ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 05/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

4-11-2012

سيشجع الثوار على الابتعاد عن «القاعدة»

الدعم الغربي... لتحجيم الجهاديين في سوريا

تاريخ النشر: الأحد 04 نوفمبر 2012

الاتحاد

لا أحد يجادل بأن وزيرة الخارجية الأميركية ستتوجه إلى الدوحة في الأسبوع المقبل بأجندة محددة سلفاً ومدروسة جيداً، حيث ستدافع عن فكرة أساسية مفادها ضرورة إعادة هيكلة المعارضة السورية، فالانتفاضة الشعبية التي انطلقت في البداية بشكل سلمي وأسرت العالم الذي تابعها باهتمام بالغ تدهورت إلى خليط فوضوي من جرائم الحرب والتطرف الديني المتنامي، بالإضافة إلى غموض المستقبل السياسي. بل إن الانتفاضة السورية أصبحت رديفة لكل ما هو سيء في "الربيع العربي"، لذا يبدو أن تسليح الثوار هو الطريق الأمثل للخروج السريع من المستنقع السوري ولتشكيل معارضة تمتلك ما يكفي من أسباب القوة للإطاحة بنظام الأسد.

لكن الولايات المتحدة ما زالت متخوفة من وقوع الأسلحة في يد الجهاديين الذين يقاتلون إلى جانب الثوار، لاسيما بعد إلقاء السلطات الأردنية القبض مؤخراً على 11 عنصراً ينتمون إلى جماعة جهادية سورية كانوا يعتزمون القيام بعمليات داخل الأراضي الأردنية وزعزعة استقرار المملكة الهاشمية. غير أن الخطر الذي يحذر منه الكثيرون والمتمثل بتصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة الناشطة في سوريا، ينطوي على بعض المبالغة، بالإضافة إلى أن وجود تلك الجماعات في سوريا يمكن الحد منه لو اتبعت السياسات المناسبة والصائبة.

كما أن بعض الفظائع التي ارتبكت في سياق الصراع السوري ويستدل بها البعض على وجود حركات متشددة ضمن المعارضة السورية لا تقتصر على الجهاديين أو ذي التوجهات الإسلامية المتشددة، بل تمتد أيضاً إلى المعارضة المعتدلة التي تحمل السلاح، ليبقى المهم في النقاش الدائر حول تسليح المعارضة من عدمه ليس التجاوزات المسجلة حالياً، بل التصور الذي تطرحه المعارضة لمستقبل سوريا.

فمن بين مائة ألف شخص منخرطين في القتال ضد النظام في سوريا، يوجد فقط بضعة مئات منهم يسعون إلى إقامة خلافة إسلامية في سوريا. وفي المقابل يدافع آلاف النشطاء عن أيديولوجية إسلامية معتدلة، وهو ما يعني أن الأغلبية الساحقة من المسلحين الذين يحاربون النظام لم يفعلوا ذلك من منطلق الترويج لفكرة الإسلام السياسي، بل فقط للدفاع عن أحيائهم وحمايتها من الآلة العسكرية للنظام. فبعد عقود من الحكم العلماني ما زالت أغلبية قوى المعارضة تصر على دولة مدنية تستلهم المبادئ العامة للشريعة الإسلامية، فيما الجماعات السلفية، تقتصر على أقلية من الشعب مقارنة بدول مجاورة.

وفي الوقت نفسه لا يشكل الجهاديون المسلحون سوى جزء بسيط من المقاتلين الأجانب الذين يتدفقون على سوريا، حيث يواصل العديد من المقاتلين الأجانب دخول سوريا لدعم الثوار من منطلقات التعاطف العربي الذي أحيته انتفاضات "الربيع العربي".

ومع الأسف يساهم عدم التدخل الغربي في صعود الإسلام السياسي والحركات الجهادية ضمن عناصر المعارضة، لاسيما في ظل الشعور السائد لدى السوريين بتخلي العالم عنهم وعدم اهتمامه بمعاناتهم، كما أن الأشخاص الذين قرروا إطالة لحاهم وتبني خطاب إسلامي متشدد إنما يقومون بذلك للحصول على الأموال والتبرعات القادمة من بعض الدول.

لكن رغم تحول المعارضة نحو بعض الراديكالية في مواقفها، يجب أن نعرف بأن الاتجاه مازال يمكن وقفه والتحكم فيه، المهم أن يعترف صناع القرار في الغرب بالحقيقة التي يتهربون منها، وهي أن تأخر التدخل في سوريا من المرجح أن يفتح أبواب الجحيم وعدم الاستقرار في عموم المنطقة.

ففي الوقت الذي تضطرب فيه سوريا، سيجد الجهاديون فرصتهم لاختراق الدول المجاورة. ولعل المثال الأخير في الأردن خير دليل على ذلك، وقد يمتد الخطر إلى دول أخرى مثل تركيا وإسرائيل. لذا، ومن أجل إسقاط الأسد وضمان انتقال ديمقراطي للسلطة، يتعين على الغرب تحجيم نفوذ الثوار الجهاديين، وبالإضافة إلى العمل على رصد القادة المعتدلين في صفوف المعارضة داخل حركة الثوار ومدهم بوسائل الاتصال.

على الغرب تعزيز مكانة الميليشيات المعتدلة ودعم قدراتها القتالية من خلال مدها بالأسلحة المتطورة، ففي هذه الحالة سيميل الأفراد الجدد المنضمين إلى الثوار إلى حلق لحاهم والتخلي عن الأفكار الجهادية لو كان ذلك يعني الحصول على مزيد من الأسلحة مثل صواريخ "ستينجر" المحمولة على الكتف والقادرة على التصدي للغارات الجوية لطيران النظام.

وفي هذا الإطار يتعين على وزيرة الخارجية الأميركية، وهي تتوجه إلى الدوحة في الأسبوع المقبل، ضمن محاولة أخيرة لتوحيد المعارضة السورية، طرح مقاربة جديدة ومتابعتها ليس بالكلمات فقط، بل بالفعل أيضاً، بحيث يتعين على الولايات المتحدة إثبات أنها بديل يمكن للثوار الاعتماد عليه بدل الارتماء في أحضان الجهاديين.

هذا، ويتعين على واشنطن دعم حلفائها المتاخمين لسوريا ومساعدتهم على منع تدفق المقاتلين الأجانب، بما ذلك استخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة الحدود والتعاون الاستخباراتي، كما أن القوات الأميركية الخاصة الموجودة في الأردن لمراقبة الأسلحة الكيميائية للنظام السوري، يتعين توظيفها أيضاً لمنع اختراق الجهاديين للحدود الأردنية.

دانيال نيسمان

محلل بارز في معهد ماكس للحلول الأمنية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«كريستيان ساينس مونيتور»

=================

لبنان: هل التوافق الأميركي الإيراني مستمر؟

تاريخ النشر: الأحد 04 نوفمبر 2012

د. رضوان السيد

الاتحاد

عندما قُتل اللواء وسام الحسن عشية عيد الأضحى بحي الأشرفية في بيروت، بسيارة مفخخة، ثار المسلمون وثارت قوى 14 آذار لعودة الاغتيالات لهذا الفريق. وقد جرت تظاهُرات ثم صدرت وثيقة تدعو لاستقالة الحكومة ورئيسها. وأهم الأسباب المذكورة لهذه المطالبة: سيطرة "حزب الله" على الحكومة القائمة وعلى الأجهزة الأمنية، وانحلال المؤسسات وتآكُلها، وانهيار جهاز العدالة والقضاء، والتبعية للنظامين السوري والإيراني. وقالت قوى 14 آذار إنها ستستمر في التظاهرات والاعتصامات ومقاطعة الحكومة ومجلس النواب إلى أن تستقيل الحكومة، ويجري التفاوُض على حكومة حيادية إنقاذية تجري الانتخابات في الربيع القادم، وتصون ما تبقى من الدولة والمؤسسات.

لقد كان الطريف وغير الظريف أن الغربيين جميعاً وعلى رأسهم الأميركيون وقفوا بقوة مع ميقاتي شخصياً، وطالبوا ببقائه مع حكومته من أجل الأمن والاستقرار، وتجنب الفراغ! وأجابهم السياسيون المعارضون: إن ما نحن فيه بالذات هو الفراغ واستيلاء "حزب الله"، وكيف تزعمون أن الحزب تنظيم إرهابي، ثم تقرون سيطرته على الحكومة والدولة؟! إن مصالحنا الوطنية وإدراكنا لها مختلف تماماً عن مصالحكم وإدراككم، فلا اعتبار لدينا لهذه الدعاوى الدونكيشوتية بحرصكم على الاستقرار القائم على الاغتيالات ونهب المال العام!

إن الأزمة لاتزال مستمرة. ولا يزال أعضاء الحكومة وحلفاؤها (وعلى رأسهم جنبلاط) يدافعون عنها، ويدعمهم السفراء والموفدون الأوروبيون والأميركيون. أما إعلام "حزب الله" فهو "شمتان" براديكاليات 14 آذار التي لا يؤيدهم فيها أصدقاؤهم الغربيون، فما هو السر في هذا الدعم الغربي القوي لميقاتي ولحكومة الحزب؟

إن علينا لكي نفهم خلفيات ذلك، العودة إلى العامين 2009 و2010، حين كان الأميركيون في أوائل أيام أوباما منهمكين في أمرين: تأمين انسحاب الجيش الأميركي من العراق بدون خسائر، وحفظ أمن إسرائيل بحيث يمر العامان 2010 و2011 بدون حروب تضطر الجيش الأميركي للبقاء. ووجد الأميركيون ومفاوضهم فيلتمان، الذي كان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وصار منذ شهور نائباً لأمين عام الأمم المتحدة، أن خير وسيلة لتحقيق الهدفين هي الاتفاق مع إيران. وهكذا وفي عام 2010، وبعد توقيع الاتفاق على الانسحاب من العراق مع حكومة المالكي، جرى الاتفاق مع إيران على التالي: يبقى المالكي رئيساً للوزراء بالعراق رغم أنه لم يحصل على الأكثرية في انتخابات 2009. وترضى الولايات المتحدة عن الأسد وتُعيد سفيرها إلى دمشق، والذي كانت إدارة بوش قد سحبته. وتضمن إيران عدم تحرش "حزب الله" بإسرائيل. ومع أنه ما كان منصوصاً على تولي "حزب الله" للسلطة في لبنان؛ فإن الأسد ونصر الله قررا الانقلاب على حكومة الحريري، والمجيء بميقاتي رئيساً لحكومة الحزب، لأن فيلتمان وجنبلاط ورجالات المصارف يفضلونه على عمر كرامي الذي فكر فيه نصر الله في الأصل.

ومنذ ذلك الحين جرت في النهر مياه كثيرة. فمن جهة شَرْعَنَ ميقاتي استيلاء الحزب وعون على كل شيء. وصارت الأجهزة الأمنية- باستثناء قيادة قوى الأمن الداخلي- تعمل بإمرة "حزب الله"، وتتعاون مع النظام السوري في زعزعة الاستقرار بطرابلس وعلى الحدود مع سوريا بشمال لبنان. ومنح ميقاتي حلفاءه في الحكومة خلال عام ونصف العام 22 مليار دولار من الميزانية المفلسة، وقدم مشروعاً لقانون الانتخابات يُسوِّد "حزب الله" و عون في كل لبنان. وما جرى خارج لبنان كان أفظع: فقد اضطرب الأمر على المالكي بالعراق لهجومه على السنة والأكراد، وقامت الثورة السورية فأسقطت الأسد من توازنات المنطقة. ويبدو أن "حزب الله" الذي يقاتل مع الأسد بسوريا منذ عام، شعر أن الأسد يوشك أن يفقد السلطة، فقرر هو وحلفاؤه تشديد القبضة على لبنان للمرحلة القادمة، وجرى اغتيال اللواء وسام الحسن الذي كشف قبل فترة قصيرة شبكة سوريةً للتفجير بلبنان يقودها الوزير السابق ميشال سماحة.

انسحب الأميركيون من العراق إذن بدون خسائر. وانصرف المالكي إلى العمل لإيران، وعقد أخيراً صفقة تسلح مع روسيا. ولا يكاد يبقى من بشار شيء، فلماذا يعتقد فيلتمان أن ميقاتي وحكومته لا يزالان ضروريين؟ الأوروبيون الذين تحدثنا إليهم يخافون أن يتحرش "الحزب" إنْ غضب بالونيفيل في جنوب لبنان. فيلتمان يخشى على أمن إسرائيل من الحزب. وسابقاً تحرّش الحزب مراراً بإسرائيل تحرشات خفيفة على سبيل الإنذار، لكن فيلتمان الذي يقدم أمن إسرائيل على كل اعتبار، يريد أن تبقى حكومة ميقاتي لحراسة أمن إسرائيل عبر إعطاء الحزب كل شيء لحين إجراء الانتخابات الأميركية الرئاسية، والانتخابات الإسرائيلية البرلمانية، والتأمل بمصائر سوريا! ولا تثنيه عن ذلك أفاعيل المالكي حليفهم السابق بالعراق، وأفاعيل خصمهم السابق الأسد في سوريا، والتي لا مثيل لها ولا شبيه!

ما الذي يمكن فعلُهُ بدون انتظار لهُوامات فيلتمان، وهواجس الأوروبيين؟ ترى قيادات 14 آذار، وبخاصة "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية"، أنه لابد من استمرار الضغط على الحكومة ورئيسها بالتظاهرات والاعتصامات وصولا للعصيان المدني العام، للحيلولة دون استمرار الاغتيالات ودون إقرار قانون للانتخابات يقود البلاد إلى الهاوية.

ما جاء ميقاتي على رأس هذه الحكومة ساهياً أو غافلاً أو طَموحاً فقط. فقد قيل له إنه إن استطاع تحطيم آل الحريري فسيكون زعيماً أوحد للسنّة خلال الأعوام القادمة. وهو سادر مع الحزب وعون على هواهُما في كل شيء، ويذهب إلى أوروبا فيطمئنهم إلى صَون مصالحهم وحماية جنودهم وأمن إسرائيل. وإذا قيل إن الحزب يملك استراتيجية إقليمية ولا تستطيع أن تضمنه، قال لهم: إن الحزب لن يتحرك حقاً إلا إذا شنت إسرائيل حرباً على إيران. وإذا قيل له: لكنك حليف الأسد أو كنتَ كذلك، والأسد آيل للسقوط، فلماذا السماح باستباحة الدولة والمؤسسات، والسكوت على إثارة الاضطرابات في طرابلس وشمال لبنان؟ يجيب: أن "الزعران" في كل مكان، وليس في الجانب السوري و"حزب الله" فقط، ونحن نحاول النأي بأنفسنا عن الأزمة السورية وتداعياتها! وإذا قيل له: لكن الحزب يقاتل في سوريا وأنت لا تستنكر، يجيب: أنّ رئيس الجمهورية استنكر، وما استطاعت الأجهزة والجيش رؤية تحرك من جانب الحزب باتجاه سوريا! وإذا قيل له: لكن الأمين العام للحزب اعترف بذلك، وما سمعنا شيئاً من جانبك أو من جانب وزير الخارجية؟ يجيب: بل نحن نتحدث معهم سراً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولولا صبرنا وحكمتنا لكانت الأمور أفظع بكثير!

عندما اغتيل اللواء الحسن، أظهر ميقاتي انزعاجاً شديداً، وقال إنه يشعر بأن الطائفة السنية مستهدفة، وأن لاغتيال الحسن علاقةً بكشفه لشبكة سماحة، وأنه وضع استقالته بتصرف رئيس الجمهورية. ثم تبين أنه لم يفعل شيئاً من ذلك، وأنه باق في القصر إلى ما لا نهاية! وهكذا فإن الرجل إما أنه مُصر على السير في المؤامرة السلطوية للأمل بالمستقبل حتى بعد بشار، وإما أنه صار رهينةً بأيدي الذين أتوا به، خاصة الأسد ونصر الله، وصديقاه لارسن وفيلتمان كفيلان بالتستر عليه أمام الأميركيين والأوروبيين الذين لا يأبهون لغير أمن قواتهم بالجنوب وأمن إسرائيل.

=================

رأي الراية..اجتماع الدوحة الحاسم

الراية

4-11-2012

يجد أعضاء الهيئة العامة للمجلس الوطني السوري الذين يبدأون اجتماعا حاسما لهم في الدوحة اليوم أنفسهم أمام تحد كبير قد يقرر مصير المجلس ومستقبله خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الأوضاع في سوريا وسيطرة المعارضة المسلحة على مناطق واسعة في البلاد، وهو الأمر الذي يستدعي مقاربة جديدة من قبل المجلس الوطني السوري ومن قبل مختلف أطياف المعارضة في سوريا للتعامل مع هذه التطورات من منطق السعي بكل السبل لحماية أبناء الشعب السوري من القتل والحفاظ على مقدرات الوطن التي يجري تدميرها على يد قوات النظام بشكل ممنهج تحت يافطة "الحرب على العصابات المسلحة".

القضية الأكثر إلحاحا أمام الاجتماع تتمثل بضرورة التوصل إلى صيغة توحد جهود المعارضة السورية بمختلف مشاربها خلف مشروع سياسي ورؤية موحدة تمثل ضمير الشعب السوري الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل حريته، وتمثل مطالب الشعب السوري العادلة بالحرية والديمقراطية والتغير أمام العالم.

ما يجب أن يدركه المجتمعون في الدوحة من أعضاء المجلس الوطني السوري ومن سينضم إليهم من أطراف وأطياف المعارضة السورية أن استمرار خلافاتهم وانقساماتهم وتباين رؤاهم يعود بالضرر على الشعب السوري وعلى القضية السورية، وأن عليهم أن يتوافقوا فيما بينهم لتعزيز وحدة الداخل السوري وترسيخ جذور الثورة الشعبية في وجه نظام لا يعرف إلا لغة الرصاص في وجه المطالبين بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

مشاركة العشرات من قادة المعارضة السورية في الداخل ومنهم ممثلون عن المجالس الثورية في المحافظات ولجان التنسيق المحلية والمجالس الإدارية المحلية حديثة التأسيس في المناطق التي سيطرت عليها المعارضة يعد فرصة حقيقية لأن يكون هؤلاء بيضة القبان من خلال السعي لتوحيد أطراف المعارضة وبلورة رؤية موحدة للخروج بسوريا من النفق المظلم الذي أدخلها إياه النظام السوري.

إن وحدة المعارضة السورية واتفاقها على رؤية موحدة لكيفية الخروج من الأزمة هناك سيسحب البساط من أمام بعض الدول التي تضع العقبات أمام تحرر سوريا من النظام الديكتاتوري القمعي خدمة لمصالحها الخاصة، كما أن وحدة المعارضة وتحدثها بلغة واحدة سيطرح تحديا أخلاقيا أمام المجتمع الدولي المنقسم بشأن سوريا لتوحيد مواقفه واتخاذ إجراءات عملية تحقق الحماية للشعب السوري وتحقن دماء أبنائه.

الشعب السوري الذي قدم التضحيات لكي ينال حريته وكرامته سيتابع عن كثب اجتماعات المعارضة السورية لأن وحدتها وتكاملها سيعزز أداءها السياسي كممثل حقيقي للشعب السوري يحظى باعتراف العالم واحترامه ويعزز وجودها على الأرض السورية كسلطة انتقالية قادرة على توفير الحماية والرعاية والمساعدة من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية الإنسانية في توفير المساعدات الإغاثية والدوائية لأبناء الشعب في مختلف مناطق تواجدهم. إن وحدة المعارضة السورية واتفاقها على إستراتيجية مشتركة لمواجهة عنف وإرهاب النظام يقرب بلا شك ساعة الحرية التي انتظرها الشعب السوري طويلا.

=================

ألغام على طريق الثورة

علي العبدالله()

المستقبل

تمر الثورة السورية بمرحلة دقيقة وحرجة، فالخلاف حولها ليس بين الأطراف المؤيدة للنظام والمؤيدة للثورة فقط بل، وهو الأخطر في اللحظة السياسية الراهنة، ضمن الأطراف المؤيدة للثورة، وداخل صفوف المعارضة ذاتها. فالدول والقوى المؤيدة للثورة غير متفقة لا على الهدف السياسي ولا على طرق ووسائل تحقيقه، ناهيك عن الصراع الخفي فيما بينها على سوريا وقضايا أخرى.

يقود التدقيق في المبادرات المتتالية، الاقليمية والدولية، ازاء سوريا الى وجود حالة ارتباك، على خلفية العجز الذي يعيشه المجتمع الدولي في مواجهة عمليات القتل الوحشي والتدمير الممنهج الذي يقوم به النظام ضد المدنيين السوريين في المدن والبلدات والقرى، فالدول الموالية للنظام (روسيا، الصين، ايران) مازالت تصر على تحقيق مكاسب سياسية باستثمار الصراع الدائر في سوريا عبر دعم النظام بكل الوسائل التي تمكنه من الصمود في وجه الثورة الشعبية، وتتبنى روايته للأحداث، واعتباره ممثلا للدولة بكل مترتباتها من السيادة الى حق احتكار استخدام العنف، وتسعير المواجهة ريثما تنضج مساومتها حول مصالحها في سوريا وخارجها، ومازالت تعتمد الاسطوانة المشروخة ذاتها حول الجماعات المسلحة والدعوة الى وقف تسليحها، والإرهاب، وان لا حل من دون الجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام، والحديث عن قوة النظام وشعبيته قبل ان يضيف السيد لافروف مبررا جديدا للتمسك به وظيفة حماية الاقليات.

الدول "المؤيدة" للثورة، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، مترددة بين خيارين صعبين: التنازل لروسيا، والتنازل للثورة السورية، فهي لا تريد التنازل لروسيا وتحقيق بعض مطالبها في سوريا وآسيا الوسطى والدرع الصاروخي، والموافقة على اعتبارها شريكا في القرار الدولي من جهة ومن جهة ثانية لا تريد للثورة السورية ان تنتصر انتصارا مبينا يجعلها حرة وسيدة قرارها، لما لذلك من تداعيات وانعكاسات على الإقليم، وخاصة على إسرائيل، لا تنسجم مع المصالح الامريكية، وهذا جعل موقفها يتداخل مع الموقف الروسي ويتقاطع معه في الابقاء على النظام، وان مشذبا، لكن من دون النفوذ الروسي والإيراني، وخاصة الايراني.

دفعت صعوبة اعلان تبني الخيار الثاني، في ظل عمليات القتل الوحشي الممنهج التي يرتكبها النظام ضد المدنيين العزل واشنطن الى لعب دور معطل بوضع العصي في عجلات الثورة بذرائع جلها مصطنعة، من تشتت المعارضة الى تواجد تنظيم القاعدة مرورا بمصالح الأقليات. ولما استهلكت هذه الذرائع لجأت الى تأجيل قرارها عبر طرح مبادرات تتعلق بإعادة صياغة المعارضة والثورة في مستوييها المدني والعسكري، على خلفية دفع الاطراف لقبول حل وسط يبقي جزءاً من النظام ويحقق للثورة جزءاً من مطالبها، وخاصة تنحي بشار الأسد، وهذا يفسر الدور الذي يلعبه روبرت فورد سفيرها في سوريا في محاولات استنزاف الثورة وتعقيد التحديات التي تواجهها عبر مباركة ودعم كل الخارجين على المجلس الوطني السوري، وتشجيع كل المبادرات وتبنيها، تلك التي تنطوي على تجاوزه او اضعافه وتبنيها وآخرها الدعوة لتشكيل هيئة المبادرة الوطنية السورية كمدخل لتشكيل حكومة مؤقتة من خارجه، والتي تعني انهاء دور المجلس الوطني السوري، وخلق كيان سياسي جديد. فالخط البياني للمبادرات والتصورات التي دعمها وتبناها السفير فورد تشير بوضوح الى سعيه لعرقلة التطور الحاصل في الثورة لجهة ادراك ضرورة التنسيق والوحدة بين قواها، وعلى كل المستويات، بتبنيه لخيارات وبدائل تعيد الموقف الى المربع الأول، ومن سعيه لإدخال قوى سياسية الى المجلس الوطني السوري بذريعة وحدة المعارضة، وهي لا تقبل موقف المجلس السياسي، للضغط عليه تمهيداً لتغيير مواقفه، الى العمل على فرض تشكيل لجنة المتابعة والاتصال بدور يتجاوز دور المجلس، وآخر هذه الخيارات تشكيل بديل للمجلس الوطني تحت اسم هيئة المبادرة الوطنية السورية، يناط بها تشكيل حكومة مؤقتة، وإطلاق رصاصة الرحمة على المجلس الوطني السوري.

فالتصور الجديد لتشكيل هيئة مبادرة وطنية سورية، في عمومه وتفاصيله، يقود الى استنتاج بوجود توجه لتطبيق النموذج العراقي في سوريا، والذي يقضي بتسليم البلاد لأشخاص ومكونات سياسية هزيلة ليست في صلب الثورة، وإقصاء القوى الحقيقية المعبرة عن تطلعات السوريين. وهذا واضح من بنية التصور حيث لم يكتف اصحاب المبادرة بعدم مشاورة قوى الثورة في الموضوع، بل لم يشركوها في تشكيل الهيئة وقدموا عليها مكونات لم تكن في الثورة، أو كيانات مصطنعة شكلت لتلعب دور حصان طروادة في اختراق المشروع الوطني للتغيير، الذي تبنته الثورة وتجاوز مطالبها وبخاصة إسقاط النظام. لان انتصارها وبلوغها أهدافها يتعارض مع المصالح الأميركية كما أسلفنا، عبر اعتماد حل وسط أو صيغة لا غالب ولا مغلوب تستجيب للمصالح الأميركية. هنا يجب ان لا ننسى دور أطراف في المجلس الوطني والمعارضة في الترويج لهذه السياسات والمواقف، فهي ولاعتبارات شخصية وأنانية تهرول لملاقاة مطالب الدول "الصديقة" علها تنال بعض الفتات، وفرض تشكيل حكومة مؤقتة مع ان المعطيات الواقعية لا تشير الى امكانية تشكيل حكومة مؤقتة، حقيقية، فلا انتصارات الثورة وسيطرتها على اجزاء من البلاد تسمح بإقامة منطقة آمنة تسمح للحكومة بالقيام بدورها منها، والنظام مازال يمتلك قدرات، وله حلفاء يدعمونه بقوة، لعرقلة تنفيذ هذا الخيار، ولا مستوى التنسيق والتعاون بين القوى السياسية والميدانية، عسكرية وغير عسكرية، يسمح بتشكيلها في ظروف صحية، فاحتمال انفجار الخلافات على خلفية تشكيلها شبه مؤكد، ناهيك عن ان ما حصل ويحصل مع المجلس الوطني السوري الآن يستدعي الحذر من التلاعب بموضوع تشكيل حكومة مؤقتة، والتعاطي معها كآلية لإدارة الازمة ما يعني استخدامها كأداة مرحلية ثم رميها في سلة المهملات. فالوضع لم ينضج لتشكيلها بشروط موضوعية ومحددات منطقية، سبق طرحها من قبل إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي وهي:

أ- أن تشكل بتوقيت مناسب عند التأكد من قرب سقوط النظام.

ب - أن تقوم على ارض محررة.

ج - ان تكون قوى الثورة في الداخل الطرف الرئيس في تشكيلها.

د - ان تكون مدتها محددة بسقوط النظام، وعندها يبدأ العمل على تنفيذ برنامج المرحلة الانتقالية، بدءا من عقد مؤتمر وطني جامع، وتشكيل حكومة للمرحلة الانتقالية مهمتها تنفيذ بقية برنامج المرحلة الذي اتفق عليه في مؤتمر المعارضة 2 و 3 تموز 2012 في القاهرة.

و - أن نضمن الاعتراف بها، والتعامل معها من قبل الدول الصديقة على أنها البديل السياسي للنظام.

يشير خيار تشكيل هيئة مبادرة وطنية لتشكيل حكومة مؤقتة، بالإضافة الى ما يحصل على الأرض من ممارسات بخصوص الدعم والتسليح باشراف أميركي، إلى وجود قرار بعدم تمكين الثورة من تحقيق انتصارات ميدانية تسمح لها بكسر توازن القوى الراهن على طريق حسم المعركة، فالتعاطي مع الدعم بالعتاد والمال يشير الى وجود قرار بالتحكم بإيقاع المواجهة من خلال السيطرة على وصول الدعم كما ونوعا وتوقيتا، وهذا بدوره يشير إلى خطة لاستنزاف الثوار، وإنهاكهم باعتماد تكتيك تليين الدفاعات المعروف في الاستراتيجية العسكرية، لدفعهم إلى حافة اليأس والاختيار بين قبول حل وسط او الهزيمة.

تستدعي المصلحة الوطنية، ونجاح الثورة في تحقيق أهدافها في اسقاط النظام، وولوج مرحلة التغيير الديمقراطي، رفض أي هيئة أو تشكيل سياسي فوق المجلس الوطني السوري، وأن لا يخدع المجلس نفسه، أو ينخدع لمروجي المبادرات، ويزعم انه قادر على الاحتفاظ بدوره مع قيام مثل هكذا تشكيل في الوقت نفسه، فالأمران لا يجتمعان، وان يعمل مع قوى المعارضة المنحازة للثورة على دراسة فكرة تشكيل حكومة مؤقتة وإنضاجها وتحديد آلية تشكيلها وشكلها وحجمها والتوقيت المناسب لقيامها، فالموضوع من الاهمية والخطورة بمكان تفرض التعاطي معه بما يستحق من المسؤولية والجدية والحصافة.

() كاتب سوري.

=================

جوبر بوابة الغوطة

صبر درويش

المستقبل

4-11-2012

يتفاخر سكان جوبر، المدينة المتاخمة للعاصمة دمشق من جهة الشرق، وإحدى البوابات الرئيسية للغوطة الشرقية، في أن مدينتهم لم تكف عن المشاركة في ثورة الشعب السوري، منذ منتصف مارس - آذار من العام الماضي، وذلك رغم كل المآسي التي عاشتها المنطقة، من اقتحامات لقوى الأمن والشبيحة الموالية لنظام الأسد، والقصف المستمر على المدينة والذي لم يتوقف للحظة.

قدمت المدينة حصتها من الموت السائد، فزفت أكثر من مئتين وثمانين شهيداً، ومئات المعتقلين، ومثلهم من المفقودين، ورغم كل هذا، لا تزال المدينة مستمرة في صمودها، ومشاركتها الفعالة في ثورة شعبها.

محمود،الشاب الذي صادف أن التقيناه في إحدى المظاهرات، والذي كان خارجاً لتوه من المعتقل، كان واضحاً عليه الإنهاك والتعب، بيد أن روحه المقاتلة، كانت بادية للعيان، بالنسبة له كانت المسألة واضحة ولا تحتاج إلى كثير من الفقه اللغوي، يقول: هم اعتقلوني، وأخضعوني لكل أشكال التعذيب المتوفرة لديهم، وكل ذلك في سبيل إجباري على التراجع عن ثورتنا، بينما موقفي هو أن خسئتم! بدليل وجودي الآن في التظاهرة، المسألة بالنسبة لي باتت شخصية، إما أن يكسروني وإما أن أستمر في المقاومة، وما زلنا في بداية الطريق، يختم ضاحكاً.

لم يوفر نظام الأسد، وسيلة إلا واستخدمها من أجل كسر روح المقاومة في المدينة، وإعادة إحكام سيطرته عليها، قصف المدينة بالمدفعية وبالطيران الحربي، وعندما لم يجدِ ذلك نفعاً، اقتحم أحياءها الآمنة، وشن حملة اعتقالات عشوائية، وارتكب المجازر الجماعية، التي لم تستثنِ أحداً؛ عندما وصلنا رأينا جثثاً من الصعب وصف مشهدها، كانت بمجملها متفسخة بالكامل والكثير منها محروق حتى لم يبقَ شيء من ملامحها، إحدى النساء تعرفت على جثة زوجها، من قطعة قماش كانت متبقية على جثته، وعائلة من سبعة أفراد لم يبقَ منهم سوى أشلاء جمعت على عجل في كيس ووضعت في أحد القبور. كل شيء يثير السخط في هذه المعادلة، فحجم الجريمة وتفاصيلها، أكبر من ان تحيطه اللغة السائدة. ابو لؤي، وهو واحد من أبرز الناشطين في المدينة، قابلناه مصادفة في مقبرة المدينة، كان يقرأ الفاتحة على قبر أخيه الذي استشهد قبل فترة قصيرة، سألنا مبتسماً: تريدون أن تسمعوا حكايا شهدائنا؟ اتبعوني إذاً.

كان لدى أبو لؤي أرشيفاً مرعباً لصور الشهداء، وأسمائهم وتفاصيل مقتلهم، وفي المكان الذي يكرم فيه الشهيد قبل أن يدفن، روى لنا تفاصيل كل تلك الأحداث، غادرته ابتسامته، وبدا متوتراً، كانت رائحة الموت تعبق بالمكان، فقبل ساعات كان قد كفن إحدى الطفلات التي سقطت برصاصة قناص، كان حزيناً، فما رآه، وهو الحرفي الذي لم يكفن جثة من قبل، من الصعب نسيانه.

هل نبالغ فيما نروي؟ في الحقيقة نحن لا نسوق سوى القليل القليل مما حدث ويحدث في مدينة جوبر، المدينة الواقعة على تخوم الغوطة، والتي تضم العديد من فئات المجتمع السوري. وهو شيء سعى نظام الأسد للعب عليه، عبر إثارة فتن طائفية تحرف الثورة عن مسارها. ما توصلنا إليه عبر تحقيقنا، هو أن قوات الأمن قامت ببعث رسائل تهديد لكثير من الأسر المنتمية لطوائف أخرى تقطن في المدينة، وتطلب منها الخروج من المدينة، وهو الشيء الذي أثار لغطاً كثيراً، بينما أهل المدينة براء من هذا السلوك ونفاه أغلب الذين التقيناهم، حيث أكدوا على استمرار الكثير من العوائل في العيش داخل المدينة بسلام ومن دون أن يعترض سبيلهم أحداً.

وأياً يكن من امر تلك الادعاءات، فإن التظاهرات الحاشدة التي تخرجها المدينة بتنوعها السكاني، تثبت بما لا يدعو إلى الشك، أن ثوار جوبر لم تنطلِ عليهم ألاعيب النظام وأبواقه. وهو فشل إضافي يضاف إلى فشل النظام في قدرته على احتواء ثورة الشعب السوري.

فعلى الرغم من كل الدمار المحيط بالمدينة، ورائحة الموت المنتشرة في كل أنحائها، إلا أن ثوار جوبر لا يبدون تهاوناً أو تراجعاً في حراكهم.

يخرجون في تظاهرات حاشدة، يهتفون للحرية وللوحدة الوطنية، ينشدون أغاني الفرح، ويؤكدون حتمية انتصارهم، ويكتبون على لافتاتهم الشهادة أو النصر، في إشارة واضحة إلى صمودهم الذي لا يلين، وفي خيارهم الذي حسم أمره.

=================

نجونا من الهدنة.. بقي أن نتفاءل بالحرب!

عمر قدور

المستقبل

4-11-2012

كما هو متوقع أثبتت هدنة الإبراهيمي فشلها في سوريا، ولم ينخفض منسوب أعمال القتل والقمع الذي تمارسه قوات النظام، ربما باستثناء الفراغ الذي خلفه ضباطها وعناصرها الذين استحقوا أيضاً إجازات العيد على أدائهم، ولم يفلح زملاؤهم المناوبون في تزجية الفراغ بالحصة اليومية المعتادة من الضحايا. مع ذلك لم تتوقف وسائل الإعلام عن الإشارة إلى الخروقات التي تعرضت لها الهدنة، بل انقلبت وسائل إعلام النظام على ذاتها، وبدلاً من الأخبار التي لا تتوقف عن إنجازات قوات النظام في ملاحقة "الإرهابيين" وإبادتهم، راحت تبث أخباراً عن هجوم هنا أو هناك تشنه "العصابات المسلحة" على تلك القوات الوادعة المسكينة!

ما يزيد على الأربعمائة قتيل في أربعة أيام؛ لعلها الهدنة الأقسى والأكثر كلفة عبر التاريخ، هذا إن لم نتوقف عند كونها سابقة من نوعها أن يعلن نظامٌ الهدنةَ على شعبه، بعد أن سجّل سابقة بإعلانه أن العدو في الداخل، أي أن عدوه هو شعبه الذي حاز تسمية "العصابات المسلحة"! إذاً كان من المستغرب أصلاً أن يقبل النظام بهدنة مع العصابات المسلحة، فهذه خيانة لواجباته أمام شبيحته ومواليه؛ لكن، وبما أنه لم يعتد على إقامة أي وزن لقدراتهم العقلية، فقد كان من السهل عليه أن يضرب بعرض الحائط هذه المحاكمة العقلية البسيطة، والتي سبق أن روّج لها بوصفها جوهر ديمومته. لذا، وكتعويض عن السلامة العقلية المهدورة، كان ينبغي مراعاة غرائز الجمهور، فالموالون قد ألفوا شبيحتهم المتعطشين للدماء، وعلى ذلك لا بأس بالهدنة إن أتت ملطخة بها، بل لعل ذلك يبلغ مدى العبقرية التي تُدهشهم حقاً، وتزيد من تراصهم خلف قيادتهم الحكيمة!

لم يتفاءل السوريون عامة بالهدنة، فهم خبروا أكاذيب النظام جيداً، ويعرفون أن موافقته عليها لا بد أن تكون مفخخة. المستغرب من قبلهم كانت تلك الرغبة الدولية في أن يصدق النظام هذه المرة، على الرغم من التجارب المريرة للمجتمع الدولي معه، إذ ليست بعيدة بعدُ أعمال القتل والتنكيل التي مارسها تحت أبصار المراقبين الدوليين الذين تم سحبهم مع فشل خطة كوفي عنان. هكذا تضاءلت الجهود الدولية إلى حد أن تكتفي بالمطالبة بأربعة أيام خالية من القتل؛ ليس مهماً أن النظام سيستمر في إبادة السوريين فيما بعد، أو أن الفرصة متاحة أمامه لتعويض ما يفوته في الهدنة المنشودة؛ هي أربعة أيام يُفترض أن يسعد بها السوريون ويعدّونها عيداً، فقط لأنهم سيكونون في أثنائها بمنجى من الإبادة، فقط لأن الوساطة الدولية أفلحت في تأجيل قتلهم لساعات معدودة ليس إلا.

مع ذلك لم يكن تأجيل قتل بعض السوريين بالأمر السهل، فقد تطلب ذلك جولات من المبعوث الدولي، وربما مساومات حول الحد المقبول من الإبادة اليومية، وأولاً وأخيراً تطلبت الهدنة موافقة ضمنية وتمنيات علنية من طهران وموسكو، ليخرج النظام بمظهر من يقدم هدية العيد لحلفائه. فالهدنة لو تمت فعلاً لم تكن غايتها حقن بعض الدماء، بل منح مسحة أخلاقية للمجرمين الدوليين الذين يُقتل السوريون يومياً بأسلحتهم وعتادهم، من أجل هذا فقط بدا أن النظام قد يكون مستعداً ليجافي طبيعته الدموية، من أجل خاطر أولئك المجرمين الدوليين الكبار، بدا أن كذبة الهدنة قد تنطلي بأقل قدر من الخسائر، لكن هذا الاحتمال كان ليتبدد بدوره أمام الشراكة التامة لتحالف الإجرام، وربما لم يكن وارداً أصلاً إلا من قبيل اليأس المطلق لا التمني الجدي.

لا معنى في الأصل لهدنة العيد إلا لمن يفترض، بسطحية، أن السوريين قادرون حقاً على بهجة العيد. مثل هذا الافتراض لا يدرك حقيقة العيد الذي ينتظره السوريون منذ عشرين شهراً، والذي يتخلص بكلمتين هما إسقاط النظام. لا يملك السوري ترف المهادنة في مطلبه هذا، مثلما لا يملك النظام خياراً آخر سوى المضي بالقتل حتى نهايته، وفي الواقع لم يمنح النظام السوريين هدنة من القمع طوال أربعة عقود، وكان مشروع الإبادة التي ينفذها اليوم سيفاً مصلتاً على رقابهم بلا هوادة، وعندما أسفر عن وجهه الدموي الوحشي بات متعذراً العودة إلى الهدنة المصطنعة فيما قبل الثورة. الهدنة تقوم بين طرفين متحاربين، وتقتضي في حدها الأدنى أخلاق المتحاربين، أي أنها تقتضي أخلاقاً تُمارس في الحرب أيضاً، وهذا ما يعجز عنه النظام، وسيكون من الشطط مطالبته بما يخالف جذرياً طبيعته.

هي الحرب إذاً؛ هذا هو الخيار الذي دُفع إليه السوري، وتكالبت الظروف والقوى الفاعلة لتجعل منه خياراً وحيداً. هي الحرب التي يخوضها السوري، ويقابلها النظام بالإجرام، فنحن لسنا أبداً أمام طرفين متحاربين. ثمة طرف يحارب، ويتحلى بأخلاق المحاربين؛ طرف يمتلك النزاهة ويحدد أهدافه بوضوح، طرف لا يبتغي القتل إلا إن اضطر إليه، وفي المقابل ثمة طرف آخر لا يملك هدفاً سوى الإبادة والتدمير. نعم، هي حرب السوري على نظامه، لكنها ليست أبداً حرب النظام، لأن الأخير لا يملك حتى مشروعية الحرب؛ هو بالأحرى فاقد الأهلية إلى حد لا يصلح معه أن يكون طرفاً في صراع، ولئن استبق الآخرين في إعلانه أنه في حالة حرب على شعبه، فذلك لا يضعه في مرتبة المحارب، لأن أقصى ما يطاله أن يكون مجرم حرب.

هكذا لم تكن كذبة الهدنة سوى مكسب للنظام، لا لأنه استمر في ممارسة القتل كما كان يفعل خارجها بل لأنه حاز معنوياً على صفة الطرف المحارب. وهي صفة بات يسعى إليها ليبرر جرائمه القديمة والجديدة بحق السوريين، وأيضاً بحق جيرانهم. على ذلك يأتي تصريح الإبراهيمي عن حرب أهلية في سوريا، بمثابة اعتراف بأهلية النظام كطرف فيها، ومع أن الأخير نفى إعلامياً وجود حرب أهلية في سوريا إلا. أن هذا يدخل في باب الدجل السياسي ليس إلا، فالصورة التي حاول تكريسها منذ بداية الثورة، كحامٍ للأقليات، لا تعني في الواقع سوى محاولته تكريس نفسه كطرف في الساحة السورية بعد أن أفقدته الثورة شرعيته الأخلاقية والسياسية.

من حيث الأساس لا ينتظر السوريون وسيطاً دولياً أو عربياً يستعطف النظام ليقلل من عدد الضحايا، فالمسألة السورية لم تكن يوماً عند هذه العتبة، وهم لم يثوروا ليحصلوا على الحق في الحياة الذليلة على أنقاض بيوتهم ومنشآتهم وتاريخهم. إن فكرة الوساطة بحد ذاتها تمنح الغطاء الذي ينشده النظام، وتشرعن الإجرام كوسيلة للكسب السياسي، ما دامت غير مبنية على إرادة دولية لتحويل الجناة إلى العدالة. نعم، قد تحقق الوساطة هدفها، إن كانت على المدى البعيد تبتغي زرع اليأس في نفوس السوريين، وإذا ما قُيّض للنظام البقاء حتى ذلك الأمد. بخلاف هذا التطلع إلى الخارج؛ لا شيء يتغير فعلياً على الأرض، فالثورة مستمرة في استنزاف قوى النظام، والذين يشعرون بالخذلان من المجتمع الدولي لا يشعرون به إزاء المجتمع السوري الذي يعيش حالة حرب حقيقية. في الواقع لم ينتظر السوريون من الهدنة أن تشكل انعطافة في مسيرة الثورة، وكان جلّ همهم أن ينجوا منها بأقل الخسائر، ولم يتبقَّ للناجين سوى التفاؤل بأن تُحسم حربهم بأقل الخسائر البشرية، مع التأكيد على أنها الحرب الأفظع لأنهم لا يواجهون طرفاً محارباً بالمعنى المعتبر للكلمة.

=================

لماذا تُرك الشعب السوري وحيداً؟

عمر كوش

المستقبل

4-11-2012

منذ بدايات الثورة السورية، كنا في جلساتنا شبه الدورية، التي تضم مجموعة واسعة من المثقفين السوريين والناشطين، نتناقش ونتجادل في أن النظام السوري لا يمكنه أن يتوغل في أعمال العنف والتدمير، مثلما فعل إبان بداية ثمانينات القرن الماضي، نظراً لاختلاف ما يحدث اليوم عما حدث بالأمس، ولاختلاف الظروف الدولية، وتغاير التحالفات والتوازنات، وسوى ذلك.

وذهب مراقبون كثر إلى القول بأن النظام السوري لا يمكنه أن يكرر ما ارتكبه من مجازر في حقبة ثمانينات القرن الماضي، وأنه لن تكون هناك "حماة" ثانية، بالنظر إلى أن ما يحدث اليوم مختلف عما حدث في تلك الأيام، حيث أن الشباب السوري يقوم بثورة، يدعمها غالبية السوريين، وهي لا تقتصر على مدينة أو اثنتين، ولا على حزب أو مجموعة أو جماعة بعينها، بل تشمل مختلف أطياف الشعب، وإن شاركت في حراكها بنسب مختلفة، وامتدت إلى معظم مدن وبلدات ومناطق سوريا، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وبدأت سلمية، تطالب بالحرية والكرامة والعدالة.

وما يدعم القول باختلاف اليوم عن الأمس هو تطور وسائل الاتصال، وبشكل لا يسمح لأحد التستر على جرائمه، فهناك الفضائيات التي تنقل الأحداث لحظة وقوعها، وهناك الأقمار الصناعية التي تصور بدقة عالية جميع التحركات على الأرض، وهناك التويتر والفيس بوك وكاميرات الهاتف المحمول، التي وظفها الشباب السوري في تصوير وتوثيق ونشر كل الأحداث والانتهاكات، وبالتالي اعتقد كثيرون أن هذا التطور في وسائل الاتصالات والمعلومات سيدفع المجتمع الدولي للتصدي لانتهاكات النظام ولوقفه عن الإمعان في نهجه، حماية للسلم ولحقوق الإنسان التي أقرتها كل الهيئات والمؤسسات الدولية.

لكن الخلاصات، التي كان يشاركنا بها العديد من المتابعين والمهتمين بالشأن السوري، ضرب بها النظام عرض الحائط، في ظل صمت المجتمع الدولي، إذ إن الانتهاكات بحق السوريين اعتبرتها أكثر من منظمة دولية جرائم ضد الإنسانية، تحدث على مرأى العالم ومسمعه، ولم نسمع من ساسة الدول الكبرى سوى تصريحات من دون أي عمل فاعل أو تهديد، يمكنه أن يردع النظام ويوقفه عن نهجه العنيف.

ولا شك في أن ساسة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا والدول الأخرى، يعرفون جيداً ممارسات هذا النظام، وعلى علم بأنه يتلقى الدعم المباشر من طرف إيران وروسيا وحزب الله اللبناني وأطراف عديدة في العراق، ويمدونه بالرجال والسلاح والمال، ويدافعون عنه في جميع المحافل الدولية، حيث استخدم الروس والصينيون الفيتو ثلاث مرات لإفشال صدور أي قرار يدين أعمال النظام. لذلك من المخجل أنه بعد أشهر عديدة من القتل اليومي، لم يفعل الساسة الغربيون سوى إطلاق تصريحات فارغة المضمون، في سعي منهم لإدارة الأزمة، وعدم بذل جهد كافٍ للبحث عن أي حلّ يجنب السوريين التكلفة الباهظة، التي يدفعونها يومياً، لذلك نجدهم يصرون على أن الحل في سوريا هو حلّ سياسي، من دون بذل أي فعل يحقق هذا الحل المنشود، ويكررون كلامهم ذاته في وقت أغلق فيه النظام كل أبواب السياسة مبكراً، واعتمد نهجاً أمنياً وعسكرياً لا يجيد سواه.

وبات العديد من السوريين يعتقدون أن ما يظهر على أنه انقسام دولي بين محورين، أحدهما داعم للنظام تقوده روسيا وإيران والصين، وآخر داعم للثورة تقوده الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، هو في حقيقة الأمر انقسام شكلي لا أكثر، وأن صفقة ما أو اتفاق، أبرم بين الفاعلين الأساسيين في كلا المحورين.

وفي مطلق الأحوال، يبدو أن هناك توافقاً دولياً بخصوص التعامل مع الأزمة السورية، يرتكز إلى مبدأ عدم الحسم، يؤكده سير التطورات والمواقف الدولية، وتعرجاتها، وتباين وتيرتها منذ أكثر من عام ونصف إلى يومنا هذا. وينهض جوهره على عدم الاستعجال في الحسم، والتعامل مع الأزمة وفق متطلبات إدارتها، بوصفها صراعاً أهلياً بين طرفين، لجأ كلاهما إلى استخدام العنف للقضاء على الطرف الخصم. وفي ذلك تجنٍ كبير على الثورة السورية، التي يشهد العالم بأجمعه على أنها بدأت سلمية، وكانت شديدة الطهورية، وأخلاقية بامتياز، لكن تغّول النظام في أعمال العنف، دفع قسماً من شبابها ومن أفراد الجيش إلى حمل السلاح، دفاعاً عن النفس وعن المدنيين السوريين.

غير أن السؤال الذي يحرق أنفاس السوريين يطاول الأسباب التي جعلت القوى الدولية تتوافق على ترك النظام السوري يفعل ما يريد بشعبه، ولماذا لجأت الدول الغربية إلى طمأنته، من خلال تكرار كلام مسؤوليها العلني حول عدم وجود نية لديها في التدخل العسكري، بمعنى يُفهِم النظام بأنه مهما فعل من انتهاكات، لن تكون هناك قوة دولية تردعه. إضافة إلى اعتراف قادة المحورين الدوليين بدور كل منهما في التعامل مع الأزمة السورية، لذلك أيد ساستهما خطة كوفي أنان، التي ولدت ميتة على يديهما، ويؤيدان اليوم مسعى الأخضر الإبراهيمي، ولا يكفان عن عقد الاجتماعات أو المشاركة فيها ودعمها، إلى جانب دعم مختلف المبادرات التي تطلق على كل المستويات الدولية والعربية، بالرغم من معرفتهما الأكيدة بعدم جدوها في وقف القتل اليومي للشعب السوري. ولعل كل هذه المبادرات والاجتماعات والمهمات التي طرحت، كانت تمنح النظام السوري المزيد من الوقت للمضي في نهجه.

ويبدو أن لدى كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإيران، ومن دار في فلك هذه الدول، مصلحة ودوافع مشتركة في دمار سوريا، وجعل الأوضاع فيها تسير نحو التعفن والتفكك والدمار، وذلك من منطلق الحرص على الاستقرار في المنطقة. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فهي تتذرع بحسابات داخلية، تدخل في صلبها الأزمة المالية والاهتمامات الانتخابية، وتتذرع كذلك بالخصوصية السورية، المجسدة بالتنوع المذهبي والديني وانقسام المعارضة وسوى ذلك. وتتفق هذه الدول مع روسيا في عدم السماح لمفاعيل وإرهاصات الأزمة السورية بالامتداد إلى دول الجوار وتأثيراتها الإقليمية، لكنها تخفي جميعاً حسابها الأساس، المجسد في أن أي تغير في سوريا أو سواها من دول المنطقة، لا يضمن أمن إسرائيل، لن تسمح في حدوثه إن استطاعت، حيث أن اللوبي الإسرائيلي قوي في كل من روسيا والولايات المتحدة، وله تأثير كبير على صناع القرار في كلا الدولتين، ومعروفة المقولة الإسرائيلية التي تفسر موقفها، والقائلة: "عدو عدوي، ليس بالضرورة صديقي".

وبرز في الفترة الأخيرة، عامل جديد، يسهم في التوافق الأميركي والروسي حيال الأزمة السورية، وهو تنظيم "القاعدة" والجماعات الجهادية، حيث لم تخف روسيا من إظهار تخوفها من أن سقوط النظام سيسلم سوريا إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهو ما يشكل خطراً على المنطقة وعلى دول الاتحاد الروسي وعلى العالم، حسب الزعم الزائف لساستها. بينما تريد استخبارات الولايات المتحدة الأميركية أن تحول سوريا إلى ساحة لجذب تنظيم القاعدة ومعه سائر الجماعات المتطرفة، كي تصفي حساباتها معها.

وبصرف النظر عن التوافق الدولي، وعن مدى تحققه الفعلي، فإن الثوار يعرفون جيداً أنهم يواجهون أعتى نظام ديكتاتوري قمعي في الشرق الأوسط، وأن حراكهم، المتعدد المركبات والفعاليات، هو الفاعل الأساس في إنهاء الأزمة السورية، والأهم هو أن حسابات الدول وتوافقاتها مختلفة تماماً عن حساباتهم، لذلك، لن يتوقفوا حتى يبلغوا مرادهم.

=================

عبثيات أحمد جبريل في سوريا * ياسر الزعاترة

الدستور

4-11-2012

تقول الإحصاءات أن رقم الضحايا بين الفلسطينيين في سوريا قد تجاوز الخمسمائة من بينهم نساء وأطفال. ولو أخذنا الأمر بالنسبة والتناسب، فسنجد أن نسبة الضحايا من الفلسطينيين كبيرة، وإن لم تبلغ نسبتهم بين السوريين.

في الأيام الماضية عاد ملف فلسطينيي سوريا إلى الواجهة من جديد إثر اشتباكات في مخيم اليرموك بين فلسطينيين من جماعة أحمد جبريل وعناصر من الجيش الحر الذي بادر بدوره إلى تشكيل مليشيا من الفلسطينيين المؤيدين للثورة من أجل السيطرة المخيم وطرد أنصار النظام من جماعة جبريل.

خلال الشهور الماضية تعرض المخيم الذي لم يعد للفلسطينيين وحدهم بعد توسعه لعدد كبير من الهجمات والاقتحامات والقصف الجوي والبري خسر على إثرها أعدادا كبيرة من الضحايا، الأمر الذي ميزه عن كثير من المخيمات الأخرى التي نجحت فيها إلى حد ما سياسة الحياد بين الطرفين.

في الاشتباكات الأخيرة حصل المؤيدون لأحمد جبريل على دعم لوجستي كبير من الجيش النظامي في مواجهة الثوار، فيما يعلم الجميع أن إمكانات الرجل جد محدودة، هو الذي يتزعم فصيلا صغيرا لديه بعض الكوادر المتفرغين الذين يُستبعد أن يكونوا قادرين على فعل الكثير.

الأرجح أن كثيرا من المقاتلين الموالين لجيش النظام لا صلة بهم بجبريل، وأنهم يُدارون من قبل المؤسسة الأمنية والعسكرية السورية، وليس في هذا الكلام تبرئة لرجل وضع نفسه في خدمة النظام وداعميه، وفي المقدمة منهم إيران، لكنه التقدير الواقعي لفصيل هامشي الحضور في الداخل والخارج.

يحدث ذلك من طرف النظام على ما يبدو من أجل كسب البعد الرمزي للقضية، هو الذي سعى على الدوام إلى استثمار قصة المقاومة والممانعة في حشده ضد الثورة والثوار، وبالطبع عبر تصوير ما يجري بوصفه مؤامرة على سوريا بسبب مواقفها وليس ثورة على غرار ثورات الربيع العربي.

الذي لا خلاف عليه هو أن الفلسطيني في سوريا كان يعيش خلافا للحال في لبنان وضعا معقولا من الناحية المعيشية، إذ لم يكن ممنوعا من ممارسة أي نوع من المهن، بما فيها العمل في المؤسسات الرسمية.

لكن الفلسطيني أيضا ليس بعيدا عن التأثر بالأجواء العامة في البلاد وفي المحيط، لاسيما بعد أن دخلت الثورة السورية في منعطفات الفرز الطائفي، فضلا عن قناعته كإنسان بأن الثورة لم تكن ضد المقاومة والممانعة، بقدر ما كانت ثورة من أجل الحرية والكرامة.

على هذه القاعدة كان الانحياز النفسي واضحا لصالح الثورة والثوار، لكن ذلك لم يؤد إلى انخراطٍ واسع النطاق في فعالياتها، وبالطبع نظرا للحساسيات المعروفة، والتي تجعل أي مشارك في الثورة من الفلسطينيين أكثر استهدافا من سواه، إذ سيصوره النظام بوصفه ناكرا للجميل، لكأنه جميل النظام وليس الشعب الذي احتضن فلسطين، تماما كما احتضن لاجئي حرب تموز 2006 من دون النظر إلى أي بعد مذهبي، حتى عندما كان يسمع بعض الاستفزازات المذهبية بأذنيه كما قال كثيرون.

الذي لا شك فيه أن هناك عددا لا بأس به من الضحايا الفلسطينيين قد شاركوا في القتال إلى جانب الثورة، رغم أن معظم الشهداء لم يكونوا مشاركين في القتال، بل أصيبوا جراء القصف المتواصل على المخيمات، وتحديدا مخيم اليرموك.

لم يكن بوسع أحد لوم الفلسطينيين على حيادهم في الثورة، لكن مواقف أحمد جبريل وجماعته وبعض رموز الفصائل الفلسطينية الأخرى ذات الصلة بالنظام كانت مستفزة بما تنطوي عليه من إساءة أخلاقية، ولو سكتوا لكان بالإمكان الحفاظ على مبدأ الحياد.

أما وقد تورطوا فقد كان طبيعيا أن يحدث الفرز، وكان متوقعا أن يخرج من بين الشبان الفلسطينيين من يقف في المعسكر الآخر على أسس مختلفة، من بينها البعد الديني، وحيث يشعر الفلسطينيون بأن هذه الثورة تحظى بتأييد معظم أبناء الأمة وعلمائها، فضلا عن الفصائل الفلسطينية الكبيرة ومنها حماس وفتح، وإن تحفظت في مواقفها بعض الشيء.

هي إذن جريمة الذين رقصوا على إيقاع النظام وآلته الإعلامية والعسكرية، وفي مقدمتهم أحمد جبريل الذي ختم حياته بهذا الموقف البائس ضد شعب ثائر خرج يطلب الحرية والكرامة. شعب لم يكن يوما إلا محبا لفلسطين، منحازا لها ولشعبها على أساس مبدئي وليس على قاعدة المصلحة كما هو حال النظام.

التاريخ : 04-11-2012

=================

سوريا.. ضبابية الرؤية وغياب التوافق

رأي البيان

التاريخ: 04 نوفمبر 2012

البيان

سوريا.. ضبابية الرؤية وغياب التوافق رؤية ضبابية تكتنف صورة المشهد في سوريا، نظام استنفر كل قواه نظامية وغير نظامية في استهداف ما على ظاهر الأرض، ومعارضة تحاول بكل ما أوتيت من قوة إسقاط نظام لا يزال متشبثاً بالبقاء، وجوار لم يستطع سوى إيواء بعض من لجأوا إليه هرباً من جحيم الداخل، وقوى كبرى تتناوشها الانقسامات وتباين الأجندة، ومنظمة دولية لم تستطع حتى الآن إثبات مسؤوليتها عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، ومبعوث عربيٌ أممي لم يجد بعد فشل «هدنة العيد» بداً من الترحال بين العواصم أملاً في فعل شيء.

ولعل الخاسر الأكبر من هذه المعادلة متشابكة الخيوط هو الشعب السوري الذي هدّت قواه نيران القصف أرضاً وجواً، فدفع من دماء أبنائه فوق الثلاثين ألف قتيل، فيما هام ما يقارب المليون شخص على وجوههم نزوحاً في الجوار العربي وغير العربي في مخيّمات على الرغم من افتقارها إلى حد ما لمقوّمات البقاء الإنساني إلّا أنها تبقى خياراً بديلاً غير معروف مداه، فيما طفق ملايين السوريين نزوحاً في الداخل إلى مناطق أقل موتاً، في مشهد لا يزال يستصرخ ضمير العالم الذي لم يقف في أزمة من أزمات العالم المعاصر كما وقف عاجزاً عن إنهاء فصول مأساة تقترب من بلوغ عامين.

ولعل الذي يجعل من الأزمة السورية شديدة التعقيد انعدام الأفق السياسي للحل مع فشل كل محاولات التطويق الدبلوماسي، وعدم مقدرة أي من الطرفين من إنهاء الصراع لصالحه حتى الآن على الأقل، مع التدخّلات الإقليمية والدولية في الصراع عبر دعم واضح يتلقاه النظام السوري من تسليح متطوّر.

ويبدو أنّ الأفق القريب يشير إلى تعقيد أكبر للأزمة السورية وانتقالها ربما إلى حرب إقليمية كما بدأت بوادر ذلك في عدة أماكن، أمرٌ يستدعي من الكل لاسيّما القوى الدولية فضلاً عن المحيط الإقليمي التوافق وبأسرع وقت ممكن على قواسم مشتركة إنسانية قبل أن تكون سياسية تنهي معاناة السوريين وتعيد أمن المنطقة المضطرب.

================

حين تتحدث أميركا عن اختطاف الثورة

جلال عارف

التاريخ: 04 نوفمبر 2012

البيان

هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها أميركا الرسمية عن "خطف ثورة" عربية. الحديث جاء علي لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والثورة السورية كانت المقصودة. كانت المسؤولة الأميركية تؤكد ضرورة الوقوف ضد الجهود التي يبذلها المتطرفون لاختطاف الثورة في سوريا. وتطلب من المعارضة أن تقاوم هذه المحاولات وتشير إلى معلومات تثير القلق حول متطرفون يتوجهون إلي سوريا ويعملون علي تحويل مسار الثورة لصالحهم.

ومع الحديث عن "اختطاف الثورة" كان الحديث أيضاً عن ضرورة تجاوز دور المجلس الوطني السوري وجلب أولئك الذين يقاتلون في الخطوط الامامية ليكونوا هم مقدمة المعارضة التي يجب أن تشمل الجميع .

هذا الموقف الأميركي كان معروفاً من مدة، ولكن الإعلان عنه بهذه الطريقة الحاسمة وتوقيت هذا الإعلان هو الجديد. لقد كان واضحاً أن تزايد وجود الجماعات المتطرفة والخشية من سيطرتها علي الوضع في سوريا أدى إلى تراجع الحماس الأميركي لإنهاء الوضع هناك، ومعه تراجع اطراف إقليمية أخرى في مقدمتها تركيا. وأصبح الرهان هو على استمرار معارك الاستنزاف لفترة طويلة دون حسم، انتظاراً لتسوية سياسية مع روسيا والصين، وهي تسوية لن تتم إلا بضمان عدم وقوع سوريا في يد التطرف.

السؤال هنا هل تقتصر الرسالة على سوريا؟ أو بمعنى آخر، وماذا عن اختطاف الثورة في أقطار عربية أخرى، والذي تم تحت سمع و بصر واشنطون، وربما تحت رعايتها وبدعمها ؟!

فلم يعد سراً ، أن القرار الأميركي بعد اندلاع الثورة فيما عرف ب"الربيع العربي" كان هو فتح الطريق لتسليم السلطة إلي جماعات وأحزاب الاسلام السياسي وفي مقدمتها "الاخوان المسلمون" في مصر، و"النهضة" في تونس . وكلينتون نفسها هي التي أعلنت بوضوح الانحياز الأميركي لهذا الاختيار مبررة هذا بأن واشنطن ستدعم هذه الجماعات مادامت لم تلجأ للعنف أوالإرهاب.

وكاشفة عن محادثات تتم منذ سنوات بين واشنطن وهذه الجماعات. وكان التقدير الأميركي أن هذه التيارات الاسلامية المعتدلة سوف تضمن استقرار المنطقة وبالتالي الحفاظ على مصالح أميركا وحلفائها، وكان المثال هو ما تم إعلانه عن التزام الاخوان المسلمين في مصر بتعهدات في مقدمتها الحفاظ على العلاقات مع اسرائيل والالتزام الكامل بالمعاهدة معها، وكذلك بتسهيلات المرور في قناة السويس للقوات الأميركية، وبعدم تغيير منظومة تسليح الجيش المصري التي تعتمد أساساً على السلاح الأميركي.

لكن التطورات بعد ذلك فرضت على الإدارة الأميركية أن تراجع موقفها، في ليبيا تحولت البلاد إلى ساحة للميلشيات المسلحة والجماعات المتشددة، وفي تونس تصاعدت شكاوى التيارات المدنية بمن فيها رئيس الجمهورية المرزوقي من محاولات الهيمنة من جانب "حركة النهضة".

وفي مصر، حيث كان الرهان الأكبر على نجاح الاخوان المسلمين في تقديم تجربة لحزب اسلامي معتدل ومنفتح على العالم، يسير الوضع في طريق بالغ الخطورة. فالدولة المدنية تتآكل والانقسام الحاد في المجتمع يتزايد، والجماعات السلفية التي خرجت للعمل العام بعد الثورة تنتشر وتتوسع، والمهادنة مع السلفيين الجهاديين الذين صدرت قرارات بالعفو عن المسجونين منهم وفتحت أمامهم أبواب العمل السياسي لم تفلح في محاصرة الاتجاه إلى العنف والتطرف.

وما بدأ بحوادث طائفية ومحاولات لقهر المرأة، ينتهي الآن بتحويل سيناء إلى مستوطنة للجماعات السلفية الجهادية التي تتبنى فكر "القاعدة" من داخل مصر أو من خارجها. ثم يحدث ما توقعناه سابقاً من انتقال هذه الجماعات للعمل من الحدود إلى القلب، ولا شك أن نجاح السلطات المصرية أخيراً في ضبط الخلايا الإرهابية وهي تستعد لسلسلة من التفجيرات الإجرامية في القاهرة، يعطي مؤشراً لمدى ضراوة المعركة مع هذه الجماعات ، فهل أدركت أميركا فشل رهانها؟

ربما يكون من المبكر إصدار هذا الحكم، ولكن حديث كلينتون عن "اختطاف الثورة" في سوريا، لابد أن يرتبط ب"اختطاف الثورة" في غيرها من الأقطار العربية. ولكن علينا هنا أن نقول إن واشنطن ستقيس الأمور وفقاً لمصالحها هي وليس لمصالح الشعوب العربية. ويبدو أن الإخوة القابضين على السلطة في بعض أقطار الربيع العربي يدركون ذلك جيداً، ولا يتوقفون عن رسائل الطمأنة للشريك الأميركي، خاصة بعد أن أعلن الرئيس الأميركي منذ فترة أن النظام في مصر"ليس عدواً وليس صديقاً".

والكارثة هنا أن رسائل الطمأنة لها أثمانها الكبيرة من الاستقلال الوطني والكرامة الوطنية. والطريق موصول هنا بين خطاب الرئيس المصري مرسي إلى شيمون يبريز وحديثه ل"الصديق الوفي" عن "علاقات المحبة" بين البلدين، ورفض حركة "النهضة" في تونس النص في الدستور على تجريم التطبيع مع العدو الاسرائيلي، وتأييد "حماس" لموقف " النهضة "!! المفكر الأميركي الشهير ناعوم تشومسكي كان في القاهرة الاسبوع الماضي.....

وأكد أن أميركا لا تريد الديمقراطية في البلاد العربية، وشرح أسبابه لهذا الموقف ولا أظن أن هذا كان خافياً في أي وقت على من يقرأ السياسة الأميركية، ولكنه الآن أكثر وضوحاً ووزيرة الخارجية الأميركية تتحدث عن"اختطاف الثورة" في سوريا، بعد أن قدمت كل ما لديها من دعم لكي يتم "اختطاف الثورة" في مصر و تونس! أعرف أن ما فعلته بعض قوى الاسلام السياسي"المعتدلة" فعلته قبلها تيارات ليبرالية في مرحلة سابقة، حين راهنت على موقف أميركي داعم لها ثم فقد الرهان.

واعرف أن حديث "اختطاف الثورة" لا يأتي عن انحياز للديمقراطية بل عن رؤية تنطلق وتنتهي من مصالح أميركا وحدها. ولكني أعرف أيضاً أن أسوأ ما يمكن لقوى الاسلام السياسي المعتدلة أن تفعله لإقناع أميركا بمواصلة دعمها هو أن تقدم "التنازلات" على حساب الوطن! هذا طريق للكارثة وليس إلى الخلاص.

وإذا كانت الإدارة الأميركية تراجع الآن سياستها وتتحدث عن "اختطاف الثورة".. فالحل لا يكون بتقديم التنازلات وبيع الوطن مقابل خرافة "التمكين" التي تسيطر على عقل هذه الجماعات، وإنما الحل هو في العودة إلى البديهات، وإلى "تمكين" الثورة وليس الجماعة، وإلى إدراك أن ما تريده الشعوب العربية لن يتحقق بالتبعية لأميركا، ولا بالعودة لكهوف قندهار. كانت هذه معركتنا منذ أكثر من نصف قرن، ومازالت هذه هي المعركة!

=================

مبادرات تحتاج إلى مراقبين مدعومين بقرار أممي

2012-11-04 12:00 AM

الوطن السعودية

يؤكد الإصرار الروسي على استمرار الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، أن الدبلوماسية الروسية تسعى إلى إطالة الصراع في سورية آملة أن بمقدور النظام فيها حسم الوضع لمصلحته، لإثبات صواب موقفها المتعنت من الأزمة. غير أن الحقائق على أرض الواقع تأتي دائما مخالفة للطموحات الروسية والسورية مع استمرار صمود الشعب السوري بوجه آلة القتل التي يستخدمها النظام لإخضاع المحافظات والمدن التي خرجت عن سيطرته.

من هنا تلوح  مسبقا إلى حد كبير  نتائج الاجتماع الثلاثي المزمع عقده  اليوم  في القاهرة بين: الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، ووزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، والمبعوث الأممي العربي المشترك الخاص بسورية الأخضر الإبراهيمي، لبحث المستجدات على الساحة السورية. فتصريحات المسؤولين الروس خلال الأيام الماضية تُناقض المساعي الدولية لحل الأزمة، والراجح أن لافروف سيعيد أسطوانة الرؤية الروسية لحل الأزمة اعتمادا على مبادرة جنيف. وإن حدث ذلك، فهو لا يشير سوى إلى أن زيارة الإبراهيمي الأخيرة ل"موسكو" لم تكن مثمرة، وربما كانت زيارته ل"بكين" أكثر جدوى؛ فالصين الأقل تعنتا من روسيا قدمت بحسب المتحدث باسم خارجيتها  الخميس الماضي  مبادرةً تشتمل على مراحل لوقف إطلاق النار في المناطق واحدة تلو الأخرى، يرافق ذلك تشكيل جهاز حكومي انتقالي. وتستند المبادرة على حالة توفيقية بين النقاط الست لخطة المبعوث الدولي السابق كوفي أنان، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وبيان جنيف لوزراء خارجية مجموعة العمل حول سورية.

إشكالية المبادرة الصينية تكمن في حشر بيان جنيف فيها، رغم ما فيه من اختلاف بين الأعضاء الذين يرى أغلبهم تنحي الأسد، أما روسيا والصين فتقولان إن السوريين هم أصحاب القرار في تحديد مستقبلهم، وكأن كلمة الشعب الثائر لم تصل إليهما بعد.

أخيرا، الشعب السوري الذي يذبح منه المئات كل يوم ملّ المبادرات، ويريد نهاية لمأساته، والمبادرات لن تنفع إن لم يصحبها تطبيق عملي ومراقبون دوليون يحظون بدعم أممي عبر قرار يجيز استخدام القوة ضد النظام إن استخدم العنف. بغير هذا أو ما شابهه يصعب أن تنتهي الأزمة السورية، وزمن العنف سيطول كثيرا.

=================

عن زيارة فرنسوا هولاند للبنان

علي حماده

2012-11-04

النهار

يوم يزورنا في لبنان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان في وقت من الاوقات يأخذ على سلفه نيكولا ساركوزي دعوته سنة ٢٠٠٨ بشار الاسد الى حضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي، ووقوفه بجانبه على منصة الشرف في مناسبة ترمز الى الثورة على الطغيان، وقد اصبحت الثورة الفرنسية برمزيتها والمبادئ التي قامت عليها مصدر الهام للعديد من الشعوب في العالم. بالطبع عاد ساركوزي وفهم، وان متأخرا، ان من وقف على منصة الشرف في عيد الثورة الفرنسية وذكرى سقوط سجن قلعة "الباستيل" انما كان اكبر السجانين وقاتلي الشعوب في التاريخ الحديث. رحمة الله على الملك لويس السادس عشر البسيط الذي قطع رأسه بالمقصلة وهو يعلل النفس بتسوية تهدئ الشعب الثائر، فيما كانت زوجته الملكة ماري انطوانيت تدعو جياع فرنسا الى اكل البسكويت مكان الخبز العزيز. ترى ماذا تقول اسماء الاسد لامهات سوريا الثكلى ، وبناتها اليتيمات والمغتصبات بالالاف؟ يزورنا فرنسوا هولاند الذي وصف اكثر من مرة خلال حملته الانتخابية الرئاسية بشار الاسد بالمجرم وقاتل شعبه وان عليه ان يرحل، وهو يزور لبنان في مرحلة مفصلية يخوض فيها الاستقلاليون جولة جديدة من الصراع مع آلة الموت الداخلية والخارجية التي حصدت أخيراً اللواء وسام الحسن حامي اللبنانيين في قلب بيروت. وهو يزور لبنان في الوقت الذي بلغت فيه ازمة البلد منعطفا خطيرا، ان على صعيد العلاقات الداخلية بين اللبنانيين، او على صعيد حكومة الثنائي الاسد - نصرالله، او على صعيد بلوغ محاولات ربط لبنان بمحور طهران - دمشق مرحلة متقدمة. لقد وصلت الامور الى حافة الهاوية. وما يزيد خطورة الامر ان في لبنان حكومة ثمة من يزعم انها تحافظ على الاستقرار. اوليس هذا ما منحه حافظ الاسد للسوريين طوال اربعة عقود : الاستقرار في مقابل العبودية والذل والقهر والسجون؟

اغتيل اللواء وسام الحسن، ولا تخفى على الرئيس الفرنسي ولا على ادارته هوية القاتل. كما لا تخفى على هولاند هوية المشتركين في قتل الحسن، وقبله كل الشهداء بدءا من رفيق الحريري. صحيح ان ثمة عنوانا اقليميا معروفا، انما ثمة عنوان لبناني اساسي في كل الاعمال الارهابية التي حصلت، وفي كل الجرائم اما بالتنفيذ الفعلي كما في جريمة اغتيال الحريري وغيرها، واما بخوض صراع مخيف ودموي لمنع العدالة من اخذ مجراها، ان عبر لجنة التحقيق الدولية، او عبر محاربة المحكمة الخاصة بلبنان.

المهم يوم ان يدرك الفرنسيون ان ما يسمى "حكومة ميقاتي" انما هي حكومة قاتل الاطفال في سوريا وحكومة من يكاد ان يصنف في اوروبا تنظيما ارهابيا. والاستقلاليون هم من يواجه دفاعا عما تبقى من وطنهم: لقد حان الوقت لانهاء كذبة الوسطيين في لبنان التي يرتاح اليها الغرب. وسؤالنا: متى كانت هناك وسطية مع المافيا والجريمة؟

=================

هولاند: حكومة الأسد انتهت

احمد عياش

2012-11-04

النهار

عندما يصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هذا الصباح الى قصر بعبدا يكون الرئيس السوري بشار الأسد أمضى في السرايا الحكومية اللبنانية قرابة 22 شهراً تقريباً وقد حان الوقت ليغادرها. الذين رافقوا عن كثب ولادة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يعلمون جيداً ان الأسد وليس غيره هو أول من أعلن اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عندما كان الاخير في البيت الابيض في 12 كانون الثاني 2011.

فمسرحية استقالة وزراء "حزب الله" و"أمل" والتيار العوني العشرة الى الوزير المحسوب على الرئيس سليمان، لكنه كان وديعة "حزب الله" عدنان السيد حسين، كانت من اخراج الأسد لكي يدخل الحريري الى لقاء الرئيس أوباما رئيساً للحكومة اللبنانية ويخرج من اللقاء رئيساً سابقاً للحكومة. ففي اليوم التالي للقاء البيت الابيض كان الحريري في قصر الاليزيه يستمع الى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يقول له: "لقد اتصل بي الأسد وأبلغني ان الحريري لن يبقى رئيساً لحكومة لبنان. وسيأتي بدلاً منه رئيس لا ينتمي الى 8 أو 14 آذار".

إذاً، الأسد هو أول من قرر وصول الرئيس ميقاتي الى سدة الرئاسة الثالثة وقبل أن تدخل البلاد في دوامة استشارات التأليف التي وقّعها "حزب الله" في 18 كانون الثاني 2011 أي بعد 6 أيام من استقالة وزراء سوريا باستعراض القمصان السود.

المعلومات المؤكدة هي أن هولاند لن يبحث تفصيلاً مع سليمان اليوم في الحكومة الجديدة التي يستحقها لبنان. لكن زيارته لقصر بعبدا ألغت زيارة ميقاتي لاحقاً لقصر الاليزيه. وهكذا نقل الرئيس الفرنسي الى نظيره اللبناني اتصال الأكثرية اللبنانية الحقيقية به ومفادها: “أبلغني الشعب اللبناني أن ميقاتي لن يبقى رئيساً لحكومة لبنان. وسيأتي بدلاً منه رئيساً لا ينتمي الى 8 أو 14 آذار".

لقد ادرك الرئيس الفرنسي ان الزمن تبدل جذرياً بين عهده وعهد سلفه ساركوزي. فإذا كان الأسد هدد بالاطاحة باستقرار لبنان بذريعة قرب صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والذي يؤكد ضلوع "حزب الله" في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 فكان الثمن اسقاط حكومة سعد الحريري، فإن الأسد وفي جريمة اغتيال اللواء الحسن في 19 تشرين الاول الماضي قد بدأ فعلياً بمخطط احراق لبنان الذي عرقله اللواء الحسن لبضعة اسابيع بعد الكشف عن شبكة سماحة – المملوك. ان هولاند مقتنع مع أكثرية اللبنانيين ان الخوف والذي لم يكن في محله لاسقاط حكومة الحريري قبل 22 شهراً بحجة قرب صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية ولكنه لم يصدر إلا بعد أشهر من سقوط الحكومة، قد حل مكانه خوف وفي محله تماماً من ان حكومة الأسد التي يترأسها ميقاتي ستكون غطاء احراق لبنان الذي قرره قبل أشهر الرئيس السوري الذي ينازع حالياً للبقاء في قصره بدمشق وسط حريق سوريا الكبير.

=================

حرب فلسطينية.. فلسطينية.. على الأرض السورية!!

يوسف الكويليت

الرياض

4-11-2012

 جميع حركات النضال الوطني تنتهج أساليب لخططها العملية وتبتعد عن أي مؤثر يمزق وحدتها الوطنية، إلا الإخوة الفلسطينيين، والذين لأي سبب أو ذريعة ينقسم الفصيل أو الحزب وتصل إلى حد الخطف والسجن للإخوة في العمل، وقد أشرت مراراً إلى الكيفية التي تورطوا فيها بأعمال وضعتهم على دائرة الحرب مع الأردن ولبنان، والتفافهم حول صدام بعد غزوه الكويت والذي أدى إلى إخراجهم وخسارتهم واحداً من أهم مواردهم.

قبل ذلك دخلوا لعبة اليسار واليمين مع أنظمة عربية، فعادوا من كان بصف الغرب الاستعماري وصادقوا من كانوا ضد التوجه اليساري، وهي سياسات كلفتهم الكثير في وقت هم يعلمون أن جميع الأنظمة التي نادت بتحرير فلسطين دخلت حروباً بلا خطط أو استعداد صادق وهزمت ثم اتخذت من بعض المنظمات الفلسطينية مدخلاً للعبة سياسية كان من المفترض رفض أي اتجاه يبعدهم عن قضيتهم ولو بالحياد الذي لا يستطيع أي نظام إنكاره عليهم ليبتعدوا عن المزالق والخلافات العربية والتي لا يمكن أن تتعافى، حتى أصبح الهمّ الفلسطيني خارج الحسابات إلا في بعض المناسبات أو المنابر التي تريد توليد ماضي الشعارات واسترجاعها، لأنهم جميعاً يعلمون أن تحرير فلسطين دخل المستحيل بفعل قوة إسرائيل وتراخي الفلسطينيين وانقسامهم، واعتبار أي حرب قادمة خارج حسابات أي دولة عربية أو مؤيدة لهم.

هناك لاجئون في عدة دول عربية، ومعظمهم يعيش وضعاً صعباً وهناك من يخشى توطينهم لقلب المعادلة الطائفية، كما في لبنان، والبعض يعيش حالة اللاجئ لكن بظروف أفضل، لكن ما يعيب هذه المجاميع أنها على استعداد لدخول اللعبة السياسية في بلد الإيواء، بحيث أصبح المخيم الفلسطيني بالهوية والاسم لكن الانتماء يذهب للكثير من الاتجاهات بحيث وظفتهم بعض الأنظمة والأحزاب لصالحها، كما هي حالة أحمد جبريل في سوريا الذي ظل جزءاً من حلقاته، وأعضاؤه الآن داخلون في حرب ضد المعارضة والجيش الحر مما ألجأ محاربي النظام تشكيل فصيل فلسطيني من قلب المخيم باسم الصاعقة لمحاربة الطرف الفلسطيني المنتمي لأحمد جبريل، بمعنى عودة حرب الإخوة الأعداء وهي مأساة الفلسطيني مع نفسه، أي ان الطرفين سيدخلان الحريق السوري ليكررا نفس السيناريوهات القديمة.

لا يوجد مبرر أن يتحول الفلسطينيون إلى ورقة توظف لنزاعات داخلية أو خارجية، لكنها بنية التربية التي تأسست عليها الخلافات، والتحولات من كنف لآخر، وهذا يؤكد أن المشروع الفلسطيني للتحرير واعتزال كافة الصراعات العربية لم يوضع في صلب هذا المشروع، وهو السبب في تأخر الاهتمام بقضيتهم عربياً ودولياً.

=================

كيف يُؤَخِّر «لبنان» سقوط عصابة سورية!

بينة الملحم

الرياض

4-11-2012

 منذ اغتيال وسام الحسن أخذ المشهد اللبناني الصورة عن بقية الصور الموجودة في العالم العربي. حتى كاد أن يغطّي على الثورة السورية والأحداث الجارية فيها. اغتيال وسام الحسن جاء بعد أن وقف الحسن مع الثوار في سوري من دون أن يقف مع التنظيمات المتشددة، وهو يعي أن هناك فصائل متشددة تقاتل داخل سوري مندسّة مع الأهالي والجيش الحر الذي تغلب عليه الكوادر المدنية.

وكان هذا السبب أي الوقوف مع الثورة السورية أحد أكبر أسباب اغتياله، وكان لكشفه عن خليّة ميشيل سماحة دور أيضاً في جعله على رأس قائمة الاغتيالات. والرسائل التي يحملها اغتياله واضحة، أبرزها أن يعي زعماء تكتل 14 آذار أن الذي يحميهم ويهندس مواكبهم وتنقّلاتهم قد وصلت إليه اليد السورية فلا غرابة أن يصلوا إلى غيره من الزعماء المهددين فعلياً بالاغتيال مثل وليد جنبلاط، أو سمير جعجع أو مروان حمادة أو غيرهم من القياديين للتيار المناوئ لسورية، مع أن جنبلاط له رياحه التي تذهب به يميناً وشمالاً.

بطبيعة الحال هناك تغطية على الحدث، بعض التيارات في لبنان تحمّل إسرائيل مسؤولية اغتيال وسام الحسن على اعتباره الكاشف الكبير عن الجواسيس في لبنان، حتى إنه اكتشف أناساً مدسوسين من إسرائيل داخل صفوف حزب الله نفسه..

حسناً هذه الفكرة قابلة للنقاش غير أن إسرائيل لو أرادت أن تغتاله لأعلنت ذلك فهي تمارس أعمالها علناً، فهي اغتالت قادة حركة حماس وتغتال أعداءها بقوة وشراسة وبعلانية، لكن النظام السوري له سلوكه الذي يعرفه اللبنانيون منذ بدايات الاغتيالات، فهو الذي تخلص من كمال جنبلاط ورفيق الحريري وبيير الجميل وغيرهم مع أنهم قادة في طوائفهم وأحزابهم السياسية، السلوك السوري واضح، كما أن سلوك القاعدة واضح، وسلوك إسرائيل أيضاً واضح.

مشكلة النظام السوري ومن يدور في فلكه من اللبنانيين في الأوهام والتراكيب التي يخترعونها، مثلاً حين اغتالوا رفيق الحريري جاؤوا بمسرحية «أبو عدس» وقل مثل ذلك عن أي اغتيالٍ يصيب أي سياسيّ أو صحافي أو إعلامي في لبنان وغير لبنان، سرعان ما تكون القصة جاهزة والمبررات كثيرة والأحابيل والادعاءات أكثر.

المشكلة أن النظام السوري لن يدع الأمم تعيش، بل سيحترق ويحرق معه الآخرين، وحزب الله مهما كانت أقواله أو مبرراته لا يستطيع أن يرفض طلباً للنظام السوري، بل ولا يستطيع أن يحكم كل قراراته الداخلية أو الخارجية، فهو محكوم بمصالح النظام السوري أكثر من كونه محكوماً بمصالح لبنان وهذا هو الفرق بين الحزب المدني، والحزب الأيديولوجي الذي يعيش على مصالح ضيقة أو مصالح خارج نطاق حدود البلد أو الوطن الذي يتمركز فيه.

لبنان أمام اختبارات حقيقية، النيران من حوله، والمأساة التي يمكن أن يجرّها النظام السوري إلى لبنان كبيرة، وما أسهل أن يخترق النظام السوري لبنان، فلطالما اعتبره حديقةً خلفية له يحوّل إليه الأموال والمواد والعتاد، ولذلك مهما فعل تيار 14 آذار لن ينجح كثيراً في كفّ الخطر عن لبنان مادامت هناك أحزاب أقوى من الدولة بألف مرة، ومادامت هناك أحزاب ولاؤها للنظام السوري أكثر من ولائها للبنان، لكن الجهد الذي يقوم به زعماء 14 آذار هو أضعف الإيمان وما يمكنهم أن يفعلوه..

الأحزاب التي تحمل السلاح دائماً لها السيطرة والهيمنة وهي مخيفة بالفعل ولها أدوارها الضارة والكارثية على المجتمع الذي تعيش فيه.

لبنان سيعاني كثيراً، لكنه مثل طائر الفينيق الأسطوري الذي ينهض من الرماد، السنوات القادمة قاسية ومُلحّة وشاحبة لكن لبنان يستطيع أن يتجاوز كل ذلك إن أراد ذلك، وإن أرادَ ذلك سيُعجّل بسقوط بشار ونظامه.

=================

 سوريا كما تريدها أميركا!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

4-11-2012

من الصعب القول بأن هناك توضيحات، وشروحا، مقنعة لما يقصده الأميركيون في مطالبتهم بتجاوز المجلس الوطني السوري، ولا في خفايا مؤتمر الدوحة، أو في التحركات الأردنية، خصوصا ما يتعلق برئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، وبالطبع لا وضوح للآن بشأن مواقف الأكراد، أو الإخوان المسلمين. الأمر الوحيد الواضح هو الرغبة في إسقاط بشار الأسد.

هذا هو المشهد اليوم في الحالة السورية، دولياً، وعربياً، وبالطبع سورياً، فالجميع يقدم مبادرات، ورؤى، والواضح أنها محاولات لتدارك ما بعد يوم السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، أي اليوم التالي للانتخابات الأميركية، وهو ما يفعله أيضا المقاتلون من الثوار السوريين على الأرض، فالواضح أنهم يحاولون فرض واقع على الأرض استعدادا لما هو قادم.

الأمر الوحيد الجيد في كل ذلك هو أن هناك حراكا حقيقيا يوحي بأن الجميع، بما فيهم الصين التي قدمت مبادرة هي أيضا، قد أدركوا أن عجلة التغيير ستتحرك قريبا بسوريا، وأن أيام الأسد معدودة، لكن الأمور ليست بتلك السهولة بالطبع، وهنا بيت القصيد؛ فردود فعل بعض من المعارضة السورية، وتحديدا المحسوبين على المجلس الوطني، حول التعليقات الأميركية الأخيرة على دور المجلس الوطني، توحي بالتوتر والانفعال، وبها استخدام لافت للغة التخوين، بمعنى أن كل انتقاد بحق المجلس يعني أن هناك من يريد منح البعثيين دورا في سوريا الجديدة، وهذه اللغة لم تنفع لا العراقيين، ولا المصريين بقصة الفلول، وغيرها من عبارات التخويف والاغتيال المعنوي. ولذا فإنه على المعارضة السورية اليوم عدم اللجوء لهذا الأسلوب الذي لم يثمر شيئا في الدول العربية التي خاضت مخاض التغيير، سلميا كان أو عسكريا.

المفترض بالسوريين، جميعا، اليوم أن يستفيدوا من أخطاء دول الربيع العربي، وقبلها عراق ما بعد صدام حسين، وذلك لتفادي الأخطاء الفادحة، والصعوبات، التي تواجه تلك الدول. فإقصاء ديكتاتور يجب ألا يأتي بديكتاتورية الأغلبية، أو الأقوى على الأرض، أو الأكثر حظوة عربيا، أو دوليا، كما يجب إفساد أي محاولة، وتحت أي ذريعة كانت، من أجل أخذ سوريا المستقبل على طريقة العراق أو لبنان من حيث المحاصصة الطائفية، فسوريا دولة موحدة، ويجب أن تبقى كذلك.

بوسع المعارضة السورية قول ما تريده بحق الأميركيين أو غيرهم، لكن الأفضل أن تتذكر المعارضة أن الجميع قد تشربوا تجارب المنطقة الأخيرة، من العراق لليبيا، مرورا بمصر، وقبلها تونس، وكذلك اليمن، ولا أعتقد أن الأمور ستكون سهلة لطرف مقابل الآخر، سواء «الإخوان»، أو الأكراد، أو غيرهم. فواجب المعارضة السورية أن تسعى لإفساد أي تدخل، أو نفوذ، أجنبي في سوريا المستقبل، لكي تكون سوريا مستقلة، ومحمية من كل جيرانها، والأهم من كل ذلك لئلا تكون دمشق غدا مرتهنة لأي طرف كما هي مرتهنة لإيران في عهد الأسد، الأب والابن. وكل ذلك لن يتحقق إلا برؤية واقعية لسوريا الغد، وتكمن واقعيتها في تمثيل الجميع، ونبذ الإقصاء والاستقواء والطائفية والرغبة في الانتقام، فالانتقام لا يبني الأوطان.

إذا ما تذكر السوريون ما سبق جيدا، وتفادوا أخطاء غيرهم، وهو ما لا يتم إلا بوحدة الصف، فحينها سيكون مصير سوريا المستقبل بيد السوريين وليس أميركا أو غيرها.

================

أسباب الانسداد السوري

فايز سارة

الشرق الاوسط

4-11-2012

بعد نحو عشرين شهرا من ثورة السوريين على نظامهم، تبدو المحصلة الإجمالية للوضع السوري شديدة القسوة، حيث تتوالى الخسائر البشرية والمادية، وتتصاعد بصورة تشير إلى أنها ماضية بالفعل نحو تدمير شامل للقدرات السورية، والسبب الرئيسي هو استمرار النظام في حله الأمني العسكري عبر ممارسة كل أنواع العنف وأعلى درجاته بهدف إعادة إحكام قبضته على الدولة والمجتمع، بينما ثورة السوريين مستمرة، تخلط في حراكها بين السياسي والعسكري من أجل إسقاط النظام دون أن يتحقق هدفها، مما يعني في المحصلة العامة، أن الطرفين في معادلة القوة الراهنة عاجزان عن الحسم، وهو ما يضع الوضع السوري أمام انسداد سياسي واضح.

وتدفع الخلاصة أعلاه إلى إثارة سؤال حول سبب الانسداد الذي صار إليه الوضع السوري. والجواب عن هذا السؤال في العادة، يحمل الخارج الإقليمي والدولي مسؤولية الانسداد، وهو جواب يحمل بعضا من الحقيقة، لكنه ليس كافيا، إذ لا يمكن القول، إن الخارج الإقليمي والدولي بملامحه وسياساته الحالية، يشكل العامل الحاسم في إدامة الأزمة السورية أو في العمل لإيجاد حل لها.

ولأن الخارج في مواقفه وسياساته لا يقدم لنا جوابا يفسر بصورة واضحة أسباب الانسداد السوري، فمن الطبيعي الذهاب نحو الداخل، بحثا عن الجواب، ليس فقط لأن في الداخل تتمركز أساسا قوى الصراع وطاقاته، وإنما أيضا لأنه المعني الأول بمجريات ونتائج الصراع، ولأن الداخل بأطرافه عنصر مؤثر على سياسات ومواقف الخارج الإقليمي والدولي من جهة ثالثة.

والتدقيق في أسباب الانسداد السوري، يجعلنا في مواجهة ثلاثة أسباب أساسية، أول هذه الأسباب هي السلطة في طبيعتها الاستبدادية والاستئثارية المغلقة، وقد قادتها طبيعتها نحو خيارات أغلقت عليها أبواب السياسة، وجعلت خياراتها في البحث عن حلول ومعالجات للأزمة محصورة في استراتيجية القوة والعنف، التي لجأت إليها مع بداية الأزمة، وكرستها تاليا متصاعدة مع استمرار الأزمة على أمل أن القوة والعنف كفيلان بمعالجة الأزمة، التي وإن حاولت السلطة مقاربتها خارج فكرة المؤامرة الكونية وأدواتها من العصابات الإرهابية والسلفية المسلحة، فقد أكدت، أن معالجة الجوانب الأخرى من الأزمة، إنما تأتي بعد القضاء على «العصابات»، واستعادة قبضتها وسيطرتها على البلاد والناس كافة.

وتعززت استراتيجية السلطة وممارساتها بحضور دعم شامل من قوى إقليمية ودولية لها أهداف وغايات، لا تتصل كلها ببنية النظام وسياساته وبضرورة الحفاظ عليه، لكنها أدت إلى ذلك بالنتيجة، خاصة أن القوى الإقليمية والدولية التي عارضت استراتيجية النظام وسياساته، لم تذهب إلى خطوات سياسية وإجرائية قوية وفعالة من شأنها دفع الأطراف كافة إلى إعادة النظر في مواقفها وحساباتها، وهو ما ينطبق بصورة أساسية على السلطة في سوريا، التي شعرت بأنه ليس هناك ما يمنع من استمرار سيرها في الطريق الذي اختارته.

أما السبب الثاني في موضوع الانسداد، فتمثله المعارضة، ورغم أننا إزاء ثلاثة مستويات من المعارضة، أولها المعارضة السياسية، والثاني هو المعارضة العسكرية، والثالثة هي الحراك الشعبي، فإن المعني الأساسي باعتباره أحد أسباب الانسداد هو المعارضة السياسية، لأنها بحكم طبيعتها ووظيفتها المسؤولة مباشرة وصاحبة دور، ينبغي القيام به للخروج من الأزمة التي تحيط بالبلاد.

غير أن المعارضة وبسبب من طبيعتها وظروفها في ظل حكم استبدادي دمر فرص مشاركتها في الحياة العامة، ودفع بفعل القمع الدموي كثيرا من كادراتها إلى الخارج، وبفعل أن ثورة السوريين جاءت خارج توقعات ومشاركة المعارضة، فقد بدت مواقف الأخيرة وسياساتها أضعف من أن تناسب زخم الثورة ومطالبها، فهي من جهة تبنت شعارات الشارع دون أن تكلف نفسها الذهاب إلى صياغة استراتيجية وخطط هدفها تحقيق تلك الشعارات والمطالب، وهي في الجهة الأخرى، راهنت على المواقف الإقليمية والدولية دون أن تتقدم في الداخل للقيام بما ينبغي القيام به سياسيا وتنظيميا في المستويين الذاتي والشعبي، وقد كرس نهج المعارضة الانفصال القائم بينها وبين المجتمع، ولا سيما في العلاقة مع الفئات الشابة، التي لم تكن تعرف المعارضة، وهكذا أضاعت الأخيرة فرصتها الذهبية بالعودة إلى حاضنتها وأدواتها في التغيير الذي طالما سعت إليه وطالبت به.

ومما لا شك فيه، أن تحميل السلطة من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، مسؤولية الانسداد القائم في الأزمة السورية، إنما هو إشارة إلى ما يتجاوزهما وهو المجتمع السوري الحاضن الكلي للطرفين وغيرهما من الفاعليات والأطراف، التي تتحمل مجتمعة مسؤولية مشتركة في واقع الانسداد الذي صار إليه الوضع، نتيجة استقالة المجتمع من مسؤولياته، واعتكاف فعالياته عن مباشرة مهماتها، وتساهله مع السلطة التي تغولت وأسرفت في الاستهانة بالمجتمع واستعباده وصولا إلى إنكاره، وهو الذي تقاعس عن حماية نخبه، ولا سيما نخبته السياسية، وقبل بتغيبها كما قبل في انتهاكها وتدميرها، وفي كل الحالات التي حاولت طلائع منها إعادة الاعتبار للسياسة ولدور المجتمع، كان الأخير يخذلها، بل إن بعض قطاعاته تعاملت بقدر أقل من المسؤولية مع الثورة، فظهرت بوادر خذلان للثورة في بعض الأنحاء، وظهرت تخوفات في أنحاء أخرى، بينما اصطفت أنحاء إلى جانب النظام في حربه، وقد أعاق ذلك الانقسام المجتمعي والذي كانت له تجليات اختلطت فيها عوامل سياسية وطائفية ومناطقية ومصلحية، قدرة سوريا والسوريين على حسم الصراع، وبالتالي الذهاب إلى مزيد منه، وغالبا إلى الأكثر وحشية وتخلفا في الصراع.

إن أسباب الانسداد السوري تكمن في سلطتها ومعارضتها وفي مجتمعها أصلا، وهذا لا يطرح فقط موضوع صعوبة الخروج من الأزمة الراهنة، بل يطرح أيضا الصورة التي سيكون عليها مستقبل سوريا ذاتها. ذلك أنه وفي ضوء المخرج الذي سوف يتم التوصل إليه للخروج من الانسداد، سيتم رسم مستقبل سوريا والسوريين، وإن كان ثمة عجز سوري راهن وقائم في الوصول إلى المخرج، فإن المطلوب مواجهة هذا العجز أولا، وهو جهد سيحتاج إلى مساعدة الآخرين من دول وهيئات ومنظمات إقليمية ودولية، مما يعني تكاتف الجهود من أوسع القوى الداخلية والخارجية للقيام بذلك قبل فوات الأوان قبل أن تفقد سوريا القدرة على معالجة وضعها، وقدرتها التالية على الاستمرار في كيانها ووحدة شعبها ومجتمعها.

================

المعارضة السورية ونفاد الوقت الضائع

عبدالله إسكندر

الأحد ٤ نوفمبر ٢٠١٢

الحياة

في موازاة حركة المعارضة السياسية السورية في الخارج من اجل بلورة هيكلية موحدة تتقدم المعارضة المسلحة على الأرض عبر قضم تدريجي لمواقع النظام ونقاط ارتكازه العسكري في مناطق كثيرة. وبات واضحاً أن أسلوب القصف الجنوني القاتل والمجازر المتنقلة في حق المدنيين، والذي يعتمده النظام في كل الاتجاهات، يعبر عن ضيق لفقدان سيطرته على مساحات إضافية في البلاد، وربما عن عجزه عن تحقيق أي تقدم على الأرض.

تزداد الضغوط الدولية والإقليمية على المعارضة لإعداد نفسها للمرحلة الانتقالية، بعد سقوط النظام. وتتسع رقعة انحسار السيطرة الميدانية للنظام داخل البلاد. ما يؤشر إلى أن فترة الوقت الضائع تقترب من نهايتها.

قد تكون الخلافات الدولية في شأن طبيعة الحل في سورية ومستقبلها السياسي من الأسباب التي جعلت فترة الوقت الضائع طويلة. كما أن الإدارة الأميركية التي شاءت الظروف أن تكون على عتبة انتخابات رئاسية لم تبد حسماً في أي اتجاه، ما جعل دولاً غربية تخفف من حماستها في تسريع الحل. وفي النتيجة، تُرك السوريون يواجهون الآلة الحربية الفتاكة للنظام بحد أدنى من التسلح يكفي من اجل مواجهات حرب شوارع لكنه غير قادر على مواجهة الأسلحة الثقيلة الطويلة المدى. وهذا بدوره أطال فترة الوقت الضائع نظراً إلى شبه استحالة الحسم العسكري على الأرض.

في هذه الفترة كانت المعارضة السياسية، بكل تلاوينها، تتخبط في نزاعات غلب على معظمها الشخصي، بما هو انعكاس للمرحلة السابقة من الحكم السوري الذي ركز كل أدواته القمعية لمنع نشوء تيار مدني معارض واقتلاع رموزه، تهجيراً وسجناً وقتلاً. وعندما اندلعت حركة الاحتجاج الشعبية، باتت الأحزاب والهيئات والشخصيات المعارضة تركض لاهثة وراءها، من دون أن تتمكن، بفعل انهاكها على مدى أربعة عقود، أن تقدم النموذج القيادي لسورية الغد. لتبقى الحركة الاحتجاجية حركة عفوية تحاول أن تتأقلم في كل منطقة مع معطيات الاستمرار على المستوى المحلي، من دون أن تجد البرنامج والقيادة الجامعين.

ومع انشقاق العسكريين الذين رفضوا إطلاق النار على مواطنيهم المدنيين المتظاهرين، راحت «العسكرة» تتوسع على الأرض، ولتسد فراغ المواجهة العسكرية الأطراف الأكثر تمسكاً وخبرة في القتال. وجاء مع سد الفراغ متشددون متجولون غير معنيين بأجندة المعارضة السياسية السورية... وصولاً إلى ما نشهده اليوم من ممارسات وشعارات تثير الحذر والتساؤل إزاء مآلها.

وفي الوقت الذي تعد المعارضة لاجتماعها «التوحيدي» في الدوحة، ولاختيار قيادة مشتركة، ثمة تحديات أمامها يتقرر على كيفية الاستجابة لها مستقبل البلاد.

معلوم أن الانتخابات الأميركية تنقضي بعد أيام قليلة، وسيكون الملف السوري هو الأبرز أمام الإدارة المقبلة. وبدت إشارات من الإدارة الحالية إلى نوعية هذا التعامل الذي سيعتمد، سواء مع الرئيس الديموقراطي الحالي باراك أوباما (وهذا هو المرجح) أو مع منافسه الجمهوري ميت رومني. هذه الإشارات تشدد على ضرورة هيئة تمثيلية واسعة تضم كل أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج وتكون قادرة على إدارة البلاد مع انهيار النظام، وأيضاً تكون قادرة على مواجهة التيارات المتشددة والتكفيرية المنتشرة حالياً في سورية. ووجدت هذه الإشارات صدى لدى الغربيين فكرروها في تصريحاتهم، ونصحوا المعارضة في أن تأخذها في الاعتبار.

تنقلت مؤتمرات المعارضة، بحسب الانتماءات السياسية، بين إسطنبول والقاهرة والدوحة وأخيراً عمان، وبين عواصم غربية كثيرة. وكل من هذه المؤتمرات أراد أن يجعل من نفسه المرجعية السياسية للمعارضة، بما فيها العسكرية، ومن دون أن يكون له على الأرض أي وجود عسكري. قد تكون هذه المؤتمرات مناسبة للتحريض على النظام وضرورة إسقاطه وربما الحصول على بعض المساعدات المالية والعينية أنفق بعضها في إغاثة لاجئين في الداخل والخارج. لكنها في الوقت نفسه كانت مناسبة لتعميق الهوة بين فصائل المعارضة وتبادل النقد والاتهامات وأحياناً الشتائم. وفي أي حال لم تساهم فعلياً في المعركة الحقيقية على الأرض ولم تتمكن من تقصير عمر النظام.

الوقت السياسي الضائع آخذ في النفاد، والتطورات على الأرض تخلق وقائع جديدة وموازين قوى جديدة. وأمام مؤتمر الدوحة المفترض أن يكون جامعاً لقوى الداخل والخارج فرصة، ربما أخيرة، من اجل أن تعيد المعارضة الوجه المشرق للحركة الاحتجاجية الموحدة ومطالبها في دولة مدنية وديموقراطية للجميع، وأن تستعيد الصدقية السياسية التي فقدتها جراء التشرذم والانقسام.

=====================

لماذا لا يدرج الرافضة في قائمة الإرهاب

مصطفى الهوساوي

المختصر 2012-09-29

قبل بضع سنوات .. بُعَيدَ ضرب برجي التجارة العالمية في أمريكا .. صدّع الغرب الكافر بقيادة أمريكا رؤوسنا بالحرب على الإرهاب , والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب , وغيرها من المصطلحات المغلّفة والمبهمة .. وجراء ذلك امتلأت السجون والمعتقلات بالأبرياء وغيرهم , وجمّدتْ أموال المؤسسات الإسلامية , وأخذ كثير من المسلمين ولوحقوا وقتلوا على الظنّة في بلدان كثيرة , واحتلّتْ أفغانستان والعراق , وجرتْ أمورٌ عظيمة لا يتسع المجال للتفصيل فيها , كلّ ذلك بسبب موت ثلاثة آلاف أمريكي تحت الأنقاض , والعجيب أن أمريكا والغرب في كل ما ارتكبوه واقترفوه من جرائم في حق الإسلام والمسلمين بحربهم تلك .. يزعمون دائماً أنهم لا يستهدفون المسلمين , وأن الإسلام دين سلام ولا علاقة له بالإرهاب , وغير ذلك من العبارات التطمينية التي يحاولون تبرئة ساحتهم بها ... لكنّ الواقع والحال يكذّبان كل ما يقولون ..

 نحن سنسلّم جدلاً أنّ هذه الحرب التي يشنها الغرب على الإسلام هي حربٌ شريفة لمكافحة الإرهاب ونشر السلام والعدالة بين الأمم , وأنّ المعنيّ بها ليس الإسلام بذاته كدين , أو المسلمين كمسلمين ... إلا أننا يحق لنا في الوقت ذاته أن نتساءل : لماذا لا تتقصّد هذه الحرب غير المسلمين أهل السنة , ولماذا لا يتهم بالإرهاب إلا الذين يدافعون عن هذا الدين ؟ , ولماذا لا تحتلّ إلا البلدان التي يحكمها أهل السنة ؟ ..

 نحن لو نظرنا إلى الذرائع التي تعتمد عليها الدول الغربيّة في إدراج من تصفهم بالإرهابيين في قائمة الإرهاب لديها , والتي على أساسها تُشَنّ الحروبُ وتحتلُّ الدولُ .. لوجدنا أنها لا تخرج عن أربعة أشياء رئيسية وهي :

1. قتل الأبرياء أو التنكيل بهم على أساس المعتقد أو العرق .

2. التفجيرات الإرهابية التي لا تميز بين الناس .

3. الفكر التكفيري الإقصائي والمستحلّ للدماء .

4. اضطهاد الأقليات العرقية والدينية وهضم حقوقها .

وهذه الأسباب الأربعة لو تأمّلناها جيّداً لوجدنا أنها قد توافرت كلُّها في طائفة خبيثة تعيش في جسد الأمة وتقتات منها وعليها , ألا وهي طائفة الروافض  دعك من بقية الملل والأمم  وإنما خصصتُ الروافض بالذكر هنا لأنّهم يحسبون على الأمة الإسلامية وإن لم يكونوا منها ... وحتى يتضح الأمر أكثر نريد أن نتناول هذه الأسباب الأربعة واحداً واحداً , ونسلّط الضوء عليها في أرض الواقع :

* لو نظرنا إلى ( جرائم قتل الأبرياء أو التنكيل بهم على أساس معتقداتهم أو أعراقهم ) لوجدنا أنّ ( النظام الإيراني المجوسي ) و ( النظام العراقي القرمطي ) و ( النظام السوري النصيري ) .. هذا الثالوث الخبيث المجرم الذي يمثّل كل رافضة العالم .. ما فتئ منذ أن وجد وهو يذبح أهل السنة بالجملة أينما تمكّن منهم بسبب معتقدهم السنّي تارة , وعروبتهم تارة أخرى .. ولا تسنح له الفرصة حتى ينتهزها أبشع انتهاز لإراقة دمائهم ويقيم المجازر الجماعية التي تقشعر منها الأبدان , هذا .. مع أنّ معتقلاته وسجونه تعجّ وتغصّ بأهل السنة من شباب وشيوخ ونساء وأطفال ... يرتكب فيهم أبشع أنواع التعذيب والتنكيل في كل يوم دون هوادة أو رحمة .. ولا يبالي لا بمجلس أمن ولا بلجان حقوق إنسان .. والإعدامات اليومية للأهوازيين في إيران , والذبح البطيء لأهل السنة في العراق , والمجازر التي ارتكبت وترتكب في حق أهل السنة في سوريا بأيدي النصيريين المجرمين غيرُ خافيةٍ على أحد , والعالم كلّه يرى ويسمع ذلك ولا يحرك ساكناً أو يستنكره , ويضاف إلى ذلك أنّ أهل السنة في هذه الدول الثلاثة ( إيران  العراق  سوريا )  وهم الأكثريّة فيها  لا يتمتعون بأيّة حقوق حياتيةٍ أو إنسانيّة , فهم يعاملون كما تعامل البهائم والجمادات , والعجيب أنّه مع كل هذه الانتهاكات وهذا الإرهاب والإجرام الذي يرتكبه النظام الإيراني والنظام العراقي والنظام السوري في حق الأكثرية من أهل السنة عياناً جهاراً .. لا نرى مصطلح الإرهاب يلاحق واحداً منهم , ولا نسمع قرع طبول الحرب عليهم , بل إنّ الدول الغربية التي ما فتئتْ تتغنى بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات ما تزال تتعامل مع هذه الدول الإجرامية بكل مثاليّة , وكأنها تتعامل مع دولٍ ديمقراطية عادلة نزيهة , في حين أنّ الغرب المتغاضي عن تلك الدول الإجراميّة استطاع أن يجد سبيلاً لانتقاد مملكة البحرين والتشنيع عليها , لأنّ نظامها دافع عن شعبه وأرضه من إجرام غوغاء الرافضة ومكائدهم , وحال دون عبيد إيران ومبتغاهم , نعم .. لقد وجد الغرب السبيل لانتقاد الحكومة البحرينية مع أن نظامها العادل وشعبها السنيّ الواعد هو المعتدى عليه من قبل هؤلاء الأوباش المارقين , الذين وهبوا ولاءهم بالمجان لمجوس إيران .

* ولو نظرنا إلى ( التفجيرات الإرهابية التي تستهدف الأبرياء ولا تميز بين النساء والشيوخ والأطفال ) لوجدنا أيضا أنّ الرافضة وحكوماتهم متورطون فيها من خمص أقدامهم إلى آذانهم , فقد أقرّتْ الدول الغربية ذاتها التي تتعامل معهم أن معظم التفجيرات الإرهابية التي حصدت أرواح الأبرياء في العراق كانت من تدبير الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له في العراق , حال تلك التفجيرات حال التفجيرات التي يصطنعها النظام النصيري في سوريا ثم يلصقها بالجماعات السلفية , ثم ليس منا ببعيد ذلك التفجير الضخم الذي هزّ لبنان وأودى بحياة الرفيق الحريري والذي توافرت فيه الأدلة القاطعة أنّ وراءه حزب الله ونظام بشار النصيري , ثم ما يقوم به النظام السوري اليوم من تدمير المدن على أهلها , وإلقاء القنابل على الشعب الأعزل , وقصف الأحياء بالصواريخ , وتهديم المنازل على أهلها , والإبادات الجماعية التي لا يستثني منها النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ .. كلُّ هذه الجرائم وهذا الإرهاب ليس بحاجة إلى أيّ أدلّة أو توثيقات تثبته , ومع ذلك فالدول الغربية ما تزال تغض الطرف عن كل جرائم نظام بشار وتتعامل معه تماماً كما تتعامل مع نظام طهران الدموي ونظام القرامطة في العراق , النظامين اللذين يمدان بشار بالجنود وآلة القتل والدمار لذبح الشعب السوري الأعزل والإجهاز عليه , وتدمير أرضه .

* ولو نظرنا إلى ( الفكر التكفيري الإقصائي والمستحلّ للدماء ) لوجدناه متأصّلاً أيضاً في دين الرافضة , حيث إنّ الرافضة يكفرون كلّ من لا يؤمن بالولاية ولا يسبُّ صحابة رسول الله أو يتبرأ منهم ... فالرافضة تكفيريون بامتياز , وإقصائيّون بامتياز , ودمويون بامتياز , وهم الذين يكفّرون الأمة الإسلامية من أولها إلى آخرها ولا يستثنون أحداً منها , وليس هناك  فيما أعلم  دمٌ أرخص عند الرافضة من دم أهل السنة , فرسالة الرافضة أينما وجدوا واضحةٌ تمام الوضوح , وهي ذبح أهل السنة ومحو الإسلام , وهم قد أثبتوا للعالم مراراً أنّهم دمويون وتكفيريون وإقصائيون بالأقوال وبالأفعال , حيث كتب القوم وندواتهم ومحاضراتهم المفتوحة والمغلقة تطفح بتكفير أهل السنة واستحلال دمائهم وأعراضهم وأموالهم , حتى مهديّهم المزعوم  لا عجّل الله فرجه  هو الآخر رجلٌ دمويٌّ , وخروجه في آخر الزمان ليس إلا لذبح أهل السنة والعرب ومحو الإسلام , ثم هذا الذي يفعله الرافضة في يوم عاشوراء من كلّ عام , من ضرب الأجساد بالسلاسل وطعنها بالسكاكين والسيوف وإراقة الدماء , وإطلاق المسيرات الاستعراضية في الطرقات والشوارع ما هو إلا تدريبٌ وتعويدٌ منهم لأنفسهم على رؤية الدماء وسفكها , واستعدادٌ لذبح أهل السنة فيما بعدُ إذاما سنحتْ لهم الفرصة ... فأين الدول الغربية راعية السلام ومكافحة الإرهاب من هذا المعتقد التكفيري الدموي , ومن هذه الطقوس الإرهابية التي يمارسها الرافضة حتى على أراضي الدول الغربية ولا يستنكرونها أو يمنعونها كما استنكروا ختان بنات المسلمين ولبس المسلمات للنقاب والحجاب , وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لأجل ذلك .

* ولو نظرنا إلى ( اضطهاد الأقليات العرقية والدينية وحرمانها من حقوقها ) لوجدنا أيضاً أنّ الرافضة قد حازوا على القدح المعلّى في ذلك , حيث إنّهم لا يضطهدون الأقليات فحسب , بل يضطهدون الأكثريّة السنيّة التي هي أولى منهم بالأرض وبالحقوق , ثم يحرمونها من كلّ شيء ويعاملونها على أرضها كدخيلة يجب التخلص منها , وناهيك أن تعلم أنه لا يوجد مسجدٌ واحدٌ لأهل السنة في طهران , حيث إنّ النظام الإيرانيّ المجوسي يمنعهم من بناء المساجد وإقامة أصغر شعائرهم الدينية , في الحين الذي تحظى فيه أقليات الرافضة في البلاد التي يحكمها أهل السنة بوافر حقوقها وأحسن المعاملات , وهم في ذلك لا يكفّون عن البكاء والعويل والتظلّم وإثارة القلاقل , والتحرّش بالأنظمة الحاكمة رغم إنصافها لهم وإحسانها إليهم .

 إذن .. لماذا لا يدرج الرافضة في قائمة الإرهاب , وتشنّ عليهم الحروب كما تشنّ على غيرهم , وتجفّف منابعهم , وتجمّد أرصدة مؤسساتهم وشركاتهم , وقد ارتكبوا من بشاعات الإرهاب وصنوفه ما لم يخطر على قلب بشر , ولماذا تظلّ الدول الغربية تغض الطرف عنهم , وتتعامل معهم وتعقد الصفقات معهم , وهم متلبسون بكل هذا الإرهاب ...

 لكي ندرك السرّ في تغاضي الدول الغربية عن كل انتهاهات الرافضة وجرائمهم , وحرصها على التعامل معهم والوقوف بجانبهم , وامتناعها عن إدراجهم في قائمة الإرهاب , لا بدّ أن نعرف الحقائق التالية :

1. أنّ الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ليستْ صادقة في كل ما تزعمه من نشر الحريات والعدالة والسلام , ومكافحة الإرهاب , بدليل أنها هي التي تمنع الحريات في بلدانها , وترتكب كل أنواع الإرهاب إذا أتيح لها ذلك , كما فعلوا في أفغانستان والعراق وغيرهما , ثم ما معنى حظرهم للحجاب والنقاب والمآذن في بلدانهم , وما معنى دعمهم المطلق لإسرائيل وعدم إدانتهم لها على كل جرائمها في حق الشعب الفلسطيني , بل ومن الذي جاء باليهود وبنى لهم دولة بين ظهراني المسلمين , ومن الذي أقام سجن أبو غريب وأنشأ معتقل غونتنامو , ومن الذي قتل الأفغان وقتل العراقيين , أسئلة كثيرة تطرح نفسها , وتثبت عظم الدجل الذي تمارسه الدول الغربية على المسلمين .

2. أنّ الرافضة ليس بينهم وبين الدول الغربية وإسرائيل عداوة حقيقية , وإنما عدوّهم المشترك هو الإسلام السنّي , وكلّ هذا الضجيج والتلاسن الذي نسمعه بينهم ما هو إلا مسرحية أعدّ لها السيناريو من قبل , فالرافضة منذ كانوا يتآمرون مع الدول الغربية على المسلمين , وهم مخلصون جداً في عمالتهم لهم ضدّ المسلمين , وهذا الذي بدأ يتكشّف شيئاً فشيئاً للشعوب الإسلامية التي كانت تحسن الظن بالرافضة .

3. أنّ الرافضة قدّموا للغرب ولإسرائيل مالم يكونوا يحلمون بمعشاره لو أنهم غزوا البلاد الإسلامية واحتلّوها بجيوشهم , حيث ساعدوا الغرب في احتلال أفغانستان والعراق , وأصدروا الفتاوى التي تمنع من جهاد المحتل الغازي في العراق , وهم الذين حموا دولة إسرائيل في جنوب لبنان وهضبة الجولان السورية عشرات السنين , وهم الذين أشغلوا الأمة الإسلامية قروناً متطاولة بالقلاقل والفتن والحروب عن رسالتها , وهم الذين ذبحوا من المسلمين أضعاف ما ذبحته دولة إسرائيل والمستعمرون الغزاة , وهم الذين أضعفوا الدول الإسلامية أمام أعدائها , وأصبحوا شوكة في خاصرة الأمة , كلّما تقدّمت أعادوها إلى الوراء .

4. أنّ الرافضة هم الحمار الذي تمتطيه الدول الاستعمارية الغازية كلما سنحتْ لها الفرصة لضرب دولة إسلاميّة أواحتلالها , وهم يعلمون أنّ الرافضة متربصون لذلك ومتهيئون له .

 ما دام الأمر كذلك .. فلا غرابة أنّ تغفل الدول الغربية كل جرائم الرافضة وانتهاكاتهم وتقف في صفهم ضد أهل السنة , كيف لا .. والرافضة قد قاموا بالدور الذي عجزت عنه الدول الغربية في تطويق الإسلام والمسلمين وإضعافهم , وأصبحوا جيشاً يحارب المسلمين بالوكالة عنهم , ثم هم يحسبون على الأمة الإسلامية وإن لم يكونوا منها , ويصعب انفكاكهم عنها ما دامت التقيّة تسعة أعشار دينهم .

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ