ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 10-12-2012 تاريخ النشر:
الإثنين 10 ديسمبر 2012 د.خالص جلبي الاتحاد ثمة عناصر إيجابية
للثورة السورية، من بينها أن التغيير
تم ويتصاعد، وهو نفسي قبل كل شيء، من
تحول داخلي بحت: وذلك تصديقاً للآية
الكريمة «إن الله لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم». وهي ضربة
الميلينيوم (مرة كل ألف عام). لقد انكسر حاجز الخوف
وهي الآلية التي تتابع الديكتاتورية
عيشها، ومن هذا الغذاء يستمر بقاؤها
وديمومتها. حاول فرعون بجنوده لجم
الناس من جديد بسوط عذاب فلم ينفع،
وعليه استخدم طرقاً جديدة لحجز الناس
في مربع الديكتاتورية. ولكن الأمر ليس
بهذه السهولة. حتى الجراثيم تتكون
عندها المناعة ضد المضادات الحيوية مع
الوقت فلا تفلح. لذا كانت دراسة الوضع
في سوريا سطحية حين تعتبر الأمور هادئة
نصف قرن. في الواقع كانت تتخمر لتعوض
فارق الضغط الانفجاري مذكراً بعمل
الطنجرة البخارية واحتباس الضغط فيها. نهاية عصر الحاكم
الإله، الذي لا يسأل عما يفعل وهم
يسألون! كانت حقبة سوداء في التاريخ
العربي الحديث. معظم المثقفين راهنوا
على انفجار الأوضاع ولكن متى وأين
وكيف؟ إنه بكلمة أخرى بزوغ عصر التوحيد
وتحطيم الأصنام البشرية والحجرية
وإعلان شعار (أن لا إله إلا الله). وأن
بشار والمسيح بشر ممن خلق. جانب مهم في الثورة
السورية يغفل عنه الكثير؛ إنه صراع
التوحيد في وجه الوثنية. عبدة الطاغوت
يزعقون ويهتفون: الله وسوريا وبشار وبس.
(بس تعني فقط). في الحقيقة هم يقولون
بشار وبشار وبشار وبس. إذن أين كان
الصراع بين محمد بن عبد الله عليه أفضل
الصلاة والتسليم وبين مشركي قريش
الملاحدة؟ الجواب الشرك بالله، كما
يفعل في سوريا عبدة الطاغوت. الثوار بالمقابل
يقولون الله وسوريا وحرية وبس. في
الواقع يقولون نريد بلداً نتمتع فيه
بحرية التفكير والتعبير. هنا يجب الخوف من
رحلة ما بعد ذهاب النظام إلى سقر غير
مأسوف عليه، أن تنشأ اتجاهات متشددة،
تكرر الثالوث المقدس بطريقة مختلفة،
فتمنع حرية التفكير وينصب الاهتمام
على الطقوس والشعارات الجوفاء، فضلاً
عن حرية التعبير والتجمع والتظاهر،
وتكوين الأحزاب، والصحافة الحرة،
والقضاء المستقل، ونقل السلطة السلمي،
والبرلمانات التمثيلية الصادقة، وليس
مثل مجلس الشعب والنقاشات على الهواء
مباشرة، مهما تباينت الآراء واحتدت. هناك الكثير من
المتشددين في صفوف الثورة يعطوننا
الانطباع الخطير ببداية التشدد، وسببه
الأعم هو دموية النظام الغول. لقد اندفع الناس إلى
الحواف الحدية في الصدام والمواجهة.
لذا كان المعنى العميق للثورة
أخلاقياً أنه من طرف إعلان ولادة
الإنسان المحرر من علاقات القوة،
الموحد لله بدون شريك، من الأصنام
البشرية والحجرية، فهذا هو لب
التوحيد، ومن أجله طورد الأنبياء
والصالحون، وهمت كل أمة برسولهم
ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به
الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب؟ وهو
العقاب الذي ينتظر نظام بشار وعبدة
الطاغوت. ================= نور الله
السيّد 2012-12-09 القدس العربي كيف يمكن للجيش
السوري أن يقتل السوريين؟ يتساءل
المواطنون السوريون بألم ومرارة
مضيفين: كيف لهذا الجيــــش أن يقـــتل
من يدفع له رواتبه وثمن سلاحه؟ أي
أمهات تلك اللاتي ولدن هؤلاء الذين
يقتلون أهليهم؟ بالأمس قتلوا فلان
واليوم قتلوا آخر وغداً قد أكون أنا
المقتول. قام حزب البعث السوري
منذ تسلمه السلطة عام 1963 بإجراء تحولات
في السياسة الداخلية والخارجية شملت
كل مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش.
ووفقاً للمفهوم البعثي حينئذٍ، فقد
كان من الواجب إحداث تغيرات في الجيش
حتى لا يكون لأي من القوى الموجودة
آنذاك أي تأثير يهدد بقاء البعث في
السلطة، وخاصة تلك القوى التي كانت
توصف حينها بالبورجوازية. لذا كانت
ضرورة تحويل الجيش السوري إلى جيش
عقائدي بربط الدخول إلى الكليات
الحربية بالانتماء إلى حزب البعث من
جهة وتنقيته من الضباط المشتبه
بولائهم للثورة (الحزب) وخاصة
المتحدرين من أصول بورجوازية، الذين
كانوا في أغلبيتهم من أبناء المدن
التجارية والإقطاعية مثل دمشق وحلب
وحماه وحمص. وأُقرَّ تمثيل الجيش في
مؤتمرات الحزب القطرية بنسبة لا تزيد
عن 20' من المؤتمرين، وأصبح الجيش من ثمّ
ممثلاً في القيادة القطرية نفسها، أي
في القيادة السياسية الموجهة للبلد
بحسب الدستور السوري. ولكن الجيش 'العقائدي'
خضع لتصفيات كثيرة، ليس لأسباب
عقائدية فقط وإنما لأسباب تنافسية
بعثية وطائفية. فضباط البعث في
الستينيات كانوا مشغولين بالاستحواذ
على السلطة، وكان لكل ضابط متنفذ منهم 'شلة'
مناصرين قائمة على الانتماء الطائفي
في أغلب الأحيان. انتهت هذه التصفيات
إلى بقاء مجموعة واحدة هي مجموعة
اللواء حافظ الأسد الذي استحوذ على
السلطة أواخر 1970. وكان ضباط مجموعته من
الطائفتين السنية والعلوية. ودعّم
الأسد ارتباط مجموعته به على أساس
مصلحي أولاً وطائفي ثانياً باحثاً عن
عزوة تدفع الخطر عنه وفقاً لمنطق
العصابة البسيط: الكل للزعيم والزعيم
للكل. هذه النقطة أبرزتها واقعة موت
باسل الأسد والهالة التي أحيط بها موته
ونعته بالشهيد وإطلاق اسمه على الكثير
من المواقع والأحداث في سورية مما أثار
استهجان بعض المحيطين بالأسد، دفع
بعضهم ثمنه مثل اللواء علي حيدر قائد
القوات الخاصة بالرغم من خدماته
الكبيرة للأسد. وفيما يُقال، فإن الأسد
عندما استشعر بعض التململ لدى الصف
الأول من الضباط القادة دعاهم إلى
وليمة عشاء اختتمها بالقول: يُقال إن
الملائكة هم سدنة العرش، ولكن مَنْ
يسند مَنْ؟ هل الملائكة من يسندون
العرش أم أن العرش من يسندهم؟. إلا أن ذلك لم يكن
يعني للأسد أن بإمكانه أن ينام مطمئناً
إلى ضباط شلته، لذا سلّم قيادة سرايا
الدفاع، التي كانت مهمتها في البداية
الدفاع عن الثورة، إلى أخيه رفعت
وأصبحت هذه السرايا جيشاً موازياً
للجيش السوري من حيث العتاد خصوصاً. وأُدخل إلى هذه
الوحدات جنودٌ بتلوين طائفي
بالاستفادة من ضعف مستواهم التعليمي (حيث
تسهل عملية غسل أدمغتهم) وفقرهم
وحاجتهم إلى العمل لتصبح هذه السرايا
الجيش الحامي للأسد. الجيش الذي تحوّل
فيما بعد ليصبح الفرقة الرابعة، أكبر
وأقوى فرق الجيش السوري قاطبة. وللحرس
الجمهوري قصة مماثلة. كلاهما يحيط
بدمشق ومهمتهما الأساسية حماية النظام. ومنذ منتصف
السبعينيات، جرى حرف مهمة الجيش من
الذود عن الوطن إلى الذود عن النظام.
حيث انطلقت عمليات 'شراء' الضباط لهذا
الغرض بدغدغة مصالحهم الشخصية وإغداق
الهدايا والنعم والمناصب عليهم مباشرة
أو مؤجلة إلى حين ترقيتهم المحتملة
لرتبة أعلى، ومن ثم جعل هؤلاء يلهثون
وراء الترقية متبارين في الدفاع عن
النظام. أما غير القابلين للشراء فكان
التخلص منهم إما بالتسريح أو الحجر في
مناصب أو أماكن لا قيمة لها أو السجن
لمن يبدي معارضة تستدعي التوجس، أو
القتل لمن خرج عن الطاعة أو فكر
بالرئاسة كما في حالة بعض مشاهير ضباط
جيش النظام مثل غازي كنعان مع كل ما
قدمه من خدمات للأب والابن وآصف شوكت
صهر الرئيس. ومع مرور الوقت تزايد عدد
ضباط الفئة الأولى وأصبح معظم ضباط
الجيش ضباط ارتزاق وليسوا ضباط جيش
مهمته حماية الوطن. هؤلاء من سيعطون
الأوامر بقتل المتظاهرين والمواطنين
وقصفهم. ومن يُنفذ الأوامر يختبئ في
إثمه في معظم الأحيان وراء مسؤولية من
يعطي الأوامر كما جاء في اختبارات عالم
النفس الأمريكي ميليغرام الشهيرة Milgrams
test. ومن لا يطيع الأوامر
يُقتل وهو ما حدث لأكثر من ألف جندي
سوري في الأشهر الأربعة الأولى من
الانتفاضة السورية، إلى أن أخذ
الانشقاق طريقه حيث بدأت إدارة الأمور
بطريقة مختلفة. ومنذ منتصف
الثمانينيات زادت سيطرة الأمن العسكري
على الجيش وأصبح ضباط أمن الوحدات
العسكرية القادة الفعليين للوحدات.
وتعزز بناء القيادة العليا الفاعلة في
الجيش، ضباط الأمن خاصة، على أساس
المصلحة والمكاسب الشخصية مع استعمال
عباءة الطائفية التي تُعرِّض كل من
احتمى بها للمصير نفسه في حال عدم
الاستماتة في الدفاع عن النظام. بلغت
نسبة الضباط من طائفة الأسد أكثر من 85'
من مجموع ضباط الصف الأول القادة في
الجيش السوري. وأحاط نفسه بحلقة من
الضباط من أقربائه معززاً بذلك صفة
الارتزاق أكثر لدى غالبية الضباط
الذين أصبحوا رجال أعمال في لباس عسكري
أو رجال ابتزاز في لباس رجال أمن. وشكل
حُماة النظام بذلك شبكة من أصحاب
المصالح المتداخلة تجمعهم ضرورة دوام
النظام والدفاع عنه بهدف استدامة
مصالحهم. فسقوط النظام يعني انكشافهم
وتعرضهم للملاحقة والمساءلة
والمحاكمة والزوال. أما عملية التعبئة
النفسية لعناصر الفرقة الرابعة والحرس
الجمهوري لجعلها وحدات تدين بدين
الأسد ومستعدة للموت من أجله فقد
ازدادت مع وصول الابن إلى الحكم، وهو
ما أظهرته على مدى أكثر من عشرين شهراً
دون أدنى تصدع، وهي لا تزال تردد: الأسد
أو تدمير البلد وفي أماكن وجود هذه
الوحدات، ووحدات أخرى اشتهرت بولائها
للأسد، يُشاهد بالعين المجردة عبارات
تأليه الأب أو الابن مكتوبة بالحجارة
المرصوفة على التلال المحيطة بهذه
الوحدات، ولا يُشاهد بالمقابل أي
عبارة تشيد بالوطن! هذه الوحدات التي
استلب منها كل دافع وطني، بإمكانها أن
تُطلق النار على السوريين فعلياً، لأن
العدو بالنسبة لها هو من عادى الأسد
وليس من عادى البلد. وهي أكثر من شارك
في العمليات العسكرية الجارية في
سورية الآن، يشهد على ذلك عدد قتلى
الجيش الذين يُحملون إلى قراهم
الواقعة في جبال الساحل السوري أو غرب
العاصي، التي فقد معظم بيوتها تقريباً
ابناً أو أباً أو أخاً أو قريب. ضمن هذا السياق لم
يبق في الجيش رجالات تضمن استقلاله عن
النظام، فلا أحد من الضباط القادة خرج
عن الطاعة دفاعاً عن شعبه، ولم تتحرك
أية فرقة من فرق هذا الجيش السبع عشرة
للذود عن هذا الشعب وهم سيتابعون فعل
القتل والتدمير حتى النهاية. هذه حال جيش امتهن
قادته الارتزاق فحولوا جيشهم إلى جيش
مرتزق، وبغير هذا لا يمكن فهم كيف يقتل
جيشٌ شعبه، وهو ما لم تفعله في التاريخ
إلا جيوش المرتزقة أو جيوش السلاطين
المرتزقة... لعل الجيش الحر يكون نواة
لجيش للوطن وليس جيشاً لشخص أو عقيدة
حتى لا تتكرر المأساة السورية ويعيد
للجيش اسمه الناصع: الجيش العربي
السوري. ' استاذ جامعي سوري ================= صبحي حديدي 2012-12-09 القدس العربي
'همنغواي وغلهورن'،
شريط فيليب كوفمان الجديد الذي بدأت
عروضه مؤخراً، يدور حول العلاقة
العاصفة التي جمعت بين الروائي
والقاصّ والصحافي الأمريكي إرنست
همنغواي، بالصحافية والمراسلة
الحربية الشهيرة مارثا غلهورن، والتي
انتهت بالزواج. وهذه الأخيرة لن تدخل
التاريخ بصفتها ملهمة رواية 'لمَن
يُقرع الجرس'، فحسب؛ بل سوف تصبح أوّل
زوجة تبادر إلى طلب الطلاق من الكاتب
الشهير، خلال زيجاته الأربع. غير أنّ
نصف الشريط، وربما القسط الأهمّ فيه،
والأكثر حرارة، يسرد ما شهداه معاً من
وقائع ما سيُعرف، عن خطأ أو عن صواب،
باسم 'الحرب الأهلية' الإسبانية (1936 ـ
1939). عن خطأ على الأرجح،
لأنّ تلك الحرب كانت قد اندلعت بين حكم
جمهوري منتخَب شرعياً وديمقراطياً،
وبين الجنرال الدكتاتور فرنشيسكو
فرانكو الذي انقضّ على السلطة الشرعية
بمساندة من الكنيسة الكاثوليكية
وملاّك الأراضي، وبدعم بالمال والرجال
والعتاد من أدولف هتلر وبينيتو
موسوليني، وسط صمت متواطىء مارسته
القوى الأوروبية الأخرى. على النقيض،
سارعت فئات وقوى شعبية واسعة إلى
التضامن مع الإسبان، خصوصاً بعد أن
هالها صعود التيّارات النازية
والفاشية النازية في أوروبا وأمريكا:
أكثر من 40 ألف متطوّع، قدموا إلى
إسبانيا من 53 بلداً (بينها مصر والمغرب!)،
وانخرطوا في 'الفصائل الأممية' التي
شاركت الإسبان في حرب لاحَ أنها ـ
لمرّة واحدة على الأقلّ ـ ذات معنى
بالنسبة إلى الشعوب التي تدفع عادة
أثمان الحروب، وليس القوى الحاكمة
التي اعتادت جني الثمار. 'إنها حرب الشعراء'،
ردّد خصوم الحملة الأممية، ممّن لم
يجدوا وسيلة ثانية لمداراة ما انتابهم
من حرج شديد وهم يتناقلون أسماء
المنخرطين في صفّ الجمهورية: رفائيل
ألبيرتي، أنطونيو ماشادو، ميغيل
هرنانديز، غارسيا لوركا، بابلو
بيكاسو، خوان ميرو، بابلو نيرودا،
سيزار فاييخو، أوكتافيو باث، ألكسي
تولستوي، إرنست همنغواي، بول روبسون،
جون دوس باسوس (وهو شخصية محورية في
شريط كوفمان)، أندريه مالرو، سانت ـ
إكزوبيري، كلود سيمون، ستيفن سبندر،
لويس ماكنيس، و. هـ. أودن، جورج أورويل،
كريستوفر سانت جون سبريغ (سيوقّع باسمه
المستعار، كريستوفر كودويل، كتاب 'الوهم
والواقع'، الذي يُعدّ أوّل إسهام معمّق
في صياغة علم جمال ماركسي حول الشعر)...
والعشرات سوى هؤلاء. كذلك أعطتنا هذه
التجربة الفريدة عدداً من أثمن
الأعمال الإبداعية، حول المقاومة
والتضامن وأهوال الحرب، مثل قصيدة
أودن 'إسبانيا'، ونصّ أورويل 'تحية إلى
كاتالونيا'، فضلاً عن لوحة بيكاسو
الأشهر 'غيرنيكا'، وعمل خوان ميرو 'سلسلة
الأسود والأحمر'. والحال أنّ تسمية 'حرب
الشعراء' تلك لم تنطوِ على خطل كبير،
بالقياس إلى عدد ونوعية الشعراء الذين
شاركوا فيها، أوّلاً؛ وبالنظر إلى أنّ
بعض معاركها كانت في واقع الأمر تدور
حول الحداثة الإسبانية إجمالاً،
والحداثة الشعرية كما بشّر بها لوركا
وهرنانديز وألبيرتي بصفة أخصّ؛
بالإضافة إلى كونها معركة من أجل حريّة
التعبير، في الأساس. غير أن أكبر دروس
تجربة 'الفصائل الأممية' أنها كانت
مثالاً رفيعاً في التعاضد الأممي على
مستوى الشعوب ذاتها، بعيداً عن
المؤسسات، أو قريـــــباً من
إحــــــدى أرفع مؤسسات الشعوب:
الآداب والفنون. وإذا كان العالم قد
تبدّل كثيراً، منذ أربعينيات القرن
الماضي؛ فإنّ حدود الفارق بين
المقاومة والخنوع، والحرّية
والاستعباد، والحقّ والباطل... بقيت
على حالها جوهرياً. خصوصاً في هذه
الأزمنة الراهنة التي شهدت انتفاضات
العرب، وما تزال تشهد فصولها الأشدّ
مأساوية في سورية تحديداً؛ ليس بمعنى
غياب أنساق التعاضد القديمة، فحسب؛ بل
من حيث تحوّلات المفهوم ذاته،
وانقلابه رأساً على عقب أحياناً. وهكذا، لا نعدم
يساراً ـ عالمياً وعربياً، ماركسياً
معتدلاً أو تروتسكياً متشدداً أو حتى
ليبرالياً... ـ يقف، عملياً، في صفّ
النظام السوري؛ ليس إعجاباً باستبداد
وفساد هذا النظام، بل نفوراً من أولئك 'الجهاديين'
و'الإسلاميين' و'السلفيين'، الذين 'تسللوا'
إلى قلب الانتفاضة الشعبية. وأياً كان
اختلاف المرء مع هؤلاء، في العقيدة مثل
الطرائق، وحول الماضي والحاضر مثل
المستقبل؛ فإنّ تطوّعهم لقتال النظام
هو 'تعاضد إسلامي' في الجوهر، يوازي 'التضامن
الأممي' السالف، أو يعيد إنتاجه بمصطلح
الحاضر ومعطياته، حتى إذا خدش الحياء 'اليساري'،
أو جرح الطهارة 'العلمانية'. وفي مستوى آخر، صحيح
أنّ النماذج المعاصرة من أمثال
همنغواي ودوس باسوس ومالرو وسبندر... لم
تهرع إلى تونس والقاهرة وبنغازي
ودمشق، للنضال ضدّ دكتاتوريات مستبدة
فاسدة أو وراثية؛ إلا أنّ تضحيات أناس
من أمثال ماري كالفن، ريمي أوشليك،
ميكا ياماموتو، أنتـــــوني شديد، جيل
جاكييه، وسواهم من الصحافيين الأجانب
الذين قُتلوا أو قضــــوا في سورية
أثناء أداء عملهم؛ هم طبعة أيامنا من
همنغواي وغلهــــورن، بل لعلّ طرائق
أجهزة بشار الأسد وشبيحته أشدّ همجية
من جيش الجنرال فرانكو! وثمة الكثير من
المغزى في أنّ قلّة قليلة، أو بالأحرى:
أقلية مخجلة، من ممثّلي الصحافة
اليسارية العالمية، تواجدت على أي نحو
في حمص أو حلب أو دير الزور؛ إنْ لم يكن
بغرض التضامن أممياً مع الشعب السوري
الثائر، فعلى الأقلّ من أجل فضح جرائم
النظام. الأرجح أنّ آذانهم لم
يبلغها أي جرس يُقرع في سورية، فما
بالك بنحيب رضيع قتيل! ================= عبد الباري
عطوان 2012-12-09 القدس العربي
مع ميل الاحداث
المصرية الى الهدوء قليلا، يعود
المشهد السوري ليتصدر العناوين
الرئيسية بعد غياب استمر بضعة اسابيع،
والسبب في ذلك مرده الى عدة تطورات
رئيسية يمكن رصدها في النقاط التالية: *اولا: قرار الإدارة
الامريكية بوضع جبهتين قريبتين من
تنظيم القاعدة عقائديا، هما جبهة
النصرة، وكتائب التوحيد والجهاد، على
قمة قائمة 'الارهاب'. *ثانيا: مسارعة الدول
الداعمة للمعارضة السورية المسلحة
لتأسيس مجلس عسكري أعلى ورئاسة اركان
بقيادة العميد الركن سليم ادريس، يكون
الجهة المعنية بإدارة المعارك وتلقي
الاسلحة من الجهات الخارجية والاشراف
على توزيعها. *ثالثا: تأكيد صحيفة 'الصنداي
تايمز' البريطانية الشهيرة على اتخاذ
الإدارة الامريكية قرارا بتسليح
المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات من
طراز 'سام 7'، واخرى مضادة للدبابات
استولت عليها بعد سقوط النظام الليبي. *رابعا: عقد الائتلاف
السوري ،المظلة الجديدة للمعارضة،
اجتماعات مكثفة على مدار الأيام
القليلة الماضية لتشكيل حكومة
انتقالية تتولى إدارة شؤون البلاد في
حال سقوط النظام، واعلانها اثناء
اجتماعات جماعة اصدقاء سورية المقررة
في مراكش خلال اليومين المقبلين. *خامسا: وصول 400 جندي
وخبير الماني عسكري الى الحدود
السورية ـ التركية لنصب صواريخ
باتريوت تحسبا لأي طارئ، والتصدي لأي
صواريخ ايرانية او سورية تستهدف
الاراضي التركية مثلما هو معلن جاليا. اجهزة الإعلام
البريطانية والامريكية تؤكد ان الرئيس
باراك اوباما اعطى اوامره لوكالة
الاستخبارات الامريكية 'سي.اي.ايه'
بالتدخل فعليا في سورية، وان هناك قوات
خاصة بريطانية وامريكية، بل
واسرائيلية، تعمل حاليا على الارض تحت
ستار البحث عن الاسلحة الكيماوية
السورية. ' ' ' هذا الحراك يتسم
بظاهرة 'استعجالية' ورغبة واضحة بحسم
الاوضاع العسكرية على الارض لمصلحة
المعارضة المسلحة، ولكن السؤال الذي
يطرح نفسه بقوة هو حول فرص نجاحه،
وموقف الجهات الداعمة للنظام السوري
مثل روسيا والصين وايران و'حزب الله'،
وما اذا كانت ستقف موقف المتفرج وتترك
هذا النظام ينهار؟ من الواضح ان واشنطن
وحلفاءها يريدون استخدام ورقة الاسلحة
الكيماوية السورية وخطر استخدامها من
قبل النظام، او وقوعها في ايدي تنظيمات
جهادية متشددة كذريعة اوغطاء لتبرير
اي تدخل عسكري مباشر او غير مباشر من
جانبهم، ويتضح هذا من تكثيف التغطية
الاعلامية لهذا الملف، والمبالغة في
تقدير خطر هذه الاسلحة، مما يذكّرنا
بحملة مماثلة فيما يتعلق بأسلحة
الدمار الشامل العراقية. التدخل العسكري
الامريكي، سواء انتهى بالفشل او
النجاح، سيؤدي الى خلق حالة من الفوضى
في البلاد قد تستمر لسنوات طويلة،
تماما مثلما حدث في العراق
وافغانستان، بسبب انهيار بعض مؤسسات
الدولة، ووجود اكثر من 400 مجموعة
عسكرية تعمل على الارض ويصعب توحيدها
او ضبطها. القرار الامريكي
الأخطر ليس تزويد المعارضة بالاسلحة،
فتدفق الاسلحة على المجموعات السورية
العاملة على الارض لم يتوقف من قبل دول
الخليج، خاصة المملكة العربية
السعودية وقطر عبر تركيا، ولكنه وضع
جماعات جهادية معارضة على قائمة
الارهاب وخاصة جبهة 'النصرة'. معظم العمليات
العسكرية التي اوجعت النظام السوري،
خاصة داخل العاصمة دمشق، وقبل ذلك في
حمص وحلب كانت من تنفيذ تحالف هذه
الجماعات الذي يضم الى جانب جبهة
النصرة كلا من قوات التوحيد والجهاد،
واحرار الشام وجند الشام وغيرها.
واستطاعت هذه الكتائب اجتذاب الكثير
من الشبان السوريين الى صفوفها
للإقدام على تنفيذ عمليات 'استشهادية'
ضد مؤسسات النظام الأمنية. فما يميز هذه الكتائب
عن غيرها، انها اكتسبت خبرات قتالية
عالية في كل من العراق وافغانستان وحرب
القوقاز، وهذه الخبرة في حرب العصابات
لا تملك مثلها القوات التي انشقت عن
الجيش السوري النظامي. ومن يتابع ادبيات
وبيانات ومقالات هذه الجبهات على
المواقع الالكترونية مثل 'اليوتيوب'
يكتشف بسهولة انها بدأت تستعد لمعركة
ضد الولايات المتحدة والقوات الجديدة
العاملة تحت مظلتها في سورية. ' ' ' كان لافتا هجوم
الوسائط الاعلامية التابعة لتنظيم
النصرة على الائتلاف الوطني السوري
الجديد، والتأكيد ان مهمته العاجلة هي
'تضييق الخناق على المجاهدين في سورية
تحت عنوان محاربة الارهاب' و'اعتقال كل
من ينضم الى الجهاديين، ويلتحق
بالجهاد من اجل اقامة دولة اسلامية في
سورية'. والاهم من ذلك ان
الدكتور اياد قنيبي، احد ابرز
المنظّرين السياسيين والاعلاميين
لكتائب النصرة، قال في شريط مصور إن
ادراج جبهة النصرة على لائحة الارهاب
سيعطي غطاء لمعارضي الجهاديين لقتل من
شاءوا تحت ذريعة الارهاب، او الانتماء
الى تنظيمات ارهابية، مثلما يحدث في
افغانستان واليمن وقبلهما في العراق. سيناريو امريكا في
العراق قد يتكرر حرفيا في سورية مع بعض
التعديلات البسيطة، فمن الواضح ان
الرئيس السوري لا يفكر باللجوء الى
الخارج، ولا بدّ انه وضع خططا بديلة في
حال ضاق الخناق عليه في العاصمة، وربما
يلجأ الى الساحل الشمالي لمواصلة
الحرب مثلما فعل الرئيس صدام حسين
عندما لجأ الى تكريت. وهكذا ستجد
امريكا نفسها تخوض حربين، واحدة ضد
النظام واخرى ضد الجهاديين الذين
وضعتهم على لائحة الارهاب. ولا نستغرب
ان تشكل 'قوات صحوة جديدة' على غرار ما
فعل الجنرال باتريوس في العراق
لمحاربة تنظيم القاعدة. الشيء الوحيد المؤكد
في الملف السوري ان لا احد يستطيع
التنبؤ بالمستقبل، والصورة التي يمكن
ان تكون عليها البلاد بعد شهر او ستة او
سنة او عشر. الشيء الوحيد المؤكد ان
آلاف السوريين سيسقطون شهداء، وان
دمشق الجميلة مرشحة للدمار الكامل.
ونعتذر مسبقا عن هذه الصورة المتشائمة. ================= رأي
الراية ... مسؤولية مجلس الأمن الراية 10-12-2012 يأتي اعتبار معالي
الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس
مجلس الوزراء وزير الخارجية رئيس
اللجنة الوزارية العربية المعنية
بالوضع في سوريا أن الطريقة التي
يتعامل بها مجلس الأمن مع الأزمة
السورية غير مقبولة من منطلق مسؤولية
مجلس الأمن الدولي وفشله في الخروج
بقرارات تحقق الحماية للشعب السوري
وتوقف إطلاق النار وهو ما تسبب في
تفاقم الأوضاع هناك. إن انقسام مجلس الأمن
الدولي حول الأزمة في سوريا والفشل في
الخروج بقرارات تجبر النظام السوري
على وقف العنف والقتل تسبب على مدار
أكثر من عشرين شهرا من عمر الثورة
السورية في ازدياد أعداد الضحايا
المدنيين ونزوح وتشريد مئات الآلاف
منهم فضلا عن الدمار الهائل الذي لحق
بالمدن والبلدات السورية بسبب استخدام
النظام للطائرات والصواريخ والأسلحة
الثقيلة في قصف المدن والبلدات
السورية. فشل المجتمع الدولي
في الحديث بصوت واحد أغرى النظام في
سلوك طريق العنف والقتل للقضاء على
الثورة السورية، فالنظام أصم على مدار
شهور الأزمة أذنيه لكل الجهود التي
بذلت لحل الأزمة سلميا ومارس المماطلة
والتسويف مع جميع المبادرات التي
قدمتها جامعة الدول العربية للتوصل
إلى حلول مرضية تستجيب لمطالب الشعب
السوري. لقد أعرب معاليه في
الكلمة التي افتتح بها اجتماع اللجنة
الوزارية العربية المعنية بالأزمة في
سوريا عن أمله بأن تتوصل الاجتماعات
الجارية حاليا بين الولايات المتحدة
الأمريكية وجمهورية روسيا الاتحادية
إلى فهم مشترك لما يجري في سوريا حتى
يضطلع مجلس الأمن بمسؤولياته ويوقف
دورة العنف الدامي هناك ويحقق مطالب
الشعب السوري في رحيل النظام وتشكيل
حكومة انتقالية وطنية. إن اختيار النظام
لطريق المماطلة وقتل الشعب وتدمير
البلاد للبقاء في السلطة أنهى مهمة
المبعوث المشترك للأمم المتحدة
والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي
في التوصل إلى حل مع الحكومة السورية
لمعالجة الأزمة وبقي أن يتوصل
الإبراهيمي إلى حل مع أمريكا وروسيا
والصين لكيفية إصدار قرار واضح لمجلس
الأمن لنقل السلطة إلى الشعب السوري،
وهذه هي المهمة التي يجب التركيز عليها
لأن النظام السوري سقط بعد أن قتل أكثر
من خمسين ألفا من مواطنيه وشرد مئات
الآلاف ودمر بلاده. ما يجب أن يدركه
النظام السوري أن المجتمع الدولي
يتحدث الآن بوضوح عن مرحلة انتقالية في
سوريا وهو ما يعني أن النظام يعدّ
أيامه الأخيرة وأن عليه أن يعيد
حساباته وأن يتخذ قرارات شجاعة توقف
القتل والعنف وتدمير المدن والبلدات
السورية فالمرحلة تتطلب أن يكون هناك
عقلاء يقولون لرأس النظام كفى يجب
تسليم السلطة حماية لشعبنا وبلدنا
فطريق العنف لم يؤد إلى نتيجة وعلينا
الدخول في عملية انتقالية واضحة تضع
حدا لحمام الدم وتستجيب لمطالب الشعب
السوري العادلة. ================= د. عاكف الزعبي الغد الاردنية 10-12-2012 يمر الزمن وتتفاعل
الأحداث، لتتكشف الحقائق فلا يعود
ممكناً إخفاؤها. نظام الأسد الأب، ومن
بعده نظام الأسد الابن، برعا في جمع
الأوراق الإقليمية في جعبتهما بدواعي
توظيفها في خدمة الممانعة. وظلا
يحتفظان بها بين أيديهما، فينطلي
كذبهما مرة على بعض الناس لكل الوقت،
ومرة على كل الناس لبعض الوقت، حتى دقت
ثورة الشعب السوري ساعة الحقيقة لتعري
النظام أمام العالم أجمع، ولتؤكد أن
ليس بوسعه أن يكذب على كل الناس كل
الوقت. جمع الأوراق شيء،
ووجهة توظيفها شيء آخر. التجربة
العملية، على مدى أربعين عاماً، كانت
كافية للكشف عن هدف النظام السوري وراء
احتفاظه لما بين يديه من أوراق؛ فلم
تكن لشيء آخر غير إدامة النظام، شأنه
شأن أي نظام دكتاتوري آخر. وظل
يستخدمها لتوجيه رسالة إلى القوى
الدولية النافذة، مفادها أنه الأقدر
على خدمة هذه القوى في المنطقة، تؤهله
لذلك أوراق توحي بالممانعة، مما يعطي
النظام قبولاً شعبياً وفترة صلاحية
أطول. فلطالما تطلع النظام السوري إلى
دور عربي أكبر في منافسة محتدمة يصعب
أن تكون لصالحه أمام ثقل مصر المستقر،
وثروات دول الخليج النفطية، والعراق
الذي ينافسه على زعامة الحزب والمسنود
بزخم نفطي كبير أيضا. من يبني دولة بوليسية
تحميها أجهزة أمنية من أكثر الأجهزة
التي عرفها العالم دموية، لن يكون
ممانعاً لخدمة المصالح الوطنية العليا.
ومن يقود تحالفاً غير شرعي بين السلطة
والمال، لا يمكن أن يكون في صف
الممانعة. ومن يضع مفاتيح الحكم بين
يدي طائفة بعينها، هو أبعد ما يكون عن
أخلاق الممانعين وسلوكهم. ومن يعد
جيشاً كهذا الجيش الذي لم نره يقاتل
العدو، وذهب إلى لبنان لكي يترزق،
ويقتل من يخالفه الرأي، ويشتري
العملاء من أمثال ميشال سماحة، هو بلا
شك عدو الممانعة الأول. ومن يهيئ جيشه
لكي يمعن في قتل شعبه كما لم يفعل جيش
من قبل، يكشف عن أي ممانعة تم إعداد هذا
الجيش لها. في تونس، حمى الجيش
شعبه. وفي مصر، حال الجيش دون شلال الدم
الذي كانت لتسفكه زبانية النظام بدون
أن يرف لها جفن. وفي ليبيا، امتص الجيش
الصدمة ثم ما لبث أن التحق بالثورة،
ولم يبق مع القذافي سوى كتائبه التي
تشبه كتائب الأسد التي صنع منها جيشاً.
وفي اليمن، انقسم الجيش على نفسه ولم
يُتهم بقتل الناس إلا في حالات محدودة
وفي ظروف ملتبسة. وحده جيش الأسد
الممانع الذي أوغل في قتل شعبه وتدمير
بلاده، وقصف المدنيين بالمدافع
والصواريخ والطائرات. وأغرب من أمر الأسد
ونظامه أمر مؤيديه من المقتنعين
بممانعته، الذين يصرون حتى الآن على
تخيل مؤامرة كونية يقودها الغرب ضده.
مع أن الغرب ما يزال يقف مكتوف اليدين
أمام جرائم النظام، ويصم آذانه عن سماع
صرخات الشعب السوري ومقاومته التي
تندد يومياً بالموقف الأوروبي
والأميركي لمنعه السلاح، وبخاصة
النوعي منه، عن الجيش السوري الحر.
والغرب بموقفه هذا لا يطيل فقط من عمر
نظام الأسد ويمكنه من مضاعفة جرائمه
بحق الشعب السوري، بل يفعل ما هو أخطر
من ذلك؛ عندما يعطي المزيد من الوقت
للمتطرفين من الأصوليين والإرهابيين
للدخول على المقاومة السورية وإفساد
مقاصدها. لم يكن أحد ليتخيل
للحظة أن جيشاً عربياً، مهما كانت
شمولية نظامه الحاكم، يمكن أن يقوم
بقتل شعبه وارتكاب أفظع الجرائم بحق
بلده. لكن جيش نظام الأسد يفعلها
بشراسة لا يجاريه فيها الجيش
الإسرائيلي. وها نحن نرى الآن أي مهمة
أعد لها الأسد جيشه: إنها الممانعة
التي ما كان لأحد غير الأسد ونظامه أن
يفكر فيها ويؤسس لها ويحميها على أرض
الواقع، بكل هذه الفظائع التي لا تخطر
إلا على بال مرتكبيها. ================= مرحلة
انتقالية أم انقلاب على أبواب دمشق؟ جورج سمعان الإثنين
١٠ ديسمبر ٢٠١٢ الحياة دخلت الأزمة في سورية
منعطفاً حاسماً، سياسياً وعسكرياً.
المقاتلون يكسبون المزيد من الأرض
والمواقع العسكرية والقواعد الجوية،
ويلوّحون بالإطباق على دمشق، ويتلقون
بعضاً من الأسلحة النوعية. والنظام على
عنفه لضمان تفوقه والحفاظ على ممر آمن
إلى الساحل الغربي. وبات في موقف
دفاعي، لذلك بدأ يحرك أسلحته المحظورة.
والائتلاف المعارض يبحث في القاهرة في
تأليف حكومة موقتة لإدارة المناطق
المحررة شمالاً وشرقاً وجنوباً.
والولايات المتحدة وروسيا تستعجلان
ديبلوماسيتهما بحثاً عن حل سياسي
يسابق الحسم العسكري في العاصمة،
لعلهما يتوصلان إلى فرض مرحلة
انتقالية تخفف الخسائر التي قد تنجم عن
انهيار مفاجئ وفوضى واسعة. وهما لم
تكفا منذ اندلاع الثورة عن إبداء الحرص
على الاهتمام بمصير الأقليات الدينية
والإثنية في هذا البلد. ولم تكفا عن
التحذير من تداعيات انهيار الدولة
بجيشها وأمنها ومؤسساتها على الداخل
ووحدته، وعلى الجيران وما يتعداهم،
وسط اصطفاف إقليمي ودولي واسع وحاد
يفاقم حدة الأزمة. ثمة تطورات كثيرة
دفعت واشنطن وموسكو إلى معاودة اللقاء
للبحث عن آلية مشتركة لمقاربة الأزمة.
وليس تحريك النظام السوري أسلحته
الكيماوية - على خطورته - وحده ما حرك
مخاوف العاصمتين والمجتمع الدولي
برمته. سبقت ذلك موافقة حلف «الناتو»
على نشر صواريخ «باتريوت» على الحدود
الجنوبية لتركيا. وهو قرار تأجل اتخاذه
إلى حين تحرر الرئيس باراك أوباما
وإدارته من عبء الحملة الانتخابية
الرئاسية. وبعثت هذه المبادرة
الأطلسية الحرارة في الكرملين وعززت
هواجس الرئيس فلاديمير بوتين من
اقتراب صواريخ الغرب من حدود روسيا
الجنوبية. وهو لم يتوقف بعد عن تكرار
اعتراضاته الشديدة على نشر رادارات
الدرع الصاروخية في تركيا. ولا يسقط من
حساباته تدخلاً عسكرياً قد تفرضه
مغامرة النظام باللجوء إلى أسلحة
محرّمة إذا شعر بأن معركة العاصمة
شارفت الحسم. ولكل من واشنطن
وموسكو أسبابٌ ودواعٍ أخرى تتعلق
بمصالحهما الإقليمية تدفعهما إلى
معاودة التواصل بعد جمود. كان لا بد من
إعادة التواصل بعدما ارتاحتا من
معركتهما الانتخابية الرئاسية. إلى
ذلك، ثمة عوامل مشتركة عجلت في لقاء
وزيري الخارجية هيلاري كلينتون وسيرغي
لافروف الخميس في دبلن ثم لقاء
مساعديهما في جنيف أمس الأحد... بعد
شهرين من التمنع والانتظار. لعل أبرزها
هذه الدينامية العسكرية للمقاتلين
الذين يهددون بإسقاط دمـــشق،
مثـــيرين مزيداً من المخاوف
والارتباك من حصول مفاجأة ما تطيح كل
الحسابات والتوقعات. ولم يكن سفير
الولايات المتحدة لدى دمشق روبرت فورد
آخر المحذّرين من أن العنف في سورية
كلما استمر أفاد المتطرفون من ذلك! بالطبع من المبكر
القول إن موسكو بدلت موقفها جذرياً، أو
إنها تخلت عن تقديم الدعم السياسي
والعسكري إلى النظام. لكنها لا تخفي
شعورها باحتمال خسارتها سورية. وثمة
معلومات تتحدث عن استعدادات في قاعدة
طرطوس لمواجهة يوم الانهيار وتداعياته
المحتملة على عسكرييها وعائلاتهم التي
يشاع أن بعضها بكر بالرحيل. لذلك كانت
العودة إلى البحث مع واشنطن عن سبل
قيام مرحلة انتقالية قد توفر مكاناً
لبعض أركان النظام الذين لم ينخرطوا في
القتال. وتتيح ربما مشاركة بعض رموز
المعارضة الداخلية التي لم تتمكن لا هي
ولا طهران من فرضها بديلاً أو شريكاً
رئيساً لمعارضة الخارج التي تمثلت
بالمجلس الوطني ثم بالائتلاف الحالي.
لعل ذلك يساعدها على ضمان شيء من
مصالحها الموروثة من أيام السوفيات في
هذا البلد، خصوصاً قاعة طرطوس،
القاعدة الوحيدة في المنطقة. ولعلها
تتوصل مع الإدارة الأميركية إلى تفاهم
يتيح لهما معاً ممارسة ضغوطٍ متوازية
على طرفي الصراع لجرّهما إلى حل سياسي
يشجع المحيطين بالرئيس بشار الأسد على
التخلي عنه. فلا يبقى غير إيران التي قد
تُمنى بخسارة فادحة ما لم تبدِ
استعداداً جدياً لحوارٍ بينها وبين
واشنطن في شأن ملفها النووي والقضايا
الإقليمية الأخرى، بسقفٍ منخفضٍ من
الطموحات والمطالب والشروط. تعرف موسكو أن
المعارضة السورية بكل أطيافها لا يمكن
أن تقبل بحوار مع النظام. وتعرف أن
للنظام موقفاً مماثلاً من المعارضة.
لكنها تعوّل على تفاهم مع واشنطن التي
لم تعلن بعد اعترافها بالائتلاف
العريض للمعارضة، كما فعلت باريس
ولندن وغيرهما من الدول الأوروبية
ودول مجلس التعاون الخليجي. لذلك إن
تفاهماً كهذا قبيل اجتماع مراكش حيث
ينتظر أن تعترف الإدارة الأميركية
بالائتلاف، قد يبعث بإشارات إيجابية
إلى استعداد روسيا للتوجه نحو مجلس
الأمن لتبني قرار يدفع نحو قيام مرحلة
انتقالية... شرط أن تبدي المعارضة -
بدفعٍ وضغطٍ من الإدارة الأميركية -
استعداداً مماثلاً لحوار من أجل إرساء
هذه المرحلة انطلاقاً من صيغة جنيف
التي أقرتها الدول الكبرى في حزيران (يونيو)
الماضي، والتي لم تعد صالحة بمعظم
بنودها في ضوء التطورات التي شهدتها
الأزمة في الأشهر الخمسة الماضية. وتعرف روسيا بالطبع
أن ما حرك الموقف الأميركي ويحركه من
الأزمة هو السؤال عن اليوم التالي
لسقوط بشار الأسد. من سيحكم دمشق؟ لا
ترغب واشنطن ولا شركاؤها، ولا موسكو
بالتأكيد، في أن ترى سقوطاً مدوياً
للدولة وللمؤسسات العسكرية والأمنية
يجر مذابح وعمليات ثأر واسعة، لا تعود
فيها الكلمة، لا لـ «الجيش السوري الحر»
ولا للائتلاف المعارض. بل تكون الأرض
ملكاً للمجموعات المسلحة المتشددة بكل
أطيافها. الأمر الذي يقود ليس إلى
نموذج صومالي، كما حذر ويحذر الأخضر
الإبراهيمي المبعوث الأممي - العربي
الخاص الذي شارك في لقاء دبلن، بل إلى
نموذج سوري فريد فيه ما فيه من «خصائص»
النموذج الصومالي واللبناني والعراقي
والليبي... والمالي أيضاً! إلى ذلك أيضاً، تعتقد
دوائر غربية عدة بأن توصل واشنطن
وموسكو إلى تفاهم يؤسس لمرحلة
انتقالية قد يشجع كثيرين من مؤيدي
النظام، سياسيين وعسكريين، إلى
الابتعاد عنه والانقلاب عليه. الأمر
الذي يعجل في عزلته وسقوطه. وليس
جديداً تنامي موجة التململ والاستياء
في صفوف الطائفة العلوية، خصوصاً في
أوساط رموز خدمت في إدارة الأسد الأب
وباتت اليوم تخشى على مصير الطائفة
برمّتها إذا انهار النظام. وكان بعض
هذه الرموز عبّر في بداية الأزمة عن
عدم ارتياحه إلى الحل العسكري الذي
نهجه الرئيس بشار الأسد وحلقته الضيقة.
لكن الأجهزة التي تقود الوحدات
القتالية كان صوتها أعلى، لإدراكها
أنها ستكون أولى ضحايا أي اتفاق على
مرحلة انتقالية لنقل السلطة. كما أن
مغالاة أطياف في المعارضة وانحراف
وحدات قتالية متشددة نحو أعمال انتقام
مذهبية أخمدت هذه الأصوات المعترضة. والسؤال هنا: هل يمكن
أن يساعد توحيد أطياف الوحدات
العسكرية المعارضة بعد قيام الائتلاف
السياسي، هؤلاء المعترضين على خيارات
النظام داخل الطائفة وخارجها ممن لا
يزالون يلتفون حوله، على انقلاب يطيح
الرئيس، إذا شعروا بقرب النهاية التي
ستهدد بتحويلهم جميعاً ضحايا؟ قد لا
يجرؤ الرئيس الأسد على استخدام
الأسلحة الكيماوية لأنه سيحكم على
نفسه بالإعدام. فالمجتمع الدولي الذي
يلح على مرحلة انتقالية تضمن اليوم
التالي لرحيله تحول دون إطلاق أيدي
المتطرفين وجماعات التشدد - كما حصل
غداة الغزو الأميركي للعراق - وتقي
البلاد شر المذابح والمجـــازر
الانتقامية والثأرية، لن يقف مكتوفاً
أمام الفوضى والحروب المذهبية. وقد لا
يبقى الرئيس الأسد في سورية إذا أحكم
المقاتلون عليه الحصار. فهل يجازف أو
يكابر وقد شاهد ما حل بالعقيد معمر
القذافي وما حل ويحل بالرئيس حسني
مبارك؟ وهل ينتظر معارضوه المكتومون
في حلقته الواسعة وفي طائفته
والخائفون من تطرف بعض المعارضة حتى
يصل المتطرفون إلى أبواب القصر؟ ألا
تشعر أطياف المعارضة بمسؤوليتها عن
مساعدة هؤلاء المعترضين وضرورة توفير
كل الضمانات من أجل دفعهم إلى الخروج
على النظام؟ وعندها ينزاح الحديث عن
تفتيت سورية وتهديد وحدتها، وربما
أصبح الحديث عن قيام انقلاب أمراً
ممكناً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من
النسيج الوطني السوري. ================= رأي البيان التاريخ: 10
ديسمبر 2012 البيان كلما تأخر المجتمع
الدولي عن اتخاذ قرار موحد ينهي
المأساة السورية، كلما تفاقم الوضع في
هذا البلد العربي، إلى مزيد من النكبات
التي تتعمق جروحاً تصبح يوماً إثر يوم
عصية على الاندمال. فعلى صعيد البنى
التحتية تجري عمليات تدمير واسعة
النطاق، من الممكن أن تؤدي خلال فترة
زمنية منظورة إلى تعطل شبكات الكهرباء
والمياه والصرف الصحي والشبكات
الهاتفية، دون وجود إمكانية لعمليات
الإصلاح اللازمة. وعلى صعيد المخزونات
الغذائية فالحديث يجري الآن عن فقدان
الكثير من المواد الأساسية في معظم
المدن السورية، مثل الطحين ووقود
التدفئة في هذا الفصل البارد،
بالإضافة إلى تعطل المصالح التي حولت
أكثر من ثلثي الشعب السوري إلى عاطلين
عن العمل ومن دون أي دخل. فالمجاعة تطرق
الأبواب في مدن كبرى، مثل حلب وحمص
وحماة ودير الزور وإدلب ريف دمشق ودرعا..
وما نداء الاستغاثة الذي أطلق من حلب
قبل يومين بفقدان مادة الخبز، إلا جرس
إنذار لكل المترددين في العالم لحسم
الوضع السوري، الذي لا يحتاج أكثر من
قرار دولي موحد في مجلس الأمن يرتقي
إلى آلام السوريين، التي باتت أكثر من
أن يحتملها بلد أو شعب بعد ما يقارب
العامين من الاحتجاجات التي تحولت إلى
ثورة مسلحة. والأشد سوءاً وجود
تقارير متعددة عن احتمالات استخدام
سلاح كيميائي، سواء من طرف النظام، كما
تقول مراكز الاستخبارات الأميركية
والغربية، أو من طرف الجماعات
المسلحة، كما يدعي النظام، فمثل هذه
الكارثة من شأنها أن تقضي على بلد مثل
سوريا، لعشرات السنين وتحوله إلى ركام
من الجثث والأشلاء. من المستحيل أن يعدم
المجتمع الدولي الوسيلة لوضع حد لما
يجري، وهو الذي تدخل في مناطق أقل
التهاباً في العالم، ولم تكن أوضاعها
بهذا السوء الذي يهدد بنية البلد
وتركيبته السكانية والعمرانية وحتى
الحضارية. وبالإضافة إلى هذا
وذاك، فإن إطالة أمد الأزمة من شأنه أن
يزيد من المشاعر العدمية، ويخلق بيئة
من التطرف ستكون وبالاً ليس على سوريا
لوحدها، بل على المنطقة برمتها.. أفلا
يستدعي كل ذلك موقفاً دولياً مسؤولاً؟ ================= بمَ تقاس
"الأيام المعدودة" لبقاء الأسد؟ معركة دمشق
تداعياتها على المحيط واسعة روزانا بومنصف 2012-12-10 النهار خاضت الدول الغربية
مجددا في الايام العشرة الاخيرة، وفي
مقدمها الولايات المتحدة في مسار توقع
سقوط الرئيس السوري بشار الاسد في مدى
قريب جداً، تفاوت بين "ايام معدودة"
واسابيع عدة في ظل توافر معلومات عن
انتقال المعارك الى دمشق ومطارها. وما
فهم انها تحضيرات محتملة لاستخدام
الرئيس السوري الاسلحة الكيميائية في
معركته ضد الثوار السوريين في مسعى
لقلب موازين المعركة. وارفقت المواقف
المعلنة في هذا الاطار باجتماع عقدته
وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري
كلينتون مع نظيرها الروسي سيرغي
لافروف، وآخر مع الموفد الدولي الى
سوريا الاخضر الابرهيمي في ما ترجم
بأنه لقاء ملحّ فرضته التطورات
الميدانية التي باتت تؤشر لمتغيرات
درامية قريبا. والسؤال الذي يطرح في
هذا الاطار مجددا هو: بِمَ تقاس الايام
المعدودة التي تكررت على ألسنة
مسؤولين اوروبيين كبار في الايام
القليلة الماضية؟ وهل تقاس بأشهر او
سنوات باعتبار ان توقعات من هذا النوع
حصلت مسبقاً؟ وما هو أثرها؟ بحسب مصادر
ديبلوماسية معنية، فإن التأكيدات
الغربية تبدو هذه المرة اكثر صواباً
ودقة من السابق، أي قبل ما يقارب
السنة، حين اعتبر مسؤولون كبار في
عواصم اساسية ان نظام بشار الاسد باتت
ايامه معدودة، وتبيّن أن الامور اكثر
تعقيدا من تمنيات الدول الكبرى او
قدرتها على انهاء الوضع. اذ ان
التطورات شهدت تغيرات كبيرة على نحو
ملموس وفق ما تقول هذه المصادر، وخصوصا
ان المعركة عادت لتكون على ابواب دمشق
مجددا وفي قلب شوارعها كما لاح الامر
قبل اشهر، قبل ان يعود النظام ويستعيد
السيطرة على المدينة. ولذلك ترمي هذه
المواقف المتجددة الى الضغط على
الرئيس السوري من اجل إقناعه بالتفاوض
على الانتقال السلمي للسلطة، رغبة في
تجنب تدمير المعارك بين جيش النظام
والمعارضة العاصمة السورية والافساح
امام حل تشارك فيه الطائفة العلوية
بدلا من حلول تتحول مأسوية نتيجة اصرار
دولي على ابقاء الباب مفتوحا امام رحيل
الرئيس السوري وعائلته والمقربين منه.
وقد تم التلويح له مجددا بهذا الخيار،
وخصوصا ان بقاءه لن يزيد حظوظه، لأن
مناطق سيطرته انحسرت في شكل كبير،
وقدرته على استعادة السيطرة تقارب
الاستحالة، بل ان بقاءه يساهم في اطالة
امد الازمة وتدمير سوريا ليس الا. كما
يخشى من تداعيات معركة تحصل في دمشق
ويمكن ان تستمر أشهراً، وتترك
انعكاسات كبيرة على دول الجوار كما
يحصل راهنا في لبنان، وخصوصا أنه ليس
معروفا كيف يمكن ان تكون ردة الفعل على
محاصرة الاسد او مهاجمته شخصيا. وقد
لفتت هذه المصادر الى أن من أبرز
التبريرات التي قدمت لموافقة حلف شمال
الاطلسي على نشر صواريخ باتريوت على
الحدود التركية مع سوريا، اعلان عدد من
المسؤولين الغربيين الرغبة في حماية
تركيا من تداعيات الحرب القائمة في
سوريا، باعتبار ان تركيا عضو في هذا
الحلف، مما يثير تساؤلات عن كيفية
حماية الدول الاخرى كلبنان والاردن
والعراق المعرضة جميعها بدورها لها. وتقول هذه المصادر ان
هناك اهتماما في الاسابيع المقبلة نحو
تلمس جدية ما انتهى اليه اجتماع
كلينتون - لافروف في انتظار معرفة
امكان العمل الاميركي الروسي على تجنب
معركة دمشق اولا، ثم الاتفاق على
تفاصيل المرحلة الانتقالية من خلال ما
اتفق عليه في جنيف، قبل ان تنسف
التطورات الميدانية الاتفاق بمجمله. ================= لا
تصدقوا كذبة النظام السوري.. الرياض
السعودية التاريخ: 10
ديسمبر 2012
مأزق الأسلحة الكيماوية السورية،
بدأ يأخذ بعداً دولياً، فالسلطة أبلغت
الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي
مون» أن الجيش الحر سيطر على وحدة لهذه
الأسلحة، وهي ذريعة فيما لو حدث
استخدام لها، فالمبرر والتهمة سيقعان
على هذا الجيش، والسلطة لا أحد يقبل
منها مثل هذا الادعاء، طالما فقدت
مصداقيتها، ولا تملك الدليل بحيث تحدد
الموقع والمكان وهي التي طالما اعتمدت
إنكار امتلاكها سلاحاً من هذا النوع،
ثم عادت وقالت إنه في حال تعرضها لأي
هجوم خارجي سوف تستخدم مخزونها لردع
تلك القوى.. الأسد ونظامه داخل
الحلقة الضيقة، وفي حالة إقدامه على
الانتحار قد يستخدم سلاحه الكيماوي،
وقبل أن تحدث الكارثة ،على الأمم
المتحدة التحقق أولاً من قول السلطة
فقدانها تلك الترسانة من خلال الجيش
الحر أولاً، والذي لابد إما أن يعترف
بحيازته ذلك أو تفنيد ما ذكرته السلطة،
بالطلب من المنظمة الدولية، إرسال
مندوبين للتحقق من ذلك، حتى لا تعلل
السلطة أي إجراء مدمر لخصمها وتضع
العالم أمام حيرة من أقدم على بدء
الهجوم.. من قتل ودمر بنية
سوريا وتراثها وشرد المواطنين، وعمل
على القيام بما لا يتصوره الإنسان، ليس
لديه المناعة لعدم استخدام أداة
الإبادة الشاملة، ولذلك فالمسؤولية
الأخلاقية تفرض على القوى الكبرى
متابعة ومراقبة ما قد يتجاوز
الاتهامات إلى الفعل، ورجل بجنون
الأسد ووفق سوابق ما قام به والده من
إبادة في حماة أو السجل الأسود للنظام
فيما بعده يفرض الاحتراز وبالتالي
فتأمين سلامة الشعب السوري قضية
أخلاقية ومسؤولية دولية.. ولو افترضنا صدق
السلطة مع استحالة ذلك، ونتيجة الضغط
العسكري عليها العمل على ضرب القوى
المهاجمة بهذا السلاح غير التقليدي،
ثم رد الجيش الحر بنفس ما يمتلكه فإن
الإبادة المتبادلة ستكون مأساوية،
وطالما أمريكا وحلفاؤها يهددون باتخاذ
إجراءات رادعة وهي التي لم تتضح
كيفيتها، فإن روسيا تقع عليها
المسؤولية الأكبر، لأنها الداعم
والصوت صاحب القدرة على لجم السلطة،
أما أن تحدث الكارثة، فروسيا شريك بها
لأنها تعلم حجم الجريمة وسكتت عليها.. المواثيق الدولية
تحرم استعمال هذه الأسلحة، لكن إذا
تذكرنا أنه تم استخدامها في حروب
مختلفة ودون حساب لها، نجد أن
التصريحات والتهديدات لحكومة دمشق، قد
لا ترتدع بناء على استخدامات سابقة،
لكن الحصول على تعهد منها برعاية
روسية، وتهديد فعلي لرد مباشر ربما
يوقف المأساة القادمة، وتعاملت معها
بسلبية رغم فهمها القوانين الرادعة.. إيران، هي الأخرى، قد
لاتبالي أو تشجع حليفها أن يدافع عن
حكمه بأي وسيلة يراها، ومعنى ذلك أنها
لا تعترف بحياة وسلامة الشعب السوري،
وإذا كانت شريكاً بتوريد أو تصنيع هذا
السلاح، فإن العقوبة عليها يجب أن تكون
متساوية مع الفاعل، وهي مثل روسيا لا
تزال تراهن على إمكان بقاء النظام
طالما الحرب سجال، لكن الأمر يتعدى هذا
التصور والأماني إلى خرق قانون دولي له
موقفه الرادع والمحاسبة لأي دولة أو
عدة دول عملت على استخدام سلاح مدمر.. ================= أنور ماجد عشقي عكاظ 10-12-2012 مع نهاية عام 2012م وفي
الأسبوع الأول من الشهر الأخير، حدث
تحول في الموقف الروسي وتغيير على
الأرض في سوريا. وتم لقاء جمع بين كل من
وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري
ونظيرها الروسي لافروف، والمبعوث
الدولي إلى سوريا الإبراهيمي في
العاصمة الإيرلندية دبلن، حيث فاجأت
موسكو العالم بوصفها النظام السوري
بأنه أصبح عاجزا. لم يكن اجتماع دبلن
خاصا بأحداث سوريا بل كان بمناسبة
اجتماع وزاري لمنظمة الأمن والتعاون
في أوروبا، فقد وصلت الأحداث في سوريا
إلى حدود حلف الأطلسي مما دعاه إلى نشر
صواريخ باتريوث في تركيا، لكن القلق
أخذ يساور الجميع من احتمال استخدام
بشار السلاح الكيماوي، لهذا كان
التعجيل بتحقيق السلام في سوريا أمرا
ملحا. لقد جاء التغيير في
الموقف الروسي مشجعا على التفاهم حول
البحث عن مخرج للأزمة السورية برعاية
دولية، هذا الموقف الذي اعتبر استجابة
للتطورات الميدانية التي تشير إلى
تقدم قوات المعارضة في معارك دمشق
وريفها ، حيث اعتبرت معركة الحسم. ومع اقتراب ساعة
الحسم فإن المخاطر تتصاعد فإذا لم ينجح
التدخل الدولي، فإن الموقف قد يتحول
إلى كارثة ويستخدم النظام السلاح
الكيماوي لكن الورقة الأخيرة في يد
النظام هو نقل الأزمة إلى لبنان وهو ما
تشير إليه الدلائل. فالنظام في سوريا أخذ
يدفع مع إيران في تأزيم الوضع بين 8
آذار و 14 آذار مما قد يعجل بالصدام بين
الضاحية الجنوبية في لبنان، والضاحية
الشمالية فيها، لإدخال حزب الله في
حلبة الصراع، مما يجعل طرابلس تنضم إلى
الثوار في سوريا وحزب الله إلى النظام. إن المؤشرات تقول بأن
الوضع في لبنان سوف ينخرط في الأزمة
السورية. إن على الحكومة
اللبنانية أن تتدارك الوضع وتجمع
الفرقاء من الطرفين على طاولة واحدة
لتوقيع ميثاق الشرف بالتعاون وعدم
التصعيد وتشكيل حكومة وفاق وطني،
وبهذا تكون لبنان نأت بنفسها عن
الأحداث وأنقذ قادتها بلدهم. والسؤال
هل بدأت ساعة الحسم في سوريا. ================= لماذا
لم يتعلم بشار الأسد من مصير صدام
والقذافي؟ عطاء الله
مهاجراني الشرق الاوسط 10-12-2012 في أيامنا هذه، يبدو
لي إن كان بإمكاننا الحديث عن مستقبل
نظام بشار الأسد، ومستقبل سوريا كدولة
والسوريين كأمة عظيمة. ما مستقبل
سوريا؟ نحن نشاهد مدينتي دمشق وحلب
تبدوان مثل مدينتي أشباح. ونسبة تتراوح
ما بين 80 و85 في المائة من الشوارع في
وضع المراقبة الأمنية، وتمتلئ
بالمتاريس. ولا تقوم المدارس
الابتدائية والثانوية والجامعات
بعملها بشكل طبيعي. يبدو لي أننا نواجه
ونشاهد الأشهر الأخيرة لنظام الأسد.
على سبيل المثال، يتحدث رئيس وزراء
روسيا، ديمتري ميدفيديف، الذي تحدث في
جلسة منعقدة بكامل هيئتها لاجتماع
آسيا - أوروبا في لاو يوم الثلاثاء
الموافق 4 ديسمبر (كانون الأول)، بصراحة
شديدة عن قلقه الشديد حيال سوريا: أكد ميدفيديف قائلا:
«الموقف في سوريا يثير مخاوف هائلة.
يستند موقف روسيا على فكرة أن مستقبل
تلك الدولة ينبغي أن يكون في أيدي
الشعب السوري لا أن ترسمه هياكل دولية
أو أي قوى أخرى. وتتمثل المهمة الكبرى
اليوم في العثور على وسائل لمعاونة
الشعب السوري في تحقيق هذا». يبدو أنه
لا يمكننا تفسير مفرداته، نظرا لأن ثمة
غموضا والتباسا يكتنفانها. من هو شعب
سوريا؟ إضافة إلى ذلك، فإنه
في إيران، يبدو أن ثمة شيئا قد تغير
بالمثل. نحن الآن نواجه بعض الشخصيات
العسكرية المميزة التي تتحدث عن سوريا
ما بعد الأسد. فمثلا، يرى القائد
ساردار علايي، القائد السابق للقوات
البحرية الإيرانية أنه حان الوقت الذي
يتوجب فيه على طهران تغيير موقفها بشأن
بشار الأسد. نشرت مقابلته في موقع
الدبلوماسية الإيرانية، ومدير هذا
الموقع سياسي إيران ذائع الصيت، هو
صادق خرازي، المقرب من آية الله
خامنئي، وأخته هي زوجة ابن خامنئي. حينما كنت في
القاهرة، للمشاركة في اجتماع رابطة
الكتاب السوريين، أخبرني المهندس وليد
الزعبي، بأن محمد حبش، عضو البرلمان
السوري – الذي يعيش الآن في المنفى في
دبي – التقى مستشار خامنئي لشؤون
السياسة الخارجية، علي أكبر ولايتي. في
طهران، حدثه ولايتي قائلا: «إيران ليست
مصرة على حماية بشار الأسد مهما كان
الثمن!». نحن نواجه وجها جديدا
للحقيقة. أتذكر عندما سئل بشار الأسد
عن مبارك والقذافي، ارتسمت على وجهه
ابتسامة وهو يتحدث للتلفزيون
الألماني، في يوليو (تموز) 2012، معتبرا «ما
حدث في مصر مختلفا عما يحدث في سوريا..
لا وجه للمقارنة». فضلا عن ذلك، فقد رفض
أي مقارنات مع ليبيا؛ حيث تمكن الثوار
بدعم من الغارات الجوية لحلف شمال
الأطلسي (الناتو) من إسقاط النظام. وقتل
القائد الليبي معمر القذافي أثناء
محاولته تفادي مقاتلي المعارضة. وقال
بشار في المقابلة التي أجريت معه: «حينما
نصف ما حدث للقذافي، فهذا عمل وحشي
همجي، إنها جريمة». لسوء الطالع، سوف يتم
التوصل لحقيقة أن نظام بشار على شاكلة
نظامي صدام والقذافي. يمكننا تصنيف
قادة العرب في ما يتعلق بالربيع العربي
إلى ثلاث فئات: 1 - صدام والقذافي
وعلي عبد الله صالح. 2 - مبارك وبن علي. 3 - الملك عبد الله
الثاني، ملك المغرب. يتبين لنا أن بشار،
دون أدنى شك، قد سجل اسمه، في القائمة
الأولى. بإمكاننا القول إنه سيكون أسوأ
من علي عبد الله صالح. ويكمن السبب
الرئيسي والجوهري وراء ذلك في دعم كل
من روسيا وإيران لنظامه. إنها بكل
تأكيد مراهنة لا سياسة. فيما يتعلق
بميدفيديف وبعض الساسة الإيرانيين
البارزين، ثمة سؤال غاية في الأهمية
يطرح نفسه ألا وهو: هل تخلوا عن بشار؟ يظهر الموضوع الثاني
المهم على السطح، وهو هل سيستخدم
النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد
الشعب؟ في 23 يوليو (تموز)،
حينما قام أمين عام الأمم المتحدة
بزيارة رسمية إلى بلغراد، سأله مراسل
صحافي في مقابلة أجراها معه قائلا: «سيدي
الأمين العام، لقد تأكد أن سوريا تمتلك
أسلحة كيماوية وتهدد باستخدامها في
حالة شن هجوم خارجي. هل يمكنك التعليق
على هذا؟» أجاب الأمين العام
قائلا: «قرأت أن هناك احتمالية أن تميل
سوريا لاستخدام الأسلحة الكيماوية،
لكنني لست قادرا على التحقق من أنه من
الصحيح أن سوريا تمتلك كمية ضخمة من
الأسلحة الكيماوية. الأمر الذي يشكل
أهمية هو أن سوريا تعتبر واحدة من
الدول التي لم توقع على اتفاقية حظر
انتشار الأسلحة الكيماوية. إن الدول
قاطبة لديها التزام بعدم استخدام أي
أسلحة دمار شامل، سواء أكانت موقعة على
الاتفاقية أم لا. سيكون من المستهجن أن
يفكر أي شخص من داخل سوريا في استخدام
أسلحة دمار شامل، مثل الأسلحة
الكيماوية. وإنني آمل في أن يراقب
المجتمع الدولي هذا عن كثب، بحيث لا
تحدث مثل هذه الانتهاكات. في ما يتعلق
بالموقف ككل، بشكل عام، فإن الأمم
المتحدة تقوم بالتنسيق والتشاور مع
جميع الأطراف المعنية، بدءا من جامعة
الدول العربية. سوف أناقش هذا الأمر
مجددا مع نبيل العربي، الأمين العام
لجامعة الدول العربية. ويقوم فريقنا
رفيع المستوى بتنسيق جاد في هذا الشأن». مجددا، في الدوحة،
تحدث بان كي مون عن هذه القضية. وفي يوم
الأربعاء، الموافق 5 ديسمبر (كانون
الأول)، حث النظام السوري على عدم
استخدام مخزونه من الأسلحة الكيماوية،
محذرا من «عواقب وخيمة» إذا ما لجأ
بشار الأسد إلى استخدام مثل تلك
الأسلحة التي تندرج تحت فئة أسلحة
الدمار الشامل. «إنني أناشدهم مجددا
بأقوى لهجة ممكنة بضرورة ألا يفكروا في
استخدام هذا النوع من أسلحة الدمار
الشامل المميتة»، هكذا تحدث بان كي مون
إلى وكالة «أسوشييتد برس»، على هامش
مؤتمر المناخ في قطر. «لقد حذرت من أنه
إذا حدث في أي حال من الأحوال إن تم
استخدام تلك الأسلحة، فستكون هناك
عواقب وخيمة. وينبغي أن يوضعوا في موضع
المساءلة»، هكذا تحدث عن النظام
السوري. لقد أشار النظام
السوري مرارا وتكرارا إلى أنه سيستخدم
أسلحته الكيماوية والبيولوجية في
مواجهة أي هجوم خارجي، بينما أضاف أنه
لن يستخدمها ضد شعبه. اليوم، تبدو
الروح المعنوية لبشار الأسد متدنية.
فالثورة تقوى شكيمتها يوما بعد يوم،
وبات صوت المدافع قريبا من مقر إقامة
بشار الأسد عن أي وقت مضى. الآن، يسمع صوت
الثورة من مطار دمشق الدولي! إذا ما استخدم بشار
الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه،
فهذا معناه أنه سيصبح ثاني صدام في
الشرق الأوسط. وسيكون هذا هو المسمار
الأخير في نعشه. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |