ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 09-12-2012 أنتم لا
تحمون الأقليات في سوريا إن حداً أدنى من
الواقعية في التحليل يُظهر أن هذا
النوع من (الضغط) المتواصل هو الذي يمكن
أن يصل بالمسألة إلى حدّ الانفجار د. وائل مرزا الأحد 09/12/2012 المدينة هذا النداء الصريح في
عنوان المقال موجهٌ لطرفين: بعض الدول
في النظام الإقليمي والعالمي، وبعض
رموز المعارضة السورية. فمنذ عامٍ ونيّف،
تخرق آذاننا (نصائح) حماية الأقليات
وضرورة وجود (تمثيلٍ) واضحٍ لها في كل
جسمٍ من أجسام المعارضة. يجري هذا في
العلن كما يتكرر في اللقاءات
والاجتماعات الخاصة،ويُسمع من
السفراء إلى الرؤساء مروراً بالوزراء
وبعض المثقفين والكُتّاب من كل حدبٍ
وصوب. بل إن من ينظر إلى
الصورة من الخارج سيعتقد أن كل مسؤولٍ
صغيرٍ وكبير في السفارات ووزارات
الخارجية ومكاتب الرئاسة وأجهزة الأمن
من أستراليا إلى كندا، ومن روسيا إلى
البرازيل، يقضي ليله قلِقاً على
الأقليات في سوريا، مشغولاً بحاضرها
ومستقبلها، ساهراً على حمايتها
ورعايتها وضمان مصالحها.. ولولا أن
المرء يعرف تاريخ بلده وواقعه
الاجتماعي والثقافي لحسبَ أن الدنيا
بأسرها مشغولةٌ بهذا الهمّ، اللهم إلا
الشعب السوري نفسه، والأكثرية فيه على
وجه التحديد! هكذا، عشنا مع هذا (الموّال)
طيلة الأشهر الماضية. لم يشفع للشعب
السوري ومعارضته شيءٌ في هذا المجال.
فلا تاريخ التعايش ينفع، ولا المواثيق
والعهود التي وقّع عليها الجميع
تُفيد، ولا الإصرار على وجود التمثيل
يُعطي نتيجة. وظلّ الأمرُ وكأن الشعب
والمعارضة مُدانان إلى أن يثبت العكس.
ولايعلم إلا الله ماهو أصلاً ذلك العكس
وكيف يمكن إثباته. لكنّ الأمر بلغ في
الآونة الأخيرة درجةً تُثير الريبة
والقلق. فقد قالت العرب قديماً، إذا
زاد الشيء عن حدّه انقلب إلى ضدّه.
خاصةً وأن الأقليات التي نتحدث عنها لم
تعد تقتصر فقط على تلك الشرائح من
المجتمع السوري ذات الخلفية الدينية
أو المذهبية والعِرقية المختلفة عن
خلفية الأكثرية، وإنما بات تعريفها
يشملُ أيضاً بعض التوجهات السياسية
التي يبدو أنها أُدخلت في هذا الإطار..والخطير
أن بعض رموز المعارضة نفسها صارت تعيش
هذا الهاجس إلى درجة أنه أصبح محور
التفكير والممارسة السياسية في كل
محفلٍ ومشروعٍ ومناسبة. قد يكون ممكناً
الصبرُ على هذا الواقع العجيب لو أن
مثل هذا الأمر يضمنُ فعلياً حماية
الأقليات وتمثيلها العادل، فهذا مطلبٌ
سوريٌ بامتياز وحاجةٌ وطنية
استراتيجية قبل أن يكون اكتشافاً وصل
إليه الآخرون. لكن حداً أدنى من
الواقعية في التحليل يُظهر أن هذا
النوع من (الضغط) المتواصل هو الذي يمكن
أن يصل بالمسألة إلى حدّ الانفجار. فمن ناحية، تُظهر هذه
الطريقة في التعامل مع الموضوع
درجةً،كأنها مقصودة،من الإمعان في
تجاهل ماتتعرض له الأكثرية،وتهدف إلى (فرك
الملح في الجرح) كما يقول المثل الشامي..
فالإخراج الحالي يُجبر الناس إجباراً
على المقارنة بين صمتٍ عالمي على قهر
الأكثرية باسم الأقلية لعقود، يقابله
إبداءُ حرصٍ على الأقليات، نعتقد أنه
كاذبٌ ومزيف، وإن بدا ظاهرياً كبيراً
وغير مسبوق. وهذه عمليةٌ تحمل في
طياتها كماً مقدراً من خلط الأوراق
وخلق الأجواء التي تدفع إلى الانفجار
دفعاً، بينما يدّعي أصحابها أنهم
يعملون لغير ذلك. ومن ناحية ثانية،
هناك خطورةٌ كبيرة في الوضع الحالي،
حيث تُوضع الأقليات في سوريا بهذه
الطريقة في موقعٍ لاترضاه هي قبل أن
يرضاه لها غيرها. فهذا الإخراج
المُبتذل يُعطي أوراقاً لمن يريد أن
يصطاد في الماء العكر، ليقول بأن هذه
الأقليات تستنجد بالغرب والنظام
الدولي، ولاتجد الحماية إلا من
خلالهما. وأن الأقليات لاتثق بكل
المعطيات والحقائق الحضارية الكامنة
في التاريخ السوري، وأنها لاتثق بأن
شعب سوريا قادرٌ على المحافظة على هذا
التراث، وعلى أن يقوم بفرض إسقاطه
المعاصر بعد انتصار الثورة ثقافياً
وقانونياً ودستورياً وبكل طريقة ممكنة.
هذا فخٌ يجب أن تفكر به كل الأطراف ذات
العلاقة إذا كانت صادقةً فيما تدّعيه،
والأقليات السورية أكبر وأوعى من أن
تفكر بهذه الطريقة. وإذا كان ثمّة
قلائل يُعدّون على أصابع اليد يمارسون
عمليات التخويف من خلال اتصالاتهم مع
بعض الدوائر الدولية.. فإن على هؤلاء أن
يُدركوا حجم الإساءة التي يقومون بها
تجاه سوريا وأهلهم فيها. ثمة معنىً آخر يكمن
في مثل هذه الممارسة ويحتاج إلى تأملٍ
عميق. فالموقف المذكور يوحي وكأن
الأقليات في سورية لايمكن أن تعيش
آمنةً مطمئنة إلا في ظلّ
الديكتاتوريات وأنظمة القمع، وهذا
يخالف الحقيقة إلى حدٍ كبير. فالحقيقة
الصارخة توضح أن عدد مسيحيي سورية بدأ
يتناقص مع تسلّم حزب البعث للسلطة.
يذكرالباحث رضوان السيد أن أكثر من
مليوني مسيحي هاجروا من سورية خلال
العقود الخمسة الماضية، أي بدءاً من
تاريخ انقلاب البعث. ويقول عبده سيف في
كتابه (الطوائف المسيحية في سورية) أن «الوجود
المسيحي أخذ يتطور خلال الحقبة
العثمانية الممتدة على أربعة قرون
بنسبة كبيرة. ففي عام 1517، كان
المسيحيون 7% من مجموع عدد سكانها،
وأصبحوا يشكلون في 1918 أكثر من 20%»!.. وفي هذا دلالاتٌ على
طبيعة العلاقة بين الأكثرية والأقليات
لايجوز القفز فوقها بتبسيطٍ واختزال. مرةً أخرى، لابأس من
التذكير. لكن ثمة فارقاً كبيراً بين
ذلك الأمر وبين ممارسةٍ تكاد تصل إلى
درجة الوصاية القبيحة. نحن نتحدث
ياسادة عن شعبٍ لايحتاج أن يعلّمه أحد
دروس التعايش من الألف إلى الياء وكأنه
طارىءٌ على هذا الموضوع! وإذا كانت بعض أطراف
النظام الإقليمي والدولي تغفل عن
الحقائق المذكورة أعلاه لسببٍ أو آخر،
فإن من الخطير أن يقع ساسة المعارضة
السورية في هذا الفخّ، وأن يكونوا
سبباً لتفجير الأوضاع، فيصبحوا جزءاً
من المشكلة في حين يعتقدون أنهم جزءٌ
من الحلّ المنشود. ================= سورية لا
تحتمل مزيدا من الدمار 2012-12-09 12:00 AM الوطن السعودية حين تأتي التسريبات
التي نقلتها شبكة سي إن إن من مصادر في
واشنطن بأن الجيش الأميركي أعد خلال
الأيام الماضية خطة لتوجيه ضربة
عسكرية إلى سورية، فإن ذلك يشير إلى أن
الأزمة السورية في طريقها للنهاية. لكن توقيت التسريبات
يثير التساؤلات من أكثر من ناحية.
فالثوار في سورية اقتربوا من معاقل
النظام السوري العسكرية والإدارية
والحيوية، والمعارك صارت داخل العاصمة
دمشق وحواليها وقرب مطار دمشق الدولي،
مما يعني أن النظام يترنح حاليا فهو
غير قادر على السيطرة على منافذ
العاصمة وارتباكه يشير إلى أن الثوار
بات لهم ثقل على الأرض. إلى ذلك، ظهرت مؤشرات
عن ليونة بسيطة في الموقف الروسي تجاه
الأزمة السورية، جراء تصاعد الحديث عن
نية النظام السوري استخدام أسلحة
كيماوية وغازات سامة، مع وضع احتمال أو
وصول تلك الأسلحة والغازات إلى بعض
التنظيمات والجماعات، فيمكن أن يندرج -
برغم أنه وارد - ضمن خانة مبررات الهجوم
العسكري على النظام السوري. ما يدفع
إلى التساؤل عن توقع القوى الكبرى بأن
الحل اقترب والشعب السوري سوف يزيح
النظام ويسقطه، ولذلك فإنها تحاول وضع
رجل لها في سورية قبل أن تفقد كل شيء
إذا سقط النظام من غير مساعدتها. وتبقى التخوفات لو
حدثت ضربة متفق عليها بين القوى الكبرى
لسورية أن تؤدي إلى مزيد من الدمار في
المدن السورية وهذا ما لم يعد يحتمله
الشعب السوري، والأفضل في حال حدوث
تدخل خارجي أن يكون هدفه واضحا وسريعا،
وهو إزالة النظام بأي طريقة، والأفضل
ألا تكون بالقصف والتدمير بل بالضغط
السياسي والاتفاق الدولي، ليتمكن
الشعب السوري من إعادة ترتيب الوضع
الداخلي بما يتناسب مع تطلعاته. لو قررت الدول الكبرى
ووضعت إنهاء الأزمة هدفا سريعا لها،
فهي قادرة على تحقيقه خلال أيام، ويكفي
أن ترفع روسيا يدها عن حماية النظام
السوري ليقع في مأزق كبير. لذا فإن الحل
الأكثر أمانا للشعب السوري هو الحل
السلمي على الرغم من كل ما فعله النظام
بشعبه، وبعد سقوطه تبدأ المحاسبة،
وتدور عجلة إعادة البناء. ================= احمد عياش 2012-12-09 النهار ذوو اللبنانيين
المخطوفين في سوريا قالوا الحقيقة في
النائب عقاب صقر الذي قارع في مؤتمره
الصحافي الاخير في اسطنبول بالتسجيلات
الصوتية تسجيلات مماثلة كانت في حوزة
"حزب الله" ونشرت مضمونها وسائل
اعلام محسوبة عليه. فهؤلاء المواطنون
ادركوا ان تسجيلات الحزب لو لم يقارعها
صقر بتسجيلاته ستؤدي الى ضياع
اقربائهم المحتجزين في حلب منذ اشهر.
لذا، فهم أكدوا قبل ان يتدخل الخبراء
في عالم التسجيلات او علماء النفس، كما
حاولت وسائل الاعلام المستهدفة في
المؤتمر الصحافي لصقر اقحامهم ان
التسجيلات التي اذاعها الاخير هي
الصادقة وان تسجيلات "حزب الله"
هي المزوّرة. ما كشفه صقر، ولم
ينفه "حزب الله"، ان المسؤول في
هذا الحزب وفيق صفا هو من بادر الى كشف
أمر التسجيلات التي قال انها تدين صقر
ومعه الرئيس سعد الحريري بـ"تهمة"
تسليح المعارضة السورية. ودعا صفا وقبل
اسابيع من نشر "الاخبار"
للتسجيلات ومحطة الـOTV
لها الرئيس الجديد لفرع
المعلومات العميد عماد عثمان الى
اخطار الحريري وصقر بضرورة التفاوض مع
"حزب الله" للخروج من ورطة هذه
التسجيلات. لكن جواب الحريري وصقر لم
يكن كما يشتهي صفا. وبالتالي اذيعت
التسجيلات بدلاً من تسليمها الى
القضاء اللبناني، الجهة الطبيعية
للملاحقة لو كان "حزب الله" يؤمن
بهذا القضاء. بعد ايام من مؤتمر
صقر، تشير المعطيات الى ان قضية
التسجيلات هي في الاصل عملية
مخابراتية بطلها النظام السوري الذي
وضع رئيسه بشار الاسد نصب عينيه اشعال
الفتنة الشيعية – السنية في لبنان.
ولقد سخّر هذا النظام امكاناته من اجل
سرقة التسجيلات الهاتفية من كومبيوتر
صقر في اسطنبول وراح يعد من خلالها
تسجيلات مركبة تحولت فيها قضية
الحريري – صقر من انهاء محنة
المخطوفين في سوريا الى قضية الحسم
العسكري. وراح هذا النظام بما لديه من
مهارات يحضّر الاعلام الاجنبي اولاً
ثم بعض الإعلام اللبناني لتصديق
التسجيلات المركبة. فكانت الذروة
عندما جاء صفا الى عثمان بنبأ هذه
التسجيلات. إمكانات الاسد
ومهاراته في تدبير الفتنة في لبنان لم
توفر حتى شبان الشمال الذين تم
استدراجهم عبر مخابرات النظام السوري
الى تلكلخ السورية لتصفيتهم، من اجل
تكبير ملف الحريري – صقر في التدخل
المسلح في الأزمة السورية. لكن أهم ما
في هذه الامكانات هو تجنيد الاسد "حزب
الله" وحليفه النائب ميشال عون في
هذه الفتنة. فهل وصل الأمر بالحزب وعون
الى هذا الدرك لكي يجندهما الاسد في
اضرام نار الفتنة في لبنان؟ حتى الآن لا مستندات
لدى "حزب الله" وعون يردان بها على
صقر سوى ملاحقة قصيدة ابن الرومي عن
أنف ابن عوف وما قاله مارتن لوثر كينج
عن النأي بالنفس اللذين استشهد بهما
صقر. وربما يضطران تحت وطأة فضيحة
التسجيلات الى اتهام ابن الرومي وكينج
بالتواطؤ! ================= علي حماده 2012-12-09 النهار لم يعد سرا ان
العواصم الكبرى المعنية بالأزمة
السورية، ولا سيما الاجنبية بدأت
تتشاور في ما بينها بشأن مصير الرئيس
السوري بشار الاسد. وليس سرا ان موسكو
المعنية الأولى بدعم النظام على
الصعيد الدولي ما عادت ترفض البحث في
الخيارات الاخيرة للرئيس السوري،
بمعنى انها تتشاور ولا نقول تتفاوض
بخلفية ان النظام سيسقط او يمكن ان
يسقط في مدى منظور. قبل سنة من الآن كان
احد كبار الديبلوماسيين الاميركيين
يتحدث الى مجموعة من السياسيين
اللبنانيين في احدى العواصم الاوروبية
عن التجاذب بين واشنطن وموسكو حول
سوريا، فقال: "ان موسكو تتحدث معنا
على قاعدة ان النظام لن يسقط ويمكنه ان
يحقق فوزا عسكريا حتى لو لم يقترن ذلك
بنتائج سياسية تعيد سوريا الى ما قبل
١٥ آذار ٢٠١١. ومن هنا
فإن كل ما يطرح على الطاولة بشأن بشار
والنظام يجيب عنه الروس بحزمات من
الاقتراحات التي لا حصر لها، وجلها غير
قابل للتحقيق، ولا سيما التسوية مع
بشار". اضاف: "ان ما يطلبه الروس
اليوم سيتقلص بعد ستة اشهر الى النصف،
وبعد عام الى الربع الى ان يقتصر
الموضوع في ما بعد الى التفاوض على
ادارة مرحلة ما بعد النظام وبشار". قبل شهر قال وزير
فرنسي سابق تابع من كثب الملف السوري
خلال عهد الرئيس السابق نيكولا
ساركوزي لأصدقاء له :"لقد اوقع
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه في
فخ وعلق فيه، وهو الآن غير قادر على
الخروج منه في مرحلة يتضح فيها ان بشار
الاسد سيسقط لا محالة". وفي تعليق
لاحق له قال أحد الصحافيين المرموقين
الذين سمعوا هذا الكلام: "ان روسيا
في شكل او آخر، تعيد انتاج مرحلة
افغانستان في سوريا. فهي تشهد على
انهيار النظام وعلى تدمير متواصل
لأسلحتها الثقيلة على أيدي الثوار
السوريين. ولعل الاختبار الأصعب يتمثل
بفقدان سلاح الطيران السوري الروسي
الصنع (٨٠٠ طائرة، ٤٠٠
منها عاملة فعليا) لاكثر من ثلث
طائراته المروحية والمقاتلة حتى الآن،
ولا ننسى تدمير عشرات الدبابات
الثقيلة والمدرعات على اختلافها في كل
انحاء سوريا". بالعودة الى مصير
بشار الاسد، فإن التشاور حول تسويات
سياسية انتهى، وصار البحث الجدي في
مرحلة ما بعد النظام. ولعل بدء معركة
دمشق نفسها هو احدى الادوات التفاوضية
على موائد الكبار. فموسكو (وليس ايران
الخاسر الاكبر من سقوط النظام ) تزيد من
تدخلها الاستخباري والاستشاري الى
جانب النظام لمنعه من السقوط قبل عقد
صفقة مع الاميركيين والاوروبيين حول
المرحلة المقبلة. لقد اصبح مصير بشار
مطروحا على موائد الكبار. وتلويحه
باستخدام السلاح الكيميائي لن يغير في
شيء، بل سيغرقه اكثر وربما يسرّع
النهاية. وحتى الان كل ما ينقل عن بشار
انه يرفض رفضا قاطعا الخروج من سوريا
الى منفى، ويرفض الاستسلام على رغم ان
كل التقارير الاستخبارية المنقولة عمن
قابلوه أخيراً، تصوره رجلا ضائعا، وقد
فقد كل أمل في الانتصار، وانه صار
عارفا بمزاج محيطه اليائس. وبخلاف
الايرانيين (حتى الان) صار الكل يتحدث
عن بشار بصيغة الماضي. فكيف ستكون
النهاية؟ ================= حرب
كيماوية على الحدود الشمالية د.باسم الطويسي الغد الاردنية 9-12-2012 أكثر من منظور يتم
تداوله اليوم في تفسير الحملة
السياسية والإعلامية التي عادت من
جديد حول وضع الأسلحة الكيماوية
السورية واحتمالات أن يلجأ النظام
السوري في لحظة يأس الى استخدامها،
وعلى الرغم من أن هذه الحملة ذات أبعاد
استراتيجية في صلب مستقبل المعركة في
سورية ومواقف حلفاء أطراف الصراع، إلا
أنها نالت الأردن ووصلت التسريبات
الإعلامية إلى الإشارة إلى طلب
إسرائيلي، رُفض أردنيا، باستخدام
الأراضي الأردنية في عمليات تستهدف
السلاح الكيماوي السوري. وبغض النظر عن
جدية هذا الموضوع، فإن أبخرة الحرب
الكيماوية المزعومة أول ما ستتسرب عبر
الحدود الأردنية الشمالية. المنظور
التفسيري الأول يذهب إلى أن هذه الحملة
لا تعدو أكثر من سيناريو يكرر نسخة
أخرى من حرب التضليل الإعلامي التي
مارستها الولايات المتحدة وتحالفها
الكبير ضد العراق،
في أسطورة أسلحة الدمار الشامل
العراقية التي انتهت إلى ما انتهت اليه
بحرب شرسة، عُدت الأعنف منذ الحرب
العالمية الثانية. يأتي ذلك بعدما فشلت
سيناريوهات عديدة في إسقاط نظام الأسد.
سيناريو آخر يرى أن الدبلوماسية
الغربية وأجهزتها الاستخباراتية تريد
أن تستثمر بعض الإنجازات التي حققها
الجيش الحر في الأسابيع الأخيرة،
وتصوير أن النظام في دمشق ينهار، ولكنه
سيمكث لبعض الوقت وسيجد نفسه في لحظة
ما أمام خيار واحد هو الانتقام من شعبه
باستخدام الأسلحة الكيماوية. نتيجة
هذا التصور الإعلامي، فإن التدخل
الدولي يصبح لا بد منه ومبررا سياسيا
وأخلاقيا. المنظور
الثالث يخشى من وقوع أسلحة كيماوية في
أيدي جماعات مسلحة ضمن طيف الجماعات
التي تحارب النظام السوري ومنها
جماعات دينية متطرفة. وهي الخشية التي
يستشعرها النظام نفسه، ما دفعه الى
تشديد الإجراءات الأمنية ونقل ومواقع
هذه الأسلحة، الأمر نفسه دفع
الجيش الاسرائيلي قبل شهور إلى
التحذير على لسان رئيس هيئة أركان
الجنرال بيني غانتس من أن تل أبيب قد
تجد نفسها مضطرة لإجراءات ضد الأسلحة
الكيماوية السورية خشية من أن تقع تلك
الأسلحة بين أيدي الجماعات المتطرفة. وعلى
الرغم من التحذيرات التي أطلقها
الرئيس الأميركي أكثر من مرة، ومنها أن
التفكير باستخدام هذه الأسلحة يعني
التدخل الأميركي المباشر، أو تحذيره
الأخير "لن نسمح بأن يلوث القرن
الحادي والعشرون بأسوأ أسلحة القرن
العشرين"، فإن مسألة التدخل
الأميركي أو الاسرائيلي ورطة
استراتيجية كبرى بالمفهوم العسكري،
فبعد أن قامت القوات السورية بنقل
الأسلحة الكيماوية إلى عدة مواقع فإن
أي عملية عسكرية جوية بتوجيه ضربات
مباشرة قد لا تكون حاسمة، وهي قد تؤدي
إلى كارثة نتيجة انبعاث الغازات إلى
الجو وعدم التمكن من تدمير المخزون
بأكمله، ما يتطلب عمليات عسكرية على
الأرض تقوم بها وحدات مدربة على عمليات
متخصصة، ما يحتاج إلى أكثر من سبعين
ألف جندي على الأرض، وهو ما يبدو مهمة
مستحيلة على الولايات المتحدة
واسرائيل. المفارقة الكبرى أن
الحملة المسعورة على الأسلحة
الكيماوية السورية والتباكي على مصير
المدنيين، إذا ما تورط النظام بعمل
أرعن من هذا القبيل، تتجاهل الموت
بالجملة الذي يحصد مئات السوريين
يوميا منذ اكثر من 21 شهرا، والذي ربما
فتك عمليا بالمدنيين أكثر من
عمليات كيماوية أو غيرها. يحدث ذلك
ولدى المجتمع الدولي قناعة بأن الحسم
العسكري في سورية صعب ويحتاج سنين على
هذا الوضع، بينما يتثاءب المجتمع
الدولي المتورط في المعركة على مصير
سورية كلما ذكر الحل السياسي. قبل
أكثر من الفي عام استخدمت الأسلحة
الكيماوية لأول مرة في حروب العالم
القديم، استخدمت غازات سامة تسبب
الارتخاء والنعاس والدوار الذي يصيب
الجيوش وحتى القادة. ربما هذا ما أصاب
المجتمع الدولي هذه الأيام؛ فالمعركة
على مستقبل سورية هي حرب كيماوية
سياسية لا أكثر. ================= عمر العبد الله() المستقبل 9-12-2012 يزداد الصراع في
سوريا دموية مع كل يوم يمر من عمر
الثورة السورية، فينتشر الموت أكثر
على طول الأرض السورية وعرضها. وتستمر،
مع كل الدماء، المحاولات السياسية
لإيجاد مخرج للأزمة، التي أصبحت الشغل
الشاغل للعالم. وآخر إبداعات العالم في
هذا المسار هو ما تسرب عن خطة المبعوث
العربي الدولي السيد الأخضر
الإبراهيمي عن تنحي الأسد وتولي وزير
دفاعه قيادة المجلس العسكري في سوريا،
وكأن الشعب السوري مشكلته مع الأسد
شخصية. هذا النوع من
الطروحات لا تزيد الأزمة إلا تعقيداً،
فالشارع السوري يرفض أي نوع من الحلول،
التي يمكن أن تبقي النظام أو أحد
أركانه في السلطة، وكذلك الأمر
بالنسبة إلى المعارضة، لكن الأخيرة قد
يدفعها الضغط الدولي إلى القبول بحلول
وسط لا ترضي السوريين، ولا تصل إلى
الحد الأدنى من قناعاتهم. وفي حال صحت
هذه الأخبار المسربة فإن الائتلاف
الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
سيجد نفسه في مأزق خطر للغاية، فهو بين
نار القبول بحل وسط يبقي جزءاً من
النظام تحت اسم الحفاظ على الدولة من
الانهيار، ونار الشارع المنتفض
المستعد للإطاحة بأي جهة يمكن أن تقبل
بهذا النوع من الحلول. صحيح أن المشكلة
السورية أكبر من أن تحل بطريقة عسكرية
بحتة، فهذا سيؤدي إلى دخول البلاد في
نفق له بداية ولا تعرف له نهاية،
ويحتاج إلى جانب سياسي مدعوم داخلياً
وخارجياً قادر على إدارة الدولة
سياسياً، في ظل مستقبل مجهول لا أحد
يدري إلى أين يمكن أن يتجه، وهذه هي
المسؤولية الحقيقية الواقعة على عاتق
الائتلاف الوطني لقوى الثورة
والمعارضة، الذي تمكن رغم عمره القصير
من كسب أول معاركه وهي اعتراف عدة دول
به كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري. هذا الطريق هو الأصعب
بالنسبة إلى الائتلاف، من حيث الحفاظ
على ثوابت الثورة السورية ومن حيث
تحقيق المكاسب السياسية على الصعيد
الإقليمي والدولي، وهو الطريق ذاته
الذي سلكه المجلس الوطني السوري، فرغم
كل المشاكل التي واجهت المجلس الوطني
السوري، من ضعف في الأداء وتقصير تجاه
الشارع ،إلا أنه حافظ على ثوابت لم
يقبل أن يتنازل عنها وهي إسقاط النظام
وتفكيك أجهزته الأمنية ورفض الدخول في
أي نوع من الحلول السياسية، التي تبقي
على النظام، ما أدى إلى تهميش المجلس
بالكامل وخروجه من الحياة السياسية
لسوريا ويمكن القول أن الائتلاف
الوطني اليوم على محك أول تجربة حقيقية
له مع الثورة، فإما أن يحافظ على
التوجه نفسه الذي أدى إلى إعلان وفاة
المجلس الوطني، أو أن يسلك الطريق
الآخر ويعلن وفاته بنفسه وخروجه من أي
مستقبل سياسي لسوريا. ================= روجيه عوطة المستقبل 9-12-2012 بين دعوة البيان
الحلبي إلى تأسيس "دولة إسلامية
عادلة" في سوريا، والمجزرة التي
تواصل العصابة الأسدية ارتكابها براً
وجواً، تلازم يستوي في السبيل واللغة.
فمثلما توارب العصابة، يحتال البيان،
وكما تجمد العصابة دلالة الإجتماع في
البلاد، يسرق البيان المعنى من الدم
السوري. من المعلوم أن نظام
الأسد إتقن المخادعة، التي يمارسها
عادةً بجمع النقائض في خطاب واحد.
وغالباً ما يكون الواقع هو نقطة ارتكاز
النقيض الأكثر سوءاً، أما نقيضه الآخر
فيُعلن إعلامياً ودبلوماسياً فحسب.
فيحذر النظام من سقوط الحصن العلماني
الأخير في الشرق الأوسط، وفي الوقت
عينه، يمارس طائفيّته الفظيعة إبادةً
واقتلاعاً وتهجيراً. وبينما يدعو إلى
"حوار وطني"، يقضي على "محاوريه"
بالذبح والقصف، ويستنتج بعد كل مجزرة
أن "الطرف المعارض" غير جاهز لخوض
النقاش معه. تشبه المواربة
البعثية الحادثة التي جرت في برنامج
صباحي على قناة "الدنيا"
التلفزيونية. فعندما كانت المقدمة
تتحدث عن الهدوء الذي يسود البلد، مر
موكب من الشاحنات العسكرية في الطريق
التي يطل الاستديو عليها، ما فضح
التعارض بين الدعاية والوقائع الفعلية.
على إثر المخادعة، تصبح الدّعة مذبحة،
والحوار مقتلة، وينقلب القاموس
الدلالي رأساً على عقب، بحيث يصنع
النظام دواله الخاصة، وينفذها
خطابياً، قبل أن ينسحب من التنفيذ
الخطابي، ويسحق مدلولات المقولة
الإجتماعية و العبارة السياسية.
وللبعث الأسدي تجاربه في طحن
الدلالات، وفبركة الأكاذيب وإنتاج
الخرافات، التي تحفر برك الدم في أغلب
الأحيان. والعلاقة بين السلطة
البعثية ومجازرها علاقة لغوية، إذ لا
يواصل الأسد ارتكاب جرائمه سوى تحت
خطاب الذعر، ولا تداوم اللغة على القتل
سوى في يد الأسد. وما أن يقبض النظام
على لغة، حتى يحولها إلى خطاب جاف،
يصلح لتحنيط المعاني، ثم نسفها
بالمخادعة والمراوغة. تنم لغويته
الإرهابية عن مركبه الإيطيقي التاريخي
من جهة، ومأزقه الراهن من جهة أخرى.
فالبعث عبارة عن سوء نية تاريخية،
وعندما تواجه النوايا السيئة مأزق
جذري، مثل الثورة السورية، تضغط على
تاريخها، وتتمسك بالقسوة، وتتطرف في
ممارستها. إفراط عصابة الأسد في
لغتها وإرهابها، يعني جر نقيضها إلى
ساحة الجريمة، وتوريطه في المواربة
العنفية، من خلال إدخاله إلى المجزرة
من حقل الخطاب، ثم فصمه بين اللغة
والواقع. بمعنى آخر، يلجأ الأسد، بعد
أن قضى على المدن السورية وهجر سكانها،
إلى تحويل الشعب السوري إلى بعث آخر،
يختلف عن أصله بأنه مقلوب خطابياً
وممارسةً. فيشقلب هذا البعث خطاب
الأصل، ويغيّره إلى نقيضه، وبدل أن
تتحدث مقدمة البرنامج التلفزيوني عن
الهدوء، ويمر رتل الشاحنات العسكرية
خلفها، تتحدث عن الحرب ولا يمر من
ورائها أحدٌ. إلا أن البعث المقلوب
مفصوم البنية، فالمذبحة في الخطاب لن
تمنع إبادة في الواقع، بل ستضاعفها،
لذا ستتحدث مقدمة البرنامج عن الحرب،
وستمر الأرتال العسكرية من أمامها،
وتمعسها على الأرجح. من هذه الجهة، يقع
البيان الحلبي، الذي دعى فيه عدد من
المقاتلين الجهاديين إلى تأسيس "دولة
إسلامية عادلة"، في سياق التلازم
الإيديولوجي بين البعث الأسدي والبعث
المقلوب. إذ رفض البيان "الائتلاف
الوطني السوري" ووصفه بالـ"تآمري"،
لأنه خارجي. وفي المقابل، طرح مشروعه،
أو بالأحرى فرض فكرته، انطلاقاً من
استبدال النقيض بنقيضه خطابياً، فبدل
"العلمانية" البعثية و"الوطنية"
الإئتلافية، لا بد من "الإسلامية"،
التي أضاف عليها البيان سمة الـ"عادلة"،
من دون أن يشرح لنا مدلول هذه الإضافة
أو هذا الوصف. في كل الأحوال، لا يمكن
لبيان خارج عن موضوع الثورة السورية،
أن يفصم الإجتماع في فضائها، لكنه، وفي
الوقت عينه، يدل على إتجاه فظيع ينمو
داخل هذا الفضاء. فبسبب عنف الأسد
المتواصل، والحياد الدولي السلبي،
وتعثر ولادة جسم معارض مقنع بالنسبة
للشعب السوري، نمت بعض المجموعات
الجهادية، واستيقظ بعضها الآخر داخل
المعركة. إلا أن الموقع، الذي حصلت
عليه هذه المجموعات، بعثي، ويستمد
بعثيّته من واقع الثورة ومرآته، إذ
أنها لم تنطلق على أساس أنها ثورة
دينية، كما أن عدوها واضح، أي منظومة
الأسد، على خلاف ما يدعو إليه البيان.
فخوض المعركة، بالإرتكاز إلى الدعوة
الحلبية، يعني النظر إلى الثورة
السورية على أنها إسلامية، سنية على
وجه الدقة، ومن الممكن لعدوها الأسدي
أن يلبس أقنعة طائفية كثيرة، أقلوية
تحديداً. في النتيجة، تقع "ثورة
البيان" في فخ البعث، وتصبح بعثية
مثله، رغم أن بعثيّتها مقلوبة. ومن
خلال اللغة المواربة، يدخل البعث
المقلوب إلى المجتمع من باب الدين "العادل"،
مثلما دخل إليه حزب الأسد الأب من باب
علمانيته "الطائفية". غير أن وصول
حافظ الأسد إلى السلطة كلف السوريين
الكثير من الدم، ورحيل إبنه عن الحكم
يكلفهم الآلاف من الضحايا اليوم. فمن
المؤكد أن الشعب السوري سيرفض أي بعث
آخر بعد البعث الأسدي، حتى لو جاء إلى
السلطة من الأبواب الإيديولوجية
الدينية، ولجأ إلى العصبية من أجل
تجميد مواقعه، وتزييف تاريخ الثورة
ووقائعها، مستنداً إلى دوره في
المقاومة المسلحة. مهما كان اللجوء إلى
السلاح خياراً شعبياً محقاً للدفاع عن
النفس والقضاء على ميليشيات الأسد،
يبقى الإجتماع التظاهري، غير المقيد
إيديولوجياً وهوياتياً، أكثر فعالية
في تعيين وجهة سوريا في المستقبل، بعد
سقوط العصابة المجرمة. وهذا ما تظاهرت
من أجله كفرنبل رداً على البيان
الحلبي، الذي أخطأ في دعوته إلى تأسيس
"دولة بعثية" من جديد، وحتى لو
كانت "عادلة"، أي "قاتلة"،
بحسب القاموس البعثي! ================= "كوجيتو"
الكينونة في ثورة السوريين عمر كوش المستقبل 9-12-2012 شكلت الصرخة التي
خرجت من أعماق أحمد عبد الوهاب: "أنا
إنسان ماني حيوان"، كوجيتو الثورة
السورية بامتياز، ودخلت قاموسها
الفلسفي، بوصفها المفهوم - الحدث
المؤسس للثورة، التي انبثقت عن حراك
احتجاجي سلمي عام، انطلق في الخامس عشر
من آذار/ مارس 2010، كي يعبر عن رفض
السوريين استمرار العيش في ظل حكم
النظام المستبد القائم، ومازال ينشد
الحرية والكرامة حتى يومنا هذا. وأحمد عبد الوهاب،
إنسان ينشد الحرية واسترجاع الكرامة،
مثله مثل عامة السوريين. ليس فيلسوفاً
ولا عالماً، بل ولد في الثورة السورية
ومعها، حيث وجد كينونته - مثل كثير من
السوريين - معها، وتحول إلى أيقونة من
أيقوناتها، بعد أن دشنت عبارته كوجيتو
كينونة الثورة، بوصفها مفهوماً رصفت
مركباته مقام الثورة، ودمج عناصره
الذات والذاكرة، وأعلن أكتشاف الأنا
والصوت واللسان، الأمر الذي يشي بأن
"أنا" المحتج باتت حاضرة ليس فقط
في صرخاته، بل حاضرة كذلك في لغة
الشعارات والكتابات، التي خطها أطفال
درعا ومبدعو كفرنبل وشباب بستان القصر
وجامعة حلب والميدان والقابون
والزبداني ودوما وحمص وإدلب وقامشلو
ومختلف شوارع وساحات الثورة في سوريا. وإن كانت اللغة أحد
المكوِّنات الأساسية التي لا تشكل
وسيلة للتواصل بين الناس فحسب، بل
إطارًا يحدد المفاهيم الثقافية
والسياسية والاجتماعية، التي تشكل
المنظومة الفلسفية لمجتمع ما، فإن من
ضمن هذه المفاهيم ما يرتبط إلى حد ما
بمسألة "رمزية" اللغة، وهي مسألة
يغوص فيها عامة الناس، من دون إدراك أو
بشكل لاواعٍ. وهي تحضر دوماً في
العبارات المكتوبة في أكثر من خطاطة
وشعار. ويمكن أن نستخرج من
صيغة: "أنا إنسان.. ماني حيوان"
معاني ومركبات ودلالات كثيرة لا حصر
لها، ونحملها بحمولات متعددة، تتكاثر
أو تتكثر مكوناتها وتتوالد الواحدة من
الأخرى، بتغير الفعل وزمنه والفاعل
وضميره، أو بتغيير صيغة الجملة. ذلك أن
اللغة العربية، شأنها شأن كثير من
اللغات، تمتلك سياقات كثيرة بمعنى
واحد أو بمعان كثيرة. وهذه القدرة
الهائلة على استخراج التعدد والاختلاف
في المعاني والدلالات اسماها
الفلاسفة، القدرة على التفلسف، بوصف
الفلسفة حركة اللامتناهي في السرعة
والانسراع والتحليق والانبساط
والاحتواء والتخطيط والتأطير .. إلخ،
وما ليس هذا، وليس ذاك. في هذه الصيغة يؤسس
كوجيتو الثورة السورية مفهوماً
فلسفياً، أو لنقل مفهوماً فلسفياً
للثورة، يمكن استعراض مستويين يؤطرانه.
يتجسد الأول في صيغة: "أنا إنسان"،
التي تجمع بين الذات والوجود
الإنساني، إذ حين تمتهن الكرامة،
يعتصر القلب ألماً، ويصرخ الإنسان بكل
جوارحه: أنا إنسان، أنا بني آدم،
بوصفها مقولة تأكيد وجود حرّ. أما
المستوى الثاني، فيتحدد في صيغة "ماني
حيوان" التي تنفي عن الإنسان الفرد
صفة الحيوانية، ليس انتقاصاً من
الحيوان، بل تمييزاً عنه، بامتلاك
الكرامة. ومن يمتلك الكرامة يشعر
بوجوده الإنساني المعزز، ويتحرر من
العبودية، حيث الكرامة والحرية، هما
مركبا التأسيس في الثورة السورية،
جمعتهما أنا الثائر كي تجسد كينونته،
فالوجود هنا وجود كينونة، والكرامة هي
كرامة إنسان سوري، امتهنت كرامته على
مدى أكثر من أربعة عقود خلت، لذلك نهضت
الثورة على كينونة حرةّ، رافضة للذل
والإهانة، الأمر الذي يفسر أن شعار
التأسيس الأول، انطلق منذ الشرارة
الأولى للثورة في صيغة "الشعب
السوري ما بينذل" من ساحة "الحريقة"،
من قلب العاصمة دمشق، ثم وجد أقلمته في
مدينة درعا في صيغة "الموت ولا
المذلة"، ثم ترادف مع شعار "حرية..حرية.."،
وراحت جموع المحتجين تردده في سائر
أحياء المدن وشوارع البلدات والمناطق
السورية. يحيل المستوي الأول
للكوجيتو على الذات الإنسانية الحرّة،
التي يكتمل وجودها في المستوى الثاني،
ويتراص معه على مقام الثورة، بوصفه
وجود كينونة كريمة أيضاً، ولا أسبقية
بين مكونات الكوجيتو، بل ترابط لا يحيل
إلى بناء تراتبية ما، حيث الكرامة
والحرية هما شرطا تحقق الكينونة، فيما
الثورة باتت حدثاً، متعدد الأفعال،
يجد تحققه في الحرية والتحرر، أي شرط
تحقق للكينونة، بوصفه شرط وجود الذات،
وناظم علاقتها ووجودها بالآخر،
والعالم والأشياء، وضمن ذلك وجود
الوطن والبشر والإقليم والتاريخ . . إلخ. وعلى الإجمال، فإن
مفهوم الثورة يحيل إلى قول إشاري
حواري، يأخذ صيغة جملة اسمية، ويحتوي
على مكونات الكينونة والحرية
والكرامة، وتنغلق في:" أنا إنسان
ماني حيون"، كي تنفتح مكوناته
ومركباته، بوصفها قيماً تستند إلى
الموروث الإنساني، وليس فقط موروثنا
الثقافي، أما مرجعه فيعود إلى الحداثة
وإنجازاتها المعرفية المتعددة. غير أن الحروف
الواضحات، والغامضات كذلك، التي تحيل
إلى المفهوم، إنما تحيل إلى اللغة التي
تقول الأشياء. أشياء الوطن. الوطن
موجود في الثورة. الثورة لا تنتظر
أحداً ولا شيئاً، بل، لا تعرف
الانتظار، فمن تأخرت ولادته، فإن لا
أحد ينتظره، ذلك أن الماضي يمضي كما
هو، لا يُقاد ولا يقود، ولا يتبقى منه
غير آثار قد تذوب ولا تذوب، وذكريات قد
تمحى ولا تمحى. وفي الإنشاء الثوري
أو لنقل الخلق الثوري، يستخدم الإنسان
الكلمات والحروف، ويركبها جمالياً
ليخلق منها صياغات تعجنها الأحاسيس
والإنفعالات، وهذا يجعل اللغة ترتعش
وتثغثغ، أو حتى تغني وتهتف وتصرخ، وهو
ما يميز شعارات الثورة السورية، إذ
نجدها تستبدل الانفعالات ومختلف
المؤثرات، من مشاهد ووجوه ورؤى
وصيرورات، بحقول أو مركبات أحاسيس تحل
محل اللغة، فتنشأ بذلك لغة أخرى داخل
اللغة. لغة اللغة هذه، تنادي شعباً
للمجيء وأرضاً أو وطناً كي يستريح،
ولأجل ذلك يطوع المحتج لغته، يبعثرها
ويجعلها تهتز ويحضنها ويداعبها. وقد
يمزقها كي يحصل منها ما يريد من أحاسيس
تجسد العذاب الإنساني المتجدد على مدى
أكثر من عشرين شهراً خلت من عمر الثورة.
وقد دخل العديد من
الشعارات والكتابات في كنف العقل
الثوري، بعد أن أزاحت عن طريقها براثن
العقل السلطوي، ثم انتقلت من بعد
لتتراص على مقامات تشييد، جسدها
سوريون في تظاهراتهم وهتافاتهم وحركات
أجسادهم. وجرت الإحالة في أكثر من شعار
إلى الذاكرة السورية والتاريخ السوري.
على أن يفهم من كلمة سوريا، سوريا
البشر والإقليم والبيئة المكتنفة. لكن
الجديد الذي قدمته الثورة السورية، لا
ينحصر فقط في كوجيتو الكينونة، بل يمتد
إلى حركات الأجساد، والكرنفالات
المرافقة لها، وتسونامي الأجساد
البشرية، ويمتد أيضاً إلى معنى أن كل
إنسان في الثورة هو مشروع شهيد، وإلى
معنى أن كل إنسان يشيع أحد رصفائه،
يعلم أنه قد يأخذ مكانه في تابوت
التشييع. ولا تغادر مقامات
الثورة ولغتها تأثيرات ثورات الحرية
والكرامة العربية، أو ما عرف بثورات
الربيع العربي، لكن ما يميزها هو
فرادتها في مواجهة أعتى نظام
ديكتاتوري في حاضر العرب وماضيهم،
الأمر فرض عليها ما لم يفرض على غيرها
من تضحيات ومسارات مكلفة. ولعل ارتباط
مفاهيمها يمتد إلى جذور عميقة، تمتد
إلى الثقافة الشعبية، وتنهل من معين
الحداثة، ومن خزانها، المعرفي والحسي،
السياسي والاجتماعي، ومن التراث
الشعبي، وترتبط بالزمن السوري الضارب
عميقاً في التاريخ، وفي الوجدان، حيث
الأشواق والأمنيات والأحلام تكمن
دافئة في ثنايا الذاكرة الجمعية. يبقى أن الثورة
السورية ليست تاريخاً، بل إن التاريخ
سيذكرها طويلاً، بوصفها فعل مقاومة،
مقاومة الاستبداد والاحتلال والذل
والعبودية والهوان. وهي لم تنتظر أحداً
سوى ابنائها، ولم يشهدها توافق
المعارضة المرتهنة ولا حساباتها.
وترفض أي وصاية عليها؛ ولا حاجة للتوسط
ما بين العالم وبين الثورة، وإن هذا
التوسط إن وجد، فهو مفروض بالقوة من
قبل سلطة ما، سلطة القوى الدولية، وهو
يقيد الثورة ويضر بها. وقد برهنت
المعارضة أنها تعتاش على التفوه باسم
الثورة، وكثيراً ما تغيب الصيرورة عن
محافل المؤتمرين منها والساعين للصعود
على الثورة، في انتظار أوامر أصحاب
معيارية حقوق الإنسان، من أميركيين
وروس وفرنسيين وعرب وسواهم. ذلك أن
معيارية ساسة الدول لا تقول شيئاً عن
أشكال المعاناة اليومية، المحايثة
للإنسان السوري وتضحياته، إنما تُخفي
شعوراً بالعار أمام الكارثة الأسدية،
والجرائم التي تخلفها في كل يوم. وهذا
ما يشكل دافعاً قوياً وخفياً للثورة. إنه عار أصحاب
المعيارية، ومعهم أصحاب التوافقات
السياسية، بإنسانيتهم، عار تجاه
الضحايا. يمتدّ إلى انحطاط الحياة
الملازمة لمساومات المعارضين، وإلى
انتشار أنماط من التفكير والحياة ترى
في الكارثة السورية كعكة قابلة
لالتهام، وفرصة لتضخيم الذات وتسمينها.
وعار أن يصبح
الائتلاف هو الإبداع، والمُعارض هو
المفهوم، وأن يدخل المفهوم في حواسيب
الدول، كي يغدو منتوجاً قابلاً للبيع
في الأحداث الدامية التي أمست معارضاً.
العارض هو المعارض السياسي. وعلى
الثورة أن تدخل كلية المصالح الدولية،
التي تخرّج ساسة، يدعون الحرص على
الأقليات ويتاجرون بها، كي يحققوا
إجماعاً على استمرار جريان نهر الدم
السوري. ومع ذلك، فإننا إذا
تفحصنا اليوميات السورية، سنقف على
قدر هائل من المعاناة والتضحيات، التي
تجعلنا نستشعر مجيء المستقبل المنشود.
إنها صيرورة الزمن الآخر الذي لم يأت
بعد، أو صيرورة الغير، التي لن تتحقق
إلا في عالم الأغيار، لذلك لن نطلب سوى
القليل كي نحمي أنفسنا من السديم. ================= هل
الكلام عن السلاح الكيميائي هو ذريعة
للتدخل؟ المستقبل 9-12-2012 الأميركيون يرفضون
التكلم عن السلاح الكيميائي الذي
بحوزة ايران النووية. ولكن حول سوريا،
لم يترددوا، وتكلموا بطلاقة عن
الكيميائي السوري، بل أعلنوا ان
استخدامه هو من "الخطوط الحمراء"
التي لا يتوجب على الأسد تجاوزها.
بقساوة لم نعهدها، حذر اوباما من ان
"اللجوء الى السلاح الكيميائي أمر
غير مقبول على الإطلاق". وأضاف: "إذا
ارتكبتم الخطأ المأساوي واستخدمتم هذا
السلاح الكيميائي، فان ذلك سوف يكون له
مضاعفات خطيرة، تتحملون أنتم تبعاتها".
تلك هي الكلمات التي أرسلها باراك
اوباما الى الأسد منذ أيام. الأميركيون عبّروا
عن قلقهم بعد ورود أنباء تتكلم عن قيام
قوات الأسد بتجميع المواد الكيميائية
تمهيدا لاستخدامها عسكرياً. والأرجح
ان غاز "السارين" هو على رأس
المواد السامة التي تحوَّل لهذا الغرض.
و"السارين" هو أقوى السموم التي
اخترعها الانسان. وهي مادة لا لون لها
ولا رائحة. الباحثون الألمان هم الذين
اخترعوه، عام 1939، في سياق اشتغالهم على
مبيدات للحشرات. وفي العام 1995 استخدمته
طائفة "أووم" اليابانية اثناء
عملية ارهابية قامت بها في مترو أنفاق
العاصمة طوكيو. غاز "السارين"
يشلّ الجهاز العصبي ويؤدي الى الموت
الناجم عن توقف القلب والتنفس في آن
معا. واذا استخدم بجرع قليلة يتسلل الى
القصبة الهوائية او بمجرد اللّمس. وبحسب المدونة
المتخصصة للكاتب دنجر روم، فإن
السوريين "بلغوا مستوى من التركيب
لا ينقصه سوى تحميله على ظهر طائرة
والقاء حمولته جواً". ولكن الكمية
التي معهم قليلة. من هنا قلق البيت
البيض، من أن النظام الذي، كلما ضاق
الخناق عليه، فكر باستخدام هذا السلاح
ضد شعبه. انه سيناريو كارثي، لم تلتفت
اليه دمشق كثيرا. فبحسب وكالة الانباء
الرسمية سانا، أعلنت وزراة الخارجية
السورية بأنها "لن تستخدم هكذا سلاح
ضد شعبها، إن كانت تملكه". اما الاسرائيلي ايلي
كارمون، المتخصص باستراتيجية محاربة
الارهاب، فيقول بهذا الصدد ان سوريا لن
تستخدم هذا السلاح. واذا قامت، برأيه،
فسوف يكون ذلك مثل الضوء الأخضر للتدخل
الاجنبي. كيف نفسّر إذن التحركات
المشيرة الى هذه النوايا؟ يجيب ايلي
كارمون بأن هذه التحركات لا تعبّر إلا
عن "صراع من أجل البقاء" من جانب
النظام السوري. ويتابع: "انهم يسحبون
من مخزون السلاح الكيماوي لينقلوه الى
الجيب العلوي غرب البلاد، ليحموا
أنفسهم من مجزرة محتملة". أما مورو ديفارغ فله
رأي آخر: يقول ان كل الموضوع هو "خدعة
قام بها الأسد". اذ ان غاز كهذا معقد
وخطر. قد يكون مستخدمه أول ضحاياه،
وذلك بحسب اتجاه الريح. ولكن، يختم "إذا
بلغ الأمر بالأسد حدّ الشعور بالنهاية
الحتمية، فسوف تكون ضربة يوجهها الى
نفسه، سوف يوقع بذلك على قرار نهايته،
ولن يجد مكانا في الخارج يلجأ اليه". بما أن سوريا ليست
عضوا في منظمة منع استخدام الاسلحة
الكيميائية، فاننا لا نملك أية
معلومات رسمية عن مخزونها. على كل حال
فان الحماسة المفاجئة ضد احتمال
استخدام "سلاح الدمار الشامل"،
تذكرنا بحماسة مماثلة عام 2003 في العراق.
والحال، انه بعد سقوط صدام لم يجد أحد
اثرا لهذا السلاح. مركز الدرسات حول
الحد من الأسلحة يقول في تقرير له ان
سوريا تملك على الأقل أربعة او خمسة
مصانع سلاح كيميائي، تقع في دمشق وحلب
وحماه. والمخزون الذي راكمه النظام من
هذا السلاح يتضمن أيضا سموماً تقليدية
مثل الخردل والسارين والفي إكس، وجميع
هذه السموم تؤدي الى الموت (...). [ أرمين آريفي- مجلة
"لوبوان" الفرنسية (4 كانون الأول
2012) ================= أكراد
سوريا وأقرانهم العراقيون؟ فايز سارة الشرق الاوسط 9-12-2012 يلعب النموذج
العراقي دورا مؤثرا في رسم الملامح
المستقبلية عند بعض الأكراد السوريين
وخاصة لجهة سعيهم إلى قيام كيان
فيدرالي في سوريا على غرار ما هو قائم
في العراق، يكون فيه مكان وسياسة يخصان
الأكراد، وقد تبدى هذا التوجه واضحا في
المطالب التي رفعتها الحركة الكردية
السورية خلال العام الماضي، وحاولت
تعبئة الأكراد خلفها، ووضعتها في سياق
الشروط، التي تحكم علاقاتها مع قوى
المعارضة السورية في إطار رسم ملامح
مستقبل البلاد. وعلى الرغم من أن من
حق الأكراد وغيرهم من السوريين
التعبير عن رؤيتهم للمستقبل ولشكل
حضورهم ودورهم فيه، فإن من الحق أيضا
بناء تلك الرؤية على أسس موضوعية
وذاتية، تكفي لتحقيق تلك الرؤية،
وجعلها ممكنة من الناحية الواقعية
بأقل قدر من الخسائر والتضحيات
والجهود حتى، الأمر الذي يفرض التوقف
عند بعض المعطيات المحيطة بواقع
الأكراد السوريين وأقرانهم العراقيين
في مفاصل وتفاصيل تتعلق بموضوع
الفيدرالية وإمكانياتها. تعيش الكتلة
الرئيسية من أكراد العراق في منطقة
شمال العراق، والتي باتت تؤلف اليوم
إقليم كردستان العراق، وهي منطقة
متصلة جغرافياً، يعيش فيها نحو خُمس
العراقيين، وقد ترسخ فيها الوجود
الكردي طويلا وثمة مدن إقليمية ذات
أكثرية كردية منذ زمن طويل مثل أربيل
والسليمانية، فيما وضع أكراد سوريا
يكاد يكون مختلفا في كثير من المعطيات
السابقة، إذ لا يشكل الأكراد أكثر من
عشرة في المائة من السوريين، وهم أكثر
انتشارا في الأنحاء السورية من انتشار
أشقائهم في العراق، على الرغم من وجود
كثافات لهم في مناطق معينة، لكنها لا
تشكل منطقة امتداد جغرافي واحد. وإذا
كانت القامشلي هي المدينة الإقليمية
عند أكراد سوريا، فهي مدينة مختلطة كما
هو معروف وأكثريتها الكردية غير
حاسمة، إضافة إلى أن القامشلي التي
نشأت في ثلاثينات القرن العشرين ليست
بالإرث الكردي كمدن في شمال العراق،
وإنما هي أقرب إلى كركوك، التي يجري
عليها صراع عربي كردي تركماني. والنقطة الثانية،
تتضمن أن الحركة الكردية في العراق،
تمثل المرجعية الأهم للأكراد على
مستوى المنطقة، وهي متمركزة في ثلاثة
تنظيمات كبرى، أولها حزب رئيس كردستان
العراق مسعود برزاني الحزب
الديمقراطي، وحزب رئيس جمهورية العراق
جلال طالباني الاتحاد الديمقراطي،
والحركة الإسلامية، تضاف إليها قلة من
تنظيمات صغيرة لا تتجاوز أصابع اليد
الواحدة، بينما الوضع مختلف لدى
الحركة الكردية في سوريا، إذ هي تضم
أكثر من خمسة عشر حزبا وجماعة أغلبها
محدود الأعضاء، متوافقة شكليا ومختلفة
واقعيا على الرغم من كل المطالبات من
أجل وحدة تلك الجماعات التي صدرت عن
أوساط كردية وعربية سورية في سنوات
العقد الماضي. وإن كان ثمة جماعة كردية
قوية وفاعلة في سوريا، فهي حزب الاتحاد
الديمقراطي المرتبط فكريا وسياسيا
وتنظيميا بحزب العمال الكردستاني (P.K.K)،
وهي جماعة مغايرة للتوجهات الكردية
السائدة في كردستان العراق وفي أوساط
الأحزاب الكردية السورية، بل إن الأمر
الأهم في واقع أكراد سوريا الراهن، أن
حزب الاتحاد الديمقراطي هو الوحيد
الذي يملك ميليشيات مسلحة، وقد جرى
استخدام هذه القوة في الفترة الماضية
ضد قيادات كردية ومواطنين أكراد
وغيرهم من السوريين، ولم تغير اتفاقية
هوليير 2012 بين الاتحاد والمجلس الوطني
الكردي الطابع الاختلافي بين الطرفين
من جوانب مختلفة. والنقطة الثالثة،
تمثلها سياسة كردية عراقية، تقوم على
معطيات واقعية، ليس في كردستان فقط، بل
في العراق عامة، وهذا أمر ليس وليد
سنوات الكيان الكردي الراهن هناك، أي
سنوات ما بعد سقوط نظام صدام حسين، بل
قبل ذلك بكثير، وهي سياسة تجد لها صدى
واقعيا وعمليا في أنحاء العراق
الأخرى، ولها دعم ومساندة من جماعات
وقوى سياسية عراقية موجودة في عموم
العراق ولدى كل مكوناته، فيما السياسة
الكردية في سوريا حديثة بمعناها
الشامل والواسع سواء في منطقة
الانتشار الكردي أو في عموم سوريا، وهي
سياسة في غالبها لا تقوم على معطيات
واقعية بل افتراضية، أي على ما ينبغي
أن يكون، إضافة إلى أن الجماعات
والأحزاب الكردية، تعاني من شكوك وحذر
في علاقاتها مع كل الأحزاب والجماعات
الأخرى في سوريا بما في ذلك قوى تدعم
بصورة غير محدودة مطالب الأكراد
السوريين وحقوقهم، وهي قوى قالت منذ
نحو عشر سنوات، إن قضية الأكراد، لا
تخص الأكراد وحدهم، بل هي قضية وطنية
سورية بامتياز، وحلها هو واجب
السوريين جميعا. إن طموح أكراد سوريا
إلى تجسيد ما تم لأكراد العراق، يتطلب
التدقيق فيما عليه الوضعان من
اختلافات، قد تضع الوضعين في سياقين
مختلفين. وبالتأكيد فإن الاعتماد على
وجود حالة معينة في العراق أو في أي
مكان آخر، لا يعني أن بالإمكان تجسيدها
واقعيا لا في سوريا، ولا في أي مكان آخر
من العالم. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 9-12-2012 ليس المقصود
بالطائفية هنا تلك التي رعتها ونمتها
السلطة السورية خلال نيف ونصف قرن،
وجعلت لها وظيفة محددة، مزدوجة
الطابع، هي: - أن تكون حاملها ما
قبل المجتمعي، المحدث أمنيا والموضوع
في خدمتها بغض النظر عن أية ظروف أو
شروط. - أن تلعب دورا
تمزيقيا بالنسبة إلى القاع المجتمعي،
وتحول بالقوة إن لزم الأمر دون وحدة
السوريات والسوريين ضد السلطة أو في
مواجهتها. هاتان الوظيفتان
بينت الأزمة السورية الراهنة كم نجحت
السلطة في تحقيقهما، وكم ألزمت
المواطنات والمواطنين بهما. وعلى عكس
ما كان متوقعا أو شائعا، فقد ظهر واضحا
فشل السلطة في ما كانت تعد نفسها به من
تحويل الصراع المجتمعي ضدها إلى صراع؛
فاقتتال طائفي بين المواطنين، يجعل
منها حكما في عراك كانت طرفا فيه. ما أعنيه بالطائفية
في هذه المقالة هي تلك النزعة الموجودة
لدى أطراف وازنة في المعارضة نحو تطوير
طائفية بديلة أو نقيضة لطائفية السلطة
الرسمية، وهي نزعة ظلت خارج النقاش
السياسي أو الوطني العام، رغم أنها
خطيرة إلى درجة أنها يمكن أن تفضي إلى
إنجاح خطط النظام في إثارة حرب أهلية
وطائفية عامة، لكونها تمثل الوجه
المقابل لطائفيته وتملي على أتباعها
سلوكا مشابها لسلوك السلطة، إن توطدت
وسادت حلت كارثة لا حدود لها بسوريا،
قد تؤدي إلى إنهاء وجودها بوصفها دولة
ومجتمعا موحدين. مثلما تنفي السلطة عن
نفسها الصفة الطائفية، وترى فيها تهمة
تعاكس في مضمونها ومحتواها بنية
النظام «العلماني» القائم، تنفي
المعارضة عن نفسها هذه الصفة وترى فيها
تهمة ظالمة لا مبرر لها، بحجة أن القوى
الديمقراطية تكون غير طائفية بحكم
بنيتها ووظيفتها، ومثلها القوى
الإسلامية التي تؤمن بوحدة المؤمنين.
لا يعني ما سبق أن القوى الديمقراطية
والإسلامية تتقصد أن تكون طائفية، على
غرار ما فعلته السلطة، بل هو يعني أحد
أمرين: - إما أنها لا تثق
بالطائفة التي تعتقد أن النظام يعتمد
عليها، ولا تحبذ وجود المنتسبين إليها
بين أعضائها، خشية أن يخترقها النظام
بواسطتهم. ومع أن جميع أحزاب المعارضة
السورية تنفي عن نفسها تهمة الطائفية،
فإن الممارسة التي تقصي أبناء طوائف
بعينها عن صفوفها تعتبر شائعة بينها،
وتأخذ غالبا شكل أحكام مسبقة لدى
أعضائها، أو «توجيهات داخلية» مسكوت
عنها تحذر من التراخي التنظيمي
وازدواجية الولاء في حال قبول أفراد
مما يسمونها «طوائف النظام» بين
صفوفها. يعزز أصحاب هذه التوجيهات
مواقفهم بالحديث الصحيح عن الحضور
الأمني الكثيف بين المنتسبين إلى بعض
الطوائف المحسوبة على النظام. - أو أنها قررت إقصاء
من تسميهم «الطائفيين» عن صفوفها، كي
لا يسمموا أجواءها الخاصة بصفتها
معارضة، أو يشوهوا صورتها لدى الرأي
العام المعادي للنظام، الذي يتبنى قسم
غير قليل منه مواقف طائفية ضد هؤلاء.
إلى هذا، هناك في المعارضة جماعة
سياسية طائفية حقا، لا تقبل انتساب
أعضاء من جميع الفئات السورية إليها،
وتقصر عضويتها على أبناء مذهب بعينه،
فالطائفية هنا عضوية ولصيقة بالتنظيم،
تبرر مرة بكون أتباع المذهب المعني هم
أغلبية وهذه لا تكون في العادة طائفية،
ومرة أخرى بأن هؤلاء يروجون أفكارا
عامة ويعملون في سبيل مقاصد سياسية
واجتماعية تخص جميع المواطنين، فلا
يعقل أن يكونوا طائفيين أو أن تنطبق
عليهم تهمة الطائفية. ومع أن طائفية
المعارضة ليست في شدة ووضوح طائفية
النظام، فإنها موجودة بالطريقة
المسكوت عنها التي سبق ذكر بعض أوجهها،
وتلك التي أملتها السلطة على
السوريين، وتحول بينهم وبين التطرق
إلى موضوع الطائفية وتجعله محرما لا
يجوز الاقتراب منه، لأن ثمن ذلك مرتفع
سياسيا وباهظ أمنيا، بما أن النظام
ينقض دون إبطاء أو تسامح على أي مواطن
يلفت الأنظار إلى الظاهرة أو يبرز
خطورتها، ويفتك به بحجة تقويض الوحدة
الوطنية، واختلاق مواضيع زائفة تضر
بطابع السلطة العلماني وتضعف البلاد
والعباد، وتخدم بالتالي الأجانب.
ولعله من بلايا الطائفية السورية أنها
لم تكن في أي يوم موضوع حوار مفتوح أو
تأمل صريح أو معالجة جدية داخل سوريا،
وأن السلطة ومعارضيها يتعاملون معها
وكأنها غير موجودة، مع أنها أساس رئيسي
في بناء الأولى وتحدث تأثيرا سلبيا جدا
بالنسبة لقدرة الثانية على بناء نفسها
كمعارضة ديمقراطية حقا، أو كمعارضة
فاعلة ومؤثرة وواعدة. ورغم إحساس
المعارضة بأهمية المسألة، فإنها لم
تطرحها وتناقشها بصورة معلنة في أي
يوم، ولم تجعل منها نقطة مركزية أو
دائمة على جدول أعمال التنوير الفكري
والمعرفي، الذي لطالما قالت إنها تريد
إيصال مفرداته ومضامينه إلى المجتم.
هكذا، حدث أن النظام واصل الاعتماد على
الظاهرة الطائفية باعتبارها عاملا
مفتاحيا في استقراره الداخلي، بينما
أحجمت المعارضة عن التطرق إليها أو
التصدي لها، رغم تفاقمها في الواقع،
وتقدمها في كل مكان ومرفق، داخل أجهزة
الدولة العسكرية والأمنية، وفي
بيروقراطيتها، وبالنسبة لقدرتها على
تهميش المعارضة وجعلها برانية. تجاهلت
المعارضة في برامجها وأنشطتها مشكلة
شقت العباد وهددت البلاد، تتصل أوثق
اتصال بحياة السوريين الوطنية
والشخصية، مع أنها لم توجد لها مكانا
بوصفها مشكلة سياسية بالغة الخطورة
والحساسية في سلم أولوياتها أو ضمن
المعالجات التي تقترحها لأمراض الدولة
والمجتمع، ولم تجد في نفسها الجرأة على
التصدي لها والحد من تأثيرها الفعلي،
لأسباب بينها بنية عضويتها ذات الطابع
الذي يرجح غلبة طائفية لصالح مكون معين
من المكونات الوطنية، مع كل ما ترتب
على ذلك من تشوهات طالت مجمل الحياة
الوطنية. تعاملت المعارضة مع
مشكلة الطائفية وكأنها غير موجودة،
رغم اقتناعها الصحيح بأنها تحتجز
الحياة السياسية وتمنح النظام أرجحية
تجعله الطرف الوحيد المؤثر حقا داخل
الواقع السوري، الذي يخترقه ويضعفها
دون أن تتجرأ حتى على الدفاع عن نفسها،
خشية أن يتهمها النظام الذي رعى الفرقة
الداخلية على أسس مذهبية وفئوية
بالطائفية وتقويض الوحدة الوطنية
وخيانة العلمانية. في الزمن الجديد،
الذي نتجه إليه بفضل تضحيات شعبنا،
سيكون من الجنون تجاهل مكان ودور
الطائفية في حياتنا العامة، ومن
الخيانة حقا الامتناع عن معالجة
وتصحيح آثارها الكارثية على وجودنا
الوطني، والإحجام عن إرساء أسس تحول
دون استغلالها من جديد لتقويض المصالح
العليا للدولة والمجتمع، بعد أن بات
جليا أن تجاهل المشكلة لا يلغيها، بل
يفضي إلى تفاقمها بطريقة تحول أكثر
فأكثر دون السيطرة عليها، رغم أنها
تفتك بالأمن المجتمعي وتبطل كل ما يقوم
عليه الشأن العام من قيم وأسس جامعة،
وتفسد نفوس الأفراد والتنظيمات
السياسية والواقع الإنساني في آن معا! ================= موسكو
تدرس بعض الخيارات وتريد ضمانات
للحفاظ على قاعدتها البحرية في
سوريا الدعم الروسي...
خط الدفاع الأخير لدى الأسد تاريخ النشر:
السبت 08 ديسمبر 2012 آن جيرن دبلن الاتحاد عقد رئيس
الدبلوماسية الروسية يوم الخميس
الماضي مباحثات سريعة على انفراد مع
وزيرة الخارجية لأميركية كلينتون
ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا حول
الحرب الأهلية التي بدأت قبل 20 شهراً
في هذا البلد الذي يعتبر أقرب حليف
لروسيا في الشرق الأوسط. الاجتماع يمثل
مؤشراً على أن روسيا ربما تكون قد بدأت
تعيد النظر في دعمها للرئيس السوري
بشار الأسد، وذلك كرد عملي على تضعضع
موقفه العسكري. ويذكر هنا أن روسيا،
حتى الآن، ترفض دعوات الولايات
المتحدة وبلدان أخرى التخلي عن الأسد
ويبدو أنها تعتقد بقدرته على هزيمة
الثوار والحفاظ على حكومته. وتعتبر روسيا
المدافع الدولي الرئيسي عن نظام
الأسد، الذي يعد شريكاً عسكرياً
وتجارياً، والعائقَ الرئيسي أمام تحرك
أممي أكثر قوة وحزماً للضغط عليه من
أجل إنهاء الحرب والتنحي جانباً. ولم
تتمخض محادثات الخميس الثلاثية عن أي
قرارات، ولكن مسؤولاً من وزارة
الخارجية الأميركية قال إن المحادثات
كانت بناءة. ومن جانبه، قال
الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الأممي
والعربي إلى سوريا، إن المجموعة تبحث
عن حل «خلاق» للأزمة السورية. الاجتماع أتى وسط
تخوفات جديدة من أن الأسد -اليائس- قد
يلجأ إلى استعمال أسلحة كيماوية ضد
الثوار أو المدنيين. غير أن كلينتون
رفضت التعليق مباشرة على التقارير
التي تفيد بأن جيش الأسد يقوم بإعداد
غاز السارين القاتل لنقله بواسطة
صواريخ. واكتفت كلينتون بالقول قبل
الاجتماع: «إن الأحداث الميدانية في
سوريا متسارعة، ونحن نرى ذلك بطرق
مختلفة كثيرة»، مضيفة: «إن الضغط على
النظام في دمشق وحولها يبدو أنه آخذ في
الازدياد، وقد أوضحنا موقفنا بشأن
الأسلحة الكيماوية». ويذكر هنا أن الرئيس
أوباما كان قد حذر الحكومة السورية من
أن استعمال مثل هذه الأسلحة سيمثل
تجاوزاً لـ«خط أحمر» وسيؤدي إلى تدخل
الولايات المتحدة. وزير الدفاع
الأميركي ليون بانيتا سئل أيضاً حول ما
إن كان التهديد يبدو وشيكاً. ولم يكشف
بانيتا عن المعلومات الاستخباراتية
الجديدة التي لديه حول نوايا الأسد،
ولكنه أوضح في مؤتمر صحفي في واشنطن
أنها تكفي لإثارة تخوفات الولايات
المتحدة، إذ قال: «لا شك أننا نشعر بقلق
كبير لأنه بينما تتقدم المعارضة،
ولاسيما في دمشق، فإنه من المرجح جداً
أن يقوم النظام ببحث إمكانية استعمال
أسلحة كيماوية»، مضيفاً: «إن
المعلومات الاستخباراتية التي لدينا
تثير تخوفات حقيقية من أنه يجري بحث
هذه الإمكانية». وكان مسؤوولون
أميركيون آخرون قالوا هذا الأسبوع إن
وكالات الاستخبارات رصدت قيام حكومة
الأسد بإعداد مخازن أسلحتها الكيماوية
من أجل استعمال ممكن. ويوم الأربعاء، وصفت
كلينتون سقوط الأسد بـأنه «لا مفر منه»،
غير أن المسؤولين الروس لطالما رأوا
أنه قادر على هزم الثوار. وقالت
كلينتون في مؤتمر صحفي قبل الاجتماع: «إننا
نسعى جاهدين إلى العمل مع روسيا من أجل
وقف إراقة الدماء في سوريا وبدء عملية
انتقال سياسي نحو مستقبل سوري لمرحلة
ما بعد الأسد». الاجتماع بين
كلينتون ووزير الخارجية الروسي سيرجي
لافروف والإبراهيمي، جاء تلبية لدعوة
من المبعوث الأممي؛ حيث يرى هذا الأخير
أن حلاً دائماً للأزمة السورية يتطلب
اتفاقاً بين الولايات المتحدة وروسيا،
وذلك على اعتبار أن الولايات المتحدة
هي أكبر لاعب في تقرير أي رد أو تدخل
دولي في سوريا، بينما تعتبر روسيا
الراعي الرئيسي لسوريا. وبعد الاجتماع الذي
دام 40 دقيقة، أوضح الإبراهيمي أنه لم
يتم اتخاذ أي قرارات هامة، لكن الأطراف
الثلاثة وافقت على العمل معاً إذ قال: «لقد
اتفقنا على أن الوضع سيء، واتفقنا على
ضرورة الاستمرار في العمل معاً لنرى
كيف يمكن أن نجد طرقاً خلاقة من أجل
السيطرة على هذه المشكلة». ومن جانبه، قال مسؤول
وزارة الخارجية الأميركية، الذي طلب
عدم الكشف عن هويته، في بيان مكتوب، إن
الاجتماع ركز على «كيفية دعم عملية
انتقال سياسي بطريقة عملية»، وإن
المسؤولين الأميركيين والروس سيلتقون
من جديد مع الإبراهيمي في غضون بضعة
أيام «من أجل مناقشة تفاصيل الدفع بهذا
العمل إلى الأمام». ويذكر أن المباحثات
الأميركية الروسية تمت على هامش
اجتماع غير ذي صلة بالأزمة السورية،
وهو اجتماع منظمة الأمن والتعاون في
أوروبا المراقِبة للانتخابات. وقد أتت
قبل اجتماع لمجموعة أصدقاء سوريا
المدعومة من الغرب في المغرب الأسبوع
المقبل، والذي من المتوقع أن تعترف فيه
الولايات المتحدة بمعارضة سياسية
سورية أعادت تنظيم صفوفها باعتبارها
الخليف الشرعي لنظام الأسد. ومن المستبعد جداً أن
تدعم روسيا أي عمل عسكري ضد الحكومة
السورية؛ في حين يقول المسؤولون
الأميركيون إن العمل العسكري ليس هو
هدفهم. كما أنه لم يكن من الواضح أيضاً
ما إن كانت روسيا تنوي سحب دعمها
للأسد، لكن استعداد لافروف للمشاركة
في المؤتمر تشير إلى أن الكريملن يدرس
كل خياراته. ويذكر أن الإبراهيمي
تسلم دور المبعوث من كوفي عنان الذي
كان مخططه لوقف إطلاق النار ومحادثات
سلام قد انهار في وقت سابق من هذا العام. ويدعو الإبراهيمي
إلى قرار لمجلس الأمن الدولي يقوم على
اتفاق توصلت إليه القوى العالمية في
مدينة جنيف السويسرية في يونيو الماضي
من أجل تشكيل حكومة سورية انتقالية في
محاولة لإنهاء النزاع. ولم توضح تلك
الوثيقة أي دور -إن وجد- قد يلعبه الأسد
في مثل هذه الإدارة الانتقالية. ويقول المسؤولون
الأميركيون إن من شأن تفويض أقوى من
الأمم المتحدة أن يضع مزيداً من الضغط
على الأسد من أجل التنحي وإن الموافقة
الروسية على مثل هذا الجهد ستترك
الرئيس السوري بدون دعم دولي مهم،
مشيرين إلى أن أي سحب للدعم الروسي
للأسد يمكن أن يساعد على إقناعه بأنه
لم يعد بإمكانه التمسك بالسلطة. غير أن التدخل الروسي
محتمل فقط إذا خلص الرئيس فلاديمير
بوتين إلى أن الحكومة السورية ستهزم؛
كما أن بوتين يريد ضمانات على أن روسيا
ستحافظ على قاعدتها البحرية وعلاقاتها
التجارية التفضيلية حتى في سوريا ما
بعد الأسد. ويقول بعض الخبراء في
هذا الصدد إن إحدى الطرق للحفاظ على
ذلك النفوذ يمكن أن تتمثل في انضمام
موسكو إلى الجهود الدولية من أجل الدفع
في اتجاه رحيل الأسد. وقال نائب وزير
الخارجية السوري يوم الخميس إن القوى
الغربية تعمل على تأجيج المخاوف بشأن
استعمال أسلحة كيماوية في الحرب
الأهلية السورية كـ«ذريعة للتدخل».
وفي هذه الأثناء، يقول مسؤولو إدارة
أوباما إنهم مازالوا يشجعون المقربين
من الأسد على الانشقاق. ينشر بترتيب خاص مع
خدمة «واشنطن بوست
وبلومبيرج نيوز سيرفس» =========================== "ائتلاف
الدوحة" خطوة على طريق الألف ميل محمود عبد
الرحيم: دار الخليج الأحد ,09/12/2012 ربما يكون الاجتماع
الأول ل”الائتلاف الوطني السوري”
المعارض في القاهرة الذي انعقد نهاية
الأسبوع الماضي ولعدة أيام متواصلة،
بعد قرابة شهر من تدشينه في الدوحة، قد
استهدف إرسال أكثر من رسالة، وتحقيق
أكثر من هدف ذي بعد سياسي وإعلامي،
يتقدمها أنه شرع في بداية تفعيل دوره،
ومحاولة البرهنة للرأي العام العالمي
أنه يستحق الدعم السياسي والعسكري،
فضلاً عن أنه يرسل برسالة للداخل أنه
قادر على ملء الفراغ حال سقوط نظام
الأسد، وتبديد المخاوف من شبح الفوضى
والتقسيم، في الوقت الذي تتصاعد فيه
العمليات القتالية من جانب المعارضة
المسلحة الراغبة في إظهار أن النظام
وقواته ليسوا مسيطرين تماما على
الأرض، وأنه بالإمكان السيطرة على
نقاط استراتيجية أو احتلال مصافي نفط،
أو بعض قواعد عسكرية أو حتى الزحف نحو
العاصمة دمشق، وإدارة معركة شرسة قرب
مطار دمشق، على النحو الذي يعيد
للأذهان معركة مطار بغداد التي كانت
بداية النهاية لنظام صدام حسين . يبدو تسارع التحركات
السياسية والعسكرية للمعارضة
السورية، ومحاولة إحداث اختراقات تكسر
جمود الموقف، في ظل تردد قوى إقليمية
ودولية عديدة في التعاطي مع “ائتلاف
الدوحة” كبديل جاهز قادر على الحلول
محل نظام الأسد؛ محاولة أخرى لإثبات
الذات ولفت أنظار دول العالم، سعياً
وراء الحصول على اعتراف دولي سريع بهذه
القوى المعارضة، وفي المقابل نزع
الشرعية عن النظام الحاكم في دمشق، على
النحو الذي يقوض وجوده سياسياً، وفي
الوقت ذاته يسمح بدعم عسكري واسع يصب
في خانة توجيه ضربات قاصمة للقوات
النظامية، وتحييد مواقف الدول المؤيدة
لحكومة الأسد أو تقليل نفوذها في مسار
الأحداث أو دفعها لتغيير مواقفها
حماية لمصالحها . غير أن الوضع أكثر
تعقيداً من هذه الزاوية التي تطل منها
قوى المعارضة المنضوية تحت “ائتلاف
الدوحة”، وافتراض أنه بالإمكان حسم
الصراع خلال أيام أو أسابيع، وأن
النظام سينهار بسهولة، فهذه النظرة
الضيقة تعد ضرباً من الوهم، ولا تعدو
أكثر من كونها دعاية سياسية، فثمة
عقبات حقيقية على صعيد الاعتراف
الدولي بالائتلاف المعارض الجديد،
وإشكاليات في تشكيل الحكومة
الانتقالية الجديدة، وفي مدى القبول
الداخلي بها، قبل القبول الخارجي، وفي
أجندة أولويات الحركة السياسية، وفي
مدى الانسجام بين معارضة الداخل
والخارج، أو بين القوى والشخصيات داخل
الائتلاف الواحد، وتضارب الرؤى
والمصالح وحتى لغة الخطاب . ولعل إرجاء الإعلان
عن تشكيل الحكومة الانتقالية السورية
الذي كان الهدف الرئيس لاجتماع
الائتلاف السوري المعارض بالقاهرة،
والاكتفاء بتشكيل هيئة عسكرية ومكتب
سياسي، مؤشر قوى على وجود عثرات في
طريق خروج هذه الحكومة للنور، ورغم نفي
قيادات الائتلاف بمن فيهم رئيسه معاذ
الخطيب وجود خلافات أو عقبات في وجه
تشكيل الحكومة، إلا أن التصريحات التي
انطلقت من بعض قوى المعارضة السورية
بالداخل والخارج، وغياب بعض الشخصيات
البارزة عن اجتماع القاهرة كميشيل
كيلو، والتحفظات التي تطلقها الكتل
الكردية التي تريد إقرار الفيدرالية
والتمتع بوضعية خاصة على غرار أكراد
العراق وجيش خاص ك”بشمركة” كردستان
العراق، ورغبة الإخوان المسلمين في
الحصول على الحصة الأكبر في الحكومة
الانتقالية التي تقدر ب40%، وصراع
الهوية الدينية والعلمانية للنظام
الجديد . كلها نقاط خلافية، لم
تحسم بعد، والأخطر منها هو عدم حسم
الموقف من أركان نظام الأسد وأعضاء حزب
البعث المتغولين في كل مفاصل الدولة،
ولا حتى موقف واضح عن مصير التعاطي مع
المنشقين، فبينما تم الدفع باسم رئيس
الوزراء السوري المنشق رياض حجاب
كأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة
الانتقالية، الذي يحظى بدعم دول عربية
في مقدمتها الأردن وبعض دول الخليج،
إلا أن أصواتاً من داخل الائتلاف تتحفظ
على إشراك أي بعثي سابق، أو من عمل في
نظام الأسد، وتشترط فيمن يشترك في
الحكومة أن يكون قد شارك في أعمال
الانتفاضة ضد نظام الأسد منذ وقت مبكر،
وأن يكون مقبولاً من الداخل وتلك
إشكالية كبرى، حيث إن الهوة كبيرة بين
معارضي الداخل والخارج، وثمة تنافس
وتشكك واضح بينهما لا يمكن إنكاره . وفي الوقت الذي، تم
الاتفاق أن يكون أعضاء الائتلاف
السوري خارج الحكومة، فلم يحسم هل
ستكون كلها من الداخل أو الخارج أو
المزواجة بينهما، وما هي حصة معارضة
الداخل والخارج، وهل ستكون من
التكنوقراط أم من شخصيات سياسية تمثل
مكونات الطيف السياسي والعرقي السوري؟
وما مدى مساحة التلاقي والتباعد بين
الائتلاف السوري بجناحيه العسكري
والسياسي وبين الحكومة الانتقالية،
وأيهما سيكون صاحب القرار وله الغلبة؟ ولا شك أن مثل هذه
الإشكاليات التي لم يتم حسمها بالكامل
تجعل عديد من الدول، في مقدمتهم
الولايات المتحدة الأمريكية متحفظة
حتى اللحظة في الاعتراف بالائتلاف
السوري، إلى جانب مصر أكبر دولة عربية،
التي تستضيف المقر الدائم للائتلاف
السوري المعارض حاليا، وكذلك دول
المغرب العربي ولبنان والعراق
والأردن، وغيرهم، فضلا عن عدم تبلور
رؤية حتى الآن للوضع الأمني ما بعد
سقوط الأسد، وهل ثمة صيغة لاحتواء
أجهزة الأمن والجيش السوري النظامي،
أم أن التوجه نحو تفكيكهما؟ على النحو
الذي كانت نتيجته كارثية في العراق،
خاصة مع وجود عناصر إرهابية تسللت إلى
الداخل السوري، واستعداد الأكراد وقوى
عشائرية بالتسلح لفرض أمر واقع حال
سقوط النظام والاستقلال بمناطق
نفوذهم، والاشتباك حاليا مع أي قوى
مسلحة تقتحم مناطقهم، الأمر الذي ينذر
بسيناريو فوضى وتقسيم وصراعات دموية
قد تنتقل إلى دول الجوار، وتهدد الأمن
الإقليمي، بما في ذلك أمن تركيا
وإسرائيل، فضلا عن الأردن والعراق
ولبنان، التي بالفعل أصابها شرارات
المواجهات الداخلية السورية، والتي
تتكرر باستمرار، آخرها اشتباك
المعارضة السورية المسلحة قبل أيام مع
القوات اللبنانية، رغم قرار الحكومة
اللبنانية النأي بنفسها عن الصراع
داخل سوريا، وعدم الرغبة في التورط فيه
. وحتى الآن، لم يحسم
الائتلاف الأولوية . . هل ستكون الحصول
على الدعم الدولي الواسع والاعتراف
كما يعلن قبل تشكيل الحكومة، أم أن
نقطة البدء هي تشكيل الحكومة ثم السعي
للاعتراف، إذ تنتظر دول عديدة حتى ترى
تشكيلاً سياسياً منسجماً، ويمكن أن
يبسط نفوذه على الأرض، ويقدم البديل
لحكومة الأسد للاعتراف به وليس العكس،
إضافة إلى استمرار القلق الغربي من
نفوذ الإسلاميين الواسع داخل كتلة
المعارضة النشطة، وبشكل خاص الأخوان
المسلمون، خاصة أن ثمة ميولاً
استحواذية لديهم قد تؤثر في وحدة موقف
المعارضة، وإثارة مخاوف لدى الكتل
العلمانية والمسيحية، وبقية القوى غير
السنية من العرب والأكراد التي تتخوف
على هوية الدولة السورية المدنية
مثلما حدث في عديد من دول “الربيع
العربي” . إلى ذلك، لم يتضح ما
إذا كانت هذه الحكومة الانتقالية
ستقبل بالطرح الروسي والصيني الذي لا
يبتعد كثيراً عن خطة الإبراهيمي، في أن
تتشكل حكومة انتقالية حتى انتخابات
الرئاسة المقبلة، وترك الشعب يقرر
مصيره بنفسه، ويختار بين بقاء الأسد أو
رحيله عبر صندوق الاقتراع، أم أن هذه
حكومة مؤقتة سيعاد تشكيلها حال سقوط
النظام؟ وهل يكون الاستعانة برموز
بعثية منشقة حلاً وسطاً لتشكيل حكومة
من المعارضة والنظام، مع العمل على وقف
نزيف الدم، أم أن التوجه هو إقصاء تام
للبعثيين وأركان نظام الأسد حتى
المنشقين عن العملية السياسية، وإسقاط
النظام بالقوة المسلحة وعدم توقف
الآلة العسكرية حتى النهاية؟ وما ينطوي عليه هذا
السيناريو من مخاطر جمة، وخلق ثارات
وجبهات مقاومة مسلحة من المهمشين
تعرقل أي تقدم في مسار التحول
الديمقراطي مستقبلاً، كما حدث في
العراق، خاصة أن بعض الأصوات داخل
الائتلاف السوري المعارض ترفض طرح نشر
قوات أممية في سوريا للإسهام في هدنة
أو فصل بين القوات إلا بعد رحيل بشار
الأسد، ما يعني أن شلالات الدم ستظل
تسيل، ولا مجال لتسوية سياسية من أي
نوع، وإنما حسم المعركة لمصلحة طرف
واحد . ربما لو استطاع
الائتلاف السوري المعارض حسم هذه
الإشكاليات المعقدة قبل اجتماع أصدقاء
سوريا في مراكش المغربية قبل منتصف
الشهر الجاري، سيكون قد خطى خطوات
واسعة للأمام، في كسب مزيد من الاعتراف
الدولي، غير ذلك، سنكون إزاء صراع
مفتوح يصعب التنبؤ بنتائجه بين نظام
الأسد ومعارضيه الذي يتضح كل يوم كم أن
رؤاهم متعارضة ومتباعدة، لدرجة تستعصي
على الاحتواء، بين من يريد التخلص من
نظام الأسد بأي ثمن، غير عابئ بفاتورة
الدم السوري، ولا بتداعيات ما بعد سقوط
النظام، ولديه الاستعداد للتحالف مع
قوى إقليمية ودولية مستنفرة لإعادة
صياغة خريطة المنطقة جغرافياً
وسياسياً كواشنطن وتل أبيب وأنقرة على
وجه خاص، وما بين من يضع سوريا ووحدتها
ومصالحها في الاعتبار، ويقبل بالتسوية
السياسية التي تحقق المعادلة الصعبة
بين الحفاظ على سوريا الوطن والشعب،
وآلية للتحول الديمقراطي تعيد رسم الخريطة
السياسية لسوريا دون فاتورة باهظة . في الأخير، إن كان
يمكن اعتبار أن “الائتلاف السوري”
المعارض قد حقق بعض النجاحات في تزايد
عدد الدول المعترفة به كفرنسا
وبريطانيا وإسبانيا وتركيا ودول
الخليج خلال أسابيع، فضلاً عن استضافة
القاهرة له واحتضان قيادته الجديدة،
وإبداء الاتحاد الأوروبي إمكانية رفع
الحظر على مده بالسلاح، واعتماد عدة
دول أوروبية سفراء من المعارضة كممثل
للشعب السوري، إلا أنها هذه التحركات
لا تزال خطوة على طريق طويل، وسط
سيناريوهات مفتوحة، في ظل صمود نظام
الأسد حتى الآن في وجه هذه الضغوط
والتحديات السياسية والعسكرية شديد
الوطأة، ووقوف كل من إيران وروسيا
وراءه بقوة، بل واستقطاب أطراف معارضة
في معسكرهم، والإصرار على السير
باتجاه الحل السياسي للأزمة، وليس فرض
أمر واقع من طرف واحد أو حسب تعبير
المسؤولين الروس صناعة “الديمقراطية
الأمريكية” بالقوة التي لم يجن
العراقيون حتى الآن ثمارها منذ إسقاط
نظام صدام حسين في العراق منذ العام 2003
. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |