ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 17-12-2012 صبحي حديدي 2012-12-16 القدس العربي
في سنة 1998 نشر الكاتب
الأمريكي مورت روزنبلوم مجلداً
موسوعياً بعنوان 'الزيتون: حياة وحكمة
ثمرة نبيلة'، لعله التاريخ الأعمق
والأغنى لهذه الشجرة المتوسطيّة
الكونية، الأكثر احتشاداً بالمعاني
الدينية والسوسيولوجية والإقتصادية.
ومنذ الصفحات الأولى ختار روزنبلوم
التعبير عن نُبْل ثمرة الزيتون اتكاءً
على الآية الكريمة: 'الله نور السموات
والأرض. مَثلُ نوره كمشكاة فيها مصباح.
المصباح في زجاجة. الزجاجة كأنها كوكب
درّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا
شرقية ولا غربية. يكاد زيتها يضيء ولو
لم تمسسه نار. نور على نور'. وللمؤلف مع الزيتون
حكاية حقيقية، كانت باعثه الأوّل وراء
وضع ذلك الكتاب الفاتن، الأشبه بقصيدة
مفتوحة على اللغات والقارّات
والثقافات والأديان والعادات
الزراعية، في مديح ثمرة نبيلة مباركة.
ففي عام 1986 اشترى روزنبلوم مزرعة عتيقة
في منطقة البروفانس الفرنسية، ورث
معها 150 شجرة زيتون مهملة، فقرّر 'إحياء'
هذه التركة النفيسة. وكتابه حكاية
اكتشاف شجرة الزيتون أوّلاً، ثم
الثمرة ذاتها تالياً، وصولاً إلى
تقاليد استثمارها شرقاً وغرباً؛ لكنّ
النصّ أدب رحلات أيضاً، لأنّ فصوله تصف
اقتفاء أوطان شجرة الزيتون: من فرنسا
إلى الأندلس، ومن المغرب وتونس إلى
فلسطين، ومن تركيا واليونان إلى
البوسنة وكرواتيا وتوسكانيا
الإيطالية، ومن كالفورنيا إلى المكسيك. ولقد أتيحت له عشرات
الفرص لكي يسجّل 'سياسة' ثمرة الزيتون:
كيف يقطع جيش الاحتلال الإسرائيلي
أشجار الزيتون لأسباب أمنية، وكيف
يحتطب أطفال سراييفو أغصان الزيتون لا
للتدليل على السلام بل لاستخدامها
كسيوف حين يلعبون لعبة الحرب، وكيف
تفرض المافيا الإيطالية احتكاراً
ثقافياً ـ مالياً على زراعة الزيتون
وعصر زيت الزيتون، وكيف انقسم زيتون
إسبانيا ذات يوم إلى ملكي وجمهوري...
وهو يشير إلى أن ثمرة الزيتون قد لا
تعني عند ملايين الأمريكيين 'أكثر من
حبّة ديكور في قاع كأس من المارتيني'،
لكنها عند مئات الملايين من سكّان
سواحل المتوسط أشبه برمز كوني شامل
لكلّ ما هو سخيّ ومبارك. 'سوق الزيتون
في مراكش قد يكون أجمل بقعة على وجه
الأرض'، يكتب روزنبلوم دون أن يعتذر عن
المبالغة، لأنه لا يبدو كمن يبالغ
البتة! إنه، أيضاً، لا يسرف
في الحماس حين يستخدم عشرات
الاستعارات المجازية الحارّة، الخاصة
بأرواح البشر، في وصف حيوات الشجرة
والثمرة والزيت. 'إنها شجرة الله،
ولهذا فهي شجرة فقراء الله'؛ وهي 'الذهب
الأسود الحقيقي في بلاد العرب، قبل
آلاف السنين التي سبقت انبثاق البترول
في أيامنا هذه'؛ و'ليس عجيباً أن تكثر
الضواري في البلاد التي تعيش على
الزبدة واللحوم' بدل الزيتون. ومن جانب آخر، فإنّ
الإسباني فدريكو غارسيا لوركا ليس
الشاعر الوحيد الذي يزوّد روزنبلوم
بالمتاع الغنائي اللازم لكي يواصل
امتداح شجرة الزيتون. إنه يلجأ إلى
لوحات رينوار وغوغان وسيزان، ويستعيد
التشكيل البصري في السينما، بل
ويستصرخ حفيف أغصان الزيتون في
الموسيقى الكلاسيكية أيضاً. وهو يقدّم
عشرات الوصفات التي تدخل فيها الثمرة،
ولا يُستغنى عن زيت الزيتون في ضبط
مذاقها. من كلّ بلد وصفة، وفي كلّ صنف
من أصناف الزيتون ثمة أسرار خفيّة
همسها في أذنه زارعو الزيتون حيثما حلّ
هنا وهناك. الزراعة إلى جانب الشعر،
والسياسة إلى جانب وصفة تحضير الطعام،
والأسطورة إلى جانب المبيدات الحشرية.
وفي فلسطين تحديداً سمع روزنبلوم
تفصيل العلاقة بين الثمرة والجسد
الإنساني، حين قال له زارع زيتون من
بلدة جنين: 'نحن بلا زيتوناتنا أشبه
بأوراق في مهبّ الريح. شجرة الزيتون هي
الأرض، وأجسامنا تتشكّل على هيئة
الشجرة. كيف تتخيّلنا إذا قطع الاحتلال
أجسادنا هذه'؟ اليوم، إذْ تقترب
الانتفاضة السورية من شهرها الواحد
والعشرين، في وسع روزنبلوم أن يضيف إلى
تاريخ شجرة الزيتون سمة أخرى عبقرية،
يصحّ أن تُعزى إلى السوريين، وفق مبدأ 'الحاجة
أمّ الاختراع'، من جانب أوّل؛ وإلى
جانب إنساني محدد يخصّ الانتفاضة، من
حيث ابتداع أنساق المقاومة اليومية
وارتقاء إرادة الحياة، من جانب ثانٍ.
ففي شروط الشتاء القاسية، والبرد
القارس في مناطق جبل الزاوية وإدلب
والباب وعفرين وريف حلب عموماً، حيث
تشمخ شجرة الزيتون (قرابة 70 مليون شجرة)؛
ونظراً لانعدام محروقات التدفئة، أو
ارتفاع أسعارها بمعدّلات باهظة، إنْ
وُجدت؛ استصرخ السوريون ما تختزنه
الشجرة المباركة من دفء نفيس، فعادوا
إلى تصنيع مادّة 'الجفت': عجينة الزيتون
التي تُوضع في الموقد، فتكون أفضل
اشتعالاً من الحطب، أو أية مادّة تدفئة
أخرى! وقبل أسابيع، في
أواسط تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي،
فوجيء مواطنون تجمهروا عند معصرة أبو
هلال، غرب مدينة إدلب، بغارة جوية
استهدفت أكياس الزيتون وسلاله، فأسفرت
الغارة عن مقتل 20 شخصياً، وجرح 50؛
وبذلك اختلطت دماء السوريين، بعجينة
الزيتون، وبما كان قد اعتُصر من الزيت!
زيتون 'مندسّ'، كما قد يبرّر 'منحبكجي'
ملتاث؟ نور على نور، رغم آلام الفقد،
كما قد يردّد مشيّعو الشهداء؟ تفصيل
نوعي فارق، في كلّ حال، سوف يذهل
مؤرخاً حاذقاً مثل روزنبلوم، دوّن
الكثير وتكهّن بالكثير حول الشجرة
الفريدة؛ ما خلا هذه: أن تنقلب إلى هدف
عسكري، بامتياز، كما قدّر أهل النظام؟ ================= رأي
الراية ... تصريحات بعد فوات الأوان الراية 17-12-2012 تؤشر تصريحات نائب
الرئيس السوري فاروق الشرع التي أدلى
بها لصحيفة لبنانية على "عدم قدرة أي
من نظام الرئيس بشار الأسد أو معارضيه
على حسم الأمور عسكريا في النزاع
المستمر منذ 21 شهرا" على حجم المأزق
الذي يعيش فيه النظام السوري بعد أن
وصلت الحرب إلى العاصمة دمشق في
الأسابيع الأخيرة وهي التي ظلت في منأى
عن الأحداث طوال شهور الثورة السورية
إلا ما ندر. أهمية تصريحات الشرع
المختفي عن الأضواء منذ شهر يوليو من
العام الماضي أنها تأتي من شخصية من
صلب النظام السوري وتكشف عن وجود
اختلاف في وجهات النظر بين الشرع
والقيادة السورية التي اختارت استخدام
الحل الأمني في التعامل مع الثورة
السورية ومطالب الشعب السوري بالحرية
والتغيير. إن من أهم ما صرح به
الشرع لصحيفة الأخبار اللبنانية
المؤيدة للنظام السوري "أن كل يوم
يمر يبتعد الحل عسكريا وسياسيا ونحن
يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود
سوريا، ولسنا في معركة وجود لفرد أو
نظام" وهو ما يمكن أن يفهم أنه دعوة
للرئيس السوري لإعادة النظر في طريقة
التعامل مع الأحداث في سوريا ووقف الحل
الأمني المتبع لأن بقاء سوريا ووجودها
أهم من بقاء النظام أو الرئيس نفسه. لقد توارى نائب
الرئيس السوري عن الأنظار منذ أشهر
عديدة بعد أن فشلت جهوده في إطلاق حوار
وطني شامل وإنجاز مصالحة وطنية نتيجة
إصرار النظام السوري على استخدام
القتل والعنف في مواجهة الشعب السوري
وهو ما جرّ على البلاد مآسِيَ كان من
الممكن تجنبها لو استجاب النظام لصوت
العقل والحكمة. إن تصريحات الشرع
تمثل جرس إنذار أخير للنظام السوري
لعله يثوب إلى رشده فيعلن وقف إطلاق
النار ووقف إراقة دماء الشعب السوري
والاستجابة لمطالب الثورة السورية
العادلة التي ضحى من أجلها عشرات
الآلاف من السوريين بأرواحهم. كل المؤشرات تدل على
أن النظام يعيش في ربع الساعة الأخيرة
وأن أقرب حلفائه إليه "روسيا"
باتت تتوقع نهايته القريبة بعد أن أوشك
على خسارة المعركة في وجه الثوار
السوريين لأن دروس التاريخ تعلم
الجميع أن إرادة الشعوب هي المنتصرة
وهي الغالبة دائما وإن أعتى الأنظمة
الاستبدادية وأقواها عسكريا لا يمكن
أن تنتصر على شعب قرر أن ينال حريته
وكرامته ويسترد مصيره وقراره. لقد سقط النظام
بالفعل في اللحظة التي أنكر فيها حق
الشعب السوري بالحرية والتغيير وسقط
أيضا في اللحظة التي استخدم فيها
الطائرات الحربية والأسلحة الثقيلة
لقتل شعبه وبالتالي تكون تصريحات
الشرع أو صرخته قد جاءت بعد فوات
الأوان. ================= ما دام
بشّار يؤمن بأن الشعب يحبّه... خيرالله
خيرالله المستقبل 17-12-2012 من المفيد بين حين
وآخر اعادة قراءة مقال صدر في الثامن
من تشرين الثاني- نوفمبر 2011 في صحيفة
"نيويورك تايمز" تحت عنوان "في
سوريا الاسد، لا وجود لمخيّلة".
اظهرت الاحداث المتتالية أنّه لو كان
النظام السوري يمتلك أي مخيّلة من اي
نوع كان، لكان الرئيس بشّار الاسد
تدارك اخطاء الماضي، قبل استفحالها.
كان رحل عن الرئاسة منذ فترة طويلة بدل
الاعتقاد أن في الامكان تغطية ايّ
جريمة بجريمة اكبر منها، وأن البطش
والارهاب كفيلان ببث الخوف في اوساط
السوريين وجعلهم يعيشون خانعين لا همّ
لديهم سوى التمجيد بالاسد "قائدنا
الى الابد". تكمن اهمية المقال،
الذي مضى ثلاثة عشر شهرا على صدوره
وعشرة اشهر على وفاة كاتبه الاميركي-
اللبناني انطوني شديد اثر ازمة ربو
تعرّض لها، في أنّه يكشف أن النظام
السوري لم يكن يوما قابلا للاصلاح.
يخطئ من يراهن على اصلاح النظام او على
أنّ في الامكان حتى محاولة ذلك. أنّه
نظام من عالم آخر، بل آخر نظام ستاليني
في الشرق الاوسط. قضى انطوني شديد وهو
في طريقه الى الداخل السوري عبر شمال
لبنان. من يقرأ مقاله عن النظام السوري
مرة أو مرّتين أو ثلاث مرّات يتأكد أنّ
لا وجود لنظرية اخرى يؤمن بها النظام
الاقلّوي، الذي يغطي عوراته بشعارات
طنانة، سوى نظرية إلغاء الآخر. ولذلك،
كان طبيعيا أن يعمد النظام الى اصدار
مذكرات توقيف بحق الرئيس سعد الدين
الحريري والنائب اللبناني عقاب صقر
والناطق باسم "الجيش الحرّ" في
سوريا لؤي المقداد. يبدو النظام مقتنعا
بأنّه لا يزال قادرا على التحايل على
العالم عن طريق الادّعاء بأنّه يتعرّض
لمؤامرة. اكثر من ذلك، يؤمن الرئيس
السوري بأن الشعب يحبّه وأن مشكلة
سوريا مرتبطة بالتدخلات الخارجية
وأنّه بمجرد توقف هذه التدخلات،
سيتحلّق السوريون حوله مجددا يهتفون
له ولوالده الراحل ولـ"سوريا الاسد"،
اي لعائلة تمتلك بلدا بأمه وأبيه. لوكان الاسد قادرا
على أن يتغيّر، لكان رفض تصديق الكذبة
التي اطلقتها اجهزته عن طريق التابعين
لها في لبنان مثل "حزب الله"
الايراني او التابعين للتابعين مثل
النائب المسيحي ميشال عون. هل يمكن بناء سياسة
على كذبة اسمها التسجيلات الهاتفية
المأخوذة من جهاز الكمبيوتر الخاص
بالنائب صقر؟ جرى التلاعب بهذه
التسجيلات لاظهار سعد الحريري وعقاب
صقر ولؤي المقداد وكأنهم شركاء في
تهريب اسلحة الى الداخل السوري. تبيّن
ان حسابات سارقي التسجيلات لم تكن في
محلها، إذ بقيت لدى المستهدفين من
السرقة نسخة كاملة من التسجيلات. تظهر
هذه النسخة أن الهمّ الاول لسعد
الحريري كان، ولا يزال، يتمثّل في
اطلاق المخطوفين اللبنانيين في سوريا
ومساعدة المهجّرين السوريين،
انسانيا، حيث امكن ذلك. لم يستطع بشّار الاسد
أن يستوعب يوما أن مشكلته لم تكن يوما
مع سعد الحريري، مثلما أنّها لم تكن
يوما مع الرئيس رفيق الحريري، رحمه
الله. كانت مشكلته دائما مع الشعب
السوري ومع شباب سوريا الذي رفض الرضوخ
للنظام، مثلما رفض الذلّ والعبودية.
رفض الاعتراف بوجود جيل شاب في سوريا
يرفض ما اعتاد عليه الذين سبقوه. لجأ بشّار الاسد الى
الوسائل التي استخدمها قبله والده. بقي
يقرأ من كتاب قديم، علما أن ما لا بدّ
من الاعتراف بأنّ حافظ الاسد كان
يتأنّى الى حد كبير في قراراته، خصوصا
لدى اتخاذه قرارات كبيرة في حجم
التخلّص من كمال جنبلاط او الرئيسين
بشير الجميّل ورينيه معوّض او المفتي
حسن خالد وآخرين. يمكن الاشارة في هذا
المجال الى انّ الاسد الأب لم يتول
الرئاسة مباشرة بعد الانقلاب الذي
نفّذه في تشرين الثاني- نوفمبر 1970. فضّل
الانتظار قليلا قبل الاقدام على خطوة
كبيرة تضع علويا على رأس سوريا. عيّن
شخصا اسمه احمد حسن الخطيب (سنّي من
قرية نمر القريبة من درعا) رئيسا
للجمهورية لمدة اربعة اشهر امضاها،
هو، في تفقد المدن والقرى والبلدات
السورية والصلاة في المساجد التابعة
لاهل السنّة. بعد ذلك، اختار حافظ
الاسد أن يكون رئيسا واختفى احمد حسن
الخطيب كلّيا، تماما مثلما ظهر... من يتابع تصرّفات
بشّار الاسد منذ ورث سوريا عن والده،
لا يستغرب مذكّرات التوقيف التي صدرت
في حق سعد الحريري وصقر والمقداد. من
يقدم على جريمة التمديد لاميل لحّود،
على الرغم من صدور القرار 1559 عن مجلس
الامن التابع للامم المتحدة، ومن لا
يدرك ان اغتيال رفيق الحريري عمل لا
يقدم عليه الا شخص "مجنون"، على حد
تعبير رفيق الحريري نفسه قبل اقلّ من
ثماني واربعين ساعة من حصول الجريمة...
يصدر مثل هذا النوع من المذكّرات. انها
مذكّرات لا تشبه سوى نظام ما زال يعتقد
أنّ ميشال سماحة او ميشال عون، لا
فارق، يمكن ان يساعداه في شيء. تختصر عبارة لرامي
مخلوف ابن خال بشّار الاسد واحد
المسيطرين على مفاصل الاقتصاد السوري
حقيقة النظام. قال رامي مخلوف لانطوني
شديد بعد مضي ثمانية اشهر على اندلاع
ثورة الشعب السوري عبارة "عليّ وعلى
اعدائي يا ربّ". قبل ذلك، تساءل: "الا
يعرف الاسرائيليون انّهم سيتألمون اذا
تألمنا، الا يعرف الاميركيون
والاوروبيون اننا حاجز في وجه
الاسلاميين والفوضى والحروب المتنقلة
في المنطقة؟" إنها مذكرات توقيف
تصدر عن نظام يعتقد أنه ما زال قادرا
على الابتزاز في وقت تدقّ الثورة ابواب
قصر الرئاسة. نظام لا مخيلة له. لو
امتلك مخيلة ما لكانت العائلة تتمتع
حاليا بملياراتها في مكان ما من هذا
العالم الواسع... ================= موقف
بوغدانوف: رأس الأسد بعد الحل السياسي؟ جورج سمعان الإثنين
١٧ ديسمبر ٢٠١٢ الحياة الموقف الذي أطلقه
نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل
بوغدانوف حمّال أوجه؟ بعضهم قرأ فيه
بدايةَ تحولٍ في موقف روسيا من القضية
السورية، فيما لم يجد فيه آخرون خروجاً
على تمسكها باتفاق جنيف الذي تبنته
الدول الخمس الكبرى في حزيران (يونيو)
الماضي، لكنها اختلفت في تفسير نصوصه
وأقامت على هذا الخلاف، الذي وفّر لها
فرصة للتنصل من مسؤولياتها، ومزيداً
من الوقت للقعود عن أي مبادرة أو
تحرُّك جدي. لم يستبعد المسؤول
الروسي انتصار المعارضة، وهو ما
اعتُبر جديداً، وهو كذلك، لأنه أُطلق
علناً للمرة الأولى، أو سُرّب لا فرق.
ولكن هل كان أحد يعتقد بأن موسكو توقعت
أو كانت تتوقع غير ذلك؟ وهل يعقل أنها
هي الأخرى كانت ولا تزال تعيش، مثل
نظام الرئيس بشار الأسد، في عالم
افتراضي بعيداً مما يجري في الشارع؟ لا
شك في أنها كانت منذ أشهر بعيدة تتابع
تراجع قدرة النظام على فرض الاستقرار. الناطق باسم
الخارجية الروسية استعجل الرد على
ترحيب واشنطن بالموقف الجديد، ليؤكد
أن بلاده لم تغير موقفها! وفي هذا كثير
من الصحة، ففي التصريح ذاته، نبّه
بوغدانوف إلى أن النزاع يمكن أن يستمر
شهوراً وأن يوقع آلاف الضحايا. لذلك
جدّد التمسك بحل سلمي وبمرحلة
انتقالية وحكومة موقتة تلتزم ما
اتُّفق عليه في جنيف، وهو موقف موسكو
منذ بداية الأزمة. الجديد هو أن روسيا،
التي ظنت منذ اندلاع الثورة أنها ستكون
قادرة، بسلاح «الفيتو» في مجلس الأمن
وبسلاحها الذي لم ينقطع عن سورية، على
حماية مصالحها في هذا البلد، تبين لها
في ضوء تقدم المعارضة إلى قلب دمشق، أن
الحسم آت مهما طال الزمن، كما توقع
وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري،
لكنه حسمٌ لن يبقي ولن يذر، وهو ما لا
تريده، مثلها مثل واشنطن، التي جددت
القول إن البيت الأبيض والكرملين «يتشاركان
هدفَ التوصل إلى حل سياسي في أسرع وقت». المهم أن الجميع
مقتنعون الآن بأن الرئيس الأسد لن يبقى
في السلطة، وبأن المطلوب حل سياسي، أي
وقف القتال، الذي سيخرّب استمرارُه
البلاد ويدمّر كل مقومات الدولة.
وينطلق الجميع من مقررات جنيف للدعوة
إلى مرحلة انتقالية توفر انتقالاً
سلمياً للسلطة، ولو لم تكن واشنطن
تلتقي مع موسكو بالحرص على مثل هذا
الحل لما تأخرت في دفع الراغبين إلى
تسليح المعارضة لحسم معركة دمشق.
الواضح أن العاصمتين يسكنهما هاجس
الحسم العسكري وتداعياته، والعقدة -أو
المأزق- هنا هي الخلاف بينهما على
مفهوم المرحلة الانتقالية وآليات
تنفيذ الحل السياسي، والعقدة أيضاً أن
طرفي الصراع يرفعان شعار الحسم
الميداني، وأنه لا يوجد فصيل معارض
واحد يقبل بالجلوس إلى طاولة الحوار مع
النظام، وهذا ما يجعل الرئيس الأسد
يشعر بأنه محشور في زاوية «يا قاتل يا
مقتول»، ولن تطمئنه أي ضمانات روسية أو
غير روسية، وهو ربما يأمل في النهاية
بضمانات دولية، فطيفا الرئيسين حسني
مبارك ومعمر القذافي يقضّان مضجعه
بالتأكيد. وستتضاعف مخاوفه كلما شعر
بأن الكرملين يبحث عن بدائل للحفاظ على
مصالحه. صحيح أن روسيا على
موقفها، لكنها باتت تؤمن بأن لا رهان
منطقياً وواقعياً على النظام، الذي
بدوره يحشد كل قواته في العاصمة. وتخشى
واشنطن أن يكون الحسم النهائي مكلفاً
ومدمراً في الأرواح والممتلكات وصنوف
المجازر والتنكيل والانتقامات والثأر. والسؤال اليوم: كيف
تترجم العاصمتان رغبتهما في الحل
السياسي؟ لا شك في أن التلكوء
الأميركي الذي طال عشرين شهراً مرشح
للاستمرار حتى نهاية الشهر المقبل، أي
موعد ولادة الإدارة الجديدة، وأن
المبادَرة غائبة عن القيادة في أميركا
هذه الأيام، لذلك تطرح بريطانيا أن
تتولى هذا الدور بنفسها، بعدما حصلت
على تفويض الاتحاد الأوروبي لمتابعة
موضوع تسليح المعارضة باشتراط أمور،
أهمها إبعاد العناصر الجهادية
المرتبطة بـ «القاعدة»، وقد أعدت (بريطانيا)
لذلك ورقة للبحث، وبالتأكيد لن تكون
الطريق معبدة أمامها للتوصل إلى تفاهم
لترجمة اتفاق جنيف، أو الانطلاق من
بنوده الصالحة، وأولها حكومة انتقالية
تتوافق عليها المعارضة مع بعض أركان
النظام الذين لم تتلطخ أيديهم
بالدماء، علماً أنها لا يمكن أن تنوب
عن الولايات المتحدة في التفاوض
الشامل مع روسيا. ومما لا شك فيه
أيضاً، أن واشنطن نجحت في استنزاف موقف
موسكو في سورية، فليس في حسبانها أبداً
الجلوس إلى الطاولة مع روسيا لإبرام
صفقة تتناول القضايا الإقليمية، كما
كان يأمل الكرملين، وهي لم تكتف بنشر
معدات الإنذار المبكر في تركيا، في
إطار الدرع الصاروخية الأطلسية، بل
أرسلت بطاريات «باتريوت» والجنود
المشغِّلين لها إلى الحدود مع سورية...
والحدود الجنوبية لروسيا! وهذا التحرك
الميداني ترافَقَ مع اعترافها
بالائتلاف الوطني المعارض ممثلاً
شرعياً للشعب السوري. ولم يعد أمام
إدارة بوتين سوى محاولة الحد من
الخسارة، أو انتظار الخسارة الكاملة
في سورية، وهي خسارة تتجاوز موقع بلاده
في هذا البلد إلى فقدان مقعد مقرر
وفاعل في النظام الإقليمي الذي يتشكل
في المنطقة على أنقاض أنظمة عربية
متهاوية. لقد دفعت موسكو وتدفع ثمن
ترددها ووقوفها عند «عقدة ليبيا»، ولم
تدرك منذ البداية أن ما صممت عليه
أميركا وأوروبا هو إسقاط نظام دمشق،
لأن سقوطه يعني زعزعة ما يسمى حلف
الممانعة، وبات عليها اليوم أن تخشى
على إيران، التي تصر واشنطن على وقف
مشروعها النووي وترفض البحث معها في
قضايا تخص دورها وطموحاتها وأحلامها
في المنطقة! يبقى أن ما يقلق
موسكو اليوم هو نفسه ما يقلق باقي
أعضاء المجموعة، وهي تنظر إلى القضية
السورية من منظار أنها أكثر تعقيداً من
مجرد رحيل الأسد، كما أنها تشعر بعجز
دولي عن وقف الاقتتال، على رغم أنها
المصدر الرئيس لسلاح النظام وتتحمل
المسؤولية الأخلاقية الأكبر عما يحدث.
إن روسيا تعرف تركيبة المؤسسة
العسكرية السورية أكثر من غيرها، وهي
من دون شك تتساءل عن مصير أكثر من
ثلاثين ألف ضابط علوي وأكثر من مئة ألف
جندي نظامي علوي أيضاً، فضلاً عن عناصر
من أقليات أخرى مسيحية ودرزية، وهم من
يقفون اليوم وراء هذه الحملة التي
يشنها النظام قتلاً وتدميراً، وترغب
انطلاقاً من هذا الواقع، في أن يتولى
المجتمع الدولي إيجاد حل يسمح لهؤلاء
بالابتعاد عن النظام. مفهوم تماماً أن
هذا لا يشمل القيادات العليا من الحلقة
الضيقة التي تخطط وتدير مسرح
العمليات، كما أنها ترغب طبعاً في ضمان
مصالحها المعروفة في سورية، وعلى
رأسها القاعدة البحرية في طرطوس... وفي
هذا الإطار ثمة من يطرح فكرة قيام مجلس
عسكري موقت، بدعم دولي، يتولى ترتيب
خروج الرئيس ووقف القتال، تمهيداً
لقيام حكومة توافُق موقتة تدير
المرحلة الانتقالية وتشرف على إعادة
تركيب الجيش والأجهزة الأمنية من «الجيشين»
المتصارعين، بهدف الحفاظ على المؤسسة
العسكرية، ولئلا تتعرض البلاد لانهيار
أمني، كما حصل في العراق وفي ليبيا،
كما تتولى إعداد دستور جديد للبلاد
تطمئن إليه كل مكونات المجتمع، طوائفَ
وأعراقاً. أمام روسيا فرصة في
لقاء إسطنبول بعد يومين لممثلين عن
مجموعة جنيف (الدول الخمس الكبرى
والسعودية وتركيا وقطر والأردن
والمبعوث الخاص الأممي-العربي)، الذي
يفترض به ان يحدد مصير الحل السياسي
وفرص نجاحه وإمكان التوافق بين هذه
الأطراف، التي باتت مقتنعة بوجوب
تجنيب سورية الحسم العسكري وتداعياته
الكارثية على النسيج الوطني ومكوناته،
وعلى وحدة البلاد وتحويلها ساحة
للأصوليات المختلفة. والسؤال هنا: هل يمكن
هذا الزخم الدولي والإقليمي أن يستنبط
تفاهماً يرضي الجميع؟ زوار موسكو في
الأيام الأخيرة شعروا بأنها ليست
متمسكة بالرئيس الأسد، وباتت مقتنعة
بأن لا حل مع بقائه، ولا مجال لصيغة «لا
غالب ولا مغلوب»، وهي توحي بأنها ربما
تكون مستعدة للتعاون من أجل قيام حكومة
انتقالية من شخصيات وطنية وتكنوقراط
تعد لدستور جديد وانتخابات نيابية،
وتكون لها كل الصلاحيات التنفيذية،
وهذا ما نص عليه اتفاق جنيف، وبعدها قد
تكون مستعدة لممارسة ما يلزم من ضغوط
لدفع الأسد إلى التنحي وليس الانتظار
حتى انتهاء ولايته في العام 2014. لكن هذا
يعنـي أنها ليـست مستعدة للقبول
بالحكومة الموقتة التي يبحث الائتلاف
الوطني للمعارضة تشكيلها لإدارة
المناطق المحررة والإشراف على تلقي
المساعدات وتوزيعها. كان المطلوب من
مجموعة جنيف أولاً، في ظل السباق مع
التطورات الميدانية ودينامياتها، أن
تلتقي على تعريف مشترك وواضح للمرحلة
الانتقالية وعناصرها ومدتها. والمطلوب
ثانياً التوافق على خطة طريق للوصول
إلى هذه المرحلة. ولن يكون ذلك كافياً
للبدء بالتنفيذ، ومن هنا، كان لا بد
ثالثاً من تعهد الأطراف ممارسة الضغوط
على طرفي الصراع لفرض هذه الخطة فرضاً.
هل يستطيع لقاء جنيف تعويض ما فات في
الوقت الضائع طوال عشرين شهراً، أم أن
حظوظ الحل السياسي باتت من سابع
المستحيلات بعد كل هذا القتل والدمار
والضغائن؟ ومن يضمن تجاوب المتصارعين
مع حملات الضغط؟ هل يمكن موسكو أن تقدم
مخرجاً من هذا المأزق؟ أو أن تقدم
تصوراً مقنعاً، ليس لشركائها في جنيف
فحسب بل للمعارضة أيضاً، ينطلق من
توقعات بوغدانوف أن هذه المعارضة
ستنتصر... فتساهم جدياً هذه المرة في
رسم طريق لرحيل أهل النظام سريعاً؟ ================= سركيس نعوم 2012-12-17 النهار في أثناء زيارة
الشهيدة الحية الزميلة مي شدياق في
المستشفى عام 2005 التقيت
سفير دولة عربية كبيرة. تحدثنا عن
اوضاع لبنان وظروفه والتدخلات
الخارجية فيه، فأظهر استياءه من
الحملات المُنظَّمة التي تقوم بها دول
"الممانعة" في المنطقة عبر
الإعلام اللبناني، او بعضه، على
تحركات الديبلوماسيين العرب والاجانب
الذين يمثلون في لبنان دولاً تدعم "ثورة
الارز" معتبرة اياها تدخلاً في
محاولة لتغليب فريق على آخر. وتساءل:
ألا يرى اصحاب الحملات المشار اليها
تحركات ممثلي دول "الممانعة"
المماثلة لتحركات الدول المؤيدة
لانتفاضة اللبنانيين على وجود جيش
سوريا في لبنان وهيمنتها على مقدراته؟ طبعاً كتبتُ في حينه
"موقفاً" اظهرت فيه رأي
الديبلوماسي العربي، وعبّرت عن
اقتناعي بأن التدخل في الأزمة
اللبنانية المزمنة والمتشعبة
والمتطورة والمتصاعدة لا يقتصر على
دول "الممانعة" المؤيدة لسوريا
وحلفائها في لبنان، او على غالبية
الدول العربية ومعها اميركا واوروبا
المؤيدة للمنتفضين على هؤلاء. اما
مناسبة هذا الكلام اليوم، فهو ان هذا
الموضوع اثير من جديد قبل ايام، ولكن
هذه المرة من "معسكر السياديين"،
كما يسمي نفسه فريق 14 آذار، احتجاجاً
على اجتماع سفراء ايران وروسيا والصين
وسوريا (الاسد) في بيروت جرى فيه البحث
على مدى ساعات في "الازمة"
السورية بتشعباتها العربية
والاقليمية والدولية كما بتطوراتها
الداخلية. وانتهى الاجتماع ببيان كرر
المواقف – الثوابت لدول هؤلاء، وكلها
داعمة لنظام الاسد ومُدينة "للإرهابيين"
الذين يحاربونه بدعم من الخارج
الاميركي – العربي – الاسرائيلي.
وتعني إثارة الموضوع قديماً من فريق 8
آذار وحديثاً من فريق 14 آذار ان في
لبنان مَرَضاً لا أعرف له اسماً، جوهره
ان كلاً من شعوبه، المنقسمة على بعضها
والمتصارعة على السلطة المطلقة باسم
الدين او المذهب او القومية او باسم كل
ذلك جميعاً، يفعل ما يعيبه على اشقائه
باعتباره مفيداً للوطن، ويرفض ما
يفعله غيره لأنه في رأيه مضر للوطن. وهذا امر لن يتوقف،
ذلك ان الشعوب المذكورة لا يجمعها إلا
الانتماء الرسمي للبنان، اما الانتماء
الفعلي فتقف دونه الآلهة والشياطين
والمصالح والرغبات والشهوات التي
جعلتها في حرب مستمرة ومن زمان. لكنها
تارة حرب "سلمية" اذا جاز التعبير
على هذا النحو.، وتارة حرباً أمنية،
وتارة حرباً عسكرية بكل ما لهذه الكلمة
من معنى. وطبيعي في حروب كهذه، لا
يستطيع اي من افرقائها حسمها لمصلحته،
أن يلجأ كل منها الى قوة اقليمية
تماثله في الدين او في المذهب او الى
قوة دولية تقضي مصالحها بالتدخل في
لبنان لمساعدته في التغلب على الآخرين.
علماً ان القوى المذكورة تمارس
احياناً كثيرة الاغراء الذي لا
يُقاوَم على شعوب لبنان لاستقطابها
وتوظيفها، لا بل لاستغلالها وإن
أحياناً كثيرة ضد مصالحها وضد وطنها. ولعل ابرز دليل على
ذلك في المرحلة الراهنة هو خروج ممثلي
القوى الخارجية المؤيدة لكل من
الفريقين الى التحرك العلني، ربما
لتأكدها من انحلال دولة لبنان، ومن
انخراط شعوبه في الحرب الدائرة داخل
سوريا وفي المواجهة الدائرة في
المنطقة وعليها بين غالبية الدول
العربية واميركا ومعظم اوروبا من جهة،
وروسيا وايران الاسلامية وربما الصين
من جهة اخرى. فهل الذين "استفظعوا"
التقاء سفراء ايران وسوريا وروسيا
والصين في منزل الأول الاسبوع الماضي
لم يلاحظوا تحركات سفراء الدول
المعارضة لمحور "الممانعة" في طول
البلاد وعرضها، وتدخلهم مثل الآخرين
في كل شاردة وواردة مع القيادات
اللبنانية "المتقاتلة"، لا بل
فرضهم احياناً كثيرة المواقف عليهم
والتوجيهات؟ في النهاية، لا بد من
الاشارة بأسف شديد الى ان لا نهاية
لتدخل الخارج على تناقضه في لبنان الا
اذا توحدت شعوبه في انتمائها الى لبنان
الوطن النهائي، وفي بناء دولته
ومؤسساته، وفي التخلي عن ظاهرة الدولة
داخل الدولة والاقوى من الدولة. وهي
ظاهرة انتشرت في اثناء الحروب في لبنان
(1975 – 1990)، ثم انحصرت بدويلة واحدة منذ
1990. لكن يبدو ان دويلات مشابهة لها
ومعادية لها بدأت تفرّخ في مناطق اخرى،
وذلك كله لن يحصل إلا اذا انتهت "الازمة"
السورية بحل نهائي، واذا تفاهمت
اميركا وايران او اذا انتصرت احداهما
على الاخرى، واذا تفاهمت اميركا
وروسيا والصين، وهذا شبه مستحيل. لكن هل هناك ضمان في
ظل الاستقرار الاقليمي الذي قد يشيعه
ذلك ان يتفق اللبنانيون؟ الجواب هو"كلا". ================= الوطن السعودية التاريخ: 17
ديسمبر 2012 بعد عشرات الألوف من
القتلى ومئات الألوف من المفقودين
والسجناء وملايين المشردين في الداخل
والخارج، وبعد حوالي عامين على
ممارسات النظام السوري ضد شعبه الذي
اضطر بعضه للتسلح للدفاع عن أهاليهم...
وبعد اقتراب الجيش الحر من معاقل
النظام وازدياد المؤشرات على نهاية
حكم الأسد وسقوطه، واعتراف عدد كبير من
دول العالم آخرها الولايات المتحدة
الأميركية بالائتلاف الوطني السوري
المعارض ككمثل شرعي للشعب.. بعد كل هذا
هل تدرك روسيا أن سنّة التاريخ لن
تتغير، وكفة الشعب سوف ترجح على كفة
النظام، فبدأت بمراجعة موقفها؟ وإن كانت الخارجية
الروسية قد نفت لاحقاً، إلا أن حديث
نائب وزير الخارجية الروسي عن أن "مكاسب
المعارضة على الأرض تشير إلى أنه لا
يمكن استبعاد انتصارها في نهاية
المطاف على الأسد"، يوحي بأن
المسؤولين الروس يبعثون برسائل غير
مباشرة تشير إلى أنهم قد بدؤوا
يتراجعون عن مواقفهم الداعمة بصورة
مطلقة للنظام السوري، وشعورهم بأنه لم
يبق كثير من الوقت لينهار النظام
تماماً، لذا سمعنا تصريحاتهم
المتضاربة والمتناقضة خلال الأيام
الماضية، مثل أن روسيا لم تتراجع عن
موقفها، أو أن روسيا لم تكن تدعم
النظام وإنما تدعم الشعب.. متناسين
الأسلحة والطائرات التي كانت تصل إلى
النظام من روسيا منذ بدء الثورة!
ومتجاهلين "الفيتو" الذي
استخدمته روسيا في مجلس الأمن أكثر من
مرة لحماية النظام، والتعنت الروسي ضد
القوى التي ساندت الشعب في معركة
الخلاص من الاستبداد.. فأي شعب يتحدث
المسؤولون الروس عن دعمه في المرحلة
السابقة؟ إن كانت روسيا جادة
وتسعى لمصلحة الشعب السوري، فعليها
اليوم قبل الغد المساعدة على إنقاذه من
القتل اليومي الذي يمارسه جيش بشار
ضده، ومنع النظام من تدمير ما تبقى من
سورية. فحين يتوقف ذلك يمكن للشعب
التقاط أنفاسه ليعيد البناء.. وما سبق
لن يحدث إلا إذا تنحى بشار الأسد عن
الحكم، وأخذ الائتلاف الوطني السوري
دوره في مرحلة انتقالية يفترض أن
القياديين فيه يعرفون طريقة إدارتها
أو أنهم استعدوا لها. إن لم تفعل روسيا
ذلك، فالخوف من أن "الأسد" قبل
سقوطه قد يصنع كارثة بسورية تفوق كل ما
حدث منذ بدء الثورة، لكنه قد لا يفعل إن
تدخلت روسيا، لأنها تملك زمام أمره منذ
ثار الشعب ضده. ================= مطلوب
حماية الفلسطينيين في سوريا سلطان الحطاب الرأي الاردنية 17-12-2012 لم يعد الفلسطينيون
في سوريا آمنين بعد قصف أكبر مخيماتهم
فيها وهو مخيم اليرموك، ويصل عدد
الفلسطينيين في مخيمات سوريا للاجئين
الفلسطينيين إلى 580 ألفاً معظمهم في
اليرموك، وقد تعرضوا منذ بدء الأحداث
في سوريا قبل سنتين إلى موجة متجددة من
العدوان عليهم داخل المخيم وكان آخر
حلقات هذا العدوان قصفهم بالطائرات
وسقوط (12) شهيداً وأكثر من (250) جريحاً
يوم أمس فقط والعدد مرشح للزيادة كما
ان العدوان عليهم متجدد وقد يصل حد
تدمير المخيم. الفلسطينيون في
سوريا ليسوا سوريين بل هم لاجئون برسم
العودة وما زال وطنهم محتلاً، وأكثرهم
جاء من فلسطين التي احتلت عام 1948 وخاصة
من صفد وقرى الجليل وشمال فلسطين وقليل
منهم وصل في العام 1967 ومن هم خارج
المخيمات قليلون. والسؤال: إذا كان
السوريون يستطيعون الفرار والخروج من
سوريا إلى دول الجوار ويقبلون كلاجئين
سوريين برسم العودة إلى وطنهم كما يحدث
مع اللاجئين إلى الأردن وتركيا ولبنان
والعراق فأين يهرب اللاجئون
الفلسطينيون والذين لا يستطيعون
العودة إلى وطنهم الذي تحتله اسرائيل
وتمنع عودتهم اليه. كما كان الحال مع
اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من
العراق بعد سقوط نظام صدام حسين وظلوا
في الصحراء نهباً للرمال والظروف
الجوية القاسية وانقطاع العالم عنهم
ولم تقبلهم أية جهة إلى أن تدبرت الأمم
المتحدة ترحيلهم إلى دول في أميركا
اللاتينية حين لم تعمل على عودتهم إلى
فلسطين حيث خرج آباؤهم وأجدادهم بعد أن
اقتلعوا من ديارهم. والسؤال من يحمي
الفلسطينيين في سوريا؟ ولماذا لا تجري
المطالبة بحماية دولية لهم طالما ظلوا
الآن برسم القتل والقصف والتدمير وعدم
السماح بخروجهم وحتى عدم السماح
بدخولهم من دول الجوار أسوة ببقية
السوريين الذين فتحت لهم مخيمات. على القيادة
الفلسطينية أن تطالب الأمم المتحدة
فوراً بتوفير حماية للفلسطينيين في
سوريا أو السماح لهم بالعودة إلى
فلسطين بعد الاعتراف الدولي بفلسطين
دولة في الأمم المتحدة..فهل تثير
القيادة الفلسطينية هذه المسألة؟ وهل
تطلب بإرسال قوات حفظ سلام لحماية
المخيمات في سوريا؟ وهل يستطيع
الفلسطينيون أن يدافعوا عن أنفسهم
ومخيماتهم من الحرق والتدمير؟ ..هذا
السؤال برسم الطرح على الجامعة
العربية أيضاً وعلى الدول المعنية
بإدانة النظام السوري. نظام «الممانعة
والمقاومة» والذي كان من قبل قد ضرب
مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
وخاصة في مخيم تل الزعتر حين تحالف مع
قوى لبنانية ضد أخرى وحين وقف ضد
الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة
الفلسطينية في الثمانينات من القرن
الماضي. وإذا كان اللاجئون
السوريون يحظون بالقبول والمساعدة
والحماية خارج سوريا فهل يترك
الفلسطينيون في المخيمات السورية
للقتل والقصف والحصار والاستعداء
عليهم من قبل عملاء النظام السوري. أعتقد أنه مطلوب الآن
من الجامعة العربية عقد جلسة طارئة
لمناقشة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين
في سوريا وكيف يمكن حمايتهم أو اخلاؤهم
أو ضمان عدم مواصلة العدوان عليهم. إن معظم المخيمات
يسكنها أطفال ونساء وعزل من السلاح وهم
لاجئون فيها ليسوا مع نظام الأسد أو
ضده ليتذرع النظام السوري بقصفهم
وقتلهم وتصفية الحساب معهم نكاية في
خصومات له مع القيادة الفلسطينية
ومواقفها التي تغيرت وخاصة موقف حركة
حماس التي كانت تؤيد النظام السوري ثم
غادرت قياداتها دمشق. الفلسطينيون في
سوريا ليسوا مقاتلين وافدين إلى سوريا
وليسوا من التنظيمات الارهابية أو
المقاومة وليسوا من الجيش الحر حتى
ينخرطوا في مقاومة النظام. والنظام
السوري ليس نظامهم ليقاوموه أو يعدلوا
اعوجاجه، بل انهم لاجئون على الأرض
السورية ولذا يجب حمايتهم بتدخل دولي
من الأمم المتحدة وارسال قوات فصل
بينهم وبين الجيش السوري وتوجيه انذار
لنظام دمشق ليتوقف عن ذلك فوراً.. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 17-12-2012 سبق أن كتبت في أغسطس
(آب) الماضي هنا «فكروا في إيران ما بعد
الأسد»، وأعود اليوم لأكتب عن إيران ما
بعد الأسد مرة أخرى، لأن الأوضاع على
الأرض في سوريا باتت تتحرك بسرعة
مذهلة، ونظرا لتأكيدات سمعتها من
ثلاثة مصادر عربية وأوروبية عن تخطيط
إيران لما بعد الأسد. وقبل البدء لا بد من
تأمل تصريح، أو تحذير، حسن نصر الله
الأخير الذي يقول فيه إن الوضع في
سوريا يزداد تعقيدا، لكن من يظن أن
المعارضة المسلحة يمكنها حسم الموقف
على الأرض «مخطئ جدا جدا جدا». وكلام
نصر الله يعد مهما؛ لأنه يعكس الموقف
الإيراني بالطبع، ونصر الله هنا لا
يتحدث عن انتصار الأسد، وإنما عن صعوبة
انتصار الثوار، والفارق كبير، فحزب
الله كان يعتقد لوقت قريب أن الأسد
منتصر، بل إن بعض قيادات الحزب كان
يردون على من ينصحونهم من خطورة حرق
أوراقهم مع الأسد بالنظر للساعة في
معصم اليد والقول: «غدا مثل هذا الوقت
تكون خلصت»! وما سمعته من المصادر
الثلاث، واثنان منهم سبق أن التقيا
الأسد ويعرفانه جيدا، أن الاستراتيجية
الإيرانية التي يخدمها حزب الله في
سوريا تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية؛
الأولى الدفاع عن الأسد بشكل مستميت،
بالمال والرجال والسلاح، ولذا، وبحسب
المصادر، فإن قاسم سليماني شبه مقيم في
دمشق، لكن هذه الاستراتيجية فشلت،
وطهران الآن على قناعة بذلك. أما
الثانية، فهي السعي لتكوين دويلة
علوية وتكون ملتصقة بالحدود مع حزب
الله، وتم العمل على ذلك، وتم تطهير
مدن وقرى سنية لذلك الهدف، لكن هذه
الخطة فشلت أيضا. الثالثة، وهذا ما يتم
العمل عليه الآن، هي أنه في حال سقوط
الأسد، فإن إيران وحلفاءها سيسعون
لضمان عدم قيام نظام، أو دولة، في
سوريا، وبأي ثمن، وذلك من خلال زرع
الفوضى، والعنف، وعدم الاستقرار،
ومهما كلف الأمر، وهذا ما يشترك به حزب
الله بالطبع مع إيران، هذا ناهيك عن
معلومات المصادر المستقاة من مصادر
مخابراتية بأن الأسد ينوي القيام
بأعمال جنونية في حال شعر بأنها اللحظة
الأخيرة له في الحكم. ولذا، فإن حديث نصر
الله عن أن «الوضع في سوريا يزداد
تعقيدا، لكن من يظن أن الثوار يمكنهم
حسم الموقف على الأرض (مخطئ جدا جدا جدا)»،
يعتبر مهما، ويجب أن يؤخذ على محمل
الجد، لأنه يعني أن إيران ونصر الله
اقتنعا بنهاية الأسد، والآن يخططان
لإحراق سوريا. وقد قيل هذا الأمر علنا
من قبل حلفاء الأسد بأنه لا سوريا بعد
الأسد، فإيران وحزب الله يعيان أن
البديل للأسد، وخصوصا لو جاء بانتصار
عسكري لن يكون سهلا معهم، وسيسعون
لزعزعة سوريا انطلاقا من العراق،
ولبنان، فإيران وحزب الله يعيان جيدا
أن سقوط الأسد يعد أكبر هزيمة
استراتيجية لهما. ولذا، وكما سبق أن
كتبنا هنا، يجب أن لا يكتفى بتخمين
الوقت الذي قد يسقط فيه الأسد، بل يجب
الدفع بسيناريو السقوط، مع وجود
استراتيجية واضحة للحظات ما بعد
الأسد، وليس الأيام التي تليها، وذلك
لتفويت الفرصة على إيران وحزب الله،
وحماية سوريا ككل. ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق الاوسط 17-12-2012 غضنفر أصل ركن آبادي
هو سفير إيران في بيروت، من سكان
العاصمة اللبنانية وخريج إحدى
جامعاتها. وغضنفر في العربية اسم من
أسماء الأسد، ومن المرجح أنه أكثر
الإيرانيين تأييدا لنظام الأسد. وقد لفت انتباه
الصحافة بعد أن علمت أنه دعا سفراء
سوريا وروسيا والصين إلى بيته، وأن هذا
العشاء كان هدفه «تقرير مستقبل سوريا
السياسي»، وعبر عن غضبه في الاجتماع من
تهريب بضعة أسلحة بسيطة من لبنان
للثوار السوريين. والأرجح أن الاجتماع
الرباعي في بيروت جاء بديلا عن اجتماع
في دمشق بعد أن بلغتها قوات الثوار
وأصبح الطريق من لبنان إليها غير آمن. وليس صحيحا ما اعتبره
بعض الإعلام اللبناني أن الاجتماع
مخالف لقواعد الضيافة الدبلوماسية
طالما أنه مجرد عشاء لا يتضمن مشاريع
عمل من دون علم السلطات اللبنانية. ولا
نود الدخول في جدل حول الأعراف، ولا
يهمنا رأي السفير غضنفر فيما يهربه
اللبنانيون في صالح الثورة السورية،
لأنه هو نفسه لا يهتم برأي اللبنانيين
واعتراضهم على الترسانة الضخمة من
الأسلحة التي تهربها حكومته الإيرانية
لدعم حزب الله ضد بقية اللبنانيين. السفراء الأربعة
يمثلون أكثر أربع حكومات مكروهة للعرب
اليوم، وكلما طال زمن الأزمة السورية
واستمر الأسد حاكما في دمشق، ازدادت
مشكلة روسيا والصين وإيران في
المنطقة، وليس العكس. ولو صدقت
الروايات التي تقول إن إيران تعتزم
إرسال 70 ألف مقاتل من قواتها لرفد نظام
الأسد المتهاوي، تحت ذريعة أن التدخل
الإيراني رد على استعانة تركيا بأسلحة
وصواريخ باتريوت الغربية، فستكون حالة
احتلال وسيغرق الإيرانيون في المستنقع
السوري، وقد يؤدي ذلك إلى سقوط النظام
الإيراني نفسه الذي يواجه حالة غضب
داخلية مماثلة لما يحدث في سوريا. يقول رئيس أركان
الجيش الإيراني الجنرال حسن فيروز
آبادي عن استعانة تركيا بدفاعات غربية:
«بهذه الخطة يعد الغرب الآن لحرب
عالمية أخرى سوف تمثل خطرا أيضا على
أوروبا ذاتها». ولم أفهم إصراره على
خطورة بطاريات باتريوت - وهي دفاعية -
مهددا الأتراك بأنها سوف تزيد
التوترات، ودعا تركيا والولايات
المتحدة إلى سحبها قبل أن «يندلع حريق
لا يمكن لأحد أن يطفئه!». وعليه أن يعرف أن
الحريق الحقيقي سيندلع في حال أرسلت
إيران جيشها للقتال في سوريا، حتى لو
قصرت عمله على دعم الدولة العلوية
الساحلية فقط، فإنها ستجد في زمن قصير
عشرات الآلاف يهبون للقتال ضدها في
سوريا، بعضهم سيقاتلهم من باب التعصب
الطائفي، وبعضهم إيمانا بأن مساندة
الشعب السوري بالقوة أصبحت واجبة على
الأفراد بعد فشل الحكومات العربية
وخذلان المجتمع الدولي لهم. أي أن
إيران ستفتح باب جهنم على نفسها وستكون
في محيط معادٍ لها لم تعرف له مثيلا. من دون تدخل إيران لن
يصمد الأسد سوى بضعة أسابيع. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |