسد
فرصاً كثيرة كان بإمكانه من خلالها
تجنيب البلاد المآل الذي وصلت إليه.
أول فرصة قدمها له الشعب السوري الذي
نزل إلى الشوارع منتفضاً عندما رد على
دعوة النظام للحوار ب «لا حوار مع
الدبابات». وحتى أشهر عديدة مضت من
الثورة، كان ثمة معارضون يميلون إلى
التفاوض مع النظام لأجل تحقيق انتقال
سلمي للسلطة بشرط أن يتوقف العنف
الممارس على التظاهرات السلمية.
مروراً بمبادرة كوفي أنان والتي لاقت
إجماعاً عليها وأعلن «الجيش الحر»
التزامه بها، لكن النظام لم يفعل على
رغم ترحيبه بها. فلا الأسلحة الثقيلة
سحبت ولا وقف لإطلاق النار حصل، ولم
يطلق سراح المعتقلين، ومواجهة
التظاهرات السلمية بالعنف استمر.
الأمر الذي دفع أنان إلى إعلان موت
مبادرته وتقديم استقالته من المهمة
الموكلة إليه. وهو ما أثر في صدقية
الأمم المتحدة التي ستظهر بمظهر
العاجز عن التدخل في مجرى الأحداث
وإيقاف نزيف الدم، وخصوصاً بعد الفشل
المتكرر في مجلس الأمن باتخاذ قرار
بإدانة النظام السوري وفرض عقوبات
عليه، بسبب الفيتو الروسي والصيني.
وعلى رغم وضوح الخيار الذي اتخذه
النظام في مواجهة الأوضاع في البلاد،
فإن المبادرات لم تتوقف، آخرها كان
مبادرة الدوحة التي جاءت عقب اجتماع
المجلس الوزاري للجامعة العربية أواخر
الشهر الماضي، والذي تعهد بأمان الأسد
وعائلته مقابل تخليه عن السلطة. تنطلق
هذه المبادرة ربما من تقديرات ووقائع
عدة، أولها أن السبيل الوحيد لوقف
العنف في سورية وإنهاء الأزمة فيها
ومنعها من الانزلاق إلى حرب أهلية
طاحنة، لن يكون إلا من خلال تنحي
الأسد، وهذا أمر قرره ثوار الداخل بعد
أشهر قليلة على قيام الثورة. بالنسبة
للديبلوماسية العربية ولبعض النخب
المعارضة يمكن لهذه المبادرة، على
علاتها لما ستؤمنه للأسد من حماية، أن
تكون قادرة على إنقاذ البلاد. تستند
هذه المبادرة أيضاً على بعض وقائع
المواجهات الحاصلة على الأرض، وخصوصاً
ذلك التصعيد الذي حصل بعد استهداف خلية
الأزمة ومقتل أبرز عناصرها. ثمة تقارير
حول سيطرة المعارضة المسلحة على
النسبة الأكبر من الأرض السورية، وعن
انشقاقات متزايدة في الجيش وفي كوادر
الديبلوماسية السورية، وبأن معنويات
الجيش السوري في تراجع مستمر، وخصوصاً
لأن «معركة دمشق» كانت قد بدأت، ودخلت
مدينة حلب وريفها على خط المواجهات. لقد راهنت المبادرة
على احتمال أن يكون الأسد ومن حوله قد
تحسسوا اقتراب الخطر منهم، وقد تساهم
هذه المبادرة في دفعه، أو من حوله،
لحسم الأمور في اتجاه تنحيته عن السلطة.
سيقابل النظام السوري هذه المبادرة
بالرفض أيضاً. لقد أغفلت هذه المبادرة
جوانب عدة، منها أن الأسد لا يحكم وحده.
ثمة فئة من الضباط والشخصيات تشكل
مجتمعة مع الأسد، النظام السوري. وقد
تورطت بعد قيام الثورة إلى درجة أنها
حسمت خيارها في استمرار المواجهة.
إضافة إلى أن النظام لم يفقد حتى الآن
بعض أوراقه الداعمة. روسيا وإيران ما
زالتا داعمتين للنظام. وعدا عن أن
روسيا تقف حاجزاً أمام محاصرة النظام
من خلال مجلس الأمن، إنها عبر دعمها
المستمر تنزع شعور العزلة عن نظام
الأسد، وربما تعزز فيه الإيمان بقدرته
على حسم الأمور لصالحه. الموقف الغربي
المناهض لنظام الأسد هو موقف متردد
وخصوصاً بعد أن أحرجته استقالة كوفي
أنان وبدا أنه لا يمتلك بديلاً لها. لقد ظهر بشكل جلي،
ومنذ شهور مضت، أن الغرب ودول الجوار
تنأى بنفسها عن أي تدخل عسكري في سورية.
كما أن الغرب حذر في قضية تسليح الجيش
الحر بحجج مختلفة، منها أن السلاح لن
يزيد الأمور إلا تعقيداً ومزيداً
للعنف، ومنها تخوفه من أن يذهب هذا
السلاح إلى أيدي الإسلاميين. ما سبق يعني أن
السوريين تركوا ليواجهوا مصيرهم
وحدهم، في مواجهة نظام راهن منذ
البداية، ولا يزال، على أن العنف هو
رافعة بقائه واستمراره. ويعني أيضاً أن
لا مكان للديبلوماسية في تقرير مصير
الصراع الحاصل، أو أن مجال هذه
الديبلوماسية قد ضاق إلى حد كبير في
أحسن الأحوال؛ بل إن العنف والصراع
المسلح هو من سيقرر مستقبل البلاد. وهو
أمر يضع على كاهل المعارضة السياسية
المنقسمة والمفككة والجيش السوري الحر
الذي ما زالت هويته غير واضحة المعالم،
مسؤوليات كبيرة ستشكل الامتحان الأولي
فيما يخص مستقبل البلاد. على الجيش
السوري الحر أن يضمن الأمن والأمان في
المناطق التي يسيطر عليها، وأن يمنع
عمليات الانتقام وردود الفعل واحترام
خصوصيات السكان والمساعدة على إعانتهم.
كما ينبغي على المعارضة السياسية أن
تكون على مستوى هذه الأحداث وأن تبتعد
عن الهرج الذي ساد مؤخراً حول هستيريا
تشكيل الحكومات في المنافي، فهذا أمر
سابق لأوانه. الأمر المطلوب الآن
هو أن تتجاوز حساسياتها التي جعلت
أداءها هزلياً، وأن تضع تصوراً
لمستقبل البلاد وإدراتها يقوم على بث
شعور الطمأنينة في نفوس السوريين
ويضمن عدم ذهاب البلاد إلى الفوضى
الشاملة ويحفظ وحدتها. وعلى الأرض،
عليها التعاون مع الجيش الحر وكوادر
محلية من أجل إعادة الحياة إلى المناطق
التي خرجت عن سيطرة النظام، عبر إحياء
المرافق العامة وإعادة الاعتبار
للإدارات المدنية بما يضمن تأمين الحد
الأدنى من متطلبات العيش للسكان. ================= وليد شقير الحياة الجمعة ٢٤
أغسطس ٢٠١٢ ليس من شيء يبرر قبول
الديبلوماسي العربي – الدولي المحنك
الواسع التجارب والخبرة، الأخضر
الإبراهيمي، بمهمة الممثل الخاص
للأمين العام للأمم المتحدة في
المساعي للتوصل الى حل للأزمة
السورية، سوى أنه تلقى إشارات ما أو
لديه قراءة بأن هذه الأزمة على طريق
الإنضاج. والأكيد أنه لا يريد أن تأسره
المعادلات التي عطلت سلفه كوفي أنان
وقادت الى استقالته من المهمة، وإذا
كان من عثرات أو أسباب موضوعية أو
مقاربات قاصرة أو آليات غير فعالة قد
اعتمدت في زمن أنان، من الطبيعي أن
يتجنبها. وبين تاريخ إعلان
أنان رغبته (في شهر تموز/ يوليو) في عدم
تجديد مهمته، والتي انتهت أول الشهر
الجاري، وبين تاريخ بدء مهمة
الإبراهيمي رسمياً أول شهر أيلول (سبتمبر)
المقبل، حصلت تطورات مهمة، ربما تكون
ساهمت في إقناع الموفد الجديد بأن يقبل
المنصب بعد تردد لبضعة أيام، نظراً الى
علمه بالصعوبات التي واجهها سلفه. لم تشهد المعطيات
الدولية والإقليمية والسورية
الداخلية تبدلات جذرية بين التاريخين،
لكن الأكيد أن البيئة السياسية التي
سيتحرك فيها الإبراهيمي شهدت نقلات
جديدة كالآتي: 1 – الفيتو الروسي
الصيني الثالث في مجلس الأمن على
استصدار قرار يدعو الرئيس بشار الأسد
الى التنحي ويدين استمرار النظام في
استخدام العنف، أدى بالدول العربية
والغربية الى مرحلة جديدة من العمل من
خارج مجلس الأمن، وبالتالي الى صدور
قرار عن الجمعية العمومية للأمم
المتحدة أيدته 133 دولة وعارضته موسكو
وبكين، بتركيز الجهود على السعي «لانتقال
سياسي» في سورية بدل اعتماد عبارة «العملية
السياسية» التي وردت في قرار الجمعية
العمومية السابق في الربيع الماضي
والذي انطلقت مهمة أنان على أساسه.
وشمل «العمل من خارج مجلس الأمن» تقديم
مساعدات مختلفة الى المعارضة السورية،
على محدوديتها، شملت تمويل بعض الدول
العربية تسليحاً ولو جزئياً - للمعارضة
وتقديم الدول الغربية ما تسميه
مساعدات عسكرية «غير قاتلة» مثل وسائل
الاتصال المتطورة والمناظير الليلية...
إلخ. وشمل أيضاً تعليق عضوية سورية في
منظمة التعاون الإسلامي في قمة مكة...
إضافة الى مزيد من العقوبات على أشخاص
وكيانات تابعة للنظام السوري. 2 – في وقت كان أنان
يسعى الى إقناع دول الغرب بأن تكون
إيران جزءاًُ من الحل في سورية، مقابل
رفض هذه الدول لهذا الخيار لاعتقادها
بأن طهران هي الحامي الأول والأخير
لنظام الأسد، تراجع الحديث عن إدخال
طهران في بازار أي تسوية في سورية الى
أقصى الحدود. بل ان الجانب الإيراني
واجه ما يشبه العزلة في مؤتمر مكة
الإسلامي من دون أن ينجح في تجييش أي من
الدول الى جانب موقفه المعارض لتعليق
عضوية سورية، بما فيها لبنان (والعراق)،
الذي لم يستطع الخروج عن مبدأ الانسجام
مع الإجماع العربي. وفيما كان السعي
لإشراك إيران في جهود الحل في سورية
واحداً من أسباب الخلاف بين دول كبرى
وبين أنان، بات المشهد إزاء الدور
الإيراني مختلفاً مع تبوّؤ الإبراهيمي
المهمة. 3 – الأهم في النقلات
التي شهدتها البيئة التي سيتحرك فيها
الموفد الدولي – العربي الجديد، هو
التطورات الميدانية في سورية نفسها:
تفجير خلية الأزمة في مبنى الأمن
القومي في دمشق ومقتل 4 من أركان
النظام، وقبله انشقاق صديق الأسد،
العميد مناف طلاس، ثم بعده انشقاق رئيس
الوزراء رياض حجاب والعديد من أصحاب
الرتب العالية في الجيش، والمصير
الغامض لنائب الرئيس فاروق الشرع
وحصول انشقاقات عدة لديبلوماسيين، ثم
بدء المعركة في كل من دمشق وحلب، والتي
ما زالت مستمرة مع مزيد من الوحشية
والدموية والشراسة في سلوك النظام
ومؤيديه، بحيث لم يعد ممكناً التركيز
على «الديبلوماسية الحيادية» التي قضت
بدعوة الطرفين، النظام والمعارضة، الى
وقف العنف، والتي لجأ اليها الوسيط
الدولي من أجل إقناع الأسد بأن يوقف
عملياته العسكرية. وفقدان المجتمع
الدولي الأمل بإمكان إقناع الأسد بوقف
القتل استوجب قرار انهاء مهمة
المراقبين الدوليين. صحيح أن نقاط أنان
الست لإطلاق «العملية السياسية» كانت
تفترض في نهاية المطاف تنحي الأسد، كما
جاء في مقاله في «فايننشال تايمز» وهو
يهم بالمغادرة، لكن الصحيح أيضاً أن
الإبراهيمي لن يلقى تجاوباً من الأسد
في سعيه الى تحقيق انتقال سياسي نحو
نظام ديموقراطي لا يعني سوى تسليمه
السلطة لمعارضيه، على رغم مناوراته
المعهودة بالترحيب بتعيين الإبراهيمي.
والأرجح أن هذا ما يدفعه الى خفض
التوقعات في شأن ما يأمله من مهمته، هو
الحَذِر أصلاً، والذي يفضل العمل على
نار هادئة في ظل الأجواء الحامية. إلا أن البناء على
النقلات التي حصلت خلال الأسابيع
الماضية، إذا استمرت في التوالد
والتطور، قد يتيح للإبراهيمي أن يركز
مع القوى الكبرى التي أجمعت على
تكليفه، على إعادة بناء النظام
السياسي في سورية في مرحلة ما بعد
الأسد عندما يحين وقت رحيله. ================= من
ميشال سماحة إلى آل المقداد... والمثال
كترمايا سامر فرنجيّة * الحياة الجمعة ٢٤
أغسطس ٢٠١٢ أُغلقت دائرة العنف
على نفسها، ولم يعد يخرق منطقها أي
شيء، قد يوقف الانحدار إلى العنف أو
حتى يخفف من حدته. منسوب التماثل بين
أصحاب القتل بلغ ذروته، ساجناً
الأفرقاء المتخاصمين في دوامة القتل
والقتل المضاد. فقطع الطريق الحدودية
مع سورية من قبل شبان من مجدل عنجر جاء
رداً على قطع طريق المطار من قبل شبان
من الضاحية، الذي بدوره كان رداً على
خطف لبنانيين على يد مجموعات في سورية،
وهو الرد على موقف أمين عام حزب الله
الداعم للنظام البعثي وقمعه، الذي جاء
رداً على الثورة السورية، في دوامة لا
تنتهي إلّا بالعنف. دوامة العنف تساوي
الفروقات لتلغيها. فعلى رغم الخطف
المتبادل، لم يعد هناك فارق بين مجموعة
وأخرى. فالخطاب ذاته، والتذاكي نفسه،
والصورة متشابهة، والأسماء قابلة
للتبادل. المسافة بين أبو إبراهيم
وماهر المقداد أقرب بكثير مما
يتخيلان، هما الكومبارس في مسرحية عنف
لا يسيطران عليها، على رغم كل فظاظتهما
وتذاكيهما. أصاب دوران العنف
لبنان، العالق بين مطرقة أيديولوجية
الممانعة العنفية وسندان المجتمع
المهترئ، لكي يعمق حالة اللامبالاة،
أو «السينيكية»، التي تنخر تركيباته
الاجتماعية. هذا التزاوج بين العنف
واللامبالاة جعل من الوقاحة أسلوب
تخاطب مقبولاً، فلم تعد تردعه أية
حواجز اجتماعية أو علاقات إنسانية. في حربه على التباس
النظام السياسي اللبناني، رفع حزب
الله وحلفاؤه الوقاحة والفضيحة
الرخيصة إلى مرتبة الفلسفة السياسية،
مفجراً المكبوت العنفي، الذي ناضل ضده
هذا النظام، وإن كان بطرق قد لا تعجب
الكثيرين. في هذا المجتمع
السينيكي - الوقح، لم تعد هناك مؤمرات
تُفضح أو حقائق تُكشف أو عيب يُقمع. لم
يعد للفروقات السياسية معنى، أو
للمؤسسات فعل، أو للأخلاق مكان. إنه
انحدار كامل، يطاول السياسة والفن
والفكر وحتى الحياة. علاقة الحقيقة
والأيديولوجية، التي بنى عليها الفكر
السياسي إحدى دعائمه، انتهت، ليرسو
مكانها وضع منحرف في صراحته، لا ينفع
فضحه لأنه أصبح علنياً. فانكشف المستور
وزال الالتباس لتطفو على السطح تعاسة
هذا المجتمع، بوقاحة لم يعد للرأي
العام أو الدولة أو حتى الأخلاق قدرة
على لجمها. في هكذا وضع، يذوب المجتمع
ليعود شللاً مسلحة لا تفهم إلّا لغة
العنف البدائية. فالكلام يفقد معناه
والحجج جدواها، ويتحوّل التواصل إلى
مجرّد «حربقة» عنفية، تفتقد الحد
الأدنى من العقلانية. عدنا إلى ما وصفه
الفكر السياسي ب «الحالة الطبيعية»،
معززة بحداثة اليوتيوب وأيديولوجيات
المقاومة. ظهرت تلك الوقاحة
والسينيكية في قضية ميشال سماحة،
النائب والوزير السابق المتّهم
بافتعال نعرات طائفية من خلال زرع
عبوات في مناطق لبنانية معينة. غير أن
فضح تلك المؤامرة، الكفيل في مجتمعات
طبيعية بتغيير بنية النظام بأكمله،
مرّ مرور الكرام لدى تحالف الوقاحة،
الذي لم يجد أفضل من الاستنكار لطريقة
التوقيف، أو المحاولة الخبيثة لتبرير
هذا الحدث باسم الحرب المفتوحة. وخير
دليل غمغمة الكاتب والشيوعي اللبناني
سعدالله مزرعاني، الذي استنتج من كشف
هذا المخطط أن ميشال سماحة «ضحية
بالدرجة الأولى. إنه ضحية الامتيازات
والتمييز والاحتكار والمحاصصة
والتهميش والأنانية والتنكر للمقاييس
والمعايير السليمة والعادلة والوطنية.
إنه ضحية نظام يكاد يذهب باللبنانيين
وببلدهم جميعاً على مذبح المصالح
الفئوية والانقسامات المدمرة
والغرائز الجاهلية» (الأخبار، ١٧/٠٨/٢٠١٢).
هكذا، يتحول التنظير إلى مجرّد غطاء
للقتل، مساوياً بين مساوئ النظام
اللبناني وزرع القنابل. والفارق بين
الضحية والبطل خيط رفيع، بسهولة يسقط
فيه المرء. يبدو يوماً بعد يوم
أن الفضيحة الفعلية ليست في المخطط
الذي كان يدبر، بل في فقدان «رفاق
السلاح» تلك المهنية التي سمحت لهم
بالإفلات من أي عقاب على مدار السنين.
نُبذ سماحة - الشخص، لقلة مهنيته،
واستمرّ سماحة - المخطط في أشكال
مختلفة. اكتشاف مؤامرة
كمؤامرة سماحة يؤدي في مجتمع
اللامبالاة إلى الوقاحة، وليس إلى
العيب. وقد تجسدت تلك الوقاحة في
اختراع «الجناح العسكري لآل المقداد»
الذي جاهر علناً بالخطف والتهديد
الطائفي، مقدماً نفسه كوجه علني
للمؤامرة والحرب المقبلة. ففي هكذا
وضع، لا داعي لإرسال متفجرات في صندوق
سيارة نائب ووزير سابق لإشعال فتن، إذ
البعض يقدم نفسه طوعاً للقيام بالدور
نفسه، متلطّياً بهذه البنية التي تمّ
استحداثها وتحديثها، أي العشائر،
ومدافعاً عن بشار الأسد في اللحظة
ذاتها التي يقصفه فيها. وما يدفع
الاستهانة بالعقول إلى حدودها القصوى
تلك الضحكة الخفية على وجه ممثل الشق
المدني لآل المقداد، ضحكة من يعلم أنه
يخترق جميع حدود الحياء وما من أحد
يردعه. التفجير الحالي
للوضع في لبنان لن يأتي كما كان مخططاً
له، من خلال متفجرات تزرع في الليل لكي
تغذي الأحقاد الطائفية، بل على يد
أجنحة عسكرية وألوية مستحدثة وقطاع
طرق، لم يعودوا مضطرين حتى إلى إخفاء
نياتهم. المطلوب عنف، ولا حاجة لتغطيته
بشعارات المشاركة أو المقاومة أو
الكرامة. والتصاريح التي أطلقت في أيام
الاختطاف (عفواً الاستضافة) التي يمرّ
بها لبنان، تعبّر عن هذا المطلب الدفين
للعنف، في مزجها للعداء الكامل حيال
الداخل والخارج بأعذار وتحليلات
ومطالب حتى مطلقها غير مقتنع بها. إنه
العنف من أجل العنف، لا مبرر له ولا
غطاء له، عنف صاف، كالذي هدد به حزب
الله المجتمع اللبناني على مدار
السنوات السبع الأخيرة، والذي أفلت
منه اليوم (هذا إذا أفلت منه حقاً). لهذا العنف تاريخ،
وهو ليس التاريخ المجرّد للطوائف الذي
يُفسّر كل شيء ولا شيء في آن، أو تاريخ
المؤمرات، الوهمية والحقيقية. إنه
تاريخ تحالف الحقد والوقاحة بقيادة
حزب الله الذي رفع العنف إلى قيمة بحد
ذاتها، وأراد منه أن يكون بديلاً عن
المجتمع الضعيف والركيك. وهذا العنف هو الابن
الشرعي لزواجين: الأول بين العصبية
الطائفية وتنظيرات الممانعة، التي
تبرع بها بعض اليساريين، ممن وصل بهم
حقدهم الأبله إلى درجة تبرير الإجرام،
مقدمين وجهاً مقبولاً للعنف. أما
الثاني، فهو خليط من حالة الضعف
العميقة والمتزايدة من جهة وجنون
العظمة الكوني والمتزايد أيضاً، وهو
خليط لم يعد يستوعبه إلّا العنف
المفرط، العنف المجاني، العنف كمخرج
انتحاري من هذا المأزق. هذان الزواجان
كفيلان بالإخلال بأي عقل وضرب أي مجتمع.
ولا شيء يعبر عن هذا التناقض وعنفه
أكثر من هذا الهوس بإغلاق طريق المطار،
وهو ما لا معنى له إنما يراد منه أن
يكون ذا أهمية استراتيجية، بحيث تطلق
منه مواقف إقليمية ودولية. إغلاق طريق المطار هو
بطولة من لم يعد لديه شيء آخر. إنه
المكان الأخير لاستعراض عنف لا يطاول
إلّا الذات. تراجيدية الحرب
المقبلة ليست في قسوتها أو المآسي التي
ستأتي بها على الجميع فحسب، بل في
سخافتها أولاً. فلسوف يموت الكثيرون
ليس لأجل المقاومة أو السيادة أو حق
المسيحيين أو غير ذلك من الشعارات، بل
فقط لأن هناك حزباً شرّع العنف
وتحالفاً شرّع الوقاحة. إنها حرب سخيفة
بسخافة «الجناح العسكري لآل المقداد»،
لا تملك حتى الآمال المغلوطة
للسبعينات، إذ تعانق مباشرة بؤس
الثمانينات. فإذا كان للحرب
الأولى من مكان رمزي فهو عين الرمانة
وبوسطتها الشهيرة. أمّا الحرب
المقبلة، فرمزيتها في مكان آخر، في
كترمايا وعنفها الخبيث والمجاني.
فليبدأ موسم السحل. * كاتب لبناني ==================== غسان شربل الخميس ٢٣
أغسطس ٢٠١٢ الحياة ماذا يبقى من سورية
حين يتكرس شغور مقعدها في الجامعة
العربية ويعتاد العرب على غيابها؟
وحين تعلق عضويتها في منظمة المؤتمر
الاسلامي ولا تنجح مشاركة الرئيس
محمود احمدي نجاد في تجنيبها هذا
القرار؟ وحين تحاصرها الجمعية العامة
للامم المتحدة ب 133 صوتاً وتطالبها
ببدء انتقال سياسي للخروج من محنتها؟ ماذا يبقى من سورية
حين يغادرها خالد مشعل يائساً من قدرته
على اقناع سلطاتها بأن الحل سياسي وليس
امنياً وان ما يجري ثورة وليس ارتكابات
عصابات مسلحة؟ وحين يخسر محور
الممانعة الضلع السني الوحيد الذي كان
يوصله الى قلب غزة وقلب النزاع
الفلسطيني - الاسرائيلي؟. ماذا يبقى من سورية
حين يجرؤ جهاز امني لبناني على اعتقال
الوزير السابق ميشال سماحة بعد ضبطه
متلبساً بنقل عبوات ناسفة؟ وحين
تتداول وسائل الاعلام اللبنانية
معلومات عن ان سماحة تسلم البضاعة من
ارفع مسؤول امني سوري؟ وحين يعلن
الرئيس ميشال سليمان انه ينتظر
اتصالاً من نظيره السوري؟ وحين يضطر
العماد ميشال عون الى الصمت المعجون
بالندم لأن سماحة كان منسق علاقته مع
دمشق وجذور مار مارون وتحالف
الاقليات؟ ماذا يبقى من سورية
حين تنهال دبابات الجيش على احياء في
دمشق التي كانت اكثر عواصم المنطقة
امناً واستقراراً؟ وحين تلتهم المدافع
ما تبقى من جدران متفحمة في حمص؟ وحين
تنقض الطائرات لتدمي حلب او لتشطب قرية
من هنا واخرى من هناك؟ ماذا يبقى من سورية
حين يتكدس ابناؤها لاجئين في مخيمات في
الاردن؟ وينتظرون الحصص الغذائية في
خيام في تركيا؟ او يقيمون في شمال
لبنان وبقاعه وعاصمته موزعين بين
الحزن والخوف لأسباب كثيرة؟ ماذا يبقى من سورية
حين يقال ان الازمة الانسانية فيها هي
من بين الاسوأ في العالم؟ وان مليونين
ونصف مليون شخص بحاجة الى مساعدة
انسانية عاجلة؟ وان مليوناً و200 الف
اجبروا على ترك منازلهم؟ وان اعمال
القتل المروعة صارت مشهداً يومياً
وعادياً؟ وان العثور على جثث بلا رؤوس
لم يعد حدثاً او خبراً؟ ماذا يبقى من سورية
حين يسارع البعثيون الى الفرار من
الارياف هرباً من هجمات العمال
والفلاحين الذين كانوا يدعون تمثيلهم
والتحدث باسمهم؟ وحين ينشق آلاف
الضباط والجنود ويغسلون ايديهم من
جيشهم على شاشات الفضائيات؟ وحين
يرتكب «الشبيحة» ما تخجل العيون من
مشاهدته؟ ماذا يبقى من سورية
حين تصطاد متفجرة كبار حراس الهيكل في
معقلهم؟ وحين يوافق بعثي منضبط على
تولي حقيبة رئاسة الوزراء ليبدأ على
الفور ترتيب رحلة انشقاقه؟ وحين ينشغل
العالم باستطلاع حقيقة من قتل ومن انشق
ومن يستعد للقفز من السفينة؟ وماذا يبقى من سورية
حين يصبح مستقبلها مرهوناً بقرار
فلاديمير بوتين والمرشد الايراني
والسيد حسن نصرالله وتفهم رئيس
الوزراء العراقي بعد ان كانت لهؤلاء
حليفاً ثميناً وورقة رابحة او عمقاً
استراتيجيا؟ وحين تفتح خريطة سورية
هنا وهناك ويجري الحديث عن خرائط صغيرة
وجزر مذهبية واستحالة العودة الى ما
كان؟ وحين يستبيح حدودها مقاتلون
جوالون يشكل وجودهم على ارضها مشكلة
جدية للمعارضة ومأساة مقبلة للبلد؟ لم يعد سراً أن سورية
التي نعرفها انتهت. سورية الأمن المفرط
والاستقرار الصارم. سورية اللاعب الذي
يحرك اوراقه خارج حدوده. سورية التي
تمتلك حق النقض في الموضوعين
الفلسطيني واللبناني. سورية المؤثرة
في استقرار العراق والاردن وتركيا.
ذهبت تلك الصورة. أغلب الظن أن سورية
ستغرق في حرب أهلية بلا رحمة. وأن
نسيجها الوطني سيزداد تمزقاً. وأنها
حين تخرج من موسم القتل الطويل ستخرج
مدماة وضعيفة ضائعة بين الصراع القاتل
بين السوريين والتنافس الاقليمي
والدولي الشديد على رسم مستقبل الملعب
السوري. سيرزح اللاعب السوري طويلاً
تحت جروحه. كأننا في وداع سورية
التي نعرف. ومن عادة سورية ان تترك
بصماتها على ملامح الاقليم سواء كانت
قوية أم مريضة. ================= مقاربة
الحل السوري من المنطقة وليس من الخارج عبدالرحيم صابر
* الخميس ٢٣
أغسطس ٢٠١٢ الحياة في اجابة مختصرة حول
قبوله بالمهمة الصعبة -إن لم نقل
المستحيلة- في سورية، رد السياسي
المخضرم الاخضر الإبراهيمي على سائله
حول توليه مهمة ممثل الأمين العام
للأمم المتحدة والجامعة العربية في
سورية، وابتسامته المعهودة على محياه:
«ربما لأنني مجنون، كما قال السيد كوفي
أنان» المبعوث السابق. ثم أضاف بجدية
الديبلوماسي، أن عدم المحاولة وترك
الأمور على ما هي عليه في سورية، ربما
تعتبر أكثر جنوناً وعبثية من
المحاولة، لذا علينا أن نحاول عمل شيء. من دون شك أنه لن يقبل
بمهمة كهذه، تميزت -في ما تميزت-
بانقسام دولي يعيد الى الأذهان سني
الحرب الباردة، وانقسام إقليمي يحاول
اللاعبون فيه اعادة تركيب الرقعة
الإقليمية وفق معطيات محددة. ولا محالة
ستكون مهمة الإبراهيمي، كمهمة سابقه
كوفي أنان، شبه مستحيلة، مع تمترس كل
الأطراف، الدولية والإقليمية، كما
النظام السوري و «المعارضات» السورية،
بمواقعها وتشبثها بمواقفها. حاول النظام السوري
منذ البداية اللعب على هذه التعقيدات
واختلافات وجهات النظر، طامحاً في بعض
الأوقات إلى إنهاء المعارضة السلمية
والعسكرية أمنياً وعسكرياً. لم يفطن
النظام إلى أن هذه المعارضة باقية بقوة
وشرعية مطالبها، وأن المقاربة الأمنية
لن تزيدها إلا إصراراً على الاستمرار.
نجح عنف النظام الممنهج أخيراً في
تحويل المعارضة عن مسارها السلمي، ومع
الوقت أخذت طابعاً مسلحاً وأكثر
راديكالية في المواقف والمطالب، فسقف
المطالب لم يُرفع، لكنه نسف، ومعه
تغيرت المعادلة، وأضحى كل طرف يبحث عن
الضربة القاضية بدل الحلول المزمنة
والمسار السياسي الدي يتيح امكانية
التغيير المطلوب من دون فقدان السيطرة
على الموقف. دخلت سورية اليوم الى
منطقة ما يطلق عليه الانتحار الجماعي (zero sum game). لم يستفد النظام مند
البداية من «الثورات» العربية في كل من
تونس ومصر، ولم يحاول الإصغاء بجدية
إلى مطالب الشعب، فبدل الدخول في حوار
جدي مع شعبه حول مسار سياسي مقبول
للتغيير، تمادى في المقاربة الأمنية،
رافضاً حتى الاعتراف بهذه المطالب.
احتكر النظام الرأيَ والصورة، وعمل
على سياسة التعتيم الإعلامي. فرض الرأي
الواحد والمضلل. وبعد شهور وجد أن هذا
التعتيم خدم أكثر المعارضة وجهات أخرى
ذات مطامع أخرى. هذه الأخطاء أبانت
هشاشة النظام وعدم جاهزيته للتغيير.
استمر في التحايل على مطالب شعبه
المشروعة. المعارضات السورية
في الداخل والخارج كذلك تفتتت أكثر،
وأبانت عدم نضج وانضباط سياسي. أضحت
جليةً هرولة بعض المعارضات للخوض في
السياسة الخارجية للنظام المقبل،
محاولة إرضاء بعض المواقف الغربية،
نصبت نفسها ناطقاً باسم كل السوريين
وهرولت إلى تشكيل حكومات سابقة
لأوانها. صار مبدأ الغاية، والتي هي
الإطاحة بالنظام، الذي تبرره أي وسيلة
تتخدها هذه المعارضات، هو القاعدة. لم
تصل حتى للمّ شملها والاتفاق على رؤية
موحدة لسورية المستقبل، ولو على الأقل
لمسار سياسي يطمئن كل السوريين وليس
طرفاً واحداً منهم. أصبحت هذه
المعارضات رهينة جهات متعددة ممولة
لكل طرف، وبهذا خدلت الشعب السوري. كما أضحت مصالح
جيواستراتيجية ضيقة، بالمقارنة مع ما
يتكبده الشعب السوري من عنف وعنف مضاد
ومن اعمال قتل يومية، تتحكم في الرؤى
الدولية والإقليمية، وكان الخاسر
الأكبر في هذه الحسابات والمقاربات هو
الشعب السوري، الذي خرج إلى الساحات
منذ 17 شهراً في تظاهرات سلمية مطالباً
بالتغيير. جاء كوفي أنان على
الرغم من كل هذه التحديات، محاولاً
إيجاد مسار سياسي يمهد إلى تغيير حقيقي
في سورية يحد من هذا الانتحار الجماعي
ويعبّد الطريق نحو التغيير، لكن عمله
كان محكوماً عليه منذ الوهلة الأولى
بالفشل، فلا النظام ولا المعارضات
كانت مستعدة لقبول الحوار، ناهيك عن
المجتمع الدولي والإقليمي، الذي ظل
متشبتاً بمواقفه الرافضة كل الحلول
إلا الحلول التي تخدم مصالحه. مبدأ
الحوار يعني القبول بالاختلاف في
الرؤى والعمل على الدخول في مفاوضات،
صعبة من دون شك لكنها ضرورية لإنقاد
البلد. مبدأ الحوار يعني خروج كل طرف عن
مواقف مطلقة (Maximalist
positions) والعمل على إيجاد
صيغة مقبولة للدخول في مسار سياسي يأتي
بالتغيير المنشود شعبياً. لم تأت كل
الأطراف السورية والدولية، كما
الإقليمية بحلول، ظل الكل متشبثاً
برؤى كلية ترفض أي تغيير في المنهج لا
في المبادئ. وهكذا استمر الخطاب الدولي
أجوف، لم يأت بجديد إلا اتهامات أطراف
لأطراف أخرى، خارج اللياقة
الديبلوماسية، وعبر وسائل الإعلام،
بالانحياز لهذا الطرف أو ذاك لخدمة
سياسات محلية لا علاقة لها بالأزمة
السورية. هذه إذاً هي الأرضية
التي يجدها الأخضر الإبراهيمي اليوم،
أرضية محفوفة بألغام ومخاطر، وغير
مبشرة بخير، وهو العارف بالمنطقة
وبساسة المنطقة أكثر من غيره. إلا أن
زعزعة المواقف ربما لن تأتي من الغرب،
فالولايات المتحدة غارقة في
الانتخابات الرئاسية، ولن تذهب أبعد
من الخطابات وتحميل المسؤولية للروس،
والروس لن يتخلوا عن دعم النظام. أما
الدول الأوروبية الغارقة في أزمتها
الاقتصادية، فلن تدخل في أي مغامرة
عسكرية على الطريقة الليبية. الحرب
القائمة الآن في سورية هي حرب استنزاف
أكثر منها حرب تغيير نظام، فلا النظام
يستطيع أن ينهي المعارضة المسلحة ولا
المعارضة تستطيع أن تنهي النظام، لكن
الطرفين يساهمان في دمار شامل للبلد.
إذن، ربما الطريق الوحيد الذي من
الممكن أن يساهم في زعزعة المعادلة من
مكانها، هو مقاربة اقليمية تلعب فيها
دول المنطقة الرئيسية، المملكة
العربية السعودية وتركيا والجمهورية
الإيرانية، دوراً أساسياً، آخدين بعين
الاعتبار مصالح مشتركة من الممكن أن
تساهم في إنهاء الحرب الأهلية السورية
وتمهد الطريق لتغيير ضروري لكن مدروس
ومقبول من كل الأطياف السورية. الحل لا
محالة في المنطقة وليس خارجها. ================= النظام
يرتاب بمهمة الإبراهيمي... كذلك
المعارضة الخميس ٢٣
أغسطس ٢٠١٢ عبدالوهاب
بدرخان الحياة أي مبادرة أو وساطة
من النوع الذي طرحه الرئيس المصري
الجديد على القمة الاسلامية كان ليكون
مجدياً - نظرياً - مع بدايات الانتفاضة
الشعبية في سورية وليس الآن. قبل
ثمانية عشر شهراً كان لا يزال «مفهوماً»
أن يقصد وفد عالي المستوى دمشق لمناشدة
رئيس النظام، باسم العالم الاسلامي
وقيم الاسلام، وقف القمع الدموي
والجنوح الى السلم الأهلي. ففي ذلك
الوقت، لم يكن حتى أكثر عارفي النظام
قادرين على تشخيص طبيعته وحقيقته بأنه
مجرد آلة للقتل استطاعت أن تتنكّر
لبضعة عقود بباقة من الشعارات
الفارغة، من عروبة وقومية الى مقاومة
وممانعة، أما اليوم فباتت وحشيته
مشهورة «كونياً» ولم يعد قادراً على
العودة الى الوراء. لذلك، فإنه سيفهم أي
مبادرة نحوه انعاشاً ل «شرعية» قتلها
عشرات آلاف المرّات وتزكيةً ل «انتصاره»
على الشعب، وبالتالي سيستغلّها
للمساومة من أجل بقائه في السلطة على
رغم الدماء التي سفكها. وفي هذه
المساومة لن يجد تنازلات يقدمها الى
الدول الأربع المقترحة (مصر والسعودية
وتركيا وإيران) على افتراض اتفاقها على
أهداف المبادرة، وباستثناء ايران فهو
لا يعتبر الدول الثلاث الاخرى قادرة
على توفير أي من الضمانات التي يبحث
عنها. وإذا وجد تنازلات فهو يدّخرها
للمساومة الأكبر التي يحاول استدراجها
مع الولايات المتحدة والدول الغربية،
وسيواصل المحاولة من خلال تفجير الوضع
في لبنان، ذاك أنه لا يزال يتوهّم بأن
ثمة توقاً دولياً الى دوره السابق
ومعاودته اللعب بالأوراق الاقليمية. قد يُفهم الاقتراح
المصري المتأخر بأنه محاولة لشقّ طريق
الى تسوية سياسية داخلية، طالما أن عزل
النظام ونبذه وفرض عقوبات عليه وتركه
يواجه مصيره بترسانته الروسية -
الايرانية - الكورية الشمالية لا تبدو
مجدية. لكن ينبغي التيقن بأنه يبحث
فعلاً عن حل سياسي ولا ينتهز أي «وساطة»
للإطلاق مناورة جديدة. إسألوا
المنشقّين فهم أدرى. إسألوا كوفي انان.
بل إسألوا الروس والايرانيين. سيقول
هؤلاء جميعاً، على اختلاف مواقعهم، إن
النظام مدرك أن الحل السياسي يعني
نهايته، لذا يرجّح الحل العسكري الذي
يعتقد أنه وحده يبقيه في الحكم بل يريد
ممن يحاوره أن يقتنع مثل روسيا وإيران
بهذا الخيار، كونه الوحيد الضامن «استقرار»
سورية. انطلاقاً من ذلك يبدي
النظام استعداداً للتعامل مع أي موفد
يتعامل معه على أنه هو «الدولة»
والسلطة والقانون، وأن كل من يعارضه في
الشارع متمرد خارج على القانون. هذا ما
فعله أنان فحصد الفشل، لأن التفويض
الذي يملكه لا يتيح له القول لبشار
الأسد: ليس هناك قانون يجيز لأي دولة أو
سلطة الإفراط في العنف الى هذا الحدّ،
وعندما لا تتصرفون كدولة تصبحون مجرد
طرف وتفقدون صلاحية التلويح بالقانون
وتعرّضون شرعيتكم الدستورية للتآكل،
وهذا هو واقعكم حالياً. ليس مؤكداً أن تفويض
الأخضر الابراهيمي سيمكّنه من هذا
الوضوح مع الاسد، لكنه مضطر لمصارحته
بشكل أو بآخر بأن شرعيته اهتزّت، كما
سيفهم المعارضة أن وضعها الراهن لا
يوصلها الى هدفها. لذلك فهو يفضل ألا
يُبنى الكثير من التوقعات على مهمته.
صحيح أنه لا يريد ارتكاب أخطاء انان
لكنه غير واثق بأن اسلوبه سيحقق
اختراقاً سريعاً. لن ينهج التجريب بل
سيضع كل طرف أمام واقعه ومسؤولياته.
بادر النظام السوري الى الترحيب
بتعيينه، ثم اشتبك معه حول تصريحاته،
ولن يستمر الترحيب حين يستنتج النظام
أنه لن يتمكن من استخدام هذا الموفد،
كما فعل وحليفيه الروسي والايراني مع
سلفه. وكان «المجلس الوطني السوري»
المعارض رحّب أيضاً بالابراهيمي ثم
تصيّده عندما قال إن من السابق لأوانه
الحديث عن تنحّي بشار الاسد. فالمعارضة
سجّلت قول انان في وداع مهمته إن الحل
يبدأ «برحيل الأسد عاجلاً أو آجلاً».
كما أن الجامعة العربية حددت في
قراراتها الاخيرة «انتقال السلطة»
عنواناً لعمل أي موفد دولي جديد. يُلاحظ أن وقف العنف
أو وقف اطلاق النار لم يعد هدفاً ذا
أولوية، لأنه لم يعد ممكناً ولا
واقعياً. ذاك أن طرفي النزاع لا
يريدانه. ما يعني تلقائياً أن الحل
السياسي، حتى لو كان هدفاً مرتجى، ليس
ممكناً بالمعطيات الراهنة. فمعادلة
عجز النظام عن الحسم وعجز المعارضة عن
اطاحته لا تزال سائدة عملياً، ولم
تسقطها تغييرات باتت تطرأ ومنها تحسّن
نوعي في الأداء العسكري للمعارضة، لكن
الانطباع العام في الداخل كما في
الخارج يفيد بأن النظام يتآكل بفعل
الانشقاقات النوعية. ومع انتهاء مهمة
انان بدا كأن الدور الروسي خسر حلبة
للمناورة، لذا حاول إحياء اتفاق جنيف
(30 من حزيران/ يونيو) الذي كانت موسكو
بالغت في تعديله حتى أماتته مضموناً
وفاعليةً. واتضح الارتباك الروسي في
اقتراح توجيه نداء الى «جميع الأطراف»
لوقف اطلاق النار. وانكشف الارتباك
أكثر مع اعلان موسكو ان مهمة
الابراهيمي يجب أن تنطلق من خطة انان
ذات النقاط الست، إذ استشعرت بأن هذه
الخطة وإنْ بقيت على الطاولة لن تكون
أساساً لعمل الموفد الجديد. باتت روسيا
تخشى انزلاق المقاربة الدولية –
العربية أكثر فأكثر الى منطق التدخل من
خارج مظلة مجلس الأمن، بفعل تصاعد
القتال وانتشاره في معظم أنحاء سورية. وفي هذه المواجهة
تعتبر روسيا أنها مدّت النظام السوري
بكل ما يلزمه من قدرات نارية، في حين أن
الولايات المتحدة وحلفاءها لا يزالون
في أول الطريق مع المعارضة، على رغم أن
الاميركيين زادوا أخيراً جرعة
اهتمامهم بتفاصيل ما يحصل على الأرض من
خلال تركيا والأردن. ومع الانحسار
التكتيكي للدور الروسي، استئخاراً
لمواجهة دولية لم يحن وقتها بعد، قفزت
ايران الى الواجهة. لم تعد طهران تراهن
على المفاوضات النووية لتحصل على رفع
للعقوبات أو لتجرّب من خلالها انقاذ
النظام السوري، كما فعلت في جولة بغداد
عندما طرحت مقايضة وقف تخصيب
اليورانيوم بنسبة 20 في المئة لقاء
التفاهم على سورية، بل أخذت تُظهر أن
الدفاع عن وجودها ونفوذها ودورها في
سورية يتطلّب أن تنبري لمشاركة النظام
في حربه على المعارضة. كانت طهران تأمل
بأن تشقّ لها روسيا ممراً الى مسرح
الصراع، واذ لم تفلح قررت أن تزيد من
علنية تدخلها في سورية، فتصوّره نوعاً
من «الجهاد المقدّس» ضد الغرب
ومؤامراته، بل ان أحد مسؤوليها اعتبره
«المباراة النهائية» مع «التيار
الاسلامي» والنفوذ الاميركي في
المنطقة. هذه مجرد مقدّمات في
انتظار بدء الابراهيمي عمله بالمفاهيم
الجديدة لمهمته. والأكيد أنه سيركز على
«عملية سياسية» لكن بمعادلة مختلفة
تكون فيها الأطراف المعنية طالبة
للوساطة ومستعدة لتسهيلها، وعندئذ
تكون الأمم المتحدة جاهزة للعمل على ما
تطرحه الأطراف نفسها. فإذا رغب النظام
والمعارضة في حل سياسي سيكون عليهما
طرح أفكارهما والتزاماتهما، واذا
أرادا المناورة فلن يجدا استجابة من
الموفد الجديد. بدأت موسكو التهيؤ لهذا
التحدي مع فريق حكومي سوري قوامه «المعارضة
الموالية». في الجانب الآخر، يعوَّل
على المنشقين الجدد لخلط أوراق
المعارضة اذ إن الحاجة مسَّت أخيراً
إما الى «حكومة انتقالية» أو الى بلورة
كيان معارض جديد. فأكثر ما يُخشى هو
الانهيار المفاجئ للنظام من دون أن
يكون هناك فريق معارض جاهز لتسلّم زمام
البلاد. ================= كامل عباس * الخميس ٢٣
أغسطس ٢٠١٢ الحياة في صيف 1976 حطت مروحية
تقل اللواء محمد الخولي على سطح قصره
الكائن في قرية الحصنان التابعة
لناحية بيت ياشوط في ريف جبلة، وقد نثر
ريح مراوحها، ومزق، أوراق التبغ التي
نشرها فلاحون مجاورون للقصر كي تجف،
وهي اوراق تبغ مشبكة على خيطان، في ما
يعرف بالمشابح. وفلاحو قرية الحصنان
معروفون بزراعة أجود أنواع التبغ من
نوع يسمى ب «شك البنت»، يبيعونه لمؤسسة
التبغ (الريجي) ويعتمدون عليه كمصدر
رئيس للدخل. لم يكترث اللواء
لشكوى جيرانه القدامى، ولم يقبل
بالتعويض عنهم عما لحق بهم من ضرر بسبب
نزوله الميمون في القرية، فنزلوا الى
سرايا جبلة ورفعوا دعوى رسمية عليه من
دون طائل. أثارت الواقعة في
ذهني اسئلة عن العلاقات الاجتماعية
والطبقية التي تحكم المجتمعات ومدى
ارتباط القول بالممارسة في مواقف
الافراد والأنظمة. فمحمد الخولي، الذي
رفض تلبية مطالب الفلاحين بدفع تعويض
عن الضرر الذي ألحقه بهم، هو ابن فلاح
فقير من أبناء القرية تعلّم في ثانوية
جبلة بفضل والده الذي كان يمر على
القرى طلباً لمساعدتهم في تأمين كلفة
دراسته، وقد انتسب الى حزب البعث
العربي الاشتراكي من موقعه كفقير يحلم
بالتغيير في سورية لمصلحة الفقراء. لقد
نسي وضعه كابن فلاح فقير، ونسي المبادئ
التي آمن بها، والحزب الذي انتمى اليه
والذي يتبنى مصالح الفقراء من خلال «ثالوثه
المقدس»: «وحدة، حرية، اشتراكية». تجسد حالة اللواء
الخولي في السلطة خاصاً من عام ليس في
سورية فحسب بل في معظم الدول التي وصل
فيها اليسار الى السلطة وتنكّر أبناؤه
لماضيهم بعدما جمعوا المجد من طرفيه:
السلطة والثروة. لقد حرك اليسار آمال
قوى اجتماعية محرومة، ودغدغ عواطف
أقليات، سواء كانت قومية او عرقية او
طائفية، تعرضت لاضطهاد من جانب
أكثريات دولها، بوعوده عن العدالة
والمساواة والتقدم العلمي والتقني،
السياسي والاجتماعي والاقتصادي،
واعتمد عليها في مسيرته قبل استلام
السلطة وبعده. لقد احتضنت قوى
اجتماعية سورية اليسار بشقيه القومي
والشيوعي منذ نشأته في بلدها، وتبنت
فكره وبرامجه السياسية والاجتماعية
والاقتصادية، وقد ساهمت في ذلك عوامل
عدة نذكر أهمها: 1- معاناة الفقراء في
المدن والأرياف من ممارسات الأغنياء
واستغلالهم الفج، واستخدامهم السلطة
للسيطرة على الحراك الاجتماعي. نشير
هنا الى عامل خاص بالطائفة العلوية في
تبنيها لليسار: تعاليم إمامها
المنحازة الى الفقراء والمظلومين في
شكل عام. 2- وعود عقائد اليسار
بإقامة مجتمع حديث بعيداً من عادات
وتقاليد موروثة تجاوزها العصر، ولم
تعد مقنعة لكل من تلقى ولو القليل من
العلم، وعرف ظروف الحياة الحديثة. 3- التطورات الدولية
وقيام النظم الشيوعية وبروز
الديموقراطية الاجتماعية كدليل على
صدق دعوة اليسار في اقامة مجتمع العدل
والمساواة، وتحديث القيم الاجتماعية،
وكملهم للشعوب والجماعات المضطهَدة في
بقية دول العالم. تغيرت أحوال اليسار،
بعد أن أصبح في السلطة وتحول الى أنظمة
انفصلت عن عقائدها الأولى، وتحولت الى
بيروقراطية وشمولية قامعة هدفها
الاحتفاظ بالسلطة، وتحولت كوادره الى
عصا غليظة، عقائدية وسياسية واجتماعية
وتنظيمية (أحزاب، نقابات، اتحادات...
إلخ.)، لتكريس الأمر الواقع، وقمع
التعبيرات المعارضة. هكذا غدا عبئاً
على الشعوب، وقيداً على التغيير
الاجتماعي والسياسي. زاد في سواد اللوحة
موقف اليسار التقليدي المتمترس حول
فهمه القديم للإمبريالية، وللتطور
الاجتماعي، وتمسكه بالديموقراطية
الاجتماعية رافعةً للحياة الوطنية،
ورفضه قرنها بالديموقراطية السياسية
باعتبارها وسيلة لتقييد السلطة
واستحضار حقوق المجتمع ومصالحه في
برامجها وخياراتها السياسية
والاقتصادية. لقد عكست قراءة
اليسار السوري (وبخاصة رفاقي القدامى
وأبناء جلدتي كوادر حزب العمل الشيوعي)،
للثورة ومفاعيلها ووعودها
الديموقراطية، وسلبيته اتجاهها،
وتمسكه بخياراته التقليدية، انفصاله
عن الواقع، ونمطيته التي قادته الى عدم
إدراك معنى التظاهرات المطالبة
بالحرية والكرامة وإطلاقها حراكاً
ثورياً هدفه التغيير الذي سعى اليه
طويلاً من دون ان ينجح في تحقيقه،
ورفضه المشاركة فيها متذرعاً بخروجها
من المساجد. كان من المفروض ان
يلعب اليسار السوري دوراً ايجابياً في
إنهاء محنة الشعب السوري. فإذا به،
معظمه، يزيد من محنته بتبني موقف مناهض
للثورة لقناعته بأن التظاهرات التي
تخرج من المساجد لا تصنع ثورة ويجب عدم
المشاركة فيها، واعتباره النظام
الحالي، على علاته، أفضل من نظام جديد
يأتي بفعل هذه التظاهرات. فاليسار الذي
يفترض به ان يكون في مقدم الداعمين
للثورة على الاستغلال، والوقوف مع
التغيير والتطور الاجتماعي، يقف ضد
ثورة شعبية نهضت في وجه القمع والظلم
والتمييز بين المواطنين لأنها لم تحصل
وفق رؤاه أو كما اراد لها ان تحصل. نجد
ترجمة دقيقة لتلك المفارقة في موقف بعض
الشيوعيين من الثورة السورية (78 حزباً
شيوعياً وقّعوا على بيان يعلنون فيه
دعمهم للنظام السوري). نستثني من
اليسار أولئك الذين قرأوا المرحلة
الماضية في شكل جيد، وتوصلوا الى قناعة
مفادها: أن لا ديموقراطية اجتماعية من
دون ديموقراطية سياسية. ولكن بكل أسف
ومرارة نعترف بأن هؤلاء ما زالوا الطرف
الأضعف في اليسار، ليس في سورية فقط بل
في المنطقة العربية كلها. ================= عن
العصابات المسلحة والمؤامرة الكونية!! د. رياض العيسمي 2012-08-22 القدس العربي ما أشبه قصة غول باب
شرقي الخرافية بقصة 'العصابات المسلحة'
التي كان النظام السوري قد أخترعها
كحجة لقمع التظاهرات الشعبية المطالبة
بالحرية. فالمجموعات المسلحة هذه ليست
إلا من أولئك الشباب الذين كانوا
يتظاهرون سلميا فدفعهم النظام في
النهاية إلى حمل السلاح للدفاع عن
أنفسهم وعن شرف عائلاتهم وأمنها. وكذلك
هي من أفراد و جماعات الجيش الحر الذين
لم يطاوعهم ضميرهم ولم يمكنهم الشرف
العسكري من قتل أبناء شعبهم
وتدميرمرتكزات وطنهم. فتركوا جيش
النظام وألتحقوا بالثورة. أما
المجموعات المتطرفة حقا فهي بغالبيتها
من مجموعات القاعدة الذين كان النظام
نفسه قد دربها في الماضي وأرسلها إلى
العراق ليبتز بها الأمريكان ويفاوضهم
على ملاحقتها والقضاء عليها. وكذلك هي
من عناصر فتح الإسلام الذين أخرجهم
النظام من السجن وأرسلهم عبر الحدود
ليقوضوا إستقرار لبنان وكما تقتضي
حاجته. ولربماعاد بعض هؤلاء من العراق
ولبنان مستغلين الظروف ليقاتلوا في
سوريا إما لينتقموا من النظام أو
ليساندوه ويعملوا تحت إمرته. كما وهناك
مجموعات أخرى مندسة جندها النظام
ودربها كي تخترق الثورة وتشق صفوفها
وتشوه سمعتها، وتخيف الناس من عملية
التغيير القادمة. وهذه أساليب برع
النظام في إستخدامها على مدى عقود.
وكان قد أستخدمها من قبل لشق صفوف
المعارضة. كما ووضعها ضمن خطة خاصة
للتعامل مع الثورة في حال إنطلاقها.
حيث أنه بدأ يتحسب وقوع الثورة بشكل
جدي بعد أن بدأت الثورة الليبية. أطفال درعا عندما
كتبواعلى جدران مدرستهم 'الشعب يريد
إسقاط النظام' لم يكن ليخطر ببالهم بأن
هذا النظام هوساقط أصلا، وإن هدفه
الأساسي هو البقاء في الحكم مهما كان
الثمن. وإنه سيختار الحل الأمني حتى
النهاية، وسيمعن بالقتل
والتدميربلاهوادة. وسيقوده الأمر من
كذبة إلى أخرى أكبر منها، يكبر معها
عدد القتلى ويتسع بسببها حجم الخراب
والدمار ليعم كافة أرجاء الوطن. فبحجة ملاحقة
العصابات المسلحة يدمر النظام الأحياء
السكنية على أهلها فيحولهم إلى أشلاء،
ويحول الأبنية المشيدة إلى ركام. وما
تخطئه مدافع الدبابات تتولاه صواريخ
الطائرات. فهل سمع أحد في العالم بأن
حرب العصابات تستخدم فيها المدافع
والمدرعات، وأن حرب المدن تستخدم فيها
الطائرات المتقدمة التي تلقي بالقنابل
العنقودية والفراغية؟ وهل سمع أو قرأ
أحد عن حاكم في التاريخ يناصب العداء
لنصف الشعب حتى يحكم النصف الآخر؟ وهل
سمع أحد عن قائد يدمر الوطن حتى يحميه؟
وهل سمع أحدعن نظام ممانع يمكن له أن
يقاوم عدوه بشعب خانع؟ لا بد وأن
الرابح اللأكبر من سلوك النظام هذا هو
العدو الصهيوني. حيث أن إنقسام الجيش
السوري وإضعافه، وكذلك تدمير البنى
التحتية للدولة، وإذلال الشعب وتعطيل
طاقاته جميعها يصب في مصلحة إسرائيل
التي كانت طوال العقود الأربعة
الماضية من حكم آل الأسد مطمئنة لأمنها
وأستقرار حدودها مع سوريا. فالنظام كان محافظا
على الهدنة معها طوال هذه الفترة. ولم
يسجل خرقا واحدا للهدنة كل هذه السنين
التي إدعى فيها النظام الممانعة. ولهذا
السبب حرصت إسرائيل على بقاء النظام كل
هذه المدة، بل حالت دون سقوطه عندما
حاولت الولايات المتحدة إسقاطة في
أعقاب إحتلالها للعراق. أما اليوم وبعد
أن أيقنت إسرائيل بأن النظام السوري
ساقط لامحالة بفعل الثورة كما حصل
لغيره من الأنظمة العربية التي طالها
الربيع العربي، تريده أن يوغل في القتل
والتدميرإلى أن يضعف الجيش ويتفكك،
ويفقد القدرة حتى على حماية الوطن بعد
سقوط النظام. لذلك يؤلمنا كثيرا عندما
نسمع عن موت أي من أفراد الجيش أي كان،
من الجيش النظامي أو من الجيش الحر.
فجميعهم أبناء الوطن وخسارتهم لاتعوض،
لأنها تذهب من كيس الوطن. وكذلك عندما
يتم تدميررتل من الدبابات، أو إسقاط
طائرة. فجميعها ملك للوطن، وكان الشعب
قد دفع ثمنها من عرقه وقوت أطفاله
لتكون درعا يحمي الوطن. لا بد وإن روسيا
هي التي تفرح لهذه الخسارة. حيث أن
مصلحتها تكمن في بيع المزيد من
اللأسلحة للنظام. وكذلك الصين التي
تغطي العجزالإقتصادي الناجم عن الأزمة
بقروض وضمانات مالية عالية الفوائد
ووعود بمشاريع كبيرة. وكذلك إيران التي
تريد أن يبقى النظام بحاجة دائمة لها
وأن يكون مدانا لها ببقائه. فهي تريد أن
تستخدمه في صراعها مع أمريكا والغرب
على برنامجها النووي، وكذلك تسخره
لتنفيذ مخططها التوسعي في المنطقة. لقد
أصبحت سوريا أرضا مستباحة وأصبحت معها
فاتورة الحرية للشعب السوري باهظة
الثمن ومكلفة. قتل ممنهج بمعدل المائة
يوميا. مجازر وفضائع متوالية ومدروسة.
شعب يتعرض للذبح، تنتهك حرماته،
وتستباح إنسانيته. والعالم جميعه مازال
يتفرج ويعطي بصمته أو بعدم تحركه فرصا
جديدة للنظام بالإستمرار، ويمنحه رخصا
إضافية للقتل. العرب وعبر الجامعة
العربية مايزالون في طور النخوات وليس
لديهم القدرة على فعل أي شيء يوقف
القتل، ومن لديه القدرة من الدول
المجاورة أوالصديقة على الفعل، ليس
لديه الرغبة في فعل شيء مؤثر. ومجلس
الأمن مازال مرتهنا لروسيا والصين،
يصدر قرارت خجولة ممهورة بشمع الفيتو
الأحمر. وأمريكا لديها إنتخابات ولا
تريد التدخل إلا على طريقتها الخاصة
وفي الوقت المناسب، وعلى أن يصب التدخل
في مصلحة إعادة إنتخاب الرئيس أوباما
الذي ما إنفكت إسرائل تبتزه مقابل
مساعدته في الحصول على دورة رئاسية
ثانية. لذلك فإن كل هم الولايات
المتحدة الآن هو إسرائيل وأن لا تقع
الأسلحة الكيمياوية بيد حزب الله
أوالجماعات 'ألإرهابية'. فهي تخاف أن
يؤدي إستخدامها إلى قتل مائة، أكثر أو
أقل، من اليهود أو الأمريكان في حادثة
ما، ستكون إذا ما حصلت منفصلة. العالم
كله يخاف من أن يؤدي إستعمال الأسلحه
الغير تقليدية إلى عمليات قتل جماعي.
ولكن لا أحد على ما يبدو يقيم وزنا لآلة
الموت الهمجية التي يستخدمها نظام
بشار الأسد والتي تحصد يوميا أرواح
المئات من السوريين. لم يأبه أحد بعد
لموت ما يقارب الثلاثين ألفا من
السوريين وضعفهم من الجرحى الذين
لايجدون أدنى مقومات الرعاية الصحية،
وستين ألفا من المفقودين الذين لا يعرف
لمعظمهم أي أثر، وأربعين ألفا من
المعتقلين الذين يتعرضون لشتى صنوف
التعذيب، ومليونا من المهجرين الذين
يعيش معظمهم في ظروف غير إنسانية في
دول الجوار، وكذلك مليونين من
النازحين الذين تقطعت بهم السبل داخل
بلدهم. هذا عدا المعوقين جسديا
والمشوهين نفسيا. وكذلك المنتهكة
أعراضهم والمستباحة حرماتهم. كم من الأطفال
والنساء يجب أن يموت من الشعب السوري،
وكم من المجازر يجب أن ترتكب في مدنه
وقراه حتى يتحرك الضمير الإنساني
العالمي؟ أي صنف من الأسلحة يجب أن
يستخدمها الرئيس السوري ضد شعبه حتى
تتحرك منظمات حقوق الإنسان؟ كم من
المواقع الآثرية يجب أن تهدم وتنهب
محتوياتها حتى تتحرك منظمات حماية
الآثار لإنقاذها؟ سوريا كلها تستباح
اليوم بماضيها التاريخي وموقعها
الإسترتيجي. شلال الدم السوري لم يتوقف
منذ أكثرمن ثمانية عشرة شهرا، والحبل
على الجرار. نعم، لابد وأنها 'مؤامرة
كونية' ضد سوريا وشعبها، يشارك فيها
النظام وبقوة. كم من الوقت يريد هذا
النظام كي يقضي على العصابات المسلحة
المزعومة، وكم هو الثمن الذي يجب أن
يدفعه الشعب السوري كي يبقى هذا النظام
في الحكم، وهذا الرئيس على كرسي
الرئاسة التي ورثها من أبيه؟ وإذا ما
قدر لهذا النظام أن يستمر، كيف سيواجه
العالم بمفرده بعد أن يتخلى عنه أصدقاء
المنفعة القادمين من 'الباب الشرقي'؟
ومن هي الدول التي ستقف معه وتساعده
على بناء ماتهدم في سوريا؟ وكم من
الزمن تحتاج سوريا كي يعود إليها الأمن
والإستقرار؟ الأمر لم يعد يحتاج إلى
كثيرا من التفكير. لقد تحول هذا النظام
بحق إلى غول مرعب، والرئيس إلى وحش
كاسر همه البقاء في السلطة والحفاظ على
حياته مهما كان الثمن. من يقف مع هذا
النظام ويؤيده فهذا شأنه، وليبقى
مرتبطا به كيفما يشاء، وليذهب معه
أينما يذهب. لكن الحياد بعد كل مايجري
اليوم في سوريا لم يعد موقفا، ولا
الصمت خيارا. لذا لابد وأن يتكاتف
الجميع حتى يوقفوا هذا الغول، وإلا
سيكون الكل من ضحاياه، والوطن معهم. ================= سوريا..الأزمة
المفتوحة في المنطقة نصوح المجالي الرأي الاردنية 23-8-2012 تكمن قوة النظام
السوري، في امرين، الاول ضعف الارادة
الدولية والعربية منها في نصرة الشعب
السوري، لاسباب تتعلق بالاوضاع
الدولية الراهنة الى جانب عدم وضوح
هوية الثورة السورية، وتعدد العناوين
السياسية داخلها، والخوف من وصول جهات
دينية متطرفة للحكم في سويا، اضافة الى
وجود رئيس اميركي تتحكم فيه عقدة الحرب
في العراق وافغانستان، ويخشى من توريط
الولايات المتحدة في حرب اخرى. اما العامل الثاني ان
النظام السوري مدجج بالسلاح في مواجهة
شعب اعزل وانه وظف شبكة علاقاته
الدولية في ايران والصين وروسيا
لاخضاع الداخل السوري. لقد عطل النظام
السوري كافة الجهود الدولية والعربية،
لتغيير المعادلة السياسية في سوريا،
وحول الجهود الدولية الى وقت اضافي
للقتل والتدمير وارهاب الشعب السوري
ليرضخ لنظامه. والمعركة في سوريا لا
تنحصر في مواجهة بين النظام الطائفي
المتحكم، والاغلبية التي ترفضه،
ولكنها ايضاً معركة بين، الواقع
العربي المخترق من الخارج ، ومن المد
الفارسي، الذي يسعى شق الوطن العربي،
في محور يمتد من مضيق هرمز، مروراً
بالعراق، وسوريا ولبنان. سوريا في عهد عائلة
الاسد، خرجت من ثوبها العربي ودخلت في
الولاء الفارسي، والعلويين اكثر الناس
تشيعاً في سوريا، وسوريا الاسد هي التي
مكنت حزب الله الموالي لايران من
التحكم بالدولة اللبنانية، وحزب الله
يقوم اليوم بخطف السوريين من نشطاء
الثورة السورية في لبنان ، ليقايضهم
بالايرانيين المخطوفين من قبل
المعارضة السورية، كما انه يمد النظام
السوري بالمسلحين» ويغذي الصراع في
طرابلس لتخفيف الضغط عن سوريا، فنظام
الاسد، وحزب الله في لبنان كلاهما
بيادق في المشروع الفارسي في المنطقة. هي الفتنة الطائفية
يغذيها اعداء العرب من كل جانب، وتكتوي
بها الامصار والشعوب العربية ،
فالمنطقة العربية مستهدفة بالمد
الايراني وبخاصة السنة فيها. وسيتعدى المشروع
الايراني, شعار تصدير الثورة الى شعار
اعادة تشكيل المنطقة, وهذا ما يجب ان
يأخذه العرب, وفي الحسبان فأزمة سوريا
مركبة, قد تغرق سوريا من الداخل, وتخلط
الاوضاع السياسية في المنطقة, وقد
تستدرج تدخلا دوليا خارجيا, يوسع نطاق
الحرب, وقد تدفع اسرائيل الى مغامرة
عسكرية, تربك اوضاع المنطقة وتوسع
دائرة الصراع والنار في جميع
الاتجاهات. لقد اهتمت دول الغرب,
بقضية الاسلحة الكيماوية في سوريا,
عندما تخوفت اسرائيل من تسربها الى حزب
الله في لبنان, والتحذيرات الغربية
التي صدرت هدفها تطمين اسرائيل قبل اي
شيء آخر, والازمة السورية اخذت تتجاوز
سوريا, , فالمواجهات في طرابلس وعمليات
الخطف, نقلت اجواء الحرب الاهلية الى
لبنان, والنيران السورية تخطت الحدود
الأردنية والتركية, وشظاياها تتطاير
في كل الاتجاهات. فالحرب الاهلية غدت,
الاحتمال الوحيد الذي تندفع باتجاهه
ألازمة السورية, والعالم يتلهى
بالمبعوثين والمبادرات التي تحولت الى
رُخصة لمزيد من القتل، فلا شيء يخفي
تقصير العالم في اتخاذ موقف حازم, يقلب
موازين القوى في سوريا, ويفتح الأبواب
نحو تسويات سياسية, ما زالت غير ممكنة
حتى الآن. ================= ياسر
أبو هلالة الغد الاردنية 23-8-2012 لم أسمع منذ بداية
الثورة السورية إلى اليوم، بجهة في
الأردن تطالب بأن يرد الأردن على القصف
السوري بقصف مماثل. فالذين يؤيدون
الثورة السورية هم الأكثرية الساحقة
من الأردنيين، عامة ونخبة، وتهمهم
مصلحة بلدهم، تماما كما تهمهم مصلحة
الشعب السوري. ويعلمون جيدا أن هذا
النظام مجرد من أي قيم أو أخلاق تردعه
عن ارتكاب جرائم في الأردن، ليس فقط من
خلال القصف على القرى الحدودية، وإنما
من خلال التفجيرات والعبوات وغيرها من
أساليب إرهابية. من الواضح في عدوان
الطرة، الذي كاد يودي بحياة أسرة
أردنية لولا لطف الله، أن قدرات شبيحة
بشار في الأردن لا تتعدى لملمة العشرات
أمام السفارة السورية، والهتاف "شبيحة
للأبد لعيونك يا أسد". وفي النهاية،
بشار لن يبقى للأبد، وسيكون لدينا سفير
سوري في المستقبل القريب يعبر عن مصالح
الشعب السوري لا عن مصالح جهاز الأمن
الذي يعمل فيه. ولن يحتاج إلى شبيحة
ينتظرون عطاياه ودعواته وسفراته. أراد النظام إيصال
رسائل دامية؛ فكانت صاروخ الطرة. ولو
كان لديه ميشال سماحة أو حزب العمال
الكردستاني لكانت الرسائل أكثر دموية
وإجراما. والطريف أن الشبيحة لا نسمع
منهم تفسيرا لمؤامرة ميشال سماحة، ولا
دفاعا عنه، مع أنه كان ملهما لهم. وفشل
النظام السوري في اختراق المجتمع
الأردني إنجاز يسجل للمواطن والدولة،
بقدر ما هو تعبير عن انهيار ذاك النظام
وضعف قدراته التخريبية. ما يدعو للغثيان هو
وقاحة نظام بشار وشبيحته في الأردن.
فالسفير الذي كان مسؤول الأمن الداخلي
في جهاز أمن الدولة، وفي رقبته عشرات
المفقودين الأردنيين، لم يكلف نفسه
بالاعتذار عن "الخطأ" في أحسن
الأحوال. فالبني آدم الطبيعي لو كان
يقود سيارة تسببت في إصابة طفلة في
العيد، فإنه يقطع إجازته ويقوم
بالواجب الإنساني. سفيرهم لم يكلف نفسه
بإجابة الاستدعاء الرسمي من وزارة
الخارجية، وتصرف بجلافة لا تنم عن
احترام لدم طفلة أردنية، ولا لدولة
شقيقة. لا يرد على الوقاحة بتصريحات
المسؤولين عن "تعالي" و"عجرفة"،
بل بطرد هذا السفير. وهي خطوة يخطوها أي
بلد يحترم نفسه. وهي لا تعني أن الأردن
دخل في حرب مع نظام بشار. إن سياسة النأي
بالنفس قد تكون ستارا للاستكانة
وازدراء النفس. في السياسة ثمة تدرج
واسع، ولا تبدأ بالدخول في مواجهة
عسكرية. وهذا الموقف الضعيف تجاه
العدوان شجع السفير على استعراض
جماعته أمام السفارة، وكان الأولى بهم
أن يرسلوا ورودا للطفلة التي أريق
دمها، بدلا من "شبيحة للأبد".
وليفهمنا الشبيحة: لماذا تخطئ القذائف
مع الأردن ولبنان وتركيا ولا تخطئ مع
العدو الصهيوني في الجولان؟ تسقط
طائرة تركية في البحر ولا تسقط طائرة
إسرائيلية تحوم فوق قصر الرئيس وتدك
المشروع النووي؟ يصيب الرصاص "الطائش"
جنديا أردنيا، ولا تخطئ الصواريخ
الطائشة منزلا أردنيا، وعلى بعد أمتار
مع العدو الصهيوني يتحول كل الطيش إلى
عقل وذكاء واتزان! إن طرد السفير
المتعالي والمتعجرف أقل إجراء يمكن أن
نقوم به. وعلى أحمد الحلايقة، رئيس
لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب،
أن يستجوب الحكومة إذا لم تقم بإجراءات
تعبر عن احترامها لدم الإنسان الأردني
وحدود بلده. وهذا أقل جواب على الرسالة
الدامية التي أرسلت. ================= هل حان
وقت التسوية السياسية في سورية؟ د. موسى شتيوي الغد الاردنية 23-8-2012 بعد أكثر من عام ونصف
العام على اندلاع الثورة السورية،
وتحوّلها الكامل إلى معارضة مسلحة،
بات واضحاً أن أياً من طرفي النزاع عجز
عن حسم الصراع المسلح لصالحه. فبالرغم
من القوة العسكرية والأمنية الضخمة
للنظام السوري، إلا أنه لم يستطع، حتى
الآن، حسم المعركة لصالحه. وكذلك
الحال، بالنسبة للمعارضة؛ فبالرغم من
تنامي أعدادها، سواء كانت من المنشقين
عن الجيش السوري أو من المواطنين أو من
العناصر المتشددة غير السورية التي
تخوض حرباً جهادية ضد النظام السوري،
وبالرغم من تحقيق بعض النجاحات
العسكرية، إلا أنها أيضاً لم تستطع
تحقيق نجاحات استراتيجية تكون مؤشراً
لبداية انهيار النظام السوري.
والنتيجة أن الصراع بدأ يراوح مكانه،
مع مزيد من القتل والتشريد والتهجير
لمئات الآلاف من السوريين. إذن، على المستوى
السوري، فإن الأطراف الداخلية غير
قادرة على تغيير المعادلة حتى الآن،
ولا توجد مؤشرات على أنها قريبة من ذلك. أما على المستوى
الإقليمي والدولي (وهو الأكثر أهمية)،
فالكل بات يعرف أن الديمقراطية هي آخر
هموم الدول المعنية، وما يحدد سياستها
في سورية هو المصالح الاستراتيجية
لتلك الدول المتمثلة في كسر حلقة
التحالف الاستراتيجي السوري-الإيراني،
والمصالح الإسرائيلية بالنسبة للدول
الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة.
وبالنسبة لروسيا والصين، فإن مصالحهما
الاستراتيجية تتمثل في الوجود السياسي
والعسكري في سورية، والمصالح
الاقتصادية المرتبطة بالنفط والغاز
وغيرهما. إن المعسكر العربي
الغربي قدّم دعماً محدوداً للمعارضة
السورية، وبخاصة المسلحة، والهدف هو
إضعاف النظام السوري إلى أقصى درجة، مع
عدم تقديم الدعم الكافي للإطاحة
بالنظام السوري، لأن سيناريو اليوم
التالي ليس جاهزاً، وقد ينطوي على
مخاطر كبيرة عسكرياً وسياسياً. كذلك،
فإن روسيا والصين وإيران قد قدّمت
الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي
لمنع هزيمة النظام السوري. إذن، من الناحية
الموضوعية، تبدو الظروف أكثر نضجاً
للمضي قُدماً باتجاه الحل السياسي
للأزمة السورية. وقد جاءت الإشارة
الأقوى على استعداد النظام السوري لحل
سياسي من خلال تصريحات نائب رئيس
الوزراء السوري من موسكو، والتي ترك من
خلالها كل الاحتمالات بما يتعلق بمصير
بشار الأسد. كذلك، فإن تعيين الأخضر
الإبراهيمي خليفة لكوفي عنان قد يعطي
دفعة جديدة للحل السلمي، لما يتمتع به
الرجل من خبرة ودراية عالميتين،
بالإضافة إلى تجاربه السابقة مع
سورية، وبخاصة في هندسة اتفاقية
الطائف بمشاركة وضمانة سورية-سعودية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك مؤشرات على
أن المعارضة السياسية داخل سورية بدأت
بالتحرك من أجل بلورة رؤية موحدة،
تنضوي تحتها هيئات التنسيق المختلفة
التي اختفت تقريباً مع ارتفاع وتيرة
الصراع المسلح بين السلطة والمعارضة. خلاصة القول، من
الناحية الموضوعية، لا يوجد خيار الآن
سوى الحل السلمي للأزمة السورية،
والذي لا بد أن يكون من خلال مرحلة
انتقالية تمهّد لتحول سورية نحو
الديمقراطية، وفي الوقت نفسه يحافظ
على وحدة سورية ويجنبها حرباً أهلية
ستكون مُدمرة لو حدثت. إن السيناريو
الأرجح في المسار السلمي لحل الأزمة هو
النموذج اليمني بنسخته السورية، والذي
من خلاله تكون كافة الأطراف المحلية
والإقليمية والدولية قد حققت بعضاً من
أهدافها الاستراتيجية التي ستساهم في
إعادة رسم خريطة التحالفات الداخلية
والإقليمية على حد سواء. ولكن نجاح السيناريو
اليمني ليس مضموناً، بسبب تداخل
وتعقيد ملفات ومصالح الدول الإقليمية
والدولية الفاعلة. وعلى جامعة الدول
العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، أن
تأخذا زمام المبادرة لإخراج سورية من
محنتها، وتجنيب المنطقة حربا إقليمية
مدمرة في حال فشل الحل السلمي للأزمة
في سورية. ================= راجح الخوري 2012-08-23 النهار من الواضح ان روسيا
سارعت الى نصب فخ لاجهاض مهمة الأخضر
الابرهيمي من خلال اعلان نائب رئيس
الوزراء السوري قدري جميل بعد
محادثاته مع سيرغي لافروف في موسكو ان
سوريا مستعدة لمناقشة استقالة الرئيس
بشارالاسد في اطار مفاوضات مع
المعارضة. هذا الكلام مجرد لغم
يحاولون دسه ومن موسكو تحديداً، بهدف
اظهار النظام وكأنه منفتح على الحوار
رغم الحرب التدميرية الشرسة التي
يشنها منذ 18 شهراً، وبعدما افشل كل
مساعي الحلول التي بذلتها جامعة الدول
العربية ثم الامم المتحدة، عندما رفض
تنفيذ البند الاول في نقاط كوفي انان
اي وقف النار وسحب الاسلحة الثقيلة
تمهيداً للتوصل الى عملية الانتقال
السياسي التي يرفضها النظام مدعوماً
من الروس والايرانيين. اول ما سيواجهه
الابرهيمي غداً هو ضرورة تحديد اولئك
"المعارضين" الذين يقبل النظام
مفاوضتهم وهم بالتأكيد جماعة النظام
لكن بأقنعة المعارضة، في حين ان
المعارضة الحقيقية ترفض قطعاً التفاوض
مع الرئيس السوري الذي ذهب بعيداً في
الحل العسكري، بما اوصل القتلى الى
عشرين الفاً وجعل من المدن السورية
ساحة مدمرة وارضاً محروقة. هذا الواقع ليس
خافياً على الابرهيمي الذي بدأ
تصريحاته بالحديث عن "الوضع المرعب
وضرورة وقف الحرب الاهلية" وهو ما لم
يعجب النظام الذي سارع الى انتقاده،
لكن ما لم يعجبه اكثر هو قوله: "ان
التغيير لا مفر منه، تغيير جدي، تغيير
اساسي وليس تجميلياً... ينبغي تلبية
تطلعات الشعب السوري". وعند هذا الحد
صار مطلوباً اغراق الابرهيمي بأوهام
الحديث عن الاستعداد لمناقشة استقالة
الاسد لكن شرط ترتيب مفاوضات مستحيلة
مع المعارضة وهو امر يعرفه النظام كما
يعرفه الجميع! ثم ان الابرهيمي يدرك
جيداً مدى تمسك موسكو ببقاء الاسد رغم
كل تصريحات لافروف الخشبية عن حق الشعب
السوري في تقرير مصيره، كما يعرف حقيقة
الموقف الايراني الذي يخوض مع حليفه
الاسد "الشوط النهائي من المعركة
التي ستقرر هوية الشرق الاوسط"، كما
تعلن طهران صراحة. فعن اي استقالة
ممكنة للاسد يتحدث قدري جميل بايحاء من
موسكو التي تحفر حفرة مبكرة لإغراق
الابرهيمي؟! وعلى افتراض ان موسكو
تستدرك الآن وتريد ان تخرج من سوريا
بخسائر الحد الادنى بعدما ذهبت بعيداً
في معاداة الشعب السوري، فماذا عن
ايران التي ستخسر بذهاب الاسد ما بنته
في ثلاثين عاماً، بما سيقطع الجسور
الحيوية التي اوصلتها الى شواطئ
المتوسط وسيمهد لخسارتها في العراق
وكل منطقة الخليج التي تستميت لتكون
فيها لاعباً كبيراً؟! والحديث عن مفاوضة
المعارضة وهم، والوهم الاكبر هو
الحديث عن امكان استقالة الاسد. ================= علي حماده 2012-08-23 النهار أعطي تصريح نائب رئيس
الحكومة في نظام بشار الأسد قدري جميل
في موسكو أكثر مما يستحق. فقوله ان
استقالة بشار الأسد يمكن ان تكون
مطروحة على طاولة المفاوضات بدون شروط
مسبقة، ليس باختراق كبير، بل إنه يشبه
المناورة المنسقة بين النظام في سوريا
والقيادة الروسية، ولا سيما أن أحد
الأهداف الرئيسية لهذا القول هو
محاولة انتزاع المبادرة الديبلوماسية
من الغرب والعرب المساندين للثورة
السورية. كلام قدري جميل ما
كان ليقال لولا تفاهم دقيق بين بشار
وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي،
كما انه ما كان ليقال من شخص أقل ما
يقال عنه انه هامشي في الهرمية
القيادية للنظام في سوريا، وبالتالي
فإنه لا يملك مفاتيح الكلام السياسي
الجدي خارج التنسيق مع بشار وبطانته
الحاكمة. طبعا لا بد لنا من
التذكير بمحطة روسية سابقة ربما هدفت
أيضا الى استدراج المجتمع الدولي الى
طاولة مفاوضات، أو الى إحداث إرباك في
الجبهة المؤيدة للثورة السورية. فقد
سبق لنائب وزير الخارجية الروسي ان
تحدث في مقابلة لجريدة "الوطن"
السعودية (على هامش مشاركته في القمة
الاسلامية في جدة) انه كشف عن استعداد
بشار الأسد للتنحي، وعن إصابة ماهر
الأسد الخطيرة جراء تفجير مقر الأمن
القومي في دمشق وبتر قدميه وبقائه بين
الموت والحياة. وقد نفت موسكو تصريح
المسؤول الروسي دون ان تتوغل كثيرا
فيه، ولا سيما بعدما أماطت جريدة "الوطن"
السعودية اللثام عن التسجيل الصوتي.
والحال ان كلاماً بهذه الخطورة وفي
السعودية نفسها ما كان ليصدر عن نائب
لافروف المعتبر صقر الصقور في القيادة
الروسية لولا وجود هدف من ورائه، قد
يكون أحد أمرين أو الاثنين معاً: هزّ
العصا لبشار لضبطه ووضعه تحت الوصاية
التامة، أو محاولة فتح كوة في الجدار
الديبلوماسي الذي رفعه الأميركيون
ويتهربون في المرحلة الراهنة أمام
إلحاح روسي لفتح مفاوضات (بازار). موسكو تعرف تمام
المعرفة ان بشار انتهى، وإنها وطهران
غير قادرتين على حمل نظامه على كتفيهما
والمضي فيه بعيدا. فكل المؤشرات
العسكرية والسياسية والاقتصادية هي في
غير مصلحة بشار. وقوته العسكرية في
تراجع متواصل. تقديرنا ان موسكو
الراغبة فعلاً في فتح مفاوضات دولية
جدية حول مستقبل سوريا، هي متمسكة
ظاهرياً ببشار ما دام لم يجلس
الأميركيون والأوروبيون إلى الطاولة.
وفي المقابل فإن واشنطن غير مستعجلة ما
دامت الثورة تحقق نجاحات متواصلة (وان
بطيئة). وكما سبق ان قلنا مراراً
وتكراراً: ان هوامش النظام ضيقة جداً،
أما الثورة فهوامشها واسعة، وهي ككرة
الثلج كبرت وتكبر وستكبر مستقبلاً. خلاصة القول ان بشار
مجرم على مائدة اللئام! ================= المصدر: صحيفة «موسكو
تايمز» الروسية التاريخ: 23
أغسطس 2012 البيان عند نقطة ما، خلُص
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن
دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد،
سيكون مفيداً لسياسة روسيا الخارجية.
وما هو أكثر من ذلك، أن الأمر يتطلب
استثمارات ضئيلة أو معدومة من جانب
الكرملين، وكل ما هو مطلوب؛ هو استخدام
حق النقض في مجلس الأمن الدولي،
والإدلاء بتصريحات لا قيمة لها حول
كيفية جلب الأطراف المتناحرة في
الصراع السوري إلى طاولة المفاوضات. حذر الزعماء الروس من
أن الغرب يتوق إلى قصف سوريا تحت
الذريعة المماثلة التي استخدمها
للتدخل في ليبيا، لكن موسكو عازمة على
ألا تدع ذلك يحدث. ووفقاً لتفكير
الكرملين، فإن دعم الأسد ومعارضة
الولايات المتحدة بشأن سوريا، سيزيدان
سلطة روسيا ويعيدانها إلى دور لاعب
عالمي رئيسي. المشكلة
مع هذا النهج، هي أن موسكو تسعى للدفاع
عن نظام دكتاتوري يتصرف باندفاع وعلى
نحو لا سبيل للتنبؤ به. في الآونة
الأخيرة، حاول أحد كبار المسؤولين في
وزارة الخارجية السورية، دحض الفكرة
القائلة إن الأسد مستعد لاستخدام
الأسلحة الكيمائية ضد خصومه. وبدلاً من
ذلك، أوضح المسؤول أن الأسلحة
الكيميائية سوف تستخدم فقط ضد "المعتدين
الأجانب". وفي محاولة لتوضيح
موقفها، تجاهلت وزارة الخارجية
الروسية حقيقة ان سوريا لم تعترف بوجود
أسلحة كيماوية في المقام الأول.
وبالإضافة إلى ذلك، رفضت دمشق من قبل
التوقيع على الاتفاقية الدولية لحظر
تطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية
وتدمير المخزون الحالي منها، وجادلت
سوريا بأن رفضها كان مجرد استجابة
بلاغية لرفض إسرائيل التوقيع على
معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968.
الآن، اعترف نظام الأسد عن غير قصد،
بأنه يمتلك أسلحة كيميائية. واستنادا إلى تقارير
استخباراتية، فإن خبراء عسكريين أجانب
مقتنعون بأن سوريا لديها مخزون ضخم من
الأسلحة الكيميائية. وكحد أدنى، هناك
أربعة مصانع للأسلحة الكيميائية في
مدن الصفير وحمص وحماة واللاذقية، وهي
المصانع القادرة معاً على انتاج مئات
الأطنان من السارين والمواد
الكيميائية الثنائية كل عام. وما هو أكثر من ذلك،
أن وكالات الاستخبارات الغربية، تدعي
أن سوريا تمتلك صواريخ تكتيكية محمّلة
بمواد كيميائية قاتلة، يمكن أن تصل إلى
أهداف على بُعد 500 كيلومتر. وتخشى
الحكومات الغربية أن يحصل الإرهابيون
على نسبة ضئيلة من مخزونات سوريا من
المواد الكيميائية وأنظمة إيصالها.
وبالإضافة إلى ذلك، تدور أشرس المعارك
بين القوات الحكومية وقوات المعارضة،
بالقرب من مصانع الأسلحة الكيميائية
ومنشآت تخزينها. وبالإعلان عن وجود
أسلحة كيمائية والاستعداد لاستخدامها
ضد "المعتدين الأجانب"، أثارت
دمشق استفزاز الغرب وأعطته ذريعة لشن
هجوم عليها، سواء اعتزمت القيام بذلك
أم لا. والأكثر إثارة للاهتمام هو رد
فعل روسيا على هذا الاستفزاز، فقد صدمت
إلى حد التزام الصمت لمدة يومين، ثم
أصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً
لا معنى له جاء فيه أن "الجانب
الروسي يعتقد أن السلطات السورية
ستواصل الالتزام الصارم بالتزاماتها
الدولية". ================= مهمة
الإبراهيمي والسيناريوهات الثلاثة د. صبحي غندور التاريخ: 23
أغسطس 2012 البيان هل سيستطيع الأخضر
الإبراهيمي النجاح حيث فشل كوفي أنان؟
أعتقد أنّ ذلك ممكن، إذا كانت الدول
دائمة العضوية في مجلس الأمن جادّةً
الآن فعلاً في البحث عن تسوية سياسية
للأزمة السورية الدموية الخطيرة، التي
تهدّد أيضاً بحروبٍ أهلية وإقليمية في
عموم المنطقة. وسيكون الفارق بين دور
أنان ودور الإبراهيمي، هو بين من جرى
اختياره لضبط الخلافات بين الدول
الكبرى حينما جرى اختيار أنان كمبعوث
دولي، وبين من جرى تكليفه الآن ليكون
ممثّلاً للإرادة المشتركة للدول دائمة
العضوية، في البحث فعلاً عن تسوية
سياسية للحرب الدائرة الآن في سوريا،
وعلى سوريا. الأخضر الإبراهيمي
لم يقبل بالمهمّة الدولية الجديدة
الموكلة إليه، إلاّ بعد ضمان تأمين
الدعم لمهمّته من الفاعلين الكبار في
الأزمة السورية، وهذا يعني وجود قناعة
دولية الآن بعدم إمكانية حسم الأمور
عسكرياً على الأرض السورية لصالح هذا
الطرف أو ذاك، ويعني أيضاً ارتفاع
منسوب المخاوف من تفاعلات ما يحدث على
الأرض، إن كان لجهة زيادة دور وعدد
الجماعات الدينية المتطرّفة،
والمحسوبة اسمياً على "جماعات
القاعدة"، أو أيضاً لمحاذير امتداد
الصراعات المسلّحة إلى دول مجاورة
لسوريا. أعتقد أنّ
الإبراهيمي سيعتمد كثيراً على إمكانات
حدوث تفاهم سعودي - إيراني (مدعوم من
إدارة أوباما ومن روسيا)، حول المخرج
المناسب لوقف العنف في سوريا، وبشكلٍ
مشابه لدوره في وقف الحرب الأهلية
اللبنانية منذ أكثر من عشرين عاماً،
حيث اعتمد آنذاك على صياغة تفاهم سعودي
سوري مدعوم من واشنطن، أفرز "اتفاق
الطائف" الخاص بالأزمة اللبنانية. أوجه الاختلاف الآن
عن الحالة اللبنانية، منذ عقدين من
الزمن، أنّ مطلع عقد التسعينات كان
بداية الانفرادية الأميركية في قيادة
العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي،
وأنّ سوريا كانت "لاعباً" مهمّاً
في المنطقة، لا "ملعباً" للآخرين.
الآن، يشهد العالم إصراراً روسيّاً
صينيّاً على صياغة نظام دولي جديد،
يقوم على الشراكة لا على التبعيّة
للموقف الأميركي، نظام تعدّدية
الأقطاب الذي سينهي حقبة القطب
الأميركي الأوحد، وكيفيّة معالجة
الأزمة السورية ستكون هي التي تصنع هذا
التحوّل الدولي القادم. أيضاً، أصبحت إيران
هي "اللاعب" الإقليمي الذي تتمحور
عليه وحوله قضايا عديدة في المنطقة،
تشمل العراق وسوريا ولبنان وفلسطين،
إضافةً إلى مصير العلاقات مع دول
الخليج العربي، وتأثيراتها على أمن
هذه الدول وعلى النفط والاقتصاد
العالمي. هذا ما يدركه كلّه
طبعاً الأخضر الإبراهيمي، وما جعله
يشترط ضمانات الدعم الدولي، وهو يحاول
الآن بناء صيغة تسوية تدعمها إقليمياً
السعودية وإيران، وتقف خلفها واشنطن
وموسكو، لتكون مدخلاً أيضاً لتفاهماتٍ
دولية وإقليمية، تشترك فيها الصين
وتركيا ومصر والدول الأوروبية
الفاعلة، حول قضايا إقليمية عديدة لها
علاقة بمستقبل النفوذين الأميركي
والإيراني في العراق، وبمصير التسوية
السياسية للصراع العربي/ الإسرائيلي
وامتداداته في لبنان وفلسطين، إذ من
الصعب التوصّل إلى حلٍّ للأزمة
السورية دون حدوث تفاهمٍ دولي أيضاً
على مستقبل تسوية الصراع السوري
اللبناني الفلسطيني مع إسرائيل،
وإيران معنيّةٌ بكلِّ ذلك. كانت المراهنات
الأميركية والأوروبية في السابق، على
إضعاف إيران من خلال استقطاب دمشق
ومغازلتها، وعزل المقاومتين
اللبنانية والفلسطينية، وتشجيع
الخلافات العربية الإيرانية عموماً،
مقابل تشجيع التقارب العربي التركي،
في ظلّ مناخاتٍ طائفية ومذهبية تخدم
هذه التوجّهات "الأطلسية" في
المنطقة. لكن هذه المراهنات سقطت مع
سقوط حكم بن علي في تونس، ثمّ حكم مبارك
في مصر، ثمّ القذافي في ليبيا، حيث
تحوّلت المراهنات إلى توظيف الانتفاضة
الشعبية السورية لصالح أجندة دولية
وإقليمية، لا علاقة لها بالمسألة
الديمقراطية أو بحقوق الشعب السوري
ومطالبه المشروعة. وما زالت السياسة "الأطلسية"
ترى أنّ إضعاف إيران ممكنٌ الآن، من
خلال المراهنة على نتائج "الربيع
العربي" وما يفرزه هذا "الربيع"
في بعض البلدان، من وصول جماعاتٍ
سياسية دينية متباينة مع إيران وبعيدة
عن سياساتها، وأيضاً من تفاعلات الحدث
السوري لإضعاف حلفاء إيران في المنطقة. إنّ كلّ تلك
المراهنات الأطلسية محكومةٌ بظروفٍ
إقليمية ودولية، وبوقائع عسكرية على
الأرض السورية، وبمخاطر امتداد
النيران إلى دول الجوار. فتركيا (العضو
في الحلف الأطلسي) ترفض حتّى الآن أن
تكون "كبش محرقة"، ولم تتجاوب مع
دعوات التصعيد العسكري المباشر ضدَّ
سوريا أو إيران. ومعظم الدول العربية
يدرك حجم المخاطر المحيطة بالمنطقة،
ولا يريد التورّط في حروبٍ إقليمية أو
في مشاريع فتن "أطلسية" أو
إسرائيلية. كذلك،
وهذا مهمٌّ جداً، هناك إدراك روسي صيني
لأبعاد ما يحدث في سوريا وحيال إيران،
وللانعكاسات الخطيرة على مصالح موسكو
وبكين، ومستقبل العلاقات الدولية
عموماً، في حال السماح بتكرار ما حدث
في ليبيا من تدخّلٍ عسكري أجنبي لتغيير
النظام الحاكم. ورغم الضغوط الكثيرة
التي تبذلها حكومة نتانياهو لإشعال
حربٍ مع إيران، فإنّ إدارة أوباما،
وخلفها حكومات "حلف الناتو"، لا
تجد الآن أمامها إلاّ خيار البحث عن
تسوية سياسية للملفّين الإيراني
والسوري. فمصير العلاقة الأميركية
الأوروبية مع روسيا والصين، يتوقّف
الآن على كيفيّة التعامل مع هذين
الملفين في الشرق الأوسط، كما هو أيضاً
مصير الأمن والاقتصاد في العالم كلّه. مهمّة الأخضر
الإبراهيمي هي الآن بصيص نورٍ خافت في
نفقٍ عربيٍّ مظلم، وستكون هذه المهمّة
الصعبة في حال نجاحها، بدايةً
لتسوياتٍ إقليمية عديدة في المنطقة،
ولاجماً كبيراً لأفكار وممارسات
تفتيتيّة لشعوب ودول المنطقة العربية
والعالم الإسلامي. لكن البديل عنها، في
حال فشلها، هو مزيدٌ من الدّم
والدّمار، ومن اتّساع رقعة الصراعات،
ومن استنزاف للثروات العربية، ومن
تهجير لمزيدٍ من المواطنين العرب
الأبرياء، الذين هم الآن ضحايا لسوء
أوضاع أوطانهم، ولصراعات القوى
الإقليمة والدولية على هذه الأوطان
ومواقعها وثرواتها. إنّ الديمقراطية
السليمة، القائمة على وحدةٍ وطنية
شعبية، وعلى ترسيخ الولاء الوطني،
وعلى الهويّة العربية والتمسّك بوحدة
الكيان الوطني، وعلى "رفض العنف
والطائفية والتدخّل الأجنبي"، هي
البديل المطلوب للحالة العربية
الفاسدة والعفنة. ولا يجوز أن تكون
الصراعات الأهلية والتقسيمات
الجغرافية والتدويل الأجنبي، هي
البديل. ================= يوسف الكويليت الرياض 23-8-2012
الذي يجري في لبنان مقدمة حرب
أهلية تريد إشعالها سوريا وحزب الله
وعملية افتعال مناوشات بالأسلحة بين
السنّة والعلويين لم يأت بدون أوامر
لحلفاء الطائفة من سوريا، وطبيعي أن
يرسم السيناريو في تفجير لبنان، لأن
الداخل السوري يفترض ذلك، ومع أن كل
الطوائف لديها مليشياتها وأسلحتها
واستعداداتها لخوض مثل هذه الحرب،
فحزب الله يملك القدرة العسكرية التي
تتفوق على ما يملكه الجيش اللبناني،
لكن هل من مصلحته انفجار الوضع لصالح
سوريا، وما هي التبعات اللاحقة
للطوائف الأخرى، وما هو موقف الجيش،
وهل سيدخل الفلسطينيون الحرب مع أو ضد
طرف لصالح آخر؟! قد يحسم حزب الله
ويسيطر على معظم لبنان، لكن هل يملك
القدرة في المحافظة على هذا الانتصار،
إن سميناه كذلك، وهذه المرة بمساعدة
إيران من خلال القنطرة السورية التي قد
يمر من خلالها العتاد والجنود. نعرف أن إسرائيل
احتلت الجنوب ودخلت بيروت، وهي قوة
تتفوق على معظم الدول العربية، ومع ذلك
عجزت في البقاء على الأرض اللبنانية،
لأن حروب الشوارع وتضاريس الجبال،
والتحالفات التي تمت بين مليشيات
الطوائف، لا يمكن لحزب الله أن يهيمن
على أرض كل طوائفها مسلحة، لكن ما هي
المصلحة المنظورة لسوريا وحلفائها؟ المهمة تستهدف ضرب
حلفاء الجيش الحر، وتحديداً من
السنّة، وهم الذين ظلوا الحلقة
الضعيفة بين الطوائف المسلحة الأخرى،
لكن يبدو أن تجربة الحرب الأهلية
الماضية علمتهم ضرورة الاستعداد لأي
مفاجأة، وما أكثرها في لبنان، والخوف
ليس فقط من هذه الطائفة ودعمها لطرف
يحارب النظام السوري، وإنما ما سيلحق
ذلك من وجود قدرة سنّية وربما مسيحية
تعزز سلطة ما بعد الأسد، وتشكل محوراً
يخل بالوضع اللبناني وتوازن القوى
فيه، وكذلك سوريا ثم العراق ليكون
بديلاً عن الحلقة الشيعية التي كانت
تريد تطويق هذه الدول.. الحرب الأهلية
الماضية شهدت تدخلات من قوى أوروبية
وأمريكية وإسرائيلية، ودعم عربي
وإقليمي، فهل لو قامت حرب أخرى نرى نفس
الأحداث، وخاصة إسرائيل التي ترى في
حزب الله خطراً على أمنها، بحيث لو دخل
الحزب في عمق الأزمة ودخلت قواته خارج
دائرته في الجنوب أن تستغل إسرائيل هذا
الوضع وضربه بحيث تضعف قدراته، تبعاً
لما تقول عن ضربة قادمة تقوم بها
لإيران؟ الحسابات في لبنان
مثيرة ومعقدة، فهو ميدان لكل المفاجآت
لكن لو حدثت حرب جديدة، فالمؤكد أنها
لن تكون داخلية، لكنها ستكون الأداة
التي تقوم بأدوارها، ولن يتمكن الجيش
من فك أو منع مثل هذه الحرب طالما
تركيبته الخاصة طائفية، وهو مأزق
عرفنا كيف حاول تجنب الدخول في
الاشتباكات في طرابلس خوفاً من التورط
بين الطائفتين، وفي العموم لبنان يظل
البلد القابل لأي تطور سلبي ما دام
وحدته الوطنية بهذه الهشاشة.. ================= الحرب
الأهلية في سوريا: معركة حلب....معركة
الحسم للثوار والنظام؟ بيتر
شتاينباخ ترجمة:
فلاح آل ياس مراجعة:
هشام العدم حقوق
النشر: قنطرة 2012 16.08.2012 منذ
أسابيع والصراع مازال محتدما بين
الثوار والجيش السوري النظامي في
معركة حاسمة في حلب، المدينة التجارية
الهامة من الناحية الاستراتيجية في
شمال سوريا. ويبدو أنه لا نهاية للصراع
الدموي في المدى المنظور. المدنيون هم
أكبر المتضررين من العنف في المدينة
المحاصرة. بيتر شتاينباخ وهذا التقرير
الصحفي من حلب. صمت
يخيم على حي صلاح الدين، حتى وإن كان
ذلك لبضع ساعات فقط. إطلاق نار متقطع
يُسمع هنا وهناك. بعض السكان يغتنمون
هذه الفرصة للبحث عن بقايا ممتلكاتهم
في أنقاض منازلهم المدمرة. بينما تحلق
فوق رؤوسهم طائرات مقاتلة، لم تقم،
استثنائيا، في هذا اليوم، بقصف المكان.
الصمت هو أمر غير مألوف في هذا الحي
الحلبي الذي تحتدم فيه المعارك منذ
ثلاثة أسابيع. استراحة لالتقاط
الأنفاس، يستغلها الثوار للزج
بمقاتلين جدد في المعركة، ولإعادة ملئ
مستودعات الذخيرة التي تكاد تنفد. هدف
الجيش السوري الحر هو استعادة ما خسره
من أراض. فقوات نظام الرئيس بشار الأسد
أجبرت الثوار على الانسحاب إلى أطراف
صلاح الدين. "الأمر الغريب أنهم لم
يواصلوا التقدم"، كما يقول أحمد،
وهو ناشط من المعارضة. "وبدلا من
ذلك، فقد وضعوا قناصة على أسطح
البنايات يقومون بمراقبة المنطقة". الحي
الواقع في جنوب غرب العاصمة
الاقتصادية السورية له أهمية
استراتيجية ورمزية أيضا. عندما سيطر
الجيش الحر، في 20 من شهر يوليو/ تموز
الماضي، على أجزاء من حلب كان حي صلاح
الدين نقطة التجمع لكتائب الثوار.
فأسسوا "لواء التوحيد"، وحشدوا
جزءا كبيرا من مقاتليهم هناك. ولا
غرابة في تركيز الجيش النظامي السوري
لهجومه على هذه المنطقة، لأنها
بالنسبة له بمثابة المفتاح لإعادة
السيطرة على المدينة الصناعية حلب،
التي سقطت في أيدي "الإرهابيين
والمقاتلين الاجانب". استهداف
دائم توسيع
منطقة القتال: كثفت القوات الحكومية
هجماتها على الثوار في مدينة حلب.
هاجموا العديد من أحياء المدينة، كما
يقول مراقبون سوريون لحقوق الإنسان.
القوات الحكومية السورية تزيد
باستمرار من حشودها استعدادا لهجوم
أكبر في حلب. في
البداية لا يكون هناك سوى طنين مخيف
ونقطة بنية تحوم في السماء. ثم يأتي
الهدير عندما تميل الطائرة بمقدمتها
نحو الأسفل. بعدها ببضعة ثوان تطلق
الطائرة الروسية الصنع من طراز سوخوي
رشقة من مدفعها من عيار 23 ملم، ثم ترتفع
من جديد. الذخائر التي تنفجر تحطم
واجهة محل تجاري وكذلك الأماكن
السكنية في الطابق الأول. "أكثر
ما يؤثر علينا هي هجمات سلاح الجو"،
كما يقول أبو علي، وهو أحد القادة
الميدانيين للثوار، والذي قاتل لأيام
عدة مع كتيبته في صلاح الدين. ذو الخمسة
وعشرين عاما يرتاح في مدينة اعزاز،
والتي تقع على بعد 45 كيلومترا شمال حلب. اعزاز
هي إحدى المدن الواقعة على الحدود
السورية التركية التي باتت تحت سيطرة
الثوار. أبو علي مجروح في ساقه، بسبب
شظية من قذيفة دبابة. ولهذا السبب فهو
موجود الآن لفترة قصيرة في المنزل.
وعلى الرغم من أنه لا يستطيع المشي إلا
على عكازين، إلا أنه سيعود قريبا الى
الجبهة لتوجيه كتيبته عبر جهاز
اللاسلكي الموجود في يده. ثقة
بالانتصار – بالأسلحة أو بدونها في
بلدته اعزاز يعتبر القائد الشاب بطلا،
يحييه الجميع بحماس وتنهال عليه
القبلات. ويلاحظ المرء بسهولة كيف أن
ذا ال 25 ربيعا يتقن دوره ويستمتع به.
ويقول أبو علي: "إننا لا نحتاج
للمزيد من المقاتلين ... كل ما نحتاجه هو
المزيد من الأسلحة لكسب الحرب".
الأسلحة المضادة للدبابات لتفتيت
دبابات تي 82، والأهم من ذلك هي أسلحة
الدفاع الجوي المضادة للطائرات
وللحوامات. "حينها لن يكون هناك أي
شك في أن الثوار سينتصرون في الحرب". بالنسبة
لمعظم سكان اعزاز وغيرها من القرى
والمدن في المناطق التي يسيطر عليها
الثوار ليس هناك أدنى شك في تحقيق
الانتصار، سواء إذا حصلوا على أسلحة
جديدة أم لم يحصلوا. "لا نستطيع سوى
أن ننتصر"، تنادي إحدى النساء، التي
فقدت أولادها الثلاثة في الحرب
الأهلية "كشهداء". "نحن لدينا
الإسلام أما النظام فليس له دين".
وهنا تكون الهزيمة مستحيلة. يلعب
الإسلام دورا هاما بالنسبة للثورة في
هذه المنطقة المحافظة. يشكل التوكل على
الله دافعا للمقاتلين كما يشكل الدين
نموذجا إيجابيا بديلا لنظام الأسد
الشيطاني. "لا أحتاج إلى واقية من
الرصاص"، كما يقول دياب، وهو شاب
مقاتل في الجيش السوري الحر، ضاربا
بقبضته على صدره مرات عدة. "الله
سيدرأ الرصاص عني، وعندما يحين أجلي
فسأذهب إلى الجنة كشهيد". مبالغة
في الثقة في
بلدته اعزاز ينظر الجميع إليه على أنه
بطل: وعلى الرغم من إصابات الحرب، إلا
أن القيادي في صفوف الثوار، أبا علي،
ما زال نشطا ويصدر التعليمات لكتيبته
عن طريق جهاز اللاسلكي. يفتح
دياب كفيه ويرفعهما إلى السماء. ويمكن
القول بأنهم يتوكلون على الله كثيرا،
ولكن دون الأخذ بالأسباب، حيث يتقدمون
إلى خط المواجهة كما لو كانوا مصفحين
ولا يمكن إصابتهم. مثل أبي العبد، الذي
كان يعمل سائق سيارة أجرة، قبل أن ينضم
للثورة. يقف أبو العبد في وسط الشارع
وينادي رافعا إصبعه إلى إلى السماء:
"لا مشكلة!" بينما تدور طائرة
حربية فوقه، واضعة موقع المقاتلين
الثوار في حلب هدفا لها. في كل
لحظة يمكن أن تتحول إلى وضع الطيران
المنخفض وتبدأ بالقصف. هذه المرة مر كل
شيء على ما يرام. يبتسم أبو العبد ويقول:
"الله معنا". ولكن في اليوم التالي
تغير الوضع، واستهدف أبو العبد
بالرصاص فخر صريعا. على
الجانب التركي من الحدود تنتشر شائعات
بأن أسلحة ثقيلة وحديثة قد وصلت وهي في
طريقها للثوار. "إنها مجرد مسألة
وقت، قبل أن يتم استخدامها في سوريا"،
كما يؤكد أبو زيد، وهو ناشط معارض في
أنطاكية. المدينة
الرومانية القديمة أنطاكية هي قاعدة
العمليات للجيش السوري الحر. فمن هنا
يجري تنظيم توريد الذخائر والمقاتلين
إلى مدينة حلب، وفي هذه المدينة يعالج
الجرحى في مستشفيات سرية، كما يلجأ
إليها المقاتلون لبضعة أيام كي
يرتاحوا من المعركة، قبل العودة إلى
حلب مجددا. تتيح تركيا حرية الحركة
التامة للجيش الحر، كما تساعدهم
مخابراتها في نقل شحنات الأسلحة عبر
الحدود. مساعدة
سعودية – قطرية وفي
مدينة أضنة، تم إنشاء مركز عمليات،
بالتعاون مع المملكة العربية السعودية
وقطر. هاتان الدولتان الخليجيتان
تعتبران داعمتين رئيسيتين للثوار.
فهما تدعمانهم ماليا وبالسلاح. ولكن
لايذهب كل شيء إلى الجيش السوري الحر.
"السعوديون يفضلون إعطاء أموالهم
لجماعة الإخوان المسلمين"، كما يرى
أحد الثوار، الذي لا يريد الكشف عن
هويته، لأنه مكلف بمهمة استلام
الأسلحة والأموال. ثم يضيف قائلا "الإخوان
المسلمون لا يشاركون في الحرب ضد الأسد".
ويقول إن لدى الإخوان كتائب نائمة
سيستخدمونها بعد أن تنتهي الثورة. "وسيقومون
حينها بمحاربتنا، نحن الجيش الحر". منطقة
أنطاكيا باتت مقصدا للآلاف من
اللاجئين الجدد القادمين من حلب. في
الأسبوعين الأولين بعد سيطرة الثوار
على حلب لم يغادر المدينة إلا القليل
من الناس. ولكن منذ أن كثفت القوات
الحكومية هجومها، حزم الكثيرون
حقائبهم في مختلف الأحياء. والآن تحاول
العائلات أخذ مايمكنها من الأمتعة
والممتلكات على متن الشاحنات الخفيفة.
المصابيح والأثاث والسجاد والفرش
وأطباق الطعام، وحتى أسطوانات الغاز
لفرن المطبخ. ومن ليس لديه وسيلة نقل،
يضطر أن يسحب معه حقائب ثقيلة في كل
مكان. يحمل الأب فوق طاقته من الأمتعة،
والأم تحمل طفلها الصغير في ذراعها
وتمسك بيد الطفل الآخر، باحثين عن باص
أو أي وسيلة نقل أخرى تنقلهم من هنا في
أسرع وقت ممكن. في
أعقاب الحرب الأمل
في التوصل الى انفراج عسكري عاجل:
بالنسبة لمعظم سكان اعزاز وغيرها من
القرى والمدن في المناطق التي يسيطر
عليها الثوار فليس هناك أدنى شك في
تحقيق الانتصار، سواء إذا حصلوا على
أسلحة جديدة أم لم يحصلوا. كان
الناس في حلب قادرين، إلى حد بعيد، أن
يعيشوا حياة طبيعية منذ بداية الثورة
المستمرة منذ 17 شهرا. لم يكن هناك سوى
عدد قليل من الاحتجاجات. وكانت المدينة
الصناعية تعتبر معقلا للنظام. ولكن
فجأة انتهى ذلك السلام، عندما شق الجيش
الحر طريقه إلى قلب المدينة. وأصبحت
المواد الغذائية شحيحة والاسعار
ارتفعت بمقدار خمسة أضعاف. ومن أجل
الحصول على الخبز، لابد اليوم من
الوقوف في الطابور لساعات عدة،
الكهرباء تنقطع مرارا وتكرارا،
والبنزين بات لا يمكن الحصول عليه إلا
في السوق السوداء وبأسعار باهظة.
العديد من الناس منزعجون من الجيش الحر
ومن الحرب التي أتى بها إلى حلب. "بالطبع
أريد الحرية، ولكن ليس بهذه الطريقة"،
يقول صاحب متجر مسن. وهو أحد القلائل
الذين مازالوا يفتحون متاجرهم هذه
الأيام. انتهت
الاستراحة بشكل درامي في حلب. ففي حي
صلاح الدين يتجدد القتال العنيف مرة
أخرى. الجيش النظامي يقصف بالمدفعية
الثقيلة من المنطقة المجاورة سيف
الدولة، ومن الأحياء الواقعة إلى
الغرب منه، أي من حي بستان القصر ومن
المشارقة. "يحاول الجيش بكل الوسائل
إخراجنا من هذا الجزء من حلب"، كما
يقول أبو علي، القائد الجريح من اعزاز.
وهو الذي لن يبقى طويلا في المنزل.
وقريبا سيقف على عكازاته في صلاح الدين
ويعطي عن طريق اللاسلكي التعليمات
لمقاتلي كتيبته. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |