ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 13/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

12-11-2012

مؤتمر الدوحة ومستقبل سوريا

أنور بن ماجد عشفي

عكاظ

12-11-2012

يعتبر مؤتمر الدوحة مرحلة فاصلة في الموقف الاستراتيجي في سوريا، إذ إنه ركز على نوع الهيكل السياسي الذي ينبغي أن يأتي بعد الأسد ونظامه، مع أن النظام في سوريا لا يزال قائما، وأن طريقة إنهائه تستلزم إعداد من سيعجل بسقوطه. إن الصراع القائم بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة تنبئ عن أن الأسد يتجه نحو الاندحار، ومع أنه لا يمكن التنبؤ بالإطار الزمني الذي يتم فيه إسقاط النظام، إلا أن الموقف يؤكد على أن النظام لا يزال مسلحا بشكل جيد، لكن حرية الحركة لديه قد تقلصت على الأرض.

فالمقاتلون من المعارضة يستعدون لتحديد مسار السياسة السورية، كما أن نفوذ العناصر المسلحة أخذت تتنامى، لكن التمييز بين المقاتلين والنشطاء السياسيين أصبح يشكل صعوبة بالغة، والتطور الزمني يؤكد على أن كثيرا من النشطاء اصطفوا إلى جانب الجماعات المسلحة، التي أصبحت أكثر تنظيما. لقد انصب الاهتمام الأمريكي على العناصر الخارجية التي يأتي في مقدمتها المجلس الوطني، ومع هذا فإن اتصال المجلس المباشر محدود مع العناصر التي تقود المعركة في الداخل، لهذا جاء التركيز على نوع الهيكل السياسي الذي يجب أن يأتي بعد الرئيس بشار ونظامه.

فالعناصر المعارضة المسلحة في الداخل تعبر على الدوام عن إحباطها من المجلس الوطني السوري الذي لا يوفر لها الدعم الكافي، لهذا جاء مؤتمر الدوحة لإيقاف التدهور الذي قد يفضي إلى صراع طائفي من شأنه أن يزعزع الاستقرار في المنطقة بأسرها. ما نأمله هو أن يساهم مؤتمر الدوحة في إيجاد معارضة سورية موحدة وليست مشرذمة؛ لأن تشرذم المعارضة في مصلحة النظام.

=================

اللاجئون السوريون.. عود على بدء

رأي البيان

التاريخ: 12 نوفمبر 2012

عادت مسألة تزايد أعداد اللاجئين السوريين الهاربين من الوضع المأساوي في بلادهم لتطفو على السطح مجدداً، بعدما أفادت الأمم المتحدة قبل بضعة أيام أن 11 ألفاً فروا من سوريا خلال 24 ساعة، وأن العدد الإجمالي للنازحين في دول الجوار الأربع، تركيا ولبنان والعراق والأردن، بلغ 400 ألف، في حين أن 4 ملايين بحاجة إلى مساعدات، سواء داخل سوريا أو خارجها.

تحول القضية السورية إلى مسألة إنسانية بحتة له محاذيره، خاصة أن الجانب الإنساني والإغاثي ليس الوجه الوحيد لهذه الأزمة المستعرة منذ أكثر من عام ونصف، بل جزء منها. ويمكن القول حتى إن ذلك الشق المفجع ليس إلا نتيجة لما سبقه، وهو القمع المتواصل للانتفاضة السورية، وعدم تلبية مطالب الشعب ومواجهتها بالنار والحديد.

المطلوب بطبيعة الحال، هو التركيز على إغاثة السوريين في دول الجوار أو في الداخل، رغم صعوبة الوصول إلى أولئك الذين ما زالوا في المدن المنكوبة، لأكثر من سبب وعقبة. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن الاكتفاء بإرسال المساعدات الإنسانية أو البحث عن سبل لكيفية التصدي لمشكلة قرب قدوم فصل الشتاء ومعاناة المخيمات في هذا الخصوص، لكي لا تمسي تفصيلاً يومياً قد يدوم شهوراً إضافية، خاصة أن جيران سوريا يتحملون أعباءً ترهق كاهلهم، ولا يمكن إدامة القضية إلى ما لا نهاية والحال كذلك.

إذاً، الحل السياسي هو المدخل لحل إنساني ينهي عذابات السوريين أجمعين، ومن دونه سيبقى المجتمع الدولي مستنزفاً يضيع الوقت، الذي يعني مزيداً من الدماء المهدورة والقصص المأساوية، وغائصاً في مستنقع المبادرات التي تركن إلى جزئية وتنسى الصورة الشاملة. كما أن المعارضة السورية مطالبة بالتكاتف والتعالي على المصالح الضيقة، لأن في ذلك جزءاً مهماً من الحل، أو على الأقل المساهمة في الوصول إليه، ليصار بعدها إلى تكثيف الحراك السياسي والضغوط، تمهيداً لترتيب مرحلة انتقالية تلبي تطلعات السوريين وتحفظ حقوقهم وكرامتهم.

=================

"الائتلاف الوطني السوري".. خطوة نحو الحكومة الانتقالية

الوطن السعودية

التاريخ: 12 نوفمبر 2012

ليست تسمية الائتلاف السوري المعارض مهمة، وليس توصل مجموعات من المعارضة السورية ـ في الدوحة أمس ـ إلى اتفاق بإنشاء "الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة"، خطوة حقيقية إلى الأمام، إلا في حال صار هذا الائتلاف هو الهيئة التنفيذية الوحيدة بعيداً عن تحزبات لا تحتملها المرحلة، ولا تخدم أهداف الثورة، ولا تنقذ الشعب السوري مما هو فيه من مجازر يومية، وتشرد وهجرات جماعية.

إن من المهم بعد توقيع هذا الاتفاق النظر إلى المستقبل بعين جديدة لا ترى الأطماع الشخصية، ولا تعترف إلا بالمصلحة الجمعية لوطن يئن، وشعب ينزف.

المجلس الوطني السوري كان يرفض تجاوزه، أو إنهاء دوره بوصفه الكيان السوري المعارض الرئيس منذ بدايات الثورة، وله ذلك لو كانت الأوضاع تحتمل، بيد أن التطورات على الأرض، واختلاف المرجعيات والنزعات السياسية، تحتم على رؤوس هذا المجلس تجاوز الأنا الجمعية المحدودة، من أجل الأنا الوطنية الشاملة؛ ذلك أنه لا سبيل إلى إسقاط النظام ـ وهو الهدف الذي تتحد عليه جميع الأطراف ـ إلا باتحاد العمل والقيادة وتحديد الأطر، وتمثيل هذه القيادة لجميع الشرائح السورية.

الخطوة التي يتحتم أن تلي توقيع الاتفاق، هي توحيد العمل العسكري في مواجهة جيش النظام، وتوحيد المجالس العسكرية المختلفة، لتعمل تحت قيادة واحدة، تستطيع جمع أشتات الجهد العسكري، وتحويلها إلى خطط استراتيجية تحقق الهدف بأقل الخسائر، وخلال أسرع وقت.

اليقين هو أن نجاح هذا الاتفاق خطوة نحو تشكيل الحكومة الانتقالية، سواء أكان ذلك بالتوافق، أم بالانتخاب، فالمهم هو وجود حكومة انتقالية مهيأة، لئلا يصبح سقوط النظام مدعاة للفوضى أو التقسيم، أويكون سببا في تهيئة الأرض السورية لدخول الدول والجماعات المتربصة بسورية.

الواقع لا يحتمل أي تحفظات شكلية، والوقت لا يتسع للمزيد من الخلافات، فالوطن السوري، والشعب النازف، يحتاجان إلى تنازلات تطرح الأطماع السياسية، وتضع ـ نصب الأعين ـ الأهداف السامية التي ثار من أجلها الشعب، وضحى في سبيلها بالكثير... والكثير.

=================

مواقف الأسد فقدت أي اهتمام دولي

هل تحدث التحذيرات الإسرائيلية فارقاً؟

روزانا بومنصف

2012-11-12

النهار

تابعت مصادر ديبلوماسية باهتمام في الايام الاخيرة التحذيرات الاسرائيلية مع امتداد الاشتباكات بين قوات النظام السوري والمعارضة الى الجولان، في ضوء اعتقاد أن الأخطار التي يمكن ان تشكلها تداعيات الحرب في سوريا على اسرائيل قد تكون من ابرز العوامل لتحريك الجهد الخارجي بجدية وبقوة اكبر للتعجيل في محاولة ايجاد تسوية لما يحصل في سوريا. وحتى اليوم يسود اقتناع بان استمرار الوضع السوري على حاله وانحداره الى اهتراء على كل الأصعدة يخدم المصلحة الاسرائيلية في ان يكون احد ابرز جيرانها معطلا لسنوات كثيرة مقبلة، ولذلك أيّدت اسرائيل بقاء الرئيس السوري في موقعه معترضة على التغيير الذي يمكن ان يأتي بنظام آخر، ولكن مع تحذيرين اسرائيليين خلال اسبوع من رد اسرائيلي محتمل على سقوط قذائف نتيجة اشتباكات في الجولان، يخشى كثر ان تدخل عوامل جديدة ضاغطة على الخط بحيث لا يستبعد ان تدخل تعقيدات على الجهود الجارية من أجل تسوية. فحتى الامس القريب كان السؤال ما هو المدى الذي يمكن تقبله دوليا في تداعيات الحرب السورية داخليا وعلى الخارج قبل ان يطرح بالحاح ضرورة العمل بقوة على الانتقال الى مرحلة مختلفة من مقاربة الوضع السوري؟ فالوضع الخطر الذي شهده لبنان والذي ساهم في مسارعة الدول الكبرى الى زيارته من اجل احتواء الوضع ومنع تفاقمه وتجميد الستاتيكو الحالي قدر الامكان، مرشح لمزيد من الأخطار ليس فقط مع تزايد الانعكاسات السياسية بل مع تزايد اعداد اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات السورية الى لبنان. ولا تقل سلبية هذه التداعيات على تركيا والاردن اللذين يحظيان بقدر لبنان بالزيارات الخارجية تأكيدا على السعي الى ابقاء الامور مضبوطة وطمأنة المسؤولين فيهما الى استمرار العمل على حلول واشراكهما فيها، علما ان العراق بدوره ليس في منأى عن هذه التداعيات. وقد برزت في الايام الاخيرة عوامل اخرى ضاغطة من بينها في شكل اساسي العامل الانساني الذي تمثل في لجوء ما يزيد على 11 الف سوري في يوم واحد الى تركيا ولبنان والاردن على نحو يزيد التبعات على هذه الدول على أصعدة عدة. وهذا الامر بات يضغط بقوة على الدول الغربية التي لن تستطيع الاكتفاء بالاستمرار في القول ان الوضع السوري لم يعد يحتمل وانها في انتظار تغير الموقف الروسي او ان تحمل المسؤولية لمجلس الامن الدولي. فهل يحدث دخول العامل الاسرائيلي على الخط هذا الفارق ام لا، وفي اي اتجاه؟

 وتقول المصادر المعنية ان هناك اجحافا في اعتبار ان لا تحرك دولياً لاخراج الوضع السوري من حال الحرب خصوصا مع فشل الجهود التي بذلها الاخضر الابرهيمي حتى اليوم. فهناك جهود حقيقية تبذل، وقد خرج الرئيس السوري الى الاعلام بعد انقطاع طويل من اجل الرد على سيناريوات متداولة للتسوية في سوريا اثيرت مع زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للقاهرة وعمان الاسبوع الماضي والضغوط الدولية لتوحيد المعارضة السورية. ورغم ان مواقف الرئيس السوري لم تعد تحظى بالاهتمام الذي كانت تحظى به سابقا حين كان هناك امل في ان يقدم على خطوات اصلاحية توقف الانزلاق نحو الحرب، فان اطلالته الاعلامية كانت من اجل رفض اعتبار خروجه من سوريا بندا يمكن التفاوض عليه، ولتكرار ما سوقه الايرانيون والروس سابقا من مشاريع حلول تلحظ بقاءه حتى موعد الانتخابات الرئاسية السورية سنة 2014، وذلك تحت وطأة استمرار ما تشهده سوريا عسكريا وامنيا واجتماعيا وما يفيض منها الى دول الجوار.

=================

أميركا وصفقة سلاح العراق مع روسيا

سركيس نعوم

2012-11-12

النهار

شكا المسؤولون العراقيون خلال السنوات الماضية من عدم تجاوب الولايات المتحدة مع مطالبة حكومتهم اياها تزويدها ما تحتاج اليه من سلاح ثقيل لتمكين جيشها وقواتها الامنية من مواجهة التحديات التي يعيشها العراق يومياً في الداخل ومع الخارج.

طبعاً ملّ هؤلاء المسؤولون عدم تجاوب واشنطن واتفقوا مع روسيا الاتحادية الشهر الماضي على صفقة أسلحة قيمتها خمسة مليارات دولار اميركي.

هل الملل من اميركا كان السبب الوحيد لتوجه العراق نحو روسيا لتسليح جيشه؟

طبعاً لا، يجيب متابعون من قرب للعراق واوضاعه. ذلك ان خطوة كهذه من شأنها توتير العلاقة بين العراق واميركا. فضلاً عن انه ليس للمالكي وحلفائه الاقليميين مصلحة في استعداء اميركا.

أما السبب الفعلي لتوجّه بغداد نحو موسكو للتسلح فهو عدم ممانعة اميركا فيه. فهي كانت تفضل طبعاً ان يكون سلاحاً اميركياً. لكنها ادركت ومن خلال المفاوضات الطويلة والصعبة معه حول تسلّحه انه يتمسك بالاسلحة التي يريدها. و ادركت ايضاً انها عاجزة عن التلبية السريعة للمطالب العراقية لأسباب بيروقراطية وأخرى تتعلق بصراعات عراق الداخل والوضع الاقليمي. وادركت واشنطن اخيراً انها لا تستطيع تجاهل حق في ان يكون له جيش مسلح قادر على القيام بمهماته الوطنية. لهذه الأسباب كلها، يقول المتابعون انفسهم، دفعت  العراق نحو موسكو من أجل التسلح، وقامت ربما بدور ما مع الأخيرة لاقناعها بالتجاوب. كما انها لم تعترض على تزويد العراقيين كل السلاح الذي طلبوه منها (اميركا) سواء من حيث النوع او المواصفات أو الفاعلية. ويرجح هؤلاء ان يكون الجنرال بتريوس رئيس المخابرات الذي استقال السبت الماضي عراب الصفقة المشار اليها.

هل من استنتاجات يمكن استخلاصها من "التفاهم الروسي – الاميركي" على تسليح العراق؟

الاستنتاج الأول، يجيب المتابعون انفسهم، هو ان روسيا واميركا ليستا في حرب حياة أو موت كما يظن العرب وتحديداً السوريون والمتورطون منهم في الحرب بين غالبية هؤلاء ونظامهم. ويعني ذلك ان الحفاظ على الأسد ونظامه ليس خياراً استراتيجياً نهائياً لروسيا، وان تفاهماً لا بد ان يحصل يوماً بين موسكو وواشنطن على ما يجري في سوريا فتنتهي حربهما بالوكالة على اراضيها. والتفاهم قد لا يكون نتيجة اعطاء اميركا روسيا كل ما تريد. ذلك انها تعرف ان اوضاع روسيا الداخل وعلى غالبية الصعد ليست جيدة، وانها في حاجة الى "نفضة" كاملة، وانها لولا نفطها وارتفاع اسعاره عالمياً لكانت في ورطة اليوم.

والاستنتاج الثاني هو ان باراك اوباما المُجدَّدة ولايته الرئاسية لا يزال يؤمن بسياسة القيادة من الخلف. وهي تعني "إشراك" القوى الدولية الكبرى وان كانت اوضاعها صعبة في مسؤولية البحث عن الحلول للأزمات الكبرى في العالم وتطبيقها او فرضها.

والاستنتاج الثالث هو ان ما يجمع اميركا وروسيا في هذه المرحلة كبير رغم خلافاتهما المهمة المعروفة. وابرز اثنان: الأول، مواجهة الارهاب وخصوصاً الذي تقوم به في رأيهما جهات اصولية اسلامية تكفيرية مثل "القاعدة" واشباهه. والثاني رفض تحول ايران دولة نووية عسكرياً.

=================

أوباما الثاني: لا مفر من الشرق الأوسط

جورج سمعان

الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٢

الحياة

لا يمكن الولايات المتحدة أن تستقيل من مسؤولياتها، أياً كانت العقبات والصعوبات الذاتية والموضوعية التي تعترض أداء دورها الريادي في العالم، علماً أنها لا تريد ولا ترغب في التنازل عن هذا الموقع الذي تحتله بامتياز منذ سقوط الحرب الباردة. لكن أداء هذا الدور يمكن أن يجد له تعابير وسبلاً مختلفة، بل إن المستجدات الدولية في أقاليم عدة تستدعي أولاً إعادة النظر في السبل التي تحافظ على موقع أميركا. هناك تحديات قديمة وجديدة تفرض على إدارة باراك أوباما في ولايته الثانية التعامل معها. لا يمكن الولايات المتحدة أن تنكفئ إلى الداخل أياً كانت متاعبها الاقتصادية والاجتماعية.

الرئيس السابق جورج بوش الابن قرر، مطلع ولايته الأولى، الابتعاد عن القضية الفلسطينية بعد الجهود الطويلة التي بذلها سلفه بيل كلينتون مع القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية ولم تثمر سوى الفشل. قرر الابتعاد عن كل ما يشغل إدارته عن قضايا الداخل. استهاب الأوروبيون هذا المنحى. أقلقتهم فكرة انعزال أميركا، وإن كان شبح الحرب مع المعسكر السوفياتي في ساحاتهم توارى مع سقوط جدار برلين. وما لبثت «غزوتا واشنطن ونيويورك» أن دفعتا إدارة بوش إلى الخروج عبر الأطلسي. ليس هذا فحسب، بل دفعتاها إلى «الهجوم» على العالم كما لم يحدث في التاريخ من قبل، فكان احتلال أفغانستان. ثم الحرب على العراق، فالحرب التي لم تتوقف على الإرهاب. وانتشار القوات الأميركية في كل مكان. هذا «الهجوم» لم يتجاوز آليات الأمم المتحدة وباقي المؤسسات الدولية فحسب، بل تجاهل وجود قوى كبرى أخرى في العالم لها مصالح وشبكة علاقات معقدة في أقاليم مختلفة. حتى بات العالم الذي صفق لسقوط الكتلة الشرقية يتمنى قيام قوة كبرى أخرى تفرض توازناً مع الولايات المتحدة لترسيخ حد أدنى من الاستقرار والسلم الدوليين، على رغم ما عانت دول كثيرة من تجاذب وآلام وصراعات في حقبة «الجبارين».

الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الداخل الأميركي ستفرض نفسها بنداً أول في أجندة الإدارة الجديدة، خصوصاً في ظل الاستقطاب الحاد الذي يقسم البلاد. لكن هذه لا يمكنها تغييب التحديات الخارجية، خصوصاً أن الاقتصاد الأميركي لا يمكن عزله عما تعانيه أوروبا من متاعب اقتصادية. ولا يمكن عزله عن الصين التي رسم رئيسها هو جينتاو لخلفه قبل أيام من تنحيه «نموذج نمو جديداً» يقوم على نهاية الامتيازات في قطاع الدولة القوي وإعادة تركيز النمو على الاستهلاك الداخلي. ودعا في مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم إلى تسريع إستراتيجية «الخروج من الحدود» وتشكيل «عدد كبير من الشركات المتعددة الجنسية على الصعيد العالمي». حدد هدفاً مزدوجاً يتمثل في مضاعفة إجمالي الناتج الداخلي وعائدات المواطنين بين 2010 و2020 في بلد لا يزال يعتمد على الاستثمارات والصادرات على حساب استهلاك العائلات.

الهم الصيني كان حاضراً في البيت الأبيض منذ اليوم الأول لدخول أوباما. لم يغب ولن يغيب. وكان أعلن مطلع هذه السنة إستراتيجية دفاعية جديدة تركز أولاً على آسيا والمحيط الهادئ، ولكن من دون إهمال التزام واشنطن استقرار الشرق الأوسط. ولن يحيد عن هذه الاستراتيجية التي تعطي الأولوية لمواجهة طموح الصين إلى كسر القطب الواحد عسكرياً في تلك المنطقة. فالولايات المتحدة تنتمي إلى المحيط الهادئ انتماءها إلى الأطلسي. ولجأت إلى تعزيز وجودها العسكري شمال أستراليا التي منحت قواتها قواعد تسهل لها الانتشار في الإقليم. ولم تتخل عن دعمها الدائم لتايوان. وسعت وتسعى إلى تمتين الروابط التجارية بين بلدان منطقة المحيط الهادئ لعلها تحد من هيمنة بكين على الإقليم، وتدفعها إلى شراكة وتعاون.

قد يجادل بعضهم أن أوباما لم يمتلك في ولايته الأولى برنامجاً أو استراتيجية محددة، لذلك طبع التردد وغياب المبادرة كثيراً من قراراته في أزمات عدة، من القضية الفلسطينية إلى الأزمة السورية فالمواجهة مع إيران... ولكن يجب الإقرار بأنه رسم نهجاً لم يحد عنه. وفي ضوء طي صفحة الحروب التي أثارها سلفه، أولى أهمية كبيرة لصيغ التعاون مع الدول الكبرى، من الصين إلى أوروبا مروراً بروسيا. وأعاد الاعتبار إلى المؤسسات الدولية. خط سياسة واضحة لبناء هيكليات تعاون في الأقاليم المختلفة. ومنح القوى الكبرى في هذه الأقاليم دوراً في إدارة شؤونها وحل أزماتها. كما هي الحال في شرق وجنوب شرق آسيا حيث تتعاون أميركا مع اليابان وكوريا الجنوبية وأندونيسيا والفليبين وفيتنام لاحتواء الصين. وكما هي الحال في شمال أفريقيا حيث تقيم علاقات تعاون وشراكة مع المغرب والجزائر لمواجهة التحديات في هذا الإقليم. ومثل ذلك في منطقة الخليج حيث تنتشر القواعد والقوات والأساطيل الأميركية للرد على التهديدات الإيرانية. وينطبق هذا على تركيا وبعض دول حلف الناتو في التعاون على نشر «الدرع الصاروخية»، والتنسيق في شأن الأزمة السورية والملف النووي الإيراني. فضلاً عن الاهتمام بمجموعة العشرين على المستوى الاقتصادي...

أولى الرئيس أوباما في مستهل ولايته الأولى اهتماماً خاصاً بالشرق الأوسط. توجه إلى العالم الإسلامي من تركيا ومصر طالباً المصالحة وفتح صفحة جديدة. وبعث برسائل إلى الشعب الإيراني. واستعجل التفاوض لقيام الدولتين في فلسطين. لكنه أخفق لاعتبارات كثيرة. واعترف هو صراحة بعجزه عن وعده تحقيق قيام الدولتين. وبعجزه عن إقناع نتانياهو بوقف بناء المستوطنات. ولكن في مقابل هذا التراخي في هذا المجال، أثبت قدرة على الثبات والتمسك بسياسته حيال إيران. رفض الانجرار إلى مواجهة عسكرية مع الجمهورية الإسلامية، على رغم الضغوط التي مارستها حكومة «الليكود» ودوائر إسرائيلية كثيرة. ولم يتردد في دعم «الربيع العربي» وإن سجل عليه غياب المبادرة حيال الحراك في سورية.

يصعب القول إن «أوباما الثاني» سيدير ظهره للشرق الأوسط، أو أنه لن يبدل مواقفه حيال أزمات الإقليم. ثمة عنصران ثابتان في سلة المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة يشكلان جزءاً لا يتجزأ من هذه المصالح هما: أمن إسرائيل وأمن منابع النفط وممراته. وإذا كانت الحملة الانتخابية الأخيرة كبلت حركته وديبلوماسيته، فإن التحرر من هذا العبء سيطلق يده ويتيح له هامشاً واسعاً من حرية التحرك. من السذاجة أن يتوقع بعضهم انقلاباً في المواقف، مثلما من السذاجة أن يتوقع بعض آخر ثباتاً في السياسة. حتى لو صح ذلك، فإن التطورات المتسارعة في المنطقة، وما جرفته من حسابات وعلاقات ومصالح وما دمرت من منظومات سياسية واقتصادية وأمنية، سترغمه على الانخراط فيها. لذلك قد لا يصح بعد اليوم الاعتماد على الشركاء أو القوى الإقليمية أو على مبعوثين لمواجهة التطورات وتحدياتها. تفترض هذه في ساعات الحسم اتخاذ قرارات مصيرية، وتدخلاً مباشراً من الرأس والقيادة، أي من الرئيس الأميركي وإدارته.

في القضية الفلسطينية قد يتردد أوباما لئلا يحرق أصابعه ثانية. لكن توجه السلطة إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين «دولة غير عضو» على رغم اعتراض واشنطن، سيرغمه على الانخراط باكراً في هذه القضية. لن يدخلها من باب الانتقام من بنيامين نتانياهو الذي ناصر غريمه ميت رومني في الانتخابات الأخيرة. لكنه بلا شك بات في وضع يسمح له بممارسة أعتى الضغوط عليه إذا شاء. وستكشف الأيام المقبلة قدرة واشنطن على بلورة موقف جديد وربما التزامات في هذا المجال تعجل في العودة إلى المفاوضات. فهل تقدر على تسويق مقايضة تقوم على تأجيل السلطة الذهاب إلى الأمم المتحدة في مقابل إرغام نتانياهو على العودة إلى المفاوضات في ظل قرار بوقف بناء المستوطنات؟

أما إيران التي تحاول التمدد العسكري، من السودان وسيناء إلى شمال اليمن وجنوبه، ومن غزة ولبنان وسورية إلى العراق وأفغانستان، فقد لا تجد مفراً من الحوار والرضوخ لشروطه من أجل فك طوق العقوبات «الوحشية» التي تهددها بانهيار اقتصادي شامل. كما لا يمكن قيادتها تجاهل التعهد الذي قطعه أوباما على نفسه بمنعها من الحصول على السلاح النووي أثناء ولايته. وهو تعهد لا تخالفه روسيا ولا الصين، المشاركتان في العقوبات الدولية على طهران. وإذا كان أطراف الصراع على الملف النووي لا يرغبون في الحرب، فإن استعداداتهم الميدانية قد لا تعدو كونها سعياً إلى تحسين شروط الحوار أو التفاوض حين تحين ساعته. وعندها ستتبدل حسابات كثيرة وتحالفات من روسيا إلى العالم العربي.

وإذا كان أحد أوجه الأزمة السورية جزءاً من الصراع بين طهران وواشنطن، فإن تداعيات هذه الأزمة على الإقليم لا تسمح بلعبة الوقت. أي أنها لا يمكن أن تنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران (يونيو) المقبل. من هنا، إن الضغوط التي تمارسها أميركا وأوروبا ودول عربية على المعارضة السورية لتوحيد صفوفها السياسية والعسكرية هدفها كسر ميزان القوى العسكري على الأرض، ودفع النظام وحلفائه (خصوصاً إيران وروسيا) إلى تعديل موقفهما والتسليم بهذه الورقة. وهذا ما يفسر أيضاً استماتة نظام بشار الأسد وطيرانه الحربي لكسر ميزان القوى لمصلحته... استعداداً لوقت التسوية الحاسمة.

ثلاثة ملفات ساخنة في الشرق الأوسط لا تحتمل الإغراق في التكهن بسياسة أوباما لولايته الثانية. ولا تحتمل ترف انتظار ما سيؤول إليه الحوار بين واشنطن وموسكو، أو بينها وبين بكين أو طهران. بل إن الحسم في هذه الملفات قد يعجل في خطوات الحوار وما سيؤول إليه... وإلا فإن تطوراً نوعياً كبيراً ومفاجئاً في المنطقة قد يقلب كل الحسابات والخطط رأساً على عقب.

=================

خطة (ب) في سورية!

محمد أبو رمان

الغد الاردنية

12-11-2012

وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، استناداً إلى مصادر من داخل الثورة السورية، فإنّ الأردن خرج عن حياده تجاه الأوضاع في سورية، وبدأ بتسهيل عملية مرور السلاح إلى داخل الأراضي السورية، واندمج بصورة أكثر فاعلية في الاقتراب لترتيبات اليوم التالي لسقوط النظام السوري.

على الفور، قام وزير الإعلام، الزميل سميح المعايطة، بنفي ما ورد في هذا التقرير. وبغض النظر عن المعلومات التفصيلية فيه، إلاّ أنّ المؤشرات الموضوعية والواقعية تؤكّد أنّ تحولاً جوهرياً حدث في قراءة "مطبخ القرار" في عمان، باتجاه ضرورة المساعدة في تسريع الوصول إلى المرحلة الانتقالية، ما يعني إضعاف أوراق قوة الرئيس الأسد، وتسهيل قبوله بالحل السياسي.

تفضّل الأطراف الدولية الأساسية، الولايات المتحدة وروسيا، اليوم، الحلّ السياسي والمرحلة الانتقالية، ورحيل الأسد. إلاّ أنّ إحدى نقاط الخلاف التي تحول دون الوصول إلى هذا الاتفاق، تتمثّل اليوم فيما إذا كان رحيل الأسد شرطاً للحل السياسي (موقف أميركا والمعارضة السورية)، أم أنّه نهاية المرحلة الانتقالية من خلال انتخابات (موقف روسيا والأسد نفسه).

لم يعد مطروحاً بقاء النظام السوري الحالي، حتى ضمن الحل السياسي. لكن، يحاول كل طرف دولي وإقليمي ومحلي تجيير هذا الحل لصالح رؤيته. وهو ما يدفع بـ"المعسكرين"، في سياق الحرب بالوكالة التي تدور حالياً في سورية، إلى العمل على ترجيح كفّة كل منهما على الأرض، عبر تحقيق مكتسبات جوهرية لتغيير موازين القوى وفرض أجندته ضمن هذه الصفقة.

نقطة التحول التي أدت وستدفع باتجاه تغييرات كبيرة في المقاربات الدولية والإقليمية تتمثّل في أنّ الإدارة الأميركية بدأت تشعر بخطر "القاعدة" وانتشار السلفية الجهادية مع استمرار الصراع. وهي تجد أمامها للوقوف في وجه هذا الانتشار خيارين: الأول، دعم الرئيس الأسد، وهذا مستحيل في سياق المعادلات الراهنة، بالرغم من محاولة الأسد اللعب على هذه الورقة مؤخراً؛ والثاني، دعم الطرف المعتدل أو الذي يمكن أن يواجه "القاعدة" ويقف ضد أجندتها في سورية (كما حدث في تحول الصحوات في العراق في العام 2007؛ ومثّلت الضربة القاضية للقاعدة)، ويتمثّل بدرجة رئيسة في مجموعات مضمونة في الجيش السوري الحرّ، وهذا ما تمّ إقراره فعلاً.

ضمن هذه القراءة، فإنّ "مطبخ القرار" في عمان ينظر بقلق شديد لصعود "القاعدة"، ويدرك تماماً أنّ إطالة الصراع على الحدود الشمالية ستعزز من حضورها، وضرب الأمن الوطني الأردني، ما يعني ضرورة إعادة النظر في المقاربة الرسمية تجاه ما يحدث في الشمال، مع بروز قناعة جديدة في عمان بعدم إمكانية نجاة الأسد وبقاء نظامه.

صحيح أنّ عمان تفضّل –بالضرورة- الحل السياسي، وتقاوم ضغوط التدخل العسكري المباشرة في سورية، إلاّ أنّها بدأت تدرك تماماً أنّ البقاء على الحياد يعني موقفاً سلبياً تجاه المصالح الأردنية، وانتظار انتشار "القاعدة" وتمدّدها، وحربا أهلية على الحدود الشمالية.

ما هو أخطر من ذلك، أنّ المعطيات الواقعية تشير إلى أنّ النظام السوري بدأ عملياً بتنفيذ خطة (ب)، وتتمثل في تقسيم سورية واقعياً، لإغراق المنطقة في حالة من الفوضى. وهو ما بدأ فعلاً عبر تسليم النظام السوري مدناً كاملة للأكراد، وقيامه بتسليح العلويين، وتنظيف المنطقة المحيطة بهم، ومحاولة تسليح المسيحيين.

أمّا خطة (ب) الأردنية، فتتمثّل حالياً في المساهمة في تغيير موازين القوى على الأرض، عبر دعم المعارضة وتوحيد صفوفها، والإعداد لليوم التالي لنظام الأسد سياسياً وأمنياً، ما سيجبر الروس على تليين موقفهم في "الحل السياسي"، ويحدّ من خطر الحرب الأهلية والتقسيم والفوضى، ويفشل خطة (ب) للنظام السوري!

التطورات الأخيرة تؤذن بتسارع كبير في الأوضاع في سورية، بعد أن انتقل الجميع إلى خطة (ب)!

=================

في سورية... يحيا القتل وتسقط السياسة

نور الله السيّد

2012-11-11

القدس العربي

رفض النظام السوري منذ اليوم الأول للأزمة السورية التحرك على محور السياسة مفضلاً العنف، تحدث لفترة من الزمن عن الحوار والإصلاح، الإصلاح باعتباره ثمرة حل سياسي لم يُتفق عليه، وإنما بإعتباره شيء قرره حزب البعث عام 2005 وحان الآن وقت تنفيذه ولكن 'الإصلاحات' ومواقيتها لم تكن إلا لكسب الوقت بغية تأكيد الحل الأمني، الذي انتهى إلى العسكرة والعبثية بقصف طائرات النظام للقرى والمدن السورية بالقنابل العنقودية وبراميل المتفجرات، وقصف صفوف الناس أمام المخابز، لعل الناس ترعوي وتعود إلى سجنها. أما الحوار الذي أداره النظام مع شخصيات انتقاها، فانتهت نتائجه إلى أقرب سلة مهملات تأكيداً مرة ثانية أن ذلك كان لكسب الوقت بغية العسكرة.

دفع النظام بالجيش للانخراط في قمع المظاهرات في مدينة درعا منذ نيسان عام 2011، بعد أقل من شهرين من بدء الانتفاضة السورية، ظاناً أن هذا سيمكنه من قمع الانتفاضة في مهدها ومن ثم قَمْع باقي الجيوب التي ظهرت هنا وهناك. وتابع النظام السوري توريط الجيش السوري في معظم المحافظات السورية معللاً النفس بانتصار قريب. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث. وفي خلال العشرين شهراً الماضية لم يُقدّم النظام أي مبادرة سياسية بل فعل ما هو أنكى من ذلك بإجهاضه كل المبادرات التي طرحت: مبادرة الجامعة العربية ومبادرة كوفي أنان، ومبادرات أخرى رفضها قبل أن تظهر للملأ من دول تُعتبر صديقة له أو كانت صديقة له مثل تركيا.

وأكد رئيس النظام السوري في كلمته أمام مجلس الوزراء برئاسة المنشق رياض حجاب بتاريخ 26 حزيران 2012 أن سورية 'في حالة حرب حقيقية بكل جوانبها وبكل ما تعني هذه الكلمة من معنى وعندما نكون في حالة حرب فكل سياستنا وكل توجهاتنا وكل القطاعات تكون موجهة من أجل الانتصار في هذه الحرب وفي معاركها، وبهذا أغلق النظام جميع الأبواب إلا باب الحرب آملاً في الانتصار.

وهو باب أُغلق منذ اليوم الأول للأزمة السورية عندما أعلن النظام أن سورية تتعرض لمؤامرة. والنظام في الحقيقة غير قادر على طرح أي مبادرة سياسية لأن ذلك سيعني تغييراً ما، تغييراً سياسياً بالطبع، سيطال بنية النظام السوري وسيعني نهايته، مباشرة أو بعد فترة محدودة.

وفي تاريخ الدول، تقدم الدولة التي تعاني من أزمة مع مواطنيها مبادرات سياسية للخروج من الأزمة. ولكن النظام السوري يخرج عن نموذج الدولة التي تقبل وجود طرفين على الأقل أحدهما المعارضة، وهو لا يزال يعيش نموذج الدولة المستبدة، دول الحزب الواحد، حيث على الجميع أن يقبلوا قرارات القيادة العليا، والقيادة العليا في الحالة السورية هي رأس النظام، وأي شذوذ عن ذلك هو بمثابة مؤامرة يجب إسقاطها ودحرها. وهي أنظمة لا تعرف معنى السياسة وإنما تعرف معنى السيطرة. وأن تسوس هذه الأنظمة شعوبها يعني أن تسيطر عليها وتوجهها كما تريد، أي أن تتحكم بها.

ومن أدوات التحكم القتل، والقتل الجاري في سورية هو مثال ذلك. وهذا القتل ليس قتل الحرب، وإنما قتل للقتل، إذ ما معنى قصف أبنية بطوابقها بصواريخ الطائرات لأن معارضاً أو معارضين مسلحين اختبأوا في إحداها، أو أن يُدك حي بأكمله وعلى رأس من فيه لاشتباه وجود مجموعة مسلحة في الحي. أو إلقاء طائرة لبرميل متفجرات على قرية أو بلدة زاد عدد قذائف المدافع والدبابات والصواريخ التي أطلقت على ريف مدينة دمشق عن عشر آلاف قذيفة، أي بأكثر من خمس قذائف لكل معارض مسلح علماً بأن كل قذيفة تكفي لتهديم بيت. أحياء بكاملها من أطراف دمشق وريفها سويّت بالأرض. وهو أمر يتكرر في حمص وحلب ودير الزور وغيرها من البلدات والمدن. فلماذا كل هذا الدمار إن لم يكن لمجرد التدمير، كما القتل لمجرد القتل! قتل بوحشية سيذكره التاريخ طويلاً. قال رجال الأسد: إما الأسد أو تدمير البلد، وهم ماضون في تحقيق وعيدهم.

أقال النظام حزب البعث من الفعل، وهو الحزب الحاكم الذي لم يدل بتصريح سياسي واحد عما يجري في البلاد، إلا من سِّقْط الكلام، وكأنه غير موجود في الحكم أو أنه حزب في دولة أخرى، حزب لا علاقة له بالسياسة وكرس النظام الترهيب سياسة، وأقال المواطنين والبلد من الفعل السياسي حينما خنق ربيع دمشق في المهد، عندما حاول بعض السوريين الظهور على السطح والقول بأننا هنا، فأغلق منتدياتهم وأصواتهم لأنه لا يمكن لأحد آخر أن يشاركه المسرح، والمشاركة تعني إدخال فعل السياسة، ولا سياسة في سورية.

لم يكن العنف الذي عاشته سورية في ثمانينيات القرن الماضي مفروضاً على النظام، بل هو في معظمه من صُنع النظام نفسه ليستخدمه مبرراً لقتل من يهدده، وقتل عشرات الآلاف من السوريين. وهو استخدم القتل قبل ذلك للتخلص من رفاق الطريق وكل من هدده في سورية أو لبنان على وجه الخصوص. لبنان الذي لم يتوقف النظام عن إرسال رسائل قاتلة لشخصياته منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين وحتى الشهر الماضي، ولم يبعث له بأي رسالة سياسية أو دبلوماسية تنشد التعاون والتنمية. وهو يبحث عن إرسال رسائل قاتلة لدول الجوار، ولكنها رسائل ضلت طريقها حتى الآن.

ما سبق ليس إلا من بديهيات النظام السوري وأسس بنيته، فكيف للمخضرم الإبراهيمي وللعالم أجمع أنهما لم يدركا ذلك؟ وكيف لهما أن ينتظرا قبول النظام السوري لأي مبادرة سياسية ستطيح به مهما كانت؟ قبول هدنة العيد على بساطتها ورمزيتها كان يعني بالنسبة للنظام السوري اعترافاً بالمعارضة، ونظام مثل النظام السوري لا يمكنه أن يعترف بأي معارضة، ومن وجهة نظره فإن معارضيه ليسوا إلا منفذي المؤامرة. وسيبقى جواب النظام للإبراهيمي وللعالم هو الجواب التقليدي نفسه: أوقفوا المؤامرة ويمكن أن نتقدم بعدها على المحور السياسي. ولن يكون بإمكان الإبراهيمي فك متلازمة المؤامرة-القتل.

قَتلَ النظام السوري منذ تسلم الإبراهيمي مهمته رسمياً في أول أيلول الماضي أكثر من اثني عشر ألف مواطن، ولا تزال آلته تتابع القتل بلا كلل، ولا يزال الإبراهيمي يبحث عن ملامح لحل ولن يجدها ولن يجد أي حل، ومبادرته أخذت مكانها في الفعل الناقص قبل أن تولد.

بعد كل هذا الإنكار والقتل، فهل من حل سياسي يكون النظام فيه طرفاً؟ لا يبدو هذا ممكنناً، ولا حل إلا حلٌ على طريقة النظام: القتل. ولكنه قتل النظام هذه المرة ووأده في غور عميق. وهي رغبة تتأكد كل يوم لدى السوريين بعد كل ما حل بهم من خراب ودمار، وهو حل لن يشفي ما تكدس في قلوبهم من غل على مدى عشرين شهراً من القتل واثنين وأربعين عاماً من السجن، لتبدأ السياسة بعد ذلك، وما أحوجهم إليها بعد طول غياب.

=================

أمريكا/المعارضة: إسقاط الثورة أو إسقاط النظام!

مطاع صفدي

2012-11-11

القدس العربي 

في السياسة الأمريكية لا تحدث المنعطفات الكبرى مع تغيّر أشخاص المسؤولين الكبار، فكما يُقال: لأن الدولة الأمريكية قائمة على مؤسسات دستورية راسخة وثابتة، فإن مسيرة السياسة هي نتاج إستراتيجية شاملة، قد تتبدل خلالها وسائلُ فهمها وتنفيذها. أما أهدافها الرئيسية، فلا ينالُها شيء من التحوير إلا لأسباب قاهرة. على هذا الأساس، لا يمكن أن يتوقع العرب من (أوباما) الثاني تغيّراً يُذكر بالنسبة لـ (أوباما) الأول، في مجال أوضاعهم الإقليمية.

فقد اعتاد إعلامُنا على طرح التنبؤات والتوقعات مع كل تجديد رئاسي للدولة العظمى (أمريكا). وذلك منذ أن أصبحت أمريكا فاعلاً شبه أوحد في مصائر القضايا العربية الكبرى. فليس غريباً القول أن الجانب المتعلق بهذه القضايا من تلك الاستراتيجية الشاملة لم تدخل عليه أيُّ تعديلات جذرية، طيلة نصف القرن الأخير على الأقل. فلا يكاد شخص الرئيس أن يكون أهم من الشخصية المفهومية للدولة الأمريكية، بل يحدث غالباً أن التغيير يصيب الشخص تحت تأثير تلاؤمه مع هذه الشخصية المفهومية للكيان السياسي الأكبر وليس العكس.

فإذا أردنا أن نحدد خصوصية الممارسة للرئيس الأسمر خلال سنواته الأربع المنقضية، شعرنا تماماً أن الذي تغيّر قليلاً أو كثيراً هي أحلام الرئيس ووعوده، وليس أبداً هو المفهوم الجذري للسلوك الأمريكي خارجياً. أما أن يُراهن البعض أن الرجل سوف يكون أقوى من الكرسي الذي يحتله خلال الرئاسة الآتية، إذ يصبح أكثر حرية وأقدر على فرض آرائه، وأسرع في تنفيذ قراراته، فتلك رهانات برهنت تجارب الرئاسات السابقة، أنها سطحية ولا جدوى منها. ومع ذلك لعلّ كل هذه الوثبات المنتظرة تتطلب أن يكون الرجل عند حُسْن ظن المؤمنين برسوخ عدالته، شرْط ألا ينتظروا ما يُشبه المعجزات في تصرفاته القادمة.

لسنا، نحن العرب، وحدنا في قرية الأرض الذين يُشغلهم الحدث الأمريكي الرئاسي، كأنه يقع في ديارنا وبين منازلنا. فأوروبا غارقة، شرقَها وغربَها، في التحليلات والتوقعات، وهي في جملتها تحدوها آمال تجديد الثقة بالقائد الأسمر العالمي. فمنذ زمن طويل، أصبحت أمريكا أشبه بالدولة العالمية، وبقية الدول كأنها ولايات ومقاطعات تجري في أفلاكها متباعدةً أو متقاربة، لكن جميعها لها مركزية واحدة تقع ماوراء الأطلسي، هذا بالرغم من اختلاف العلاقة والموقف بين كيانات الأطراف والقيادة الرئيسية. إنه الوضع الذي جعل الرؤساء المتتابعين على عرش البيت الأبيض، متفاوتين في إحساسهم بحدود مسؤوليتهم الكونية، كأنما لم يعد ثمة خصوصية ضيقة لأية قرارات أمريكية خالصة، بل لا بد لها من الأصداء المترامية الأطراف في أنحاء الدنيا تحبيذاً أو رفضاً لها. قد يصدق هذا القانون أو شبه القانون بالنسبة للوقائع التاريخية ذات البعد الشمولي، وخاصة منها تلك الموصوفة بالأزمات الدولية من اقتصادية وعسكرية وسواها. وتتعاظم هذه المؤثرات وقت الكوارث المحلية، لتصيب ما هو أوسع حجماً وآفاقاً.

عالمنا العربي هو ساحة أمريكية بامتياز، ربما أمسى يتلقى أفاعيل متغيراتها جميعها أكثر من سواه. هناك من يرى في الكثير من دولنا أنها أشبه بمحميات أمريكية خالصة. أما الدول العربية الأخرى، فهي إما أن تكون مرشحة لدور المحمية، أو أنها مكافحة بشكل ما ضد السقوط في وعثائها. وبالتالي فإن شعوبنا العربية تشعر بأن (أوباما) كأنه أمسى رئيسها الفعلي الذي تنقاد تحت إشارته بقية السلطات الوطنية لمعظم هذه الشعوب.

أما الربيع العربي، فهو أتى بالثورة الوحيدة الشمولية ضد التبعية للطغيان بأوسع معانيه وامتدادات شروره. وفي الحس العربي العفوي، تبدو أمريكا والطغيان كأنهما توأمان. فالربيع هو في جوهره الثائر ضد الطغيان، لا بد له أن يحسب كل حساب لتوأمه المضاد: أمريكا، والثورة السورية تقدم لنا هذه الحكمة الأولية، فلم يكن ليتقوَّى عدو هذه الثورة الأول الذي هو النظام الأمني العسكري الأسدي لو لم يكن التوأم الآخر لهذا النظام ـ وهو مركزية الطغيان متمثلةً في الاستراتيجية الأمريكية الشرق أوسطية ـ قرر أن يطيل بعمر هذا الدم المسفوح مدراراً كل يوم. إنه قرار أكثر وحشية من الوحوش الفعلية التي يمنحها حرية الممارسة خارج كل قانون دولي إنساني. كلما أصبح الهدف هو تأجيل نهاية النظام من موعدٍ إلى آخر؛ كأنما لن يأتي حدّه الأخير يوماً ما قريباً، غير أن من عجائب أسرار هذه الاستراتيجية الملغومة أن تغدو (بعض) الضحية نفسها محتاجةً بصورة ما إلى دعم الجلاد أو أعوانه للإبقاء عليه، وليس لانتصارها عليه.

تحدث هذه العجيبة مع مسيرة هذا الانفصال المتمادي بين ما يُسمّى ثوار الميدان الداخلي ومعارضة الخارج. فهل، هذه الجبهة الثانية إنما أصْطُنعت أو صَنعت هي من نفسها حاجزاً غير مرئي بين الثورة وإنجازها الحاسم..

(أوباما) الثاني لن يلجأ إلى تكرار بعض سلوكه السابق في التنصّل من مسؤولية الدولة العظمى عن أمن عالمي يخترقه وحشٌ محليٌ إقليمي لا رادَّ له يوقف فظاعته؛ هل صار (أوباما) مضطراً حقاً للانتقال من استراتيجية المراوغة الدبلوماسية إلى نوعٍ من أفعال التغيير على الأرض، هل ينصبّ بعض اهتمامه الأول على أحوال هذه المعارضة الخارجية انطلاقاً من فكره أن الجبهة الموحدة أصبحت ضرورة لا يمكن تجاوزها، وفي الوقت عينه تتابع الثورة مخططها الذاتي، ترفع شعار: أوان الزحف إلى دمشق، لن تبقى معاركها مشتتة الأطراف والجبهات الصغيرة العرضية هنا أو هناك، فالعاصمة هي التحدي الأكبر الذي ينتظر المجهود الأهم لثورةٍ طال صبرها، وقدّمت أروع التضحيات حتى اليوم، فهي وحدها تستحق الفوز بنصرها العظيم قبل أن تسرقه منها مخططات 'المؤامرة' المعروفة المجهولة.

بينما كانت تقتصر إنجازات 'المعارضة' على التحرّك الدائري في مجال اللقاءات والمؤتمرات والبيانات، يتابع شباب الثورة تصدّيهم اليومي للوحش بصدورهم العارية، هؤلاء يصنعون مستقبل سورية والمنطقة معها، وإذا كان لنا أن نخشى على مصيرها فلا بدّ لنا من أن نصارح أطراف المعارضة بالقول: أن ما يتوجب عليهم أخيراً كتعويض عن مراحل الكسل والعقم السابقة، هو أمرٌ واحد: تعديل ميزان القوى لمرةٍ أخيرة لصالح الثوار ضد الزبانية، بدءاً من إمداد الثورة بالأسلحة النوعية المطلوبة، والعون الإنساني لحاضناتها المدنية معها وخلفها.

فلا معنى لأية صيغ جديدة من ملفوظات الجمع والتوحيد بين شراذم المعارضة إن لم يتحقق هذا التجاوز الأوحد المتبقي، وهو أن تغدو المعارضة مجتمعاً إنتاجياً لأدوات الثورة المادية والمعنوية، ذلك هو الخط الأعلى للمغامرة الفاصلة.

إنها الوحدة الحقيقية المطلوبة بين عون الخارج ونضال الداخل، ولا شيء آخر يمكن أن يتدخل من أطرافها إلا إذا بدّدها وشرذمها من جديد.

إنها وحدة الممارسة الثورية المتمردة على كل العناصر الطارئة عليها، والمغتربة عن لسانها ولحمها وعظمها، إنها الوحدة العملية الفريدة التي تجعل كل الأغراب يُفاجأون بأحداثها، ينتظرون إنجازاتها دون أن تنتظر هي أحداً بعيداً عن اسمها ووطنها، فلندع (أوباما) جالساً في غرفة الانتظار وحده، يترقب ماذا يمكن لوحدة الممارسة السورية أن تفعله مجدداً.. أصبح اللاتدخل الأوبامي مطلباً صميمياً لمستقبل الثورة، شرط أن لا يشوب هذا الموقف أية آثارٍ من تدخلاته السابقة المانعة والعاملة على تأجيل ثمار الثورة بحجج واهية.

الأهم من كل هذا هو اجتماع كلمة الجبهات المفتوحة في سورية حول الهدف الذي ينبغي ألاّ تعتريه أية تحريفات تلحق بها من أمزجة متباعدة عن بعضها؛ ما يعنيه مصطلح الوحدة الثورية ليس هو اجتماعاً كمياً لتيارات واتجاهات وأيديولوجيات متوزعة ومتعارضة فيما بينها، فالجبهات تفترض تآزر العمل الثوري ما بين قواعده وقياداته المنسجمة فيما بينها، ولقد تخطت تجارب الثورة السورية أشكالاً مختلفةً كثيرة من تلك التجمعات، فلا نقول أنها زالت جميعها مع تقدم الكفاح اليومي، لكن هذا الكفاح هو الذي أسبغ على التناقضات نوعاً من التجانس السريع ما دام الهدف مجسداً أمام المقاتلين. فالجبهة العسكرية هي أفضل بيئة لإظهار الحقائق كلها مهما كانت مبهمة ومشتتة، وأوُلاها هي حقيقة التصميم على إعطاء الأولوية إلى فعالية الإنسان الثائر، ومدى تلبيته الآنية المباشرة لمتطلبات الصراع المادي المداهم له من كل جهة.

قد لا تكون الثورة حتى الآن في جبهاتها الداخلية والذاتية قد فازت بأعلام النصر كلها، لكنها أصبحت حقيقة يومية مادية وإنسانية في مشهد الواقع السياسي، وحتى الثقافي وإن لم تظهر نتائجه الإبداعية بَعْدُ، إن إبداع العمل الثوري هو الذي كان ينقص مذاهبنا السياسية والأيديولوجية، واليوم لا بدّ من أن نصيخ السمع إلى حوار الجبهات والكلمات، هناك لغة أخرى جديدة لم نتعلم النطق بها أو كتابتها بعد، وأهمها ولا شك كلمة الحرية عندما تتجسد أفعالاً نضالية كبرى تفيض بها أرواح شبابية، أخذت عهداً على ذاتها ألا تكرر حياة العبودية السابقة لآبائها وأجدادها مهما كان الثمن، وإنها لَفاعلةٌ حقاً وبالغةٌ حدودَها القصوى يوماً بعد يوم..

 

' مفكر عربي مقيم في باريس

================

رأي الراية..سوريا تقترب من ساعة الخلاص

الراية

12-11-2012

تشكل ولادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي انضوت تحت لوائه غالبية أطياف المعارضة السورية، خطوة نوعية إلى الأمام تقرب الشعب السوري المظلوم من ساعة الخلاص ونيل حريته وإسقاط النظام الديكتاتوري الظالم الذي ولغ في دماء السوريين وشردهم داخل ديارهم وخارجها بعد أن دمر مدنهم وبلداتهم وقراهم.

إن اتفاق المعارضة السورية الذي جرى التوقيع عليه في الدوحة بعد جهود مضنية بذلتها الدبلوماسية القطرية وأطراف عربية ودولية نجحت في النهاية في جمع السوريين في ائتلاف واسع يمثل جميع أطياف الشعب السوري يعزز الثقة بقدرة الثورة على تحقيق الانتصار على الظلم والقهر والاستبداد وهو الانتصار الذي تاق له الشعب السوري وانتظره عقودا طويلة. الترحيب الدولي والعربي بولادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يستدعي أن يسارع المجتمع الدولي إلى دعم الشعب السوري وتوفير الحماية له في ظل حرب الإبادة التي يتعرض لها على أيدي النظام منذ أكثر من عشرين شهرا. فالإعلان عن تشكيل الائتلاف الوطني يضع المجتمع الدولي الذي فشل في حماية الشعب السوري أمام مسؤولياته الأخلاقية في دعم صندوق الإنقاذ الذي أعلن عن تأسيسه لمد المساعدات الإغاثية والإنسانية وتوفيرها إلى النازحين السوريين الذين قاربت أعدادهم مليوني نازح شردوا من مدنهم وبلداتهم وقراهم. إن وحدة المعارضة السورية وتكاملها سيعزز أداءها السياسي كممثل حقيقي للشعب السوري يحظى باعتراف العالم واحترامه ويعزز وجودها على الأرض السورية كسلطة مؤقتة قادرة على توفير الحماية والرعاية والمساعدة من خلل التنسيق مع المنظمات الدولية الإنسانية في توفير المساعدات الإغاثية والدوائية لأبناء الشعب في مختلف مناطق تواجدهم. لقد وضعت المعارضة السورية بائتلافها الوطني الكبير الذي تم إنجازه الكرة في ملعب المجتمع الدولي وسحبت البساط من تحت أقدام بعض الدول التي تضع العقبات أمام تحرر سوريا من النظام الديكتاتوري القمعي خدمة لمصالحها الخاصة فوحدة المعارضة وتحدثها بلغة واحدة سيطرح تحديا أخلاقيا أمام المجتمع الدولي المنقسم بشأن سوريا لتوحيد مواقفه واتخاذ إجراءات عملية تحقق الحماية للشعب السوري وتحقن دماءه.

لقد وضع الائتلاف هدفا لا يحيد عنه يتمثل في إسقاط النظام القائم برموزه وحل أجهزته الأمنية والعمل على محاسبة المسؤولين عن دماء الشعب السوري. وتحقيق هذا الهدف يستدعي السعي لتوحيد ودعم المجالس العسكرية وكافة التشكيلات والكتائب وكافة الكيانات العسكرية الثورية السورية وإنشاء قيادة عسكرية عليا موحدة تدافع عن الشعب السوري وتوفر له الحماية وتقرب ساعة الانتصار التي انتظرها السوريون طويلا.

=================

أردوغان.. السلطان العثماني الجديد!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

12-11-2012

شن طاغية دمشق بشار الأسد في مقابلته التلفزيونية الأخيرة هجوما على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالقول إن أردوغان يعتقد نفسه «السلطان العثماني الجديد»، و«الخليفة»، متهما إياه بأنه هو من يدعم المعارضة السورية، وليس الشعب التركي!

وبالطبع هذا هجوم متوقع، بل وتأخر، حيث يبدو أن الأسد لم يستطع إطالة العض على الأصابع، ولذا خرج بنفسه للهجوم على أردوغان بالقول إنه «يعتقد شخصيا أنه السلطان العثماني الجديد، وأنه يستطيع السيطرة على المنطقة كما كان الأمر خلال عهد الإمبراطورية العثمانية وتحت مظلة جديدة. إنه يفكر في أعماقه بأنه خليفة»، أو عندما يقول الأسد بتندر على السياسة التركية، وعلاقاتها الدولية، إنها تحولت «من صفر مشكلات إلى صفر أصدقاء»!

وعندما نقول إن هجوم الأسد ليس بالغريب، فهذا لسبب بسيط، حيث سبقه حسن نصر الله بالهجوم على تركيا التي سبق له (أي نصر الله) أن قال إن أهلها (الأتراك) عرب أكثر من بعض العرب! ولذا فإن هجوم الأسد على تركيا متوقع، لكنه تأخر.

ما يجب أن نتذكره الآن أن الأسد يهاجم تركيا اليوم، وتحديدا أردوغان، بعد أن أراد (أي الأسد) استغلال تركيا واللعب برئيس وزرائها ذات يوم لضرب المملكة العربية السعودية، ومصر مبارك، حينها، وللتذاكي على الفرنسيين والأميركيين، واللعب على الأتراك والإسرائيليين بورقة المفاوضات. بل إن الأسد نفسه قال عندما انفعل أردوغان أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي في «دافوس» إنه من المصلحة أن تكون علاقة تركيا بالجميع جيدة.

هكذا بلغ حد تذاكي الأسد على الأتراك، خصوصا بعد أن قام بفتح كل الأبواب لتركيا «السلطان العثماني الجديد»، ووقع مع حكومة أردوغان اتفاقيات غير مسبوقة، وألغى تأشيرات «الفيزا» بين سوريا وتركيا. وبالطبع لم يكن الأسد وحده الذي يتذاكى في الملف التركي، فقد كانت معه إيران، وحزب الله، الذي تعامل مع الأتراك على أنهم العرب الجدد، وليس «الأتراك الجدد»، على أمل ضرب الدول السنية الكبرى في المنطقة ببعضها البعض، السعودية ومصر وتركيا، وذلك لتعزيز نفوذ إيران وعملائها بالمنطقة.

تم كل ذلك رغم انتقادات العقلاء بأن الزواج التركي - الأسدي غير قابل للاستمرار، وأن نظرية «تصفير المشاكل» التي يتهكم عليها الأسد الآن غير قابلة للتنفيذ، ليس في منطقتنا وحسب بل في السياسة ككل، فصديق الجميع عدو الجميع. ولذا، ولأن حبل الكذب قصير، فها هو الأسد، مثله مثل الإيرانيين ونصر الله، يشكو اليوم من الأتراك، مع محاولة التذاكي مجددا بالقول إن أردوغان هو من يدعم المعارضة السورية، وليس الشعب التركي، وهي الحيل نفسها التي استخدمها النظام السوري في العراق يوم كان يتعاون مع الأميركيين صباحا، ويصدر لهم الإرهابيين ليلا.

اليوم انتهت حيل طاغية دمشق، حتى مع الأتراك، والأهم أن حيل الأسد انتهت مع السوريين أنفسهم، حيث لم يعد ينطلي عليهم شعار الممانعة والمقاومة، أو أن الأسد آخر معاقل العلمانية في المنطقة.

المهم، والأهم، أن أكاذيب الأسد كلها قد انتهت، مثلما انتهى نظامه الإجرامي.

=================

الثوار يزحفون والمعارضة جالسة!

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

12-11-2012

ربما يسقط الأسد من على كرسيه والمعارضة لاهية في خلافاتها حول قيادة المجالس وكراسيها، ويكون الثوار قد ذهبوا بالحكم إلى عالم آخر، أو أن المعارضة في الخارج تجزأت فئات شتى وقسمت الأرض المحررة.

اجتماع الدوحة، بعد لقاء عمان، سد جزءا من الشقوق، لكن بقيت المجالس الكبيرة تعيش في دوائر متنافسة والوقت يمضي سريعا داخل سوريا والمخاطر تتعاظم.

رياض سيف معارض يحظى بتقدير معظم المعارضة، والمشروع السياسي الذي قدمه حديثا يرقى إلى مستوى المناسبة، ويضع إطارا واضحا في الكيفية التي يمكن أن تسير بها المعارضة بشكل عام، بغض النظر عن مضيفيها والضغوط الخارجية المعاكسة. إنما لا قيمة للمبادرة دون تنازلات حقيقية عند كل الأطراف للعمل داخل إطار واحد، تكون كيان النظام البديل.

المجلس الوطني الحر له الريادة في قيادة المعارضة في الخارج مبكرا، مع هذا أخفق في استيعاب القوى السورية المتعددة، التي تمثل الأطياف المختلفة. ولأنه صار ناديا شبه مغلق، قامت لقاءات ومجالس أخرى حتى أيقظت سوريي إسطنبول. من وجهة نظر الجالس بعيدا، ستشكل الأيام الحالية مستقبل سوريا، فإن اتفق الجميع ستكون سوريا موحدة، أما إن ظلت الخلافات قائمة فستنقسم سوريا وتفشل الثورة، وربما تتحول إلى حرب أهلية؟ هل يدرك الجالسون في الغرف المكيفة هذه المعادلة الخطيرة على مستقبل بلادهم بسببهم؟

لا يعقل أن تلام الدول الإقليمية الرئيسية، والدول الغربية، عندما تتلكأ، والمعارضة نفسها ترفض التضحية بمصالحها من أجل دعم شعبها. الإطار العام الذي طرحه وأيده الرياضان، رياض سيف ورياض حجاب، يبقى الأوسع في جمع الفئات المختلفة، إن قبلت به.

وطالما أننا نحاول فهم أعراض مرض فشل المعارضة السورية، نتذكر سيرة المعارضة العراقية التي فشلت في إسقاط نظام صدام ما بين أعوام 1993 و2003. على الرغم من تهشيم معظم قدرات قوات صدام حينها، ومحاصرته، وتطبيق الحظر الجوي على ثلثي سماء العراق، ونجاح الأكراد في تأسيس منطقة محررة في الشمال، ظل صدام واقفا على قدميه والمعارضة تتناحر في الفنادق، وتلقي باللوم على الغرب، مشككة ومتهمة. لماذا لم يسقط جزار بغداد؟ كانت تريد من غيرها أن يقوم بوظيفتها. طبعا لو أن ظروف الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لم تحدث، لربما بقي صدام يحكم العراق إلى اليوم.

لا نستطيع تشبيه حال سوريا اليوم بحال العراق آنذاك، لكن نرى قواسم مشتركة عند المعارضين، لوم الغير، وإيثار المصالح الضيقة، وهي ليست بالضرورة شخصية، إنما التمسك بالمصالح الفئوية وتقديمها على مصالح البلد الذي يجلس على حافة الهاوية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ