ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
معارضة
الداخل «السلمية» في سوريا!! * ياسر
الزعاترة الدستور 27-9-2012 موجة الغزل بمعارضة
الداخل السورية بعد مؤتمرها العظيم في
دمشق لا يمكن أن تخفي حقيقة أن
الانحياز إليها من قبل البعض لا ينطوي
على شعور بهزيمة الخيار العسكري
وضرورة البحث عن بديل يحقن الدماء
ويحافظ على ما تبقى من مقدرات البلد،
بقدر ما تعكس انحيازا مسبقا للنظام ضد
شعبه بالنسبة لكثيرين. أرأيت كيف يتغزل
أحدهم بالنظام ويعدد أسرار بقائه، ومن
ثم شعوره بالثقة إذ يسمح لمؤتمر معارض
يطالب بإسقاط النظام بكل رموزه
ومكوناته بالانعقاد في قلب دمشق؟! ليست لدينا مشكلة مع
أي طيف سياسي في سوريا، فالثورة
ابتداءً ثورة حرية وتعددية وليست ثورة
سلفية أو إخوانية ستعيد الناس إلى
القرن الرابع عشر بحسب هواجس الجنرال
ميشال عون، أو أكاذيبه بتعبير أدق، ولو
اختار الناس علمانيا أو حتى غير مسلم
ما رفضنا ذلك، مع ثقتنا بأن روح الشعب
السوري لا زالت أكثر انتماءً للأمة
وثقافتها، فضلا عن مواقفه السياسية
وانحيازه للمقاومة والممانعة. أما الذين يتحدثون عن
فضائيات النفط وانحيازها للإخوان
والسلفيين مقابل تجاهل “معارضة
الداخل”، فينسون أن المقاتلين في
الجبهات الذين يظهرون على الشاشات
والمتحدثين من الداخل هم معارضة أيضا،
كما ينسون أيضا أن هناك حشدا من
الفضائيات لا همْ لها غير ملاحقة
الإسلاميين كرها في ربيع العرب. وإذا
كان بعضها قد انحاز للثورة السورية
لاعتبارات معروفة، فإن ذلك لا يخفي
كرهها للتيار الإخواني والإسلام
السياسي عموما لأنه يعني بالنسبة
إليها نقل خطر العدوى إلى بلاد لا يفكر
كثير من زعمائها مجرد تفكير في الإصلاح
السياسي. ما ينبغي أن يقال
ابتداءً إن ما يجمع هذا الطيف مما يسمى
معارضة الداخل إنما يراوح بين البحث عن
دور (ما معنى أن يحضره 20 فصيلا، وماذا
تمثل تلك الفصائل؟!)، وبين الموقف
السلبي من الإسلاميين، وليس سرا أن
تناقض هيثم مناع وفريقه معهم يتفوق
بكثير على تناقضه مع النظام، وبالتالي
فإن الحسابات الشخصية لهذا الفريق لا
تنتمي كلها إلى الحرص على سوريا وطنا
وشعبا. أما الحديث عن
مناضلين ومعارضين، فليس في هذا ما يغير
الحقيقة بالضرورة، من دون أن يوضع
الجميع في سلة واحدة، إذ أن تراث أحدهم
في مقارعة النظام لا يجعله ملاكا لا
بوصلة له إلا مصلحة الشعب، وتراث
النضال والمناضلين الذين غيروا وبدلوا
لا يمكن حصره؛ لا في المجال العربي ولا
سواه، وقد رأينا مناضلين في الساحة
الفلسطينية يتحولون إلى مقاولين
للتنسيق الأمني مع العدو. والخلاصة أن
“الأعمال بخواتيمها” وليس بتاريخها
القديم. أيا يكن الأمر، فهذا
الفريق الذي يسمي نفسه معارضة الداخل
لم يأخذ هذا الموقف ممثلا في تبني نهج
النضال السلمي بعد فشل الخيار
العسكري، وإنما قبل ذلك، فضلا عن رفض
التدخل العسكري الأجنبي الذي نرفضه
أيضا، ولم يكن له أي أفق منذ البداية
لولا أن من الطبيعي أن يصرخ من يُقتل
أهله طلبا للنجدة دون الاكتراث بهوية
من يقدمون له العون في كثير من الأحيان. والحق أن المؤتمر
الذي عقد في دمشق كان حاجة إيرانية
روسية صينية، وهي الدول التي ما برح
رموز معارضة الداخل يطوفون عليها
ويلتقون مندوبيها طوال الوقت، سرا
وعلنا، ويحصلون منها على التمويل أيضا
(المفارقة أنها الدول التي يلعنها
السوريون صباح مساء). نقول حاجة، لأن على
هذه الدول أن تبرر وقوفها ضد نظام يقتل
شعبه أمام الداخل وأمام المجتمع
الدولي، فضلا عن خوفها من موقف الشارع
العربي الذي بات يكن عداء استثنائيا
لكل من إيران وروسيا على وجه التحديد،
مع حساسية أقل حيال الصين. الجانب الآخر يتمثل
في إدراك الدول المذكورة لحقيقة أن
النظام لن يتمكن من إنجاز الحسم
العسكري ضد الثورة، حتى لو تمكن من
الصمود لزمن يصعب الجزم بمداه،
وبالتالي، فإن من الأفضل إنقاذ ما يمكن
إنقاذ بالإبقاء على النظام حفاظا على
مصالحها حتى لو انطوى الأمر على
تغييرات ما في بنيته السياسية. ولا شك
أن ما شجعها على ذلك هو الموقف الغربي
الذي زاد ميله ضد الثورة بعد هبَّة
الفيلم المسيء، لأن الجميع يدرك أن
الموقف الغربي، والأمريكي تحديدا لا
زال منحازا للرأي الإسرائيلي القائل
بإطالة أمد المعركة وصولا إلى تدمير
البلد وإشغاله بنفسه لعقود. من هنا، فإن شعار “إسقاط
النظام بكل رموزه ومؤسساته” الذي رفعه
المؤتمر لم يكن سوى ترويج لأصحابه، بل
ترويج للهدف الكامن من ورائه ممثلا في
البحث عن حل سياسي ينقذ النظام من دون
أن يعطي انطباعا بهزيمة الثورة. نقول
ذلك لأن على أصحابه أن يقنعوا الناس
بإمكانية “إسقاط رموزه ومؤسساته”
بنضال سلمي جربه الناس شهورا طويلة،
أقله عبر تنظيم مسيرة من آلاف الناس في
دمشق تشارك فيها فصائل المؤتمر
العشرين!! هذه اللعبة لا تنطلي
على الناس بسهولة، ومن رفضوا المؤتمر
وسخروا منه ليست فضائيات النفط، ولا
الإخوان والسلفيين، بل الناس الذي
فقدوا أحباءهم وعانوا من بطش النظام
وجبروته وتدميره لكل شيء من أجل بقائه. تلك هي الحقيقة، وما
عداها ترويج للباطل وبيعا للأوهام.
ويبقى القول إن نظرية أن أيا من
الطرفين لن يحسم المعركة ليست صحيحة
ولن تكون، فهي معركة قد تطول بعض
الشيء، لكن نهايتها معروفة، فالشعب
الذي خرج يطلب الحرية، لن يعود قبل أن
يحققها مهما طال الزمن وعظمت التضحيات. التاريخ : 27-09-2012 ================= 2012-09-27 12:00 AM الوطن السعودية
منذ أن نادى أمير قطر
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمام
الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة
التدخل العسكري العربي لإنهاء الأزمة
في سورية، والأسئلة حول كيفية وشكل
التدخل المنتظر لم تتوقف. وعلى الرغم من أهمية
الدعوة القطرية من الناحية الميدانية،
إلا أن شكوكا تحوم حول مدى إمكانية أن
تحسم المعركة على الأرض، وخصوصا أن مثل
هذه الخطوة من الممكن أن تنجم عنها حرب
مفتوحة بين العرب من ناحية
والإيرانيين ووكلائهم من ناحية أخرى،
مما سيزيد الوضع في سورية تعقيدا. كلام أمين عام جامعة
الدول العربية نبيل العربي أمس من أن
المقترح القطري لا يتضمن إرسال قوات
عربية إلى سورية، زاد من ضبابية الموقف
إزاء الدعوة القطرية، وأثار تساؤلا
عريضا؛ هو: كيف يكون التدخل العسكري من
دون إرسال للقوات؟ المقترح القطري
سيكون على طاولة النقاش في الجامعة
العربية الأسبوع المقبل، وحتى يتبلور
الموقف من كافة أبعاده، فإنه من الواضح
أن العرب وخصوصا الدول الخليجية تسعى
من خلال إثارة موضوع التدخل العسكري
فرض مناطق آمنة في الداخل السوري
ابتداء، إذ إن الأزمة الإنسانية على
حدود ذلك البلد تتفاقم في ظل عجز دول
الجوار عن استيعاب الأعداد الكبيرة من
النازحين السوريين مما قد تنشأ عنه
مشاكل لا حصر لها كما حدث مؤخرا في
الأردن على سبيل المثال، كما أن تلكؤ
تركيا حتى اللحظة من فرض مناطق عازلة
لحماية المدنيين رغم تأييدها للخطوة
قد يكون دافعا من وراء الإعلان الذي
جاء على لسان أمير قطر. ومن المؤكد أن الظروف
التي أحاطت بما عاناه لبنان عام 1976
والتي استدعت تدخل قوات الردع العربية
لإنهاء الحرب الأهلية، مختلفة تماما
عما تعيشه سورية منذ عام 2011، إذ إن ما
تعيشه الأخيرة ليس إلا عبارة عن رغبة
شعبية قليلة الحيلة تحاول بصدورها
العارية وإمكاناتها المتواضعة أن تسقط
نظاما مدعوما من دولتين في مجلس الأمن
ومن خلفهما إيران ووكلاؤها، وهو ما
يعني أنه لا صوت يعلو فوق صوت السلاح،
مما يستدعي العودة إلى ما كانت تلح
عليه المملكة في كافة المحافل
السياسية بضرورة تسليح المعارضة. ================= هل تنتظر
تغييراً في موقف موسكو؟ واشنطن والأزمة
السورية... مخاطر «دور المتفرج» تاريخ النشر:
الخميس 27 سبتمبر 2012 ترودي روبن محللة سياسية
أميركية الاتحاد يدور الحديث في أروقة
واشنطن الآن،عن تعزيز أحداث العنف
التي جرت في منطقة الشرق الأوسط في
الأسبوع الماضي، لتردد أوباما في
التدخل العسكري في سوريا. وفي النهاية،
فإن المظاهرات التي نشبت في كل من مصر
وليبيا ومناطق أخرى، منظمة من قبل
الإسلاميين المتشددين، يحفزها ذهاب
الأنظمة الديكتاتورية وحلول
الديمقراطية في المنطقة العربية. لذا،
لماذا يتدخل أوباما لمساعدة المناهضين
للأسد طالما أن سقوطه سيؤدي لنتيجة
مشابهة؟. وتبدو الإجابة أنه في
حالة عدم تدخل أوباما في الوقت الراهن،
ربما تكون النتيجة أكثر سوءاً بالنسبة
لأميركا وللمنطقة ككل. وفي حقيقة
الأمر، ينبغي أن تحث ليبيا أميركا على
مساعدة المناوئين للأسد في أقرب وقت
ممكن. وجعلت الكاتبة السورية سمر يزبك،
التي زارت فلادلفيا مؤخراً لمناقشة
كتابها "تقاطع النيران"هذه الحجة
تبدو أكثر إقناعاً. وخاطرت "يزبك"
بحياتها من أجل توثيق كيفية تحول
المظاهرات السلمية إلى عصيان مسلح. كما
شاهدت بنفسها مهاجمة المتظاهرين العزل
من قبل قناصة النظام وميليشياته وقذف
مدن بكاملها بالقنابل. وتنتمي "يزبك"
إلى طائفة العلويين الشيعية الأقلية
التي ينحدر منها الأسد وكبار أعوانه في
الأمن والجيش. وربما ما ساعد على إنقاذ
حياتها حقيقة أن موت كاتبة علوية
مشهورة سيفضح ادعاءات النظام الكاذبة
في أن جميع المناهضين له من السُنة
الأصوليين، ذلك الادعاء الذي يدحضه
كتابها. وما شجع العديد من
السوريين العاديين على التظاهر ضد قمع
نظام الأسد وفساده، تلك الثورات التي
سبقت في كل من تونس ومصر. كما قادت ردة
فعل النظام العنيفة، مجموعات من
الجنود المنشقين والمدنيين العاديين،
إلى تكوين ميليشيات للدفاع عن أرواحهم
وممتلكاتهم. وتقول "يزبك"
:"جاء تكوين المزيد من المجموعات
الأصولية نتيجة لرد الحكومة العنيف،
وهذه المجموعات لا تمثل كل أطياف
الميليشيات، لكن كلما استمر النظام في
قمعه كلما برزت جماعات أصولية جديدة". ووصفت "يزبك"
كيفية تعمد الأسد الاستهزاء بالطائفية
والأصولية الدينية وسعيه إلى تهديد
الأقليات واستمالة السُنة لتصديقه
بضرورة مساندته. ويعمل أعوان النظام
المعروفون باسم "الشبيحة" على
ترويج الشائعات بين العلويين في أن
السنة قادمون لاغتصاب نسائهم ولقتلهم،
وكذلك العكس. والهدف من وراء ذلك، دفع
كل طائفة لمقاتلة الأخرى لخلق حرب
طائفية تتجاوز حدود سوريا. ونقل أحد العلويين
العاملين في أمن النظام إلى "يزبك"،
أن "الأسد" لن يتخلى عن الحكم قبل
دمار سوريا بالكامل. وهذا يقودنا إلى
السياسة التي ينتهجها أوباما تجاه
سوريا، حيث ناشدت الإدارة الأميركية
بشار بالتخلي عن السلطة، لكنها لم تبذل
جهداً يذكر لتسريع مغادرته لسدة الحكم.
لكن من المفهوم أن البيت الأبيض لا
يريد التورط بالدخول في حرب أخرى في
منطقة الشرق الأوسط، كما أنه كلما طال
أمد الحرب السورية، كلما كانت النتائج
المحتملة أكثر سوءاً. ويتعلق البيت
الأبيض ولشهور عدة بأمل واه في أن
تتخلى موسكو عن دعمها لآخر حلفائها
بمنطقة الشرق الأوسط. كما حاولت دون
طائل أيضاً، توحيد رأي المعارضة
السورية في الخارج لاختيار قائد لها
مقبول من قبل الغرب. لكن ينعقد الأمل
على قيادة سوريا في المستقبل على اؤلئك
الذين يقودون الحرب على الأراضي
السورية ضد النظام في الوقت الراهن. ويجدر بالذكر، أن
حديث المسؤولين الأميركيين مع بعض
قادة المعارضة بدأ متأخراً ومحدوداً
للغاية. ويقول "أندرو
تابلر"، الخبير في الشؤون السورية
لدى "معهد واشنطن لسياسة الشرق
الأدنى"، والذي عاد لتوه بعد أن أمضى
شهراً في الحديث مع قادة الجيش السوري
المناوئ للنظام على الحدود التركية
السورية :"معلوماتنا عن المعارضة
المسلحة شحيحة للغاية". وعندما يتعلق الأمر
بمساعدة المعارضة بالأسلحة، عهدت
الإدارة الأميركية بهذه المهمة لبعض
الدول، وفي حين ترتب على الميليشيات
غير المسلحة التوسل لبعض الجهات
للحصول على الأسلحة والمعدات. ونتيجة
ذلك، ما يتخوف الجميع من وقوعه. إذن ما الذي ينبغي
فعله؟ وقال "تابلر": "على
الإدارة الأميركية بذل أقصى ما لديها
من جهد للرصد والمشاركة المباشرة مع
المجموعات السورية المسلحة والتمحيص
من أجل الوصول للعمل مع الجهة المناسبة.
وفي حالة تحقيق ذلك، يجب تزويد هذه
الجهة بكل ما تحتاجه". وربما تقتصر
هذه الاحتياجات على الأسلحة البرية
والجوية التي يمكنها إسقاط الطائرات
التي تعمل على قصف المدنيين. وليس
بمقدور ذلك وقف هذا النزاع، لكنه ربما
يساعد على تحويل دفة القوة وإقناع بعض
مساندي الأسد الرئيسيين بعدم استمرار
صموده. لكن من المتوقع أن
يعتري ذلك بعض المخاطر مثل وقوع
الأسلحة في الأيدي غير المقصودة. نعم،
ربما يعني سقوط الأسد، لعب بعض
الإسلاميين دوراً أساسياً في تنصيب
خلفاً ديمقراطي له. وإذا لعبت أميركا دور
المتفرج وكلفت البعض بتنفيذ سياساتها
تجاه القضية السورية، فمن الممكن أن
يكسب السلفيون المتعصبون بعض القوة
إلى جانب تدفق المجاهدين العرب، وفي
هذه الحالة لن يكون لأميركـا أي تأثير
يذكـر في دمشـق بعـد رحيل الأسد. وينعقد الحل
الدبلوماسي الممكن فقط على مدى تفهم
موسكو لجدية أوباما في حالة انضمامها
للقوة الإقليمية بغرض إرساء دعائم
الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد وترك
إيران أقوى حلفاء الأسد، معزولة. وتدرك "يزبك"
جيداً مدى المخاطر التي تنتظرها
كامرأة علمانية في ظل الحكومة التي
تأتي خلفاً للأسد، ما يجعلها تصر على
ضرورة مد واشنطن الجماعات غير
الإسلامية بالأسلحة. وتقول :" ينبغي
أن يرغم ما حدث في ليبيا، الغرب على
مساعدة سوريا بهدف الحد من انتشار
الراديكالية الدينية". ينشر بترتيب مع خدمة «إم.سي. تي.
إنترناشونال» ================= الأسد
يعتقد أن مصر مرسي لا تحبّذ رحيله عبدالوهاب
بدرخان * الخميس ٢٧
سبتمبر ٢٠١٢ الحياة أظهر الرئيس السوري،
في «اللامقابلة» الصحافية الأخيرة،
مدى تجذّره في «نظرية المؤامرة» التي
حبكها مع أعوانه منذ خطابه الأول
البائس. يومذاك لم يكن أيٌ ممن يتهمهم
الآن بتمويل المعارضة وتسليحها قد
أنفق فلساً واحداً لدعم الانتفاضة
الشعبية ضدّه. وعندما وقف مخاطباً ما
كان يسمى «مجلس الشعب»، يوم 30 آذار (مارس)
2011، كان يعرف أنه لم تكن هناك «مؤامرة»
ولا «نظرية»، لكنه صمم على الهروب
اليها لئلا يواجه الحقيقة، وليبرر
استراتيجية العنف العاري التي باشرها
ثم أقرّها بعد اسبوعين على بدء
الانتفاضة، خلال تشاور في حلقة ضيقة
جداً مع الحليفين ايران و «حزب الله». كان ما نشرته مجلة «الأهرام
العربي» على أنه حديث خاص بها مثيراً
للاستياء والاشمئزاز، فما الذي يحدو
بأي اعلامي اليوم، عربياً كان أم
أجنبياً، الى مجالسة حاكم غارق في دماء
عشرات الآلاف ممن يفترض أنهم أبناء
شعبه. فعل الأجانب ذلك عندما فهموا أن
حكوماتهم لا تزال تحبذ حلولاً يعتمدها
النظام نفسه للخروج من الأزمة، وحين
قدّروا أنه لا يزال هناك بصيص أمل بوقف
القتل. لكنهم توقفوا بعدما تأكد لهم
ولحكوماتهم أنه نظام ميؤوس منه، ولم
يعد يستحق المقاربة لاستكشاف نياته،
فهي معروفة. وطالما أنه لا يزال يقتل،
يومياً، وارتقى من القتل الى المجازر
فإلى القصف المدفعي والصاروخي وصولاً
الى الإغارة بالطيران الحربي منتهكاً
كل المحرّمات، فلماذا يقصده أي اعلامي
عربي: أليسأله اذا كان يعدّ الضحايا،
أو هل لا يزال يجد متعة في القتل، أو هل
يبشر «الأمّة الممانعة» بنهاية قريبة
لـ «المؤامرة»؟ إنه يقتل، وهذا كل ما
عنده. وإذا سألته سيجيب، مثل الناطقين
الاسرائيليين المُستضافين بعد أي
مجزرة، بأن المشكلة ليست في القتل
وإنما في أن القتلى «ارهابيون» و «مخرّبون»
و «عصابات» و... الى ما هنالك من توصيفات
تصحّ أولاً على القتلة أنفسهم. في المبدأ، لا يحق
لأحد لوم أي اعلامي إذ يقوم بعمله
ويلتقي طرفَي أي نزاع أو أطرافه كافة،
شرط أن يحافظ على موقعه هذا وأن يكون
متمكناً من البحث والمساءلة اللذين
يسوّغان وجوده هنا أو هناك. وفي الحال
السورية بات النظام السوري طرفاً لكنه
يحاول تسويق نفسه على أنه «الدولة»،
والأهم أنه لا يسمح لأي اعلامي بالدخول
إلا اذا ضمن إمكان التحكم المسبق بما
سينقله ويكتبه، أي لاستخدامه بإظهار
الوجه «الناصع» للنظام أو لبثّ «مونولوغات»
الحاكم مع نزواته. ومنذ فشل هذا الحاكم
في إثبات أهليته لشيء آخر غير سفك
الدماء، لم يعد يحتاج الى اعلاميين
وإنما الى قتلة. فأخباره وجرائمه تحظى
بتغطية وافية، قبل وأثناء وبعد، حتى أن
«شبّيحته» يصوّرون خزيهم ويقدمونه
اليه عربون ولاء ثم يبيعونه كأيقونات
افتخار بما يرتكبونه من أجله، ولم يعد
ينقصهم سوى إعلاميين مرافقين لـ «يشهدوا»
بأن الذبح يتم بما يتماشى والطقوس
الأكثر وحشية ويستنطقوا الضحايا عن
مشاعرهم وهم يُحتضرون. لكن نفي وزير الإعلام
أن يكون رئيسه أجرى حديثاً، وتأكيده أن
ما حصل كان دردشة مع وفد اعلامي، أضفيا
على المنشور «صدقية» المادة الخام غير
المعالجة أو المنقّحة أو المراقبة،
خصوصاً أنه لم ينفِ المضمون. لماذا
النفي؟ الأرجح لأن في بعض ما قيل ما
يدين القائل، أو يُسجِّل عليه هفوات لا
تفلت منه حين يكون مركِّزاً على ترويج
رواياته، ومن دون الإيغال في التحليل
أو الاستشهاد بوقائع تاريخية (كما فعل
في استرجاعه حرب 1967 عندما كان والده
وزيراً للدفاع في سورية). وإذ تبيّن أنه
لا يعرف التاريخ الذي لم يعشه، فإنه لا
يعرف أيضاً التاريخ الذي يعيشه وسيخرج
منه قريباً. فمن ذلك مثلاً أنه لم يدرك
بعد لماذا تغيّر موقف دولة صديقة خذلها
أبشع الخذلان وهي السعودية، ولا مواقف
دولتين صديقتين توهّم أنه يدير
سياستيهما بالريموت كونترول وهما
تركيا وقطر. لكن هذه الدول وغيرها قالت
صراحة لماذا تخلّت عنه، فلو تمكّن
يوماً واحداً من تغليب السياسة على
الجريمة لما وصل الى ما هو عليه اليوم
مع «أصدقاء» روس وإيرانيين يتحينون
الفرص للمساومة على رأسه. وعلى رغم أن هذا
النظام أضعف سورية وجعل منها عنصر
تخريب لم يعد ينصرف في أي معادلة
اقليمية أو دولية، إلا أن رئيسه لا
يزال يعتقد أنه صانع المعادلات وموزّع
الأدوار على مصر والسعودية والعراق،
تمـــاماً كما كان ينظّر في الأعوام
الأخيرة لـ «الربط بين البـــحار
الأربعة» ليتبيّن في النهاية أنه كان
دائماً في أمـــسّ الحاجة الى ربط عقل
نظامه بالواقع، بالوطن، بالداخل،
بالمجتمع، بالشعب، بالمواطن،
وبالتاريخ الحقيقي لسورية، بدل الهروب
المتمادي الى خارجٍ يعتقد أنه كان
بالأمس مصدر قوة النــــظام وأنه
سيكون غداً خشبة الخلاص التي تنقذه من
حكم التاريخ. فحتى عندما كان المثلث
الاقليمي يقوم على مصر والسعودية
وسورية، لم تكن الأخيرة عنصر
استــــقرار فيه، فكيف بالمثلث «المصحح»
الذي يدافع رئيس النظام عنه مستبدلاً
فيه العراق بالسعودية، لمجرد أن قرار
بغداد مثل قرار دمشق يُصنع حالياً في
ايران. شيء ما في ذهن بشار
الأسد يقول له إن مصر محمد مرسي لا تحبذ
رحيله، لذا فهو يغازلها، ربما لأن
ايران تطمئنه الى أن الخطاب العلني
لمرسي لا يشبه موقفه الفعلي، بل ربما
تبشّره بأن مصر ستستقر قريباً على
الفلك الايراني. فدمشق وطهران تعتبران
أن القاهرة تحدثت طوال الأزمة ولا تزال
تتحدّث بلهجة ديبلوماسية أدنى من
السقف الذي رسمته الجامعة العربية، ثم
أنها ترغب بقوة في تدفئة العلاقة مع
ايران، بل فتحت لها إطلالة على الأزمة
السورية من باب «حل اقليمي» غير موجود
لكنها تريد أن تبنيه، ما يعني أنها
تميل الى حل سياسي، وأي حل كهذا في ظل
ميزان القوى الحالي على الأرض سيكون
لمصلحة النظام. ذلك هو التقويم السوري -
الايراني للموقف المصري، وقد تبدو
حساباته السطحية صحيحة، غير أن «حقائقه»
تظلّ أقرب الى الأوهام. فلا مصر ولا
سواها تستطيع تسويق أي حل يتجاهل الدم
ويتيح للمجرم الإفلات من العقاب. هذا
من دون التذكير بارتباطات مصر العميقة
الاميركية والخليجية. ويبقى في هذه القراءة
لـ «اللامقابلة» الصحافية، التي ظهر
فيها الأسد بالوجه الحقيقي، أنه يشير
الى معادلة «صفرية» في الداخل
مستخلصاً أن معارضيه «لا شعبية لهم
داخل المجتمع»، اذ يتهمهم بكل التخريب
الذي تقوم به قواته. لعله يحاول
الإيحاء هنا بأنه لا يزال يتمتع بـ «شعبية»
لم تتزعزع وكأن قوات المعارضة هي التي
تقصف المخابز والمدارس وتقطع الكهرباء
والماء وتهدم الأبنية فتحصد نقمة
الناس المتألمين. لكن الاعلاميين لم
يسألوه ولا هو أوضح لماذا كلما انسحب «الجيش
الحر» من منطقة تدخلها قوات النظام
وتتصرف بأسوأ مما تقدم عليه أي قوات
احتلال، من مجازر وإعدامات ميدانية
وعمليات تنكيل واغتصاب لدفع السكان
الى الرحيل، فهل هذه الوسيلة التي يصنع
بها النظام شعبيته؟ كان الشعب قد فقد
الأمل في هذا النظام بسبب ممارسات كهذه
أو أقلّ منها، والأكيد أن موقفه لن
يتغيّر بعد الوحشية التي يعامله بها. ================= حول
احتمالات الصراع المسلح في سورية عبدالناصرالعايد
* الخميس ٢٧
سبتمبر ٢٠١٢ الحياة يخوض الثوار
السوريون المقاتلون حرب التحرير
الشعبية باستراتيجية وتكتيكات
غريزية، لكنها ملائمة لموقفهم
القتالي، ومنسجمة عموماً مع مفهوم
الثورة الشعبية كاستجابة انفعالية
ومادية قصوى من قبل المجتمع ضد عدو
قاهر، هو النظام الاستبدادي، الذي
يدافع عنه جيشه باستراتيجية مشوشة،
وتكتيكات مرتجلة، لا تنسجم مع أسس
العلم والعمل العسكريين اللذين يفترض
أن الجيوش النظامية تعمل وفقهما، ومن
وجهة النظر العسكرية سيؤدي استمرار
الموقف الميداني على هذا النحو إلى
تفكك واضمحلال جيش النظام بين بؤر
الثوار المتزايدة والمتسعة باضطراد،
وصولاً إلى انهيار جبهته، وسقوط
النظام سياسياً. لقد بدأت عملية
التسلح بين الثوار بحالات فردية، ما
لبثت أن تزايدت وأخذت تحاكي تجربة
التنسيقيات، فتنظمت على شكل وحدات
محلية منفصلة عن بعضها بعضاً، أسموها
كتائب أو ألوية، واستظلت مثل
التنسيقيات بعناوين عامة كالجيش الحر
والمجلس العسكري ومجالس المحافظات
والمدن، لكن هذه الأطر لم تقدم دعماً
حاسماً للثوار، يمكّنها من السيطرة
على كتائبهم وقيادتها، أو توحيد
عقيدتها القتالية، أو إيجاد صيغة
للتنسيق بين أعمالها، باستثناء كتائب
محدودة العدد ارتبطت بقوى سياسية أو
دينية أو قومية أو عشائرية. وقد سمح تعدد بؤر
المسلحين بالتكيف مع كل الظروف،
وتوجيه ضربات متعددة المحاور لقوات
النظام، وأفقدتها السيطرة والتوازن في
كل المناطق الساخنة، كما سمح لها عدم
وجود عنوان أو مقر أو هيكلية متماسكة
ثابتة، بالتملص والمناورة على عديد
الضربات الكبيرة المعروفة عسكرياً
بالجبهية، والتي وجهها لهم النظام
بقوام فرقة أو أكثر دون أن يحقق أياًّ
من أهدافه الاستراتيجية، وبدل ذلك
تعرضت تلك القوات للإنهاك على خطوط
التحرك والإمداد، وتكبدت خسائر في
الوحدات الصغرى عندما اضطرت للانتشار
والتشتت على شكل مفارز صغيرة في مناطق
واسعة وبيئة مناهضة لها. وكان ذلك خطأ
عسكرياً لم يراع مبدأ الاقتصاد في
القوة أو ملاءمتها للمهمة، وكشف كما
الكثير من التحركات والعمليات الفاشلة
عن جهل القادة العسكريين الكبار
بعملهم العسكري، فيما أتاحت المواجهات
المفتوحة الفرصة لأعداد كبيرة من
الثوار للتدريب واكتساب الخبرة، وبرزت
حالات إبداعية بين المدنيين، وحالات
نوعية بين العسكريين المنشقين، ساهمت
في تخفيف حدة التفوق الكمي لقوات
النظام. في جانبها الأبرز
ترتكز استراتيجية النظام وتكتيكاته
على ميزة امتلاك فائض السلاح لديه،
وتفوقه العددي من حيث المقاتلين، لكن
هذه المعادلة تتزحزح يومياً لصالح
الثوار، سواء من خلال اهلاك العتاد أو
تناقص رجاله نتيجة المواجهات، أو من
خلال انشقاق مجموعات جديدة كل يوم مع
عتادها غالباً أو حتى من خلال تصفية أو
اعتقال من يشك بولائهم. وجدير بالذكر
أن الانشقاقات ليست مسألة حسابية فقط،
إذ أن لها أثراً بنيوياً يخلخل
المنظومة العسكرية عمودياً، فالأسلحة
الثقيلة والمتطورة مثل الطيران
والصواريخ والرادار تحتاج إلى
أخصائيين وفنيين يقتضي تأهيلهم سنوات
عديدة من التدريب، ومثلها لاكتساب
الخبرة، وانسحاب ضابط أو فني يعمل في
اختصاص معقد قد يؤدي إلى تعطيل تشكيله
بالكامل، هذا بينما ينضم المزيد من
المقاتلين إلى كتائب الجيش الحر،
بخاصة بعيد قصف المدن والبلدات
وتدميرها. وأخيراً يعمل تدفق السلاح
المتوسط والثقيل عبر الحدود، المتزايد
باضطراد، على تغير معادلة السلاح
رويداً رويداً لصالح الثوار. وبطبيعة الحال يقوم
النظام بتعويض خسائره، بخاصة السلاح،
من حلفائه الإقليميين والدوليين، لكن
هذه العملية تظل محدودة بكونها سرية
وعلى دفعات صغيرة، لأن انكشافها سيعطي
الذريعة لجهات منافسة دولية وإقليمية
ويحثها على تقديم دعم أكثر تفوقاً
للثوار. أما على صعيد الرجال فإنه
يعاني من مشكلة حقيقية بدت تجلياتها في
ملاحقته الحثيثة للمطلوبين للخدمة
الإلزامية، وفتح سن الاحتياط ليشمل
حتى من وصل لسن الأربعين، وتقديم
مغريات مادية كبيرة للمتطوعين، وتوجسه
وقلقه من قطاع كبير من الضباط والجنود،
وعدم ثقته بسوى من ينتمون إلى طوائف
معينة، وأخيراً استدعاء العسكريين
المسرحين وبخاصة في الاختصاصات
الدقيقة، وعلى سبيل المثال تبين أن
الطيار الذي أسقطت طائرته في إدلب في
الشهر الفائت مقال من العمل منذ سبع
سنوات لأسباب صحية، وقد أعيد إلى العمل
مع مجموعة من الطيارين المنتمين إلى
تلك الطوائف الموثوقة، فيما منع مئات
الطيارين العاملين والمهرة من التحليق
لانتمائهم إلى طوائف أخرى. وفي المقلب المواجه،
لا يستطيع الثوار أيضاً أن يعوضوا
خسائرهم سوى بطريقة سرية وعلى دفعات،
لكن نظراً للعدد الكبير من تشكيلاتهم
التي تسعى كل بطريقتها لضم مزيد من
المقاتلين، والحصول على المزيد من
السلاح، فإن قدرتها على التعويض كبيرة
جداً، بل غالباً ما يكون لديها فائض
يستخدم باستحداث كتائب جديدة. أما بالنسبة لأسلحة
الدمار الشامل، التي يملك النظام منها
مواد كيماوية، فإننا نستبعد أن يقدم
على استخدامها لحسم الصراع، وذلك
للأسباب ذاتها التي منعت صدام حسين أو
القذافي أو غيرهما من استخدام هذه
الأسلحة في لحظة السقوط. فهي أولاً
السلاح الذي يعني استخدامه الانتحار
لأن رد فعل كلر الأطراف عليه سيكون مما
لا يستطيع مواجهته، ولن يكون بمقدور
حلفائه الدفاع عنه أو تبريره، ولأن
ضباط الكيمياء القائمين على هذا
السلاح يعلمون جيداً أن القوانين
الدولية التي تعد استخدام هذه
الأسلحة، بخاصة ضد المدنيين، جريمة ضد
الإنسانية، لا تسقط بالتقادم، وهم
يدركون أيضاً أن النظام حين يأمر
باستخدام هذا السلاح فإنما يعلن عن
رحيله، وأن ما من جهة ستحميهم بعد ذلك
فيما لو ارتكبوا هذه الجريمة، وسيجدون
طريقة أو أخرى للتملص من تنفيذ الأوامر. لكن ليس من المؤكد أن
تستمر هذه الوضعية العسكرية، أي القضم
المتوالي لقوات النظام من قبل فصائل
الثوار المسلحين، على المنوال ذاته
حتى نهايتها المنطقية، وقد تتدخل
عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية، من
خارج الميدان العسكري، لتغير معطياته،
مثل الموقف والإرادة الدوليين،
والتحولات في داخل منظومة الحكم، وفي
القاعدة الاجتماعية التي تدعمه، أو
حتى نتيجة قرار مفاجئ قد يتخذه النظام،
مثل التنحي، أو اللجوء إلى منطقة
الجبال الساحلية لإقامة دويلة طائفية،
وهي احتمالات تحتاج إلى وقفة أخرى،
لكنها في مجملها تؤدي إلى النتيجة
ذاتها، وهي انتصار الشعب السوري على
النظام القمعي. * كاتب سوري ================= د. بشير موسى
نافع 2012-09-26 القدس العربي
أكملت الثورة
السورية العام ونصف العام منذ
انطلاقتها في منتصف آذار/مارس 2011؛ وما
لم يفاجئنا النظام بسقوط مدو، سيعيش
السوريون شتاء آخر من الثورة، أكثر
قسوة وعنفاً ودموية من سابقه. هذه أطول
ثورات العرب عمراً وأشدها وطأة، حتى
الثورات العربية حادة الوتيرة ضد
الاستعمار الأجنبي في النصف الأول من
القرن العشرين، لم تشهد مثل هذا
التصاعد والاستمرار في العنف والدمار
والموت. إن كان لهذه الثورة العظيمة أن
تتحدث، فلها أن تشهد على صلابة هذا
الشعب وعزيمته التي لا تلين على نيل
حريته، وعلى وحشية نظام الحكم وسقوط كل
مسوغات سيطرته على مقدرات هذه البلاد
وشعبها. أحدث هذا العام ونصف العام
متغيرات كبيرة وعميقة في الساحة
السياسية السورية، في الجسم المسلح
للثورة، في قيادة الثورة، وفي طبيعة
الموقف العربي، والإقليمي والدولي. أطلقت الثورة
انفجاراً هائلاً في الطاقة والتعبيرات
السياسية للشعب السوري. خلال أسابيع
قليلة من انطلاق الثورة، وبعد صقيع
سياسي طويل، بدا وكأن الشعب السوري كله
قد انخرط في الحراك الشعبي وفعالياته:
لجان تنسيقية تنبثق في كافة أنحاء
البلاد؛ أحزاب سياسية تعود من
الانزواء والسبات إلى الحياة من أوسع
أبوابها؛ سوريون عاديون يتحولون إلى
أصوات وعيون وأدوات بالغة التأثير
للثورة؛ مثقفون يكتشفون هوياتهم
وأدوارهم من جديد؛ سياسيون ونشطون
منفيون منذ عقود أو سنوات يعودون إلى
قلب الفعل السياسي؛ وضباط وجنود نشأوا
على الطاعة والانصياع للأوامر يكتشفون
ذواتهم ويختارون مواقعهم بإراداتهم
الحرة. خلال الشهور الأولى من الثورة،
اتسع نطاق الحراك الشعبي ليغطي معظم
أنحاء البلاد، مدناً وبلدات، في
مظاهرات حاشدة، تصدرتها تلك التي
شهدتها حماة وحمص وإدلب. خرج السوريون
بمئات الآلاف، يوماً بعد يوم ومساء بعد
مساء، بالرغم من أن الموت كان، وما
يزال، يترصد كل من يخرج إلى الشارع.
وعمل شبان وشابات، لم يكن من المتصور
قبل أسابيع قليلة من انطلاق الثورة
انخراطهم في مثل هذه القيامة الشعبية،
على إيصال صوت شعبهم وصورته، أسماء
شهدائهم وحكاياتهم، إلى أشقائهم في
العالم العربي وإلى العالم أجمع. وكان طبيعياً في هكذا
مناخ أن يتطور الفعل الشعبي سريعاً إلى
المزيد من التنظيم السياسي، وأن تعرف
الساحة السياسية حالة من التعددية
الواسعة، سيما أن التحرك والاتصال ضمن
الفضاء الوطني السوري، وبين الوطن
وخارجه، لم يكن سهلاً ولا ميسراً. حاولت الأحزاب
والتنظيمات والشخصيات السياسية
القديمة، سيما القومية واليسارية
والكردية، إيجاد موقع لها في ساحة
الحراك الشعبي، لتؤسس هيئة التنسيق
الوطني؛ بينما عملت قوى وجماعات
وشخصيات، إسلامية وليبرالية وقومية
ويسارية سابقة، متواجدة بين الخارج
والداخل، على إطلاق المجلس الوطني
السوري. وبالرغم من سعي الطرفين لإدماج
أكبر قطاع من اللجان والمجموعات التي
تعهدت تنسيق وتنظيم الحراك الشعبي،
ظلت نجاحات هذه المساعي محدودة وجزئية.
كان من المفترض، حتى من وجهة نظر
الجامعة العربية والدول العربية
والقوى الدولية ذات الاهتمام بالشأن
السوري، أن ينجح المجلس الوطني وهيئة
التنسيق في ردم هوة الخلاف والتوافق
على تشكيل قيادة سياسية للثورة. ولكن
كل محاولات بناء قيادة موحدة تمثل أغلب
القوى السياسية الفعالة أخفقت. ما حدث
في الحقيقة أن الساحة السياسية ازدادت
تشظياً. عدد من الشخصيات النشطة في
الخارج تركت المجلس الوطني، وشكلت
تجمعات سياسية مختلفة، لم يعرف أحد على
وجه اليقين ما الهدف منها وما المسوغ
لتأسيسها. وعدد آخر من التجمعات والقوى
السياسية غادرت هيئة التنسيق، لتنشط
مستقلة أو تبدأ مفاوضات للانضمام إلى
المجلس الوطني. الأكراد، الذين
يمثلهم أكثر من 16 مجموعة سياسية،
استطاعوا، بعد جهد جهيد، وضغوط من
رئاسة الإقليم الكردي العراقي،
الانضواء في تجمعين كرديين رئيسيين؛
ولكن محاولات إقناع القوى الكردية
بالانضواء في إطار المجلس الوطني لم
تصل إلى أي نتيجة ملموسة. أما لجان
وهيئات التنسيق المحلية، فليس ثمة من
يعرف عددها، طبيعة علاقاتها ببعضها
البعض، وما إن كانت على استعداد
للانضمام لأي من الكتل السياسية
الرئيسية. ولا تقل ساحة القوى
المسلحة تشظياً. ففي منتصف صيف العام
الماضي، أعلنت مجموعة صغيرة من الضباط
المنشقين واللاجئين إلى تركيا تشكيل
الجيش السوري الحر، كإطار للعمل
المسلح ضد قوات النظام وحماية
المتظاهرين. خلال الشهور التالية،
تصاعدت وتيرة العمل المسلح في اتجاهين
رئيسيين ومتقاطعين في كثير من الحالات:
تجمعات الضباط والجنود المنشقين عن
قوات النظام، والأعداد المتزايدة من
المواطنين الذين اقتنعوا أن لا سبيل
لإطاحة النظام بدون إيقاع الهزيمة
بآلته العسكرية. لم تعد هناك سيطرة
حقيقية من قبل الضباط الذين أعلنوا
أنفسهم في الخارج قيادة للجيش الحر.
ومع تزايد كتائب المتطوعين، وأعداد
الشبان العرب الذين التحقوا بهم، لم
تعد مظلة الجيش الحر تفي حتى بالغرض
الرمزي الذي كانت تعنيه في نهاية العام
الماضي. جرت محاولات لتشكيل مجالس
عسكرية في المدن الرئيسية، وعلى مستوى
المحافظات أحياناً، أبرزها مجلس حلب
العسكري، يقودها ضباط اختاروا البقاء
في الداخل وقادة كتائب وألوية
المتطوعين. ولكن هناك شكوكاً حول ما إن
كانت هذه المجلس تسيطر بالفعل على كافة
النشاطات العسكرية في مناطقها، وحول
علاقة هذه المجالس ببعضها البعض،
وعلاقتها بضباط الجيش الحر على الحدود
التركية. آخر المحاولات لتشكيل قيادة
عسكرية موحدة، تشرف على وتوجه كل أو
أغلب قوى الثورة المسلحة في البلاد،
تحت مظلة الجيش الوطني، يقودها أرفع
الضباط المنشقين رتبة، لم تزل في
بداياتها، ولا يبدو أنها تجد ترحيباً
واسعاً من قيادات المجالس العسكرية في
الداخل، أو من القادة المفترضين للجيش
الحر في الخارج. ما يجعل ساحة
العسكرية أكثر تعقيداً أن القوى
السورية المسلحة باتت تتلقى بعض الدعم
التسليحي من عدد محدود من الدول
المؤيدة للثورة والشعب، مثل تركيا
والسعودية وقطر. ولكن، وكما كل حالة
ثورية بالغة التعدد، وفي ظل ظروف حركة
واتصال غير آمنة، فإن عملية توزيع
الدعم وإيصاله لمناطق البلاد المختلفة
لا تبدو دقيقة ولا منظمة ولا تتسم
بمعرفة صحيحة بحجم القوى وفعاليتها
دائماً. مثل هذا الوضع، تسبب في المزيد
من التنافس والتشظي العسكري. على الصعيد العربي،
وبعد تردد أولي، تبلور ما يشبه الإجماع
على ضرورة إجراء تغيير سياسي شامل
وعميق في سورية، يستجيب لمطالب الشعب.
ولكن طول أمد الثورة السورية، أظهر
استعدادات مختلفة لدى الدولة العربية
لتقديم العون للسوريين. في النهاية،
برزت قطر والسعودية باعتبارها الأكثر
جدية والتزاماً بالوقوف إلى جانب
الشعب السوري، بينما اتخذ العراق
موقفاً مناهضاً من الثورة ومؤيداً
للنظام؛ أما لبنان، فانقسمت أجهزته،
طبقاً للانتماء الطائفي لقياداتها.
المكسب الأكبر للثورة على الصعيد
العربي، تمثل في صعود د. مرسي لموقع
الرئاسة في مصر وحسمه للصراع على قيادة
الجمهورية، ومن ثم تبلور سياسة مصرية
حاسمة بالوقوف إلى جانب الشعب السوري
ومطالبه. على الصعيد الإقليمي، انحازت
تركيا إلى جانب الثورة والشعب، بعد
أكثر من خمسة شهور من تبني سياسة تدعو
إلى الإصلاح السياسي العميق والشامل
بقيادة بشار الأسد. ولكن إيران، من
جانب آخر، اتخذت موقفاً مؤيداً للنظام
وبقائه، تصاعد تدريجياً إلى تقديم
العون المالي والعسكري والعملياتي.
أما على الصعيد الدولي، فبعد الاضطراب
والتردد الذي شاب موقف الولايات
المتحدة وحلفائها الأوروبيين من
الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا
واليمن، سارعت الدول الغربية إلى
تأييد الثورة السورية ومطالب الحركة
الشعبية. ولكن هذا التأييد، وبالرغم من
تعبير قطاعات سياسية وشعبية سورية عن
دعوتها لتدخل دولي فعلي، سواء بفرض حظر
جوي جزئي أو إنشاء منقطة عازلة، لم
يترجم إلى خطوات ملموسة. ولكن النظام
السوري في المقابل لا يعدم الدعم
الدولي، سيما من روسيا والصين، الذي
يعتقد أنه، على الأقل في حالة روسيا،
لا يقتصر على الدعم السياسي في المحافل
الدولية. في تونس ومصر واليمن،
نجحت الشعوب في إطاحة نظام الحكم،
كلياً أو جزئياً، بدون أن تحدث خللاً
كبيراً في مؤسسة الدولة. وسيبقى على
أنظمة الحكم الجديدة التي أفرزتها
الثورة أن تقدم تصوراً صحيحاً
ومرضياً، وتتخذ خطوات ملموسة، لإصلاح
أجهزة الدولة ودوائرها المختلفة. في
ليبيا، أطيح الاثنين معاً، النظام
والدولة، أو على الأصح بما كان يسمى
بدولة في ليبيا. وبالرغم من أن
الليبيين تقدموا بخطى حثيثة من أجل
إعادة بناء نظام الحكم والدولة، فإن
الطريق لم يزل في أوله. ولكن ليبيا دولة
صغير نسبياً، وتحدها دول عربية تتمتع
بعلاقات وثيقة معها؛ كما أن هناك رغبة
إقليمية ودولية قوية لتقديم العون
والمساعدة لليبيين. ولذا، فليس من
المتوقع أن تتعثر خطوات ليبيا
الجديدة، حتى إن واجهتها بعض الصعوبات.
في سورية، ثمة تآكل تدريجي لجسم الدولة
وأجهزتها، بلغ شأواً متقدماً، بينما
لم يزل نظام الحكم، بأدواته العسكرية
والقمعية، في مكانه. عندما تأتي لحظة
انهيار النظام، ستواجه سورية وضعاً
بالغ الحرج والخطورة، ليس فقط للتشظي
السياسي والعسكري المتفاقم في ساحة
الثورة، ولكن أيضاً للمصالح العربية
والإقليمية المتدافعة والمتعارضة،
وللمخاطر التي تحيط بسورية، سيما من
جوارها الإسرائيلي. وهذا ما يلقي
بمسؤولية متعاظمة على كاهل قوى الثورة
السورية المختلفة، وعلى كاهل الشعوب
والقوى العربية المؤيدة لسورية وشعبها.
فمن ناحية، يجب العمل من أجل وضع نهاية
لهذا التشظي السوري السياسي والعسكري؛
كما يجب بذل جهود أكبر من أجل تأمين
سورية الجديدة في مواجهة المخاطر
الإقليمية والدولية التي تحدق بها. في
حال استمرار الأوضاع الحالية، فإن ما
سيهدد سورية بعد سقوط النظام قد يفوق
تهديد العصبة الحاكمة وأدواتها، بكل
ما تمثله من وحشية. ================= د. فهد الفانك الرأي الاردنية 27-9-2012 كان الاعتقاد السائد
أن النظام السوري في حالة اضمحلال
وتراجع، وأن قوى الثورة على النظام في
حالة تقدم وتصاعد، وأن النهاية محسومة
لصالح الثورة، ولكن ليس قبل استكمال
تخريب البلد وتدمير الدولة. وكان المحللون
يعتقدون أن حسم الصراع في سوريا سوف
يطول، فلا بد من تدخل خارجي كما حدث في
ليبيا، خاصة وأن أميركا وأوروبا كانت
تشن حرباً كلامية وتبدو كأنها تتحفز
للتدخل بحجة حقوق الإنسان
والديمقراطية والأسلحة الكيماوية. يبدو صحيحاً أن
العامل الخارجي هو الذي سيرجح الكفة
ويختصر الطريق إلى خط النهاية، وكان
النظام ومعارضو الداخل يرفضون فكرة
الاستعانة بالخارج ويتهمون أصحابها
بالخيانة. التدخل الأجنبي
لصالح الثورة لا يبدو أنه قادم،
فأميركا وحلف الأطلسي ليسا في وارد
الدخول في حرب برية أو جوية في سوريا،
خاصة وأن سوريا بعد هذه الأحداث
المدمرة لم تعد سوريا السابقة التي كان
يحسب لها ألف حسـاب في القضايا
الإقليمية. كما أن ما حدث في ليبيا ظهرت
له أبعاد ونتائج لا تسر، ولا تشجع على
التكرار. الجديد الآن هو تدخل
أجنبي مباشر ولكن من جانب إيران، حيث
اعترف قائد الحرس الثوري بوجود قواته
في سوريا، وإن إدعى بأنها تقوم بدور
استشاري وقيادي لتوفر الخبرة في
مقاومة الشغب. التدخل غير المباشر
الأميركي والأوروبي والتركي والخليجي
بالإعلام والمال والأسلحة الخفيفة
يقابله تدخل غير مباشر وأكثر فعالية من
جانب روسيا والصين وإيران، وبالتالي
فإن حسم الأوضاع يتوقف على ما سوف يحدث
عسكرياً داخل سوريا، حيث يقف الجيش
النظامي واجهزة الدولة الأمنية والحرس
الثوري الإيراني وربما بعض مقاتلي حزب
الله في مواجهة تنظيمات متفرقة تقوم
بحرب عصابات متحركة. المؤشرات الراهنة
تشير إلى قرب إجهاض الثورة السورية
وصمود النظام، مما يؤكد حكمة الموقف
الأردني الرسمي الذي قد يجامل أصحاب
الضغوط، ولكنه لم يقطع شعرة معاوية،
ولم يتورط في الانحياز إلى جهة اصبح
حظها بالفوز محدوداً. رئيس وزراء أردني
سابق يوصف بأنه مفكر استراتيجي، يرى إن
مصلحة الأردن في الوقوف مع الجانب
الرابح، وهذا موقف انتهازي ولكن
السياسة ليست بعيدة عن الانتهازية. ================= د. موسـى
الكـيـلاني الرأي الاردنية 27-9-2012 كان من ضريبة الاقدار
السرمدية على الشعب السوري ان يقع
فريسة لاثنين من دهاة العرب ودهاقنتها
في صراعهما المستمر المستميت على
ايهما يحكم دمشق، وكان ابناء سوريا
وحدهم من يدفع الثمن، وهو ثلاثة
وثلاثون الفاً من الذين سقطوا منذ بدء
الثورة 15/3/2011 وقبل ذلك بثلاثة عقود كان
الثمن عشرين الفا من ابناء حماة. وقد اوردت الانباء ما
ذكره مسؤولون سوريون عن وجود ما يقارب
من خمسة آلاف مقاتل اجنبي على الارض
السورية من اتباع السلفية الجهادية
وتنظيم القاعدة في بلاد الشام
ومجموعات فتح الاسلام الفلسطينية
بزعامة العقيد طيار شاكر العبسي،
ويقابلهم اضعاف ذلك العدد من فيلق
القدس الايراني الذي كشف عن وجوده
الجنرال جعفري اثناء زيارته الى دمشق.ومعهم
في اصطفاف طائفي مماثل سرايا جيش
الامام المهدي العراقية التي ارسلها
السيد مقتدى الصدر من حوزته في الكوفة
ويتحالف معهم خبراء في حرب المدن
والمفخخات من كتائب حزب الله اللبناني. ولكن الشعب السوري في
مجموعه يرفض هؤلاء العقائديين
الاسلاميين المتشددين، بل يريد حكماً
آخر يليق بما اعتاد عليه من تحرر
وانفتاح. وحتى في صفوف
المعارضة السورية التي تمتشق السلاح
كجزء من الجيش السوري الحر تجد من
يستنكر الممارسات التي يرونها في صفوف
المتشددين من السلفيين الجهاديين
الذين وصلوا من مصر وليبيا والانبار
ودول اخرى. لقد قامت جامعة (كارلتون
ومركز بكتر للراي العام ) باجراء
استفتاء خلال شهر تموز الماضي بين 1168
من اعضاء المعارضة السورية يمثلون
شريحة صادقة عن المجتمع السني والعلوي
والمسيحي والكردي والاشوري وتبين ما
يلى : كان 55% من اعضاء
الشريحة دون ال35 سنة من العمر. كان 80% ممن تمت
مقابلتهم من العرب. وكان 14% من الاكراد, و5
% من المسيحيين والجركس والتركمان
والدروز. وكانت الاجوبة على
ذلك الاستفتاء ان 79 % يؤيدون حقوق
الاقليات سياسيا ودينيا, ولا يمانعون
في انتخاب احد ابناء الطائفة العلوية
عندما تستقر الاحداث. وكانت اجابات 68 % من
السوريين المقيمين في الداخل انهم
يفضلون النزاهة الشخصية للمرشحين في
الانتخابات حتى لو كانوا علمانيين غير
متدينين. وكانت جميع تلك
الاجابات بين كوادر المعارضة السورية
في الداخل والخارج. ولهذا الاستفتاء
دلالات عميقة اخرى، وهي ان الحرب
النفسية التي مارستها وزارة الاعلام
الرسمية قد بالغت في تصوير حضور واعداد
الجهاديين السلفيين هناك، واستخدمت
كذخيرة في مخططاتها السياسية تصريحات
القيادات السلفية كالشيخ الشلبي
والطحاوي الذين لم يدركوا المرامي
البعيدة من اعادة اذاعة تصريحاتهم في
وسائل الاعلام الايراني واللبناني
والسوري. لقد نجح الاعلام
السوري الرسمي في تصوير ثورة الشعب
لاستعادة كرامته وحقوقه بانها محاولة
لاقامة دولة طالبان ثانية او لفرض
هيمنة حكومة بن لادن على غوطة دمشق او
مسعى التنظيم الدولى للاخوان المسلمين
لاقامة دولة الخلافة في القاهرة وتونس
ودمشق. ولم تكن مبادرة
الفريق محمد الداب او كوفي انان او
الاخضر الابراهيمي الا استمراراً
لعملية الدهاقـنة وهم يطهون الحصى
بينما 33 الفا من ابناء الشعب
يُـقـْتـَـلون. ================= المؤتمر
الوطني لإنقاذ سورية "من الداخل"! منار الرشواني الغد الاردنية 27-9-2012 إضافة إلى تاريخ بعض
المشاركين في المؤتمر الوطني "لإنقاذ
سورية"، والذي عقد في دمشق الأحد
الماضي، فإن السقف الذي تم تبنيه في
البيان الختامي، والمتمثل في "إسقاط
النظام السوري برموزه ومرتكزاته كافة"،
إضافة إلى مطالب أخرى محل إجماع كامل
بين السوريين ممن هم خارج النظام؛ هذا
التاريخ والسقف لا يسمحان بالتشكيك
بنوايا القائمين على المؤتمر
والمشاركين فيه، سواء وصل هذا التشكيك
حد التخوين، أو توقف عند حدود اتهام
معارضة الداخل بالسذاجة التي تسمح
باستخدامها إعلامياً من قبل النظام
لدعم استمراره! والواقع أن القيمة
الحقيقية لمؤتمر "معارضة الداخل"
تتأتى فقط من طريقة النظر إليه
والتعاطي معه. هنا يبدو التشكيك على
النحو السابق هو المثير بحد ذاته
للشكوك، على الأقل كونه يعيد -عن جهل،
بافتراض حسن النوايا- إحياء معادلة
بقاء النظام التي قامت طوال عقود على
زرع بذور الشقاق وتدمير الثقة بين
مكونات المجتمع السوري، وصولاً إلى
ترويج مقولة انعدام البديل، أو غموضه،
بحيث قد يكون بذات سوء النظام الأسوأ،
لكن مع أفضلية للنظام بعد أن بات الناس
يعرفون، نتيجة طول خبرة معه، سبل تحاشي
وحشيته. كذلك، وبافتراض قدرة
النظام على استغلال المؤتمر لمصلحته،
فإن السؤال المطروح هنا يكون عن حدود
هذه المصلحة المفترضة. فكما أن روسيا
والصين (وحتماً إيران) لا تبدي أي مرونة
لتغيير موقفها الداعم تماماً للأسد
قبل المؤتمر، فإنه لا يتوقع أن تغير
الدول الداعمة للثورة، أو المعادية
للأسد دون تأييد الثورة، موقفها أياً
كانت دوافع عقد مؤتمر "إنقاذ سورية"
ونتائجه. أما الأهم من ذلك، فهو أن
السوريين الثائرين منذ ما يزيد على
ثمانية عشر شهراً لم ينتظروا موقف
مجتمع دولي أو معارضات داخل وخارج
ليشعلوا ثورتهم. وقد واصلوا هذه الثورة
رغم كل قرارات "حبر على ورق" التي
زعمت نية النظام الإصلاح مع مواصلة
القتل والتنكيل والتدمير. فلماذا كل
هذا التوتر والتشنج من مؤتمر معارضة،
إلا أن يكون الدافع ليس الخشية على
الثورة ذاتها وانتصارها؟! في مقابل كل ذلك،
يبدو أجدى النظر إلى مؤتمر معارضة
الداخل "لإنقاذ سورية" باعتباره
فرصة لتوحيد برنامج معارضة الداخل ضمن
سقف "إسقاط النظام". وأهمية ذلك
أنه مع الوجود على الأرض وليس في
المنافي (سواء في فنادق خمسة نجوم أو في
مخيمات البؤس)، وقبل ذلك مع انتفاء
مزاعم تنفيذ أجندات خارجية، خصوصاً
بعد تواجد سفراء الدول الداعمة لنظام
بشار الأسد في المؤتمر، يكون ضرورياً
جعل قوى معارضة الداخل سيفاً مسلطاً
على رقبة النظام؛ بحيث يمكن لها نزع أي
شرعية متبقية له لدى حلفائه، أو نزع
آخر أوراق التوت عن عورات أولئك
الحلفاء الداعمين لقتل المدنيين بدعوى
"مواجهة الجماعات الإرهابية
السلفية"، أو تمتع الأسد بتأييد
أغلبية السوريين. بمناسبة صراع الداخل
والخارج، يبقى السؤال الأهم: أما آن
الأوان للمعارضة السورية أن ترتقي إلى
مستوى الشعب السوري فتبدأ ثورتها على
نفسها.. على تشرذمها وضيق أفقها
وعقليتها البالية؟! ================= راجح الخوري 2012-09-27 النهار تكاد الدموع التي
ذرفت على سوريا في الجمعية العمومية
للأمم المتحدة تتجاوز سيول الدماء
التي تسفح يومياً في هذا البلد المنكوب
منذ ما يزيد على 18 شهراً. وقياساً بفصول
المذبحة المفتوحة، التي اقترب عدد
ضحاياها من ثلاثين الفاً، تبدو المنصة
التي تناوب زعماء العالم عليها لإلقاء
البكائيات على ما يجري في سوريا أشبه
بشرفة نيرون حيث وقف يتفرج على حريق
روما. لم يكد بان كي - مون
يفتتح الجمعية العمومية قائلاً: "إن
الازمة السورية كارثة اقليمية لها
تداعيات تهدد السلام والأمن الدوليين"،
حتى وقف باراك اوباما ليقول: "إن
نظام بشار الأسد يجب ان ينتهي... ويجب ان
لا يكون المستقبل لديكتاتور يذبح شعبه
"، لكن هذا الكلام ليس جديداً، فمنذ
عام ونصف عام كرر اوباما القول"إن
الأسد انتهى" وها هو يرى الآن انه
"يجب ان ينتهي"! ولقد كان من المثير
امس انه في حين وقف فرنسوا هولاند
داعياً المجتمع الدولي الى "تحرك
عاجل في سوريا لأن هناك ضرورة ملحة على
الاقل لحماية المناطق التي حررتها
المعارضة"، كان وليم هيغ يؤكد "ان
أي تدخل عسكري يحتاج الى دعم كامل من
اميركا حيث انه لا يمكن دولا مثل
بريطانيا وفرنسا القيام بتلك المهمة
وحدهما"، وهذا الامر تأكد منذ تعثر
التدخل الاطلسي في ليبيا مما استدعى
تدخلاً اميركياً انهى نظام القذافي. لكن يبدو ان الوضع في
سوريا مختلف تماماً الى درجة تؤكد
النظرية القائلة ان هناك تفاهماً بين
اميركا وروسيا على ان يستمر القتال الى
درجة إنهاك الطرفين، النظام
والمعارضة، فمن جهة يتم تجويف الدولة
من قوتها وهو ما يسدد ضربة الى النفوذ
الايراني في المنطقة، ومن جهة ثانية
يتم قتل المزيد من عناصر التطرف التي
لم تكن اصلاً من نسيج المعارضة السورية
ولكنها تتسرب الآن الى الداخل، الأمر
الذي يلائم الهواجس الروسية حيال
الشيشان ودول القوقاز. بازاء كل هذا بدت
دعوة امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل
ثاني الى تدخل عسكري عربي في سوريا
لوقف النزاع على طريقة "قوات الردع
العربية" التي سبق لها ان دخلت الى
لبنان، وكأنها تعكس يأساً من الشرعية
الدولية ومجلس الأمن، إذ ليس خافياً
عليه انه من الصعب تأمين مثل هذه
القوات، فمصر غارقة في سيناء، والعراق
ينفذ الأجندة الايرانية ويقف الى جانب
الأسد، والجزائر تؤيد النظام، ودول
"الربيع العربي" لم تستجمع قواها،
اما دول الخليج فعلى كتفها "الحمّال
الايراني" كما يقال... ثم ان قوات
الردع التي دخلت لبنان سرعان ما حولها
النظام السوري قوات احتلال لا تزال
بصماته عالقة حتى اليوم. ================= خطب
الأمم المتحدة عن سوريا بلا أفق الانتخابات
الأميركية موعد وهمي للأزمة؟ روزانا بومنصف 2012-09-27 النهار شكلت المواقف التي
اعلنت من على منبر الجمعية العمومية
للامم المتحدة بالنسبة الى متابعي
الوضع السوري مجموعة دلائل صارخة على
المأزق الذي يواجهه المجتمع الدولي في
الموضوع السوري من دون اي ملامح علنية
او ضمنية تجرى وراء كواليس سياسية او
ديبلوماسية لحل محتمل في الافق. وهذه
الخلاصة بدت اساسية ليس فقط في التقويم
القاتم الذي قدمه المبعوث الاممي الى
سوريا الاخضر الابرهيمي وعدم اكتمال
عناصر خطة للحل لديه، بل ايضا واكثر من
خلال مجموع الكلمات التي ألقاها
مسؤولون مؤثرون في العالم. اذ ان خطاب
الرئيس الاميركي باراك اوباما خلا من
اي جديد في الموضوع السوري من حيث
دعوته العالم الى "انهاء" نظام
الرئيس بشار الاسد مطالبا الحكومة
الايرانية بالكف عن مساندة "ديكتاتور
دمشق ودعم الجماعات الارهابية في
العالم". فقبل بضعة اسابيع من
الانتخابات الرئاسية الاميركية لم يكن
متابعون كثر ينتظرون تطويرا للموقف
الرسمي الاميركي مما يجري في سوريا في
خطاب حمل عناوين ورسائل موجهة الى
الجمهور الاميركي من ضمن الحملة
الرئاسية لاوباما ولو انه ألقي امام
رؤساء ومسؤولين من مختلف دول العالم
خصوصا ان مرور اوباما في الامم المتحدة
بدا سريعا جدا منتقلا الى خطاب اخر في
مركز كلينتون في نيويورك ركز فيه على
مواضيع اميركية داخلية تحظى بالاولوية
لدى الشعب الاميركي في موازاة حملة
انتخابية لمنافسه ميت رومني في ولاية
اميركية اخرى. لكن وفيما بدا ان الخطاب
الاميركي لم يغادر موقعه في شأن امتلاك
ايران اسلحة نووية ايضا، فان اوباما
بدا اكثر التزاما ازاء هذا الموضوع مما
ابداه حيال الموضوع السوري من خلال
تعهده "ان الولايات المتحدة ستفعل
ما يجب لتجنب امتلاك ايران سلاحا نوويا".
لكن هذا التعهد او الالتزام لم يبد
بالقوة نفسها ازاء الموضوع السوري ولو
ان عودة اوباما الى الرئاسة لولاية
ثانية تعني انه سيكمل ما بدأه على صعيد
مطالبة الاسد بالتنحي ولن يتراجع عن
ذلك. لكن هذا الكلام عكس من جهة عدم
وجود ارادة اميركية بتطوير الانخراط
الاميركي في الموضوع السوري اكثر مما
هو حاصل حتى الان. ولا يعتقد ان الامر
يكون ممكنا بالنسبة الى اوباما قبل
خمسة اسابيع من الانتخابات الرئاسية
بحيث يمكن فهم اي انخراط اكبر تدخلا او
تورطا عسكريا فيما جهد اوباما طيلة
ولايته الاولى لاعادة الجنود
الاميركيين الى بلادهم بدلا من المزيد
من توريطهم في ازمات عالمية. كما عكس
خطاب اوباما وجود عناصر متداخلة في
الموضوع السوري وفق ما عبر عنها الامين
العام للامم المتحدة بان - كي مون. فهذا
الاخير تحدث عن "ازمة لم تعد محصورة
بسوريا بل اصبحت اقليمية وهي تهديد
متزايد للسلم والامن الدوليين" بما
يوجب عملا من مجلس الامن
في تعبير صريح وواضح عن غياب افق اي
حل محتمل او اي توافق محتمل على رغم
مطالبة الابرهيمي بدعم قوي من المجلس
بموقف موحد لم يبد متاحا او ممكنا على
هامش اعمال الجمعية العمومية للامم
المتحدة. علما ان في كلام بان كي - مون
شقين اساسيين احدهما يتعلق بعجز مجلس
الامن عن التوافق والخروج بحل للمأساة
السورية والاخر يرسم اطارا دوليا
واقليميا بحيث ان الحلول السورية
الداخلية حتى لو توافرت، وهي ليست
متوافرة اصلا، باتت اكثر تعقيدا
وصعوبة مع الامتدادات الخارجية للثورة
السورية. وثمة مزيد من ضيق
الافق الدولي في هذا الاتجاه. فهناك من
جهة مطالبة امير قطر الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني بتدخل عسكري عربي في
سوريا. والدول العربية لم تلجأ الى
مجلس الامن الا بعدما اعيتها القدرة
على ايجاد حل او تسوية للمأزق السوري.
واقتراح امير قطر يشي بمحاولة جديدة من
الدول العربية من اجل استرداد
المبادرة من الامم المتحدة في السعي
الى حل ولو ان ذلك لا يبدو ممكنا او
متاحا ايضا. ومن جهة اخرى يبرز هذا
الضيق في كلمة الرئيس الفرنسي فرنسوا
هولاند ايضا امام الجمعية العمومية مع
اعادة تأكيد موقف باريس واقتراحاتها
للتقدم نحو تطوير حلول والذي لا يلقى
آذانا صاغية لدى حلفاء فرنسا في
الموضوع السوري قبل خصومها فيه. ويتعلق
ذلك بالمطالبة بحماية المناطق المحررة
والاعتراف بحكومة للمعارضة السورية
فور تأليفها. يقول بعض المتابعين
ان مرحلة الانتظار تتصل بانتهاء
الانتخابات الرئاسية الاميركية
لمعرفة ما اذا كانت عودة اوباما لولاية
ثانية ستسمح له بهامش اكبر للتحرك او
للمساومة في الشأن الروسي خصوصا ان
دولا كبرى تنتظر هذه الانتخابات من اجل
ان تبني على الشيء مقتضاه كونها تحاذر
الاقدام على اي تسوية او اتفاق مع رئيس
يستعد لمغادرة السلطة وتفضل الاتفاق
مع الرئيس الجديد. الا ان المتابعين
للوضع السوري يخشون ان يكون موعد
الانتخابات الرئاسية الاميركية موعدا
آخر يضرب على انه المفصل المحتمل شأن
المواعيد التي تحدد عند كل محطة رغبة
في تعليق الآمال على تغييرات محتملة او
مرتجاة من دون ان يعني ذلك ضرورة ان
الانتخابات الرئاسية الاميركية ستحمل
معها الحلول. اذ ان الوضع في سوريا غدا
معقدا جدا بحيث ان اياً من السيناريوات
المحتملة المطروحة بالنسبة الى هؤلاء
المتابعين بات يتطلب كل منها وقتا
وجهدا طويلين، بما يجعل الحلول ابعد من
الافق المنظور في اي حال. ================= "الجهاد"
بعد "حماس" تتخلّى عن الأسد
وإيران؟ سركيس نعوم 2012-09-27 النهار يبدو ان الآثار
الفلسطينية للثورة ضد نظام الاسد كانت
سلبية على اللاجئين الفلسطينيين
المقيمين على ارضها، وخصوصاً في مخيم
اليرموك. ويبدو ايضاً أنها كانت سلبية
ايضاً على النظام. ويظهر ذلك من امور
عدة. أولها انفضاض التحالف
الاستراتيجي وإن في صورة غير رسمية
الذي ربط بين نظام الاسد وحركة "حماس"
ومنظمة "الجهاد الاسلامي"
الفلسطينيتين. إذ غادر ومنذ اشهر عدة
الامين العام لـ"حماس" خالد مشعل
سوريا ولم يعد اليها. كما غادرتها
غالبية قيادات الحركة. والدافع الى ذلك
كان عجز الفلسطينيين عن مواجهة
الغالبية الثائرة، وعن التعاطف معها
هي التي كانت تجمع التبرعات لها في
اثناء صلوات الجمعة. وكان ايضاً الطابع
الاسلامي الواضح لغالبية الثوار على
النظام. و"حماس" ذات الجذور "الاخوانية"
لا تستطيع تجاهل ذلك. وكان اخيراً عدم
تجاوب الرئيس بشار الاسد مع مسعى كان
قام به مشعل بناء لطلب ايران و"حزب
الله" لبدء حوار بينهما وبين "الاخوان"،
وقطعه الاتصال معه. وثانيها قيام منظمة
"الجهاد الاسلامي" بحركة مشابهة
لحركة "حماس" وإن متأخرة عنها.
فزعيمها رمضان شلح أعلن اخيراً انه مع
الشعب السوري ومع الشعب الفلسطيني
الذي يُقتل في مخيم اليرموك. وهو كان
ترك دمشق وأقام في العاصمة الايرانية
طهران شهراً ونصف شهر. وكان ذلك في عز
الثورة السورية مستمرة.
ثم غادرها بعد ذلك من دون اعلان رسمي
الى القاهرة التي يقيم فيها حالياً.
وقد رحبت به السلطات المصرية. ويبدو
استناداً الى المعلومات المتوافرة ان
اعضاء منظمته في مخيم اليرموك مستاؤون
من تصرف قوات الاسد معهم ومع شعب سوريا.
اما ثالث الامور فهو بدء ظهور غضب أو
على الاقل إستياء من اعضاء "الجبهة
الشعبية القيادة العامة" التي
يتزعمها احمد جبريل جراء القمع الذي
تعرض له فلسطينيو اليرموك. ومعروف أنها
بزعامتها المعروفة صُنِّفَت
فلسطينياً وعربياً ودولياً سورية. وقد
حاولت جاهدة مواجهة غضب الجمهور
الفلسطيني في اليرموك ضد نظام الاسد
اولاً بالكلام ثم بالاشتباكات التي
اوقعت قتلى وجرحى. لكن ما هو غير معروف
الآن امران. الاول، تذمر عناصر "الجبهة"
اياها من نظام الاسد. والثاني، غياب
السيد احمد جبريل زعيمها عن "الشاشة"،
إذ لا يعرف احد اين هو وأين يقيم وماذا
يفعل. علماً ان مصادر جدّية تعتقد انه
في احد منازل المخابرات السورية. هل اقتصر الاثر
الفلسطيني السلبي للثورة السورية
ولقمع النظام لها على سوريا؟ كلا، تجيب مصادر
اسلامية جدية مطلعة جداً. وأبرز الآثار
انتقال جو الغضب على نظام الاسد الى
غالبية فلسطينيي لبنان على اختلاف
فصائلهم وذلك رغم حرصهم على البقاء على
الحياد بالنسبة الى الأزمة السورية
جرّاء انقسام الشعوب اللبنانية فريقين.
واحد مع الثورة، وآخر مع النظام. ولا
تشذ عن هذا الموقف الجمعيات
الفلسطينية الاصولية التي كانت سابقاً
وجراء علاقتها الجيدة مع ايران، اقرب
الى سوريا الرسمية. وهي قد تصبح بسبب
القمع والمذهبية اقرب الى الثوار. كما
لا تشذ عنه "الجبهة الشعبية القيادة
العامة" على الاقل حتى الآن. وقد ظهر
ذلك في وضوح في الشمال اللبناني.
فمنطقة "بعل محسن" الطرابلسية
الموالية لسوريا الاسد كانت، ومنذ بدء
الثورة السورية وبدء التعاطف اللبناني
معها وتحديداً السنّي ولا سيما
الاصولي منه، "مُحاصرة" في شكل او
في آخر من الجماعات المؤيدة للثورة
السورية على تنوعها. وقد وفَّر لها
مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين منذ
بداية اشتباكاتها المتقطعة مع
طرابلسيي التبانة وغيرها منفذاً
تستعمله للتواصل مع الخارج ولإرسال
الجرحى الى المستشفيات او لاستقبال
أسلحة ومسلحين. ويبدو ان المنفذ
المذكور صار مُقفلاً الآن. ويرجح ان
يكون السبب إما تغيير "القيادة
العامة" النافذة فيه موقفها من ثورة
سوريا وإما سيطرة المنظمات الاخرى في
المخيم عليه. وهذا الواقع جعل المنفذ
الوحيد لـ"بعل محسن" الى زغرتا
البلدة الاقرب اليه من الخلف منطقة
القبة المعادية له. ولذلك خفّت حركة
التنقّل. وصارت تقتصر على الجرحى الذين
ينقلون الى مستشفياتها ولكن في سيارات
الاسعاف التابعة للجيش اللبناني. هل ينعكس ذلك
مستقبلاً على لبنان الداخل، وخصوصاً
اذا تحوّل عدم استقراره وحرائقه
المتنقلة انفجاراً واسعاً لا سمح
الله؟ ربما، تجيب المصادر الاسلامية
الجدية جداً، علماً ان الفلسطينيين لا
يزالون متمسكين بالحياد رسمياً على
الاقل حتى الآن. إلا ان مصادر فريق 8
آذار تقول ان قائده يحسب ويتحسب لكل
التطورات المحتملة. ومنها تحوّل
فلسطينيي لبنان أو بعضهم طرفاً في
التفجير الداخلي. ================= عماد الدين
أديب الشرق الاوسط 27-9-2012 تابعت طوال أمس
الجلسة الافتتاحية واليوم الأول من
اجتماعات الدورة رقم 67 للجمعية العامة
للأمم المتحدة، وكأني أعيش ذات
الأحداث المتكررة، وأسمع عبارات
ومقاطع من فيلم قديم يعاد إنتاجه كل
عام في نيويورك! بان كي مون، رجل شبه
قلق، شبه مكتئب، شبه معترض على خطايا
العالم، لكنه متأكد أن تركيبة القوى
العظمى الكبرى في مجلس الأمن وصراع
الإرادات بينهم لن يوصلنا إلى شيء. كلمة باراك أوباما هي
كلمة الرئيس الأميركي الذي يعاني من
تجاذبات معركة الرئاسة الأولى وعينه
وقلبه ومصالحه كلها تتركز على الصراع
مع خصمه الجمهوري للوصول إلى مقعد
البيت الأبيض. كلام أوباما حول
الفلسطينيين لا يعني شيئا، وحول إيران
فيه تحذير دون إجراءات، وحول سوريا -
وهذا هو الأخطر - وكأنه يهدد بإطلاق
النار عبر بندقية خالية من الرصاص! أبلغنا الرئيس
الأميركي أنه لا بد من رحيل الأسد، وهي
عبارة تلوكها ألسنة كل زعماء العالم
الغربي ولكن دون خطوة فعلية! الكلمة الوحيدة التي
توقفت أمامها من ناحية الصياغة
والرسالة السياسية والموقف مما يحدث
في سوريا هي كلمة أمير قطر. كان الرجل شجاعا
عمليا، حينما دعا إلى ضرورة قيام العرب
بدورهم سياسيا وعسكريا بعدما فشلت
الإرادة الدولية في مجلس الأمن في عمل
شيء لوقف المجازر ضد المدنيين في سوريا. دعوة أمير قطر هي
دعوة لتعريب الصراع وإبعاده عن الخطط
التركية، أو التدخلات الفعلية
الإيرانية، أو المخاوف الإسرائيلية. ودعوة أمير قطر لدور
عربي هي أيضا بديل لحالة «الموت
الإكلينيكي» التي أصابت الدور العربي. والمذهل أنني شاهدت
على العديد من القنوات الفضائية كثيرا
من عباقرة التحليل الذين يرفضون تعريب
الصراع وتحمل العرب مسؤولياتهم، لكنهم
في ذات الوقت يبكون بحرقة على المجازر
في سوريا! إنه موقف عجيب: نرفض
التدخل الدولي لكننا ضد المؤامرات
الدولية، ونؤمن بأنه لا حل من خلال
مفاوضات، ونشكك تماما في نجاح مبادرات
سلمية من الأمم المتحدة أو جامعة الدول
العربية، وأخيرا نرفض دورا عربيا
إنقاذيا! بالله عليكم ماذا
تريدون؟ ================= العراق
بعد تركيا يغلق معابر السلاح الإيراني
إلى سوريا هدى الحسيني الشرق الاوسط 27-9-2012 طريف الانفصام الحاد
في شخصية الرئيس الإيراني محمود أحمدي
نجاد. ففي حديثه إلى «واشنطن بوست» يوم
الأحد الماضي، يمكن وصفه بسيد
المراوغة، قال إن «إدارة العالم» لا
تعجبه ويجب تغييرها لتقوم على مبادئ
العدل والسلام. إذا تم هذا حسب رأيه،
يجب على الولايات المتحدة الأميركية
أن تسحب قواتها ووجودها العسكري من
الخليج «الذي أدارته إيران منذ آلاف
السنين»، وبهذا، تستطيع أميركا أن
توقف الإنفاق العسكري وتنصرف إلى
الاهتمام بمستوى الحياة المعيشية
لشعبها. مع اهتمامه بوضع
الشعب الأميركي «المزري»، تجاهل أحمدي
نجاد ما سببته العقوبات الدولية
والثنائية على إيران، خاصة منذ بضعة
أشهر، حيث ارتفع التضخم مع نقص حاد لكل
المواد في جميع أنحاء بلاده، مما دفع
المسؤولين للتحذير من إمكانية وقوع
احتجاجات ومظاهرات. مراوغة أحمدي نجاد،
الذي اشتهر بها، لن تخفي القلق
الإيراني الذي تضاعف أكثر منذ إعلان
حكومة بغداد أنها منعت طائرة من كوريا
الشمالية، من عبور مجالها الجوي يوم
الجمعة الماضي، وكانت متجهة إلى دمشق. يبدو أن الأميركيين
يستخدمون نفوذهم مع العراق لوقف
استعمال أرضه ومجاله الجوي لشحن أسلحة
إلى سوريا. وكون الأنظار تتركز على
العراق، فإن نوري المالكي رئيس
الوزراء يريد أن يظهر على أنه يتصرف
كلاعب دولي، وليس «في السرير» كما
يقولون، مع دول مارقة مثل إيران وكوريا
الشمالية، إلى درجة أنه سمح لنائبه
بالتصريح يوم الأحد الماضي، بأن إيران
تضغط كثيرا على العراق من أجل تمرير
الأسلحة عبره إلى سوريا. وحسب مصدر مطلع، فقد
أعرب كبار الشخصيات السياسية
والعسكرية الإيرانية في الأيام
الأخيرة، عن استيائهم العميق حول
تناقص قدرة الجمهورية الإسلامية على
لعب دور القيادة، الذي تسعى إليه بكل
قوة، كالداعم الأول لحلفائها
الرئيسيين سوريا و«حزب الله». إسماعيل قاءآني نائب
قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس
الثوري» قال، إنه «إذا كانت إيران غير
قادرة على توفير المساعدة ذات القيمة
الاستراتيجية لأقرب شركائها، فإن ذلك
سوف يكون ضارا لتصدير الثورة
الإسلامية التي تشكل أسس السياسة
الخارجية الإيرانية!». إضافة إلى ذلك، وحسب
المصدر الإيراني المطلع، فقد أعرب عدد
من أعضاء لجنتي الأمن القومي والسياسة
الخارجية في مجلس الشورى، وفي جلسات
مغلقة عن قلقهم لأن «فيلق القدس» صار
معرضا في الكثير من الجبهات من حيث
عمليات إمداده بالأسلحة. لكن تم إبلاغ
أعضاء مجلس الشورى، أنه نظرا لحساسية
هذه القضية، فيجب ألا يتم طرحها علنا،
وأعطوا تأكيدات من قبل مستشار سياسي
بارز للمرشد الأعلى (آية الله علي
خامنئي)، أن هذه القضية يجري التصدي
لها من خلال مكتب القائد بالاشتراك مع
«فيلق القدس» مباشرة. لكن هذا، لن يوقف
الضرر الذي ألحقته تصريحات الجنرال
محمد جعفري قبل مدة والتي أكد فيها (بالصوت
والصورة) وجود قوات من «الحرس الثوري –
فيلق القدس» في لبنان، الأمر الذي أحرج
حليفه الرئيسي «حزب الله» في لبنان، إذ
فتح عليه بابا من التساؤلات لن يغلق
إطلاقا بعد اليوم، حتى وإن نفى كل
المسؤولين الإيرانيين هذا الأمر،
خصوصا أن سياسة الصمت التي يعتمدها «حزب
الله» في هذه الحالات، لم تعد ترضي
أحدا. وفي حالة الكشف الإيراني عن وجود
«الحرس الثوري» في لبنان، تصرف الحزب
وكأنه ليس معنيا بالأمر، عل المسألة
تذهب في طي النسيان، ويبقى «الحرس
الثوري»؛ حيث كان منذ سنوات طويلة، في
«المربعات الأمنية». لسنوات كثيرة، نقلت
إيران معدات عسكرية متطورة وأسلحة
حديثة إلى سوريا على متن طائرات ركاب
مجدولة، وبرا بواسطة الشاحنات عبر
تركيا. لكن، منذ بدء الانتفاضة الشعبية
في سوريا أوائل عام 2011، لم تخف أنقره
عداءها للنظام السوري، وكجزء من هذا
العداء فإنها منعت تماما استعمال
أراضيها كممر لعبور الأسلحة الإيرانية
إلى القوات النظامية السورية. فشل الإيرانيون مرات
عدة في محاولاتهم نقل الأسلحة عبر
تركيا، بما في ذلك احتجاز شحنة لها على
المعبر الحديدي «كيليس» بين تركيا
وسوريا في شهر أبريل (نيسان) 2011. إضافة
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب
طيب أردوغان أن تركيا صادرت سفينة تحمل
الأسلحة إلى سوريا، وتبين أن مصدر
الأسلحة إيران. للتعويض عن خسارة
القناة التركية، بدأت قوات «فيلق
القدس» ومن جديد، بنقل الأسلحة
والمعدات اللوجيستية إلى سوريا عن
طريق الخطوط الجوية الإيرانية، وخطوط
«ماهان» التي تمر كلها فوق العراق
بعدما كانت كل الرحلات علقت في بداية
هذا العام. أعيد استئناف هذه
الرحلات، بعد الضربة الأمنية التي
تلقاها النظام السوري بمقتل ثلاثة من
كبار القادة: داود راجحة، آصف شوكت،
وحسن تركماني في انفجار في مركز الأمن
القومي في دمشق يوم 18 يوليو (تموز)
الماضي. وحسب المصدر
الإيراني المطلع، فإنه عبر هذه
الرحلات وتحت غطاء أنها رحلات ركاب
عادية، نقلت إيران كميات كبيرة من
الأسلحة، وكذلك عددا من عناصر «فيلق
القدس» لمساعدة قوات الرئيس السوري
بشار الأسد على قمع المظاهرات
والمجموعات المتمردة. وكان اللواء
السوري عدنان سيلو، الذي انشق عن
النظام تحدث منذ أيام إلى صحيفة «التايمز»
البريطانية، عن دور «الحرس الثوري»
الإيراني في الاجتماعات التي تغطي حتى
كيفية واحتمال استعمال النظام السوري
للأسلحة الكيميائية. وقال إن ضباط «الحرس
الثوري» موجودون ويشيرون ويناقشون
ويحددون. وبناء على روايات
شهود عيان، تأكد - حسب ما نشرته مجلة «ديرشبيغل»
يوم 18 من الشهر الحالي - وجود لـ«الحرس
الثوري» خلال اختبار سوريا لتسليم
نظام الأسلحة الكيميائية في مجمع «السفير»
بالقرب من حلب، ويظهر هذا أن التعاون
السوري – الإيراني يشمل أسلحة
استراتيجية شديدة الحساسية. تساعد إيران أيضا
النظام في دمشق عن طريق إرسال الشاحنات
برا عبر العراق، بطريقة مماثلة للتي
كانت تتبعها في تركيا. هذه الأنشطة يتم
التنسيق لها مع السلطات العراقية. وفي
بعض الحالات دفعت إيران رشاوى كبيرة
لمسؤولين عراقيين، وفي حالات أخرى يتم
إعطاء المسؤولين العراقيين حصة من
مبيعات الأسلحة وغيرها من أنشطة
التهريب، مقابل تعاونهم. ومع ذلك، بدأت خشية
الإيرانيين؛ لأن هذه القناة العراقية
بدأت تتعطل. إذ تعرض نوري المالكي رئيس
الوزراء العراقي لغضب أميركي، بعدما
تبين أنه وافق على غض الطرف عن طبيعة
البضائع التي تحملها الطائرات
الإيرانية التي تحلق فوق العراق، وذلك
لمساعدة إيران. وبعد أن انكشف التواطؤ
العراقي اضطرت بغداد للإعلان عن أنها
ستشارك في الجهود الإقليمية والدولية
لمنع مثل هذه الشحنات من المساعدات
العسكرية. من ناحية أخرى، يعتقد
أعضاء في اللجان البرلمانية
الإيرانية، أن إيران في حاجة إلى
اعتماد أساليب جديدة لإيصال الأسلحة
إلى النظام السوري؛ لأن كل الطرق
البحرية والبرية والجوية الحالية صار
يصعب اعتمادها كوسائل نقل مضمونة
للأسلحة، وكشفوا أيضا، حسب المصدر
الإيراني المطلع، كيف أن أجهزة
الاستخبارات في دول الخليج العربية
كثفت من أنشطتها في المراقبة المشتركة
في ما بينها لإلقاء القبض على
الإيرانيين المتورطين في تهريب
الأسلحة إلى سوريا و«حزب الله»
ومجموعات شيعية أخرى تنشط في الخليج،
والشرق الأوسط وأفريقيا. هم قلقون أيضا
من عمليات أمنية بحرية جديدة تجري لفضح
شركات وهمية يستخدمها «الحرس الثوري»
لإخفاء وتمويه شحنات أسلحة على متن
السفن التجارية الإيرانية وحاويات
الشحن، ثم إن الوضع يزداد تحديا؛ لأن «الحرس
الثوري» بحاجة إلى موارد إضافية
لمواصلة تقديم الدعم لحلفاء إيران؛
لأنهم يشكلون عنصرا حاسما في «العقيدة
الدفاعية» للجمهورية الإسلامية. لو أن السجادة
الإيرانية التي قدمها أحمدي نجاد إلى
بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة،
كانت «البساط السحري» الذي تحكي عنه
الروايات، لنجح أحمدي نجاد في تغيير «إدارة»
العالم، واستمرت إيران في تهريب
الأسلحة إلى النظام السوري، لكنها ظلت
سجادة إيرانية غالية الثمن فقط! ==================== الأربعاء
٢٦ سبتمبر ٢٠١٢ عبدالله اسكندر الحياة يراهن الموفد
المشترك الدولي - العربي الأخضر
الابراهيمي على ان يحصل على تأييد من
كامل اعضاء مجلس الامن، خصوصاً الدول
ذات العضوية الدائمة، من اجل الانخراط
فعلياً في ايجاد حل للحرب في سورية
والتوصل الى تسوية. وهو ركز خلال
احاطته الاولى لمجلس الامن على ان هذا
الصراع بات يهدد السلم والامن
الاقليمي والدولي، ما يفرض على مجلس
الامن بكامل اعضائه ان يتعامل مع
الموضوع، اذ إن الحفاظ على هذا السلم
والامن هو من صلب وظيفته. بعدما تذرع كل
من روسيا والصين بأن النزاع في سورية
مسألة داخلية وتالياً لا يقع تحت ولاية
المجلس. ولمناسبة عقد
الجمعية العامة للامم المتحدة حيث
يتواجد في مكان واحد جميع اصحاب القرار
في العالم وحيث يمكن ان يعقد مجلس
الامن جلسة على مستوى رفيع، يأمل
الابراهيمي الانطلاق بمهمته في غضون
الاسابيع القليلة المقبلة. ويعطي الوضع
الميداني على كامل الحدود السورية حجة
اضافية للإبراهيمي. اذ باتت القذائف
والاشتباكات العابرة للحدود السورية
مع دول الجوار شبه يومية، من الشرق مع
العراق ومن الشمال مع تركيا ومن الجنوب
مع الاردن وصولاً الى الجولان المحتل
ومن الغرب مع لبنان. وبغض النظر عن
اسباب هذه الاشتباكات الراهنة والردود
المحدودة لدول الجوار، فإن احداً لا
يستطيع ان يضمن احتمال انزلاقها الى
مواجهات مع هذا الجار او ذاك، مع ما
ينطوي عليه ذلك من تعميم للحروب
الاقليمية والداخلية، نظراً الى
التداخل بين المطالب الاصلاحية
والانشطار السياسي والمذهبي في هذه
البلدان. لكن ما يجري على
الارض داخل سورية وعلى حدودها قد لا
يتطابق مع حسابات كل من الدول المعنية.
وبات واضحاً ان الدماء الغزيرة
والدمار الشامل للمدن والبلدات
السورية وأن فيضان هذه الحرب على
الجوار، لم تؤثر حتى الآن في اعادة
النظر لهذه الحسابات. وإن كان بعض
التطورات الميدانية يدفع في اتجاه
استنتاج ما، لا يلبث صاحبه ان يتراجع
عنه. بكلام آخر، بات من
المؤكد ان لعبة الامم في سورية لم تنضج
بعد من اجل ايجاد تسوية متوافق عليها
في مجلس الامن. على رغم ان الصراع بلغ
حدوداً من العنف والقتل والتدمير لا
سابق لها. كما ان الصراع بات يتعمم
شيئاً فشيئاً في بلدان المنطقة، مع ما
ينطوي عليه من مخاطر حرب شاملة تُضاف
الى عوامل اخرى في هذه المنطقة
المتوترة وحيث لا تُسمع إلا قرقعة
السلاح. في موازاة لعبة الامم
هذه، لم يظهر من النظام اي تغير في
استراتيجية الحل الامني. فهو مستمر
بالدفع بكل ما يملك من الاسلحة الثقيلة
وسلاح الجو في مواجهة المعارضة
المسلحة، ومستمر بالقتل والتدمير
للمواقع المدنية، في رسالة واضحة لا
تقبل اي التباس، وهي ان حملات التأديب
العنيف هي الحل الوحيد لإعادة اخضاع
الشعب. ولم تتأثر هذه
المعادلة حتى الآن بكل ما فعلته
المعارضة، سواء ميدانياً او سياسياً...
ما يعني ان المراوحة بين كر وفر ستستمر
ما لم تتمكن المعارضة من كسر جمود هذه
المعادلة الداخلية ومن خرق السقف الذي
وضع للعبة الأمم في سورية. وفي موازاة
المناقشات والخطب التي تتناول سورية
في الامم المتحدة هذه الايام، تجرى
مناقشات بين اطراف المعارضة بشقيها
العسكري والسياسي. ومما ظهر حتى الآن،
ان هذه المناقشات لا تزال في مرحلة
بدائية، تتجاذبها الارتباطات
الخارجية والمنافسات الداخلية على
النفوذ وعدم القدرة على بلورة الحد
الادنى القادر على تغيير المعادلة
الداخلية، وهو تغيير من دونه ستبقى
غالبة نزعة التشاؤم وتوقع مزيد من
القتل والدمار. ================= محمد علي
سبحاني * الأربعاء
٢٦ سبتمبر ٢٠١٢ الحياة تتواصل فصول الأزمة
السورية على وقع الاشتباكات العنيفة
في دمشق وشمال سورية. سيطر المسلحون
علی منفذ حدودي جديد علی الحدود
التركية، وتزامنت هذه الحوادث مع
زيارة وزير الخارجية الإيراني، علي
أكبر صالحي، سورية بعد الاجتماع
الرباعي الذي عقد في القاهرة، علی
رغم عدم مشاركة الوزير السعودي لأسباب
لم تعرف بعد. وعقد الاجتماع إثر توجيه
الرئيس المصري دعوة إلى دول الجوار لحل
الأزمة السورية قبيل انعقاد قمة عدم
الانحياز في طهران. ويسود الاعتقاد بأن
مصر ترغب في أداء دور مؤثر في الأزمة
السورية. فهي من الدول التي شهدت حوادث
الربيع العربي. وتسعى جماعة «الإخوان
المسلمين»، وهي من الحركات السياسية
النافذة التي دخلت العملية السياسية
في أكثر من بلد من بلدان الربيع
العربي، إلى دخول الساحة السورية وبسط
نفوذها. وإذا بلغت القاهرة مأربها في
سورية، حققت طموح جماعة «الإخوان»
الرامي إلى أداء دور بارز في الدول
العربية. ويحاول المصريون
الظهور بمظهر اللاعب المؤثر في الدول
العربية بعد انتهاء مرحلة التغيير،
خصوصاً أن دخولهم علی خط الأزمات
الإقليمية يعطيهم مكانة أثيرة في
أوساط الرأي العام الإقليمي. وقد يساهم كل من
الدور التركي والسعودي والإيراني
والمصري في دوران عجلة حراك سياسي يفضي
إلى حل الأزمة السورية. وترفع كل من هذه
الدول الأربع لواء قدراتها الإقليمية
ووزنها الراجح، وتعتبر انها مؤهلة
للارتقاء قوة إقليمية كبيرة. والتقريب
بين وجهات نظر هذه الدول كفيل بإيجاد
حل للأزمة السورية. لكن السؤال المطروح
هو: ما حظوظ مثل هذا المشروع، وهل تتوقع
له الحياة؟ تُجمِع السعودية ومصر
وتركيا على مواقف مشتركة إزاء الأزمة،
وتخالف المواقف الإيرانية. ولا تعارض
الدول الثلاث إسقاط نظام بشار الأسد،
فهي تحسب أن الحكومة السورية فقدت
شرعيتها بسبب العنف الذي أنزلته
بجماعات المعارضة، وأن معظم الشعب
السوري لا يؤيد بشار. ولا يخفى أن هذه
الدول تؤيد أي مشروع يضمن تنحية الأسد
عن الحكم، وهذه نقطة الخلاف الرئيسة
بينها وإيران. واحتمال نجاح مبادرة
الرئيس المصري وتذليل التباين في
وجهات النظر هما رهن أمرين: استعداد
الدول الثلاث للتنازل عن مواقفها
المؤيدة لتنحي الرئيس السوري، أو
استعداد طهران لتغيير موقفها انسجاماً
مع هذه الدول. ولا يبدو أن بشار
الأسد وحزب «البعث» في سورية سيرحبان
باقتراح فك قبضتهما عن الحياة
السياسية وتنحيتهما، ولو افترضنا
موافقة إيران علی اقتراح الدول
الثلاث. ويظهر الخطاب السياسي للرئيس
الأسد أنه غير مستعد للتنازل عن
السلطة، في وقت يوجّه الاتهام إلى
حكومته بضلوعها في حرب إبادة بشرية،
ويسعى بعض الدول إلى ملاحقتها بهذه
التهمة في مجلس الأمن. مثل هذه المساعي
هو وراء تعليق عضوية سورية في الجامعة
العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وتسعی الحكومة السورية إلی تغيير
المعادلة الدولية من طريق الدعم
الروسي في المنظمات الدولية، وشد
أواصر تماسك المؤسسة العسكرية
والأمنية. والمبعوث الأممي
الأخضر الإبراهيمي صاحب باع طويل في
تـــذليل الأزمات، فهو ساهـــم في حل
الأزمة اللبنانية وأدى دوراً في إبرام
اتفاق الطائف الذي أنهی الحرب
الأهلية في لبنان. وحظوظ الدعوة إلى
الاحتذاء بالنموذج اليمني تتراجع
لمصلحة النموذج الذي أرسي في لبنان.
وخلاصة القول إن إرساء النموذج اليمني
مستبعد، وإن كفة الحرب الأهلية راجحة.
وهذه إما أن تنتهي إلى اتفاق يشبه
اتفاق الطائف، أي بإجماع كل الأطراف
على اتفاق يدعمه المجتمع الدولي أو
الإقليمي، وإما أن تستمر الأوضاع على
ما هي وصولاً إلى احتمال استفحالها كما
حصل في البلقان وانتهائها إلى تقسيم
سورية ثلاث دول، سنّية وشيعية وكردية. ثمة رأي شائع يقول إن
التوصل إلی حل ترتضيه الأطراف
السورية المتنازعة أمر في غاية
التعقيد، في ضوء استشراء الأجواء
الطائفية والقومية. لذا، يصعب تصور
سورية «واحدة موحدة»، خصوصاً في منطقة
كردستان التي تعتبر أبرز المستفيدين
من هذه التطورات. ويستعد أكراد سورية
للانفصال بمساعدة بشار الأسد
ومباركته، فهو ساهم في تيسير الانفصال
الكردي لمعاقبة تركيا. وليس مستبعداً
أن يقدم بشار وحزب «البعث» علی
إطلاق يد الأكراد في تركيا، وأن يخالفا
المصالح الاستراتيجية الإيرانية
والتركية في القضية التركية. وتقتضي معرفة مصير
مساعي الأخضر الإبراهيمي الانتظار،
لكنني لا أخفي أنني غير متفائل بنتائج
جهوده. فظروف سورية لا تشبه ظروف لبنان
في 1989. والإبراهيمي لم يقترح خطة
جديدة، ولا تزال خطة كوفي أنان مطروحة
على أنها برنامج الأمم المتحدة لتذليل
الأزمة السورية. وقد يختلف مشروع
الإبراهيمي عن مشروع سلفه، ويرى
مراقبون أنه منصرف إلى وقف العنف
والحفاظ علی وحدة سورية ودعم
العملية الديموقراطية. فاشتعال الحرب
الأهلية في سورية يساهم في تأجيج الحرب
الطائفية في المنطقة. فنيران الحرب هذه
لن تقتصر على سورية، بل ستمتد إلى دول
المنطقة. *
سفير إيران السابق لدى لبنان والأردن،
موقع «ديبلوماسي ايراني» الايراني،
23/9/2012، إعداد محمد صالح صدقيان ================= ثلاث
ازمات امام الجمعية العامة رأي القدس 2012-09-25 القدس العربي
ثلاث قضايا رئيسية
كانت محور معظم الخطب التي القيت يوم
امس في افتتاح الدورة السنوية للجمعية
العامة للامم المتحدة، وهي الازمة في
سورية والبرنامج النووي الايراني
والثالثة الفيلم المسيء للدين
الاسلامي والرسول محمد صلى الله عليه
وسلم. الرئيس الامريكي
باراك اوباما اكد ان نظام الرئيس
السوري بشار الاسد يجب ان ينتهي، وتعهد
بمنع ايران من انتاج اسلحة نووية لان
هذا يشكل خطرا على اسرائيل، ولكنه دافع
بشدة عن 'حرية' التعبير، وحاول ان يبرر
انتاج الفيلم المسيء تحت ذريعة صعوبة
السيطرة على تكنولوجيا المعلومات. اللافت ان الرئيس
اوباما قدم عرضا للازمات الثلاث،
ولكنه لم يقدم خططا استراتيجية محكمة
حول كيفية التعاطي معها فرادى او
مجتمعة، سلما او حربا، وربما يعود مرد
ذلك الى انشغاله بحملته الانتخابية
الرئاسية التي تقف على اعتاب شهرها
الاخير. وبينما اعتبر بان كي
مون امين عام الامم المتحدة الازمة في
سورية بانها 'كارثة اقليمية لها
تداعيات عالمية، وتهديد خطير ومتزايد
للسلام والامن الدوليين يتطلب اهتمام
الامم المتحدة' الا انه عندما تحدث عن
حدوث خروقات وحشية لحقوق الانسان في
سورية حمل الحكومة والمعارضة في آن
مسؤولية هذه الخروقات. امير قطر الشيخ خليفة
بن حمد آل ثاني كان الوحيد الذي طالب
بالتدخل العسكري في الازمة السورية،
ولانه يدرك جيدا ان الولايات المتحدة
مترددة في هذا المضمار رغم الضغوط
الشديدة الممارسة عليها، خاصة من دول
عربية واوروبية وتركيا، فانه اقترح ان
يتم هذا التدخل العسكري من قبل الدول
العربية لوقف سفك الدماء. هناك من يجادل بان
الشهرين القادمين هما شهرا الجمود
بالنسبة للادارة الامريكية، وبالتالي
للعالم باسره الذي سيظل ينتظر نتائجها
النهائية، مما يعني، حسب هؤلاء، ان
معظم القضايا الدولية الحساسة
والمتفجرة مثل الازمة السورية والملف
النووي الايراني ستعيش حالة من الشلل. المشكلة تكمن في ان
غياب الحلول السلمية او العسكرية
الحاسمة يترتب عليه المزيد من
التعقيدات، والمزيد من القتلى
والجرحى، ونحن نتحدث هنا عن الازمة
السورية على وجه التحديد. الرئيس اوباما لا
يحبذ التدخل العسكري في الازمة
السورية خارج تفويض من مجلس الامن
الدولي، وهذا التفويض بات مستحيلا في
ظل الموقفين الروسي والصيني الداعمين
للنظام في دمشق وهذا يعني عمليا ان
الازمة السورية ستطول لاشهر وربما
لسنوات. الجمعية العامة
للامم المتحدة باتت مثل ركن الخطباء في
حديقة هايد بارك اللندنية، يتقاطر
عليها الزعماء من اجل التمتع بلحظات
خطابة قصيرة عبر منبرها لا تزيد مدتها
عن عشرين دقيقة في افضل الاحوال. اللقاءات الجانبية
مع الرئيس الامريكي كانت تشكل اهمية
خاصة سياسية واعلامية، ولكن الدورة
الحالية اختلفت عن كل الدورات
السابقة، فالرئيس الامريكي اوباما
اتخذ قرارا بان لا تطول مدة اقامته في
نيويورك عن 24 ساعة، بما فيها الذهاب
والاياب والانتظار لسببين، الاول هو
انشغالاته الانتخابية، والثاني رغبته
في تجنب اللقاء مع رئيس الوزراء
الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الامر
الذي دفعه لعدم اللقاء باي زعيم آخر
تجنبا لانتقادات نتنياهو واللوبي
اليهودي الداعم له. بعد ايام معدودة
سينفض هذا المهرجان الخطابي، وستعود
الطيور المغردة الى اعشاشها، وتستمر
الازمات وما تفرزه من سفك لدماء
الابرياء، بينما ينشغل العالم لاسابيع
في متابعة الانتخابات الرئاسية
الامريكية املا في انتصار هذا المرشح
او ذاك كل حسب مصالحه ومواقفه
الايديولوجية. ================= محمد كريشان 2012-09-25 القدس العربي
بين الخطة والأفكار...
ضاع القرار. لم يبد المجتمع الدولي
قليل الحيلة ومرتبكا كما يبدو الآن
بخصوص سوريا. لا مشكلة في تشخيص حجم
المأساة ولا مشكلة كذلك في الوقوف على
مدى إجرام النظام، لكن المشكلة، كل
المشكلة أن العالم لا يدري بالضبط ماذا
عليه أن يفعل مع بشار الأسد. المبعوث الدولي
والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي
لم يقل في جلسة مجلس الأمن المغلقة ولا
أمام الصحافيين ما لا يعرفه الناس
جميعا: الوضع خطير ويزداد تفاقما!! طيب
وماذا بعد؟! هنا مربط الفرس، هنا منطقة
الوجع الذي يئن بها العالم لكنه لا
يعرف كيف يتحمل تبعات معالجتها. على
بشار الأسد أن يرحل.. طيب ولكن كيف؟!
الرجل في عالم آخر تماما، هو إما في
حالة إنكار مرضية أو في حالة 'تطنيش'
مذهلة أو في كلتيهما. إذن ماذا أنتم
فاعلون تجاه هذا الوضع؟ لا أحد يملك
جوابا شافيا مفحما. 'الوضع الحالي محبط
لكن لا توجد لدينا أي بدائل أخرى'...
هكذا تحدث وزير الخارجية الألماني
غيدو فيسترفيله عن غياب رؤى معينة للحل
سوى خطة كوفي عنان ذات النقاط الست.
وماذا حين يعلم الجميع أن أيا من هذه
النقاط الست لم تتحرك قيد أنملة ؟ّ!
أولها طبعا وقف القتل وسحب الآليات
الثقيلة من المدن بل زادت الأمور سوءا
بتدخل الطيران الحربي وتصاعد قصف
المناطق السكنية بشكل عشوائي. الإبراهيمي يقول في
المقابل إن ليست لديه خطة بل أفكار،
لكن لا أحد يعلم ما هي ولا كيف سيرد
عليها نظام الأسد. المعضلة ليست في
وجود أفكار فالساحة السياسية تعج بها،
المعضلة أن هناك رئيسا لا يعبأ لا
بالأفكار ولا بالخطط وهو يشعر بمدى
أهمية أن تكون روسيا والصين إلى جانبه
وكذلك إيران ومن والاها في العراق. ومع
أن الإبراهيمي يقر هو الآخر بـ'المأزق'
القائم حاليا في سوريا لكنه مع ذلك
يعرب عن أمله في 'إحداث اختراق في
مستقبل غير بعيد'... ما هو وكيف ومتى ..
الله أعلم!!. هناك حاليا عملية رحي
للماء وبيع للهواء في الملف السوري.
الكل يعرف الداء والدواء ولكن لا أحد
يملك جرأة تجرع المر. هناك رهط من
الرؤساء لا يسقطون إلا بتدخل عسكري
دولي، هكذا كان الرئيس الصربي
سلوبودان ميلوسيفيتش وهكذا كان الرئيس
العراقي صدام حسين وهكذا كان العقيد
القذافي، ولن يكون بشار الأسد سوى من
زمرة هؤلاء بلا أدنى شك. إذن أين
المشكل؟! لماذا تحركت القوى الكبرى ضد
هؤلاء وأزاحتهم بغطاء من القانون
الدولي أو بدونه أو بتحايل عليه ولا
تبدو قادرة على فعل الشيء ذاته مع
سوريا؟. إنس التأييد الروسي
والصيني القوي للنظام في سوريا فلو
قامت غدا حرب ضد بشار الأسد فلا تتوقع
من موسكو وبكين سوى الغضب الشديد
والتنديد ليس أكثر، ليس في وسعهما أصلا
أن يقوما بغير ذلك لحسابات يطول شرحها
كما يقال. مأساة السوريين الحقيقية
أنهم جيران إسرائيل ونظامهم حليف
إيران الوفي . بالنسبة إلى الأولى، أي
عمل عسكري ضد النظام في سوريا لا يمكن
أن يكون إلا محفوفا بالمخاطر بالنسبة
لإسرائيل وهذه مجازفة غير مطلوبة، من
الذي يضمن ألا يمتد رذاذ المواجهة إلى
هذا الحليف المدلل وتتعقد التداعيات
بحيث تصـعب لملمتها لاحقا؟ أما
الثانية فلا تقل سوءا، الحرب المباشرة
على النظام في سوريا يعني أنك أشعلت
طرف رداء الملالي في طهران في حين أن
واشنطن وحلفاءها لم يحسموا أمرهم بعد
في هذا الشأن. لن تنتظر طهران حتى تصل
النيران إلى عمامتها السوداء وبالتالي
ستتحرك لأنها 'يا قاتل يا مقتول'،
قالتها إيران بأقصى وضوح ممكن ولا بد
أن الكل فهمها تماما. هذا ما يدركه تماما
بشار الأسد ويعول عليه حتى النهاية
ولهذا يمعن في غيه غير عابئ بالجميع.
وبسبب ثنائية إسرائيل وإيران
وتداخلهما ضاع السوريون وتركوا
يواجهون مصيرهم بمفردهم. لهذا لا شيء
يعبر عن مأساتهم المروعة سوى صياح
المتظاهرين 'ما لنا غيرك يا الله'.هكذا
هي الأمور فعلا ... نعم المولى ونعم
النصير. ================= صالح القلاب 26-9-2012 الرأي الاردنية هناك معلومات مؤكدة
أن روسيا،وعلى ألسنة كبار المسؤولين
فيها، قد أبلغت جهاتٍ عربية رسمية وغير
رسمية بأنها غدت متيقنة من استحالة
بقاء بشار الاسد وبقاء نظامه وبالتالي
فإنها لم تعد متمسكة لا به ولا بنظامه
وأن كل ما يهمها هي أن تتأكد مما سيحصل
بعد رحيله حتى لا تُخدع مرة أخرى كما
خُدعت عندما وافقت على الدور الذي قام
به حلف شمالي الأطلسي لإسقاط معمر
القذافي ونظامه والتخلص من جماهيريته..
الإشتراكية الشعبية. وحسب هذه
المعلومات،وهي معلومات مؤكدة، فإن
الروس قد أبلغوا هذه الجهات العربية
الرسمية وغير الرسمية بأنهم لن يطلبوا
من بشار الاسد الرحيل والمغادرة وأنه
على الولايات المتحدة أن تتولى هي هذه
المهمة وأيضاً مهمة تقديم الضمانات
المطلوبة لأن تكون مغادرة الرئيس
السوري سلمية ولأن تقبل باستضافته على
أراضيها إحدى الدول القادرة على
حمايته وحماية عائلته ومن سيرافقونه
من كبار معاونيه وذلك لأن روسيا غير
مستعدة لتوفير مثل هذه الإستضافة لا له
ولا لأركان نظامه ولأسباب كثيرة تتعلق
بما بينها وبين حلفائها في الجمهوريات
الإسلامية المجاورة من علاقات سياسية
واقتصادية وأمنية. وبالطبع،حسب هذه
المعلومات، فإن الروس قد تحدثوا عن
المرحلة الإنتقالية المفترضة
والمطروحة والتي لابد منها بإسهاب
وبتفصيلات كثيرة وأنهم أبدوا حرصاً
شديداً على ضرورة المحافظة على بنية
الجيش السوري وعلى وحدته وأيضاً على
ضرورة الإستيعاب المتبادل بينه وبين
الجيش السوري الحر وعلى أن يكون الوصول
الى المرحلة الإنتقالية سلساً وبإشراف
دولي مباشر وأن يكون هناك حرص شديد على
ألاّ يحصل في سوريا ما حصل في العراق
بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 وكما
يحصل الآن في ليبيا حيث تصطدم كل
محاولات الانتقال السلمي الى
الإستقرار بالعديد من المجموعات
والشراذم الفوضوية المسلحة. ولدى الحديث عن آلية
الوصول الى كل هذه المحطات المشار
إليها فإن وزير الخارجية الروسي سيرجي
لافروف قد أكد على أنه لا توجد آلية
أفضل من الآلية التي تضمنها بيان مؤتمر
جنيف الأخير ولكنه أشار الى أن
الولايات المتحدة هي التي قطعت الطريق
على هذا البيان وأنها هي التي عطَّلت
الأخذ به كمرجعية للحل وأنه إذا كان
لابد من خطوة أولى كبداية لهذا الحل
المنشود فإن هذه الخطوة يجب أن تكون
تخلي الأميركيين عن الطريقة التي
دأبوا على أساسها التعاطي مع الأزمة
السورية التي وصلت الى كل هذه
التعقيدات التي وصلت اليها. وهنا فإن الذين سمعوا
هذا الذي قاله لافروف قد أدركوا أن
روسيا في حقيقة الأمر لا تزال على
موقفها السابق وأنها مستمرة في السعي
لكسب المزيد من الوقت لإعطاء نظام بشار
الاسد المهلة التي يريدها للقضاء على
المعارضة المسلحة وليستفرد بعد ذلك
بالمعارضة الداخلية «المهيضة الجناح»
فالبنود الستة التي تضمنها بيان مؤتمر
جنيف،الذي انعقد في الثلاثين من
حزيران (يونيو) الماضي أي قبل ثلاثة
شهور وقبل أن تحدث كل هذه التطورات
التي حدثت على الأرض، لا تتضمن أي
مواعيد زمنية محددة وهي كلها عبارة عن
صيغ عامة معظمها إجرائية كالحديث عن
إتاحة حق التنقل «الحر» للصحافيين
واحترام حق التظاهر السلمي وإيصال
المساعدات الإنسانية الى جميع
المحتاجين.. وأن الحل بطريقة سياسية
يتطلب تشكيل حكومة إنتقالية «من قبل
السوريين أنفسهم» من الممكن أن يشارك
فيها أعضاء من الحكومة السورية
الحالية وكل هذا وضرورة أن يحصل
المراقبون على حق الوصول الى
المعتقلين. وحقيقة أن هذا البيان
لم يعد حلاًّ وهو يحتاج الى عشرة أعوام
مقبلة مما يدل على أن الموقف الروسي لا
يزال على ما هو عليه والمفترض إذا كان
الروس صادقين فعلاً في أنهم لم يعودوا
يتمسكون لا ببقاء بشار الاسد ولا ببقاء
نظامه أن يسارعوا الى التخلي عن سلاح
حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن وأن
يدعوا الى مؤتمر دولي في موسكو يطرحون
فيه توجهاتهم وقناعاتهم الجديدة مرفقة
بمواعيد زمنية محددة لضبط مراحل عملية
الانتقال وكل هذا بعيداً عن كل هذه
الصيغ المطاطة والعائمة السابقة وفي
مقدمتها بيان مؤتمر جنيف هذا المشار
إليه.. إن هذا هو المطلوب من الروس إذا
هم جادون بالفعل وإلاّ فإن ما نقل عن
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
بأن روسيا غير صادقة في ما تطرحه وأنها
لا تزال متمسكة بموقفها السابق وإنها
إذْ تطرح هذا الجديد فإنها تطرحه من
قبيل المناورة والاستفادة من عامل
الوقت. ================= من إيران... خيرالله
خيرالله المستقبل 26-9-2012 ما نقرأه هذه الايّام
من تصريحات تصدر عن مسؤولين ايرانيين
بين حين وآخر هو تتويج للعلاقة القائمة
بين دمشق وطهران ولطبيعة هذه العلاقة.
فكلّما مرّ يوم، يتبيّن كم ان النظام
السوري متورّط مع النظام الايراني، بل
كم انه تابع له. من لديه اي شكّ في ذلك
يستطيع العودة الى التصريح الذي ادلى
به قبل ايّام قليلة احد كبار القادة
العسكريين الايرانيين الجنرال حسن
فيروز ابادي. قال ابادي، رئيس اركان
القوات المسلحة الايرانية، ان الحرب
الدائرة في سوريا "هي حرب بلاده"،
اي حرب ايران. الامر كذلك، نظرا الى ان
استعادة الشعب السوري حريته وكرامته
تعني اوّل ما تعني الخروج من تحت النير
الايراني من جهة وعودة سوريا الى الحضن
العربي من جهة اخرى. لا مجال هذه المرّة
لنفي التصريح الصادر عن رئيس اركان
القوات المسلحة الايرانية نظرا الى ان
وكالة "ايرنا" الرسمية تولّت
توزيعه. الاكيد هذه المرّة ان النائب
المسيحي ميشال عون، وهو قائد سابق
للجيش اللبناني، لن يحتاج الى محققين
دوليين للتأكد من ان ايران متورطة
مباشرة في الحرب التي يشنها النظام
السوري على شعبه او من وجود خبراء
عسكريين ايرانيين في لبنان مهمّته
الاساسية دعم النظام السوري انطلاقا
من الاراضي اللبنانية. في كلّ الاحوال، قد
لا تكون حاجة الى وجود عسكري ايراني في
لبنان او حتى في سوريا نفسها، ما دام
"حزب الله"، وهو بمثابة لواء في
"الحرس الثوري الايراني"، يتولى
المهمّة الموكولة اليه والتي تعتبر
ايران نفسها معنية بها على نحو مباشر. كيف صار النظام
السوري تابعا للنظام الايراني؟ هل
يمكن الحديث عن وجود علاقة من هذا
النوع، علاقة مرؤوس برئيس، تربط دمشق
بطهران منذ كان الرئيس الراحل حافظ
الاسد في السلطة، اي حتى العام 2000؟ لا مفرّ من الاعتراف
بانّ طبيعة العلاقة بين دمشق وطهران
تبدّلت الى حدّ ما بعدما خلف بشّار
الاسد والده. وهذا عائد الى حد كبير الى
ان الرئيس السوري الحالي لا يمتلك خبرة
طويلة، او حتى قصيرة، في ادارة لعبة
التوازنات الاقليمية من جهة والى
اعجابه الشديد بـ"حزب الله" من
جهة اخرى. وقد جعله ذلك غير مدرك لوجود
خطوط حمر، متفق عليها سرّا وعلنا، عرف
والده دائما كيف يحترمها، خصوصا في
جنوب لبنان. في هذه المنطقة لا مانع لدى
اسرائيل في ان لا تكون هناك سيطرة
للجيش اللبناني، اي للدولة اللبنانية...شرط
ان تدور الاشتباكات ضمن اطار معيّن
يصبّ في خدمة اهدافها الاستراتيجية.
على رأس هذه الاهداف الظهور في مظهر
الدولة المهدّدة من جانب مسلّحين غير
منضبطين لديهم قواعد في جنوب لبنان. لا
فارق اذا كان هؤلاء فلسطينيون او
لبنانيون ينتمون الى تنظيم ايراني مثل
"حزب الله" او غيره. وقد بقي هذا
المنطق الاسرائيلي، المتفق عليه مع
سوريا، سائدا حتى حرب صيف العام 2006
وصدور قرار مجلس الامن الرقم 1701 الذي
غيّر طبيعة الوضع في جنوب لبنان
وقوانين الاشتباك في تلك المنطقة. اذا كان لا بدّ من
الحديث عن تطوّر في غاية الاهمية على
الصعيد الاقليمي، فانّ هذا التطور،
الذي يمكن وصفه بالمنعطف، يتمثّل في
اضطرار الجيش السوري على الانسحاب من
الاراضي اللبنانية في نيسان- ابريل من
العام 2005 نتيجة اغتيال الرئيس رفيق
الحريري ورفاقه. كان نزول اهل السنّة
اللبنانيين الى الشارع مع اكثرية
مسيحية ودرزية وقسم لا بأس به من
الشيعة الذين يمتلكون حسّا وطنيا
حقيقيا، وراء القرار السوري بالانسحاب
العسكري والامني من لبنان. بعد هذا
الحدث التاريخي، لم يعد من رهان لدمشق
سوى على "حزب الله"، اي على ايران،
لسدّ الفراغ الناجم عن خروجها
بالطريقة التي خرجت بها من لبنان، وهي
طريقة لم يكن يتمنّاها اي لبناني... بعد نيسان 2005، اختل
التوازن في العلاقة بين دمشق وطهران
بشكل نهائي. يؤكد ذلك فشل كلّ
المحاولات العربية لاستعادة سوريا
وجعل النظام فيها يبقي على مسافة
معيّنة بينه وبين حكّام طهران. لا مجال لتعداد الدول
العربية الخليجية التي سعت الى اعادة
تأهيل النظام السوري بطريقة او بأخرى.
ولكن كلّ ما يمكن قوله ان كل تلك
المساعي انتهت بفشل ذريع نظرا الى انّ
سوريا تحوّلت شيئا فشيئا الى مستعمرة
ايرانية، وذلك مع خلافة بشّار الاسد
لوالده. ما نسمعه اليوم عن
هذا المسؤول الايراني او ذاك عن ان
الحرب التي يشنّها النظام السوري على
شعبه هي "حرب ايران" ايضا، تتويج
لواقع لا مجال للهرب منه. انه واقع لم
يدركه بعض العرب الاّ متأخرين للاسف
الشديد. لم يعد السؤال العربي هل يمكن
استعادة سوريا بمقدار ما انه كيف
استعادتها واعادتها الى شعبها بعدما
تبيّن ان الحلف القائم بين دمشق وطهران
يشكّل خطرا على المجتمعات العربية
وعلى الامن العربي ككلّ من منطلق ان في
اساسه رغبة اكيدة في لعب ورقة اثارة
الغرائز المذهبية وتوظيفها سياسيا الى
ابعد حدود... يستحيل استعادة
سوريا ما دام النظام الحالي قائما، ذلك
ان ما نشهده ليس حرب ايران على الشعب
السوري فحسب، بل هو حرب ايران على كلّ
ما هو عربي في المنطقة ايضا! ================= نحن
مسيحيي سوريا لا نطلب الحماية ساعدونا
على إقامة نظام مدني ديموقراطي! المحامي ميشال
شماس ـ دمشق المستقبل 26-9-2012 كَثُرَ الحديث في
الآونة الأخيرة عن أوضاع المسيحيين
العرب، لاسيما بعد المتغيرات الهائلة
التي شهدها وما زال تشهدها عدد من
البلدان العربية بدءاً من أحداث
الحادي عشر من أيلول واحتلال العراق
وصولاً إلى انتفاضة الشعوب العربية ضد
الاستبداد والقمع في كل من تونس ومصر
وليبيا وسوريا والبحرين واليمن. في وسط هذا التحوّل
التاريخي الذي شهدته ومازالت تشهده
بلدان عربية، تصاعد الجدل مجدداً حول
وضع المسيحيين ودورهم في صنع هذا
التحول التاريخي ليصل إلى حد تحذير
البعض من خطر تعرضهم لانتهاكات كبرى
لاسيما المسيحيين في سوريا، بعد أن
سيطرت قوى إسلامية على مقاليد الحكم في
كل من مصر وتونس وليبيا، ووصل الأمر
ببعضهم إلى إطلاق دعوات لحماية
المسيحيين وتشجيعهم على الهجرة لدول
الغرب ومنحهم حق اللجوء فيها. مناسبة هذا الحديث هو
ما نقله لي صديق كان في زيارة لألمانيا
عن تصريحات لبعض السياسيين المنتمين
للحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا
الذين يدعون إلى حماية المسيحيين في
سوريا ومحاولة تمرير قانون بمنح
اللجوء إلى المهجرين من المسيحيين
السوريين وهي دعوة تدل على تمييز فاضح
في التعامل مع المهجرين السوريين على
أساس ديني. المهجرون من سوريا ليسوا من
المسيحيين وباقي الأقليات فقط، بل إن
أكثريتهم من المسلمين السنة أشقائنا
وشركائنا في الوطن. وهو أمر معيب
ويرفضه المسيحيون في سوريا، على
اعتبار أن هذا التمييز غير إنساني بحق
شركائهم في الوطن، ومخالف لشرعة حقوق
الإنسان وكافة المواثيق الدولية ذات
الصلة. وبصفتي سوري أولاً
ومسيحي ثانياً أعلن رفضي الكامل لمثل
تلك المواقف والتصريحات الداعية
لحماية المسيحيين السوريين بحجة أنهم
مستهدفون أو أنهم سيتعرضون للاضطهاد
في حال تغيير نظام الحكم في سوريا، لأن
مثل تلك الدعوات والتصريحات سوف تسيء
أولاً إلى وضع المسيحيين في سوريا خاصة
وفي الشرق بعامة، وتهدد وجودهم كمكون
أصيل من مكونات الشعب السوري، وثانياً
ستؤدي تلك الدعوات سواء بقصد أو بدون
قصد إلى خلق هويات دينية مسيحية وأخرى
إسلامية حتى في إطار البلد الواحد
تمهيداً لخلق دول دينية خالصة كمقدمة
لتبرير إقامة دولة يهودية، وقد يشكل
ذلك مدعاة للتدخل الأجنبي في شؤون دول
الشرق الأوسط. إن المسيحيين في
سورية ليسوا طارئين على سوريا أو غرباء
عنها ولا أقلية أجنبية أو عرقية، بل هم
مواطنون أصليون تمتد جذورهم عميقاً في
هذه الأرض التي قامت فيها منذ آلاف
السنين حضارة عريقة قدمت للعام أقدم
أبجدية عرفها التاريخ البشري، ومنها
انطلقت المسيحية إلى العالم، وقدمت
للعالم سبعة باباوات وبعض الأباطرة
الرومانيين، وتضم سوريا بين جنباتها
أهم المقدسات المسيحية في العالم من
كنائس وأديرة وأضرحة كثيرة مثل كنيسة
حنانيا ودير مار جرجس الحميراء ودير
مار تقلا في معلولا ودير صيدنايا..الخ.
ومازالت فيها بلدات تتكلم لغة السيد
المسيح حتى اليوم مثل معلولا، وجبعدين
وصيدنايا وبصرى..الخ. إن ما يربط المسيحيين
بوطنهم سوريا وبشركائهم السوريين
المسلمين أكبر وأغلى من أن يفرطوا به،
فسوريا بالنسبة لنا نحن المسيحيين هي
الوطن الأصلي وهى في الوقت ذاته الوطن
البديل.. نهرب منها إليها، ونذوب عشقاً
فيها، سوريا بالنسبة لنا نحن
المسيحيين هى الأرض والعرض والأصل
والجذور، وأم ثكلى سقط ابنها شهيداً في
الحقول ويده لم تزل على المحراث، وتراب
تقدس برفات شهداء سقطوا دفاعاً عن تراب
الوطن إلى جانب أخوتهم من السوريين
المسلمين.. المسيحيون في سوريا
والشرق ليسوا وحدهم فهناك الكثير من
الكُتّاب والأدباء وشخصيات دينية
وسياسية مرموقة جلّها إسلامية رفعت
ومازالت ترفع الصوت عالياً دفاعاً عن
الوجود المسيحي في هذا الشرق، وحذرت
ومازالت تحذر من خطورة تهجير
المسيحيين، داعية في الوقت نفسه إلى
التصدي لتلك المخططات التي تهدف إلى
إفراغ المنطقة العربية من أبنائها
المسيحيين. ومشيدة في نفس الوقت بالدور
النهضوي والنضالي للمسيحيين العرب إلى
جانب أخوتهم العرب المسلمين؟ وهذا ما
أشار إليه الأمير طلال بن عبد العزيز
آل سعود في حديث لصحيفة النهار
اللبنانية29/1/2002:" لقد شكَّل العرب
المسيحيون إحدى ركائز البناء العربي،
القديم والحديث على السواء. ففي فجر
الإسلام كانوا ركناً ثقافياً وسياسياً
وعسكرياً من أركان الدولة العربية
التي توسعت شرقاً حتى بلاد السند
وغرباً حتى إسبانيا، وكانوا أحد عناصر
القوة الدافعة التي حملت الإسلام إلى
خارج جزيرة العرب وبلاد الشام والتي
شكلت أحد العناصر الحاسمة في توسع هذه
الدولة ونموها وسيادتها على معظم
العالم القديم. وفي عصر النهضة، الممتد
طوال القرنين التاسع عشر والعشرين، لم
يَغِبْ العرب المسيحيون عن دورهم في
إعادة إحياء معالم العروبة ومضمونها
الحضاري الجامع والمنفتح على الحضارات
الأخرى الناهضة في مرحلة التراجع
العربي. شكَّلوا حلقة وصل واتصال،
وعمقاً ثقافياً أصيلاً في العروبة
متقدماً في العَصرنة والحداثة.. كان
العرب المسيحيون ولا يزالون نتيجة
لثقافتهم المتنوعة المناهل، يخلقون
تحدياً مستمراً في الثقافة والفكر.
وهجرتهم تلغي هذا المعنى، باعتباره
تنوعاً غنياً، وتسلخ فئة كبرى عن
أصولها العرقية والثقافية الأصلية". وما قاله أيضاً
الصحفي العربي الكبير محمد حسنين هيكل
في كتابه "عام من الأزمات- كلام في
السياسة": "أشعر، ولابد أن غيري
يشعرون، أن المشهد العربي كله سوف
يختلف حضارياً وإنسانياً، وسوف يصبح
على وجه التأكيد أكثر فقرا واقل ثراء
لو أن ما يجرى الآن من هجرة مسيحيي
المشرق ترك أمره للتجاهل أو التغافل أو
للمخاوف. أي خسارة لو أحس مسيحيو
المشرق أنه لا مستقبل لهم أو لأولادهم
فيه، ثم بقي الإسلام وحيداً في المشرق
لا يؤنسه وحدته غير وجود اليهودية
الصهيونية بالتحديد أمامه في إسرائيل". والمسيحيون في سوريا
لا يطلبون الحماية من الغرب ولا من
الشرق، بل يطلبونها من إخوتهم
وشركائهم في الوطن ويستقوون بهم، كما
فعل الكبير فارس الخوري ( رئيس وزراء
سوريا مرات عدة في الخمسينات من القرن
الماضي) رداً على ماقاله الجنرال
الفرنسي "غورو"عندما دخل دمشق
محتلاً، حيث اعتلى منبر الجامع الأموي
مخاطباً المسلمين:" إذا كانت فرنسا
تدّعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن
المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي
من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله
فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه
على الأكتاف وخرجوا به إلى أحياء دمشق
القديمة في مشهد وطني مازال يتذكره
السوريون إلى يومنا هذا. إذا كان بعض الساسة
الألمان والغرب عموماً يريدون مساعدة
المسيحيين في سوريا فعلاً ، فإن أفضل
مساعدة يمكن أن يقدموها لهم هي في
مساعدتهم على ترسيخ الشراكة التاريخية
بين المسلمين والمسيحيين وتثبيتها في
هذا الشرق المتنوع في مواجهة التطرف
الديني من قبل بعض الجهات الإسلامية
المتطرفة، وكذلك المسيحية المتطرفة
التي غالباً ما تأتينا من الغرب. ووقف
دعم الأنظمة الديكتاتورية المستبدة في
المنطقة والتي تشكل تربة خصبة للتطرف
الديني والسياسي المستبدة، والضغط على
إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية
المحتلة ووقف اعتداءاتها على الشعب
الفلسطيني وتمكين الشعب الفلسطيني من
إقامة دولته الوطنية المستقلة على
أرضه.. وإن المساعدة التي
يطلبها المسيحيون في سوريا ليست
بالتأكيد اقتلاعهم من أرضهم وتشجيعهم
على الهجرة، بل تقديم كل ما من شأنه أن
يساعد المسيحيين على التشبث بأرضهم
والتمسك بها كوطن نهائي لهم إلى جانب
أخوتهم وشركائهم المسلمين، ومساعدة
السوريين جميعاً ومن دون أي تمييز
بينهم على تجاوز محنتهم، وتخفيف
معاناة اللاجئين منهم وتشجيعهم على
العودة إلى سوريا، وتقديم العون
المادي والتقني للشعب السوري بمختلف
أطيافه وألوانه، وكل ما من شأنه أن
يساعد السوريين على وقف سفك الدماء
والانتقال بسوريا من نظام شمولي مستبد
إلى نظام مدني ديمقراطي تعددي. ================= راجح الخوري 2012-09-26 النهار ما معنى ان يقول
الاخضر الابرهيمي في نهاية افادته
امام مجلس الامن عن الازمة السورية
الدامية: "هناك نافذة قد تكون
متوافرة في المستقبل غير البعيد"؟ المعنى الوحيد لهذا
الكلام ان يقوم الروس والايرانيون
بتقديم رأس نظام الاسد على طبق التغيير
الكامل. ولكن هل اصبح هذا الامر ممكناً
فعلاً في وقت قريب كما أوحى الابرهيمي؟ الجواب: ليس بالضرورة.
ففي حين كان الابرهيمي يقدم شهادته في
مجلس الامن كان النظام يتحدث عن "انجازات
كبيرة حققها الجيش وان معركة الحسم
والانتصار باتت قريبة جداً"، وهو ما
دفع المراقبين الى القول إن شتاءً
دموياً مخيفاً ينتظر السوريين الذين
يسقط منهم الف قتيل في الاسبوع، الامر
الذي يجعل السؤال ملحاً: الى متى
يستطيع الروس والايرانيون تحمّل وزر
الدم الذي يسفح تحت مظلة دعمهم الاعمى
لنظام لم يعد صالحاً للبقاء بأي صورة؟ على الابرهيمي ان
يبحث الآن عن الجواب بعد قوله الصريح:
"ارفض التصديق ان اناساً عقلاء لا
يدركون انه لا يمكن العودة الى الوراء،
وانه لا يمكن العودة الى سوريا الماضي"،
والواضح ان هذا الكلام هو اتهام صريح
للاسد واهل النظام بأنهم مجانين
وليسوا عقلاء اذا كانوا يظنون ان في
وسعهم العودة الى حكم سوريا كما كان
الامر منذ اربعة عقود! وعندما
يقول الابرهيمي انه قد ابلغ "الجميع
في سوريا والمنطقة ان الاصلاح لم يعد
كافياً والمطلوب هو التغيير"، فانه
يعرف تماماً انه قد لا يجد من يرحب
بعودته الى دمشق التي سبق لها ان
ابلغته ان عليه لكي ينجح ألا يبدأ من
حيث انتهى سلفه كوفي انان ونقاطه الست
التي تدعو الى الانتقال السياسي
وانهاء حكم الاسد، ولكنه لم يتردد امس
في الثناء على خطة انان، ولهذا فانه
يبدو كمن يضع موسكو وطهران في الزاوية،
ولو بطريقة غير مباشرة، عندما يقول إن
الوضع السوري المتفاقم بات يشكل
تهديداً للامن والاستقرار في المنطقة
والعالم وان معالجته هي "من اختصاص
مجلس الامن" الذي يعطله الروس
والصينيون بـ"الفيتو"، بينما
يعطله الايرانيون بالدعم العسكري
الميداني وحتى بالقتال الى جانب الاسد. واضح ان ما يشجع
الابرهيمي على الحديث عن "نافذة قد
تكون متوافرة في المستقبل القريب"
هو رعاية موسكو وطهران والقاهرة "المؤتمر
الوطني لانقاذ سوريا" الذي عقد في
دمشق ودعا الى "مرحلة انتقالية"
لاقت رفضاً حاسماً من "الجيش السوري
الحر" ومعارضة الخارج، وهو ما يضع
موسكو وطهران امام خيار صعب: إما تسليم
رأس النظام وإما تحمّل مسؤولية
الكارثة السورية ! ================= فهد الخيطان الغد الاردنية 26-9-2012 قدم المبعوث الأممي
الأخضر الإبراهيمي، تقييما متشائما
لمجلس الأمن عن الوضع في سورية. وأقر
بأن ليس لديه خطة متكاملة للخروج من
المأزق، بل "بضع أفكار" قد تساهم
في إيجاد مخرج في المستقبل. الإبراهيمي دبلوماسي
مخضرم وذكي، لكنه واقعي أيضا. ويشترك
مع معظم الأطراف الإقليمية والدولية
في تقدير صعوبة الموقف في سورية. الوفد العربي الذي
زار موسكو وأنقرة مؤخرا، لم يخلص إلى
نتائج من مباحثاته يمكن البناء عليها.
أعضاء الوفد خرجوا بانطباع أن القيادة
الروسية تبحث عن مخرج للحل في سورية،
لكنها غير مستعدة لتكرار التجربة
الليبية. والأتراك بددوا قناعة الوفد
العربي بشأن الموقف الروسي، وشككوا في
النوايا الروسية. الأوساط السياسية
الأميركية منقسمة على نفسها ولا تملك
تصورا مشتركا للتعامل مع الأزمة
السورية. إدارة الرئيس أوباما منغمسة
في الانتخابات، ولن ترفع رأسها قبل حسم
السباق الرئاسي. والشيء المؤكد أن فوز
أوباما في دورة رئاسية ثانية لا يعني
بالضرورة تحولا جذريا في المقاربة
الأميركية تجاه الأزمة في سورية. الرهان الأميركي ما
يزال على تحول داخلي في سورية، وفي
الطائفة الحاكمة تحديدا، يتمخض عنه
تولي شخصية علوية من داخل السلطة
مقاليد الحكم لمرحلة انتقالية تنتهي
بانتخابات عامة تؤسس لمرحلة جديدة
ومستقرة. لكن بعد مرور أكثر من
سنة ونصف السنة على الثورة في سورية،
تبدو فرص ظهور "مخلص" من داخل "السيستم"
ضعيفة للغاية. سورياً، لا تظهر
بوادر على قرب الحسم العسكري؛
المعارضة المسلحة ممثلة بالجيش الحر
نجحت في حرب استنزاف النظام، لكنها
عاجزة عن حسم المعركة. وقوات النظام ما
تزال متماسكة بفعل دعم الحلفاء
الإقليميين والدوليين، إلا أنها تخفق
في بسط سيطرتها على الأرض التي تفقد
المزيد منها يوميا، أو في الحد من
عمليات ونشاط المعارضة العسكري. ويضاعف انقسام
المعارضة السورية وتعدد مرجعياتها
المأزق هناك، ويمنحان النظام هامشا
للمناورة والاحتفاظ بدعم الأقليات.
واللافت أن حالة الشقاق في أوساط
المعارضة تتعمق بعد كل محاولة لتوحيد
صفوفها وخطابها. وحال النظام من
الداخل ليس بأحسن من حال المعارضة؛ فهو
لم يعد قادرا على الاحتفاظ بنخبته كما
كان من قبل، ويفرض على بعض رموزه
التاريخيين عزلة تامة، لدرجة أنه لم
يسمح للأخضر الإبراهيمي بلقاء نائب
الرئيس السوري فاروق الشرع في دمشق. جيران سورية منقسمون
أيضا، ويتابعون بقلق بالغ تطورات
الأزمة وتداعياتها على أمنهم وسلمهم
الداخليين. خذوا الأردن مثلا؛
الأزمة السورية تأخذ حيزا كبيرا من
تفكير أصحاب القرار، وسط حالة من
التشاؤم بقرب التوصل إلى حل. المسؤولون
الأردنيون شرعوا منذ الآن في إعداد
الخطط للتعامل مع الأزمة في العام
المقبل، وربما لسنوات مقبلة. التحديات
الماثلة والمتوقعة تتعدى قضية
اللاجئين إلى مسائل أخرى أشد خطورة،
وتفاهمات يجري الهمس بها في الغرف
المغلقة. ================= الرأي الاردنية سمير الحجاوي 26-9-2012 لا يكف نظام الأسد
الجاثم على صدور السوريين عن اقتراف
الجرائم التي يندى لها جبين
الإنسانية، وفي كل مرة نتخيل انه وصل
إلى استنفاد وسائله يظهر لنا ان قدراته
الاجرامية تفوق المتخيل، واخر ما تفتق
عقل الأسد ونظامه من اجرام هو نشر «الموت
الأعمي الطائر» او «البراميل المتفجرة»
بهدف قتل اكبر عدد من البشر كما حدث في
حمص والرقة وحلب ودير الزور وغيرها من
المناطق حيث ادى القاء هذه البراميل
المتفجرة إلى تدمير الاماكن المستهدفة
وقتل كل من فيها. هذه البراميل التي
يستخدمها نظام الأسد الارهابي ليست
عادية، بل هي «قنابل برميلية» على شكل
قالب معدني او اسمنتي مزودة بمروحة دفع
خلفي وصاعق ميكانيكي في المقدمة
وتحتوي على 300 كيلوغرام من مادة «تي ان
تي» شديدة الانفجار، مع مواد نفطية
تضاعف القوة التفجيرية للبرميل وذلك
لإشعال حريق في المكان، وإضافة قطع
معدنية في المحتويات تتطاير على شكل
شظايا لايقاع اكبر قدر ممكن من الاضرار
من قتل وحرق وقطع اعضاء وحرق المكان في
اكبر مساحة ممكنة. نظام
الأسد الاجرامي لجا إلى استخدام
البراميل المتفجرة بعد فشله المتكرر
في الانتصار على الثوار رغم استخدامه
للطائرات والدبابات والمدفعية
والصواريخ، ومرد هذا الفشل انه يواجه
شعبا بأكمله وثوارا يخوضون حربا شعبية
لا تنجح معها تكتيكات الجيوش
النظامية، ولذلك لجا إلى تعميم الموت
باستخدام «البراميل العمياء» القادرة
على قتل اكبر عدد من الناس بدون تمييز
سواء كانوا مقاتلين ام طابورا على باب
مخبز او محطة وقود وأحياء سكنية في حلب
وحمص ودير الزور وغيرها من المدن . لجوء النظام الباطني
الطائفي الارهابي إلى استخدام
البراميل المتفجرة المحشوة بالموت
يأتي بعد استخدام تكتيكات الحصار
والاغتيال والإعدامات الميدانية
والإبادة الجماعية والمجازر وقطع
الماء والغداء والدواء والكهرباء
والاتصالات عن مناطق كثيرة وتحويلها
إلى ساحة حرب ضد الشعب السوري، في
محاولة لاستعادة زمام الامور من
الثوار الذين يحققون انتصارات متتالية
رغم ما يملكه هذا النظام الدموي من عدة
وعتاد وسلاح ومدد من ايران وحزب الله
وروسيا والمليشيات الشيعية العراقية. السؤال المهم هو:
لماذا يصمت العالم على هذه الجرائم
الخطيرة التي يرتكبها نظام الأسد؟
ولماذا لا يتحرك لوقف القتل وبراميل
الموت التي تلقيها طائرات الأسد على
الابرياء؟ الاجابة واضحة وهي ان
العالم لا يجد مصلحة بوقف القتل في
سوريا، ولهذا يغض الطرف عن هذه الجرائم
التي يمكن تصنيفها «بجرائم ضد
الانسانية» و»جرائم حرب» و «جرائم
ابادة جماعية» يضاف لها طبعا جريمة «
تدمير سوريا» لان ما يقوم به الأسد
ونظامه الارهابي هو تدمير لكل سوريا
وكل مدنها وقراها وبلداتها،
فالاستراتيجية التي ينفذها نظام الأسد
المجرم حاليا هي تدمير سوريا بالكامل
وتحويلها إلى خراب وقتل اكبر عدد من
السوريين في اقل وقت ممكن، وخلق حواجز
من الدم بين الناس وتفتيت البنية
الديمغرافية والاجتماعية لسوريا
وتقسيمها نفسيا وخلق حواجز من
الكراهية على أسس طائفية بين السكان
بما يؤسس لعمليات ثأر ربما تستمر فترة
طويلة من الزمن. بشار الأسد الذي يعيش
حالة إنكار كامل يدعي ان «نظامه لن
يسقط، وان النموذج الليبي لن يتكرر في
سوريا»، وإيران تعلن ان الحرب في سوريا
هي حربها، اي ان ايران في حالة حرب مع
الشعب السوري، ولا يجوز ترك السوريين
يدافعون وحدهم، فالمعركة التي يخوضها
السوريون هي معركة العرب والعروبة
والإسلام . ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 26-9-2012 كتم معلومات كان في زاوية المهجع،
قرب النافذة التي تطل على الممر الفاصل
بين عنابر الطابق العلوي من سجن المزة
العسكري، وقد ألصق على الحائط الذي
وراءه صورتين: واحدة لوردة حمراء
تتوسطها صورة فيروز، وأخرى لحافظ
الأسد. عندما دخلت المهجع
لأول مرة حرت في أمر سجين يضع صورة
سجانه فوق رأسه. حين سألت أحد السجناء
إن كان مخبرا ومحبا للأسد، نفى ذلك
بصورة قطعية، وقال: إنه كان ضابطا
متميزا أبدى قدرا من الشجاعة خلال حرب
«تشرين» أهله لنيل أرفع وسام تمنحه
الدولة للشجعان من جيشها، وامتدح
طيبته وتواضعه. بعد حين، لاحظت أن لون
عينيه يكاد يكون أحمر، وأنه يبكي ويئن
معظم الليل، بمجرد أن يغطي رأسه
بالبطانية ويطفأ الضوء في الحادية
عشرة ليلا، بعد مرور مساعد الشرطة
العسكرية لإسماع المساجين جملة يكررها
كل ليلة: «ناموا يا صراصير ناموا. أكل
وأكلتوا وشرب وشربتوا، شو بدكن أحسن من
هيك. والله لولا رحمة السيد الرئيس
لقتلناكم بالـ(دي تي تي) لأنكم صراصير». روى أحمد لي قصته
فقال: أمرني قائد لوائي بالذهاب من
القطيفة، حيث ثكنتنا، إلى لواء مدرع
يعسكر في قطنا لإحضار دبابة. وصلت إلى
هناك، فأخبرني الضابط المسؤول عن
الصيانة أن الدبابة ليست جاهزة بعد،
واقترح علي الانتظار في مطعم اللواء،
ريثما يحين وقت تسلمها. توجهت إلى
المطعم، وجلست وحيدا في ركن بعيد،
لأنني لم أكن أعرف أحدا من ضباطه
وجنوده، ثم وضعت سماعة الموسيقى التي
تلازمني دوما في أذني وأخذت أستمتع
بصوت فيروز، معشوقتي التي سميت دبابتي
باسمها. كان هناك عدد من الأشخاص في
الركن البعيد عني، لكنني لم أهتم بهم
أو أسمع ما كانوا يقولونه، فقد كانت
أذناي مليئتين بأغاني فيروز. بعد ساعات
جاء جندي ليخبرني أن الدبابة صارت
جاهزة، فأخذتها على حاملة وذهبت إلى
لوائي، على بعد قرابة سبعين كيلومترا
من قطنا. بعد يومين تم اعتقالي بتهمة
كتم معلومات. سألني المحقق عما سمعته
من أقوال المجموعة التي كانت في
المطعم، فقلت إنني لم أسمع شيئا لأنني
كنت أستمع إلى فيروز، استشاط غضبا
وصفعني وركلني وشتمني، وأخيرا وضعني
في الدولاب وكهربني ثم شبحني حتى تقطعت
أعصاب يدي، بحجة أنني أرفض الإفصاح عما
كان المتآمرون يقولونه. فهمت من خلال
الأسئلة أن الذين كانوا في الندوة
تحدثوا باستخفاف عن أمر سمعوا أنه
سيصدر إليهم بالتوجه إلى حدود العراق،
للدفاع عن سد الفرات ضد هجوم عراقي
يستهدف احتلاله، وأن أحدهم تساءل
عندما بلغه الخبر: ليش العدو
الإسرائيلي اللي قدامنا ما بيكفينا
حتى صار بدنا عدو عربي ورانا؟ صمت
قليلا ثم قال: هؤلاء هم المتآمرون،
إنهم سبعة ضباط ثلاثة منهم مثلي: أبطال
جمهورية، وواحد معه وسام الشرف من
مرتبة فارس، هو الوحيد الذي يحمل هذين
الوسامين في الجيش، وهم يجددون كل عام
طباعة مقابلة أجرتها جريدة «البعث»
معه بعد انتهاء حرب تشرين، تقدمه للرأي
العام كبطل يفاخر الحزب ببطولاته، مع
أنه في السجن منذ ستة أعوام. مد يده إلى
حقيبة كانت فوق رأسه وأخرج نسخ
المقابلة الست، قبل أن يضيف: لم يشفع لي
ما شهد به «المتآمرون» حول عدم معرفتهم
باسمي وهويتي ومن أكون، وتأكيدهم خلال
التحقيق معهم أنهم سخروا مني كضابط «مخنث»
يضيع وقته في الاستماع إلى الموسيقى.
اعتبرني الأمن العسكري كاتم معلومات
وأسرار المؤامرة وزجني معهم في السجن،
بعد تعذيب استمر ثلاثة أشهر كاملة. لم
أسأله عن صورة حافظ الأسد. انتبه هو
إليها كأنه يراها لأول مرة وقال: رحمته
هي حبل نجاتي الوحيد. أنا الآن في
الثالثة والثلاثين، فإن عفا عني
استأنفت حياتي، عملت سائقا أو فلاحا
وتزوجت وأنجبت أطفالا وربما بنيت بيتا
ونعمت بشيء من السعادة، ونسيت مع الزمن
الظلم وهذه السنوات الطويلة المضنية،
لذلك يراودني منذ ستة أعوام الأمل في
أن يكتب أحد السجناء أو رجال الشرطة
العسكرية تقريرا يقول إني أضع صورة
السيد الرئيس فوق رأسي، فربما غيروا
رأيهم بي واعتبروني مواليا وأخرجوني
من السجن. إنني أكاد أموت من القهر، ولا
أستطيع النوم من الحزن والبكاء على
حالي. ذات ليلة ونحن وسط لعبة شطرنج،
سألني فجأة وبصوت تقصد أن يسمعه
الآخرون: أليس وحشا ومجرما وابن زنا
الرئيس الذي يسجن شخصا حتى الموت، مع
أنه كان يستطيع إبداء الرحمة حياله
والأمر بإعدامه؟ لم يرحمه الرئيس،
الذي لم يرحم أحدا، ولم يخرجه من السجن
إلا بعد سبعة عشر عاما وشهرين، كان قد
تحول خلالها إلى ركام إنسان، وصار شبه
أعمى من البكاء. لم يتزوج بعد خروجه من
السجن، ولم ينجب أبناء أو يبني بيتا،
ولم يعرف طعم السعادة، ولم يعمل سائقا
أو فلاحا، بل انزوى في غرفة على سطح بيت
أهله، لم يغادرها إلا للضرورات القصوى.
عندما توفي بعد عامين، أخبرني أخوه أنه
لم يذهب من منطقة كفرسوسة إلى دمشق غير
مرة واحدة، وأنه كان يرفض في نهاية
أيامه تناول الطعام رغم إلحاح وبكاء
والدته. القميص كان في الثلاثين،
اسمه علي، ويعمل مدرسا في مدرسة قريبة
من قريته في ريف حماه الغربي. اعتقلوه
وعذبوه طيلة أشهر بتهمة تلقي قميص من
أحد عملاء العراق. قال: إنه لم يتلق
شيئا، وإنه بعثي ويحب الرئيس، فشتموه
وأمعنوا في تعذيبه، لأنه يلوث اسم
السيد الرئيس بفمه القذر، الذي يمنع
على كلب مثله النطق باسمه. بعد شهور من
التعذيب، اعترف بالعمالة للعراق، ونقل
إلى سجن المزة، حيث التقى بمعتقل أفهمه
ما حدث له: قال ابن قريته عادل، وهو شاب
صغير السن يدرس الهندسة: إنه زار باريس
بطلب من شقيقه الذي سافر إلى العراق
للمشاركة في نهضة بلاد الرافدين
العلمية، بعد أن قرأ إعلانا في جريدة
فرنسية يدعو العلماء العرب للذهاب إلى
هناك. في باريس، اشترى الشقيق، وهو
بالمناسبة عالم ذرة، قمصانا لثلاثة من
أصدقاء طفولته، الذين لم يرهم منذ ستة
عشر عاما، منهم علي. بعد عودته من
باريس، وفي الطريق إلى بيت علي، الذي
لم يعرف أن العالم سأل عنه وأهداه
قميصا، التقى عادل بصديق له اسمه جميل
أقنعه بإعطائه القميص، مقابل وعد بأن
يكتم الأمر كي لا يعرف علي بالأمر. لكن
المخبر جميل أبلغ الأمن أن قميصا كان
في الطريق من العالم النووي إلى معلم
الابتدائي في القرية، فألقي القبض
عليه. خلال التحقيق، كانوا يقولون له:
والقميص، تحدث عن القميص، فكان يسألهم
باستغراب: أي قميص، والله لا أعرف أي
شيء عن أي قميص. عندئذ، كانوا ينهالون
بالضرب عليه، لاعتقادهم أنه يسخر منهم
حين يسألهم: هل تقصدون قميص عثمان،
والله لا أعرف أي شيء عنه؟ بعد مرور اثني عشر
عاما في سجن لا نهاية له، نسي علي معظم
ما كان يربطه بالعالم الخارجي، وفقد أي
أمل في نيل حريته، وعاش في عالم خاص كان
يغرقه أكثر فأكثر في صمت يدوم معظم
ساعات النهار والليل، جعله ينصرف إلى
صنع المسابح والعقود من بذور حبات
الزيتون، التي يريد إهداءها إلى
أحبائه، لأن خروجه من السجن غدا وشيكا،
بعد أن اقتنع من كان يسميهم «الإخوة
المسؤولين» أنه ليس على علاقة مع
القميص. ذات يوم، عاد علي من الزيارة
ووجهه بين يديه ودموعه تنبجس من بين
أصابعه. لقد مات «الأخ المسؤول» الذي
كان يتلقى المال من أهله بحجة أنه
يدفعه لكبار القوم في العاصمة كي يخرجه
من السجن، ومات معه أمله في الحرية.
توقف علي عن العمل لفترة طويلة أطلق
خلالها لحيته وأقلع تماما عن الكلام.
لكنه نهض ذات ليل في الساعة الرابعة
وأخذ يحطم ما كان يخزنه من مسابح وعقود
في صندوق كرتوني صنعه من لب الخبز
والسكر المذاب، بينما كانت ضحكاته
وصرخاته ترج المهجع، معلنة لبقية
السجناء أن علي إبراهيم: المعلم الهادئ
والودود قد فقد عقله. ================= طارق الحميد الشرق والاسط 26-9-2012 على الجميع أن لا
يتوهم أي حلول دولية تجاه الملف
السوري، سواء التدخل العسكري من عدمه،
أو زيادة المساعدات العسكرية للثوار،
أو حتى التحرك التركي العسكري، كما يجب
أن لا ننتظر الكثير من اجتماع الجمعية
العامة للأمم المتحدة المنعقد الآن في
نيويورك. علينا أن لا نتوهم أي شيء قبل
أربعين يوما من الآن! لماذا؟ الإجابة
بسيطة، فبعد أربعين يوما الانتخابات
الرئاسية الأميركية، وحينها سيعرف
الجميع كيف ستكون البوصلة السياسية،
سواء أعيد انتخاب الرئيس الحالي باراك
أوباما، أو كان الفائز القادم هو
الجمهوري ميت رومني، وهو ما سيترتب
عليه الكثير. وبالطبع ليست القضية قضية
هل سينجو الأسد حينها أم لا، وإنما كيف
سيكون التعامل معه، وبكافة الأصعدة،
وخير من يعي هذا الأمر هو طاغية دمشق،
ولذا سمح بمؤتمر لمعارضة الداخل، وبات
المتحدث باسم خارجية الأسد يتحدث عن
صعوبة الأوضاع، وأن الحوار هو الحل،
ولنفس السبب نجد أن وتيرة العنف،
والكذب، من قبل النظام الأسدي قد زادت،
فالأسد يسابق الوقت، وتحديدا يسابق
الأربعين يوما المتبقية على
الانتخابات الأميركية. هذا هو الواقع اليوم،
ولن يغيره شيء إلا في حالة حدوث أمر ما
على الأرض من قبل الثوار السوريين يقلب
المعادلة الحالية، أو أن يقوم نظام
الأسد بارتكاب عمل يهز المجتمع
الدولي، الذي يبدو أنه لا يهتز أصلا
أمام الجرائم المرتكبة بحق السوريين
وبشكل عجيب، أو أن الأمور ستتغير في
حال طرأ جديد في حالة الترقب، والتحفز،
بين إسرائيل وإيران، عدا ذلك فإن أحدا
غير مستعد، أو قادر، على التحرك الآن
حيال الملف السوري، والدليل أنه رغم كل
المحاولات الفرنسية لحلحلة الأوضاع،
دبلوماسيا، وعسكريا، فإن المقترحات
الفرنسية، وأحيانا التركية، تجابه
بتجاهل أميركي، فلا أحد في واشنطن يريد
الإقدام على أي عمل يعد مغامرة الآن
أثناء السباق المحموم على البيت
الأبيض. وكما أسلفنا فإن أكثر من يعي
هذا الأمر هو بشار الأسد وحلفاؤه،
وتحديدا الإيرانيين، وحتى الروس يعون
ذلك، لكنهم يعون أيضا أنه في حال تمت
إعادة انتخاب أوباما رئيسا لفترة أخرى
فإن ثمن رأس الأسد سيقل كثيرا عما قبل
الانتخابات، فحينها، أي بعد حسم ملف
الانتخابات الأميركية، ستكون كل
الخيارات على الطاولة أمام أوباما
الذي لن يقلق من عامل الوقت، ولا يحتاج
تجربة الأسد من جديد. ورغم كل ما سبق فإن
الواجب هو عدم التوقف، والانتظار فترة
الأربعين يوما، ومن قبل جميع أصدقاء
سوريا، فالمفروض الآن هو مواصلة الدعم
للثوار السوريين بالمال والسلاح،
ولسبب بسيط وهو أن النظام الأسدي لم
ولن يتوقف عن استخدام مزيد من العنف،
كما أن إيران لن تتوقف عن دعمه عسكريا
وماليا، وبالتالي يجب تعزيز أوضاع
الثوار السوريين على الأرض، وعدم
السماح بتضعضعها ولو لحظة، خصوصا أن
الأسد هو من يحاول مستميتا استعادة
السيطرة على الأرض. هي أربعون يوما، لكن
لا شك أنها ستكون بمثابة الأربعين عاما
للسوريين، لكن هذا هو الواقع، مهما صدر
عن الأمم المتحدة بنيويورك، ومهما قال
السيد الأخضر الإبراهيمي! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |