ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 01-12-2012 تراجع
الحل السياسي وملامح الحسم العسكري في
سوريا * ياسر الزعاترة الدستور 1-12-2012 خلال الأسبوعين
الماضيين غابت جهود الحل السياسي في
سوريا، فلا الأخضر الإبراهيمي بات
يشغلنا بجولاته وزياراته ومياوماته
التي لا تتوقف، ولا لافروف عاد يصدّع
رؤوسنا باقتراحاته. وحدها إيران التي ما
زالت تتذكر الحل السياسي على طريقتها،
إذ جمعت وفق ما قالت 200 شخصية من رموز
المعارضة والسلطة (الحكومة بحسب
تعبيرها لكيلا تقول النظام) في قاعة
واحدة في إيران (كان من بينهم شريف
شحادة ما غيره!!)، واستمعوا لخطب جميلة
تحث على الحوار والحل الديمقراطي، وهي
مسرحية لم تكن مهمتها سوى إثارة بعض
الغبار حول الائتلاف الوطني لقوى
الثورة والمعارضة الذي تشكل في الدوحة. قبل هذه المرحلة كانت
معالم الحل السياسي قد لاحت في الأفق
لبعض الوقت، لكن تشدد حلفاء النظام (الأخير
لا حول له ولا قوة، فهو يتحرك بأمر
طهران وموسكو) ما لبث أن دفن الحل، أو
غيبه في أقل تقدير، مع أن روحية مواقف
المعارضة السورية لم تكن تستبعده، لكن
لسان حالها يقول إنها لم تتلق أي عرض
يستحق النقاش لكي تبدي رأيها فيه،
اللهم سوى عروض تعني الاستسلام وإلقاء
السلاح وبعد ذلك الشروع في الحوار،
الأمر الذي لو قبلته (ولن تفعل)، فلن
يقبله أحد من الثوار على الأرض بكل
ألوانهم، وليس بلون واحد منهم كما يمكن
أن يدعي البعض. هذا التشدد من طرف
حلفاء النظام، وفي مقدمتهم إيران لا
يعكس قناعة بإمكانية صموده، بقدر ما
يعكس كما يبدو قناعة بأن آفاق الحل
الذي يحفظ ماء الوجه تبدو مسدودة،
لاسيما بعد أن تحولت إيران إلى العدو
الألد للشعب السوري. وحين يخاطب علي
لاريجاني ضباطا كبارا في الجيش السوري
بأن بلاده لن تترك سوريا حتى لو اضطرت
للتدخل العسكري المباشر، فإن ذلك يعكس
شعورا عاما بانهيار معنويات الجيش،
والتي قد تؤدي إلى انهيار كامل في لحظة
يصعب التنبؤ بها. على الصعيد العسكري،
لا يحتاج المراقب للكثير من التبحر في
العلوم العسكرية وفقه الحروب، ومن
ضمنها حروب العصابات لكي يدرك أن الوضع
على الأرض يشير إلى تقدم حثيث للثوار
مقابل وضع صعب لجيش النظام الذي يكتفي
بالدفاع عن مواقعه دون التقدم نحو أي
مواقع تسيطر عليه قوات المعارضة،
بدليل الهدوء الواضح في جبهة الشمال
التي يسيطر الثوار على أكثرها، وباتوا
يحكمون أجزاءً كبيرة منها بشكل كامل،
فيما يتقدم بعضهم نحو دمشق من ريفها
ويكادون يتوغلون في العمق وصولا إلى
إغلاق جزئي لمطار العاصمة. وحتى قصف الطيران لم
يعد بتلك الكثافة نظرا لنقص الكادر كما
يقول مراقبون للوضع الميداني، وربما
لعدم توافر الثقة في أكثر الطيارين
باستثناء القلة القليلة منهم. وحين
يتحدث محافظ طرطوس عن فتح مطار
المحافظة قريبا، فربما عكس ذلك
إمكانية التفكير بالدويلة العلوية
التي تعد الخطة بالنسبة لإيران
والنظام. المعارك إذن تطرق
أبواب دمشق، ويسمعها بشار الأسد من
قصره الذي يُشك في أنه يقيم فيه. أما من
الناحية السياسية في معسكر الثوار،
فإن التئام الائتلاف الوطني وتوالي
الاعترافات العربية والدولية به (فضلا
عن تركيا) قد أكد أنه جاهز كي يكون
البديل عن النظام. وهو رغم تشكيك بعض
قطاعات الكتائب العسكرية فيه يبدو
قادرا على تمثيل الكتلة الأكبر من
المعارضة بعيدا عن صراخ هيثم مناع ومن
هم على شاكلته. صحيح أن فكرة
الائتلاف قد بدأت أمريكية، ما ألقى
بظلال من الشك حولها، غير أن تشكيله قد
عكس توافقا جيدا بين المعارضة لم ترض
عنه واشنطن، لاسيما رأسه ممثلا في
الشيخ معاذ الخطيب الذي يبدو جيدا في
خطابه وقبوله لدى الناس. في ضوء ذلك كله، وما
لم ينهض مسار سياسي جديد يؤدي إلى رحيل
النظام مقابل الإبقاء على الجيش، بما
يحول دون دخول البلاد في حالة فوضى
يصعب التنبؤ بها بعد سقوط النظام، فإن
المسار العسكري هو الذي سيحسم المعركة.
هنا سيقول البعض إنكم
تتحدثون عن الحسم منذ شهور طويلة دون
جدوى، وهو قول غير صحيح ابتداءً لأن
أحدا لم يحدد موعدا لسقوط النظام في
معركة تحسم بالنقاط وليس بالضربة
القاضية، أما الأهم فهو أن مسار
المعارك يبقى دالا على النتيجة
النهائية، سواءً جاءت بعد أيام أم
أسابيع أم شهور، لكن ما يبدو مرجحا هذه
المرة هو أن الحسم لن يتجاوز شهورا
قليلة إذا لم يسبقه حل سياسي يقبله
الثوار. التاريخ : 01-12-2012 ================= الائتلاف
الوطني السوري ومهمة اكتساب الشرعية ماجد الشيخ المستقبل 1-12-2012 من أزمة المبادرة
العربية والمبادرات الرديفة، والجهود
التي يقودها الأخضر الإبراهيمي، إلى
أزمة الباتريوت الآن، تنتقل الأزمة
السورية من حال إلى حال، حيث بات
العالم فيه يراهن على حسم داخلي خاص
بجهود محلية، القوى الخارجية إزاءه
مجرد قوى مساعدة إلى جانب هذا الطرف أو
ذاك، ما يعني أن الصراع على سوريا،
انتقل خطوة إلى الأمام في اتجاه
التمركز عند نقطة الصراع في سوريا، على
الرغم من استمرار الإسناد والدعم
الإقليمي والدولي، ولكن بشكل غير
شفاف، نظرا لإستطالة الفترة الزمنية
التي استغرقها ويستغرقها هذا الصراع
على الداخل السوري، وتعدد وتنوع
أطرافه، واتساع رقعة الداعمين أو غير
الداعمين له، وتداخل مصالحهم مع
الثورة وضدها، مع الشعب وضده، مع
النظام وضده؛ وإلى أن يحسم الصراع
فعليا على الأرض، ستبقى سوريا عرضة
للعديد من أشكال وموجات الحرب الباردة
مرة، والساخنة مرات ومرات. وفي إطار الجهود
الدولية لمنح الجهود الدبلوماسية فرصة
متجددة، قال الأمين العام لمنظمة
التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان
أوغلي، إن النظام السوري برفضه جهود
المنظمة، ومبادرات المجتمع الدولي،
بات يتبع سياسة الأرض المحروقة، ويدفع
بأزمة بلاده نحو حدودها القصوى،
داعياً إلى إنشاء ملتقى إنساني حول
سوريا. وقال أوغلي في كلمة له أمام
ملتقى التعاون الإسلامي التشاوري حول
سوريا الذي عقد في استانبول الاسبوع
الماضي، "إن الوضع المأسوي في سوريا
يدعو الملتقى إلى التعاطي بمسؤولية
إنسانية أكبر إزاء واقع الأزمة
السورية وتداعياتها في المستقبل". هذا الانسداد في أفق
الصراع، وفشل أو إفشال الجهود
الدبلوماسية، يسلط الضوء مجددا على
ضرورة وحدة قوى المعارضة، التي ذهبت
إلى خطوة توحد نسبي أخيرا استجمعت عبره
قواها في ائتلاف وطني جامع لمعظم
أطيافها، بحيث بدت وتبدو مهمة استكمال
وبناء مؤسسات الائتلاف صعبة، ولكنها
ليست مستحيلة، وأولى المهام التي
ستسعى المعارضة لتحقيقها تتمثل في
السعي إلى تثبيت شرعية الائتلاف كممثل
شرعي وحيد للشعب السوري، في المؤسسات
والمحافل الدولية، وبالطبع أمام الشعب
السوري الذي ينتظر من ممثليه الكثير. في هذا الوقت بدأت
تتطور الاتصالات الديبلوماسية
الاوروبية مع "الائتلاف الوطني
السوري" الجديد. مع اعلان انقرة
اعترافها به "ممثلاً شرعياً وحيداً
للشعب السوري". وحين دعا وزير
الخارجية التركي احمد داود اوغلو في
كلمة امام اجتماع وزاري لمنظمة
المؤتمر الاسلامي عُقد في جيبوتي كل
الدول الاعضاء الى القيام بالمثل. وقال
ان "ما تحتاج اليه الثورة السورية
والشعب السوري الآن هو دعم فعلي وليس
رسائل تعاطف ووعودا". لكن ونظرا للحاجة إلى
إمكانيات تستطيع المعارضة من خلالها
مواجهة عنف هجمات النظام، تركزت هذه
الاتصالات على مطالبة الحكومات
الاوروبية تزويدها أسلحة نوعية،
تستطيع بها مواجهة تفوق النظام،
خصوصاً في المجال الجوي. كذلك وفي هذا
الاطار اعلن وزير الخارجية الفرنسي
لوران فابيوس ان حكومته ستطرح سريعاً
مسألة رفع الحظر الاوروبي على تزويد
المعارضة السورية "اسلحة دفاعية"،
وذلك قبيل استقباله مع وزير الدفاع
الفرنسي وزراء الخارجية والدفاع في
المانيا واسبانيا وبولندا وايطاليا.
وقال فابيوس ان موقف فرنسا يقوم على ما
أسماه "عدم تسليح النزاع"، لكن
"من غير المقبول طبعاً ان تكون هناك
مناطق محررة، وان تتعرض لغارات جوية من
مقاتلات النظام". لكنه اوضح ان فرنسا
لا يمكنها تسليح المعارضة الا
بالتنسيق مع الاوروبيين. وكان الاتحاد
الاوروبي اقر في ايار (مايو) من العام
الماضي حظراً على شحنات الاسلحة
المتجهة الى سوريا، تم تشديده في تموز (يوليو)
الماضي. واوضحت الخارجية الفرنسية ان
الاتحاد الاوروبي قد يُقرر باجماع
اعضائه الـ27 رفع الحظر او تعديله عبر
ادراج استثناءات. وبعد اعتراف فرنسا
بالائتلاف ممثلا شرعيا وحيدا،
واستقبال سفير لسوريا الجديدة في
باريس، يعول الفرنسيون على اعتراف كل
أصدقاء سوريا بالائتلاف الوطني، من
أجل تمكين سلطة هذا الائتلاف، وذلك عبر
عدد من التحركات التي تقوم بها باريس؛
بالتنسيق مع قوى الائتلاف والمجالس
الثورية وغيرها على الأرض في سوريا.
على أن تعمل باريس كي تعطي الجامعة
العربية شرعية للائتلاف السوري الذي
تم تشكيله في الدوحة ومنحه مقعداً
فيها، على اعتبار أن هذه هي مهمة العرب... لكن المخاوف من
الجهاديين تبدو في نظر باريس مؤكدة،
حتى من جهاديين يذهبون من فرنسا. إلا أن
باريس تريد تجنب الخطر الأكبر الذي
يتمثل في الاهتراء؛ اهتراء وضع
المعارضة. بينما الائتلاف بديل جامع
وغير عدائي للجيران. والفكرة الفرنسية
هي أنه بعد تشكيل الحكومة الانتقالية،
وإذا حصلت على شرعية من الجامعة
العربية ينبغي على أصدقاء سوريا أن
يعترفوا بها، وبعد ذلك بإمكان رئيس
الائتلاف أن يوجه رسالة إلى أمين عام
الأمم المتحدة ليبلغه بأنه سيرسل
الممثل الشرعي لسوريا إلى الأمم
المتحدة، ما سيضطر (بان كي مون) إلى
تقديم ذلك إلى لجنة الصلاحيات في
الجمعية العمومية للبحث في شرعية
الممثل؛ واللجنة لن توافق لأن فيها
الروس والصين عندئذ يطرح ذلك للتصويت
أمام الجمعية العمومية، لطلب حصول
ممثل الائتلاف على مقعد سوريا في الأمم
المتحدة. إلا أن السيناريو الفرنسي
هذا، يبدو أنه سيكون أمامه عقبات من
بينها ربما الموقف الأميركي ومواقف
دول أفريقية. وكان مسؤولون في "الائتلاف"
التقوا في لندن أخيرا مع وزير الخارجية
البريطاني وليام هيغ، الذي قال إن
حكومته تريد ان تبحث "ضرورة العمل
معا واحترام حقوق الانسان وامتلاك خطة
واضحة للانتقال السياسي في سورية".
ومن بين النقاشات الدائرة في بريطانيا
امكان فرض منطقة حظر جوي فوق المناطق
التي تسيطر عليها المعارضة وتسليم
اسلحة للمعارضة السورية. وأكد هيغ بعد
المحادثات مع وفد المعارضة انه شدد
خلال اللقاء على أهمية احترام حقوق
الأقليات والالتزام بمستقبل
ديموقراطي لسوريا، واتخاذ موقف مما
أسماه "التجاوزات والعنف والاغتصاب"
الذي يرتكبه النظام، على حد قوله.
وأضاف: شجعني ردهم على ذلك... وسنواصل
العمل في هذا الشأن في الأيام المقبلة. لكن الرد الروسي لم
يتأخر كثيرا، فردت موسكو على مواقف
الدول الغربية الداعية الى تسليح
المعارضة، وحذرت بلسان الناطق باسم
الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش
هذه الدول من أن "مساعدة اجنبية
للمعارضة التي تشن نزاعاً مسلحاً ضد
الحكومة الشرعية، هو انتهاك فاضح
للمعايير الاساسية التي يقوم عليها
القانون الدولي". أخيرا وبانتظار
تفعيل أليات عمل الائتلاف وترجمتها
على الأرض، تبقى الخطوات الصغرى تكمل
أو تسند سلسلة الخطوات التي ينبغي أن
تتواصل من أجل الوصول بسوريا الدولة
والوطن إلى الحرية، بالخلاص من نظام
الاستبداد الذي كبا بسوريا الشعب
والدولة والوطن سنوات ضوئية إلى
الوراء، بعيدا من الحداثة والنهضة
المفترضة. ================= الأزمة
السورية في خضم المتغيرات الدولية د . سمير التقي 2012-11-30 القدس العربي في قراءة سريعة
وشاملة للموقفين الأمريكي والروسي،
فإنه من الناحية الشكلية، من الواضح
منذ شهور أن ليس ثمة تصور أمريكي روسي
حول مصير الأزمة السورية. فكلا الطرفين
متفقان على أن الطرق السياسية وليست
العسكرية، هي الطريق إلى الحل الذي
ينبغي أن يعملا عليه. وبذلك وضعا
قوانين لدورهما فيما يسمى باللعبة
السورية، وعمل الطرفان على ضبط عناصر
الصراع الداخلية والإقليمية. وهكذا
عمدت الولايات المتحدة على ضبط
مساعدتها لقوى المعارضة السورية بما
يسمح لها بالبقاء دون الحسم في حين
استمرت روسيا في حقن النظام بكل ما
يلزم لإبقائه على قيد الحياة. وبالتوازي مع ذلك،
فقد دعمت الولايات المتحدة وروسيا
مهمة عنان ثم توافقتا على بيان جنيف
الذي يتيح بغموضه هوامش مناورة لروسيا
من أجل إدارة مفاوضات مع المعارضة
الداخلية السورية في إطار البحث عن
صيغة قابلة للحياة لمخرج تجد فيه روسيا
بل وايران عناصر في صالحها. وعلى هذا الأساس، تم
اعتماد خطة الأخضر الإبراهيمي كخطة
مكملة لمهمة كوفي عنان. جوهر ما يتم التفاوض
عليه الآن من قبل روسيا والولايات
المتحدة وتركيا وايران هو البحث عن
صيغة مقـــــبولة للمـــرحلة
الانتقالية، تضمن لكل منهم حصته من
الكعكة السورية. فالروس يريدون صون
علاقاتهم في بنية الجيش، والايرانيون
يحافظون على علاقاتهم ودورهم مع أجهزة
الأمن، والأتراك يريدون ضمان دور
رئيسي للإخوان المسلمين في صياغة
مستقبل سورية. ومن خلال سفر وفد من
المعارضة الداخلية إلى بكين برئاسة
عبد العزيز الخير الزعيم المعارض من
الطائفة العلوية والمشهور بسمعته
وملكاته القيادية، والذي تم بعده
مباشرة اعتقاله مباشرة بعد عودته من
بكين إلى دمشق من قبل المخابرات الجوية
فإنه من المرجح أنه اعتبر في حينه
بديلاً توافقياً ومحتملا ومقبولاً
لبشار الأسد في صيغة الحل الانتقالي،
الذي يرضي الجميع. وعلى نفس النسق تبذل
جهود حثيثة مع الإخوان المسلمين من أجل
ترتيب انعطافهم للموافقة على الحل في
إطار ترتيبات تبذل للتحضير لتشكيل
حكومة انتقالية تتمثل فيها قوى من
النظام إضافة إلى الإخوان وبعض رموز
الأخرى من المعارضة. من جهة أخرى، فثمة
أخبار عن أن بشار قد عرض انسحابه من
المشهد لكن العائلة لم تقبل بذلك. لكن
الأخبار المتسربة عن لقائه بلاريجاني
تدل على أنه لم يرفض تماماً فكرة مرحلة
انتقالية يكون له فيها حضور رمزي في
أطر حكومة انتقالية تشارك فيها عناصر
من النظام مثل فاروق الشرع وعناصر من
المعارضة وبشكل أساسي من الإخوان
المسلمين. إلا أن مجريات
الأحداث توحي بأن الحلول الدبلوماسية
المفروضة من الأعلى لن تجد لها فرصة في
الحل. فبشار سيراهن على
الادعاء بعدم انضباط انصاره
بالاتفاقات، والإخوان سيحاولون قضم
مناطق نفوذ القوى الأخرى من المعارضة
وسيحاولون الاستيلاء على بعض مراكز
المدن من خلال العتاد الضخم الذي
يخزنونه تحضيراً لساعة الصفر في كل
المحافظات، وستشعر الطوائف الأخرى
بالتالي أن النظام قد تخلى عنها فتذهب
إلى الاحتماء بالسلاح، وسيندفع
الأكراد لمحاولة فرض أمر واقع في
مناطقهم. والقوى الشعبية التي سارت
بعيداً في مرحلة اللارجعة لا تزال تجد
في البندقية شرفها وحريتها فكيف
ستتصرف إزاء هذا الحل؟. ويروج الأخضر
الإبراهيمي بالمقابل لطائف سوري الأمر
الذي يعني أن يصب الزيت على نار الأزمة
ويدخل البلاد في أتون حرب أهلية سيكون
هدفها اعادة تموضع مختلف القوى
الطائفية والإثنية في سوريا في محاولة
لتعظيم حضورها السياسي والجغرافي في
البلاد. وبالتالي سيحاول
بشار أن يكون افضل الحلول السيئة لعل
المجتمع الدولي يعود للقبول به. كل ذلك يدل على أن خطة
الابراهيمي لن تنجح، بل ستفتح البلاد
على مصراعيها لحرب أهلية طائفية. فليس ثمة مناقشة تحدث
بالفعل حول أية خيارات اخرى. وحتى خيار
باتريوت التركي والتلويح بالخشونة فإن
المقصود منه هو تحريك العجلة
الديبلوماسية. ولكن عبارة 'تحريك
العجلة الديبلوماسية' عبارة صعبة
التصور لأن المشكلة تكمن في التفاصيل.
أي هل سيرحل الأسد؟ وهل تقبل (العائلة)
برحيله؟ وما هو موقف ايران الذي لن
يتبلور إلا بمعرفة البديل بأدق
التفاصيل؟، وكذلك موقف روسيا، والوضع
داخل المعارضة، وموقف الدول الخليجية
..الخ. عنوان المرحلة هنا هو
البحث عن بديل متماسك. فالإدارة
الأمريكية ترى الائتلاف الوطني غير
مقنع بعد. إلى جانب ضيق الولايات
المتحدة بلغ حداً كبيراً من موقف دول
الخليج بشأن سوريا وامتناعها عن
التنسيق معها لأن تلك الدول تلعب دور
مفسد الألعاب بالنسبة للترتيبات
الأميركية. كما أنه من الواضح أن نشر
بطاريات باتريوت في الجنوب التركي ليس
إلا أداة تحريك، وأن هدفه أيضاً إبداء
المساندة لاردوجان بسبب اللوم
المتزايد الذي يوجه إليه داخلياً من أن
الغرب يدفعه إلى الواجهة في الأزمة
السورية وأنه سيورطه ويتركه وحده بعد
ذلك. ولكن المشكلة يمكن أن
تتوضح من خلال السؤال التالي: هل هناك
خط أحمر فاصل بين مراكمة عناصر القوة
في الأزمة السورية، بهدف الضغط على
النظام وأنصاره وبين الشعور بالإغراء
لاستخدامها خاصةً بعد تراكمها بقدر
كاف للبدء في تدخل عسكري من نوع ما؟. فبالرغم من أن واشنطن
والحلفاء في اوروبا الغربية يلاحظون
الضعف المتزايد الذي يطرأ على القدرات
العسكرية للنظام في دمشق الى درجة تجعل
من احتمال تطويق اي حرب وحصرها
واخمادها بسرعة احتمالا بالغ
الترجـــيح فإنه لا يبدو أنها ستقدم
حتى على اتخاذ الخطوة الاولى، فنشر
صورايخ باتريوت سيستغرق حتـــماً بعض
الوقت، والكثير من الضجيج. وبالرغم من الاتفاق
الأمريكي الروسي على الخطوط العريضة
إلا أن هناك فوارق بدأت تتضح الآن ولم
تكن موجودة من قبل بين موقفي البلدين.
وسبب الفوارق هو أنه بالرغم من الاتفاق
على تجنب استخدام القوة لإجبار بشار
على الرحيل فإن ذلك يعني وجود إمكانية
لحلٍ سياسي آخر. والأهم من ذلك، عدم
وضوح الإطار الزمني الذي يستغرقه
تطبيق هذا الحل بافتراض وجوده من الاصل.
وواقع الامر أنه لا يوجد حل ديبلوماسي
حتى الآن. ويعني ذلك أن الاطار الزمني
لابد ان يكون بدوره اطارا زمنيا مفتوحا
(حتى يتسنى ايجاد هذا الحل الضائع).
ويعني ذلك ان البديل لاستخدام القوة
ليس موجودا حتى الآن على الاقل وان
العثور عليه سيستغرق وقتاً. إذ يقول
فريد هوف كان يقول ان الانتظار المفتوح
ليس مفيدا. في حين يرى فورد أن الرهان
ينبغي ان يكون على الاخوان وعلى الحل
الديبلوماسي. وقد هزم هوف. ولكن وضع
فورد يصبح الآن بدوره حرجا رغم الدعم
الذي يتلقاه من الخارجية. وسبب حرج موقف فورد
هو أن المخابرات المركزية توصلت الى
تقدير مفاده أن استمرار النزاع لأمد
مفتوح سيأتي بمشكلات أكثر صعوبة بكثير
من تلك التي يمكن ان يأتي بها التدخل
العسكري. وقد بدأ الموقف في مجلس الامن
القومي يتجه بالفعل الى تبني هذه
الرؤية بما تعنيه من تبعات عملية. كل ذلك يجري ونحن
مقبلون على تعديلات في مجلس الامن
القومي الاميركي مع ترجيح رحيل توم
دونيلون وعلى تغيير في منصب وزير
الدفاع وفي منصب مدير المخابرات
المركزية ووزيرة الخارجية. هل يوحي ذلك
كله بأننا على وشك ان نرى قرارا
بالتدخل ان كانت الدائرة الاساسية
التي تتخذ القرار ستتبدل كلها؟. من جهة اخرى فإننا
نشهد مفاوضات بالغة الحيوية على مستوى
الخبراء بين الروس والاميركيين حول
مسلسل من القضايا الاستراتيجية
الدولية ابرزها شبكة الدفاع الصاروخي
والموقف في شرق آسيا اي الاتفاق على
رؤية مشتركة لحدود الدور الصيني. ويعني
ذلك ان اي اتفاق ايجابي حول هذه
القضايا الجوهرية يمكن ان يقود لاحقا
وبعد وضع الخطوط العريضة للاتفاق حول
القضايا الاساسية الى الانتقال الى
القضايا الاقل اهمية مثل سوريا. ولكن
ليس ثمة مؤشرات على أي اتفاق على
التفاصيل بين الطرفين. ويمكن تلخيص الموقف
الامريكي الراهن عملياً في: النقطة
الاولى هي تشكيل محور من تركيا
واسرائيل ومصر يهدف الى وضع تصور
للمرحلة الانتقالية في سوريا اي مرحلة
ما بعد بشار الاسد والى الخطوات التي
ينبغي اتباعها للوصول الى ذلك بسرعة.
وفي هذا الإطار نفهم الاتصالات
الجارية مع بعض القادة العلويين والتي
تتم في تركيا وبإشراف السفير الاميركي
ومحطة المخابرات المركزية وممثلين عن
وزارة الدفاع. وبالمقابل فإن
المخابرات المصرية على اتصال مع
الاسرائيليين حول سوريا رغم التوقف
المؤقت عن مناقشة سوريا بسبب حرب غزة
والمفاوضات السرية التركية
الاسرائيلية تمضي على قدم وساق ايضا.
وثمة انتظار صامت في واشنطن لنتائج تلك
الاتصالات التي ستضع توصيات البلدان
الثلاثة في صيغة واضحة وترسلها الى
واشنطن. السمات الاساسية
لمرحلة الانتظار هذه هي: صعود بعض
الأسماء مثل سوزان رايس التي تميل إلى
اختصار فترة الانتظار، كما يرتبط
الأمر بمدى قدرة أنقرة والدوحة على ضبط
ايقاع الاخوان المسلمين وحشرهم في
صيغة توافقية للمرحلة الانتقالية. في
حين أن إسرائيل مهتمة بالتوصل الى
إرساء طبيعة العلاقة مع الاخوان
بالإضافة الى الاتفاق على كبح جماحهم
نسبيا في الاردن (رغم وجود افكار اولية
تناقش الآن لاحتمالات 'بيع' الملك
عبدالله الثاني للاخوان مقابل ضمانات
امنية دائمة لإسرائيل وذلك على ضوء
التجربة الاسرائيلية المشجعة مع محمد
مرسي). الاوروبيون اكثر
حماسا للدخول على خط الازمة
والاميركيون يشجعونهم على ذلك بدعوى
القيادة من الخلف. ورغم اننا لم نشهد
حتى الآن مقود سيارة موضوع في مؤخرتها؟. ' باحث سوري ================= حازم صاغيّة السبت ١
ديسمبر ٢٠١٢ الحياة يشي استئناف النهوض
الثوري في مصر بأمور عدة، أولها أن
الإخوان المسلمين لم يقطعوا مع التراث
الاستبدادي الذي غرفوا منه منذ
تأسيسهم على يد حسن البنا أواخر
العشرينات. لكن الخلاصة الأخرى التي
تنافس الأولى أهميةً، أن وصول الإخوان
إلى السلطة ليس نهاية التاريخ. فهنا،
بسبب المناخ الثوري المتواصل وتعهد
الإخوان اللفظي بالديموقراطية والالتزامات
حيال الغرب، يمكن الصراع السياسي معهم
أن يمضي بعيداً. وها هي القوى التي
أشعلت ثورة يناير تعود إلى الميدان،
وتعيد معها إلى الواجهة قضية بالغة
الأهمية، فحواها أن السياسة حلت محل
الاستئصال، فمهما قيل في محمد مرسي وإخوانه،
يبقى أنهم ليسوا حسني مبارك، بمعنى
استبعاد التقنيات العلاجية لحبيب
العادلي أو مواجهات كمعركة الجمل، وهذا
حتى لا نقول إنهم ليسوا بشار الأسد أو
معمر القذافي أو صدام حسين. ولأن ما يصح في مرسي
يصح في أخيه التونسي راشد الغنوشي، جاز
القول إننا، في أجزاء واسعة من العالم
العربي، دخلنا طوراً جديداً من
العلاقة بالسياسة والاجتماع: نعم،
هناك استبداد ديني يملك بعض الرغبة في
أن يتجذر ويتغول، لكنْ هناك في
المقابل حركة مجتمعية، شبابية، نسائية
وثقافية لا يعوزها النشاط، تستطيع أن
تبادر وأن تتصدى لذاك الاستبداد. وأن يكون القضاة محور
التحرك المصري الجديد، وأن تكون
القوانين وتفسيرها موضوع الخلاف
المباشر، فهذا وذاك يشيران إلى وجهة
الانتقال من الاعتباطي والكيفي إلى
الدستوري. وفي النهاية، من قال إن
عوجاً يرقى إلى عشرات السنين، إن لم
يكن مئاتها، قابل للتقويم في سنة أو
سنتين؟ على أن في تلك
المعطيات المصرية (والتونسية) شيئاً
سورياً لا يخلو من التباس وتناقض، فحتى
لو تمكن الإخوان السوريون (وهم ضعفاء
بقياس إخوانهم المصريين والتونسيين)
أن يُحكموا قبضتهم على سورية ما بعد
الأسد، فهذا لا يعني أن تلك السورية
الجديدة ستغدو إسلامية. هذا ما تقوله
العبرة المصرية (والتونسية). أبعد من
ذلك، سوف يصعب على إسلاميي سورية فرض
الإسلامية أكثر مما يصعب الأمر على
إسلاميي مصر وتونس، وهذا مرده إلى
التكوين السوري، حيث لا يتعدى
المسلمون السنة نسبة الثلثين قياساً
بقرابة 90 في المئة في مصر وأكثر من 95 في
المئة في تونس. ثم إن الثلثين هذين
يخسران ما يُقدر بـ10 في المئة من
إجمالي السكان ممن هم أكراد مختلفون في
الإثنية والقومية عن العرب السنة. بيد أن ذلك يبقى
سيفاً ذا حدين، ذاك أن استحالة الحل
الإسلامي في سورية لا تعني بالضرورة
سهولة الحل السياسي والديموقراطي.
والدواء هنا هو الداء نفسه، فإذا كان
عدم الانسجام السكاني يفتح على الحل
السياسي والديموقراطي فإنه هو نفسه
يفتح على التفتت، الطائفي والإثني،
الفالت من كل عقال. وهنا ربما جاز القول
إن السؤال السوري يبقى أشد تركيباً
وصعوبة قياساً بالسؤالين المصري
والتونسي. فهذا الجزء الآسيوي من
المشرق العربي تعاود الثورة السورية
امتحانه تماماً بقدر ما تمتحن الأفكار
المحيطة به والصانعة له. وكي لا نخرج
بنتيجة عراقية، أصبح التشديد على
مسألة الوعي حاجة تفوق مثيلتها في
ثورتي مصر وتونس. فأي وعي سيكون الوعي
الغالب في سورية ما بعد الأسد الذي
يتسارع ترنحه؟ ================= وهل هناك
من منقذ غير الدولة المدنية، يا عزيزي
عادل؟ ميشيل كيلو السفير 1-12-2012 صديقي عادل محمود،
الذي تربطني معه صداقة صادقة منذ العام
1967، يعلم بالتأكيد أنني لم أطالب
البارحة، بعد انفجار الأزمة السورية،
بـ«دولة مدنية»، بل طالبت بها دوماً
منذ أواخر السبعينيات. وهو يعرف انني
لم أتخلّ يوماً عن المطالبة بها كمشروع
ديموقراطي ميداني ضارب وليس كـ«حلم»،
رغم إغراء الكلمة الجميلة التي
يستخدمها عادل، وانني رأيت فيها دوماً
خياراً نضالياً يستطيع إنقاذنا مما
يسمّيه صديق العمر «المرحلة الثالثة»
من أزمة وطننا، لو قامت فيه لما بقي
النظام الذي خطط منذ زمن طويل «للمذبحة
الحالية»، التي ساقنا إليها طيلة
قرابة نصف قرن شهد وطننا خلالها مجازر
متلاحقة بلغت أوجها في حماه خلال بداية
ثمانينيات القرن الماضي، وها هو يتفوق
على نفسه في تنظيم سلسلة مترابطة من
المذابح، التي يحققها منذ قرابة عامين
عبر استخدام قدر متزايد بلا انقطاع من
القوة العسكرية والقمعية، ضغط
بواسطتها على الشعب لإجباره على حمل
السلاح والتخلي عن مظاهراته السلمية،
التي أقر رئيس النظام الدكتور بشار
الأسد أنها كانت خلواً من السلاح خلال
أشهرها الستة الأولى. وكنت قد حذرت من
الوصول الى هذه المرحلة في مقابلة مع
السيدة بثينة شعبان، تمت في مكتبها
بالقصر الجمهوري، بعد شهر ونيف من
انفجار الانتفاضة، عندما شرحت لها ان
الحل الامني من فوق سيفشل في وقف
المظاهرات، لكنه سينجح في استدعاء حل
أمني من تحت، وإن تفاقم الحلين الحتمي
سيقضي على أي خيار سياسي أو حل وطني
للأزمة، وسيفضي إلى دمار سوريا
وهلاكها الأكيد، وناشدتها ان لا يدخل
النظام البلاد في تجربة لن تقوى على
تحمل نتائجها، واكدت لها ان سياساته
ستجعله مسؤولاً عن كل ما سيلحق بالشعب
والوطن من خراب وتفكك. واليوم، أليس
جلياً، أيها الصديق العزيز، أن سياسات
النظام دمرت بلادنا بطرق منهجية خططت
لها قبل وقوع الانتفاضة، كما تقول
قرائن ووقائع يستحيل انكارها. عمل
النظام عبر القضاء على طابع الحراك
المجتمعي والسلمي على جعل الأصولية
القوة الرئيسة أو الوحـيدة المقابلة
له، التي لا بد أن تنضوي كتل شعبية
كبـيرة تحت قيـادتها وتـسير في
ركابها، ما دام هذا سيكون لمصلحته في
نهاية المطاف: عند قدوم لحظة الحسم
الدولي، بما أن أميركا تخشى تكرار
تجربتها العراقية المريرة مع
الأصولية، والكرملين يخاف انتشار هذه
الأصولية إلى الاتحاد الروسي، حيث
يعيش ثلاثون مليون مسلم في ظروف معقدة،
ولم ينسَ بعد تجربته المريرة جداً في
الشيشان، التي لم تكن أقلّ خطورة عليه
من تجربة أميركا مع القاعدة في العراق. هل كنت مخطئاً في
اعتقادي أنه لا منقذ لنا غير الدولة
الديموقراطية، التي يسميها البعض
مدنية، وانه لا سبيل إلى النجاة من
الفوضى، التي كنت بين اوائل من حذروا
منها طيلة عام ونصف في كل ما كتبته أو
قلته، لاقتناعي أن إسرائيل تريد تدمير
سوريا وترفض قيام نظام ديموقراطي في
سوريا، وان بلدان الخليج ستبذل جهوداً
مكثفة للتحكم بمفاصل رئيسة في الصراع
كي لا يقوم في سوريا نظام كهذا، تعرف
أميركا بدورها خطورته على مصالحها في
المنطقة والعالم، وتخشى أن يعيد طرح
القضايا الكبرى، التي استماتت في
خمسينيات وستينيات القرن الماضي كي
تتخلّص منها ومن الزمن الناصري الذي
طرحها، وأكرر اليـوم إن سوريا يرجح
كثيراً ان تكون ذاهبة من نظام
الاسـتبداد الحالي إلى فوضى تجعل منها
بلداً غير قابل للحكم لفترة غير قصيرة،
ستجعل المذابح التي ستسببها مدخلنا
الى حرب أهلية قد تقسم بلادنـا وتقـوّض
دولتنا ومجتمعنا. قلت كل ذلك واكثر منه
في كل ما كتبته، وكل من قرأ جريدة «السفير»
خلال العامين المنصرمين سيخبرك أنني
قلته، لذلك أكرر الآن أيضاً إيماني
بعدم وجود أي سبيل إلى تفـادي ما يدبر
لنا غير اقامة دولة ديموقراطية في
سورية، لن تكون تجسيدا لحلم مثقف يعيش
خارج الواقع، بل مشروع انقاذي لا بديل
له غير مجازر النظام وجرائمه وعنف
المتطرفين الاسلاميين وجرائمهم. اليس
ما يجري اليوم في بلادنا هو الثمن الذي
يجبرنا على دفعه غياب الديموقراطية عن
حياتنا، الخاضعة لنمط من الاستبداد
يؤكد بطشه الاعمى بالشعب انه لا يرى من
خطر على وجوده غير خطرها، لذلك لم
يتردد في استخدام كل ما لديه من سلاح ضد
المطالبين بها، ودأب طيلة نيف واربعين
عاماً على محاربة الداعين إليها
وقمعهم وتصفيتهم، بينـما تحـالف مع
جميع أنواع الإسلاميين داخل وخارج
سوريا، وعمل على افساد الدولة
والمجتمع، واعتبر المؤسسة الدينية
ركيزة لسـلطته اكـثر اهمية من حزب
البـعث؟ ان من يعرف الرئيس الأسد يعلم
أن خيبته في هذه المؤسسة كانت أكبر من
خيبته في حزبه، وأنه عاب عليها عجزها
عن السيطرة على المواطنين وضآلة
نفوذها لديهم، بينما كان يتحدث
باحتقار عن حزب البعث، الذي انهار كبيت
من كرتون ولم يمارس تأثيراً يذكر على
الأحداث. لا اعتقد أن النتائج
التي وصلنا اليها تفسر ما حدث في
الواقع او تسوّغ تجاهل الأسباب التي
ساقتنا إلى حيث نحن اليوم. إذا ما اردنا
فهم ما يجري انطـلاقاً من النتائج،
قلنا: إنه يوجد اليوم في سوريا قتال بين
طرفين. وإذا رأيناها بعين الأسباب، كان
علينا الـقول: هـذا القتال خطط له
ونظمه وأشرف على دفعنا إليه نظام يجب
ان يتحمل المسؤولية عن نتائجه، خاصة
انه أطلق النار طيلة ستة أشهر على
مواطنين مسالمين كان قد اقر أول الأمر
بمشروعية مطالبهم، لكنه ما لبث أن جعل
حراكهم السلمي مستحيلا، واجبرهم على
الدفاع عن انفسهم بالسلاح. في هذه
الحال: هل يتساوى الطرفان؟ وهل يمكن
معالجة الأزمة انطلاقا من نتائج لا
أسـباب لها؟ صحيح اننا أمام مأزق خطير
يمكن أن يأخذ بلادنا إلى الحرب الأهلية
والتقسيم، لكن من الصحيح أيضاً رد هذا
المأزق إلى سياسات رسمية طبقت خلال
أشـهر طويلة حفلت بإذلال الناس وسفك
دمائهم وترويعهم، فقد دخل خلال أشهر
الانتفاضة السبعة الأولى إلى السجن
وخرج منه قرابة نصف مليون سوري معظمهم
من الشباب، وارتكبت فظاعات لا توصف ولا
تصدق بهدف إجبار المواطنين على حمل
السلاح، والتخلي عن مبدأ الحرية
الجامع لشعب سوريا الواحد، والانخراط
في صراع طائفي رأى النظام فيه مخرجه
الداخلي من المأزق، وأنجزه بحسابات
داخلية أوهمته أنه منتصر لا محالة
بمجرد أن يطيّف الحراك، وخارجية
أقنعته أن القوى الكبرى لن تتدخل في
اقتتال طائفي وستبقي عليه في نهاية
المطاف، وأنه لا ضير في تدمير سوريا إن
كان تدميرها يضمن له البقاء؟
بالمقابل، لم يحمل معظم من قاوموا
النظام السلاح كي يدمروا البلاد، ولم
ينخرطوا في العنف لأنهم تلقوا ضمانات
خارجية تجعل منه سبيلهم إلى السلطة، بل
فعلوا ذلك دفاعاً عن انفسهم وأسرهم
وممتلكاتهم. هل هناك حاجة إلى التذكير
هنا بمعنى توحيد السلطة ومنع ظهور أية
تباينات في وجهات نظر واية اجتهادات
بين اطرافها، بما في ذلك من ينتسبون
الى أعلى مراكزها (تذكّر ما جرى لوزير
الدفاع العماد علي حبيب)؟. وهل يفوتنا
معنى الإفراط في اللجوء إلى القوة
العسكرية ضد مناطق الكثافة السكانية
عامة والريفية منها خاصة؟ وتحريض
المواطنين بعضهم ضد بعض انطلاقاً من
انتماءاتهم الدنيا، التمزيقية
والمشحونة بالأحكام المسبقة والجهل
وتالياً بالعنف، وتحويل نضالهم في
سبيل الحرية إلى اقتتال أهلي أوصل
النظام نفسه أسلحته إلى أيديهم في
حالات كثيرة، لكن وعيهم وتمسك
غالبيتهم بالعيش الوطني المشترك حالا
دون نجاح ما كان يدبره لهم؟ لن أذكر،
أخيراً، بما قلته للسيدة شعبان حول
العنف الذي سيخرج حل الأزمة السورية
وأوراقها من ايدي جميع السوريين،
وسيجعله ضرباً من المحال بقوانا
الداخلية او الوطنية، لاسباب كثيرة
منها ان ازمة وطنية ومجتمعية وسياسية
متشعبة وشاملة كأزمتنا يستحيل ان تحل
بالعنف، الذي سيؤجج نيرانها حتى تأكل
الأخضر واليابس، كما حدث بالفعل؟ ما الذي اردت قوله في
هذه العجالة؟ إنه التالي: ليس ما يجري
في سوريا دليلاً على فشل «حلم الدولة
المدنية»، التي اراها «كدولـة
ديموقراطـية»، بل هـو دليل قاطع على
فشل السلطة الاستبدادية، التي خططت
لجعل الفوضى بديلها الوحيد، بدلالة
شعارين طرحهتما قبل نشوب الثورة قالا:
«الاسد أو لا أحد»، و«الأسد أو نحرق
البلد». إلى أين غير الفوضـى كان يمـكن
أن تقـودنا قيـادة هذه توجـهاته
السياسية. بماذا ستـكون الفـوضى، التي
تحـدثنـي عنها كاحـتمال مستقبلي سيلي
سقوط النظام، مختـلفة عن حالنا
الراهنة، التي تسببت بها ممارسـات
أمـلاها توجه عملي، تطبيقي، يقول لنا
بلا مواربة: إما الأسد أو القضاء على
الشعب وحرق البلاد؟ وما علاقة «حلم»
الدولة المدنية بهذين الشعارين
وبالسلطة التي تبنتهما؟ هل يتحمل هذه «الحلم»
المسؤولية عن الطريقة التي طبقا بها؟
ثم، عن أية فوضى مستقبلية يمكننا ان
نتحدث، إذا كان النظام قد دمر جميع مدن
سوريا الرئيسة، وشرد ملايين
المواطنين، وقتل عشرات الآلاف منهم،
وأوصل مئات الآلاف إلى السجون
والمعتقلات والمنافي، وجرح ولاحق مئات
آلاف أخرى، وتسبب في اختفاء وفقدان
مئات آلاف إضافية؟ هل ما جرى لهؤلاء
كان نتاج هوائية «حلم» الدولة
المدنية؟ هذه الفوضى الشاملة، التي
تحصد يوميا أرواح مواطنينا، هي ما يجب
أن نتوقف عنده، ونعتبره الخطر الرئيس
الذي يدمر وطننا، كي لا يستمر بأشكال
أخرى في المقبل من الأيام، فلا بد أن
نؤيده بكل ما نملك من حب وولاء لشعبنا،
إذا أردنا له أن يبقى واحداً وموحداً،
وأن ينجو حقا من الفوضى الحالية، التي
تؤسس لجميع أنواع الفوضى المقبلة؟ عندما كنا نقول
ديموقراطية، كان هناك من يخبرنا أن
المجتمع ليس ناضجاً لإحرازها او
مؤهلاً لبنائها. وعندما قام المجتمع
مطالبا بها، حاربت السلطة بكل ما تملك
من قوة حملته وحراكه المدنيين، كي تجبر
حلفاءهم في المجتمع الأهلي على هجر
المشروع الديموقراطي والسلمي،
والالتحاق بمشروع مذهبي / طائفي عنيف
ومسلح. وقد حدث شيء مما خطط النظام له،
ووقعت (بمساعدة مباشرة او غير مباشرة
من بعض قوى المعارضة والجهات
الإقليمية والدولية) المأساة الوطنية
العامة التي حلت بمختلف قطاعات شعبنا:
من أعالي البادية إلى اعالي جبال
الساحل، ومن درعا إلى ديريك. فهل من
الحكمة، صديقي العزيز، القفز عن أساب
الفوضى القائمة ومجرياتها وضحاياها،
للحديث عن الفوضى الآتية، التي يفهم من
يقرأ مقالتك أنها قادمة على جناح «الحلم»
بدولة مدنية، الذي يصير مسؤولا في هذه
الحال عن تفجير المجتمع وخراب الدولة،
ولا يشفع له أنه طالب بالعدالة
والمساواة والحرية لجميع المواطنين
بلا استثناء، وكان سلمياً طيلة نصف
عام، وطالب أول الأمر بإصلاح تحت قيادة
الرئيس الأسد، الذي رد عليه انطلاقاً
من واقع كان النظام قد بناه بعناية
وحرص خلال قرابة نصف قرن، استهدف تخليف
المجتمع وزرعه بالانقسامات المذهبية
والطائفية، وتحديث السلطة أمنياً
وقمعياً، وجعلها قادرة في أي وقت على
تنظيم حرب اهلية بين مكوناته، في حال
طالب بالحرية للشعب السوري الواحد! لا أستبعد ان تدخل
سوريا في حقبة جديدة من الفوضى، بعد
زوال نظامها الحالي أو - لا قدر الله -
هزيمة ثورتها. لكنها لن تخرج منها بأي
حال من الأحوال من دون إقامة نظام
ديموقراطي قد يكون مليئاً بالعيوب،
لكنه يبقى الخيار الوحيد في مواجهة
نظام استبدادي يدمر بلادنا منذ قرابة
عامين بتصميم من يقضي على عدو! لن تبقى سوريا من دون
النظام الديموقراطي والدولة المدنية.
أليس هذا ما نؤكده تجربة عامي الدم
والدموع؟ أليس هذا التصميم الشعبي
أداتنا إلى إنقاذ وطننا من النظام ومن
الفوضى التي لا ترحم أحدا؟ كاتب سياسي ـ سوريا ================= علي حماده 2012-12-01 النهار قد لا يكون مطار دمشق
سقط، وقد لا يسقط بهذه السرعة التي
يظنها البعض، ولكن مجرد توقف حركة
الملاحة فيه، وانقطاع خدمة الانترنت
والاتصالات الخليوية بشكل كامل عن
سوريا، مؤشر لتداعي قدرة النظام على
التحكم والسيطرة، وتأمين مناطق آمنة
حتى في قلب العاصمة دمشق. اكثر من ذلك،
وهنا الاهم، يسري في دمشق مناخ نهاية
نظام. ففي معلومات يتداولها مصرفيون
لبنانيون شديدو الاطلاع على الاوضاع
السورية، فإن دمشق كلها تعيش على وقع
معلومات عن قرب مغادرة بشار العاصمة
بعدما بدأت تضيق عليه الدائرة، ومع
اقتراب نار الثورة من المركز. وتشير
المعلومات الى ان العدة اعدت كي ينتقل
بشار الى منطقة الساحل وربما الى
اللاذقية نفسها. طبعا هذا لا يعني ان
القتال سيتوقف بالضرورة في دمشق حيث
يحتفظ النظام بصفوة من قواته وبكم هائل
من السلاح والذخيرة والقدرات النارية. في لقاء جمع
ديبلوماسيين غربيين في باريس
بدبلوماسي لبناني، كان حديث عن ان
معركة دمشق أزفت، وان ثمة تعجيلا
لوتيرة الهجوم على النظام في كل مكان،
بصرف نظر عن مهمة المبعوث الاممي-
العربي الاخضر الابرهيمي الذي يبدو في
هذه المرحلة اقرب الى استاذ جامعي منه
الى ديبلوماسي ممارس. فالمرحلة
الراهنة هي للقتال لا شيء غيره. وبحسب
ما نقل الينا من مضمون اللقاء
الباريسي، فإن معركة دمشق الكبرى هي في
طور الانطلاق، وما يحصل حول المطار لا
ينفصل عن مسار المعركة الكبرى لاسقاط
بشار في العاصمة. وعليه ثمة تقديرات
استخباراتية اوروبية تفيد ان النظام
لن يستمر اكثر من بضعة اسابيع مقبلة.
فالخروج من العاصمة معناه سقوط
الشرعية وحتى لو لجأ الرئيس السوري الى
اللاذقية فسوف يتم الاعلان عن سقوط
النظام رسميا بمجرد سقوط العاصمة، ولو
استمر القتال في امكنة اخرى. في مكان آخر، كان
لديبلوماسي اممي كبير زار العاصمة
الفرنسية اخيرا كلام عن الموقف
الروسي، قال: "ان الموقف الروسي يشهد
بدايات تحول لكنه غير كاف، فقد ادركوا
انهم تورطوا في معركة خاسرة في سوريا،
وسوف يخسرونها حتما". اضاف: "لقد
ارتكب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
خطأ كبيرا عندما اتخذ موقفا متصلبا الى
جانب نظام بشار الاسد، واغلق ابواب
مجلس الامن. واليوم ما عدنا في حاجة الى
مجلس الامن لأن الموقف يتطور على الارض
في اتجاه سقوط النظام. وكلما تسارعت
وتيرة سقوطه امكنت اعادة السيطرة على
الارض، وتعويم مؤسسات الدولة وحفظ
الامن في المرحلة اللاحقة". في مطلق الاحوال، فإن
المشهد العام واضح. لم يعد أحد في
العالم يتحدث عن تسويات. الكل يتحدث عن
سقوط النظام بأسرع مما كان متوقعا.
وبناء على ما تقدم، ليس صحيحا ان
المعركة في سوريا طويلة. من هنا يمكن
القول ان معركة دمشق قد بدأت فعلا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |