ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
معاناة
السوريين ليست وليدة اليوم إن معاناة
السوريين مع جلاديهم وسفاحيهم ليست
وليدة اليوم، ولكن النصر بات قريبًا
جدًّا.. أ. د. محمد خضر
عريف الأربعاء 12/09/2012 المدينة الذي ينظر إلى كل هذا
التقتيل والتنكيل الذي يلحق بالشعب
السوري اليوم على يد جلاديه من الحكام
غير الشرعيين، خاصة رأس النظام الذي «فُصِّل»
له دستور على «مقاسه» بعد هلاك والده،
الذي ينظر إلى كل هذا قد يظن -إن كان
خالي الذهن- أن هذا التعذيب والتقتيل
والتشريد إنما هو وليد اليوم، بعد أن
انتفض الشعب السوري الأبيّ على جلاديه
وسفاحيه، الذين جثموا على صدره لأكثر
من خمسين عامًا، في ظل شعارات زائفة،
ووعود كاذبة، كالصمود والتصدي
والمواجهة، «والأمة العربية الواحدة
ذات الرسالة الخالدة»، وسوى ذلك ممّا
كان ينطلي على بعض السوريين، ولا ينطلي
على معظمهم. ولكن مَن عاش في
سورية في العقود القليلة الماضية، أو
زارها يدرك تمامًا أن هذا التعذيب
والتقتيل والسحل والاعتقال، وسوء
الحال كل ذلك لم يتوقف ولا ليوم واحد في
سورية خلال نصف قرن، فلا يوجد نظام حكم
مخابراتي بوليسي في العالم كله يضاهي
هذا الحكم العلوي الفاسد في التأريخ،
ولا في الجغرافيا، ولم نقرأ أو نسمع
شيئًا يشبهه في الدول الشيوعية التي
انسلخت عن الاتحاد السوفييتي، ولا في
كوبا، أو في أي دولة في جنوب أمريكا،
ولا في إفريقيا ذلك في الجغرافيا، أمّا
في التأريخ فلم يفعل «نيرون» عُشر ما
فعله المسمّى بالأسد. بمقارنة بسيطة بين
روما ودمشق، ولا يوازي ما فعله هولاكو،
ولا جنكيز خان عُشر معشار ما فعله
سفّاح سورية، وعلى كل الأحوال فإن
السفاحين في التأريخ يبطشون بأعدائهم،
وبشعوب أخرى سوى شعوبهم، وتكاد تكون
المرة الأولى تأريخيًّا أن يبطش سفاح
بشعبه -إن كان هذا شعبه حقًّا- كما قلت
مرارًا وتكرارًا، ومجددًا أقول إنه
قبل قيام الثورة الجهادية المباركة،
كانت سجون المسمّى بالأسد تغصُّ بكلِّ
المعارضين له، وتشمل مَن نبس ببنت شفة
في معارضته سرًّا أو جهرًا، وقد أُعدم
في سجونه خلال السنوات الماضية أعداد
لا تقل عمّن قتلوا في الثورة -إن لم تزد
عنهم- أمّا مَن شُرّدوا وهُجّروا فهم
يملأون دول الجوار، وفي المملكة وحدها
مئات الآلاف منهم، ومنهم مَن قضى حتى
الآن عشرات السنين بعيدًا عن وطنه
وأهله، ومنهم مَن حصل على جنسية أخرى. ويخشى هؤلاء العودة
منذ عشرات السنين؛ كي لا يُقبض عليهم،
ويُنكّل بهم. أمّا القتل الجماعي،
وتدمير مدن بأكملها، فقد حصل قبل ذلك
على مرأى ومسمع من العالم كله، حين سحل
الأب المسمّى بالأسد كذلك أهل حماة،
ودكّها بالطائرات، وسوّاها بالأرض في
مطلع الثمانينيات، بعد أن أوشكت ثورة
شبيهة بالثورة الحالية أن تنجح في
سورية. وذكرت المصادر أن أكثر من خمسين
ألفًا من السُّنّة قتلوا في حماة وقتها.
ذلك إن كنا نتحدث عن التقتيل،
والتخريب، والسحل، والتنكيل، أمّا عن
سوء الحال، وضيق ذات اليد، وانعدام
الخدمات، والتخلّف عن الركب الحضاري
فحدّث ولا حرج، إذ إن دخل الفرد السوري
خلال العقود الماضية -في عهدي الأب
والابن- كان أقل دخل في المنطقة
العربية، ولا يتجاوز راتب الموظف مائة
دولار بحالٍ من الأحوال، ورغم أن
تكاليف المعيشة كانت منخفضة في
الماضي، إلاّ أنها أصبحت في السنوات
القليلة المنصرمة مرتفعة بشكل ملحوظ،
حتى أن رب العائلة لا يستطيع توفير
المتطلبات الضرورية لعائلته. أمّا الخدمات
فمنعدمة، فمثلاً بسبب النظام الشيوعي
المعدل في البلاد، لم تكن هناك بنوك
يمكن أن يودع فيها المواطن أو المقيم
أي مبالغ، وأذكر أن أحد طلابي
السعوديين كان يعمل في السفارة
السعودية في دمشق، وكان يودع ماله في
خزنة حديدية صغيرة داخل السفارة؛ لعدم
وجود بنوك، ولم تدخل خدمة الجوال إلى
سورية إلاّ قبل فترة قصيرة متأخرة عن
كل الدول العربية قاطبة، وإلى عهد قريب
كان استيراد السيارات محظورًا
تقريبًا، وكانت كل السيارات تعود إلى
فترة الخمسينيات، والأربعينيات، وسوى
ذلك؛ ممّا لا يمكن وصفه أو تخيّله. أقول ختامًا: إن
معاناة السوريين مع جلاديهم وسفاحيهم
ليست وليدة اليوم، ولكن النصر بات
قريبًا جدًّا لينسى السوريون ما كان من
السفاح الأب والسفاح الابن. ================= نبيل بومنصف 2012-09-12 النهار يثير حديث نائب وزير
الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الى
"الفيغارو" الفرنسية، ومن باريس
تحديدا، عن "طائف سوري" مفارقات
قد تكون مذهلة في مقارنات مفترضة بين
مآل الحرب اللبنانية والحرب السورية. واذا كان بوغدانوف
يحذر من خطر "صوملة سوريا"، فان
مقاربته لطائف سوري قد تسقط ولا تستقيم
كخيار واقعي لان الطائف يستلزم "لبننة"،
واللبننة بمعناها الحربي لم تكن ثورة
على نظام قمعي وديكتاتوري ولو انها
اتسعت لكل اهوال الحرب الاهلية
والحروب الخارجية على لبنان. مع ذلك لا يقلل كلام
بوغدانوف رمزية المفارقات التي يثيرها
بصرف النظر عن الشكوك العميقة في موقف
بلاده المنحاز انحيازا اعمى الى
النظام السوري. فثمة مفارقة اساسية
تتصل اولا بان الكلام عن "طائف"
سوري يأتي عقب تولي الاخضر الابرهيمي
مهمة الوسيط الجديد في الازمة السورية.
والابرهيمي كان من جملة اللاعبين
الاساسيين في التحضير لطبخة الطائف
اللبناني منذ تولى وضع ورقة "النقاط
العشر"، في اواخر الثمانينات، على
وقع "حرب التحرير" التي قادها
العماد ميشال عون على القوات السورية
في لبنان. وثمة مفارقة ثانية لا
تقل اهمية في دلالتها الرمزية
والمعنوية وهي ان الكلام الروسي عن
الطائف تصاعد عقب لقاء بوغدانوف مع
الرئيس سعد الحريري في باريس. فهل
تراها موسكو تستعين بموقع الحريري
الابن ومكانته بازاء دعمه للثوار
السوريين بعدما كان الحريري الاب
الرمز الاساسي للطائف اللبناني واضطلع
بدور الرافعة الكبيرة في التوصل اليه؟ هاتان المفارقتان
تتصلان في واقع الحال بعامل الوساطات
والادوار السياسية والديبلوماسية
التي تبدو اقرب الى مشاريع تجريبية في
ازمة لا يعلو فيها صوت على صوت التدمير
وحمامات الدم المرعبة. ولكن في مقارنة
مع الحرب اللبنانية، فان مستوى العنف
والتدمير الذي بلغه لبنان عشية الطائف
لم يكن في مستوى ما تشهده سوريا اليوم
علما ان الحرب اللبنانية كانت استهلكت
آنذاك 15 عاما، فيما لم تمر على الازمة
السورية سوى سنة وستة اشهر. ولا بأس والحال هذه
من اضافة مفارقة ثالثة شكلية هذه
المرة، هي ان الطائف اللبناني حصل في
خريف عام 1989 ما بين ايلول وتشرين الاول.
فهل تراها رياح الخريف الباريسي
البارد لفحت ذاكرة بوغدانوف بالتجربة
اللبنانية ليسقطها على ازمة البلد شبه
اليتيم في الشرق الاوسط الذي لا يزال
مرتع نفوذ لموسكو فيما هو يكابد خطر
"الصوملة"؟ ام انها علامات خريف
الدور الروسي بذاته الذي بدأ يكابد خطر
الحسابات الباردة حيال اليأس من تعويم
النظام على رغم مواجهة روسيا للعالم
باسره سعيا الى انقاذه؟ ومن قال ان
طائفا يشكل وصفة مجدية بعد كل هذا
التراكم الدموي الكارثي؟ ================= منار الرشواني الغد الاردنية 12-9-2012 بدا حدثاً مدوياً،
يرقى إلى مستوى الاختراق غير المسبوق
في حينه، ما كشفت عنه مجلة "فورين
بوليسي" الأميركية على موقعها
الإلكتروني، في 20 تموز (يوليو) الماضي،
بشأن جهود يبذلها، منذ ما يزيد على ستة
أشهر، أربعون من كبار ممثلي جماعات
سورية معارضة، بدعم من مؤسسات وباحثين
غربيين، لوضع خطة عمل لمرحلة ما بعد
بشار الأسد. فأخيراً، كان من
الممكن التفاؤل بإيجاد برنامج عمل
مستقبلي شامل، لا يعني جمع شتات تلك
المعارضة فحسب، وإنما يقدم أيضاً
للسوريين المترددين في دعم الثورة،
والمتشككين في مآلاتها خشية من بديل
الأسد المجهول القادم، دليلاً ملموساً
على أن سورية المستقبل هي الوطن الأفضل
لجميع مواطنيها، بغض النظر عن الدين أو
العرق أو الطائفة والمذهب. وذلك ما
يفضي بالنتيجة إلى تخفيض تكلفة الثورة
الآن، وتخفيض تكلفة إعادة البناء
سياسياً واقتصاديا واجتماعياً
وثقافياً غداً. لكن مع صدور التقرير
المتضمن نتائج أعمال الفريق السوري-الغربي
نهاية الشهر الماضي "مشروع اليوم
التالي: دعم الانتقال الديمقراطي
للسلطة في سورية"، ظهر أن الاهتمام
بالمداولات "السرية" أو غير
المعلنة كان أكبر بكثير من خطة العمل
النهائية ذاتها، كما تجلى ذلك على
الصعيد الإعلامي غربياً وعربياً، وأهم
من ذلك على صعيد تحرك المعارضة/
المعارضات السورية المشاركة في تلك
الخطة، بشكل أكثر فعالية لدعم الثورة. فمع وجود "ممثلين"
لها قيل إنهم "رفيعو المستوى"،
أفلم يكن مفترضاً بهذه المعارضات
إعلان تبنيها للمشروع، واتباع ذلك
بالتوحد، أو على الأقل الالتقاء، في
إطار سياسي يتبنى هذا المشروع؟ ربما
يقال إن فترة تنوف عن العشرة أيام
بقليل على صدور التقرير لا تكفي لإصدار
حكم كهذا. لكن الحقيقة أن الفترة التي
أتيحت للمعارضات السورية، انقساماً
وتشرذماً ومناحرات، هي قرابة سبعة
أشهر من المداولات على أقل تقدير، إن
لم تكن ثمانية عشر شهراً هي عمر الثورة
حتى الآن، أو هي فترة في الواقع تمتد
لأربعة عقود تمثل عمر الاستبداد
الأسدي-البعثي الذي ما أمكن له
الاستمرار طوال هذه المدة لولا خلافات
هذه المعارضات! بل وحتى لو أخذنا
بفترة الأيام الثلاثة عشر، وهي ليست
فترة قصيرة أبداً بمعيار عدد ضحايا
نظام الأسد والدمار الذي يلحقه بالمدن
والبلدات والقرى السورية؛ فقد كان
ضرورياً استغلال التقرير إعلامياً على
الأقل، وعقد ملتقى أو مؤتمر حقيقي حوله
سعياً إلى تبنيه كاملاً أو معدلاً؛
وذلك ضمن هدف رفع معنويات الثائرين
السوريين في مواجهة ارتفاع مستوى
وحشية وبطش النظام، وتعزيز يقينهم
باقتراب موعد النصر. مهم تذكير المعارضات
السورية أن "اليوم التالي" يصنع
اليوم وليس غداً. وأن كل تأخير في البدء
بذلك يعني جعل جهود هذه المعارضات، من
قبيل مشروع "دعم الانتقال
الديمقراطي للسلطة في سورية"، مجرد
مادة ثرية لا للتطبيق والتنفيذ، بل
للغبار أو حتى الرماد الذي سيخلفه سقوط
الأسد ويستتبعه، بل وستكون أيضاً دليل
إدانة جديدا لهذه المعارضات التي
تتشارك اليوم مع النظام المسؤولية عن
عظم تضحيات السوريين الذين تتحدث
باسمهم. ================= عندما
يتنحى بشار.. ماذا سيفعلون؟ ياسر أبو
هلالة الغد
الاردنية 12-9-2012 منذ فقد بشار الأسد
زمام المبادرة، بدأ المعنيون بالملف
السوري في القيادة الإيرانية
بالتواصل، مباشرة وعبر وسطاء، مع
الإخوان المسلمين السوريين، ومع
معارضين آخرين، ومع دول بحثا عن تسوية.
كان بشار خطا أحمر بالنسبة
للإيرانيين؛ أي حل كان مشروطا بعدم
المس به، مع تقديم تنازلات كبرى ومؤلمة.
فهو بنظرهم الضامن للاستراتيجية
الإيرانية في إبقاء سورية ساحة من
ساحات الصراع مع العدو الصهيوني. منذ شهرين، بدأ
الإيرانيون يغيرون لهجتهم، وصار بشار
موضوعا خاضعا للنقاش. ويبدو أن ثمة
تغيرا حصل في موقف المرشد الأعلى علي
خامنئي. وهذا التغير هو ثمرة التقييم
الموضوعي الذي قدمه قاسم سليماني وعلي
لاريجاني وعلي أكبر صالحي، وثلاثتهم
يعدون الأقرب للمرشد، والأكثر معرفة
بالمنطقة. يدرك الثلاثة أن بشار لن
يتمكن من الصمود وسيسقط نظامه، وما
يخشونه هو قيام نظام معاد للجمهورية
الإسلامية. من يقود في سورية ليس
ماهر الأسد وعلي مملوك وجميل الحسن..
وغيرهم من مسؤولين عسكريين وأمنيين؛
قاسم سليماني بحكم مسؤوليته في الحرس
الثوري هو من يقود. وإيران وأتباعها في
العراق هم من يدفعون فاتورة الحرب، لا
خزائن رامي مخلوف. وبشار يعلم جيدا أنه
لولا إيران لانتهى منذ الأشهر الأولى.
والدعم السياسي الروسي في مجلس الأمن
لا قيمة له أمام الدعم الإيراني على
الأرض، عسكريا وأمنيا واقتصاديا. إن تجرع المرشد السم
وقبل بالتخلي عن بشار، فإن الأخير
سيقبل بما يقبل به الولي الفقيه،
وسيحصل على ضمانات له ولعائلته.
المشكلة هي كيف سيقبل الشعب السوري بعد
كل هذه الجرائم بتسوية مع النظام؟ في النهاية، ثمة
مصلحة للجميع في وقف نزيف الدم. ويراهن
الإيرانيون على أن المزاج السوري
سيتغير مع توقف القصف، والإفراج عن
المعتقلين، وإزاحة المسؤولين
الدمويين. والإيرانيون يعرفون جيدا
المسؤولين السوريين، وفيهم عدد كبير
لم يتورط بجرائم دموية، مثل وزير
الدفاع الأسبق علي حبيب، ونائب رئيس
الجمهورية فاروق الشرع الذي اعترض من
البداية على الخط الدموي، ورئيس
الوزراء المنشق رياض حجاب. في حال حصول الانقلاب
الإيراني، سنشهد استسلاما من جماعة
بشار في الداخل، وقبولا بأي تسوية. لكن
سنشهد مزايدة من طرفين: الأول في
المعارضة السورية، وهو متفهم ومشروع؛
إذ سيطالبون بالقصاص والمحاكمة.
وهؤلاء أولياء الدم، ومن حقهم أن
يواصلوا القتال ثأرا لشهدائهم. أما
الطرف الثاني، فهو على شاكلة ميشال عون
وميشال سماحة ووئام وهاب؛ هؤلاء لا
يرضون بأقل من إبادة الثوار السوريين
بمدنهم وقراهم. تحدث عون بلغة طائفية
مقززة عن شريعة الإخوان الذين سيحكمون
سورية، متناسيا أن من يمولونه من
الإيرانيين وحزب الله أكثر تشددا من
الإخوان. في مصر، قدم الإخوان رئيسا
مدنيا يحكم سنوات معدودة خاضعا
للرقابة الدستورية، وفي إيران ولي
فقيه معصوم من أي نقد ويحكم مدى
الحياة؛ لا مكان لغير الشيعي في النظام
الإيراني، وفي مصر عين مرسي قبطيا
نائبا له. ماذا سيفعل عون وغيره
من أيتام بشار إن حصل الانقلاب
الإيراني؟ وفي النهاية، الثورة
منتصرة؛ انقلب الإيرانيون أو قاتلوا
حتى النهاية. ================= «الثورة
السورية» بعد عام ونصف العام * عريب
الرنتاوي الدستور 12-9-2012 كثيرة هي الأسباب
التي حالت دون وحدة المعارضة السورية،
برغم المحاولات والمبادرات التي قامت
بها أطراف عديدة، بعضها مخلص للقضية
السورية، وبعضها الآخر “مُغرضٌ”
بامتياز...من بين أبرز هذه الأسباب،
الظروف المشوهة و”غير الطبيعية” التي
عاشتها فصائلها طوال نصف قرن من
الاستبداد...ارتهان تيارات رئيسة من
المعارضة لمراكز اقليمية ودولية
متضاربة الأهداف والمصالح...غياب أي
حوار حقيقي بين مكونات المعارضة،
وهيمنة لغة الاتهام والابتزاز
والتخوين بين أطرافها، ما حال دون
اتفاقها على برنامج عمل واقعي مشترك
لقيادة التغيير وادارة المرحلة
الانتقالية. بعد مرور عام ونصف
العام من اندلاع الثورة السورية، يمكن
القول، ومن دون تردد، أن المعارضة
السورية، كانت “الضحية الأولى”
لرهاناتها وتحالفاتها...لقد بنت “استراتيجية”
للتغيير معتمدة على فرضية السقوط
السريع للنظام، اعتماداً على “قوة
الخارج” والتدخل العسكري المُنتظر
والمُرتجى...لم تبذل ما يكفي من الوقت
والجهد، لبلورة خريطة طريق تعتمد على
طاقات الشعب السوري، وتحفظ للثورة
طابعها “الجماهيري” السلمي ... ولم
تبذل ما يكفي من محاولات لـ”ترتيب
بيتها الداخلي”...ولماذا تفعل ذلك
أصلاً طالما أن التغيير سيأتي سريعاً،
وعلى ظهور الدبابات وأجنحة الطائرات
الأطلسية (بالمناسبة هذا الكلام قيل
بحرفيته على لسان قادة في المجلس
الوطني في مؤتمر البحر الميت الأول
للمعارضة). على الدوام، كان
بالامكان القاء اللائمة على “طرفٍ”
آخر، وتحميله المسؤولية عن المآلات
الصعبة التي انتهت اليها المعارضات
السورية...ان أنت قلت: إن الرهان على
الخارج سيأتي بالحرب الأهلية
والتقسيم، أتُهمتَ على الفور بأنك لا
تعرف ما يكفي عن “دموية النظام”، وأن
النظام ذاهب ٌالى الحرب الأهلية مهما
عملت المعارضة أو قررت...وان أنت تساءلت
عن “موقع الشعب السوري” في
استراتيجية التغيير التي تعتمدها
المعارضة، قيل لك أن هذا النظام لن
يسقط الا على الطريقة الليبية، التي لا
تحتاج سوى لبضعة أشهر في أقصى تقدير،
حتى يُعاد انتاجها سورياً...وان أنت
تساءلت عن الأسباب التي تحول دون بناء
جبهة متحدة للمعارضة، طالعك القوم
بمرافعة سردية عن تاريخ الانقسامات
والتشققات في الحركات التحررية
والديمقراطية في العالم، لا أحد يأتيك
بتجربة واحدة للدلالة على أهمية “الوحدة”
في مواجهة “العدو المشترك”، الجميع
منهمك في البحث عن تجارب حصل فيها
التغيير دونما اضطرار للمرور باستحقاق
الوحدة “المؤلم” و”العبثي”. من دون التقليل من
أثر “دموية النظام” وخياره العنفي
غير المسبوق في ثورات ربيع العرب، فان
أي مراجعة نقدية لتجربة المعارضة، يجب
أن تلحظ في المقام الأول (وليس الأخير)
مسؤولية المعارضة عن المآلات الصعبة
التي انتهت اليها، حيث فقدت صلتها
بالأحداث الجارية على الأرض وسلمت
زمام قيادها الى ميليشيات وكتائب
وأذرع، وأخلت ساحات التظاهر وميادين
العمل الجماهري لخنادق وبيارق الجيش
السوري الحر وغيره من التشكيلات
العسكرية وشبه العسكرية. كنا نتحدث عن ثلاثة
آلاف قتيل، حين كان بعض المعارضة يرى
أن شلال الدم يجعل من المستحيل عليهم
البحث في أية خيارات وبدائل عن “الحسم
العسكري الناجز”...ها نحن نتحدث اليوم
عن ثلاثين ألف قتيل و”الحسم” لم يتحقق
بعد، ولا يبدو أنه سيتحقق في الأفق
المنظور...كنا نتحدث عن تعذر قطع “الهاوية”
بقفزة واحدة، وعن الحاجة لبناء “نقاط
ارتكاز” تمكن الشعب السوري من
اجتيازها بصورة آمنة وتدريجية، تحفظ
له نسيجه ولوطنه وحدته ولدولته
مؤسساتها...لكن استعجال التغيير
المدفوع بأجندات خارجية أو برهانات
ليست في موضعها، كان على الدوام، سبباً
يحول دون اعمال العقل والفكر والمنطق
في اقتراح السياسات واجتراح البدائل. أي تفكير خارج اطار “الحسم
الناجز”، كان يعرض صاحبه للاتهام
بالخيانة والعمالة...لقد رأيت واستمعت
لمعارضين قضوا زهرة العمر في سجون
النظام، وهم يتحدثون همساً عن “خيارات
وبدائل”، بيد أن مناخات الاتهام
والابتزاز كانت تمنعهم من الجهر
بمواقفهم والدفاع عنها حتى نهاية
المطاف، لقد كانوا قادرين على الجهر
بمواقفهم المناوئة للنظام ودفعوا
أثماناً باهظةً من حريتهم و بيد أن
ضعفهم في مواجهة الابتزاز والاتهام،
ألجمهم تماماً وحال دون قيامهم بدور
كان مطلوباً، بل وحاسم الأهمية. لقد حالت هذه
المناخات، دون نجاح المعارضة في
مخاطبة شرائح من النظام، يصنفونها
اليوم، بعد خراب البصرة وحلب وحمص، بـ”غير
الملطخة أيديها بدماء السوريين”...حالت
دون نجاح المعارضة في مخاطبة شرائح
واسعة من الشعب السوري، ما زالت تقف في
المنطقة “الرمادية” بين النظام
والثورة....حالت دون تمكين المعارضة من
مخاطبة حلفاء النظام وداعميه،
والتعامل مع مبادرات كان يمكن أن تسرع
في انفضاضهم من حوله (روسيا على سبيل
المثال)...حالت دون أن يتمكن المعارضون
من مخاطبة بعضهم البعض، بعيداً عن
التقاذف بالمقاعد والمنافض وأكواب
الماء. بعد عام ونصف العام
على الثورة...بعد أكثر من ثلاثين ألف
قتيل وأضعاف أضعافهم من الجرحى
والمعتقلين والمشردين في وطنهم وجواره..بعد
تحول معظم المدن السورية الى ما يشبه “مدن
الحرب العالمية الثانية”...بعد الخراب
الذي يصعب اصلاحه، في النسيج الوطني
والاجتماعي السوري....بعد تحول سوريا
الى ساحة لتصفية الحسابات و”صندوق
بريد” لتبادل الرسائل الاقليمية
والدولية...بعد انفلات السلاح
والمسلحين والمليشيات والكتائب
والعصائب والأذرع...بعد “الأفغنة”
المنهجية المنظمة التي تتعرض لها
سوريا...بعد كل هذا وذاك وتلك، ما زال
البعض من المعارضين يجتر خطاب الأيام
الأولى للثورة السورية، ويردد دون كلل
أو وهن، شعاراته ورهاناته الخائبة
الأولى. لكن عجلة التاريخ لا
تتوقف...ولا تنتظر طويلاً حتى يستفيق
هؤلاء من غيبوبتهم..،ها هي الأزمة
السورية تتجاوز الجميع، وتدخل في
منعطفات نوعية تُخرج وقائعها من دائرة
السيطرة والتحكم، بل وتُخرج الثورة عن
أهدافها ومراميها الأولى...وتضع سوريا
في غياهب المجهول ومغاليقه...وتلقي
بهؤلاء على قارعة الطريق، وتدفع
بحلفاء لهم للتخلي عنهم والبحث عن “خيول
رهان جديدة”...و”خيول الرهان الوحيدة”
اليوم هم حَمَلَةُ السلاح...هؤلاء هم من
سيقرر مستقبل سوريا ووجهة التغيير
فيها والضفاف التي سترسو عليها الأزمة
وان بعد حين. ================= لا ثورة
في العالم تشبه السورية 2012-09-11 القدس العربي
مازال السوريين
يقاتلون وحدهم في الميدان، وكل
الثرثرات من 'القلقين' على الدم السوري
لم تنقذ حياة سوري واحد، فلا تركيا
والعرب والغرب عمل شيئا ملموسا يدفع
الثورة السورية إلى الانتصار، مما
يجعل منها حالة استثنائية متفردة في
عالم الثورات التي شهدتها البشرية على
مر العصور. الجميع بلا استثناء يخذلون
الشعب السوري ويتركونه وحيدا، تماما
كما ترك العرب والمجتمع الدولي قوات
الاحتلال الاسرائيلي تحاصر بيروت 88
يوما دون ان يتحرك احد، وكانوا الجميع
يتبادلون 'الثرثرة' بينما تنهال
القنابل والصورايخ والقذائف
الاسرائيلية على كل ركن لفي بيروت الا
مناطق حلفائهم 'الانعزاليين' كما يحلو
للبعض ان يصفهم، او الطائفيين كما يحلو
للبعض الاخر. اليوم يتكرر في سورية
نفس السيناريو لكن اداة القاتل هذه
المرة هي نظام الأسد الارهابي واداته
هي 'الجيش العربي السوري' او 'حماة
الديار' كما يحلو للنظام ان يطلق
عليهم، والمقتول هو الشعب السوري
باكمله، وبينما كانت قوات الارهاب
الاسرائيلية تقصف بيروت تقوم قوات
الاستبداد الأسدية بقصف كل المدن
السوري، وهذا يعني ان المعادلة هي
استمرار 'حكم القوة'، وما يعنيه ذلك من
اراقة للدماء وتدمير لقدرات البلاد،
والجيش يقتل الشعب الذي يجب ان يحميه.
الثورة السورية اسقطت كل دعاوى الزيف
العربية والعالمية بالأخلاق وحقوق
الانسان وغيرها من 'الثرثرات' غير
المجدية، فعداد الموت في سورية ارتفع
من 50 شهيدا يوميا إلى 70 شهيدا ثم كسر
حاجز 100 شهيد ليصل إلى 200 شهيد ويرتفع
إلى 300 شهيد ليدخل إلى موسوعة 'جينز'
بحوالي 500 شهيد يوما، وهذه حالة من
الفرادة بتنفيذ قتل متسلسل ومنهجي
واجرامي ووحشي بدون توقف وأمام بصر
العالم وسمعه. هذا العدد الكبير من
الشهداء الذي وصل إلى 50 الف شهيد و100
الف جريح وحوالي 20 الف مفقود وأكثر من
150 الف معتقل وحوالي 350 الف مشرد خارج
سورية وأكثر من 2 مليون مهجر داخل
سورية، لم يدفع العالم إلى التدخل لوقف
المذبحة، وما زال البعض يبحث عن حلول 'سياسية'
تضمن سلامة القيادة السورية كما قال
الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في
مقابلته الاخيرة مع قناة روسيا اليوم،
فامبراطور الكرملين والساحة الحمراء
يبحث عن سلامة 'بشار الأسد' وعصابته
وشبيحته، ولا يستطيع ان يرى 50 الف شهيد
قتلهم نظام الأسد الاجرامي الوحشي،
فهو يطلب الحماية للجلاد ولا يرى
الضحية. على الطرف الاخر يلعب
'حلفاء المعارضة' السورية من اجل
التحكم بحركتها وقوتها والسيطرة على
مفاصل قراراتها بشكل مباشر او غير
مباشر، وتحولت المعارضة السورية
البائسة الى'العوبة' بيد هذه الدولة او
تلك، فهي تعمل على مبدأ رد الفعل وليس
الفعل وصنع الوقائع، مما يجعل منها
اداة ضد الثورة بشكل غير مباشر او غير
إرادي فهي لا تعمل على قاعدة ' لدي ما
يكفي من الرصاص لكي نتحاور' بل على مبدأ
'ميزان القوى' المختل والاستعطاف
والمناشدات، وهو مبدأ لا يقود الا إلى
الهزيمة والفشل، ولو كان في هذا المبدأ
من خير لأعاد للفلسطينيين حقوقهم
المهدورة منذ 64 عاما او على الاقل منذ
اوسلو قبل عقدين من الزمان، ومن هنا
فان هؤلاء 'الحلفاء المزعومين' يلعبون
بالدم السوري من اجل تحسين اوراقهم
التفاوضية في قضايا لا تخص الشعب
السوري. هذه الحقائق تقود إلى
النتيجة التالية الا وهي: تصعيد الحالة
القتالية للثورة السورية لخلق وقائع
على الارض، وانتهاج سياسة جديدة
تتمحور حول التوقف عن كل 'الحراك
السياسي العبثي' ورفض اضاعة الوقت
والسفر والاجتماعات و'البوفيهات
المفتوحة' والسيارات المضادة للرصاص
والدخول من قاعات كبار الزوار، فسورية
لا تحتاج إلى الدخول من قاعات كبار
الزوار بل من فاعات كبار الثوار. ايها السوريون
اتعظوا بالفلسطينيين ولا تدخلوا في
جحور السياسة التي دخلوها وامنوا
بسلاحكم وقتالكم ورصاصكم، فليس والله
من حليف لكم سوى الرصاص، وكل الاخرين
يتاجرون بكم وبدمائكم، وابتعدوا عن 'ثرثرة
الصالونات السياسية' لاولئكم الذين لا
يجيدون سوى البحث عن وعود او منح وعود،
والذين يحولون الثورة إلى 'مكلمة' لا
تنتج سوى الام ودماء وقتلى وجرحى
ومشردين ودمار شامل. الثورة السورية ثورة
استثنائية وبطولات ابنائها
استثنائية، وصمود شعبها استثنائي،
واجرام الأسد الطائفي الباطني اجرام
استثنائي، وشهوة عصابته وشبيحته للدم
استثنائية، والمعارضة السورية
السياسية استثنائية في فشلها، وهذا ما
يجعل الثورة تحتاج إلى حلول استثنائية
تكرس مبدأ الدم الذي يحرق الخصم،
ويخربط الحسابات ويخلق الوقائع التي
تؤدي إلى نتيجة واحدة هي انتصار
استثنائي لهذه الثورة الاستثنائية. سمير الحجاوي ================= الاخضر
الإبراهيمي ومهمته الصعبة ابراهيم يسري 2012-09-11 القدس العربي
الأخضر الإبراهيمي
شخصية سياسية عربية ودولية مرموقة
وتتمتع بثقة المجتمعين العربي الدولي،
ولذلك قوبل ترشيحه بالترحيب والرضا
كمبعوث للجامعة العربية والأمم
المتحدة للبحث عن حل عاجل وناجز
للجريمة الكبرى التي تجري على أرض
سوريا قلب العروبة النابض . ولا شك في
أن الإبراهيمي سيكتسب المزيد من
المعرفة والتعاون من الدكتور نبيل
العربي كأمين عام للجامعة العربية وهو
دبلوماسي مرموق يتمتع بخبرة سياسية
وقانونية متعمقة ، أقول هذا عن ثقة وعن
معرفة لأنني سبق أن عملت مع الإبراهيمي
كوزيرخارجية الجزائر عندما كنت سفيرا
لمصر بالجزائر، كما عملت مع نبيل
العربي بالإدارة القانونية بالخارجية
المصرية وخلفته في تولي مسؤوليتها
وشاركته في العديد من القضايا وآخرها
مباحثات تنفيذ حكم هيئة التحكيم
الدولية الخاصة بطابا . يتولى الإبراهيمي
مهمته في مرحلة شديدة التعقيد يصعب
فيها البحث عن مخرج يرضي جميع الأطراف،
فالنظام السوري يمضي في تدمير بلاده
وقتل ابناء وطنه بكل عنف وقسوة ودون
أدنى مراعاة للجوانب الإنسانية، مما
استتبع إدانته من مجلس حقوق الإنسان
ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن
جامعة الدول العربية ذاتها، ولكنه مضى
في ممارساته البشعة معتمدا على الفيتو
الروسي الصيني والدعم الإيراني وضعف
الإرادة الدولية وخاصة أوروبا وحلف
الأطلنطي في التدخل المباشر بحجة عدم
صدور قرار مجلس الأمن . ولعل أهم العناصر
التي استجدت وتعاصرت مع مهمة
الإبراهيمي نشاط قوي للدبلوماسية
المصرية بدأ بخطاب الرئيس المصري في
قمة عدم الانحياز والتي اعتبرها لبعض
القنبلة التي فجرها الرئيس المصري
محمد مرسي في خطابه، عندما حدد من على
منبر القمة موقف مصر الرسمي من الثورة
السورية للمرة الأولى، مؤكداً ضرورة 'التضامن
مع نضال أبناء سورية ضد نظام قمعي فقد
شرعيته'. والحقيقة أن الخطوات
السياسية التي اتخذها مرسي منذ توليه
الرئاسة تكشف -حتى الآن على الأقل- عن
خط سياسي متماسك، ومتوازن، وجريء.
والمرتكز الأساسي لهذا الخط هو انفتاح
مصر بعد الثورة على الجميع بما يحافظ
على مصالحها المتعددة كدولة كبيرة،
وبما يحفظ لها استقلال قرارها
السياسي، وفي الوقت نفسه يمنحها مساحة
كافية للمبادرة في أكثر من اتجاه. ولعل
خط زياراته الخارجية الأولى، وخلال
أقل من شهرين منذ تسلمه الرئاسة تكشف
هذا، حيث اختار أن تكون السعودية هي
محطته الأولى. لأن السعودية هي الدولة
العربية الكبيرة الوحيدة، والمجاورة
لمصر، التي تتمتع باستقرار سياسي
مكين، ومن مصلحة مصر، كما من مصلحة
السعودية في هذه المرحلة المضطربة، أن
يتم التنسيق بينهما كأكبر دولتين
عربيتين لضبط التداعيات السياسية
والاجتماعية التي تحبل بها هذه
المرحلة. ثم إن مصر تعتبر الخليج
العربي بموقعه، وبمخزوناته من الطاقة،
منطقة حيوية لأمنها واستقرارها، وكما
أرسل عبدالناصر قواته عام 1963 إلى
الكويت لصد عبدالكريم قاسم، أرسلت مصر
قواتها أيضاً عام 1990 إلى السعودية
لمواجهة صدام حسين أيضاً في الكويت. الآن، وفي عهد مرسي
في الجمهورية الثانية، تواجه مصر ـ كما
السعودية ـ ضرورة التواصل مع ايران
للحد عن طريق التفاوض وتوازن المصالح
من النفوذ الإيراني، الذي انتقل بعد
الاحتلال الامريكي إلى العراق، وهو
بوابة الخليج، ويمتــد إلى منطقة
الشام، التي تحاذي مصر من الناحية
الشمالية الشرقية. وهكذا واصلت
الدبلوماسية المصرية مساعيها للقيام
بدور فاعل في القضايا العربية بعد
تأكيدها على استعادة وزنها الافريقي
والدولي كهدف من أهداف ثورة 25 يناير،
فدعت لسرعة عقد اجتماع لممثلي مصر
والسعودية وتركيا وايران بالقاهرة
للبحث في طرق التوصل الى وقف هذه
المأساة . أما الجامعة العربية
فلم تقف مكتوفة اليدين كما كان نهجها
في الفترة الأخيرة بل بادرت باتخاذ
قرارات أكثر حزما في الشأن السوري،
فقررت في ختام اجتماعها الوزاري الاحد12
شباط/فبراير 2012 في القاهرة التوجه
مجددا الى مجلس الامن ودعوته الى اصدار
قرار بتشكيل 'قوات حفظ سلام عربية
اممية مشتركة' ترسل الى سورية، كما
قررت تقديم الدعم 'السياسي والمادي'
للمعارضة السورية ورغم تعثر المحاولة
السابقة لنقل الملف السوري الى مجلس
الامن بسبب الفيتو المزدوج الروسي
الصيني، ثم قرر وزراء الخارجية العرب
انهاء مهمة بعثة المراقبين العرب و'دعوة
مجلس الامن لإصدار قرار بتشكيل قوات
حفظ سلام عربية اممية مشتركة للإشراف
على تنفيذ وقف اطلاق النار' في سوريm. وشن وزير الخارجية
السعودي في كلمته امام الوزراء العرب
حملة عنيفة على النظام السوري داعيا
نظراءه العرب الى اتخاذ 'اجراءات حاسمة
بحق النظام السوري بعد ان فشلت انصاف
الحلول'. وجاء ايضا في البيان الختامي
ان الجامعة قررت 'فتح قنوات اتصال مع
المعارضة السورية وتوفير كافة اشكال
الدعم السياسي والمادي لها ودعوتها
لتوحيد صفوفها والدخول في حوار جاد
يحفظ لها تماسكها وفعاليتها قبل
انعقاد مؤتمر تونس' في اشارة الى
اجتماع مقرر في هذا البلد في الرابع
والعشرين من الشهر الحالي يحمل اسم
مؤتمر اصدقاء سورية. واعلنت الجامعة ايضا
'وقف جميع اشكال التعاون الدبلوماسي مع
ممثلي النظام السوري في الدول
والهيئات الدولية ودعوة كافة الدول
الحريصة على ارواح الشعب السوري الى
مواكبة الاجراءات العربية في هذا
الشأن'. واكدت كذلك 'سريان
اجراءات المقاطعة الاقتصادية ووقف
التعاملات التجارية مع النظام السوري
ماعدا تلك التي لها مساس مباشر
بالمواطنين السوريين بموجب القرارات
الصادرة عن مجلس الجامعة حيال هذه
المسألة'. ونتيجة لتعنت النظام
السوري فشلت مبادرة وزراء الخارجية
العرب لانهاء الازمة السورية والتي
دعت الى تشكيل حكومة وفاق وطني خلال
شهرين وتطالب الرئيس السوري بتفويض
نائبه صلاحيات كاملة للتعاون مع هذه
الحكومة. كما طلبت من الأمين العام
للأمم المتحدة تسمية المبعوث الخاص
لمتابعة العملية السياسة المقترحة في
اطار المبادرة العربية. وعلى ضوء الفشل
الكامل في مواجهة الأزمة السورية، قد
نتبين أن الإعتماد على مجلس الأمن أو
الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي
يبدو كوهم كبير واحتمال منعدم، ويبقى
الأمر إذن مسؤولية عربية واقليمية
كاملة . فالخطوة الأولى التي
اقترحها على الإبراهيمي هي ألا يعلق
الآمال على نظام الأمم المتحدة أو
الدعم الدولي أو قرارات مجلس الأمن،
وألا يعول على محادثات مباشرة أو غير
مباشرة مع الرئيس الأسد واكتفاء
بإرسال إشارات بوجود إمكانية لتيسير
خروج آمن له ولرجال نظامه . ولعل أهم النتائج
المتوخاة من الاجتماع الرباعي
بالقاهرة هو تطويع التأييد الإيراني
المطلق لنظام الأسد بالتوصل الى تسوية
متوازنة تحتفظ لطهران بالحد المعقول
من مصالحها مع الطوائف الشيعية في
الشام واتصالها بحزب الله، فيما لا
يتعارض مع مصالح وآمال الأمة العربية
في الوحدة والتضامن، وذلك كله في إطار
من التوازن الدقيق والديناميكي بين
القوى الإقليمية الأربع . وفي كل الأحوال يبقى
التحرك المادي على الأرض عربيا بحيث
يمتنع على تركيا وايران اتخاذ أي إجراء
أو تحريك أي قوات داخل الأراضي السورية
. وهذا يطرح السؤال
الهام : ما هي الأدوات
والأسانيد التي يتم على أساسها التحرك
الفاعل والناجز لانقاذ شعبنا في سورية
من هذه المحنة؟ لعل أهم ما يشار اليه
هنا من واقع التضامن العربي وتجاربنا
السابقة أن عبدالناصر أرسل قواته عام
1963 إلى الكويت لصد عبدالكريم قاسم، كما
شاركت مصر بقواتها عام 1990 إلى السعودية
لمواجهة صدام حسين أيضاً في الكويت.
كذلك ارسلت الجامعة العربية قوات الى
لبنان لوقف الإقتتال بين طوائفه
وتكفلت القوات السورية بذلك على أساس
تكليف من الجامعة. والآن، وفي عهد مرسي
في الجمهورية الثانية، تواجه مصر
مسؤولية حماية سورية وشعبها من الدمار
والقتل لأهميتها على مر العصور للأمن
المصري كذراع قوي في الشمال يطوق العدو
ويتيح لمصر أن تواجه أي محاولة
للانفضاض عليها من العدو الإسرائيلي
أو القوى الاقليمية بالمنطقة. ولنعد
الآن الى أدواتنا وأسانيد التدخل
العربي الفاعل داخل الأراضي السورية
لحماية سورية وشعبها : ' تنص المادة الثانية
من ميثاق جامعة الدول العربية على أن
الغرض من الجامعة .... وصيانة
لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة
عامة فى شؤون البلاد العربية ومصالحها.
فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق
باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة
أراضيها، ولجأ المتنازعون الى المجلس
لفض هذا الخلاف، كان قراره عندئذ
نافذاً وملزماً. ' وتنص المادة
الثالثة على أن تتشاور الدول
المتعاقدة فيما بينها، بناء على طلب
إحداها كلما هددت سلامة أراضي أي واحدة
منها أو استقلالها أو أمنها. وفي حالة
خطر حرب داهم أو قيام حالة دولية
مفاجئة يخشى خطرها، تبادر الدول
المتعاقدة على الفور إلى توحيد خططها
ومساعيها في اتخاذ التدابير الوقائية
والدفاعية التي يقتضيها الموقف. ' وتقررالمادة
الرابعة أنه رغبة في تنفيذ الالتزامات
السالفة الذكر على أكمل وجه تتعاون
الدول المتعاقدة فيما بينها لدعم
مقوماتها العسكرية وتعزيزها. وتشترك،
بحسب مواردها وحاجاتها، في تهيئة
وسائلها الدفاعية الخاصة والجماعية
لمقاومة أى اعتداء مسلح. ' وتنص المادة
السادسة على أنه 'إذا وقع الاعتداء
بحيث يجعل حكومة الدولة المعتدى عليها
عاجزة عن الاتصال بالمجلس،... يحق لأي
دولة من أعضائها أن تطلب انعقاد مجلس
الجامعة للنظر في إجراءات حمايتها. ' وهناك نص صريح في
الميثاق على ان قرارات المجلس في هذه
الأحوال والقرارات الخاصة بالتوسط
تصدر بأغلبية الآراء. من كل تلك النصوص
وبمقتضى التفويض الوارد في المادة 51 من
ميثاق الأمم المتحدة يحق لجامعة الدول
العربية اتخاذ تدابير عسكرية داخل
وخارج سورية لاستعادة الأمن وارساء
حكم ديمقراطي شعبي أصيل بتوصية من
الابراهيمي وتحت اشرافه. ونخلص من كل ذلك الى
أن تحرك الإبراهيمي لا يشتمل على
مفاوضات مع الأسد للتوصل الى ما يقال
عنه من اصلاحات في النظام بل يقتصر على
تدبير خروجه وتخليه عن السلطة لأن
نظامه فقد الشرعية باعتراف العالم
كله، ويبقي عليه الإشراف على تدابير
حماية الشعب السوري وتسليم السلطة الى
حكومة انتقالية وفي حالة عدم التوافق
على تشكيل الحكومة الانتقالية يمكنه
تنصيب لجنة ثلاثية عربية برئاسته
تتولى اجراء انتخابات حرة لجمعية
تأسيسية تقوم بتعيين مجلس مؤقت يمثل
الطوائف والتوجهات المختلفة للفترة
الانتقالية وتقوم باصدار دستور جديد
للبلاد واستفتاء الشعب للموافقة عليه
تقوم على اساسه انتخابات رئاسية
وبرلمانية حرة. ================= الاخوان
المسلمون في سورية لن يسيطروا على
الحكم صحف عبرية 2012-09-11 القدس العربي
خطاب الرئيس المصري
محمد مرسي أمام وزراء خارجية الجامعة
العربية يوم الاربعاء الماضي عرض
أخيرا موقفا مصريا لا لبس فيه: 'هذا ليس
الوقت المناسب للاصلاحات، بل للتغيير...
لا تستمعوا الى الاصوات التي تدعوكم
للبقاء في الحكم'، اقترح مرسي على بشار
الاسد. وليس مثلما في خطابه في مؤتمر
دول عدم الانحياز في طهران، والذي حمل
فيه مسؤولية المذبحة في سوريا الى
النظام، ووصفه بـ 'النظام المجرم'، هذه
المرة دعا الاسد الى الرحيل عن السلطة. على مدى اشهر ترددت
الجامعة العربية بين موقف الامين
العام للجامعة، نبيل العربي وبين موقف
السعودية، الكويت، قطر والبحرين. بين
العقوبات التي ستلزم الاسد بتطبيق
اصلاحات والشروع في حوار حقيقي مع
المعارضة، وبين مطلب دول الخليج
بتسليح وتمويل المعارضة المقاتلة.
مصر، مثل الجامعة، ترددت حتى وقت أخير
مضى بين هذين المفهومين. مرسي حسن. وسيكون هذا
هو الموقف الذي سيعرضه على مضيفيه في
واشنطن، حيث سيصل بعد نحو عشرة أيام.
موقفه الصلب، الذي غرس خنجرا مشحوذا في
البطن الايرانية، وأجل حاليا احتمالات
استئناف العلاقات الدبلوماسية بين
الدولتين، وان كان شجع نشطاء المعارضة
السورية الا أنه في نفس الوقت أثار في
اوساط المثقفين السوريين في المنفى
المخاوف من 'الحلف بين الاخوان
المسلمين'، الذي من شأنه أن يمنح ريح
اسناد لحركة الاخوان في سوريا. المداولات حول صورة
سوريا بعد سقوط الاسد هي بالفعل سابقة
لاوانها. فعندما تجد الدول الغربية
صعوبة في مساعدة قوات الثوار لحسم
المعركة العسكرية، وحين تضطر
الميليشيات التي تقاتل في سوريا الى
التوجه الى منظمات المافيا وتجار
السلاح كي تشتري البنادق باسعار تصل
الى الفي دولار للبندقية ودولارين
للرصاصة، وحين تمنع الخلافات بين
الميليشيات المقاتلة اقامة قيادة
موحدة من الصعب التعاطي بجدية مع
المحادثات لاقامة حكومة موحدة في
المنفى او عن جدول زمني لاقامتها. ولكن مثلما في مصر في
عهد الثورة، هكذا أيضا في سوريا الجسم
الاكبر والاكثر تنظيما هم الاخوان
المسلمون. فهم لديهم ربع الـ 310 اعضاء
في المجلس الوطني السوري جسم المعارضة
السورية الاكبر الذي يعمل في المنفى.
نائب رئيس المجلس هو محمد فاروق طيفور،
المسؤول الكبير في حركة الاخوان. كما
أن من كان المرشد العام للحركة، علي
صدر الدين البيانوني، هو عضو نشط في
المجلس. وهم مسؤولون عن قسم النقليات
والمساعدة في المجلس كما يسيطرون على
قسم كبير من الميزانية. وداخل سوريا
يقيمون منظومة خدمات للمواطنين بل
وسيطروا على سلطة حماية المواطنين
وجعلوها مثابة الذراع العسكري
لمنظمتهم. هذه السلطة غير الرسمية كانت
حتى وقت اخير مضى تحت سيطرة منظمة
عسكرية دينية تسمى 'صقور سوريا'، قررت
التخلي عن السلطة بعد أن سيطر عليها
الاخوان. للاخوان في سوريا
توجد أيضا مصادر تمويل مستقلة بنيت على
مدى عشرات السنين، وهي تسمح للحركة
بتمويل النشاط العسكري أو المدني بشكل
مستقل. ولكن خلافا لحركة الاخوان في
مصر، فان قاعدة التأييد للشقيقة
السورية محدودة اكثر بكثير. والسبب في
ذلك يعود الى القمع العنيف بلا هوادة
الذي اتبعه نظام الاسد الاب على مدى
عشرات السنين ضد الحركة. الفرع السوري
للاخوان، الذي أسسه في الاربعينيات، د.
مصطفى السباعي، صديق وزميل لحسن البنا
مؤسس الحركة في مصر، رأى في نظام حزب
البعث العلماني الذي استولى على
السلطة في سوريا في 1963 عدوا مريرا يبعد
الدولة عن تحقيق حلم دولة الشريعة. من تلك السنة، ومع
أنه كان ممثلو الاخوان قبل ذلك شركاء
في البرلمان السوري، بدأت حرب ابادة
بين الاخوان والنظام. وكانت ذروتها في
1982 عندما قاد رفعت الاسد، شقيق الرئيس
في حينه حافظ الاسد، حملة تصفية عشرات
الاف الموالين للحركة من مدينة حماة.
على مدى ثلاثة أسابيع قصف المدينة،
اقتحم منازلها، أعدم دون تمييز ودمر
الشبكة التنظيمية والمدنية للحركة.
ولكن لهذه المذبحة، التي تركت أثرا
شديدا في ذاكرة السوريين والعالم يوجد
جانب آخر. فقد سبقها قتل المثقفين،
الاطباء، المحامين والمواطنين
البسطاء على أيدي الاخوان المسلمين.
الارهاب الذي زرعه الاخوان في سوريا في
السبعينيات دفع النظام الى ان يشرح في
1980 قانونا يفرض عقوبة الموت على كل من
يدان بعضوية الحركة. ليس النظام وحده رأى
في الاخوان تهديدا. فمواطنو الدولة
العلمانيون، المثقفون، اعضاء
الاتحادات المهنية ورجال الاعمال،
تعاطوا مع الاخوان كتهديد لطابع
الدولة. ودليل على ذلك يمكن أن نراه في
أن المذبحة في حماة، مثل الاغتيالات
الفتاكة بين النظام والاخوان، لم تبعث
حركة الاحتجاج القطرية في صالح
الاخوان. ومقارنة بالانظمة في
مصر، التي كافحت الاخوان، ولكن رغم
اعلانهم كحركة غير قانونية سمحت لهم بـ
اقامة اجهزة ارشاد ووعي بل والمشاركة
في الحياة السياسية، فان وضعهم في
سوريا مختلف. فتدمير الشبكة التنظيمية
للحركة هناك منعها من إقامة منظومة
تجنيد ووعظ، وفر معظم زعمائها الى خارج
البلاد وواصلوا إدارة شؤونها من بعيد. حيال الاخوان
المسلمين يعمل الان من جهة خصومهم من
الحركات السلفية، الذين اقاموا كتائب
مقاتلة في سوريا، ومن جهة اخرى القوى
العلمانية التي تعارض تحويل سوريا الى
دولة شريعة. الاخيرون ينتقدون ايضا
المجلس الوطني السوري الذي برأيهم
يسيطر عليه الاخوان ولهذا فانه لا
يمكنه أن يمثل سوريا 'الحقيقية'. ولكن حتى دون هذه
المعارضة، من الصعب الافتراض بان
الاخوان المسلمين في سوريا سيسيطرون
على الدولة مثلما فعل أعضاء الحركة في
مصر. فنحو ثلث مواطني سوريا هم من
الاقليات المسيحية والعلوية ممن لن
يؤيدوا الحركة. كما أن قبائل البدو
الاكراد ممن يشكلون معا قسما كبيرا من
السكان بعيدون عن ايديولوجيا الحركة.
يبدو أن من يخاف من ثورة اسلامية عموم
عربية على خلفية التيارات الدينية في
مصر وفي تونس، بانتظاره مفاجأة في
سوريا. تسفي برئيل هآرتس 11/9/2012 ================= العالم
منشغل باليوم التالي فيما الطيران
الحربي يواصل القصف... بكر صدقي * الأربعاء
١٢ سبتمبر ٢٠١٢ الحياة هناك صمت عربي ودولي
مريب عن القصف الجوي بواسطة الطائرات
الحربية الذي تتعرض له المدن السورية،
وخصوصاً حلب، في الشهور الأخيرة. يتكرر
الحديث، بالمقابل، في كثير من تصريحات
رؤساء ووزراء خارجية دول عن «صعوبة فرض
حظر جوي» على بعض مناطق سورية. بل إن
باراك أوباما أعطى ما يشبه التصريح
العلني للنظام باستخدام سلاح الطيران،
حين حدد خطه الأحمر باستخدام السلاح
الكيماوي وحده. أقصى استخدام سلاح
الطيران في صراع داخلي، لأن المألوف في
الأعراف الدولية أنه يشكل نقطة الفصل
بين اللامبالاة والتدخل العسكري
الفعال بقرار من مجلس الأمن. هناك
استثناءان فقط من هذه القاعدة هما
إسرائيل ونظام العائلة الأسدية. على رغم الهجمات
الناجحة التي نفذتها مؤخراً وحدات من
الجيش الحر على بعض المطارات
العسكرية، فقد ازدادت وتيرة القصف
الجوي الحربي والمروحي في الأيام
الأخيرة، مخلفاً أعداداً متزايدة من
الضحايا والدمار العمراني. فإذا أضفنا
إلى ذلك القصف المدفعي الروتيني كل
يوم، اتضح حجم المأساة الإنسانية التي
لا تكشفها بدقة أرقام الضحايا المعلنة. وشمل القصف الجوي
والمدفعي، إلى اليوم، محافظات
اللاذقية وإدلب وحلب ودير الزور وحماة
وحمص وريف دمشق ودمشق ودرعا. أي تسع
محافظات من أصل 13. وإلى القذائف «التقليدية»
تطلق الطائرات قنابل عنقودية محرمة
دولياً وبراميل محشوة بالوقود والمواد
المتفجرة، تحقق أكبر تدمير ممكن حيثما
سقطت. من نافل القول إن
نظاماً قام بكل هذا الفتك بالبلد لا
يمكنه أن يحكمه بعد الآن مهما بلغت
درجة التواطؤ الدولي معه. وهو على أي
حال لا يحكمه اليوم، بل تحول إلى عصابة
إرهابية خارجة على القانون، تملك
أسلحة خطيرة بما في ذلك أسلحة دمار
شامل كيماوية وجرثومية. ما الذي يدور إذن في
أروقة الدول الفاعلة في العالم بصدد
سورية ومصيرها؟ ما نعرفه من معلومات
هو أن الدول الغربية تواصل الضغط على
المـعارضة السوريـة لتتـوحـد وتـشـكل
حكومة انتـقالية، مـقابل عجـزها
التـام عـن ممارسة أي ضـغـط على النظام.
يتـحـدثون كثـيراً عن رغبـتهم في
تـسلـيح الـجيش الحر، ثم يتراجعون عن
ذلك بدعوى خـضوعهم لحظر تصدير الأسلحة
إلى سورية. يقيمون ورشات تـدريب
لـكوادر شـابة مـن المعارضين
استعداداً لـ «اليوم التالي» من غير أي
مساهمة في تقليص الزمن الذي يفصلنا عنه.
يسربون لصحفهم أخباراً عن تسلل
مجموعات استخبارية بريطانـية
وفرنـسية وغـيرها إلى الـداخل
الـسـوري، ولا نعرف ما الـذي تفعله.
ويواصلون بالطبع مضغ تلك العلكة
المـسـتهلكة عن الفـيتو الروسي –
الصيني... ما الذي يدور حقاً؟
هل صحيح أن سورية لا تهمهم؟ أم أنها
بالعكس تهمهم إلى درجة الرغبة في
تدميرها على يد العصابة الممسكة
بترسانة الأسلحة التقليدية وغير
التقليدية؟ أم أن الثورة الشعبية هي ما
يريدون لها أن تنتهي وتتوقف عن
الانتشار في العالم العربي، بعدما
حققت نجاحات أربعة في تونس ومصر وليبيا
واليمن؟ يكررون القول كل يوم
إن الحالة السورية تختلف عن الحالة
الليبية. هل نبحث عن الأجوبة عن كل
الأسئلة السابقة في هذه النقطة؟ أي في
سرد الفوارق بين الحالتين؟ لنفعل إذن: نستبعد أولاً درجة
وحشية النظامين في القتل والتدمير في
مواجهة شعبي البلدين. فقد تفوق نظام
الأسد في ذلك على نظام عَمِّهِ القذافي.
كما نستبعد درجة العته بين الرجلين،
فقد انكشف أن الشهرة للعم والفعل لابن
الأخ. أما من حيث متانة التحالفات
الدولية التي احتمى بها النظامان، فلم
يكن أبو سيف أوطأ كعباً من أبي حافظ.
فقد استخدم الأول بيرلسكوني وساركوزي
وبلير إلى درجة لم يبلغها استخدام أبو
حافظ لميشيل سماحة وأمثاله، في حين
تنبع متانة تحالفه مع إيران وتوابعها
من أنه واحد من هذه التوابع. يكثر الحديث، في سياق
المقارنة بين الحالتين، عن نقطتين
ونصف نقطة: كون سورية عقدة تفاعلات
استراتيجية إقليمية، والفسيفساء
الشهير الذي يتشكل منه النسيج
الديموغرافي السوري. أما «نصف النقطة»
الأخير فيتعلق بالخطر الإسلامي
المحتمل وبخاصة تنظيم القاعدة. عقدة تفاعلات
إقليمية؟ هذا صحيح: تندرج سورية الأسد
في التحالف الإقليمي الشيعي بقيادة
إيران، في مواجهة تحالف سني بقيادة
خليجية. ما هو معلن في سياسات الغرب
وإسرائيل إزاء إيران يفترض سلوكاً
غربياً مغايراً في مواجهة النظام
السوري المتداعي، ومنسجماً مع المواقف
اللفظية المعلنة. أما الفسيفساء
الديموغرافي، فنحن أمام احتمالين: إما
أن الغرب يريد المحافظة على وحدة سورية
بتنوعها الديني والمذهبي والقومي، أو
أنه يعمل على تفكيـكها إلى كـيانات
مايكروسكـوبيـة. وبما أن العالم كله
بات يعرف أن العصابة المـمـسـكة
بالأسـلـحة الفـتاكة تــشكل خـطـراً
على تـماسـك ســورية والإقليم المحيط،
وأن تفكك الكيان السوري والإقليم من
شأنهما أن يشكلا بيئة مثالية لتنظيم
القاعدة، يفترض المرء سلوكاً من الغرب
يؤدي إلى التعـجيل في إسقاط النظـام.
وهو ما لا نراه في الأفق. من المحتمل إذن أن
الغرب أفلت الزمام للنظام ليقتل ويدمر
إلى الحد الذي يجعل فيه الشعب
والمعارضة يصرخان أولاً، فيقبلان بنوع
من الحل الوسط الذي قد يشبه الحل
اليمني إلى هذا الحد أو ذاك. أي ترحيل
العائلة الحاكمة والحفاظ على النظام،
مع اقتسام النفوذ بين طرفي الحرب
الباردة الجديدة: روسيا وإيران من جهة،
والغرب مع التحالف الإقليمي السني من
جهة ثانية. لكن تقاسماً كهذا لتركة
الولد المريض الجديد، لا بد أن يتضمن
تفاهمات إضافية في شأن الملف النووي
الإيراني وإعادة تنضيد الوضع العراقي
وطائف لبناني ثانٍ ومصير حزب العمال
الكردستاني. خلاصـة الـقول إن
الثـورة التي وصلـت شرارتها إلى
عاصـمة الأمـويين، أصبحت المائدة التي
سـيـستـكمل علـيها الـعالم إعـادة
اصـطفـافاتـه، بـعدما بدأها قبل عقدين
في أوروبا في أعقاب سقوط جدار برلين. ================= ماذا
ستقدم دول الاتصال للأزمة السورية؟! يوسف الكويليت الرياض 12-9-2012
الحالمون بنجاح المساعي
الدبلوماسية في سوريا، لا يجهلون
تعقيدات الوضع عندما تريد السلطة حسم
الأمر بالقوة لصالحها، وهو التأكيد
الثابت، أي أن مبدأ الانتحار هو الصيغة
النهائية للأسد ولن يذهب إلا بدماء
كامل للكائن الحي على أرض سوريا، وهدم
كل ما تصله الصواريخ والطائرات
والدبابات.. مجلس الأمن فشل، لأن
روسيا تعزف على دورها من خلال سوريا،
وتدرك أنها تتمسك بقشة النظام، وتمنّع
الدول الأعضاء في أوروبا وأمريكا
يتركز على نظرة أن الدور الذي يقوم به
الأسد بتدمير سوريا يجعلها عاجزة عن
قيادة أي دور في المستقبل يعادي
إسرائيل لأنها تحتاج إلى عدة عقود في
إعادة ما تهدم، وحتى جيشها الذي تشقق
واستنزف يخدم هذه الاستراتيجية،
والجانب الآخر غياب الصورة عن الحكم
الوريث، فإذا كان إسلامياً متشدداً،
فإنه سينزع إلى الثأر من جميع مخلفات
الأسد، والعداء لإسرائيل، والخوف أن
يأتي حزام إسلامي يقوده الإخوان
المسلمون بدءاً من تونس، فمصر، فسوريا
ليكون الواجهة التي لا تدين لدولة عظمى
باستقلالية القرار ورفض الإملاءات،
وهذا بدوره قد يجعل الدور العالمي الذي
برر وجوده من خلال الحكومات التي أطاح
بها الربيع، غير ممكن تكراره أمام زخم
شعبي أصبح القوة في تحريك الشارع،
ويرفض الوصاية من أي نموذج شرقي أو
غربي.. حالياً هناك جهود
لمشروع الرئيس محمد مرسي باسم «مجموعة
الاتصال» وأعضاؤها كل من مصر وتركيا
والسعودية وإيران، ومع أن الموقف اتسع
للعديد من الوسطاء، فروح التباين بين
هذه الدول حاضرة، وبقوة، فإذا كان ثلاث
دول منها تدعو، وبشكل صريح إلى تنحي
الأسد عن الحكم، فإيران ترفض هذا الحل
وتتمسك بما تقوله روسيا من فتح حوار
بين المعارضة والسلطة، لكن مثل هذه
الفكرة أعلن موتها قبل طرحها، لأن لا
الحكومة سوف توافق على أفكار تزيحها من
موقعها، ولا المعارضة تريد إعادة حكم
الأسد، وإيران لا تستطيع مواجهة
النظام، إلا بما يخدم مصلحتها، وتظل
تركيا والسعودية ومصر على وجهة نظرها،
ومع افتراض إيجاد حل ثالث، يربط نزع
السلاح من الجميع، فهذا يعني إفراغ
الجيش الحر والمعارضة من قوتهما،
والإبقاء على الجيش النظامي بيد
السلطة، والمشكل محدد ببقاء الأسد، أو
زواله، والحالة الأخيرة مستحيلة،
طالما يستمد قوته من روسيا والصين
وإيران.. المشهد الراهن عاش
فشل مؤتمر جنيف وقراراته، كذلك الأمر
بانسحاب عنان من مهمته، والأخضر
الإبراهيمي يراهن على الفشل، لإقراره
أن الحل مستحيل، والدول الغربية تطبخ
مشاريعها على نار هادئة، فهي لا تنوي
الدخول عسكرياً في بيئة حرجة ومعقدة،
ويرون باستنزاف الجميع فائدة لهم، وقد
يضطرون في أحسن الأحوال لتسليح الجيش
الحر بما يوفر له البقاء في خاصرة
النظام، ووضع روسيا في المواجهة مع
العرب والعالم، بحيث تستمر خسائرها
السياسية والمعنوية عندما تراهن على
نظام انتهى من ذهن شعبه.. مجموعة الاتصال قد
تحاول، لكن النظام يقبل منها عضوية
إيران ورفض تام للباقين وهذا بحد ذاته
لا يعطي الأمل لحل تقوده هذه الدول.. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 12-9-2012 لا أعرف كيف يمكن
لسوري أن يظن أو يتوهم أن النظام يحميه
من بقية السوريين، مهما كان عديم
المعرفة بالتاريخ. يكفي أن يسأل
السوري، إلى أي جهة انتمى، أحدا من
شيوخ أسرته وكبار السن فيها عن
معايشاته، ليتأكد أن ذاكرة شيخه أو
كبير أسرته تخلو من أي أحداث تشير ولو
من بعيد إلى مشكلات جسيمة أو إلى مذابح
وتجاوزات واعتداءات وقعت بين
السوريين، أو إلى انفلات ما مارسه قطاع
من الشعب ضد قطاع أو قطاعات أخرى. وليس في تاريخ سوريا
أحداث ذات خلفيات دينية أو مذهبية تشبه
ولو من بعيد ما عرفه تاريخ أوروبا من
مآس سببتها الانقسامات الدينية في
الصف المسيحي الواحد. ومن المعلوم أنه
بعد دخول الإسلام إلى سوريا بقرنين
كاملين كان معظم سكانها على دينهم
المسيحي، وأن أحدا منهم لم يجبر على
اعتناق الدين المقبل من جزيرة العرب،
وأنهم فتحوا أبواب مدنهم كي يسهلوا
دخول أبناء عمومتهم إليها ويطردوا
البيزنطيين منها، مع أنهم مسيحيون
مثلهم. وقعت الحادثة
الطائفية الوحيدة التي عرفتها سوريا
عام 1860، حين حدثت صدامات وهجمات دموية
ضد أحياء مسيحية في دمشق، بتأثير أحداث
مماثلة كانت تقع منذ بعض الوقت في
لبنان المجاور، وتدخلات القوى
الأوروبية في الشؤون المشرقية
وصراعاتها الاستعمارية الضارية من
خلال ما عرف بسياسة حماية الأقليات،
التي قامت على تحريض كل واحدة منها ضد
غيرها، وتقاسم المجال السكاني السوري
طائفيا وأقلويا (نسبة إلى الأقليات)،
بحجة انقسام المجتمع إلى فئات متعادية
يجب أن تتمتع كل واحدة منها برعاية قوة
أجنبية ما، الأمر الذي شحن المجال
السوري الداخلي بخلافات دول استعمارية
شرعت تتلاعب بوحدة السكان وتستخدمهم
لمآرب لا تمت إليهم بصلة. لكن صدامات
عام 1860 انتهت خلال أيام معدودة وكان
عدد ضحاياها محدودا بدوره، بفضل وساطة
وحماية الأمير عبد القادر الجزائري،
المقبل حديثا من الجزائر، بعد أن قضى
الفرنسيون على ثورة نظمها ضدهم في
الريف، لكنه كان على قدر من عظمة النفس
وسماحة الروح دفعه إلى حماية
المسيحيين باعتبارهم عربا لا تنطبق
عليهم معايير الصراع ضد مسيحية
أوروبا، وليسوا طرفا فيه. ولأن المسيحيين في
دمشق يعيشون في أحياء تتداخل مع أحياء
المسلمين واليهود، وكذلك هو حالهم في
بقية مدن وقرى سوريا، فإنهم لم يعتبروا
أنفسهم في أي يوم طائفة خاصة ولم يكن
لهم أبدا مؤسسات تمثيلية خاصة بهم، ولم
يعدموا وجود تمثيل مدني لهم حل تدريجيا
محل تمثيلهم المذهبي، الذي كان مفروضا
عليهم بواسطة نظام الملل العثماني،
فليس مسيحيو سوريا تابعين سياسيا لأي
كنيسة أو مؤسسة دينية خاصة بهم، بل هم
أعضاء أو مؤسسون في الأحزاب التاريخية
الكبرى التي عرفها المشرق كالحزب
الشيوعي والقومي السوري الاجتماعي
وحزب البعث، وليس لدى مسيحيي سوريا
مدارس أو نواد أو مؤسسات اجتماعية أو
مستشفيات تقتصر على أبنائهم وبناتهم،
ولا تعرف سوريا جنازة مسيحية لم يحضرها
شيخ مسلم أو جنازة إسلامية لم يحضرها
رجل دين مسيحي، كما أن معارك الاستقلال
كانت مشتركة بين المسلمين والمسيحيين
إلى الحد الذي جعل الأخيرين يشاركون في
وفود التفاوض مع فرنسا أو يلعبون دورا
وازنا ومفتاحيا فيها، بل ويصيرون
رؤساء وزارات وبرلمانات وحتى وزراء
أوقاف إسلامية، ويكون منهم قادة كبار
في الجيش لطالما تسلموا شعب الأركان
العامة وخاضوا معارك الوطن واستشهد
كثيرون منهم في الحروب مع فرنسا وفي
فلسطين. ومن المعروف أن مسلمين سوريين
كثرا يضعون في بيوتهم شجيرات عيد
الميلاد ورأس السنة، ويحضرون مع
أطفالهم إلى الكنائس للاحتفال بعيد
الشعانين، الذي هو عيد أطفال بامتياز،
كما أن هناك تزاوجا غير نادر بين
مسلمين ومسيحيات، فلا عجب أن رأيت طفلا
اسمه محمد مع والدته المسيحية في
الكنيسة، وليس من النادر أن تبقى
المسيحية على دينها بموافقة زوجها
المسلم، وأن تكون محبوبة أهله
وأقربائه، إكراما لها واحتراما
لخيارها بالزواج من ابنهم. إذا كان تاريخ سوريا
يخلو من الصراعات الطائفية، وخاصة
منها الدموية، ما الذي يجعل «الأقليات»
تخاف التغيير والثورة؟ هل صحيح أن
الإسلاميين سينتقمون من الذين أخذوا
موقفا ملتبسا من الحراك والمقاومة،
وأنهم سيسيطرون في المستقبل على
البلاد؟ لا مفر من الإقرار
بأن النظام راهن طيلة أربعين عاما، منذ
الحركة الأسدية عام 1970، على بناء تحالف
أقليات يواجه من خلاله الأغلبية. ولا
شك في أن ما فعله النظام لم يكن تحالفا،
بل كان إلحاقا للأقليات بالسلطة، التي
ضمت أيضا عناصر من الأغلبية انتفعوا من
النظام واعتبروا أقلية بين الأقليات
الأخرى. لكن التحالف المطلوب لم يقم
بصورة فاعلة، لأن الأقليات لم تعتبر
نفسها طوائف أو كيانات خاصة تعيش وسط
أغلبية مناوئة لها. لهذا السبب، انتهج
النظام سبيل التخويف من الصعود
الإسلامي، الذي لا يمكن أن يكون في
دعايته غير أصولي وعدواني، ومن المحال
أن تتعايش الأقليات معه بل ستكون من
ضحاياه. هذا الخطاب تابع ما جرى
للمسيحيين في العراق بعد سقوط نظامه
ومصر بعد الناصرية، وركز على أن ما حدث
هناك سيحدث في كل مكان إن سقط النظام،
الذي يحمي الأقليات ويتحالف معها
ويتخذ مواقف معادية من التيارات
الإسلامية. ومع أن هذا الخطاب
يتناقض مع خبرة الأقليات، فإن سياسات
بعض الإسلاميين أسهمت في إضفاء شيء من
الصدقية عليه، وأقنعت قطاعات من
الأقليات بأنها ستكون مهددة بدورها
بالجرائم التي ارتكبت ضد مسيحيي
العراق، الذين لم يجدوا مكانا يلجأون
إليه داخل وطنهم غير المنطقة الكردية،
حيث تسود أقلية إثنية. لم تفعل تيارات
الإسلام السياسي شيئا يذكر غير تقديم
التطمينات ردا على هذا الواقع، بينما
أكد بعضها ما حاول النظام زرعه في
العقول والنفوس من خوف، عندما بدأ يهدد
من سماهم «النصارى والنصيرية»
ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم
الأمور. بدل إقامة مؤسسات
شراكة وطنية ومجتمعية تضم مواطنين
ينتمون إلى مختلف التيارات السياسية
والاجتماعية والدينية، يلعبون فيها
دورا موحدا يحقق أهدافا موحدة عبر
نضالات مشتركة وتضحيات متقاربة، تم
تقديم «ضمانات» لا يضمن أحد أن من
قدمها سيلتزم بها، تثير الشك في نوايا
مقدميها الذين لا يكفي أن يتعهدوا بعدم
إيقاع الأذى بالأقليات، بل عليهم
إشراكها في مؤسسات تشعرها بالاطمئنان
إلى قدرتها على حمايتها. في غياب هذا
العمل المشترك ومؤسساته الجامعة،
والاكتفاء بالتطمينات الكلامية،
تتوهم قطاعات من الأقليات أنها ستكون
مكشوفة، إن زال النظام وحل الإسلاميون
محله. ومع أن خبرتهم التاريخية لا
تتضمن ما يؤكد مخاوفهم، فإن من الضروري
دحض الحجة التي تقول: إن التيارات
السياسية الإسلامية لم تكن في الماضي
على هذا القدر من التطرف والأصولية
الذي هي عليه اليوم، وبالتالي فإن ما
صلح إلى اليوم لن يصلح بعد سقوط النظام. لم تعرف سوريا في
تاريخها ما يمكنه إثارة مخاوف
الأقليات، لكن هذه موجودة اليوم ولا بد
من فعل شيء عملي لإزالتها، سواء لدى
الأقليات الدينية أو الإثنية منها. لو
كانت هذه النقطة قد عولجت بصدق وعمق
منذ بداية انتفاضة الحرية، لكانت
الثورة اليوم قطعت مسافة أكبر من
طريقها نحو الانتصار. هل فات الوقت
لذلك؟ بالعكس: نحن في الزمن الصحيح،
ولا بد أن نفيد منه، خاصة أن الثورة
تحتاج اليوم إلى زج طاقات جديدة إلى
جانبها، بدل أن تكون محيدة أو أن تقف
إلى جانب النظام! ================= ما
الثمن الذي تريده روسيا في سوريا؟ طارق الحميد الشرق الاوسط 12-9-2012 في ظرف أيام معدودة
أغرقتنا موسكو ببحر من التصريحات حول
الأوضاع في سوريا؛ فمن ناحية هناك
تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، ومن ناحية أخرى هناك تصريحات
لوزير الخارجية سيرغي لافروف، يضاف
إليها التحرك اللافت لنائب وزير
الخارجية الروسي الذي أدلى بقرابة
ثلاث حوارات هذا الأسبوع وحده! جميع التصريحات
الروسية الأخيرة، الرئيس والوزير
ونائب الوزير، تعتبر حمالة أوجه،
وتحوي رسائل مبطنة، إلا أنها تقول إن
موسكو قابلة للتفاوض، والبيع والشراء،
في الملف السوري، وأقوى تلك التصريحات
هي الصادرة عن الرئيس بوتين، والتي
تحدث فيها عن «تقرير مصير وضمان أمن كل
المشاركين في العملية السياسية»، أي
ضمان أمن المحسوبين على النظام،
والأسد نفسه. وأكثر التصريحات لفتا
للنظر بالطبع حديث بوتين مع التلفزيون
الروسي حين قال: «نتعامل باحترام مع
الجميع، ولدينا علاقات طيبة مع
المملكة العربية السعودية، وكانت
علاقاتي دائما طيبة مع خادم الحرمين
الشريفين»، وهذه الإشارة وحدها جديرة
بالاهتمام خصوصا بعد التصريحات
المتبادلة بين السعودية وروسيا حول
سوريا! وبالطبع، لا يمكن
القول بأن التصريحات الروسية الأخيرة،
التي باتت تلمح لمرحلة ما بعد الأسد،
مجرد حملة علاقات عامة لتلميع صورة
روسيا في المنطقة، بل إن موسكو عادت
تتحدث اليوم عن ضرورة عقد مؤتمر خاص في
سوريا على أراضيها، وعن إمكانية
العودة لمجلس الأمن مجددا. وما يؤكد أن
روسيا لا تتحرك الآن لتحسين صورتها هو
الوقائع على الأرض، والتهديد الأميركي
بأن واشنطن ستعمل على العمل مع حلفائها
لدعم المعارضة، وبالطبع هناك التحرك
الفرنسي اللافت، كما أن هناك أمرا آخر
يؤكد ما نقوله هنا، وهو ما سمعته عن
مصدر مطلع من أن موسكو قامت بتمرير
أسئلة محددة عبر طرف ثالث لدولة عربية
نافذة، ومضطلعة بالدفاع عن السوريين
وحمايتهم من آلة القتل الأسدية.
والاستفسارات الروسية هي: «إذا توصلنا
لاتفاق، فأين سيذهب الأسد في حال
تنحيه؟ ومن يضمن عدم محاكمته دوليا؟
ومن يضمن مصالح روسيا في سوريا بعد
رحيل الأسد؟». هذا هو ملخص الأسئلة
الروسية، التي لا بد أن نلاحظ فيها عدة
نقاط.. الملاحظة الأولى هي
أنه من الواضح أن موسكو باتت متقبلة
لفكرة تنحي الأسد، وما يدعم ذلك هو قول
الرئيس بوتين في مقابلته التلفزيونية
الأخيرة: «نفهم جيدا ضرورة التغيير،
لكن هذا لا يعني أن التغيير يجب أن يكون
دمويا». والملاحظة الأخرى من الأسئلة
الروسية هي أن موسكو غير مهتمة حقيقة
بمن سيخلف الأسد، فردا، أو نظاما، بل
إن كل ما يهمها هو ضمان الحفاظ على
مصالحها هناك. وهنا من الجدير تذكر
تصريح لافروف، قبل عدة أيام، بعد لقائه
وزيرة الخارجية الأميركية، حيث قال إن
العقوبات المفروضة على الأسد وإيران
باتت مؤثرة على القطاع المصرفي
الروسي، أي أن الملف السوري اقتصادي،
وليس سياسيا فحسب! والسؤال هو: هل من
الخطأ التفاوض مع موسكو الآن لضمان
رحيل الأسد؟ الإجابة ببساطة: حاولوا،
فبالتأكيد أن الثمن بات منخفضا جدا،
وسينخفض! ================= عبدالمنعم سعيد الشرق الاوسط 12-9-2012 الأصل في الموضوع
السوري أنه جزء من حركة «الربيع العربي»
التي سرت في الإقليم العربي منذ شتاء
2011 وشمل دولا مثل تونس ومصر وليبيا
واليمن، وكانت له مظاهر من القلق
السياسي الحاد في دول مثل المغرب
والجزائر والأردن. وبشكل أو بآخر
تعاملت النظم الحاكمة في هذه الدول مع
الأزمة السياسية المستحكمة في شكل
مظاهرات وإضرابات ورفض بوسائل متنوعة
من الإصلاح والضغط جعلتها تتجاوز
المرحلة ولو إلى حين. سوريا دخلت إلى
الموجة الثورية مثل الآخرين، ولكن
النظام كان مختلفا في رد فعله، فقد كان
عنيفا بقسوة، أما محاولاته الإصلاحية
فقد تجاوزها الزمن، وفي كل الأحوال
كانت متأخرة. كان واضحا أن النظام فقد
شرط القبول الذي هو أول منافذ الشرعية،
ولكنه لم يفقد شرط الاستفادة من الظروف
الخارجية التي أبقت إيران حليفة
استراتيجية تمد بالرجال والعتاد
والمال وما هو أكثر؛ والظروف الداخلية
التي جعلته يلعب على مخاوف التقسيم،
وانتهازية أقاليم مختلفة لم تتصور
وجود فرصة أخرى لكي تتجاوز مظالم
تاريخية للتهميش والاستبعاد. وسواء
كان الأمر في العراق أو في لبنان فإن
الجوار المباشر وجد فيما يجري في سوريا
ليس أمرا سوريا بحتا يقرره السوريون؛
وإنما هو مسألة إقليمية سوف تقرر مصير
الإقليم كله، بل وتعيد رسم خرائطه. ضاعت القضية الأصلية
إذن، ولم يعد الأمر هو حكم البعث
الدامي على مدى عقود طويلة من
الاستبداد والقهر والتعذيب، وإنما رعب
وخوف من العودة إلى ما كان عليه الحال
في القرن الحادي عشر الميلادي عندما
كان الإقليم السوري لا يزيد عن كونه
ممالك وإمارات متفرقة لا يربطها رابط
إلا خيط رفيع من ولاء لولاية عباسية
متهافتة. كانت تلك هي الخلفية التي جاء
عليها الصليبيون فخلقت دافعا للوحدة
سواء تحت حكم المماليك أو تحت الخلافة
العثمانية. فالحقيقة أن اتفاقيات «سايكس
بيكو» لم تكن أول من قسم سوريا الكبرى
أو الهلال الخصيب كما كان يذكر عن
المنطقة المعروفة بالمشرق العربي
تمييزا لها عن الجزيرة العربية ووادي
النيل. فقد كان التقسيم سمة أساسية ظلت
موجودة تحت قبضات حديدية متعددة
الأشكال من الاستعمار حتى القيادات «الوطنية»،
ولكن الدولة لم تولد بالمعنى الحديث،
وجاءت الثورة أو الهبة لكي تضع وجودها
على المحك. وكانت هذه الفرصة هي التي
جاءت إلى بشار الأسد لكي يبقي على جذوة
من نوع ما مشتعلة وكافية لكي يطيل ألم
التغيير إلى درجة تجعل من هم في الداخل
والخارج على استعداد للدخول في صفقة من
نوع أو آخر. المعضلة حتى الآن أن
صفقة بشار تتضمن بقاءه وأعوانه، أو من
بقي منهم في السلطة، مع استعداد لإجراء
الإصلاحات اللازمة التي لا يوجد من يثق
أنه على استعداد لإجرائها. لا يوجد في
هذه الصفقة ما يرضي دماء الشهداء، أو
يتعامل مع المعادلة التي تغيرت في
التوازن الإقليمي حيث لم تعد سوريا كما
كانت، والأرجح أنها لن تعود في
المستقبل القريب، وهناك مولود سوري
جديد يزعق بالبكاء لكي يخرج إلى الوجود. صفقة بشار فاسدة إذن،
ويمكنه أن ينتظر حتى نهاية التاريخ،
ولكنه لن يكون ثابتا أبدا على رأس
السلطة في سوريا. ولكن على الجانب
الآخر فإن كافة الرافضين لبشار في
الداخل والخارج غير قادرين على تقديم
صفقة تاريخية تطيح ببشار وصحبه غير
الكرام وتبقى سوريا كدولة وطنية.
التفكير الاستراتيجي الخارجي لا يزال
أسير مدرستين: الإطاحة بالقذافي وهذه
كانت من خلال التدخل الدولي عسكريا
وهذه لا يريدها أحد. والإطاحة بعلي عبد
الله صالح في اليمن من خلال مبادرة
مجلس التعاون الخليجي وتعاون الرئيس
اليمني، وهذه لا وجود لها في سوريا حيث
لا مبادرة خليجية ولا تعاون من الرئيس
السوري الذي يخوض المعركة حتى نهايتها.
المأزق هكذا بين فساد صفقة بشار، وعدم
وجود صفقة أو حل من داخل أو خارج سوريا
يعني استمرار الاحتكام إلى السلاح كما
هو الحال في الصراعات السياسية
المحتدمة والحادة والتي لا يوجد لدى أي
من طرفي الصراع إلا العمل على هزيمة
الطرف الآخر. الثمن فادح إذن، ليس
فقط دماء تسيل لأشقاء، وأرواح تصعد إلى
السماء شهداء عند ربهم يرزقون وشاهدين
على الرغبة في الحرية والانعتاق؛
ولكنه بداية لما سوف يأتي إن عاجلا أم
آجلا عندما يعود المشرق العربي إلى
أصوله الأولى لجماعات وفرق ونحل
وممالك وإمارات تعيش مرارات ورغبات
متوحشة للثأر. مثل ذلك ليس ضروريا على
الإطلاق وهناك طرق يمكن بها الخروج من
المأزق السوري. طريق منها عربي يقوم
على وضع تصور متكامل من خلال الجامعة
العربية تتضمن أركانه ذهاب النظام
الحالي، وتكوين حكومة انتقالية تتفق
على أمر واحد هو بقاء سوريا كدولة
وطنية، والحصول على الموافقة
الإقليمية والدولية على ذلك. مثل ذلك
يمكنه الحصول على موافقة أغلبية
المجتمع الدولي، ومن يبق خارج الاتفاق
سوف يكون منعزلا يطلب أحيانا الترضية
في مجال ونطاق آخر. مثل هذه الحكومة
تفرض سيطرتها تدريجيا على المناطق
المحررة داخل سوريا وتجري حمايتها من
خلال حظر جوي مثل ذلك الذي جرى على شمال
العراق، على أن يكون هذا الحظر من دول
عربية وإسلامية. ويأخذ هذا الطريق
الشرعية الدولية اللازمة من مجلس
الأمن والمنظمات العالمية المختصة.
مثل هذا الحل لن يجد سبيلا إلى النجاح
من دون إقناع العراق ولبنان بأن قوط
النظام السوري لا يعني بالضرورة تفكك
كليهما، بل إن الحقيقة أن بقاءه هو
الذي سوف يؤدي إلى ذلك، ومن ثم فإن
إقامة «الحجر» على النظام السوري هي
السبيل للحفاظ على البلدين. بقيت مسألة ربما لا
تخص سوريا مباشرة، ولكنها تعيدنا إلى
تجربة مماثلة عاشها الأوروبيون في
العصور الوسطى عندما جرت عمليات تفكيك
الدول الأوروبية بسبب اضطهاد
الأقليات، ونزاعات الحدود المترتبة
عليها. وكان الحل هو صلح وستفاليا 1648
الذي احترم الحدود القائمة على أنها
واقعة بين دول وطنية لا بد أن تحترم
فيها حقوق الأقليات التي لا يصير لها
حق التواصل عبر الحدود لإنشاء دول
جديدة تؤدي إلى المنازعات والصراعات
الممتدة لسنوات طويلة في التاريخ.
المسألة ببساطة أننا نحتاج «عهد
وستفاليا» عربيا مصدقا عليه دوليا
وإقليميا ومعترفا به مؤسسيا في العالم.
الموضوع ليس سهلا بالطبع، ولكن كل
البدائل لا تقل عنها صعوبة، وربما كان
هذا ما يريده النظام السوري، وهو أن
تصل كل البدائل إلى طريق مسدود فيكون
هو الحل الأخير الباقي. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |