ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ضعف
العملة ينقل "الربيع" إلى طهران 2012-10-05 12:00 AM الوطن السعودية للمرة الأولى منذ
قيام الثورة في 1979، تقوم طبقة التجار
في إيران، والمعروفة بولائها للتيار
المحافظ في النظام، بتنظيم مظاهرة
احتجاجية تخللتها أعمال عنف ضد
الحكومة الإيرانية. السبب الرئيس
للاحتجاجات التي جرت في محيط سوق طهران
الرئيس ـ وهو أهم مركز تجاري في البلاد
ـ هو انخفاض العملة الإيرانية إلى درجة
غير مسبوقة. عشرات آلاف الإيرانيين، من
بينهم تجار وعمال وأصحاب محلات
وناشطون من المعارضة، شاركوا في
الاحتجاجات التي سارعت قوات الأمن إلى
تفريقها واعتقال بعض المشاركين فيها.
الاحتجاجات يوم الأربعاء ترافقت مع
إضراب واسع في السوق، دعت إليه عدة
نقابات بعد أن فقد الريال الإيراني
أكثر من ثلث قيمته مقابل الدولار منذ
بداية الأسبوع. اللافت أن بعض الشعارات
التي أطلقها المحتجون، مثل "لا نريد
طاقة نووية"، كشفت زيف ادعاءات
النظام الإيراني بأن الشعب يؤيد سياسة
الحكومة في موقفها المتشدد حيال الملف
النووي، والذي أدى بدوره إلى فرض
عقوبات صارمة أثرت كثيرا على الاقتصاد
الإيراني. بعض المحتجين أيضا هاجموا
سياسة حكومتهم في دعم النظام السوري،
الذي يشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد
الإيراني في هذه المرحلة، وطالبوا
الحكومة بـ"ترك سورية لوحدها
والتفكير فينا"، بحسب مصادر إعلامية
غربية. ومع أنه من غير
الواضح بعد فيما إذا كانت احتجاجات
أخرى ستنظم قريبا، إلا أن مواقع
الإنترنت والمدونات الإيرانية امتلأت
بالدعوات إلى إضرابات شاملة في جميع
أنحاء إيران. وهذا يستدعي أن تقوم
الحكومة الإيرانية بإصلاحات سريعة
تقدم نتائج شبه فورية لتهدئة الشارع
الإيراني ومنع انتشار الاحتجاجات. يبدو أن النظام
الإيراني لم يتعلم أي درس من أحداث "الربيع
العربي" التي بدأت في مجملها لأسباب
اقتصادية، وتطورت لتحمل منحى سياسيا،
انتهى في عدة حالات إلى إسقاط الأنظمة.
إن الواجب الأول الذي يتحتم على العديد
من دول العالم أن تقوم به، هو توفير
حياة كريمة لشعبها، وأن تنفق ثروات
البلد في مشاريع توفر فرص عمل لأبنائه
وتعزز مسيرة التنمية والتطور فيه، وما
فعله النظام الإيراني، هو أنه استثمر
خيرات البلد وثرواتها في مشاريع تسببت
في استعداء المجتمع الدولي، الذي سارع
في تطبيق عقوبات اقتصادية خانقة كان
الشعب الإيراني أول من تأثر بها ودفع
ثمنها. الانتخابات الرئاسية
الإيرانية القادمة، في حال كانت نزيهة
ولم يتم التلاعب بها كما حدث في
الانتخابات السابقة، ربما تعكس
الإرادة الحقيقية للشعب، وتجلب فريقا
رئاسيا يرعى مصالح البلد والشعب
بطريقة تضمن حياة كريمة للجميع. ================= النهار
اللبنانية التاريخ: 04
أكتوبر 2012 هل اقترب النظام
السوري من استعمال الاسلحة الكيميائية
لحسم المعركة انطلاقاً من حلب،
وخصوصاً في ظل الحديث عن حشده 30 ألف
جندي ومئات المجنزرات تمهيداً لاقتحام
المدينة وهو ما دفع البعض الى التحذير
من حصول أمّ المذابح هناك؟ ما يدفعني الى طرح
هذا السؤال ليس الحشد العسكري ولا عجز
النظام عن السيطرة حتى الآن، بل ذلك
التحذير المثير الذي وجهته ايران الى
حليفها الاسد عندما قال علي أكبر صالحي
إن استخدام الاسلحة الكيميائية سيؤدي
الى فقدان مشروعية النظام كله والى
نهاية كل شيء. كان في وسع ايران
المنغمسة في الصراع العسكري الى جانب
الاسد ان تبلغه التحذير سراً ومباشرة
دون الحاجة الى الاعلان عنه من محفل
دولي، وعندما تزامن الاعلان مع
التحذير الذي وجهته روسيا الى حلف شمال
الاطلسي من مغبة التدخل في سوريا، بدا
وكأن النظام الذي عجز عن حسم معركة حلب
منذ تموز الماضي والذي وصلت
الانقسامات الى داخل صفوفه الحيوية في
القرداحة، كما تردد في اليومين
الماضيين، يمكن ان يقوم فعلاً بهذا
الامر. ما يزيد من هذه
المخاوف قول اللواء المنشق علي سيلو
المسؤول السابق في ادارة الاسلحة
الكيميائية لصحيفة "التايمس"، ان
مناقشات جدية جرت حول استخدام الاسلحة
وشملت كيفية استخدامها والمناطق التي
تستهدفها: "ناقشنا ذلك كخيار أخير في
حال فقد النظام مثلاً السيطرة على
منطقة مهمة مثل حلب"! لكن رغم التآكل
المطّرد في بنية النظام واقترابه
المتزايد من الانهيار ولو بعد أشهر او
حتى سنوات، فانه يعرف ان إقدامه على
هذا الأمر يعني انه صنع حتفه الفوري
بيديه، ولهذا فان تحذير علي أكبر صالحي
يمكن ان يكون مرتبطاً بضرورات إيرانية
أكثر منها سورية، بمعنى ان طهران تعمدت
ان تبرز ومن نيويورك، وجهاً مسؤولاً
وعاقلاً كمقدمة للبحث عن مخارج
تساعدها في تجاوز أزمتها الاقتصادية،
التي بلغت ذروتها بعدما واصلت العملة
الايرانية سقوطها وباتت على عتبة
انهيار كارثي يهدد استقرار النظام،
وخصوصاً مع الصدامات التي حصلت بالأمس
مع الشرطة في طهران وبدء اضراب تجار
المحافظات الجنوبية والغليان في سوق
العملات. وفي ظل الحديث عن
اضطرار ايران الى دفع عشرة مليارات
دولار حتى الآن لدعم نظام الأسد، ومع
التلويح الغربي بمروحة جديدة من
العقوبات الاقتصادية التي ستزيد من
خنق الاقتصاد الايراني، من الطبيعي ان
تبدأ البحث عن بدائل في سوريا وربما عن
لغة تصالحية مع الغرب الذي يعجبه
تحذيرها الأسد من استعمال الاسلحة
الكيميائية. ثم ان النظام الايراني
يعرف جيداً ان "الثورة الخضراء"
التي سبق له ان قمعها لم تمت وان الأزمة
الاقتصادية الخانقة قد تؤدي الى هبوب
رياح "الربيع الايراني" مجدداً! ================= تاريخ النشر:
الجمعة 05 أكتوبر 2012 د. رياض نعسان
أغا الاتحاد أخطر ما في القضية
السورية اليوم، هو انسداد الأفق
السياسي أمام كل الحلول، فلا توجد
نافذة ضوء في آخر النفق المظلم الذي
تمضي إليه الأحداث، ولا جديد كل يوم
سوى المزيد من الضحايا والدمار، وليس
مهماً في هذه اللحظة القاتلة
والمقتولة أن ينشغل المتحاورون بتبادل
الاتهامات، وتحديد المسؤوليات،
فالأسئلة الساخنة التي يجب أن يتداعى
الجميع إلى الإجابة السريعة عنها، هي
متى سينتهي هذا الدمار اليومي؟ ومتى
سيتوقف القتل الذي جعل الموت قاعدة
والحياة استثناء ومصادفة؟ ومتى سيجد
مئات الآلاف من السوريين المشردين
مأوى قبل أن يأتي شتاء آخر، وهم يعانون
البرد والجوع والمهانة حتى فيما ينقل
من أخبار حاجتهم إلى المساعدات، وهم من
أعز شعوب الأرض على مر التاريخ، وهم
الذين احتضنوا شعوباً أخرى وأفاضوا
بالحب على كل من لجأ إليهم، وجعلوه
سوريّاً مثلهم؟ وحسب البشرية أن تعلم
أن دمشق هي العاصمة الوحيدة في المنطقة
التي تطلق اسم (المهاجرين) على أشهر
أحيائها، وسوريا على مر حضاراتها كانت
تفتح ذراعيها لكل من يبحث عن أمن
ومستقر، وتفرش له الأهداب، وتحنو عليه
حنو الأمهات، ولكنها اليوم وللمرة
الأولى في تاريخها المديد عبر عشرة
آلاف عام ونيف مما نعرف، نرى شعبها
يضرب في العراء باحثاً عن مكان آمن
يحمي أطفاله ونساءه من خطر الموت تحت
الأنقاض، إنها لحظة الجنون المستعرة
التي تدمر كل ما بناه السوريون عبر
تاريخهم. ولقد تحولت سوريا إلى
ساحة صراعات دولية، وكل يبحث عن
مصالحه، وينسى أو يتجاهل مصالح الشعب
الذي بات يتيماً لا يكاد يجد سوى
النوايا الطيبة، والمشاعر المتعاطفة،
ويبدو مخجلاً أن تشكو دول عجزها عن
تقديم عون جاد، أو أن تضيق بمن يفدون
إليها هاربين من القتل والتدمير. ومع
تقديرنا لما تم تقديمه من بعض الدول
الصديقة والشقيقة، إلا أن الوضع
الإنساني المريع يحتاج إلى بذل أكبر
وعلاج أشمل، ولابد من حلول لمشكلة توقف
التعليم لعامين دراسيين متتاليين،
فهذا التوقف ينذر بضياع أجيال من
الطلاب سينقطعون عن متابعة التعلم،
ويضيع مستقبلهم في المجهول. إننا ندرك أن
المتطلبات شاقة، ولكن المجتمع الدولي
قادر على توفير حدود مقبولة من الدعم
الإنساني لو أنه واجه مسؤولياته
بعناية أكثر جدية. والخطر اليوم أن
تتحول الصراعات الدبلوماسية الدولية
إلى حروب ومواجهات تنخرط فيها بعض
الدول وتكون مدن سوريا ميدان مزيد من
القصف والدمار، ولابد من وضع حد لما
يحدث من تصعيد عسكري قبل أن ينفلت زمام
المبادرات الدولية الباحثة عن حلول
سياسية، وتنشب حرب إقليمية تدمر ما
تبقى من الحياة في سوريا. ولئن كانت تركيا
مرشحة للغوص في المستنقع السوري
الراهن، فإن من يجدون في الموقف التركي
نصيراً لن يسعدهم أن يروا الجيش التركي
يخوض حرباً ضد بلادهم، كما أنهم لا
يريدون أن يروا ضحايا أتراك ولاسيما
بعد أن تغنى السوريون على مدى السنوات
العشر الماضية بالعلاقات السورية
التركية التي كانت موضع تفاؤل كبير من
قبل الشعبين الصديقين. وعلى رغم كل الفواجع
التي يعانيها الشعب السوري، وانسداد
الآفاق أمام كل الجهود الدولية، فإن
الحلول العسكرية الراهنة لن تفتح
الآفاق، ولن تجلب إلا مزيداً من
الدمار، ولابد من مبادرات دولية قوية
عبر إجماع في مجلس الأمن تفتح نوافذ
أمل أمام الملايين من المعذبين الذين
باتوا في مواجهة المجهول، وحديث
السوريين اليومي يتساءل كل لحظة عن
موعد الخلاص، وهم يغرقون في بحار من
الدماء. ومن ينظر إلى الدمار الذي يحدث
في المدن السورية خلال الأسبوع الماضي
وحده، كما حدث في حلب يدرك حجم
الفاجعة، لقد دمر أشهر أحياء حلب
المسمى (المدينة) وهو روح حلب ورئتها
التجارية، وهو جزء مهم من التراث
الإنساني المسجل على لائحة اليونيسكو،
حيث يعود تاريخه إلى ألفين وأربعمائة
عام. كما دمرت ساحة حلب الشهيرة التي
تحمل اسم المناضل الوطني سعد الله
الجابري التي كانت تشهد أفراح المدينة
واحتفالاتها، وصار الفندق السياحي
الذي كان أحد معالم البناء الجديد في
حلب خراباً، فضلاً عن العديد من
المواقع والبنى الأثرية التي خسرتها
الإنسانية. ومثل هذا السلوك يعبر عن
حالة الجنون الكبرى التي تبدو مرشحة
لتدمير سوريا كلها. والإشارة إلى
المواقع الأثرية لا تعني أنها أغلى
علينا من البشر الذين يموتون تحت
الأنقاض، فقطرة دم من أي طفل سوري أغلى
من كل ما نملك، لكن الإشارة إلى
المواقع المهمة التي يتم تدميرها تعني
المشترك الحضاري العالمي كله. لقد عمت الفوضى في
سوريا، واختلط الحابل بالنابل، ودخلت
عوامل جديدة، ظهرت من خلال أفكار
متطرفة بدأت تنمو على الضفتين، وانعكس
ذلك على الأداء السياسي العالمي في
توصيف ما يحدث، ولم يعد المتصارعون
فريقين واضحين، هما النظام والمعارضة،
فهناك من باتت تحركهم ردة الفعل أكثر
مما يحركهم الفعل ذاته فإذا هم يخرجون
على كل الحدود، وبعضهم تحول عن مطالبه
المشروعة إلى مطالب خارجة عن المنطق
والمقبول في دعوات الإلغاء والإقصاء
والتهديد والوعيد أو استحضار عُقد
التاريخ ومصائبه. وفوق ذلك كله انتشرت
عصابات السرقة، ووجد العابثون في
الفوضى العارمة فرصة لثراء سريع عبر
إرهاب الناس وخطفهم وتهديدهم. وإذا كانت بعض الدول
الكبرى في العالم تريد أن ترى سوريا
مدمرة فترتاح من عناد الشعب السوري
تاريخياً ومن إصراره على التمسك
بحقوقه، ومن تعلقه بمبدأ المقاومة
ورفضه تقديم تنازلات لإسرائيل، وهي
تعلم أن هذا هو موقف الشعب، وهو اليوم
مهدد بدمار بلده دون أن يتحمل أعداؤه
أية مسؤولية عما يحل به، وهي غير معنية
بإنقاذه، ولعلها تريد أن ينشغل على مر
العقود القادمة بمآسي إعادة الإعمار،
وترميم الاقتصاد وشق طريق جديدة
لمساره السياسي، فإنها تخطئ في
حساباتها، لأن تداعيات الدمار ستمتد
إلى مواقع أبعد، وستجعل المنطقة كلها
جاثية على فوهة بركان، ولن يتنازل
الشعب السوري يوماً عن ثوابته
ومبادئه، ولن يركع للظلم والهوان، وهو
اليوم يقدم أمثولة في الصبر وتحمل
الفواجع، والإصرار على الانتصار. ================= في جدّية
المواقف الغربية من الأزمة السورية المستقبل -
الجمعة 5 تشرين الأول 2012 - العدد 4480 - رأي
و فكر - صفحة 19 عمر كوش تطرح أسئلة عديدة حول
مواقف الدول الغربية من الأزمة
السورية، وتمتد لتطاول حقيقة وجديّة
المواقف السياسية المعلنة، الداعمة
لمطالب الشعب السوري، وافتراقها عن
تقديم الدعم اللازم للثوار السوريين،
حيث تثار شكوك مراقبين كثر حول أسباب
احجام الولايات المتحدة الأميركية عن
اتخاذ مواقف حازمة، كتلك التي اتخذتها
حيال أزمات دولية أخرى، الأمر الذي
يطرح مسألة اختلاف المعيارية في
المواقف حول الأزمات الدولية، وخصوصاً
في جانبها الأخلاقي الإنساني، وعن
أسباب التردد في تطبيق مهام الأمم
المتحدة وهيأتها، ومنها مجلس الأمن
الدولي، في حفظ السلام العالمي
والدفاع عن حقوق الإنسان، فالشعب
السوري يتعرض، أمام مرأى العالم
وسمعه، لجرائم ومجازر متنقلة وممنهجة،
وباتت يومية، في ظل صمت وتردد المجتمع
الدولي، بل أن هناك دولاً وحكومات
تبارك هذه المجازر وسائر أعمال القتل،
وتقدم أعذاراً وتبريرات مختلفة وواهية
لعنف النظام. ويلاحظ أن ساسة
الولايات المتحدة الأميركية، لا زالوا
يأخذون بمقولة تفضيل الحل السياسي،
دون اتخاذ أي وسيلة ضاغطة من أجل بلوغ
هذا الحل المنشود، ويستندون في ذلك إلى
مقولة تبريرية، تفضل الاستقرار على
الديموقراطية. وفي الدائرة نفسها،
تذهب مواقف دول الاتحاد الأوروبي، من
تردد، وعدم إظهار رغبتها الدخول بقوة
على خط البحث عن حل للأزمة السورية،
الأمر الذي شجع الروس والإيرانيين
والصينيين على اتخاذ مواقفهم
المتشددة، بل ظهر أن الغربيين مرتاحون
لدور الإعاقة والممانعة الروسية،
والسبب هو أن حسابات الدول الغربية،
تأخذ بالاعتبار حسابات المصالح في ظل
الأزمة المالية العالمية، ومدى تأثير
أي أزمة دولية على أوضاعهم الداخلية،
وخاصة الحسابات المتعلقة بالانتخابات
واستطلاعات الرأي وسواها، وتحسب
حكوماتها ألف حساب لأمن ومصالح
إسرائيل، قبل كل شيء، في منطقة الشرق
الأوسط. إضافة إلى أن مصالح الدول
الغربية غير مهددة بفعل تأزم الوضع
السوري، فلا بترول في سوريا، والضاغط
الأخلاقي لا يدفع وحده الساسة
الأوربيين إلى اتخاذ مواقف حازمة
وحاسمة، كما فعلوا حيال العراق
وأفغانستان ويوغوسلافيا السابقة،
لذلك يركزون على مقولة الحلّ السياسي،
غير المتاح فعلياً، ولا يهمهم كثيراً
حجم وهول ما يصيب المحتجين السوريين،
وما يقدمونه من شهداء وجرحى ومعتقلين،
ولا يكترثون لدمار مناطق سكانهم
وتهجيرهم وتشريدهم، داخل سوريا
وخارجها، ويعرفون تماماً أن مصلحة
إسرائيل تكمن في أن تدخل سوريا في نفق
مظلم لا نهاية له، وأن تتدمر وتتفكك
الدولة، وتصل إلى مرحلة شديد من
الاهتراء والتفكك والتعفن. وشهدت مواقف الدول
الغربية تعرجات وتغيرات كثيرة، وفترات
من صعود لهجة تصريحات مسؤوليها
الإعلامية، وأخرى خافتة وباهتة، وسارت
في خط متغير بتغير المعطيات على الأرض
السورية. ففي بداية الثورة، ارتفعت
أصوات التنديد والشجب لممارسات
النظام، مع تأييد مطالب المحتجين،
وبلغت سقفها بمطالبة الرئيس الأسد
بالرحيل، واعتباره فاقد الشرعية. ولم تخف معظم الدول
الغربية، ومعها تركيا ودول الخليج،
دعمها الصريح لمطالب الشعب السوري في
التغيير، بل تحدث معظم زعماء دولها
وساستها عن ضرورة رحيل الأسد، وأن
أيامه في الحكم باتت معدودة. لكن
المفارق في الأمر هو أن سقف التصريحات
السياسية انخفض، بعد عدة أشهر من
الثورة، وراح يدور حول المقولات نفسها.
واليوم، وبعد عام ونصف من الثورة،
وسقوط أكثر من ثلاثين ألف شهيد، ودمار
قرى وبلدات وأحياء كثيرة، وقصف المدن
الرئيسية وسواها بالطيران الحربي
وبمدافع الدبابات، وتهجير أكثر من
مليوني سوري من أماكن سكناهم. مع ذلك
كله، ما يزال زعماء الغرب وساسته
يرددون الكلام نفسه، ويتحدثون عن
ضرورة الحل السياسي، وتفضيلهم له،
الأمر يكشف عجزاً كبيراً حيال الأزمة
السورية، بل أن المخاتل في مواقفهم، هو
أنهم لم يكفوا عن التذرع بتعقيدات
الوضع السوري، مثل عدم وجود البديل
المناسب، واختلافات المعارضة
وتشرذمها، وتعقيدات الوضع السوري،
والخوف على حقوق الأقليات ومصيرها،
وامتلاك النظام أسلحة الكيمياوية،
وبروز تنظيمات متطرفة، وسوى ذلك. وكلها
اشتراطات، اتخذت ذريعة لتبرير ترك
الشعب السوري رهينة، يقتل منه النظام
من يشاء وقدر ما يشاء. والمستغرب في الأمر
هو أن تصريحات المسؤولين الغربيين
توظف لصالح النظام السوري، سواء
بالتواطؤ معه أم من دون ذلك، حيث وضع
بعض الساسة خطوطاً حمراء عدّة، سرعان
ما لبث أن تراجعوا عنها، حين تجاوزها
النظام، ولعل تحذير الرئيس الأميركي
"باراك أوباما" النظام السوري من
مغبة استخدامه الأسلحة الكيمياوية،
فهم منه النظام، أن بإمكانه استخدام
مختلف أنواع الأسلحة، وهو يستخدمها
بالفعل، باستثناء الإسلحة الكيمياوية.
إنه تصريح بالقتل بواسطة الرشاشات
والمدافع الخفيفة والمتوسطة
والثقيلة، واستخدام الدبابات
والطائرت الحربية. والواقع، أنه وبصرف
النظر عن مدى التشكيك بجدية المواقف
الغربية، فإن الثوار السوريين كانوا
يدركون منذ البداية أن التكلفة كبيرة
والثمن باهظ، وعدم فائدة التعويل على
الدول الغربية في إنهاء معاناة
السوريين، وفي المساعدة على تلبية
مطالبهم وطموحاتهم في إشادة دولة
مدنية تعددية ديموقراطية، وبالتالي،
فإن ثمن حرية السوريين واسترجاع
كرامتهم كبير، والخلاص من الاستبداد
المستحكم منذ أربعة عقود ليس أمراً
سهلاً، ويتطلب تضحيات جسام وملاحم
بطولية بدأوا ================= راجح الخوري 2012-10-05 النهار كان واضحاً منذ
اللحظة الاولى بعد سقوط القذائف على
الأراضي التركية وقتل خمسة من
المواطنين ان أنقرة لن تقع في فخ بشار
الاسد فترد بعملية عسكرية كبيرة توفر
له الفرصة لنقل دائرة الاهتمام الدولي
من أزمته الداخلية الى أخطار حرب
إقليمية ربما تساعده في إيجاد مخارج
تتيح له الإفلات من الحساب الداخلي
الذي يزيد الخناق عليه يوماً بعد يوم! وهكذا عندما يقول رجب
طيب أردوغان "لن ندخل الحرب ضد سوريا
لأن هذا ليس من مصلحتنا"، يكون قد
امتنع عن تقديم الحرب كأفضل هدية يمكن
ان يحلم بها الأسد في هذه المرحلة
الخانقة بعدما بات غارقاً في الرمال
الدموية المتحركة حتى عنقه. لكن لم يكن في وسع
تركيا ان تبتلع الحادث بعدما طال
سكوتها عن سلسلة من الاعمال السورية
العسكرية التي بدأت باسقاط الطائرة في
22 حزيران الماضي، وقد تردد أخيراً انها
أسقطت عمداً وبمساعدة من الروس وان
طيّاريها لم يقتلا في الحادث بل ان
النظام قام بتصفيتهما في ما بعد، ثم
سقطت سلسلة من القذائف على الأراضي
التركية لكن أنقرة واصلت ضبط النفس! منذ سنة تقريباً
تراجعت أنقرة عن سياسة التصعيد ضد
الأسد بعدما كانت قد رفعت التهديدات
الى السماء عندما قال أردوغان ان حلب
خط أحمر وانه لن يسمح بذبح الشعب
السوري، وكان النظام السوري يتمادى في
استفزازها رداً على دعمها للمقاومة
السورية، تارة عبر تحريك "حزب
العمال الكردستاني" وأخرى عبر تأجيج
مشاعر العلويين الأتراك ضد اللاجئين
السوريين. وبدا ان أنقرة اتخذت
موقفاً واضحاً وهو أنها ستواصل دعم
المعارضة ولن تتدخل عسكرياً في غياب
موقف دولي يدعم هذا التدخل لمنع
المذابح كما حصل في ليبيا. ومع غرق
أميركا في سباتها الانتخابي ورفضها
القيام بأي عمل يوقف المأساة أو يساعد
في إقامة منطقة عازلة، وكذلك مع
الانغماس الإيراني في القتال ميدانياً
الى جانب النظام ومع الحماية الروسية
العنيدة له سواء في الأمم المتحدة
وإفشال مبادرة الجامعة العربية
ومواصلة تزويده السلاح، لجأت تركيا
الى اللهجة الخفيضة مكتفية بتقديم
المأوى للاجئين ومساعدة المعارضة
وابتلعت سلسلة من قذائف الاستفزازات
لم تكن توقع ضحايا كما حصل أول من أمس. هذه المرة أرادت
تركيا ان تذكّر النظام السوري ربما
بالصورة الطريفة التي نقلها أمس "موقع
العربية" عندما وصف ميزان القوى بين
البلدين بأنه بين "الحوت التركي
والسردين السوري"، فبعدما ردت بقصف
المواقع السورية وافق برلمانها على ان
تقوم الحكومة بشن عمليات عسكرية داخل
سوريا بما يبقي السيف مصلتاً فوق رأس
النظام، الذي لن يحصل على الحرب كهدية
منقذة بل سيُترك ليغرق في رماله
الدموية المتحركة! ================= مظاهرات
طهران: الريال الإيراني والانتفاضة
السورية صبحي حديدي 2012-10-04 القدس العربي
ثمة، بالطبع، الكثير
من المغزى وراء التراشق الأخير،
بالهاون والمدفعية الثقيلة، بين جيش
النظام السوري والجيش التركي (الحليف،
والشريك في مقارعة الكرد، حتى انطلاق
الانتفاضة السورية)؛ وكذلك الحملة
الشعواء، المقذعة تماماً، والمهينة
لفكرة 'المقاوم المتشرد'، التي شنّها
إعلام النظام السوري ضدّ خالد مشعل،
رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس'
الفلسطينية (الحليف، المقيم في دمشق
حتى أشهر قليلة خلت)؛ أو كشف النقاب عن
مقتل علي حسين ناصيف (أبو عباس)، أحد
كوادر 'حزب الله' العسكرية، 'خلال قيامه
بواجبه الجهادي'، داخل الأراضي
السورية حسب معظم الترجيحات. إلا أنّ
المغزى الأهمّ ـ على صعيد حلفاء
سابقين، أو دائمين، للنظام السوري ـ
هو، أغلب الظنّ، المظاهرات التي
شهدتها وتشهدها مدن إيرانية، طهران
ومشهد خاصة، على خلفية هبوط سعر صرف
الريال، وفقدانه قرابة نصف قيمته
الشرائية. هنالك وجه أوّل،
سياسي، لانعكاسات هذه الأزمة التي
تبدو مالية صرفة، ناجمة عن تأثير
العقوبات الاقتصادية كما تقول تقارير
تعتمد تأويلات كلاسيكية، ليست غير
صائبة في كلّ حال. ولقد جاء البُعد
السياسي من قلب الشارع الشعبي
الإيراني ذاته، حين تعالت في
المظاهرات شعارات تندد بانشغال
السلطات الإيرانية عن هموم البلد
الداخلية، وانهماكها بملفات لبنان
وسورية (ولكن ليس فلسطين، وهذا أمر
بالغ الدلالة). هنالك هتاف أوّل يقول: 'لا
سورية ولا لبنان/ روحي فداء إيران'؛
وآخر يذهب أبعد في المباشرة: 'اتركوا
سورية وشأنها/ واهتموا بأحوالنا'؛ وفي
النموذجين يذهب محتوى الملامة إلى
ميزان خاسر بين رعاية النظام السوري (وليس
الشعب السوري البتة، غنيّ عن القول!)،
على حساب، أو مقابل، إهمال الشعب
الإيراني. وهنالك وجه اقتصادي،
لا يخصّ أية شبكة تبادلية، أو موازين
تجارية أو استثمارية، بين اقتصادات
إيران واقتصادات سورية؛ بل يتركز، على
وجه التحديد، في ذلك 'الاقتصاد السياسي'
الخاص الذي تخلقه التغذية الإيرانية
المباشرة لاقتصاد الاستبداد السوري.
فإذا واصل الريال هبوطه الدراماتيكي،
واستمرّ البازار الإيراني في الإضراب،
والمشاركة في أشكال الاحتجاج الشعبية،
على نحو مباشر أو ضمني (وذاك أدهى، كما
تفيد المعلومات)؛ فإنّ السلطات
الإيرانية لن تستطيع توفير التغطية
السياسية، وتلك العقائدية، و'الجهادية'،
لاستمرارها في توفير المساندة
الاقتصادية للنظام السوري. صحيح أنّ
تدفق الأموال، مثل الأسلحة والخبرات
والخدمات اللوجستية، لن يتوقف في كلّ
حال؛ إلا أنّ مقاديره ومعدّلاته،
فضلاً عن مسوّغاته، سوف تخضع لمراجعات
إجبارية، وانتقادات أشدّ من جانب
الشارع الشعبي العريض. وهنالك، ثالثاً، وجه
أمني، لكنه أخلاقي وسلوكي أيضاً، يخصّ
المقارنة بين أساليب شرطة مكافحة
الشغب وعناصر الأجهزة الأمنية
الإيرانية في مواجهة تلك الاحتجاجات،
حيث وقعت مصادمات ونُفّذت حملات
اعتقال واستُخدم الغاز المسيل للدموع
والصعق الكهربائي؛ والأساليب الوحشية
التي اعتمدتها اجهزة النظام السوري في
قمع المظاهرات، منذ الساعات الأولى
للانتفاضة، والتي ازدادت وحشية،
وأسقطت كلّ محظور قانوني أو رادع
أخلاقي. الدروس 'التربوية'، وثمة ما
يجيز وصفها هكذا، لا تقتصر على أبناء
الشعبين السوري والإيراني وحدهم؛ بل
يصحّ القول أنها تشمل أيضاً تلك 'الأغلبية
الصامتة'، هنا وهناك، التي لا تؤيد
همجية النظام السوري بالضرورة، ولكنها
تساجل بأنه ليس الاستبداد الوحيد في
المنطقة، من جهة أولى؛ وترى في ما تبقى
من 'الثورة الإسلامية' الإيرانية
نموذجاً أكثر 'طهرانية' من الأنظمة
الأخرى، في العلاقة مع الشارع الشعبي،
من جهة ثانية. مفيد، بعد ملاحظة هذه
الوجوه السياسية والاقتصادية
والأخلاقية لحركة الاحتجاجات
الراهنة، التشديد على حقيقة قديمة،
تتقادم دون أن تنطوي نهائياً، تفيد
بأنّ مخاض التحركات الشعبية الإيرانية
(وبينها تلك التي تنشط أثناء معارك
الانتخابات الرئاسية) إنما تدور بين
الإصلاحيين في وجه المحافظين، وبين
التنمية السياسية ضدّ الجمود
المؤسساتي، وبين ديمقراطية تسعى إلى
تولية الشعب وأخرى تتشبث بمبدأ 'ولاية
الفقيه'. ذلك، في عبارة أخرى،
يعني أنّ المعركة لا تدور حول مسائل
الانفتاح على الغرب، وصواب أو خطل
سياسة إغلاق جميع البوّابات في وجه 'الشيطان
الأكبر'، ومواصلة الكفاح ضدّ
الإمبريالية العالمية أو 'الإستكبار
الدولي'، والإصرار على البرنامج
النووي، ومحو إسرائيل من الخريطة،
ومساندة 'محور الممانعة' حتى حين
تتداعى أنظمته وتنحطّ وتحتضر... إنها،
في الجوهر، ما تزال تدور حول حاضر
إيران ومستقبلها، وحول مسائل داخلية
سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. والعودة إلى تجربة
الانتخابات الرئاسية الأولى، وإلى
مآلاتها كما تجسدت وأُعيد إنتاجها في
الانتخابات الرئاسية الأخيرة
تحديداً، تمدّ أصحاب هذا الرأي
بالكثير من أسباب التثبّت والترجيح.
ففي عام 1997 انتخب الإيرانيون رئيسهم
الجديد محمد خاتمي، بأغلبية ساحقة (اعتُبرت
'فاضحة' عند البعض، بالمقارنة مع
النسبة التي حصل عليها خصمه علي أكبر
ناطق نوري). واختار خاتمي تشكيلة
وزارية كانت الأكثر تعددية وتنوّعاً (والأكثر
'إعتدالاً'، وفق المصطلح الذي يستهوي
المراقبين الغربيين)، منذ أن وطأ
الإمام الخميني أرض مطار طهران عائداً
من منافيه الطوال؛ فصوّت البرلمان
الإيراني على منح الثقة لهذه الحكومة (ليس
دون صعوبات ومقاومة ودسائس). إزاء تلك التطورات
كتب ريشارد مورفي، مساعد وزير
الخارجية الأمريكي أيام السنوات
الحافلة 1983 ـ 1989، مقالة مطوّلة في
صحيفة 'واشنطن بوست'، كشف فيها النقاب
عن حقيقة أنّ الإدارة بوغتت بانتخاب
خاتمي، وكانت تنتظر انتخاب خصمه 'المتشدد'
نوري، لأنّ فوز الأخير هو الذي يثبّت
الأسطورة، ويندرج بسهولة في المخطط
التحليلي القياسي المعتمَد في واشنطن
منذ عقود. الرئيس الأمريكي الأسبق بيل
كلنتون كان، في حينه، قد نطق بما
سيستعيده اليوم الرئيس الحالي باراك
أوباما: 'لم أكن في أيّ يوم سعيداً بهذه
الحالة من الاغتراب بين شعب الولايات
المتحدة وشعب إيران، هذا الشعب العظيم'.
ولا ريب في أنّ أوباما أعطى قيمة مضافة
إلى تعبير 'الشعب العظيم'، متذكراً أنّ
سياسات سلفه جورج بوش، في الغزو
والغطرسة وتغطية الهمجية الإسرائيلية
وشنّ الحروب الصليبية المعاصرة، جعلت
من إيران قوّة إقليمية كبرى لم يعد من
الممكن ضبط طموحاتها الإمبراطورية
بوسيلة أخرى غير مساومتها، أو شنّ
الحرب عليها! رئاسة أحمدي نجاد
الأولى، صيف 2005، شهدت هزيمة منافسه
المحافظ والرئيس الأسبق علي أكبر
هاشمي رفسنجاني، بنسبة 62'، ومعدّل
مشاركة بلغ 60'، ممّا دلّ على أنّ
الإصلاحيين قاطعوا الانتخابات عملياً.
وهكذا انتقل مركز القوّة من المجموعة
الدينية ـ البيروقراطية المحافظة،
التي مثّلها آيات الله التلقيديون،
ممّن خلفوا الإمام الخميني في مختلف
مراكز القرار؛ إلى المجموعة الدينية ـ
العسكرية المتشددة، كما يمثلها تحالف
الجيل الثاني من آيات الله (آية الله
مصباح يزدي، بصفة خاصة)، والحرس
الجمهوري، وأجهزة الاستخبارات. صعود تيّار أحمدي
نجاد، والمحافظين الجدد الإيرانيين
إجمالاً، لم يكن بشرى سارّة للشعب
الإيراني، ولا لأيّ من شعوب المنطقة في
الواقع، لكي لا يضيف المرء أنها كانت
نذير وبال كفيل بردّ البلد عشر سنوات
إلى الوراء، أي إلى ما قبل رئاسة خاتمي
الأولى، حين لاح أنّ التيّارات
الإصلاحية توشك على إحراز تقدّم. وإذا صحّ أنّ صعود
تيّار أحمدي نجاد كان ولادة سياسية
وعقائدية في أن معاً، فإنّ الخلاصة
اللاحقة ينبغي أن تشير إلى اندحار (وربما
محاق!) التيارات الإصلاحية، في مختلف
أجهزة ومؤسسات الثورة الإسلامية
الإيرانية. وفي ظلّ السياقات
الإقليمية والدولية الراهنة تحديداً،
بصدد ملفّ المنشآت النووية الإيرانية،
ومستقبل النفوذ الإيراني في العراق،
وتعاظم أدوار الدبلوماسية التركية
المقترن باختلاط التحالفات الإقليمية
في المنطقة، ومآلات الانتفاضات
العربية عموماً، وتلك التي تتواصل في
سورية خاصة... لا تكفّ عن التراكم تلك
الدلالات الكبرى لتلك الولادة،
وآثارها، وعواقبها المتعددة ذات
الانبساط الجغرافي العريض، الذي لم
يعد يقتصر على إيران وحدها. وبصرف النظر عن مظانّ
المرء إزاء الديمقراطية الإيرانية
الراهنة، وفي ظلّ استمرار العمل بنظام
ولاية الفقيه على وجه الخصوص، فإنّ ما
يستوجب ولادة تيّار أشدّ محافظة هو هذا
بالذات: أنّ الديمقراطية الإيرانية
الراهنة يمكن أن تضع شرائح عريضة من
الشارع الإيراني في موقع المعارضة
للقسط الأعظم من ثوابت المجموعة
الحاكمة، على اختلاف أجنداتها، في
مسائل السياسة الداخلية والحقوق
والحريات والعقيدة، كما في مسائل
السياسة الخارجية وموقع إيران الدولة
وإيران الثورة الإسلامية. وليس مدهشاً
أن يكون الاحتلال الأمريكي للعراق،
وسياسات الولايات المتحدة وإسرائيل
إجمالاً، بين أبرز العوامل التي ساعدت
على ترسيخ جاذبية خطاب أحمدي نجاد،
الشعبوي التحريضي، المحافظ أو المحافظ
الجديد، في ناظر الشارع الإيراني
العريض. وفي مثل هذه الأيام،
قبل سنتين، قام أحمدي نجاد بزيارة
لبنان، فبدا وكأنه يريد لإيران أن تصبح
عنصراً إضافياً في استقواء فريق
لبناني على آخر؛ أو أن تسير على منوال
النظام السوري في جعل لبنان ساحة
مواجهة عسكرية وحيدة مع إسرائيل، حين
تظلّ المدافع خرساء تماماً على جبهة
الجولان. كذلك بدا مجافياً للمنطق،
وجارحاً لملايين الإيرانيين الذين
اختلفوا مع أحمدي نجاد ولم يصوّتوا له،
ذلك الإفراط الشديد في تلميع الأخير،
وتضخيم سجاياه القيادية، ورفع خصاله
الشخصية إلى سوية عليا (السند العظيم
للمقاومين والمجاهدين والمظلومين)،
بدا أنّ الرجل نفسه قد بوغت بها. وأصبح
الأمر أشدّ مضاضة، وأبعد مغزى، حين
تولى التلميع 'قائد المقاومة
الإسلامية' نفسه، حسن نصر الله، الأمين
العام لـ'حزب الله'، كما في قوله: 'نشمّ
بك يا سيادة الرئيس رائحة الإمام
الخميني المقدس، ونتلمس فيك أنفاس
قائدنا الخامنئي الحكيم، ونرى في وجهك
وجوه كلّ الإيرانيين الشرفاء من أبناء
شعبك العظيم'. غير أنّ الاحتقان
الراهن الذي يجتاح صفوف الشعب
الإيراني، العظيم بالفعل، يحمل من حيث
الشكل صيغة التذمّر من خطط حكومة أحمدي
نجاد، السياسية والاقتصادية
والأمنية؛ ولكنه في الجوهر يدور حول
صيغة الجمهورية الإيرانية الثالثة،
بعد الأولى التي أطاحت بالشاه في شباط (فبراير)
1979، والثانية التي تبلورت ـ حسب تشخيص
آية الله الخميني نفسه ـ بعد أشهر من
احتلال السفارة الأمريكية في طهران: هل
ستسير على نهج أمثال أحمدي نجاد،
والعميد يد الله جواني (رئيس المكتب
السياسي للحرس الثوري، الذي هدّد بسحق
كلّ 'ثورة مخملية'، حتى إذا كانت خضراء
اللون!)، ورئيسه الجنرال محمد علي
جعفري (الذي أكد وجود الحرس الثوري في
سورية ولبنان)؟ أم تقتفي درب
الإصلاحات، السياسية والاقتصادية
والاجتماعية، كما اقترحها أمثال
خاتمي، ومير حسين موسوي، ومهدي كروبي،
على اختلاف برامجهم؟ الإجابة، كما أفادت
هتافات الشارع الإيراني، لن تأتي من
طهران، فقط؛ بل من دمشق وبيروت، أيضاً! ' كاتب وباحث سوري
يقيم في باريس ================= عبد الباري
عطوان 2012-10-04 القدس العربي ما يجري على الحدود
السورية ـ التركية من توتر عسكري حاليا
هو عبارة عن تبادل رسائل دموية بين
الحكومتين في انقرة ودمشق، تمثلت في
القصف المتبادل الذي اوقع ضحايا في
الجانبين. ربما يرى الكثيرون أن
إقدام وحدات من الجيش السوري على اطلاق
قذائف مدفعية على قرية تركية، ومقتل أم
واطفالها الثلاثة واحدى قريباتها، هو
خطوة غبيّة، تكشف عن قصر نظر، لكن
الواقع مغاير لذلك في رأينا، وربما
تكون خطوة مدروسة بعناية هدفها جر
تركيا الى صدامات دامية، وربما تفجير
حرب اقليمية شاملة. النظام السوري يدرك
جيدا ان السيد رجب طيب اردوغان رئيس
وزراء تركيا الذي يخطط حاليا لتعديل
الدستور بما يسمح له بتولي رئاسة
الدولة، بحيث يصبح رئيسا لكل الاتراك،
يملك صلاحيات واسعة، وليس رئيسا لحزب
العدالة والتنمية فقط، يدرك انه لا
يريد الحرب، بل ويتجنبها لان لديه
الكثير مما يمكن ان يخسره، ويفسد عليه
خططه المستقبلية وابرزها نقل تركيا من
المرتبة السابعة عشرة كأقوى اقتصاد في
العالم، الى المرتبة العاشرة، والحفاظ
على نسبة نمو في حدود سبعة في المئة
سنويا. ما فعله اردوغان
بإطلاقه مجموعة من القذائف على مواقع
سورية مساء امس الاول يذكرنا بما فعله
الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون
عندما اطلق 75 صاروخ كروز على مواقع
للقاعدة في افغانستان، كرد على
تفجيرها لسفارتي بلاده في نيروبي ودار
السلام عام 1998، اي لامتصاص غضب الرأي
العام وتجنب التورط في حرب. في المقابل ليس هناك
ما يمكن ان يخسره النظام السوري، فهو
في حالة حرب فعلا، ويواجه حصارا خانقا
وثورة مسلحة تريد إسقاطه صمدت لاكثر من
عشرين شهرا، وحققت بعض النجاحات على
الارض من حيث زعزعة استقراره، وإغراقه
في حرب استنزاف دموية ادت الى فقدانه
السيطرة على عدة مناطق، وخاصة
المحاذية للحدود التركية. انها مقامرة سورية
محسوبة بعناية، نجحت في خلط الأوراق،
واربكت الحكومة التركية، ولكن هذا لا
يعني ان النتائج قد تأتي عكسية في
نهاية المطاف، خاصة اذا قررت المعارضة
التركية الوقوف الى جانب السيد
اردوغان في حال تصاعد اعداد القتلى
الاتراك بشظايا قنابل المدفعية
السورية. اطلاق قذائف مورتر
على قرية اكجاكالي التركية الحدودية،
هو صرخة ألم سورية رسمية من الدور
التركي في دعم المعارضة المسلحة
وفصائلها المتعددة، ورسالة تحذير من
ارسال اسلحة وصواريخ متطورة اليها قد
تنجح في فرض حظر جوي من خلال شلّ فاعلية
الطيران السوري، خاصة ان هناك سفينة
اسلحة قادمة من ليبيا وما زالت رابضة
في ميناء الاسكندرون محملة بالآلاف من
هذه الصواريخ. ' ' ' من يقرأ ردود الفعل
الغربية، ومن ثم التركية، على هذه 'العملية
الانتحارية' السورية حسب وصف البعض،
يخرج بانطباع بأنها جميعا تطالب بضبط
النفس، والمطالبة هنا للطرفين التركي
والسوري معا، وتجنب توسيع دائرة
الصراع. الدول الغربية اكتفت
بالشجب، وسورية اكتفت بالاعتذار،
وتركيا بالقبول، ولكن الرسالة وصلت
الى انقرة واضحة المعالم: تريدون
اسقاطنا اهلا وسهلا، فهذا قراركم،
ولكننا لن نسقط وحدنا، ولن يكون هذا
السقوط دون خسائر باهظة. صحيح ان الرئيس رجب
طيب اردوغان عقد جلسة طارئة للبرلمان،
واستصدر قرارا بتفويضه بشن حرب ضد
سورية، مثلما عقد اجتماعا مع قائد
اركان الجيش التركي، وقيادة حزبه،
لكنه اكثر عقلا وحكمة من استخدام هذا
التفويض فورا، فهو ليس قائدا عربيا
يقرر وحده في قضايا مصيرية مثل السلام
والحرب، وانما قائد يحتكم الى مؤسسات
منتخبة، وديمقراطية حقيقية، وقيادة
عسكرية لها ثقلها وكلمتها، والأهم من
كل هذا وذاك انه يضع مصلحة شعبه فوق
جميع الاعتبارات. اردوغان يواجه
معارضة داخلية قوية، ونسيجا طائفيا
هشا، وكان لافتاً ان حصوله على تفويض
بالحرب جاء بالاغلبية، وان اكثر من
مئتي نائب صوتوا ضده في البرلمان. السؤال الذي يطرح
نفسه بقوة هو ما اذا كانت القيادة
التركية ستتفهم الرسالة السورية
الدموية، وتخفف من دعمها للمعارضة
المسلحة، والجهادية منها على وجه
الخصوص عبر تسهيل وصول الاسلحة
والاموال اليها، أم انها ستكثف هذا
الدعم كرد على هذا الهجوم السوري؟ من الصعب اعطاء اجابة
حاسمة في هذا الخصوص، ولكن من المرجح
ان لا يأتي القرار التركي انفعاليا،
بحيث تسقط تركيا في مصيدة الاستفزاز
السوري وهي مفتوحة العينين، مما يؤدي
الى توريطها في حرب اقليمية طويلة،
تضاف الى حرب تجددت فجأة على ارضية
الأزمة السورية مع حزب العمال
الكردستاني التركي، الذي يتبنى
المعارضة العسكرية. الرسالة الأهم التي
وجهها مسؤول سوري الى اردوغان يوم امس
هي التي تهدد بتزويد الحزب الكردي
المذكور بصواريخ 'كورنيت' الروسية
المضادة للدروع، التي تزدحم بها مخازن
اسلحة النظام السوري، وابلت بلاء حسنا
عندما استخدمها حزب الله اللبناني
اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان
عام 2006 وحطمت اسطورة دبابة الميركافا
فخر الصناعة العسكرية الاسرائيلية. ' ' ' إنها لعبة عض اصابع
تجري حاليا بين تركيا وسورية، ولا شك
ان الاضراس التركية اقوى واكثر حدة
بالمقارنة مع تلك السورية الهرمة
والمسوسة بفعل عشرين شهرا من الحرب،
ولكن هناك فارقا اساسيا وهو ان الطرف
السوري تعوّد على الصراخ من الألم،
بينما لم يصرخ نظيره التركي ولو لمرة
واحدة طوال السنوات العشرين الماضية
على الأقل. حلف الناتو خذل
القيادة التركية عندما رفــــض التدخل
في المرة الاولى عندما اسقطت سورية
طائرة استطلاع تركــية اخترقت مجالها
الجوي، وكرر الشيء نفسه عندما طالبه
اردوغان بالاجتماع لبحث الهجوم
المدفعي السوري الاخير، والشيء نفسه
فعله مجلس الأمن الدولي من خلال بيانه
الانشائي. الأزمة قد تطول على
الطريقة العربية، اعتذار من هنا وضبط
نفس من هناك، انتظارا لتصعيد آخر،
بينما تتضاعف اعداد القتلى السوريين
الأبرياء يوميا. الاسد لم يعد اسداً،
وانما نمر جريح، بل مثخن الجراح،
والنمور الجريحة اخطر من غيرها. وينطبق
عليه، اي الاسد، المثل الشامي المعروف
'ضربوا الاعمى على عينه فقال ما هي
خربانة خربانة'. ================= ثمانية
حلول من نسج الخيال لنزاعات الشرق
الأوسط باتريك سيل * الجمعة ٥
أكتوبر ٢٠١٢ الحياة باءت دورة الجمعية
العامة للأمم المتحدّة التي عُقدت في
نيويورك بفشل تام هذا العام. لم تُبرز
فحسب الشلل الذي ألحقته الخصومة
القائمة بين القوى الكبرى بالمنظمة
الدولية بل تضمّنت مداخلات تضليلية
وأحياناً مضحكة لبعض زعماء العالم. أعلن مثلاً الرئيس
الفرنسي فرانسوا هولاند أنّ فرنسا
كانت مستعدة للاعتراف بحكومة سورية
لتحلّ مكان نظام الرئيس بشار الأسد على
رغم أنّه لا وجود لحكومة مماثلة في
الأفق. في الوقت نفسه وفي إطار خرق واضح
للقانون الدولي، أكمل رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حملته
الهادفة إلى شنّ حرب احترازية ضد إيران
لأنّه يخشى من أن يتحدّى هذا البلد
احتكار إسرائيل النووي ويضع حدّاً
للهجمات التي تشنها على الدول
المجاورة لها. وأثار الرسم الذي عرضه
نتانياهو لقنبلة تمثّل الخطر الإيراني
النووي ضجة دولية كبيرة فيما شكّك
البعض في سلامة عقله. دعا أمير قطر الشيخ
حمد إلى تدخّل عسكري عربي لوضع حدّ
للقتال في سورية وكأنه لا يدرك أن
الدول العربية لا تملك الرغبة ولا
القدرة على الخوض في عمل مماثل ضد دولة
مجاورة. على أي حال، أطاح الرئيس
المصري محمّد مرسي اقتراح الأمير من
خلال رفض أي تدخّل عسكري في سورية. لم يكن أداء الرئيس
الأميركي باراك أوباما أفضل بكثير.
بدلاً من استخدام النفوذ الأميركي
وفصاحته المعهودة للعمل على حلّ
المشاكل والنزاعات مثل الحرب الكارثية
المستمرة في أفغانستان والنزاع العربي-الإسرائيلي
الضار والعقوبات القاسية والخطيرة
المفروضة على إيران والغضب الإسلامي
العارم إزاء السياسات الأميركية،
اكتفى بإلقاء خطاب فارغ المضمون
وبإطلاق شعارات مفادها بأنّ أميركا «حاربت
وضحّت في أنحاء العالم من أجل حماية حق
الشعوب في التعبير عن رأيها». يجب قول
ذلك إلى الفلسطينيين المقموعين
والمحاصرين وإلى عشرات الآلاف من
العراقيين الفقراء والمهجّرين الذين
لا يزالون يندبون موتاهم وإلى
القرويين الأفغان والباكستانيين
واليمنيين الذين تقتلهم يومياً
الطائرات الأميركية من دون طيار. تخيلوا ردّ فعل
العالم في حال حصول الأحداث التالية
بدلاً من التفاهات التي نشهدها اليوم: تخيلوا الترحيب الذي
سيلقاه أوباما لو أعلن أنه عقب محادثات
سرية ومطوّلة في نيودلهي، وافق
الممثلون عن أميركا وحركة «طالبان»
على وقف إطلاق النار في أفغانستان وعلى
تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية
تتعهّد إحلال السلام في هذا البلد الذي
تمزقه الحرب والإشراف على رحيل القوات
الأميركية. تخيلوا التصفيق
الحار الذي سيحصل عليه لو أعلن أنه لو
أعيد انتخابه في تشرين الثاني (نوفمبر)،
سيضع حداً «للحرب على الإرهاب»
الوحشية التي تولّد نتائج عكسية فضلاً
عن اتخاذ إجراءات فورية لحماية
المدنيين الأبرياء من خلال منع
الطائرات من دون طيار من شنّ هجمات
بالصواريخ على الإرهابيين المزعومين. تخيلوا الحماسة التي
سيحييها لو أعلن عن خطة تهدف إلى سحب
القواعد الأميركية من منطقة الخليج
وإلى الطلب من قوات البحرية الأميركية
العدول عن الانتشار «عبر الأفق». تخيلوا الطمأنينة
التي سيبعثها في النفوس لو أعلن أنه
مستعد حين يعاد انتخابه للدخول في
محادثات شاملة مع إيران بغية حلّ
الخلافات بينهما. وتقضي الشروط
المقترحة للمحادثات بموافقة إيران على
وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 3.5 في
المئة على أن يخضع ذلك لمراقبة دولية
مقابل ضمانات أميركية بالحفاظ على أمن
إيران ضد أي هجوم عسكري أو إخضاع ورفع
العقوبات وإعادة العلاقات
الديبلوماسية بين طهران وواشنطن ووضع
حدّ لأكثر من ثلاثين سنة من العدائية
والحرب غير المعلنة. تخيلوا لو أطلق قادة
دول مجلس التعاون الخليجي وإيران
حواراً استراتيجياً تحت جناح الجمعية
العامة في الأمم المتحدة يهدف إلى
التوصل إلى اتفاق على عدم الهجوم وعدم
التدخّل في الشؤون الداخلية في إطار
خطوة أولى نحو إشراك الجمهورية
الإسلامية في المنظومة الأمنية في
الخليج. تخيلوا لو أصدر الملك
عبد الله بن عبدالعزيز والرئيس المصري
مرسي دعوة مشتركة إلى كبار علماء السنة
والشيعة من كل المذاهب والمدارس لحضور
مؤتمر في مكة يهدف إلى وضع حدّ للتجريح
والإساءة المتبادلة وإلى رأب الصدع
المذهبي وإلى توحيد جميع المسلمين ضد
أعداء الإسلام. تخيلوا لو وضع
نتانياهو الرسم الذي عرضه جانباً
وأعلن بدلاً من ذلك أنه بعد تفكير طويل
وتأمل استنتج أن حلم إسرائيل الكبرى لا
يمكن تحقيقه وأنّ طموحه يقوم على ضمان
مستقبل إسرائيل من خلال إقامة علاقة
سلام مع الفلسطينيين ومع العالم
العربي برمّته. بالتالي، سيدعو القادة
العرب إلى تعيين مندوبين وزاريين
للقاء نظرائهم الإسرائيليين في مكان
حيادي مثل أوسلو من أجل التخطيط
للتطبيق الفوري لمبادرة السلام
العربية بما في ذلك إنشاء دولة
فلسطينية. تخيلوا لو أصدر قادة
المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا
وإيران إعلاناً مشتركاً يدعون فيه
الحكومة السورية وأحزاب المعارضة
الأساسية إلى وقف القتال بحلول 15 تشرين
الأول (أكتوبر) وسحب القوات المسلحة من
القرى والمدن وإرسال موفدين عنهم إلى
مؤتمر سلام. في الوقت نفسه، تعلن
المملكة العربية السعودية وقطر
استعدادهما لإنشاء صندوق مشترك بـ 15
بليون دولار لإعادة إعمار سورية
وإنشاء فرص عمل للعاطلين من العمل
وإعادة إطلاق الاقتصاد بعد أن يتمّ
إجراء انتخابات حرة وعادلة وتشكيل
حكومة وحدة وطنية. ولا عجب في أنّ
تستحوذ هذه التطوّرات المهمّة في
نيويورك على اهتمام دولي كبير.
وسيتفاجأ ويفرح المندوبون الذين كانوا
يحضرون دورة الجمعية العامة في الأمم
المتحدة ومجموعة الصحافيين الذين
يغطّون الحدث بعد استماعهم إلى
البيانات والتصريحات والتعهدات،
برؤية باراك أوباما يعانق الرئيس
الإيراني محمود أحمدي نجاد ووزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف يقبّل
يد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو يجبر نفسه على
معانقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس عناقاً سريعاً وبارداً وأمير قطر
يلقي سلاماً ودياً على وزير الخارجية
السوري وليد المعلم والرئيس المصري
محمّد مرسي يحصل على تصفيق طويل وحار
من جميع الأطراف لدوره البارز في صناعة
السلام على ساحة الشرق الأوسط. استمروا أعزائي
القراء في الحلم! ================= حسام عيتاني الجمعة ٥
أكتوبر ٢٠١٢ الحياة سنصدق أن النظام
السوري علماني. وسنصدق أيضاً أن قيمه
الأخلاقية تستند إلى مزيج مما رسخ
فطرياً في سلوك العرب وما تركته
الأديان السماوية التي آمن العرب بها،
خصوصاً الإسلام، على ما كان يقول
البعثيون الأوائل. وسنفترض أن مقولات
أحد مؤسسي البعث، زكي الأرسوزي، في «الرحمانية»
بصفتها الحالة الشعورية المميزة
للعرب، راسخة في أذهان القيادة
القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي،
وأن القيادة هذه تؤمن أيضاً بالدعوات
إلى الحداثة التي جاء بها ميشال عفلق
معه بعد دراسته في الخارج. وسنقول إن كل
هذه القيم هي ما يحدد أخلاق القيادة
السورية في صراعها الحالي مع معارضيها
«الظلاميين التكفيريين» المتعاملين
مع أميركا والغرب وإسرائيل لإسقاط
خيار المقاومة والممانعة وإباحة
المنطقة لمزيد من الهيمنة الصهيونية
والغربية. وفوق ذلك كله، لم
تجرِ تلك التجاوزات والمجازر
والانتهاكات لحقوق وكرامات السوريين
وغيرهم، إلا كطفرات براغماتية في سياق
تحقيق الأهداف السامية في الدفاع عن
سورية. يفترض أن يبرر ما سبق
لجمع العلمانيين واليساريين
والقوميين العرب، تأييدهم لحكم بشار
الأسد. «فالإصلاحات الكلية» تمضي في
طريق «لا عودة عنه» وفيه، على ما أفتى
وزير الإعلام السوري المفوه. فالمشكلة
ليست في عدد القتلى المدنيين الذين
يزيد عددهم يومياً عن المئة وخمسين
ضحية، كمعدل وسط، بل في معاندة
الإرهابيين لنهج الإصلاح والتحديث
واضطرار القوات العربية السورية إلى
معالجة هذا الاستعصاء بما ملكت من
وسائل. يعاكس هذا الكلام
الحقيقة، معاكسة الصورة السالبة
لأصلها. ومصادرة حكم عائلي افتعل
صراعاً طائفياً، لمقولات العلمانية
والحداثة والإصلاح، لا تنطلي إلا على
من أرادها أن تنطلي عليه. ولا معنى
لمواقف يساريي الأحزاب المتكلسة ومن
يشبههم، إلا في رفضهم كل تغيير لا يرون
فيه ما يحفظ لهم الفتات المرمي لهم من
أنظمة الاستبداد والتسلط، وما يغطي
ميولهم الطائفية المستترة. والمشكلة الأكبر مع
من استورد قيم الحداثة بعد تمريرها في
المصفاة الستالينية، إن المصفاة هذه
باستنادها إلى فكرة التغيير الثوري
الجذري، جردت الحداثة من كل اعتبار
أخلاقي ونسبت كل الأخلاق السابقة
للثورة إلى البرجوازية والدين
والرجعية. فالأخلاق تنتمي إلى البنية
الفوقية المناط بها الهيمنة على
المجتمع. وعند حصول التغيير الجذري
الثوري – لا غير – تنهار القيم
السابقة لتنهض قيم المجتمع البديل.
هكذا، قالت الكتب. ولعلها ليست مصادفة
أن من يساند الثورات العربية، وخصوصاً
ثورة الشعب السوري، من اليساريين، هو
من أعاد النظر في أيديولوجيته وفي
مسلماته النظرية ووقف موقفاً نقدياً
قاسياً من التجربة السوفياتية وما
انتهت إليه. خرج هؤلاء من مقولات تبرر
الغاية فيها الوسيلة. ورفضوا ذبح الناس
والتضحية بمصالحهم الملموسة
ومعاناتهم اليومية كثمن مقبول
لاستمرار سردية زائفة بل كاذبة عن
مؤامرات كونية وتوازنات جيو-استراتيجية
تهون في سبيلها حياة عشرات الآلاف.
هنا، انقسم اليسار العربي انقساماً لا
التئام بعده، بين مؤيد لـ «النظام»، كل
نظام وأي نظام، وبين مدافع عن المجتمع،
بكل تجلياته ومعانيه. بهذا المعنى، تعيد
الثورة السورية، أكثر من الثورات
العربية مجتمعة ربما، الاعتبار إلى
الوحدة الاجتماعية الأصغر، الإنسان،
الذي لا يستقيم أي نظام ولا تنهض أي
مصلحة تتناقض مع حقوقه البديهية
وكرامته وحريته. لقد طرح الشعب السوري
الأسئلة الأصعب، ليس فقط على نظامه
العدمي المهزوم في الصميم، حتى قبل أن
ينتزع ذلك الضابط أظافر أطفال درعا، بل
على مجمل الاجتماع والثقافة والسياسة
في العالم العربي: أن تكون إنساناً أو
لا تكون. ================= حبل
إنقاذ دمشق وطهران في يد بوتين راغدة درغام –
نيويورك الجمعة ٥
أكتوبر ٢٠١٢ الحياة انهيار العملة
الإيرانية بقدر ثلث قيمتها خلال أسبوع
سيترك أثره على الطموحات الإيرانية
النووية والإستراتيجية - سيما عبر
البوابة السورية – وقد تجد روسيا
نفسها في حاجة لانتشال حليفها
الإيراني لأسباب متعددة من ضمنها
حاجتها له في معركتها ضد الولايات
المتحدة في جيرتها الإسلامية في أعقاب
الانسحاب الأميركي من أفغانستان. هناك
ثلاث مدارس فكر حول ما ستؤول إليه
الأمور في العلاقة الأميركية –
الإيرانية وما لذلك من دلالات
وإفرازات داخل منطقة الشرق الأوسط ومع
روسيا: الأولى تقول إن الرئيس الأميركي
بارك أوباما – الذي يُرجَّح أن يحصل
على ولاية ثانية – لن يضرب إيران مهما
كان وبالتالي ستحصل الجمهورية
الإسلامية الإيرانية على القدرة
النووية العسكرية وتقوم باختبار نووي
في غضون سنة أو سنتين. الثانية تقول إن
لا مناص من مواجهة عسكرية بين الولايات
المتحدة وإيران تنطلق من ضربة
إسرائيلية ضد مواقع نووية إيرانية
وتمر بانتقام إيراني من المواقع
الاقتصادية للدول العربية في منطقة
الخليج. والثالثة تقول إن العقوبات
تؤدي إلى تآكل إيران داخلياً وانهيار
العملة والاقتصاد سيؤدي إلى انحسار
قدرة طهران على تمويل النظام في دمشق و
«حزب الله» في لبنان، وإن روسيا لن
تتمكن في نهاية المطاف أن تكون مصرفاً
لإيران قادراً على إنقاذها اقتصادياً
ونووياً. كل من مدارس الفكر
هذه له سيناريوات مفصلة ولافتة. القاسم
المشترك بينها أن التحالف الروسي –
الصيني – الإيراني مع النظام في دمشق
لن يتمكن من إبقاء الرئيس بشار الأسد
في السلطة مهما طال الزمن، وأن إطالة
النزاع في سورية ستؤدي إلى حرب إنهاك
واهتراء في حرب أهلية قد تسفر عن تقسيم
سورية على نسق ما حدث في يوغوسلافيا
السابقة. ولكن، حتى التقسيم يجد مَن
يعتبره ممكناً وآخرون يعتقدون أن لا
أرضية له للاستمرار. القاسم المشترك
الآخر هو تقويم كل من الرئيس الأميركي
باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير
بوتين على أساس افتقادهما معاً الفكر
الاستراتيجي والتفكير في المصالح
البعيدة المدى. أوباما، في نظر البعض،
متعجرف وعنيد وانعزالي يفتقد الشجاعة
على الإقدام ويفضل الاختباء وراء «المعدة»
الأميركية التي لا تهضم التدخل بدلاً
من أن يكون قيادياً يعرف أين هي
المصلحة الأميركية في زمن الانتقالية
والمعادلات الإستراتيجية الجديدة.
وبوتين، في رأي البعض، رجل العضلات
والقومية الروسية المفرطة الذي يثمّن
نفسه غالياً ويعتبر نفسه قائداً لدولة
عظيمة – فيما روسيا في المرتبة
الثانية. وهو يتبنى الانتقام سياسة
للإهانة ولا يهمه الثمن الذي يدفعه
الأبرياء فدية. فلاديمير بوتين
استغل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في
أفغانستان ثم ثار ضده في ليبيا وها هو
ينتقم منه على أشلاء السوريين. الرئيس
الأميركي السابق جورج دبليو بوش قدم
الخدمات لكل من روسيا والصين في
أفغانستان في حربه على الإرهاب
والتطرف الإسلامي وذلك بهدف القضاء
على التطرف الإسلامي في أفغانستان قبل
أن يتوسّع ويصل الجمهوريات الإسلامية
الخمس التي تطوّق روسيا وتقترب من
الصين من دون أن تشارك موسكو وبكين في
تغطية الكلفة الباهظة. باراك أوباما
ارتكب خطأ عدم إرضاء بوتين في «الصفقة
الكبرى» بما في ذلك عدم تقديم ميناء
طرطوس لروسيا، إنما ما يستعد للقيام به
في أفغانستان من دون أن يقصد قد يكون
الصفعة القاضية لفلاديمير بوتين. الانسحاب الأميركي
في إطار انسحاب «الناتو» من أفغانستان
سيكون موقع قدم انزلاق روسيا إلى حربها
ضد التطرف الإسلامي في عقر دارها وفي
جيرتها المباشرة في الجمهوريات
الإسلامية الخمس. سيكون فلاديمير
بوتين وحده في هذه المواجهة التي زرع
بذورها بيديه في سورية فيما كان في
وسعه أن يفعل العكس لو لم يستخدم «الفيتو»
الثالث ويرتكب خطأً استراتيجياً ضخماً. قد يضطر فلاديمير
بوتين أن يشن حربه هو على الإرهاب –
كما سبق وفعل جورج دبليو بوش – بل لعله
يعتقد أنه يفعل ذلك في سورية. بوش
استدعى «القاعدة» وأخواتها إلى العراق
وشن حرباً هناك لإبعاد الإرهاب عن
المدن الأميركية، كما قال. بوتين ساهم
في مجيء الجهاديين إلى سورية عبر سلسلة
«الفيتو» التي استخدمها في مجلس الأمن
انتقاماً مما فعلته «الناتو» في ليبيا.
هكذا قام بتنمية التطرف في سورية فيما
كانت التظاهرات في أولها مدنية مطالبة
فقط بالإصلاح في سورية. بوش دخل حرباً
بقواته في العراق. بوتين يحشد موازنة
بحوالى 70 بليون دولار لمواجهة التطرف
الإسلامي الآتي إليه على أبوابه. بوش
قدّم العراق إلى إيران ولعب اللعبة
الشيعية – السنية انطلاقاً من أن
إرهاب 9/11 أتى من السنّة. بوتين يتحالف
مع إيران من المنطلق المذهبي نفسه إنما
أيضاً لأسباب ذات علاقة بكراهيته
للولايات المتحدة من جهة، وللعرب من
جهة أخرى. انه يحترم استقواء إيران
ويحتقر ضعف وتمزق العرب، وهو يجد
قاسماً مشتركاً بينه وبين ملالي طهران
في الكراهية المطلقة للولايات المتحدة
وحاجته إلى المواجهة معها – إنما عبر
الحروب بالنيابة. هذا التفكير يكشف جهل
فلاديمير بوتين بالعرب وبإيران وسيؤدي
به إلى أخذ روسيا إلى الانزلاق
والانهيار – ما لم يستدرك سريعاً قبل
فوات الأوان. ما يفعله في سورية هو
استثمار ضده في الجمهوريات الإسلامية
والشيشان. ولو كان له أن يستدرك، أن
سورية موقع الاستدراك أولاً، مما
سيحسن علاقاته مع قيادات منطقة المغرب
العربي وسيؤدي إلى شراكة معها ومع
الدول الخليجية ومع الولايات المتحدة
للقضاء على التطرف الجهادي الذي يتفشى
في المغرب العربي. الأحاديث التي
أجرتها «الحياة» الأسبوع الماضي مع
الرئيسين الليبي محمد المقريف،
والتونسي منصف المرزوقي، تبيّن مدى
تفشي هذه الظاهرة. فلا يفيد روسيا أن
تكون بمفردها في المواجهة، وهذا ما
سيحصل بعد الانسحاب الأميركي من
أفغانستان، معقل الجهاديين، ومن حيث
ستنطلق الجهادية الجديدة ضد روسيا
بسبب مواقف فلاديمير بوتين وقصر نظره.
وسيندم. وكذلك الصين ستندم إذا استمرت
في الاتجاه الذي يأخذها إليه بوتين.
فهي بدورها معرضة بالذات في تركستان
وستعاني بعد الانسحاب الغربي من
أفغانستان التي ستصبح محطة تورط روسيا
والصين مع التطرف الجهادي. وهي بدورها
ستحصر العداء مع العرب بسبب سورية ولن
تستفيد من التحالف مع الخاسرين في دمشق
أو ربما في طهران. إيران لن تكون خاسرة
بموجب السيناريو الأول الذي تتبناه
مدرسة حصولها على القدرة النووية
بعدما تقوم باختبار نووي عسكري يقول
البعض إنه سيحدث في غضون سنة أو سنتين.
بعد الاختبار يفوت الأوان. عندئذ يبدأ
سباق تسليح في منطقة الخليج وهناك
دلالات على استعدادات احترازية جدية
من قِبَل بعض الدول الخليجية القادرة
على امتلاك القدرة النووية. سيفوت
الأوان عندئذ على الولايات المتحدة
وإسرائيل ولن تتمكنا من لجم إيران أو
السباق على التسلح النووي في المنطقة
العربية. إنما هذا لا يعني
الخلاص للنظام في دمشق لأن انتقال
إيران إلى المرتبة النووية سيجعلها،
في رأي البعض، أكثر احتراساً وحرصاً
على عدم التورط في مواجهات. فهي لن
تستخدم السلاح حتى لو امتلكته، وهي
ستتصرف كقوة نووية تبتعد عن الحروب
بالوكالة لأنها لن تكون في حاجة إليها.
وبالتالي، بحسب هذا الرأي، ستتبنى
طهران سياسة إهمال النظام في سورية
وكذلك «حزب الله» في لبنان لأنها
ستتركز وتتموضع نووياً وتلجم نفسها
إقليمياً. أما إسرائيل، فإن ما
يشار إليه بـ «ضعف» رئيس وزرائها
بنيامين نتانياهو سيؤدي إلى مضي إيران
قدماً نووياً، بحسب رأي البعض، سيما
وأن الرئيس الأميركي لن ينجر الى ضرب
إيران نيابة عن إسرائيل. السيناريو الثاني
يقوم على افتراض قيام إسرائيل بتوجيه
ضربة عسكرية ضد مواقع إيرانية تورط
الولايات المتحدة فيها وتضطر أوباما
إلى التدخل العسكري إذا ردت إيران
عسكرياً على إسرائيل. لكن هناك معلومات
تفيد أن الجمهورية الإسلامية
الإيرانية لن تنتقم من إسرائيل مباشرة
أو من القوات الأميركية في المنطقة
وإنما سترد عبر ضرب المواقع
الاقتصادية الحيوية في الدول العربية
في الخليج. عندئذ أيضاً، يرجح البعض أن
الولايات المتحدة لن تتمكن من الجلوس
صامتة وستضطر لضرب إيران لأن توجيه
ضربات عسكرية ضد المواقع الحيوية
الاقتصادية يشكل ضرب مصالح أساسية
للولايات المتحدة. وعليه، وبحسب هذا
السيناريو، ستقع حرب أميركية –
إيرانية في الحالتين. فمن المستبعد أن تبقى
القيادة الإيرانية صامتة تماماً أمام
ضربة إسرائيلية لأن في ذلك إهانة وطنية
وضعفاً لها داخلياً. إذا صمتت، فإن ذلك
قد يكون لأنها تقترب أو باتت جاهزة
للقيام باختبار نووي. تطور الأمور نحو حرب
أميركية – إيرانية سيؤدي إلى انهيار
أسرع للنظام في دمشق. «حزب الله» قد
يُورّط أو يتورط عبر استخدام الساحة
اللبنانية طرفاً للانتقام الإيراني من
إسرائيل فينهار بدوره بسرعة أو قد ينأى
بنفسه، ويختار الإصلاح. السيناريو الثالث
ينطلق من تآكل اقتصادي داخل إيران يبدأ
بانهيار العملة ويمر بأزمة اقتصادية
تثير الداخل الإيراني على القيادة في
طهران. هذا الاهتراء سيؤدي إلى
الاضطرار لتخفيض جدي للدعم الذي تمده
طهران لحليفها في دمشق الذي بدوره دخل
حلقة الاهتراء والتآكل الاقتصادي.
وسيؤدي أيضاً إلى انحسار التمويل
الإيراني لـ «حزب الله» في لبنان. فالثلاثي يقع تحت
طائلة عقوبات اقتصادية ستزداد خنقاً
له حتى وإن كان يملك ذخيرة كبيرة من
السلاح. ومهما كابر، إن هذه العقوبات
ستضعفه وتطوقه. حبل الإنقاذ فقط في
أيدي بوتين، لكنه بدوره مطوّق بعدما
أوقع نفسه في أخطاء إستراتيجية قد يندم
عليها كثيراً. ================= سوريا.. لا خيار
غير الميدان الشرق الاوسط 5-10-2012 «جيش العروبة يا بطل..
الله معك»، و«راجعين بقوة السلاح»، و«قصة
المعتصم التاريخية»، وغيرها الكثير
مما تغنى به شباب العروبة وشعراؤها،
ثبت أنه إما كان خيالا، وإما حقيقة
حولتها المرارات إلى «عويل» على أطلال.
فوقائع المحنة السورية بصمت عارا ما
بعده عار على جبين كل من يسهم في دمعة
طفل «بفعل» أو «بتخاذل». ولست فقيها
لأكفرهم، لكن من الواجب أن يقال لهؤلاء:
أين إيمانكم إن كنتم مؤمنين؟! لا حرج على العملاء
والمرتجفين، ولا على المخدوعين
بشعارات الممانعة والمقاومة، من خوفهم
من اندحار جيش القمع في سوريا ومحاكمة
قادته على ما ارتكبوا من جرائم يشهدها
العالم يوميا، لكن الحرج على بعض القوى
والشخصيات المثقفة التي تظهر قلقا
وحسرة على مستقبل «الجيش العربي
السوري»، فعن أي جيش وعن أي عروبة
يتحدثون؟ قبل حرب سوريا العظمى
التي تدور منذ عام تقريبا، لم يمس
الجيش السوري بكلمة واحدة. أما بعد أن
أصبح أداة قمعية مدمرة، فلم تبقِ
الوقائع الدموية مجالا لذكر مواقف
سابقة مغايرة. حيث انقسم الجيش إلى
ثلاثة أقسام، هي: منشقون التحقوا
بالثورة ومعهم تسمية الجيش السوري «الحر»،
وخائفون يرثى لحالهم ويستحقون الشفقة
في أفضل حال، وأدوات قمع بيد السلطة،
مصيرهم متروك لسير العمليات ولعدالة
السماء والقضاء. الجيوش العربية كلها
بعيدة «من حيث الظاهر» عن الصراع، عدا
الجيش العربي الأردني، الذي يعمل بكل
شجاعة وحرص على حماية اللاجئين
السوريين من قوات القمع على طول
الحدود، والعناية بهم رغم صعوبة توفير
الموارد. وهنا لا بد من الاعتراف بأن
سوريا فتحت أبوابها أمام مئات آلاف
اللاجئين، لكن السلطة الحكومية ألقت
بهم على الشعب ليتحمل أعباءهم، من دون
أن تصرف لهم ليرة واحدة! أما الحكومة
الأردنية فتحملت تكاليف مباشرة لنحو 200
ألف لاجئ سوري رغم قلة الإمكانات وبخل
المجتمع الدولي. وإذا عدنا إلى
التاريخ، فإن الجيش السوري خاض حربا
واحدة تستحق الوقوف عندها، هي حرب
أكتوبر 1973. اندفع في بدايتها إلى حافات
بحيرة طبريا في ظروف خدمتها المباغتة،
غير أنه تراجع إلى مشارف دمشق، بعد أن
شنت القوات الإسرائيلية هجومها
المقابل! ولولا تدفق القوات العراقية
ووقف إطلاق النار لأصبحت دمشق في وضع
لا تحسد عليه. واضطرت القوات المصرية
إلى تطوير عملياتها في سيناء خارج مظلة
الصواريخ، للتخفيف عن الجيش السوري،
فحدث ما حدث خلافا لما خطط له. وهنا
تطرح الأسئلة التالية: إذن أين كانت
إرادة القتال التي يمارسونها الآن ضد
المدنيين الأبرياء؟ ثم هل يجوز للدول
العربية الاستماع إلى أقوال القلقين
على «مستقبل الجيش العربي السوري»؟
أليس هو الجيش الذي لم يحرك ساكنا في
حرب غزة؟! هذا جيش سلطة فقدت
الشرعية كاملة، ولم تعد حتى تسمية «النظام
السوري» تنطبق عليها. أما الجيش الواجب
الاهتمام به فهو الفصائل الثورية التي
حملت السلاح من أجل حماية المدنيين،
أطفالا ونساء وشيوخا وأيتاما ومشردين.
ومن أجل حماية حضارة بنيت بسواعد من
كافحوا في سبيل حياة كريمة لهم ولأجيال
تلتهم. هذا هو الجيش الذي نبع من أرض
أجداد مقاتليه، وكأنه نزل من السماء.
الجيش الذي نصب قادته سرادقا تحت رصد
طائرات العدوان، لتشكيل قيادة موحدة
للمجالس العسكرية علنا، بلا دفاعات
جوية تحميهم! غير دفاعات الإرادة
الإلهية. لقد أصبح التدخل
العسكري الخارجي ضروريا وواجبا،
بالدعم التسليحي أو بحظر الطيران في كل
الأجواء السورية. والحل الأكثر قوة هو
أن تشكل مجموعة دول تحالف أزمة تشارك
فيه قوات جوية غربية وعربية، لتكون
رادعا قويا تجاه احتمالات استخدام
أسلحة دمار شامل. وعلى المعارضين
المدنيين السوريين مساندة ثوار الداخل
في هذا المطلب بلا تردد، ومن يقف في
الضد منه يجعل نفسه شريكا بالعدوان على
الأمة السورية. ويفترض ببعض المثقفين
من العرب أن لا يخيفوا المجتمع الدولي
الخائف أصلا من مفردة ماذا سيكون لو
دمر جيش السلطة، وأن لا يفزعوا البسطاء
من العروبيين على مستقبل أمتهم. فلا
حرية ولا كرامة لأمة تسكت أمام قتل
أطفالها وبكاء أيتامها. ومع كل التقدير
لتأييد الرئيس مرسي للشعب السوري
نظريا، فإن مصر مطالبة بخطوات كبيرة
مدوية لها وقعها العملياتي على الأرض،
فالميدان هو الخيار الوحيد المتبقي. ================= استباق المذبحة
بعد وقوعها! الشرق الاوسط 5-10-2012 اجتمعت على الثورة في
سوريا عدة عوامل ومصادفات، بحيث جعلت
منها مأساة خالصة أو مطلقة. فمن جهة
أولى، ما بدأت الثورة مرة واحدة، بحيث
استطاع النظام الرمي بثقله هنا وهناك
وهنالك، وبمنتهى العنف والقسوة منذ
اللحظة الأولى. ومن جهة ثانية فإن
الأرياف - باستثناء حمص ودرعا - ظلت
البيئات الرئيسية للثورة. وفي الأرياف
نفسها فإن القرى ما كانت تثور مرة
واحدة، بل ينتقل الأمر من قرية أو بلدة
إلى أخرى عبر عدة أسابيع. ومن جهة ثالثة
فإن الثوار كانوا مصرين على «السلمية»
وعدم حمل السلاح - إذا وجد - لنحو ثمانية
أشهر، مسترشدين في ذلك بنموذجي تونس
ومصر، بل واليمن. ومن جهة رابعة، فإن «محرم»
عدم قسمة الجيش صمد لنحو العام
باستثناءات قليلة. وهو عندما تحطم ظل
العسكريون المنشقون محليين بحسب ظروف
المناطق والضباط، وتوافر السلاح
والقدرة على الصمود باللجوء إلى
المناطق الوعرة، وانتهاج أسلوب الكر
والفر تارة، أو حماية المتظاهرين تارة
أخرى. ولا تزال كتائب الجيش الحر
وألويته موزعة ومتناثرة دونما تنسيق
كثير في ما بينها. ومن جهة خامسة، فإن
مسلحي التنظيمات والمتطوعين هم أقل
تنسيقا في ما بينهم من كتائب وألوية
الجيش الحر. وقد تأثر ذلك كله بالطبع
بالقدرات المحدودة على الحركة،
وصعوبات الحصول على السلاح والذخائر.
وقبل ذلك وبعده باندفاع النظام وجيشه
في القتل بحيث تردد ويتردد كثيرون في
التمرد بالنظر إلى ما سيصيبهم ويصيب
عائلاتهم سواء أكانوا ضباطا وجنودا أو
مدنيين. وقد توافرت للنظام
فترة للاستعداد بعد نشوب الثورات بمصر
وتونس وليبيا. فقد أعاد تنظيم قواته،
وحشد الشبيحة الذين تلقوا الموجات
الأولى للثورة. وخص بالحشد ثلاث فرق من
الحرس الجمهوري والجيش، وسحب في ما بعد
فرقتين من الجبهة مع إسرائيل، وفرقة من
حدود العراق. ومنذ اللحظة الأولى بدأ
الروس والإيرانيون يمدونه بالأسلحة
والخبراء. ومنذ نحو العام تقاتل معه
فصائل من الحرس الثوري، ومن «المتطوعين»
العراقيين، ومن حزب الله. وقد قسمت
المناطق بين هذه الجهات. وأمكن في
الأشهر الأولى الاعتماد على سكون دمشق
وحلب، في حين تردد الأتراك، وأعرض
الأردنيون عن مساعدة الثوار، وبالكاد
سمحوا بمرور بعض الذخائر والمعدات. وقد
كان تحليل الروس أنه لا بد من قمع درعا
وحمص بقسوة لتكونا مثلا للمدن
والبلدات الأخرى. ولذا فقد جرى التفكير
باعتبار حمص وبابا عمرو نموذجا لما
يمكن أن يحدث لمن يثور أو يتظاهر أو
يحمل السلاح. والذين صمدوا بالأحياء
الداخلية بحمص ما كانوا من الجيش
السوري الحر، وقد جرى لوم من بقي على
قيد الحياة منهم، لإتاحتهم الفرصة
بصمودهم الأسطوري للنظام لكي يعرض
عضلاته وقدراته على الذبح بالأسلحة
الثقيلة دونما خسائر كبيرة من جنوده! لقد تغير الوضع الآن،
بل ومنذ ستة أشهر، لوصول الثورة إلى
دمشق وحلب. وازدياد قدرات الجيش الحر
التسلحية، وقدراته الميدانية،
والقدرة على التواصل والاستكشاف، بيد
أن الخسائر ازدادت زيادات هائلة،
والأوضاع الإقليمية والدولية لم تتغير
كثيرا. فالروس صمموا منذ البداية على
أن يلعبوا دور الشريك الكامل للنظام في
المواجهة، متحججين بما حصل في ليبيا من
جانب أميركا والأوروبيين، ومتحججين
بالتصدي لهيمنة الولايات المتحدة.
وعندما تبين للجميع أن الولايات
المتحدة ليست بصدد التدخل لإسقاط
النظام السوري، انصرف الروس للتحجج
بضرورات الحل السياسي أو تحدث حروب
طائفية. أما الإيرانيون الذين وقع
عليهم العبء الأكبر - هم وحلفاؤهم – في
دعم نظام الأسد بالمال والرجال
والسلاح، فلا يزالون يعتبرون علنا أن
سلاح الثوار ومالهم آتٍ من أميركا
وإسرائيل! ومن المراقبين من
يعتبر أن الاستماتة الإيرانية في دعم
بشار الأسد آتية من أنهم لا يريدون أن
يفقدوا استثمارهم الرئيسي في مناطق
النفوذ في سوريا ولبنان، كما لا يريدون
أن يتهدد العراق. أما الواقع فهو أن
النخبة الإيرانية من حول خامنئي من
الحرس الثوري، ومن ولاة مناطق النفوذ،
لا تزال في السلطة ومواقع القرار، وهي
تخشى الفشل إن ضاعت ساحة أو ساحتان،
لما يعنيه ذلك من إمكان حدوث مراجعة
داخلية شاملة، ستطال رؤوسا كبيرة إن لم
تنَل من خامنئي نفسه. ولذا صرح علي أكبر
ولايتي مستشار خامنئي قبل أيام بأن
محور المقاومة سوف ينتصر. وكان نجاد قد
صرح بأن المهدي يقاتل مع بشار الأسد.
وقال خامنئي لرئيس الوزراء السوري إن
محور المقاومة سينتصر على المقاتلين
الممولين من أميركا وإسرائيل. وهكذا، وبالتساوق مع
استمرار المساعي الدبلوماسية التي
ينبغي أخذها بالاعتبار، لعدة جهات:
لجهة تقديم المساعدات للشعب السوري،
وللثورة السورية بقدر ما تسمح به
التوازنات، ولجهة الإصرار على استدعاء
المنظمات الدولية على طوال الخط،
ولجهة التقليل من معارضة المعارضين
لمساعدة الثورة بالسلاح، ولجهة النظر
في إيجاد حلول مؤقتة للنازحين
المتزايدي العدد. أما الواقع فهو أن
الأزمة بكل ثقلها ومسؤولياتها عادت
إلى كواهل العرب وصدورهم. وقبل أشهر ما
كان لدينا غير دول الخليج، أما الآن
فلدينا مصر أيضا. وقد تأخرت مصر كثيرا
حتى اتخذت موقفا واضحا: ضرورة توقف سفك
الدم، ولا طريق لذلك إلا إزالة بشار
الأسد ونظامه. لكن مصر دخلت أيضا في
المبادرة الرباعية التي تضمها إلى
إيران وتركيا والسعودية. وما أعجبت الفكرة
السعوديين، لكنّ المصريين والأتراك
أصروا على ضرورة دمج إيران في الحلول،
كما هي مندمجة في أصل المشكل. ولا فائدة
من الجدال في جدوى ذلك الآن وغدا. لكن
مصر يكون عليها الموافقة على مجموعة
عربية أو خلية تشاورية للأزمة، بعد أن
لم تعد هناك بدائل أخرى في المدى
المنظور. لقد نطقها أمير قطر: لا بد من
التدخل العربي السياسي والعسكري لوقف
حمام الدم، ونصرة الشعب السوري وجودا
وإرادة. والتصور أن تكون لخلية الأزمة
هذه وظيفتان: مساعدة الثوار بشتى
الوسائل، بحيث يبدو ذلك في موازين
القوى بالداخل، في مقابل الدعم
الإيراني والروسي والعراقي ودعم حزب
الله والإعداد السريع لتدخل عسكري في
صيغة قوات سلام عندما يدنو سقوط
النظام، لمنع استمرار الفوضى المحتملة
من جهة، والحيلولة دون التداعيات على
لبنان والعراق والأردن من جهة أخرى.
ومن يعتبر الحل العربي أمرا غير ملائم،
لأن في ذلك إعفاء للمجتمع الدولي من
مسؤولياته، فليقل لنا ماذا ينبغي فعله
إذن. هل نستمر في انتظار الولايات
المتحدة، أم نستمر في الاعتماد على
رحمة الأسد وسليماني؟! إن التدخل العربي حتى
لو حصل الآن سيكون تدخلا لمنع المذبحة
بعد وقوعها أو بعد خراب البصرة كما
يقال. لكن عربيا لن يغفر لنفسه البقاء
لمزيد من الأسابيع والشهور على هذه
الحال! وصدق الله العظيم حيث يقول: «قَالُوا
أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا
جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ
يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ
وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ
فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ». ===================== رأي
الراية .. الأزمة السورية تنتقل إلى دول
الجوار الراية 4-10-2012 الأوضاع الخطيرة في
سوريا وارتفاع منسوب الدم الذي يسيل
هناك والذي انتقل هذه المرّة إلى بلدة
تركية بفعل قذيفة هاون أطلقتها قوات
النظام السوري وسقطت على أحد المنازل
فقتلت أمًّا وأربعة من أطفالها باتت
تُهدّد بمواجهة سورية - تركية بما
يُهدّد الأمن والسلم في المنطقة
ويُهدّد باتساع رقعة الأحداث لتشمل
الدول المجاورة لسوريا والتي تأثّرت
سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا
بفعل الأوضاع في المدن والبلدات
السورية والحرب التي يشنّها النظام
السوري على شعبه. ليس معروفًا بعد شكل
وحجم ردّ أنقرة على استهداف أراضيها
ومواطنيها مرّة أخرى في ظرف أيّام
قليلة وهي التي سبق وأن هدّدت على لسان
أكثر من مسؤول بعد استمرار سقوط
القذائف على أراضيها بأنها ستردّ على
استهداف سيادتها بموجب القانون
والتشريعات الدولية. إن تسارع الأحداث
الذي تشهده المنطقة التي تعيش على وقع
نهر الدماء السوري الذي يسيل في سوريا
منذ نحو عشرين شهرًا بلا توقف يستدعي
من المجتمع الدولي حزم أمره والتحدّث
بصوت واحد من أجل وقف المأساة في سوريا
التي خرجت عن نطاق السيطرة وباتت
تُهدّد أمن شعوب المنطقة وحاضرها
ومستقبلها. لقد نبّهت دولة قطر
أكثر من مرّة إلى خطورة تصاعد العنف في
سوريا واستمرار النظام في انتهاج
الحلّ العسكري لإخماد الثورة السورية
وطالبت بوقف العنف والقتل واستهداف
المدنيين وقد سعت عبر رئاستها للجنة
العربية الخاصة بسوريا المنبثقة عن
جامعة الدول العربية إلى طرح العديد من
المبادرات لإقناع النظام السوري بوقف
العنف واللجوء إلى طاولة الحوار
لتحقيق مطالب الشعب السوري وهي
المبادرات التي ردّ عليها النظام
بالمماطلة والتسويف بل والتمادي في
استخدام الطائرات والأسلحة الثقيلة
ضدّ المدن والبلدات السورية الثائرة. إن تسارع الأحداث في
سوريا وتواصل حمام الدم الذي يُهدّد
بالانتقال إلى دول الجوار يُرتّبان
على جامعة الدول العربية مسؤولية كبرى
في سرعة وضع مبادرة حضرة صاحب السمو
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير
البلاد المفدى والتي دعا فيها إلى
تدخّل عربي سياسي وعسكري لوقف المأساة
المتواصلة في سوريا ولحماية المدنيين
هناك موضع التطبيق فورًا انطلاقًا من
واجب الدول العربية القومي والإنساني
في القيام بما يفرض ويكفل وقف نزيف
الدم السوري وقتل الأبرياء وتشريدهم
وضمان الانتقال السلمي للسلطة في
سوريا. لقد باتت الأزمة في
سوريا تُهدّد الأمن والسلم الدوليين
وتُهدّد باشتعال الجبهة السورية في
أكثر من جانب واكتفاء مجلس الأمن
الدولي المنقسم على حاله بتوصيف
الأحداث هناك بأنها خطيرة دون إصدار
قرار يُدين عنف النظام السوري ويضغط
عليه لوقف إطلاق النار يعني أن المجلس
قد تخلى عن مسؤوليّاته في حفظ الأمن
والسلام في العالم وبعجزه أصبح عبئًا
ثقيلاً على الشعوب المحبّة للحريّة
والسلام لا نصيرًا لها. ================= خيرالله
خيرالله / سورية تستحق محاولة من
الأخضر الرأي العام 4-10-2012 سقط النظام السوري.
ما لم يسقط بعد هو الكيان. هل في
استطاعة السيّد الاخضر الابراهيمي
انقاذ الكيان قبل فوات الاوان؟ لا
يحتاج الاخضر الى شهادة من احد. لا في
الوطنية والعروبة، بمعناها الحضاري
طبعا، ولا في العقل والتعقّل
والانفتاح على العالم والحلول التي
تغني عن اللجوء الى كلّ ما له علاقة
بالعنف. انه ديبلوماسي مجرّب وعتيق سعى
دائما الى وضع حدّ للمآسي وسفك الدماء.
وفق احيانا ولم يوفق في احيان أخرى.
لكنّه فعل دائما ما يمليه عليه ضميره
والواجب الانساني. اكن التحدي السوري
يبدو هذه المرّة مختلفا نظرا الى ان ما
على المحك مصير شعب عربي رفض الرضوخ
للظلم والعبودية وان يكون مجرد شاهد
زور على اكبر عملية تزوير شهدتها
المنطقةز اسم هذه العملية المتاجرة
بالشعب الفلسطيني وقضيته الى ما لا
نهاية بما يرضي الاحتلال الاسرائيلي
ويريحه في كلّ وقت. كان مستغربا قبول
الاخضر بمهمة في سورية بتكليف من
الامين العام للامم المتحدة والامين
العام لجامعة الدول العربية، علما ان
النظام في سورية يرفض الاعتراف بانّه
مبعوث عربي ايضا ويكتفي بالاشارة اليه
كمبعوث دولي. ولكن ما العمل امام نهر
الدماء العربية المتدفق من دون رادع؟ الذين يعرفون
الاخضر، يعرفون اولا انه قبل المهمة
بسبب وعيه لخطورة استمرار العنف
والمذابح في سورية والنتائج التي
ستترتب على ذلك اقليميا بشكل عام
وسورية بشكل خاص. انه حليف سورية
والشعب السوري وحريص عليهما اوّلا
واخيرا. كذلك، يقول الذين
يعرفون الاخضر عن كثب، انه لم يكن في
استطاعته الاّ ان يجرّب ويحاول وقف
النزف...في انتظار حصول التغيير
المتوقّع في سورية. كلمة التغيير هي
المفتاح. لديه منطقه الاقرب ما يكون
الى المنطق. والمنطق، الذي تؤكده
الاحداث والوقائع، يقول انّ في سورية
ثورة شعبية حقيقية مستمرة منذ ما يزيد
على سنة ونصف السنة وان هذه الثورة لا
يمكن ان تتوقّف بأيّ شكل نظرا الى انّ
كل مواطن سوري نزل الى الشارع يدرك ان
مصيره سيكون الموت، هو وافراد عائلته
واقربائه، في حال عاد الى منزله من دون
حصول التغيير الجذري. هناك منطق التغيير
الذي ينادي به الاخضر، وهو منطق اقرب
الى منطق التاريخ ومنطق الشعب السوري...وهناك
منطق النظام السوري القائم على الغاء
الشعب السوري. ايّ منطق سينتصر في
نهاية المطاف؟ الاكيد ان منطق الاخضر
هو الذي سينتصر، لا لشيء سوى لأنّ
الغاء الآخر ليس حلاّ في المطلق، فكيف
عندما يكون الامر مرتبطا بالغاء شعب
بكامله؟ ما الذي يمكن عمله
لسورية؟ الجواب بكلّ بساطة ان فرصة
التوفيق بين منطقي الشعب السوري من جهة
ومنطق النظام من جهة اخرى، غير قائمة.
انه مثل التوفيق بين الحياة والموت.
هناك شعب يريد الحياة ولا يخشى الموت
وهناك نظام لا يؤمن الاّ بالموت، فيما
الحياة الوحيدة التي يريد ضمانها هي
تلك المرتبطة ببقاء بشّار الاسد في
السلطة بغض النظر عن عدد السوريين
الذين سيموتون او سيهجّرون. هذا يعني في طبيعة
الحال ان مهمّة الاخضر مستحيلة. لكنّ
الديبلوماسي الجزائري الذي عمل في كلّ
انحاء العالم، بما في ذلك لبنان، وكان
في مرحلة ما وزيرا للخارجية في بلاده
يعرف ان لا مفرّ من محاولة انقاذ ما
يمكن انقاذه في سورية. حتّى لو كانت
نسبة الامل لديه لا تتجاوز الواحد في
المئة، عليه ان يحاول. تستحقّ سورية
المحاولة. الشعب السوري يستحق
المحاولة. انّه بالفعل شعب عظيم. من كان
يتصوّر ان هذا الشعب سيصمد كلّ هذه
الفترة؟ من كان يصدّق ان السوريين
سيقاومون باجسادهم العارية طوال ما
يزيد على سنة آلة القتل التي يمتلكها
نظام لا هدف له سوى استعباد السوريين
واذلالهم وجعلهم يقتاتون شعارات كاذبة
من نوع «المقاومة» و»الممانعة»؟ في النهاية، بغض
النظر عن ان الشعب السوري سينتصر على
النظام، وبغض النظر عن الدعم الايراني
اللامحدود للنظام، لاسباب مذهبية
اوّلا واخيرا، وبغض النظر عن الموقف
الروسي المشين واللغة الخشبية التي
يستخدمها بعض العرب، على شاكلة وزير
الخارجية الجزائري الحالي الذي لا
يفرّق بين القاتل والضحية، لا يمكن الا
محاولة السعي الى وقف النزيف في سورية.
فازمة سورية كانت دائما ازمة نظام
وكيان في الوقت ذاته... الى الآن، لا يزال في
الامكان انقاذ الكيان على الرغم من
انهيار النظام الذي لا يمتلك اي خيار
آخر غير خيار التخلص من شعبه. ولذلك، لا
مفرّ من التركيز على عامل الوقت. الوقت
مهمّ جدا نظرا الى ان استمرار الحرب
التي يشنّها النظام على شعبه ستؤدي الى
انهيار الكيان. هل ينجح الاخضر
الابراهيمي في انقاذ الكيان السوري في
غياب اي قدرة لدى النظام على انقاذ
نفسه؟ ذلك يبدو التحدي الذي يواجه
مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول
العربية الذي يدرك قبل غيره ان التغيير
حصل في سورية وان السؤال المطروح هل من
مخرج في سورية؟ نعم هناك مخرج.
المرحلة الانتقالية هي المخرج. المهمّ
اقتناع اهل النظام ان ما بناه حافظ
الاسد كان سرابا ولا شيء غير ذلك، وانّ
سياسة «عليّ وعلى اعدائي يا ربّ» لن
تقود سوى الى هلاكهم وانه لا تزال
لديهم فرصة ما للبحث عن مكان يلجأون
اليه في طهران او موسكو. مثل هذه الفرصة
قد لا تكون متوافرة غدا وقد لا يستطيع
الاخضر الابراهيمي او غيره تأمينها،
علما ان الرجل اخذ على عاتقه التوفيق
بين منطقين لا علاقة لايّ منهما
بالآخر؟ مرّة اخرى، هل يمكن
التوفيق بين ثقافة الحياة وثقافة
الموت؟ هل يمكن التوفيق بين شعب قرّر
الثورة ونظام عفى عليه الزمن لا يمتلك
حلا سوى الغاء الآخر؟ انه نظام اعتقد، في
الماضي القريب، ان في استطاعته متابعة
سيطرته على لبنان واللبنانيين بمجرد
التخلص من رفيق الحريري؟ المؤسف انّه
لم يتعلّم شيئا من هذا الدرس ومن ان
جريمة اغتيال الحريري ورفاقه في السنة
2005 في حجم جريمة اجتياح صدّام حسين
للكويت في العام 1990. ================= هل
ستصعّد تركيا موقفها من الأسد؟ المصدر: صحيفة «غارديان»
البريطانية التاريخ: 04
أكتوبر 2012 البيان تثير المخاوف
المتزايدة من امتداد الحرب الأهلية في
سوريا إلى الدول المجاورة، نقاشات
ملحة في تركيا وعدد من الدول العربية،
حول اتخاذ موقف مشترك أكثر صرامة، بما
في ذلك التدخل العسكري، وهو أمر شكل
نقطة محورية في مؤتمر الحزب التركي
الحاكم الذي عقد مؤخراً في أنقرة،
بحضور العديد من القادة العرب. ولكن من المرجح أن
الأحقاد القديمة، والضعف الحالي،
والميل إلى المماطلة عندما يتعلق
الأمر بالقتال الفعلي، ستستمر في
تقويض أية إجراءات إقليمية فعالة. وخلافاً لما حدث في
ليبيا، حيث أخذ حلف شمال الأطلسي زمام
المبادرة بعد أن تبرأت الجامعة
العربية من الرئيس الليبي السابق معمر
القذافي، فإن الحكومات العربية التي
تطالب برحيل الأسد، تركت لتتصرف
بمفردها من قبل الغرب. وفي حين أن الرئيس
الأميركي باراك أوباما كرر في الأمم
المتحدة، مطالبته بتنحي الدكتاتور
السوري، فإنه لم يتخذ أية خطوة جديدة
لتحقيق ذلك، والأمل ضعيف في أن يتخذ
موقفاً أكثر صرامة، إذا تمت إعادة
انتخابه في نوفمبر المقبل. ولا تظهر الانقسامات
المعيقة داخل مجلس الأمن الدولي، أي
بوادر للانفراج. وقد تحدث بان كي مون،
الأمين العام للأمم المتحدة، عن «كارثة
إقليمية لها تداعيات عالمية ناجمة عن
استمرار القتال في سوريا»، وأضاف: «لا
ينبغي للمجتمع الدولي أن يشيح بوجهه عن
الوضع هناك». ولكن، رغم الخطب
الرنانة والتذكير بـ«مسؤولية الحماية»
التي تقع على عاتق الأمم المتحدة، فإن
هذا بالضبط هو ما يحدث حالياً. ويبقى
تدخل الدول العربية في سوريا بشكل
مباشر، أمراً بعيد الاحتمال في الوقت
الحاضر، غير أن هناك وسائل سرية غير
مباشرة يجري تطبيقها بالفعل،
والحكومات الضعيفة عسكرياً تواصل دفع
غيرها من الدول للتحرك نيابة عنها. ولكن رغم الإحجام
الواضح عن التدخل المباشر، فإن درجة
الحرارة السياسية ترتفع مع انتشار
الحرب الأهلية في سوريا، كبقعة حبر
تنتشر عبر خريطة الشرق الأوسط. ويخشى لبنان والأردن
انعدام الاستقرار السياسي
والاجتماعي، وسط موجة هائلة من
اللاجئين. وتتحدث تقارير واردة من
العراق، عن توغلات متكررة في أرضه
ومجاله الجوي من قبل المقاتلين
السوريين. ومنذ أيام قليلة،
سقطت قذائف هاون سورية على مرتفعات
الجولان التي تحتلها إسرائيل. ومن بين كل الدول
المجاورة، فإن تركيا القوية عسكرياً،
هي التي تعاني بالدرجة الأكبر، لا سيما
نتيجة لقرار الرئيس السوري بشار الأسد
بتقديم القواعد والدعم لمقاتلي حزب
العمال الكردستاني، في صراعهم
الانفصالي ضد تركيا. وجاءت تلك الخطوة
بعد اتخاذ رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان قراراً بقطع العلاقات مع
سوريا، وإدانة سفك الدماء الحاصل
هناك، والمطالبة بتنحية الأسد. وفي مقابلة أخيرة له،
قال أردوغان: «النظام السوري سيزول،
فبشار ميت سياسياً». ومن شأن عداوة من
ذلك النوع أن تكلف غالياً، فقد وصلت
أعمال العنف المرتبطة بحزب العمال
الكردستاني داخل تركيا إلى أعلى مستوى
لها منذ 10 سنوات، وهي آخذة في الانتشار. وتضغط فرنسا على
تركيا لتبادر إلى الدفاع عن «المناطق
المحررة» على طول حدودها مع سوريا، وهي
فكرة تعيدنا إلى ملاذات العراق الآمنة
في تسعينات القرن الماضي، التي تبرأت
منها الولايات المتحدة وبريطانيا.
ولكن في حين أن أردوغان لن يعمل
بالاقتراح الفرنسي دون دعم من الأمم
المتحدة، أو الولايات المتحدة وحلف
شمال الأطلسي على الأقل، فإنه قد يكون
في مزاج مناسب للرد على الأسد لدعمه
الاستفزازي لحزب العمال الكردستاني. ================= الوطن السعودية التاريخ: 04
أكتوبر 2012 يوما بعد آخر، ينكشف
زيف "شعارات المقاومة" التي
يتبناها ويرفعها ما يسمى بـ"محور
الممانعة" في المنطقة. ولعل مقتل
القائد التنظيمي لعمليات "حزب الله"
داخل سورية علي حسين ناصيف، الملقب بـ"أبي
عباس"، أسقط ورقة التوت، وفضح الدور
الذي تمارسه تلك الميليشا المسلحة
بدعم نظام الأسد ضد الثورة. قد يكون من الصعب فهم
الصمت الدولي والأميركي، على هذا
الوقوف المعلن من حزب الله إلى جانب
الأسد، فـ"الحزب" الذي يقدم نفسه
بأنه "عدو الصهاينة" يتغلغل
وبارتياح داخل الأراضي السورية ويقترب
من "هضبة الجولان" المحتلة دون
أدنى معارضة من "تل أبيب"، وهو ما
يؤكد أن المشهد هناك اليوم أكثر تعقيدا
مما يعتقد البعض. لكن الرسالة التي يجب
أن تصل للأميركيين والمجتمع الدولي،
على حد سواء، أن سكوتهم طيلة الفترة
الماضية عما يجري داخل سورية بدعوى
التخوف من تحولها إلى "حرب أهلية"،
هو ما جلب أو سيجلب لسورية الدمار،
فانكشاف تدخل "حزب الله" ومقاتليه
إلى جانب نظام الأسد، الذي بات حقيقة
ماثلة بعد مقتل "ناصيف" سيدفع
بالميلشيات المسلحة السنية لإلقاء
ثقلها بالكامل في المعركة، وبدلا من أن
يكون الأمر عبارة عن ثورة يقودها الشعب
ضد "نظام الطاغية"، ستصبح سورية
مسرحا لحرب وقودها "الميلشيات"
المنطلقة من خلفيات إثنية ودينية. اصطفاف حزب الله
اللبناني إلى جانب قوات نظام الأسد في
وأد الثورة الشعبية، يعود بقضية سلاحه
إلى الواجهة من جديد، ويكشف كذلك وبكل
وضوح أن السلاح الذي كان يتغنى بأنه من
أوقف إسرائيل عند حدها في الحرب
الأخيرة، وأن نزعه هو عبارة عن خنوع
للكيان الصهيوني العدو، أصبح اليوم
موجها إلى صدور المدنيين العزل خارج
حدود "الدولة اللبنانية"، ويفتح
باب التكهنات لإمكانية توجيهه لأي
مكان يخدم أهداف الحزب العليا وليس
أهداف الدولة. لا أتصور أن أيا من
المسؤولين اللبنانيين العقلاء راض بما
أقدم عليه الحزب رغم أن بيروت قررت أن
تنأى بنفسها ضد أي تدخل إيجابي أو سلبي
بالأزمة السورية، ولعل من نافلة
القول، التأكيد على أن الدولة
اللبنانية بمؤسساتها الرئاسية
والبرلمانية والحكومية، يجب أن تعيد
النظر في سلاح الحزب لاعتباره مهددا
حقيقيا لأمن لبنان أولا وجيرانه ثانيا. ================= قراءة
تاريخية لأسباب الثورة السورية تاريخ النشر:
الخميس 04 أكتوبر 2012 الاتحاد يميل المجتمع الدولي
إلى اعتماد نظرة سطحية وخاطئة لتفسير
الثورة السورية التي اندلعت في مارس من
عام 2011 وما زالت مستمرة حتى اليوم،
فالعديد من المراقبين والمتابعين
للوضع السوري يصفون الوضع القائم في
البلاد بأنه حرب أهلية مشتعلة بين
طوائف وفئات مختلفة، مع ما يعنيه ذلك
من تورط المدنيين في حرب لا علاقة لهم
بها تؤججها الصراعات الطائفية
والمذهبية في سوريا. والحقيقة التي يبدو
أنها غائبة عن أذهان البعض أن السوريين
يدفعون ثمناً باهظاً بسبب محاولتهم
الجريئة وغير المسبوقة للتخلص من نظام
شرير وظالم حكم البلاد لسنوات طويلة
وأذاقها كل صنوف القمع والتنكيل، ذلك
الشعب الذي ظل صامتاً لفترة ممتدة حتى
هبت رياح الحرية من تونس وباقي البلدان
العربية التي نجحت في إزاحة أنظمتها
الظالمة لتنعش آماله في التغيير
ومطلقة حركته السلمية، التي سرعان ما
قابلها النظام بالعنف المفرط والقمع
الشديد. ولفهم ما شهدته سوريا
من أحداث جسام على مدى السبعة عشر
شهراً الماضية لا بد من العودة إلى
التاريخ الحديث للبلاد والتأمل في
كيفية وصول حزب "البعث" إلى
السلطة قبل أربعين عاماً. فخلافاً لما كان في
ليبيا، أدى استقلال سوريا عن الاحتلال
الفرنسي عام 1946 إلى انبثاق حياة سياسية
ميزتها الانتخابات الحرة وحركة حزبية
نشطة، حيث سُمح للنساء بالتصويت منذ
عام 1949 حتى قبل العديد من الدول
الغربية، كما وُضعت اللبنات الأولى
للدولة المدنية من جهاز قضائي مستقل
وبرلمان وأحزاب سياسية نشطة انخرطت
فيها فئات المجتمع السوري، وفي
الخمسينيات لمع نجم عدد من الأحزاب
العلمانية التي حازت شعبية كبيرة بما
فيها حزب "البعث" الذي انقض على
السلطة في عام 1963. وفي عام 1971 عين حزب
"البعث" حافظ الأسد رئيساً
لسوريا، هذه الأخيرة تحولت في عهده من
دولة يقودها حزب يحمل أجندة اشتراكية
واضحة إلى دولة خاضعة لحكم ديكتاتوري،
حيث قام الأسد مدعوماً بقادة الجيش
وكبار ضباطه بتهميش المؤسسات المدنية
وتنحيتها جانباً، وبحلول ثمانينيات
القرن الماضي، كان الأسد قد سلم البلاد
كلياً للأجهزة الأمنية التي تعاونت مع
نخبة صغيرة من رجال الأعمال
والمستفيدين لإحكام السيطرة على
الدولة وخنق المجتمع السوري، وقد تشكل
النظام من ائتلاف ضم السُنة والعلويين
وباقي المجموعات، وفيما استفادت عائلة
الأسد من بعض الامتيازات المرتبطة
بالحكم ورسخت نفسها بقوة في المجتمع
فقد انسحبت الامتيازات أيضاً على بعض
الفئات المنتمية إلى الطائفة العلوية،
وهو ما خلق انطباعاً بأن العلويين
وحدهم يتولون الحكم والسيطرة على
مقدرات البلد. أما الجيش الذي يفترض
أن يكون وطنياً يدين بولائه للمصلحة
العامة، فقد دُرب منذ البداية على
الولاء لعائلة الأسد، وبأوامر من
النظام ارتكب الجيش طيلة السنوات
الماضية سلسلة من المجازر كان أبرزها
ما حدث عام 1979 بعد محاولة انقلابية
فاشلة ضد الأسد، ثم أعقبها ما بات
معروفاً في حماة التي تعرضت في 1982
لحملة تنكيل واسعة سقط بسببها ما بين 20
و40 ألف مدني، وبالطبع ساهم القمع
الأعمى للنظام في ترسيخ وجوده وضمان
استمراره في السلطة، وكما علق على ذلك
أحد المحللين في الثمانينيات "لم
يعد الأسد يحكم سوريا، بل الخوف هو من
يفعل ذلك". وبحلول 2000 اعتقد
البعض أن ساعة التغيير قد جاءت بصعود
بشار الأسد، الرئيس الشاب، إلى
السلطة، لا سيما في ظل الحديث المتواتر
الذي استخدمه بشار عن الإصلاح وإطلاق
الحريات، وتعهداته بإحداث تغييرات
سياسية واقتصادية لم تتحقق قط، كما أن
الأرقام المضللة عن النمو الاقتصادي
الذي تحقق في عهده حجبت الحقيقة المرة
بأن فئات صغيرة فقط من رجال الأعمال
المرتبطين بالنظام هي من استفادت من
بعض مظاهر الانفتاح الاقتصادي فيما
ظلت غالبية المواطنين ترزح تحت الفقر
والمشاكل الاقتصادية. وعندما بدأت تتعالى
بعض الأصوات السورية المطالبة بتسريع
وتيرة الإصلاح قوبلت بالقمع والتشويه،
ولجأ النظام لخطابه القديم حول
القومية العربية ومقاومة إسرائيل
لتبرير قبضته الحديدية وتعطيل مسيرة
الإصلاح السياسي. وسرعان ما تبين للشعب
أن نظام الأسد الابن لا يختلف عن والده
حتى جاء عام 2011 بما حمله من أجواء
التفاؤل، وما أنعشه من آمال في قلوب
السوريين بعدما رأوه في أقطار عربية
أخرى، لكن عندما شرعت الاحتجاجات
السلمية في النزول إلى الشارع
والتظاهر ضد النظام قابلها الأسد
بعنفه المعهود، بل اعتمد النظام أسلوب
ضرب مكونات المجتمع بعضها ببعض من خلال
تسليح بعض مؤيديه من العلويين وغيرهم
بحجة مواجهة "الجهاديين" السُنة
المصممين، حسب رواية النظام، على سحق
الأقليات وإقامة حكم إسلامي متشدد في
سوريا. ومع تفاقم العنف الذي
مارسه النظام على المحتجين وتوسع
دائرة القمع المسلط على الشعب فقد
العديد من المثقفين المنتمين إلى كافة
الطوائف السورية ثقتهم في قدرة النظام
على قيادة عملية إصلاح جدية، لا سيما
بعدما أبداه النظام من استعداد منقطع
النظير لتدمير البلد وإدخاله في دوامة
من العنف الأهوج مخيراً السوريين بين
البقاء في السلطة، أو الانتقام بتخريب
سوريا ونسف مؤسساتها. وأمام هذا الوضع بالغ
الخطورة والتعقيد لا تستطيع الثورة
الانسحاب، أو التراجع لأنه لو فعل
الثوار ذلك، فإنهم سيواجهون دولة
بوليسية أكثر شراسة وتصميماً على
تجنيد المجرمين وتمكينهم للانتقام من
المدنيين وترويعهم. نجاح دمشقية كاتب ومحلل سياسي
سوري ينشر بترتيب خاص مع
خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال" ================= راجح الخوري 2012-10-04 النهار هل اقترب النظام
السوري من استعمال الاسلحة الكيميائية
لحسم المعركة انطلاقاً من حلب،
وخصوصاً في ظل الحديث عن حشده 30 ألف
جندي ومئات المجنزرات تمهيداً لاقتحام
المدينة وهو ما دفع البعض الى التحذير
من حصول أمّ المذابح هناك؟ ما يدفعني الى طرح
هذا السؤال ليس الحشد العسكري ولا عجز
النظام عن السيطرة حتى الآن، بل ذلك
التحذير المثير الذي وجهته ايران الى
حليفها الاسد عندما قال علي أكبر صالحي
إن استخدام الاسلحة الكيميائية سيؤدي
الى فقدان مشروعية النظام كله والى
نهاية كل شيء. كان في وسع ايران
المنغمسة في الصراع العسكري الى جانب
الاسد ان تبلغه التحذير سراً ومباشرة
دون الحاجة الى الاعلان عنه من محفل
دولي، وعندما تزامن الاعلان مع
التحذير الذي وجهته روسيا الى حلف شمال
الاطلسي من مغبة التدخل في سوريا، بدا
وكأن النظام الذي عجز عن حسم معركة حلب
منذ تموز الماضي والذي وصلت
الانقسامات الى داخل صفوفه الحيوية في
القرداحة، كما تردد في اليومين
الماضيين، يمكن ان يقوم فعلاً بهذا
الامر. ما يزيد من هذه
المخاوف قول اللواء المنشق علي سيلو
المسؤول السابق في ادارة الاسلحة
الكيميائية لصحيفة "التايمس"، ان
مناقشات جدية جرت حول استخدام الاسلحة
وشملت كيفية استخدامها والمناطق التي
تستهدفها: "ناقشنا ذلك كخيار أخير في
حال فقد النظام مثلاً السيطرة على
منطقة مهمة مثل حلب"! لكن رغم التآكل
المطّرد في بنية النظام واقترابه
المتزايد من الانهيار ولو بعد أشهر او
حتى سنوات، فانه يعرف ان إقدامه على
هذا الأمر يعني انه صنع حتفه الفوري
بيديه، ولهذا فان تحذير علي أكبر صالحي
يمكن ان يكون مرتبطاً بضرورات إيرانية
أكثر منها سورية، بمعنى ان طهران تعمدت
ان تبرز ومن نيويورك، وجهاً مسؤولاً
وعاقلاً كمقدمة للبحث عن مخارج
تساعدها في تجاوز أزمتها الاقتصادية،
التي بلغت ذروتها بعدما واصلت العملة
الايرانية سقوطها وباتت على عتبة
انهيار كارثي يهدد استقرار النظام،
وخصوصاً مع الصدامات التي حصلت بالأمس
مع الشرطة في طهران وبدء اضراب تجار
المحافظات الجنوبية والغليان في سوق
العملات. وفي ظل الحديث عن
اضطرار ايران الى دفع عشرة مليارات
دولار حتى الآن لدعم نظام الأسد، ومع
التلويح الغربي بمروحة جديدة من
العقوبات الاقتصادية التي ستزيد من
خنق الاقتصاد الايراني، من الطبيعي ان
تبدأ البحث عن بدائل في سوريا وربما عن
لغة تصالحية مع الغرب الذي يعجبه
تحذيرها الأسد من استعمال الاسلحة
الكيميائية. ثم ان النظام الايراني
يعرف جيداً ان "الثورة الخضراء"
التي سبق له ان قمعها لم تمت وان الأزمة
الاقتصادية الخانقة قد تؤدي الى هبوب
رياح "الربيع الايراني" مجدداً! ================= «ثلاثي
الهراء» بحسب تلفزيون بشار!! * ياسر
الزعاترة الدستور
4-10-2012 “ثلاثي الهراء”
بحسب تلفزيون بشار الأسد هم أردوغان،
محمد مرسي، خالد مشعل. وقد جاء ذلك في
تعليق مصاغ بعناية بثه التلفزيون
السوري، وبالطبع تعليقا على حضور مشعل
ومرسي لمؤتمر حزب العدالة والتنمية
التركي، وكلمة كل منهما في المؤتمر. لم يتوقف الأمر عند
ذلك، بل وصف التعليق مشعل ومرسي بأنهما
“فرقة الطبالة” التي استعان بها
أردوغان لكي يحسن بها شعبيته المنهارة.
كذا!! ولم ينس بالطبع تذكير مشعل
باحتضان النظام له يوم كان “مقاوما
يتيما”، “يتشرد ويتسكع في الأجواء”
قبل أن تفتح له سوريا الأبواب. ثم أضافت
حكاية سخيفة تتمثل في أنه يدفع ثمن
وعود له برئاسة السلطة!! كان لافتا بالطبع أن
يتزامن هجوم تلفزيون بشار مع مقال
لكاتب إيراني مقرب من السلطة يرسل ذات
الرسالة، ويتحدث بذات اللغة، الأمر
الذي يعني أن الهجمة على حماس ستشمل
المعسكر الإيراني برمته. كلمة مرسي كانت
استمرارا للمواقف التي اتخذها الرجل
حيال الثورة السورية منذ أسابيع، فيما
انطوت كلمة مشعل في مؤتمر حزب العدالة
والتنمية على تطور لافت بتسميتها لما
يجري بالثورة السورية، وانتصارها
لعذابات الشعب السوري. جاء التطور في موقف
حماس بعد أن لم يعد بالإمكان الإبقاء
على الموقف السابق، وبالطبع بعد وصول
الإجرام الأسدي مستويات غير مسبوقة في
التعامل مع الثورة، والأهم مع سوريا
بلدا وشعبا، حيث بدأ عملية تدمير شامل
للبلد يعكس يأسا من البقاء في السلطة. من الطبيعي أن يقول
شبيحة الأسد في الداخل والخارج: إن
حماس قد نقلت سلاحها من كتف إلى كتف،
وأنها قد تخلت عن خيار المقاومة
وانحازت لخيارات الانبطاح العربية،
متجاهلين أن التحولات التي مرت بها
الحركة منذ انتخابات عام 2006 هي ذاتها
لم تتغير. لا خلاف على أن بوصلة
القضية، ومن ضمنها الحركة تبدو تائهة
بالفعل بعد تحولات الأعوام الأخيرة
وحشر حماس في القطاع مقابل عبث عباس
بمسار القضية ضمن خيارات التفاوض
العبثية، لكن ذلك لا صلة له البتة
بموقف حماس الجديد من الثورة السورية،
ولا حتى القديم ممثلا في الخروج من
سوريا رغم كلفته الباهظة عليها. لقد كانت حماس وفية
للشعب السوري الذي احتضنها بدفء
وعناية خلال سنوات طويلة، وحين جرى دمه
غزيرا في الشوارع قبل أن يطلق أبناؤه
رصاصة واحدة ضد النظام، لم يكن بوسعها
السكوت أو البقاء في سوريا مانحة
النظام بعض الشرعية التي يتغنى بها
ممثلة في احتضانه للمقاومة وتبنيه
للممانعة كخيار سياسي، وهي الشرعية
التي يستخدمها ضد شعبه. لم تنكر الحركة ما
قدمه لها النظام من دعم، لكنها كانت
أمام مسارين؛ إما أن تكون وفية
لمبادئها في الوقوف إلى جانب الشعوب
الأكثر انحيازا لفلسطين وقضيتها، أو
أن تنحاز لنظام يقتل شعبا لم يخرج ضد
المقاومة ولا الممانعة، وإنما خرج
يطلب الحرية والكرامة أسوة بأشقائه
العرب الآخرين. لقد حاول النظام أن
يصنف خروج السوريين ضده بوصفه مؤامرة
على المقاومة والممانعة، لكن حماس
التي عرفت شعب سوريا لم يكن لها أن تصدق
هذه الرواية البائسة، وهي قدمت له
نصائح كثيرة بضرورة استيعاب الوضع من
خلال إصلاحات تقنع الناس، لكنه أبى
واستكبر وظل سادرا في غيه يقتل الناس
بلا حساب. إنها قضية مبدأية
وأخلاقية، قبل أن تكون سياسية، وقد
اتخذت حماس موقفا جريئا من الثورة حتى
قبل تركيا ذاتها، إذ مضت شهور قبل أن
يغير الأتراك موقفهم وينحازوا للثورة،
بينما رفضت حماس رفضا قاطعا استخدامها
في الدعاية للنظام وبدأت ترتيبات
خروجها التدريجي؛ هي التي أدركت منذ
البداية أن الشعب السوري لن يتراجع عن
ثورته. كيف تكون مع فلسطين
وتحررها، ومع نظام يقتل شعبه في آن؟!
كيف لا ترى الصهاينة وهم يقولون لأسرى
فلسطين إبان إضرابهم عن الطعام:
سنرسلكم إلى سجون بشار الأسد لكي تروا
النعمة التي تتقلبون فيها؟! لقد قدمت حماس القيم
والأخلاق والمبادئ على المصالح
الآنية، كما اختارت أن تكون مع بوصلة
الأمة التي تشير إلى دمشق وحلب وباقي
المدن السورية التي تتعرض لتدمير على
يد النظام المجرم. وهو موقف سيذكره لها
السوريون وجمهور الأمة. التاريخ : 04-10-2012 ================= رأي القدس 2012-10-03 القدس العربي
الحدود السورية ـ
التركية تعيش حاليا حالة من التوتر
ربما تؤدي الى انفجار حرب بين البلدين
اذا لم يتم تطويقها بسرعة. امس الاول انطلقت
حفنة من القذائف من الجانب التركي من
الحدود ادت الى مقتل مواطن سوري كردي.
وامس هطلت قذائف انطلقت من الجانب
السوري باتجاه قرية اكجاكالي التي تقع
قبالة مركز تل ابيض الحدودي السوري
الذي شهد معارك ضارية في الاونة
الاخيرة بين الجيش والمعارضة السورية
المسلحة. القذائف السورية ادت
الى مقتل خمسة اتراك جميعهم من اسرة
واحدة، الامر الذي دفع بالسيد رجب طيب
اردوغان الى الاجتماع مع كبار
مستشاريه لبحث الازمة ودراسة كيفية
الرد، كما طالبت حكومته حلف الناتو
بالرد على هذا العدوان السوري على حد
وصفها. من الواضح ان السلطات
السورية التي تعتبر تركيا عدوها الاول
بسبب تحولها الى مركز عبور للمقاتلين
الذين يريدون اطاحة النظام السوري،
ومركز تمويل وامداد لقوات الجيش
السوري الحر بالاموال والاسلحة
القادمة من دول الخليج وخاصة المملكة
العربية السعودية ودولة قطر، هذه
السلطات تريد جر السيد اردوغان الى
معركة او حرب اقليمية. اطلاق القذائف من
الجانب السوري، ومقتل خمسة اتراك هو
رسالة استفزاز سورية الى السيد
اردوغان لدفعه الى الرد مما يؤدي الى
تورطه في حرب ربما تؤدي الى استنزاف
تركيا ماليا وعسكريا وبشريا وتدمر كل
انجازاتها الاقتصادية التي تمثلت في
احتلالها المرتبة السابعة عشرة كأقوى
اقتصاد في العالم. السلطات السورية
مستاءة من تحويل مؤتمر حزب العدالة
والتنمية الذي انعقد يوم الاحد الماضي
الى منبر للتحريض ضدها، وحشد العرب
والجماعات الاسلامية خلف التحالف
التركي ـ الامريكي ـ الخليجي الذي يريد
اطاحة النظام السوري. هذا الاستياء انعكس
في الهجوم السوري الاعلامي غير
المسبوق على الرئيس المصري محمد مرسي
الذي قال في كلمته امام المؤتمر بانه
لن يعرف طعم الراحة الا بعد سقوط
الرئيس الاسد، والسيد خالد مشعل رئيس
المكتب السياسي لحركة 'حماس' الذي ابدى
مساندة للثورة السورية وتعاطفا مع
معاناة الشعب السوري تحت النظام
الديكتاتوري. النظام السوري بدأ
ينتقل من خطط الدفاع الى خطط الهجوم في
تعاطيه مع الانظمة التي تريد اسقاطه
وخاصة تركيا، بعد ان تأكد من دعم الروس
والصينيين والايرانيين المطلق، وتردد
حلف الناتو في التدخل عسكريا لصالح
المعارضة المسلحة على غرار ما حدث في
ليبيا. ويأتي تركيز هذا
النظام على تركيا لانه بات يدرك ان
المعارضة التركية والممثلة في حزب
الشعب، باتت تحسن شعبيتها في اوساط
الناخب التركي بسبب معارضتها لسياسة
اردوغان الداعمة للمعارضة السورية
والمطالبة بعلاقات افضل مع حكام دمشق
تقوم على التعاون وليس المواجهة. السيد رجب طيب
اردوغان اذكى من ان ينجر الى حرب مع
سورية، ويقع في المصيدة التي نصبتها له
دمشق بعناية فائقة، لانه يدرك جيدا انه
وحزبه سيكونان الخاسر الاكبر ومن
ورائهما الشعب التركي، وبما يؤدي الى
نسف انجازاته الاقتصادية التي ادت الى
فوزه في الانتخابات اكثر من مرة،
وتربعه على سدة الحكم لاكثر من عشر
سنوات. الاتراك لم يردوا على
اسقاط طائرة استطلاع لهم في المياه
الاقليمية السورية في حزيران (يونيو)
الماضي وبلعوا الاهانة لانهم يعرفون
جيدا الاهداف التي تريد سورية تحقيقها
من وراء هذا العمل غير المسبوق، اي
جرهم الى الحرب، ومن المرجح انهم، ورغم
صراخهم السياسي العالي تجاه مقتل خمسة
من ابنائهم سيتعاملون مع هذا
الاستفزاز المتعمد مثل تعاملهم مع
حادثة اسقاط طائرتهم ومقتل طياريها. لا نعرف ما اذا كانت
حكومة السيد اردوغان ستستوعب هذه
الرسالة السورية الواضحة العبارات ام
لا، بحيث تتوقف عن دعم المعارضة
السورية المسلحة وتسهيل وصول الاموال
والاسلحة اليها عبر اراضيها، ولكن من
الواضح انها تتعامل مع الضغوط السورية
عليها بواقعية، وهذا يتضح من مد
اردوغان غصن زيتون الى حزب العمال
الكردستاني المدعوم من سورية، ودعوته
له الى استئناف المفاوضات مجددا
للتوصل الى هدنة لوقف العمليات
العسكرية التي يشنها ضد القوات
التركية في جنوب شرق تركيا. المقربون من السيد
اردوغان يتحدثون في مجالسهم الخاصة عن
خيبة امل كبرى تجاه العرب والامريكان
معا، لانهم حرضوهم على اتخاذ موقف قوي
وداعم للمعارضة السورية المسلحة،
ووعدوهم بالدعم، ثم تخلوا عنهم، ولم
يستجيبوا لطلباتهم بالتدخل العسكري
لاسقاط النظام السوري، او اقامة مناطق
حظر جوي توفر القاعدة لانطلاق الجيش
السوري الحر والجماعات الاسلامية
المساندة له لشن عمليات ضد النظام
واستيعاب اللاجئين. سورية الآن تعيش
ظروفا عصيبة، وتتوالى عليها الضربات،
ولكنها باتت اكثر ثقة بعد صمود النظام
لحوالي عشرين شهرا، وبدأت في تصدير
الازمة الى جيرانها وتركيا على وجه
الخصوص، ومن غير المستبعد ان يكون
الاردن الهدف الثاني لاحقا. ================= انتعاش
«الخط الإخواني» السوري ترقّباً
للانتخابات الأميركية الخميس ٤
أكتوبر ٢٠١٢ عبدالوهاب
بدرخان الحياة أظهرت
معركة حلب، عملياً، عجز النظام عن
الحسم، بل غيّرت طبيعة الأزمة. صحيح أن
لديه تفوّقاً نارياً على قوات
المعارضة، لكن الخسائر المتوقعة تجبره
على تجنيب القوات التي يستطيع الوثوق
بها حرب شوارع مكلفة. والحسم في حلب
يتطلّب بالضرورة أن يُستَبق بتأمين
دمشق وريفها، وهو الآخر صعب المنال.
فبعد شهرين من القتال في حلب، وما
تخلله من اقتحامات وقصف مدفعي وصاروخي
وغارات جوية، ظلّت خطوط التماس كما
كانت متصَوّرة مسبقاً، أي أن قوات
النظام توجد واقعياً في الجانب
الجنوبي - الغربي للمدينة حول المواقع
العسكرية وفي ما يتاخمها من أحياء غير
سُنّية وأخرى سكنية للبورجوازية
الحلبية غير المنخرطة في المعارضة. أما
الجزء الأكبر من المدينة فيقع تحت
سيطرة قوات «الجيش الحر» والمجموعات
المناصرة لها. وثمة سجال بين الطرفين
يتبادلان فيه شوارع وأبنية ومواقع لا
تغيّر مسار المعركة. تبدو حلب سورية في 2012
كما لو أنها بيروت أواخر 1975، تحديداً
مع استهداف الأسواق، عصب التجارة
والاقتصاد، مع فارق الميزة التاريخية
الفريدة لأسواق حلب التي أحجم حتى
المغول عن التعرّض لها. من الواضح أن
النظام لم يعد يعتبر حلب «عاصمته»
الاقتصادية. فعلى رغم تأخرها أكثر من
عام في الثورة عليه، إلا أن انقلابها
ضدّه أفقده اليد العليا في المواجهة،
وأسقط عنه غطاء «الدولة» الوهمي
ليظهره بوجهه الميليشيوي الحقيقي.
انتظرته المدينة طويلاً علّه يفلح في
الخروج من النفق الذي اندفع ودفع
البلاد اليه، ولم تتخيّل أنه سيكون على
هذا القدر من التهور والغباء
واللامسؤولية وحتى اللاوطنية، وكان أن
راح يقفل تباعاً شوارعها فمدارسها
وجامعاتها فمصانعها وشركاتها الى أن
أقفل أسواقها، وها هو يحرقها ويدمّر
آثارها وسياحتها. كان النظام جرّب كل
أنواع الإجرام في مختلف المدن
والمناطق قبل أن تبدأ معارك دمشق ثم
حلب. كان خرّب درعا وحمص وحماه وإدلب
ودير الزور وأريافها. كان تحسّب منذ
زمن لدمشق وخصّص مدفعية الحرس
الجمهوري في قاسيون لدكّها متى حانت
لحظته، فالعاصمة كانت دائماً في وعيه
ولا وعيه مدينة مفقودة. ومع ذلك، تبقى
حلب الأكثر ايلاماً، فهي التي تصنع
الفارق في مصيره وتقرّب لحظة الوداع
بينه وبين السلطة. لذا فهو لم يكتفِ بما
أنزله بها من خسائر، وإنما يريد لعقابه
لها أن يكون منهجياً مديداً. وطالما أن الأزمة
صارت دولية والقوى الخارجية تمنحه
الفرص والترخيص فلماذا لا يمعن في
القتل والتخريب. لم يعد ممكناً حصر
الأحياء التي سوّاها بالأرض في الكثير
من المدن والبلدات، بما في ذلك بعض
دمشق، ويسعى الى تكرار ذلك في حلب، على
سبيل الوداع والطلاق البائن. فسورية لم
تعد بلده ولم يعد رئيسها أو مسؤولاً
عنها. انه مكلّف فقط بتدميرها وإعادتها
عقوداً كثيرة الى الوراء. انه يقاتل في
انتظار أن تنجلي المساومة الخارجية
لتحين لحظة المساومة الداخلية. فكلّ ما
يعنيه من الاستمرار في القتال هو هذه
المساومة لتحسين شروط الرحيل وتأمين
حصة لأنصاره ومعارضيه الموالين في أي
صيغة سياسية مستقبلية، وعدا أنه وضع
هؤلاء في بؤرة النار فإنه لم يدرك أن كل
يوم زائد يمضيه في السلطة يقوده الى
أسوأ السيناريوات، وسيكون محظوظاً اذا
تُرك وأعوانه المجرمون يتوارون بدل أن
يمثُلوا أمام المحكمة الجنائية
الدولية لتقتصّ منهم لقاء ما ارتكبوا
من جرائم ضد الانسانية. ولأن لحظة حلب - دمشق
تقترب، حتى لو طال انتظارها وثقلت
كلفتها الدموية، فإنها تؤشر الى مرحلة
تنقضي لتبدأ ما يفترض أن تكون المرحلة
النهائية، وهي الأصعب على الاطلاق،
وربما الأكثر كلفة بشرية وإنسانية.
ويبدو أن العرض الذي قدّمه المجتمع
الدولي، بمناسبة الجمعية العامة للأمم
المتحدة، لأسوأ ما يمكن أن يكون عليه
العجز وخيبة الأمل، قد أطلق حراكاً
اقليمياً في اتجاه خطوات حاسمة لحصر
خريطة المعارضة سياسياً وبالأخص
عسكرياً. وبما أن السر الشائع هو أن
الجميع، الروس مثل العرب والاوروبيين،
ينتظرون ما بعد الانتخابات الاميركية،
فإن زائري نيويورك لم يسمعوا من
الاميركيين ما يفيد بأن «ما بعد»
الانتخابات سيختلف جذرياً وفعلياً
عمّا قبلها. والسبب أن معطيات الأزمة
لم تتغير على النحو الذي يتيح تدخلاً
مجدياً ومتسارعاً. اذ إن مندوبي
الاستخبارات على الأرض نقلوا صورة
مثيرة للاهتمام عن تقدّم القدرات
القتالية لدى مجموعات المعارضة والوضع
العسكري في مختلف المناطق، لكنهم
سجّلوا مخاوف من التشرذم وتعدد «الجيوش
الحرّة» وضعف التنسيق أو انعدامه في ما
بينها، وكذلك إحباطها مشاريع توحيدها،
فضلاً عن فوضى التسليح وتهريبه وخطوط
الإمداد وتنافس المصادر التي توفر
الأسلحة وإيثارها جهات أو مناطق
بعينها. وفي المقابل، استنتج
الاستخباريون أن الخريطة السياسية
للمعارضة لا تقلّ اضطراباً وتشتتاً،
وأعطوا تقويماً سلبياً لـ «المجلس
الوطني السوري» وصلاته الضعيفة
بالداخل، لكنهم أوصوا بالحفاظ عليه
باعتباره إطاراً يتمتع بشيء من
التعددية وقد راكم خبرة يمكن تطويرها،
بشرط مواصلة الجهد الذي بدأ في كنف
الجامعة العربية أوائل تموز (يوليو)
الماضي لبلورة معارضة ذات رؤية موحدة.
أكثر من ذلك، أشعل الاستخباريون الضوء
الأحمر في ما يتعلّق بنشاط الجماعات
الجهادية التي يصنّفونها ارهابية
وتبين لهم أنها استقرّت في بعض القرى
ولا صلة بينها وبين «تنسيقيات الثورة»
التي ترتاب بأن النظام تعمّد نشرها
لتكون «دليله» في وصم معارضيه بـ «الارهابيين». ليس مؤكداً بعد اذا
كان هذا المزاج الاميركي المتغامض هو
ما ترجمته القاهرة «الإخوانية»
باستضافة لقاء هو الأول من نوعه وضمّ
خمساً وعشرين حزباً وجماعة، بينها «اخوان»
سورية في طبيعة الحال، توحّدت للمرة
الأولى في تاريخها في ما سمّي «التجمع
السوري للإصلاح». وعلى رغم التنوع
الفكري لهذه الهيئات، إلا أن الخبراء
يعتبرون خطّها العام «إخوانياً»، ولذا
لم يكن السلفيون في عدادها، لكن غيابهم
عُزي الى عدم وجود جماعات منظمة
ومعروفة للسلف في سورية. تزامن ذلك مع
الاعلان عن تأسيس «القيادة المشتركة
للمجالس العسكرية في سورية»، وما أمكن
فهمه أن الاثنين يتحركان على خط
اسلامي، ففي حين كانت المباركة
المصرية - التركية لـ «التجمع» بادية،
ظلت الرعاية التي تحظى بها «القيادة»
غير واضحة وإنْ نُسبت الى دول خليجية.
وتأتي ولادة «التجمع للإصلاح» عشية
المؤتمر الموسع لـ «المجلس الوطني» في
الدوحة الذي سيشهد توسيعاً لعضوية
هيئته العامة من 250 الى نحو 450 عضواً.
أما «القيادة المشتركة» فتبدو نائية
بنفسها عن القيادة الحالية لـ «الجيش
الحر» (العقيد رياض الاسعد)، ولعلها
أُنشئت بعد تباطؤ جهود قيادة «الجيش
الوطني» (العميد محمد الحاج علي) في
توحيد القوى العسكرية للمعارضة. الأكيد أن الملاحظات
الاميركية واستحقاق ما بعد الانتخابات
دقّ ما يشبه النفير لدى مجموعة «أصدقاء
شعب سورية» التي أدركت أن واشنطن لا
تزال تعمل على «القناة الروسية» لبناء
خطة تنحية لبشار الأسد، لكنها لا
تستطيع تسريع جهودها ما لم يكن هناك «بديل»
متكامل وموثوق بالتزاماته لدى
المعارضة، عسكرياً وسياسياً. فهل دارت
الأحداث دورتها في الأزمة السورية
لتعود الى الخط «الإخواني»، كما في
تونس ومصر والى حدٍ ما في ليبيا من خلال
انتخاب رئيس الوزراء الجديد؟ وهل كان
شرط «إخوان» مصر للتدخل أن يقبل «اخوان»
سورية بهذه الصيغة التوحيدية في «التجمع
السوري للاصلاح»؟ وهل جرى تلزيم توحيد
العسكر وتسليحهم للخليجيين بالتنسيق
مع تركيا (والاردن) وبإشراف اميركي
وأوروبي سيتضح لاحقاً؟ أسئلة يثيرها
توزيع الأدوار في الحراك الاقليمي
الراهن مع ما يرافقه من امتعاض هنا
واستياء هناك ورضا هنالك. ================= وضع
العرب مأساوي ولا تدخل عسكريا في
الأزمة السورية! صالح القلاب الشرق الاوسط 4-10-2012 ستبقى فكرة التدخل
العسكري العربي في سوريا مطروحة إلى أن
تطرأ مستجدات، إن متوقعة وإن غير
متوقعة، لحسم الأمور وترجيح الكفة إن
في هذا الاتجاه وإن في ذاك، فالتدخل
الدولي الذي كثر الحديث عنه والذي طال
أمد انتظاره يبدو أنه أصبح غير وارد
وغير متوقع، وذلك على الرغم من أن هناك
معلومات متداولة في أطر ضيقة جدا تشير
إلى أن الموقف الأميركي، الذي اتسم
بالميوعة، سوف يتغير وسيتحول من
التردد إلى الحسم حتى قبل الانتخابات
الرئاسية التي ستجرى في بدايات نوفمبر
(تشرين الثاني) المقبل. لكن لأن هذا الموقف
الأميركي الذي يقال إنه سيتغير قبل
الانتخابات الرئاسية المقبلة غير
مؤكد، ولأنه لا يوجد في الأفق ما يشير
إلى أن الأوروبيين والأتراك سيتخذون
مواقف أكثر حزما وحسما وجدية، فإنه لا
بد من أخذ فكرة التدخل العسكري العربي
على محمل الجد طالما أن أمير دولة قطر
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد أثارها
في اجتماع الجمعية العمومية للأمم
المتحدة الأخير، وطالما أن الرئيس
المصري محمد مرسي - كما أشيع - قد استجاب
وأبدى تأييده «من حيث المبدأ» على
الفور، وذلك مع أنه تراجع لاحقا لأسباب
غير معروفة. والمؤكد أن أمير قطر
لم يلجأ إلى إلقاء هذا الحجر الكبير في
بركة العرب الراكدة والآسنة إلا بعدما
نفد صبره وفقد الأمل بأي تدخل دولي
جدي، لا من خلال حلف شمال الأطلسي كما
حصل في ليبيا، وقبل ذلك كما حصل في
البلقان وكوسوفو، ولا من خلال ما بقي
مطروحا منذ البدايات بتوفير حماية
جوية للمناطق التي يسيطر عليها الجيش
السوري الحر في الأجزاء الشمالية
السورية ومن بينها مدينة حلب، التي من
المتوقع أن يؤدي خروجها نهائيا من قبضة
جيش بشار الأسد النظامي إلى تغييرات
جذرية في المعادلة العسكرية على
الأرض، وإلى مستجدات هامة في المواقف
العربية والدولية. وبالطبع فإن الشيخ
حمد بن خليفة آل ثاني كان يعرف، عندما
بادر إلى تفجير هذه القنبلة السياسية
في اجتماع الجمعية العمومية للأمم
المتحدة وأمام العديد من رؤساء الدول
المشاركة، أن الوضع العربي «لا يسر
الصديق ولا يغيظ العدا»، وأنه ينفخ في
قربة مثقوبة، وأن دخول العرب عسكريا
على خط الأزمة السورية يحتاج إلى إرادة
سياسية موحدة، وأنه يحتاج أيضا إلى
إدراك أن هذه الحرب المحتدمة في سوريا
هي حرب مواجهة التمدد الإيراني الذي إن
لم يجر استيعابه وبسرعة فإنه لن يستثني
حتى ولا دولة عربية واحدة. ثم إن مما لا شك فيه
أن أمير قطر عندما ألقى هذا الحجر في
البركة العربية الآسنة كان يعرف هذا
كله، وأنه يعرف أن أكثر ما ينطبق على
هذا الوضع العربي المأساوي هو أغنية
فيروز الشهيرة التي تقول فيها: «لا
تندهي ما في حدا»، لكن مع ذلك فإنه قد
لجأ إلى هذا الذي لجأ إليه من قبيل لعل
وعسى أن يدرك العرب أن تحركهم و«تململهم»
على الأقل سيجعل الغرب، الذي للأسف لا
تعويل إلا عليه، يأخذ الأمور بمنتهى
الجدية ويفهم أن انكسار الثورة
السورية وفوز بشار الأسد الذي هو فوز
لإيران ولروسيا سيعني تغيير المعادلة
التقليدية في هذه المنطقة الشرق
أوسطية الاستراتيجية، وسيعني معادلة
جديدة بديلة لا مكان فيها لا
للأوروبيين ولا للأميركيين ولا
لحلفائهم الذين يواجهون الآن تمددا
إيرانيا زاحفا، عنوانه كل رؤوس جسور
النفوذ التي أقامتها دولة الولي
الفقيه في الشرق الأوسط كله. إن استجابة الرئيس
محمد مرسي للدعوة القطرية، التي تراجع
عنها، تدل على كم أن الوضع العربي محبط
ومخيب للآمال، فالرئيس المصري، ومع أن
نواياه - لا شك - صادقة وأن مواقفه
مبدئية وتستحق التقدير، لم يجد ما
يستنجد به لتحقيق فكرة التدخل العسكري
العربي في الوضع السوري الذي غدا
بمنتهى الخطورة إلا لجنة الاتصال
الرباعية التي تضم مصر وإيران وتركيا
والمملكة العربية السعودية، والتي بات
مؤكدا أنها قد ولدت ميتة وأنها لم
تستطع أن تعقد إلا اجتماعا واحدا بجميع
ممثلي الدول المشاركة، هو الاجتماع
الأول، وحيث انعقد الاجتماع الثاني
بغياب المندوب السعودي، بينما لم
ينعقد الاجتماع الثالث الذي كان من
المفترض أن يتم على هامش اجتماعات
الجمعية العمومية للأمم المتحدة في
دورتها الأخيرة. والغريب أن الرئيس
محمد مرسي، الذي أبدى مواقف مبدئية
وواضحة وحاسمة لا لبس فيها تجاه الأزمة
السورية، لم يجد ما يراهن عليه كـ«نواة»
لهذا التدخل العسكري العربي المطلوب
إلا لجنة الاتصال الرباعية.. هذه
اللجنة التي بات في حكم المؤكد أن
المملكة العربية السعودية أصبحت
خارجها، والتي تضم إيران الدولة التي
سارعت منذ اللحظة الأولى إلى دخول هذه
الحرب القذرة المدمرة من أوسع
الأبواب، إن بالسلاح وإن بالأموال وإن
بالمقاتلين من فيلق القدس وغيره. فهل خاف على الرئيس
المصري أن إيران تعتبر هذه الحرب
المحتدمة في سوريا هي حربها، وأن مرشد
الثورة علي خامنئي قد وجه تأنيبا قاسيا
لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري
الإيراني الجنرال قاسم سليماني لأنه
لم يتمكن «حتى الآن»!! من تدمير الثورة
السورية؟ لا يمكن أن يكون هناك
أي وضوح بالنسبة للموقف الإيراني تجاه
كل هذا الذي يجري في سوريا أكثر من هذا
الوضوح، ولهذا فإن المفترض أن يطوي
الرئيس محمد مرسي صفحة لجنة الاتصال
الرباعية هذه، وألا يراهن على الجامعة
العربية التي في ضوء عدم وجود أي إجماع
فيها تجاه الأزمة السورية لا يجوز توقع
أن تفعل أكثر مما فعلته، فهي فشلت فشلا
ذريعا منذ البدايات، مما يعني أنه يجب
البحث عما يمكن فعله عربيا خارج هذه
الدائرة، ومن خلال التركيز على ما يمكن
أن تفعله الدول المتقاربة المواقف
تجاه ما يجري في هذه الدولة الشقيقة
التي غدت مهددة بوحدتها وأيضا ببقائها
كدولة. وحقيقة وبكل صراحة
إنه لا أمل إطلاقا بأي تدخل عسكري عربي
جدي، وبأي شكل من الأشكال في الأزمة
السورية، فأوضاع العرب مأساوية
والجامعة العربية تعيش حالة كساح
قاتلة، والاتفاق العربي على خطوة
خطيرة كهذه الخطوة لا هو متوقع ولا هو
ممكن، وكذلك فإن الدول العربية ذات
المواقف الواضحة تجاه هذه الأزمة غير
قادرة على تحمل عبء بكل هذا الحجم وبكل
هذه الخطورة دون أن تكون هناك مشاركة
دولية رئيسية، إن من خلال مجلس الأمن
أو من خارجه، ولهذا فإنه لا بد من
التركيز على الاستمرار بتقديم المزيد
من الدعم الحقيقي للمعارضة السورية
المسلحة وللجيش السوري الحر، مع
استمرار العمل على توحيد هذه المعارضة
وتوحيد هذا الجيش، ومع الدفع في اتجاه
أن يكون هناك حظر جوي سريع وبالقوة على
الأجزاء الشمالية السورية التي
يعتبرها الثوار السوريون مناطق محررة
تشكل نقاط ارتكاز استراتيجية لإسقاط
نظام بشار الأسد وإقامة النظام البديل
المنشود. ================= احترموا
التاريخ وأنقذوا آثار حلب قبل فوات
الأوان! هدى الحسيني الشرق الاوسط 4-10-2012 من ينحر مدينة ويرقص
على أشلائها بداعي التحرير أو
التطهير، ينحر بلدا ويقتل شعبا ولا
يرتوي. الجريمة التي ترتكب
بحق مدينة حلب، العريقة بتاريخها
وآثارها وقلعتها وأسواقها، عرت النظام
السوري، وعرت الثوار أيضا، ولا تبرير
لأي طرف. كشفت عن جهلهم العميق، وعن أن
مفهومهم للتحرير والدين خطأ مضاعف.
غارقون في الجهل عن تراث بلدهم وأهميته
وتاريخه وعراقته. الجهل الثقافي
والجهل الديني يدمران المستقبل.
الجريمة التي ترتكب بحق حلب منذ أشهر،
تكشف عن أن الطرفين «المستقتلين»
لإلغاء بعضهما البعض على استعداد أن
يفعلا كل شيء، من دمار وارتكاب جرائم،
ومن ثم غسل الأيدي، لأنه في هذه
الحالة، حالة الحرب حتى النهاية، يسهل
دائما اتهام الطرف الآخر. لكن، ليس
هناك من بريء. حتى الدول التي تدعم
الطرفين تلطخت أيديها وضمائرها بدم
المدينة. ودماء التاريخ والتراث
والآثار والعراقة دائما ثقيل ومقلق. كشف النظام السوري عن
إجرام متأصل فيه، وتبين أن الرئيس بشار
الأسد اقتنع أثناء حكمه بإعادة ترميم
آثار حلب، من أجل جلب السياح وللعلاقات
العامة فقط، وليس انطلاقا من قناعة
باحترام تاريخ بلاده، وحملة التدمير
المبرمج التي قام بها من دون أي ردع ضد
البشر والمدن، لم تتعب ضميره كثيرا،
لكن، ماذا كان يفعل المقاتلون في السوق
القديمة، ولماذا ذهبوا إلى هناك كما
فعلوا؟ عندما وصلوا في بداية
شهر أغسطس (آب) الماضي إلى القلعة،
كانوا السبب في تدمير أحد أبوابها
التاريخية من قبل جيش مطلوب منه ألا
يترك إنسانا حيا يقف في وجهه، أو
مدماكا واقفا، أو شاهدا على تاريخ
وحضارة. الجريمة التي ارتكبت
بحق آثار وتراث حلب، كشفت وللأسف عن أن
هؤلاء ليسوا بمحررين. وإذا كانوا من
الريف فهم يؤكدون ما يردده المؤرخون،
من أن ثورة تنطلق من الريف لا تؤدي إلى
انتصار، إذا لم تسقط العاصمة والمدن. من حرك أبناء الريف
لتحويل تذمرهم الاجتماعي إلى ثورة ضد
التراث والعراقة والتاريخ، هؤلاء
ليسوا على مستوى المطالبة بالتحرير
وتغيير النظام إلى نظام أفضل. إذا قارنا ما جرى في
حلب، وأيضا في دمشق من نسف وتفجير
للأبنية التاريخية، بما جرى في بداية «الربيع
العربي» في تونس ومصر، نلاحظ أنه كانت
هناك ثقافة وتنوير. وعندما حاولت
مجموعة من الغوغائيين الهجوم على
المتحف المصري، هب البقية لحماية
تاريخهم وآثاره. في البداية، في تونس
ومصر، كان الثوار يعرفون من هم، وأي
تاريخ عريق يقف وراءهم وماذا يريدون.
لذلك وقع العالم كله في حبهم. صارت شعوب
كثيرة تقلدهم في مظاهراتهم
الاجتماعية، حتى في إسرائيل خرجت
مظاهرات تطالب بتحسين ظروف المعيشة. في سوريا بدأت هكذا،
لكن تبين لاحقا خصوصا مع انسحاب شخصيات
من المجلس الوطني السوري، أن لا سبيل
للتواصل مع أطراف لا تتطلع إلا إلى
التدمير من أجل الوصول إلى أهدافها. المشكلة لدى الطرفين
في سوريا، أن العقيدة ضيقة، إن كانت
عقيدة حزب البعث، أو العقيدة الدينية
غير الحقيقية لدى أطراف أخرى، عقيدة لا
تقبل التمحيص والتحليل والتفكير بما
يطرح عليها. يقول عمر الحلاج،
المدير التنفيذي للأمانة السورية
للتنمية وصيانة المباني الذي عمل في
الترميم والمحافظة على الآثار والتراث
في سوريا وفي اليمن: عندما ذهبنا لأول
مرة إلى مدينة «زابيد» في اليمن للكشف
عن الآثار، بدأ الإمام المحلي يذهب إلى
المسجد ويحذر الناس قائلا «إن الألمان
أتوا إلى هنا، ليحولوا مدننا إلى ملاه
وبيوت دعارة». الجيش النظامي السوري
يتلقى الأوامر من قيادة تعي جيدا ما
تقدم عليه. لكن كلمة «أبو جهل» تنطبق
على هذا الجيش وعلى قادته، وكذلك على
الثوار. من دفع هؤلاء الثوار للدخول
إلى المناطق الأثرية في حلب، من دفع
بالانتحاري إلى تفجير نفسه في مبنى
الأركان العامة في دمشق، وهو مبنى
تاريخي. النظام ارتكب خطأ باستعماله مع
ما شهده من تصرفات لجهة التعذيب وما
شابه، وكذلك ارتكب من أرسلوا
الانتحاري جريمة مزدوجة بحقه. كتب أحدهم، أن الرئيس
السوري «قرر تدمير كل المدن السورية
قبل انتقاله مع العلويين إلى مناطقهم،
حتى يغرق السنة في إعادة بناء ما
يقدرون عليه من هذه المدن، ولا ينصرفوا
للانتقام من الطائفة العلوية، ويشمل
التدمير البنى التحتية والآثار
والتراث أيضا». من ناحية أخرى، فإن
بعض المتطرفين مهووسون بالماضي
البعيد، فهم لا يريدون فقط التخلص من
التأثير الغربي، بل أيضا من أربعة قرون
من حكم العثمانيين، الفترة التي تكون
فيها نسيج المدن العربية، إذ يرون هذا
شكلا من أشكال الفساد، وليس التطور
والحضارة والانفتاح على العالم الذين
هم على عداء معه. وفي مقابلة أجريت مع
ماليز روثفين وهي مؤرخة أصدرت كتبا عن
الأصولية الإسلامية قالت: إن محمد عطا،
أحد مخططي ومنفذي تفجيرات نيويورك في
الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، والذي
وضع أطروحته عن التخطيط الحضري لمدينة
حلب القديمة، ذكر أنه يريد أن يدمر
المباني التاريخية التي تحمل قرونا من
الزمن فوق جدرانها، كان يحلم بمدينة
إسلامية حسب رؤيته، نقية لا يدخلها
التغيير. من دروس جداتنا في
صغرنا «لا تخافوا من المتدين، فهذا
يخاف الله، بل خافوا من المتعصب». ربما
تتضح هذه النصيحة اليوم أكثر ونحن نبكي
على ما يصيب حلب والآثار في سوريا. فمن
يصرون على «قتل» الآثار هذه، لا يدركون
قيمة ما يحتويه بلدهم. باختصار، إنهم
آل التدمير وليسوا آل التحرير أو آل
التطهير. تقع حلب عند تقاطع
طرق التجارة القديمة، شهدت صعود وسقوط
إمبراطوريات. جيوش الإسكندر الأكبر،
هولاكو، جنكيز خان، تيمورلنك، وجيوش
صلاح الدين الأيوبي، كلها في وقت أو
آخر هاجمت أو دافعت عن حلب. منذ أكثر من عشر
سنوات بدأت مؤسسة «الآغاخان للثقافة»
بترميم دقيق لكل آثار حلب (هل يكون هذا
من أسباب تدمير وتخريب الآثار؟) وفي
كلمة ألقاها في حلب بعد شهرين من
عمليات الحادي عشر من سبتمبر، وصفت «الآغاخان»
مهمته بـ«خلق حديقة فكرية حيث سينبثق
الجمال من صياغة الاختلاف». عام 1954، وبسبب
التدمير الذي أحدثته الحرب العالمية
الثانية، وضعت اتفاقية لاهاي لحماية
الممتلكات الثقافية في النزاعات
المسلحة تفرض على الدول ضمان سلامة
المواقع الثقافية المهمة والآثار
والمتاحف والمكتبات. وكانت سوريا بين
الموقعين على هذه الاتفاقية. لكن
المهتمين بتطبيق الاتفاقية أشاروا إلى
أنه في حلب على الحكومة والثوار
مسؤولية حماية إرثهم الثقافي. وقال
بورغ إيسفلد، أحد مخططي المدن وعمل مع
مؤسسة «الآغاخان»: «إن العالم يجب أن
يعرف يوما بعد يوم ومرة بعد أخرى، أن
هناك تراثا ثقافيا فريدا يتعرض
للتخريب والهدم. وهذه ليست فقط مسألة
سوريا، إنها تتعلق بالعالم كله». كان الاعتقاد في
البداية، أنه يجب تحييد دمشق وحلب،
لأنهما أغنى مدينتين ثقافيتين في
الشرق الأوسط. الآن هناك الكثير مما
سيخسره العالم الإسلامي والعالم
العربي من تاريخهما. هل يريد العالم أن
تصبح سوريا، تورا بورا العرب؟ نظام
الأسد والمعارضة دخلا في حرب تدميرية
سيذهب ضحيتها الآلاف من البشر، وكذلك
آلاف السنوات من الحضارة العريقة، ولا
يهم من ينتصر في النهاية عندما لا يبقى
سوى الرماد. الآن، تتعرض حلب
وتتعرض الحضارات القديمة ويتعرض
التاريخ لمجزرة، وأبناء حلب والسوريون
يصرخون ألما، فهل من سامع يسمع؟ في مقال نشره يوم
الاثنين الماضي في صحيفة «الهيرالد
تريبيون»، كتب طارق رمضان: «الانتصار
قد يكون بداية الهزيمة (..) والانتفاضات
لم تصل بعد إلى الثورة. يجب على العالم
العربي مواجهة (شياطينه) التاريخية،
ومعالجة عيوبه وتناقضاته. وعندما يبدأ
هذه المهمة، عندها تكون الصحوة قد بدأت». انقاذ حلب يحتاج إلى
مثل هذه الصحوة بأسرع وقت ممكن وقبل
فوات الأوان! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |