ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 10-11-2012 عبد الباري
عطوان 2012-11-09 القدس العربي
هذا الحراك غير
المسبوق على صعيد ملف الأزمة السورية
الذي نرى إرهاصاته في اكثر من مكان،
وفي اكثر من شكل، لا يمكن الا ان يتأتى
في اطار وجود 'مشروع ما' جرى التحضير له
في غرف مغلقة لتحقيق احد هدفين، الاول:
اسقاط النظام بالقوة العسكرية، داخلية
(المعارضة المسلحة)، او خارجية (التدخل
العسكري). الثاني: هو التفاوض معه من
اجل التوصل الى حل سياسي. هناك مؤشران فيما
يتعلق بالهدف الاول لا بدّ من التوقف
عندهما، ومؤشر ثالث يمكن من خلاله
ترجيح الهدف الثاني. نشرح اكثر ونقول ان
التصريحات التي ادلى بها ديفيد
كاميرون رئيس وزراء بريطانيا وقال
فيها ان بلاده تدرس تسليح الثوار في
سورية بصورة مباشرة، واهمية هذا
التحول الخطير في الموقف البريطاني
تنبع من كون رئيس وزرائها لا ينطق عن
هوى، وغالبا ما يردد، او يمهّد، لموقف
امريكي في هذا الصدد. واذا ربطنا هذه
التصريحات بعودة الحديث بقوة عن اقامة
مناطق آمنة في شمالي سورية، حيث يسيطر
الجيش السوري الحر، والجماعات
الجهادية على مدن وارياف ومعابر
حدودية، فإن الصورة تبدو اكثر وضوحا. الاجتماعات المكثفة
للمعارضات السورية التي تحتضنها
الدوحة هذه الايام، تنفيذا لاقتراحات
السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية
الامريكية، وبعض القوى الاقليمية،
لتكوين جسم جديد جامع يمثل الداخل
والخارج، ربما يكون بهدف التفاوض على
حل سياسي مستقبلا اكد عليه المبعوث
الدولي الأخضر الإبراهيمي. اللافت ان التيار
الثالث الذي يتمتع بوجود قوي على
الارض، ونعني بذلك الجماعات الجهادية
المتشددة، غير ممثل في اجتماعات
الدوحة، الأمر الذي سيثير العديد من
علامات الاستفهام حول مدى التزام هذا
التيار بأي اتفاقات او هياكل جديدة
للمعارضة ومبادراتها. ' ' ' مهمة توحيد فصائل
المعارضة قد تكون اصعب من اطاحة النظام
في دمشق، فمعظم المشاركين يعتقدون
انهم الأكثر تأهيلا واستحقاقا للقيادة
من غيرهم ، وهذا ما يفسر 'حرب المبادرات'
التي اشتعل فتيلها يوم امس في اروقة
فندق الشيراتون في الدوحة، ويحاول
اطفاءها المستر روبرت فورد، السفير
الامريكي السابق في سورية، الذي يعتقد
البعض انه يلعب دورا مماثلا لدور
الجنرال بول بريمر الحاكم العسكري
الامريكي الاول للعراق في ايام
الاحتلال الاولى. القوى الدولية
والإقليمية الداعمة للمعارضة تريد
حكومة منفى تضم كفاءات سورية، وتشكل
قاعدة تمثيلية واسعة، لتولي السلطة
فور سقوط النظام على غرار ما حدث في
ليبيا، ولكن التجربة الليبية ليست
وردية تماما، فبعد عام على سقوط نظام
العقيد القذافي وقتل زعيمه، ما زالت
الاوضاع متوترة على الارض بسبب غياب
المصالحة الوطنية، وتفاقم الصراعات
القبلية والمناطقية،واستفحال قوة
الميليشيات المسلحة. ومن هنا فإن السؤال
الأهم سيظل حول مدى قدرة الكيان السوري
الجديد الذي تتبلور ملامحه في الدوحة،
على السيطرة على الاوضاع على الارض في
سورية، خاصة الكتائب المسلحة، ناهيك
عن الجماعات الجهادية، وفرض الانضباط
عليها، والالتزام بتعليمات القيادة
السياسية الجديدة. صحيفة 'نيويورك تايمز'
الامريكية نشرت تقريرا مرعبا في عددها
الصادر امس عن 'تجاوزات' التنظيمات
المسلحة في المناطق 'المحررة' مثل
الإعدامات الميدانية للجنود الاسرى
بدم بارد، وتنامي حالة من خيبة الأمل
في اوساط قطاعات من الشعب السوري
المؤيد للثورة المسلحة، بسبب هذه
التجاوزات الموثقة بالصوت والصورة. تقرير الصحيفة
المذكور وما تضمنه من معلومات حول
التعذيب والإهانات والإعدامات لا يمكن
ان يكتب مثله اشهر كتّاب النظام السوري
واكثرهم قدرة على الفبركة وتشويه
الحقائق، ولا نعتقد ان صحيفة 'نيويورك
تايمز' موالية للنظام او بوق من ابواقه. 'ابو احمد' احد مواطني
مدينة معرة النعمان قال للصحيفة 'ان
متحف الموزاييك تعرض للنهب اولا من
قوات النظام، ثم بعد ذلك من قبل الجنود
المتمردين' وكأنه يريد ان يقول ان لا
فرق كبير بين الطرفين. ' ' ' الأزمة السورية وبعد
عشـــرين شهرا تـــــزداد
تعقــــيدا، وتغرق اكثر فأكثر في
الحلول العسكرية من قــــبل الطرفــين
المتحاربين على الارض، وان كان وصول
التفجيرات الى قلب دمشق، والقصف الى
القصر الجمهوري وحي المزّة الراقي، لا
يحمل فألا طيبا للنظام. عندما يقول الرئيس
بشار الاسد انه ليس دمية وانه صنيعة
سورية، وسيعيش ويموت في سورية، وعندما
يقول المتحدثون باسم المعارضة انهم لن
يتفاوضوا مع نظام ملطخة يداه بدماء
الشعب السوري، فإن علينا ان لا نتوقع
نهاية قريبة لسفك الدماء، ونتيقن ان
هذه الأزمة ستطول. ربما تنجح اجتماعات
الدوحة في تحقيق اهدافها في تشكيل
حكومة المنفى برئاسة رياض سيف او غيره،
بفعل الضغوطات الامريكية والخليجية
على فصائل المعارضة، ولكن اي سورية
ستحكمها هذه الحكومة اذا ما وصلت فعلا
الى السلطة، وكيف ستكون هويتها
الجغرافية والبشرية ونسيجها
الاجتماعي، ثم كيف سيكون الوصول الى
السلطة،عبر التدخل ام التسليح
الخارجي، وما هو المقابل؟ لا نعتقد ان احدا
يملك الإجابة على هذه التساؤلات، او
يريد التفكير فيها في الاساس، فإذا
كانت السيدة كلينتون اكتشفت وبعد
عشرين شهرا ان قيادات المجلس الوطني
السوري تعيش في المنفى ولا تعرف البلاد
منذ اربعين عاما، فهل ستملك إجابات
كهذه؟ نشك في ذلك كثيرا. ================= محمد بن علي
الهرفي عكاظ 10-11-2012 الإعلام العالمي كله
كان يتابع بدقة خطوات الانتخابات
الأمريكية في منتصف الأسبوع الماضي،
ولا أشك أن حكام هذا العالم ونخبه
الثقافية كانوا يفعلون الشيء نفسه،
فهذه الانتخابات تعني الكثير بالنسبة
لسياسة العالم واقتصاده واستقراره
وأمنه، فكل من المرشحين له أجندته
الخاصة التي تتفق مع البعض وتختلف مع
البعض الآخر، كما أن مكانة أمريكا تجعل
لها تأثيرا كبيرا على معظم مجريات
الأحداث في العالم ومن هنا جاء هذا
الاهتمام الذي أشرت إليه. كثيرون تحدثوا عن هذه
الانتخابات قبل ظهور نتائجها وبعد
ظهور تلك النتائج وأثناء انتظارها،
وأخذت أحاديثهم عنها مناحي متعددة،
ولعل من علامات الاهتمام بها ــ بحسب
العربية ــ أن هناك إحدى وثلاثين مليون
تغريدة قيلت في هذه الانتخابات وهو ما
لم يحصل في أي مناسبة أخرى في العالم،
وهذا يؤكد ــ مرة أخرى ــ أهمية هذه
المناسبة على المستوى العالمي. الرئيس أوباما فاز
للمرة الثانية واحتفل هو وحزبه بهذا
الفوز، ولكن ما قيمة فوزه بالنسبة
لعالمنا العربي والإسلامي الذي ما فتئ
يشتكي من ظلم الحكومات الأمريكية
وتحيزها ضده ؟!، في فترته الأولى تعهد
أوباما بتغيير نظرة العالم عن أمريكا
التي تكونت بعد فترة بوش التي كانت
سيئة بالإجماع.. لكن الرئيس أوباما لم
يفعل شيئا جادا لتحقيق ذلك التغيير
الذي تحدث عنه بإسهاب في خطابه الشهير
الذي ألقاه في جامعة القاهرة. المسلمون والعرب
يعدون فلسطين قضيتهم الأولى ومع أن
الرئيس أوباما تعهد بحل الدولتين ووقف
الاستيطان إلا أن سنواته الأربع
الأولى مضت ولم نر دولة فلسطينية، أما
الاستيطان فقد زاد كثيرا ومازال
الصهاينة ماضين في بناء الوحدات
السكنية وهو لم يحرك ساكنا مع علمه أن
هذا العمل مخالف للقوانين الدولية كما
أنه سيجعل حل الدولتين شبه مستحيل. أما موقفه من وجود
دولة فلسطينية على حدود 1967م فهو أكثر
سوءا فقد وقف ضد هذا المشروع إلا من
كلمات بين آونة وأخرى لا تسمن ولا تغني
من جوع، وربما نراه يقف ضد التوجه
الفلسطيني والعربي لإعطاء فلسطين صفة
دولة غير مكتملة العضوية في الأمم
المتحدة، وهذه المواقف تجعله متناقضا
بين ما قاله وبين ما يقوم به فعلا. في سنواته الأربع
الأولى لم تتغير نظرة العرب السيئة إلى
أمريكا فهل يستطيع الرئيس أوباما
تغييرها في سنواته الأربع القادمة ؟!.
بدون شك يستطيع فعل الكثير خاصة أن
الضغوط التي عليه ليست كما كانت سابقا
؛ فهو لا يتطلع إلى فترة رئاسية ثالثة
وهذا لن يجعله تحت رحمة اللوبي اليهودي
وأعوانه، كما أن فوزه الساحق والذي
يؤكد الدعم الشعبي الكبير له يعطيه
ميزة أخرى لاتخاذ قرارات عادلة تجاه
الشعوب العربية عامة والفلسطينيين
خاصة. قضية سوريا كان موقفه
منها سلبيا وهذا الموقف أثر على مواقف
دول أخرى كان بودها أن تقدم مساعدات
كبيرة للشعب السوري لولا الموقف
السلبي للأمريكان. فهل يتغير موقف
أوباما بعد هذا الفوز ؟!. يستطيع أن
يغير موقفه وأن يحقق مكانة طيبة
للأمريكان في نفوس العرب والمسلمين
لأن الجرائم التي ارتكبها النظام
السوري لا يصمت عنها إلا مجرم مثله.. كثيرون أظهروا
سعادتهم بفوز أوباما لأنه في رأيهم
أفضل من ميترومني المتشدد كما يوصف،
كما أن بعض العرب وحكامهم أظهروا الفرح
ــ أيضا ــ على مبدأ ( وجه تعرفه ولا وجه
تنكره ) ولست أدري هل سيحقق لهم تلك
المساعدة أم أنه سيفعل شيئا آخر !!. أوباما ــ كما أفهم
ــ سيعمل على تحقيق مصالح الشعب
الأمريكي لأنهم هم من انتخبه وليسوا
العرب، والعرب ــ كما أفهم ــ لن
يستطيعوا الحصول على أي شيء مهم من
الرئيس أوباما إلا إذا استطاعوا
الاستفادة من إمكاناتهم الكبيرة في
جعله ينظر إليهم باحترام وأنهم ليسوا
مجرد دمى يحركها كيف يشاء ومتى يشاء
وهم قادرون على ذلك. أمام أوباما قضايا
كبرى ستكون محل اهتمامه منها قضية
إيران وسوريا وفلسطين، والقضايا
الاقتصادية وهذه كلها ستؤثر على العرب
جميعا وعليهم التخطيط السليم لكيفية
التعاطي معها بحكمه.. نتطلع إلى أن يكون
القادم أفضل وأن نرى من الرئيس أوباما
ما يجعلنا نغير نظرتنا إلى أمريكا كما
وعد من قبل. ================= الأهرام
المصرية التاريخ: 10
نوفمبر 2012 بينما تتواصل آلة
القتل التابعة لنظام الرئيس السوري
بشار الأسد, في حصد أرواح العشرات
من المدنيين الأبرياء يوميا, يبدو
أن المعارضة السورية لا تزال غير قادرة
علي توحيد صفوفها المشتتة المبعثرة في
أكثر من اتجاة. , على الرغم من مرور20
شهرا, منذ بدء ثورة السوريين للتخلص من
نظام ديكتاتوري لا يعرف سوى
لغة القمع والإرهاب. فنجاح الثورة
السورية وقدرتها على حسم المعركة
الدائرة حاليا لصالحها مرهون بتجاوز
جماعات المعارضة خلافاتها الهامشية,
التي ستؤدي لإطالة أمد معاناة سوريا
وشعبها, ولا وقت للحديث عن توزيع كعكة
السلطة, فهناك هدف واحد يجمع عليه الكل,
هو إنقاذ سوريا من نظام مستعد للفتك
بشعبه في مقابل البقاء في السلطة. كذلك فإن المعارضة
السورية مطالبة بأن تضع في اعتبارها أن
السوريين في الداخل استنفدت طاقتهم في
تحمل الضربات والغارات الجوية الوحشية
لجيش بشار الأسد, وينتظرون رؤيتهم
يخرجون من مرحلة التشتت إلى مرحلة
الاتفاق, وتلك كانت الرسالة الأساسية
للاجتماع الموسع الذي عقد الخميس
الماضي في العاصمة القطرية الدوحة,
بحضور عربي ودولي لافت. فهذا
ليس وقت البحث عن المكاسب الشخصية, بل
وقت العمل الدءوب من خلال إنشاء قيادة
سياسية موحدة يكون لها الكلمة الفصل في
كل ما يتعلق بالرؤية المستقبلية
لسوريا, وان تعد خطة واضحة المعالم
للتحرك, عقب انهيار نظام بشار الأسد,
وكجزء من هذا التحرك عليهم الاتفاق على
تشكيل حكومة انتقالية, لتجنب حالة
الفراغ السياسي وما سيقود إليه من
انفلات أمني واخلاقي, مثلما حدث في بعض
البلدان العربية اثر ثورات الربيع
العربي. وأخيرا على المعارضة
السورية إدراك أن الوقت ليس في مصلحتها,
إذا قدمت الخلاف على الاتفاق, وانه لا
بديل أمامها سوي الوحدة ولا شئ آخر. ================= زين
الشامي / رياض سيف ... انتبهوا إلى هذا «الزعيم»
السوري القادم الرأي العام 10-11-2012 وجهت وزيرة الخارجية
الاميركية هيلاري كلينتون انتقادات
لاذعة إلى المعارضة السورية ومنها
المجلس الوطني، وتحدثت عن دعمها لإطار
وهيئة جديدة تضم طيفا اوسع واشمل من
المعارضين السوريين، وهي المهمة التي
لم يستطع المجلس الوطني انجازها مرة
واحدة رغم أنه تحدث عنها عشرات المرات.
ويبدو ان الإدارة الاميركية رأت في
رياض سيف، عضو مجلس الشعب السابق عن
دمشق، وأحد أبرز منتقدي النظام،
الشخصية الجامعة التي تتمتع
بالمصداقية والتي يمكن الاتكال عليها
في توحيد المعارضة السورية اليوم
كخطوة ضرورية لسد أي فراغ سياسي قد
ينشأ في حال سقوط نظام الرئيس بشار
الأسد، وهو الامر الذي تعتبره الإدارة
الاميركية مجرد مسألة وقت. لا ينتمي رياض سيف،
أو حتى هو ذاته يدعي ذلك، إلى طبقة
المثقفين السوريين وغالبيتهم من اصول
يسارية وعرفوا انتماءات حزبية موزعة
بين الاحزاب الشيوعية والناصرية
والقومية وما إلى ذلك. هو رجل مختلف
تماما عن هذه الشريحة، ليست له القدرة
على مجاراتها في التنظير السياسي
والفلسفي ولا يحمل أيضا امراضها
وعلاتها وهي علات وامراض مجمل الاحزاب
القومية واليسارية العربية. لقد دخل رياض سيف
معترك الحياة السياسية منتصف
التسعينات حين قرر خوض انتخابات مجلس
الشعب عن مدينة دمشق عن فئة المستقلين،
ووقت ذاك كانت سورية تحت حكم حزب البعث
والرئيس حافظ الاسد قد افسحت هامشا
ضيقا لرجال الاعمال والقطاع الخاص
بحكم المتغيرات الدولية والاقليمية
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكنه
الهامش الذي سيبقى تحت مراقبة واشراف
المؤسسات الامنية بحيث لا يسمح
بالترشح لشخص معارض للنظام او له سجل
بمعاداة النظام. في ذلك الوقت لم يكن
رياض سيف رجلا سياسيا معارضا بل صناعيا
معروفا في دمشق وعلى المستوى الوطني،
وهو ينتمي لعائلة دمشقية «ميدانية»
محافظة ومعروفة بنجاحاتها التجارية
وتميزها في مجال صناعة المنسوجات. عندما قرر رياض سيف
خوض تلك الانتخابات كان يستند على
شعبية هائلة بحكم ملكيته لعدد من
المصانع ولعل ابرزها مصانع شركة «اديداس»
للمنتجات الرياضية في سورية. في ذلك الوقت تسنى لي
ان أكون قريبا من هذه التجربة حيث عملت
في ذلك المصنع عندما كنت طالبا في
جامعة دمشق ولم ابدأ بعد حياتي المهنية
كصحافي. هذه التجربة جعلتني اعرف رياض
سيف عن قرب. كان المصنع في ذلك
الوقت من اوائل التسعينات تجربة نادرة
ومميزة مقارنة بالواقع القائم في كل
المصانع والشركات سواء منها التابعة
للقطاع الخاص او التي تملكها الدولة. كان مصنع «اديداس»
الكائن في منطقة «صحنايا» جنوب دمشق،
بمثابة حديقة كبيرة وعصرية الطراز
تجمع كل الزهور السورية. هناك ترى كل
السوريين بمختلف طوائفهم واديانهم
واثنياتهم ومناطقهم، ويعاملون
بمساواة كاملة ودون اي تمييز. في ذلك
المصنع رأيت الدمشقيين والدمشقيات و«الحوارنة»
والاكراد والفلسطينيين وابناء الساحل
وابناء الطائفتين الاسماعيلية
والدرزية وكذلك المسيحيين بكل طوائفهم
يعملون هناك. فوق ذلك كانت الرواتب
التي يتلقونها مجزية للغاية وكانوا
يحصلون على امتيازات ومساعدات مالية
في المناسبات الخاصة، كالزواج وحالات
الوفاة او حتى من كان يرغب بشراء منزل.
كذلك كان يتلقى العمال وجبات طعام
مجانية وتتوفر لهم عيادات طبية داخل
المصنع. عندما بدأت العمل لم
اكن اصدق اني في سورية، كنت اعتقد مثل
غيري اننا في جزيرة اوروبية منعزلة عن
محيطها السوري. وحين سمعت عن قرب رياض
سيف يتكلم مخاطبا العمال والموظفين
لديه، كنت للمرة الاولى في حياتي استمع
للغة لم اكن معتادا عليها من قبل
الصناعيين او رجال الاعمال او حتى
السياسيين او مسؤولين حزب البعث
الحاكم، كان هذا الرجل يتمتع بشخصية
كارزمية جذابة. عندما خاض رياض سيف
انتخابات مجلس الشعب في ذلك الوقت، حصل
على المركز الاول في دمشق عن فئة
المستقلين، ويبدو ان اهل دمشق ومن
يعيشون فيها ارادوا منح اصواتهم لرجل
ناجح يثقون به ويعتقدون انه سيمثل
حقوقهم ومصالحهم اليومية. حين صار في مجلس
الشعب، بدأ سيف ينغمس اكثر في الحياة
السياسية على حساب شؤونه ومصالحه
الاقتصادية، ويبدو ان احلامه وتصوراته
عن سورية المستقبل وما يريدها ان تكون
عليه قد اصطدمت بالواقع السياسي
القائم، ويبدو انه ادرك بعد اعادة
انتخابه لدورة ثانية عام 1998 وبعد
العديد من «المعارك» في مجلس الشعب
المتعلقة بالفساد وهيمنة الدولة على
كل تفاصيل حياة السوريين انه كما
الجميع محكوم لواقع لا يمكن القفز عليه
او تجاوزه بسهولة، انه واقع سورية
الدولة البوليسية ونظام حكم الفرد. لكن ما كان لافتاً في
هذه الفترة ان خطاب سيف اصطبغ بمزيد من
الجرأة والنقد للاقتصاد والسياسة
الاقتصادية. هنا يمكن القول انه دخل
عالم السياسة وغادر مرة واحدة عالم
الصناعة والاعمال. ولعل معركته التي
فتحها عام 2001 ضد رامي مخلوف رجل
الاعمال و قريب الرئيس السوري والتي
عرفت لاحقا بمعركة «صفقة عقود الهاتف
الخليوي»، والتي ادت لاحقا إلى سجنه
بسبب ما كشفه من فساد، جعلته بنظر
الكثيرين من السوريين بطلاً حقيقياً.
خلال هذه الفترة كانت سورية تعيش في
فترة ما عرف بربيع دمشق وكان سيف احد
ابرز واهم نشطاء المنتديات السياسية
والفكرية ولجان إحياء المجتمع المدني،
تلك المنتديات التي نشطت في الفترة
التي تلت وصول بشار الاسد إلى الرئاسة. لقد طالب رياض سيف
خلال تلك المنتديات بإعادة الاعتبار
للوطن والمواطن، وإطلاق العنان لكل
طاقات الشعب الإنتاجية والإبداعية
والاستثمار الأمثل لكل الموارد
والثروات وصون الحريات العامة ومحاربة
الفساد وأخذ يزور الأحياء والمدن
ويحضر الندوات والمنتديات ويجتمع
بالمثقفين والناس موضحا أراءه ومدللا
على مواطن الخلل والفساد والشراكة
المعلنة والخفية بين بعض التجار
والصناعيين وبعض كبار المسؤولين
وأبنائهم ومحاسيبهم. خلال تلك الفترة كان
يوجه انتقاداته تلك في عز ضوء النهار
وكان ما يقوله في النهار يقوله ذاته في
المساء، وهو ذاته ما كان يقوله في مجلس
الشعب وفي لقاءاته الصحافية. ويبدو ان
هذه الشجاعة والوضوح في الرؤية وهذا
النموذج من السياسيين، جعل السلطات
السورية تخاف من انتشاره بين الناس
فقامت باعتقاله عام 2001 وسجنه خمسة
أعوام بعد ان وجهت اليه تهما غريبة مثل
«اثارة النعرات الطائفية» و«إضعاف
الشعور القومي»؟ كانت فترة السجن فترة
مهمة في حياة رجل دمشقي وبرجوازي مثل
رياض سيف، ويبدو انه كما اي رجل ناجح
ومتفائل في المستقبل، عمل على
الاستفادة منها إلى اقصاها بحيث يحقق
هدفين، قتل الزمن والوقت الذي يمشي
ببطء في السجون، وثانيا، اعداد نفسه
للمرحلة المقبلة. خلال سجنه تسنى لي
زيارته برفقة ابنته السيدة جمانة سيف،
هناك سألته عن برنامجه اليومي في السجن
وماذا يفعل، وقد لفت نظري وقتها تقبله
للامر وارادته الفولاذية في تجاوز هذه
المرحلة وتحديها والاستفادة منها بنفس
الوقت. أخبرني انه يستيقظ باكراً ثم
يقوم بممارسة رياضة الجري والمشي
منفردا لمدة 40 دقيقة، وكان مصرا على
تناول طعام السجن مثل بقية السجناء رغم
انه بامكانه بحكم وضعه المالي
والاجتماعي تأمين طعام خاص من خارج
السجن، كذلك اخبرني انه يقرأ عددا من
الصحف العربية وانه قرأ حوالي 150
كتابا، غالبيتها لها علاقة بسورية،
بتاريخها السياسي، ومنها كتب عن
الاقتصاد السوري، وكتب لها علاقة
بالسياسة بشكل عام وبحقوق الإنسان.
كذلك قرأ في السجن مذكرات أكرم
الحوراني وجميل مردم وخالد العظم
ولطفي الحفار. وقرأ روايات لجورج أوريل
ورواية لباولو كويلو وكتاب مجتمع
الرفاه لإيرهارت وكتاب تفسير القرآن
لوهبي الزحيلي وغيرها. ورغم ان السلطات
السورية اطلقت سراحه في 2006 الا انها
عادت واعتقلته في عام 2008 بسبب توقيع
اعلان دمشق وحكم عليه بالسجن سنتين
ونصف السنة. بعد نحو أشهر قليلة من
خروجه من السجن، اندلعت الانتفاضة في
سورية، وما كان منه الا ان شارك في
التظاهرات المناهضة للنظام وألقى
كلمات في الناس يؤكد فيها على السلمية،
لكن ذلك لم يشفع له حيث ارسلت القوى
الامنية «الشبيحة» ليضربوه ويعتدوا
عليه ما تسبب له في كسور وجروح. ان ميزة رياض سيف هذه
الأيام، وبعد ما طرح في الإعلام من خطة
ورؤية لتوحيد المعارضة السورية وما
يمكن عمله لأجل وفي معركة اسقاط النظام
السوري، تكمن في انه قد يشكل جسرا
جامعا بين غالبية من الطيف السوري
الاجتماعي والسياسي المتنوع وبين عموم
حركات وتجمعات المعارضة نظرا لما
يتمتع به من مصداقية وشجاعة ووضوح في
الرؤية بعكس الكثير من المعارضين
الذين تورطوا في معارك جانبية وصراعات
صغيرة. ================= علي حماده 2012-11-10 النهار في مقابلته
التلفزيونية الاخيرة مع قناة "روسيا
اليوم" قال بشار الاسد ان تغيير
الرئيس او بقاءه يكون عبر صناديق
الاقتراع ! طبعا لم يفصح عن بشار عما
اذا كان يتحدث عن سوريا التي اغرقها
ببراميل متفجرات، وقتل من صغارها
وكبارها ورجالها ونسائها ما يزيد على
خمسة وثلاثين الفا. لقد جاء حديثه
الاخير بينما كانت مشارف دمشق تلتهب
بالقتال والقصف بالط ائرات وهو يتعمق
في الحديث عن جيشه الذي ما كان - حسب
اقواله - ليبقى موحدا لو انه كان يقتل
شعبه كما يشاع! لن نتوقف طويلا عند هذا
النوع من الكلام الذي لا يمكن ان
يستدرج نقاشا بين عاقلين. بل نكتفي
بالقول ان طبيعة هذا النوع من الخطاب
تشي برغبة في مواصلة القتل حتى
النهاية، وهذه ما عادت بعيدة المنال مع
وصول النار الى قلب العاصمة ومشارف
القصر الرئاسي. وحسب روايات متقاطعة
لسكان دمشق أن المدينة يغلب عليها
الشعور بقرب حدوث شيء كبير، وهذا يجعل
الحفاظ على سعر صرف الليرة السورية
مستحيلا. اكثر من ذلك لا تتوقف محاولات
رجال اعمال سوريين لتسييل ممتلكاتهم
وتهريب اموالهم النقدية بحقائب الى
لبنان من اجل حفظها هنا، وربما لاحقا
ادخالها في الدورة المصرفية اللبنانية
على رغم أن هذه العملية صارت أصعب مع
تشديد رقابة الخزانة الاميركية على
القطاع المصرفي اللبناني المخترق
اساسا من "حزب الله"، والذي يلقى
صعوبة اكبر في تبييض اموال رجالات
النظام في سوريا.انما ثمة استثناءات
تحصل هنا وهناك في خمسة مصارف لم تقرر
الالتزام التام للقانون. في مطلق الاحوال ليس
هنا مقام الحديث عن تبييض الاموال في
لبنان، انما الاشارة الى حجم التهريب
النقدي من سوريا الى لبنان لها
دلالاتها وتضيء على انهيار الثقة
بالنظام وبمستقبله. واول المؤشرات رأس
المال الذي غالبا ما يوصف بأنه "جبان".
وفي حين يتراجع
النظام تحت وطأة ضربات مقاتلي الثورة،
ثمة محاولات لا يجوز التقليل منها
لتوحيد صفوف المعارضة السياسية
الداخلية والخارجية تحضيرا لمرحلة ما
بعد بشار وقد صار مداها منظورا.
وبالامس جمعتني طاولة العشاء بعدد من
العارفين بمسارات اللعبة الدولية في
المنطقة، ولاحظت ان المخضرمين بينهم
واصحاب التجربة الطويلة في العلاقات
الدولية والاتصالات مع عواصم القرار
بدوا اكثر تشاؤما مني انا الاقل خبرة.
اكثرهم توقدا وخبرة قال: "ان بشار
انتهى، لكن الحرب طويلة، ولا أستبعد
إمكانية تحقيق مخطط تقسيم سوريا وهرب
بشار الى الكانتون العلوي المتصل
بلبنان الواقع تحت سيطرة "حزب الله".
واضاف: "في حال قيام الكانتون العلوي
ستطول الحرب والاضطرابات وتتغير
حسابات كثيرة ، ولن يكون من الحكمة
تجاهل الدور الروسي، بل ينبغي التعامل
مع موسكو باعتبارها قوة نشيطة في
المنطقة سيكون لها دور اكثر فاعلية في
مرحلة آتية في لبنان وسوريا". في مطلق الاحوال طالت
الحرب ام لا، لن يرى بشار صناديق
الاقتراع. ================= صراع لا
يشبه غيره: سوريا ليست لبنان أو العراق ميشيل كيلو السفير 10-11-2012 ما أن تتحدث إلى
مواطن عراقي عن أزمة سوريا حتى يبدأ
بشرح اوجه التشابه بين الوضعين
العراقي والسوري، وبتحذيرك من عقابيل
«العرقنة»، التي تعيشها بلاد الرافدين
منذ الغزو الأميركي العام 2003. فإن أنت
التقيت بأخ لبناني، بدأ يقارن بين
الحرب الطائفية التي شهدها لبنان
مراراً وتكراراً طيلة عقد ونصف وبين ما
يجري في سوريا باعتباره أمراً يشبهها
ويتماهى معها. بهذه المناسبة، من
المنطقي أن يحذرك المتحدث من عواقب
الاقتتال الطائفي، ويقدم لك الحلول
الكفيلة بتحصين بلادك المنكوبة،
المستوحاة جميعها من تجربة بلاده . ليست سوريا بلداً
خلواً من الطوائف، لكنه ليس بلداً
طائفي التركيب والتكوين: مجتمعياً
وسياسياً. ولم يسبق للتنوع الطائفي
والإتني السوري أن قاد إلى صدامات او
حروب طائفية، متكررة أو متفرقة، ولم
يوهن يوماً وحدتها الوطنية إلى درجة
تستوجب إعادة النظر فيها، ولم يدفع
بأطراف طائفية إلى الاستعانة بالأجانب
من أجل حسم خلافاتها أو وقف اقتتالها.
وكانت سيرورة اندماج حثيثة قائمة على
قدم وساق في سوريا عقب انفكاكها عن
الإمبراطورية العثمانية وبداية تكون
دولتها الوطنية في اعقاب الحرب
العالمية الأولى. ثم زاد من ابتعاد
السوريين سياسيا عن طوائفهم نضالهم
المشترك في سبيل الاستقلال، وواقعة أن
فرنسا أرادت تقسيم وطنهم انطلاقا من
أسس وحسابات طائفية ومناطقية، فكان
رفضهم له وتمسكهم بوحدتهم رفضاً
إضافياً لإضفاء أي طابع سياسي خاص على
انتماءاتهم الطائفية، أو لاعتبار
مذاهبهم وقائع ذات اولوية تحد من
هويتهم كسوريين، ومن حاجتهم إلى
المواطنة كمبدأ يجب ان تنهض عليه
حياتهم العامة ومشاركتهم في شأن عام،
يستجيب لحرية الفرد ولوحدة الدولة
والمجتمع واستقلالهما. بكلام آخر: كان
تاريخ سوريا يمضي في اتجاه يتخطي
الانتماءات الدنيا والجزئية، طائفية
كانت أم مناطقية أم اتنية، وكانت
الانتماءات العليا والجامعة،
انتماءات الوطنية والحرية والنزعة
الديموقراطية، تصهر في بوتقة الصالح
العام المصالح النابعة من توجّهات
جزئية ودنيا، بينما كان التطور
الاجتماعي يأخذ البلاد إلى عتبات
قريبة من تلك التي دخلت عبرها البلدان
المتقدمة إلى رحاب تطورها المفتوح،
وكانت السياسة تتجسّد في مؤسسات
قانونية وأحزاب متنوعة ونقابات
وجمعيات ونواد، فضلاً عن نظم تعليم
متطورة وعلاقات سوق متنامية، ورسملة
طاولت قطاعات زراعية ومناطق ريفية
متزايدة الاتساع، في حين بدت طرق
المستقبل مفتوحة نسبياً أمام خيارات
العدالة والمساوة، وبدت إرادة الشعب
مهمة في تقرير مصير الوطن، مثلما حدث
مع قيام وحدة العام 1958 مع مصر. كان مجتمع سوريا
يندمج في الداخل وينفتح على أمته
العربية في الخارج، ويشارك في
الصراعات الإقليمية والدولية، حتى أن
مفكراً كبيراً كالياس مرقص اعتبره هو
وليس أي مجتمع عربي آخر، الحامل الاكبر
للمشروع القومي / التحرري في عالم
العرب. هذا التطور الايجابي، تم كبحه
تماماً بعد انقلاب 8 آذار 1963، الذي ما
لبث أن قام على أسس قوضت الوحدة
الوطنية والتطور الحر والدولة
المستقلة، وأبرزت السلطة الحاكمة
كبديل عن الدولة، وكسرت باسم الثورة كل
ما يتخطى مكونات المجتمع الدنيا ويمثل
حالة نوعية تتجاوزها. فهل نجح الانقلاب
في رد سوريا إلى حال ماضية، قامت على
ولاءات جزئية وعصبوية وانتماءات دنيا
لطالما همشها وقوضها التطور الذي كانت
تشهده البلاد قبل البعث؟ اعتقد جازماً
انه لم ينجح، رغم ارساء قواعده على ما
في سوريا من تكوينات وكيانات ما قبل
مجتمعية، وتنظيمه المنتمين إليها
باعتبارهم حالة خاصة: شعباً سلطوياً
رباه على العداء للشعب المجتمعي،
لعامة الناس العاديين الذين تعرضوا
بالامس للقمع والافقار والافساد،
ويتعرضون اليوم للذبح بدم بارد. إذا كان النظام لم
ينجح، فهذا معناه أن محاولته وقف تطور
سوريا الاندماجي / الوطني لن تنجح في
وقف تلاشي الطائفية، وأن فشله سيعني،
بين اشياء اخرى، انه لا يمكن ان تختلف
في سوريا طوائف من النمطين اللبناني
والعراقي، وأن مجتمع سوريا يختلف
كثيراً عن هذين المجتمعين الشقيقين: عن
العراق الذي عاش قرونا من المذابح بين
سنته وشيعته، بشهادة موثقة قدمها
الدكتور علي الوردي في كتابه المهم: «لمحات
اجتماعية من تاريخ العراق السياسي»،
حيث يصف بإسهاب ودقة ما وقع بين
العراقيين من صراعات ومذابح خلال قرون
عديدة. وعن لبنان، لان نظام سوريا
السياسي ليس مبنيا على توازنات
طائفية، ولان الطائفية ليست حامل حياة
السوريين العامة وإطارها ومقرر
مآلاتها، وأخيرا، لأن نمط الطائفية
السلطوية السوري أفضى إلى بلورة «طائفة
سلطة» غير مجتمعية وغير منتمية إلى اية
طائفة بعينها، ما يفسر فشل النظام في
تحويل الصراع السوري الحالي من صراع
مجتمع تنشد أغلبية مكوناته الحرية إلى
اقتتال بين طوائف تتصارع تحت إشراف
السلطة. ليست سوريا العراق او
لبنان، وهي لم تعرف في تاريخها قتالا
طائفيا او صراعا طائفيا مديدا، ولم تكن
طوائفها تكوينات سياسية/ اجتماعية ذات
مصالح خاصة مستقلة او منفصلة عن غيرها،
وليس في سوريا طوائف تمارس رعاية او
تنمية ذاتية من خلال مدارس وجمعيات
ومؤسسات ومرافق وشركات وجامعات ومعاهد
ونواد رياضية واجتماعية... خاصة بها
وحدها، ولا توجد في سوريا أحزاب طائفية
باستثناء «جماعة الأخوان المسلمين»،
التي لا تقبل غير السنة في صفوفها،
لكنها تعد بتشكيل حزب يتخطى طابعها
الطائفي، فليس للعلويين أو للمسيحيين
او للدروز أو للاسماعيليين أحزاب خاصة
بهم تمثل مصالحهم في مواجهة المجتمع
والدولة والطوائف الاخرى، أو تقيم
شراكة مصالح بين قيادتها ركيزتها
المحاصصة والتقاسم، وفيما عدا الأحزاب
الكردية، ليس في سوريا احزاب اتنية،
علماً بأن معظم أحزاب الكرد يتبنى
مشتركات وطنية جامعة مستمدة من قيم
الحرية والمواطنة والديموقراطية
وحقوق الانسان والمجتمع المدني،
تتعارض مع انفصالها عن بقية المجتمع
واقامة كيان كردي خاص بها، وتمكنها،
بالمقابل، من الحصول على حقوقها
المشروعة في إطار مجتمع مندمج قائم على
حقوق متساوية. ليس في تاريخ سوريا
حقب انطبعت بسمات طائفية خاصة وسمت
علاقات مكوناتها أو حددتها. ولم يذهب
تاريخها من الاندماج الوطني إلى
التمزق أو التمييز الفئوي/ الطائفي، بل
سار في اتجاه معاكس تحوّلت معه طوائف
وفئات كان نظام الملل العثماني يرعاها
إلى كيان سياسي ازداد اندماجاً، تحول
بمرور الوقت الى تشكيل وطني الملامح
والوظائف، عروبي الابعاد والاهداف،
تكور على ذاته انطلاقاً من قيم ومقاصد
تتخطى انقساماته الذاتية وفئاته
الدنيا، صهرته في كلية مجتمعية رفضت
اية تسويات مصالحية أو وقتية بين
مكوناتها المختلفة. ومع أن سلطة «البعث»
اعتمدت بعد العام 1970 بصورة خاصة سياسات
فئوية استغلت ما في المجتمع من عوالق
طائفية وتفاوت جهوي، وراهنت على
التناقض بين الارياف والمدن، والفقراء
والأغنياء، والأقوياء والضعفاء،
وركزت بصورة خاصة على منطقة الساحل
السوري وحمص، حيث توجد كتلة سكانية
كبيرة من ريفيين ضاقت بهم جبالهم شبه
الجرداء والمزدحمة، وحرموا لفترة
طويلة من حقوقهم كفلاحين وكفقراء، لكن
درجة تعليمهم المرتفعة نسبياً أهلتهم
للدخول في بيروقراطية الدولة كموظفين
وعسكريين، فإن تطور السلطة ما لبث أن
همش هذه القاعدة الاجتماعية،
واستبدلها بحامل مغاير قدمته بالدرجة
الاولى قواعد الأجهزة الأمنية
والحزبية، التي غلب عليها الطابع
الريفي، لكنها ارتبطت بالسلطة
واقتصادها وأيديولوجيتها ومصالحها
إلى حد جعل منها فئة خاصة انفصلت بصورة
متزايدة عن ماضيها واصولها، بينما
ابتعدت فئة السلطة القائدة عنها طبقيا
وانخرطت في تحالف فوقي ضم اشخاصاً من
جميع المذاهب، جسد طائفة سياسية ذات
مصالح وانماط عيش وسلوك وتفكير مشتركة
انفردت بها دون فئات المجتمع الاخرى،
حولت كتلة الفلاحين السابقين،
العاملين في أجهزة الأمن والجيش، الى
خدم لديها وحراس على أبوابها وشعب بديل
لشعب الكد والعمل والفكر: شعب المجتمع
الوطني العام. ليست معركة سوريا
الحالية طائفية أو بين طوائف. إنها
بالأحرى معركة بين مجتمع مظلوم ومضطهد
ومنهوب وبين ظالميه ومضطهديه وناهبيه،
وهؤلاء ليسوا بالتأكيد جمهرة منتسبي
الأمن والجيش ممن يستخدمون لحماية
امتيازات وتسلط طائفة الحكام السياسية
/الاقتصادية، ويرابطون اليوم في
الشوارع دفاعاً عنها، بما تضمه من لصوص
وفاسدين وظلمة، تناضل قطاعات واسعة من
الشعب منذ قرابة عامين للتخلص منها،
ولا توفر جهدا إلا وبذلته من اجل
ازالتها عن قمة الهرم السياسي /الاجتماعي،
الذي استخدمت ما يتيحه لها من ادوات
ووسائل وقوى من اجل اقامة واقع مصطنع
حال بين السوريين وبين استكمال
اندماجهم الوطني بما هو ارضية لا بد
منها لإحرز الحرية والديموقراطية،
ولإقامة دولة العدالة والمساواة، التي
اضعفت «طائفة السلطة» ما كان في بلادنا
من مقدماتها. لسنا لبنان أو العراق
أو مصر. هذه سوريا، التي تذهب إلى
حريتها معلنة أن الشعب السوري واحد،
وأن السوري ليس ولا يريد أن يكون سنيا
أو علويا أو مسيحيا أو درزيا او
اسماعيليا، وإنما يريد أن يكون هذا كله
في آن معا، ليكون وطنيا وسوريا بحق! كاتب سياسي ـ سوريا ================= تزداد
تنظيماً وتسعى لاستقطاب الدعم المعارضة
السورية... ورهانات المرحلة المقبلة تاريخ النشر:
السبت 10 نوفمبر 2012 الاتحاد انتخب المجلس الوطني
السوري قيادة جديدة خلال مؤتمر عقد هنا
بالعاصمة القطرية الدوحة يوم الأربعاء
الماضي، في ما يمثل محاولة اللحظة
الأخيرة لإعادة هيكلة المنظمة
وتوسيعها بحيث تصبح هيئة تمثل وتستوعب
عدداً أكبر من مجموعات المعارضة،
وتحافظ على الدعم الدولي. يذكر أن الولايات
المتحدة أضحت تشعر خلال الآونة
الأخيرة بإحباط متزايد إزاء الصراع
الداخلي الدائر بين زعماء التنظيم
المعارض وتعتقد أن المجلس الوطني
السوري لا يمثل كل المجموعات الإثنية
والدينية في سوريا ولا يحظى بالشرعية
بين النشطاء. وفي هذا الإطار،
انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية
هيلاري كلينتون خلال الأسبوع الماضي
المنظمة قائلة إنه لم يعد بالإمكان
اعتبار المجلس الوطني السوري “الزعيمَ
المرئي للمعارضة”. كما طفت على السطح
أيضاً انقسامات عميقة بسبب مخطط تقدم
به عضو المجلس الوطني السوري رياض سيف،
الذي يعتبر شخصية بارزة في المعارضة إذ
سبق له أن تعرض للسجن عدة مرات في
سوريا، ويقضي مخططه بتشكيل منظمة
جديدة تستطيع استيعاب تشكيلة أكبر من
مجموعات المعارضة. وحسب أعضاء في المجلس
الوطني السوري اطلعوا على المخطط، فإن
مقترح سيف، الذي يعرف بـ”المبادرة
الوطنية السورية”، يدعو إلى علاقات
أوثق مع مجموعات المعارضة داخل سوريا،
مثل المجالس السياسية والعسكرية
المحلية. كما يدعو إلى علاقات أوثق مع
الجيش السوري الحر، ويخطط لفترة
انتقالية بعد السقوط المنتظر لنظام
بشار الأسد، بل وحتى تشكيل حكومة
انتقالية. غير أنه إذا كان بعض
أعضاء المجلس الوطني السوري يدعمون
هذا المقترح، فإن أعضاء آخرين يتهمون
سيف بالعمل مع المسؤولين الأميركيين
من أجل إضعاف المجلس الوطني السوري. وفي هذا السياق، قال
رضوان زيادة، عضو المجلس الوطني
السوري الذي يشغل أيضاً منصب المدير
التنفيذي للمركز السوري للدراسات
السياسية والاستراتيجية في واشنطن: “إن
البعض يسميه مخطط روبرت فورد أو المخطط
الأميركي”. يذكر هنا أن “فورد”
هو السفير الأميركي إلى سوريا، وقد
التقى مع بعض شخصيات المعارضة على هامش
المؤتمر. وأضاف زيادة يقول: “هذه
مجرد وعود من الأميركيين لا يصدقها أحد.
إنهم ليسوا في حاجة إلى سيف من أجل
تقديم مخطط. إنه أمر غير واقعي”. وقد قام ممثلو
المعارضة بمناقشة مقترح سيف في
المؤتمر الذي عقد هنا في الدوحة. وفي وقت أجرى فيه
المجلس الوطني السوري انتخاباته يوم
الأربعاء، نفذ الجيش السوري هجمات عبر
البلاد أسفرت عن مقتل 109 أشخاص على
الأقل، وفق لجان التنسيق المحلية
المعارضة. كما نفذت قوات الثوار سلسلة
من الهجمات في دمشق، حسب وكالة الأنباء
السورية الرسمية “سانا”، واغتيل
القاضي أباد نضوة في العاصمة لدى تفجير
قنبلة ألصقت بسيارته عن بعد. وقد أتى هذا الهجوم
بعد يوم على تعرض محمد لحام، شقيق رئيس
البرلمان، لعملية اغتيال بعد أن أطلق
عليه النار مسلحون أثناء توجهه إلى
عمله، حسب تقارير إعلامية رسمية. كما قتل ثلاثة أشخاص
يوم الأربعاء ضمن سلسلة من الهجمات
بواسطة قذائف الهاون في حي المزة 86 في
دمشق، وهي هجمات ينظر إليها من قبل
كثيرين على أنها مؤيدة للحكومة. وكان
الحي قد شهد انفجار سيارة مفخخة يوم
الاثنين الماضي. كما فجّر المقاتلون
الثوار أيضاً شاحنة مفخخة في جسر النبك
في محافظة دمشق يوم الأربعاء، ما أسفر
عن مقتل ستة جنود حكوميين على الأقل،
وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي هذه الأثناء، أخذ
العنف المتزايد في سوريا، التي يُقتل
فيها ما يقدر بـ200 شخص كل يوم، يثير قلق
جيرانها. وفي هذا الإطار، أفادت
الصحافة التركية يوم الأربعاء بأن
تركيا تجري محادثات مع حلفائها في حلف
“الناتو” بشأن نشر صواريخ باتريوت
على طول حدودها الجنوبية من أجل حماية
أراضيها من أية هجمات من قبل الجيش
السوري. وقد جرت انتخابات
المجلس الوطني السوري يوم الأربعاء من
أجل شغل 40 منصباً شاغراً في الأمانة
العامة للتنظيم، الذي سيختار بعد ذلك
لجنة تنفيذية تتألف من 11 عضواً. على أن
تقوم اللجنة التنفيذية باختيار رئيس
جديد للمنظمة. وعلى رغم الانقسامات في
المؤتمر، إلا أن كثيراً من أعضاء
المجلس الوطني السوري يدركون أن الدعم
الأميركي أساسي بالنسبة للمعارضة
السورية. وفي هذا السياق، اعتبر
عبدالباسط سيدا، الرئيس الحالي للمجلس
الوطني السوري، أن إعادة انتخاب
الرئيس أوباما تمثل لحظة مهمة من أجل
إعادة النزاع السوري إلى أجندة
السياسة الخارجية الأميركية. وقال “سيدا” في هذا
الصدد: “بالنسبة لأوباما، هذا هو
الوقت للقيام بشيء من أجل وقف أعمال
القتل داخل سوريا... لأنه إذا استمر
الوضع على هذا النحو، فإنه سيكون ثمة
تطرف وأصولية ولن يكون ثمة استقرار في
المنطقة”. باباك ديهجانبيشه الدوحة ينشر بترتيب خاص مع
خدمة «واشنطن بوست
وبلومبيرج نيوز سيرفس» ================= الأزمة
السورية... والقضية الفلسطينية تاريخ النشر:
السبت 10 نوفمبر 2012 غازي العريضي الاتحاد انتخب أوباما لولاية
جديدة في أميركا. كانت انتخابات
انتظرها وتابعها العالم وانشغلت وسائل
الإعلام بمتابعتها، سمعنا تحليلات
وتوقعات كثيرة قبل إعلان النتائج
وبعدها. لا شك أنها كانت عملية مشوقة
وانفقت فيها مبالغ كبيرة. السؤال الأن:
ما هي نتائج انتخاب أوباما؟ عند انتخابه لأول مرة
منذ سنوات أربع، كتبت أن شيئاً جديداً
حدث في أميركا مع وصول رجل أسود إلى سدة
الرئاسة. لكن في السياسة وفي ما يعنينا
كعرب لا يمكن أن نبني على هذا التغيير
فقط. المهم أن نلمس تغييراً جدياً في
السياسة معياره الأساس كيفية التعاطي
مع القضية الفلسطينية وحق الشعب
الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة
على أرضه وإلزام إسرائيل بذلك. لم
يتحقق شيء من ذلك. في معزل عن نوايا
أوباما ومحاولاته المهم النتائج، لم
تكن إيجابية أبداً. السلطة الفلسطينية
ضعفت. إدارة أميركا وعدتها وخذلتها.
قالت لها: نوافق على وقف الاستيطان
والدخول في مفاوضات، ثم تراجعت وضغطت
عليها لاحقاً بعدما فشلت في إقناع
إسرائيل. الإدارة ذاتها هددت بقطع
المساعدات المالية عن السلطة وهي في
الأساس تصل إليها بالقطارة. ازداد
الوضع سوءاً داخل الأراضي الفلسطينية
وارتفعت وتيرة ونبرة الاعتراض في وجه
أبومازن الذي لا يملك شيئاً. الإدارة ذاتها أعلن
رئيسها عام 2010 في الأمم المتحدة أن
العام المقبل ستكون دولة فلسطين بيننا.
لم تقم الدولة. وأسقطت الإدارة ما قامت
به السلطة لأخذ موقع للدولة ولو بصفة
مراقب في الأمم المتحدة. وتقدمت
إسرائيل. وفرضت إعلامياً وسياسياً
خطاباً يتحدث عن الدولة اليهودية.
وتريد الزام الفلسطينيين بالموافقة
عليها قبل الدخول في مفاوضات. واستمرت
إسرائيل في الاستيطان والتهويد
واحتلال الأراضي وتهجير الفلسطينيين
من منازلهم وفي إرهابها ضدهم مستخدمة
كل الوسائل والأساليب متنكرة لكل
القرارات والمطالبات الدولية بوقف "العنف"
والعودة إلى المفاوضات. اليوم، نحن أمام
الإدارة الأميركية ذاتها. قد تتغير
وجوه. لكن الرئيس هو ذاته. السؤال ماذا
سيفعل؟ الذين فرحوا لسقوط رومني ونجاح
أوباما ماذا ينتظرون؟ هل الموقف مبني على
الخيار بين سيئ وأسوأ؟ أم على اعتبار
أن هذه الإدارة معروفة فلماذا التعاطي
مع جهة غير معلومة وعامل الوقت مهم؟ أم
انطلاقاً من أن ثمة أموراً أو علاقات
أو خططاً ومشاريع قد بدأناها مع هذه
الإدارة وينبغي استمرارها؟ أم لأن
الوقت مهم لناحية عدم انتظار تركيب
إدارة جديدة؟ أم لأن الولاية الجديدة
للرئيس ذاته قد تحرره من ضغوط إضافية
تمارس عليه من قبل إسرائيل، وهو لم يعد
بحاجة إلى دعمها، إذ أنه انتخب ولن
ينتخب مرة ثالثة، وبالتالي هو قادر على
التمايز عنها؟ وثمة من يعتبر أنه
سينتقم من نتنياهو. وأن هذا الأخير
يعتبر الخاسر الأكبر من نتائج
الانتخابات الأميركية؟ كل هذه الأسئلة
مشروعة ومحقة، وهذه التحليلات موجودة،
لكن الأهم هو ماذا ستفعل الإدارة
الأميركية؟ أين فلسطين في سياساتها
الجديدة؟ وهذا السؤال لا يعفينا من
المسؤولية نحن كعرب. أقول ذلك وقد
لفتني في سلسلة البرقيات والمواقف
التي أرسلت إلى أوباما، أو أعلنت منذ
انتخابه أن الأنظار تتجه إليه لمعرفة
كيفية تعاطيه مع "القضية السورية".
والبعض طالبه بموقف واضح والعمل على حل
"القضية السورية". قليلة جداً
الإشارات أو المواقف التي صدرت حول
القضية الفلسطينية. مؤسف جداً أن نكون
اليوم أمام "قضية سورية" غطت على
القضية المركزية الأم، القضية
الفلسطينية التي هي "أساس كل شيء في
هذه المنطقة، منذ نشوء دولة الإرهاب
والاغتصاب إسرائيل على أرض فلسطين. نعم، نحن أمام قضية
سورية خطيرة، معقدة ومتشابكة بعناصرها
الداخلية وحساباتها الخارجية. وحسابات
الدول المعنية بها. وسوريا تدمّر. وما
يرتكب فيها من مجازر وفظاعات يهدد
البشر والتراث والمخزون التاريخي
الحضاري الإنساني في سوريا، ولم تشهد
له مثيلاً منذ عقود طويلة من الزمن.
وثمة إجماع على التحذير من خطر استمرار
هذا الوضع وتمدده إلى دول أخرى. ولا بد من الإسراع في
حل يوقف حمام الدم ويفتح الباب أمام
الشعب السوري لممارسة حريته وتأكيد
خياراته السياسية في إدارة شؤون
البلاد بعيداً عن القمع والتسلط
والفئوية والتفرّد والتحكم من قبل
نظام يتحمل المسؤولية الأساس في ما آلت
إليه الأمور اليوم من تعقيد ومصاعب
ومتاعب. والواقع الحالي يخدم إسرائيل. والموقف الدولي من
"القضية السورية" ينطلق من
التنافس والخلاف على المصالح في
المنطقة. وتستخدم سوريا اليوم ساحة
لتصفية الحسابات والخلافات بدءاً من
أزمة الصواريخ بين روسيا وأميركا،
وأزمة الملف النووي الإيراني ودور
روسيا والصين وموقف أميركا، وما جرى في
ليبيا، وما يجري في مالي وصولاً
لأفريقيا وأفغانستان، والصراع على
النفط والغاز، كل هذه القضايا
والملفات على طاولة البازار. الموضوع
الوحيد خارج النقاش والصفقة، بل
الصفقات الكبرى ستكرسه، هو: إسرائيل.
نعم إسرائيل نقطة التلاقي في تقاطع
المصالح، وعندما نقول إسرائيل، نقول
احتلال أرض فلسطين وإلغاء القضية
الفلسطينية وإسقاط حقوق الشعب
الفلسطيني على أرضه. من هنا فإن
الإسراع في حل "القضية السورية"
لا يخدم إسرائيل ولذلك يتلكأ ما يسمى
بالمجتمع الدولي، ولم يحن أوان الحل
بعد عنده! وإذا استمر العرب على هذا
المنوال في التعاطي، فإنهم سيكونون
بعد القضية السورية أمام قضايا عديدة
مختلفة، ولن يكون ثمة قضية فلسطينية
وسيكون الإنشغال العالمي والدعوات إلى
حلول لهذه القضايا وستتراجع "القضية
الفلسطينية". وإلى الذين يراهنون
على خلاف بين نتنياهو وأوباما، قال
الأول: "لن أسمح بالمساس بالعلاقات
مع الولايات المتحدة الأميركية". غازي العريضي وزير الأشغال العامة
والنقل اللبناني ================= الزعتري
.. ابكتني الطفلة رغد ! سلطان الحطاب الرأي الاردنية 11-10-2012 أمس الاول كنت في
مخيم الزعتري الذي أصبح عدد سكانه بحجم
عدد سكان مدينة أردنية اذ تجاوز
الأربعين الفاً بزيادة التدفقات
الكبيرة من اللاجئين الذين ازداد
عددهم ايام العيد .. انتفخ المخيم وقامت
فيه شوراع حاصرت الغبار ودخلته
الكهرباء وانتشرت في خيامه لتنصب دشات
المشاهدة التلفزيونية.. كما انتشرت
دكاكين صغيرة لبسطات على طول الشوارع
الداخليه وحتى في الزنقات المتفرعة
وتكاثرت لدرجة اعتقدت فيها ان كل خيمة
اقامت أمامها بسطة للبيع فالكل يبيع
على الكل وهناك معروض كثير وبيع قليل
لعدم وجود سيولة بين يدي اللاجئيين .. في المخيم تباع سلع
قديمة ومستعملة من الملابس وأخرى من
الأغذية لا توجد رقابة على زمن
انتهائها وصلاحيتها وأنواع من السجائر
المهربة من تلك التي لا تباع في عمان . وفي المخيم سوق سوداء
ومراكز قوى تتحكم في البيع والشراء
ويبدو ان معظم البسطات إما لجهة واحدة
أو لجهات قليلة تفرض شراكتها عليها
لتسمح لها باستمرار العرض .. عدت الى الزعتري
للمرة الخامسة وقد تغير عما كان عليه
حين زرته آخر مرة فقد استبدلت بعض
خيامه بكرفانات مازال عددها قليلاً
فالمخيم يحتاج في حد ادنى الى (8) الآف
كرفان اذا ما وضع كل خمسة أفراد من
عائلة في واحد منها . واذا ما بقي العدد
يتزايد فإن الرقم سيزداد . ولم يتوفر من
هذه الكرفانات في المخيم حتى الان سوى(200)
فقط، مائة اقامتها الامارات العربية
ومائة اخرى اقامتها سلطنة عمان. وتبرعت
المملكة العربية السعودية ب(2500) كرفان
مازالت لم تنصب في مواقعها ولم تصل حيث
جرى اعداد مكان مجاور للمخيم لاستيعاب
الكرفانات بعد ان جرى رش الارض بالحصمة
وضغطها لمنع ثوران الغبار .. نحن على ابواب الشتاء
وهناك تقارير دولية متضاربة عن المخيم
وموقعه وجدواه وحجم العمل فيه . ومازال
الأردن يبذل جهوداً كبيرة رآها الزوار
الدوليون وآخرهم رئيس الوزراء
البريطاني كاميرون أمس الاول والذي
زار المخيم واستمع لايجاز عن العمل
والحاجات وقد تابعت زيارته وسبقنا
حضوره لافتتاح صالة العاب للاطفال
اقامتها «جمعية البداد الخيرية» في
خيام ضخمة خصصت احداها كدار عرض لأفلام
الأطفال في حين انتشرت الالعاب داخل
الصالة الأخرى وخارجها .. كان وزير
الاشغال العامة يحيى الكسبي ورئيس
جمعية البداد الخيرية والسفير العماني
قد افتتحوا مركز الترفيه للاطفال نواة
لنشاطات رياضية وترفيهية وثقافية أخرى
.. جاء من يوزع من
الجمعية العاباً..وفجأة وجدنا ان عدد
الاطفال الذين تجمهروا يزيد عن الآلف
طفل وطفلة لم تكن الالعاب تكفي لهم
فكان الصراخ والبكاء والألم .. كان
المشهد مأساوياً .. الطفلة رغد الصغيرة
لم ينلها الا غلاف أحد الالعاب وهو
صندوق كرتوني في حين كانت اللعبة من
نصيب طفل آخر فالكمية لم تكن تتجاوز(500)
قطعة .. حين خرجت وجدت رغد الصغيرة ذات
الاعوام الخمسة قد جلست تبكي بحرارة
وتلطم على وجهها في منظر استوقفني خارج
الخيمة واعتقدت انها اضاعت امها في
الزحام فاقتربت واستمعت كانت تكلم
صورة اللعبة وتضع اصبعها الصغيرة على
عينها وتقول «بدي اياكِ .بدي اياكِ» ..تكلم
نفسها وتقول بدي لعبة و تبكي بحرارة ثم
بدأت تُقّبل الصورة وتحضنها.. كان صوت
البكاء فيها قد أجهش وبدأت تلطم وجهها
بيدها .. اقتربت منها وقلت: اين لعبتك؟ ..
قالت: ما في اعطوني هذا بس! .. لم اكن
استطيع ان اعوضها .. لم تتوقف عن البكاء
وعتاب العلبة الفارغة .. بعد دقائق جاء
اخيها الصغير يبكي فقد وقع عن المرجوحة
التي ازدحم عليها المئات كان مدمي
اليدين وجلس الى جوارها وراح يبكي ..
كان المنظر مأساوياً .. هزتني الحسرة
وتألمت .. اكثر من 70% من سكان مخيم
الزعتري من الأطفال دون الثانية عشرة .
انه اشبه بمدرسة رياض أطفال معظمهم لا
يلبس في قدميه شيئاً.. مغبري الرؤوس ..
يائسين.. قلت هذه الآلاف اين تذهب؟ .
والى ماذا يجري اعدادها؟ .. أصبت
بتداعيات في التفكير الداخلي كيف يعد
اعداؤنا اطفالهم لمقاتلتنا كعرب؟ وكيف
نعد كعرب اطفالنا؟ غرقت في الحزن
والبؤس لدقائق .. ولم يوقظني من هذه
الحالة سوى زميلي الذي توجهت الى
المخيم بسيارته وهو يقول .. لقد غادروا
هل ستبقى هنا !!! صعدت للسيارة وفي فمي
مرارة ... وقلت كم لعبة في كل بيت من بيوت
القادرين منا.. الا يوجد حتى العاب
مستعملة او كبر عنها صغارنا؟ .. الا
يوجد دفاتر واقلام واصابع الوان؟ .. ألا
يوجد؟ .. لماذا لا نطفيء بهذه الاشياء
البسيطة حزن هؤلاء الاطفال وحرقة
قلوبهم . فالعيد لم يصلهم وحين وصلتهم
اطلالته أمس من جمعية البداد لم تكمل
فرحتهم فقد بقيت دموع رغد تنهمر
ومازالت يد اخيها في الرابعة تنزف
لوقوعة عن المرجوحة التي اغتصبها من هم
اكبر منه !!! ================= على
السوريين أن لا ينتظروا الاصدقاء! طارق مصاروة الرأي الاردنية 11-10-2012 على المعارضين
السوريين المجتمعين الان في الدوحة ان
يفهموا أن انتظار الدور الاميركي
العسكري هو انتظار عبثي, لأن خطة
اوباما هي اعادة الجنود الاميركيين من
قواعد المغامرات العسكرية. وليس دفعهم
الى مزيد من الحروب!! ما حدث في ليبيا, لم
يكن دوراً اميركياً إلا في حدود توريط
الاطلسيين وحلفهم, فلم يشترك سلاح الجو
الاميركي الا في الاسبوعين الاولين,
وتحمل الباقي الفرنسيون والايطاليون
والانجليز.. ودولتان عربيتان خليجيتان!! التدخل الاميركي في
مناطق الربيع العربي لم يكن تدخلاً
عسكرياً, فقد اعتمدوا على التحالفات مع
التيار الاسلامي المعتدل, وشجعوا
دولاً عربية معينة على تمويل معاركه
الانتخابية واعلامه الذي استورده
للفضائيات التي شنت حروباً قاسية على
أنظمة مصر وتونس وليبيا واليمن. الان ينتظر
المتفائلون السوريون في المعارضة
سياسة اوباما بعد اعادة انتخابيه, ولذا
نقول عليهم أن ينتظروا طويلاً.. وأن
يأخذوا الموقف التركي ثيرمومترا لرصد
التحرك الاميركي والاوروبي
والثيرموتر التركي يتراجع بشكل سريع
فرئيس الوزراء اردوغان يناشد الحلف
الاطلسي استحضار بطاريات صواريخ
باتريوت بجنوب تركيا «لمواجهة الخطر
السوري» ويتحدث بالكثير من المسكنة عن
«حق تركيا بالدفاع عن سيادتها وارضها
في وجه العدوانية السورية». على السوريين ان
يعتمدوا على انفسهم فقط، وحتى تمويل
ثورتهم فبعد نشر ميزانية السنة
الماضية عن مساعدة «اصدقاء سوريا»
البالغة 4ر40 مليون دولار نصفها من
ليبيا وخمسة عشر مليون من قطر، وخمسة
ملايين من الامارات، فان «المعونة»
يمكن الاستغناء عنها، وهناك اغنياء
سوريون في المهاجر يستطيع واحد منهم ان
يدفع ما يعادل كل «الاصدقاء». سوريا حالة غير
العراق، وغير ليبيا، وحتى غير مصر
وتونس، فالذين حاولوا ان يلعبوا لعبة
شرطي العالم، ويفرضوا الديمقراطية على
الشعوب التائقة الى حريتها.. اخذوا
النتيجة السريعة في نتائج غزو العراق
وافغانستان. ================= رأي
الراية..تآكل نظام الأسد من الداخل الراية 10-11-2012 يمثل انشقاق 26 ضابطا
من الجيش النظامي السوري وفرارهم إلى
تركيا وانضمامهم للمئات هناك وانتخاب
المكتب التنفيذي الجديد للمجلس الوطني
الذي يمثل المعارضة السورية بجميع
أطيافها حدثان مهمان في الأزمة
السورية، ويشكلان ضربة قوية لنظام
الأسد الذي وضح أنه بدأ يتهالك وتتساقط
أوراقه ولذلك فإن المطلوب محليا
وإقليميا ودوليا استثمار الحدثين
لتشديد وفرض المزيد من الحصار على
النظام وتقديم الدعم المباشر ماليا
وعسكريا للجيش الحر الذي يقاتل من أجل
الشعب السوري. فالواقع الحالي
للأزمة السورية تتطلب من الجميع خاصة
المعارضة بجميع أطيافها توحيد الصفوف
لمواجهة النظام وإن ذلك يدعوها لتسريع
تشكيل حكومة انتقالية تنال الاعتراف
الدولي وتناط بها إدارة المناطق
المحررة واستقطاب الدعم المالي
والعسكري للثوار وأنه ليس هناك بديل
للمعارضة السورية بعد انتخاب المكتب
التنفيذي للمجلس الوطني إلا العمل على
تشكيل هذه الحكومة خاصة أن الجميع يدرك
أن الأزمة السورية قد دخلت منعطفا
خطيرا بإعلان الأمم المتحدة أن 4
ملايين سوري سيحتاجون للمساعدات
الإنسانية بحلول العام المقبل. فمن المهم أن يدرك
قادة المعارضة السورية أن الدعم
الدولي للقضية السورية مرهون بتوحيد
كلمتهم وتكوين جسم سياسي وتنفيذي موحد
يمثل جميع التيارات، وإن اجتماعات
الدوحة قد أتاحت الفرصة لهم بضم أطراف
لا تنضوي تحت لواء المجلس الوطني
للانضمام للمجلس الجديد ولذلك فإن
المطلوب عدم تفويت الفرصة والتي
استطاعت المعارضة من خلالها الدخول في
تجربة ديمقراطية فريدة ستجد طريقها
إلى داخل سوريا قريبا خاصة إذا ما وجدت
دعما إقليميا ودوليا لأنها باتت تمثل
الشعب السوري بجميع أطيافه ومجالسه
التنسيقية. لقد فشل المجتمع
الدولي في الخروج بموقف إيجابي موحد
تجاه الأوضاع المأساوية في سوريا،
ولذلك فهو مطالب وبإلحاح شديد بترك
سياسة اللامبالاة تجاه ما يحدث
فالمرحلة القادمة بعد الاتجاه لتشكيل
حكومة انتقالية سورية يجب أن يكون
شعارها واضح وهو حماية الشعب السوري
بقرارات دولية صارمة، وهذا لن يتحقق
إلا بإقامة مناطق حظر جوي داخل التراب
السوري وتمكين المجلس الوطني من إنشاء
حكومته في الداخل. ================= منار
الرشواني الغد الاردنية 10-11-2012 ربما يكون عمر
محاولات توحيد المعارضة السورية
وتفعيلها، لاسيما "معارضة الخارج"،
بعمر استبداد نظام الأسد الأب والابن،
على أقل تقدير. ولعل أبرز هذه
المحاولات هي "التحالف الوطني
لإنقاذ سورية" الذي أسس في آذار (مارس)
1982، ثم "جبهة الخلاص الوطني" التي
تأسست في آذار (مارس) 2006، وصولاً إلى
تشكيل "المجلس الوطني السوري" في
تشرين الأول (أكتوبر) 2011 عقب اندلاع
ثورة الكرامة. وإذا كانت الحقيقة
المعروفة للجميع هي فشل كل هذه
المحاولات "التوحيدية"، فإن
الملاحظة -إنما الجديرة بالتأمل- هي أن
القاسم المشترك بين كل تلك المحاولات
الفاشلة هو وجود جماعة الإخوان
المسلمين فيها. حتماً ثمة أسباب
عديدة تفسر الدور السلبي أو حتى المدمر
للإخوان السوريين، بينها قصر نظرهم
وقدرتهم السياسية، كما تجلى ذلك
خصوصاً في تحالفهم الحماسي مع أحد رموز
نظام الأسد؛ عبدالحليم خدام، في العام
2006، مع محاولتهم غسل ماضيه الدنس
الفاسد. لكن السبب الأهم، والذي ربما
يفسر كل سبب سواه، يمكن إيجاده اليوم
في المبادرة الأخيرة التي طرحها
المجلس الوطني الخاضع للإخوان، "رداً"
على مبادرة النائب السابق رياض سيف
المعروفة باسم "المبادرة الوطنية
السورية". فبموجب مبادرة
المجلس/ الإخوان، يفترض أن تتوحد
المعارضة السورية ضمن "مؤتمر وطني
عام"، إنما بشرط أن "يكون للمجلس
الوطني النسبة الأكبر فيه". وتغدو
هذه الوحدة المزعومة إخضاعاً فعلياً
صريحاً وفق البند الخامس من المبادرة
المكونة من ثمانية بنود فقط، بتقرير
أنه "بعد تشكيل الحكومة الانتقالية (من
قبل المؤتمر العام) يستمر المجلس
الوطني في عمله ومؤسساته بهدف تشكيل
الحاضنة للحكومة وحمايتها ودعمها"؛
ما يعني تحويل كل قوى وشخصيات "المؤتمر"
الوحدوي من خارج المجلس الوطني إلى
مجرد "كومبارس" أو شهود زور على
شرعية "المجلس الحاكم"! وإذا كان من المستبعد
تماماً قبول أي فريق فاعل بالانضمام (الخضوع)
للمجلس ضمن هكذا شروط، فليس متوقعاً
أبداً، في المقابل، تبني المجلس
لمبادرة النائب سيف التي تمس سلطته "المطلقة"،
وهو ما أكده فعلاً عضو مكتب العلاقات
الخارجية في المجلس الوطني عبدالرحمن
الحاج، بوجود "شبه توافق على رفض"
مبادرة سيف. يحدث ذلك، أو يستمر في
الواقع، مع تزايد قتل وتشريد السوريين
منذ آذار (مارس) 2011 على يد نظام الأسد،
وتدمير سورية مادياً واقتصادياً
واجتماعياً؛ حالياً ومستقبلاً! إزاء ذلك، ربما لا
يبقى من حل إلا بتوحيد المعارضة
السورية، في الداخل والخارج، بدون
الإخوان المسلمين، وبعيداً عن طموحات
أو أوهام هيمنتهم. ومثل هذا التحدي
الذي يواجه المعارضة السورية (غير
الإخوانية) الفاعلة بحق، لا يعني تحييد
أو إقصاء الجماعة الراسخة؛ فمثل هذا
الأمر مرفوض ناهيك عن أنه غير ممكن
أبداً. إنما الهدف هو محاولة احتواء
التشرذم السوري ما أمكن، خطوة على طريق
مزيد من التوافق الذي يخدم الثورة.
ويظل وجود قطبين أو ثلاثة للمعارضة
السورية أفضل حتماً مما نشهده اليوم من
تعدد رؤوس لا يساوي فعلياً إلا غياب أي
تأثير حقيقي ومقنع، سواء للداخل
السوري الذي يشكل وقود الثورة، أو
للمجتمع الدولي الذي يريد الجميع دعمه
عسكرياً ومادياً وسياسياً. ================= سوريا
بين الحل السياسي والحسم العسكري *
ياسر الزعاترة الدستور 10-11-2012 هناك جملة من
المؤشرات على أن الأزمة السورية تسير
حثيثا نحو حل عسكري أو سياسي، ربما لا
يطول كثيرا، خلافا لبعض التوقعات
المتشائمة هنا أو هناك. لا يرتبط الأمر
بنهاية الانتخابات الأمريكية وحدها،
وإن حضرت بقوة في السياق، لكن العامل
الأبرز في دفع الجهود السياسية
المحمومة حيال الأزمة (أبرزها جولة
لافروف) يتعلق أولا وقبل كل شيء بتقدم
الثوار عسكريا على الأرض، وما ينطوي
عليه ذلك من بث للخوف في أوصال
الكثيرين من مغبة أن يتم الحسم على نحو
يعطل قدرة كثيرين على التأثير في
المشهد التالي. وإذا كانت السياسة
الأمريكية في الشرق الأوسط عموما
تتحدد بناءً على هواجس الكيان
الصهيوني، بصرف النظر عن الرئيس
الجالس في البيت الأبيض بعد سيطرة
اللوبي الصهيوني على الكونغرس
بمجلسيه، فإنها في الحالة السورية
أكثر تأكيدا نظرا لتأثيرها المباشر
على مصالح الكيان. والحال أن البرنامج
الصهيوني قد حقق نجاحا كبيرا في الأزمة
السورية بإصراره على دفع الموقف
الأمريكي والغربي، بل وحتى الروسي،
نحو خيار إطالة المعركة وصولا إلى
تدمير البلد، وهو البرنامج الذي حقق
نجاحا لافتا عبر سياسة التدمير التي
انتهجها النظام، والتي تبنتها إيران
أيضا خلال الشهور الأخيرة من أجل ان
تنشغل سوريا بعد الأسد بنفسها ولا تؤثر
على مصالح إيران في العراق ولبنان. الآن وصل التدمير
مداه، ولا حاجة للمزيد في ظل اقتراب
الحسم العسكري، وأقله احتمالاته
القوية (ماذا يعني إلغاء زيارة وفد
الفاتيكان بسبب تدهور الوضع الأمني؟)،
وبالتالي، فإن المطلوب إسرائيليا هو
التوصل إلى حل سياسي مناسب، ويتمثل هذا
الحل كما عبر عنه إيهود باراك في
واشنطن قبل شهور في الإبقاء على
المؤسسة العسكرية والأمنية مقابل
إجراء تغييرات في البنية السياسية
للنظام. هذا الحل سيلقى قبولا
من الجيش الذي يسيطر عمليا على مفاصل
السلطة ويدير المعركة أكثر من بشار،
وهو (أي الجيش) لا يريد لنفسه مصيرا مثل
مصير الجيش العراقي بعد حله، في ذات
الوقت الذي تتسع انشقاقاته بسبب ملامح
الحسم الثوري. وحين يتوفر حل يبقيه في
مكانه، فسيكون بوسع قادته أن يفرضوا
على بشار التنحي، لاسيما أن حلا كهذا
سيكون مدعوما أيضا من العلويين (أهم
قادة الجيش والمؤسسة الأمنية) الذين
سيجدون فيه مخرجا من استهداف كبير في
حال سقط النظام بطريقة قوة السلاح؛
جيشا ومؤسسة أمنية. ولا شك أن روسيا
التي ترتبط بعلاقة وثيقة مع الجيش،
سترضى بحل كهذا يحافظ على الحد الأدنى
من مصالحها بدل سقوط مدوٍ ستكون له
تداعياته الكبيرة على مصالحها، وهو ما
ينطبق بشكل أكبر على إيران التي ستتجنب
بذلك هزيمة مدوية ستؤثر تاليا على مجمل
إنجازاتها السياسية في المنطقة. إسرائيليا أيضا يمكن
القول إن سقوط النظام يعني احتمال وقوع
الأسلحة الكيماوية في أيد “غير أمينة”،
(هي اليوم في أيدٍ أمينة)، الأمر الذي
ينطبق على منصات الصواريخ بعيدة المدى
أيضا؛ ولا شك أن الدوائر الصهيونية قد
تابعت ما حصل لأسلحة نظام القذافي بعد
سقوطه، وكيف انتشرت في طول المنطقة
وعرضها، ووصل بعضها إلى قطاع غزة
المحاصر. من المؤكد أن زيادة
حضور الجهاديين في مشهد الصراع السوري
يبدو مخيفا بدوره، ويستدعي لملمة
الموقف وإيجاد حل سياسي يضع البلاد رهن
مشاكلها الداخلية العويصة التي ستحتاج
ردحا طويلا من الزمن كي يتم التعاطي
معها. تبقى أسئلة كثيرة
تتعلق بماهية الحل وتفاصيله ومن
سيشاركون فيه، وهنا سيجيب مؤتمر
الدوحة بعد اختتامه على جزء من هذه
الأسئلة، فيما سيكون الباقي رهنا
بتطورات ميزان القوى على الأرض، وكذلك
بين القوى المؤثرة في المشهد السوري
بشكل عام. من الصعب وضع إجابات
محددة لهذا المشهد المعقد، لكن ما يمكن
ترجيحه إلى حد كبير هو أن المشهد يقترب
من نهايته، وأنه لن يمضي وقت طويل حتى
يتبين الخيط الأبيض من الأسود فيما
يتصل بمسار الأزمة، من دون استبعاد أن
يستبق الثوار كل ذلك بحسم عسكري في حال
حدوث انهيارات داخلية في نظام أمني
يصعب التنبؤ بلحظة انهياره. التاريخ : 10-11-2012 ================= هل
سيتدخل الأردن في جنوب سورية؟! * ماهر
ابو طير الدستور 10-11-2012 يرى محللون سياسيون
ان الاردن سيبدأ بتغيير موقفه
الميداني والسياسي ازاء الازمة
السورية،خلال الفترة
المقبلة،والمحللون لهم في هذا الرأي
تفسيرات لما قد يستجد على موقف الاردن. وقف الاردن مع الحل
السياسي للازمة السورية ومازال،ومع
الجهد الانساني المبذول فوق الجانب
اللوجستي والامني للتعامل مع تداعيات
الحدود المفتوحة،والاردن بقي في درجة
الحياد الجزئي الى حد كبير،اذ منع تدفق
السلاح الى سورية،ولم يشتبك ميدانيا
مع الملف السوري،في منطقة جنوب سورية
تحديداً. في ذات الوقت ترك
الاردن مساحة محدودة للغاية لغزل
علاقات مع المعارضة السورية،اذ منح
مجالا لمعارضين سوريين بالحركة بشكل
محدود،وفتح قنوات علنية وسرية وضمن
سقف محدد مع هذه المعارضة. موقف الاردن لم يرض
ثلاثة اطراف للمفارقة،فدمشق الرسمية
تريد موقفا لصالحها بالكامل،والمعسكر
التركي القطري المصري،يريد تدخلا
عسكريا كاملا يصب في المحصلة باتجاه
تنصيب الاسلاميين على ُملك
دمشق،وعواصم عربية خليجية كبيرة تريد
تدخلا عسكريا اخر يؤدي الى سقوط
الاسد،لكنه لايؤدي الى وراثة
الاسلاميين للحكم في دمشق. اليوم فأن المحللين
يعتقدون ان الاردن قرر الخروج من
حصارات هذا المثلث السياسي،لانه اكتشف
ان هذا المثلث تسبب بعزلة له، ولانه
يريد فك طوق هذه العزلة،والتجاوب مع
مايجري في العالم،ولحساباته ايضا. مخاوف عمان غير
المعلنة تتعلق بتأسيس نموذج متطرف من
العنف القائم على الشعار الديني في كل
سورية،وتحديداً في مناطق جنوبها
المحاذية للاردن،وخطر هذا التطرف
مفتوح باتجاه الاردن والجزيرة العربية. يرى خبراء ان المعسكر
التركي القطري المصري،المؤسس سياسيا
وعسكريا وبشريا ولوجستيا لايهتم بهذه
القراءة،وقد يتسبب في المحصلة ببناء
نموذج متطرف،او نموذج مفتوح في ألوانه
الدينية السياسية،يتحالف مع بقية
السلسلة القائمة حاليا. هذا يضغط على خاصرة
الاردن كثيرا.الخبراء يعتقدون ان
الاردن لن يقف مكتوف اليد امام الوضع
الحالي او امام مرحلة مابعد بشار
الاسد،ولهذا سيرفع من سقف مداخلاته
خلال الفترة المقبلة،بشأن الملف
السوري،عبر عدة اصعدة. الاول سياسيا اذ
سيسعى الاردن الى تأسيس حاضنة
للمعارضة السورية موازية للحاضنة
الموجودة في تركيا،وتلك الحاضنة
الموجودة في الدوحة،لضمان تأثيراته
خلال الفترة المقبلة،وعدم ترك المشهد
لحاضنة من لون واحد. الثاني يأتي
اجتماعيا اذ يقول المحللون ان الاردن
سيستفيد من العلاقات العشائرية
والاجتماعية في منطقة حوران التاريخية
الممتدة في درعا والرمثا،لتثبيت روابط
معينة وتعزيزها بهدف حماية جنوب سورية
من امتداد التطرف،وبالتالي احتمال
انتقاله الى الاردن. اما العنصر الثالث
فهو اللوجستي والميداني،والمؤكد هنا
ان الحياد الميداني قد تنخفض درجته
لصالح مداخلات اعلى في مناطق جنوب
سورية تحديدا،وهذا كلام يفتح الباب
امام شكل جديد من المداخلات اقل من عمل
عسكري كبير،وفي مسار مواز للنموذج
التركي،لكنه لاينسخه بنتائجه،وقد
ينسخه بتفاصيله،وسيكون اعلى من حالة
الحياد والمراوحة والتفرج التي كانت
قائمة. الاردن في حساباته
لايتخوف من الاسلام السياسي،بمعناه
الحرفي،وان كان يتطلع الى كل تداعيات
المشهد،لكنه يتأمل مناطق جنوب سورية
وخطر انقسامها،او وقوعها بيد القاعدة
والسلفيين،وغير ذلك،والارجح انه قرر
بدء مداخلة مختلفة خلال الفترة
المقبلة. تبقى الاسئلة معلقة
حول من سيكون الاب المرجعي لهذه
المداخلة الاردنية الجديدة المقبلة
على الطريق،فهي من جهة تأتي معاندة
للمعسكر القطري التركي المصري،وهي من
جهة مثيرة لتخوفات النظام السوري،وهي
من جهة اخرى،تقترب جزئيا من رغبة عواصم
عربية كبرى تريد مداخلة شاملة،لاتصب
في خزان النموذج الذي يتأسس بمعزل عن
هذه العواصم. كل مايمكن ان يقال
هذه الايام،ان الاردن بات على وشك
الدخول في مواجهة اعلى مع الملف
السوري،خصوصا،ان سياسته الفترة
الماضية لم ترض احدا،ولان حياده كان
مكلفا،ولانه يتخوف على الداخل الاردني
من تداعيات المستقبل،ويرى في حياده
الجزئي السابق،قرارا يتوجب الخروج منه
اليوم،ولايعرف احد هل ستأتي هذه
المداخلة ضمن خطة اقليمية،ام انها
اردنية حصرية فقط؟ اراء المحللين تبقى
قابلة للرد والتصحيح،وعلينا ان ننتظر
ماسيجري على ارض الواقع. ================= الشرق الاوسط اكرم البني 10-11-2012 لم يكن أوباما يمثل
ولم تكن الدموع التي ذرفها على ضحايا
الإعصار ساندي كاذبة، فالرجل يتعاطف
إنسانيا وبلا شك مع الأرواح التي
حصدتها الأمواج والعواصف بصفتهم بشرا
حرمهم جنون الطبيعة من حقهم في الحياة،
وكمواطنين أميركيين ينتمي لهم وهو
مسؤول ومعني بمصائرهم، والأوضح بصفتهم
اليوم جزءا من كتلة انتخابية يهمه كسب
أصواتها في معركة تجديد ولايته. والمفارقة، فإن
الهدف السياسي من وراء الاهتمام
الكبير للنخبة السياسية الأميركية
بالإعصار ساندي وإظهار ما سبقه من
استعدادات للحد من تأثيره وأضراره، هو
الهدف ذاته الذي جعلهم يتهربون من
المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه
ما يحل بالمدنيين السوريين، والرهان
على السلبية في كسب أصوات الناخبين
وضمان عبور آمن إلى البيت الأبيض دون
التباسات قد تجرها سياسة نشطة
وتصعيديه في الشرق الأوسط. هي المصالح السياسية
تطل برأسها وتطغى على القيم الأخلاقية
والمبادئ، ولعل الزعماء الأميركيين لا
تهمهم حقيقة أن عدد قتلاهم من الإعصار
ساندي لا يصل إلى ما يحصده الفتك
والتنكيل في سوريا بيوم واحد، وأن منظر
مناطقهم المتضررة من هيجان الطبيعة لا
يقارب صور المناطق والأحياء المدمرة
في بلادنا، فالمهم عندهم اليوم هو
مغازلة مزاج الأميركيين الذي لا
يميلون إلى تورط خارجي أينما كان ولأي
سبب كان، وهؤلاء وقد ذاقوا مرارة
الثمار في العراق وأفغانستان وطالبوا
بإنهاء الحروب وسحب جنودهم من ميادين
القتال، هم الآن ومع تفاقم مشكلاتهم
الاجتماعية أكثر استعدادا للانكماش
والانزواء والتخلي عن دور بلدهم في
أحداث إنسانية لا تمسهم مباشرة،
ويعتقدون بأنهم سيدفعون ثمن ذلك من
شروط حياتهم وعافية اقتصادهم. قالوا: إن خسائر
الإعصار ساندي تقارب وربما تزيد عما
تكبدته الولايات المتحدة جراء أحداث
سبتمبر (أيلول) 2001 والاستدراك، هو
الدرس وإدراك واشنطن بأن أحد أسباب تلك
الأحداث هي رعاية أنظمة الاستبداد
وإهمال حقوق الإنسان العربي،
والاستنتاج، بأن دعم التحول
الديمقراطي هو أحد أهم العوامل
المساعدة على سحب البساط من تحت أقدام
قوى التطرف، وأن تنمية المنطقة
اقتصاديا وتعليميا ودعم الحريات
السياسية وحقوق الإنسان فيها يخفف إلى
حد كبير من عداء المجتمعات العربية
لأميركا ونمو ردود فعل حادة وعنيفة
ضدها. والحال، على الزعماء
الأميركيين أن يصغوا جيدا إلى عبارات
التشفي والشماتة مع قدوم الإعصار
ساندي، عبارات خاطئة ومرفوضة، لكنها
انتشرت في أوساط الشارع العربي
وأوضحها أن الطبيعة ثأرت للسوريين من
مواقف واشنطن المخزية ومن استرخاصها
دماءهم واستهتارها بما يحل بهم من خراب
ودمار. وعليهم أن يدركوا تاليا بأن
سلبيتهم كدولة عظمى تجاه ما يحصل
وإطالة زمن المأساة سيكون مكلفا ليس
فقط للشعب السوري وإنما لاحقا للشعب
الأميركي عندما ينمو التطرف جراء
الشعور بالغبن والظلم ويطرق مجددا
أبواب الغرب وأميركا انتقاما، والمعنى
أن على واشنطن تجنب الوقوع في الفخ مرة
أخرى وعليها معرفة أن ثمن ترددها في
دعم التحول الديمقراطي العربي قد يكون
أكبر بكثير من مضيها قدما في درب
التغيير، فالتردد والتلويح بمقايضتها
دعم الحراك الشعبي بمحاربة الإرهاب
وبحسابات التكلفة سوف يعزز الطعن
بصدقية ادعاءاتها عن الديمقراطية
وحقوق الإنسان ويقوي معسكر القوى
المعادية للتغيير، بما في ذلك
الثقافات والتقاليد الرافضة للحرية
والديمقراطية، لنقف في نهاية المطاف
أمام هوة واسعة سوف تفصل الشعوب
العربية عن الحضارة العالمية، بما قد
يؤلبها ضد كل ما هو أممي وأميركي على
غرار ما أفرزته تداعيات احتلال العراق. يبدو عتب السوريين
الكبير على المجتمع الدولي وعلى
الإدارة الأميركية المؤثرة في قرارات
مؤسساته الأممية والتي تبدو كأنها
تخلت عن واجبها الإنساني، ويبدو
سؤالهم الكبير عن المعنى في أننا نعيش
اليوم في قرية صغيرة، وعن الجدوى في
القول بأن حقوق الإنسان وقيم الحرية
والعدالة هي معايير عالمية لا يجوز
لأحد أن يتخطاها؟! يصيب من يذهب
للتذكير بالاجتهاد الأميركي في دعم
الربيع العربي ورياح التغيير، وعن
المصلحة من وراء ذلك في ضرب أكثر من
عصفور بحجر واحد، السلطات والأنظمة
الاستبدادية التي لا تزال تعيق وتجهض
أي تنمية وتطوير سياسيين يساعدان
واشنطن في مد هيمنتها ونموذجها
الليبرالي، وأيضا تنظيم القاعدة
وأشقاؤه من الجماعات الجهادية السنية،
ثم الجهادية في أوساط الشيعة وكلاهما
يستمدان من أجواء التخلف والاستبداد
أسباب الحضور والاستمرار، وربما يصيب
أيضا من يذهب إلى القول بأن ليس ثمة
تحول نوعي في الحدث السوري ما لم تتخذ
أميركا موقفا حاسما، بالاستناد إلى
تجارب مقاربة وإلى ما تملكه الولايات
المتحدة من قوة نافذة، سياسيا وعسكريا
واقتصاديا، تضعها في موقع اللاعب
الأول وغالبا المقرر لمصير الكثير من
الصراعات الوطنية والأزمات الإقليمية. خلال الشهور
المنصرمة شكلت الانتخابات الرئاسية
الأميركية ذريعة لتهرب المجتمع الدولي
من الاستحقاق السوري، واليوم، تسقط
هذه الذريعة ويقف العالم وجها لوجه
أمام تحد إنساني في وقف العنف المفرط
وحماية المدنيين، فهل سيقف الرئيس
الأميركي المنتخب أمام مسؤوليته
الأخلاقية كزعيم لدولة عظمى وقائدة
للعالم تجاه ما يحصل في سوريا، أم
سيعاد التركيز على حجج أخرى، كالتذرع
بتفكك العمل المعارض وتشتت رؤيته
السياسية، أو الخشية من بديل قادم يهدد
حقوق الأقليات، بما في ذلك المبالغة
بخطر تسلل جماعات «القاعدة» إلى بلاد
الشام وسعيها لقطف ثمار الحراك الشعبي. هو الإعصار ساندي كان
مالئ الدنيا وشاغل الناس لأيام خلت، هو
صراع الإنسان مع الطبيعة الذي لا مفر
من خوضه وإن شابته عيوب في الاستعداد
والإغاثة والإنقاذ، وهي الكوارث
الطبيعية تتابع باهتمام علمي مسبق
للحد من آثارها السلبية، لكن أين نحن
من الكوارث البشرية التي يصنعها عنف
الإنسان ضد أخيه الإنسان! ================= الأسد..
علماني «يعيش ويموت» في سوريا طارق الحميد الشرق الاوسط 10-11-2012 كساعة الرمل يتداعى
بشار الأسد ونظامه، وهذه ليست أماني،
بل واقع تؤكده تصرفات النظام، بل
وتصريحات الأسد نفسه، وآخرها مقابلته
مع قناة «روسيا اليوم»، التي قال فيها
الأسد إنه «سيعيش ويموت» بسوريا، وإنه
آخر معقل للعلمانية في المنطقة حيث
تحمى الأقليات وتتعايش! وبكل تأكيد،
فإن هذا بمثابة خطاب الوداع! قد يقول
البعض: كيف؟ الإجابة بسيطة جدا؛
فبنظرة لتاريخ جل الطغاة في منطقتنا،
حديثا، وحتى من أعميت أعينهم عن
الحقائق، مثل الرئيس المصري السابق
مبارك، قال جميعهم إنهم سيعيشون
ويموتون ببلادهم. قالها صدام حسين،
وبعده معمر القذافي.. جميعهم قالوها
بغرور متناهٍ، كما قالها مبارك بسوء
تقدير وعناد، والنهاية معروفة؛ فمنهم
من قُتل، ومنهم من انتهى بسجن، ولو كان
مشفى. واليوم يعاود الأسد ارتكاب نفس
الأخطاء، وبغرور متناهٍ يوحي بأن
الرجل منفصل عن الواقع، حيث يقول: «لست
دمية، ولم يصنعني الغرب كي أذهب إلى
الغرب، أو إلى أي بلد آخر. أنا سوري،
أنا من صنع سوريا، وسأعيش وسأموت في
سوريا». ومن الواضح أن الأسد تناسى أن
من سيخرجه من الحكم هم السوريون أيضا،
وإلا فكيف سيحكم، ويعيش، بدولة يقصف
حتى أحياء عاصمتها بالطائرات الحربية؟
بالتأكيد هذا حديث رجل منفصل عن
الواقع، مما يوحي بأن نهايته باتت
قريبة، وبالتأكيد أن أكثر من بات
مقتنعا بذلك هم من حوله، وخصوصا عندما
يسمعون تصريحاته هذه، فالمقربون منه
يدركون حقيقة الأوضاع، وتصريحاته هذه
ستزيدهم قناعة بأن الأسد يقوم بعملية
انتحارية ستقضي عليهم جميعا. وبالنسبة لحديث
الأسد عن أنه علماني، وقوله: «إننا
المعقل الأخير للعلمانية والتعايش في
المنطقة»، مؤكدا أن «ذلك سيكون له أثر
الدومينو الذي سيؤثر في العالم من
المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي»،
فهذا دليل آخر على أن هذا النظام قد
انتهى وأفلس، فالملاحظة الأولى هي أن
الأسد لم يعد يبني مشروعيته، ومشروعية
نظامه، على الممانعة والمقاومة، بل
إنه يلجأ الآن لشعار حماية الأقليات،
والعلمانية، وهذا استخفاف آخر، حيث
يتناسى الأسد، ومن لف لفيفه، أن هتلر
لم يكن علمانيا وحسب، بل وجاء
بانتخابات ديمقراطية. ونظام الأسد
نفسه يعد أسوأ مثال في منطقتنا للأنظمة
التي تدعي العلمانية، أو حتى التشدق
بحماية الأقليات، فصدام حسين كان
علمانيا، والقذافي كذلك، لكنهما كانا
مثل الأسد دمويين. والإسلاميون الذين
يريد أن يقول الأسد إنه عدوهم بالمنطقة
هم حلفاؤه الأساسيون، بعضهم لليوم،
والبعض الآخر كان حليفه إلى قبل ساعات!
فإيران، الإسلامية، حليفته اللصيقة،
وحزب الله حليفه، وكذلك حماس، وغيرها
من الأحزاب الفلسطينية «الجهادية»،
كانت حليفته إلى قبل فترة بسيطة، مثلهم
مثل الإخوان المسلمين، وكذلك الأحزاب
الشيعية الإسلامية في العراق حليفته
أيضا، أما «القاعدة»، فإن الأسد من
أكثر من استثمروا فيها، خصوصا بالعراق. لذا فإن تصريحات
الأسد الأخيرة تقول لنا إن هذا النظام
قد أفلس حتى من الحجج، ونهايته باتت
قاب قوسين أو أدنى. ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق الاوسط 10-11-2012 كان واضحا استعجال
الرئيس السوري بشار الأسد للرد على
ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا،
الذي صرح لأول مرة بوضوح شديد أنه مع
خروج آمن للأسد من سوريا إن كان ذلك
يحقن الدماء وينقل السلطة. لن يكون
مصير الأسد قراره لوحده بل الدائرة
تضيق عليه ولن تكون خياراته سوى أن
يموت في قصره أو يفر إلى الخارج. تصريح كاميرون أقلق
الأسد وأثار الكثير من التكهنات إن
كانت هناك مؤامرة خلف الأبواب المغلقة
بحل سياسي ثمنه نفيه إلى الخارج بلا
محاكمة، هكذا فهمنا معنى كلمة خروج آمن.
وتوافق وجود كاميرون الذي تنقل بين
عواصم دول المنطقة، مع وجود وزير
الخارجية الروسي لافروف الذي التقى
لأول مرة رياض حجاب، الشخصية السورية
البارزة في المعارضة والمقيم في منفاه
في العاصمة الأردنية. حجاب كان رئيس
وزراء حكومة الأسد ثم انشق بعد بضعة
أسابيع من تكليفه. ولا شك أن الأسد يدري
أن الروس يتحدثون خلف ظهره عن حل يتضمن
خروجه من الحكم، بعد فشلهم في طرح فكرة
حكومة مصالحة فيها الأسد والمعارضة.
ويؤكد أحدهم أن الروس يتحدثون عن
تفاصيل خروج، أو إخراج، الأسد، لكن
الطرح الروسي لا يزال غير عملي من
جوانب كثيرة من حيث إدارة سوريا بعد
إخراج جزار دمشق. وأنا أعتقد أن الأسد
بلغه شيء من هذا الهمس، ويدري أن
كاميرون لم يطلق تصريحه اعتباطا خاصة
أنه أشار إلى أنه لا يتمنى أن ينجو
الرئيس السوري من المحاسبة على
جرائمه، بما يشير إلى أنه جزء من نقاش
وشرط مطروح لقبول حل إخراج الأسد إلى
المنفى. الروس يطرحون مع
إبعاد الأسد كذلك دويلات في غرب سوريا،
والإسرائيليون يؤيدونهم في هذا الخيار.
والمثير ما قاله الرئيس الإسرائيلي
شيمعون بيريس بعد لقائه الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين. حيث صرح بعد اللقاء
بأنه ضد أي تدخل خارجي في سوريا، أي ضد
التدخل الغربي المقترح، وأنه يفضل
الحل «العربي» الذي سبق ان طرحته
الجامعة العربية بأن تقوم قوات عربية
بالتدخل في سوريا. طبعا، بيريس يعرف أن
قوات عربية ستكون ضعيفة، وستتسبب في
توسيع دائرة النزاع بدلا من إسقاط
النظام، لتكون حروبا عربية عربية، ومن
ثم إشغال المنطقة في معارك تلهيهم
عشرين سنة أخرى عن القضية الفلسطينية.
أما التدخل الأجنبي، وخاصة عندما يكون
تحت علم الأمم المتحدة، فإنه قادر على
حسم المعركة الكبرى سريعا، وإسقاط
الأسد وضمان شرعية للنظام السوري
البديل، ولاحقا مواجهة إشكالات الفراغ
الناجم مثل استمرار ميليشيات الأسد في
المعارك الصغيرة، وكذلك مواجهة
تنظيمات «القاعدة» التي وإن كانت
تشارك في الحرب ضد قوات النظام تبقى
هدفا للملاحقة سورياً ودولياً، كما
يحدث في ليبيا اليوم. نحن الآن في مرحلة
جديدة من الصراع؛ قريبون من خروج الأسد
لكن الأخطار المرافقة والملغومة ليست
بالهينة. فخروج الأسد بلا محاكمة مشكلة
ستواجه الجميع، وإخراجه مع شق سوريا
إلى دويلات أمر مرفوض تماما. ================= عماد الدين
اديب الشرق الاوسط 10-11-2013 قرر الرئيس السوري أن
يبقى في سوريا حيا أو ميتا، وهدد
العالم بأن شن أي حرب على سوريا سوف
يؤدي إلى ردود فعل لا قِبل للعالم بها. هكذا قال الزعيم،
القائد، الملهم، الجزار، بشار الأسد،
في حواره الصحافي مع التلفزيون الروسي. يأتي ذلك في وقت تبدو
فيه وساطة الأخضر الإبراهيمي ومهمته
مهددة بالفشل، وذلك عقب انهيار مشروع
هدنة عيد الأضحى. ويأتي كلام الرئيس
بشار عقب اكتشاف محاولات تهريب سلاح
روسي وكوري شمالي وإيراني في البر
والبحر والجو. إذن الوساطة في
طريقها للفشل، والقتال مستمر، وصفقات
السلاح في ازدياد. وآخر ما سمعناه
مؤخرا من وزير الخارجية الروسي
لافروف، أن الرئيس السوري لن يرحل أبدا
مرغما عن بلاده، وأنه مستمر في إدارته
لشؤون البلاد. وآخر ما سمعناه من سي
الأخضر الإبراهيمي أن سوريا مهددة
بحالة «الصوملة» نسبة إلى نموذج
الدولة الفاشلة في الصومال. يأتي ذلك عقب فوز
أوباما، وبدء ترتيب الإدارة الأميركية
في ولايتها الثانية بفريق من الصقور في
الخارجية والدفاع. وما نشر أمس عن قيام
أوباما بدراسة تعيينات جديدة في
الإدارة بتعيين السناتور جون كيري
لوزارة الخارجية، والسيناتور
الجمهوري السابق تشاك هاغل لحقيبة
الدفاع، بجانب ما يتم الحديث عنه - ولكن
بتكتم - بشأن تعديلات في مجموعة الأمن
القومي في البيت الأبيض، يعكس رغبة
قوية لدور متشدد في علاقات واشنطن
بأزمات العالم. حسابات الرئيس بشار
الأسد أن العالم سوف يقتنع بأنه لا حل
عسكريا في سوريا سواء من الداخل أو
الخارج، وأن النظام السوري الرسمي باق
رغم أنف الجميع.. لذلك، وحسب هذا
التصور، فإن الأسد وأسرته وطائفته
وفريق عمله باقون حتى قيام الساعة! إنها مداعبة ساذجة
للأوهام. هذا النظام لن يبقى
طويلا، ولن يقبل العالم بتلك الفاتورة
الباهظة الثمن من دماء البشر. لا مصلحة دولية لبقاء
الأسد إلا في طهران وكوريا الشمالية.
أما الصين وروسيا الآن فتجدان أن
رهانهما على هذا النظام لا يمكن أن
يستمر طويلا، بل من الممكن أن يكون «ورقة
مبادلة سياسية» في أول مفاوضات مقبلة
مع إدارة أوباما الجديدة. أما حزب الله فإنه
يعيش حالة من الصراع الداخلي للإجابة
عن سؤال عظيم: ماذا سيحدث لنا في لبنان
عقب سقوط نظام الأسد وظهور نظام سوري
جديد يرانا العدو رقم واحد له؟! ================= مخرج
وحيد لورطة الدبلوماسية الروسية الوطن السعودية التاريخ: 10
نوفمبر 2012 تحركت الدبلوماسية
الروسية ممثلة بوزير خارجيتها سيرجي
لافروف بشكل لافت خلال الأيام الماضية
في محاولة لإيجاد مخرج لورطتها في دعم
النظام السوري قبل أن يحدث ما يضع
روسيا في موقف لا تحسد عليه. فالانتخابات
الأميركية انتهت وفاز باراك أوباما
الذي قد يضغط بقوة لفرض حل ربما لا يرضي
روسيا بعد أن ضمن ولاية جديدة.
ومجموعات المعارضة السورية اجتمعت في
العاصمة القطرية الدوحة وأظهرت توافقا
غير متوقع بالنسبة لمؤيدي النظام
السوري، وهذا ما قد يربك حساباتهم
وحسابات غيرهم التي من ضمن شروطها توحد
المعارضة لإزاحة النظام. إلى ذلك، يعود رئيس
الوزراء السوري المنشق رياض حجاب إلى
الواجهة ويلتقيه لافروف في عمان لبحث
وقف العنف، وكأن روسيا مستمرة في
قناعتها بأن المعارضة تستطيع وقف
العنف وأن النظام ليس هو مصدر العنف.
كما يرفض حجاب دعوة لزيارة موسكو
احتجاجا على دعمها للنظام. واللقاء
والدعوة اعتراف ضمني من روسيا بقوة
المعارضة، وحركة التفاف منها على
المجلس الوطني السوري وغيره من
الفصائل المجتمعة وقتها في الدوحة. تلك الحركة تشير إلى
أن روسيا تزمع السير في غير طريق
المجتمع الدولي. وهي تسعى من خلال ذلك
إلى إفشال اجتماع الدوحة عبر التوجه
إلى معارضة مختلفة عن الموجودين فيه،
أو إلى تمديد زمن الأزمة عبر الدخول في
اجتماعات ولقاءات ومفاوضات لن تفيد
الشعب السوري ولن توقف مسلسل القتل
الذي يمارسه النظام على شعبه. قبل ذلك، ويوم الأحد
الماضي خرج الاجتماع الثلاثي في
القاهرة بين العربي ولافروف
والإبراهيمي – كما توقعت "الوطن"
في افتتاحيتها لليوم ذاته - بالدعوة
إلى تطبيق اتفاق جنيف، بكل ما فيه من
عثرات والتباس في مسألة تنحي الرئيس
السوري بشار الأسد أو عدم تنحيه. وقد لا
يتجاوز الأمر عناد روسيا لإثبات أنها
على صواب. على روسيا أن تكون
واقعية وتدرك أن النظام السوري زائل،
ومخرجها الوحيد من ورطتها في الأزمة
السورية هو انضمامها إلى المجتمع
الدولي لمساندة جهوده لإنهاء الأزمة،
وإن استمرت روسيا على سياستها الحالية
الفاشلة فالنتيجة مزيد من دم
السوريين، والتاريخ سيكتب أنها شريكة
النظام السوري في سفكه. ===================== قواعد
المواجهة الجديدة بين حماس وإسرائيل صالح النعامي المصدر:الجزيرة 9/11/2012 بعكس ما أملت
إسرائيل، فإن ردود حركة حماس على
التصعيد الصهيوني الأخير على القطاع
شذت عما كان مألوفاً، وهو ما أربك
الحسابات الإسرائيلية بشكل واضح. لقد
باتت حركة حماس تحرص على الرد على
الاعتداءات الإسرائيلية، حتى عندما
تطال الفصائل الأخرى، وفي بعض الأحيان
يبادر الجناح العسكري للحركة "كتائب
عز الدين القسام" إلى تنفيذ عمليات
هجومية ضد ألوية جيش الاحتلال ووحداته
الخاصة التي تتحرك على الحدود مع قطاع
غزة. ليس هذا فحسب، بل
عمدت "كتائب القسام" -وفي خطوة
تظاهرية لها دلالاتها- إلى تنفيذ
عمليات مشتركة مع الفصائل الأخرى،
التي كان بعضها يتهم الحركة بأنها لا
تمنحها الحرية لتنفيذ عمليات ضد قوات
الاحتلال. على مدى العامين
اللذين أعقبا الحرب على غزة، درجت
إسرائيل على تنفيذ عمليات الاغتيال ضد
نشطاء حركات المقاومة واستهداف ما
تعتبره "بنى تحتية" لها، دون أن
تشارك حركة حماس في الغالب في الرد على
هذه الاعتداءات، وهو ما فسرته دوائر
التقدير الإستراتيجي والاستخباري في
تل أبيب على أنه تجسيد لقوة الردع التي
راكمها الجيش الإسرائيلي في مواجهة
الحركة في أعقاب حرب 2008، ولخشية حركة
حماس من أن يؤدي التصعيد إلى فتح
مواجهة واسعة تؤدي في النهاية إلى سقوط
حكمها في القطاع. إن هذا التحول يطرح
العديد من الأسئلة: لماذا تغير سلوك
حركة حماس؟ وما هي الخيارات المتاحة
أمام إسرائيل لمواجهة الواقع الجديد،
سيما وأنها باتت الآن في ذروة حملة
انتخابية؟ وما يتوجب على المقاومة
الفلسطينية في قطاع غزة القيام به
لتقليص هامش المناورة أمام الكيان
الصهيوني؟ حماس تبلور قواعد
جديدة للمواجهة لقد بات من الواضح أن
حركة حماس قد بلورت قواعد جديدة
للمواجهة مع إسرائيل، بحيث أن الحركة
تسارع في الغالب للرد على العمليات
الإسرائيلية، وفي بعض الأحيان تسعى
إلى جر جيش الاحتلال إلى مواجهات
محدودة، وهذا ما يجسده عمليات نصب
الكمائن وزرع العبوات الناسفة التي
تنفذها الحركة، والتي تستهدف جيش
الاحتلال. واللافت أن حجم وطابع
ردود حركة حماس لا تندرج في إطار ردود
"رفع العتب" بل إن الحركة تتعمد،
رداً على عمليات الاغتيال، قصف
التجمعات الاستيطانية ذات الكثافة
السكانية العالية، في محيط قطاع غزة،
مع كل ما يمثله هذا من إحراج لدوائر
الحكم في تل أبيب. لقد أدركت حركة حماس
أن غضها الطرف عن عمليات التصعيد
الإسرائيلية وعدم مشاركتها في عمليات
الرد على الاعتداءات الإسرائيلية أسهم
فقط في فتح شهية الكيان الصهيوني،
وشجعه على مواصلة الاعتداءات على غزة،
مما أحرجها أمام الجمهور الفلسطيني؛
وجعلها عرضة لانتقادات حادة من
الفصائل الفلسطينية. لقد فسر الكثيرون
سلوك حركة حماس على أنه تخل تدريجي عن
خيار المقاومة واستلاب لخيار الحكم،
الذي فرغه الحصار السياسي والاقتصادي
من أي مضمون حقيقي. لقد أسهم سلوك حركة
حماس في تآكل شعبيتها تحديداً في قطاع
غزة، علاوة على أنه منح المجموعات
المتطرفة، سيما تلك المحسوبة على تيار
السلفية الجهادية القدرة على المزايدة
على الحركة، ناهيك عن أنه كان يهدد
بتسرب عناصر الحركة للحركات
الفلسطينية ذات التوجه الإسلامي،
وضمنها مجموعات السلفية الجهادية. على ما يبدو أن حركة
حماس أدركت أن صيغة الحكم القائم في
غزة، التي تورطت فيها، مثلت في الواقع
طوقاً أطبق على عنق الحركة، وقلص هامش
المناورة أمامها، وهو ما أراح إسرائيل.
ومن الواضح أن كل المؤشرات تدلل على أن
التوجه الجديد لحركة حماس يمثل تحولاً
إستراتيجياً يهدف بشكل أساسي إلى
الحفاظ على الطابع المقاوم للحركة
وعدم السماح بأن تتحول الحركة –مع
مرور الزمن– إلى نسخة أخرى من حركة فتح. من الواضح أن حركة
حماس تعي أن هذا التحول يعني بالضرورة
التعرض لرد فعل إسرائيلي غير متناسب ضد
الحركة؛ لذا فإن الحركة تحاول أن تكون
عملياتها متناسبة من حيث الحجم وطابع
الأهداف مع العدوان الإسرائيلي. المأزق الإسرائيلي مما لا شك أن التحول
في موقف حماس قد أربك الحسابات
الإسرائيلية؛ حيث أن هذا التحول جاء في
ذروة تحولات إقليمية تقلص من قدرة
إسرائيل على الرد على المقاومة بشكل
كبير، وتجعل من الصعب على الكيان
الصهيوني شن حرب على غرار الحرب التي
شنها أواخر عام 2008. وتفترض إسرائيل أن
أية عملية عسكرية كيبرة على قطاع غزة،
في أعقاب الثورات العربية ستقابل بردة
فعل قوية، على الأقل على المستوى
السياسي والدبلوماسي من دول الإقليم،
سيما من مصر وتركيا. إن إسرائيل ترى أن
إحدى أخطر نتائج الربيع العربي تتمثل
في تعاظم الدور الذي بات يلعبه الرأي
العام في عملية صنع القرار في العالم
العربي، سيما في الدول التي تمت فيها
ثورات التحول الديمقراطي، وعلى وجه
الخصوص مصر. وبالتالي فإن هناك
مخاوف حقيقية لدى صناع القرار في تل
أبيب أن ترغم الضغوط التي يمارسها
الرأي العام المصري، في أعقاب حملة
عسكرية إسرائيلية كبيرة على قطاع غزة،
دوائر الحكم في مصر على إعادة النظر في
اتفاقات "كامب ديفيد" التي
تعتبرها إسرائيل أحد أعمدة أمنها
القومي. تدرك إسرائيل أن أي
عمل عسكري كبير على غزة قد يؤدي إلى
القضاء على أي فرصة لإصلاح العلاقات مع
تركيا؛ مع العلم أن الدعوات تصاعدت في
تل أبيب للعمل على إصلاح هذه العلاقات
بأقصى سرعة، وذلك لتقليص الأضرار
الإستراتيجية التي لحقت بالكيان
الصهيوني في أعقاب الربيع العربي. في الوقت ذاته، فإن
إسرائيل تخشى أن تؤدي نتائج أية حملة
عسكرية كبيرة على قطاع غزة إلى لفت
أنظار العالم عن البرنامج النووي
الإيراني وستهدد تماسك التحالف الدولي
المتبلور ضد إيران، وستقلص من هامش
المناورة أمام بعض الدول العربية للعب
دور ضمن هذا التحالف. إلى جانب ذلك، فإن
إسرائيل تخشى أن يطرأ مزيد من التآكل
على مكانتها الدولية في أعقاب أية حملة
عسكرية على القطاع، حيث أن وسائل
الإعلام العالمية ستنقل مجدداً مشاهد
الفظائع التي نقلتها أثناء حرب 2008،
ممثلة في عرض الأشلاء الممزقة للأطفال
والنساء والشيوخ. لكن أكثر ما يقلص
هامش المناورة في إسرائيل هو الإدراك
المتعاظم لدى دوائر صنع القرار
السياسي ومحافل التقدير الإستراتيجي
بأنه لا يوجد في الواقع حلول عسكرية
حقيقية لتهديد الصواريخ في قطاع غزة؛
بمعنى أنه حتى عملية عسكرية كبيرة على
قطاع غزة لن تؤدي إلى وقف عمليات إطلاق
الصواريخ، حتى وإن أدت إلى مقتل المئات
من المقاومين. ومما يدلل على ذلك،
مسار حرب 2008، حيث ظلت الصواريخ تتساقط
على المستوطنات والمدن الصهيونية حتى
نهاية الحرب. بالطبع لا أحد في إسرائيل
–وحتى أكثر المتشددين– يقترح إعادة
احتلال قطاع غزة والمكوث فيه. عامل الانتخابات إن كل المحاذير التي
تمت الإشارة إليها أعلاه لا تعني بحال
من الأحوال أن إسرائيل لا يمكن أن تشن
حملة عسكرية كبيرة على قطاع غزة، وذلك
لأن إسرائيل حالياً تمر في أوج حملة
انتخابية، وهذا ما يجعل رئيس الحكومة
الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مرغماً
للتدليل على حزمه أمام الرأي العام
الإسرائيلي، عبر الحرص على الرد بشكل
غير متناسب على عمليات إطلاق الصواريخ
من قطاع غزة، سيما إن أدت إلى خسائر في
أرواح المستوطنين. إن هناك عددا من
الأمثلة التي تؤكد أن صناع القرار في
تل أبيب تخلوا عشية الانتخابات عن
الاعتبارات الموضوعية وقاموا بتصعيد
عدوانهم على العرب، لمجرد أنهم
اعتقدوا أن هذا التصعيد قد يسهم في
تعزيز فرصهم بالفوز. هذا ما فعله شمعون
بيريز في عملية "عناقيد الغضب"
عام 1996، ونتنياهو عام 1999، وإيهود باراك
عام 2001، مع العلم أنه قد تبين أن تصعيد
العدوان لم يحقق الأهداف المرجوة منه.
وبكل تأكيد، فإن دافعية نتنياهو
للتصعيد ضد غزة ستتعاظم في حال أسفرت
الانتخابات الرئاسية الأميركية عن فوز
صديقه الجمهوري مت رومني، الذي لن
يتردد في دعمه في عدوانه على القطاع. المقاومة الفلسطينية
والحكمة المطلوبة واضح تماماً أن
الشواهد تدلل على أن حركة حماس قد نجحت
حتى الآن في إملاء معادلة واضحة
المعالم في المواجهة مع إسرائيل، بحيث
أنها باتت تمارس حقها في الرد على
العمليات العدائية الإسرائيلية؛ ولم
تعد الأمور كما كانت عليه في الماضي.
وهناك حتى الآن ما يكفي من الدلائل
التي تؤكد أن إسرائيل باتت تسلم بهذا
النسق مع العلاقة، على اعتبار أن
خيارات التصعيد الواسع لا تخدم
مصالحها. وهذا الواقع يمثل
إنجازا للمقاومة الفلسطينية كلها،
لأنه يدلل على أن زعم إسرائيل بأنها
نجحت في مراكمة الردع في مواجهة حماس
كان سابقا لأوانه ومبالغا فيه. لكن هذا
الإنجاز يتطلب من المقاومة التعامل
بحكمة شديدة، وأن تراعي المتغيرات
الإقليمية والدولية والواقع الداخلي
الإسرائيلي، وبكل تأكيد مراعاة موازين
القوى العسكرية. وكما تقول القاعدة
الذهبية: "لا يكفي أن تكون محقاً، بل
يجب أن تكون حكيماً أيضاً". من هنا يتوجب الحذر،
وعدم السماح بتوفير البيئة والظروف
لإسرائيل التي تسمح لها بتغيير
القواعد الجديدة للمواجهة، مع الأخذ
بعين الاعتبار طابع موازين القوى
العسكرية الذي يميل لصالح إسرائيل
بشكل كبير. للأسف الشديد، فإن
سلوك بعض المجموعات الفلسطينية يخضع
لاعتبارات غير موضوعية لدي قيامها
بالتصعيد ضد إسرائيل؛ حيث أن البعض، من
منطلق خلافاته الأيديولوجية مع حركة
حماس، يوظف عمليات إطلاق الصواريخ فقط
لإحراج الحركة وحكومتها، دون أدنى
اعتبار لعوامل الزمان والمكان والظروف
الإقليمية والدولية والمحلية. فضلاً عن ذلك، فإن
سلوك المقاومة الإعلامي في بعض
الأحيان، وضمنها حركة حماس، يمثل في
الواقع أهدافاً ذاتية في شباكها. فعلى
سبيل المثال، قامت "كتائب القسام"
مؤخراً بعرض أشرطة فيديو توثق عمليات
إطلاق الصواريخ؛ وهذا ما وجدت فيه
إسرائيل مناسبة للزعم أمام العالم بأن
حماس تقوم بإطلاق الصواريخ من قبل
المناطق السكانية، مع كل ما ينطوي عليه
هذا من محاولة لتوفير شرعية دولية لضرب
المقاومة. قصارى القول،
المقاومة الفلسطينية مطالبة من جانب
بعدم التسليم بمنح إسرائيل هامش
المناورة في التصعيد والتهدئة كما
كانت عليه الأمور في السابق، وفي الوقت
ذاته يتوجب التصرف بحكمة، وعدم منح تل
أبيب المسوغات لتتغول على الشعب
الفلسطيني الأعزل. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |