ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
طهران تتجه إلى
"اليمن" لإنشاء بديل خيبة أمل لدى
"الحزب" بعد مسار الثورات العربية جدة: ياسر
باعامر، سلطان المهدي 2012-09-28 12:08 AM
الوطن السعودية الأميركان
والأوروبيون والعرب والدوائر البحثية
العميقة وحلفاء ومناهضو "حزب الله"
كلهم يبحثون في دلالة السؤال السياسي
المركزي: ما هي السيناريوهات المفتوحة
للحزب في لبنان لمرحلة ما بعد سقوط
الرئيس بشار الأسد الذي يواجه ثورة
شعبية منذ 15 مارس 2011 تطالب بتنحيته من
سدة الحكم؟ حزب الله الحليف
الاستراتيجي لطهران ونظام الأسد، أدرك
بلغة "الواقعية السياسية" - كما
تشير بذلك تحليلات سياسية وتقارير
عميقة- أن ما يجري في سورية بات يفرض
واقعاً جديداً داخل الدولة اللبنانية
وخارجها بالنسبة إليه، فالحزب الذي
يتمتع بأقوى مليشيا مسلحة بدأ يستشعر
العزلة المتزايدة التي فرضتها عليه
مواقف حلفائه والتي جرته إلى الركن
الذي يبدو "خاسراً" في رهانات
الربيع العربي وتداعياته. خيبة أمل حرص الحزب في أوائل
أحداث الربيع العربي على الوقوف في صف
"الثوار" والمطالبات الشعبية،
وضاعف من مكاسبه عبر تمكنه السريع من
تحرير سجنائه من مصر والمتهمين في
القضية المعروفة باسم (خلية حزب الله)
وأظهرهم في احتفالية جماهيرية في
بيروت. وأبدى أمينه العام
حسن نصر الله انتشاءه بنجاح ثورة تونس
ومن بعدها مصر، التي كان المرشد الأعلى
للجمهورية الإسلامية في إيران على
خامنئى أشاد بها وقال إنها اقتبست من
روح "الثورة الإسلامية" التي
أطاحت بنظام الشاه عام 1979. ولم يتخلف عن هذه "النفسية
الاحتفالية" حلفاء الحزب في دمشق،
ووصف بيان الحكومة السورية تنحي
الرئيس حسني مبارك بأنه إسقاط لمعسكر
"كامب ديفيد". إلا أن خطاب المحور
الثلاثي (إيران– سورية – حزب الله)
سرعان ما تغير بعد اشتباكات درعا وما
تلاها من تفجر الأوضاع في الداخل
السوري، التي اعتبرها الثلاثي ابتداء
"أزمة" ثم "مؤامرة" تقوم بها
العصابات المسلحة لتركيع سورية "المقاومة"
على حد قول قيادات الحزب. ومع تتالي الأحداث في
سورية بدأ موقف الحزب يقل في انتشائه
بنتائج "الربيع العربي" التي بدأت
تطل باحتمالات سقوط الحليف الكبير في
سورية واختلاف المعادلة الإقليمية
التي استثمرها الحزب لصالحه طيلة
السنوات الماضية، وتواردت أنباء عن
مشاركة عناصر مسلحة من الحزب في عمليات
عسكرية قام بها الجيش السوري لفرض
سيطرته على المدن والقرى السورية؛ مما
دفع بالجيش السوري الحر إلى اعتبار
عناصر وضباط حزب الله اللبناني والحرس
الثوري الإيراني والميليشيات
العراقية "أهدافاً مشروعة" في
حربهم مع نظام دمشق. حزب الله.. بديل في
اليمن الخبراء والمحللون
السياسيون الذين تحدثت إليهم "الوطن"
حول سيناريوهات هذا الملف تقاطعوا في
مفصل مهم وهو أن طهران تحاول جدياً -عبر
خطة بديلة- صناعة "حزب الله"
الجديد في اليمن – في إشارة إلى
الحوثيين- وبدؤوا بتنفيذ خططهم، إلا
أنهم عادوا للتأكيد بصعوبة حدوث ذلك
مرجعين الأسباب إلى اختلاف المعطيات
السياسية بين اليمن ولبنان. على الأرض اليمنية
هناك ذراعان لإيران هما جماعة الحوثي
في صعدة والجناح العسكري المنشق عن
الحراك الجنوبي بقيادة نائب الرئيس
اليمني الأسبق علي سالم البيض (ما بعد
الوحدة)، الذي صنع تحالفاً مع إيران
بهدف الرجوع السياسي، وتشير معلومات
خاصة إلى أن الرجل محاط بدائرة أمنية
من "حزب الله". مدير مركز أبعاد
للدراسات الاستراتيحية بصنعاء
عبدالسلام محمد يؤكد خطط الإيرانيين
لصناعة "حزب الله" البديل في
اليمن عبر الحوثيين، ففي حال سقوط
الأسد سيفقد الحزب أهميته السياسية
والعسكرية لوقف شريان الحياة عنه – في
إشارة إلى سورية- ومضى يقول "لكن عمل
نسخة طبق الأصل في اليمن غير واردة
نهائياَ لوجود قوة منظمة كبيرة على
الساحة اليمنية وهو ذراع "الإخوان
المسلمون" في اليمن التجمع اليمني
للإصلاح الذي يعي جيداً هذه الحسابات
ولن يسمح بحصول ذلك". وأوضح عبد السلام في
سياق حديثه أن خطة إيران البديلة كان
يمكن أن يحالفها الحظ إذا كان النظام
اليمني السابق برئاسة علي صالح في سدة
الحكم، نظراً للارتباطات الثنائية
التي تكشفت بعد الأزمة اليمنية بين
النظام والحوثيين في أكثر من صعيد
عسكري. دعم دولة علوية في
اللاذقية أستاذ علم الاجتماع
السياسي الدكتور خالد الدخيل يتقاطع
كثيراً مع حديث عبدالسلام محمد في أن
سيناريو "حزب الله" يقع فقط ما قبل
سقوط عائلة الأسد وليس بعده، ولكنه
تحدث عن وجود احتمال – وإن بدا ضعيفاً
بالنسبة إليه- وهو أن الحزب سيدعم نحو
إقامة دولة علوية مستقلة للأسد على
شريط ساحل اللاذقية كمخرج أخير من
أزمته، لكن الدخيل قال "إن
المجموعات السورية سترفض مثل هذا
المخطط، وليس أمام الحزب سوى خيار وحيد
وهو تقديم خدماته العسكرية بالكامل
إلى نظام دمشق لإطالة أمده السياسي
واستحالة سقوطه الذي سيكون كارثياً
عليه بكل معنى الكلمة". سيناريو قلب الطاولة في يوليو الماضي، نشر
مركز الجزيرة للدراسات تقريراً مطولاً
عن تداعيات الأزمة السورية على مستقبل
حزب الله، وذكر التقرير معلومة مهمة
تتعلق بتلقي دبلوماسي بريطاني خبير
بالشرق الأوسط تقريرا عالي المصداقية
والدقة وهو متداول في أوساط "حزب
الله" القيادية، يقول "إن نصر
الله زار سورية سرًّا عدة مرات أولها
في يونيو 2011 لينصح الرئيس الأسد بإجراء
إصلاحات عاجلة (مثل اعتقال قادة
الأجهزة المسؤولين عن المجازر، وإجراء
تشكيلات أمنية وإدارية مهمة، وتشكيل
حكومة وحدة وطنية فيها أغلبية من
المعارضة تقوم بالإعداد لإصلاحات
واسعة ودستور جديد وانتخابات نيابية
ورئاسية، مع إبداء الأسد الاستعداد
للتنحي لمصلحة نائبه فاروق الشرع، لكن
الرئيس السوري رفض ذلك؛ الأمر الذي
أقنع "حزب الله" بأن عليه
الاستعداد لمرحلة ما بعد الأسد مع
العمل الدؤوب للحفاظ على وحدة الأراضي
السورية المهددة -على ما يقول التقرير
المذكور-". ويطرح التقرير
سيناريو "قلب الطاولة" في لبنان
من جانب حزب الله بطلب من النظام
السوري وفي محاولة يائسة لإنقاذه عبر
تحويل الأنظار الدولية من سورية إلى
لبنان، عبر خطة إيرانية - سورية ينفذها
"حزب الله" وحلفاؤه للسيطرة
عسكريًا على كامل الأراضي اللبنانية. أما السيناريو
الثاني فهو إشعال الحزب جبهة الجنوب
اللبناني مع إسرائيل التي تضطر للرد
بقوة فتشتعل نيران حرب قد تغدو إقليمية
شاملة، وبطريقة معاكسة، فهناك من
يعتقد أن إسرائيل ستشن حربًا على إيران
بسبب برنامجها النووي مستغلةً عزلة
"محور الممانعة" الدولية، وتعمد
في الوقت نفسه إلى تصفية حسابها مع "حزب
الله". لكن المحللين الدخيل
وعبد السلام استبعدا سيناريو توجيه
الحزب ضربة عسكرية إلى إسرائيل مرجعين
ذلك إلى الظروف التي تحول دون ذلك، وأن
إقدامه على هذه الفعلة سيعود بـ"الأضرار
العكسية عليه قبل أي أحد آخر"، وهذا
السيناريو يتوقعه الإسرائيليون من
جانبهم ضمن خيار "هروب الحزب إلى
الأمام"، واللجوء إليه كلفته عالية
"مالياً وسياسياً" وسيؤثر بشكل
كبير على وضعه في الساحة اللبنانية
واحتمالات خسارته لرصيده الذي تم
بناؤه طيلت السنوات الست الماضية. ويشير المراقبون إلى
أن الحزب لن يبادر بفتح ترسانته
الصاروخية (والتي يقدرها الإسرائيليون
بـ 80 ألف صاروخ) على شمال إسرائيل إلا
في حالة بادرت الأخيرة بالهجوم على
مقرات المفاعلات النووية الإيرانية،
مع توقعاتهم باحتمالية أن تكون ضربات
حزب الله "محسوبة" ولا تدخل في
سيناريو الحرب الشاملة. أما السيناريو
الكارثي الأخطر– وفقاً للتقرير-
المتداول فهو حرب أهلية مذهبية تبدأ في
سورية وتمتد نيرانها لتشعل لبنان
والمنطقة بأسرها التي قد توضع تحت مبضع
التقسيم.. ألم يهدد الرئيس الأسد
بزلزال يضرب المنطقة إذا ما شارف نظامه
على السقوط؟ فراق "الإخوان" يمضي التقرير إلى طرح
سيناريو مختلف على المستوى السياسي هو
بناء تحالفات جديدة مع الحكام الجدد في
سورية لما بعد الأسد، إما مباشرة أو
بطريقة غير مباشرة عن طريق إيران،
وتشير بعض المعلومات غير المؤكدة إلى
أن إيران فتحت مباحثات سرية مع الإخوان
المسلمين السوريين الموجودين في
تركيا، وقد هنَّأ حزب الله الرئيس مرسي
لانتخابه "التاريخي" بمفردات
فيها الكثير من الحماسة، وكذلك فعلت
طهران، وتشير تلك المعلومات إلى
اعتماد طهران في ذلك على علاقتها مع
حماس التي يمكن أن تلعب دوراً في
التقريب ما بين حزب الله والإخوان
المسلمين المصريين الذين قد يتوسطون
لدى إخوانهم السوريين المرشحين للعب
دور في سورية الجديدة من أجل تطبيع
العلاقات مع "حزب الله". ومصر
مؤهلة للعب دور بين الإخوان السوريين
وإيران. لكن هذه المعلومة
ينفيها معارضون محسوبون على الإخوان
في المجلس الوطني السوري تحدثوا بها
إلى "الوطن" مؤكدين بعدم إمكانية
ذلك لاعتبار أن الحزب "شريك في إراقة
دماء السوريين". لا تنتهي خسائر الحزب
عند خصومه التقليديين، فحلفاؤه "التقليديون"
أيضاً باتوا يضعون مسافة بينهم وبين
مواقفه التي يرونها أضحت متواطئة مع
المعسكر المضاد لاتجاه ثورات الربيع
العربي. الإخوان المسلمون
وهم "الرابح الأكبر" حتى الآن من
نتائج الثورات العربية بات خطابهم
تجاه الحزب أقل حماسة مما سبق، ولعل
الحال التي وصلت إليها حركة حماس
بإعلان خروجها "الصامت" من
تحالفها السابق مع النظام السوري
ومغادرة قادتها دمشق إلى عواصم متعددة
وتنديدها بالانتهاكات التي يمارسها
النظام ضد المظاهرات السلمية دليل على
عمق الهوة التي باتت تفصل بين الإخوان
ومحور الممانعة السابق وفي القلب منه
"حزب الله". ولا تتأكد الأنباء
عما إذا كان التجميد قد طال العلاقات
العسكرية والتنسيق الأمني بين الحزب
وحماس في لبنان وغزة، وإن كانت
المؤشرات العامة تشير بمجملها إلى
تراجعه بشكل كبير. ولم يخفف من هذه
العزلة الإخوانية التي فرضت على الحزب
سوى دعوة وجهها إليه حزب النهضة
التونسي لحضور مؤتمره العام في تونس،
وهي الخطوة التي قوبلت باستهجان
إسلامي واسع. ================= ممدوح طه التاريخ: 28
سبتمبر 2012 البيان رغم كل دعوات أهل
البيت السوري من المعارضين والموالين،
كما جرى في دمشق مؤخراً، ما زال حريق
الفتنة مشتعلا لأسباب داخلية مبررة
وخارجية مدبرة، بينما محاولات الجيران
لإطفاء الحريق متعثرة، لأن هناك من
يحاول الإطفاء بالماء، ومن يحاول
إطفاء النار بالنار، ومن يصب الزيت على
النار لتزداد اشتعالا، من دون إدراك
واعٍ لخطر أن تحرق النيران أصابعه أو
تمتد إلى داخل بيته بفعل الرياح
الغربية، أو على الأقل بضرر الاختناق
بدخان الحريق! وكلما لاح في الأفق
مسعى جاد لإخماد نيران الفتنة من شركاء
البيت الواحد أو من رجال الإطفاء
المتطوعين، نجد من يسحب خراطيم المياه
من حول النيران حتى يفشل في مهمته ولا
ينطفئ الحريق، لتأتي النيران على
البيت بكامله، لأغراض في نفس يعقوب..
ومع كل يوم يمر، تزداد مخاطر امتداد
النيران التي ربما امتدت بالفعل إلى
بيوت الجيران في الطوابق العليا،
الذين تختلف مبادئهم ومصالحهم
وبالتالي مواقفهم واستجاباتهم. ولأن إطفاء أي حريق
يتطلب، أولا، رغبة أهل البيت والجيران
في إطفائه وتوافقهم على آلية الإطفاء،
وهذا واضح بهدف حقن الدماء ووقف سقوط
الضحايا الأبرياء، وثانيا، قدرة أهل
البيت على الإطفاء بمساعدة الجيران
والأصدقاء، بشرط ألا يكون من بين رجال
الإطفاء من يحمل خراطيم للزيت بدلا من
الماء أو خراطيم فارغة بغير مياه، وألا
يكون من بين من يسمون أنفسهم "مجموعة
الأصدقاء"، كثير من الأعداء أو قليل
من الأعدقاء.. فإن كل البديهيات تؤكد أن
النار لا تطفئ النار، والماء فقط لا
الدماء هو الذي يطفئها، ولا بد أن تبدأ
عملية الإطفاء أولا، بحصار موقع
النيران لمنع دخول ما يزيد في اشتعالها
أو السماح بانتشارها، ثم العمل ثانيا
بكل وسائل الإطفاء لإخماد النيران
نهائيا، وتبريد الموقع والأجواء حتى
لا تشتعل من جديد. لكن المشكلة نابعة من
موقع الحريق ذاته، إذ تشتعل النيران في
الطابق الأول السوري لبناية من أربعة
أدوار، الطابق الثاني فيها عربي
والثالث إقليمي والرابع دولي. والمشكلة، أن الطابق
السوري مشحون بأنواع من المواد
القابلة للاشتعال، ومزدحم بشركاء في
البيت بينهم اختلاف في الدين والمذهب
والعرق، وأن هذا الاختلاف الذي ظل
لقرون ائتلافا يثريه التنوع، تحول إلى
خلاف في المصالح حول طبيعة العلاقات في
هذا البيت، بعضه منطقي وبعضه بفعل فاعل
من بعض سكان الطوابق الأخرى لمطامعهم
في هذا الطابق، فسعوا إلى تحويل
التناقض إلى تصادم دموي بين الشركاء
السوريين الذين يصر كل منهم على مطلبه،
لكن الكارثة وقعت عندما أمدوا بعض
الشركاء بزيت الحريق! في النهاية، لا حل
للجميع مع استمرار الحريق، ولا حل بصب
الزيت العسكري والسياسي والإعلامي
والمالي لزيادة النيران التي تهدد
الجميع، والتي لن تصيب سكان الطابق
السوري فقط، بل كل سكان البناية على
اختلاف طوابقهم ومبادئهم ومصالحهم
ومواقفهم من شركاء الطابق المشتعل.
فالواقع أن الكل أصبح في مأزق وبين
خيارات صعبة، ولا خروج من هذا المأزق
إلا بتكاتف الجميع لإخماد النيران،
والتنادي سياسيا معا للتفاوض على
العيش المشترك سلما لا اقتتالا، وفق
قواعد متوافق عليها، تحفظ حقوق كل
الشركاء وفي كل الطوابق. وهنا فلا نداء
لهم الآن، أشرف ولا أنبل من القول "أطفئوا
النيران وكفى اقتتالا ودماء وضحايا"! هذه هي الصورة الأقرب
للأزمة السورية في الواقع، التي
صنعتها في الأساس عوامل داخلية وعوامل
خارجية ذات أضلاع أربعة وأطراف أربعة
دولية وإقليمية وعربية وسورية، وأنا
هنا أعني الترتيب استنادا على تقارير
عديدة تكشف أنه على الرغم من قابلية
البيت للاحتراق، فإنه لم يكن ليشتعل
لولا إشعال النيران فيه بإشعال الفتنة
بين أطرافه، وتشجيعهم على الاقتتال
تحت عناوين مختلفة وخادعة، ومدهم بكل
أنواع الوقود العسكري والسياسي
والإعلامي حتى تأتي النيران على كل
سكانه، بدوافع مطامع مختلفة لسكان
الدور الأعلى من الغربيين وحلفائهم في
الطوابق الأخرى، أهمها تمكين وكيل
خدماتهم الصهيوني من الانفراد بالقوة،
لتحقيق أهدافهم في الهيمنة على كل
الطوابق في "الشرق الأوسط الكبير"! الشواهد على ذلك
كثيرة، منها مثلا ما أكدته الكاتبة
الفرنسية شانتال دوبيل، في مقال نشره
موقع "ايلترا إنفو"، بأن "ما
يجري في سوريا حرب يشنها "الناتو"
على دولة عربية ذات سيادة، باستخدام
المعارضة الدينية المتطرفة ضد الدولة
السورية العلمانية".. وأن "كل ما
يجري في سوريا مفتعل من قبل المخابرات
الغربية، لزعزعة استقرار الدولة
السورية التي لا تخضع، فالغرب يريد
استبدال السلطة الحالية بدمى تسمح له
بنهب البلاد والاستيلاء على ثرواتها
وتوجيه سياستها".. والكلام هنا من
الغرب إلى الغرب.. هكذا بكل وضوح! فهل آن الأوان
لمراجعة المواقف بالعقل لا بالعواطف،
وحساب العواقب قبل وقوع الواقعة؟! ================= الشعب السوري؟ غازي دحمان ـ
دمشق البيان 28-9-2012 باتت هذه الكلمة أكثر
اللازمات ابتذالاً في حقل المصطلحات
الذي ظهر على هامش ثورة السوريين
وأزمتهم، الحل يقرره الشعب السوري،
لازمة طالما كررتها ديبلوماسية
الكرملين وبكين، بعد أن استوردتاها من
رأس النظام في سوريا، وأخيراً يصاب
بعدواها المبعوث العربي والأممي
المشترك الأخضر الإبراهيمي، ولا أحد
يدري من بعده سيصاب بهذه اللوثة. الحل عن طريق الشعب
السوري، عبارة تستبطن شعباً سورياً لا
يعرفه السوريين أنفسهم، أو شعباً غير
محايث، إما أولئك السوريين التاريخيين
الذين مروا على سوريا على مدار القرون
السابقة، بحيث يجري استنطاقهم بطريقة
معينة وأخذ رأيهم بحقيقة ما يجري، أو
يتم البناء على مواقف الأجيال السابقة
من أحداث معينة، على طريقة الاستنتاج
البحثي. أو هي تخص السوريين
الذين لم يلدوا بعد، ولهم الحق في أن
يقرروا مصير وطنهم، أما كيفية تحقيق
هذا الأمر، فالأرجح أنها متروكة لقادم
الأيام، أقله لحين ولادة هذه الأجيال،
وبالتالي ترك القضية للزمن وبقاء كل
شيء على حاله. لماذا؟، لأن من
الواضح أنه بالنسبة للأطراف التي تقف
وراء هذه الدعوة، أن الشعب السوري
الحالي غير مؤهل للبت في قضية بهذا
الحجم الكبير، كما أن هذا الشعب قد فقد
أهليته بمجرد قراره بالخروج عن سلطة
الأسد ومطالبته له بالتنحي، أو حتى فقد
حياديته ونزاهته وصار شعباً( جيلاً)
متطرفاً، ولا يعتد تالياً برأيه، هكذا
على الأقل تحاول ماكينة النظام
الديبلوماسية والإعلامية تصوير
الثوار على أنهم متطرفون وأقلية،
وتساند كل من موسكو وبكين وطهران هذه
الحجج. لكن حلاً لمعضلة
استدعاء سوريي الماضي واستيلاد سوريي
المستقبل، ثمة اجتراح آخر للسلطة
ومؤيديها، على ما تقترحه لازمة (الحل
بيد السوريين)، يقوم هذا الحل وفق
المبدأ التالي، ثمة سوريون آخرون،
مؤيدو النظام، ونخبة الشعب السوري ومن
يستحق أن يؤخذ برأيهم، والواضح أن رأي
كل واحد فيهم يساوي عشرة آراء من سواد
السوريين العاديين، هم من يقرر مستقبل
سوريا، ووفق ذلك لا يعتد هنا بالكم،
ذلك أن الكم خادع ومضلل غالباً، ولكن
بالنوع، وعند ذلك تختلف الأوزان
والمقاييس والنسب، فالتاجر مثلاً بألف
من العوام، ورامي مخلوف، بما أنه يساوي
ألف تاجر فهو يساوي مليون من العوام،
وهكذا تتناسل هذه المتواليات لتنتج
صفراً شعبياً سورياً، مقابل 100% أو أقله99،99%.
لصالح النظام ورأسه!. لا تحتمل اللازمة
المشار إليها تفسيرات أخرى، فعدا عن
استحالة تنظيم عملية لأخذ رأي
السوريين، ملايين النازحين ومئات
الآلاف من الجرحى والمعاقين والمخفيين
والمحبوسين، فكأن المطلوب من السوريين
إعادة حراكهم من أوله، وبطريقة العرض
على البطيء، ليتسنى الخروج بنتائج من
هذه العملية، ولكن ألا تؤشر هذه
الأرقام إلى معطى مهم للوصول إلى
استنتاجات توفر كل هذا العناء؟ ألا تدل
على بيئة الثورة الحقيقية وموقف
السوريين من الحكم؟، ترى ألا تتطابق
أعداد النازحين والمقتولين
والمسجونين والمفقودين مع أعداد
الثائرين؟. الأصح أنها تشكل جزءاً منهم
وليست كلهم لأن ثمة آخرين نجوا من
الموت أو صمدوا أو حموا أنفسهم بعمليات
تمويه معينة، أو على الأقل اتبعوا
طرقاً معينة في التعبير عن رفضهم وعدم
رضاهم عن نظام الحكم، النتيجة هي تضاعف
ملايين السوريين الرافضين لنظام الحكم. لقد سعى النظام، ولا
يزال، إلى إتباع نمط العقاب الجماعي
لمعاقبة البيئة الثورية، أو على ما
يسميها (البيئة الحاضنة للعنف)، على
أمل أن يحدث انزياحاً لصالحه في
توجهاتها، لذلك استخدم العنف المفرط
وبالغ باستخدامه، فدمر الأرياف
والضواحي والعشوائيات، ومارس كل ما هو
بعيد عن الآدمية والاحترام بحق أهل هذه
المناطق، مقابل مبالغته في استرضاء
أبناء البيئات المدنية (الراقية حسب
العرف السائد لدى النظام)، لكنه لم
يفعل سوى زيادة التطرف، فكل قذيفة سقطت
على منزل زرعت مكان الدمار متطرفين
جدد، وكل رصاصة قتلت فرداً استولدت
مقابله متطرفاً، لأن القذيفة والرصاصة
كانتا تحملان رسالة واحدة مفادها أن لا
خلاص لكم من قهرنا حتى موتكم ودماركم
ليس ضمانة كافية لخلاصكم. الحل بيد السوريين،
أو يقرره السوريون، أو لا بد أن يأتي
الحل من السوريين أنفسهم، وكذا ضرورة
إشراك الشعب السوري بأي حل، هي مجرد
لازمات تحيل إلى الفشل والعجز، أو
محاولة للهروب إلى الأمام من
الاستحقاقات، هي باختصار وصفة
لاستمرار المحنة السورية. ================= الياس الديري 2012-09-28 النهار يبدو لبنان في هذه
الساعات العصيبة محاصراً بالحيرة
والارتباك والتناقض، أكثر من أي وقت
مضى. وكأن اللبنانيين
يدخلون التجربة الانتخابية للمرة
الأولى، أو بعد عقود من الغياب عنها...
على غرار ما حصل ويحصل في دول "الربيع
العربي"، والأنظمة الجديدة التي
أزاحت أنظمة الرجل الواحد، والعائلة
الواحدة، والمرجع الواحد. يظهر ذلك كله،
وجلياً، في تصريحات وتصرفات كبار
المسؤولين، ومعظم السياسيين المعنيين
مباشرة بكل شاردة وواردة تتصل
بالانتخابات النيابية وقانونها. تعدَّدت الاقتراحات
والنصوص والنماذج المطروحة برسم مشروع
قانون انتخابي جديد، وكله من دون ظهور
أية بارقة، أو أية مقاربة مشتركة من
بعض الأفرقاء على الأقل، حتى استعان
المتابعون بالمثل الذي يقول لمرتا
إنها تبحث في أمور كثيرة والمطلوب واحد. المشكلة الفعلية،
غير المعلنة، تكمن عملياً في هذا
المطلوب الواحد، وماهيته، وإلامَ
يرمي، وعَلامَ يرتكز، على مبدأ
النسبية وأية نسبية، أو على مبدأ
الدوائر وأية دوائر. الجميع مقلقزون لجهة
القانون، حتى أن بعضهم بدأ يلمّح إلى
صعوبة التوصل، خلال المهلة الزمنية
المتبقية، إلى اتفاق على مشروع قانون
ويستجيب لمتطلبات المرحلة الجديدة
وحاجاتها. طبعاً، ثمة قلق لدى
البعض من الانتخابات إذا جرت في
موعدها، وفي غياب النفوذ السوري الذي
كان يقرر سلفاً من يفوز ومن يفشل،
فضلاً عن احتمال انفخات الدفوف وتفرّق
العشاق والحلفاء. عندئذ لا شيء يمكنه
الحؤول دون المفاجآت الكبرى، ودون
اختلاط الحابل بالنابل، وعدم تطابق
حسابات الحقل مع حسابات البيدر، وكذلك
الأمر بالنسبة إلى التكتلات والتيارات
والأحزاب ذات الشأن في ضفتي آذار. هذا إن بقي كل شيء على
حاله، وعلى قديمه، من اليوم إلى مواعيد
الاقتراع... ونزول الأوراق في الصناديق. صحيح أن صدى المعارك
والمدافع والصواريخ السورية لا يزال
يضج في معظم الأرجاء اللبنانية، حتى
ليكاد يتهيأ لكثيرين أن طبول حرب
الشقيقة، التي تشارك لبنان في الحدود
وفي الصحن والوسادة، تقرع عندهم، إلا
أن ذلك لا يشكل سبباً أو عاملاً كافياً
لصرف النظر عن الانتخابات وقانونها و... فضلاً عن أن وضع
النسبية في وسط هذا النص، كما وضع
الدائرة الفردية في أساس ذاك، من
شأنهما التذكير باحتفاليات قطع الطرق
بالدواليب المشتعلة أو الحجارة
والسيارات. والمطلوب، دائماً
وأبداً، واحد. إنما ليس هو "الواحد"
المتفق عليه بين مختلف الفئات،
والمقبول لدى مرتا والمعارضة
والموالاة وحلفاء النظام السوري
والمنتظرين رحيله بفارغ صبر. هنا بالذات يكمن "السرّ"
الذي لن ينكشف ويتوضح قبل جلاء الموقف
ونتائج الحرب المريعة التي تطحن سوريا
بلا رحمة. ================= سيناريوات
إيرانية روسية أميركية للحل في سوريا هل يتخلّى
الأسد عن صلاحياته لمعارضة الداخل؟ اميل خوري 2012-09-28 النهار تتحدث أوساط سياسية
عن ثلاثة سيناريوات تهدف إلى إخراج
سوريا من أزمتها المتفاقمة وتحقق اولا
وقف النار وأعمال العنف. والسيناريو الأول
تسوّقه روسيا وإيران ويقضي بأن يتخلى
الرئيس بشار الاسد عن صلاحياته لحكومة
انتقالية تتألف من أركان المعارضة
الداخلية التي اجتمعت قبل ايام في حضور
سفيري روسيا وايران وصدر عنها بيان
يدعو الى تغيير النظام في سوريا وتغيير
رموزه ايضا، وهو بيان ما كان ليصدر
بهذا الوضوح لو لم يكن يحظى بتغطية
اقليمية ودولية، وليس للتأكيد أن
المعارضة في الداخل السوري تنعم
بالحرية وتمارس الديموقراطية من دون
عوائق أو ملاحقات... والرئيس الأسد على ما
تفيد المعلومات يوافق على التخلي عن
صلاحياته للمعارضة في الداخل وليس
للمعارضة في الخارج لأنه يعتبرها غير
وطنية. وبعد أن يتخلى عن صلاحياته
لحكومة انتقالية مؤلفة من أركان
المعارضة في الداخل، فإنه يتنحى عن
السلطة إذا ما وافقت معارضة الخارج على
هذا الحل، وان اتصالات تجرى مع هذه
المعارضة لحملها على الموافقة كي يصير
في الإمكان تنفيذ المرحلة الأولى من
الحل على ان تنضم معارضة الخارج الى
معارضة الداخل في حكومة تشرف على
انتخابات نيابية حرة ينبثق منها مجلس
نيابي ينتخب رئيسا للجمهورية ويشكل
حكومة تجري الاصلاحات المطلوبة وتسير
بالبلاد نحو بر الأمان. والسيناريو الثاني
يجعل ايران تقوم بالمساعي اللازمة لدى
الرئيس الاسد في محاولة منها للعب
الدور الذي اضطلع به الرئيس حافظ الأسد
عندما عرض على الولايات المتحدة
الاميركية استعداده لارسال قوة من
جيشه الى لبنان توقف الاقتتال فيه
وتخرج المسلحين الفلسطينيين منه الى
تونس. وقد تمت الصفقة على هذا الاساس
وتخلى الاسد من اجلها عن تحالفه مع
الاتحاد السوفياتي ولم يستجب دعوة
مسؤولين سوفيات الى عدم ارسال جيشه الى
لبنان لأنه سيصطدم بالاحزاب الحليفة
لهم، وهو ما حصل فعلا. ولم تلجأ
الولايات المتحدة إلى سوريا الاسد إلا
بعدما أخفقت كل المساعي لوقف القتال في
لبنان. وتمت تغطية هذه الصفقة
الاميركية – السورية بقرارات صدرت عن
قمة الرياض وقضت بتشكيل "قوة ردع
عربية" من دون ممانعة اسرائيلية
لأنها تكسب التخلص من المقاومة
الفلسطينية في لبنان التي تحول دون جعل
جبهة الجنوب معها هادئة، في حين كسبت
سوريا وصاية على لبنان دامت ثلاثين
عاما خلافا حتى لما نص عليه اتفاق
الطائف الذي حدد مدتها بسنتين. وكان
مسؤولون لبنانيون كلما طالبوا مسؤولين
اميركيين بالمساعدة على انسحاب القوات
السورية من لبنان يجيبون انهم يخشون ان
يكون البديل من نظام الرئيس الاسد اذا
ما صار الاصطدام معه "الاخوان
المسلمين"... أما السيناريو
الثالث فهو ان يكون للولايات المتحدة
الاميركية موقف حاسم وحازم من الوضع في
سوريا بعد الانتخابات الرئاسية، ولا
تترك ايران او روسيا تستأثران بالحل في
سوريا خصوصا اذا لم يكن يحمي مصالحها
الحيوية في المنطقة. ويقول معارضون
سوريون في الخارج هم على اتصال بعواصم
القرار انه يستحيل بعد سقوط 40 الف قتيل
ومئات آلاف الجرحى والمعتقلين وملايين
النازحين والمهجرين وتدمير المدن
والقرى ان تتوقف الثورة الا بعد سقوط
النظام ورحيل الاسد حتى وإن ادى ذلك
الى تدخل عسكري اميركي مباشر او غير
مباشر، وان صحفا اميركية بدأت تنشر
مقالات تقول فيها ان القضية السورية
اصبحت تهم الشعب الاميركي ولم يعد في
استطاعة اي ادارة اميركية تنبثق من
الانتخابات الرئاسية السكوت عما يجري
في سوريا، فاسقاط الرئيس الاسد يعني
انهاء الدور الايراني في المنطقة، وان
العقوبات الاقتصادية في كل المجالات
قد تخلق مشكلة اجتماعية تحرك الشارع
الايراني، وان العجز الاقتصادي يبعد
عن اميركا ودول المنطقة رعب الخوف من
التهديدات الايرانية بالاسلحة
النووية، ولاسيما دول الخليج العربي
حيث النفوذ الاميركي، وتقطع الطريق
بالتالي على نمو الحركات الجهادية
التي تهدد مصالح دول الغرب عندما تجف
مصادر تمويلها. ومن الآن الى ان
تنتهي الانتخابات الرئاسية الاميركية
تكون مهمة الاخضر الابرهيمي كفرصة
اخيرة للحل قد انتهت بنجاح او فشل،
وبعدها يبدأ البحث في اي من
السيناريوات الثلاثة سيأتي بالحل
السياسي او العسكري تنفيذا لدعوة
الرئيس أوباما من الجمعية العمومية
للامم المتحدة الى "انهاء نظام
الاسد". ================= د. جورج طريف الرأي الاردنية 28-9-2012 في كل يوم يمرعلى
الازمة السورية تزداد حدة العنف بين
الجيش النظامي وقوات المعارضة بما
فيها قوات الجيش السوري الحر لدرجة انه
يمكن القول بانه لا تخلو محافظة سورية
في مختلف انحاء البلاد من اشتباكات
وقصف مدفعي وهجوم بطائرات النظام
وبشكل يومي ما يؤدي الى مقتل واصابة
العشرات ومعظمهم من المدنيين عدا ما
تخلفه هذه الاعمال من تشريد ونقص في
الغذاء والدواء والماء دون ان يحرك
المجمتع الدولي ساكنا حيث يكتفي
باصدار الادانات للنظام السوري وتوجيه
الدعوات لحل الازمة . ما يزيد على ثمانية
عشر شهرا مرت على الثورة السورية دون
ان تحقق الديبلوماسية الدولية تقدما
ولو خطوة واحدة للامام على الرغم من
بدء المبعوث الدولي والعربي الاخضر
الابراهيمي مهمته اثر فشل مهمة كوفي
عنان الذي بذل خلالها جهودا كبيرة
اسفرت عن وضعه الخطة السداسية التي لا
تزال من افضل الحلول السلمية ،وتبع ذلك
فشل بعثة المراقبين الدوليين التي
بدأت عملها في شهر ايار الماضي التي
كان ينبغي عليها ان تراقب مدى التزام
الاطراف السورية المتنازعة بوقف اطلاق
النار الذي لم يدخل حيز التنفيذ ولو
لساعة واحدة ، اذ لم تحقق هذه البعثة
شيئا يذكر جراء مهمتها كون اعدادها(300
مراقب في احسن الاحوال ) لم تكن كافية
حتى لتغطية مدينة واحدة من مدن سوريا
التي تواصلت فيها الاشتباكات العنيفة
وعمليات القصف البري والجوي طيلة فترة
تواجدها على الاراضي السورية اولا
،واشتداد العنف والعنف المضاد في
مختلف مناطق سورية في الآونة الاخيرة
لدرجة ان اعضاء البعثة امضوا معظم
اوقاتهم في الفنادق بدلا من متابعة
مهمتهم ثانيا ، ونجم ذلك كله عن
التباين في المواقف في مجلس الامن
الدولي وتغليب الدول الكبرى مصالحها
على المصلحة العامة لدرجة ان سوريا
اصبحت مرشحة لنشوب حرب اهلية لا احد
يستطيع التنبؤ بنتائجها كما انها
اصبحت مرشحة لتكون ساحة لتصفية
الحسابات بين مصالح تلك الدول . نحن لا ننكر صعوبة
مهمة الامم المتحدة في سوريا لا سيما
في ضوء الانقسامات في مواقف الدول
الكبرى في مجلس الامن حول هذه القضية،
وتواصل القتال ووقوع المزيد من
المجازر في العديد من المدن السورية
وعدم وجود اي احتمال للحل السلمي او
الانتقال السياسي للسلطة في المدى
المنظور ، وقد عبر عن ذلك الابراهيمي
نفسه حين اعلن بعد لقائه اعضاء مجلس
الامن عن خطورة الوضع الانساني في
سوريا وان الازمة تتفاقم فالرجل لا
يملك عصا سحرية ولايجوز ان يترك وحده
في الساحة لكي يجد حلا مناسبا ، كما ان
ذلك لا يعني ان يبقى مجلس الامن والدول
الكبرى والعالم مكتوفي الايدي وفي
موقف المتفرج الى ان ينتصر احد الطرفين
على الاخر وهو امر لا يبدو قريبا مع
تواصل تلقي كل طرف الدعم العسكري
واللوجستي والفني من الاطراف الدولية
الموالية وهو ما يشجع على استمرار
الاقتتال . ولعل اجتماعات
الجمعية العامة للامم المتحدة ولقاءات
زعماء الدول تشكل فرصة للعمل على وقف
معاناة الشعب السوري ، فالاوضاع في
سوريا تنزلق نحو منحدر خطير قد يقود
الى حرب طائفية تهدد ليس فقط امن سوريا
واستقرارها وسلامة ووحدة اراضيها
وتماسك شعبها بل تهدد امن واستقرار
المنطقة باسرها ما يتطلب تحركا
ديبلوماسيا عربيا ودوليا بمشاركة
فاعلة من الدول التي تدعم النظام
السوري وعلى رأسها روسيا للضغط على
الرئيس بشار الاسد للقبول بالانتقال
السلمي للسلطة في سوريا اذ ان وقف سفك
الدماء وتحقيق الامن والاستقرار وضمان
وحدة اراضي وشعب سوريا اغلى من كل
التضحيات . ================= سورية في
بورصة الكوارث: تعددت السيناريوهات
والمآل واحد صبحي حديدي 2012-09-27 القدس العربي
صار شائعاً وسهلاً،
بل مستسهَلاً أيضاً، الخوض في غمار
المستقبل السوري؛ الآن، في الراهن،
وقد ربط النظام بقاءه ببقاء البلد،
بشراً وكياناً وطنياً وعمراناً؛ وفي
المستقبل، إذْ يواجه البلد مصائر
صعبة، وخيارات تنعقد على مخاطر كبرى،
بعد قرابة نصف قرن من حكم حزب البعث،
بينها 42 سنة من نظام 'الحركة التصحيحية'.
و'الغمار' هنا صار أشبه ببورصة صاخبة،
يتدافع فيها المراهنون بالمناكب، كلٌّ
يدلي فيها بدلو: تارة يقرأ المرء عن
سيناريو الكابوس الوشيك، الذي يمكن أن
يبدأ من تقسيم البلد وتفتيته و'انفجار'
سورية؛ وطوراً يقفز سيناريو الحرب
الطويلة، المديدة والمستدامة، ليس بين
فئات المجتمع السوري الإثنية و/أو
الطائفية والدينية، فحسب، بل على
مستويات عربية وإقليمية. ولن يعدم المرء
فقيهاً ينصح باتفاقية طائف سورية، هي
خشبة الخلاص الوحيدة، خاصة وأنّ ميزان
الطوائف في سورية ليس أقلّ انطواء على
عناصر الشقاق من نظيره الميزان
اللبناني؛ أو آخر، يزعم التفقه في
التاريخ ما قبل الكولونيالي للبلد،
يقول إنّ سورية كانت دائماً 'تركيبة
هشة'، أقرب ـ على شاكلة، وربما أكثر، من
الأردن ـ إلى دولة 'المنطقة العازلة' Buffer State،
وخاصة في المفهوم الذي سوف تبتدعه
اتفاقيات سايكس ـ بيكو. وحين يبالغ
المبالغون (وهم كثر!) في تضخيم حجم،
ونفوذ، عشرات المقاتلين العرب
والأجانب، المتسللين إلى المناطق
المحررة، في حلب وجبل الزاوية خصيصاً؛
فإنّ الكثيرين منهم لا يترددون في
التخوّف من 'أفغنة' سورية، وانشطارها
إلى إمارات حرب، يتزعمها أمراء طوائف! فإذا بدأ المرء من
خصوم البلد، أو تلك الجهات التي لا
تضمر خيراً لسورية حتى إذا ادعت تأييد
مطامح السوريين إلى إسقاط النظام،
فإنّ الملاحظة الأبرز التي تطغى على
سيناريوهات هؤلاء هي استبعاد الشعب
السوري كطرف فاعل، بل انتفاء دوره
أحياناً. تُخلط الأوراق، وتختلط
القوى، وتتداخل التيارات، وتتعدد
المصالح... فلا تخرج الحصيلة إلا
بانتفاضة منزوعة الإرادة، مستلَبة من
الخارج، رهينة 'التحالف الأمريكي ـ
القطري ـ السعودي'، أسيرة 'الجهاديين'
القادمين من أربع رياح الأرض، سجينة
كتائب الجيش الحرّ التي يهيمن عليها
الإسلاميون وحدهم، ضحية الطائفيين
الغلاة المتشددين وكارهي الأقليات
والتعددية... إلى ماهنالك، وإلى كلّ ما
يخطر على البال، أو لا يخطر، من مثالب
وعثرات وأخطاء وقبائح و... جرائم حرب،
أيضاً وأيضاً! لا أحد من هؤلاء
يتجاسر على إعلان تفضيله لبقاء نظام
الاستبداد والفساد (الذي يظلّ، في
نظرهم، 'العلماني' حتى إذا كان
دكتاتورية دموية، 'ضامن الاستقرار' حتى
إذا شنّ ضدّ الشعب السوري أقذر الحروب
واستخدم كلّ وأثقل الأسلحة، 'الكفيل
الأفضل' للاحتلال الإسرائيلي في
الجولان...)؛ فالحياء، والنفاق، وذرّ
الرماد في العيون، كلها تقتضي عدم
التصريح بتأييد مستبدّ قاتل، ضدّ شعب
قتيل. ولكنّ مسرد ما يعلّقونه على
الانتفاضة من نواقص، سرعان ما تنقلب
إلى مخاطر ومخاوف وسيناريوهات كارثية،
يفضي إلى هذه النتيجة الوحيدة، الجلية
رغم كلّ أفانين تمويهها: أنهم يفضّلون
بقاء النظام، فإذا تعذّر هذا بفضل صمود
الشعب السوري وإصراره على المضيّ
بالانتفاضة حتى ساعة النصر الختامية،
فمن الخير عرقلة هذا المآل قدر
المستطاع، أو إبطاؤه ما أمكن. أمّا أصدقاء الشعب
السوري، أي أولئك الذين يصدقونه قولاً
وفعلاً ونيّة، فإنهم يسوقون سلسلة
مخاوف مشروعة، ويضربون أمثلة على
أخطاء فادحة، ويحذّرون من انحرافات
بالغة الخطورة، ويقتبسون وقائع لا
يصحّ البتة أن تقترن بأية حركة شعبية
ثورية، وذلك على مستويات سياسية
وعسكرية وأخلاقية. هم على حقّ في هذا،
لا جدال بالطبع، خاصة حين يتصل ما
يسوقونه بتلك المعادلة الطاحنة
المزدوجة: ما ينفع النظام يضرّ
بالانتفاضة، وما يطيل ساعة النصر يمدّ
في عمر النظام. والذين يضيقون ذرعاً
بملاحظات الأصدقاء، وخاصة عندما تطال 'مؤسسات'
المعارضة السورية على اختلافها، جدير
بهم أن يتوسلوا صدور تلك الملاحظات،
وأن يروا فيها صيغة بناء في المقام
الأوّل. غير أنّ البعض من
هؤلاء الأصدقاء لا يعتمد مبدأ
الإنصاف، الذي يبيّن ما للانتفاضة،
وما عليها، سواء بسواء؛ ويدفعه حسّ
النقد (البنّاء، غالباً، والحريص
المنحاز للحقّ) إلى ملامة الانتفاضة في
ما ليس للانتفاضة يد فيه، أو حيلولة
دون وقوعه. وهكذا، يُراد من الانتفاضة
أن تكون من صنع بشر أقرب إلى الملائكة،
وأن تكون خالية، أو تكاد، من أي خطأ
جسيم؛ رغم أنّ أحداً لا يصرّح بهذا،
غنيّ عن القول، إذْ هو مطلب محال ولا
صلة له بالعالم الآدمي. ورغم اعتراف
هؤلاء الأصدقاء بأنّ ما اجترحه الشعب
السوري، ويجترحه منذ سنة ونصف، أشبه
بالمعجزة، على الصعيد العربي في أقلّ
تقدير؛ فإنّ إسباغ هذا الشرف يترافق،
على نحو شبه آلي في الواقع، بمسرد
محاذير يحيل المعجزة تلك إلى... أسطورة! جدير بالتذكير،
إذاً، ذلك المبدأ البسيط ـ العادل
والمنصف، بمعايير شتى ـ الذي يقول إنّ
الانتفاضة فعل شعبي معقد، أكثر بكثير
مما يُظنّ عموماً، وأشدّ انطواء على
سيرورات شاقة مركبة، لا ينفع معها
تطبيق أيّ مبدأ مانوي يقسم الظواهر إلى
أبيض أو أسود، سلمية أو عسكرة، استقلال
عن قوى الخارج أو ارتهان لها، وتمسك
بسراط الوحدة الوطنية أو انحراف نحو
تخندقات طائفية أو دينية أو إثنية أو
مناطقية. جدير بالتذكير، أيضاً، هذا
الاعتبار المتمم: لأنها فعل شعبي معقد،
فإنّ الانتفاضة بالتالي فعل اجتماعي
بامتياز، تتجاوز تعقيداته كلّ، وأية، 'خطاطة'
مثالية تمّت تنقيتها من الأوشاب
جميعها. وهي فعل يمكن أن ينقض، في كثير
أو قليل، أية 'وصفة' مسبقة الصنع، مسبقة
التصوّر، مسبقة التخيّل، خالية تماماً
من العثرات والأخطاء والانحرافات. ليس ثمة انتفاضة
طوباوية، ملائكية، وردية، سلمية
مسالمة لا ينيخ عليها الواقع بأثقاله
ومعضلاته وانقساماته؛ فكيف إذا
اختُبرت طيلة سنة ونصف، واستُخدمت
لقهرها كلّ صنوف الأسلحة، من الدبابة
إلى الحوامة فالقاذفة والزورق الحربي،
مروراً براجمة الصواريخ والمدفعية
الثقيلة والقنابل الانشطارية
والمسمارية والغازات المحرّمة
دولياً؟ وكيف إذا صارت نقطة اجتذاب،
وإغراء وإغواء، لما هبّ ودبّ من صنوف
الساعين إلى نصرة الإسلام، عن حقّ أو
عن باطل، بما تنطوي عليه صفوفهم من
ألوان التشدد ضدّ الآخر، إذا خالفهم
الرأي واليقين، حتى إذا كان من أهل 'دار
الإسلام' التي نفروا للجهاد في سبيل
نصرتها؟ فإذا كان الصحافي الأجنبي
قادراً على التسلل إلى الداخل السوري،
عن طريق الحدود التركية الطويلة، وبعد
انهيار الكثير من المعابر الحدودية؛
فلماذا لا يفلح في التسلل مقاتل عربي
أو أجنبي؟ وهل يملك كتائب الجيش الحرّ
رفاه تأجيل قتال جيش النظام، أو تأجيل
الدفاع المصيري عن النفس، بهدف
التفرّغ لمقاتلة هؤلاء المتسللين؟ جدير بالتذكير،
ثالثاً، أنّ الانتفاضة، بوصفها فعلاً
شعبياً اجتماعياً على وجه الدقة، ليست
ثمرة توافق مطلق في المصالح والغايات
والأساليب والعقائد، حتى إذا كانت
شعاراتها الأبرز (إسقاط النظام، بعد
الاقتناع نهائياً بأنّ المركّب الأمني
ـ العسكري ـ الاستثماري الحاكم ليس
راغباً في الإصلاح الحقيقي، وليس
قادراً عليه أصلاً؛ والتطلع إلى سورية
حرّة ديمقراطية تعددية مدنية، لكلّ
أبنائها، على اختلاف انتماءاتهم
العقائدية أو الدينية أو الإثنية)،
تحظى بإجماع عريض. ولهذا فإنّ المظاهرة
الواحدة يمكن أن تضمّ اليساري
واليميني والإسلامي والمسيحي
والليبرالي؛ المسيّس المنتمي، مثل
المستقلّ الوافد حديثاً إلى السياسة؛
المعتدل أو المتشدد أو الوسطي، المؤمن
بسلمية الانتفاضة، مثل ذاك المطالب
بحرب العصابات؛ والمقتنع بأنّ 'المحور
الأمريكي ـ القطري ـ السعودي' يتآمر
علينا، مثل ذاك الذي يعتبره أحد منافذ
نجاة الشعب السوري من المجزرة
المفتوحة التي انقلب إليها سلوك
النظام... هذا ـ على سبيل تذكير
الأصدقاء، وليس الخصوم والمنافقين
والكذبة ـ هو مجتمع الانتفاضة الفعلي،
الحقيقي، الواقعي، غير المجمّل ولا
المزوّق ولا المعدّل؛ ولا تنفع أية
كيمياء طوباوية في تنقيته إلى صبغة
واحدة (بافتراض أنّ التاريخ شهد، ذات
يوم، ابتكار تلك الكيمياء، عند أي شعب!).
وهذا مجتمع لا يجوز فرزه إلى سلسلة 'ألوان'،
طاغية غامقة هنا، أو كامدة فاتحة هناك؛
على نحو يختزل الزخم الشعبي المعقد ـ
والمركّب جداً، كما يتوجب التشديد
دائماً ـ إلى 'فئات' و'شوارع' و'أطراف'...
يخضع، كلّ منها، للقاعدة المانوية
ذاتها، التي تضع الأبيض على نقيض
الأسود، والمؤمن بسلمية الانتفاضة في
وجه حامل الكلاشنيكوف. وسواء كان هذا
على خطأ، أو ذاك على صواب، أو العكس؛ أو
كانت معادلة الاتفاق، أو الاختلاف، في
منزلة بين منزلتين؛ فإنّ القواعد
المانوية هي أسوأ معايير وزن الوطنية
عند زيد أو عمرو، وأقلّها اكتراثاً
بروح الجدل، خاصة إذا نُظر إلى
الانتفاضة على نحو مجرّد تماماً،
بمعزل عن الزمن وتحولاته، ودون وضع
وحشية النظام الدفاعية في قلب
المعادلة، وفي كفّة الميزان. إلى جانب هذه
المسائل، يثير بعض أصدقاء الانتفاضة
مشكلة تشرذم المعارضة السورية، بما
يوحي أنها لو توحدت فإنّ النظام سيضعف
أكثر، أو تخور قواه؛ وأنّ الانتفاضة،
في المقابل، سوف يشتدّ عودها، وترتقي،
وتتقدّم أكثر في برامجها السياسية
والنضالية. صحيح، في القياس المنطقي
المبسط، أنّ الوحدة خير من الانقسام،
ولكن هل كانت المعارضة/ المعارضات
السورية هي مُطْلِقة الانتفاضة في
المقام الأوّل، لكي تنقلب إلى رافعة
لها اليوم؟ وهل قيادة الانتفاضة
الفعلية هي 'المجلس الوطني السوري'،
بمحاسنه ومساوئه، سواء على مستوى
هيئاته، أم على مستوى الأفراد فيه،
وخاصة 'نجوم' الفضائيات وفرسان معارك
الديكة واختيال الطواويس؟ الجواب هو النفي،
بالطبع، وغالبية المعارضين هرولوا خلف
الانتفاضة عند انطلاقتها، فمنهم من
لحق بها وانضمّ إلى ركبها، صادقاً أو
كاذباً؛ ومنهم من تعثر، أو تقطعت به
السبل، فتخلّف، ولكنه ركب الموجة مع
ذلك، لأنه رفض أن يقرّ بعجزه. ويبقى أنّ السلاح
معضلة، والتجييش الطائفي والتخويف من
الحرب الأهلية معضلة أخرى، وهزال
الهيئات التي تزعم القيادة معضلة
ثالثة، وتعليق الآمال على أعداء
النظام اليوم/ أصدقائه حتى الأمس
القريب معضلة رابعة، وموقع سورية
الجيو ـ سياسي الخاصّ والحساس معضلة
خامسة... ولكن الذين انتظروا أن تسير
الانتفاضة ـ في هذا البلد بالذات، ضدّ
هذا النظام تحديداً، وسط هذه
التعقيدات كلها ـ كما السكين في قالب
زبدة؛ هم الجديرون بالتباكي على بورصة
سيناريوهات تكهنوا بها، فخاب فألهم.
على الأرض يتواصل جدل احتدام
المعضلات، والتعقيدات والمصاعب
والتضحيات، لكي ينتهي إلى المآل
الوحيد الذي لم يعد يصحّ سواه: انطواء
صفحة الاستبداد، مرّة وإلى الأبد. ================= باتريك سيل * الجمعة ٢٨
سبتمبر ٢٠١٢ الحياة ليست
المعركة القاسية والحاقدة والدامية
التي تُشنّ في سورية اليوم، جديدةً أو
غيرَ متوقَّعة، كما أنها ليست مجرّد
نتيجة ثانوية للربيع العربي، على
الرغم من أنّ الأحداث التي حصلت في
تونس ومصر ساهمت في إنشاء حركة تمرّد
في المنطقة برمتها. بدلاً من ذلك، يجب
اعتبار الانتفاضة السورية التي تطوّرت
تدريجياً خلال الأشهر الثمانية عشر
الماضية، الحلقةَ الأخيرة، لا بل
الأكثر عنفاً في الحرب الطويلة بين
الإسلاميين وحزب البعث، التي بدأت منذ
تأسيس حزب البعث العلماني في
أربعينيات القرن الماضي، والتي يبدو
الصراع فيها بين الطرفين أشبه بعداوة
حتى الموت. ولا يعني هذا
بالضرورة أنّ الثورة الحالية قائمة
فقط على دوافع دينية وكره مذهبي، فعلى
الرغم من أن هذا هو بعضٌ من واقع الحال،
إلا أن الشكاوى الشعبية الأخرى كانت
تتراكم على مرّ العقود الأخيرة، ومن
أسبابها: ارتفاع نسبة بطالة الشباب،
ووحشية أجهزة الأمن السورية، وإحكام
أقلية من العلويين السيطرة على
المراكز الأساسية في الحياة
الاقتصادية والعسكرية والسياسية
والمادية للبلاد، واستشراء هذه
السيطرة وسط الطبقة الثرية، التي
اغتنت على حساب الدولة، مقابل ضائقة
خانقة عانى منها الشعب، لا سيّما سكّان
«حزام الفقر» حول دمشق وحلب والمدن
الأخرى، وهو ضواحٍ محرومة جرّاء
النزوح الداخلي من الريف، الذي طالما
تمّ إهماله، وعانى كثيراً خلال العقد
الماضي بسبب الخسارة الهائلة التي
تكبّدها من موجة الجفاف المنقطعة
النظير... وأبعد من ذلك كلّه، فلطالما
شعر المسلمون على مدى عقود طويلة
بعدائية ضد النظام السوري الذي يسيطر
عليه حزب البعث السوري. كان حزب البعث، الذي
أسسه مدرّسان في دمشق عقب الحرب
العالمية الثانية، حركةً علمانية
واجتماعية تهدف إلى توحيد العرب وإلى
مساعدتهم في الحصول على الاستقلال.
وتصادم حينها طلابٌ أعضاء في الحزب
مرات عدّة مع أعضاء ينتمون إلى جماعة «الإخوان
المسلمين» المحافِظة، وحين تولى الحزب
زمام السلطة في دمشق عام 1963، تحوّل
الصدام مع الإسلاميين إلى معركة
مفتوحة، وقام ضباط حزب البعث الذين
كانوا من خلفيات أقلية، بمن فيهم حافظ
الأسد والد الرئيس الحالي، بإزاحة
القيادة المدنية للحزب من مكانها،
وتحالفوا مع قائد ثورة المزارعين أكرم
الحوراني، الذي يحظى بكاريزما كبيرة،
والذي كان يتحدّى أصحاب الأراضي في
السهل السوري المركزي، علماً أن
معظمهم يقطنون مدينة حماة. ويَعتبر البعضُ
مدينةَ حماة اليوم مركزَ الانتفاضة
المسلحة التي أطلقتها جماعة «الإخوان
المسلمين» ضد حافظ الأسد، علماً أنه
قمعها بشكل دامٍ في شهر شباط (فبراير)
1982، مخلّفاً بذلك إرثاً من العدائية
المذهبية، كما يَذكر عدد قليل من
الأشخاص، أنه قبل ثماني عشرة سنة، في
شهر نيسان (أبريل) 1964، تحوّلت أعمال
الشغب التي نفّذها الثوار المسلمون ضد
نظام البعث إلى حرب دينية، وراح
الثوار، الذين حصلوا على التمويل من
العائلات القديمة التي تملك الأراضي
والذين شعروا بغضب جرّاء سلبهم
الأراضي وبحماسة من خطابات إمام مسجد
سلطان في حماة، يضعون الحواجز
ويخزّنون الطعام والأسلحة ويداهمون
متاجر النبيذ للتخلّص من هذا المشروب
المحرّم ويضربون كل رجل يجدونه ينتمي
إلى حزب البعث. وبعد حرب شوارع دامت
يومين، قصف النظام مسجد سلطان حيث كان
يحتمي الثوّار وحيث كانوا يطلقون
النار، فانهارت المآذن على رؤوسهم، ما
أدى إلى مقتل عدد كبير منهم، كما جُرح
عدد كبير من الأشخاص، فيما اختفى عدد
آخر تحت الأنقاض. وأغضب قصف المسجد
الرأيَ العام الإسلامي، ما أشعل موجة
من الهجمات والتظاهرات في أنحاء البلد. وتضرب الحرب الأهلية
القائمة اليوم جذورها عميقاً في
التاريخ السوري المعاصر، وتحمل ثورتها
صبغة إسلامية، على حدّ قول الكاتب
السويدي آرون لاند في تقرير إخباري
مؤلف من 45 صفحة حول الجهادية السورية
نشره المعهد السويدي للشؤون الدولية
هذا الأسبوع، وقال فيه إن الملفت هو أن
كافة أعضاء المجموعات المتمردة
المسلحة هم من السنة العرب، وأن القتال
محصور بالمناطق التي يقطنها السنة
العرب، فيما المناطق التي يقطنها
العلويون والدروز والمسيحيون بقيت
غيرَ فاعلة أو داعمةً للنظام، وأنّ
الانشقاقات عن النظام تتمّ في صفوف
أشخاص سُنّة مئة في المئة، وأن المال
والأسلحة والمتطوّعين يتدفقون من
الدول الإسلامية أو من المنظمات
والأفراد الموالين للإسلاميين، وأن
الدين هو القاسم المشترك الأهم بين
الحركات المتمردة. خلال الأشهر القلية
الماضية، غطّى المقاتلون الميدانيون
على عمل المجلس الوطني السوري، أي
المعارضة «السياسية» المدنية
الموجودة في تركيا، وتمّ جمع معظم
هؤلاء المحاربين ضمن تسعة مجالس
عسكرية تابعة للجيش السوري الحر، وتمّ
تقسيم كلّ مجلس إلى عدد من الكتائب.
لكن، وكما همّشت هذه المجالس المجلس
الوطني السوري، بدت غير راغبة في أخذ
الأوامر من قائد الجيش السوري الحرّ
الموجود في تركيا العقيد رياض الأسعد. ولفت آرون لوند إلى
أن الجيش السوري الحر هو ظاهرة عربية
سنية، مع وجود بعض الاستثناءات
النادرة، وأن معظم كتائب الجيش السوري
الحر تستخدم الخطاب الديني، وتتم
تسميتها تيمّناً بشخصيات بطولية، أو
بأحداث في التاريخ الإسلامي السني،
ويقال إن نحو ألفي عضو من غير السوريين
مرتبط بتنظيم «القاعدة» يحاربون في
سورية، وهو نحو 10 في المئة من مجمل
مجموع الثوّار الذين يقدّر عددهم بـ20
ألفاً (على رغم أنّ بعض المصادر يشير
إلى 40 ألفاً)، ويبدو معظم هؤلاء
المحاربين فاعلين في حماية مناطق
سكنهم. وتُعَدّ ثلاثُ وحدات
قتال أساسية، وهي «جبهة النصرة» و «كتيبة
أحرار الشام» و «كتيبة صقور الشام»، من
بين المجموعات السلفية المتشدّدة في
حركة التمرّد السورية، وتمّ اتهام
الكتيبة الأولى بتنفيذ الهجمات
الانتحارية والهجمات بالسيارات
المفخخة في المدن السورية وباغتيال
شخصيات موالية للنظام، أما الكتيبة
الثانية، فتنصب الكمائن وتستخدم
التفجيرات من بُعد ونيران القناصة ضد
دوريات للجيش، وتستخدم الكتيبة
الثالثة التفجيرات الانتحارية وتروّج
لدعايتها ضمن خطابها الجهادي. وأعلن
قائدا الكتيبتين الأخيرتين أنّ هدفهما
يقوم على إنشاء دولة إسلامية في سورية،
ويبدو أنّ الكتائب الثلاثة استقبلت
محاربي تنظيم «القاعدة» في صفوفها. وأخلّت هذه
المجموعات القتالية بتوازن النظام
السوري من دون أي تدخّل عسكري أجنبي
لمصلحتها، لكن يبدو أنها عاجزة عن
إسقاطه، فيردّ النظام بالهجمات الجوية
والميدانية ويبدو عازماً على سحق جيوب
الثورة المسلحة على الأراضي السورية. هذه هي المعضلة التي
تواجه مبعوث السلام للأمم المتحدة
الأخضر الإبراهيمي، الذي تقوم مهمته
على إقناع العالم بفرض حظر جوي على
الطرفين قبل جلبهما إلى طاولة
المفاوضات، ولكن يبدو أنه لن يسعه
تحقيق هدفه إلا بعد أن يتمّ إقناع
الطرفين أنّ أياً منهما لن يسعه تحقيق
انتصار حاسم. في هذا الوقت، سيموت عدد
أكبر من الأشخاص أو سيتمّ تهجيرهم من
منازلهم وسيغرق بلدهم في الدم
والفوضى، الأمر الذي سيصعّب سدّ
الانقسام بين الإسلاميين والرئيس بشار
الأسد. ================= الخشية
من نقل الأزمة أم من انتقال التغيير؟ الجمعة ٢٨
سبتمبر ٢٠١٢ وليد شقير الحياة يكثر رؤساء الدول
الكبرى، والعربية، ووزراء خارجيتهم،
الحديث عن خشيتهم من نقل الأزمة
السورية الى لبنان. الدول الغربية تكرر
قلقها من أن يقوم النظام السوري نفسه
بنقل هذه الأزمة، وأن يتولى حلفاؤه ذلك
أي إيران و «حزب الله»، كما فعل الرئيس
الفرنسي فرانسوا هولاند أول من أمس.
وروسيا والصين تكتفيان بالنصح وتضغطان
على النظام السوري الحليف للحؤول دون
ذلك. وديبلوماسيو هذه
الدول في بيروت لا ينفكون عن إثارة هذا
الهاجس، ولا يتوانى ممثلو هذه الدول عن
الانتقال الى تشجيع الفرقاء
اللبنانيين على مواصلة جهود تثبيت
الاستقرار وتجنب انتقال الأزمة
السورية الى لبنان، مع علمهم الكامل
بأن كلاً من الفرقاء اللبنانيين منغمس
حتى الأذنين، في حساباته لما سيؤول
إليه المشهد السوري، وفي تقديره لما
سينتجه من وقائع في الداخل. فكل منهم
منحاز الى النظام أو الى المعارضة. وإذا كان للانقسام
بين اللبنانيين حول سورية ما يبرر
المخاوف من انتقال التأزم، الى بلدهم،
فهم نجحوا حتى الآن في إدارة هذا
الانقسام بأقل الأضرار على الصعيد
الأمني، ولعب رئيس الجمهورية ميشال
سليمان دوراً أساسياً في ذلك حتى الآن،
مستفيداً من أن في كلا الفريقين
العريضين من يرى مصلحة في عدم نقل
العنف داخل سورية الى الحلبة
اللبنانية، كل لسببه. فريق 8 آذار يراهن
على أن يصمد النظام وعلى أن الضعف
والوهن اللذين أصيب بهما لا يعنيان أن
«محور الممانعة» الذي يشكل هذا الفريق
امتداداً له في لبنان سيضعف في
المعادلة اللبنانية. وفريق 14 آذار الذي
لا قدرة عسكرية أو أمنية لديه أصلاً
على زعزعة الاستقرار مطمئن الى أن ما
ستؤول إليه الأمور في دمشق سيؤدي الى
رفع القبضة السورية عن لبنان، وسيعيد
إليه حرية حركته. وعلى رغم المكابرة
والإنكار عند فريق 8 آذار، إزاء حتمية
التغيير في دمشق، فإن قادة هذا الفريق
يدركون، مثلهم مثل خصومهم، أن هذا
التغيير قادم لا محالة، وأن المشكلة
ستكون، ليس نقل الأزمة السورية الى
لبنان، بل انتقال التغيير إليه،
وكيفية إدارة هذا التغيير في الداخل
اللبناني. وإذا كانت مفاعيل
التغيير في سورية لم تتضح بعد على صعيد
السلطة، في انتظار الأفكار التي
سيطرحها الممثل المشترك الخاص الأخضر
الإبراهيمي، وكل المداولات بين الدول
المعنية بما فيها دول الرباعية التي
ترعاها مصر، فإن اللبنانيين أمام
استحقاقات أبرزها الانتخابات
النيابية الربيع المقبل، تختبر مدى
قدرتهم على التأقلم مع التغيير الآتي. ومن السذاجة بمكان
الاعتقاد أن لا تغيير في لبنان
استتباعاً للتغيير في دمشق. ويكون من
قبيل دفن الرأس في الرمال عدم التنبه
الى أن ما أرسته الإدارة السورية لنظام
البعث والرئيسين حافظ الأسد وبشار
الأسد، من معادلات في الوضع اللبناني
لن تتغير. فهذه الإدارة كانت منخرطة
حتى أذنيها في رسم الخريطة السياسية
الداخلية، بما يخدم توجهاتها
الإقليمية ومصالحها الخاصة، السياسية
والمالية. وهي خريطة رُسمت عبر أجهزة
الاستخبارات واستخدام القوة والقتل
والترهيب والترغيب وتسعير التناقضات
اللبنانية الداخلية. وهي إدارة ساهمت
مع إيران في بناء ترسانة من الأسلحة
والصواريخ وجيش من المقاتلين، يرتكزون
الى قاعدة طائفية، لدورهم وظيفة
إقليمية، تتخطى قدرات لبنان على
الاحتمال، وتتجاوز حدود المساومات
التي تتيحها الفسيفساء الداخلية في
المؤسسات اللبنانية الهشة أصلاً. أليس تكرار الرئيس
اللبناني مرات عدة خلال الأشهر
الماضية القول إن اتجاه الدول العربية
الى الديموقراطية يفترض أن يؤدي
باللبنانيين الى تحسين ممارسة نظامهم
الديموقراطي، هو دعوة الى الفرقاء
لاستشعار التغيير الآتي والتهيؤ له
لبنانياً؟ وماذا يعني قوله إن لبنان «عانى
على مدى 6 عقود وأكثر من نعمة
الديموقراطية وسط هذا الشرق وتلك
النعمة جعلته موضع أطماع بالاستقواء
عليه وتعريضه لأزمات هددت وجوده
وكيانه...». سوى أن ما خلفته إدارة سورية
لشؤونه من أجل إخضاع سلطته لخطط
إقليمية يجب أن يخضع لإعادة نظر في ظل
التغيير الآتي فيها؟ المشكلة تكمن في
مقاومة جزء من الطبقة السياسية التي
بنتها الإدارة السورية، للتغيير الآتي
في لبنان، والذي يوجبه التغيير الآتي
في سورية، أكثر مما تكمن في نقل الأزمة
السورية الى لبنان. وهذا سبب كل ذلك
الخلاف والضجيج حول قانون الانتخاب،
الذي سيفرز السلطة الجديدة ورئيس
الجمهورية الجديد. وإذا كانت سورية من
ضمن دول الربيع العربي تتجه الى تداول
للسلطة فمن باب أولى أن يعود لبنان الى
ممارسة ما ميّز نظامه قبل تحكم القبضة
السورية بسلطته لعقود. ================= سوريا
من دون أسد أم أسد من دون سوريا؟! عماد الدين
أديب الشرق الاوسط 28-9-2012 يتحدث وزير الخارجية
الإيطالي في أروقة الجمعية العامة
للأمم المتحدة عن «استراتيجية ما بعد
الأسد»، وأن هناك تقريبا شبه اتفاق
دولي على ضرورة رحيل الرئيس السوري.
وتتحدث التقارير الصحافية عن أن
الرئيس الإيراني ذاته لا يمانع من رحيل
الدكتور بشار الأسد ولكن وفق شروط
وضمانات خاصة بشكل النظام السوري
الجديد من ناحية «موقف هذا النظام من
طبيعة العلاقة مع طهران». أما وزير الخارجية
الروسي لافروف، فقد أعلن في مقابلة
تلفزيونية في قناة «بلومبيرغ» مع
الإعلامي القدير شارلي روز، أن روسيا
لن تضغط على الرئيس السوري للرحيل، لأن
خروجه تحت الضغط لن يؤدي إلى حلول،
ولكن هو وحده الذي يمكن أن يحدث
الترتيبات التي تتزامن مع قرار الرحيل! الجميع يتحدث عن رحيل
الأسد، والطرف الوحيد الذي لا يتحدث عن
هذا الموضوع مباشرة أو تلميحا هو
الرئيس بشار نفسه! والجديد في موقف
السيدة كلينتون حول الموضوع السوري،
هو أنها تريد دفع الأعضاء الدائمين في
مجلس الأمن لاتخاذ قرار دولي ضاغط على
النظام السوري، ويتفق معها في ذلك
الدكتور نبيل العربي الأمين العام
للجامعة العربية الذي طالب في نيويورك
بتطبيق العقوبات ضد النظام السوري إلى
حد اللجوء إلى «الفصل السابع» الشهير. الرئيس المصري
الدكتور محمد مرسي مع رحيل الأسد بأي
ثمن، لكنه يحذر من التدخل العسكري
الخارجي، وأمير قطر يرى أنه نتيجة فشل
اتفاق إرادات الدول الكبرى ومجلس
الأمن، يتعين على الدول العربية أن
تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية
والسياسية للقيام بعمل سياسي أو عسكري
لإنقاذ الشعب السوري من حكامه. وهناك
دراسة تتبناها الخارجية الأميركية
يجري تسويقها على لسان السيدة كلينتون
وكبار مساعديها بعنوان «سوريا من دون
الأسد»، ويتم فيها طرح تصورات حول
سوريا الجديدة الخالية من النظام
الأسدي. بينما يتم كل هذا
الحديث، لا تتوقف السفن الحربية
الروسية والصينية عن تفريغ شحنات من
السلاح الجديد في طرطوس وبانياس.
وبينما يتم تسويق موضوع «سوريا من دون
الأسد»، تستخدم طهران الممر الجوي
الآمن بين إيران وسوريا لنقل كميات من
الصواريخ الإيرانية الصنع كي تستخدمها
المروحيات التابعة للنظام الأسدي
للفتك بالجيش السوري الحر. نحن إزاء أنصار
لسوريا الأسد يشترون الوقت ويراوغون
في التصريحات الشفهية لكنهم يدعمون
هذا النظام حتى آخر لحظة، وحتى آخر
رصاصة. ونحن أيضا إزاء أنصار للشعب
السوري يطلقون تصريحات قوية في الحروف
والكلمات فارغة في التأثير. لذلك كله، فإن أخشى
ما أخشاه أن يسبب ذلك في عدم تحقق حلم
السيدة كلينتون في وجود سوريا من دون
الأسد، ولكن الأسد من دون وجود سوريا! هل ينجح الأسد في
إنهاء واحدة من أقدم الحضارات؟! ================= سوريا
والعراق.. من التبعية إلى التجريح وفيق السامرائي الشرق الاوسط 28-9-2012 لم تترك المحنة
السورية وقعا مؤلما في نفوس السوريين
وأوضاعهم وحدهم، بل تركت ذلك في نفس كل
من يحمل القيم الإنسانية، بعيدا عن
الانتماءات العنصرية والدينية،
باستثناء كثير من العرب، ممن تغيروا
بما يخالف الموروث من قيم تغنوا
وتشدقوا بها زمنا طويلا، وتحولوا إلى
دمى فارغة بعيدة عن كل المشاعر
الإنسانية، لم تحركهم المآسي التي
يتعرض لها شعب ترك بصمات إيجابية عظيمة
على تاريخهم وثقافتهم، ووقف إلى
جانبهم على الدوام. وليس غريبا أن تبقى
جوقة المفسدين والمنتفعين وتجار
الحروب والمرعوبين من أم الثورات، إلى
جانب التسلط والقمع حتى النهاية. ليظهر
من هؤلاء من ينتقد سيده بعد أن يقضى
الأمر، تذرعا بأنه أجبر على ما كان
يقوم به بسبب المراقبة المفروضة عليه،
والخوف على نفسه وأهله، وما إلى ذلك من
التبريرات. وهذا النمط من الموظفين
الكلاسيكيين يمكن النظر إليهم بعين
الشفقة، إن لم يكونوا مساهمين في إيذاء
سافر للناس، خلاف الذين يواصلون
الإصرار على المضي مع النظام في قمعه،
ومن المستبعد أن يقبل الشعب السوري
الجريح أعذارهم واعتذارهم. فمن يبقى
يروج للنظام دعاياته، وتنظيم علاقاته
الخارجية، ومن يبرر قمعه، ومن يسهم في
حملاته، ومن يكتب الشعر ويحرر
البيانات والمقالات الداعمة، لا مكان
له بين الذين سيصطفون في صفوف طلب
الشفقة والرأفة. ومن ينقلب بعد فوات
الوقت فلن يزده انقلابه إلا نزولا إلى
قعر الذل والانحطاط. وأمام هذا النمط
من الناس فرصة مراجعة تجربة العراق، مع
الفوارق في كثير من المعطيات التي
تخلخل عناصر المقارنة. ومما حدث في العراق،
أن قادة وشخصيات بعثية وغير بعثية،
عسكرية ومدنية، تمردت على سياسة
النظام، وأعدم من أعدم وغادر العراق من
غادر، متخذين موقفا تحت ضوء الشمس.
وبقي من بقي ولم يغير موقفه حتى رحل
بطريقة أو بأخرى، ومنهم من بقي ثابتا
على موقفه، أو لاذ بالسكوت والانكفاء.
أما المثل السيئ الذي يضرب، فهو أن
ينتقل أشخاص بعد حياة بذخ، بذلة وخنوع،
من الولاء المطلق وفق نظرية التابع
والمتبوع، إلى النقد والتجريح غير
المهذب ضد سيدهم. فمن يعمل في مستويات
القيادة العليا، أو يسهم في كتابة
بياناتها ومواقفها على شاكلة «يا حوم
اتبع لو جرينا» العراقية و«كتابة
الأغاني الثورية، ومهاجمة من يدعي
أنهم أبناء جلدته، والتشكيك في هويتهم
وأصولهم وأخلاقهم من وراء ستار»،
ويتمتع بامتيازات كبيرة، ثم ينقلب بعد
أن يرحل سيده بأي شكل، فإنه يستقر في
قعر السقوط الأخلاقي. ومن هؤلاء - على
قلتهم - من كان ملازما لمسيرة حزب البعث
لأكثر من نصف قرن. ومنهم من كان مستشارا
مقربا وناطقا وكاتبا وموجها على مستوى
التوجيه السياسي والثقافي المدني
والعسكري والاستخبارات، ومنهم من منح
أو رقي إلى رتب كبيرة بغير استحقاق..!
فهل يستفيد من هم في جوقة القرار
السوري من تلك التجربة العراقية، مع
الفوارق في بعض المعطيات؟ لقد شاهد العراقيون
شخصيات لم تكن أفعالها وثقافتها لصيقة
بالنظام فحسب، بل كانت جزءا منه ومنظرة
في كثير من الجوانب، مستغلة عفوية
وبساطة بعض أطراف الحلقات المحيطة.
فضلا عن «براعة» في التملق وإظهار فنون
تبعية سياسية ومهنية ذليلة. وشاهد
العراقيون قسما من هذا النمط ينقلبون
على أنفسهم وعلى سيدهم وأسيادهم
وقادتهم بعد الرحيل - بلا حياء - غير
ملتفتين إلى أقوال الناس وسخرهم
وتحقيرهم. فأكثر ما لحق بصدام بعد
رحيله من تجريح كان ممن قدموا له
أنفسهم مطايا وأبواقا وأقلاما وطبالين.
فهذه ليست صحوة ضمير، وليست مراجعة
نفس، بقدر ما هي انحطاط فكري وتحلل
أخلاقي. وإذ وجد هؤلاء المتلونون من
مجال للظهور بوجوه أخرى في التجربة
العراقية، فالجراح السورية والدمار
الفظيع، وسياسة الإبادة الجماعية، لن
تدع مجالا لأمثالهم لتكرار تجربة
الانقلاب الانتهازي بعد انتهاء فترة
التسامح المطلوب. ويا للعجب أن يقبل
ضابط سوري رتبة مهما كبر عنوانها،
ليقمع بها شعبه! فالرتب العسكرية شرف
كبير عندما تكون لحماية الأوطان وحفظ
أمن الناس، وبخلافه ما هي إلا نياشين
مؤقتة زائلة لا يفخر بها، فليخلعوها إن
لم يكونوا قادرين على حملها إلى جانب
الشعب وثورته التي عمت مدن سوريا
وأريافها. ===================== مد يدك،
باسم الله الرحمن الرحيم! ميشيل كيلو السفير 15/9/2012 قداسة الحبر الأعظم أحببت أن اخاطبك باسم
الله، الذي يسميه الإسلام :الرحمن
الرحيم. أنا يا صاحب القداسة لست مؤمنا
بكل ما أتت به الأديان، لكنني أعتقد
أنها هي التي حفظت وجود الإنسان وتاليا
الجنس البشري، عندما جعلت حياة الاول
مقدسة وجعلته هو على صورة ومثال خالقه
الذي هو القداسة عينها. في نظري، إن حفظ
الحياة هو أعظم ما أتت به الرسالات
السماوية، فلولاه لما كان هناك اليوم
هذه الإنسانية التي نراها، ولما كنا
نعيش إبداعاتها وإنجازاتها، ولما كنا
كائنات مفعمة بالعيوب والنواقص، وبشرا
يملكون شيئا مقدسا هو حياتهم التي
وهبها خالقهم لهم، وهو يصرف النظر عن
حماقاتهم وأخطائهم الكثيرة، لأنه رحمن
رحيم . أنا يا سيدي سوري
وعربي و… مسيحي، مواطن ينتمي إلى
منطقة عرفت خلال تاريخها الطويل
والمتقلب كيف تجعل مكوناتها البشرية
والدينية والثقافية والسياسية تتعايش
بعضها مع بعض. صحيح أنها لم تعرف نظرية
التسامح، لكنها عاشت التسامح نفسه
ومارسته قبل أن يضع «جون لوك «كتابه
العظيم بمئات السنين، ولا شك لدي في أن
قداستك تعرف وتقدر أن تكون هي التي
وضعت معظم المفردات التي اسست الحضارة
الإنسانية: من الدين، إلى الفكر
المجرد، إلى الأرقام، والزراعة
،وتدجين الحيوان، وصهر المعادن، إلى
الدولة، وأساليب السيطرة على الطبيعة،
إلى الكتابة ،والموسيقى، والرسم
والرقص… وتعلم أن الإسلام: آخر
اديانها يرى في رسالته صحيح كل الأديان
السابقة له، لذلك تراه يكن لها أصدق
الاحترام. ويكفي أن تقرأ قداستك ما
يقوله القرآن عن المسيح، «روح الله»،
وأمه مريم العذراء، «اطهر نساء
العالمين»، حتى ترى الفارق بين نصه وأي
نص آخر كتب عنهمافي اي تاريخ. يكفي يا
صاحب القداسة أن تذكر اسم المسيح امام
أي مسلم حتى يسميه بخشوع: «سيدنا عيسى
عليه السلام»، واسم أمه حتى يقول
بإجلال «ستنا» (سيدتنا) مريم، ويضيف:
عليها السلام. أخيرا، تعلم قداستك
أن المسيحية تعيش في هذا الشرق: موطنها
الأصلي، منذ نيف والفي عام مع أديان
ورسالات أهمها الإسلام، الذي لم يأت كي
يلغي ما قبله، بل ليستوعب صحيحه ويجعله
جزءا تكوينيا منه: لذلك ترانا، مسلمين
بهذا البعد الروحي والفكري العميق،
فالإسلام يحمل شيئا من مسيحيتنا، كما
يعتبر المسلمون مسيحيين في جزء من
ديانتهم السمحاء، وإلا لما كانوا قد
احترموا وجودنا التاريخي بينهم، مع أن
دينهم تبشيري، ولما تذكروا دوما أن
رحمة الله تلزم المسلمين بالرحمة تجاه
مخلوقاته. صحيح أن الأمر لم يكن دوما
على هذه الصورة، لكنه كان هكذا أو
قريبا منه في القسم الأعظم من التاريخ،
وإلا ما الذي يفسر بقاء المسيحية في
الشرق بعد الحروب الصليبية، التي
أسماها المسلمون حروب الفرنجة كي لا
يدنس ذكرها اسم الصليب؟ ومن حمى
المسيحية والمسيحيين بعد هزيمة
الفرنجة الساحقة على يد جيوش مسلمة
شارك المسيحيون فيها؟ أقول لقداستك
بكل صراحة: إن انتماءهم إلى المسلمين
وانتماء هؤلاء إليهم هو الذي حماهم:
ألم يفتح مسيحيو المدن السورية أبواب
مدنهم أمام جيش أبناء عمومتهم
المسلمين، كي يزيحوا عن وكاهلهم عبء
مسيحيي بيزنظة الروم؟ ثم، ألم يصرخ
مقاتل مسيحي في جيش أولاد عمه وأهله
المسلمين خلال معركة القادسية ضد
الفرس: قتلت رستم ورب الكعبة، حين أردى
قائد جيش الفرس؟ … واليوم، هناك
محاولات كثيرة لفصم هذه الشراكة
التاريخية، تقوم بها جهات متنوعة
تنتمي إلى الجانبين المسيحي والمسلم،
فضلا عن مؤسسات وتنظيمات متشددة
متعصبة، تبنت وجهات نظر مذهبية
وقراءات فقهية بلورتها أكثر مناطق
العالم الإسلامي تأخرا وتزمتا، لا
تصارع المسيحية وحدها، بل قبلها وأكثر
منها الاسلام الوسطي، الذي نشره العرب
في كل مكان ويرون فيه اليوم ايضا
قراءتهم لدينهم الحنيف، الذين هم
مادته. بالمقابل، هناك
كنائس مسيحية متطرفة ترى المسلم بعين
العدو الذي اجبرت على العيش مكرهة معه،
ولا تراه بعين الشريك والقريب، الذي
لطالما تفاعلت معه في رحاب رحمانية
الله ورحمته. وهناك أحبار يعتبرون
أنفسهم مقاتلين يخوضون معركة متأخرة
كان يجب أن تحسم منذ زمن طويل، هم اليوم
طلائع ورواد فيها، يسعرون نارها التي
تحرق المؤمنين من الجانبين، وتعانق
النار التي يشعلها أمثالهم من مجانين
المسلمين. المشكلة يا صاحب
القداسة أن هؤلاء يسندون ظهورهم
إليكم، ربما من دون علمكم، ويخوضون
معركتهم تحت رايات يزعمون انكم
ترفعونها بدوركم، ودين يقولون إنهم
يشتركون معكم في رهاناته، وأنكم جزء من
عالم يزعمون أنه ضد العرب والمسلمين،
لن ينتصر بغير حرب دينية ضارية لا
يجدون لها سابقة في تاريخنا الشرقي،
فيريدونها على صورة تلك الحروب التي
نشبت بين المذاهب والطوائف المسيحية
في أوروبا عند مطالع العصر الحديث،
ويرون أنفسهم يخوضونها على الجانب
الأوروبي، وجانب قداستكم وما تمثلونه،
فلا بد من أن تتوجهوا إليهم بكلمات لا
لبس فيها، تعيدهم إلى صوابهم، وتذكرهم
أنه ليس هناك ولن يكون هناك حرب مسيحية
إسلامية، وان على المسيحية ان لا تدعم
اية حرب ضد اي كان، وخاصة منها الحرب
التي يشنها النظام السوري ضد شعبه باسم
مكافحة إرهاب لطالما رعاه واحتضنه
ودرب عناصره وتحالف مع قواه واستخدمها
داخل سوريا وعلى مستوى المنطقة
العربية والاسلامية، أو بأي اسم آخر،
ما دام «قتل النفس التي حرم الله»،
بتعبير القرآن الكريم، جريمة لا غفران
لها، ولان طائرات النظام السوري لا
تقتل اعداء المسيح، بل تقصف مدنا وقرى
آمنة يستحيل أن تميز بين الإرهابي
والأعزل من أطفالها ونسائها وشيوخها
وشبابها، وتقتل على الأرجح المئات من
العزل والإبرياء مقابل كل مسلح ممن
أرغمهم العنف الرسمي الأعمى والمتواصل
على حمل السلاح دفاعا عن أنفسهم. لا يخوض النظام
السوري معركة الدفاع عن المسيحية، كي
يحظى بتعاطف كنائس وكهنة مسيحيين، بل
يقاتل دفاعا عن استبداده وامتيازاته
وقدرته على امتهان كرامة الإنسان،
متذرعا بعلمانية، هي في حقيقتها دين
سلطة، يرغمك على عبادة قادته ورموزه،
باعتبارهم آلهة سياسيين تفرضهم
الشمولية، كألهة تعبد على رعاياهم،
الذين لا يجوز أن يشركوا بهم معهم، بما
في ذلك الرحمن الرحيم، وإلا كانت
الدبابات والمدافع والطائرات لهم
بالمرصاد، وتعرضوا لعنف يحصد أرواحهم
كل يوم، دون أن يترك مترا مربعا واحدا
خارج قبضته في طول سوريا وعرضها. ولا يخوض النظام
معركة الدفاع عن المسيحيين، الذين لا
يهددهم أي خطر اعظم من حماقة بعض
كنائسهم وكهنتهم، التي وصلت إلى حد
جعلهم يباركون قتل الأطفال والنساء
والشيوخ وينظمون حفلات راقصة احتفالا
به، ويرون فيه حربا إنقاذية على
الإرهاب والتطرف، كأن العنف الرسمي
المفتوح ليس إرهابا وليس تطرفا، أو كأن
انتصار النظام يبرر قبول التضحية
بإنسان واحد على يد نظام رفض ما قدم
إليه من حلول سياسية كثيرة، واختار
طريق العنف والإبادة الجماعية، فأيدته
كنيسة تدعي انتماءها إلى يسوع
الناصري، عدو العنف الأكبر في التاريخ
الإنساني، وابن السلام الذي لقب نفسه
مرات كثيرة ابن الشعب وابن الله :
الرحمن الرحيم. أعد يا سيدي، الكنيسة
إلى رشدها، وذكرها بأن ما أبقى على
المسيحية في المشرق بعد حروب الفرنجة،
كان وقوف المسيحيين إلى جانب الحق، ومع
ابناء عمومتهم ضد من أرادوا قهرهم، وأن
كنيستهم تبدد اليوم رصيدهم التاريخي،
وتضعهم أمام مجاهيل من المؤكد أنها
ستكون شديدة الخطورة عليهم، إن هم
انحازوا إلى نظم زائلة لا تعرف كيف
تبقى في الحكم دون مدافع وطائرات
ودبابات تدمر مدن وقرى بلادها
المطالبة بالحرية والديموقراطية،
وبتلك القيم التي صنعت تاريخ العالم
الحديث، دون أن تقيم قطيعة بين الدين
والإنسان، وبين الكنيسة وبينه. إن المسيحية
المشرقية في خطر عظيم، يا صاحب
القداسة، ليس لأنها مهددة بالأصولية
الإسلامية، بل لأنها تدار بيد أصولية
مسيحية وعقليتها، يمارسها ويتبناها
أحبار يقودون بعضها، تضع سياساتهم
ومواقفهم اللإنسانية واللاخلاقية
السكين على عنق يسوع الناصري، لأنها
تضعها لأول مرة في التاريخ ضد أبناء
عمومتها المظلومين، الذي لا ذنب لهم
غير أنهم يحاولون إنقاذ أنفسهم من موت
بطيء، مستعينين بالحرية، التي يعتبر
فيلسوف من وزن هيغل أن المسيحية هي
التي أدخلتها إلى التاريخ، وأنها
إنجازها الأعظم والأبقى . صاحب القداسة ستكون زيارتك مهمة،
بل إنها يمكن أن تمثل تحولا في تاريخ
المسيحية والاسلام، فلا تسهم ولا
توافق على هدم الهيكل فوق رؤوس
المسيحيين العرب، ومد يدك المباركة
لأنقاذهم من حماقات تقترفها كنائسهم
وأحبارهم، وإلا جاء يوم ندم ستقولون
فيه : لم يصارحنا أحد بالحقائق،
وستتساءلون ببراءة : لماذا سكتم على
جريمة كان يرتكبها كهنة باسم يسوع
الناصري، الذي أراد الهيكل نظيفا
وطاهرا، لكن هؤلاء كانوا يلوثونه
بآثام ستتسبب في سفك دماء بشر افتداهم
بحياته، بينما كان احبارهم يسوقونهم
الى الهلاك؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |