ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رأي
الراية … الانحياز للشعب السوري الراية 29-8-2012 تتجه أنظار شعوب نحو
120 دولة أعضاء في حركة عدم الانحياز إلى
القمة التي ستشهدها العاصمة الإيرانية
طهران نهاية الشهر الجاري أملًا في
خروج هذه القمة بقرارات تنحاز للشعوب
وتكون صدى لطموحاتها وآمالها
وتطلعاتها في التنمية والديمقراطية
والحكم الرشيد. حركة عدم الانحياز
التي أسست عام 1961 كانت تهدف -ولا تزال-
إلى إيجاد نوع من التوازن في العلاقات
الدولية خلال مرحلة الحرب الباردة
مُقابل هيمنة الدول الكبرى في حينها،
وقد تصدرت ولا زالت أجندتها قضايا
إصلاح مجلس الأمن الدولي، ونزع السلاح
النووي ودعم قيام دولة فلسطينية. من المتوقع أن تنجح
إيران التي ستكون رئيسة للقمة خلال
السنوات الثلاث المقبلة في سعيها لحشد
تأييد دول حركة عدم الانحياز لإدانة
العقوبات والضغوط "الأحادية"
التي تفرضها الدول الغربية وحلفاؤها
على عدد من الدول وعليها على وجه
الخصوص بسبب برنامجها النووي حيث من
المتوقع أن تدين القمة كل أشكال "العقوبات
الاقتصادية" و"الضغوط السياسية
"والأعمال العسكرية" وخصوصًا "الهجمات
الوقائية" التي تُهدد كل من إسرائيل
والولايات المتحدة بشنها ضدها حسب
مشروع البيان الختامي الذي سيناقشه
وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز. النجاح الإيراني في
كسب تأييد وتعاطف أكثر من 120 دولة
مشاركة في المؤتمر لقضاياها ومطالبها
يجب ألا يُنسي طهران ويُنسي الدول
المشاركة المأساة المؤلمة التي يعيشها
الشعب السوري منذ 17 شهرًا على يد نظامه
الذي رد على ثورته المطالبة بالحرية
والديمقراطية بالقتل والعنف والتدمير. إن أعمال القتل
والتدمير والمأساة الإنسانية التي بات
يعيشها ملايين المواطنين السوريين
بسبب إصرار النظام على استخدام الخيار
العسكري في مواجهة شعبه يجب أن تكون
حاضرة وبقوة في أروقة وقاعات قمة دول
حركة عدم الانحياز. بمقدور دول حركة عدم
الانحياز وإزاء فشل المجتمع الدولي في
وضع حد للمأساة الإنسانية المتواصلة
في سوريا أن تخرج بمبادرة تُلزم النظام
السوري الذي سيُشارك ممثل له في
المؤتمر بوقف العنف والقتل وقصف المدن
والبلدات بالطائرات والأسلحة الثقيلة. إن النجاح الحقيقي
لقمة دول حركة عدم الانحياز والتي
يُشارك في اجتماعاتها عدد من الزعماء
العرب ممن أتت بهم ثورات الربيع العربي
يتمثل في الانحياز لقضايا الشعوب
ومطالبها العادلة في الحرية
والديمقراطية والتغيير وفي المقدمة
منها مطالب الشعب السوري وإغفال القمة
لمأساة الشعب السوري أو فشلها في
الاتفاق على موقف موحد ينحاز لقضية
الشعب السوري ومطالبه العادلة لا يعني
سوى انتصار نهج الاستبداد وقهر الشعوب
على نهج الحرية والديمقراطية والعدالة
الاجتماعية، فالشعوب الحرة هي من
تواجه هيمنة الدول الكبرى وسياساتها
وتنتصر عليها لا الشعوب المستعبدة
والمضهدة. ================= خيرالله
خيرالله / حركة عدم الانحياز أمام
الامتحان السوري الرأي العام 29-8-2012 هل تنحاز حركة عدم
الانحياز الى الشعوب، ام تبقى اسيرة
ايديولوجية تجاوزها الزمن تسعى الى
العودة بالعالم الى ايّام الحرب
الباردة؟ اكثر من ذلك، هل لا تزال
ضرورة لحركة عدم الانحياز التي تعقد
مؤتمرها في طهران... ام انّ كلّ ما هو
مطلوب رفع مزيد من الشعارات الرنانة
واصدار بيانات فارغة من اي مضمون؟ الجواب بكل بساطة ان
الزمن تجاوز الحركة التي لم يعد هناك
ما يجمع بين اعضائها. هل هناك ما يجمع
حاليا بين مصر وايران او بين ايران
ولبنان باستثناء الرغبة لدى طهران في
ممارسة الوصاية على الوطن الصغير
وتأكيد ان بيروت ميناء ايراني على
البحر المتوسط؟ هل تنحاز حركة عدم
الانحياز الى الشعب السوري بدل
انحيازها الى آلة القتل التي تستهدفه؟
هل تنحاز الحركة الى الحرية بدل ان
تكون مرّة اخرى غطاء لعمليات القمع
التي تنفّذها انظمة عفى عنها الزمن منذ
فترة طويلة؟ كان يفترض ان يكون
بين الاعضاء المئة والعشرين الذين
تضمهم الحركة من يمتلك ما يكفي من
الشجاعة للقول ان لا علاقة لايران
بحركة عدم الانحياز التي تعني اوّل ما
تعني الانحياز للحق وليس الى سياسة
توسّعية تمارسها طهران بكلّ وقاحة
وصلف. هل يكفي ان تكون دولة من الدول
معادية للولايات المتحدة، او تتظاهر
بذلك، كي تصبح غير منحازة؟ تأسست حركة عدم
الانحياز في العام 1961 في بلغراد. كان
وراء قيام الحركة زعماء من وزن جمال
عبدالناصر وجواهر لال نهرو وجوزف بروز
تيتو والاندونيسي سوكارنو والغاني
كوامي نكروما. قبل الاعلان عن تأسيس
الحركة وانعقاد المؤتمر الاول في
بلغراد، عاصمة ما كان يسمّى
يوغوسلافيا، تداول هؤلاء الكبار في
الفكرة خلال لقاء انعقد في العام 1955 في
باندونغ (اندونيسيا). كانت لكلّ منهم
حساباته الخاصة. لكنّ ما كان يجمع بين
الخمسة ايجاد موقع لمجموعة من الدول
خارج التجاذبات القائمة بين القوتين
العظمتين اي الولايات المتحدة
والاتحاد السوفياتي. في السنة 2012، لم يبق
شيء من حركة عدم الانحياز كي تعقد
مؤتمرا لها طهران. قبل كلّ شيء، انتهت
الحرب الباردة وانهار الاتحاد
السوفياتي مطلع العام 1992 وقبله انهار
جدار برلين. اكثر من ذلك، تولّى
الاتحاد السوفياتي منذ اليوم الاوّل
لقيام حركة عدم الانحياز تحويلها الى
تابع له، بل الى جزء من المنظومات التي
تدور في فلكه. اصبحت كوبا مثلا عضوا في
الحركة، علما انها كانت تعتمد على
الاتحاد السوفياتي اعتمادا كلّيا.
كانت جرما يدور في فلكه. واستضافت كوبا
قمة للحركة في العام 1979، من دون ان يوجد
بين المشاركين من يتساءل: هل نحن
بالفعل على مسافة واحدة من موسكو
وواشنطن، ام اننا نضحك على انفسنا؟ ما حصل عمليا في تلك
المرحلة، ان الاتحاد السوفياتي نجح
الى حدّ كبير في خطف حركة عدم
الانحياز، خصوصا بعدما صارت البيانات
والقرارات الصادرة عن اجتماعات الحركة
مختصة في مهاجمة السياسة الاميركية.
وهذا ما تحاول ايران تكراره في السنة
2012 وكأنّ مهاجمة السياسة الاميركية
وظيفة في حد ذاتها... لا شكّ ان السياسة
الاميركية ايجابيات وسلبيات، لكنّ
التاريخ يثبت ان النموذج الاميركي هزم
النموذج السوفياتي وان مستقبل اي دولة
في العالم مرتبط الى حدّ كبير بأمرين.
الاول ايجاد دولة مؤسسات وبرامج
تعليمية متطورة والآخر الانفتاح
الاقتصادي في ظلّ ضوابط معيّنة تؤمن
حدا ادنى من الحياة الكريمة للفقراء.
ولذلك، لم تحقق اي دولة من الدول الخمس
المؤسسة لحركة عدم الانحياز اي تقدم
على اي صعيد كان الاّ عندما اعتمدت
الديموقراطية المبنية على المؤسسات
وعلى التداول السلمي للسلطة وابتعدت
عن التدخل في شؤون الاخرين. انهار حكم العسكر في
مصر لأنّ المؤسسة الوحيدة التي بناها
عبدالناصر كانت الاجهزة الامنية.
وانهارت يوغوسلافيا، لانها قامت على
شخص واحد اسمه تيتو. واستعادت غانا
حيويتها عندما صارت دولة ديموقراطية،
كذلك الامر بالنسبة الى اندونيسيا
التي عانت من حكم سوكارنو ثم من خليفته
سوهارتو. وحدها الهند كانت استثناء. لماذا الاستثناء
الهندي؟ الجواب ان الهند كانت
ديموقراطية. لا وجود لاحتكار حزب او
عائلة للسلطة وذلك على الرغم من اهمية
عائلة نهرو وخلافة ابنته انديرا غاندي
لوالدها، ثم خلافة ابنها لها. ما ضمن
تحسّن الاقتصاد الهندي وتحول الهند
الى دولة مهمة قادرة على اتخاذ قرارات
مستقلة هو المؤسسات الديموقراطية
والانفتاح على العالم من جهة واقتصاد
السوق والبرامج التعليمية المتطورة من
جهة اخرى. لم تكن الهند في حاجة الى
حركة عدم الانحياز كي تتقدّم وتصل الى
ما وصلت اليه. في السنة 2012، لا حاجة
تذكر الى حركة عدم الانحياز التي لم
تستطع يوما حلّ اي مشكلة من المشاكل
التي واجهتها الدول الاعضاء فيها. جلست
الحركة، على سبيل المثال وليس الحصر،
تتفرّج على الحرب العراقية- الايرانية
طوال ثماني سنوات. اتخذت مواقف لفظية
من اسرائيل ولكن هل ساهمت يوما في جعل
الاحتلال يتراجع او ينحسر عن اي بقعة
ارض عربية؟ في وقت يواجه فيه
الشعب السوري البطل آلة القتل التي
يستخدمها النظام والتي تدعمها ايران
بشكل مباشر، هل سيتجرأ مؤتمر عدم
الانحياز على اتخاذ موقف مع الحق الذي
يرمز اليه نضال شعب يطالب بكرامته
وحريته؟ اذا لم يفعل ذلك، الف سلام
وسلام على عدم الانحياز وكلّ من يشارك
في مؤتمراتها او يدعّي الانتماء اليها
من قريب او بعيد. ================= زين
الشامي / الطائفية والثورة السورية ...
إيران أم الشيعة؟ الرأي العام 29-8-2012 تعتبر بلدة «الفوعة»
اكبر تجمع شيعي في محافظة ادلب شمال
سوريا حيث يسكنها ما بين عشرين الى
خمسة وعشرين الف نسمة، بجوارها تقع
بلدة «كفريا» وهي تضم خليطا من الشيعة
والسنة ، كذلك يوجد في شمال ادلب نحو
ثلاث عشرة قرية وبلدة يدين اهلها جميعا
بمذهب «الموحدين» الدروز. وإضافة الى
الشيعة والدروز تعيش في المحافظة
أقلية مسيحية منذ آلاف السنين
غالبيتهم في مدينة ادلب نفسها وبعضهم
ينتشر في قرى في منطقة جسر الشغور مثل «الغسانية»
تلك البلدة التي تقع على سفح جبل اخضر
وتحيط بها الأشجار من كل اتجاه. ما زلت
اذكر ان اجمل غروب شمس رأيته كان منذ
خمسة عشر عاما حين كنت في طريقي من ادلب
الى اللاذقية ومرت بنا السيارة قرب «الغسانية»
وقت المساء، كانت الشمس قرصا احمر تعلو
قليلا واجهة كنيسة البلدة وكانت ثمة
خيوط ضوء تتسلل من بين تلك الأشجار
والمباني الحجرية. ورغم ان غالبية سكان
بلدتي «الفوعة» و«كفريا» الشيعيتين ما
زالت متوجسة من الثورة السورية ومعروف
عنها ولاءها للنظام الحالي الا ان ذلك
التوجس وذلك الولاء يعود الى سياسة
النظام الطائفية والتمييزية حين فتحت
المؤسسات الامنية والعسكرية أبوابها
امام شبان البلدتين للتطوع والانخراط
في صفوفها واشاعت ثقافة فيما بينهم
تشعرهم بالانتماء للنظام وليس للمحيط
المجتمعي الذي يعيشون معه منذ آلاف
السنين. لكن رغم ذلك لم تسجل الى اليوم
ولا من قبل اي حادثة او جريمة مروعة
ارتكبت بحق ابناء الطائفة الشيعية في
البلدتين رغم انهما محاطتان بقرى
وتجمعات سكانية سنية. على العكس تماماً
من ذلك، كان ابناء مدينة «بنش»
الملاصقة للفوعة يدرسون مع إخوانهم
الشيعة في مدرسة ثانوية واحدة
واستطاعوا تشكيل صداقات مميزة وكانوا
يتزاورون في غالبية المناسبات. كذلك
يلتقي اهالي البلدتين في اراضيهم
الزراعية المتاخمة. لكن رغم ذلك لا بد من
الاعتراف ان مناخا طائفيا حادا
وانقساما كبيرا حصل بين ابناء تلك
المناطق على خلفية الثورة السورية وما
رافقها من اعمال عنف وقمع . فنحو ثلاثين
شخصا من اهالي بنش سقطوا على ايدي قوات
النظام واعتقل العشرات منهم، كذلك قتل
العديد من ابناء بلدة الفوعة ممن هم
منخرطون في المؤسسة العسكرية والأمنية
السورية على ايدي قوات الجيش الحر. هذه
الحوادث زادت من حدة الطائفية والخوف
والتوجس من الآخر، ومع الوقت انتشرت
حواجز عسكرية على مشارف البلدتين
جاهزة للتعامل بالنار مع الطرف الآخر.
ومع كل مجزرة او جريمة ترتكب في مكان ما
كان منسوب الشعور الطائفي لدى ابناء «بنش»
يسجل ارتفاعا ملحوظا حتى أني قرأت
تعليقا على مواقع التواصل الاجتماعي
لاحد أبنائها يشكك في اسلام اهل الشيعة
ويعبر عن كراهية شديدة لهم لدرجة انه
اقترح حلا نازيا للتعامل معهم؟؟؟
أيضاً لا تخلو مواقع التواصل
الاجتماعي لابناء بلدة الفوعة من
عبارات طائفية مؤسفة ضد اهل السنة. هذا الواقع وهذه
التطورات تنذر بخطر كبير ما لم يتدارك
عقلاء المعارضة السورية وناشطو
التنسيقيات بالانتباه اليه والتعامل
معه، ليس في ادلب فقط لكن في كل
المحافظات السورية، حيث يمكننا ملاحظة
نمو خطير في التفكير واللغة الطائفية
بين اهل السنة والشيعة رغم آلاف السنين
من العيش المشترك. للأسف لقد بات بعض
المنخرطين في الثورة السورية لا
يميزون بين النظام وما بين الطائفة
الشيعية او الطائفة العلوية وما بين
الشيعة وحزب الله اللبناني وما بين
الشيعة وإيران وما بين شيعي مؤيد
لمطالب الشعب السوري المحقة وما بين
شيعي مؤيد لبقاء النظام. هذا مؤسف
ويجعل الثورة السورية تخسر متعاطفين
معها. في هذا الصدد لا بأس
ان يركز ناشطو التنسيقيات وكتاب
الثورة والمعارضين على تلك المواقف
النبيلة للكثير من مثقفي وكتاب ونخب
الطائفة الشيعية في كل مكان، أولئك
الذين ناصروا الثورة السورية ووقفوا
مع الشعب السوري في كل مراحل انتفاضته
منذ التظاهرات الاولى في درعا وسوق
الحميدية في دمشق. لا اريد ان اقول
واجدد قولي ان افضل من كتب من
الصحافيين عن الثورة السورية وناصرها
بقلبه وروحه وعقله هم صحافيون وكتاب
شيعة من لبنان على سبيل المثال لا
الحصر علي الرز والراحل نصير الاسعد
وحازم الامين وعلي الامين ويوسف بزي
وعمر حرقوص، من دون ان ننسى العالمين
الكبيرين محمد حسن الامين وهاني فحص
وبيانهما المؤيد للثورة قلبا وقالبا
او مئات المثقفين الذين وقعوا بيان
الشيعة العرب. كما لا ننسى ان كتابا
ايرانيين مثل عطا الله مهاجراني وزير
الثقافة السابق والمثقف اللامع الذي
انحاز للحق من اللحظة الاولى. وفيما لو قلبنا صفحات
الرأي في الصحف العربية هنا وهناك سنجد
كل يوم مقالات وأعمدة رأي لكتاب
وصحافيين شيعة تنتصر للشعب السوري في
معركته ضد الاستبداد . على الشعب
السوري كله ان يدرك ذلك وبالأخص منهم
من باتوا مسعورين طائفيا. صحيح ان البعض صار
يحاكم الشيعة منطلقا من موقف حزب الله
اللبناني والنظام الايراني لكن يجب ان
نعرف ان حزب الله لا يمثل كل شيعة لبنان
ولا نظام احمدي نجاد يمثل كل الشعب
الايراني. في هذا الصدد كلنا تابع كيف
ان اثنين من كبار المراجع الشيعية في
لبنان وهما العلامة السيد هاني فحص
والسيد محمد حسن الأمين أصدرا بيانا
منذ ايام يعلنان فيه تأييدهما التام
للثورة السورية وقضية الشعب السوري
ومعركته لنيل حريته. وعلينا ان نعرف ان
هذا الموقف يعتبر في قمة الشجاعة
والنبل بسبب الضغوطات والمخاوف
المترتبة على هذين الرجلين جراء
موقفهما هذا من قبل حزب الله ومجموعات
تؤيد النظام السوري. ان الثورة التي لا
تعرف ولا تميز بين أصدقائها أعداءها،
ينتظرها مستقبل غائم ولا تبشر بالخير
كله وربما تقع في اخطاء تاريخية قاتلة. ================= الإبادة
في سورية والتواطؤ الدولي محمد بن سعود
الجذلاني* الرياض 29-8-2012
يخطئ من يعتقد أن الرئيس السوري
السفاح هو الذي يقتل إخواننا الأبرياء
من أبناء سورية، فلم يعد لدى العقلاء
أي شك في أن حرب الإبادة الموجهة ضد
الشعب السوري ليست إلا تواطؤاً دوليا،
إذ يباشر القيام بها النظام السوري
المجرم، الذي لم يكن له أن يستمر إلى
اليوم بهذا المستوى من الوحشية في
القتل لولا ما يجده من دعم صريح ومعلن
من حلفائه (إيران وروسيا والصين)
وطبعاً إذا قلنا إيران فلا نحتاج
للإشارة إلى حزب الشيطان في لبنان . كما أن هذه المؤامرة
الدولية لم يكن لها لتستمر في طحن مئات
الآلاف من أبرياء السوريين لولا الدعم
الضمني والموافقة الصامتة والضوء
الأخضر الذي أطلقته الدول الكبرى
والمنظمات الدولية للنظام السوري
ليستمر في قتل المزيد من الأبرياء . وليس من يعتقد هذا
الرأي بحاجة إلى تقديم الأدلة
والبراهين على صحته، فالمسألة باتت
واضحة مكشوفة، ولا أظن الشعوب العربية
والإسلامية يخالجها الشك في هذه
الحقيقة . وإلا فهل شهد التاريخ
الحديث إجراماً بمثل هذا الذي يمارسه
السفاح السوري ضد النساء والأطفال
والعزّل من المواطنين؟ وهل كانت دول
العالم لتقف صامتة إزاء ما يحدث لو كان
ضحايا هذه الإبادة من غير المسلمين ؟ لقد علمتنا الحوادث
والسنين أن المجتمع الدولي بدوله
الكبرى ومنظماته لا يقيم وزناً لدماء
المسلمين. وأنه ليس إلا السذج من الناس
من يصدقون شعارات حقوق الإنسان التي
تتشدق بها الدول الكبرى ومنظمات
المجتمع الدولي، لأن هذه الشعارات
ليست إلا وسيلة لتحقيق مصالحهم والضغط
على الدول المستضعفة لإملاء سياساتهم
عليها . إن ما يحدث اليوم في
سورية من إجرام وظلم وبغي لايمكن أن
يمر مرور الكرام . بل سيكون مصدراً
لإذكاء وزيادة مشاعر الكراهية
والبغضاء للدول الكبرى التي تواطأت
وتآمرت على حدوثه، كما سيكون هذا
الإجرام سبباً لتأجيج فكر الإرهاب
والتطرف وزيادة العداء والعنف. فإن كانت الدول
الغربية وعلى رأسها أمريكا تقدم
حسابات السياسة ومصالح إسرائيل على
إيقاف سفك الدماء البريئة وإزهاق
الأرواح الطاهرة، فلا أشك أن الشعوب
العربية والإسلامية لن تنسى أبداً هذا
التواطؤ والعداء ما سيكون له الأثر
الواضح في مستقبل المنطقة . لقد أصبح الكثير من
المسلمين على قناعة بأن ما يحدث في
سورية ليس سوى حرب دينية عقائدية،
تنادى فيها ألدُّ أعداء الإسلام
وتناصروا فيما بينهم على إبادة
المسلمين، ومن دلائل هذه الحرب
الدينية بشاعة الجرائم التي تمارس ضد
المسلمين الأبرياء في سورية، من قتل
بأبشع الوسائل، إلى انتهاك الأعراض
والإذلال، دون أي إنسانية أو رحمة بطفل
أو امرأة أو شيخ كبير . وفي ذات الوقت الذي
تجاهر فيه إيران وعملاؤها بدعم النظام
السوري السفاح وإمداده بكل أنواع
الأسلحة لمواصلة إبادة الأبرياء،
يتابع المسلمون بامتعاض شديد موقف
الرئاسة المصرية التي يبدو أنها في
الطريق إلى تحقيق ما توقعه المتابعون
قبل وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم،
من استعدادهم للتقارب مع إيران ومدّ
جسور التواصل معها، بل أصدرت الرئاسة
المصرية مؤخراً تصريحاً بأنها تعتقد
أن إيران جزء من حلّ القضية السورية
وليست جزءاً من المشكلة !! وقبل ذلك
سمحت مصر بمرور البواخر الإيرانية
المحملة بالأسلحة لدعم النظام السوري
وقتل إخواننا الأبرياء هناك عبر قناة
السويس!! . إن الإنسان السوي
مسلماً كان أو غير مسلم ليتألم حين يرى
فداحة القتل وشراسة الإبادة مستمرة
على شعب كامل، بينما تسمع للحوار
الجاري بين دول العالم وحكوماته لا
يتجاوز البحث عن مرحلة ما بعد الأسد،
وعن إمكانية إقامة مناطق للاجئين
السوريين داخل حدودهم، بل ونسمع
الولايات المتحدة الأمريكية تهدد نظام
الأسد في حال قام بتحريك أو نقل
الأسلحة الكيماوية بهدف استخدامها
بأنها سترد عليه بالقوة !! وهل تعتقد أمريكا أن
استخدام هذه الأسلحة والقنابل
والصواريخ التي أبادت وتبيد الشعب
السوري يومياً هو أمر قانوني مباح لا
يستوجب التدخل لمنعه ؟ إن دماء المسلمين في
كل الدول الإسلامية لتغلي حين يتابعون
في نشرات الأخبار صور القتل والذبح
والتقطيع والإهانة والتجويع والتهجير
لإخوانهم السوريين، بينما يسمعون في
المقابل أخبار ومواقف الدول
وتعليقاتها على مثل هذه الجرائم في
منتهى البرودة واللامبالاة والحديث
الذي لا يرقى إلى مستوى الجدية والحزم
لوقف مثل هذه المجازر . إن دماء السوريين
الأبرياء التي تراق، وأرواحهم التي
تزهق، وأعراضهم التي تنتهك، لتهدم مع
كل قطرة دم منها كل دعوات الحوار
والتسامح، وتسخر من كل شعارات حقوق
الإنسان، وتسفّه كل مزاعم سعي الدول
الكبرى لفرض الحرية والديمقراطية
الكاذبة. إن مواقف المجتمع
الدولي من قضايا المسلمين لتزيد
المسلمين قناعة بأنهم لايمكن أن
ينتظروا النصر من هذه الدول، ولا العون
من منظمات الأمم المتحدة ومجلس أمنها
البائس . فأسأل الله أن يعجل
بنصر إخواننا في سورية، وأن يحقن
دماءهم ويرحم موتاهم ويكتبهم في
الشهداء، ويحفظ أعراضهم وأن ينصرهم
على عدوهم وأن يشفي قلوب قومٍ مؤمنين
آمين . *القاضي السابق في
ديوان المظالم والمحامي حالياً. ================= يوسف الكويليت الرياض 29-8-2012
إيران جزء من الأزمة السورية،
وليست جزءاً من حلها، والمشروع الذي
طرحه الرئيس المصري محمد مرسي بعضوية
كل من مصر والمملكة، وإيران وتركيا،
اختلفت عليه الآراء والأفكار، ففي
الوقت الذي تريد إيران المباحثات
برعايتها، يتحدث الرئيس مرسي عن تنحي
الأسد باعتبار ذلك رغبة شعبية سورية.. ليس المطلوب وسطاء
ولجان، فالأمر حسم بتوافق سوري عربي،
ودولي بأن مفتاح الحل تنحي الأسد، وهو
يصر على خطط ما حدث لقروزني مع القوات
الروسية، أي هدم الأحياء على من فيها
بواسطة الطيران وصواريخ الجيش، لكن هل
يمكن أن تتغير المعادلات على الأرض
لتكون الحلول الدبلوماسية مجرد تابع
لما ستقرره المعارك، ولأن الطرف
الحكومي ليس لديه أصلاً الرغبة في خلق
فرص للتحرك سواء للمندوب الدولي، أو ما
رأته ضوءاً في النفق المظلم من حل عربي
إقليمي؟! فالحياة على الأرض،
السلطة تخشى الزج بكل الجيش خشية
الانشقاقات، إلى جانب المعاناة من
ندرة الوقود، وإفراغ خزينة الدولة،
وحتى الداعم الإيراني يعاني ذات
الأزمات بسبب الحصار والمقاطعة،
وروسيا قد تذهب إلى آخر نقطة في عدم
سقوط الأسد، لكن ما بعده يرعبها، فلا
تعويضات عن خسائرها سوف يدفعها الشعب
السوري، لأن الروس أعلنوا الحرب
عليهم، ولا سيكون لهم موقع سياسي في أي
دولة قادمة، والصين استخدمت الفيتو
نتيجة رشوة إيرانية بتخفيض أسعار
النفط لها، وإلا فهي جازفت بما لا
مصلحة لها اقتصادياً ولا سياسياً،
والاعتبارات التي تنتهجها مجرد أخذ
دور أمام الغرب وأمريكا في المناطق
الساخنة، وهو، حسب اعتقادها، مكسب
معنوي، ولكن النتائج قد تعاكس هذا
الرأي. مسألة الحل السياسي
في سوريا مستحيلة، إلا إذا رأت السلطة
أنها عاجزة تماماً عن الاستمرار في
المواجهة مع الجيش الحر، سواء بخلق
مناطق آمنة على الأرض السورية، أو دعم
عسكري مباشر للجيش الحر، وحظر للطيران
أن يضرب المواقع الشعبية، وغير ذلك
مبالغة في الآمال والأماني.. مؤتمر عدم الانحياز،
نعرف أنه صوت بلا صدى، منذ تأسيسه
أثناء القطبية الثنائية والحرب
الباردة بين المعسكرين الغربي
والشرقي، وقطعاً ستحضر سوريا كأزمة
تهم الدولة المضيفة، وكذلك العقوبات
المفروضة على إيران، وعلى افتراض أن
هذا التجمع أصدر قراره بمعارضة تلك
السياسات وتأييد إيران بحقها بالتسلح
النووي، ورفض المقاطعة، فالنتيجة أن
أدوات الضغط أقوى من كل حضور هذا
المؤتمر، لأننا نعلم أن التظاهرات
السياسية لدول لا تملك قرارات التأثير
هي مجرد احتفال دبلوماسي لنتائج غير
عملية. أطراف الصراع في
سوريا، إذا استبعدنا القائمتين
العربية والاقليمية، هم أعضاء مجلس
الأمن، ولو عادلنا القوة بين
المتعارضين، فالغرب هو من يستطيع فرض
الحل، لأنه الأقرب جغرافياً إلى
سوريا، وتركيا مثال، فهي عضو في حلف
الأطلسي تجاور سوريا وقادرة أن تلعب
الدور الأساسي بالنيابة عن حلفائها. المعروف أنه لا رغبة
ترتبط بإنهاء النزاع، لأن منظور الدول
في مجلس الأمن، لا تأخذ بتحليل المواقف
السورية أو العربية، طالما الأصل في
العملية مزايدات وعقد صفقات ولو نجح
الشعب السوري ومعارضته في إيقاف قوة
الأسد، فقد تتغير المواقف، وعندها
ستتضح الرؤى لينحاز الجميع لرغبة
الشعب بدلاً من سلطة الأسد.. ================= نُصرتُ
بالرعب: “التسليم قبل الإمام” سيبقى الماهر
كسيحًا بإذن الله إلى أن يأتي أمر الله
فيه وفي أخيه وكل زبانيته من العلويين،
فيقتلون شر قتلة أ. د. محمد خضر
عريف الأربعاء 29/08/2012 المدينة ليلة عيد الفطر لهذا
العام، تحدى المجاهدون المناضلون من
أهل السنة في سورية رئيس عصابة الإجرام
فيها المسمى بالأسد أن يظهر معه في
صلاة العيد كما هو معتاد في كل عام:
نائبه فاروق الشرع الذي تواترت
الأخبار عن انشقاقه مع بعض الإشاعات عن
مقتله قبل أن ينشق، وشقيق رئيس العصابة
«الماهر» في سفك الدماء وهتك الأعراض
وتشريد الأهالي وترويع الآمنين: من أهل
السنة، ذلك أن هذا الماهر في هذه فقط
أصابه الله فيمن أصاب في تفجير مقر
اجتماع العصابة، فقطعت كلتا ساقيه،
لأمر يريده الله- إذ كان ممكناً جداً أن
ينفق مع من نفقوا من المجرمين
والسفاحين، ولكن الله عز شأنه أراد أن
يعذبه ويذله بقطع ساقيه اللتين سعى
بهما كل يوم للقتل والتنكيل والتعذيب.
وسيبقى كسيحاً بإذن الله إلى أن يأتي
أمر الله فيه وفي أخيه وكل زبانيته من
العلويين فيقتلون شر قتلة، وإن كان
قتلهم جميعاً لا يعدل «شسع نعل» واحد
ممن قتلوا ظلماً وعدواناً من المسلمين.
أقول إن هذا التحدي من قبل المجاهدين
المنصورين بإذن الله كان في محله، فقد
ترقبت كما ترقب غيري عرض المسرحية
الهزلية التي تعرض كل عام ويمثل فيها
رئيس العصابة دور المصلي لصلاة العيد
للاستهلاك المحلي ولخداع الجمهور،
فكانت في هذه المسرحية فصول من
المضحكات المبكيات التي لم يتخيلها
أحد. وأهم ما رأيناه فيها أن الشخصين
المشار إليهما لم يظهرا فعلا: فاروق
الشرع لانشقاقه أو اغتياله، والماهر
في الإجرام الذي قطعت ساقاه (ونسأل
الله أن يلحق بهما عنقه في القريب
العاجل إن شاء الله). أما اللافت في
مسرحية هذا العام فهو أن المسمى بالأسد
سلم من الصلاة قبل أن يسلم الإمام،
وصورت كل الفضائيات هذا المشهد، ووضعت
دائرة حول رأسه وأعادت المشهد لمرات
الذي يظهر فيه الإمام ومن خلفه هذا
الدعيّ الذي سلم ليسلم من بعده الإمام.
وهذا التصرف وهذا التعجل لهما تفسيرات
كثيرة أولها أن محمداً صلى الله عليه
وسلم وأمته من أتباعه الصادقين قد
نُصروا بالرعب.. وهو ما ظهر جلياً في
هذه الحادثة، ومعلوم أن كل الاحتياطات
اتخذت هذا العام تحسباً لعملية اغتيال
مرتقبة للسفاح وأعوانه تشبه ما حصل
لعلي عبدالله صالح في اليمن، فوضعت
حراسات مشددة حول عدد من الجوامع من
باب التمويه، لكي لا يعلم الناس في
أيها سيصلي رئيس العصابة، وكان أن مثل
دور المصلي في مسجد لم يعتد أن يصلي فيه.
وفي ذلك المسجد بالذات شددت الحراسات
إلى أبعد حد ممكن، ومع ذلك كله كان
المسمى بالأسد ترتعد فرائصه خلال
الصلاة كما كان بادياً على وجهه بوضوح،
ولم تستغرق الصلاة والخطبة سوى بضع
دقائق، ومع ذلك لم يستطع الصبر حتى
يسلم الإمام. ومن التفسيرات
المقبولة أيضاً أن رأس نظام الحكم
الفاسد ومعه عصابته المجرمة قد أصابهم
جميعاً الإرباك الشديد في كل شيء، فما
عادوا يركزون في أي تصرف حتى في
الصلاة، ومن الأدلة على ذلك أن أحد
المصلين في الصف الأول- ما يعني أنه من
المسؤولين- ركع في التكبيرة الثانية في
صلاة العيد ثم استدرك ونهض، ومعنى ذلك
أنه مرتبك وغير مركّز على الإطلاق، أو
أنه لم يصلِّ في حياته صلاة العيد أو
غيرها، كما قال البعض، وعلى كل حال فإن
الكثير ممن شاركوا في هذه «التمثيلية»
هم من العلويين النصيريين الذين لا
علاقة لهم بصلاة المسلمين وشعائرهم. بقي أن أؤكد أن هذا
الارتباك الواضح وهذا الخوف وهذا
الذعر كل ذلك يشي بقرب سقوط العصابة
ورئيسها، وأذكر حادثة في مناظرة
المرشحين للرئاسة الأمريكية قبل خمسة
عشر عاماً أو يزيد هما: كلينتون وبوش
الأب، حين نظر بوش في الساعة سريعاً في
حركة لم تستغرق نصف ثانية، فقال
المحللون إنه سيخسر الانتخابات لأن
نظرته إلى الساعة معناها أنه مرتبك
ومهتز وغير قادر على مجابهة الخصم وغير
واثق من نفسه ومستعجل وليس على قدر
المسؤولية إلى آخر قائمة الرسائل التي
استنبطوها من هذه الحركة البسيطة، وقد
خسر بوش بعدها فعلاً، وعليه فإن سفاح
سورية خاسر لا محالة بعد هذه الحركة
الغبية، ولكنها شديدة الإيحاء وتبشر
بصبح قريب تنقشع فيه ظلمة ليل حالك هو
أطول ليل في التأريخ فقد استمر خمسين
سنة ليس فيها إلا القهر والقتل
والتنكيل والاستبداد. ================= تاريخ النشر:
الأربعاء 29 أغسطس 2012 محمد خلفان
الصوافي الاتحاد أن يصرح مبعوث الأمم
المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي
بخوفه من المهمة، فذلك أمر متوقع.
الجميع يدرك صعوبة إقناع القيادة
السورية بالتنحي والتخلي عن اتباع "منهج
القتل الجماعي" للشعب الأعزل، وهي
السياسة التي تتبعها منذ 18 شهراً. الإبراهيمي، وقبله
كوفي عنان، لم يرتح لتعامل نظام بشار
الأسد مع الأزمة السورية، والذي لا يرى
سبباً يدفع للتعامل مع شعبه بغير
معاملة العدو، فيتم قتله ببشاعة، حيث
فاق عدد ضحايا النظام الـ 20 ألف قتيل.
لذا لا يمكن معرفة الطريقة التي من
خلالها تم إقناع الإبراهيمي بقبول هذه
المهمة حيث تقول كل المؤشرات بعدم وجود
"ضوء" في نهاية النفق السوري. فقد
اعتذر عنها سياسيون آخرون، وحتى
الإبراهيمي نفسه كان قد اعتذر لأن
النظام السوري لا يبحث عن حل للأزمة. الكل بدأ يبتعد عن
نظام بشار الذي لم يبقَ له غير الموقف
الروسي "المحير" لكل المراقبين،
حتى إيران بدأت تبحث عن مخرج للهروب من
نتائج العناد السوري، فهي التي وافقت
على حضور قمة "مكة" وسكتت عن قرار
تجميد عضوية سوريا في منظمة التعاون
الإسلامي، وكانت جامعة الدول العربية
أيضاً قد فعلت الشيء نفسه. وهناك
تكهنات بأن استضافة إيران لقمة عدم
الانحياز وحضور دول العالم، يدل أن
الموقف الإيراني لن يكون مع سوريا التي
خسرت كل حلفائها في المنطقة ولم تعد
لديها أي علاقة حتى بالملف الفلسطيني،
وهو أحد أهم ملفات العقدة السورية في
المنطقة. مضامين التفاهم مع
نظام بشار لخصها الإبراهيمي في "خوفه"
من المهمة، كما يمكننا كمراقبين
معرفتها من خلال تصريحات المسؤولين
السوريين، ومن حالة الانشقاقات
الواسعة في القيادة السياسية
والأمنية، وحتى التفجيرات الأخيرة، بل
وفي الاختلاف على المستوى القيادي. كلام الإبراهيمي،
رغم جرأته ووضوحه، يبين أن مهمته صعبة
وإن لم تكن مستحيلة من أجل إقناع بشار
بالتنحي، باعتبار أن الحل المطروح هو
السيناريو اليمني باعتباره أحد شروط
الشعب السوري. وقد وضع الإبراهيمي
الشعب السوري في الأولوية، وهو عندما
يتكلم عن مخاوفه من المهمة فإنه بذلك
يمهد المجتمع الدولي لأن يستعد من أجل
حلول غير سياسية وغير دبلوماسية، إلا
إذ خيّب الأسد ظن كل المحللين
والمراقبين وفجّر مفاجأة سياسية من
العيار الثقيل وقبل أن يتنحى ووافق على
الحل السياسي! تخوف الإبراهيمي في
هذا الخصوص يفوق تخوّفه من المهمة
نفسها، فسوريا بشار احترفت المفاجآت
والتنصل من الوعود والتعهدات في
تعاملها مع المجتمع الدولي ومع الدول
العربية تحديداً، وتشهد الساحة
اللبنانية الكثير منها. وما يهم بشار
الآن من المهمة كلها كسب مزيد من الوقت
لزيادة عدد ضحاياه وتدمير ما بقي من
الدولة السورية، إذ لا توجد مؤشرات
تمكن من بناء موقف إيجابي من مهمة
الإبراهيمي، فالخلفية التاريخية
للقيادة السورية مليئة بالتعقيدات
وبالكلام غير الدقيق وغير الموثوق، ما
يجعلنا نتفاعل مع مخاوف الإبراهيمي
ونعيش حالة ترقب لما يمكن أن يحصل. ومجمل القول إن هناك
تشككاً في إمكانية تغير موقف القيادة
السورية، فهي مصرة على إكمال مسيرة
التقتيل وتخريب المنطقة كلها. وإن هذه
المهمة هي الفرصة الأخيرة من جانب
المجتمع الدولي لنظام بشار، خاصة وأن
المؤشرات السياسية كلها تقول إن
الجميع بدأ يتخلى عنه، فتخوّف
الإبراهيمي لابد أن نضعه في مكانه لأنه
مبني عن ذهنية لا تعرف "فن الممكن". ================= دعت لدعم
حكومة سورية من المعارضة فرنسا...ضغوط
مكثفة على «الأسد» تاريخ النشر:
الأربعاء 29 أغسطس 2012 الاتحاد جهود دبلوماسية
متفرقة تهدف إلى كبح العنف الذي يزداد
استفحالاً في سوريا، ازدادت تعقيداً
يوم الاثنين مع دعوة فرنسا العالم إلى
الاعتراف بحكومة سورية مؤقتة تعتبرها
الولايات المتحدة مبكرة وسابقة للأوان.
وبتوجيهه هذه الدعوة، أصبح الرئيس
الفرنسي فرانسوا هولاند أول زعيم غربي
يدعو مجموعات المعارضة السورية إلى
تشكيل حكومة مؤقتة، مما يضع ضغوطاً
إضافية على الرئيس الأميركي لدعم
المناورة الدبلوماسية أو الترخيص
لتحرك عسكري أميركي من أجل حماية
المدنيين. وقال "هولاند"
إنه يأمل أن تقوم حكومة سورية بديلة
معترف بها دولياً بتسريع سقوط الأسد.
والواقع أن الولايات المتحدة تدعم مثل
هذه الجهود السياسية، ولكنها رفضت يوم
الاثنين الماضي دعم مقترح "هولاند"
الذي من شأنه أن يوفر دعماً غربياً
لحركة يمكن أن تشمل عناصر متطرفة. غير
أن النداء الذي أطلقه "هولاند"
يعكس تزايد مشاعر الإحباط –في فرنسا
وأماكن أخرى في أوروبا – من الجمود
الدولي لوقف إراقة الدماء في سوريا.
فيوم الاثنين الماضي، قُتل 148 شخصاً
على الأقل في هجوم للقوات الحكومية
السورية على دمشق والمنطقة المحيطة
بها، وفق نشطاء المعارضة. كما مات 42
شخصاً على الأقل في قصف جوي في ضاحية
زملكة الواقعة شمال شرق العاصمة. ويشار إلى أن ما يقدر
بـ20 ألف شخص قُتلوا في النزاع السوري
الذي انبثق من الاحتجاجات المطالبة
بالديمقراطية التي بدأت في مارس 2011.
ويوم السبت فقط، قُتل في داريا بضواحي
دمشق أكثر من 320 شخصاً، في ما وصفته
مجموعات المعارضة بأنه أكبر مذبحة في
النزاع. مقترح "هولاند"
لم يدع المجتمع الدولي إلى تسليح
المعارضة، ولكنه ذكَّر مع ذلك بتشديد
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي
المبكر على ضرورة أن تحرك العالم من
أجل وقف الفظاعات في ليبيا تحت حكم
معمر القذافي. ورغم أن البيت الأبيض
انزعج من الضغط، إلا أن استعداد
ساركوزي لاستعمال طائرات حربية من أجل
فرض منطقة حماية داخل ليبيا ساعد على
دفع إدارة أوباما إلى تبني منطقة حظر
طيران. وقال "هولاند" في خطاب أمام
السلك الدبلوماسي الفرنسي: "إن
فرنسا تطلب من المعارضة السورية تشكيل
حكومة مؤقتة – شاملة وممثلة لجميع
الأطياف –حكومة يمكن أن تصبح الممثل
الشرعي لسوريا الجديدة". والجدير بالذكر هنا
أن العديد من الدول الغربية والعربية
دعت الأسد إلى الرحيل عن السلطة، ولكن
أياً منها لم يعترف رسمياً بالمعارضة
باعتبارها الزعيمة الشرعية للبلاد. بيد أن تشكيل مثل هذه
الحكومة سيتطلب توحيد صفوف المعارضة
السياسية السورية المنقسمة على نفسها
والمقاتلين الثوار المناوئين للأسد
وراء مجموعة من الزعماء وبرنامج سياسي.
كما سيعني ربما شمل متطرفين ضمن الحكام
المقبلين للبلاد. والحال أن المجموعات
التي تقاتل الأسد لديها دوافع عديدة،
وفصائل المعارضة بطيئة في التنسيق
فيما بينها حيث يقول مسؤولون أميركيون
إنهم بدأوا الآن فقط يرون تحقيق
النشطاء لوعد بحشد الدعم داخل سوريا
لمجموعة من مبادئ الوحدة التي صاغوها
في أوائل يونيو الماضي. ويُلزم هذا
الميثاق الثوار وشخصيات المعارضة
السياسية بمقاومة الانتقامات
الطائفية واحترام حقوق الإنسان. وفي هذا السياق، قالت
المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية
الأميركية "فيكتوريا نولاند" عن
فصائل المعارضة السورية: "إنهم
مازالوا يتشاورون فيما بينهم"،
مضيفة "الشيء المهم هو أنه من أجل
التقدم لا بد من أن تقوم المعارضة
السورية خارج سوريا والمعارضة السورية
داخل سوريا بالتعاون والتنسيق فيما
بينها" حول الإطار وزعامة البلاد
بعد الأسد. ومع غياب استعداد في
أوروبا لتحرك عسكري كبير شبيه بتدخل
العام الماضي في ليبيا، تركز الاهتمام
على المطالبة السياسية بتنحي الأسد،
وهو خطاب يمكن أن يزداد قوة مع تشكيل
حكومة بديلة في المنفى. غير أن
المسؤولين الأميركيين لا يخفون قلقهم
ويرون أن تشكيل حكومة مؤقتة متسرع
وسابق للمناقشات الداخلية للمعارضة
وللاستعداد الدولي للرد على النزاع.
ولكن مبعث القلق الفوري هو مخطط
للتعاطي مع اللاجئين الذين يتدفقون
على تركيا والأردن وبلدان أخرى،
واتفاق حول إمكانية تمديد الحماية
للاجئين إلى فرض منطقة آمنة عسكرياً
داخل سوريا. وقال "هولاند"
إن فرنسا تدعم إقامة "مناطق حرة"
لحماية النازحين داخل سوريا، من قبيل
الفكرة التي كانت طرحتها تركيا بخصوص
منطقة عازلة. كما عقدت فرنسا أيضاً
اجتماعاً للأمم المتحدة حول سوريا هذا
الأسبوع. وهو اجتماع يتزامن مع اليوم
الأخير من الرئاسة الدورية لفرنسا في
مجلس الأمن الدولي. وأول من أمس الاثنين،
أعادت تركيا فتح المعابر الحدودية
أمام سيل من اللاجئين السوريين،
ولكنها حذرت من جديد من أنها لا تستطيع
إيواء أو دفع ثمن تدفق اللاجئين لوحدها.
ومن جهة أخرى، تستضيف إيطاليا وتركيا
والولايات المتحدة ودول أخرى لديها
مصلحة كبيرة في سوريا اجتماعاً
منفصلاً حول الاستراتيجية في روما
اليوم. هذا بينما اقترحت مصر اجتماعاً
إقليمياً يشمل حليفة سوريا، إيران،
ولكن الفكرة فقدت بريقها على ما يبدو.
ومن جانبها، تقول إيران إنها تخطط
لمحادثات حول مخطط سلام لإنهاء الحرب
الأهلية ولكنها لم تقدم أي تفاصيل. آن جيران – واشنطن باباك ديجانبيشيش –
بيروت ينشر بترتيب خاص مع
خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز
سيرفس" ================= نهلة الشهال النهار
29-8-2012 تلك الشابة، مراسلة
قناة «الدنيا» شبه الرسمية السورية،
عادلت قسوتها المشهد الموضوعي الرهيب
للجثث المتكدسة في جامع مدينة داريا
التي تتمدد عند سفح قاسيون، ولا تبعد
عن العاصمة أكثر من سبعة كيلومترات.
كانت الشابة تتقافز بكل رشاقة وتماسك
بين الجثث والأشلاء. بعض الأجساد ما
زال ساخناً أو نابضاً ببقايا حياة.
امرأة ميتة تحتضن طفلها القتيل، وجدت
المراسلة من المفيد مقارنتها بمحمد
الدرة، واستفاضت خطابياً، بينما تحتضن
طفلة صغيرة حية جثة أمها، فسألتها،
ونصبت «الكاميرا» و«الميكروفون» في
وجهها المذعور، كما حاولت استنطاق
سيدة محتضرة. لعل المراسلة فخورة
بجرأتها وبمجهودها، وهو حصتها من
المجابهة الدائرة، حيث للرواية أهمية
كبيرة. لعلها ببساطة فخورة بالشهرة
التي اكتسبتها. تحتاج الشابة إلى علاج
نفسي و/أو إلى الخضوع للمساءلة. وبسبب
من تلك التغطية الفجة، فهي قد حلَّت
مكان الفاعلين، مبددة بذلك بعض الغموض
الذي يلف هويتهم... حتى إشعار آخر. و«الغموض» هذا خاصية
سورية فريدة. ففي مجازر مشابهة، كان
الفاعل يضع دوماً توقيعه: «تطهير»
أوروبا من اليهود في الحرب العالمية
الثانية، مجازر الصرب والكرواتيين ضد
المسلمين في يوغوسلافيا السابقة، أو
حرب الإبادة بين التوتسي والهوتو في
رواندا، حيث ارتكب الأخيرون تصفيات
جماعية... كذلك يظهر التوقيع في التطهير
السياسي، حين اعتبر بول بوت أن عليه
توفير «نقاء» كمبوديا من أعداء
الاشتراكية. وتلك كانت نسخة بدائية
ومجنونة من أفكار سبق للينين التعبير
عنها حين تكلم عن «تطهير الأرض الروسية
من هذه الحشرات الضارة»، وكان يقصد «الحرس
الأبيض». ثم أبدع بعد ذلك ستالين في
ممارسة «التطهير» السياسي
والإيديولوجي... وأما قادة الولايات
المتحدة الأميركية وآباء تكوينها
واستقلالها، فسبقوا الجميع. فتناول
جورج واشنطن وتوماس جفرسون (وهما
الأشهر والأكثر احتراماً!) ضرورة «تطهير
البلاد» من سكانها الأصليين، من
يُسمَون بالهنود الحمر. قال الأول إن
بلاد قبيلة «الايريكوا» لا يجب أن «تُغزى
فحسب، بل أن تدمر»، وأوضح الثاني انه «متى
ما بُدِئَ بسحب البلطة على قبيلة ما،
فيجب عدم التوقف قبل استئصالها». و«مشكلة» الوضع في
سوريا انه يجمع المجد من أطرافه، إذ
تتقاطع معطيات القتل أو «التطهير» (وفق
التسمية التي استخدمتها السلطة
السورية في بياناتها الرسمية) على أساس
الهويات الجمعية، وهي هنا مذهبية، مع
تلك السياسية و«الإيديولوجية»، حيث
القتل طائفي ولكن مبرره سياسي: هناك «عصابات»
ينبغي استئصالها، «عدو» داخلي مدعوم
من عدو خارجي. في الدراسات حول
المجازر، يتم تسجيل ذلك الرُهاب (البارانويا)
الذي يسيطر على السلطة، بوصفه إحساساً
عميقاً بالقلق وبخطر الموت، فتطغى
معادلة «موتك هو حياتي». وقد خلد
الشاعر الالماني هنريش هاينه المعادلة
الإنسانية السقيمة في واحدة من قصائده:
«... ينبغي بالتأكيد على المرء الغفران
لأعدائه، ولكن ليس قبل شنقهم». وحين
حاول بريمو ليفي، حال وصوله إلى
أوشفيتز معتقلاً، فهم تلك المعادلة،
فطرح «لماذا؟»، أجابه جلادوه بصلف: «هنا
لا يوجد لماذا»، كما نقل في كتابه «إنه
إنسان». ولكن «لماذا» تلك، على صعوبة
الإجابة عنها، ضرورية. فالكف عن محاولة
الفهم انتصار للجلاد، عبّر عنه يأس
بريمو ليفي من الإنسان، وانتحاره في
شيخوخته. فلماذا داريا،
وقبلها الحولة، وقبلهما التريمسة...
وهي متشابهة وإن تكن تصاعدية لجهة عدد
الضحايا. تتقاذف السلطة والمعارضة
المسؤولية عن تلك المجازر. وتلك خاصية
سورية ثانية، حيث في العادة «تطبع
السلطات المهيمنة بصمتها على الأجساد»
(بحسب فوكو)، فتنفَذ المجازر كشكل من
أشكال السيطرة الاجتماعية، أو من
الاستعراضية المُثْبتة للتفوق.
والسلطة غالباً ما تبرر ذلك بالحاجة
إلى تطهير الجسم الاجتماعي، ولو كان
بثمن تدميره، والإثنان مترابطان
تماماً. فوحده تصور واهم، أو كاذب،
يمكنه الاعتداد بالتطهير من دون
التدمير. ولا يمكن كذلك فصل كلمة «تطهير»
تلك عن نقيض الطهارة، وهو النجاسة. ولا
يوجد بالطبع من يدافع عن الإبقاء على
النجاسة! وإن احتاجت الحقيقة
الموثقة لمجازر سوريا إلى وقت حتى تظهر
ويتم الفصل فيها، إلا أن القناعات هنا
لا تنتظر تلك الأحكام القضائية
المبرمة، والتي قد يأتي زمانها لأن «البلطات
المسحوبة» لم تستأصل القبيلة، وهي هنا
باتساع شعب بأكمله. والقناعات متشكلة،
وهي تعلن مسؤولية النظام عن تلك
المجازر. ولعدم الاستئصال ذاك
عيب آخر، غير القدرة في المستقبل على
الشهادة والتوثيق وإصدار الأحكام.
فهو، وبشكل فوري، يستحث على الانتقام.
ويخشى ألا يطول الزمن قبل أن تحدث في
سوريا مجازر جماعية مضادة، تطال
مساكين آخرين يصدف أنهم علويون، وأن
قراهم أو أماكن سكناهم تقع في متناول
يد الخصوم... أو أنهم مسيحيون، أو سوى
هذه أو تلك من «الأقليات» التي يفترض
أنها تدعم النظام السوري أو تتردد في
إدانته. فهل الإحجام عن هذه المجازر
حتى الآن (خلا حوادث ضيقة للغاية)، هو
دليل وعي لدى المعارضة السورية، رغم
الفوضى العظيمة التي تسود في أوساطها؟
أم هو دليل على هوية المرتكبين
الكلاسيكيين للمجازر التي وقعت، وهي
عادة السلطات التي تهدف، بواسطة
الترويع، إلى إثبات تفوقها، والحاجة
للخضوع لها؟ علاوة على ذلك، ومن
ضمن محاولات الفهم الشاقة، فثمة «سبب»
يرد كثيراً فيؤكد تلك الفرضية، ويتعلق
بخلق شعور جماعي بالخوف: خوف لدى
المستهدَفين المحتمَلين مستقبلاً
بتلك المجازر (التي تشبه القصاص، أو
العقوبة)، وخوف لدى من تُرتَكب تلك
المجازر باسمهم، وإن ضمناً. لأنه لا
يخفى على أحد ما يتردد، مِن أن
المرتكِبين هم أفراد الميليشيات
المسماة «الشبيحة» ـ وهم في أغلبهم
الأعم علويون ـ مما يرتب مسؤولية مخيفة
على «طائفتهم»، إلى حد دفعها للتماسك
وراء «حاميها» المتوفر، وإعادة تشكيل
«عصبيتها» بفضل الخوف الذي ينتابها،
وشعورها بالتهديد، ورغبتها الطبيعية
بإلغاء هذا الخطر الذي يتهددها. وكلما
زادت الجريمة، ارتفع منسوب الشعور
بالخطر من انتقام مقبل، وسيطرت مجدداً
معادلة «موتك هو حياتي». ومن عاش
حروباً أهلية يدرك تماما فعالية هذا
الأمر، وهذه في سوريا تصنع بتوءدة.
ورغم أن آلافاً من الفاعلين النشطين في
المعارضة السورية، وعشرات من ألمع
مثقفيها وفنانيها، هم علويون، إلا أن
الاشتغال على الغرائز وعلى ردود الفعل
الرُعاعية يمكنه بيسر تجاهل تلك
الحقيقة. وأخيراً، فلا شك أن
المعنى الذي يمنحه الجلاد لفعلته أهم
من الأسباب الاجتماعية الموضوعية التي
تحيط بتلك الفعلة. ومن المقلق حقاً
ومما له دلالة في هذا السياق، أن تكون
تصريحات المسؤولين السوريين تدور كلها
حول رفض مبدأ التسوية السياسية (وهي
باتت «مبدأ» لأن اشتراطاتها لم تعد
متوفرة، أي فات وقتها على الارجح!)، أو
تأجيل قبولها (مثل الغفران لدى هاينه)
إلى ما بعد «شنق الأعداء». فبشار الأسد
«باق إلى الأبد»، وهو ينوي توريث حكمه
لابنه، على ما صرح لمراسلة قناة
تلفزيونية أميركية شهيرة منذ أشهر. وهو
اليوم يعلن انه لن يسمح بمرور «المؤامرة»
«مهما كلف الثمن»... يا للهول! ================= 3 - ماذا
تفعل السعودية إذا اتفقت اميركا
وايران؟ سركيس نعوم 2012-08-29 النهار الاعتماد على الشعوب
العربية كي تضغط على انظمتها من أجل
مبادرتها الى نصرة الشعب السوري
الثائر على نظام آل الاسد ليس الوسيلة
الناجعة في رأي المصادر الديبلوماسية
العربية نفسها. فغالبية هذه الشعوب مع
الثورة السورية. لكنها لا تستطيع ان
تقدم لها مباشرة ما تحتاج اليه من دعم،
لأنها هي نفسها في حاجة الى من يدعمها
لتحقيق مطالبها السياسية، أو حتى
اكتفائها الاقتصادي وإن في دول "مرحرحة"
مادياً كما يقال. ولأن الانظمة التي
تحكمها لا تمتلك الإمكانات العسكرية
التي تمكّنها من تقديم ما يحتاج اليه
ثوار سوريا من أسلحة وتدريب ومال. كما
انها لا تستطيع المغامرة بإرسال
الرجال اي الجيوش لأسباب متنوعة تؤكد
كلها حال التعاسة التي يعيش في ظلها
العرب شعوباً وأنظمة. وفي هذه الحال
على من تعتمد المملكة العربية
السعودية لتحقيق اهدافها الثلاثة، وهي
التخلص من ايران ونظام الاسد و"حزب
الله" مع الـBonus
الذي هو العراق (ربح اضافي)؟ الاعتماد الاول هو
على الولايات المتحدة الحليف الاول
والأقوى للمملكة. فهذه الدولة الأعظم
في عالم اليوم قررت، وانطلاقاً من
مصالحها وبعد ذلك من مصالح حلفائها
العرب وغير العرب في المنطقة، ان على
الرئيس بشار الاسد التنحّي مع نظامه.
وقررت من زمان ان "حزب الله"
ارهابي بوضعه على لائحتها الخاصة
للارهاب. وقررت منع ايران الاسلامية
الشيعية من السيطرة على المنطقة
العربية والاسلامية، وعلى ثرواتها
الفائقة الأهمية وفي مقدمها النفط
والغاز، وتالياً منع امتلاكها الأسلحة
التقليدية وغير التقليدية التي تجعلها
متفوقة على المنطقة برمتها باستثناء
اسرائيل. ومن هنا جاء قرارها بمنعها (اي
ايران) من امتلاك السلاح النووي أو من
تصنيعه أو من الحصول على التكنولوجيا
التي تمكّنها من ذلك. لكن الولايات
المتحدة ورغم القرارات المذكورة كلها
لم تفعل شيئاً عملياً كي تضعها موضع
التنفيذ. فهي تعرف ان الثوار السوريين
لن يهزموا الاسد ونظامه إلا إذا أتتهم
مساعدة عسكرية نظامية من الخارج. لكنها
لا تزال غير مستعدة لتوفير هذه
المساعدة مباشرة او بواسطة حليفتها
تركيا، اولاً لأنها وبعد تجربتي
العراق وافغانستان المُكلِفين على
أكثر من صعيد وخصوصاً البشري والمادي
لا تنوي خوض مغامرة عسكرية ثالثة في
سوريا. وثانياً، لأن المجتمع الدولي
غير مجمع على هذا الامر. إذ ان روسيا
والصين مارستا الفيتو أي حق النقض أكثر
من مرة لمنع مغامرة كهذه. كما انها غير
مستعدة للتعامل مع المشكلة الايرانية
عسكرياً رغم تكرار اداراتها وآخرها
التي يترأسها اوباما ان الخيار
العسكري باق على الطاولة، لكن اللجوء
اليه لن يتم الا بعد التأكد ان ايران
صارت قريبة جداً من التحوّل قوة نووية
عسكرية، وإن التأخر عن منعها أو التردد
في ذلك سيكون كارثياً على الاميركيين
وحلفائهم في المنطقة وربما على العالم
كله. وإذا كانت هذه حال اميركا فإن حال
حلف شمال الاطلسي ليست أفضل. فأميركا
هي زعيمته، وهو لن ينفرد بعمل عسكري
إلا عند الحاجة القصوى وبقرار اميركي.
ولا تتحدث المصادر الديبلوماسية
العربية نفسها هنا عن "حزب الله"
لأنها تعتقد ان مصيره كأيديولوجيا
ووجود مُهدِّد للغرب واسرائيل ولحلفاء
الدول من العرب يرتبطان بمصير ايران
الاسلامية ونظامها. طبعاً لا يعني ذلك
كله ان اسرائيل لن تلجأ الى استعمال
القوة العسكرية ضد ايران النووية حتى
من دون موافقة اميركا. فرئيس حكومتها
يلوّح بذلك منذ اشهر، واميركا اوباما
تهدّئه ريثما تنتهي اجتماعات الـ6+1 الى
نتيجة ايجابية. لكنها لم تصل، وهو قد
ينفذ ضربته العسكرية قبل الانتخابات
الرئاسية الاميركية. ونسبة هذا
الاحتمال ليست قليلة وإن كانت ليست
اكيدة مئة في المئة. فهل تراهن
السعودية على اسرائيل للتخلص من ثلاثي
ايران – سوريا – "حزب الله"
واستطراداً العراق الشيعي؟ قد تستفيد
المملكة من هذه الضربة وخصوصاً إذا
نجحت، تجيب المصادر الديبلوماسية
العربية اياها. لكنها لا تراهن عليها
رسمياً بل لا تستطيع ان تراهن عليها
نظراً الى ما قد يتركه ذلك من انعكاسات
سلبية عليها لاحقاً في الداخل ومع
الخارج الاسلاميين. في النهاية لا يبدو
ان تخلّصاً نهائياً للسعودية من ايران
والمحور الذي تتزعم سهل كما تعتقد، رغم
الاشارات الكثيرة للحرب سواء بين
اميركا وايران أو اسرائيل وايران. وعلى
العكس من ذلك فان المصادر نفسها تدعو
السعودية الى النظر في احتمال آخر
نسبته كذلك مرتفعة هو: توصّل اميركا
وايران الى تسوية. وفي حال كهذه ماذا
تفعل؟ ================= عن
النموذج الأفغاني في سوريا * ياسر
الزعاترة الدستور 29-8-2012 منذ شهور طويلة رجحنا
أن النموذج السوري سيكون أقرب للنموذج
الأفغاني منه للنموذج العراقي، أعني
ما يتصل بمشاركة المقاتلين الإسلاميين
في مواجهة نظام بشار الأسد. قلنا مرارا أيضا إن
تدفق المقاتلين الإسلاميين إلى الساحة
السورية لم يبدأ إلا بعد شهور طويلة من
انطلاقة الثورة، فيما كانت العمليات
المحدودة الأولى التي نفذت نتاج
اختراق للنظام في المجموعات الجهادية
التي خبر التعامل معها منذ أيام
المقاومة العراقية ضد الاحتلال، وكان
الهدف كما يعرف الجميع هو مغازلة الغرب
الذي يخشى هذه المجموعات، إضافة إلى
وصم الثورة بالإرهاب بدل أن تكون ثورة
شعبية شعارها الحرية والكرامة مثل
سائر الثورات التي سبقتها في اليمن
ومصر وليبيا وتونس. لقد اعتقد النظام أن
عسكرة الثورة ستسهّل عليه قمعها بدل
استمرار مشاهد قتل الناس العزل في
الشوارع، مع العلم أن عاما كاملا منذ
اندلاع الثورة لم يُقتل فيه من
المسلحين سوى بضعة أفراد، بينما كان
أكثر الشهداء من المتظاهرين العزل،
فضلا عن عشرات الآلاف من المعتقلين
الذين يرزحون في سجون النظام، بل
مسالخه البشعة بتعبير أدق. في الحالة العراقية
كانت هناك موجتان من تدفق المقاتلين؛
الأولى هي تلك التي جاءت قبل الغزو
وكان عمادها جحافل من الشبان
المتدينين الذي أشعلت حماستهم موجة
التعاطف الشعبي مع نظام صدام بسبب
الخطاب الإسلامي الذي تبناه خلال
مرحلته الأخيرة من جهة، والعداء
للولايات المتحدة من جهة أخرى. أما
الموجة الثانية فجاءت بعد الاحتلال؛
ليس مباشرة، بل بعد أسابيع وربما شهور
قليلة بعد إطلاق تنظيم التوحيد
والجهاد للمقاومة، وإلى جانبه عدد من
الفصائل ذات اللون الإسلامي. وتصاعدت
هذه الظاهرة بعد مبايعة زعيم التنظيم (الزرقاوي)
لأسامة بن لادن الذي كان يحظى حينها
بشعبية كبيرة في أوساط قطاع لا بأس به
من الشبان الإسلاميين. أسهم ذلك في تدفق
أموال كثيرة وأعداد من الشبان
للمشاركة في الجهاد في العراق الذي مثل
احتلاله دون مسوغ قانوني أو أخلاقي
إهانة ثقيلة للعرب والمسلمين عموما؛
هو الذي يعتبر من أهم حواضر الأمة. لكن
ما ينبغي أن يقال هنا هو أن أكثر
المشاركين في تلك المرحلة (الموجة
الثانية) كانوا من المقتنعين بخطاب
القاعدة والسلفية الجهادية. يختلف ذلك كله عن
المرحلة الأفغانية، ذلك أن تيار
السلفية الجهادية لم يكن حينها قد أصبح
رقما مهما في معادلة الصحوة، وكان
المجاهدون العرب في أفغانستان خليطا
من التيارات الإسلامية، بمن فيها
المعتدلة ممثلة في الإخوان المسلمين،
وكذلك أخرى مثل الجماعة الإسلامية
والجهاد (مصر)، إلى جانب قطاع من
المستقلين ومن بينهم شبان من ذوي
التوجه السلفي العادي وليس الجهادي
بطبعته التي تبلورت خلال النصف الثاني
من التسعينات. اليوم في الساحة
السورية ثمة تشابه كبير مع النموذج
الأفغاني، ذلك أن النموذج السلفي
الجهادي لم يعد جاذبا كما كان من قبل.
ثم إنه في طبعته القاعدية كان يركز على
“العدو البعيد”، وهنا تنشب المعركة
مع عدو قريب، بل إن الثورة ذاتها لا
تحظى بمعارضة أمريكية غربية، وإن جرى
حصارها بمنع التسليح الذي يحسم
المعركة من خلال الضغط على تركيا
والدول العربية الداعمة، وبالطبع من
أجل المصلحة الإسرائيلية الكامنة في
إطالة أمد المعركة من أجل تدمير سوريا
وإشغالها بنفسها لعقود. في الحالة الأفغانية
كان هناك حشد إسلامي ضد الشيوعية،
واليوم يستخدم الحشد ضد إيران والشيعة
في تجييش المقاتلين، فضلا عن انحياز
الشبان العرب للثورات عموما ومن ضمنها
الثورة السورية، ولو استدعت النماذج
الأخرى من الثورات قبلها مواجهات
مسلحة مع الأنظمة لتكرر المشهد، مع
فارق أن حضور الناتو في الحالة الليبية
قد حال دون تدفق المقاتلين. المقاتلون
الإسلاميون في سوريا هم خليط من شتى
التيارات، وكثير منهم متدينون عاديون
أخذتهم الحماسة للثورة والانحياز لشعب
يتعرض للقتل بلا حساب. وما يؤكد هذه
الظاهرة هو ضآلة حضور النموذج “الانتحاري”
في المشهد السوري، مقابل القتال
العادي بالسلاح والقنابل والعبوات
الناسفة أحيانا. ما ينبغي أن يقال هنا
هو أن إطالة أمد المعركة سيساهم في
زيادة نسبة النموذج السلفي الجهادي
على حساب التيارات الأخرى، وهي نسبة
ليست بالضرورة من المقاتلين العرب
والمسلمين، بل سيكون أكثرها من
السوريين الذين يشعرون أن التيار
المذكور يوجع العدو أكثر من سواه، كما
أنه الأكثر تنظيما، وقد يكون تمويله
أفضل بسبب دعم فعاليات خليجية تفضله
على ما سواه، فضلا عن تصاعد التدين في
صفوف الناس كحالة طبيعية في القتال
الذي قد يفضي إلى الموت في أية لحظة. أهم ما في هذا الملف
هو ضرورة أن يتقيد المقاتلون
الإسلاميون بالخط العام للثورة ولا
يكرروا أخطاء النظام المجرم من جهة،
والأهم عدم التدخل في السياق السياسي
التالي الذي يمكن أن يتوافق عليه
السوريون باعتبار أنها ثورة من أجل
الحرية وتريد التعددية والتعايش بين
فئات المجتمع ككل، وليست ثورة مسلحة
يتسلم زمام وضعها التالي بالضرورة
صاحب الدور الأكبر في ميدان القتال
والسلاح؛ تماما كما كان الحال في ليبيا. يبقى القول إن تشابه
الحالة السورية مع الأفغانية يبقى
محصورا في البعد المشار إليه، ربما إلى
جانب إمكانية تورط إيران في المعركة
مثل تورط الاتحاد السوفياتي في
أفغانستان. أما أمد المعركة فلن يطول
كما طالت المعركة الأفغانية. التاريخ : 29-08-2012 ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 29-8-2012 لم يعد هناك أي مبرر
لتأخير الإتفاق على تشكيل حكومة سورية
«انتقالية» مؤقتة تضم تيارات المعارضة
الرئيسية وفي المقدمة منها الجيش
السوري الحر الذي هو بدوره لابد من
توحيده وإخضاعه لقيادة واحدة وقيادات
ميدانية فاعلة ومسيطره وذلك لضبط
الأمور وإدارة الصراع مع هذا النظام
الظالم الذي لجأ في الفترة الأخيرة الى
رفع وتيرة التصعيد وبات يستخدم كل ما
يملكه من قوة عسكرية بما في ذلك
الطائرات الحربية المقاتلة التي كان
لها الدور الكبير في ارتكاب مذابح
الأيام الماضية وأبشعها وأكثرها دموية
مذبحة دوما في ريف دمشق. ربما أن التلكؤ في
تشكيل الحكومة الانتقالية المؤقتة
،التي كانت ومنذ البداية مطلباً ملحاً
للشعب السوري ومطلباً لكل الدول
العربية وغير العربية المساندة للثورة
السورية، كان مبرراً ومقبولاً في
البدايات أما وقد اتخذ الصراع مع نظام
بشار الاسـد هذا المَنْحى الذي اتخذه
فإنه لم يعد لا مبرراً ولا مقبولاً أن
تبقى المعارضة بشقيـها العسكري
والمدني مبعثرة على هذا النحو وأنه بات
لازماً الإسراع في تشكيل مثل هذه
الحكومة التي من المنتظر ان تكون هناك
اعترافات بها من قبل العدد الأكبر من
الدول الغربية المؤثرة ومن الدول
العربية التي لم تعد قادرة على التعاطي
مع هذا النظام ولم تعد قادرة على
احتمال كل هذه المذابح وكل هذه
البشاعات التي يقوم بها. وهذا يقتضي أن تترفع
تشكيلات وتيارات المعارضة عن
أنانياتها وعن نزعاتها الاستفرادية
فالوحدة ،بعدما تمادى نظام بشار الاسد
في استخدام القوة المفرطة الغاشمة،
غدت ملحَّة وضرورية وغدت مطلباً
وطنياً وقومياً والوحدة دائماً وأبداً
تحتاج الى تنازلات وتضحيات متبادلة
وتحتاج الى الإتفاق على برنامج الحد
الأدنى وبرنامج الحد الأدنى هو رفض أي
حلٍّ لايؤدي الى التغيير من قمة الهرم
والى قاعدته وهو أن الفترة الإنتقالية
هي فترة تمهيدية للمباشرة فوراً بعد
التخلص من هذا النظام بالإحتكام الى
صناديق الاقتراع لصياغة حياة سياسية
عصرية جديدة على أنقاض ما بقي سائداً
منذ بدايات ستينات القرن الماضي وعلى
مدى نصف قرن وأكثر ودفن تجربة الحزب
الواحد والقائد الاوحد الى الأبد. إن المعروف في ظل
حالة التشتت هذه التي تعيشها المعارضة
السورية والتي هي مثلها مثل غيرها قد
فوجئت بتحول انتفاضة درعا الى هذه
الثورة الكاسحة العارمة أن التوحيد
ليس سهلاً ولا هيناً فهناك أمزجة
متعارضة وهناك ارتباطات متضادة وهناك
نزعات استفرادية لايمكن إنكارها وهناك
أيدٍ كثيرة تمتد من الخارج لكن ورغم
هذا فإنه لابد من ان تكون هناك تضحيات
وتنازلات متبادلة وانه لابد من إحتواء
هذه التعددية التي وصلت الى حد التشرذم
في إطار وطني عام فالوضع السوري في ضوء
هذا المنْحى الخطير الذي اتخذه الصراع
لم يعد يحتمل هذه الحالة السائدة الآن
وهنا فإنه على قوى المعارضة أن تدرك أن
مسيرة التاريخ في منطقتنا وفي العالم
كله قد شهدت فشل ثورات كثيرة لأن
النزعة الاستئثارية والاستفرادية
استبدت بقواها التي تمسكت بأنانياتها
وبقيت تغلب الخاص التنظيمي والشخصي
على العام الوطني. إنه لايجوز لا للمجلس
الوطني ولا لغيره أن يصدر شهادات وطنية
بالنسبة لمن إنشقوا عن هذا النظام
متأخرين فهؤلاء لهم ظروفهم وهؤلاء
ضحوا بمواقع هامة جداً واختاروا
الانحياز لشعبهم وعرَّضوا أهلهم
وأقاربهم للإنتقام الشرس وبطش «الشبيحة»
والأجهزة الأمنية ولذلك فإن من حقهم ان
يأخذوا المواقع التي يستحقونها إنْ في
الحكومة الانتقالية التي يجري الحديث
عنها وإن في مسيرة الشعب السوري عامة
ولذلك أيضاً فإن من حق هذا الشعب ألاّ
يُحرَمَ من خبرات هؤلاء سواء الآن في
هذه اللحظة الحرجة أو في المرحلة
الانتقالية او عندما تبدأ عملية
البناء التي هناك أمل واقعي بأن تكون
قريبة. إنه غير جائز إطلاقاً
ألاّ تأخذ القيادات التي ضحت بمواقعها
العليا واختارت الانحياز الى شعبها
وحركته الوطنية مكانها في الحكومة
الانتقالية المنوي تشكيلها وألاّ
يتبوّأ الجنرالات الكبار الذين
استجابوا لصحوة ضمائرهم مواقعهم في
المحطات القيادية للجيش السوري الحر
الذي هو نواة جيش المستقبل الوطني
فالإقصاء في مثل هذه الحالات يرتقي الى
مستوى الجريمة وبخاصة وان عمليات
انشقاق على مستويات عليا عسكرية
ومدنية متوقعة ومرتقبة ثم وإنه على
الذين من قيادات تيارات المعارضة
يصرون على سياسة الإقصاء والاستبعاد
أن يأخذوا في اعتبارهم أن الإسلام
العظيم لو أنه لم يفتح الأبواب للذين
قاوموه وأساءوا اليه في البدايات لحرم
المسيرة الاسلامية وبخاصة بينما كانت
في بداياتها من قيادات فذة من وزن عمر
بن الخطاب وخالد بن الوليد وغيرهما رضي
الله عنهم جميعاً. ================= عبد الباري
عطوان 2012-08-28 القدس العربي
الانطباع السائد
لدينا كعرب، بل ومعظم اقراننا في
العالم الثالث ايضا، ان اجهزة
المخابرات الغربية، والامريكية منها
بالذات، تعرف كل صغيرة وكبيرة في
بلداننا، وتتحكم بكل خيوط اللعبة، لكن
الواقع مخالف لذلك تماما، وهناك امثلة
عديدة تؤكد هذا الاستنتاج سنذكرها
لاحقا. لا نجادل مطلقا في
امتلاك الدول الغربية واجهزتها
الامنية ادوات تكنولوجية تجسسية
متقدمة جدا على صعيد جمع المعلومات،
كما ان لها مراكز بحثية تضم عقولا
اكاديمية كبيرة بمقاييس الشهادات
والدرجات الجامعية العلمية، بل ان بعض
الحكام والوزراء منضوون في هذه
الأجهزة، ولكن ما نجادل فيه وبقوة، هو
ان كل هذه الامكانيات فشلت فشلا ذريعا
في فهم ما يجري في منطقتنا من تطورات
على الارض، والسبب ان كل هذه المليارات
التي تنفق على اجهزة البحث والتقصي هذه
تنسى امرا واحدا واساسيا وهو ان
الطبيعة النفسية والنوازع الدينية
والوطنية لدى الانسان العربي اعقد من
ان تفهمها او تحللها المختبرات
الغربية. المعلومات شيء،
وتحليلها واستخلاص النتائج الصحيحة
شيء آخر مختلف تماما، والمثال الأبرز
في هذا الاطار هو المفاجآت التي تتلاحق
الواحدة تلو الاخرى في مصر. عشرات المنظمات غير
الحكومية الممولة من جهات خارجية،
تملك مقرات في مصر وتصدر دراسات
وتقارير اسبوعية او شهرية حول تطورات
الاوضاع في مصر، من خلال مراكز ابحاثها
او اThink Tankب
مثلما يطلق عليها، مدعومة بسفارة
امريكية هي الأضخم في المنطقة، ومع ذلك
لم يتوقعوا مطلقا حدوث ثورة تطيح
بالرئيس حسني مبارك ونظامه. الادارة الامريكية
استثمرت حوالى 36 مليار دولار على مدى
السنوات الثلاثين الماضية لتسليح
الجيش المصري، مثلما استثمرت الكثير
من الجهد والاتصالات لتوثيق العلاقات
مع اركان المؤسسة العسكرية المصرية،
ليأتي شخص من رحم الغيب اسمه الدكتور
محمد مرسي ليقلب الطاولة على الجميع،
ويزيل جميع الرؤوس الكبيرة والقيادية
في هذه المؤسسة في دقائق معدودة، بمن
في ذلك معلمهم الأكبر المشير حسين
طنطاوي، والصديق الصدوق للولايات
المتحدة الفريق اول سامي عنان رئيس
اركان القوات المسلحة المصرية. ' ' ' الانطباع الذي كان
سائدا في الاوساط الامريكية ان المشير
طنطاوي هو الزعيم الحقيقي لمصر، وان
الدكتور مرسي مجرد موظف صغير، او
بالاحرى واجهة مدنية ديكورية، لا
يستطيع، بل لا يجرؤ، على تجاوز المجلس
الاعلى للقوات المسلحة، ليتبين ان
الحقيقة مخالفة لذلك كليا، وان العكس
هو الصحيح. فلا قوة تتقدم على قوة
الشعب، ولا سلطة اعلى من سلطة صندوق
الاقتراع. إتفاقات كامب ديفيد
كانت بقرة امريكية مقدسة، لا احد يجرؤ
على الاقتراب منها، او الحديث عن
تعديلها، رغم ما فيها من ملاحق أمنية
مهينة لمصر،ومنقصة من سيادتها، ومذلة
لشعبها، وها هي هذه الاتفاقات تترنح،
وملاحقها تتآكل، الواحدة تلو الاخرى
امام عودة الدبابات والطائرات المصرية
الى سيناء دون التشاور مع 'الشريك'
الاسرائيلي. الإرادة الوطنية
اقوى من كل الاتفاقات، خاصة تلك التي
جرى فرضها على قيادات ضعيفة مستسلمة
متخاذلة، هذه الإرادة هي الأقدر على
كسر قيود الظلم والاستعباد، الواحد
تلو الآخر، والدليل هو هذه القيادة
الاسرائيلية المتعجرفة التي تستجدي
مصر حاليا لسحب دباباتها وطائراتها من
سيناء، ولا تجد مجيبا. هذه الاستخبارات
الغربية نفسها توقعت سقوط النظام
السوري في ايام، وها هو يستمر لأكثر من
18 شهرا، وها هو الصراع يتحول الى صراع
عسكري شرس، ضحاياه عشرات الآلاف من
الابرياء، سواء الذين يستشهدون بالقصف
والعربات المفخخة، او مئات الآلاف من
الهاربين بأرواحهم الى مخيمات اللجوء
المزرية في دول الجوار. هل كانت هذه
الاستخبارات تتوقع تدفق المئات، بل
ربما الآلاف، من انصار الجماعات
الاسلامية المتشددة الى سورية مثلا،
لتقاتل النظام الدموي بأسلحة جرى
شراؤها بأموال حلفاء امريكا، وبما
يمكنهم من تغيير معادلة القوة على
الارض، ليس في سورية فقط، بل ربما في
المنطقة الشرق اوسطية بأسرها؟ بالأمس اصدرت
الادارة الامريكية تحذيرا شديدا
لرعاياها بعدم زيارة ليبيا الجديدة،
خوفا من قتلهم او خطفهم، او الاثنين
معا، بسبب انعدام الأمن واستفحال
الجرائم، وازدياد سطوة الميليشيات
المسلحة. هل توقعت مراكز البحث الوصول
الى هذه النتيجة عندما اوصت بتدخل قوات
الناتو عسكريا، ام انها فعلا كانت تريد
انتشار الفوضى الأمنية في هذا البلد،
وربما المنطقة بأسرها؟ ' ' ' الإدارة الامريكية،
ومعها جميع الدول الغربية، تفرض حصارا
اقتصاديا وسياسيا شرسا على ايران، من
المفترض ان يعزلها دوليا، ويجبرها على
الركوع صاغرة تحت اقدام العم الامريكي
طالبة الرأفة والصفح. اليوم تبدأ في
العاصمة الايرانية طهران اعمال قمة
دول عدم الانحياز بحضور وفود من مئة
دولة، بينهم ثلاثون رئيسا، ثمانية
منهم عرب، واثنان على الاقل من دول
الخليج، ان لم يكن اكثر. الرئيس مرسي الذي
قالوا انه سيجبر على الركوع امام
الرئيس الامريكي لأنه مضطر لإطعام
تسعين مليون فم جائع في مصر، ها هو
يتوجه الى الصين اولا، وليس الى
واشنطن، ويعرج في طريق عودته على
طهران، وليس على تل ابيب مفتاح
المساعدات المالية الامريكية. المنطقة العربية
تتمرد على أشكال الهيمنة الامريكية
كافة، لأن الشعوب بدأت تستعيد
إرادتها، الواحدة تلو الاخرى، وهذه
الخطوة تستعصي على فهم جميع مراكز
الأبحاث وحواسيبها وخبرائها
المزعومين. امريكا لن تكون صديقا
للشعوب العربـــــية مهما داهــــنت
وحاولت تغيير جلدها، والادعاء بأنها
رســـول الديمقــــراطية وحــــقوق
الانسان، لأنها لا تريد الديمقراطية
الحقيـــقية لهـــذه الشعوب، وانما
تقــــديم ثرواتها رخيصة للغرب، وفروض
الطاعة والولاء لاسرائيل، وهذا غير
مقبول على الاطلاق. المنطقة العربية
تتغير.. ولكن امريكا والغرب لا
يتغيران، ولهذا ستكسب منطقتنا، وسيخسر
الحلف الغربي الامريكي في نهاية
المطاف. ================= ناصيف حتي * الأربعاء
٢٩ أغسطس ٢٠١٢ الحياة هل سينجح الأخضر
الإبراهيمي حيث فشل، أو تحديداً أُفشل
سلفُه كوفي عنان، إذ لم يستطع أن
يقلِّع بنقاطه الست، وبقي عالقاً عند
النقطة الأولى الخاصة بوقف إطلاق
النار. تبدو عناصر الخبرة في التعامل
مع النزاعات المعقدة وذات الأوجه
الداخلية والخارجية المتشابكة، وكذلك
المعرفة الواسعة والدقيقة بمجريات
السياسات الشرق أوسطية وشبكة العلاقات
الواسعة التي يملكها الإبراهيمي،
عناصرَ أساسيةً وضرورية بلا شك، ولكن
غير كافية لإنجاح مهمته، من دون أن
يعني ذلك انتقاصاً من مميزات سلفه. ويدرك الأخضر
الإبراهيمي هذا الأمر أكثر من غيره،
لذلك كان حذراً في تصريحاته حول
احتمالات النجاح، وتحدث عن نجاح مرتبط
بتحقيق بعض الشروط، التي أهمها توافق
دولي فاعل، وتحديداً بين الكبار في
مجلس الأمن حول الرؤية لتسوية الأزمة
السورية، وهو موقف يتخطى العموميات
وأدبيات العناصر المبدئية الحاملة
تفسيرات مختلفة، كما الحال مع بيان
مجموعة العمل الدولية في جنيف، موقفٌ
يقوم على بلورة إطار الحل وآليته،
ويلتزم بهما ليشكلا المرجعية
المفاهيمية ويسمحا للممثل الخاص
المشترك للأمينين العامين للأمم
المتحدة وجامعة الدول العربية، ببلورة
خطة العمل للتسوية في ذلك الإطار. هذا التوافق الدولي
يكون بمثابة رسالة واضحة وحازمة
للمعنيين بالأزمة السورية كافة، بأنه
من غير المسموح تغيير قواعد اللعبة
المحددة أو البقاء خارج الملعب المحدد
من طرف مجلس الأمن، فالأخضر
الإبراهيمي ليس ممثلاً خاصا لدى مجلس
الأمن وليس من مهامه تسوية الخلاف بين
أقطاب المجلس ومعهم حلفاؤهم، بل هو
يمثل هؤلاء الأقطاب مع غيرهم لتسوية
الأزمة السورية. القوة والمصداقية
التي يفترض أن يستند إليهما
الإبراهيمي ليبدأ مهمته الديبلوماسية
غير السهلة بالطبع، يتأتيان فقط من
وجود توافق فاعل وواضح ومستمر ورادع.
وتبقى هذه شروطاً ضرورية لإنجاح مهام
ديبلوماسية من هذا النوع في النزاعات
المتعددة الأوجه، التي يختلط فيها
الداخلي السياسي والمجتمعي بالخارجي
الإستراتيجي. المفارقة المثيرة
للاهتمام في هذا الصدد، تتمثل في أن
مهمة الإبراهيمي تبدأ في حين أن الصراع
حول سورية يزداد حدة واستقطاباً بين
القوى الغربية والعربية من جهة،
والثنائي الروسي الصيني ومعه إيران من
جهة أخرى. والسؤال المطروح يتعلق
بكيفية إعادة فتح باب مجلس الأمن
المقفل بالفيتو المزدوج الروسي-الصيني،
من خلال التوصل إلى صيغة تفاهم تشكل
الأرضية الصلبة المطلوبة لمهمة
الإبراهيمي. وأعتقد أنه من الضروري
تركيز المشاورات والبحث في المجلس
لتحديد أطر المرحلة الانتقالية
وعناصرها أو مسار العملية التحولية
التفاوضية في سورية، مع تعريف محدد
ودقيق لدور «الطرف الثالث»، أي الممثل
الخاص المشترك. هذا الأمر يسمح للأخضر
الإبراهيمي بالإشراف والمواكبة لهذه
المرحلة الانتقالية التفاوضية،
والعمل على الانخراط في وضع روزنامة
التفاوض وهندسة عناصرها والربط بين
هذه العناصر كافة، والتأكيد على عدم
محاولات تعطيل هذا المسار تحت مسميات
مختلفة، والقيام بدور المسهل، وكذلك
توفير الضمانة لتنفيذ ما يتفق عليه
لإحداث تقدم على الأرض، وتقديم الدعم
لترجمة كل إنجاز يتم تحقيقه إلى واقع. قد يقول البعض في خضم
العسكرة المتزايدة للنزاع، إن ما ذُكر
أمر مثالي جداً للتحقيق فات زمانه،
ولكنه بأي حال يبقى أمراً أكثر واقعية
من الحديث عن احتمال نجاح مهمة الممثل
الخاص المشترك في تسوية الأزمة
السورية في ظل غياب رسالة موحدة
للأطراف المعنية كافة حول رؤية
التسوية من قبل مجلس الأمن بالأخص،
وأكثر واقعية أيضاً من أن يعمل الممثل
الخاص بشكل مواز وشبه منقطع في الواقع،
إن لم يكن بشكل بديل من مجلس الأمن، وهو
يبقى أمراً أكثر أخلاقية ومسؤولية
دولية من البقاء في موقع المتفرج
وإطلاق التصريحات بانتظار الانهيار
الكلي لسورية دولة ومجتمعاً، مع ما
يحمله ذلك من مآسٍ إنسانية وما يشكله
من مخاطر استراتيجية على سورية
وجوارها. ================= ديبلوماسية
فرنسوا هولاند إزاء سورية وإيران الأربعاء
٢٩ أغسطس ٢٠١٢ رندة تقي الدين الحياة اعتمد الرئيس
الفرنسي في أول خطاب له أمام سفراء
فرنسا في الخارج لغة الحزم والقوة إزاء
النظامين السوري والإيراني. ورسم خطة
فرنسية مرتبطة بالنظام السوري ومبنية
على مبدأ فرنسي أساسي وهو ضرورة رحيل
بشار الأسد لأن لا حل سياسياً معه
ولأنه يشكل تهديداً باستمراره في عنف
وحشي ومجازر بحق شعبه مما يتطلب أن
تنظر المحكمة الجنائية الدولية في هذه
الجرائم. ورسم هولاند خطة مبادرة
فرنسية آنية حول سورية بانتظار العمل
على تجاوز عقبات روسيا والصين في مجلس
الأمن. ويرى هولاند انه ينبغي على
المعارضة السورية الإسراع في تشكيل
حكومة انتقالية موقتة تتضمن كل
الأقطاب وتكون واسعة التمثيل كي تصبح
الممثل الشرعي لسورية جديدة. وأوضح
وزير الخارجية لوران فابيوس في دردشة
مع الصحافة في قصر الإليزيه على هامش
المؤتمر أن فكرة تشكيل الحكومة
الانتقالية هي لإقناع الذين يتساءلون
عما سيحصل بعد رحيل بشار الأسد، مثل
روسيا مثلاً التي تتخوف من الإسلاميين
المتطرفين والذين يتخوفون من الفوضى
بعد سقوط بشار الأسد مثلما حدث في
العراق بعد سقوط صدام حسين، وهم يلوحون
بهذا المثل باستمرار. ويأمل هولاند بأن
تبذل دول عربية حليفة لفرنسا جهوداً
لتشجيع المعارضة على ذلك وللاعتراف
بحكومة انتقالية. وكشف هولاند أن فرنسا
تعمل مع تركيا على مساعدة الذين على
الأرض في سورية لإقامة مناطق محررة من
سلطة النظام من دون الخوض في تفاصيل
كيفية هذه المساعدة. وأوضح فابيوس أن
هذا الموضوع هو قيد الدرس. أما بالنسبة
إلى استخدام سورية الأسلحة الكيماوية
فقال انه سيكون مبرراً لتدخل عسكري.
وفي نفس السياق قال إن فرنسا لن تقبل أن
تحصل إيران على السلاح النووي مما يشكل
خطراً على كل دول المنطقة وأن مسؤولية
فرنسا تتطلب تشديد العقوبات على إيران. وما اظهره هولاند من
حزم إزاء سورية وإيران يشير إلى أن
الرئيس الفرنسي الجديد معني بالقيام
بتحرك بالنسبة لسورية ولكن مما لا شك
فيه أن فشل الدول الغربية فادح في
الأزمة السورية بسبب روسيا والصين.
فروسيا خسرت ليبيا حيث كانت لها سفارة
ضخمة وموقع مهم إلى جانب الولايات
المتحدة بعد فترة مسامحة الأميركيين
لجرائم القذافي مقابل دفعه الأموال
المطلوبة. وهي لا تنوي التنازل عن
النظام السوري علماً أن فلاديمير
بوتين ووزير خارجيته مدركان انه من
المستحيل أن يستمر بشار الأسد في الحكم
بعد كل هذه المجازر وأن النظام السوري
ليس بأهمية النظام الروسي لكي تتم
مسامحته كما حصل مع بوتين بعد المجازر
في الشيشان وغيرها. والنظام السوري قد
يعتقد انه بصدد ما قام به الجيش
الجزائري إزاء الإسلاميين المتطرفين
في الثمانينات وأنقذ نفسه ولكن الأسرة
الدولية لم تكن ضده آنذاك ولم يكن
معزولاً. والشعب السوري يحارب من اجل
الحرية وحياة افضل والوضع مختلف لأن
الأيام تغيرت وحتى الجزائر ليست بمنأى
عن حدوث تحرك شعبي يوماً ولكن الرئيس
الجزائري ذكي وأدرك أن توزيع المال على
أهالي البلد قد يخمد استياءهم. أما
بشار الأسد فهو مستمر في سياسة القتل
والضرب وتشريد شعب أفقره بالعقوبات
والفساد ونكران الواقع. إن جهود الغرب طالما
تبقى مبنية على عدم التدخل عسكرياً
تعطي نفساً أطول لاستمرار بشار في نهج
العنف. ولكن واقع الحال انه كلما زاد
عنفه وقتله كلما اشتدت الثورة
الداخلية عليه لأن سكان المدن الباسلة
من حلب إلى حمص إلى درعا إلى ريف دمشق
لا تتحدث الآن إلا عن أمنية واحدة هي أن
يرحل. فحلب التي شهدت عدداً كبيراً من
السكان الذين بقوا مع الأسد تغيروا
بسبب العنف وعدد كبير من مؤيديه
السابقين يريدون الآن الخلاص ورحيله
لأنهم أدركوا أن لا أمل مع استمراره في
الاستبداد والقمع والقتل وحالة حرب في
كل أنحاء سورية. فوحده الشعب السوري
سينتصر على النظام لأنه أمام هذه
الوحشية والمجازر لا يمكنه إلا أن
يستمر في ثورته عليها. والجهود
الفرنسية مشكورة رغم تعقيد وصعوبة
الحل ولكن النهاية ستأتي من الداخل لأن
الأسرة الدولية تبدو عاجزة. ================= حول
التدخل العسكري التركي المباشر سمير صالحة الشرق الاوسط 29-8-2012 المشهد من بعيد كان
موجعا حقا.. قبل نحو أسبوعين وقف الشيخ
عباس زغيب المتابع لملف المخطوفين
اللبنانيين وكبار عشيرة آل المقداد
أمام العدسات ليرددوا أن المحتجزين
موجودون في تركيا ويهددون «باستضافة»
أتراك على ولائم الكباب والشيش طاووق
والدوندرمة لمقايضتهم.. ثم ينفذون ما
قالوه. المشهد من بعيد كان
موجعا حقا بعد أسبوعين على هذه
التطورات.. طائرة تركية خاصة تحط في
مطار بيروت الدولي لتنقل أحد
المحتجزين المفرج عنهم بوساطة تركية
وتعود أدراجها فارغة تاركة الرهائن
الأتراك بين يدي «مستضيفيهم». وزير
الداخلية اللبناني مروان شربل يشيد
بالجهود التركية الكبيرة من أجل
الإفراج عن المحتجز حسين علي عمر الذي
قبل ارتداء ربطة عنق تحمل رموز العلم
التركي تقديرا لدور أنقرة الإيجابي
وما بذلته حكومة أردوغان من مساع من
أجل إطلاق سراحه، لكن الصورة تكاد تقول
إن الحكومة التركية تحولت من وسيط إلى
هدف بعدما اتهمها الشيخ زغيب بتحريك
الجهات التي أقدمت على خطف اللبنانيين
وحملها المسؤولية الكاملة في موضوع
إعادتهم سالمين إلى أهلهم. تفاعلات
الأزمة السورية وتشعبها يوما بعد آخر
هو الذي يترك الحكومة التركية أمام
امتحان يومي من هذا النوع. حكومة أردوغان في وضع
حرج لا تحسد عليه بعد أشهر طويلة من
اندلاع الثورة في سوريا. استطلاعات الرأي
التركي تقول إن غالبية الأتراك ضد أي
عمل عسكري في الأراضي السورية، وإذا
كان لا بد منه فينبغي أن يكون محدودا
وجزءا من تحرك دولي شامل بهذا الاتجاه. المعارضة التركية
تضرب على الوتر الحساس فشل ذريع
لاستراتيجية تصفير المشاكل. أما
الإعلام فهو ملهي بمطاردة أخبار
الهجمات اليومية لحزب العمال
الكردستاني ووصول السياسة التركية في
سوريا إلى الطريق المسدود، ولا كلمة -
تقريبا - عن الرهائن التركية في لبنان. أنقرة أيضا لا بد أن
تتحمل جزءا من مسؤولية «تحريك» الثوار
قبل 18 شهرا وطمأنتهم بأن السقوط سيكون
سريعا وكاملا، لكنها بدأت تتردد أمام
تهديدات الأسد الذي نجح في إلهاء
الأتراك بملفات الأكراد ومشروع التآمر
على سوريا ووحدتها وأزمة المخطوفين
واللاجئين والتلويح بالتركيبة
الاجتماعية العرقية الحساسة لتركيا
مستفيدا من الدعم الروسي الإيراني
الصيني اللامحدود. لمن ستعطي تركيا
الأولوية بعد هذه الساعة.. لانطلاقة
جديدة بتوقيع الأخضر الإبراهيمي الذي
قطع عليه وزير الخارجية السوري الطريق
بقوله إن دمشق لن تتفاوض مع المعارضة
إلا بعد تطهير البلاد من المسلحين؟ أم لمجلس الأمن
الدولي المكبل اليدين؟ أو لإيران
ربما، علها تخرج تركيا من الورطة
السورية عبر مشروع وساطة يجري الترويج
للإعلان عنه في قمة مجموعة دول عدم
الانحياز؟ أم لتحرك مصري مفاجئ
رباعي كما يقال؟ أم أنها ستنتظر نتائج
الانتخابات الأميركية والإدارة
الجديدة لتحدد سياساتها ومواقفها حيال
ما يجري في سوريا؟ أم أنها تراهن على
الفرج وحبل الخلاص من دمشق نفسها التي
نجحت كما يبدو في تفجير علاقات أنقرة
مع كثير من القوى المحلية والإقليمية
والدولية وهي تعرف تماما أنها في
النهاية تكون قد منحت الرئيس السوري
المزيد من الوقت والفرص للمضي في
استراتيجية الحرب التي يشنها عليها
قبل أن يكون يخوضها مع الثوار أنفسهم؟ بعض المتشددين الذين
يرفضون أي تحرك عسكري تركي ضد سوريا،
يعرفون تماما أن تركيا لن تتدخل سوى
بقرار عربي غربي مشترك يدعمها ويشجعها
على ذلك، ويعرفون أيضا أنها باتت تمتلك
كثيرا من الأسباب والموجبات ويبدو
أننا نقترب أكثر فأكثر من مفاجأة بهذا
الاتجاه على الرغم من كل مخاطرها،
فخطوات الحظر الجوي والمنطقة العازلة
تقف على مسافة بعيدة جدا من تقدم
النظام في مسيرة القتل والتدمير. ================= اعتراف
بالحكومة السورية المؤقتة طارق الحميد الشرق الاوسط 29-8-2012 أعلن الرئيس الفرنسي
فرنسوا هولاند أن «فرنسا ستعترف
بالحكومة المؤقتة لسوريا الجديدة ما
أن يتم تشكيلها»، والحقيقة أن هذا أقل
ما يمكن تقديمه للثورة السورية، كما
أنه الحد الأدنى المعقول للرد على
جرائم عصابات الأسد بحق السوريين،
وهذا ما يجب أن يقوم به العرب، والغرب،
أيضا. فعندما تقوم عصابات
الأسد بقصف دمشق، وسائر المدن
السورية، بالطائرات، ويعلن أحد قيادات
الحرس الثوري الإيراني أن بلاده قامت
بإرسال ضباط، وقناصة، وجنود مشاة،
لدعم الأسد ضد الشعب السوري، وعندما
يتم الإعلان عن أن عدد القتلى في سوريا
قد تجاوز 27 ألف قتيل، ونرى طفلا سوريا
لم يتجاوز العام الواحد وقد أصيب
برصاصة من عصابات الأسد، ونجد يوميا أن
عدد القتلى السوريين على يد عصابات
الأسد يفوق المائتي قتيل، فما الذي
يتبقى ليتحرك المجتمع الدولي، وقبله
العربي، لإنقاذ السوريين من عصابات
الأسد؟ أمر محير بالفعل، خصوصا أن
البعض يتحدث عن الحل السلمي، ورفض
التدخل العسكري، وآخر من تحدث بذلك،
عربيا، هو الرئيس المصري، مما يستوجب
التساؤل حول كيفية إنقاذ السوريين،
ووقف آلة القتل الأسدية، طالما أن
المجتمع الدولي، وقبله العربي، لم يقم
بأي خطوات فعلية ملموسة تشعر الأسد بأن
لا أمل له مهما فعل، كما أن لا أمل
لإيران لاستخدام أنصاف الحلول بسوريا؟ ولذا، فإن أقل ما
يمكن تقديمه للثورة السورية الآن هو ما
اقترحه الرئيس الفرنسي في خطابه أول من
أمس حين قال إن بلاده ستعترف بالحكومة
المؤقتة لسوريا الجديدة لحظة تشكيلها.
ويجب ألا يتم الاكتفاء بذلك وحسب، بل
لا بد أن نرى الآن - وتحديدا عربيا،
والجميع من دون استثناء، ومن ضمنهم
السعودية ودول الخليج ومصر - استقبالا
علنيا لقيادات المجلس الوطني السوري
المعارض، وقيادات الجيش السوري الحر،
وهم على مستوى عال من الجدية، وعدم
الاكتفاء بلقاءات يقوم بها صغار
الموظفين. بل لا بد من رسالة واضحة،
وعلنية، للأسد وإيران، مفادها أن
اللعبة قد انتهت، وأن ما يحدث في سوريا
جريمة، وليس «سوء تفاهم» بين الشعب
والنظام، كما يقول وزير المصالحة
الأسدي، في تصريحه الأخير المثير
للشفقة! هذا أقل ما يمكن أن
يقوم به المجتمع الدولي، وبالتحديد
العرب اليوم، لكنه لا يعني، بأي حال من
الأحوال، أنه الحل الوحيد المطلوب، بل
إنه الأمر الملح الآن، وبأسرع وقت،
لتكون الرسالة واضحة سواء لإيران أو
غيرها ممن يحاولون تمييع المواقف في
الأزمة السورية، وخصوصا من يقولون
كلمة حق يراد بها باطل، من حوار، وعدم
تدخل عسكري، وخلافه. فالاعتراف
بالحكومة السورية المؤقتة الآن،
واستقبال القيادات السورية المعارضة،
وبشكل علني، وعلى أعلى المستويات،
يعني أن الجميع قد تحرك فعليا لمرحلة
ما بعد الأسد، كما أنه يعني فعليا أن لا
مجال اليوم لتطبيق أنصاف الحلول، أو
محاولات لبننة سوريا، وتمكين إيران من
بسط نفوذها في أرض الشام، وبأي شكل من
الأشكال. ملخص الحديث هو أن
الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة
أقل ما يمكن فعله الآن لإرسال رسالة
واضحة للجميع، مفادها أن لا أمل لمجرم
دمشق. ================= أكرم البني الشرق الاوسط 29-8-2012 تظهر الصورة أربعة
أطفال وأمهم «يحتفلون» بالعيد وهم
يفترشون زاوية نائية من حديقة عامة
شحيحة بالعشب والظلال، أطرقنا جميعا
رؤوسنا وأشحنا ببصرنا هربا من عيون
صغيرة تلاحقنا بالسؤال عما حل بهم، لا
حاجة لتعرف من أي مدينة منكوبة قدموا،
فالأماكن والدوافع متشابهة، وثمة مئات
ألوف المشردين السوريين هجروا مساكنهم
بسبب العنف والقصف العشوائي ويبحثون
عن مأوى، وأغلبهم من الأطفال والنساء
الذين صاروا فريسة للحرمان
وللانتهاكات المتنوعة! وتظهر الصورة، امرأة
صغيرة تتشح بالسواد تقف في صبيحة العيد
عند باب مقبرة، تتفحص وجوه القادمين
ليقرأوا الفاتحة على أرواح موتاهم،
تراها تتحرك بسرعة، ربما وجدت ضالتها،
وتعرف بعد حين، أنها اطمأنت إلى إحداهن
واستأذنتها المشاركة في قراءة الفاتحة
على روح زوج قتل ولم تصلها غير بطاقة
هويته ومفاتيح بيتهما المهدم، قال
رفاقه أن عناصر أمنية سرقت جثمانه قبل
أن يتمكنوا من تكفينه، غالبا كي يمنعوا
مراسم التشييع التي عادة ما تتحول إلى
مظاهرة عارمة ضد النظام، أمثالها
كثيرات، وهناك ألوف الأسر والعائلات
السورية لم تتسلم جثامين شهداء قضوا
دفاعا عن حريتهم وحقوقهم! وتظهر الصورة، عجوزا
تهرول لاهثة ومتعثرة بثقل جسدها،
تحاول أن تعترض طريق ضابط مسؤول في أحد
فروع الأمن، حيث ابنها المعتقل منذ
شهور، تحلم بأن تحظى في يوم العيد
بفرصة لرؤيته أو إيصال بعض الحاجات
إليه، تعاطف معها أحد حراس المبنى
ونصحها بالانتظار على مقربة منه، كي
ينبهها عند وصول رئيسه، ربما تتمكن من
مقابلته وربما يلبي طلبها ويحقق لها «هذا
الحلم العظيم!». ولا غرابة أو عجب، فثمة
عشرات الألوف من السوريين هم في عداد
المعتقلين أو المفقودين، ولا تحتاج
إلى تأمل وتفكير كي تقدر المعاناة
المضاعفة التي يعانيها ذوو السجناء مع
استمرار غياب أحبائهم عنهم من دون علم
أو خبر، بعضهم عرف مكان اعتقاله، بينما
لا تزال غالبيتهم في عالم المجهول! والحال، يكتظ العيد
في سوريا بمشاهد مؤلمة وغزيرة عن شدة
ما يكابده المهجرون وأسر الضحايا
والمعتقلين، وتسمع قصصا عن مجازر
مروعة وقتل مجاني كأنك في مسرح
اللامعقول، وتلحظ حين تقترب من
الوجوه، دهشة غريبة وعيون حائرة،
كأنها تبحث في عيونك عن جواب للمأساة
التي تعيش، أو كأنها تريد أن تتأكد من
صدق مشاعرها بأن هناك من يشاركها حقا،
آلامها وهواجسها، من يشاركها السؤال
عن دوافع هذا العنف المفرط وأين «الحق»
في إطلاق هذا الفتك المريع الذي تجاوز
كل الحدود، أو كأنها لا تريدك أن تراها
في حالة خوف، لا تريدك أن ترى في عيونها
بعض العجز وربما الخجل من الإحساس بضيق
الحال، كي لا يشي ذلك، ومن دون قصد، بأن
ثمة تغيرا طرأ على عزيمتها وإيمانها
بالثورة. ربما تلمس في الأيادي
المرتعشة وهي تصافحك، ثقل المعاناة
ووطأة التوجس والقلق من شروط حياة
تزداد سوءا، ومن تأخر لحظة الخلاص أمام
قمع منفلت، لكنك تلمس غالبا روحا واثقة
ومطمئنة، وتشعر ما إن يبادرك أحدهم
بعبارة «كل عام وأنتم بخير» كأنه
يقولها هذه المرة، ليس كعبارة دارجة،
وليس لاعتقاده بأن التشديد على الرجاء
قد يصيب بعضا منه، بل كأمنية أكيدة بأن
الأمور ستكون بخير، وبأن مطلب الناس في
التغيير وفي إزالة الاستبداد وإرساء
قواعد الحياة الديمقراطية بات قريبا! في هذا العيد يتجاوز
السوريون عبارات التهنئة، إلى مفردات
جديدة مفعمة بالأسئلة، عن موطن
الهجرة، عن شروط السكن وطرق توفير
الحاجات الأساسية، عن فقدان الأحبة،
عن أحوال من هم تحت الحصار، من منهم لا
يزال بخير ومن تعرض لأذى أو اعتقال، عن
الأوضاع في المناطق الملتهبة ومجريات
الصراع هناك، وعن الثمن والتكلفة التي
لا يزال يتطلبها اجتراح المستقبل ومتى
تسلم السلطة، بأن لا جدوى من القمع
والتنكيل وبأنها عاجزة عن وقف التغيير. هنا لا يصعب على
المرء معرفة الأسباب التي أشاعت روح
الإيثار بين الناس وولدت حقلا غير مرئي
من التضامن والتكافل لتخفيف مصاب
قطاعات واسعة من المجتمع السوري،
وأبسط الأسباب، إذا وضعنا جانبا
الدوافع السياسية والدينية، قد يكون
نابعا من اتحاد هموم البشر ضد الموت
والقتل اليومي وإيمانهم المشترك بحقهم
في الحياة، فثمة شعور شائع بأن الجميع
صاروا في «الهوى سوى»، كما يقول المثل
الدارج، وأن من لا يزال سالما وآمنا
اليوم قد لا تبقى أحواله كذلك غدا. وهناك في بعض المناطق
الهادئة نسبيا لا تخدعك جوقات صغيرة
تصطنع فرح العيد وتبالغ في إظهار
سعادتها وبهجتها، بعضها ربما لا يعنيه
ما تحمله الأخبار اليومية عن المآسي
والضحايا، وبعضها ربما لتفريغ
انفعالاته الرافضة لما يجري ويعجز عن
توجيهها ضد أغلال القهر التي تكبله،
وبعضها كي يهرب من الكوابيس المرعبة
وما رسخ في ذاكرته من صور مخيفة ومقززة
للنفس عن المجازر والقتل المعمم في غير
مكان، فوراء تعظيم هيصة الفرح ما يشي
بالنواح وبأصوات تضمر مواويل حزينة! عيد بأي حال عدت يا
عيد!! لا نعرف إلى متى سوف نكرر هذا
الشطر من شعر المتنبي، ولا نعرف إلى أي
حد موجع ومدمر يمكن أن تصل بنا الأمور
قبل أن تطوى صفحة الاستبداد، أو إلى
متى يبقى الآخرون، عربا وعجما،
يتفرجون على هذا العنف وهو ينهش لحمنا
قطعة قطعة، وإلى النار المستعرة تأكل
الأخضر واليابس، وتحصد البشر، زرافات
ووحدانا، والأنكى حين يدمن بعضهم ما
يجري، وتغدو المشاهد اليومية للاحتراب
والقتل والاعتقال والإذلال أشبه
بمشاهد روتينية يتابعونها وهم يحتسون
قهوة الصباح أو يمضغون طعام إفطارهم
ويتهيأون للالتحاق بأعمالهم، ربما
لأنهم يدركون أن ثمة رمالا كثيرة في
الطريق يمكنهم دفن رؤوسهم فيها! ================= سوريا:
هل هي مؤامرة على النظام؟ ميشيل كيلو الشرق الاوسط 29-8-2012 كلما التقى الرئيس
بشار الأسد أحدا، شرح له تفاصيل
المؤامرة التي يتعرض لها نظامه، والتي
يعتبرها مؤامرة ضد سوريا، لأن نظامه
وسوريا هما في فهمه شيء واحد. من
المعروف أن الأسد مقتنع تماما بأن
الشعب السوري ضالع في المؤامرة، وقد
قال ذلك في أول خطبة ألقاها بعد قليل من
بداية القتل في درعا، حين ذكر أن مطالب
الشعب المشروعة ليست غير غطاء لمؤامرة
خارجية تستغل الربيع العربي وحق
الشعوب في الحرية، كي تنفذ مآرب وغايات
أخرى لا تمت إليهما بصلة، هي قلب النظم
العربية المعادية للغرب والصهيونية! وقد كنت من الذين
اعترضوا بشدة على تفسير كل ما يجري في
الداخل السوري بأسباب وإرادات وأوامر
خارجية، وعبرت دوما عن وجهة نظر ترفض
رؤية ما يحدث في الداخل العربي
باعتباره انعكاسا ميكانيكيا لما يقرر
خارجه. لكنني سأفترض اليوم أن هناك
بالفعل مؤامرة ضد النظام وسوريا، وأن
الأسد يتصدى لها دفاعا عنهما، وأود أن
أعطي نفسي الحق في السؤال حول ما إذا
كان يفعل ذلك بطريقة صحيحة تخرجهما من
المؤامرة، أم أنه يتبع سياسات تسهم في
تدمير بلاده ونجاحها؟ في هذا السياق،
أود أن أذكر بما كان قد قاله صدام حسين
بعد غزو العراق، ويكرره رئيس النظام
السوري اليوم، وهو أن المشكلات التي
يواجهها لا تتصل بأخطاء اقترفها نظامه
أو بحريات حرم شعبه منها، بل هي مؤامرة
خارجية وحسب، تقتضي المصلحة الوطنية
والحكمة والضرورة، مواجهتها من جهة
بالطريقة الوحيدة القادرة على مواجهة
المؤامرات: ألا وهي القوة، ومن جهة
أخرى بالمحافظة على النظام والدفاع
عنه في وجه أي تغيير، لأن التغيير هو
أصلا وسيلة المؤامرة إلى تقويضه. لا
داعي للقول: إن هذا المنطق يضع الشعب في
صف المتآمرين ويجعل الامتناع عن تلبية
مطالبه المشروعة في التغيير والإصلاح
ضرورة وطنية، وسياسة ثورية تحافظ على
نظام، هو في الوقت نفسه الوطن الذي
تستهدفه المؤامرة! وسأغالط نفسي
وأفترض أن هناك حقا مؤامرة خارجية
يشارك الشعب السوري فيها، فهل واجهها
النظام بطرق تتكفل بإحباطها أم
بسياسات تضمن نجاحها؟ وإذا كانت
مواجهته لها خاطئة، هل يحق له الادعاء
بأنه الجهة التي تحبطها وتصون البلاد
والعباد منها؟ يقول النظام: إن هدف
المؤامرة هو ضرب شعب سوريا عبر إسقاط
نظامه الذي يتماهى تماما معه. فهل
مواجهة الشعب بقوى النظام العسكرية
والأمنية هي الرد الصحيح على مؤامرة هو
هدفها؟ وهل وضع النظام في مواجهة
الشعب، وإثارة الخلافات الطائفية بين
أبنائه ودفعه إلى اقتتال أهلي مهلك،
وإخضاعه لعنف أعمى يكاد يقضي عليه -
يفشل مؤامرة موجهة ضده؟ وهل صحيح أنه
لم يكن هناك من وسيلة للقضاء على
المؤامرة أو للتصدي لها غير عنف موجه
إلى الشعب، بينت التجربة أنه لا ينقذ
النظام، ويدمر الوطن؟ وماذا يبقى من
مسوغات لبقاء نظام يتماهى وطنه معه، إن
هو دمر شعبه؟ لنتجاهل الآن تناقضات
ونقاط ضعف سياسات النظام، التي تفضح
أكذوبة تماهيه مع شعبه وادعاءه الدفاع
عنه. إن أكثر نقاط ضعف منطق النظام
تهافتا يتجلى في حقيقة أنه لم يقبض إلى
اليوم على أي متآمر أجنبي، وأن الدم
الذي سفحه كان دم مئات آلاف السوريين،
وأن ملايين المشردين كانوا مواطنين
دمر قراهم وبلداتهم ومدنهم، وأوصل
المعركة ضدهم إلى كل مكان، رغم أنهم لم
يطلبوا شيئا ليس من حقوقهم الطبيعية،
التي يقول قادته إنه يؤيدها ويعمل على
تحقيقها، ويدعي أنه يرى فيها الحامل
الرئيس لأي طابع وطني يتمتع به أي نظام
من الأنظمة. إذا كانت هناك حقا
مؤامرة، فهل كان من الصواب الرد عليها
بذبح الشعب؟ وهل كان من الصواب افتراض
أن ذبح الشعب سيتكفل بإفشالها وليس
بتحقيقها؟ وما الذي جعل قادة النظام
يأخذون شعبهم بالعنف غير ثقتهم بأن
المتآمرين الخارجيين الجبابرة
سيسمحون لهم بذبح حلفائهم الداخليين؟
ولماذا لم يغير النظام سياساته، بعد أن
تبين له أن الخارج لا يكترث كثيرا
بمصير هؤلاء وربما كان يرحب بقتلهم
بالجملة؟ لا يشك أي سوري اليوم
في أن الخيار الحربي كان خطأ فادحا،
أقله أنه ورط النظام في حرب داخلية لا
يضمن أحد من أهله أنه سيخرج رابحا منها.
فمن هي الجهة التي أجبرت «القيادة» على
خيار تبين بوضوح أنه خاطئ ولم يترتب
عليه أي عائد حقيقي غير تقويض سوريا
دولة ومجتمعا، علما بأن تقويضهما هو
الهدف الحقيقي لأية مؤامرة تستهدف
سوريا؟ لماذا لم ترجع «القيادة» عن
خيار الحل الحربي - الأمني، بعد أن بانت
نتائجه الكارثية على السوريين جميعهم؟
ومن الذي أجبرها على ارتكاب أخطاء تخدم
المؤامرة؟ إذا كان هناك من يريد سرقة
منزلك، فهل تترك نوافذه مفتوحة قبل أن
تذهب إلى النوم؟ ومن قال إن المؤامرة
كانت ستستمر وستفضي إلى الخسائر
الرهيبة في الأرواح والأرزاق، لو كان
هناك من عرف كيف يحبطها، أي لو لبت «القيادة»
مطالب الشعب، ومنعت المتآمرين
الخارجيين من استغلال نقمته، وكسبته
وحالت دون انحيازه إليهم، في حال سلمنا
بوجود مؤامرة ولم نلغ عقولنا، التي لم
تر إلى اليوم أية خطوات «إمبريالية -
صهيونية» تستهدف حماية الشعب السوري
المتآمر عبر الإطاحة بمن يقتله، ولم
تفعل شيئا في هذا الاتجاه، بل أعطت
نظامه المهلة تلو الأخرى والفرصة بعد
الفرصة، حتى إن وزيرة خارجية أميركا
كررت قبل أيام: إنه ما زالت لدى الأسد
فرصة لحل الأزمة، بينما لم تفعل
إسرائيل أي شيء ضده بدورها، رغم أنه
ترك المنطقة بين الجولان المحتل ودمشق
خالية من أية قوات. أليس أمرا غريبا ألا
يبادر المتآمرون الصهاينة إلى
الانقضاض على نظام الصمود وركن
الممانعة والمقاومة والتحرير، الذي
ترك خلال عام ونصف أبواب عاصمته مفتوحة
أمامهم؟ في منطق «القيادة»:
يتآمر الشعب مع أعداء يبدون حرصا شديدا
على بقاء نظامها، وهي تمعن في إلقاء
التهم جزافا على الشعب، الذي هو مصدر
شرعية أي نظام سياسي عدا نظام البعث،
الذي يعتبر نفسه مصدر شرعية الشعب،
ويعلن أن من حقه القضاء عليه كشعب
متآمر، إن طالب بحريته أو ناضل من أجل
تغيير أوضاعه. هذا المنطق المقلوب
يجعل الشعب متآمرا، والقضاء عليه
بالمدافع والطائرات إنقاذا وطنيا له
من نفسه الشريرة، ويحول المتآمر على
شعبه إلى ضحية مزعومة لمتآمرين
مزعومين لطالما حموه ودافعوا عنه
وسامحوه على أخطائه. بعد هذا، هل يثير
استغرابنا أن منطق «القيادة» قاد
سوريا إلى حرب مبررها الوحيد إنقاذ
نظام يدمرها، لظنه أن تدميرها سيشفع له
عند حماته التقليديين الذين كانوا
دوما أصدقاءه وأعداءها؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |