ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اميمة الخميس الرياض 3-10-2012
قبل مئة عام قال المفكر السوري
وأحد رواد النهضة العربية (عبدالرحمن
الكواكبي) (فناء دولة الاستبداد لا
يصيب المستبدين وحدهم، بل يشمل الدمار
الأرض والناس والديار، لأن دولة
الاستبداد في مرحلها الأخيرة تضرب ضرب
عشواء كثور هائج أو مثل فيل في مصنع
فخار، وتحطم نفسها وبلدها وأهلها قبل
أن تستسلم للزوال وكأنما يستحق على
الناس أن يدفعوا في النهاية ثمن سكوتهم
الطويل على الظلم وقبولهم القهر والذل
والاستعباد، وعدم تأملهم في معنى
الآية الكريمة (واتقوا فتنة لا تصيبن
الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله
شديد العقاب). وكأن الكواكبي يصف
المشهد السوري اليوم، وكأن المصائب
الحالكة هي قدر أزلي لتلك المنطقة
وأهلها، تجاوز عدد شهداء سوريا الآن
العشرين ألفا، ناهينا عن الإعاقات
الجسدية والنفسية والتشتت والتهجير
ودمار البنية التحتية في سوريا التي هي
من أساسها مهلهلة.. كل هذا من أجل أن
يبقى طاغية سوريا فوق عرشه يحفه عدد من
المتنفعين، لم يكن سقف مطالب الشعب
السوري مرتفعا.. كان فقط يطلب الحقوق
المبدئية للعيش الكريم.. يطمح إلى
استثمار مقدرات سوريا في تنمية كبرى
تطال البنية التحتية والإنسان السوري،
كان يطالب بمستشفى لائق إذا مرض،
وبنظام تعليمي يستثمر في مواهب الشعب،
مع دولة مدنية لا عسكرية تقدر قيم
الحرية والعدالة وتوزيع الثروة ضمن
قنوات الشفافية والمحاسبية.. لم يكن
يطلب الشعب الكثير، كان فقط يطالب
بالحقوق الأولية التي تنالها شعوب
الأرض دون نقاش.. لكن الأثمان التي
يدفعها الآن هي باهظة جدا. ففي تلك اللحظة التي
وقف فيها وزير الخارجية السوري فوق
منبر الأمم المتحدة أثناء اجتماع
جمعيتها العمومية، كانت طائرات النظام
السوري تدك المدن السورية وبالتحديد (حلب)
بآخر اختراعات التوحش والبربرية التي
توصل لها النظام وهي عبارة عن براميل
ملغمة تلقى من شاهق الطائرات على
المناطق السكنية المكتظة كي تحدث
دمارا كبيرا بين صفوف المدنيين. يقف وزير خارجية
النظام السوري مثرثرا فوق منبر تحاول
الشعوب فيه أن تقترب من لغة الإنسانية
والسلام والتعايش، بينما شدقيه
الضخمين يقطران بدماء الشعب السوري،
مصرا على مؤامرة عالمية عظمى تترصد
بسوريا!! الذي استمع إلى
الخطاب يجد أن النظام في سوريا لم
يتزحزح ولو شبرا عن مواقفه السابقة، لم
يستطع أن يفكر خارج الخوذة الحجرية
التي تطوق مستوى الرؤية لديه، فمازالت
توظف مفردات (الصمود والمقاومة) وهي
المفردة التي كان النظام يستمد منها
شرعيته، ومازال النقاش حول بشار الأسد
ومغادرته الحكم هو خط أحمر وشأن داخلي
ورغم أن الرئيس فقد شرعيته مع أول
رصاصة انطلقت إلى صدر متظاهر سلمي في
درعا، فكيف من دك مدنا سورية بكاملها
بجميع ما تحويه مستودعات الأسلحة
الروسية من خردوات الحرب الباردة. وليس
فقط الأسلحة بل حتى خطاب المعلم ما برح
متشبثا بأطروحات الحرب الباردة
والمعسكر الشرقي والغربي وقد حيا في
نهاية خطابه كوبا وفنزويلا وكوريا
الجنوبية، وجميع الدول ذات الولاءات
القديمة مع المعسكر الشرقي، بشكل
مسرحي يدل على مقدار أزمة الوعي الكبرى
التي مازال يعيشها النظام في سوريا. وكما قال الكواكبي:
دولة الاستبداد مصيرها للفناء والزوال..
فهي لا تدوم. ================= دَرْس
المعلم: حتى آخر نقطة دم! راجح الخوري 2012-10-03 النهار ربما سيتذكر وليد
المعلم كسياسي وديبلوماسي مخضرم ان
أسوأ أيام حياته كان يوم وقف أمام
الأمم المتحدة ليسقط على الحضور جملة
من الترّهات والاتهامات توازي القنابل
البرميلية التي اسقطها النظام على رأس
الشعب السوري في ذلك النهار. والمعلم الذي يعتقد
أصدقاؤه انه عالق في قبضة الأسد وانه
لم يكن في وسعه إلا ان يذهب لتسويق
الأوهام في الامم المتحدة، يعرف ضمناً
انه كان أكبر الواهمين عندما قال "ان
الدعوات الى تنحي بشار الاسد مجرد
أوهام"، لأن بقاء الاسد هو الوهم
الأكبر إلا اذا تمكن بمؤازرة الروس
والايرانيين من تدمير كل سوريا على رأس
أهلها ليبقى رئيساً على مقبرة في حجم
وطن! كان بان كي - مون قد
انتهى لتوه من دعوة النظام السوري الى
الرأفة بشعبه ومن التنديد بالقصف الذي
يقوم به منتهكاً حقوق الانسان، عندما
وقف المعلم يوزع الاتهامات التي وصلت
الى حد اتهام كل الشعب السوري بأنه من
الارهابيين والتكفيريين "الذين لا
يستجيبون خطة النظام للاصلاح
الديموقراطي"، في حين يعرف العالم
كله ان النظام لا يملك منذ 19 شهراً إلا
خطة واحدة هي التدمير والقتل وقد بدأت
في درعا بتقليع أظافر الاطفال لمجرد
انهم كتبوا شعارات تطالب بالإصلاح! تجاوز المعلم كل حدود
الفظاظة عندما اتهم المعارضة بافتعال
"أزمات لاجئين في الدول المجاورة"
ولكأن بطش النظام ليس المسؤول عنها،
محاولاً تصوير هذا النظام بانه ضحية
"مؤامرة خارجية" في وقت يتجاوز
عدد الضحايا من السوريين الـ30 الفاً،
ولم يتردد كذلك في اتهام مجلس الامن
بالاخفاق لأنه "فشل في ادانة
التفجيرات الارهابية"، بمعنى انه لم
يقف مع الجلادين ضد الشعب، متناسيا ان
الروس يعطلونه لمصلحة الحل العسكري
الذي تحول مذبحة العصر! اسوأ من كل هذا انه
وزع الاتهامات في كل الاتجاهات [قطر
السعودية تركيا فرنسا الولايات
المتحدة] ولم يتوان في الزعم ان هذه
الدول افشلت مهمة كوفي انان، ثم ليقع
في التناقض بزعمه ان النظام وافق على
النقاط الست التي تدعو الى الانتقال
السياسي، لينتهي الى ان الدستور لا
يسمح بأي عملية انتقال سياسي قبل سنة
2014 بما يؤكد ان النظام هو الذي افشل خطة
أنان وهو الذي القى قنابله البرميلية
على مهمة الاخضر الابرهيمي حتى قبل ان
تبدأ. ان القراءة في ما
وراء الكلمات والاوهام التي ساقها
المعلم تكشف مرة جديدة، ان النظام الذي
يعتبر انه الضحية رغم ان عدد الضحايا
السوريين تجاوز الـ30 ألفاً سيقاتل حتى
آخر نقطة دم ولن يبقي حجراً على حجر في
سوريا. منذ اليوم الاول كتبت
هذه الزاوية: انها معركة يا قاتل يا
مقتول! ================= جهاد المحيسن الغد الاردنية 3-10-2012 ليس أن كفة الوضع في
سورية لا تميل الى صالح المعارضة
المسلحة. وثمة خلافات حقيقية طفت على
السطح بينها، وتم التعبير عنها بقوة
السلاح بين أنصار التحرير، نتيجة
للانقسام البنيوي في طبيعة الخطاب في
الموضوع السوري لدى أنصار "تحرير
سورية"، وتسليمها على طبق من ذهب لكل
من ينتصر لفكرة "المزاد العلني"
هناك. فمن الحديث عن قبضة
الدكتاتور وسلطة الحزب الواحد والقمع،
إلى آخر المفردات التي يتحمل النظام في
سورية تبعتها، إلى الحديث عن النظام
الطائفي العلوي النصيري الرافضي الذي
يحيك المؤامرات على الأمة والدين. وهذا التحول إلى تلك
الصيغة الطائفية الشكل والمضمون
والغايات في الخطاب، يرمي إلى جر الناس
إلى حروب طائفية، وتعبئة الرأي العام
الإسلامي في الحرب التي تدور الآن على
سورية طائفيا لتحقيق عدالتها. وضمن سياقات هذه
الحرب العادلة، أن عدالتها في تغطية
نفسها بمشروع ديني يقاوم المد الشيعي
من جهة، والصفوي من جهة أخرى بحسب ما
تمليه مصلحة الصراع وأدواته، وينتصر
في ذات الوقت لأهل السنة والجماعة في
حربهم المقدسة ضد الروافض! وتدرك فصائل
المعارضة المسلحة في سورية، ومن لف
لفيفها، أن طبيعة القتال الشرس الذي
انطلق بمباركة إقليمية، ومرادها لن
يتحقق من خلال الحديث عن الحرب المقدسة
وتجييش العواطف دينيا. لذلك لم نعد
نسمع عن الحريات والقمع وقبضة
الدكتاتور والحرية وغيرها من
المصطلحات التي كانت تتداول إبان
بداية الانتفاضة السورية. هذا التحول النوعي في
الخطاب يؤكد فشل المعارضة المسلحة في
كسب الرأي العام السوري لصالحها،
ويؤكد أنها تغازل بهذا الخطاب الجهات
الداعمة، وتعلق على الرأي العام
العربي وليس السوري آمال الدعم
والتأييد والمناصرة. وهذا ما حصل فعلا
عندما أصبحت سورية معقلا آخر
للمقاتلين القادمين من شتى أصقاع
المعمورة للحرب المقدسة التي فشلت في
معاركها الحاسمة في دمشق، والتي على
وشك أن تفشل في حلب الآن. وخصوصا أن
المؤشرات تقول إن أنقرة
استشعرت خذلان الغرب لها، وتبددت
آمالها في هذا الصدد، وهو ما سيدفع
بالكثير من كتائب ما يسمى بالجيش الحر
إلى إلقاء السلاح وخيار الهروب إلى
الخارج، لذلك بدأ الحديث عن عودة قيادة
الجيش الحر إلى الداخل! وفي ذات السياق، تشير
الكثير من التسريبات حول الشأن السوري
إلى أن سيناريو التهدئة بات على
الطاولة، على الرغم من الأطراف
العربية المتورطة في الصراع. ولا يخفى
على أحد أن تشرذم الفصائل السورية
المسلحة قد أفشل تحقيق أجنداتها،
خصوصا بعد الاقتتال المتزايد بين صفوف
المعارضة. وكذلك بروز قوة جديدة في
المشهد السوري، هي المعارضة الوطنية
التي مثلت نحو عشرين حزبا وهيئة سورية
من معارضة الداخل خلال المؤتمر الذي
عقد في دمشق وحضره خصوصا سفيرا روسيا
وإيران، ودعا إلى "وقف العنف فورا"
من قبل طرفي النزاع "تحت رقابة عربية
ودولية مناسبة". ================= في خطاب
الملك .. المأساة السورية (2) سلطان الحطاب الرأي الاردنية 3-10-2012 كان الملك عبد الله
الثاني أول من حذر من المأساة السورية
حتى قبل الربيع العربي حين تحدث عن
سياسة «الهلال الشيعي» محذراً من
تداعيات ذلك على سوريا والمنطقة..وحين
جاء الربيع العربي وهبّ على سوريا كان
اقتلاعياً وقاسياً لتعقيدات الحالة
السورية وانتهاج الخيار الأمني من
جانب النظام ..وكانت القراءة الأولى
للملك عبد الله الثاني بعد أن بدأت
الأزمة السورية على خلفية تعذيب أطفال
درعا ونشوب الثورة السورية بضرورة أن
يراجع النظام الحالة السورية اذ لم يكن
يكفي رحيل الأسد وقد جرى فهم الملك
حينها على غير مقصد حين استكثر بعض
المراقبين قوله «بتنحي الأسد»..كان
الملك يدرك مبكراً أن خروج الشخص وحده
ليس كافياً وان على الأسد نفسه أن يرتب
الحالة السورية قبل الرحيل لتصل سوريا
الى شاطيء الأمان بدل أن تحترق وتتدمر
ويتفجر الوضع فيها وقد تتقسم.. ومع كل ما تحمله
الاردن من أعراض المأساة السورية سواء
بضرب الاقتصاد والتجارة البينية
الاردنية-السورية والوصول الى حالة
شلل في الحدود وأيضاً ما أصاب
الاستثمارات والمصالح الأردنية في
سوريا من تراجع وخاصة الجامعات
والبنوك والشركات التي يملكها أو
يساهم فيها أردنيون اضافة الى العبء
الكبير الذي يتحمله الأردن نتاج
اللجوء القسري السوري لآلاف السوريين
إلى الأردن حيث قفز العدد عن (200) ألف
منهم أكثر من (35) في مخيم الزعتري وحده..وكلفة
ذلك من الدواء والمأوى والماء
والحماية والتعليم والعلاج وغير ذلك ..كما
أن الأردن يواجه تحديات عبر حدوده
وارسال من يخلـّون بالأمن ويبشرون
بالفوضى..اضافة الى اطلاق النار عبر
الحدود الأردنية-السورية وسقوط قذائف
من الجيش الرسمي على القرى والتجمعات
الأردنية..وحتى اصابة السوريين
العابرين والفارين بأرواحهم وأطفالهم
بالعيارات النارية أثناء العبور ..ظل
الملك يرى أن الحل هو عبر الحوار
والخيار السلمي ولكن هذا الحل تأخر
ورغم أنه أجرى اتصالاته مع الرئيس بشار
الأسد في الأشهر الستة الأولى من
الأحداث في سوريا الا أن الأسد لم يرد
ولم تظهر أي استجابة لوساطة او تدخل
عربي.. اليوم والظروف تزداد
تعقيداً نتاج خيار الحل الأمني وبروز
بعض المبادرات بما فيها الأخيرة
القطرية التي تدعو لتدخل عربي بطابع
عسكري الا ان الملك في كلمته في الأمم
المتحدة ورغم كل ما جرى ويجري ما زال
يدعو الى وقف فوري للعنف والبدء في
عملية انتقال سياسي مؤكداً أنه لا بديل
عن الحل السياسي لوقف سفك الدماء
واعادة الأمن والاستقرار وحفظ وحدة
سوريا وكرامة شعبها..ومن هنا ومن هذا
المنطلق ومن خلال الحرص على العلاقة
الطيبة مع الشعب السوري وعلى حسن
الجوار معه ولما تعنيه العلاقة بين
الشعبين من أواصر وروابط وعلاقات
تاريخية راسخة ومستمرة فقد كان للأردن
حالة استثنائية في علاقته مع سوريا
تفهمتها الجامعة العربية حين أقدمت
دول عربية على قطع العلاقات وترحيل
السفراء ولهذا دعم الأردن مبادرة عنان
وأخيراً مبادرة الابراهيمي ... الأردن الذي تحمل
الكثير من المآسي التي أصابت المنطقة
ظل ملتزماً بالتعامل الانساني والأخوي
مع المآسي التي وقعت سواء للعراق أو
لسوريا وفي المأساتين دفع الثمن وما
زال وهو يتطلع الان للمجتمع الدولي
لمساعدته في النهوض بالجوانب
الانسانية والاجتماعية للمأساة
السورية التي بلغت حداً خطيراً لا يمكن
السكوت عليه.. الأردن وعبر موقف
جلالة الملك في الأمم المتحدة حذر من
استمرار المأساة وما زال وهو لن يكون
قادراً على المضي في التحمل ما لم يدرك
العالم أن الأردن يقوم بدور نيابة عن
المجتمع الدولي كله وان ذلك يرتب على
المجتمع الدولي سماع النداء الأردني
وانفاذه بسرعة قبل حلول الشتاء القارص
وقبل ازدياد المأساة وتحولها الى
كارثة ونكبة وربما حالة من تهديد
الحياة مباشرة.. الأردن الذي يضيق
ذرعاً بمشاكل عديدة لن يقوى على المزيد
منها ولن يقوى على الصمت وعلى العالم
أن يتحمل المسؤولية قبل فوات الأوان
تلك هي الرسائل المقروءة من كلمة الملك
الواضحة في الأمم المتحدة بخصوص
المأساة السورية.. ================= سامي عبد
القادر 2012-10-02 القدس العربي الحكومة التركية
الحالية اعتبرت ذات يوم ان علاقتها مع
الاسد استراتيجية للدخول الى المنطقة
العربية وعندما بدأت الثورة السورية
حاولت الحكومة التركية ان تقنع الاسد
بسلمية التعامل معها لكي يخرج بطلا
سلميا لكن الاسد مع اصراره على البقاء
اوصل العلاقة مع تركيا الى حد القطيعة
ثم العداء. كان الاتراك يريدون
الاستمرار في سياستهم المعروفة ـ
مشاكل صفر- وكانوا لا يريدون تصديق
حركة التاريخ التي لا تستوعب مثل هذه
النظريات التي هي اقرب الى الحلم
والخيال من الواقع وكانت هذه النظرية
تشبه الى حد بعيد قصة المدينة الفاضلة
وفي هذا الزحام كانت مشكلة حزب العدالة
التركي هي اعادة اقناع جمهوره بان هذه
النظرية التي بنى عليها جمهوره ليست
خالدة الى الابد. هناك نقطتان هامتان
في حياة قيادة حزب العدالة الحالية
وهما مجهولتان لغالبية المثقفين
العرب، الاولى ان نشأة غالبية هذه
القيادات السياسية قد تمت في اراضي
البوسنة او اثناء العمل داخل تركيا
فيما يتعلق بالبوسنة والهرسك وبصورة
اوضح ان الحركة الاسلامية المعاصرة في
تركيا التي استلمت الحكم فيما بعد وكان
اخر افرازاتها حزب العدالة والتنمية
هذه الحركة الاسلامية نشأت اصلا في ظرف
استثنائي هو الواقع الذي عاشته اوروبا
اثناء حرب البوسنة والهرسك ودور
الاوربيين والغرب في محاولة اطالة
الامد لتلك الحرب وافراغها من مضمونها
لإبراز قوى اكثر اعتدالا تكون الحرب
بالنسبة لها قد اشعرتها باليأس من
الاستمرار بالقتال ومثل هذه القوى حال
تسلمها السلطة ستكون اكثر تفهما في سير
الحياة المقبلة في اوربا، لقد شعر
الاوروبيون تلك الايام ان اهل
يوغوسلافيا السابقة اثقلتهم سنوات
الشيوعية ومع ذلك لم يصلوا الى قناعة
تصل بهم لبغض الحرب كما يجب، لكن الغرب
كله شعر باليأس قبل ان تفكر الاطراف
المتحاربة بالامر. لقد ساهم الاتراك تلك
الايام داخل البوسنة والهرسك بثقلهم
المادي والشعبي من خلال منظمات مدنية
ومن خلال جيوش المقاتلين التي تسللت
سرا الى البوسنة، وعندما انتهت الحرب
كان الرأي العام الشعبي والمزاج العام
يريد حكومة اسلامية كرد فعل على ما حصل
في البوسنة والتي تعتبر بالنسبة
للقومية التركية الامتداد التاريخي. المسألة الثانية
تتمثل في استلام حزب العدالة للحكم
وخلال هذه الفترة قلب حزب العدالة
برنامج تركيا السياسي السابق فقام
بإعادة الاف المقاتلين الاتراك الذين
كانوا يقاتلون في الشيشان وأفغانستان،
وهذه المعادلة الصامتة كانت من خلال
برنامج الحزب الذي جاء ليقنع العالم
بفكرة الحلول السلمية ونظرية مشاكل
صفر. ان النظرية التركية
في السياسة هي ليست اصيلة ثابتة وانما
تحكمها طبيعة الظروف ولا تحكمها
الايديولوجيات، وبصورة اوضح فالأمور
تتجه في سوريا الى غير ما يتوقع
الجميع، فالأتراك باتوا يشعرون ان
انتصار الاسد او مجرد بقائه يعني هزيمة
احلامهم وطموحاتهم في كامل المنطقة
ويرون نهاية الاسد هي مسألة لا بد منها
لكي تتحرر تركيا في المستقبل من الضغوط
الداخلية والمشكلات القومية والاثنية
لذلك هزيمة الاسد تعني بالنسبة لتركيا
انتصار مشروعها الجديد ونهاية عصر
الصراعات الدينية وليس العكس. فهناك من يعتقد ان
تركيا تتباطأ خوفا من انتقال الحرب
اليها او تسليح حزب العمال وغيره وهذه
نظريات سخيفة لأن حزب العمال ينام في
مناطق جبلية لا يستطيع ان يحمل اليها
سوى اسلحة بسيطة . تركيا عمليا طعنتها
روسيا بالظهر، فهناك اتفاق تركي روسي
غير معروف لوسائل الاعلام قامت بموجبه
تركيا باستيعاب ابنائها الذين كانوا
يقاتلون في الشيشان عبر مؤسسات ضخمة
عملت على هذه الخطوة بمقابل تحسين
مستقبل علاقاتها مع روسيا لكن روسيا
تصفع اليوم تركيا بقوة. لقد ادركت تركيا ان
الخطة الغربية في سوريا هي تماما ذات
الخطة التي كانت موجودة في البوسنة
والهرسك وهذه الخطة تقوم على استمرار
استنزاف الطرفين ريثما يصبح ضعفهما
يتيح تكوينا ثالثا ضعيفا، والاتراك
هنا ومن خلال قربهم للحدث يريدون ان
يلعبوا بطريقة غير معلنة، فهم يعلمون
ان نجاح الخطة الغربية سوف يكون على
حساب مستقبلهم وسوف يكون بنظرهم مجرد
استخدام للملف السوري لإضعاف تركيا
واغراقها بالمزيد من المشاكل. ان خيار الاتراك في
دعم الثورة السورية بكل الامكانات لا
بديل عنه فإن لم تنتصر الثورة السورية
انتصارا واضحا فسوف يكون مستقبل تركيا
بائسا ومأساويا وسيكون دورها الاقليمي
ضعيفا وهذا ما تتمناه واشنطن في داخلها
خصوصا بعد تمدد الدور التركي في العالم. ' اعلامي من سوريا ================= محمد كريشان 2012-10-02 القدس العربي
فيما يلي مجموعة
أسئلة موجهة إلى الرئيس السوري بشار
الأسد. إن لم يجب عنها فيكفي أن يفكر
فيها للحظات كل من ما زال يدافع عنه
خوفا أو طمعا أو غباء: ' بعد سقوط أكثر من
ثلاثين ألف قتيل من الشعب السوري وجرح
وتشريد مئات آلاف آخرين، ما هو عدد
الضحايا الذين قد يدفعكم يوما إلى
مراجعة حساباتكم؟ ' ألا تعتقدون بأنه
كان بإمكانكم بكل سهولة تلافي كل ما حل
ببلادكم من ويلات لو لم تأخذكم العزة
بالإثم وسارعتم إلى الاعتذار عما جرى
في درعا قبل عام ونصف؟ ' لماذا سوّفتم
وكابرتم وقتلتم حتى تحولت مظاهرات
سلمية تهتف وترقص إلى مجموعات مسلحة
يزودها الخارج بالسلاح؟ ' سورية في مربع
المقاومة والممانعة منذ عقود، كما
تقولون، فلماذا لم يتكالب عليها
الجميع في ما تسمونه المؤامرة الكونية
إلا الآن؟ ' على ذكر المقاومة
والممانعة، هل تذكرون متى جرت آخر
مواجهة بينكم وبين الإسرائيليين؟ ' في الوقت الذي لم
تطلقوا فيه رصاصة واحدة في الجولان
المحتل طوال خمسة وأربعين عاما، أليس
معيبا اللجوء إلى الطائرات لقصف أحياء
سكنية في بلادكم؟ ' لنفترض أن العصابات
الإرهابية المسلحة هي السبب في هذه
الغارات الجوية، ما ذنب النساء
والشيوخ والأطفال حتى يسقطوا ضحية
مواجهة لا علاقة لهم بها؟ ' ألا تخجل دولة
ممانعة من اعتماد نفس أسلوب
الإسرائيليين في هدم بيوت المدنيين
وتجريف الحقول؟ ' لماذا كانت لكم قدرة
عجيبة على تحمل إهانات إسرائيل
العديدة لكم طوال سنوات بينما اعتبرتم
مطالب شعبكم بالحرية تطاولا يستحق
العقاب الرهيب؟ ' كانت لكم علاقات
ممتازة، حتى على الصعيد الشخصي
والعائلي، مع كل من ملك السعودية وأمير
قطر ورئيس وزراء تركيا، هل كل هؤلاء
جميعا، وغيرهم، انقلبوا عليكم فجأة
دون سبب وجيه؟ ' هل من الطبيعي ألا
يجد نظام قومي عربي إلى جانبه أي قوى
عربية ذات وزن في حين تؤازره إيران
وأتباعها في العراق ولبنان؟ ' كيف لنظام يقول إنه
قومي أن يفكر، ولو للحظة، في إمكانية
أن يتقوقع في دولة علوية فقط للحفاظ
على سلطة مهما كانت؟ ' ألا يزعجكم ألاّ
يكون معكم في كذا تصويت في المحافل
الدولية سوى دول من أمثال كوبا وكوريا
الشمالية،، طبعا إلى جانب روسيا
والصين؟ ' لنفترض أنكم خرجتم
منتصرين من كل هذا... كيف ستحكمون شعبا
فعلتم فيه ما فعلتم وضاعت مهابتكم بين
أبنائه؟ ' ما شعوركم عندما
ترون صور المذابح المروعة وجثث
الأطفال المرمية التي قتلها شبيحة
نظامكم، وهل تمنعون أبناءكم هذه
الأيام من مشاهدة التلفزيون؟ ' على افتراض أن كل من
يسقط في سورية الآن لم تقتلهم غير
العصابات الإرهابية المسلحة... أليس
حريا بمن عجز عن حماية شعبه أن يذهب في
حال سبيله؟ ' سؤال أخير: على فكرة
... متى تعتزمون الرحيل؟ ================= موسى العمر 2012-10-02 القدس العربي
كنت أطلب من والدي
رحمه الله أن يتوسط لي ان كان يعرف
أحداً في الدولة او الأمن أن أكتب في
صحيفة الثورة السورية الحكومية فكان
ينهرني ويقول لا تكتب الا بعد الأربعين
حين تحركك التجارب وتعصرك السنون
والأيام! ووعدته بذلك .. لكنني اليوم يا
ابتي وانت في ديار الحق تسمع وترى
وتشاهد! ارجو السماح بأن أنكث عهدي بعد
أن رأينا من الفظائع والمحن والدمار
والدم السوري المهدور في كل شبر وفي كل
بيت وفي كل اسرة وفي كل شارع وحي وزُقاق
ما تشيب له رؤوس الولدان ليتجاوز سن
الاربعين ولم يبلغ من العمر سنين عدداً
..! أكتب هذه السطور في
بلد غير بلدي وعيوني تفيض بالدمع وروحي
بالآه حزناً على وطن ٍ يقتلونه في كل
ساعة ستون مرة وفي كل مرة ستون شهيد او
جريح او أسير أو طريد ! ففي سوريا خمسة
وثلاثون ألف شهيد ومئة ألف جريح وعشرات
آلاف المفقودين والمعتقلين وملايين
المهجرين بين نيران العدو وجدران
الصديق والشقيق! دمعةُ على حمص
القديمة بآثارها ومعالمها بعد ان
دمروها وحرقوها وعلى حلب القديمة
بأسواقها وعطرها ومآذنها التي اشتم
منها كلُّ الحلبيين مؤخراً رائحة
حضارتهم دخاناً يعلو في السماء ثم
يختفي! وسيشتم الدمشقيون حريق مدينتهم
القديمة ومسجدها الاموي الكبير لا
محالة ان بقي الوضع هكذا في دائرة
مفرغة لا غالب ولا مغلوب وقد ضعُف
الطالبُ والمطلوب! دمعة على آلاف الطلاب
الجامعيين وطموحاتهم في سنوات تخرجهم
في الطب والهندسة والمعلوماتية
والفيزياء حملهم قهرُ النظام وظلمهُ
وقتلهُ على حمل السلاح والانخراط في
صفوف الكتائب المسلحة يتوجه الى حاجزٍ
للأمن او الجيش وليس في مخزنه سوى ستة
عشر طلقة!! يضربها دراكاً وعلى مهل ٍ
وهو يعلم أنه على الأرجح لن يعود الا
الى الجنة ! دمعةُ على عالَم
قادرٍ على اسقاط الأسد في خمسة'وعشرين
دقيقة ولا أبالغ لكنه يُحجمُ عن ذلك مع
قوى اقليمية منافقة يريدون لسوريا أن
تصل الى مرحلة من التدمير والمرض
والوهن ما لم يسبق لدولة أخرى في
المنطقة يساعدها في ذلك طاغية الشام
عندها يتدخلون لتصبح سوريا دولة عاجزة
! فقيرة! مريضة! مخطوفة القرار والسيادة
! يبتزونها حينها بأي شيء ومن أجل أي
شيء! دمعةُ على فرحة
السوريين المظلومين الابرار بتدمير
دبابة او اسقاط طائرة او مروحية دفع
السوريون من جيوبهم وقوت عيالهم ثمن كل
رصاصة وكل قذيفة تقتلهم اليوم حتى
وجدوه لم يعد يرقب في الله ولا في الشعب
إلَّاً ولا ذمة وبدل ان يرسل للمنكوبين
والمدنيين العُزَّل (كما يتبجح ويفتري
بالدفاع عنهم) بطائراته أكياس الطحين
والخبز والماء والدواء والغذاء كحال
الأنظمة العالمية بما فيها الشمولية
والقمعية حين الكوارث يرسل عليهم
براميل الموت والتفجير والدم! دمعة ٌ على رئيس
معتوه أخذته'العزة بالإثم والدمار
وأوامر الإجرام وهو يظن أنه يُحسن
عملاً ويحفظ وطنا ً، لكنه وقع صريع
الغرور والتجبر! وواهمٌ من يتوقع أن
يتنحى يوما ما أو يستقيل في ساعة ضعف !
وهو يعلم أن تسع كلمات منه كفيلة
بإيقاف الدم السوري المهدور في اليوم
التالي ويقطع الطريق على المتربصين
والمتآمرين أعداء سوريا التاريخيين
لكنه لن يفعلها الى أن يبلغ مستقره! بشار الأسد لا
يستقيل، لا يتنحى، بل يموتُ ! من الصدر
الى القبر ولا منزلة بينهما عند الطغاة
! ' صحافي ومذيع سوري ================= عمّار ديّوب * الأربعاء ٣
أكتوبر ٢٠١٢ الحياة كرّر
النظام السوري غير مرة إعلان قدرته على
حسم معركة حلب في بضعة أيام، ولكن ذلك
لم يحصل، ويبدو أنه لن يحصل. المعطيات
عن تراجع قوة النظام العسكرية، يعرفها
كلّ مدقق في إخفاقاته المتتالية في حلب
وإدلب ودير الزور والبوكمال وكل المدن
السورية حتى دمشق؛ والتي يتطلب فهم
وضعها تأملاً عميقاً... فدمشق هذه دفعت
فاتورة عالية الكلفة، منذ اشتداد
ثورتها في الريف، حتى الشهرين
المنصرمين. في هذين الشهرين، شنّ
النظام أوسع عملية تدمير وقتل ومجازر،
شملت كلاً من المعضمية وداريا
والتضامن والحجر الأسود وأحياء أخرى،
ويبدو أن المقصود من كل هذه العملية
الفصم الكلي للمكون العسكري عن حاضنته
الشعبية، والخشية من خروج حلب عن
سيطرته وبقية مدن الشمال والوسط،
وبالتالي محاولة مسك العاصمة بقوة
بالغة، وهو ما سيضمن له طريق التفاوض! إن حدث ذلك في الأشهر
المقبلة، لا سيما مع بدء الشتاء،
وتزايدت خساراته في المعارك كما تبيّن
كل المؤشرات، خصوصاً انه قد يكون هناك
دعم إضافي للجيش الحر وتشكيلات المكون
العسكري، عبر تركيا بالتحديد، فسيكون
النظام أمام انسحاب كامل من سورية
والتفاوض من خلال إحكام السيطرة على
دمشق. طبعاً يتعمد النظام
سياسة التدمير الشامل، وإفراغ مناطق
الثورة الأساسية من سكانها، ومعاقبتهم
بتدمير المنازل وحرقها، والإعدامات
الميدانية، والقتل والاعتقال، وهو ما
أدى إلى مؤشرات على انفكاك الحاضنة
الشعبية للثورة عن الجيش الحر. ويتخيل
النظام أنّه بذلك يكسر الثورة، ويخرج
الجيش الحر من دمشق وريفها، وبالتالي
يعيد الأوضاع إلى سابق عهدها. والحقيقة
أن كل المناطق التي حاول فيها النظام
ذلك، وحتى المناطق التي هُدئت جزئياً
مثل الكسوة والضمير، لم يستطع إعادة
الحياة فيها إلى سابق عهدها، ولم تقدم
له الولاء والطاعة، وما الهدوء النسبي
سوى نتاج الشعور ببطء نجاح الثورة
وبثقل المعاناة عليهم وليس بسبب
شعورهم بالفشل الكامل، وبالتالي
العودة إلى الطاعة القديمة. أوضاع دمشق وريفها،
ربما يلاحظ فيها خفوت نيران الثورة،
تحت وقع الدمار والمجازر والاعتقال،
ولكنها لا تزال ثائرة بأشكال متعددة (عمليات
عسكرية وتظاهرات وعودة السكان من
جديد، وغير ذلك كثير...)، ولم تعلن أية
منطقة أية اتفاقية مستمرة مع النظام،
أو مصالحة معينة عبر وزارة «المصالحة
الوطنية» أو غيرها، بل إن الاتفاقيات
التي يجرى الكلام عن حدوثها، هي مجرد
تهدئة تتم ضمن فعاليات شعبية ورجال
أمن، وقد يتدخل فيها بعض الأفراد
النافذين وحتى وزير المصالحة هذا،
وهذه أمور لطالما حدثت وخُرقت لاحقاً. من جراء ذلك، يشعر
كثير من المثقفين والسياسيين باليأس
والتشاؤم وانعدام الثقة. وهناك أسباب
أخرى، مفادها ان المثقف من طبيعته
التشاؤم والتسرع ونمذجة الواقع وفق
مخيلته! هذا العقل يفصل بين دمشق وما
يحصل في سورية. ولو نظرنا إلى وضع دمشق
في إطار الثورة ككل، سنجد أن ما يحصل هو
جراء سياسة الدمار الشامل فيها وفي
ريفها، وهو ما لن يستطيع النظام
الاستمرار فيه لاعتبارات الكلفة
والقدرة والاستمرارية، ولكن كذلك بسبب
انسحاب جزء مهم من المكون العسكري
لمصلحة معركة حلب... ما يعني أن الثورة
لا تزال تتصاعد، وفي الشهر الأخير،
انتقلت إلى سياسة تحرير مناطق بأكملها. *
كاتب سوري ================= عبدالله إسكندر الأربعاء ٣
أكتوبر ٢٠١٢ الحياة يُشهَد للمكلفين
النطقَ باسم النظام السوري، تحلِّيهم
بدرجة عالية من القدرة على طمس الحقائق
وقلبها وتزوير الاحداث، وبدرجة عالية
من «السينيسم» تجعل من الجزار ضحية ومن
الضحايا جزارين. لكن الانكشاف الكامل
للأوضاع السورية امام العالم كله جعل
من هذه القدرة التي استخدمت بفعالية
على مدى عقود، موضعاً للتندر
والاستهجان، حتى لدى حلفاء النظام
والمدافعين عنه. ففي الوقت الذي كان
وزير الخارجية وليد المعلم يكرر عرض
هذه القدرة امام الجمعية العامة للأمم
المتحدة، ويفيض في شرح المؤامرة
وأعمال الإرهاب إلخ... كان نظيره
الايراني علي صالحي يحذر الحليف
السوري من مغبة اللجوء الى اسلحة دمار
شامل ضد الشعب السوري، ما يعني ان
النظام هو الذي يتولى الهجوم على شعبه. يتهم النظام
العصابات المسلحة والتكفيريين بتدمير
المدارس والمستشفيات والأبنية والمدن
والقرى وبقتل المدنيين في انحاء
البلاد. وفي الوقت نفسه يرى العالم كله
سلاح الجو السوري يلقي البراميل
والقنابل التدميرية على المناطق
السكنية، ويعاين العالم الآثار
التدميرية للمدفعية الثقيلة التي تصب
حممها من دون تفريق على الأحياء في
المدن والبلدات، وحتى في العاصمة. يعلن المكفون النطق
باسم النظام السوري، ان الإصلاحات
الداخلية قطعت شوطاً كبيراً، ستتحول
البلاد في نهايته واحة للديموقراطية
والتعددية وممارسة الحريات السياسية،
وان الحوار الداخلي يتقدم في سرعة
لتحقيق هذه الاغراض. لكن هذا النظام لم
يتمكن من التعايش حتى مع الذين كلفهم
بمهمة المعارضة والحوار معه، فانقض
على بعضهم وأودعهم السجون. لكن «سينيسم» النظام
بلغ ذروته عندما يتحدث عن اللاجئين
السوريين، سواء في داخل البلاد او في
دول الجوار، اذ حوّل هؤلاء الهاربين من
جحيم عنفه الى سلعة في يدي الدول التي
فروا اليها، فهم إما يخضعون بالضغط
للتدريب العسكري واما يستغلَّوْن في
طلب الشحادة باسمهم من الهيئات
الانسانية الدولية. حتى يخيّل للمستمع
لهؤلاء الناطقين ان دول اللجوء تآمرت
على سورية فقط من اجل دفع السوريين الى
اللجوء والشحادة باسمهم. ويدرك النظام ان
شهادة هؤلاء الذين شردهم ودفعهم الى
اللجوء، بفعل استخدام آلته الحربية
لتدمير مسكنهم ومصادر عيشهم، هي التي
كشفت ممارساته وانتهاكاته لأبسط حقوق
مواطنيه، وهي الشهادة التي توثق ملفه
في الجرائم ضد الانسانية. ولذلك بات
هؤلاء اللاجئون ومَن هجرهم وانتهك
حقوقهم، في نظر النظام، من ادوات
المؤامرة. فشهادتهم هي الاقسى عليه
ومعاناتهم هي التي تدين ممارساته ضد
شعبه. تتجاوز هذه المعاملة
الرسمية للشعب السوري المسألة
السياسية المتمثلة بمقاومة التغيير،
لتعكس نظرة استعلائية، وحتى تحقيرية،
الى المواطن، فهو اما عميل ومسلح
ارهابي وأداة في المؤامرة، وإما مصفق
للنظام. وتجلت هذه المعاني بالإصرار
على التدمير المنهجي لذاكرة هذا
الشعب، خصوصاً في حلب، بعدما باتت
المدينة مسرحاً للصراع بين النظام
والمعارضة، إذ تجاوزت عمليات الجيش
النظامي ضد المقاتلين المعارضين
العلمليات الحربية الى استهداف العمق
التاريخي للمدينة، وهو العمق الذي لم
يفلح النظام على امتداد العقود
الأربعة الماضية في انتزاعه، ليتحول
اليوم الى الخزان الذي يرفد المعارضة
بالقدرة على الصمود. والمدنيون الفارون
من حلب، وقبلهم من حمص وإدلب ودمشق ومن
سيأتي بعدهم من مناطق اخرى، هم الذي
يقدمون الشهادة العيانية على مدى
انقطاع النظام عن شعبه والتعامل مع هذا
الشعب وتراثه على أنه المؤامرة. ================= مأساة «أبو
الهدى» إلياس ميشيل كيلو 10-3-2012 كان يجلس دوما في
زاوية المهجع الداخلية البعيدة وسبحته
بيده وجلابيته مربوطة إلى خصره وقد بان
تحتها شرواله الناصع البياض، بينما
كانت لحيته السوداء الكثة تحجب فمه
وتغطي عنقه. عندما رأيته لأول مرة خلته
«إرهابيا» ألقي القبض عليه في خلية ما
داخل زقاق ما من أزقة حماه. لكن سجينا
أخبرني أنه من جماعتي، فتساءلت إن كان
يساري الهوى، فقال لي: يا رجل، أقول لك
إنه من جماعتك فتقول لي يساري ويميني،
إنه من جماعتك، مسيحي مثلك، فأطلقت
عليه لقبا شاع في المهجع هو: «الشيخ أبو
الهدى إلياس». كان أبو الهدى ضابطا
برتبة ملازم ثان في لواء دبابات يعمل
على القطاع الشمالي من الجبهة. خلال
الحرب كان كعنترة ابن شداد أو كالزير
سالم، يتقدم بدبابته وحدته الصغيرة
ويتجه للقتال حيث تشتد المخاطر ويتكثف
إطلاق الصواريخ والمدافع، وقد تنقل
وقاتل إلى أن اكتشف نقطة ضعف في جبهة
العدو اخترق ومجموعته من خلالها
دفاعاته وصار وراءه، ثم تقدم إلى أن
شاهد وجنوده بحيرة طبريا، من المشارف
الشرقية الشديدة الانحدار لهضبة
الجولان. صرخ طيلة ساعات في جهاز
اللاسلكي طالبا تعزيزه بمعدات تمكنه
من مواصلة هجومه، وأعلم القيادة
بالثغرة التي أحدثها وحدد موقعها
وإحداثياتها وطلب التقدم من خلالها
بقوات كافية للالتفاف على ميمنة العدو
وميسرته، ولكن دون جدوى. حين علم بعد
ساعات أن كتلة الجيش الرئيسية دمرت وأن
الصهاينة اخترقوا الجبهة السورية
وصاروا عند بلدة حان أرنبة، بدأ يشتم
ويتحدث عن خيانة. بعد الحرب، احتفى
الجيش بإلياس حنا ومنحه أرفع الأوسمة،
ونال شرف الوقوف إلى جانب مثله الأعلى
حافظ الأسد، كما ظهر في التلفاز
الرسمي، حيث قدم كبطل من أبطال الوطن.
لكن أحد رجال الأمن كتب تقريرا ذكر فيه
أنه سب القيادة واتهمها بالخيانة،
فاعتقل وأرسل إلى المخابرات العسكرية
في دمشق، ثم قدم بعد تحقيق دام شهرا
كاملا إلى محاكمة عسكرية بتهمة
التخاذل والجبن والتصرفات غير
المنضبطة خلال الحرب، وأدين وحكم
بالسجن لمدة عشرة أعوام. أذكر أنني
رأيت ذات مرة ونحن في حمام السجن
الجماعي علامات الكي بالنار على ظهره
وفخذيه، على الرغم من مضي سبعة أعوام
على وجوده في المزة. كان أبو الهدى على
وشك الزواج عندما اعتقل. بعد مرور خمسة
أعوام حاول إقناع خطيبته بالتخلي عنه؛
لأنه لا يعرف متى سيخرج من السجن أو إن
كان سيخرج منه. لكن الفتاة أصرت على
علاقتها به وأخبرته أنها ستنتظره إلى
آخر العمر، فكان ذلك يزيده عذابا وقهرا
وشعورا بالعجز. مضت الأعوام العشرة،
فلم يخرج أبو الهدى من السجن، بل مدد
حبسه عرفيا سبعة أعوام أخرى، حاول
خلالها جاهدا إقناع خطيبته بالتخلي
عنه، دون جدوى. أخيرا، خرج الرجل من
السجن وهو في السادسة والأربعين من
العمر، فرجاه والد الفتاة أن يسكن معه
إن كان يريد الزواج من ابنته أو أن
يتركها له؛ لأنه لم يبق لديه من يعتني
به في شيخوخته غيرها، بعد أن ماتت
زوجته وذهبت أختها الكبرى للعيش في
مدينة بعيدة مع زوجها. عاش أبو الهدى في بيت
عمه؛ حيث أنجب ولدين من زواجه المتأخر،
وأنشأ في قريته مزرعة خيول وأبقار،
واستعاد بعض صداقاته القديمة وصار
نجاحه حديث الناس في منطقته كلها، وحتى
في قرى لبنان القريبة من قريته. خلال شهر تشرين الأول
الماضي، قبل قرابة عام من اليوم، دخل
الأمن قرية أبو الهدى واجتاح مزرعته
التي تقع إلى الشرق منها؛ حيث قتل جميع
خيولها وأبقارها، وهدم عنابرها، ثم
قتل ولديه، اللذين حاولا منعه من قتل
حيواناتهما وحماية مزرعتهما، وقتل
أخيرا أبا الهدى وزوجته، عندما خرج
عليهم ببندقية حربية وقتل وجرح
العشرات منهم. في اليوم التالي، بث
تلفاز حكومي سوري نبأ مقتل «زعيم تنظيم
إرهابي أصولي» في ضواحي القصير، ونشر «دليلا»
يؤكد أصوليته وانتماءه إلى تنظيم
القاعدة هو: صورة جثته المرمية على
الأرض وقد ظهرت فيها لحيته البيضاء
التي تغطي ذقنه وعنقه! حكاية ليلية فجأة، فتح باب
زنزانتي. كانت الساعة تقارب الثالثة
فجرا. أمرني رجل الأمن أن أخرج وأتبعه.
بعد قرابة خمسين خطوة، فتح باب زنزانة
سبقني إلى داخلها وهو يمسك بيدي ويجرني
وراءه. رفع الغطاء عن عيني وقال لي
هامسا: سأعود بعد ساعة لإعادتك إلى
غرفتك (يسمون الزنزانة المنفردة في
السجون السورية غرفة) أشار بأصبعه إلى
زاوية فارغة وقال لي: اجلس هناك واحك
حكاية لهذا الطفل. كان في المكان الضيق
(مترين بمترين) سيدة في نحو الثلاثين من
العمر. خرج الحارس وأغلق الباب وراءه
وهو يأمرني أن لا أتحدث بصوت مرتفع كي
لا يسمعني أحد من زملائه فتقع الكارثة
ونذهب معا إلى تدمر. ألقيت التحية على
السيدة، فلم ترد. كانت خائفة ومتكورة
على نفسها كمن يتقي خطرا داهما. قلت لها
مطمئنا: لا تخافي يا أختي فأنا سجين
مثلك. بعد صمت قصير سألتها: كم مضى
عليها من الوقت هنا؟ فقالت ستة أعوام.
نظرت إلى الطفل، الذي كان في الرابعة
ففهمت أنها حملت به وولدته في السجن.
سألتها عن سبب وجودها في الفرع، فقالت
وقد بدأت حبات الدموع تنساب من عينها:
رهينة. جلست أمام الطفل،
سألته عن اسمه، فلم يرد. قالت: إنها لم
تطلق عليه اسما بعد؛ لأنه لم يسجل في أي
قيد، لكنها تسميه أنيس. قلت وأنا أمسك
يده الصغيرة: سأحكي لك الآن حكاية يا
أنيس. كان هناك عصفور صغير كثير
الألوان حسن الغناء، فسأل: شو العصفور؟
صمت قليلا، ثم قررت تغيير القصة وقلت:
كانت الشمس تشرق على الجبل، فبدت على
وجهه علامات الاستغراب وعدم الفهم.
قالت الأم: لم يخرج أبدا من هذه
الزنزانة، فهو لا يعرف عن أي شيء
تتحدث، وانفجرت بنحيب لم تعد تستطيع
السيطرة عليه. جلست حائرا لا أدري ما
علي فعله: رواية حكاية للطفل هي
استحالة لا سبيل إلى تحقيقها، أم
مواساة أم منتهكة الكرامة تضيع عمرها
في هذا المكان الخانق، بصحبة طفل لا
تدري من أبوه، ستخرج معه ذات يوم تجهل
متى يأتي إلى عالم لن يرحمهما! تسمرت في الزاوية
البعيدة عنها. لم يعد لساني قادرا على
قول أي كلمة، فقبعت هناك متكورا على
نفسي. بعد قليل جاء الحارس لإعادتي إلى
زنزانتي، عندما فتح بابها واطمأن إلى
أن أحدا من زملائه لم يشاهدنا، سألني
إن كنت حكيت حكاية للطفل. عندما رأى
الدموع على خدي، أغلق الباب وراءه
وانصرف. ================= أكرم البني الشرق الاوسط 3-10-2012 على الرغم من تبوء
الحدث السوري مركز الاهتمام بين
المشكلات التي تناولتها القمة الأممية
الدورية، كان أمرا لافتا عدم اكتراث
السوريين بها وعزوفهم عن متابعة ما
يجري، ربما بسبب شيوع إحساس عام بأن
هذه الاجتماعات والقمم لم تعد بذات
قيمة ولا ينتظر منها مردود في ظل تاريخ
مثقل بالعجز وخاصة ضد الظلم الصهيوني
وتطاوله على الحقوق العربية، والأهم
راهنا، بسبب موقفها السلبي مما يحصل في
سوريا وتلكئها في تقديم جهد جدي لوقف
العنف وحماية المدنيين، وكأن العالم
يعترف بعد عام ونصف العام من الثورة،
عبر خطابات طنانة لزعمائه ورؤسائه،
بأنه عاجز عن أداء واجبه الإنساني،
وبأنه فاقد للقدرة على الإمساك بزمام
المبادرة في تقرير مصير الحالة
السورية، متذرعا مرة باحترام مبالغ
فيه لـ«الفيتو» الذي لم يكن له وزن
يذكر في معالجة أزمات مشابهة، كأزمة
كوسوفو والحرب على العراق، ومرة
بالسير وراء الجامعة العربية
ومبادراتها، وخلف خطط خلّبية لمبعوثين
دوليين، يعرف الجميع أنها عاجزة عن
التقدم ولو خطوة نحو تخفيف حدة الأوضاع
المتفاقمة. هو حدث نوعي ومؤسف أن
تستخدم روسيا ومعها الصين «الفيتو»
ثلاث مرات ضد قرار يدين العنف السلطوي
في ظل إذعان واسترخاء دولي مخز يسترخص
دماء السوريين ويستهتر بما يحل بهم من
خراب، ويمنح النظام المهل والاعتقاد
بأنه يستطيع أن يمارس كل أنواع البطش
والتجاوزات ضد شعبه دون حسيب أو رقيب،
ولا تغير هذه الحقيقة الإدانات
الشديدة اللهجة، أو التهديدات
العقابية، أو الإكثار من مؤتمرات
أصدقاء الشعب السوري، وربما لا يعيبها
الإصرار على العمل من داخل مؤسسات
الأمم المتحدة ومجلس أمنها، لكن
تعيبها الآليات التي تتخذ فيها
القرارات وتحويل المنظمة الأممية إلى
رمز يفوق في أهميته الأهداف المقدسة
التي أنشئت من أجلها. صحيح أن الحاجة
الرئيسية لإنشاء الأمم المتحدة كانت
إزالة آثار الحرب العالمية الثانية
ووضع ضمانات لمنع حصول حرب جديدة، مما
مكن الدول المنتصرة من احتلال موقع
متميز في مؤسساتها، وجعل مجلس الأمن،
وهو السلطة المهيمنة، أشبه بأداة
توافق بينها لتسوية الصراعات
والنزاعات، وغالبا على حساب مصالح
الشعوب الضعيفة.. لكن الصحيح أيضا أن
مياها كثيرة جرت منذ ذلك الوقت كشفت
ضرورة تضافر جهود الجميع في معالجة
مهام إنسانية حيوية، كتفشي النزاعات
المسلحة والاضطهاد وانتهاكات حقوق
الإنسان والآفات الطائفية وظواهر
العنف والإرهاب، وكشفت تاليا ضرورة
التأسيس لبنية ودور أمميين جديدين
يقومان على تفهم تطور حاجات العالم
وإدارة حالة من توافق المصالح بين
مختلف مكوناته على أسس عادلة. وهنا يجب التمييز بين
وجهين للمنظمة الأممية، أولهما الوجه
القانوني، ويتضمن ما راكمته الأمم
المتحدة ومجلس الأمن من معاهدات
ومواثيق وقوانين وقرارات. وثانيهما
الوجه السياسي، الذي تكرسه توازنات
القوى القائمة، وخاصة بين الدول
الكبرى صاحبة حق «الفيتو»، وما تفرضه
في لحظة محددة من قرارات تجاه حدث معين. وإذا كان الوجه
القانوني حقيقة واجبة الاحترام لما
يحمله من قيم الحرية والعدل
والمساواة، فإن ما يعيب الأمم المتحدة
هو سيطرة دول قليلة على أعلى جهاز
فيها، وهو مجلس الأمن، بما يخالف مبدأ
المساواة في التمثيل والتقرير، وتاليا
قدرة هذه الدول على تسخير بعض القرارات
في صالحها، أو التأثير على أشكال
ووتيرة تنفيذها، لنشهد مع كل ظلم أو
عجز أممي ارتفاع حرارة الدعوات لإصلاح
المنظمة الدولية، مثلا بإعطاء دور
أكبر للجمعية العامة، وقد حاولت
المجموعة العربية الاستقواء بها
لمحاصرة النظام ودعم الثورة السورية،
أو بزيادة عدد الأعضاء الدائمين في
مجلس الأمن، كمحاولة لتخفيف سلبية
النفوذ السياسي ومثالب استخدام «الفيتو». إن انتقاد بعض سياسات
الأمم المتحدة وضعف الثقة بقدرتها على
تنفيذ مهامها في ظل التوازنات الراهنة
والدعوة لإصلاحها، لا يتعارض مع
الاعتراف بأهميتها واحترام مؤسساتها
ومواثيقها، أو مع إشهار مثالب مجلس
الأمن لجهة ما يعرف بازدواجية
المعايير والكيل بمكيالين، أو لجهة
الواقع التنظيمي والسياسي الذي لا
يزال مجحفا في توفير حد مقبول من
التكافؤ والمشاركة. والحال، هو أمر طبيعي
أن يحدث تناقض بين تنظيم أممي عتيق
وبين تطور حاجات البشر ومصالحهم،
وعادة ما يفرض هذا التطور نفسه ويضغط
بقوة على البنى والآليات القديمة
ممهدا الطريق لصياغة بنى وآليات
جديدة، الأمر الذي يمكن أن نراه اليوم
في ما تطرحه معاناة السوريين من أسئلة
عن التعارض بين حقوقهم البديهية في
الأمن والحياة وبين عجز المجتمع
الدولي عن حمايتهم. ألم يكشف «الفيتو»
المستهتر بآلام السوريين وتضحياتهم،
حقيقة أنه لا يجوز بقاء القرار الأممي
بيد طرف واحد أو بضعة أطراف؟! وألا تعني
الدعوات الجديدة لتشكيل قوات عربية
لوقف العنف في سوريا، خيبة أمل كبيرة
بالمجتمع الدولي؟! وألا تعطي مكابدة
الثورة العظيمة ضد آلة قمع تعتقد أنها
تحررت من كل القيود، قيمة كبيرة وملحة
للمطالبة بالردع من خارج المنظمة
الأممية، أو على الأقل، صياغة قواعد
قانونية تسمح باتخاذ إجراءات عقابية
بحق كل دولة تخرق المبادئ الأممية
ومواثيق حقوق الإنسان؟! يفيق السوريون اليوم
من وهم دور أممي راهنوا عليه لنصرة
حقوقهم ومطالبهم، وينظرون إلى مواقف
الدول الكبرى من ثورتهم، ليس بصفتها
منعطفا، كما يعتقد البعض، لعودة صراع
القطبين ومناخ الحرب الباردة، بل كجرس
إنذار لرفض سياسات الاستئثار الراهنة
والجذور الفكرية القديمة التي تحاول
الدول الكبرى عبرها تسويغ سيطرتها على
العالم، وأيضا كمحك لفضح الدوافع
الأنانية لمن يوظف مجلس الأمن في خدمة
مصالحه الضيقة دون أن يعبأ بأرواح
الناس، ولخلق رأي عام واسع يحفز دور
القوى والفعاليات التي تتشارك القيم
الإنسانية ولها مصلحة حقيقية في عالم
آمن لا ظلم فيه ولا عنف، للضغط من أجل
تصويب حضور الأمم المتحدة وتصحيح دور
مجلس أمنها وآليات اتخاذ القرار! ================= عماد الدين
اديب الشرق الاوسط 3-10-2012 توقفت طويلا أمام
ملاحظة عميقة للأستاذ عمرو موسى وهو
يتحدث عن الفيتو الصيني والروسي حول
قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات
على سوريا. قال عمرو موسى: «إن هذا
الفيتو الروسي - الصيني أنقذ الولايات
المتحدة وأوروبا من مواجهة موقف شديد
الصعوبة». وحينما سألناه: «كيف؟»،
قال الدبلوماسي المخضرم: «لأن
الأميركان والأوروبيين ليست لهم سياسة
واضحة تجاه كيفية التعامل مع الحالة
السورية، خاصة إذا ما كان هناك قرار
دولي، يتعين تنفيذه، بفرض عقوبات أو
إجراءات ضد النظام السوري الحاكم». الولايات المتحدة
منشغلة بالاستحقاق الرئاسي، وهي كما
يطلقون عليها في واشنطن «بطة عرجاء»،
لا تستطيع التحرك للأمام أو للخلف تجاه
أي قضية أو ملف دولي. حتى يوم 19 نوفمبر (تشرين
الثاني) المقبل، كل شيء في واشنطن يلف
ويدور ويتمحور حول مسألة واحدة، وهي
معركة الانتخابات وحسم من هو سيد البيت
الأبيض المقبل. وفي أوروبا، الجميع
منشغل ومتورط في الأزمة الاقتصادية
الضاغطة، وفي توفير فاتورة إنقاذ
اقتصادات إسبانيا واليونان باهظة
التكاليف. أوروبا مهمومة بالبطالة،
وبالاحتجاجات الفئوية، وبمشاكل
المهاجرين، وبمطالب المواطنين بتحسين
خدمات الصحة والتعليم وغلاء الأسعار.
هذا الوضع يجعل الأميركان والأوروبيين
يعيشون في عالمهم الخاص، ليست لديهم
القدرة على اتخاذ قرارات كبرى تصل إلى
مصاف إدارة حرب إقليمية كبرى. خزانة
الأميركان والأوروبيين لا تتحمل
فاتورة تحريك بوارج وطائرات عملاقة
وقوات إلى الشرق الأوسط. لا بد من وجود
قوى ما تقوم بتحمل هذه الفاتورة. في الحالة الليبية،
كان التحرك الدولي نحو الحصار العسكري
ثم عمليات «الناتو»، يضمنه حاليا كون
ليبيا دولة نفطية، يمكن استرداد بعض أو
كل فاتورة التكاليف من العوائد
النفطية، أما في الحالة السورية، فإن
النفط السوري يكفي بالكاد الاستهلاك
المحلي. نحن في عالم حسابات
الكلفة والعائد، المكسب والخسارة،
بصرف النظر عن شعارات «الدفاع عن حقوق
الإنسان» أو «منع التطهير العرقي» أو «إنقاذ
المدنيين العزل من مجازر النظام». كل
هذا الأمر كلام في كلام. الذي يبقى أمام
الغرب المأزوم الآن هو كيفية الخروج من
المأزق الاقتصادي الذي يهدد المستقبل
السياسي لأكبر الأحزاب والتحالفات
الحاكمة. أرجوكم، لا تحدثوني
عن مسألة «الضمير العالمي» الذي أخذ «إجازة
طويلة» بينما أطفال تذبح، ومئات
الآلاف تُهجّر، ومدن تاريخية تندثر!
حقا، إنه عالم مخجل للغاية! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |