ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 04/09/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

اوكسجين النظام.. الدعم الروسي والإيراني

2012-09-03 12:00 AM

الوطن السعودية

في كل مرة يكون النظام السوري على حافة الانهيار يأتيه الإنقاذ من محور موسكو – طهران.

فوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، يرفض أن يكون الرئيس بشار الأسد المبادر إلى إعلان وقف النار، حسب الخطة التي باشرها الأخضر الإبراهيمي، وكأنه يوجه النظام السوري إلى رفض المحاولة الأولى التي سيبنى عليها في الأيام المقبلة، وإشارة أخرى إلى النظام للاستمرار في العنف ضد شعبه، واستمرار الحملات الأمنية التي لم يشارك بها حتى الآن السلاح الكيماوي الذي كثر الحديث مؤخرا عن المخاطر التي قد تترتب على استخدامه، ليس فقط ضد الشعب السوري، وإنما ضد السلم العالمي.

ماذا يقصد الوزير الروسي من تصريحه، ولماذا يعطي جرعة الحياة للنظام وهو على حافة الانهيار؟

وهل صفقة سلاح من هنا وامتياز عسكري لروسيا على ساحل البحر المتوسط، كفيلان بالتخلي عن المبادئ الإنسانية التي تفرضها المؤسسات الإنسانية والمعتمدة من قبل الحكومات التي تعتبر نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان؟

أسئلة برسم القيادة الروسية التي بمواقفها هذه، تكون شريكا في عمليات القتل التي يقترفها النظام ضد شعبه.

ويتناغم الحراك الروسي مع الشريك الآخر في حرب النظام السوري على شعبه، حيث إن طهران التي تزعمت مجموعة دول عدم الانحياز للسنوات الثلاث المقبلة، قد بدأت رحلتها بسوق الأكاذيب وتشويه الحقائق قبل أن تنتهي القمة التي استضافتها، عبر لعبة إعلامية مفضوحة، لم تنطل على من تابع كلمات الرؤساء التي ألقيت في القمة، عندما حرفت خطاب الرئيس المصري محمد مرسي باستبدال ما يرتكبه النظام السوري ضد شعبه، بمملكة البحرين، وفي ذلك تشويه متعمد لحقيقة ما قصده الرئيس المصري.

ولكن الإعلام الإيراني الذي اقترف التزوير، وقع في شر فعلته، دون أن يبرر انسحاب الوفد السوري عندما كان مرسي يلقي كلمته, فالتطرق إلى مملكة البحرين ما كان ليزعج وليد المعلم على كل حال.

إن الدفع الذي أعطاه النظامان الروسي والإيراني لبشار لا يمكنه إنقاذ النظام، فالحقيقة الساطعة تقول إن أيام النظام باتت معدودة، وإن حبل الكذب لا بد أن ينقطع في لحظة من لحظات التاريخ.

=================

رأي الراية..دعم خليجي للشعب السوري

الراية

3-9-2012

جدّد اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عُقد في جدة أمس دعمه ووقوفه إلى جانب الشعب السوري في محنته في وقت واصل فيه النظام السوري استخدام القتل والعنف كوسيلة للردّ على مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.

الاجتماع الوزاري الخليجي أدان استمرار عمليات القتل والمجازر التي يتعرّض لها الشعب السوري الشقيق في جميع أرجاء سوريا، نتيجة لإمعان النظام في استخدام جميع الأسلحة الثقيلة بما فيها الطائرات والدبابات والمدافع، داعيًا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات فاعلة لحماية المدنيين السوريين.

لقد جدّد الاجتماع الوزاري تمسكه بالقرارات الصادرة بشأن سوريا من المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية الذي عُقد في الدوحة بتاريخ 23 يوليو 2012م، ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 3 أغسطس 2012م، ومن قمة منظمة التعاون الإسلامي الاستثنائية، التي عُقدت في مكة المكرّمة بتاريخ 14-15 أغسطس 2012م، التي أكّدت جميعها ضرورة تحقيق انتقال سلمي للسلطة في سوريا يحفظ أمنها واستقرارها ووحدتها ويلبي إرادة الشعب السوري المُطالب بالحرية والتغيير.

الوضع الإنساني المؤلم في سوريا كان في أجندة الاجتماع حيث أكّد وزراء خارجية دول مجلس التعاون ضرورة العمل على تقديم كل أنواع الدعم المطلوبة للشعب السوري وتكثيف الجهود العربية والدولية لحقن دمائه وإيصال الاحتياجات الإنسانية العاجلة له.

إن موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي تجاه الأحداث في سوريا ينطلق من رفضها القاطع لقيام النظام باستخدام القتل كوسيلة للردّ على الثورة الشعبية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من سبعة عشر شهرًا. وحرصًا منها على الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وخشية من انزلاقها إلى حرب أهلية طائفية ليس فيها فائز سوى أعداء سوريا وأعداء الأمة العربية.

لقد أضاع النظام السوري كل الفرص التي أُتيحت على مدى أكثر من عام ونصف العام لتحقيق تغيير سلمي في سوريا يستجيب لطموحات ومطالب الشعب السوري العادلة والمحقّة، حيث أصرّ على انتهاج الحل العسكري كوسيلة لقمع الاحتجاجات الشعبية مع ما تخلل ذلك من مجازر ارتكبت بدم بارد في العديد من المدن والبلدات السورية؛ ما اضطر الشعب السوري لاستخدام السلاح للدفاع عن نفسه في وجه نظام قاتل لا يُقيم وزنًا للحياة البشرية.

إن أي حديث عن حوار أو تفاوض يمكن أن يجري بين النظام الذي يرفض وقف العنف وحقن الدماء والذي لم يلتزم بمبادرة المبعوث العربي والدولي السابق كوفي عنان وبين المعارضة السورية لا يمكن أن يكون إلا ذرًا للرماد في العيون إذ لم يعد أمام النظام السوري الذي بات يعيش عزلة دولية خانقة وأصبح يتفكك ويتآكل بفعل الانشقاقات النوعية سواء العسكرية أو المدنية إلا التفاوض على تسليم السلطة إلى الشعب السوري.

=================

حدود لبنان وسورية ... هل تأتي القوى الدولية؟!

بينة الملحم

الرياض

3-9-2012

    جاءت كلمة وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني وائل أبو فاعور في مجلس الأمن لتوضح مستوى الانقسام في لبنان حول الثورة السورية. كان الوضع بالنسبة له مرتبك، والكلمة أراد من خلالها إرضاء الحكومة التي تشكّلت من أطرافٍ مواقفهم متضاربة من الثورة السورية. حزب الله مع النظام السوري قلباً وقالباً، بينما بعض الأحزاب الممثلة بالحكومة تستحي من الوقوف تماماً مع النظام السوري، وأقصد بالتحديد نجيب ميقاتي الذي تستقطبه الأطراف ويحاول أن يأخذ بمبدأ "النأي بالنفس" المصطلح المحبب لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

والنأي بالنفس هو موقف رمادي، موقف لكن من دون موقف، على عكس الموقفين الواضحين، موقف تيار 14 آذار الذي يقف تماماً مع الثورة السورية، وبين موقف حسن نصر الله الذي يعتبر ما يجري في سورية جهدا حكوميا للقضاء على الإرهاب.

كلمة أبو فاعور حملت الكثير من النقد للنظام السوري، حتى وإن كان النقد حييّاً وذلك انطلاقاً من من كونه ممثلاً لكل الحكومة وهي بأكثرية 8 آذار وأستثني وليد جنبلاط الذي يأخذ مواقف يفضل أن يسميها هو "متمايزة" عن الاصطفافات الموجودة لدى التيارات. جنبلاط له مواقف كثيرة تدين النظام السوري وتؤيد الثورة السورية منذ اندلاعها.

صحيح أن النبرة تخفّ ثم ترتفع وهكذا غير أن موقف جنبلاط العميق أنه مع الثورة السورية وحق الشعب السوري بالحرية والمستقبل خارج نطاق النظام السوري الحالي.

الموقف اللافت الأخير من لبنان عن الثورة السورية، ما أعرب عنه حزب الله من رفضه القاطع لنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية - السورية ووصف نائب أمينه العام نعيم قاسم طلب نشرها ب"المشروع الصهيوني".

وقال نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، إن حزبه يرفض تدخل لبنان في الشؤون السورية، ويرفض رفضا قاطعا استقدام قوات دولية إلى الحدود الشمالية، وهي مشروع صهيوني بامتياز لتخريب لبنان كما سورية، ودعا إلى ترك الشعب السوري لخياراته الداخلية بالحوار والتعاون بعيداً عن أي تدخل أجنبي أو عسكرة الحلول أو تصفية الحسابات..

ويأتي موقف قاسم هذا رداً على كتلة المستقبل النيابية التي يتزعمها رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري والتي طالبت الأسبوع الماضي بنشر قوات دولية على حدود لبنان مع سورية!

علماً أن نشر القوات الدولية على الحدود السورية ضرورة، إذا ما أخذنا التجاذبات الأخيرة بعين الاعتبار، إذ سقطت 25 قذيفة مدفعية على الأقل في بلدة لبنانية محاذية للحدود بين البلدين بعد إطلاقها من الجانب السوري ما أدى إلى إصابة شخص بجروح ووقوع أضرار مادية، حسبما أفادت مصادر أمنية لوكالة الصحافة الفرنسية.

بل وأصابت القذائف قرية منجز الواقعة في قضاء عكار شمالي لبنان، وفقا لمختار القرية طوني أنطونيوس الذي أشار إلى إصابة منزل بقذيفة ووقوع أضرار مادية فيه.

طبعاً تتهم السلطات السورية "إرهابيين" بالتسلل من لبنان إلى سورية، كما تتهم تيارات لبنانية بتهريب سلاح إلى المعارضة السورية!

النظام السوري يحاول أن يستقوي بحزب الله ضد نشر القوات الدولية على الحدود، لأن نشرها يحاصره ويجعل عبثه بلبنان أمراً ممتنعاً، وبطبيعة الحال تبادر القوى الظلامية ممثلةً بحزب الله بأن تدعي أن هذا المشروع هو مشروع صهيوني، وكأن الذي اقترحه شمعون بيريز وليس الرئيس سعد الحريري.

الخلاصة ان النأي بالنفس لن يستمر، فالتجاذب الذي يرغبه النظام السوري واضح، فهو يريد نقل المعركة إلى لبنان، والمواقف الرمادية ستتبخر، والأمم المتحدة عليها أن تنظر إلى هذه المأساة الحقيقية التي تحدث على الحدود وسط تخويف حزب الله من صهينة لبنان!

=================

فرنسا والممرات الآمنة في سوريا

المصدر: صحيفة إزفستيا الروسية

التاريخ: 03 سبتمبر 2012

البيان

قام وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بزيارة الدول المجاورة لسوريا، بغية تقدير حجم المشكلة الإنسانية التي تواجهها تلك الدول، إثر تدفق اللاجئين من سوريا إلى أراضيها.

وبعد تلك الجولات حدد الوزير بشكل واضح، الهدف من اجتماع مجلس الأمن الذي دعت إليه بلاده، وهو ضرورة إيجاد ممرات إلى عمق الأراضي السورية لحل المشاكل الإنسانية.

ولم يحدد فابيوس بشكل دقيق الآلية التي ينوي الغرب بواسطتها حل تلك المشكلات الإنسانية، إذا لم يحصل على موافقة نظام الأسد على إنشاء "ممرات" و"مناطق آمنة"، يمكن أن تشكل في المستقبل قاعدة للتدخل العسكري.

وقال وزير خارجية فرنسا الأسبق رولان دوما، إن رئاسة فرنسا لمجلس الأمن الدولي توفر فرصة ممتازة لإيجاد حل سياسي ناجع في سوريا، ولكن لا بد هنا من الأخذ بعين الاعتبار، أن الفشل سيكون مصير أي حل عسكري قد يُفرض من الخارج.

ويرى دوما أنه لو كان في محل الوزير فابيوس، لوجه الدعوة لكل من روسيا وأوروبا والولايات المتحدة، لحضور هذا الاجتماع عقده في نيويورك، بالإضافة إلى سوريا.

ويعتقد دوما أن طلب رحيل الرئيس الأسد كشرط مسبق، سيجعل الفشل مصير أي اجتماع لمجلس الأمن. كما أن الإصرار على الممرات الإنسانية ومناطق الحظر الجوي، يعتبر شكلاً من أشكال التدخل العسكري، وهذه التدابير لن تقدم حلولاً طويلة الأمد لمشكلة سوريا وجيرانها.

من جانبه يعتقد السيناتور الروسي روديك إيسكوجين، أن موضوع الاجتماع الذي اقترحته فرنسا (وعقد الخميس الماضي)، يشي بأنها تحاول جس النبض حول إمكانية استئناف عملية المفاوضات في إطار مجلس الأمن، وهو الأمر الذي وصل إلى طريق مسدود جزئياً، بسبب الفيتو الروسي - الصيني الذي استعمل ثلاث مرات ضد مشروع قرارات بخصوص سوريا.

الفرنسيون بدلًا من فرض عقوبات جديدة ضد دمشق، يقترحون الآن الاهتمام بالأوضاع السيئة للاجئين السوريين، الأمر الذي يتطلب - حسب زعمهم- إنشاء ممرات أو مناطق على أراضي الدولة السورية ذات السيادة، بحيث تكون تحت سيطرة قوات عسكرية أجنبية، وهذا ليس سوى محاولة لإضفاء الشرعية على التدخل العسكري الغربي المباشر.

وحسب معلومات المختصين، فقد عقد قبل عدة أيام في أنقرة اجتماع مغلق، ضم دبلوماسيين وعسكريين ومسؤولين في الاستخبارات التركية والأميركية.

والهدف من الاجتماع هو التحضير لتغيير السلطة في سوريا. وأعلن الأتراك من جانبهم، أنهم سيصرون على إنشاء ممرات إنسانية على الأراضي السورية، في حال تجاوزت أعداد اللاجئين المئة ألف شخص.

ولإنشاء تلك الممرات الآمنة، يرى الأتراك ضرورة فرض منطقة حظر للطيران فوق سوريا. أي أن خطر الكارثة الإنسانية يتم استخدامه من قبل الغرب، كغطاء للعمليات العسكرية التي يحضر لها، كما جرى سابقاً في ليبيا.

لو كان الغرب مهتماً فعلاً بإبقاء الوضع في سوريا تحت السيطرة الدولية، لما قام بوقف تمويل مهمة بعثة المراقبين الدوليين.

=================

ثقافـــة الدم... "الأسدية" نموذجاً

تاريخ النشر: الإثنين 03 سبتمبر 2012

د.خالد الحروب

الاتحاد

علاَّمة حلب ومثقفها النهضوي البارز عبدالرحمن الكواكبي صاغ قبل أكثر من قرن مقولة تُسطر بماء الذهب: الاستبداد أصل كل فساد. وفي عقود القرن الضائع الطويل الذي جاء بعد تلك المقولة، وفي ما عدا سنوات سريعة وجيزة لأنظمة ديمقراطية برلمانية بعيد الاستقلالات، أعرض العرب عن الاستماع لنصيحة الكواكبي وتبنوا عكسها تماماً: احتضنوا الاستبداد عماداً لبعض الأنظمة السياسية التي سادت. وأخذت بعض الأنظمة العربية أشكالًا وتنويعات مختلفة على مقياس الاستبداد فمنها من وصل إلى أقصى درجاته، ومنها من بقي استبداده في درجات أدنى. والاستبداد بكل تنويعاته مدمر ومنتج للفساد، ولكن أبشعه هو ذلك الذي يصل إلى درجة الولوغ والسباحة في دم الأبرياء. وهذا النوع من الاستبداد لا ينتج كل أنواع الفساد وحسب، ولكنه ينتج أيضاً ثقافة الدم ويؤصلها ويجذرها في المجتمع. يحدث ذلك عبر تنمية غرائز الثأر والانتقام ومراكمة الحقد والكراهية. وتتفشى الكراهيات بين شرائح الشعب والنظام، وتصبح "الكراهية مديحاً"، باستعارة عنوان رواية خالد خليفة، التي صورت الواقع السوري الأسدي ومنتجاته ببراعة. ومن هذا المنظور يمكن اليوم قراءة ما يقوم به النظام السوري من إجرام مدهش، وقراءة ممارسة بعض مجموعات المعارضة الانتقامية والدموية أيضاً. ودفعاً لأي سوء فهم فليس المقصود هنا تسطير مساواة "موضوعية سمجة" بين المجرم والضحية، فالنظام الأسدي هو المجرم والشعب السوري بناسه ومعارضته ومقاومته المسلحة (على رغم ما فيها من شوائب) هو الضحية. والنظام الأسدي يحتل اليوم أقصى نقطة دموية في مقياس الاستبداد ويقدم المثال الأكثر بشاعة في المنطقة العربية للاستبداد المنتج لكل أنواع الأمراض الجماعية، وخاصة ثقافة الدم والثأر والانتقام.

وبدايات شرارة الثورة السورية انطلقت في مدينة درعا كما هو معروف في شهر مارس 2011، عقب التعذيب والإهانات التي قام بها محافظ المدينة بحق أطفال دون السن القانونية كتبوا شعارات ضد النظام، مندفعين بروح "الربيع العربي" في تونس ومصر واليمن وليبيا ومتأثرين بها. آنذاك أوقع المحافظ الهمام تعذيباً دموياً بحق الأطفال أدمى قلوب ذويهم، ولما جاءوه على رؤوس قبائلهم للمطالبة بالإفراج عن الأطفال شتمهم وشتم أولادهم "عديمي التربية"! ما الذي أوصل المحافظ العتيد إلى تلك الدرجة من الانحطاط القيمي والأخلاقي والدموي؟ ولماذا تحول إلى ذئب يجلس على كرسي لا يرى في بقية الشعب سوى فرائس يمكنه فعل ما يشاء بها؟ لم يكن ثمة ثورة ولا خطر على النظام ولا مظاهرات عارمة تجوب شوارع درعا آنذاك، فلماذا هذه القسوة البالغة في المعاملة والذهاب إلى الحد الأقصى؟ ليس هناك جواب شافٍ على هذا السؤال إلا بالعودة إلى المنابع الاستبدادية للنظام وكيف تفاقم الطغيان والجبروت والإقصائية والتضخم في الذات السلطوية.

وقسوة محافظ درعا ودمويته أثبتت أنها كانت "أقل" بشاعة مما اعتقده الناس يوم قام بما قام به، بل كانت نسخة محسنة و"لينة" من الدموية التي أطلق حممها النظام ضد الشعب السوري خلال الشهور التي تلت. وقد تكشفت للناس درجات مذهلة من القدرة على سفك الدماء، والذبح، والتمثيل، وقتل الأطفال، وإزالة الحناجر. وقدم النظام وجهه الحقيقي: الشبيحة، وهم حماته والمدافعون عنه، والمستعدون لإبادة كل الشعب لو تمكنوا وذلك في سبيل بقاء الأسد وبطانته في الحكم. أطلق الشبيحة كل ما تراكم خلال العقود الماضية من إرث الدم وثقافة القتل والاستباحة، وأذهلوا حتى أنفسهم بسبب درجات الدموية التي قدموها للناس والمذابح التي أطلقوها ضد أبرياء القرى والمزارع. ثم جاء انفلات الهوس الجنسي ليستغل الفوضى ويترك لمكبوتات سابقة هي خليط معقد لسيكولوجيا فرويدية مريضة ترعرعت في أحضان النظام لا ترى الشعب إلا فرائس سائبة برسم الافتراس... والاغتصاب الذي توافرت ظروفه الموضوعية.

ومسيرة الاستبداد الأسدي خلال الأربعين سنة الماضية تملأ مجلدات بما يشير إلى أن ذلك الاستبداد قام وأنتج ثقافة، وأن المرويات التي لا تنتهي عن حوادث الإجرام وسفك الدماء حتى في سنوات ما قبل الثورة ليست مجرد "سلوكيات فردية" خارجة واستثنائية ولا يمكن الحكم من خلالها على النظام. إن المدافعين عن النظام يحتاجون إلى قدرة خارقة كي يبرروا دمومة ذات الثقافة الانتقامية والاستبدادية التي تحتقر الشعب والأفراد والناس ولا تنظر إليهم إلا كأعداء لا يستحقون سوى الازدراء والاحتقار أو الموت إن عارضوا النظام. ومسيرة الاستبداد الطويلة تلك، وكما كانت مسيرة الاستبداد الصدَّامي النظيرة، تشتغل على تخريب ثقافة الناس أيضاً ونظرتهم إلى ذاتهم، وتسعِّر أسوأ ما فيهم من ولاءات وطائفيات، وتوترات، وتراكم في دواخلهم نزعات الثأر والرغبة الجارفة في الانتقام والرد على كل ما قد تعرضوا له خلال مراحل طويلة. ولهذا فإن ما نراه من سيادة للتطرف والإقصاء والحقد بين الأطراف التي ترث النظام المتداعي يكون في العادة مدهشاً، ومريراً، ومخيباً للآمال في ذات الوقت. ولكن جذور ذلك كله تعود إلى المناخ المسموم الذي يبثه وينشره النظام الاستبدادي ويرعاه. وهو مناخ لا يمكن إلا أن ينتج جيوباً وأفراداً هنا وهناك تنهل من نفس الغريزة الانتقامية والثأرية وإن كانت تأتي من الطرف المقابل. ومن هنا فإن التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه الثورة السورية، مثلما واجه الثورة الليبية، وكما لا يزال يواجه عراق ما بعد صدام حسين، يتمثل في كيفية محاصرة ثقافة الدم، وغرائز الانتقام. ستحتاج سوريا إلى فترة نقاهة طويلة كي تتطهر من الحقبة الأسدية وأمراضها وما ألحقته بأرضها وشعبها وثقافتها، وتستوي على قدميها وتسير إلى الأمام.

=================

روسيا..هذا هو الرَّد!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

3-9-2012

قد تكون أكثر من سذاجة سياسية أن يبقى الرهان مستمراً ومتواصلاً من قبل بعض العرب على إمكانية أن تغير روسيا مواقفها تجاه الأزمة السورية وأن «تكفَّ شرَّها» عن الشعب السوري وتوقف تدخلها السافر في الشأن الداخلي لدولة عربية وتضع حداً لمشاركتها المباشرة في سفك دماء السوريين والوقوف خلال الثمانية عشر شهراً الماضية الى جانب بشار الاسد الذي لولا كل هذا الدعم الروسي ،بالقواعد البحرية وبالخبراء وبالسلاح وبالدبلوماسية الصماء المتحيزة، لكان رضخ لمطالب شعبه واختار التنحي ومغادرة مواقع الحكم بطريقة سلمية.

لقد بقي سيرجي لافروف يتصرف على أساس أنه «صقر» الدبلوماسية السورية ،وليس الروسية، وبقي يضع العصي في «دواليب» كل المحاولات العربية والدولية التي بُذلت لحل هذه الأزمة ،التي تحولت الى حرب أهلية مدمرة، سلمياً والمعروف أن موسكو هي التي أفشلت خطة كوفي أنان المعروفة التي نص بندها الأول على ضرورة أن تكون البداية سحب القوات النظامية من المدن وإعادتها الى معسكراتها السابقة قبل أن تبدأ هذه الأحداث التي بدأت في مارس (آذار) العام الماضي.

آخر ما قاله وزير خارجية روسيا في هذا المجال هو :»عندما يقولون بأنه يجب على الحكومة السورية وقف العمليات وسحب القوات والآليات العسكرية من المدن ومن ثم التوجه الى المعارضة فإن هذه خطة غير قابلة للتطبيق إطلاقاً..إنها سذاجة واستفزاز» وهذا يعني ان موسكو لا تريد لهذا الاقتتال أن يتوقف وأنها مصرة على خوض صراعها مع الولايات المتحدة حتى لو لم يبقَ سوري واحد على قيد الحياة وحتى لو لم يبقَ حجر على حجر في كل سوريا.

ولهذا فإنه لابد من القول ومرة أخرى أن السذاجة الحقيقية والفعلية هي أن يستمر بعض العرب في الرهان على إمكانية أن تغير روسيا موقفها تجاه الأزمة السورية وأن توقف دعمها السافر وبكل أشكال وأساليب الدعم لنظام مجرم ارتكب كل هذه المذابح التي ارتكبها في مدن وقرى سوريا كلها واقحم البلاد في حرب أهلية مدمرة وقذرة ستؤدي حتماً إن هي استمرت بكل هذا العنف بإتخاذ منحىً طائفي سيؤدي الى التقسيم الذي هو أم الكبائر فالدول وبخاصة إذا كانت مثل هذه الدولة الروسية لا تفهم لغة العواطف ولا لغة الدبلوماسية الهادئة الناعمة بل لغة المصالح والمعروف أن مصالح موسكو في المنطقة العربية لا تُعد ولا تُحصى.

ولهذا أيضاً فإنه لابد من إمساك روسيا من الذراع التي تؤلمها ولابد ،حتى توقف مشاركتها لبشار الأسد في سفك دماء الشعب السوري وفي تدمير سوريا وتمزيقها ودفعها دفعاً الى الحرب الأهلية والإنقسام الطائفي، من أن يكون هناك قرارٌ عربيٌ بإغلاق السفارات الروسية في العواصم العربية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة الملطخة يديدها بدماء السوريين ولابد أيضاً من إنهاء كل أشكال الروابط الاقتصادية مع هذه الدولة التي على رأسها هذا القيصر الصغير فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف الذي أثبت أنه هو مَنْ يقود غرفة عمليات هذه الحرب القذرة التي يخوضها هذا النظام «الطائفي» ،وليس نظام الطائفة، على شعب من المفترض أنه شعبه.

لا يجوز أن تبقى السفارات الروسية تستمتع بكرم الضيافة في الدول العربية بينما فلاديمير بوتين يمعن في المشاركة في تحطيم جماجم أطفال سوريا وتثقيب صدروهم برصاص الأسلحة الروسية وحقيقة أنه عار وعيب ألاَّ تتوجه حراكات الربيع العربي إلى هذه السفارات وتحاصرها كي يدرك الشعب الروسي ،الذي له كل الإحترام والتقدير، كَمْ أن قيادته غدت أياديها ملطخة بدماء أبناء الشعب السوري وكم أن هذه القيادة قد حولت دولته الى دولة بلا قيم ولا أخلاق ولا تتورع في أن تخوض صراعها مع الولايات المتحدة بهذه الطرق الوحشية وعلى حساب شعب آخر هو الشعب السوري ودولة أخرى هي الدولة السورية.

=================

ماذا بعد الأسد..

سلطان الحطاب

الرأي الاردنية

3-9-2012

اختلاف قوى المقاومة وقياداتها واستمرار انقسامها وتشتتها هو خطر على سوريا ومستقبل سوريا واستمرار انتصار لقوى البطش والتقتيل التي يقودها نظام بشار الاسد..

والسؤال اذا ما استمر انقسام قيادات المقاومة وظلت دون مستوى طموح الشعب السوري والتحديات التي تواجهه ..فإن مرحلة ما بعد الأسد ستكون الأكثر خطورة أيضاً، لأن سقوط الأسد لا يعني أن الأمور ستسير بشكل ايجابي ولأن فراغاً كبيراً وخطيراً سوف تغرق فيه سوريا..ولهذا فإن التحدي الكبير هو أن تكون القيادة التي ستحمل سوريا الى بر الأمان جاهزة وقادرة على رد التحديات ومنع قوى اندست على الجرح السوري ولوثته بفعل ما سببه نظام الأسد من تدمير من أن تفرض أجنداتها بعيداً عن ما يتصور السوريون من مستقبل..

بقاء الأسد في السلطة الآن يحوله الى طعم يجري اصطياد سوريا به والى أداة لاشعال الحرب الأهلية وفتح باب تقسيم سوريا الى كونتونات عديدة لطوائف وأعراق..

كيف يمكن قطع الطريق على نظام الاسد الذي يرفع شعار «عليّ وعلى أعدائي»..وشعار إن كانوا يريدون سوريا فإني لن أسلمها لهم الا قاعاً صفصفاً والا أكواما من الدمار، والا بلدا ممزقا يأكل بعضه بعضاً..

شعار نظام الاسد هو «تخرب بنا ولا تعمر بغيرنا» ولذا فإنه يرى الاصلاح الذي يطالب به الشعب السوري منذ بداية ربيع سوريا قبل سنة ونصف يراه مؤامرة ويراه تدخلاً أجنبياً ويرى أنه صاحب الأهلية لاستمرار الحكم ولا أهلية لغيره وانه على استعداد لذبح نصف الشعب وتطهيره من نصفه الآخر ولذا على من لا يريد أن يهرب أو يهاجر أو يرحل وسيكون النظام الاسدي سعيداً لذلك خاصة وان معظم اللاجئين ينتمون لطوائف محددة..

ماذا لو سقط غداً؟ ..هذا ما يجب أن تعمل له المعارضة والمقاومة فهل ستطلب مهلة تنظم صفوفها وتعزز وحدتها وتوحد رأيها في القضايا الهامة والاساسية، وهل ستتركها قوى التدخل الخارجي أو القوى الظلامية والتكفيرية والمعادية لسوريا ودولتها المدنية المأمولة أن تنتظر أو تملك وقتاً؟ أم أننا سنرى أشجار الهالوك وبذوره التي ترش في سوريا الان تأكل كل زرع المقاومة وحصيلة انجازاتها؟..

المقاومة السورية لا بد أن تعمل على صعيدين ..اسقاط نظام الاسد وفي نفس الوقت التخطيط لمعرفة من هي القوى التي سترث هذا النظام وطبيعتها وضرورة أن تكون من مكونات الشعب السوري ومن بنيته الثقافية والوطنية والفكرية حتى لا تخطف سوريا الى الفوضى وإلى المجهول كما حدث في العراق وحتى لا يطول ليل السوريين بعد سقوط النظام ويكون أقسى من ليل النظام الحاكم الان ومن بطشه..

على السوريين أن يدركوا منذ هذه اللحظة وقد قدموا كل هذه التضحيات ودفعوا اثمانا كبيرة وتضحيات عظيمة انهم لا يريدون أن يهربوا من مزراب النظام الى شتاء الفوضى ومن الرمضاء التي تكويهم الى جحيم الارهاب الذي ينتظرهم ان لم يزرعوا الارض السورية مبكراً بالبدائل المعروفة والمضمونة والمتوافق عليها..

ان إطالة المعاناة ليست في مصلحة الشعب السوري وان الخذلان الدولي وحتى العربي للسوريين واعطاء الأسد ونظامه المزيد من الوقت والفرص سيدفع السوريون ثمنه لاحقاً حين يرثون سوريا مدمرة وممزقة ومقسمة تأكل بعضها وتذهب الى تداعيات لا قرار لها..

الرهان هو على وعي الشعب السوري وعلى وطنيته وحبه لوطنه وعلى قدرة ابناء سوريا أن يرصوا صفوفهم وأن يوحدوا أهدافهم وأن يدركوا أنه لن يقف العالم معهم ان لم يقفوا مع أنفسهم ولن ينتصر لهم أي طرف ان لم ينتصروا هم لأنفسهم ووطنهم وأنه «لا يحك جلدك مثل ظفرك» وأن الاعتماد على الآخرين قد يقود الى حسابات غير صحيحة وقد يفتح باب جهنم أكثر من أن يأخذ إلى الخلاص..

=================

الحل فى سورية

عبد الحليم قنديل

2012-09-02

القدس العربي 

هل ثمة فرص حقيقية للحل في سورية؟ وهل تجدي مبادرة الرئيس المصري محمد مرسي بتكوين لجنة رباعية من مصر والسعودية وتركيا وإيران؟ وهل ينجح الأخضر الإبراهيمي فيما فشل به سلفه كوفي عنان؟

لاتبدو القصة سهلة خاصة أن الرئيس السوري بشار الأسد لا يزال يعول على ما يصفه بالحسم العسكري، ويصف الانشقاقات الكبرى عن نظامه ـ في حواره مع قناة 'الدنيا' ـ بأنها عملية تنظيف ذاتي للدولة والوطن، وهو تفسير عجيب لرجل يراوغ نفسه ولا يرى حقيقته كديكتاتور وحشي يقتل شعبه بدم بارد، يحرق القرى ويدمر المدن ويطرد مئات الآلاف من السوريين إلى خارج حدود بلادهم، ويشرد الملايين في داخلها وينتهي بعشرات الآلاف من السوريين إلى مصير القتل، ويوقع أضعافهم جرحى ومعاقين ومشوهين، وينشر الخراب في سورية الجميلة والتي تحولت أغلب مدنها وقراها إلى أطلال ثم يجلس بشار على قمة الخراب كنيرون الذي أحرق روما وراح يغني على قيثارة جنونه.

لايفكر الرئيس بشار في سورية بل فى نفسه، ولا يدرك أنه صار عبئا على مستقبل سورية وسلامتها ووحدتها، ولا يخطر بباله أن يتنحى ويترك الحكم طوعا وحتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفتح الطريق لتسوية ومرحلة انتقالية إلى سورية ديمقراطية، وهكــــذا يتفلت الوقت وتستمر المذابح وتغرق سورية في بحر من الدماء، ومع انكشاف فعلي للأراضى السورية يتيح للقوى المتربصة أن تتدخل وأن تفرض وضعا أسوأ في سورية يحولها إلى مناطق نفوذ لأطراف إقليمية ودولية، ويفتت وحدتها الترابية وينشر سعار الحروب الطائفية التي لا تنتهي، وقد بدأها بشار بصورة مفزعة، وحول هدف بقائه إلى معركة طائفية شرسة، يستند فيها إلى قاعدة طائفية ضيقة وتستهدف إفناء السنة السوريين، وهم عماد التكوين السوري متعدد الطوائف ويشكلون ما يصل إلى ثمانين بالمئة من أهل سورية.

ومع إغراق الوضع كله في بحور الدم لا تبدو من فرصة لحوار بين القاتل والمقتول، خاصة أن الشهداء والجرحى والمعاقين واللاجئين والمشردين لايجدون أحدا يعبر عنهم فالثورة ـ بالأساس ـ هي ثورة الشعب السوري والضحايا من أبناء الشعب والذين لا يحركهم فصيل بذاته ولا جماعة معارضة بعينها، وقد بدأوا ثورتهم الباسلة بصورة سلمية تامة، وعلى نحو تلقائي من 'درعا' مهد الثورة، ثم انتقلت الشرارة إلى غيرها من القرى والمدن إلى الشمال والشرق ثم إلى القلب في ريف دمشق وظلت الثورة على سلميتها شهورا طويلة تقدم التضحيات وتفتح صدور أبنائها وبناتها لرصاص النظام الدموي، ولا ترد بطلقة، وإلى أن تكونت جماعات من الشباب تحمل السلاح بهدف وحيد وهو حماية المظاهرات السلمية، وكان ذلك التطور عند هذا الحد مفهوما ومعقولا، وإلى أن دخلت على خط الثورة فكرة العسكرة وتحويل التحركات السلمية إلى حرب دموية، وكان ذلك خطأ تراجيديا أطلق يد النظام فى استخدام الجيش السوري المدجج بأحدث أنواع السلاح ونشر الخراب في كل مكان، وبدت دواعي الانزلاق إلى السلوك العسكرى مفهومة في قرى ومدن بذاتها تعرضت لحملات سحق طائفي من الجيش المسيطر عليه طائفيا.

وكان مفهوما أن تتكون جماعات مسلحة تدافع عن الناس وتصد الهجوم الوحشي، وتستوعب الضباط والجنود المنشقين في إطار نظامي ما، لكن دول جوار وقوى إقليمية خليجية بالذات، وبدعم محسوس من الغرب عموما، ومن واشنطن بالذات، كل هذه الأطراف التي لا تريد خيرا لسورية ولا تتحمس لثورتها وأشواقها في طلب الحرية وتريد أن تحول الثورة إلى مأساة، كل هذه الأطراف قدمت دعما موضوعيا للنظام لا للثورة ووفرت له الحجة لدعم دعواه بوجود استهداف خارجي يبرر له استخدام قوة الجيش المفرطة لردع ما يسميه 'عصابات مسلحة' يدعمها الآخرون، وبعبارة أخرى وفرت هذه الأطراف للنظام صورة 'العدو المناسب' خاصة أن دولا كقطر والسعودية تدعم بالمال والسلاح ويصعب اعتـــبارها أمثلة ديمقراطية تحتذى بل هى نظم ديكتاتورية ووراثية أسوأ من النظام السوري نفسه وقد ندعي أن مثل هذه الأطراف بسلوكها وهيئتها السياسية دعمت قضية النظام وبأكثر مما تدعمها الأطراف الحليفة للنظام كروسيا والصين وإيران، وهكذا تكالب الكل على الثورة وحولوا الصراع في سورية إلى صراع على كعكة سورية .

وبالطبع لايمكن إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، ولا يصح التعميم فى أحوال جماعات مسلحة مختلفة الهوى، فثمة جماعات حملت السلاح بدافع ثوري محض وبدواعي لوجيستية وجهوية وفي سياق من الرغبة في حماية الأهالي والمتظاهرين السلميين، وهذه لا يمكن مساواتها بجماعات مريبة حقا ومن نوع جماعة 'القاعدة' وأخواتها، وهي خطر حقيقى داهم على سورية الآن وفي المستقبل وتنافس في وحشيتها وحشية النظام السوري الذاهب إلى زوال أكيد، وتشكل تحديا لسورية الديمقراطية المأمولة، وربما لذلك تبدو الدعوة لوقف العنف اختبارا حقيقيا، وإذا جرت الاستجابة لها من جانب الثوريين المسلحين فسوف تنكشف الجماعات المشبوهة، والتي لا تؤمن لا بثورة ولا بديمقراطية ولا حرية، وتسعى للتدمير من أجل التدمير ونشر الحروب الطائفية في كل مكان، وتماما كما يفعل النظام الطائفي المسعور.

وإذا توقف العنف، وبقرار حاسم من جانب الجماعات المسلحة المنتمية حقا لقضية الثورة، لو حدث ذلك فسوف تعود الثورة إلى خطتها السلمية المتفوقة أخلاقيا، وتتخلق البيئة المناسبة لخلع بشار ونظامه، ووقتها قد لا يكون المطلوب إجراء حوار فات أوانه مع النظام بل تحدي النظام في أصل وجوده، والتركيز على مبادرة وحيدة للثورة وقوى المعارضة المنتمية حقا إلى روحها وهي طلب إجراء استفتاء شعبي حر على تنحية بشار، وعلى أن يجرى الاستفتاء بضمانات رسمية وشعبية من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، تكفل النزاهة التامة لعمليات التصويت والفرز، وإعلان النتائج ونثق أن النتيجة وقتها ستكون قرارا شعبيا بخلع بشار وتنظيم انتقال سلمي إلى سورية الديمقراطية .

' كاتب مصري

=================

تونس وسورية: الحال والمآل

صبحي حديدي

2012-09-02

القدس العربي 

شرّفني الاتحاد العام التونسي للشغل بدعوة كريمة للمشاركة في نشاط شعري وغنائي ونقدي، شهدته العاصمة تونس ومسرح قرطاج الأثري، يكرّم محمود درويش في ذكرى رحيله. ورغم أنّ هذه المؤسسة النقابية العريقة تتحلى بعـــــراقة من طراز آخر، هي الاحتفاء بالمبدعين والمثقفين، والدفاع عنهم؛ إلا أنّ المبادرة هذه بالذات كانت مبهجة لأنها نادرة على النطاق العربي، أولاً؛ ولافتة، في ظلّ ظروف تونس الراهنة، المعقدة والحبلى بالمشكلات المحلية، ثانياً؛ وهي، كما يتوجب القول ثالثاً، تحتفي بشاعر غير تونسي في نهاية المطاف.

تونس ما بعد الثورة إذاً، في خضمّ تحوّلات سياسية مفتوحة على احتمالات شتى، تنخرط في سيرورة تجريب ديمقراطي (لعله شبكة سيرورات، شائكة ومعقدة) تفرز اختلاطاً شديداً للقوى والتحالفات والعقائد والحساسيات، على أصعدة تتجاوز مستويات العمل السياسي المباشرة، لأنها تشمل استحقاقات اجتماعية واقتصادية ومعيشية وثقافية وإعلامية... مواجهتها تبدو أشبه بالسير في حقول الألغام. ثمة، في يقيني الشخصي، الكثير من التنميطات المسبقة، التي تتكشف عن أوهام أو اختلاقات أو استيهامات، بعد السير نصف ساعة، لا أكثر، في جادة الحبيب بورقيبة. وثمة ما لا تكون السلسلة ذاتها قد كشفته، لأنها أصلاً لم تكن قد اكتشفته، أو تقصدت عدم كشفه أو تعمدت طمسه؛ يلمسه المرء بعد وقفة لا تتجاوز خمس دقائق أمام أي كشك للصحف، في تعليقات التوانسة القصيرة اللاذعة، وفي ما يخطف أبصارهم من مانشيتات.

ورغم أنني لم أترك صحيفة تونسية إلا وقرأت منها ثلاثة إصدارات متتالية، على الأقلّ؛ كما تحدّثت، مطوّلاً ومفصّلاً، مع أصدقاء مختلفي المشارب والميول والمهن، من الأستاذ الجامعي العليم إلى الشاعر الجامح الحرون، مروراً بالسياسي المحترف؛ فإنّ مشاهد الحياة اليومية، المتفجرة العفوية أو المدبّرة المنهجية، في حرارة ابتدائها مثل برودة انتهائها، كانت الدليل الأهمّ إلى روح تونس الراهنة. وقد يُدهش امرؤ مثلي (قبل أن تسعفه الظاهرة ذاتها بأكثر من تفسير مريح!) لمرأى تظاهرة أمام المسرح البلدي، مثلاً، تجمع العشرات، وتعلن عن ولادة تحالف سياسي جديد، ثمّ لا تصدح مكبّرات الصوت فيها إلا بأغاني الشيخ إمام ومرسيل خليفة!

وقد يُدهش، أيضاً، لأنّ صبيّة شاعرة، لا يقلّ عمرها عن عشرين سنة، تلقي قصيدة (تقريرية خطابية ركيكة، هي التي تقتضيها الحال طبعاً)، تعد، وتتوعد، بأنّ الدرجة صفر هي التي ستغيّر وجه تونس! تفهم ـ أنت الغريب، بعد حيرة وتعجب ـ أنّ القصد هو امتداح الأحزاب والقوى والتجمعات التي لم تحصل في انتخابات المجلس التأسيسي الأخيرة إلا على نسبة مئوية تقلّ عن الرقم 1، أي 'صفر، فاصل...'، وكأنّ هذه فضيلة نضالية وامتياز بطولي! الشرطة تراقب المكان عن كثب، ليس خوفاً من التظاهرة ذاتها، بل خوفاً عليها من اعتداء 'السلفيين'، هذه الفزّاعة الجديدة التي صارت لعبة كوابيس وكوابيس مضادة، بين 'النهضة' وغالبية الأحزاب الأخرى، بما في ذلك تلك المنضوية في حكومة حمادي الجبالي النهضوية. ومع ذلك، يؤكد لك أصدقاء كثيرون، غير إسلاميين، أنّ الشيخ المحامي عبد الفتاح مورو هو الأكثر شعبية في الشارع التونسي العريض، وهو استطراداً قد يكون الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة!

كذلك، في مفارقة أخرى وأخيرة، تجد أصدقاء توانسة يبدون من القلق على 'احتمالات تفتت سورية' جرّاء الانتفاضة الراهنة، أكثر من إبداء استنكارهم للجرائم الوحشية التي ارتكبها ويرتكبها النظام السوري، وكأنّ الإشفاق على مستقبل سورية يقتضي التسليم بالقضاء والإبقاء على نظام الفساد والاستبداد. بعض هؤلاء الأصدقاء ـ وهم يساريون، ديمقراطيون، علمانيون... ـ يقفون قاب قوسين أو أدنى من الإيحاء بفكرة زائفة، وقبيحة قاصرة بذيئة في توصيف آخر منصف، تقول التالي: ألم يقدّم النظام بعض التنازلات؟ ألم يلغِ الأحكام العرفية؟ ألم يعدّل الدستور؟ لماذا لا تقبلون بها، وكفى الله السوريين شرّ القتال، والاقتتال؟

إذا كنتَ سورياً طويل البال، فستسعى إلى إقناعهم بالحسنى، وأنّ النظام غير قادر على ايّ إصلاح ديمقراطي حقيقي، وأنّ عشرات الآلاف في السجون رغم إلغاء مبدأ الاعتقال التعسفي، وأنّ الدستور مهزلة تضيف الإهانة على الجرح (وهيهات أن تفلح، أغلب الظنّ، لأنّ لسانهم يشفق على بلدك سورية، ولكنّ قلبهم واجف من أفاعيل 'النهضة' في تونس!). أمّا إذا شئتَ تسفيه هذه المحاججة الكسيحة، فستذكّر أولي العقل بينهم أن يحمدوا الله، ركعاً وسجوداً، لأنّ الجنرال رشيد عمار، رئيس هيئة أركان الجيوش في تونس ساعة الانتفاضة، لم يكن من طينة جنرالات النظام السوري، أبطال عشرات المجازر الأشدّ همجية في التاريخ السوري، والعربي، الحديث.

ولهذا فإنّ أيّ تأخر في حسم معركة الشعب السوري ضدّ ذلك النظام، سوف يعرقل الكثير من عناصر الحسم الديمقراطي في ميادين الانتفاضات العربية الأخرى، أياً كانت الوشائج بين هذه الميادين، وسواء اتخذت تفاعلاتها وجهات ديــــناميكية أم ميكانيكية. مآل الانتفاضة التونسية ـ خاصة وقد صارت 'ثورة' في خطاب أبنائها ـ مرتبط بحال الانتفاضة السورية؛ ولعلنا، نحن السوريين، نشفق بدورنا أن تصبح الأولى مُرجأة أو معطَّلة أو مرتدة، كلما تأخر انتصار الثانية. : 'هوكا هو'، كما في التعبير التونسي الشائع!

 

=================

مصر تخترق الثلاثي التركي - السعودي - الإيراني؟

الإثنين ٣ سبتمبر ٢٠١٢

جورج سمعان

الحياة

أرسل النظام الجديد في مصر إشارة قد تزيد الأزمة السورية تعقيداً. وترفع وتيرة الاستقطاب بين تركيا والسعودية وإيران. وتضيف لاعباً إلى ساحة الحرب الباردة التي تدور في المنطقة بين الكبار دوليين وإقليميين. الرئيس محمد مرسي نادى من قلب العاصمة الإيرانية بوجوب رحيل الرئيس بشار الأسد. حدد في كلمته أمام قمة عدم الانحياز دفتر الشروط للتعاون مع الجمهورية الإسلامية، وعلى رأسه التخلي عن النظام في دمشق. وكان اقترح عشية القمة لجنة رباعية من مصر وإيران والسعودية وتركيا لتسوية الأزمة التي تدمر بلاد الشام. وكانت رسالة أولى أن بلاده حاضرة لأداء دورها المعهود.

من المبكر التنبوء بالسبل التي ستنتهجها مصر للعودة لاعباً إقليمياً. ومن المبكر رصد اتجاه العلاقات بينها وبين إيران، من دون الأخذ في الاعتبار الظروف والتداعيات والمتغيرات التي تمر بها بعد الثورة. ومن دون التوقف عند الدور الذي تؤديه تركيا، والمملكة العربية السعودية. دخول لاعب جديد الساحة يفترض تغييراً في قواعد اللعبة وفي مسرحها أيضاً. ويفترض توافر شروط وأدوات وأوراق.

لم تقم علاقات ديبلوماسية كاملة بين مصر وإيران منذ قيام الثورة الإسلامية. فقد منح الرئيس أنور السادات اللجوء السياسي للشاه محمد رضا بهلوي، ووقع اتفاقَي كامب ديفيد. اكتفى البلدان ببعثتين فقط. لكن الوضع تغير مع انهيار نظام الرئيس حسني مبارك. قال نبيل العربي يوم تولى الخارجية المصرية بعد الثورة إن حكومته لا تعتبر الجمهورية الإسلامية دولة معادية، وإنها «بصدد فتح صفحة جديدة مع كل الدول، بما فيها إيران». وسمح المجلس العسكري في شهر شباط ( فبراير) 2011، بدخول سفينتين حربيتين إيرانيتين عبر قناة السويس، للمرة الأولى منذ 1979.

وعـــندما عبّرت دوائر خليجية عن مخاوفها، أوضحت الخارجية المصرية أن «ما تسعى إليه القاهرة مع طهران هو علاقات طبيعية، علاقات أسـاسية طبيعية، لا أكثر ولا أقل». وتلى ذلك تأكيد أكثر من مسؤول مصري أن أمن الخليج من أمن بلاده. وبالطبع كانت الرياض أول عاصمة يزورها الرئيـس مرسي لتأكيد حرصه على العلاقات التاريخية بين البلدين. علماً أن السعودية كانت قـررت مساعدة القاهرة بأربعة بلايين دولار لتأكيد حرصها هي الأخرى على استقرار مصر واقتصادها.

قيل الكثير في أسباب انكفاء مصر التدريجي عن أداء دورها في الشرق الأوسط وأفريقيا، منذ توقيع اتفاقَي كامب ديفيد. من سياسة أميركا المنهجية لحصر دورها بالداخل، إلى انشغال الحكم بمكافحة الحركات المتشددة، ثم انغماس أهله وحاشيته بالفساد ثم الإعداد للتوريث... لكن هذه تظل مرحلة عابرة في تاريخ لا يمكن القفز فوق ثوابته وحقائقه. مصر الفرعونية التي استقرت على ضفاف النيل لم تكن لتتردد لحظة في الخروج إلى ما وراء شرق النهر حتى حدود سورية والعراق، حتى دجلة والفرات لتحافظ على ما تعده أمنها القومي، في مواجهة الآتين من الشرق، من بلاد ما بين النهرين وما خلف النهرين. ومنذ القدم وحتى التاريخ الحديث لم يتردد أهل أرض الكنانة عن تقديس هذه الحقيقة الثابتة. من رعمسيس الثاني الذي خرج إلى الحثيين. إلى المماليك الذين خرجوا إلى فلسطين لإبعاد تيمورلنك وجحافله. إلى إبراهيم باشا الذي قرع أبواب الآستانة من لبنان وسورية. إلى الرئيس جمال عبدالناصر الذي هدد الزعيم عبدالكريم قاسم عندما رفع هذا قبضته في وجه الكويت. وأظهر أكثر من مرة عزمه على الدفاع عن سورية في وجه التهديدات التي كان يطلقها العسكر التركي بين فترة وأخرى في الخمسينات. من دون أن ننسى الوحدة العابرة بين القاهرة ودمشق...

حتى الرئيس حسني مبارك لم يتردد لحظة في توفير التغطية للتحالف الدولي - العربي الذي أخرج صدام حسين من الكويت قبل نيف وعشرين سنة. وكان قبل ذلك أقام مع بغداد وعمان وصنعاء «مجلس التعاون العربي» ليظل شريكاً في أمن الخليج حيث يعمل أكثر من مليونين ونصف المليون مصري. وحيث أكبر اقتصاد عربي تفيد منه معظم الدول العربية. وعندما سقط المجلس في غزو الكويت أبرم وسورية مع دول مجلس التعاون ما سمي تجمع «إعلان دمشق». وعندما تلاشى هذا «الإعلان» عزز الصلات مع الرياض ودمشق... ليبقى للقاهرة دورها في قيادة أي «مشروع» عربي، أو على الأقل لتظل شريكاً أساسياً في القرار. ولم يتردد في التحذير من «الهلال الشيعي» عندما طرقت إيران أبواب سيناء من غزة!

مثقلة بهذا التاريخ، رفضت مصر «النموذج التـركي» الذي دعاها إليه رجب طيب أردوغان يوم زيارته القاهـرة غداة إطاحة الرئيس مبارك. ورفضت مقولة «المرشد» علي خامنئي إن الثورة المصـرية امتداد للثورة الإسلامية. تريد القاهرة أن تستعيد ثقلها التاريخي في المنطقة من شمال أفريقيا إلى حدود العراق. لا تريد أن تكون رقماً في رصيد أنقرة أو طهران؟ أبعد من ذلك لا يحتاج الرئيس محمد مرسي دروساً من الجمهورية الإسلامية. هو ينتمي إلى حركة تأسست قبل نحو تسعين عاماً، وتُعد أكبر القوى الإسلامية السياسية في العالم العربي.

قبل الثورة وقف «إخوان» مصر إلى جانب حركة «حماس» في غزة مثلهم مثل إيران التي دعمتها ودعمت قوى إسلامية أخرى. وكان لهم ولا يزال اعتراض على اتفاقَي كامب ديفيد وهي حال طهران في السنوات الثلاثين الماضية. وقيل الكثير في العلاقات بينهم وبين الجمهورية الإسلامية. وهم بالتأكيد لا يرغبون في أن يطغى الصراع العربي - الإيراني على الصراع مع إسرائيل. لكن واقع الحال لا يعكس هذه الرغبة. إذ تشهد أكثر من ساحة عربية اشتباكاً مباشراً بين إيران وخصومها العرب. من السعودية والبحرين، إلى الإمارات والعراق وسورية ولبنان وفلسطين، ومواقع أخرى متفرقة هنا وهناك. وما لم تشعر الدول العربية بأن طهران عدلت في سياستها فإن المنطقة ستظل تفتقر إلى الاستقرار، وستنخرط أكثر في سباق تسلح قد تكون نتائجه كارثية. ويكفي أن هذا السباق سيأكل من عائدات النفط على حساب التنمية البشرية والمادية لدول المنطقة. إزاء هذه الحال لا يمكن مصر أن تظل مكتوفة الأيدي. هناك مصالح وطنية وقومية تتقدم على أية اعتبارات دينية أو مذهبية.

صحيح أن إيران نجحت في استضافة قمة عدم الانحياز وسترأس المجموعات في السنوات الثلاث المقبلة، لكن الصحيح أيضاً أنها تدرك أن دول المجموعة وبعض الدول في أميركا اللاتينية لا يمكن أن تشكل لها ظهيراً في مواجهتها الولايات المتحدة وأوروبا. وحده العمق الجغرافي الإسلامي يشكل لها قوة مضافة ودعماً سياسياً هي في أمس الحاجة إليه. كان بمقدور إيران أن تضاعف نفوذها وموقعها لو أحسنت التعامل مع القوى الإسلامية التي صعدت وتصعد إلى سدة الحكم في «الربيع العربي». أي لو تخلت عن خطابها «الشيعي» المفرط أحياناً. وكفت عن تهديداتها لدول الخليج العربي وأوقفت تدخلاتها هنا وهناك. بشيء من الحكمة والتواضع كان بمقدورها أن تقيم علاقات مع جيرانها تستقوي بها على خصومها في الغرب وإسرائيل. ويمكن أن تشكل البوابة المصرية أوالبوابة الخليجية معبراً مهماً يقيها هذا الحصار الاقتصادي والسياسي المضروب عليها.

اتكأت إيران على تاريخها الفارسي وغلبت نزعتها القومية وأيديولوجيتها الشيعية من أجل تقديم نفسهـــا قـــــــوة يجب أن تسود في المنطقة. وهــــي بذلك استنفرت العرب والإسلام السنّي على حد سواء، مما وراء باكستان وحتى الأطلسي. مثلما أثارت مخاوف الدول الكبرى على مصالحها في المنطقة. وجـــاء سقــــوط نظام «طالبان» في أفغانستان التي كانــــت تشكل لطهران هاجساً طالما شتت تركيزها على الخليج والشرق الأوسط. ثم كانت لها الهدية الكبرى فــــي إسقاط نظــــام البعث في العراق حيث تتربع اليوم حكومة لا تملك حق مخالفتها في ميادين شتى. أما استثمارها الأكبر في بناء «حزب الله» فاكتسب مزيداً من المنعة والقوة بعد حرب تموز (يوليو) 2006.

بالطبع لن يكون سهلاً على مصر إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. لا يمكنها ببساطة أن تشكل تهديداً مباشراً وسريعاً لهذا التمدد الإيراني. لكن مواصلة طهران سياستها الحالية ستدفع بالقاهرة إلى جانب دول مجلس التعاون وتركيا في هذه الحرب الباردة وعنوانها الساخن اليوم رحيل بشار الأسد أو بقاؤه. وكذلك لن يكون سهلاً اختراق ما حققته أنقرة طوال عقد من غياب القاهرة. لذلك، قد يكون لها النصيب الأوفر من ثمار «الربيع العربي». من العراق حيث «الانتشار» التركي واسع في كردستان، إلى سورية عبر قوى المعارضة ومنه إلى لبنان مستقبلاً، فضلاً عن تونس... حتى لا نتحدث عن الوجود التركي في آسيا الوسطى والبلقان. ولن يكون سهلاً منافسة الدور الذي بدأت تلعبه دول مجلس التعاون التي عرفت كيف تحول قدرتها الاقتصادية والنفطية رافعة لأدوار سياسية كانت تتحاشى الانخراط فيها. كل هذا من دون الإشارة إلى مدى قدرة مصر على اللعب في ساحة أميركا وروسيا والصين وغيرها! وقبل كل ذلك هل تعينها أوضاعها ومتاعبها وصراعاتها الداخلية على اجتياز النيل؟

... لكن اصطفاف مصر إلى جانب السعودية وتركيا يمكن أن يشكل ثلاثياً منافساً ووازناً في المنطقة في مواجهة التمدد الإيراني، وفي مواجهة التشدد الروسي في الأزمة السورية التي قد تجد في النهاية تسوية ما تعطي رعاية ثلاثية لسنّة سورية فيما ستجد طهران وموسكو طريقة لرعاية مصالحهما وشؤون العلويين... هل فات أوان التسويات؟

=================

الإبراهيمي وأنهار الدم

الإثنين ٣ سبتمبر ٢٠١٢

غسان شربل

الحياة

أقر كوفي انان بفشل مهمته في سورية. جمع أوراقه وغادر الشاشات. عاد الى تقاعده في مجموعة «الحكماء» التي أسسها نيلسون مانديلا في 2005، والتي تضم ايضاً خبيراً عريقاً في شؤون الدول المنكوبة اسمه الاخضر الابراهيمي. تعكس التصريحات الطازجة لأنان غضبه من ثلاثة اطراف: الرئيس بشار الأسد وروسيا والصين. لهذا دعا الاول الى التنحي وحمّل موسكو وبكين مسؤولية عدم تمكن مجلس الامن من التحدث بصوت واحد.

لا اعرف ما الذي يدفع متقاعداً بحجم كوفي انان الى المجازفة بتتويج مسيرته بفشل من هذا النوع. هل هو توهم القدرة على اجتراح الحلول؟ ام تراه الضعف البشري وإغراء العودة، وإن لفترة محدودة، الى الشاشات والطواف بين مراكز القرار؟ في اي حال لا يحق له ان يفاجأ بما آلت اليه مهمته، فقد كانت اللعبة معروفة والمواقف مكشوفة.

كان الإبراهيمي يواكب من قرب مهمة انان. كان مطلعاً على الأبواب السورية والايرانية والروسية الموصدة، والتي تعذر على انان امتلاك مفاتيحها. لا النزاع الداخلي نضج بما يكفي لإطلاق وساطة فعلية ولا الانقسام الدولي يسمح بها ولا المبارزة الاقليمية تتيحها. فشل انان في بلورة المظلتين الاقليمية والدولية أضعف موقفه أمام الاسد وأمام المعارضة ودفعه الى اتخاذ قرار العودة الى التقاعد.

يقول العارفون بأسلوب الابراهيمي انه لن يطوف حاملاً حلاً مختصراً في نقاط على غرار ما فعل سلفه. لن يبكّر في وضع اوراقه على الطاولة. «لن يقدم طعاماً لمن لا يعتبر نفسه جائعاً». لا يستطيع الابراهيمي فرض حل. ولن يبدأ بالترويج لملامح حل. اغلب الظن انه سيراهن على سلاحي الصبر والانتظار.

لا يمكن الابراهيمي اطلاق وساطة جدية ما لم يشعر طرفا المواجهة في سورية بالجوع. والمقصود هنا بالجوع الحاجة الى مخرج. دوره الفعلي لا يمكن ان يبدأ إلا اذا استنتج فريقا النزاع ان خيار الضربة القاضية متعذر او مستحيل ولا طاقة على احتمال أثمانه. لعله يراهن على تسلل شيء من التعب او اليأس الى قلوب الفريقين. بمعنى ان ييأس النظام من امكان اعادة إخضاع البلاد بأسرها لسلطته. وأن المزيد من القتال يضاعف الأخطار على مستقبل من يقاتلون معه اليوم. وأن الانتصار غير وارد عملياً حتى ولو استمر الدعم الايراني والروسي. وانه لا بد من البحث عن مخرج حتى وإن كانت الادوية المتوقعة شديدة المرارة والإيلام.

لعل الابراهيمي يراهن ايضاً على ان تستنتج المعارضة ان الضربة القاضية متعذرة في غياب تدخل عسكري خارجي لا يبدو جذاباً للدول القادرة عليه او مطروحاً جدياً لديها. وأن الصراع الدموي بات يرتدي طابع الصراع بين المكونات. وتقول التجارب ان الحروب بين المكونات تسمح بتسجيل النقاط لكنها لا تتيح توجيه ضربات قاصمة ونهائية. وأن هذا النوع من النزاعات ينذر بقتل وحدة البلاد قبل قتل الطرف الآخر. وأن استمرار النزاع طويلاً ينذر بجعل سورية مسرحاً لحرب مذهبية اقليمية، وهو ما لا تريده المعارضة التي ترفع شعار سورية ديموقراطية تتعايش مكوناتها في ظل الديموقراطية والحرية والمساواة.

يقود ما تقدم الى استنتاج مؤلم وهو ان الابراهيمي يحتاج لنجاح وساطته الى أنهار جديدة من الدم. والى مزيد من امواج النازحين الى الدول المجاورة. والى مزيد من المجازر والقرى المدمرة والأحياء المنكوبة. يحتاج الى اليأس من الضربة القاضية. الى الشعور بالجوع والحاجة الى مخرج من النفق الدموي. يحتاج ايضاً الى شعور فلاديمير بوتين ان الافراط في اظهار القدرة على العرقلة يهدد بإغراق بلاده في عزلة عربية وإسلامية ودولية وإلحاق ضرر فادح بصورتها ومصالحها. وإلى شعور ايران باستحالة حماية الاندفاعة التي حققتها في العقد الماضي وأن عليها التفكير في خفض الخسائر وطبيعة التعويضات. وإلى نجاح مشاورات اقليمية بدأت بعيداً عن الاضواء.

اعرف قسوة هذا الكلام على من أُصيبوا في أحبائهم وأرزاقهم وأحلامهم، لكن كل شيء يشير الى تصاعد موسم القتل قبل ان يبدأ الابراهيمي توزيع الضمادات والضمانات والتصورات لمواقع المكونات في سورية الجديدة.

=================

بعد موقف مرسي من نظام الأسد.. هل تستمر طهران في التقارب مع مصر؟

احمد عثمان

الشرق الاوسط

3-9-2012

في الوقت الذي يضيق فيه الخناق على طهران نتيجة للعقوبات التي فرضت عليها من المجتمع الدولي، أصبح نظام الأسد الحليف في سوريا على وشك السقوط، وصار التواصل مع حزب الله في لبنان مهددا بالانقطاع، مما يقلص نفوذ إيران في العالم العربي بشكل عام. لهذا جاءت تطورات الثورة المصرية الأخيرة بمثابة حبل الإنقاذ للقيادة الإيرانية، في محاولتها لاستعادة نفوذها في المنطقة العربية. ركزت القيادة الإيرانية في محاولاتها على اجتذاب مصر إلى جانبها منذ سقوط نظام الرئيس مبارك، ونقلت جريدة «طهران تايمز» الإيرانية عن المحلل السياسي مايكل هيوز قوله: «إن تدفئة العلاقات بين القاهرة وطهران من شأنها أن ترغم إسرائيل على التراجع عن ضرب المنشآت النووية الإيرانية» («بوابة الوفد» 26/7/2010).

فعندما خرج الشباب الليبرالي إلى ميدان التحرير في ثورته بالقاهرة من أجل الخبز والحرية، رحبت السلطات الإيرانية بهم وقال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي: «لقد استغرقت الشعوب الإسلامية وقتا حتى تتمكن من محاكاة التجربة الإيرانية، لكن السياسات الإيرانية الثابتة المناوئة للولايات المتحدة أثارت إعجاب الكثيرين من الشعوب المقهورة في العالم، وقد أثبت الثوار في مصر وتونس أن الثورة الإسلامية صارت مثلا يحتذى به» («الشرق الأوسط» 8/2/2011). ورغم أن شباب ميدان التحرير رفض فكرة الثورة الإسلامية، مصرّا على أن ثورته تهدف إلى بناء نظام ديمقراطي مدني، فقد ازدادت آمال القيادة الإيرانية في أن تتمكن الجماعات الإسلامية من السيطرة على مجرى الثورة في النهاية، كي تسير على خطى ثورة إيران الإسلامية.

ورحبت طهران بفوز محمد مرسي بمنصب الرئاسة في مصر منذ اليوم الأول، وقالت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء إنها أجرت مقابلة خاصة معه قبل إعلان النتيجة، دعا فيها إلى عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وإيران، وهو ما نفاه الرئيس مرسي بعد حلفه اليمين. لكنّ نفي الخبر لم يفقد طهران الأمل، فعاد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ليكرر دعوته لمرسي لزيارة طهران حتى استجاب الرئيس المصري أخيرا، وذهب إلى طهران لحضور قمة دول عدم الانحياز في 30 أغسطس (آب). ورغم عدم ترحيب واشنطن بهذه الزيارة فإن إيران تأمل في عودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر - بعد انقطاع دام 32 عاما - وتوثيق التعاون بين البلدين في جميع المجالات، بل إن إيران راحت تحرض الرئيس المصري على استبدال صداقة بلاده مع العرب وأميركا بصداقة إيران والصين. وقالت جريدة «طهران تايمز»: «لو استطاعت مصر كسب إيران كشريك لها في المنطقة، فلن تصبح في حاجة إلى الاعتماد على الولايات المتحدة ولا على دول الخليج». وزعمت الصحيفة الإيرانية أنه رغم أن جماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس مرسي من المسلمين السنة وإيران من الشيعة، فإن مصر وإيران لديهما قواسم مشتركة ضد المملكة العربية السعودية، وهو ما يدعو إلى نجاح العلاقة بينهما («بوابة الوفد» 26/7/2010).

ومما يشير إلى طبيعة النيات الإيرانية أنه - في ذات الوقت الذي أرسلت فيه طهران دعوتها للرئيس مرسي لزيارتها - كشف أحمدي نجاد عن تطوير إيران لصاروخ قصير المدى أكثر دقة، ومحرك بحري أكثر قوة ومنظومة شاهد لتصويب الاتجاه في الملاحة البحرية. ورغم أن المدى القصير لهذه الأسلحة لا يجعلها تشكل تهديدا على إسرائيل أو أميركا - حيث إن مداها لا يتجاوز منطقة الخليج - فإن إيران لم ترَ أن هذا سبب لاعتراض الرئيس المصري على تطوير إيران لسلاحها، حيث إنه يشاركها الرغبة في تحرير الأراضي الفلسطينية وإقامة دولة عاصمتها القدس الشريف. فلم تعد إيران تخفي رغبتها في مد سيطرتها على دول الخليج، وهي ترفض حل قضية الجزر الإماراتية بالطرق الدبلوماسية وتعلن صراحة أن مملكة البحرين جزء من الأراضي الفارسية التاريخية. فمنذ قيام الثورة الخمينية في 1979 عملت إيران على إحياء مشاعر القومية الفارسية القديمة، معتبرة أن الأرض العربية التي تقع على الجانب الغربي للخليج - والتي تحتوي على أكثر من نصف احتياطي النفط في العالم - كانت جزءا من أرضها التاريخية.

وقد دعا علي أحمد صالحي وزير الخارجية الإيراني الدول المشاركة في قمة عدم الانحياز التي تضم 120 دولة إلى رفض العقوبات المفروضة على بلاده، والتصدي لقرارات مجلس الأمن الصادرة بهذه العقوبات، وطالب المشاركين بدعم البرامج النووية الإيرانية.

لكن الهدف الرئيسي لإيران من وراء التقرب من الرئيس مرسي هو أملها في إقناع مصر بالحلول مكان سوريا في جبهة الصمود والتصدي، بحيث تصبح سيناء المصرية مجالا لعرقلة محاولة إسرائيل ضرب المفاعلات النووية الإيرانية. ولما كانت خطة ضرب المفاعلات قد تقررت بالفعل، حيث تقوم على أساس التعاون الأميركي الإسرائيلي، ولا تعتمد على نماذج الحروب السابقة، فلا جنود ولا احتلال للأرض، وإنما هو نوع من الحروب التي نراها في أفلام الخيال، حيث تقوم التكنولوجيا الحديثة التي لم يتم استخدامها من قبل بحسم الموقف في بضع ساعات، فهل يقبل الرئيس المصري دعوة إيران للدفاع عن حقها في صنع سلاح نووي تهدد به دول الخليج العربي؟! وهل ستتراجع إيران عن تقاربها مع مصر بعد مهاجمة مرسي لحليفها - أي نظام الأسد - في عقر دارها، أم أنها ستتمسك به أكثر بسبب قرب سقوط هذا الحليف؟!

=================

أين المبادرة الإيرانية تجاه سوريا؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

3-9-2012

قبل التئام مؤتمر عدم الانحياز أعلن وزير الخارجية الإيراني نية بلاده إطلاق مبادرة حول سوريا، وخلال القمة في طهران، حيث أكد صالحي وقتها أن المبادرة الإيرانية ستكون عقلانية ومقبولة من كل الأطراف، و«سيكون من الصعب جدا معارضتها».. فما الذي حدث لتلك المبادرة.. أين هي؟

فكم كان من اللافت عدم اشتمال البيان الختامي لحركة عدم الانحياز، أو ما سمي بـ«إعلان طهران»، على أي إشارة، من قريب أو بعيد، للأوضاع في سوريا، بل إن صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية ذكرت نقلا عن دبلوماسيين أن الإيرانيين حاولوا ظهيرة اليوم الأخير للمؤتمر تمرير فقرة مستقلة بشأن سوريا لكنهم فشلوا بسبب اعتراض الوفود العربية، كما أشارت الصحيفة إلى أن إيران أبدت «في البداية عدم رغبتها، ثم عدم قدرتها بعد ذلك، على حشد الدعم لحكومة الرئيس الأسد»، مضيفة أن الإيرانيين التزموا الصمت قبل القمة «خشية حدوث شقاق، بحسب اعتراف مسؤولين إيرانيين». كما نقلت عن شاهد عيان «إن الإحباط كان جليا بعد ظهر يوم الجمعة (الماضي) عندما شوهد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يتحدث في الصالة الرئيسية مع نظيره السوري، ويشير بيديه ما يقرب من ثلث الساعة»!

وعليه، فهل كانت هناك أساسا مبادرة إيرانية تجاه سوريا؟ وكيف يعلن صالحي عن مبادرة تحدد قمة عدم الانحياز لطرحها، وتقول عنها إيران بأنها - أي المبادرة - ستكون مقبولة، ويصعب معارضتها، ثم تحجم إيران عن طرحها؟ وكما تساءلنا في مقال سابق: هل يعقل أن يجرؤ نوري المالكي على طرح مبادرة عراقية تجاه سوريا وفي طهران، وبعد أن أعلنت إيران عن مبادرتها؟ فما الذي يحدث؟ الواضح أننا أمام عدة سيناريوهات محتملة؛ فإما أن إيران قد شعرت بأنه بات من الصعب إنقاذ الأسد، وفقا للمعطيات على الأرض، أو أن الأسد نفسه رفض اقتراحات إيرانية قد تقتضي إقصاءه والحفاظ على النظام، أي أن يرحل الأسد إلى طهران، ويبقى حلفاء إيران في النظام السوري الجديد. وقد يقول البعض إنه ربما أحبطت المحاولة الإيرانية نتيجة المعارضة العربية في مؤتمر عدم الانحياز، وهذا ممكن. لكن ما الذي يمنع طهران من طرح مبادرتها بعيدا عن حركة عدم الانحياز؟ سؤال لا إجابة له إلى الآن، مما يعني أن إيران أساسا غير قادرة على طرح مبادرة تجاه سوريا، مثلها مثل الروس، ما لم تكن مبادرة تؤدي إلى رحيل الأسد. وهذا ما يرفضه طاغية دمشق، مما يفسر - وهو ما أشرت إليه في مقال «الأسد يعي ما يقول تماما» - أن مقابلة الأسد التلفزيونية الأخيرة عشية قمة حركة عدم الانحياز لم تكن إلا توسلا لمنحه مزيدا من الوقت!

ومن هنا، فملخص القول هو أن طهران قد فشلت في الملف السوري، وأن موقفها الآن يشبه كثيرا الموقف الروسي. فكلتاهما - إيران وروسيا - تملك التعطيل، وليس القدرة على التغيير في سوريا، مما يعني أن الأسد يسير لنهايته الحتمية، نهاية القذافي أو أسوأ، لكن بعد تدمير سوريا ككل. وهذا ما لا يستوعبه المتلكئون عن اتخاذ خطوات عملية لتسريع سقوط الطاغية للأسف!

=================

جديد الإبراهيمي.. قديم أنان!

اكرم البني

الشرق الاوسط

3-9-2012

ببساطة يمكن القول إن نجاح الأخضر الإبراهيمي في مهمته لوقف العنف ووضع الحالة السورية على سكة حل سياسي، يتطلب واحدا من خيارين، إما اقتناع النظام باستحالة الحسم العسكري ووصوله إلى حد من الإنهاك يجبره على اختيار طريق التسويات السياسية، وإما، في حال تعذر ذلك، أن تتكفل قوى خارجية، بإكراهه على اتباع هذه الطريق، عبر استخدام مختلف الضغوط، الدبلوماسية والاقتصادية دون استبعاد القوة العسكرية أو التلويح بها.

في الحالة السورية، إلى اليوم، ليس ثمة فرصة لتقدم أحد هذين الخيارين، فالنظام ليس بوارد التراجع خطوة واحدة عن خياره الأمني والعسكري، بل يتضح للعيان وبعد أكثر من 17 شهرا أنه في وارد تجريب مختلف وسائل الفتك والتنكيل التي يمتلكها كسبيل أخير للحفاظ على سلطته ولسحق ما يعتبره مجموعات مسلحة متآمرة، فكيف الحال وهو خير من يدرك مخاطر السير في طريق السياسة، ليس فقط بسبب بنيته المعجونة بمنطق القهر والغلبة، والعصية على تقديم أي تنازل سياسي جوهري، أو لإدراك بعض رجالاته بأنهم وصلوا إلى نقطة اللاعودة، وأنهم بعد ما ارتكبوه يخوضون معركة حياة أو موت، بل لأن القطيعة بينه وبين الشعب وصلت إلى حد يصعب وصلها، ولأن القمع العنيف وأعداد الضحايا والمشردين وشيوع الدمار في كل مكان أفقدته القدرة على إعادة إنتاج حد أدنى من الشرعية والقبول، والأهم لأنه يدرك أن سحب آلته العسكرية من المدن والأحياء ودخول ميدان السياسة سوف يفقده ما تبقى من مظاهر قوته القمعية وهيبته، ويضعه في موقع لا يحسد عليه أمام مناصريه وحلفائه، معجلا من تفكك بطانته، ومسرعا من تعديل توازن القوى في مصلحة الحراك الشعبي، ما إن يتمكن الناس من الحضور إلى الساحات لتقرير مصير بلدهم.

والقصد أن شرط قبول النظام بأي مبادرة سياسية، عربية كانت أم أممية، هو توظيفها كغطاء إعلامي لربح مزيد من الوقت كي يتوغل أكثر في القمع والتنكيل متوهما حسم الأمور لصالحه، وفي الطريق تسخير ما يمتلكه من خبرات لتمييع هذه المبادرة وإفراغها من محتواها، كإغراقها في التفاصيل وإشغالها ببعض الاشتراطات، والرهان عبرها على شق صفوف المعارضة السورية لمعرفته بتباين مواقفها تجاه الدور الخارجي!

واستدراكا، طالما استمرت السلطة في خيارها الأمني والعسكري لا تهمها كل التحركات الخارجية ولا اسم المندوب الأممي المكلف، إن كان كوفي أنان أو الأخضر الإبراهيمي، وما يعزز هذه الحقيقة أنها تستند إلى اطمئنان مزدوج، من الحلفاء والأعداء على حد سواء، فهي مطمئنة بأن مصالح أصدقائها في الحفاظ على بقائها في الحكم قوية إلى درجة لن تفضي بأي حال إلى تركها وحيدة لمصيرها، فروسيا التي تمثلت جيدا درس ليبيا لن تفرط في النظام السوري، بل تخوض دفاعا عنه غمار صراع دولي بأمل تحسين أوراقها التفاوضية والحفاظ على آخر موقع لنفوذها في المشرق العربي، أما مواقف إيران وأنصارها في لبنان والعراق فهي واضحة بما يكفي لتجعل النظام متيقنا بأنه ضرب من المحال التفريط به أو بموقعه، بصفته حلقة نوعية مما يسمى محور الممانعة والمقاومة، والتي يفتح كسرها الباب أمام انهيارات متسارعة في وزن هذا المحور ودوره الإقليمي.

وإذ تتحسب موسكو من الغرق في الملف السوري، وتعجز عن إخفاء حرجها من الأوضاع المأسوية التي تخلفها آلة الدمار وتمادي النظام في قمع وتنكيل لا يحتمله عقل أو ضمير، لتبدو أقرب إلى البحث عن مخرج سياسي، فإن إيران مستعدة للذهاب في دعم النظام إلى آخر الشوط ودفع موقفها إلى النهاية، حتى لو اضطرت لخوض حرب مساندة له، وهو ما عبرت عنه تصريحات كثيرة لمسؤولين سياسيين ولقادة في الحرس الثوري.

من جهة ثانية يبدو النظام مطمئنا إلى عطالة السياسات الغربية التي لا تزال مترددة وتحجم عن الدخول بقوة في الصراع السوري كما كان الحال في ليبيا واليمن، والأسباب متعددة، منها التحسب من ردود فعل أطراف المحور الإيراني الداعمة للنظام، ومن حجم التكلفة في بلد لا يمتلك موارد للتعويض، ومنها تفهم الهموم الإسرائيلية وخشيتها من وصول سلطة جديدة إلى الحكم في سوريا تهدد أمنها واستقرار المنطقة، ولا يمكن هنا إغفال الوقت الضائع قبل الانتخابات الأميركية، لجهة حرص أوباما على دخول مرحلة التجديد دون التباسات قد يجرها التصعيد في سوريا، أو لجهة الفائدة الغربية عموما من تأخير المعالجة السياسية لاستنزاف النظام وحليفيه الإيراني والروسي أطول مدة ممكنة.

وتأسيسا على ما سبق فإن جديد الإبراهيمي هو قديم أنان، ولن يتأخر الوقت كثيرا حتى يصل الخلف إلى ما وصل إليه السلف، مستخلصا نتيجة لا تحتمل التأويل في الخصوصية السورية، بأن باب المعالجة السياسية لا يفتحه غير استمرار الثورة، ففشل النظام في محاصرتها وكسر شوكتها - وهو الذي يجرب على مرأى من العالم كل أصناف الأسلحة والخطط الحربية ويعجز عن سحقها أو الحد من قدرتها على التجدد - سوف يزيد من ضعفه ومن تفكك مؤسساته وآلته الحربية وأعداد المنشقين ومن اتساع المناطق التي تخرج عن السيطرة، بما هو إكراه له على ترك الميدان لفرص جديدة ومعالجات من طراز مختلف!

صحيح أن ثمة هامشا لا يزال متاحا أمام النخبة الحاكمة كي تتصرف بحرية وتتصدى للمحتجين بكل ما تملكه من وسائل فتك وتدمير، متكئة إلى ردود أفعال خارجية بطيئة ومترددة ولا ترقى إلى مستوى الحدث ومعاناة الشعب السوري، لكن الصحيح أيضا أن تكرار المشهد السوري المأساوي لم يعد ممكنا ولا مقبولا، مثلما لم تعد بعيدة لحظة سقوط أوهام العقل الأمني ولنقل لحظة الإدراك بلا جدوى هذا العنف والتنكيل البربري وبأنه قد يزيد التكلفة والأثمان، وربما يؤخر موعد الخلاص، لكنه آتٍ على أي حال.

========================

إيران ..خطاب مرسي والثورات العربية

حازم عيّاد

السبيل 2/9/2012

لم يساعد خطاب مرسي أو زيارته لإيران على خلق أجواء من الانقسام والصراع في العالم العربي تجاه القضايا المصيرية كما كان يأمل قادة ايران خاصة التي تأخذ طابعا مبدئيا وأخلاقيا كالقضية السورية والفلسطينية، بما يساعد الطبقة الحاكمة في إيران على خلق أجواء من الاسترخاء والطمأنينة لدى الشارع الإيراني المستغفل والذي لم يعد يعلم بما يجري حوله في العالم العربي إلاّ من خلال عيون الإعلام الإيراني.

بأسلوب فجّ ومثير للشفقة قام المترجم الإيراني بتغيير مضمون خطاب الرئيس المصري محمد مرسي، ليؤكد الشكوك ويهزّ الثقة في السياسة الإيرانية ليس عند العرب وشعوب وسط آسيا فقط، بل وعند كل من شارك في مؤتمر دول عدم الانحياز، وليس من المستبعد أن يمتدّ أثر هذا السلوك الفجّ إلى الدول الحليفة والصديقة لإيران كالهند والصين والبرازيل.

في المقابل برر أحد المراقبين الإيرانيين الأمر بالقول أنّه كان على مرسي أن يناقش هذه الأمور مع الإيرانيين في غرفة مغلقة، السؤال الذي يمكن طرحه هنا أنّه إذا تم تزوير خطاب رئيس دولة في الغرف المفتوحة والجلسات العامة فما بالنا بالغرف المغلقة! وبمعنى آخر ما الذي يضمن أن لا يتم تزوير كل ما يجري في هذه الغرف لإعطاء المزيد من التبرير للسياسات الإيرانية التي تتخذ طابعا أكثر وأكثر عدوانية تجاه العرب في سوريا والخليج العربي؟! ما الذي يمنع العرب من الاعتقاد بأنّ كل المواقف الإيرانية تجاه العالم العربي وقضاياهم المصيرية مزورة بالضرورة.

تعكس هذه الحالة حجم الأزمة التي يعاني منها النظام الإيراني ممثلا بنخبته الحاكمة من خلال محاولته إعطاء شرعية للخطاب الإيراني الموجّه إلى الشعب الإيراني وإلى المنطقة العربية والعالم.

الطبقة السياسية الحاكمة في إيران بنقلها صورة غير حقيقية لخطاب مرسي تؤكد المحاولات الإيرانية المحمومة لتكريس حالة الانقسام السياسي تجاه أهم الملفات المطروحة في الساحة الإقليمية والدولية وهي الملف السوري، وهذا بحد ذاته سلوك سياسي وليس مجرد أخطاء أو نزوة مترجم، فالرسالة الموجّهة إلى الشعب الإيراني مفادها أنّ هناك انقسام كبير في العالم العربي حول القضايا الرئيسية في المنطقة، الأمر الذي يراد له أن يخلق حالة من الطمأنينة الزائفة لدى الشعب الإيراني، هذا على الصعيد المحلي، أمّا على الصعيد الإقليمي والعربي فالمراد الذي لم يتحقق من خلال خطاب مرسي أو زيارته الخاطفة لطهران، كشفه لحقيقة وجود إجماع عربي على حق الشعب السوري في التحرر من نظام الأسد.

لا يمكن التقليل من خطورة السلوك الإيراني في التعامل مع زعيم دولة عربية خرج من رحم الثورة المصرية، فهو سلوك يعبّر عن استخفاف بالثورات العربية وتشكيك فاضح بتوجهاتها المبدئية الداعية إلى إزالة الدكتاتوريات والداعية إلى تحقيق العدالة والحرية لشعوب المنطقة.

كما تؤكد الخطوة الشكوك العميقة والمشروعة حول الدور الإيراني في المنطقة العربية ووسط آسيا، إذ تظهر إيران بمظهر الدولة التي لا تملك أيّ رادع أخلاقي أو محدد مبدئي في التعامل مع جيرانها العرب أو الآسيويين في وسط آسيا كما هو الحال مع العراق وأذربيجان وأفغانستان.

لا شك أنّ السلوك الإيراني استفز مشاعر الملايين من العرب والمسلمين في العالم، بل والشعب الإيراني الذي اكتشف حقيقة إعلامه الذي اعتاد تغييب الحقائق عنه بشكل أكثر منهجية وصرامة عقب الثورات العربية.

لم يعد الخطاب الإيراني التقليدي القائم على دعم المقاومة ومواجهة الشيطان الأكبر كافياً للبناء عليه، بل لا بد من التركيز على السلوك السياسي الإيراني ومدى تقاطع المصالح العربية مع المصالح الإيرانية والبناء على ذلك، وما سواه يعتبر محاولة للهيمنة وفرض الأجندة الإيرانية بكل مفرداتها، ظنا منها أنّ العالم العربي مجرد ساحة فارغة تستطيع طهران ملأها بالخطابات والشعارات، أو بعقد الصفقات والتسويات مع الغرب على حساب العرب ودول الإقليم المحيطة لها كما حدث في كل من العراق وافغانستان في وقت سابق فالحكم والمعيار هو السلوك وليس الشعارات المرفوعه.

======================

الشعب السوري في محنته: المسؤولية العربية!

وليد جداع

الحركة الدستورية السورية 2012/08/29

كان السيد بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني ، واضحا تماما في موقف إيران من الشعب السوري: إن بشار الأسد جزء من المنظومة الإيرانية السورية –حزب الله .. وإن إيران مستعدة للقتال مع الأسد مباشرة في معركته(ضد الشعب السوري). وقد كانت قيادات إيرانية من قبله قد أطلقت مجموعة متشابهة من التصريحات الرسمية والبيانات تؤكد على المعنى ذاته، مثل تصريحات السيد صالحي وزير الخارجية الإيراني ونائبه وسفير إيران في لبنان وأركان من القيادات العسكرية والحرس الثوري الإيراني...

تصريحات كلها تعلن بالفم الملآن أن ما يجري في سورية هو مؤامرة، وأن إيران ستمضي مع الأسد حتى النهاية ، حتى إذا اقتضى الأمر قتالا مباشرا مع قوات الأسد ضد الشعب السوري. ....هذه المواقف المعلنة والمفهومة والتي وطأة الواقع المعاش والمتحقق والمنفذ فعليا منها أكبر بكثير، في حجم وقوفها مع القتلة في دمشق، لا تضيف جديدا إلى معلومات الشعب السوري ومعارضته ، ولا تزيد كثيرا من تأكيد أن إيران تقود المعارك هي نفسها ضد الشعب السوري وانتفاضته. ...والشعب السوري أدرك جيدا ومنذ اللحظة الأولى لثورته وانتفاضته، أن إيران متورطة في قتاله ومعاناته، وأن الخبرات والموارد الإيرانية تتقاطر على آل الأسد ، ولا ينسى السوريون تصريحات رأس النظام الإيرني وولي الفقيه فيه السيد خامنئي، التي تعادي الشعب السوري وترى ثورته جزءا من المؤامرة المزعومة ضد سورية.

لكن هذه المواقف الإيرانية ، لا تستهدف التنكيل بالشعب السوري وحده والقضاء على ثورته وانتفاضته فحسب. بل هي تستهدف من وراء ذلك العرب والمسلمين قطرا قطرا ومرحلة مرحلة! ويكفي فقط أن نعيد للأذهان هنا تصريحات الإيرانيين والسوريين واللبنانيين الموالين لهم ، تجاه بعض الدول العربية والإسلامية ، التي أظهرت شيئا من العطف على الشعب السوري في محنته، لنرى حجم الكراهية والحقد ، والعنصرية والوقاحة ، التي تقف خلف هذه التصريحات والمواقف...هل نذكر بأشباه الرجال والأعراب وعربان الخليج والإمارات النفطية وغيرها من مفردات وتعابير في غاية القبح والسوء، كانت كامنة في الصدور ثم أطلقت دفعة واحدة، حين دنت ساعة الحقيقة!

وفي مزيد من المصارحة والتبيين ، ينبغي الموازنة قليلا بين التصريحات الإيرانية اللبنانية الأسدية هذه، وبين التصريحات العربية الخجولة التي أعلنت مرات قليلة لصالح الشعب السوري، لنرى التباين الهائل بين هاتين المجموعتين من التصريحات والمواقف. إن تصريحا وحيدا للأمير سعود الفيصل عن تسليح المعارضة السورية، وتصريحا آخر مشابها من وزير خارجية قطر عن حجم معاناة الشعب السوري وضرورة التدخل الدولي لإنقاذه من محنته.و تصريحات قليلة جدا فقط من هذا النوع من تلك الجهة العربية أو تلك، أثارت حفيظة الإيرانيين وأقامت قيامتهم ولم تقعدها، بينما هم مستمرون ليل نهار في زياراتهم العلنية والسرية لسفاحي دمشق، يؤكدون لهم في كل مكان ومجلس ، أنهم معهم حتى النهاية، ويقومون بحملات دعاية سياسية سوداء لا تنتهي تعادي الشعب السوري ، وتمتهن كفاحه ونضاله من أجل حريته.

وإذا انتقلنا إلى جانب أكثر مرارة وإيلاما، وأكثر إحراجا ربما، فإن من الضرورة الموازنة بين الدعمين الماديين المقدمين من إيران وحزب الله للقتلة في دمشق، والمقدم من الدول العربية والإسلامية الشقيقة المتعاطفة مع الشعب السوري!

إن الدعم الإيراني المادي معلن ومكشوف، وإن الإيرانيين الذين يكذبون كثيرا في دعواتهم لحل الأزمة السورية بالحوار، إنهم هم أنفسهم يتحدثون عنه ويقرونه وإن لم يذكروه بالتفصيل..وإذا كانت التصريحات الرسمية تعلن عن الاستعداد للقتال من أجل بقاء القتلة في دمشق وترسيخ سيطرتهم على الشعب السوري، فنستطيع أن نتوقع كل أنواع الدعم المادي من مال وسلاح وذخائر وعتاد. أما إذا انتقلنا للضفة الأخرى ، فسنصاب بخيبة الأمل والمرارة دون شك، مع احترامنا البالغ وتقديرنا لكل كلمة وموقف ودعم مادي ومعنوي، فالشكر هو أقل الواجب هنا . والشعب السوري لن ينسى أية يد حانية ربتت على كف أم مكلومة فقدت أبناءها بقنابل أطلقتها قنابل سفاحي دمشق. أو دمعة حزينة ذرفت على طفل اغتالته رصاصات قتلة دمشق وطهران وحزب الله....لن ينسى الشعب السوري من آوى نساءه الهاربات من جحيم القتل والقذائف والاعتقال والاغتصاب ...ولن ينسى قوافل الخير التي انطلقت من جهات عدة صوب مخيمات اللاجئين السوريين في منافي السوريين الجديدة على طوال الحدود. ولن ينسى كل ليرة سورية أنفقت عليه سرا أو علنا ، بليل أو نهار...كل ذلك لن ينساه الشعب السوري، وسيكون دينا في ذمته ...ولكن الحقيقة المرة التي ينبغي التصريح بها للإخوة والأشقاء والأصدقاء، أن معاناة الشعب السوري ومصائبه ومرارته على أيدي قتلة دمشق وإيران وحزب الله أكبر بكثير مما قدم إليه حتى الآن. وأن الدور المقاوم الذي يقوم به الشعب السوري من أجل حريته، هو من أجل الشعوب العربية والإسلامية أيضا، ولصالحها ومستقبلها، وليس من أجل الشعب السوري فقط.

إن الشعب السوري في مقاومته للقتلة في دمشق وقم وطهران وحزب الله ، يدفع الأذى عن شعوب عربية وإسلامية كثيرة... إن حال بشار الأسد مع الشعب السوري أنه سيحاربه حتى النهاية ولودمرت سورية عن بكرة أبيها. أما حاله وحال محالفيه تجاه من تعاطف مع الشعب السوري أو من سكت ونأى بنفسه عنه، فهو أنهم سيعودون إليهم ذليلين مهانين بعد جلاء المعركة ، وأن بشار الأسد سيستقبلهم على مضض في القصر الجمهوري من جديد!

على الأشقاء العرب والمسلمين المتعاطفين مع محنة الشعب السوري أن يعودوا قليلا إلى تصريحات مجرمي دمشق وحلفائهم ، منذ سنوات ليروا أن هؤلاء ينتظرون الفرصة للانقضاض عليهم بلدا بلدا وقطرا قطرا وشعبا شعبا...وإن من مصلحة هؤلاء العرب والمسلمين ، إن لم يكن بدافع الأخوة والإيمان والإنسانية، بل بدافع المصلحة المحضة، أن يكون وقوفهم إلى جانب الشعب السوري ومقاومته أكثر قوة وعزيمة وإصرارا.

إن على الدول العربية والإسلامية جميعا ، أن تدرك حجم الأخطار التي يمثلها قتلة دمشق وطهران وحزب الله، وأن يبادروا دون تردد أو تهيب أو وجل، إلى النزول إلى ساحة المعركة بكل جدية ومسؤولية، لانستثني من ذلك قطرا أو بلدا أو شعبا! إن عليهم إمداد الشعب السوري بكل قواهم من مال وسلاح وقدرات، فهي معركتهم جميعا من أندونيسيا شرقا إلى المغرب وموريتانيا غربا...وانتصار الشعب السوري هو انتصار للحق والحرية والكرامة أولا ، وهو انتصار للعرب والمسلمين والإنسانية جميعا.

إذا سقط الشعب السوري، لا سمح الله، فإن سفاحي دمشق وقم وطهران وحزب الله، لن يكتفوا هذه المرة بالشماتة والشعور بالزهو والانتصار..إنهم لا شك سيهيئون أنفسهم لغزوة جديدة لشعب عربي أو مسلم جديدـ وستكون سكاكينهم هذه المرة أمضى وأشد فتكا! إن حكام دمشق وطهران وحزب الله، الذين يتقاسمون الأدوار اليوم مع العدو الإسرائيلي في تدمير سورية وإركاع شعبها على مرأى من العالم كله ومسمع، لن يضيرهم إعادة إنتاج هذه الأدوار من جديد، بأكثر من إخراج وطريقة وأسلوب.وستكون الساحة الدولية حينها أكثر من مهيئة لهم وممهدة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ