ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 19/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

18-12-2012

«لكل ظالم نهاية»

صالح القلاب

الرأي الاردنية

18-12-2012

إمَّا أن بشار الأسد لم يعد هو صاحب القرار الفعلي في سوريا أو أنَّ هناك إتفاقاً على تبادل الأدوار حتى يستيقظ فاروق الشرع من سباته العميق ويقول بعد نحو عامين من الصمت :»أن الحل في سوريا يجب ان يكون من خلال تسوية تاريخية تشمل الدول الإقليمية الأساسية والدول الأعضاء في مجلس الأمن وإن هذه التسوية لابد من ان تتضمن أولاً وقفاً للعنف ووقفاً متزامناً لإطلاق النار وتشكيل حكومة وطنية ذات صلاحيات واسعة.. وهذا يجب أن يترافق مع معاجلة الملفات العالقة المتصلة بحياة الناس ومطالبهم المحقة».

لقد قال فاروق الشرع كل هذا الذي قاله في صحيفة «الأخبار» اللبنانية التي يملكها حزب الله والتي يقال أنها على صلةٍ وثيقة بالمخابرات السورية وهو قال أيضاً :»إن المشكلة تكبر وتتعمق وإنه كما أنَّ ليس بإمكان هذه المعارضة أن تحسم المعركة على أساس إسقاط النظام إلاّ إذا كان هدفها إدخال البلاد في فوضى ودوامة عنف لا نهاية لها كذلك فإنني لا أرى أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش سيحقق حسماً» فما معنى هذا ومنذ متى تصل الجرأة بمسؤول سوري حتى وإن كان في موقع نائب رئيس الجمهورية أن يقول مثل هذا الكلام الذي لو أنه قاله عندما كانت الدنيا في سوريا لا تزال «قمَراً وربيعاً» لأصبحت «عظامه مكاحل» وعلى الفور؟!.

لقد إنكشفت كذبة «عصابات الإرهاب» وها هي قوات لجيش السوري الحر تقاتل الآن في دمشق بينما يواصل رجالات نظام بشار الاسد القفز من السفينة «الغارقة» وكل هذا يؤكد ما كان قاله نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي كان قال :»إن الحكومة السورية غدت تفقد سيطرتها على البلاد أكثر فأكثر وإنه لا يجوز إستبعاد إحتمال إنتصار المعارضة (السورية) وهو يؤكد أيضاً أن هناك فعلاً إتفاقاً أميركياً-روسياً على المرحلة الإنتقالية التي جرى الحديث عنها كثيراً وإن هناك إستعداداً مبدئياً من قبل الرئيس السوري بعد تشكيل الحكومة الوطنية ،التي ورد ذكرها في تصريحات فاروق الشرع الآنفة الذكر، على الإستقالة والمغادرة إلى دولة تستقبله والواضح أن هذه الدولة قد تكون الإمارات العربية المتحدة.

لقد «إستوى العدس» ،كما يقال، والمستغرب أن «التدويل» الذي كان يعتبر من المحرمات إن بالنسبة للمسؤولين السوريين وإن بالنسبة لـ»أعوانهم» في الخارج غدا مطلباً وطنياً حيث لم ينسَ فاروق الشرع في تصريحاته هذه المشار إليها ،التي يبدو أنها قد لُقِّنت إليه تلقيناً وأنه حفظها عن ظهر قلب على إعتبار أنها واجب قومي، إشتراط أن تشمل «التسوية التاريخية» التي دعا إليها لحل الأزمة السورية :»الدول الإقليمية الأساسية والدول الأعضاء في مجلس الأمن» وبالطبع فإن الدول الإقليمية هذه المشار إليها هي تركياً وإيران وهناك من يشير أيضاً إلى إسرائيل!!.

يا حرام.. ألمْ يكن من الأفضل لوْ أن هذا النظام ،الذي بات يستجدي مثل هذه الحلول إستجداءً، قد قَبِلَ ليس بكل هذه التنازلات وإنما ببعضها عندما لم تكن بعد مدافعه ودباباته وطائراته قد ألحقت بسوريا كل هذا التدمير وعندما لم تكن بعد قد حلَّت بالشعب السوري كل هذه الويلات ولم تسقط كل هذه الأعداد من القتلى ويصل عدد اللاجئين إن إلى الخارج وإن في الداخل إلى هذه الأرقام الفلكية؟؟.

إن أهم مواصفات القائد الذي يستحق قيادة شعبه وقيادة بلده هي أن يرى أبعد كثيراً من أرنبة أنفه وهي أن يدرك الواقع ويعرفه قبل وقوعه وهذا ما لم يتوفر للرئيس السوري منذ أن تم تعديل الدستور له خلال أقل من ساعة واحدة ليصبح رئيساً وحتى إنفجار هذه الثورة الشعبية الباسلة والشجاعة ،التي أصبح جنودها يقفون على أبواب قصره، فوقع في كل الأخطاء القاتلة التي وقع فيها إن في لبنان وإن على الصعيد العربي والإقليمي والدولي أيضاً فكانت النتيجة أن يحل في هذا البلد العظيم كل هذا الدمار والخراب الذي حل فيه وأن تكون نهايته هو ،أي بشار الأسد، ستكون كنهاية كل الذين أخذتهم العزة بالإثم والذين إستبد بهم غرور العظمة فألحقوا الدمار ببلدانهم والويلات بشعوبهم فكانت النهاية المأساوية لهم ولأهلهم ولشركائهم في الحكم والسلطة.. و»في حكمة الله آية لكل ظالم نهاية»!!.

=================

المعارض السوري كمال اللبواني لـ الشرق: الإخوان المسلمين يتحكمون في الائتلاف الوطني ويعيقون وحدة الثورة

الدمام – أسامة المصري

الشرق القطرية

18-12-2012

الإخوان يركزون على الإغاثة لأنها تتحكم في أموال يمكن من خلالها «شراء ولاءات»

 مهمة الديمقراطيين في سوريا ستكون صعبة بعد إسقاط النظام.. ودور السلفيين سيكون أساسياً

كمال اللبواني

حذر المعارض السوري البارز وعضو الائتلاف الوطني المعارض الدكتور محمد كمال اللبواني، من تحكم الإخوان المسلمين في أي حكومة سورية مؤقتة يتم تشكيلها بواسطة الائتلاف، واتهمهم بالسيطرة على مؤسسات المعارضة السورية والعمل بعقلية شمولية.

 وتوقع اللبواني، في حديثه لـ»الشرق»، أن يتحول الإخوان إلى عائق أمام الثورة ووحدتها الداخلية، وقال إنهم لا يعملون بروح الائتلاف الوطني، مضيفاً «كانوا سبب عدم التفاف الثوار حول المجلس الوطني، واليوم يكررون المسألة مع الائتلاف».

مبررات قيام الائتلاف

وأكد كمال اللبواني أن تشكيل الائتلاف الوطني المعارض استهدف سد الفراغ السياسي والقانوني والعسكري حال سقوط نظام بشار الأسد بفعل الضربات العسكرية المتلاحقة من قِبَل الجيش الحر على كامل الساحة السورية.

 وذكر أن تشكيل الائتلاف جاء في ظل غياب القيادة العسكرية الموحدة لقوى المعارضة، والعمل التنظيمي للإدارات المدنية على الأرض المحررة، إضافة إلى عدم وجود مؤسسة قضائية بما يسببه ذلك من مشكلات عديدة.

 وأوضح أنه جرى نقاش مبادرة تشكيل الائتلاف مع عددٍ من سفراء الدول الصديقة للشعب السوري الذين دعموا الفكرة على أساس تشكيل جسد سياسي مصغر يشرف على حكومة مؤقتة ويكون بمثابة مؤسسة تشريعية ورقابية على عمل هذه الحكومة التي سيكون دورها تنفيذياً بحتاً، إضافة إلى العمل على توحيد القوى العسكرية لتكون نواة لجيش وطني وإنشاء مجلس قضاء أعلى موازٍ.

 وكشف اللبواني أن تدخل بعض الأطراف العربية حرّف المبادرة عن اتجاهها وأنتج الائتلاف بصورة تشبه كثيراً المجلس الوطني الذي كان الإخوان المسلمون، القوة السورية الوحيدة المنظمة في الخارج، يسيطرون عليه بما يملكونه من إمكانات مالية كبيرة وعلاقات دولية وعربية متشعبة.

 وأشارإلى أن كل مشكلات المجلس الوطني وما أصابه من تعطيل انتقلت إلى الائتلاف الجديد، وبيّن أن هذا التعطيل تجلى في النظام الداخلي للائتلاف لأن تعديله لا يمكن أن يتم إلا بتوفر أغلبية الثلثين من عدد الأعضاء الكلي «وهي النسبة التي لا يمكن توفرها إلا للإخوان وحلفائهم»، حسب قوله.

 وأضاف أن جماعة الإخوان تستمد نفوذها داخل الائتلاف ليس فقط من خلال وجودها العددي فيه، بل من خلال الشخصيات الإسلامية وغير الإسلامية التي تدور في فلكها وتوحي بتمثيل قوى ومكونات بعيدة عنها لكنها في النهاية تصوِّت لها، واستغرب قبول هذه الشخصيات بلعب هذا الدور المساند للإخوان.

ورأى أن هذه الشخصيات التي تدور في فلك الإخوان تؤمن لهم أغلبية تصويت حقيقية رغم أنهم أقلية في الائتلاف، وتابع «هذا ما يقدم صورة مضللة عن التوازن داخل هذا الائتلاف، فهو عملياً مختلّ تماماً لصالحهم»، ودلل على ذلك بالقول «إن كل اللجان التي تم انتخابها داخل الائتلاف كانت لمصلحتهم، وإن أعضاءً في مكاتب الائتلاف تم تعيينهم بنفس الطريقة»، لافتاً إلى تركيز الإخوان على ملف الإغاثة لأنه يتحكم في أموال كبيرة يمكن استعمالها لـ»شراء الولاءات».

 كما انتقد اللبواني رئاسة الائتلاف التي تضم خمسة أعضاء هم الرئيس وثلاثة نواب بالإضافة إلى أمين عام، وقال إنها لم تهتم حتى الآن بإيجاد مؤسسات ومكاتب لاتخاذ القرارات، وإنما تتصرف كبديل عن كل الائتلاف وتهمش بقية أعضائه عملياً.

 ورأى أن الائتلاف يفتقد إلى قواعد ضابطة للعمل داخله ولمواقف ثابتة موحدة أو برامج وخطط معينة يمكن أن توضع بين يدي الحكومة المؤقتة حال تم تشكيلها لأجل مواصلة الثورة.

 

تحكم إخواني

 

وحذر كمال اللبواني من أنه إذا لم يتم استكشاف آفاق تشكيل حكومة وطنية جامعة فإن أي حكومة ستأتي عن طريق الائتلاف سيتحكم فيها الإخوان بشكل كبير وسيقصون الآخرين، واقترح إلغاء فكرة الحكومة المؤقتة والاستعاضة عنها بمكاتب تنفيذية اختصاصية تتكون من جميع أعضاء الائتلاف الوطني بعد استكمال بنائه وضم مجموعات جديدة إليه أُهمِلَ تمثيلها بهدف كسر احتكار الإخوان وإلزامهم بالشراكة.

 وقال إن الأمور إذا سارت على هذا المنوال فإنه لا يتوقع أن تكون هناك انتخابات حرة بعد سقوط الأسد خاصة في حال استمرت حركة الإخوان في السيطرة على مؤسسات المعارضة والعمل بذات الأسلوب الذي تمارسه اليوم فيها، وأكمل «لديهم عقلية استئصالية واضحة، وهم شموليون، وفكرة المشاركة والاعتراف بالآخر غير موجودة لديهم، وكل ما يمارسونه هو الإصرار على حكم سوريا في المستقبل وحيدين»، ورأى أن من الطبيعي أن يسعى أي حزب للوصول للسلطة لكن الديمقراطي فقط هو من يقبل بالمشاركة والتداول.

واتهم اللبواني الإخوان منذ بداية الثورة بالسعي إلى جعل السلاح حزبياً لا وطنياً، وأوضح أنه عندما طرح على المجلس الوطني عندما كان عضواً فيه قبل عام ضرورة تشكيل مكتب تحت اسم «مكتب حماية المدنيين» يعتني بتنظيم العمل المسلح ويشرف على تشكيل الجيش الحر الذي كان بدأ يتشكل لتوّه لكي يكون السلاح وطنياً ومنضبطاً، فما كان من الإخوان المسلمين إلا أن أنشأوا «هيئة حماية المدنيين» التابعة لتنظيمهم، فمر ذلك من دون اعتراض المجلس.

وأضاف «كانت النتيجة صناعة ولاءات عسكرية لهم، ليرد آخرون بصناعة ولاءات أخرى كالسلفيين وغيرهم، ليفتحوا بذلك باب الفوضى وشرذمة العمل المسلح الذي صار من الصعب جداً توحيده بعد مضي عام كامل».

 

دور قطري

 

ويرى اللبواني أن من يقف وراء تحركات الإخوان ليست فقط قوة تنظيمهم بل الدعم الكبير من قطر ثم تركيا وفرنسا بدرجة أدنى، مضيفاً أن فرنسا كانت تنسق بشكل كامل مع قطر فيما يخص المجلس ومن بعده الائتلاف.

 ويعتقد اللبواني أن كل ما يجري تشكيله الآن من كيانات سياسية يجب أن يتم حله بعد إسقاط النظام، وأن أي حكومة ستُشكَّل يجب أن تنتهي صلاحياتها مع انعقاد جمعية وطنية عامة تكون سيدة نفسها بعيداً عن التدخلات الخارجية وعن سلطات صُنِعَت خارج سوريا في ظروف استثنائية، منبهاً إلى ضرورة إدارة المرحلة الانتقالية بقرار ثوار الداخل الذين دفعوا الدماء من أجل الحرية.

 وبالعودة لمبادرة المعارض رياض سيف لتأسيس الائتلاف، قال اللبواني «كان من المفترض أن تتشكل بالتوازي حكومة مؤقتة برئاسة شخصية معروفة تحظى برضا عربي ودولي، وأن يكون للائتلاف حق مراقبة عملها وفق ضوابط أهمها عدم التفاوض مع نظام الأسد أو إسرائيل، وأن تُحَل عند عقد مؤتمر الجمعية الوطنية في الداخل بعد سقوط النظام، وأن تحافظ على وحدة البلاد».

 ورأى اللبواني أن ما حدث بعد تشكيل الائتلاف هو بمثابة تخلٍّ عن المبادرة بفعل الدور الكبير للمجلس الوطني الذي يتحكم فيه الإخوان والتلكؤ في تسمية رئيس الحكومة الوطنية، «وهذا ما قد يجعل من الائتلاف عامل إعاقة أيضاً، فالضمانات كانت واضحة، وهي الاستعداد لمد الجيش الحر بالسلاح النوعي لإسقاط النظام، وكذلك التمويل الكافي للائتلاف والحكومة لتكون قادرة على فرض وجودها ومنع الفوضى»، حسب تأكيده.

 وحول مؤتمر مراكش الأخير، قال اللبواني إنه كان من المفترض الذهاب إلى مراكش بحكومة مؤقتة ليتم الاعتراف الدولي بالائتلاف والحكومة معاً، وتقديم الدعم المالي والعسكري، وأكمل «لكن مع إحباط مشروع الحكومة اكتفى المجتمع الدولي بدعم مالي بسيط ولم يتم التطرق إلى موضوع السلاح، وأصبح الائتلاف بهذه الطريقة معرقلاً لمبادرة رياض سيف التي كانت تقصد وضع حل عملي سريع للمأساة في سوريا في إطار ثوابت الثورة».

 وحول إمكانية التدخل الدولي في سوريا تحت مسمى قوات حفظ السلام، أرجع اللبواني هذا الطرح إلى السعي لضمان السيطرة على السلاح الكيماوي، وأضاف «هذا مطلب محق لما لهذا السلاح من مخاطر ونحن لا نريده ولا نريد استخدامه ضد أحد»، غير أنه أكد أنه في حال تجاوزت هذه القوات مهمتها المحددة وأرادت لعب دور للمحافظة على ما تبقى من النظام أو فرض حدود تقسيمية في سوريا، فسيكون للشعب رد آخر بالتأكيد.

 وتوقع اللبواني أن يدمر نظام الأسد دمشق قبل الخروج منها كما يفعل في حمص وحلب الآن، ورأى أن الحقد الفارسي على عاصمة الأمويين غير خفي على أحد.

 وثمَّن اللبواني موقف المملكة من الأزمة السورية، وقال «إن ما سمعناه من المسؤولين السعوديين يعبر عن موقف مبني على أساس إنساني وأخلاقي، فليس لدى الإخوة في المملكة أي شرط سياسي على كل ما يقدمونه للشعب السوري، وهم يؤكدون أن قرار السوريين ينبغي أن يكون مستقلاً وبعيداً عن التدخلات الخارجية، وأن لا تكون المعارضة السورية مطية لأحد»، ووصف موقف المملكة بـ»مشرّف وصادق».

 وحذّر اللبواني في نهاية حديثه من خطر الفوضى التي ستقع فيها سوريا بعد إسقاط النظام، ورأى أن مهمة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي ستكون فاشلة، كما توقع فشل المعارضة في تنظيم استقرار سوريا، ورجح المرور بمرحلة من الفوضى في ظل التعقيدات الحالية والتدخلات العربية والإقليمية والدولية.

ورأى أن دور الجهاديين السلفيين سيكون أساساً في إسقاط النظام وما بعده، وتوقع أن يواجه الديمقراطيون مهمة صعبة، ورجح أن لا تعود سوريا إلى الاستقرار قبل إعادة ترتيب المنطقة سياسياً وعقائدياً وثقافياً مروراً بتحجيم الدور الفارسي والعبري الهدام في المنطقة.

 

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣٨٠) صفحة (٢٣) بتاريخ (١٨-١٢-

=================

. نقرأ الشرع!

طارق مصاروة

الراي الاردنية

18-12-2012

لا يقول فاروق الشرع هذا الذي قاله لـ»الأخبار» اللبنانية، لولا مروره بخرم إبرة النظام السوري، وإجازته. ففاروق الشرع لم يلجأ إلى عمان، وهي الأقرب، أو إلى تركيا أو قطر، وهو لا يزال نائب رئيس الجمهورية ويعمل من مكاتبه في دمشق!!.

يقول الشرع: الطريق إلى دمشق ليست كما كانت عليه قبل ستة أشهر، ولا قبل عام، ولا قبل عام ونصف. الأزمة التي تعصف بسوريا حاضرة في كل شيء: الحواجز الأمنية والعسكرية، والفواصل الإسمنتية كلها باتت حاضرة. والمفاجأة تتطلب التوقف عن السير عند رؤية عشرات المواطنين يحيطون بمبنى صغير والامعان، قبل أن تكتشف انهم يقفون في طابور لشراء الخبز!!.

هنا يلاحظ الذي يقرأ التفاصيل أن الشرع لا علاقة له بالإعلام السوري، الذي ينكر أن هناك شيئا غير عادي في سوريا، فيما عدا أن هناك «إرهابيين» لا يقول كم عددهم، لكن نشراته تتحدث عن معارك في دمشق وحلب وحمص وحماة ودرعا ودير الزور، وعن انتصارات يحققها الجيش البطل منذ عامين!!.

الشرع يقول بالفم الملآن: إنّ تراجع أعداد المتظاهرين السلميين أدى إلى ارتفاع أعداد المسلحين. صحيح أن توفير الأمن للمواطنين واجب على الدولة، لكنه يختلف عن انتهاج الحل الأمني للأزمة، ولا يجوز الخلط بين الاثنين.

ويسأل: أين مسؤولية الدولة في تحري أسباب وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه خصوصاً لناحية عسكرة الحراك؟!. ألم تشكل لجان تحقيق لتحديد الأسباب؟!. ويجيب: لم تشكل لجان تحقيق ذات مصداقية منذ بداية الأحداث.

ويقول الشرع: كل يوم يمر يبتعد الحل عسكرياً وسياسياً. نحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سوريا، ولسنا في معركة وجود فرد أو نظام.

ويسأل الصحفي: هل نحن في سياق حل؟!. يقول الشرع: هناك مسائل كثيرة يمكن العمل عليها لايجاد حل. لا أحد واهم بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. لكنه قبل هذا يعود إلى أصدقاء سوريا: روسيا، الصين، إيران، حزب الله ويقول كان يمكنهم العمل المبكر من أجل حل سوري – سوري لكنهم لم يفعلوا ذلك!!.

ويقول: لا المعارضة في أسطنبول ولا هيئة التنسيق، ولا الجماعات المسلحة تستطيع أن تقول إنها تمثل سوريا، كذلك فإنّ الحكم القائم بجيشه العقائدي وأحزابه الجبهوية وفي مقدمتها البعث لا تستطيع وحدها إحداث التغيير والتطوّر بدون شركاء جدّد يساهمون في الحفاظ على نسيج الوطن ووحدة أراضيه. ولكنه يصل إلى النقطة الفاصلة: إن فقدان الثقة بين الطرفين واستحالة جمعهما في حوار مباشر سيفضي إلى تدمير وتفكيك مستمرين لا يستفيد منها في هذه المرحلة.. إلا إسرائيل!!.

ويصف سوريا الآن إلى وضع دول أوروبا الشرقية وهي تتغيّر أمام أعيننا، وما يحصل يتماهى مع مطلع تسعينيات القرن الماضي. لكن تغيير بنية أنظمتها إلى نزاعات أهلية وحروب مدمرة.

- كيف يتصوّر الشرع الحل؟!.

- يقول كل منطق يقوم على رفض الحوار إنما يعكس رغبة عدم التوصل إلى حل بيد السوريين أنفسهم. لكنه يرى، ولهذا السبب، أن يكون الحل تاريخياً يشمل الدول الإقليمية الأساسية وأعضاء مجلس الأمن. ونبدأ بوقف العنف. وهو يقول للمعارضة وللنظام أن من المستحيل حسم المعركة باسقاط النظام، أو تصفية المعارضة عسكرياً ويتوقف عند مؤتمر جنيف، وجولات الإبراهيمي.

وهنا نسأل: هل حديث الشرع بهذه الجرأة هو مبادرة سورية تلتقي بالتحرك الروسي في اتجاه مبادرة جنيف؟ هل تتشكل حكومتان: واحدة معارضة، وأخرى برئاسة الشرع لبدء حوار يلي مباشرة توافق روسي – أميركي؟!.

ممثل النظام السوري يعلن فشل الحل العسكري الأمني، ويؤمن أن المعارضة ليست إرهاباً، ويقبل تدويل الأزمة السورية، والبدء بحوار تشارك به الدول المعنية في المنطقة، والدائمة العضوية في مجلس الأمن.

يبقى أن تقف المعارضة على رجليها، وتشكل حكومة منفى، وتعرض بوضوح استعدادها للجلوس حول الطاولة مع أصدقائها وأعدائها!!.

نقرأ كلام الشرع، ونحسب أننا نقرأ من كتاب أردني!.

=================

أسلحة سوريا الكيمياوية.: عودة السيناريو العراقي

تاريخ النشر: الثلاثاء 18 ديسمبر 2012

ويليام فاف

الاتحاد

منذ بداية شهر ديسمبر، احتل غاز السارين مكاناً مهماً في النقاش حول الحرب الأهلية في سوريا. فقد اعترفت الحكومة السورية بامتلاك مخازين مهمة من هذا الغاز في مناطق القتال أو حولها. وحسب «نتالي نوجايريد» من صحيفة «لوموند» الفرنسية الرصينة، فقد جمعت مأدبة عشاء الأسبوع الماضي في بروكسل ممثلي القوى الكبرى في حلف «الناتو» من أجل مناقشة الوضع السوري ومعالجة مسألة تدخل «الناتو» من أجل التعاطي مع التهديد المتمثل في إمكانية استعمال الغاز من قبل الحكومة، أو إمكانية سقوطه بطريقة أو بأخرى في أيدي مجموعات إرهابية أو متشددين أو بلدان أخرى. فهل ينوي «الناتو» التدخل؟

في الماضي، شكلت تهمة امتلاك أسلحة الدمار الشامل العبارة المعتادة عند التهديد بتدخل أو هجوم خارجي. فقد سمعنا الشيء نفسه بعد الحادي عشر من سبتمبر بخصوص غزو أميركي للعراق، في الأمم المتحدة نفسها، من وزير الخارجية الأميركي حينها كولن باول، الذي اعترف لاحقاً بمصدر الغار المستمر هذا بعد أن تبين أنه لم تكن ثمة أي أسلحة نووية في العراق.

فهل هذه القصة السورية خدعة أخرى؟ في حالة العراق، من المعروف أن مجموعة مهمة داخل إدارة بوش الابن كانت تريد غزو العراق حيث كان بعضهم يرغب في إرضاء إسرائيل، التي كانت تريد رؤية العراق يدمَّر كلاعب عسكري عربي كبير، والذين نجحت عملية البروباجندا الرهيبة التي أطلقوها في الولايات المتحدة في الترويج للغزو. كما كانت ثمة أيضاً دوافع وطنية تتعلق بالرغبة في السيطرة على الموارد: السعي إلى السيطرة على موارد العراق النفطية وعلى بغداد كقاعدة عسكرية استراتيجية أميركية.

الموقف الأميركي من التمرد السوري، الذي يُسمع عادة، هو أن أوباما لا يرغب في تدخل عسكري آخر في منطقة الشرق الأوسط، حتى وإن كان الدور الأميركي عبارة عن «قيادة من الخلف»، مع خطر محدود بالنسبة للجنود الأميركيين. لكن من غير الواضح في ذهني كيف يمكن للمرء توقع خطر محدود لأي شخص يتعاطى مع غاز السارين ويسعى إلى حجز الذخيرة وإخلائها.

ويعد غاز السارين مادة كيماوية تهاجم النظام العصبي وتشل عضلات القلب، وتتسبب بالتالي في قتل المرء اختناقاً. وقد استعملت في الحرب الإيرانية- العراقية 1980-1988، وفي 1988 من قبل العراق ضد مدينته الكردية حلبجة، وفي هجوم إرهابي عام 1995 في مترو طوكيو.

وتؤكد مصادر عسكرية واستخباراتية مختلفة أن سوريا تملك هذا السلاح اليوم، لكن ليس ثمة على ما يبدو دليل دامغ على ذلك، كما أنه ليس ثمة حجة عسكرية مقنعة لاستعماله، علماً بأن القيام بذلك من شأنه أن يؤدي إلى رد انتقامي كبير من الدول الكبرى، التي ستتحرك بدعم من الأمم المتحدة في تلك الحالة.

لقد كانت ثمة بعض التقارير على الإنترنت التي تتهم الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب «الناتو» ومؤامرة سُنية مفترضة، بالتحريض على هذه الانتفاضة. ولكن لماذا؟ فسوريا ليست بلداً غنياً بالموارد. ثم إنها تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل منذ حرب عام 1967، وتدخلاتها الكبيرة في لبنان توقفت منذ بعض الوقت. كما أنها لا تتدخل في أماكن أخرى من المنطقة، والتوترات الطائفية في البلاد كانت تبدو هادئة قبل الانتفاضة. وعلاوة على ذلك، فإن سوريا لا مصلحة لها في إقحام نفسها في شجارات إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما أن مستوى المعيشة والتعليم والصحة يعتبر مرتفعاً نسبياً مقارنة مع بلدان المنطقة حيث تملك طبقة وسطى ومهنية متطورة.

إن أكثر سبب إقناعاً يمكنني أن أراه بالنسبة للانتفاضة هو العدوى الشعبية من «الربيع العربي»: عدم التسامح مع الفساد وعداء متزايد مع الديكتاتورية المفروضة من قبل الأجهزة الأمنية. فلماذا إذن يخطط «الناتو» للتدخل من أجل تأمين غاز السارين، مدعوماً على ما يفترض من قبل وزيرة الخارجية الأميركية ووزير الخارجية البريطاني (الذي قال على ما يفترض: «لما لا؟» عندما طُرح المخطط للنقاش). حسناً، لما لا؟ ولكن عليك في هذه الحالة أن تشرح لنا لماذا؟ اعطينا تفاصيل التهديد. واعطينا سيناريو مثل هذه العملية. واعطينا تفاصيل ما سيحدث في المرحلة التالية؟ فنحن جميعاً نرغب في معرفة أكثر مما عرفناه حول العراق في 2003.

وحسب «لوموند»، فإن وزيري الخارجية الألماني والهولندي، كانا «غاضبين» وبدا أنهما يعتقدان أن أمين عام «الناتو» وآخرين يحاولون فرض شيء ما عليهما، هذا في حين بدا أن الأتراك يؤيدون الفكرة، ولكن وزير الخارجية الفرنسي كان متشككاً، وإن كانت فرنسا قد حذرت في سبتمبر من أن الاستعمال السوري للأسلحة الكيماوية سينتج «رداً كبيراً وسريعاً».

كما سأل الفرنسيون أيضاً بشأن أي تعاون كان لـ«الناتو» بخصوص هذه المعلومة الاستخباراتية حول غاز السارين، التي بدا أنها تأتي من الولايات المتحدة فقط. ثم أي تفويض سيحصل عليه «الناتو» من أجل مثل هذا التدخل؟ وما الذي سيؤدي إلى تحرك «الناتو»: «عسكرة» الأسلحة، بمعنى تسليحها بالغاز أو استعمالها الفعلي؟ الواقع أنه يبدو أنه ليس ثمة جواب. أمين عام «الناتو» اختتم مأدبة العشاء بقول شيء مؤداه: «لقد استمعتُ إلى ما قلتموه جميعاً، ولكن لا تتفاجأوا إذا وجدتم أن المخططات بصدد الإعداد». ويذكر هنا أن وزيرة الخارجية الأميركية لم تقم بأي تعليق.

ولكن صمت كلينتون مثير للاهتمام. والملفت أن أوباما وإدراته كانا أيضاً صامتين جداً حول كل هذا. فهل يتم التحضير لهدية أعياد الميلاد من أجلنا؟ ألم تتعب الولايات المتحدة من الحروب الرئاسية؟ يبدو أن ذلك أضحى الأسلوب الأميركي الجديد، وأنا على يقين أن لا الكونجرس ولا المحكمة العليا سيطرحان أي اعتراض جدي.

-----------

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون ميديا سيرفس»

=================

رأي الراية ... تصريحات بعد فوات الأوان

الراية

18-12-2012

تؤشر تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع التي أدلى بها لصحيفة لبنانية على "عدم قدرة أي من نظام الرئيس بشار الأسد أو معارضيه على حسم الأمور عسكريا في النزاع المستمر منذ 21 شهرا" على حجم المأزق الذي يعيش فيه النظام السوري بعد أن وصلت الحرب إلى العاصمة دمشق في الأسابيع الأخيرة وهي التي ظلت في منأى عن الأحداث طوال شهور الثورة السورية إلا ما ندر.

أهمية تصريحات الشرع المختفي عن الأضواء منذ شهر يوليو من العام الماضي أنها تأتي من شخصية من صلب النظام السوري وتكشف عن وجود اختلاف في وجهات النظر بين الشرع والقيادة السورية التي اختارت استخدام الحل الأمني في التعامل مع الثورة السورية ومطالب الشعب السوري بالحرية والتغيير.

إن من أهم ما صرح به الشرع لصحيفة الأخبار اللبنانية المؤيدة للنظام السوري "أن كل يوم يمر يبتعد الحل عسكريا وسياسيا ونحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سوريا، ولسنا في معركة وجود لفرد أو نظام" وهو ما يمكن أن يفهم أنه دعوة للرئيس السوري لإعادة النظر في طريقة التعامل مع الأحداث في سوريا ووقف الحل الأمني المتبع لأن بقاء سوريا ووجودها أهم من بقاء النظام أو الرئيس نفسه.

لقد توارى نائب الرئيس السوري عن الأنظار منذ أشهر عديدة بعد أن فشلت جهوده في إطلاق حوار وطني شامل وإنجاز مصالحة وطنية نتيجة إصرار النظام السوري على استخدام القتل والعنف في مواجهة الشعب السوري وهو ما جرّ على البلاد مآسِيَ كان من الممكن تجنبها لو استجاب النظام لصوت العقل والحكمة.

إن تصريحات الشرع تمثل جرس إنذار أخير للنظام السوري لعله يثوب إلى رشده فيعلن وقف إطلاق النار ووقف إراقة دماء الشعب السوري والاستجابة لمطالب الثورة السورية العادلة التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف من السوريين بأرواحهم.

كل المؤشرات تدل على أن النظام يعيش في ربع الساعة الأخيرة وأن أقرب حلفائه إليه "روسيا" باتت تتوقع نهايته القريبة بعد أن أوشك على خسارة المعركة في وجه الثوار السوريين لأن دروس التاريخ تعلم الجميع أن إرادة الشعوب هي المنتصرة وهي الغالبة دائما وإن أعتى الأنظمة الاستبدادية وأقواها عسكريا لا يمكن أن تنتصر على شعب قرر أن ينال حريته وكرامته ويسترد مصيره وقراره.

لقد سقط النظام بالفعل في اللحظة التي أنكر فيها حق الشعب السوري بالحرية والتغيير وسقط أيضا في اللحظة التي استخدم فيها الطائرات الحربية والأسلحة الثقيلة لقتل شعبه وبالتالي تكون تصريحات الشرع أو صرخته قد جاءت بعد فوات الأوان.

=================

الشرع يقدم أوراق اعتماده رئيسا لسورية

منار الرشواني

الغد الاردنية

18-12-2012

حتماً لم ينشق فاروق الشرع، طوعاً أو كرهاً، عن نظام بشار الأسد. لكن في مقابلته المنشورة في صحيفة الأخبار اللبنانية، يوم أمس، يبدو كما لو أن "نائب الرئيس" قد قرر الانتحار، أو استعد كي "يُنتحر" بعدة رصاصات على يد النظام.

ففي المقابلة التي أجريت في منزله بدمشق، لا تكاد تظهر إدانة واحدة، ولو بالحد الأدنى، للثورة السورية التي يفترض أنها مؤامرة كونية بزعم نظام الأسد. وكذلك الأمر بشأن الثوار الذين ليسوا "رسمياً" إلا إرهابيين وخونة ومندسين قتلة! في المقابل، يبدو واضحاً تماماً تحميل الشرع المسؤولية عن الكارثة التي وصلت إليها سورية اليوم لبشار الأسد تحديداً وشخصياً.

فبالنسبة لأسباب اندلاع الأزمة/ الكارثة، لا يؤكد نائب الرئيس، وغير مرة، إلا على "العناصر الداخلية المرتبطة بالوضع الاقتصادي والسياسات التي اتبعت على مدار السنوات الأخيرة على الأقل". ورغم الحاجة إلى التدارك الذي ربما كان ممكناً سابقاً، فإنه "لم تشكل لجان تحقيق ذات مصداقية منذ بداية الأحداث، وإذا شكل بعض منها فإن نتائج التحقيق لم تنشر في وسائل الإعلام، الأمر الذي مهّد لنشر اشاعات أفقدت النظام مصداقيته وهيبته أمام المتضررين في الداخل والمراقبين في الخارج".

وبحسب الشرع أيضاً، لا يكاد يكون غير نظام الأسد مسؤولاً عن عسكرة الثورة السورية، بعد أن أوحى البعض "للقيادة" بأن "لا لزوم" لهيئة الحوار الوطني التي تشكلت بقيادة الشرع في تموز (يوليو) 2011، فكان أن هذه القيادة "تنصلت منها (الهيئة)... الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى الإجهاز على الحوار السياسي وفتح الباب على مصراعيه لحوار الرصاص والمدافع".

وإذا كان ما من مخرج لسورية من كارثتها إلا عبر الحوار السوري-السوري، فإن من يقف في وجه هذا الحوار، باعتراف الشرع الصريح، هو بشار الأسد؛ فمن "أتيحت له فرصة لقاء السيد الرئيس سيسمع منه أن هذا صراع طويل، والمؤامرة كبيرة وأطرافها عديدون (إرهابيون، رعاع، مهربون). وهو لا يخفي رغبته بحسم الأمور عسكرياً حتى تحقيق النصر النهائي، وعندها يصبح الحوار السياسي ممكناً على أرض الواقع". والأسد يتخذ هذا الموقف، بحسب نائبه، رغم أن "كثيرين في الحزب والجبهة والقوات المسلحة يعتقدون منذ بداية الأزمة وحتى الآن أن لا بديل عن الحل السياسي، ولا عودة إلى الوراء"!

ولا يقل مفاجأة وإثارة عن مضمون المقابلة إلا مكان نشرها، وهو صحيفة الأخبار اللبنانية الخاضعة لحزب الله، وإيران في المحصلة. ومن أجرى الحوار مع الشرع، لم يكن إلا رئيس التحرير إبراهيم الأمين المتمادي في الإساءة للثورة السورية منذ بداياتها الأولى السلمية، ويوم "كانت السلطة تتوسل رؤية مسلح واحد أو قناص على أسطح إحدى البنايات"، كما ورد حرفياً في المقابلة! وهذا الأمر يمكن تفسيره بالأخذ بعين الاعتبار لخطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله، في اليوم السابق، والذي بدا فيه شديد التواضع؛ معترفاً بالثورة، وغير مكابر بزعم انتصار نظام الأسد، بل –ويا للمفارقة- مشفقاً على تنظيم "القاعدة" الذي نُصب له كمين في سورية!

إذ بناء على كل ما سبق، هل يبقى من افتراض غير حدوث تغيير لدى أقرب حلفاء بشار الأسد، جوهره نهاية الأسد تماماً، وأن البديل الوحيد المتبقي هو السعي إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام السوري، ومصالح إيران وحزب الله، ولربما روسيا، المرتبطة به؟ ولأداء هذا الدور، لا يبدو هناك من هو أفضل من فاروق الشرع؛ نائب الرئيس السني، السياسي غير العسكري، غير المتورط بكل مذابح الأسد الأب والابن.

ولأجل ذلك، لم يكتف الشرع بتقديم أوراق اعتماده للشعب السوري عبر إبداء تفهم تام للثورة، والتأكيد على الحرص على سورية وليس أي فرد، وتنزيه الجيش الذي ما كان يجب زجه في الصراع. بل فوق ذلك، قدم الشرع أوراق اعتماده للمجتمع الدولي، لاسيما الدول الإقليمية والأعضاء في مجلس الأمن، والتي يجب أن تأخذ دورها في "تسوية تاريخية" للأزمة السورية، وبما "يمهد الطريق لتحقيق مناخ دولي يعالج قضايا مهمة أخرى بالطرق السياسية وليس بالمواجهة العسكرية".

بين كل هذه التفسيرات والتخمينات، يبقى الأكيد الوحيد في تصريحات الشرع هو انتحار الأسد، ومنذ أمد!

=================

الشرع يخرج عن صمته.. ماذا بعد؟

فهد الخيطان

الغد الاردنية

18-12-2012

بعد صمت دام سنتين، نطق فاروق الشرع؛ السياسي والدبلوماسي العريق، وأحد رجال الحكم القلائل في سورية الذي لم يتلوث بالفساد ولم تتلطخ يداه بالدم.

الشرع نائب الرئيس السوري، "هكذا يفترض"، لكن المنصب شرفي ولغايات بروتوكولية في سورية؛ فالقرار لا يخرج عن الدائرة الأمنية المحيطة بالرئيس.

منذ اندلاع الثورة في سورية، لاحقته الإشاعات، ولفّ موقفه الغموض. أخيرا، نطق فاروق الشرع في حديث نادر لصحيفة الأخبار اللبنانية. لم ينشق، ولم تفرض عليه الإقامة الجبرية. لا ينوي مغادرة دمشق، ولا يريد دورا في المرحلة الانتقالية.

في الأسابيع الأولى للأحداث، ضغط الشرع لتجنب الحل الأمني وتبني مقاربة سياسية، لكنه فشل. فرفع يده وأصبح خارج "السيستم"، يتابع بألم شلال الدم في مدن سورية.

منذ ذلك الوقت يمكن القول إن الشرع لم يعد نائبا عاملا للرئيس؛ يستدعى في ظروف محدودة، ويظهر بشكل خاطف في مناسبات قليلة.

أكدت التطورات اللاحقة في سورية صحة موقف نائب الرئيس؛ القوة المفرطة لم تجلب سوى المزيد من العنف والعسكرة، والأخطر دخول أطراف إقليمية ودولية على خط الأزمة لإبرام صفقة أو صفقات على حساب سورية أرضا وشعبا.

يستشف من حديثه الصحفي أن الشرع لم يعد معنيا بالمنصب ولا بالنظام أيضا. ما يهم الشرع اليوم "وجود سورية لا وجود شخص أو نظام" على حد قوله.

الشرع محق؛ الإصرار على الحل الأمني دفع إلى عسكرة الأزمة السورية، ثم تعريبها، فتدويلها. لا يملك الشرع أجوبة شافية للخروج من المأزق، ولا يعتقد أن الأسد يملكها أيضا. ثمة حقيقة أساسية يؤمن بها: الحل الوحيد للأزمة يجب أن يكون سورياً، ومن خلال "تسوية تاريخية" مع قوى دولية وإقليمية. ويجزم القول أن لا النظام ولا المعارضة قادران على الحسم العسكري.

ليس متيقنا بعد من إمكانية الحل؛ فإذا ما أصرّت أطراف الصراع على كل ما تطمح إليه، فإن التسوية تصبح مستحيلة، وتذهب طموحات الشعب السوري في مهب الريح، وتدخل المنطقة كلها في نفق مجهول، كما يرى الشرع.

لكن، هل يعقل أن شخصية بمكانة الشرع وتاريخه يبقى هكذا واقفا يتفرج على بلده وهو يضيع؟

الرجل ليس مستعدا على ما يبدو للحاق بمعارضة الخارج، أو "معارضات الخارج" على حد تعبيره. وفي الداخل لا يمكنه، بالطبع، أن يلعب دور المعارض وهو في موقع نائب رئيس الجمهورية، ولو من الناحية الشكلية. وليس واردا أيضا أن يصطف خلف الحل الدموي الذي اختاره النظام السوري. فماذا يفعل إذن؟

يقول الشرع إن المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، يتحرك ببطء ورويّة، بينما الأحداث على الأرض تمضي بتسارع وعنف. ويشارك دبلوماسيون عرب الشرع في رأيه؛ لا بل إن دبلوماسيا بارزا يعتقد أن الإبراهيمي كان سيحقق نجاحا ملحوظا لو أنه تسلم المهمة في المرحلة التي تلي سقوط النظام.

الشرع لا يمكن أن يكون بديلا للإبراهيمي، لكن بوسعه أن يكون مبعوثا أو وسيطا بين الأطراف السورية، ليس بوصفه نائبا للرئيس، وإنما كشخصية مقبولة لدى الأطراف المتصارعة. فقد سبق لأطراف في المعارضة السورية أن أعلنت استعدادها للحوار معه.

لقد أثبتت تجربة كوفي أنان ومن بعد الأخضر الإبراهيمي، استحالة تحقيق اختراق في الأزمة بدون تعاون وإسناد جدّيين من أطراف النزاع في سورية. الشرع يستطيع أن يلعب هذا الدور، فما من شخصية غيره في سورية اليوم تؤمن بالحل السوري للأزمة.

=================

فاروق الشرع يخرج من أسره

الياس حرفوش

الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

إذا لم يكن فاروق الشرع منشقاً عن النظام السوري، فكيف يكون الانشقاق إذن؟

لم يترك الرجل، الذي ما زال يحمل الصفة الاسمية كـ «نائب للرئيس»، أي قرار أساسي من قرارات نظام بشار الأسد من دون أن يتناوله بالانتقاد الصريح والواضح في الكلام الأخير المنسوب إليه. لم يوفر «الحل الأمني» الذي يعتمده الأسد، ويعتبره المدخل الوحيد للقضاء على «الإرهابيين». وإذ انتقد الشرع هذا الحل، ورفض إطلاق هذه الصفة على المعارضين، اعتبر أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق الحسم (وهو الكلام نفسه الذي قاله فاروق حجاب رئيس الحكومة السابق بعد انشقاقه). كما لم يتردد في الإشارة الواضحة إلى هوية المسؤول عما يجري في سورية، فقال أن الرئيس السوري يملك في يديه كل مقاليد الأمور في البلد، وأحياناً يحسم الرؤساء والمديرون العامون قرارهم بالإشارة بأصابعهم إلى صورته المعلقة فوق مكاتبهم!

وبعبارات لا تخلو من رغبة الشرع في كشف سياسة الكذب التي يعتمدها النظام يقول: «منذ بداية الأحداث كانت السلطة تتوسل رؤية مسلح واحد أو قناص على أسطح إحدى البنايات، والآن السلطة وبكل أذرعتها تشكو كثرة المجموعات المسلحة». إنها الصورة الحقيقية للانطلاقة السلمية للانتفاضة السورية قبل أن يحولها النظام إلى مواجهة مسلحة مع المعارضين الذين لجأوا إلى كل سبيل متوافر لهم للدفاع عن أنفسهم وعن عائلاتهم وبيوتهم في وجه قمع النظام. وهي صورة ينقلها بأمانة استثنائية ابن درعا، مهد أطفال الانتفاضة.

وإذ ينتقل الشرع إلى وصف الحل، ويتفق مع الأخضر الإبراهيمي على أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ، يؤكد أن الحل السياسي يبتعد يوماً بعد يوم، وأن هناك حاجة إلى تسوية تاريخية تشمل الدول الإقليمية الأساسية ودول أعضاء مجلس الأمن. وعندما يتحدث عن دول إقليمية، فهو لا بد يقصد، من دون أن يسميها، الدول التي يتهمها نظام الأسد برعاية «الإرهاب»، وعلى رأسها تركيا ودول الخليج، كما لا يتوقف عند السعي وراء دعم روسيا والصين كما يفعل النظام، بل يرى ضرورة إشراك الدول الغربية الثلاث الأخرى في الحل، وهي الدول التي باتت مواقفها معروفة من رفض بقاء الأسد في السلطة وضرورة التمهيد لمرحلة انتقالية تكون فيها لحكومة الوحدة الوطنية التي يتم تشكيلها صلاحيات واسعة. وهي العبارات نفسها (حرفياً تقريباً) التي يعتمدها الشرع في وصف شروط التسوية الضرورية لحل الأزمة. لينتهي إلى التأكيد: «يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سورية ولسنا في معركة وجود فرد أو نظام» ... وواضح من المقصود بهذا الكلام.

ربما نسمع من يقول، في معرض التحليل، أن الشرع يحضر نفسه من خلال تصريحاته الأخيرة لموقع معين في المرحلة الانتقالية. أو انه منتدب من الأسد نفسه لقول ما قاله وللعب هذا الدور في سبيل حماية بقاء النظام بدل انهياره على رؤوس الجميع. لكن مستوى الانتقاد الذي وجهه الشرع إلى النظام، وتحديداً إلى رئيسه، يجعل تحليلاً كهذا بعيداً كل البعد عن الحد الأدنى من الواقعية.

فبشار الأسد لن يشعر، عند قراءته كلام «نائبه»، سوى برائحة الخيانة. إذ ما معنى أن يقول الشرع إن مؤسسات الدولة، منذ تولى بشار السلطة، أصيبت بالترهل وأصبحت تعمل بقوة «العطالة المكتسبة»؟ ما معنى هذا سوى أن فاروق الشرع ينفض يديه من أي مسؤولية عن التدهور الذي بلغته الأمور خلال العقد الماضي على يد الرئيس الشاب الذي جاء مغموراً بالوعود و»ربيع دمشق» المبكر؟

قد يكون ذنب فاروق الشرع انه أطال صمته ووقوفه في مقعد المتفرجين على ما يجري، لكن إطلالته الأخيرة تعوض ذلك. إنها إطلالة من قلب دمشق، على عكس ما اقدم عليه آخرون بعد خروجهم منها. وسوف تكون لها تداعيات كثيرة على وضع الرجل وعلى موقعه. فالنظام الذي يتوهم أن «الحل الأمني» هو الوحيد الذي سوف ينتصر، لن يوفر أحداً في طريقه إلى هذا «الانتصار» المزعوم.

=================

الشـرع إذ يخرج عن صمته * عريب الرنتاوي

الدستور

18-12-2012

المطالعة الشاملة للأزمة السورية، التي قدمها نائب رئيس الجمهورية العربية السورية فاروق الشرق عبر صحيفة “الأخبار” اللبنانية، تستحق القراءة والتأمل، وأحسب أن الرجل لخص بعمق وكياسة، ومن موقعه، الحكاية السورية من ألفها إلى يائها، راسماً بدقة طريق الخروج بسوريا من عنق الزجاجة، لا ندري ما إذا كان الشرع يصدر ذلك عن موقف شخصي، وإلى أي حد تلتقي مواقفه وتفترق عن مواقف رئيسه الذي امتنع عن الكلام المباح منذ رابع خطاب يلقيه في أشهر الأزمة الحادية والعشرين، لا ندري إن كان بذلك يعبر عن وجهة نظر “تيار داخل النظام”، من هو هذا التيار، وما هو حجمه وتأثيره؟ من دون مكابرة ولا مداورة قال: أن الخيار الأمني- العسكري سقط، لا النظام قادرا على استئصال المعارضة، ولا المعارضات على تنوعها، قادرة على إسقاط النظام، مآلات الحل العسكري الذي يصر عليه الجانبان حتى الآن، والكلام بحرفيته تقريباً للشرع، هي الخراب الشامل لسوريا وطناً ومجتمعاً ودولة وكيان.

لم يتوقف الشرع عند “نظرية المؤامرة” التي لجأ إليها النظام بوصفها الأداة الوحيدة لتفسير ما يجري في سوريا، لكن ثمة “مؤامرة” في سوريا وعليها، الشرع تحدث أيضا عن مسؤولية النظام، بعض أركانه الأساسيين، فيما آلت إليه سوريا: حزب متكلس وجيش عقائدي وأجهزة مترهلة وفساد متفشٍّ وقبضة أمنية، إلى غير ما يقرأ في سطور و”ما بين سطور” المقابلة الهامة.

ولأن الشرع ينأى بنفسه عن “تهمة” الدفاع عن فرد أو نظام، ويضع نفسه في خندق الدفاع عن سوريا، فقد تقدم بحل، يجمع المخلصون لسوريا على أنه طريق الخلاص الوحيد: حل سياسي، سوري بامتياز، يستند إلى التوافق الإقليمي والدولي، حل ينعقد لواؤه الآن على الأخضر الإبراهيمي، الذي وإن كان بطيئاً في أدائه -وفقاً للشرع- إلا أنه وحده من يحمل شعلة الأمل للسوريين في نهاية نفق أزمتهم المظلم.

لم يقل الشرع أن الحل السياسي آتٍ لا محالة، سوريا ما زالت بعيدة عن الحل السياسي، النظام ما زال يؤمن بأن الحل السياسي يأتي بعد استئصال الجماعات المسلحة -كما يروي الشرع- وهذا من منظوره أمر غير قابل للتحقيق، وثمة في المعارضات من يعتقد أنه قادر على الإطاحة بالنظام، وهذا متعذر أيضاً، ولن يبق في سوريا إذا استمرت المواقف والخنادق على حالها، سوى سيناريوهات الفوضى والخراب والاحتراب الأهلي المكلف للغاية.

لم يبرئ الشرع أحداً في الداخل والخارج من وزر الدم السوري الذي أريق بغزارة في الأشهر العشرين الفائتة، بيد أنه وهو السياسي المخضرم، يعرف تمام المعرفة أن المتسببين في الأزمة هم الأقدر على حلها، ولهذا اقترح توافقاً إقليميا ودوليا لا يقصي الدول التي “تآمرت” على سوريا، أقله من باب درء الضرر ووقف العبث والتآمر.

رغم الارتياح والترحيب بموقفي إيران وحزب الله الداعم لسوريا، وبالأخص ما يصدر عن “المرشد الأعلى” للثورة الإسلامية وزعيم حزب الله، إلا أن كلام الشرع عنهما بدا عاتباً ولائماً، فقد كان بمقدورهما أن يفعلا أكثر لوقف إراقة الدم السوري، هنا يتوقف الشرع عن الكلام المباح، والمأمول أن يتأمل كل من خامنئي ونصرالله جيداً في “بقية الجملة” التي لم يقلها الرجل الثاني -رسمياً على الأقل- في النظام السوري.

الحل يبدأ بوقف إراقة الدماء، هذه نقطة البدء أيضا عن الإبراهيمي، ويتعزز بنشر قوات حفظ سلام دولية -هذا لم يبح به الشرع- ثم ننتقل إلى تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة (الشرع يقول واسعة)، النظام عاجز عن ممارسة الحكم بطرائقه القديمة ومن دون شركاء جدد وفقاً للشرع، والمعارضة ليست مؤهلة للتغيير الشامل ولا هي قادرة على إدارة مرحلة الانتقال، هذا ما يبشر به الشرع والإبراهيمي وكل صديق لسوريا.

في مواجهة المتعاملين بـ”ثأرية” و”انتقامية” مع النظام السوري، حذر الشرع من المضي في العسكرة والحسم، التغيير في سوريا سياسي بامتياز وهو تغيير سيطاول النظام بمؤسسات وأركانه وآليات عمله ورموزه، الشرع تحدث مطولاً عن مرحلة ما بعد النظام الحالي، من دون أن يقول ذلك صراحة، بل لعله لامس ضفاف الصراحة المطلقة وهو يصف استحالة استمرار الحال أو العودة بعقارب الساعة إلى الوراء.

المؤسف أن الإعلام الذي احتفى بمقابلة الشرع تعمد التعامل معها على قاعدة “ولا تقربوا الصلاة”، الإعلام المؤيد للنظام أخذ المقاطع التي تؤكد استعصاء إسقاط النظام وعجز المعارضة عن فعل ذلك، مكتفياً ببعض الإشادات بروسيا والصين وإيران وحزب الله التي وردت فيها، والإعلام الآخر اقتطف منها ما يؤكد استمساك النظام بخيار الحل العسكري رغم فشله الحالي والمتوقع في حسم المعركة مع المعارضة، بين الخندقين المتقابلين ضاعت “الفكرة الكاملة” التي جاء بها أول حديث لنائب الرئيس الذي أثار غيابه سيلاً لم ينقطع من التكهنات عن موقعه وموقفه ومصيره السياسي والشخصي.

أجد أن في كلام الشرع ما يصلح ويصح في تفسير كثير من جوانب الأزمة السورية، لقد قلنا وقال كثيرون كلاماً مشابهاً، لكن قيمة هذا الكلام أنه يصدر عن الشرع، ومن منزله في دمشق، ومن موقعه كنائب للرئيس، وأجد في كلام الشرع ملامح خريطة طريق للخروج بسوريا من أزمتها، بل وربما يكون كلام الرجل، آخر “الكلام العاقل” الذي يقال في ربع الساعة الأخير الذي يسبق الطامة الكبرى.

التاريخ : 18-12-2012

=================

ماذا يريد السوريون من بان كي مون؟ * ضياء الفاهوم

الدستور

18-12-2012

لم تعد تصريحات أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ولا تصريحات كافة المسؤولين في المنظمة الدولية الأم تعني الكثير للشعب السوري الشقيق الذي يعاني الأمرين من وحشية المتقاتلين في بلاد الياسمين.

جميل أن يعرب المسؤول الدولي الكبير عن أسفه لتفاقم الأوضاع في سوريا ويحذر من أن استمرار القتال في أنحائها بين النظام والمعارضة على الشكل العنيف الذي شهدته الأيام الأخيرة ستكون له عواقب خطيرة ولكن الأجمل أن يعمل كل ما في جهده من أجل أن يلبي رغبة الشعب السوري بشأن تبني مجلس الأمن الدولي قرارا دوليا حياديا وحازما بشأن وقف إطلاق النار في سوريا وإنقاذ شعبها من المزيد من سفك الدماء الذي يواجهه منذ شهور طويلة.

تقول هذا من منطلق أن السوريين وكل الناس المحبين للسلام والانتصار لحقوق الإنسان يريدون أفعالا تعفي سوريا من استمرار الدمار الهائل الذي ما زالت تشهده منذ شهور طويلة بشكل محزن ينافي كل الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانية.

ومن حق السوريين الذين لم تطالهم بعد قنابل ومتفجرات المعارضين وصواريخ طائرات النظام أن يسألوا: أين مجلس الأمن الدولي الذي من مسؤولياته حفظ الأمن والسلام في ربوع العالم؟ ألم تهز هذا المجلس المؤتمن على أمن وسلام العالم الأحداث المروعة التي اجتاحت أنحاء متفرقة من بلاد الياسمين وراح ضحيتها حتى الآن الكثيرين من الأطفال والنساء والمرضى والآلاف من المدنيين الآخرين؟.

نأمل أن يتحمل أيضا مسؤولو العالم الكبار مسؤولياتهم الإنسانية قبل أن يفقد السوريون المدنيون من غير الطرفين المتقاتلين ثقتهم بهم وبالمنظمة الدولية والجامعة العربية التي يقولون أنها لم تبذل جهودا كافية لوضع حد للنزاع السوري بمقتضى مبادئ الجامعة!.

على كل حال، المهم الآن أن تتدخل الجامعة بموضوعية لوضع حد لإراقة الدماء أولا في أحد الأقطار الأوائل الذين أسسوها ومن ثم في إيجاد الحلول المناسبة لإنهاء النزاع الشديد القسوة فيها وذلك بأقصى سرعة ممكنة تفاديا لإراقة المزيد من دماء الأبرياء بعد أن اتخذ المعارضون الأحياء السكنية مواقع لهم في كثير من المناطق في حين ذكرت بعض الأنباء أن الطيران الحربي السوري يهاجم هذه الأحياء دون هوادة وأنه نتيجة لذلك هاجر مئات الآلاف من السوريين وضيوفهم بيوتهم في هذه الأحياء إلى أحياء أخرى أقل خطرا منها أو إلى دول الجوار أو إلى حيث استطاعوا أن يغادروا.

المنصفون في العالم يرون أن الوضع السوري أصبح محيرا ومقلقا للغاية ويستدعي أفعالا دولية وعربية حيادية عاجلة كبرى تضع حدا لكافة أشكال المآسي التي تعرض لها الشعب السوري الشقيق وما زال يتعرض لها دونما ذنب اقترفه. وليس من العدل في شيء أن يتحمل هو الجزء الأكبر من تبعات ما يريد أن يحققه بعض السوريين وغيرهم من الذين جاؤوا لمناصرة أي من الطرفين من بلاد عربية وغير عربية مهما كانت أثمان ذلك باهظة ومدمرة للمواطنين السوريين والمقيمين في سوريا.

وبعد أن شبع السوريون وكل سكان سوريا تصريحات متعددة لا تسمن ولا تغني من جوع فقد أصبح من حقهم جميعا أن يستصرخوا ضمير بان كي مون وضمائر كل المسئولين الدوليين والعرب ورجال العالم الكبار للعمل على وقف فوري لسفك الدماء في بلاد الياسمين وإيجاد حل لإنهاء أزمتها الخطيرة بما يعود بالخير عليها وعلى جميع أهلها.

===================

خطة واشنطن وموسكو لإزاحة الأسد

راجح الخوري

2012-12-18

النهار

اقتراح فاروق الشرع ما سمّاه "تسوية تاريخية" في سوريا ليس في الحقيقة اكثر من محاولة التفافية تأتي على شكل مناورة متفق عليها مع بشار الاسد، وذلك تمهيداً لقبول اتفاق توصل اليه الاخضر الابرهيمي مع الاميركيين والروس ويتألف من خمس نقاط، وقد عرفتُ من مصادر خليجية ان الابرهيمي يسعى الى الحصول على موافقة المعارضة السورية عليه عبر السعي الى توسيط القطريين والسعوديين والاتراك في الامر!

واضح ان الاسد اقتنع بأن الحل العسكري الكارثي سيرتد عليه في النهاية، ولأنه لا يريد ان يظهر في موقع المهزوم الذي يضطر بعد 21 شهراً من القتال الدموي والمدمر الى ان يقبل خطة تفرض عليه من الخارج وتنهي نظامه بعد اشهر عبر تشكيل حكومة "الوحدة الوطنية"، أراد ان يبدو الامر وكأنه تسوية من اختياره ولو أتت في البداية على شكل اقتراح من نائبه المعزول فاروق الشرع الذي تمّ استحضاره من الظل ونفض الغبار عنه وكلّف اقتراح "تسوية تاريخية"، ليست في الاساس من صنعه ولا من صنع النظام!

ويبدو ان طرح "التسوية" وفق هذا الاخراج اي عبر حديث صحافي كلّف الشرع إعطاءه، جاء نتيجة ضغوط موسكو على الاسد فهي ايضاً لا تريد ان تنتهي في موقع المهزوم مرة ثانية في سوريا بعد ليبيا، فكان على ما يبدو اختيار هذا المخرج الالتفافي بطرح الفكرة على لسان الشرع، على رغم انه من المعروف ان الشرع لا يستطيع ان يتنفس من دون موافقة الاسد فكيف بطرح تسوية ستفضي في النتيجة الى إنهاء حكمه بعد اشهر قليلة بما قد يرضي الثوار، وهو ما كان قد توصل اليه الاتفاق الاميركي - الروسي مع الابرهيمي؟

تقول مصادري الخليجية ان المحادثات الاخيرة بين الروس والاميركيين والابرهيمي كانت قد انتهت بالتفاهم على اقتراح تسوية تتألف من خمس نقاط يحاول الابرهيمي منذ اسبوع تسويقها مع الاطراف الاقليميين المؤثرين، وهذه النقاط هي:

1 - بعدما ثبت استحالة تحقيق اي من الطرفين الانتصار العسكري. 2 - الدعوة الى وقف اطلاق النار في كل الاراضي السورية. 3 - تشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات كاملة بمعنى ان تتسلم كل صلاحيات الاسد. 4 - إجراء انتخابات عامة خلال اشهر وخلال النصف الاول من سنة 2013 اي قبل انتهاء مدة الاسد بسنة تقريباً. 5 - صدور قرار من مجلس الامن ينص على هذه التسوية.

قبل يومين كانت المعلومات تشير الى ان الثوار يرفضون اي حل لا يكرس سقوط النظام فوراً، فهل تمكن الخليجيون والاتراك من اقناعهم بتسوية تسقط الاسد ونظامه في الربيع المقبل؟

=================

سوريا عند منعطف حاسم

اوكتافيا نصر

2012-12-18

النهار

لا بد أن الرئيس بشار الأسد بات يدرك أخيراً المصير الذي ينتظره. يجب الإقرار بأنه صمد وتظاهر بأنه الرجل القوي طوال سنتين، مع أن كثراً توقّعوا الا ينجح في ذلك. فقد نجا حتى الآن من المصير الذي لاقاه بعض نظرائه العرب. ولا يزال في موقع يتيح له التفاوض للخروج من المأزق. لكن الوقت يدهم، وحظوظه للتنحّي عن السلطة مع إنقاذ ماء الوجه تتراجع.

بات واضحاً بعد توجيه نائب الرئيس فاروق الشرع دعوةً لتشكيل "حكومة وحدة وطنية"، أن سوريا تحاول تجنّب الغرق في سنوات من الفوضى والحرب الأهلية، فضلاً عن التدخّلات الأجنبية المتعدّدة والزيارات الاحتفالية التي يقوم بها مبعوثون من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا وتركيا وسواها من البلدان.

إنها دعوة منسَّقة، ولو لم تكن رسمية، من حزب البعث، للتحرّك، وقد تمّت عبر وسيلة إعلامية لبنانية في سياق حديث "صريح".

ربما كانت سوريا تحاول تفادي نشر "قوات ردع عربية" ذات دوافع سياسية، ونشر قوات غربية لحفظ السلام، وإقامة عدد كبير من الحواجز التي ترفع أعلاماً ورايات مختلفة ويشغّلها افراد يتكلّمون لهجات مختلفة في أرجاء البلاد، بما يؤدّي إلى تقسيمها حول خطوط مذهبية يُفضّل كثرٌ أن تبقى مطموسة في هذه المرحلة.

ببسيط العبارة، لا شك في أن الأسد ورجاله تعلّموا من اللعبة التي أتقنوها في لبنان طوال ما يزيد عن عشرين عاماً، ومفادها أن ترك الأمور تتأزّم إلى درجة كبيرة يؤدّي إلى الدخول في متاهة مشابهة أو حتى أسوأ من تلك التي تولّوا إدارتها في لبنان إلى حين تحطيمها في ثورة الأرز عام 2005.

المعنى الذي تضمنته رسالة الشرع واضح جداً، فهو لا يترك مجالاً للشك في أن نظام الأسد بات مفلساً، وحزب البعث في حال من التخبّط والإحباط. إنه يعلن على الملأ الحقيقة المعروفة بأن نظام البعث لا يستطيع أن يواصل معركته ضد الفصائل الكثيرة الموجودة على الأرض (الثوّار أو المتمرّدين أو الجهاديين)، وأن يتوقّع الفوز في نهاية المطاف.

على سوريا أن تتّخذ قرارات على الفور، وإلا تتعرّض لمخاطر تفوق التصوّر. فمع توجيه روسيا رسالة واضحة بأنها تتخلّى وأخيراً عن الأسد، وشروع الولايات المتحدة في مناقشة سبل التدخّل عسكرياً في سوريا، وفيما تشهد البلاد حرباً أهلية مع تزايد حصيلة القتلى يوماً بعد يوم، من المنطقي الاعتقاد ان الرئيس الأسد فهم أخيراً ان أوان الرحيل قد حان.

الخيارات التي تؤدّي إلى تفاقم الأمور وغرق البلاد في مزيد من اليأس والتدمير الذاتي، كثيرة؛ لكن الخيارات التي تتيح التوصّل إلى نتيجة إيجابية في سوريا قليلة جداً.

يبدو الحل اليوم مشابهاً للحل الذي كان صالحاً ولا يزال اعتباراً من آذار 2011. داخلياً، سوف يكون على حزب البعث التضحية ببشار الأسد إذا أراد تخطّي هذه الأزمة. فقدَ الأسد صدقيّته الدولية والإقليمية والمحلية. وسوف يشكّل على الدوام عائقاً أمام أي محاولة للسير بالبلاد الى الأمام. إذا كان الشرع وحزب البعث الذي يُفترَض أنه يتكلّم باسمه، جادَّين في الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، يجب المبادرة فوراً إلى إجراء إصلاحات، وسوف تظهر سوريا جديدة لا يستطيع أحد أن يتوقّع ما ستكون عليه.

إذا أدرك السوريون جيداً ما هو على المحك الآن، وإذا تعلّموا فعلاً درساً من تجربتهم في لبنان، عليهم أن يتحرّكوا بسرعة وفاعلية لإيجاد حل للمسائل السياسية، وإرساء القانون والنظام من جديد، والشروع في معالجة جروح العنف والانقسام، وبناء دولة جديدة.

ولكن إذا كان الهدف المماطلة خلال فصل الشتاء القارس، وكسب مزيد من الوقت لتخزين الأسلحة وخوض المعارك من جديد في الربيع، يمكننا أن نراهن منذ الآن على ان الحرب الأهلية السورية دخلت رسمياً مستنقع التاريخ. نسبياً، فاقت حصيلة القتلى والدمار في سوريا في العامين الماضيين حصيلة الحرب الأهلية اللبنانية طوال 15 عاماً.

تقف سوريا عند منعطف حاسم، وأمامها فرصة للخروج من أزمتها وبناء وطن جديد للجميع. أما البديل فهو مزيد من التأزّم ونزاع دموي يخرج منه الجميع خاسرين فيُضطرون إلى القبول بفتات أي اتّفاق يعرضه عليهم الآخرون. لذلك، ومن أجل الأخيار في سوريا وأرواح من دفعوا ثمناً باهظاً، الإصغاء إلى الشرع وإلى ما يقدّمه حزب البعث لن يضرّ بالثورة، بل على العكس يمنحها شرعية وقوّة.

 

=================

خيرالله خيرالله / مشكلة بشّار مع السوريين وليس مع سعد

الرأي العام

18-12-2012

من أجل فهم افضل للنظام السوري وسلوكه الذي لايستغربه كلّ الذين رافقوا صعوده وهبوطه عن كثب، من المفيد بين حين وآخر إعادة قراءة مقال صدر في الثامن من نوفمبر 2011 في صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «في سورية الاسد، لا وجود لمخيّلة». أظهرت الأحداث المتتالية أنّه لو كان النظام السوري يمتلك أي مخيّلة من اي نوع كان، لكان الرئيس بشّار الاسد تدارك اخطاء الماضي، قبل استفحالها. كان رحل عن الرئاسة منذ فترة طويلة بدل الاعتقاد أن في الامكان تغطية أيّ جريمة بجريمة أكبر منها، وأن البطش والإرهاب كفيلان ببث الخوف في أوساط السوريين وجعلهم يعيشون خانعين لا همّ لديهم سوى التمجيد بالأسد «قائدنا إلى الأبد».

تكمن اهمية المقال، الذي مضت ثلاثة عشر شهرا على صدوره وعشرة اشهر على وفاة كاتبه الاميركي- اللبناني انطوني شديد اثر ازمة ربو تعرّض لها، في أنّه يكشف أن النظام السوري لم يكن يوما قابلا للاصلاح. يخطئ من يراهن على اصلاح النظام او على أنّ في الامكان حتى محاولة ذلك. أنّه نظام من عالم آخر، بل آخر نظام ستاليني في الشرق الأوسط.

قضى انطوني شديد وهو في طريقه إلى الداخل السوري عبر شمال لبنان. من يقرأ مقاله عن النظام السوري مرة أو مرّتين أو ثلاث مرّات، وهو يستحقّ ذلك، يتأكد أنّ لا وجود لنظرية اخرى يؤمن بها النظام الاقلّوي، سوى نظرية الغاء الاخر. ولذلك، كان طبيعيا أن يعمد النظام إلى اصدار مذكرات توقيف بحق الرئيس سعد الدين الحريري والنائب اللبناني عقاب صقر والناطق باسم «الجيش الحرّ» في سورية لؤي المقداد.

يبدو النظام مقتنعا بأنّه لا يزال قادرا على متابعة التحايل على العالم عن طريق الادّعاء بأنّه يتعرّض لـ «مؤامرة». تستدعي «المؤامرة» قصف السوريين بكلّ انواع القنابل، بما في ذلك اللجوء إلى صواريخ «سكود» لايصال هذه القنابل إلى كل انحاء البلد. اكثر من ذلك، يؤمن الرئيس السوري بأن الشعب يحبّه وأن مشكلة سورية مرتبطة بالتدخلات الخارجية وأنّه بمجرد توقف هذه التدخلات، سيتحلّق السوريون حوله مجددا يهتفون له ولوالده الراحل ولـ «سورية الاسد»، اي لعائلة تمتلك بلدا بأمه وأبيه.

لوكان الاسد قادرا على أن يتغيّر، لكان رفض تصديق الكذبة التي اطلقتها اجهزته عن طريق التابعين لها في لبنان مثل «حزب الله» الايراني او التابعين للتابعين مثل النائب المسيحي ميشال عون.

هل يمكن بناء سياسة على كذبة اسمها التسجيلات الهاتفية المأخوذة من جهاز الكمبيوتر الخاص بالنائب صقر؟ جرى التلاعب بهذه التسجيلات لاظهار سعد الحريري وعقاب صقر ولؤي المقداد وكأنهم شركاء في تهريب اسلحة إلى الداخل السوري. تبيّن ان حسابات سارقي التسجيلات لم تكن في محلها، إذ بقيت لدى المستهدفين من السرقة نسخة كاملة من التسجيلات. تظهر هذه النسخة أن الهمّ الاول لسعد الحريري كان، ولا يزال، يتمثّل في اطلاق المخطوفين اللبنانيين في سورية ومساعدة المهجّرين السوريين، انسانيا، حيث امكن ذلك.

لم يستطع بشّار الاسد أن يستوعب يوما أن مشكلته لم تكن يوما مع سعد الحريري، مثلما أنّها لم تكن يوما مع الرئيس رفيق الحريري، رحمه الله. كانت مشكلته دائما مع الشعب السوري ومع شباب سورية الذي رفض الرضوخ للنظام، مثلما رفض الذلّ والعبودية. رفض الاعتراف بوجود جيل شاب في سورية يرفض ما اعتاد عليه الذين سبقوه.

لجأ بشّار الاسد إلى الوسائل التي استخدمها قبله والده. بقي يقرأ من كتاب قديم، علما أن ما لا بدّ من الاعتراف بأنّ حافظ الاسد كان يتأنّى إلى حد كبير في قراراته، خصوصا لدى اتخاذه قرارات كبيرة في حجم التخلّص من كمال جنبلاط او الرئيسين بشير الجميّل ورينيه معوّض او المفتي حسن خالد وآخرين. يمكن الاشارة في هذا المجال إلى انّ الاسد الأب لم يتول الرئاسة مباشرة بعد الانقلاب الذي نفّذه في تشرين الثاني- نوفمبر 1970. فضّل الانتظار قليلا قبل الاقدام على خطوة كبيرة تضع علويا على رأس سورية. عيّن شخصا اسمه أحمد حسن الخطيب (سنّي من قرية نمر القريبة من درعا) رئيسا للجمهورية لمدة اربعة اشهر امضاها، هو، في تفقد المدن والقرى والبلدات السورية والصلاة في المساجد التابعة لأهل السنّة. بعد ذلك، اختار حافظ الأسد أن يكون رئيسا واختفى احمد حسن الخطيب كلّيا، تماما مثلما ظهر...

من يتابع تصرّفات بشّار الاسد منذ ورث سورية عن والده، لا يستغرب مذكّرات التوقيف التي صدرت في حق سعد الحريري وصقر والمقداد. من يقدم على جريمة التمديد لاميل لحّود، على الرغم من صدور القرار 1559 عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة، ومن لا يدرك ان اغتيال رفيق الحريري عمل لا يقدم عليه الا شخص «مجنون»، على حد تعبير رفيق الحريري نفسه قبل اقلّ من ثمان واربعين ساعة من حصول الجريمة... يصدر مثل هذا النوع من المذكّرات. انها مذكّرات لا تشبه سوى نظام ما زال يعتقد أنّ ميشال سماحة او ميشال عون، لا فارق، يمكن ان يساعداه في شيء.

تختصر عبارة لرامي مخلوف ابن خال بشّار الاسد واحد المسيطرين على مفاصل الاقتصاد السوري حقيقة النظام. قال رامي مخلوف لانطوني شديد بعد مضي ثمانية اشهر على اندلاع ثورة الشعب السوري عبارة «عليّ وعلى اعدائي يا ربّ». قبل ذلك، تساءل: «الا يعرف الاسرائيليون انّهم سيتألمون اذا تألمنا، الا يعرف الاميركيون والاوروبيون اننا حاجز في وجه الاسلاميين والفوضى والحروب المتنقلة في المنطقة؟».

انها مذكرات توقيف تصدر عن نظام يعتقد أنه مازال قادرا على الابتزاز في وقت تدقّ الثورة ابواب قصر الرئاسة. نظام لا مخيلة له. لو امتلك مخيلة ما لكانت العائلة تتمتع حاليا بملياراتها في مكان ما من هذا العالم الواسع...بدل أن تكون في انتظار مصير يشبه إلى حدّ كبير مصير عائلة صدّام حسين او معمّر القذّافي!

=================

سورية.. الحديث عن حلول

2012-12-18 12:00 AM

الوطن السعودية

بعد أيام يصل المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق، حاملا بعض الأفكار التي يمكنها إخراج سورية من أزمتها، بعد أن وصلت أعمال القتل من قبل النظام إلى مستويات غير مسبوقة، في ظل الحديث عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة المتطورة.

يتسلح الإبراهيمي ببعض التنازلات التي قدمها راعي النظام السوري في مجلس الأمن، ونعني بذلك روسيا، التي أجرت محادثات معمقة مع الولايات المتحدة، من تحت الطاولة، لتفعيل خطوات جنيف التي اتفق بشأنها في 30 يونيو الماضي، والمتضمنة تشكيل حكومة انتقالية في سورية تتمتع بصلاحيات كاملة وتضم ممثلين عن المعارضة والنظام، إضافة إلى وقف العنف وعمليات القتل، وسحب الجيش والقوات العسكرية من المدن والمناطق المأهولة، والإفراج عن المعتقلين وعدم التعرض للمظاهرات السلمية والسماح بدخول قوة مراقبة دولية وحرية التغطية الإعلامية.

وما التصريحات التي أدلى بها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف حول هشاشة النظام السوري وضعفه والهوان الذي حل به، وإن كانت الخارجية الروسية قد نفتها لاحقا، إلا مؤشر على المأزق الذي وصل إليه هذا النظام، والتقدم الذي حققته المعارضة بدءا من تشكيل الائتلاف الوطني السوري على طريق توحيد المعارضة في إطار سياسي وعسكري واحد، وصولا إلى اجتماع أصدقاء سورية في مراكش والدعم الدولي الذي تحقق لها، والذي ترجم عمليات تنظيمية على المستوى الداخلي للثورة السورية، إضافة إلى العمليات القتالية التي قام بها الثوار على الأرض في الشمال والجنوب، وخاصة داخل العاصمة دمشق وعلى تخومها، وإحكام سيطرتهم على معظم مناطق ريف دمشق، وعلى طريق مطار العاصمة.

الاعتراف بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري، أعطاه المشروعية بالتحدث إلى أكثر من 130 دولة من هذا المنطلق، وبات بإمكانه إرسال ممثليه إلى عواصمها، بعد أن أبدت استعدادها لاستقبال سفراء يمثلون الائتلاف، وقد باشرت دول كثيرة بذلك، وكانت السباقة في هذا المجال باريس. ولكن هذه الخطوات تبقى ناقصة، ما لم تقدم هذه الدول على تسليم السفارات السورية في عواصمها إلى الائتلاف، وليس خلق ممثليات إلى جانبها.

إن مهمة الإبراهيمي الجديدة إلى دمشق، ستبقى محفوفة بالمخاطر، من خلال ممارسات النظام، وليس من خلال مواقف المعارضة، إذ إن صواريخ "سكود" التي بدأ النظام باستخدامها، والوعود التي قطعتها موسكو له بتزويده بصواريخ "اسكندر"، البعيدة المدى، كلها مؤشرات لا توحي بأن الزيارة ستخرج بحلول واعدة.

=================

. وتحدث الشرع بالوقت الضائع!!

الرياض السعودية

التاريخ: 18 ديسمبر 2012

    كل من عملوا مع الأسدين الأب والابن يدركون أنهم تكملة عدد، وخاصة من لم يكن من العائلة والطائفة، فهم مجرد أسماء لإيهام الآخرين أن الحكم لكل السوريين، وحتى الذين أبدوا ولاءً مطلقاً كانوا دائماً تحت المراقبة، لأن النظام يرتاب بكل من لم يكن من حاشيته..

فاروق الشرع السنّي الذي تدرج في العديد من المناصب إلى وصوله نائباً للرئيس كانت وظيفته شرفية لا عملية، بدليل أنه من بداية الثورة عاش في الظل، وقيل إنه تحت الإقامة الجبرية، لكنه ظهر في اليومين الماضيين بحديث لصحيفة «الأخبار» اللبنانية المحسوبة على النظام السوري طالب (بوقف كل أعمال العنف وحكومة وطنية ذات صلاحيات واسعة) والتسوية تتم برعاية دول إقليمية أساسية وأعضاء من مجلس الأمن، وأنه لا حسم عسكرياً لطرفي النزاع!!

هذا الاعتراف وإن جاء متأخراً، فهو لا يخص الشرع، وإنما هو مشروع الدولة التي بدأت تشعر بوطأة المشكلة، وأن التضييق وصل العاصمة دمشق، وبدأ يهدد كيان النظام، وقد يوحي الحديث أن الطروحات والمطالب، ربما تعد تنازلاً نسبياً لحفظ ماء وجه السلطة، دون أن يوضح مصير الأسد وحكومته ومستقبله..

هناك تسريبات روسية صرحت بأن الأسد سلَّح طائفته العلوية، وأنه ينوي الهروب إلى الساحل الشمالي ليعلن دولته هناك، وهي آمال راودت أجداده أثناء الانتداب الفرنسي، ويريد إعادة تجديد هذه الآمال، لكن بالمفهوم العام، من سيعترف بهذه الدولة، فإيران وروسيا تعلمان أن لديهما أقليات لها نفس المطالب، ومع افتراض اعترافهما ما هي العوامل الاقتصادية التي تجعل منها دولة قادرة على العيش، وهل ستقبل في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، أم ستصبح مجرد ملاذ آمن للأسرة، لكن في حال قطع الصلة مع المركز، فتركيا أول من سيحارب هذا الكيان وكذلك الدولة السورية القادمة..

المعارضة هي من تملك المبادرة، وليس الأسد وحكومته، وعملية الحسم بالقوة صارت بيدها، والغريب تزامن تصريحات الشرع مع حسن نصرالله وبنفس التوقيت والآراء وهذا يذهب بنا إلى أن النظام بدأ يشعر بصعوبة امتلاك السيطرة على معظم أجزاء سوريا..

فحلب ربما تسقط خلال أسابيع، وهي مفتاح الانتصار، لأنها العاصمة الاقتصادية مما يجعل بقية المدن تتساقط تلقائياً، طالما تأثيرها كبير على كل سوريا، وحتى محيط دمشق بات تحت مرمى الجيش الحر، وهو أول من تمرد وحمل لواء العصيان، ولذلك فمشروع الشرع ساقط بحكم تقادمه وعدم قبوله مضموناً أو عملاً من قبل الأكثرية السورية التي عانت التشريد والدمار والقتل بأبشع الصور في تاريخها، لكن لماذا هذا الحديث والطرح في هذا الوقت بالذات؟..

هناك شعور عام داخل محيط القصر الجمهوري أن النظام لم يعد له القدرة على الصمود، فهناك انشقاقات مقابل كسب المعارضة القوة والدعم البشري والمادي، وأن الحلفاء أنفسهم بدأوا يدركون أن عامل الوقت لا يسير لصالح النظام، ولعل اتساع المعركة وتحولها إلى حرب شوارع أبطل قدرة الجيش النظامي، ويأتي الاعتراف المتزايد من دول العالم الكبيرة وغيرها بما فيها الدول العربية بالاعتراف بالائتلاف الوطني السوري قاصمة لظهر النظام لأنه لم يعد لديه الغطاء القانوني والشرعي بوجوده، وهو أحد أهم أسباب حديث الشرع وتنازلاته..

=================

بداية النهاية

رأي البيان

التاريخ: 18 ديسمبر 2012

في أول موقف من نوعه للنظام السوري، اعترف نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بأن النظام أو معارضيه غير قادرين على حسم الأمور عسكرياً في النزاع المستمر منذ 21 شهراً، بل ذهب أكثر من ذلك عبر دعوته إلى تسوية اعتبرها تاريخية لإنهاء الصرع، وهو ما قد يكون مؤشراً إلى بداية سريعة لنهاية النظام.

فنائب الرئيس أقر في حديث لصحيفة «الأخبار» اللبنانية، أجرته معه في دمشق، أنه ليس في إمكان كل المعارضات حسم المعركة عسكرياً، كما أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق حسماً.

ورغم أن فاروق الشرع حاول في أول حوار له منذ شهور، التقليل من قدرة المعارضة على الاستمرار في مواجهة نظام الأسد، إلا أنه لم يدافع عن الرئيس السوري أو النظام قائلاً: «إننا لسنا في موقع الدفاع عن فرد ونظام، بل عن وجود سوريا.. الحكم القائم بجيشه وأحزابه لا يستطيع وحده إحداث التغيير من دون شركاء جدد».

وفي ما يعد استغاثة بالمجتمع الدولي لإنتاج تسوية سياسية، بعد رفض طويل لأي تدخل دولي، اعتبر الشرع أن الحل يجب أن يكون من خلال تسوية تاريخية، تشمل دولاً إقليمية أساسية وأعضاء مجلس الأمن، وأنها يجب أن تتضمن وقف كل أشكال العنف وحكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة.

تصريحات من هذا النوع، لمسؤول بهذا المستوى، تدفع للتفكير جدياً في أنها بداية النهاية، والتي قد تكون سريعة، وهو ما يدعم تقارير إعلامية نقلاً عن مسؤول روسي، حول هروب جماعي لمسؤولين في النظام السوري إلى قرى نائية على ساحل البحر المتوسط، وأن رأس النظام نفسه يستعد هو أيضاً للهروب إلى تلك المناطق لخوض معركته الأخيرة من هناك. تضاف إلى ذلك تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، التي تحدث فيها عن اعتقاده بأن نظام الأسد سينهار بشكل سريع وأن نهايته أصبحت وشيكة.

وكلها أدلة ومعطيات تؤكد أن النظام وأركانه، باتوا على قناعة بعبثية إصرارهم على الحسم الأمني والعسكري، وأنه آن الأوان لإنهاء هذه الأزمة المأساوية التي يعانيها الشعب السوري، ووقف حمام الدم المتدفق منذ قرابة العامين.

=================

شرع الأسد!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

18-12-2012

حديث لافت ذاك الذي نشرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية، المحسوبة على حزب الله، لفاروق الشرع وتحدث فيه عن تسوية تاريخية في سوريا، لكن من السذاجة بالطبع التصديق بأن الشرع قد أجرى تلك المقابلة دون موافقة الأسد، هذا إذا لم يكن الأسد نفسه هو من قام بكتابة الأجوبة، أو تلقينها، والمهم بالطبع هو قراءة مدلولات ذلك الحديث وليس الانبهار به.

والمهم في مقابلة الشرع هو قوله إنه «ليس بإمكان المعارضة حسم المعركة عسكريا، كما أن ليس بإمكان النظام أن يحسمها بهذه الطريقة»، مشيرا: «لسنا في موقع الدفاع عن فرد ونظام، بل عن وجود سوريا»، حيث يقول إن «الحكم القائم بجيشه وأحزابه لا يستطيع لوحده إحداث التغيير من دون شركاء جدد». واعتبر الشرع أن «الحل يجب أن يكون من خلال تسوية تاريخية تشمل دولا إقليمية أساسية وأعضاء مجلس الأمن»، لافتا إلى أن «التسوية يجب أن تتضمن وقف كل أشكال العنف وحكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة»!

وعندما نقول إنه يجب عدم الانبهار بحديث الشرع فلسبب بسيط، وهو أن ما يقوله الآن ما هو إلا خدعة أسدية قديمة جديدة، فلو قال الشرع ما قاله قبل عام، أو أربعة أشهر، لكان ذا جدوى، لكن الحديث عن التسوية التاريخية الآن، وبعد أن قال قائد الائتلاف السوري إنه ليس بحاجة لتدخل خارجي لأن الثوار باتوا قريبين من تحقيق النصر، فإن القراءة الوحيدة لتصريحات الشرع تنحصر بأمرين، وهما: إما أن الأسد بات يستشعر الهزيمة ويريد خدعة معارضيه، والمجتمع الدولي، بخطة تسوية جديدة يقوم بإفراغها من محتواها لاحقا، كما فعل طوال الثورة السورية، وإما أن الأسد يريد التفاوض فعليا على مقر إقامته القادم بعد الخروج من سوريا. وكلا الأمرين يقول إن الأسد نفسه قد اقتنع بنهايته، وأدرك الواقع حتى قبل بعض حلفائه، مثل الروس!

ولذا فمن الصعب تصديق ما يقوله الشرع لأن في شرع الأسد كل شيء جائز حتى القتل، والكذب، وهذا ما أثبته نظام الأسد، ليس طوال الثورة السورية، بل طوال فترة حكمه، ولذا فإن الدلالة الوحيدة لحديث الشرع هي أن الأسد، ومن حوله، قد أدركوا أن النهاية اقتربت، وأقرب مما يتوقع حتى أشد المتفائلين، ولذا فقد تحركت الماكينة الأسدية - الإيرانية لتردد نفس العبارات، حيث لا غرابة أن يكون حديث الشرع عن أن «ليس بإمكان المعارضة حسم المعركة عسكريا» مشابها لم قاله أول من أمس حسن نصر الله بأن الأوضاع في سوريا تتعقد لكن من يعتقد أن المعارضة قادرة على الحسم «مخطئ جدا جدا جدا»! فالواضح أن الماكينة الأسدية - الإيرانية تتحرك بتوجيه واحد، وقيادة موحدة، ولذا نجد أن الشرع يكرر نفس حديث نصر الله، وهذا لا يحدث إلا في شرع الأسد.

وعليه، فالواضح أن سقوط الأسد قد اقترب، وأول المبشرين بذلك هو الشرع نفسه الذي يجب أن لا تنطلي علينا تصريحاته التي ما هي إلا لعبة قديمة جديدة من ألاعيب الأسد التي لا تنتهي!

=================

تسوية الشرع والفرصة الأخيرة

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

18-12-2012

فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، لم يظهر للعلن سوى مرة في أغسطس (آب) الماضي في ظروف ملتبسة وبعدها لم يره أحد، بعد هذا الاختفاء المشبوه نسبت إليه مبادرة تنازل تعبر عن اقتناع النظام بقرب سقوطه. يدعو الشرع المعارضة للمشاركة في حكومة ذات صلاحيات أوسع، وهو يوحي بالإبقاء على بشار الأسد مجرد رئيس في القصر بلا صلاحيات.

في نفس الوقت، هناك مبادرة أخرى تطبخ، اسمها «الفرصة الأخيرة»، الأرجح أن يكلف بها المندوب الأممي الأخضر الإبراهيمي حتى ينقلها للأسد وحلفائه خلال الأيام القليلة المقبلة، تقضي بأن يتخلى الأسد عن الحكم ويغادر سوريا، بصحبة عائلته، إلى إحدى الدول اللاتينية ويسلم السلطة للمعارضة، تماثل ما تحدث عنه من قبل رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، عندما اقترح خروجا آمنا للأسد مقابل وقف نزيف الدم. أصحاب «الفرصة الأخيرة» يهددون الأسد، إن رفضها، بأن الهجوم على نظامه سيزداد عددا وعتادا، ومن المؤكد أنه سينهار سريعا بعدها ولن يجد أحد منهم فرصة عفو.

أما لماذا يمنح مهندسو المبادرة فرصة النجاة لأقسى مجرمي التاريخ، وأكثرهم دموية؟ السبب أنهم يعتقدون أن نهاية يتفق عليها، وبتوقيع الدول المتنازعة الإقليمية والدولية، ستمكن الثوار السوريين من تسلم الدولة بسلاسة تجنب البلاد الحرب الأهلية المحذورة، وتختصر النزاع بما تبقى من وقت.

لكن المسافة بين المبادرتين بعيدة: مبادرة تبقي الأسد في القصر بلا صلاحيات ومبادرة تقصيه من البلاد، وغالبا سيرفضها الشعب السوري الذي يعيش المأساة المروعة. سيرفض خروج الأسد حتى لو كلفه المزيد من الضحايا. وبالتالي، نحن نشهد سباق الأسابيع الأخيرة، والأسد إن أراد الفرار لا يحتاج إلى مبادرات؛ فهو يستطيع أن يفعلها في جنح الظلام، سواء للساحل الغربي من سوريا، وحينها ستستمر الحرب وملاحقته، أو أن يفر إلى روسيا أو فنزويلا، وهناك عليه أن يأمل ألا يغتاله المضيف الروسي نفسه ليتخلص منه.

الأسابيع الأخيرة ستكون معقدة، ورأس الأسد أهون العقد، لأن أمره صار مقضيا، وصفحة تطوى من التاريخ، أما الأهم فهو المحافظة على وحدة سوريا والسيطرة على المدن ومؤسسات الدولة، أي تركة نظام الأسد، من قبل الهياكل التي تشكلت في الأسابيع القليلة الماضية ضمن إطار سوريا الجديدة.

ومن الخطأ الحرص على مقايضة الأسد، سلامة رأسه مقابل الخروج، لأن الوقت تأخر كثيرا، وقد ولغ في الدم بدرجة لن يكون هناك سلام في سوريا طالما بقي الأسد حرا في أي مكان في العالم. إن محاكمته هي التي قد تجلب السلام بعد ما ارتكبه من جرائم هو المسؤول الأول عنها، وفي غيابه سيدفع كثيرون، ربما أبرياء، ثمن ما فعله الأسد.

=================

بابا أوباما وبشار الكيماوي و«جبهة النصرة»

غسان الامام

الشرق الاوسط

18-12-2012

وفاة «الشرير المحبوب» لاري هاغمان بطل مسلسل «دالاس»، لن تشغل أميركا عن إنتاج أشرار «محبوبين» على الشاشة، أو مكروهين في السياسة. تذكر، عزيزي القارئ، فقط، النجم الشهير جورج بوش.

أنت، يا سيدي، تَحَار: كيف تصنِّف فلاديمير بوتين. أو باراك أوباما؟! هل هما من الأشرار. أو من القديسين؟ بوتين محبوب في روسيا. مكروه في سوريا. أوباما مكروه لدى أطفال أفغانستان. باكستان. اليمن. الصومال. وهو نفسه بابا أوباما الذي بكى عشرات الأطفال الذين قتلهم في المدرسة، شرير يحمل مسدسين وبندقية.

مضى أوباما أربع سنوات رئيسا، من دون أن يستطيع تحريم بيع المسدس والبندقية، بسهولة بيع هاتف الـ«بورتابل»! لأن لوبي السلاح الفردي ما زال قادرا على إقناع قديسي الكونغرس وأشراره، بأن السلاح ليس هو الذي يقتل. إنما أصابع اليد التي تحمله هي التي تضغط على الزناد!

مسح بابا أوباما دموعه. واعترف بائتلاف الشيخ أحمد مُعاذ الخطيب (مُعاذ اسم الصحابي معاذ بن جبل). ثم أدرج نجوم «جبهة النصرة» على قائمة التنظيمات الإرهابية. وقال إنها لا تفرق، في عملياتها الانتحارية، بين أشرار النظام والأطفال.

رفض نجوم «الجيش الحر» والتنظيمات السياسية تصنيف أوباما. وصنَّفوا مقاتلي النصرة بأنهم جماعة «أوادم» يكتفون بـ«الجهاد» ضد بشار الكيماوي. ولا يثرثرون عن بطولاتهم، مع الصحافيين الأجانب، ولا حتى مع المقاتلين السوريين.

هل تنشب الحرب في سوريا، بين قوات أوباما، وثوار «جبهة النصرة»؟ أوباما قدم معلومات ضئيلة عن «تبعية» الجبهة لتنظيم «القاعدة» في العراق. قطعا، هذه المعلومات لا تنفصل عن الحرب الإلكترونية الأميركية، ضد ما تصفه بـ«الإرهاب الجهادي» في العالم.

انسحبت أميركا أوباما من العراق. وتنسحب من أفغانستان، تاركة وراءها المالكي و«القاعدة» في العراق. و«القاعدة» و«طالبان» وحميد كرزاي في أفغانستان، وذلك بعدما أنفقت ثلاثة تريليونات (3 ألف مليار) دولار في البلدين.

تقف الآن قبالة الساحل السوري الأساطيل الأميركية والغربية، في انتظار «هفوة» يرتكبها بشار الكيماوي، كاستخدام الأسلحة الكيماوية، أو الصواريخ الباليستية (عابرة القارات)، لتنقضَّ عليه، وعلى ما تبقى من قواته وأسلحته. استخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليا، يُعفي أميركا وأوروبا، أخلاقيا، من الالتزام بـ«مشروعية» الفيتو الروسي/ الصيني الذي عطّل مجلس الأمن نحو عامين، عن الحسم مع نظام بشار.

في استباق للتدخل الغربي، انسحبت روسيا من حماية الكيماوي بشار. وكأنها تعترف بأنها لا تريد الدخول في مجابهة، أو حرب عالمية مع الغرب، من أجل سوريا. لكن نائب وزير خارجيتها (ميخائيل بوغدانوف) يهوِّل، بين الحين والآخر، بأن سقوط بشار لا يعني نهاية الحرب السورية. فهي ستستمر، حسب اعتقاده، بين العلويين والسنة، أو حتى بين تنظيمات السنة، بما فيها «جبهة النصرة».

الشيخ معاذ الخطيب رئيس ومفتي الائتلاف السياسي يقول إن سيطرة المعارضة المسلحة على الأرض، باتت تنفي الحاجة إلى «تدخل أجنبي». غير أني لا أظن أن الشيخ الخطيب يضمن سيطرة ائتلافه، أو حكومته الانتقالية، فيما تشهد الساحة، كل يوم، ولادة تنظيم مسلح. أو مدني ضد الائتلاف.

أعود إلى «جبهة النصرة»، فأقول: لا أتوقع أن يتمكن تنظيم ديني مسيَّس وضيِّق الرؤية، من الوصول إلى الحكم في سوريا. وإذا ما لجأ في حالة فشله، إلى العمليات الانتحارية المروِّعة، كما يفعل فرعه العراقي، فلا شك أن تنظيمات الجيش الحر سوف تدخل في مجابهة معه، معتمدة على حنين السوريين إلى الأمن والاستقرار.

هل يعني إعلان أميركا الحرب على «جبهة النصرة»، أنها ستلجأ إلى طائرة النحلة (درون) في ملاحقتها في الداخل السوري؟ هذه الطائرة اختصرت خسائر أميركا البشرية والمادية. مع ذلك، فهي لم تضمن لها النصر. تصفية جيل بعد جيل من مشايخ «القاعدة» أثارت غضب ونقمة العالمين الإسلامي والعربي. فالنحلة لا تملك تقنية التمييز بين «القاعدي» و«المدني». فقد فتكت بألوف المدنيين الأبرياء.

هل هناك خطأ في استراتيجية الحرب الإلكترونية الأميركية؟ نعم، أميركا تريد نصرا سريعا على «الإرهاب الديني» لم تتمكن من تحقيقه. لا بد من الصبر. السلاح لا يكفي لتحقيق النصر على الآيديولوجيا.

لا بد من اللجوء إلى العلم. المعرفة. التربية، في مواجهة آيديولوجيا دينية متزمتة. وقادرة على تجييش مئات أو ألوف الشباب، من خلال تسييس عواطفهم الدينية العميقة، واستغلال معرفتهم الضئيلة، بما ينطوي عليه الدين من قيم سامية، تحرم العنف مع العالم. والتكفير. والقتل، مع المجتمع.

هذه هي مهمة المدرسة. والجامعة. وتعددية الثقافة الإنسانية. المؤسف أن بابا الحرب الإلكترونية على الإسلام «القاعدي»، لم يصل بثقافته الواسعة، إلى إدراك أن هذه الحرب «الدينية» التي يشنها، لا يمكن ربحها، بسرعة طائرة «درون» التي تعرف كيف تختار ضحاياها، من دون أن تملك القدرة على التفكير، بكيفية تحقيق نصرها.

في نهاية القرن التاسع عشر، أسست أميركا كلية تربوية في بيروت. منحتها اسم «سورية». هكذا، تأسست جامعة بيروت الأميركية. اجتذبت الجامعة الأجيال العربية. احتضنت الحركة السياسية القومية. حتى إيران و«حزب الله» لم يستطيعا منافستها. فمعظم طلبتها اليوم من الشيعة.

بمبلغ مليار دولار واحد، تمنحه أميركا إلى ميزانية الدول العربية والإسلامية الفقيرة، تستطيع أن تحارب ثقافة العنف الديني. وأن تكرر تجربة بيروت التربوية. وأن تؤسس لعلم اجتماع إسلامي ليبرالي. يدَرِّسُ ما في الدين من فقه التسامح. والانفتاح. وما في التجربة التربوية الغربية، من حقوق إنسانية في المساواة. في حرية التعبير. والديمقراطية. وفي حقوق الإنسان، ضد الظلم. والقهر.

أنقذت أميركا أوروبا والعالم، من الفاشية العنصرية. مات مئات ألوف الأميركيين في الحرب. اجتذبت أميركا أجيالا أوروبية. دربتها في مراكزها التعليمية على ممارسة الديمقراطية. مولت أميركا اقتصاد أوروبا (مشروع مارشال) اليوم، يأتي اقتصاد الاتحاد الأوروبي ثاني اقتصاد في العالم (13 تريليون دولار إجمالي الإنتاج السنوي)، في مقابل 15 تريليون دولار قيمة الإنتاج السنوي الأميركي.

هل فقد بابا أوباما القدرة على إلهام الحاضر والمستقبل، ليقف عاجزا أمام شاب أميركي، يغتال مستقبل أميركا بثقافة العنف. بمسدسين وبندقية؟ هل فقد بابا أوباما الحزين على أطفال أميركا، الأمل في مواجهة طالبان. القاعدة. «الشباب» في الصومال. «جبهة النصرة» في العراق وسوريا، إلا بغارات طائرة الشر (درون) التي تغتال فرصا أميركية، لتغيير عالم الفقراء بالتربية. بالثقافة. بالمعرفة. بالعلم؟

=========================

التغيير المناخي

عالم ساخن؟.. عالم جائع!

بقلم ستيفن لييهي/وكالة إنتر بريس سيرفس

(آي بي إس / 2012)

الدوحة, ديسمبر (آي بي إس) - العلماء يشددون: أسعار المواد الغذائية سترتفع ومئات الملايين من البشر سيجوعون إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة لإجراء تخفيضات كبيرة في انبعاثات غازات الوقود الأحفوري.

هذا هو ما كان على المحك حقا يوم الجمعة 7 ديسمبر، وهو اليوم الأخير رسميا لإنهاء أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للتغيير المناخي المنعقد في الدوحة منذ 26 نوفمبر، والذي تقرر تمديده حتي السبت 8 ديسمبر لمحاولة تضييق ما يمكن تضييقه من الفجوة العميقة القائمة بين الدول الصناعية والبلدان النامية.

فالواقع هو أن انبعاثات أكسيد الكربون قد كسرت بالفعل توازن المناخ في العالم، مما أدي إلي تضخم أضرار الظواهر المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف والعواصف.

كما برهنت عدة دراسة علمية متخصصة علي أن الزراعة والإنتاج الغذائي عرضة قوية لآثار التغيير المناخي.

ومع ذلك، فمن "الغريب جدا عدم التركيز على قضية الأمن الغذائي هنا في الدوحة". هكذا حذر ميشيل شيفر، العالم بمركز "تحليلات المناخ" الذي أضاف لوكالة إنتر بريس سيرفس، "لا شك في أن التغيير المناخي ينطوي على مخاطرة كبيرة لقدرتنا على إنتاج الغذاء".

 

وتجدر الإشارة إلي أن مركز تحليلات المناخ، جنبا إلى جنب مع معهد بوتسدام في ألمانيا، أعد تقرير البنك الدولي المعنون "ارفض السخونة"، الذي يحذر من أجزاء كثيرة من العالم لن تكون قادرة على إنتاج الغذاء اذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بنسبة أربع درجات مئوية.

 

كذلك فيحذر التقرير أن البشرية تسير نحو عالم يسجل إرتفاع درجة الحرارة بمعدل أربع درجات.. عالم لم يسبق له مثيل من موجات حرارة وجفاف شديدة، وفيضانات كبرى، وتأثيرات خطيرة على النظم البيئية والزراعة.

وبمعني آخر، فإن عالما أكثر دفئا بهذا القدر، يعني إرتفاع الإحترار علي الأرض بمعدل أربعة إلى 10 درجات، وهو ما يتجاوز قدرة العديد من محاصيل الغذاء الضرورية علي التحمل.

وقال شيفر أن أجزاء كبيرة من أفريقيا والصين والهند والمكسيك وجنوب الولايات المتحدة ستعاني من التدهور لهذا السبب، وستكون هناك أيضا تغييرات كبيرة في أنماط سقوط الأمطار وارتفاع مستويات التبخر.

فبمجرد إرتفاع درجة الحرار بنسبة 0.8 فقط، إنتشرت موجات الجفاف والفيضانات والظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بالتغيير المناخي، وقفزت أسعار المواد الغذائية جراء معاناة مناطق واسعة من حزام الحبوب في الولايات المتحدة من موجة الجفاف هذا العام.

وأضاف شيفر أن أسعار المواد الغذائية سترتفع حتما عندما تحدث ظواهر مناخية متطرفة في المناطق المنتجة للأغذية في المستقبل.

هذا وتدلل الأبحاث أنه حتى في حالة زيادة ظاهرة الإحتباس الحراري بمعدل درجتين مئويتين، سيقع مشاكل خطيرة في مجال الإنتاج الغذائي على المستويات الإقليمية. أما إذا تجاوز درجات الحرارة ثلاث درجات، فستصبح المشكلة عالمية.

 

ومن ثم، وبدون إجراء تخفيضات كبيرة في انبعاثات الوقود الأحفوري، سيتزامن إرتفاع الحرارة بنسبة ثلاث إلى أربع درجة مئوية، مع ذروة النمو السكاني في العالم.

فحذر شيفر: "هذه ستكون كارثة".

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ