ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 22/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

20&21-12-2012

معلمّ يعلّم الكذب!

ملح وسكر

المدينة نيوز

الجمعة 21/12/2012

أ.د. سالم بن أحمد سحاب

في آخر (طلّة) غير بهية لوليد المعلم وزير خارجية النظام المنهار في سورية، صرح (معاليه) بأن القصف الذي تعرض له مخيم اليرموك في سوريا، إنما كان بفعل (الإرهابيين)، الذين (صفوّا) دباباتهم ومدافعهم الثقيلة ثم قصفوا المخيم ليدمروه على أهله من الفلسطينيين العزل وغالبيتهم من النساء والشيوخ والأطفال.

يا وزير اختشي! ويا معلم استحي! نظام باطش طائش يحكم سوريا لأكثر من 40 عاماً دون أن تطلق في جنباته رصاصة واحدة لا يملك مواجهة قلة محدودة من الإرهابيين حتى لو ساعدتهم كل قوة على وجه الأرض. من أين لهم الدبابات والمدافع الروسية، إن لم تكن غنائم من جيشكم المنهار وجندكم الأشرار!!

ما هذا الكذب يا أيها (المعلم)؟ نظام يعلّم (الكذب)، بل يمارس (الكذب) طوال 4 عقود، وسيظل يمارس الكذب حتى سقوطه عما قريب، وحتى رحيله غير مأسوف عليه.. مذموماً مبغوضاً ملعوناً إلى يوم الدين.

وأم الكذب أن يعّلم جميع أصدقائه المقربين الكذب بالطريقة نفسها! فهولاء الروس مثلاً يكذبون كل يوم بشأن الملف السوري عشرين كذبة، وكل كذبة تلعن أختها غيرة منها لكبرها وبؤسها وسخافتها.

والصديقة الأخرى الصفوية إيران تكذب كل يوم ألف كذبة سراً وجهراً، حتى إن المترجم الصفوي السخيف ترجم سوريا إلى البحرين وترجم المعارضة الشعبية للنظام في سوريا إلى (القاعدة) الشعبية للنظام في سوريا.

وأما سيد (الكذّابين) فهو أمين حزب الشيطان في لبنان الذي يكذب ولا يبالي، ويجزم بأحداث المستقبل، وكأنه ملهم، وهو (عبيط) لا يعترف بقراءة الأحداث ولا بنتائج المواجهات في سوريا، فيصرح بأن من يعتقد بأن النظام سيسقط واهم جداً جداً جداً (كررها ربما 10 مرات).

واهم أنت أيها (المعلم) وتلميذك (المتعلم) في لبنان، كلاكما واهمان، والله قطعاً غالب على أمره، وسيأذن قريبا برحيل النظام الدموي، كما سيرحل نفوذ إيران الصفوي، وسيتبعهما لا محالة حزب الضلالة الفئوي. كل سيرحل في طريق، وسينكمش الدور الإيراني العبثي في المنطقة، وستتقلم أظافره عما قريب.

ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.. نصر الله الحقيقي لا نصر الدعي المزيف.

salem_sahab@hotmail.com

========================

المعارك الأخيرة للنظام السوري

المستقبل

21-12-2012

عمر كوش

مع دخول الثورة السورية شهرها الحادي والعشرين، برزت متغيرات كثيرة في المشهد السوري، حيث تزايدت الانشقاقات بين صفوف العسكريين، ولم تتوقف،من جهتها، الانشقاقات بين صفوف السياسيين، خاصة مع انشقاق جهاد مقدسي، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية، وفراره إلى خارج البلاد، حيث يحمل انشقاقه دلالات أعمق من انشقاق شخصيات أخرى، كونه اختير في مرحلة صعود الثورة، كي يدافع عن رؤية النظام، ويبرر ممارساته، أمام وسائل الإعلام، وتوصيل رسائل للعالم الخارجي.

ولعل أبرز المتغيرات هو التقدم الكبير الذي يحرزه الجيش الحر والتشكيلات المسلحة الأخرى في مختلف مناطق سوريا، وخاصة في حلب والمناطق المحيطة بالعاصمة دمشق ومطارها، وبما يفضي إلى اقتراب المعركة الأخيرة فيها، بوصفها معركة انتهاء النظام.

بالمقابل، لا يتوانى ساسة النظام السوري وقادته العسكريين عن الحديث عن المعارك البطولية التي يخوضها "الجيش والقوات المسلحة" ضد الثائرين وحاضنته الشعبية، فمنذ منتصف العام الماضي، راح العديد من المسؤولين السوريين يتحدثون عن معركة الحسم في حمص، ثم انتقلوا إلى الحسم في إدلب، ثم في درعا، ثم تحدثوا عن "أم المعارك" في حلب، في حين أن كل هذه المعارك كانت تطلق من أجل شدّ أزر الموالين للنظام، وإيهام الرأي العام في سوريا وخارجها، بأن النظام قوي، وهو من يمتلك زمام الامور ويوجه المعارك. لكنه في الواقع، اختبر أسلوب التدمير الذي اتعبه في مختلف المناطق السورية منذ البداية ولم يُفلح، ثم لجأ إلى ارتكاب المجازر كذلك، ولم يدرك إلى اليوم أن أسلوب التدمير والقتل لا أثر له على أرض الواقع، سوى جعل الناس في المناطق الثائرة يزدادون إصراراً على المضي في الدرب الذي بدأوه، والسير فيه حتى تتحقق مطالبهم وتطلعاتهم في العيش بحرية وكرامة.

وبعد كل هذه المعارك، لا يمكن لمتابع حصيف أن يجادل في أن النظام السوري، بعد كل هذه المعارك، يمكنه أن يصمد طويلاً أمام ثورة السوريين ومقاومتهم، فنهاية هذا النظام محتومة، وبدأت عندما كسرت جموع السوريين حاجز الخوف، وخرجت في تظاهرات سلمية تطالب بإسقاطه، ومازالت مصرة على بلوغ غايتها، ونيل مرادها في الحرية والكرامة، بالرغم من الكلفة الإنسانية الباهظة التي تدفعها يومياً، منذ واحد وعشرين شهراً، فضلاً عما تلاقيه من ملاحقة، وتهجير، وتشريد، وتخريب، وتدمير، وحرق لأملاكها، وأماكن عيشها وسكناها.

ويدفع التفكير باقتراب المعركة الأخيرة للنظام إلى الخشية من الفراغ الذي قد يحدثه سقوط مفاجئ، وحدوث فوضى. وما يدعم توقع ذلك هو فقدان النظام السيطرة على مساحات كبيرة من سوريا، وذلك بعد التقدم الواضح للجيش السوري الحر والتشكيلات العسكرية الأخرى، بالرغم من فارق القوة العسكرية واللوجستية ما بين قوات النظام وسائر المجموعات العسكرية المدافعة عن الثورة، الأمر الذي يفسره، ليس فقط حالة الانهاك التي بات يعاني منها الجيش السوري، بعد اقحامه في معارك الشوارع والأحياء والبلدات السورية، وحدوث انشقاقات متتالية ومتسارعة في تركيبته، بل هناك أمور عديدة، تتعلق بأن المجندين داخل الجيش النظامي مكرهون في معظمهم على القيام بما يطلب منهم، تحت تهديد الإعدام الميداني والتصفية والاعتقال، وقسم منهم مغرر به، ويستخدم ضحية أو وقوداً لخدمة بقاء رموز النظام في السلطة. بالمقابل، فإن الثوار بغالبيتهم يدافعون عن أحيائهم وبلداتهم وأماكن عيشهم وسكناهم في وجه اجتياحات وحدات الجيش وقوى الأمن وقطعان الشبيحة، وبالتالي، فإنهم مسلحون ليس بالعزيمة والإصرار والاستعداد للتضحية فقط، بل يحظون بالاحتضان من طرف الناس، الذين يجمعهم الإيمان بضرورة الخلاص مهما كانت التضحيات والخسائر.

وهناك تقارير تشير بوضوح إلى تدهور الوضع الاقتصادي، وشحّ الموارد المالية، التي يسخرها النظام من أجل تمويل شبيحته وقواه الأمنية والعسكرية، وهبوط قيمة الليرة السورية السريع، في الآونة الأخيرة، أمام العملات الأجنبية، بما يؤشر على اقتراب النظام من حالة الإفلاس والانهيار المالي والاقتصادي، التي يحدّ منها بشكل أو بآخر، تدفق الدعم المالي والاقتصادي الإيراني، والاسناد الروسي، ودعم بعض أفراد مافيات النظام وأعوانه، الذين عاشوا طويلاً على نهب مقدرات البلد واستثمار حالة الفساد والافساد، إلى جانب دعم بعض الأطراف من دول الجوار.

وعلى الصعيد الدولي، تجري اتصالات مكثفة مع "الائتلاف الوطني لقوى الثورة المعارضة السورية"، لتشكيل حكومة انتقالية وتصعيد عزلة النظام، فيما لا تخفي الولايات المتحدة الأميركية والقوى الغربية، تخوفها من تنامي قوة بعض التشكيلات المسلحة المتطرفة، في ظل توارد تقارير عن تدفق عناصر متشددة إلى سوريا، ووجود تشكيلات عسكرية مثل "جبهة النصرة" وبعض المجموعات السلفية المتشددة الصغيرة، حيث كثر اللغط والأحاديث عن وجود عناصر من تنظيم "القاعدة" في سوريا قدموا من شمال العراق ومن أماكن أخرى، وعن الخشية من أن تتحول البلاد إلى دولة فاشلة، ومأوى لما يسمى المجموعات الإرهابية والمتطرفة.

وينظر إلى الائتلاف الجديد، بوصفه إطاراً يعبئ طاقات وقوى الثورة السورية، يهدف إلى توفير الدعم للشعب، ويمثل توجهات الثورة وأهدافها على الوجه الأمثل، من خلال السعي إلى عمل كل ما من شأنه أن يسهم في قلب موازين القوى، لصالح إسقاط النظام، وانتصار الثورة على الصعيدين الداخلي السوري والخارجي.

ويأمل غالبية السوريين أن تؤثر الموازين الجديدة باتجاه الدفع بإمكانيات الثورة في مواجهة النظام، وذلك من خلال تمكن الائتلاف الجديد من تجاوز خلافات المعارضة فيما بينهما، على المستوى الإيديولوجي والسياسي، وعدم جعلها معوقاً، أو مانعاً أمام توحيد وتنسيق الجهود من أجل المعركة الأخيرة للنظام.

========================

الثورة السورية

تغادر عفويتها .. ولكن

21-12-2012

المستقبل

د.نقولا زيدان

لا تثير السورية السورية لجهة فرادتها وخصوصيتها وتعقيدات الساحة التي تدور عليها فضول واهتمام المفكرين الثوريين والنظريين العرب فحسب، بل نظراؤهم في الغرب والمجتمع الدولي أيضاً.

وتطرح فرادة الثورة وخصوصيتها إشكالية ترتدي أهمية قصوى ألا وهي السمة العفوية لهذا النهوض الشعبي العارم من جهة وغياب القوى الجاهزة سلفاً لقيادة المعركة من جهة أخرى.

لقد راكم الاحتقان والشعور بالذل والمهانة والمعاناة من التهميش والفقر والتعاسة نتيجة الفساد والعائلية والمذهبية والقمع المتواصل ومصادرة الحريات العامة وإلغاء مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية والفلاحية والرابطات الثقافية والنوادي الفكرية، حالة عامة هائلة الاتساع من التخمر الثوري الشعبي وذلك على امتداد أربعين سنة من الحكم الفردي الممسك بالبلاد بقبضة حديد، ضمنت استمراره وديمومته آلة عسكرية صماء محاطة بشبكة متشعبة من أجهزة الأمن والمخابرات. وقد لعب حزب البعث الذي راح يتعفن ويتآكل وينهار إلى حد التلاشي دور الصورة الظاهرة المخادعة التي تغطي هذا الواقع المريض.

لقد خرجت الجماهير البسيطة والعفوية تلقائياً إلى الشوارع تطالب بالحرية والإصلاح والعدالة الاجتماعية، أولئك الناس العاديون ممن لا يتقنون عادة استخدام السلاح والذين لم يدرسوا قط فنون القتال والحرب، فلا هم منظمون وليس بينهم إلاّ نادراً من له تجربة حزبية سابقة ذات أهمية، فهم جموع غاضبة خرجت من المدن والبلدات والدساكر والأرياف لتشكل حالة اعتراضية تعبر عن نقمة دفينة حفرت عميقاً في نفوسها عقوداً طويلة متّشحة بالسواد.

لقد نهش النظام الأسدي الدموي نفوسها وزرع فيها الخوف والارتياب وسحق إنسانيتها وقدرتها على الاعتراض. إلاّ أن هذه المراكمة وهذه التعبئة الصامتة وهذا الاختزان المتواصل للكراهية والنقمة والحقد وصل إلى حدوده القصوى ليتعداها إلى ما لا يحتمل ولا يطاق. فالرصاصات الأولى والقذائف وسلاسل الدبابات وعصابات التوقيف والاعتقال هي التي كانت خير معلم لهذه الجموع التي راحت تنخرط رغماً عنها أحياناً في معمعان القتال.

إنها العفوية والتلقائية والسخط العام والغضب المزداد اتساعاً هو الذي ولد هذا المخلوق الرائع الثوري المثير للإعجاب. فقد راح هؤلاء البسطاء من أبناء الأحياء الشعبية في حمص وحماه والرستن وحلب ودمشق، وأولئك الفلاحين والمزارعين في الأرياف والحقول والمزارع، يتحولون إلى محاربين مقاتلين أشداء يقارعون الموت بالموت. فقد انكسر حاجز الخوف وتحطمت أسطورة الرعب المعشش لانهم شربوا طعم الفولاذ. فسوريا من أقصاها إلى أقصاها أصبحت ساحة هائلة للقتال، تذرعها أمواج بشرية لا حد لها ولا حصي من الثوار. لقد أفلت العنف الأسدي البربري الناس من عقالها وأكرهها على حمل السلاح. فقد أدرك هؤلاء الثوار الشعبيون حقيقة ان الجيش المدجج بالسلاح قد جرى إعداده وتنظيمه وتسليحه ليس للقتال على أرض فلسطين ولا لاسترداد الجولان بل لحراسة النظام الفاشي في دمشق وسحق المعارضة والبطش بلا هوادة بكل صوت ممانع. فمن هذا المعين انضم المتطوعون إلى الجيش السوري الحر ليزداد قوة وصلابة وجسارة، فالثورة ماضية غير هيابة إلى خواتيمها الطبيعية والعادلة: اسقاط النظام بأكمله.

إن فرادة وخصوصية الثورة السورية تكمن فعلاً كما هو الواقع الحي المعاش، في غياب القوى المجربة والمسلحة ببرنامج سياسي يخولها الاضطلاع بإدارة الحرب ميدانياً وتعبئة الجماهير المسلحة بالوعي السياسي المطلوب والضروري استعداداً لمرحلة ما بعد سقوط النظام. فإذا كانت العفوية الجماهيرية قد سبقت القوى المجربة في النزول إلى الساحات والميادين، لترفع شعارات ذات طابع ملتبس أحياناً فإن مرد ذلك للغياب التاريخي في ظل المرحلة الأسدية السوداء، للحرية وصراع الأفكار والسياسات. وقد عزز هذا الطابع الملتبس ليس نفوذ الاخوان المسلمين فحسب، بل تفريغ النظام الأسدي للحياة السياسية في سوريا من أي تنظيم أو فصيل سياسي فعّال. كما ان الشعور السائد بالوحدة والعزلة في ظل العجز العربي الفاضح, وتخلي المجتمع الدولي عن الثورة قد ولد مشاعر دينية من هذا القبيل.

فانتقال المجلس الوطني السوري والائتلاف إلى الداخل ليتحولوا إلى قادة سياسيين للثورة ما زال بعيد المنال، ما دامت المناطق المحررة معرضة باستمرار للقصف والدمار. فكيف السبيل والحالة هذه لردم هذه الهوة، خاصة ان المناطق الآمنة أو العازلة التي لطالما جرى الحديث عنها غير قابلة للتحقيق. ولكنه أمر لا بدّ منه رغم التعقيدات من أجل إعادة بناء سوريا، ولكن سوريا الحرية والديموقراطية والتعددية القانونية والاجتماعية.

========================

هل يتحرك "الحزب" قبل "انجلاء" الوضع السوري؟

2012-12-21

النهار

سركيس نعوم

اللبنانيون المعادون للنظام السوري يعتقدون انه يعيش أيامه او أسابيعه أو شهوره الأخيرة. ذلك انه يخوض الآن معركة الاحتفاظ بالعاصمة دمشق بعدما فقد السيطرة التامة على مناطق سورية واسعة، وبعدما بدأ الثوار قضم المناطق الباقية تحت سيطرته. هذا الواقع فرض على الولايات المتحدة الداعمة ثوار سوريا وعلى روسيا الداعمة الرئيس بشار الاسد ونظامه، "تكثيف" التحاور بغية السعي الى تسوية تكون "طائفة" النظام جزءاً منها وليس النظام نفسه برموزه كلهم. والواقع نفسه سيفرض قريباً على الجمهورية الاسلامية الايرانية حليفة الاسد دخول الحوار المذكور، خصوصاً بعدما ادخلت في حساباتها احتمال ان نظام الاسد قد لا يتمكن من الاستمرار رغم "صموده" حتى الآن.

اما الانعكاسات اللبنانية ل"السقوط الوشيك" للنظام السوري، في رأي هؤلاء اللبنانيين، فسوف تكون ارباكاً لحلفائه ولزعيمهم السياسي والعسكري "حزب الله"، وإضعافاً له داخل "شعبه" وفي لبنان. ولذلك فإنه سيكتفي بمراقبة الاوضاع، وربما بالانخراط في تسوية داخلية لا تلبي طموحاته القصوى المزمنة. ويُعبِّر هؤلاء عن موقفهم هذا بالقول ان سقوط بشار ونظامه سيجعل "الحزب" يقول "بدي السترة".

هل الاعتقادات المذكورة اعلاه في محلها؟

يضحك قياديون في "الحزب" عندما يسمعونها، إستناداً الى قريبين منهم. فهي في رأيهم نتيجة الانطلاق من مسلّمة غير ثابتة حتى الآن، وهي "السقوط الوشيك" لنظام الأسد، رغم اعترافهم بأن اوضاعه العسكرية لا تزال افضل من اوضاع الثائرين عليه من شعبه ومن التكفيريين الاسلاميين، وايضاً نتيجة عدم معرفتهم ب"الحزب" وبطاقاته وامكاناته وقدرته على العمل والتحرك. ورغم ان بعضهم يعتبر طرح هذا الموضوع نوعاً من استدراج لمعرفة ما اذا كان لديه مخططات لمواجهة مرحلة "السقوط" الاسدي سورياً ولبنانياً، فإنهم لا يجدون حرجاً في الحديث عن المرحلة المذكورة، ولكن طبعاً من دون تفاصيل، ودائماً استناداً الى القريبين منهم. وفي هذا المجال يقولون بضرورة اخذ الواقع او "الوقائع" الميدانية التي ستحصل بعد "السقوط الوشيك" تمهيداً لتحديد المخطط اللازم لمواجهة كل منها. ويقولون ثانياً ان دراستهم الاوضاع السورية وتطورها وربما نهاياتها الكلية او الجزئية دفعتهم الى وضع المخططات اللازمة لمواجهة كل آثارها والتبعات. ويقولون ثالثاً ان على "الحزب" ان يأخذ في الاعتبار مصلحة ابناء "شعبه" المقيمين في مناطق سورية. ويقولون رابعاً ان السقوط الكلي للنظام قد يؤدي وفي سرعة الى حال من أربع. الأولى، قيام حكومة معادية ل"الحزب" ولكن مستقرة وقادرة بمساعدة القوى الثائرة والمساعدة العربية والاسلامية والدولية على وضع سوريا على طريق نظام جديد. والثانية انتشار الفوضى داخل سوريا جراء عدم تنظيم الثوار، وانقسامهم بين اسلاميين "معتدلين" واسلاميين سلفيين واسلاميين تكفيريين وليبراليين وعلمانيين واقليات. والثالثة، تحوُّل الفوضى نوعاً من حرب أهلية "أخوية" أي سنية في معظمها. أما الحال الرابعة، فهي شمول الفوضى والعنف الاراضي السورية المتاخمة للجولان المحتل وربما انتقال "الجهاد" اليها. ويقولون خامساً، ان السقوط الجزئي للنظام قد يؤسس لدويلة، غير نهائية طبعاً للاسد وعصبيته، على اتصال جغرافي مع العراق فإيران، وقد يفتح الباب أمام السعي لاقامة نظام شامل لسوريا ولكن انطلاقاً من المناطق المحررة. علماً ان احتمال الفوضى والعنف في الاخيرة يبقى محتملاً.

ويقولون سادساً، ان هاجس "الحزب" في كل الحالات المشار اليها اعلاه سيكون المحافظة على نفسه وعلى شعبه وعلى حلفائه. وقد لا يكون ذلك ممكناً من دون خطوات جريئة تشمل غالبية لبنان باستثناء الشمال السني. طبعا قد لا ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر، اذ ان نجاحه في السيطرة قد يدفع اعداءه الى بدء حرب عليه شبيهة بحرب مثيلاتها في العراق وخارجه. لكن "الحزب" يبقى مقتنعاً، استناداً الى القريبين منه، بقدرته على الثبات.

اي من الاعتقادات والاقوال المفصَّلة اعلاه اقرب الى الواقع؟

الامتناع عن الجواب افضل في ظل غياب الكثير من المعطيات. لكن اللافت هو ما يقوله قريبون من ايران راعية "حزب الله"، ومفاده أنه لن ينتظر حتى تُحسَم اوضاع سوريا جزئياً او كلياً في غير مصلحته كي يتحرك

========================

بشار إما ترحيل وإما نهاية مأسوية

النهار

2012-12-20

علي حماده

لم يعد سراً أن عواصم العالم المعنية بالازمة السورية تجري الجولة اثر الجولة من المفاوضات حول مصير النظام في سوريا ولا سيما مصير بشار الاسد والمجموعة المحيطة به من الضباط الكبار ورجال الاعمال المتورطين في القتل في سوريا. ولم يعد سراً ان كل العواصم من دون استثناء بما فيها موسكو وبكين تقر خلف جدران الغرف المغلقة بان لا أمل لبشار الاسد في البقاء على رأس الدولة في سوريا، ولا حتى في سوريا نفسها بصفة مواطن عادي. فبشار ومعه بضع مئات من المحيطين به محكومون اما بمواصلة قتال حتى الموت المحتوم، وإما بالهروب الى الخارج ضمن صفقة عربية - دولية يكون الهدف منها تقصير مدة الحرب، وقطع الطريق امام القوى "المتطرفة" المستفيدة من اطالة امد الحرب، بالمسارعة الى انشاء ادارة سورية جديدة تكون قادرة على اعادة شيء من الاستقرار الى البلاد كمرحلة اولى، على ان يعقبها التحول السياسي نحو المؤسسات الديموقراطية. ولم يعد سراً ايضا ان الاميركيين والروس ومعهم أطراف أوروبيون وعرب يتفاوضون على مرحلة ما بعد الاسد وفق قاعدة غير معلنة من الجانب الروسي، تقول بإن ترك الاسد وجماعته ينبغي ان يكون له ثمن مجدٍ لموسكو ولمصالحها. ولكن من دون التفاوض على رأس الاسد، العامل الايراني الراديكالي في الازمة السورية، ويدفع نحو الحرب الشاملة، وقلب الطاولة على الجميع. وفي هذا الاطار لا يخفي الروس امام محدّثيهم الاميركيين والاوروبيين مرارة من سيطرة ايرانية شاملة على النظام في دمشق. واذا كان رأي الاوروبيين من امثال وزير خارجية فرنسا السابق آلان جوبيه أن موسكو علقت في فخ مواقفها من الازمة السورية، وما عادت تعرف طريقا للخروج بمكاسب بحجم التورط، فإن الديبلوماسية الروسية بآفاقها الاوسع من الخيارات الايرانية مُقْدمة في المدى المنظور على عقد صفقة على رأس بشار اذا ما رفض الاخير حلولا تقدم اليه، ولا تتضمن في اي منها فكرة بقائه في حكم او في سوريا نفسها.

ما تقدم مبني على معلومات مستقاة من مصادر ديبلوماسية عربية معنية مباشرة بالصراع في سوريا. وفي هذا المجال تفيد هذه المصادر الرفيعة ان ثمة سباقاً بين فرصة اخيرة تقدم لبشار ومعه خمسمئة الى الف شخصية من فريقه من اجل خروج آمن من سوريا، مع حصانة تمنع محاكمة اي منهم بتهم ارتكاب جرائم حرب او ضد الانسانية، ونهاية بإبادة لأركان النظام بأبشع الطرق.

يشعر المراقب بدقة لجولات التفاوض الدولية حول سوريا، انه بالاضافة الى الصراع الاميركي - العربي مع روسيا، ثمة صراع خفي بين الاخيرة وايران على قاعدة تفيد بأن روسيا تنظر الى دورها على انه دور قوة عظمى، وليس دوراً تابعاً لخيارات قوة اقليمية كإيران تنسى احيانا حجمها الفعلي. وبناء عليه، يمكن ان نشهد تحولاً عند نقطة معينة. ولكن اذا لم يغير الروس موقفهم ويغادروا "سفينة" بشار الغارقة، فإن شيئا لن يتغير في المآل النهائي لصراع سيدمر جسر إيران الاساسي الى قلب المشرق العربي.

 

========================

"جنيف - 2" إلى "مقبرة اليرموك"؟!

النهار

2012-12-20

راجح الخوري

بعد قصفه بالطيران ودكّه بالمدفعية ومحاصرته بالدبابات، يبدو واضحاً ان بشار الاسد يسعى الى وضع الروس والاميركيين امام خيارين أحلاهما مرّ، فإما ان يدفن مبادرتهم الجديدة "جنيف - 2" التي لم تلحظ مستقبلاً سياسياً له او لنظامه، وإما ان يدمر ما تبقى من مخيم اليرموك المنكوب على رؤوس الفلسطينيين!

الاخبار التي نقلتها الوكالات امس من دمشق اجمعت على ان اقتحام المخيم ينتظر الامر السياسي، وفي موازاة ذلك يبدو ان الاخضر الابرهيمي ينتظر بدوره ضوءاً أخضر يحدد له موعداً مع الاسد لكي يبلغه رسمياً نص المبادرة التي حصل اتفاق روسي - اميركي عليها وتتألف من خمس نقاط (نشرت هذه الزاوية نصها يوم الثلثاء الماضي).

قبل ان يصل الابرهيمي الى القاهرة الاحد الماضي حيث أطلع نبيل العربي على المبادرة المذكورة، كان قد طلب موعداً من الاسد لكنه لا يزال يقبع متبرماً في القاهرة منذ ستة ايام، في حين بدا للروس وللاميركيين ان الاسد يحاول ان يلعب معهم، عبر حصار مخيم اليرموك، ورقة العصا والجزرة، بمعنى انه يريد القول، إذا كانت مبادرة "جنيف - 2" تشكل استنساخاً للحل اليمني الذي سيفضي الى إزاحته عن السلطة في نهاية آذار المقبل لمصلحة حكومة وحدة وطنية تنظم انتخابات جديدة، فإنه ليس مضطراً الآن، بعد كل ما جرى، الى التخلي عن الطريق الذي اختاره منذ البداية اي الحل العسكري مهما كلف الامر حتى لو كان الدم في اليرموك فلسطينياً. فها هو وليد المعلم يبلغ بان - كي مون هاتفياً ان المجتمع الدولي مسؤول عن معاناة الفلسطينيين اصلاً وان ما يجري في اليرموك "إشتباكات بين ارهابيين ممولين من الخارج وعناصر من المخيم شكّلتها اللجان الشعبية"!

تتضح معالم لعبة المقايضة التي يريدها النظام في مخيم اليرموك عندما نعرف ان موسكو قامت، بعد اتصالات فلسطينية حثيثة معها، بتوجيه رسالة الى الاسد طالبته فيها بوقف قصف المخيمات، محمّلة اياه مسؤولية الدماء الفلسطينية ومحذّرة من "ان صبرا وشاتيلا جديدة بأيدٍ سورية ستكون عواقبها وخيمة".

أما عندما تعلن واشنطن ان قصف اليرموك يمثّل تصعيداً كبيراً وينذر بالخطر وانه يمثل ايضاً تقويضاً لدعوة فاروق الشرع الى "تسوية تاريخية وتشكيل حكومة وحدة وطنية"، فإن ذلك يوحي بأن اميركا كانت قد وجدت في "مبادرة الشرع" محاولة شخصية من الاسد تهدف الى فتح الباب امام بازار الحلول بما قد يساعده على الخروج من مأزقه الخانق، في حين كان من الواضح انها محاولة لقطع الطريق على "جنيف - 2" التي يريد الاسد، كما يبدو وكما يعرف الابرهيمي جيداً، دفنها في "مقبرة اليرموك"!

========================0

فكرة الشرع وموقف المعارضة

21-12-2012

الدستور

عبدالمجيد جرادات

يُعرف عن الدكتور فاروق الشرع، نائب رئيس الجمهورية العربية السورية، بأنه يُفكر قبل أن يُقرر أو يتحدث، وهو دبلوماسي مرن، وأكاديمي متمكن، أما موقفه من محنة الشعب السوري منذ بداياتها، فقد ارتكز على ميله للحوار الذي يُبقي على وحدة الشعب السوري، ولا يُفرط بمكتسباته. وعندما ظهر قبل أيام من خلال شاشات الفضائيات، وهو يتحدث لمندوب جريدة الأخبار اللبنانية حول تطورات الأوضاع في سوريا، فقد بدأ أنه يحس بالوجع حد الشعور بالقلق والألم معا ً.

من حيث التوقيت، فإن تصريحات الشرع تشكل صرخة إنسانية مدوية، نأمل أن تسمع أولا ً في الداخل السوري ومن قبل رموز المعارضة الذين يتنقلون بين العواصم العربية والغربية، بعد أن ارتفع سقف العناد من قبل قوات النظام التي اعتقدت بأنها ستلاحق أو تسحق كل من يقف بالخندق المعادي للرئيس بشار الأسد بوقت قياسي، في حين أن المعارضة المسلحة، أسقطت من حساباتها مبدأ القبول بأي حوار، قبل أن يرحل الرئيس.

يخلص الدكتور فاروق الشرع في مقابلته الأخيرة إلى القول بأنه لم يعد بوسع النظام أن يهزم المعارضة، وبنفس الوقت، فإن جميع فصائل المعارضة، التي توجه أسلحتها لصدور ضباط وجنود الجيش السوري لن تسقط النظام، وفي ظل هذه المعادلة، واتساع حجم المعاناة الذي طال جميع أهالي المدن والبلدات السورية، حيث تواجه الأغلبية من أبناء الشعب السوري، صعوبات بالغة في الحصول على أساسيات العيش، كما هو الحال على سبيل المثال في مدينة (معرة مصرين) التي يصطف رجالها لساعات طويلة من أجل الحصول على ما يحتاجونه من ( الخبز)، وفي أكثر الأيام تنفذ كمية الطحين، قبل أن يأتيهم الدور.

ثمة عتب في كلمات الدكتور الشرع موجه لبعض دول الإقليم حول مواقفها تجاه محنة الشعب السوري، وهي إشارات مستخلصة من طبيعة التدخلات الخارجية إزاء ما حدث ويحدث في سوريا، والتي تتجلى باهتمام الدول العظمى والصناعية على صون مصالحها التجارية والحرص على حيوية دورها في المنطقة، وبدون أن تكترث لسقوط المزيد من الخسائر البشرية وتدمير مقدرات وممتلكات الشعب السوري، وهذه هي الرسالة التي نتوقع أن تقرأ بتمعن من قبل جميع أبناء سوريا على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم، قبل أن يتعمق الجرح وتسود الفوضى أكثر مما هي عليه.

كيف ستبدأ الجهود المبذولة لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا ومتى ؟، وهل سيكون بوسع الجهات التي تمتلك القدرة على التأثير أن تسير باتجاه التهدئة ومحاولة تقريب وجهات النظر، ثم تبني الخطاب الذي ينسجم مع متطلبات السير بإدارة الأزمة سعيا ً لحلها ؟

عندما تأكدنا بأن رياح الفتنة بدأت تهب على ربوع سوريا، ذكرنا بأمرين: الأول: أن الأزمات التي يجري تصديرها إلينا، لا تهدف لمنفعة الشعوب بقدر ما تطمح إليه من تفكيك مكوناتها وإضعاف إرادتها، أما الأمر الثاني، فهو يكمن بمراعاة الحكمة بحيث لا يستقوي أي طرف على الطرف الآخر، لأن النتيجة ستقود إلى الأسوأ، ولهذا تمنينا في حينه على الأخوة في سوريا أن يرفعوا شعارا : كل السوري على السوري حرام.

am_jaradat@yahoo.co

========================

لماذا يُحجم الأسد عن استقبال الإبراهيمي؟ *

21-12-2012

الدستور

عريب الرنتاوي

أسبوع كامل مضى، منذ أن تقدم الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي بطلب لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، من دون أن يتلقى موعداً محدداً حتى الآن..السوريون يريدون للإبراهيمي أن يأتي لدمشق، وأن يأتي “على مهل”، وأن يجلس على مقاعد الانتظار فيها لعدة أيام، قبل أن يُرتّب له لقاء مع الرئيس، ولا مانع في أن يملأ أجندة إقامته المديدة في سوريا، بفيضٍ من اللقاءات مع مسؤولين سياسيين، يعرف القاصي والداني، أن لا حول لهم ولا قوة.

في المرة السابقة، كما تقول مصادر، اضطر الإبراهيمي للانتظار أربعة أيام للقاء الرئيس، هو قرر أن لا يفعل ذلك مجدداً..ما يحمله الموفد في جعبته هذه المرة، مختلف تماماً..لقد جاء بمبادرة كاملة أو شبه كاملة، وهي ممهورة بخاتم “التوافق” الأمريكي - الروسي الذي بدأ في دبلن وتواصل في جنيف، وسيستكمل في جولات لاحقة.

لماذا يُحجم الرئيس عن استقبال الموفد؟..سؤال يشغل اهتمام العواصم والمراقبين، المُهتمة والمُهتمين بتطورات الأزمة السورية ومآلاتها..والأرجح كما تقول المصادر، أن الأسد يعرف ما الذي تنطوي عليه أفكار الإبراهيمي، وهو ليس سعيداً بها، والأرجح أنه لا يريد أن يعطي جواباً عليها، أو يسعى في إرجاء الاجابة ما أمكن لذلك سبيلا، “علّ وعسى” أن يحدث على الأرض ما قد ينقذه من مواجهة ما ينتظره في غرف المفاوضات المغلقة.

الإبراهيمي، يأتي سوريا والمنطقة، بمشروع تشكيل حكومة انتقالية “كاملة الدسم والصلاحيات”، تتكون من الحكومة والمعارضة..لكننا لا نعرف ما إذا كان الأسد سيبقى جالساً فوق كرسيّه “الرمزي” حتى موعد الانتخابات الرئاسية الانتخابية في العام 2014، أم أنه سيجد نفسه مضطراً لمغادرة “قصر الشعب” ودمشق، وربما كل سوريا، إلى منفى اختياري / إجباري بعيد، وفقاً لأفكار الإبراهيمي ومقترحاته.

المعلومات التي ترددها مصادر المعارضة والعواصم الداعمة لها، تؤكد أن الأسد لم يتوصل بعد إلى الاستنتاج بأن “عهده” قد انتهى.. وأنه ما زال يراهن على “الصمود” في وجه الهجمات العاتية للمعارضة المسلحة، بل وتحقيق اختراق مضاد على الجبهات...ولا تستبعد هذه الأوساط أن يكون الأسد، قد فقد قدرته على “التقرير” في أمره ومصيره، والذي بات يعتبر جزءا من مصير “نخبة من القيادات” الأمنية والعسكرية والمالية والسياسية، التي ترى أن رحيل الأسد، هو رحيل لها ابتداءً، وترحيل لها إلى محكمة لاهاي للجنايات الدولية في نهاية المطاف.

على أية حال، يستطيع الأسد أن يماطل بتحديد الموعد للقاء الإبراهيمي والاستماع منه لعناصر خطته وأفكاره المبنية أساسا على “اتفاق جنيف” الذي سبق أن رحب به النظام...بيد أن الرئيس السوري، لن يكون قادراً أبداً على إدارة ظهره للموفد الأممي..لا خشية من الأمانتين العامتين للأمم المتحدة والجامعة العربية، بل تحسباً للموقف الروسي الداعم بقوة لمهمة الإبراهيمي، والمتعهد الرئيس بمنعها من الانهيار تحت وقع “الممانعة” الرسمية للنظام.

تعنت النظام السوري ومراوغته، ليست العقبة الوحيدة التي تواجه الإبراهيمي الذي يجول على العواصم ويلتقي مع مجاميع المعارضة وتجمعاتها الرئيسية...ثمة مشاكل تنتظره سياسياً وميدانياً مع المعارضة السورية كذلك...سياسياً لا تريد المعارضة بقاء الأسد في منصبه، حتى وإن بلا صلاحيات حتى الانتخابات المقبلة..وميدانياً تبدي الفصائل المسلحة تشدداً أكبر في التعامل مع السقف السياسي لمبادرة الإبراهيمي، مثلما ترفض نشر قوات حفظ سلام لتثبيت وقف القتل والعنف، باعتبارها تكريس لخطوط القتال الحالية، وخط دفاع عن النظام في مناطق تواجده الحالية، وتحديداً في الساحل والجبل.

كما أن أطرافاً عربية وإقليمية لم تبد من قبل ارتياحاً لمهمة الإبراهيمي، ستعمل على عرقلة أهداف جولته الحالية...تركيا استبقت جولته الحالية بطرح مبادرة بعيدة كل البعد عن مبادرة الإبراهيمي، علاقة الموفد الأممي برئيس الحكومة القطري تشوبها الحساسية وانعدام الثقة، برغم العبارات الدبلوماسية التي يتبادلها الرجلين...والسعودية ذاهبة حتى نهاية الشوط في تسعيرها لجبهات القتال ضد النظام، ودعمها لفصائل مسلحة، منشقة عن النظام أو سلفية، ليس خافياً على أحد.

في مثل هذه الأجواء، شديدة التعقيد، بدأت الأنباء تتواتر عن “تلويح” الإبراهيمي بورقة استقالته، وتهديده باللجوء إليها، إن لم يلق التجاوب المطلوب من النظام ابتداء، فالرجل يعرف على ما يبدو كيف يتعامل مع “العقبات العربية والإقليمية” من خلال استخدام “التفاهمات الأمريكية - الروسية”، هو يعرف مصدر قرار و”مربط فرص” العواصم العربية والإقليمية، ولكنه لا يعرف حتى الآن على ما يبدو، الحدود التي يمكن لروسيا أن تضغط فيها على حليفها في دمشق، وما إذا كانت موسكو تمتلك من التأثير على دمشق، ما يجبرها على الانصياع لمتطلبات المبادرة وموجباتها ومقتضياتها...الأيام القليلة القادمة ستكشف ما إذا كان الإبراهيمي سيلتحق بكوفي عنان، أم أنه سيغادر إلى نيويورك لعرض نتائج أحدث جولة ومحاولة له.

========================

سوريا... ومخاطر على الطريق

2012-12-20

القدس العربي

إبراهيم الأصيل

تُصوّر بعض وسائل الإعلام أنّ المعركة الرئيسية المتبقية في سوريا هي معركة دمشق فقط، ولكن بصورة بانورامية للبلاد نجد أنّ هناك أجزاء كبيرة ما زالت تحت يد النظام، ابتداءً من درعا جنوباً، إلى دمشق المدينة وأجزاء كبيرة من حمص وحماه، وبعدها المناطق الساحلية كطرطوس واللاذقية، وجيوب في بقية المحافظات.

بكلمات أخرى النظام يضع يده على المعابر الحدودية مع الأردن، والمعابر الحدودية مع لبنان، بالإضافة للمرافئ والمنافذ البحرية في اللاذقية وطرطوس بأهميتها العسكرية والتجارية، وهذه المناطق يصلها ببعضها شريان مواصلات آمن إلا من بعض الهجمات هنا وهناك. ولكن رغم ذلك لا يمكن للنظام الخروج بأي سيناريو يتيح له إعادة السيطرة على ما فقده من البلاد، وأمله الوحيد حالياً أن يستطيع استدراج مقاتلي الجيش الحر إلى معركة يقصم فيها ظهرهم مهما تطلّبت من عنف وأسلحة علّها توقف تقدّمهم تجاه العاصمة.

من ضمن سيناريوهات هذه المذبحة أن يتم استدراج مقاتلي الجيش الحر إلى داخل دمشق دون أن يكون الريف محرراً بالكامل، فيطوّقهم ويقطع عنهم الإمدادات ويصفّي أكبر عدد ممكن منهم، وفي الواقع حاول النظام تطبيق هذا السيناريو بشكل تجريبي في الأحياء الجنوبية من دمشق، لكنّه فشل وبقيت تلك الأحياء خارج سيطرته.

أمّا النهج الذي يتبعه الجيش الحر فيعتمد على تسريع اهتراء قواعد النظام قبل كسرها، فيحاصر المواقع أياماً وأحياناً أسابيع طويلة ممّا يجعل عملية الاقتحام تسير كما يُراد لها، وهم لا يغنمون معدات وأسلحة فحسب، ولكن خبرتهم وقدرتهم على التخطيط وإدارة المعركة تتطوّر بشكل ملفت. بناءً على ذلك واذا ما استمرت الأمور بالتطور بشكل خطّي دون مفاجآت حقيقية فسيقع الشمال والشرق خلال أسابيع في يد الجيش الحر، وحينها سيكون أمام الثوّار خيارات استراتيجية هامّة جدّاً ليصنعوها. ففي حال قرّر الجيش الحر دخول دمشق سيصطدم بجدار من سبعين ألف جندي موال مدرّب ومجهّز بأفضل العتاد، من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة وأفواج القوات الخاصّة وهم يشكّلون جيشاً صغيراً متماسكاً ومشكلة لا تُحل حتى برحيل بشار الأسد، وسيكون الجيش الحر قادراً على إيلام هذه القوّات في دمشق لكنّه لن يكون قادراً على الحسم بشكل واضح، وستدخل دمشق محرقة نعرف بدايتها ولا نعرف نهايتها.

إغلاق الأبواب أمام محاولات النظام لتقطيع أوصال البلاد أو تشكيل ملاذات آمنة لمجرمي الحرب يتطلّب بعثرة قوى النظام وقطع خطوط إمداده الاستراتيجية شمالاً وجنوباً قبل التفكير بمعارك الحسم. ولا يجب أن تقتصر المواجهة وعدم ترك مناطق صلبة لأقدام النظام على الأدوات العسكرية، فما تزال وسائل المقاومة المدنية اللاعنفية تحمل قدرة كامنة جبّارة وأثبت الشعب السوري قدرة عالية على تطوير واستخدام أدواتها. ولكنّ التطرّف الفكري والسياسي والعسكري هو العامل الأساسي الذي يحبط نشاطات الحراك السلمي، في حين أنّ هذا الحراك والقوى المدنية للثورة هي الوحيدة القادرة على تطوير موقف الجمهور الرمادي من الشعب السوري وسحب ذرائع الخوف من قوى الموالاة وضبط مشاعر الانتقام.

إنّ إشراك كافة فئات الشعب في الثورة للتخلص من النظام ودخول كافة مناطق البلاد وشرائح الناس في المقاومة بكافة أشكالها دون التركيز على مدن أو أخرى هو الوسيلة الوحيدة لحماية ما تبقى من البلاد وأهلها من سياسة الأرض المحروقة بما فيها دمشق وملايينها الخمسة والملايين الثلاثة الإضافيين الذين دخلوها مؤخراً كنازحين وتكتظ بهم أرصفة وحدائق دمشق، وهؤلاء لم يعد لهم مكان آخر لينزحوا إليه.

بالنسبة للشمال السوري فهناك خطر أن تتحول تلك المناطق لإمارات يحكمها جنرالات حرب، ولا شك بأن تركيا التي تعلمت الكثير من تجربتها في شمال العراق تنظر بقلق لاحتمالات انفراط عقد الدولة وانكشاف المناطق الكردية على احتمالات غير معروفة، من هذا المنطلق فإن وجود استراتيجية واضحة متفق عليها بين قيادة الائتلاف الوطني - بما فيها مكونها الكردي- من جهة والأتراك من جهة أخرى ضروري للاتفاق على ضمان استقرار المناطق المحرّرة في الشمال واستمرار الحياة فيها.

يريد النظام أن يأخذ الشعب السوري رهينة الغرائز، فيحاول أن يأخذ قوى الثورة رهينة الانتقام كما أخذ الموالين رهينة الخوف. لا تهدف الثورة لإضعاف أحد المكونات الأصيلة للشعب السوري، لذا فالسؤال الجوهري والتحدّي الوطني هو كيف نصوغ حلّاً صفريا مع النظام وبنفس الوقت حل رابح-رابح مع المكوّنات المجتمعية الموالية، فمجرّد محاولة القضاء على تلك المكوّنات المجتمعية قد يكون أقصر طريق نحو تقسيم البلاد وحرقها.

' باحث سوري في مركز الشرق للبحوث

========================

منظمات الجهاد تسيطر على سوريا

صحف عبرية

2012-12-20

القدس العربي

أنشل بابر

عمان. يحذر مسؤولون كبار في الحكم الاردني من أن سوريا قد تصبح 'ثقبا أسود يجتذب اليه الجهاديين من أرجاء العالم'. وعلى حد قولهم، فقد حذروا مؤخرا الحكومات الغربية واسرائيل من التطورات لدى الجار الشمالي الممزق، ولكن رغم تحذيراتهم، فان السلاح المتطور يواصل التدفق الى ايدي منظمات جهادية وسلفية تعمل في سوريا وتسيطر بالتدريج على حركة الثوار ضد نظام الاسد. ويخشى الاردنيون من أنه مع سقوط النظام، فان السلاح والمعرفة اللذين جمعهما الجهاديون سيوجهان الى اهداف اخرى في المنطقة، ولا سيما الاردن واسرائيل. وقد رأى الاردنيون مؤشرا أوليا على ذلك قبل نحو شهرين عندما أمسكت أجهزة الاستخبارات لديهم بخلية من 11 نشيطا سلفيا اردنيا تنظموا في سوريا وخططوا لتنفيذ عمليات في مراكز تجارية وفي سفارات غربية في الاردن.

ويعمل الاردن على تشجيع دمج كل الاقليات في سوريا في قيادة الثورة (بما في ذلك الطائفة العلوية التي تنتمي اليها عائلة الاسد)، لضمان التوازن في القيادة المستقبلية للدولة ومنع تسلل الفوضى الجهادية بعد سقوط النظام. في الاردن يوجد انتقاد شديد على جار آخر لسوريا، تركيا، التي سمحت للمتطرفين جمع القوة والسلاح، على حساب محافل علمانية وأكثر اعتدالا بين الثوار. قسم كبير من الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات التي مولتها دول الخليج ونقلت الى الثوار في الاسابيع الاخيرة عبر تركيا، وصلت الى المتطرفين، رغم محاولات أجهزة الاستخبارات الاردنية والغربية الضمان بأن تتلقى السلاح الحركات الثورية المعتدلة فقط.

وتلقى الثوار العلمانيون في سوريا ضربة هذا الاسبوع مع وفاة العقيد يوسف القادر، ضابط مدرعات في الجيش السوري فر الى صفوف الثوار ويعتبر أحد المقاتلين والقادة ذوي الحضور والتأثير في صفوفهم. وحاول القادر الذي يعرف بلقب أبو فرات أن يقلل من نفوذ الجهاديين. ولكن موته في بداية الاسبوع، في المعركة على الاكاديمية العسكرية شمالي حلب تضعف قوة القوميين العلمانيين في أوساط الثوار.

تطور ذو مغزى آخر في القتال في سوريا في الايام الاخيرة هو انضمام اللاجئين الفلسطينيين في دمشق الى صفوف الثوار. وحتى وقت أخير مضى، قلل الفلسطينيون في سوريا من المشاركة في الثورة، ضمن امور اخرى في أعقاب خلافات في الرأي بين الفصائل المختلفة. وبينما تشعر حماس بقرب من الثوار، ولا سيما اولئك المتماثلين مع الاخوان المسلمين، وفي اعقاب القمع العنيف للمظاهرات ضد الاسد اغلقت مكاتبها في دمشق، فان منظمات اخرى مثل الجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية بقيت على ولاء للاسد. في بداية هذا الاسبوع هاجم الجيش السوري مخيم اليرموك الذي يعيش فيه أكثر من مائة الف فلسطيني وقتل نحو 25 شخصا. وفي أعقاب اطلاق النار نشب قتال داخل اليرموك بين الجبهة الشعبية وبين قوات الجيش السوري الحر وبدأ الاف المواطنين الفلسطينيين يفرون من منطقة دمشق نحو حدود الاردن ولبنان.

في الاردن اقيمت عدة مخيمات كبيرة للاجئين الفارين من سوريا، ولكن الفلسطينيين الذين يفرون يعيشون على انفراد في المنطقة الصناعية التي تسمى 'سايبر سيتي'. ولا يسمح للصحفيين بزيارة المخيم المخصص للفلسطينيين ويحظر على اللاجئين الخروج منه للعمل او للقاء اقربائهم. في الاردن، الذي تسيطر عليه السلالة الهاشمية وممثلو القبائل البدوية، وان كانت أغلبية السكان فلسطينيين في الاصل، تحاول الحكومة منع مزيد من اللاجئين الفلسطينيين.

أما التقارير في وسائل الاعلام العربية عن اعلان حالة الطوارىء في الجيش الاردني وتوزيع كمامات الغاز على جنوده، خوفا من استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي على مقربة من الحدود، فلم تلقى أمس تأكيد رسميا. ومع ذلك، يشدد مسؤولون في الاردن على أنهم حذروا العالم من امكانية أن يستخدم السوريون السلاح الكيماوي وفي مثل هذه الحالة سيتطلب تدخل سريع من القوى العظمى الغربية وذلك حسب قولهم لانه لا توجد دولة في المنطقة، بما في ذلك اسرائيل، تملك القدرة على السيطرة على كل مخزونات السلاح الكيماوي في سوريا.

========================

آن أوان التسوية السورية؟

2012-12-20

القدس العربي

عناية جابر

كانت الحرب الأهلية السورية تتابع مجراها المأساوي الطبيعي الى أن ظهرت فجأة في مطالع هذا الاسبوع جملة من التطورات توحي وكأن شيئا جديداً قد حصل. الجديد بدأ مع تصريحات نسبت الى نائب وزير الخارجية الروسي يشير فيها الى إمكانية انتصار المعارضة على نظام الحكم السوري المدعوم دوليا من مجموعة من الدول على رأسها الجمهورية الروسية. بدا التصريح الذي جرى تكذيبه بدون أن يكذب تماماً وكأنه حجرة رميت في مياه راكدة. فما يجري على الأرض حسب المعلومات المتوافرة لا يشير الى ما يشبه الانهيار للقوى الموالية للنظام على الرغم من الإشاعات التي كانت تملأ الإعلام عن قرب سقوط دمشق بأيدي القوات المعارضة واحتمال استعمال النظام المتهاوي واليائس لأسلحته الكيماوية ضد شعبه.

في غضون ذلك كانت صحيفة بيروتية يومية تعلن عن بعض المقاطع من مقابلة أجرتها مع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع يدعو فيها الجميع الى التعقل والبحث عن تسوية تاريخية تنقذ سوريا الوطن. مواقف المسؤول السوري اثارت بدورها لغطا وتساؤلات متعددة لا تنبع فقط من صدورها عن مسؤول سوري رفيع بمستوى الشرع ، ولو كان حالياً خارج إطار المسؤوليات المباشرة، بل من محتوى التصريح كذلك. فالشرع أقر بعدم قدرة أي طرف سوري سواء في المعارضة أم في السلطة على حسم المعركة لصالحه مما يدفع بحسبه الى ضرورة التفتيش عن تسوية سورية-سورية برعاية الدول االمعنيةب عربيا وإقليمياً ودولياً.

ولم تكن تجف حروف المقابلة المهمة هذه حتى أُُعلن عن عودة الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي وطلبه تحديد موعد من قبل الحكومة السورية لكي يزورها حاملا مشروعا جديدا للتسوية على قاعدة ما كانت سوريا قد وافقت عليه في إطار مبادرة جنيف التي تنص على تأليف حكومة موسعة تضم كافة الأطراف بصلاحيات كاملة في ظل رئاسة بشار الاسد. في مقابل ذلك وقبله حتى كانت الولايات المتحدة الامريكية قد طالبت الائتلاف الوطني السوري، وخلال مؤتمر ااصدقاء سورياب الذي انعقد بغياب هيلاري كلينتون المريضة، بفك التحالف مع جبهة النصرة التي وضعتها اميركا على لائحة المنظمات الإرهابية.

تسلسل ما يجري وترابطه لم يمر مرور الكرام. فالتوزيع على ما بدا أوركسترالي عالي التنسيق والإنسجام والحرفية. وإذا صح ذلك فإن كل طرف قد تراجع خطوة صغيرة وعلى لسان مسؤولين غير مسؤولين وفي أعلى المناصب. الجميع قرأ االنوتةب المكتوبة بعناية والجميع حتى الآن تراجع واحتفظ بخطوط التراجع عما تراجع عنه. الشرع قدم تنازلا شبه رسمي سلفة للروسي الذي عاد بدوره فسلّفها للامريكي الذي كان قد سبقه الى الموقف من جبهة النصرة. لكن الحذر سيد الموقف لدى الجميع ذلك أن اللعبة صارت معقدة ومتشابكة الأطراف. فإذا صح التوافق الاميركي-الروسي على تسوية معينة لم ترفضها سوريا فالصحيح أيضا أن لائحة الأطراف المعارضة المعنية طويلة الى حد يجبر الامريكي على تحضيرها وإرضائها بهذا الشكل أم ذاك لامتصاص امتعاضها من نتائج هذه التسوية المرة.

أول المعترضين كان بدون شك الإئتلاف السوري بكافة أطرافه والذي عبر عن استيائه ورفضه لفك التحالف مع جبهة النصرة وفق ما يطالب به الامريكي. تحفظ المعارضة السورية مفهوم لجهة التقاطه الرسالة التي تضمنتها الدعوة الامريكية. فالدعوة الى فك التحالف مع ما صار يعرف برأس الحربة العسكرية ضد النظام، جبهة النصرة، ما هي إلا دعوة الى قبول تحجيم قوة المعارضة العسكرية من أجل تحضيرها نفسيا ومعنويا لكي تتقبل التسوية المعروضة.

يدرك الامريكيون حتما أن تحفظ الإئتلاف السوري كما المجلس الوطني، كما عبر عنه في مؤتمر مراكش السيدان معاذ الخطيب وجورج صبره، إنما هو، على الأغلب، اعتراض قطر والسعودية وفرنسا وإلمانيا وتركيا طبعا. اعتراض يحول حاليا دون إتمام الصفقة الامريكية-الروسية التي تلوح بوادرها بوضوح. ولهذه الأسباب يتقدم الجميع بحذر كلي. فلا أحدا يريد ان يحرق أوراقه قبل الاستحقاق الفعلي. وأمام التسوية ما يزال متسع من الوقت هو الوقت الواجب على الامريكي لكي يقنع حلفاءه الخارجيين والسوريين بضرورة القبول بها. هذا بالطبع إذا كان فعلا يدرك ضرورتها.

من المبكر ربما القيام بتحليل يشرح ويفسر الأسباب التي دفعت بالأميركيين الى الإقتناع الآن بضرورة قبول تسوية لم يقبلوا بنودها منذ فترة غير طويلة. وإذا كانت نتائج الصراع العسكري على الأرض، حتى الآن، وسقوط أوهام الحسم العسكري السريع وتفكك النظام من الداخل، ما يفسر بعضا من هذه الضرورة، فإن التخوف من توسع المسألة السورية الى ما بعد حدود سوريا وانتشار الحركات السلفية الاسلامية على نحو كبير، وبخاصة بعد الاضطرابات التي عادت لكي تهدد حكم الإخوان المسلمين في مصر، ما يجعل الامريكي يعيد على الأقل طرح الاسئلة على نفسه وعلى حلفائه في المنطقة.

أن يواجه المشروع الإخواني في مصر إعتراضات جادة وحادة ليس شأنا بسيطاً يقتصر على مصر وحدها. فبعد التفاهمات التي ظنها الأمريكي طويلة المدى مع هذا الفريق الشعبي الجديد على حكم المنطقة، من تونس الى المغرب فمصر وليبيا واليمن، جاءت الانتفاضة الثانية في مصر لتمنح الامريكي فرصة ربما للتفكير بقدرة تلك الأطراف التي التزمت بهذه التفاهمات على احترامها.

من الناحية المنطقية تكاثر المجهول في السياسة يستوجب الحذر سواء من المراقب أم من اللاعبين فهل سنشهد قريبا وبناء على ذلك العودة الى تهدئة اللعبة ابتداءً من سوريا ؟

========================

انقلابات الشرع: الدرجة صفر في المعنى.. والمبنى!

2012-12-20

القدس العربي

صبحي حديدي

قارىء تصريحات فاروق الشرع الأخيرة، سيّما ذاك الطراز من القرّاء المعتادين على، والمتمرّسين في، إدراك ما يستبطنه خطاب رجالات النظام السوري، من أهل الصفّ الثاني السياسي بصفة خاصة؛ لن يخطيء، أغلب الظنّ، في ردّ الشرع إلى الإطار الوحيد الذي تبقى له، اليوم، في هرم سلطة 'الحركة التصحيحية': أنه بوق عراه الكثير من الصدأ، بحكم الوضع على الرفّ، والبقاء طويلاً في العتمة، ولزوم الصمت، أو الإلزام به؛ فضلاً عن ندرة الاستخدام، إلا حين يشاء أهل الصفّ الأوّل (بشار الأسد، ومَنْ ينوب عنه، أو ينقل أوامره، في الحلقة الأمنية/ العسكرية/ الاستثمارية الأضيق)، توجيه رسالة مبطنة، غلافها الخارجي مثير برّاق وهّاج!

فلنقترح، بادىء ذي بدء، أحد آخر الأمثلة على دور البوق هذا، في وظيفته المحدّدة هذه: في أيلول (سبتمبر) من العام 2007، وخلال مؤتمر صحفي مرتّب عن سابق قصد، شنّ الشرع على المملكة العربية السعودية غارة لفظية مفاجئة (واستخدام هذه المفردة توحي به العملية التي كانت قاذفات إسرائيلية قد نفّذتها قبل ساعات، حين اخترقت حرمة الأجواء السورية من جهة الساحل السوري، بعد أن اخترقت جدار الصوت، وحلّقت فوق مساحات واسعة من المنطقة الشرقية الشمالية، من بادية دير الزور إلى تخوم المثلث السوري العراقي التركي، مروراً بمطارَين عسكريين في الأقلّ، وقصفت موقع 'الكبر'، وعادت أدراجها سالمة). غارة الشرع تلك لم تدهش جمع الصحافيين الحاضرين، فحسب؛ بل باغتت حفنة من الصحافيين السوريين أنفسهم، خاصة أولئك المرتبطين مباشرة بالأجهزة السياسية والأمنية للنظام.

صحيح أنّ العلاقات السورية السعودية كانت، منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في شباط (فبراير) 2005 واستكمال انسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان (أبريل) من السنة ذاتها؛ قد شهدت الكثير من المدّ والجزر والبرود والدفء، حول ثلاثة ملفات إقليمية كبرى، هي لبنان وفلسطين والعراق. وصحيح، كذلك، أنّ التدهور بلغ مستوى الشتائم على لسان الأسد نفسه (ولكن ليس على غرار الشرع، في توجيه غارات الشتائم المباشرة، وتسمية المسمّيات بأسمائها)؛ حين أطلق على بعض الزعامات العربية، وبينهم ضمناً ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري السابق حسني مبارك، صفة 'أشباه الرجال'، بسبب موقفهم من 'حزب الله' والعدوان الإسرائيلي على لبنان، صيف 2006.

ولكن الصحيح، أيضاً وقبلئذ، أنّ الرياض ظلت حريصة على مستوى من العلاقة مع دمشق لم يهبط عن الحدّ الأدنى، ولكنه صعد ذات يوم إلى مستوى ضمان السلوك المستقبلي للنظام السوري أمام واشنطن وباريس في أعقاب التقرير الأوّل للمحقق الدولي في اغتيال الحريري، ديتليف ميليس، حين بدا أنّ الضغط الأمريكي الفرنسي على النظام السوري سوف يبلغ مدى غير مسبوق. بالطبع، فوجيء النظام بردّ الفعل السعودي العنيف، الذي بدأ على لسان مصدر رسمي، ثمّ تحوّل إلى حملة إعلامية منظمة نفّذتها وسائل الإعلام السعودية الخاصة، وشبه الحكومية، وبالتالي كان الأوان قد فات على أيّ ترقيع سوريالي للواقعة، من نوع الزعم بأنّ أقوال الشرع تعرّضت للتحريف أو التحوير.

المثال الثاني لدور البوق شهدته الأشهر الأولى بعد انطلاق الانتفاضة، حين عُهد إلى الشرع بتولّي الجانب 'السياسي' من خيارات كسر الإرادة الشعبية؛ أي استكمال وظائف المدفع والدبابة والرصاص الحيّ، وقطعان القنّاصة والشبّيحة التي صارت معفاة من كلّ رادع أو وازع في ممارسة الوحشية والهمجية، وممارسة الاعتقالات الواسعة بالآلاف وليس بالمئات. وهكذا، أصدر الأسد قراراً جمهورياً بتشكيل 'هيئة الحوار الوطني'، التي 'تكون مهمتها وضع الأسس لحوار وطني وتحديد آلية عمله وبرنامجه الزمني'. وعند اجتماعه بأعضاء هذه الهيئة، قال الأسد إنّ عليها 'صياغة الأسس العامة للحوار المزمع البدء به بما يحقق توفير مناخ ملائم لكل الاتجاهات الوطنية للتعبير عن أفكارها وتقديم آرائها ومقترحاتها بشأن مستقبل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سورية، لتحقيق تحولات واسعة تسهم في توسيع المشاركة وخاصة فيما يتعلق بقانونَيْ الأحزاب والانتخابات وقانون الإعلام، والمساهمة في وضع حد لواقع التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي تعاني منه بعض الشرائح الاجتماعية'.

تلك كانت سلسلة مهامّ جليلة، لا ريب؛ ما خلا حقيقة أنّ أعضاء اللجنة لم يكونوا سوى أبناء النظام (الشرع، وهيثم سطايحي عضو القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم، و ياسر حورية زميله في القيادة)؛ أو المتحالفين معه في ما يُسمّى 'الجبهة الوطنية التقدّمية' (صفوان قدسي الأمين العام ل'حزب الإتحاد الاشتراكي العربي'، وحنين نمر الأمين العام للحزب الشيوعي السوري جناح يوسف فيصل)؛ أو المسبّحين بحمد النظام، الساكتين على جرائمه (عبد الله الخاني، وليد إخلاصي)؛ أو العاملين في مؤسساته (منير الحمش، إبراهيم دراجي). كيف، بمعزل عن حوار الطرشان، كان يمكن لهؤلاء أن يقدّموا إلى رئيسهم 'أفضل السبل لتحقيق حوار وطني يستوعب كل أطياف المجتمع، ويعكس اهتمامات ومصالح مختلف الشرائح الاجتماعية والسياسية، التي تؤمن بالحوار سبيلاً لتحقيق الإصلاح والنهوض بالعمل الوطني وتعزيز وحدة البلاد'، كما قالت وكالة أنباء 'سانا' الحكومية في وصف أجواء اجتماع الأسد بهم؟

ولماذا انعقد لسان الشرع طيلة 18 شهراً أعقبت فشل جلسات ذلك 'الحوار الوطني'، ويبدو اللسان ذاته وقد صار ذرباً تماماً اليوم، كما تشير بعض فقرات الحديث الصحفي الأخير؟ ولماذا يقول، اليوم فقط وليس في تموز (يوليو) 2011، أنّ 'القيادة' هي التي 'تنصلت' من أشغال الهيئة، ممّا 'أدى في نهاية المطاف إلى الإجهاز على الحوار السياسي وفتح الباب على مصراعيه لحوار الرصاص والمدافع'؟ وإذا كان اليوم في مزاج 'مكاشفة' مع المواطنين، فهل كانت 'القيادة' قد تنصلت من 'الحوار' حقاً، أم أنهت عن سابق قصد وتصميم، فصول مسرحية مفضوحة رديئة، قيل إنها كانت ميدان تندّر الأسد نفسه، على نائبه العتيد؟ ومَن السوريّ، طيّب القلب الساذج، الذي يغفر للشرع أنه لا يقول إلا اليوم فقط: 'لم تُشكل لجان تحقيق ذات مصداقية منذ بداية الأحداث، وإذا شُكّل بعض منها فإن نتائج التحقيق لم تنشر في وسائل الإعلام، الأمر الذي مهّد لنشر شائعات أفقدت النظام مصداقيته وهيبته أمام المتضررين في الداخل والمراقبين في الخارج'؟

ومن جانب آخر، سبحان الذي جعل مدارك الشرع تغفل، قبل عام ونصف، عن لافتات دراماتيكية مثل هذه: 'ندرك اليوم أن التغيير أمر مفروغ منه. إذا لم تأخذ السلطة زمام المبادرة لتحقيقه مع الآخرين فإن التغيير سيحصل بإملاءات أحادية منهم'؛ أو هذه الثانية: 'هناك مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية مسؤولة مباشرة عن إدارة شؤون الدولة، وهذه المؤسسات لديها رؤساء ومديرون عامون ومجالس إدارة يعملون، أو يزعم بعضهم أنه يعمل، وفق التوجيه، وأحياناً يحسمون قرارهم عندما يشيرون بأصابعهم إلى الصورة المعلقة فوق مكاتبهم مما يعني أن التوجيه لا نقاش فيه'؛ أو هذه اللافتة الثالثة، التي تقول إنّ الأسد: 'شخصياً قد لا يعطيك الجواب الشافي مع أنه يملك في يديه كل مقاليد الأمور في البلد. ما يجري في سورية معقد ومركب ومتداخل. إذا حاولت تفكيكه قد يزداد تعقيداً وقد تزداد القطب المخفية فيه بدلاً من أن تهديك إلى الحل'!

قيل الكثير، بالطبع، في تفسير هذه 'الهبّة' مع الاعتذار من أشقائنا في الأردن، على استخدام المفردة التي أخرجت الشرع عن صمت القبور؛ ولا زيادة لمستزيد فيها، لأنّ معظم التفسيرات صحيح، ومعظمها غنيّ عن القول، خاصة إذا وُضع في سياق محدّد مشترَك، هو بلوغ النظام حافة المأزق القصوى. وقد يكون المغزى الأهمّ هو اقتران تلك 'الهبّة' بكشف النقاب عن المشروع الإيراني ذي النقاط الستّ، وبنشر أقوال الشرع في صحيفة مقرّبة من 'حزب الله'؛ الأمر الذي قد يشير إلى أنّ طهران تتعجّل 'ستراتيجية منفذ' من نوع ما، وتسعى إلى تجميل الأسد عن طريق تقويل نائبه ما لا ينطق به الأوّل من أقرار بالفشل؛ أو تعيد تسويق الشرع نفسه، كبديل 'انتقالي'، كسباً للوقت، أو بهدف اللعب في الوقت الضائع.

الراسخ، في كلّ حال، هو أنّ الشرع كان المثال الأكثر سطوعاً، والأشدّ فضحاً وافتضاحاً، لنموذج في 'قيادة' النظام السوري الراهن، و'الحركة التصحيحية' عموماً؛ يجوز معه الحديث عن درجة الصفر في امتلاك أواليات القرار السياسي، والدرجة مئة في الترويج الصائت للقرار إياه، أو للجهة التي تصدره، عبر وظيفة بوق عراه الصدأ. وعلى جبهة أمثال الشرع، وهي 'السياسية' كما يُقال لنا، لم يعد في وسع النظام أن يلعب في مضمار ذي مساحة تكفي لإثارة الحدّ الأدنى من غبار مطلوب ذرّه في العيون. لقد تشدّق في الماضي بالحديث عن 'الحوار الوطني'، فوجد أذناً صاغية هنا، وقلباً واجفاً هناك، ولساناً أو قلماً أو صوتاً يلهج بالخشية على سورية من الأخطار الثلاثة الرهيبة: الحرب الأهلية، عسكرة الانتفاضة، والتدخل العسكري الأجنبي. الآن بات النظام هو أوّل مَنْ أخرس هذه الفئات، أو سدّ عليها دروب الحوار، سواء مع ممثلي النظام أنفسهم (محمد ناصيف، بثينة شعبان، فاروق الشرع...)؛ أو عبر وسطاء وحلفاء وأصدقاء (من السفارة الروسية، إلى تلك الإيرانية؛ ومن 'حزب الله' إلى محمد حسنين هيكل...).

ذلك لا يحول دون وقوع تناقض، أو افتقار إلى درجة كافية من التطابق، بين ما تقرّره، وتوجّه به، الحلقة العليا الأضيق في 'قيادة' النظام؛ وما تسفر عنه التطبيقات على الأرض، وخاصة السياسية منها، وسواء اتخذت صفة إجراءات محلية في هذه المحافظة أو تلك (كما حين يسارع الأسد إلى عزل المحافظين)، أم صفة مركزية تشمل البلد (مؤتمر الحوار الوطني، خير مثال). ولهذا فقد تلقى الشرع إشارة توبيخ علنية، ولكنها كانت ساخنة وخشنة (التصريح بأنّ المؤتمر الذي ترأسه كان 'كارثة وطنية')، أتته من قيادة الاتحاد الوطني لطلبة سورية، 'المنظمة الشعبية' التي تسيّرها الأجهزة.

وكما فشلت الحلول الأمنية في كسر إرادة التظاهر، بل أسهمت في تجذير الحراك الشعبي وفي توحيد قواه وتطوير أدواته وأنساقه؛ كذلك أخفقت ألعاب المخادعة السياسية في اختراق المشهد الوطني المعارض، رغم أنها حققت بالفعل بعض 'الاختراقات'! ولقد حدث العكس، على الجبهتين، وبدا أنّ عوامل الفشل الذريع ليست مؤشرات مقترنة بواقعة واحدة، أو بساحة محددة دون سواها، بل هو عجز مريع عن تطوير أداء عسكري/ أمني لا يركن إلا على سطوة الرصاص والدبابة وبرميل المتفجرات ومعسكرات الاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية؛ وأداء سياسي لا يتكيء إلا على استثارة الخواف الطائفي، أو استمالة التردد، أو تفريغ شحنات الاحتقان. وأياً كان موقع انقلابات الشرع في الخانة الثانية، فإنّ البوق الصَدِىء قمين بإطلاق الكثير من الضجيج والعجيج والجعجعة، ولكن في الدرجة صفر من الثقة في المعنى... وفي المبنى!

========================

هي «اعترافات» الأسد في النهاية ... لا الشرع!

الحياة
الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢

محمد مشموشي *

ليست مصادفة، ولا يمكن أن تكون، أن «يفرج» النظام السوري عن نائب رئيسه فاروق الشرع ليعرض ما يصح وصفه ب «تسوية» للوضع القائم في سورية منذ أكثر من 21 شهراً، وأن تتقدم كل من تركيا (بتشجيع من روسيا) وإيران بخطة خاصة بهما في الآن ذاته وتحت العنوان ذاته. بدء انهيار النظام، الذي لا ينكره الشرع من ناحية، والتقدم الكبير الذي تحرزه الثورة على الأرض وفي دمشق بالذات من ناحية ثانية، هما الدافع لهذا التحرك، الذي لا هدف له في النهاية الا توفير»خشبة خلاص» ما لرئيس هذا النظام، بعد أن بلغت الأمور في سورية ما بلغته على كل المستويات المحلية: سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وهجرة شعبية، والاقليمية والدولية: حيث يعيش بشار الأسد ونظامه عزلة غير مسبوقة بالنسبة لأي نظام حكم في العالم.

هي محاولة اللحظة الأخيرة، كما يقال في مثل هذه الحال، ودافعها إدراك النظام أنه لم يعد أمامه إلا خيار من اثنين: الاستسلام والخروج، أو الإمعان في الانتحار عبر ارتكاب المزيد من المجازر، التي لم تنتج إلا ما أنتجته حتى الآن. أما مصير هذه المبادرة، فلن يكون مختلفاً في شيء عن مصير أخواتها من مبادرات سابقة، والسبب واحد، هو أنها على عادة نظام الأسد منذ بدء الثورة ضده، جاءت متأخرة بل متأخرة جداً، ذلك أنه ليس مألوفا من النظام السوري، وهو المعروف بشموليته وفردية حاكمه منذ أربعين عاماً، وبغض النظر عما إذا كان الشرع قد انشق عنه سابقاً أو مُنع من ذلك، وعما إذا كان قيد الإقامة الإجبارية مذ ذاك أو لا، أن يخرج نائب رئيسه على الملأ، وعبر صحيفة لبنانية يحسبها البعض على النظام وحليفه الإيراني، بكلام أقل ما يقال فيه إنه يعرّي النظام كله، أقله في ما درج على ترديده منذ آذار (مارس) 2011.

فليس من دون دلالة، ولو أنه جاء في سياق الكلام على «تسوية» سياسية، أن يقول الشرع الآن ما لم يقله سوى أطراف المعارضة للنظام، بمن فيها «المعارضة الداخلية»، التي توصف بأنها صناعة النظام ذاته، مثل قوله: «في بداية الأحداث كانت السلطة تتوسل رؤية مسلح واحد أو قناص على أسطح إحدى البنايات، الآن السلطة وبكل أذرعتها تشكو –حتى إلى مجلس الأمن الدولي– كثرة المجموعات المسلحة التي يصعب إحصاؤها ورصد انتشارها... وإن تراجع أعداد المتظاهرين السلميين أدى بشكل أو آخر إلى ارتفاع أعداد المسلحين... وإن توفير الأمن للمواطنين واجب على الدولة، لكنه يختلف عن انتهاج الحل الأمني للأزمة، ولا يجوز الخلط بين الأمرين».

هل هو اعتراف بالخطأ، وإن متأخراً، على الطريق إلى اقتراح «تسوية» تنقذ ما يمكن إنقاذه؟

واقع الحال، أن الشرع يعترف بالمزيد من الأخطاء، عبر قوله إنه لم تشكَّل لجنة تحقيق ذات صدقية منذ بداية الأحداث «وإذا شكل بعض منها، فإن نتائج التحقيق لم تنشر في وسائل الإعلام، الأمر الذي مهّد لنشر شائعات أفقدت النظام مصداقيته وهيبته أمام المتضررين في الداخل والمراقبين في الخارج».

ولكي يبرر موقفه، وربما اقتراحه «التسوية» التي يريدها، أوالتي يريدها النظام في الحقيقة، يضيف: «كل يوم يمر يبتعد الحل عسكرياً وسياسياً على السواء. أما نحن، فيجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سورية، ولسنا في معركة وجود فرد أو نظام... وقد تستغرب إذا قلت لك إن رئيس الجمهورية شخصياً قد لا يعطيك الجواب الشافي مع أنه يملك في يديه كل مقاليد الأمور في البلد... وهو لا يخفي رغبته في حسم الأمور عسكرياً حتى تحقيق النصر النهائي».

بل أكثر، فهو يعلن بجلاء: «الحل لا يكون واقعياً إلا إذا بدأ من أعلى المستويات، فرئيس الجمهورية هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وهو الذي يعيّن رئيس مجلس الوزراء، ويقود الحزب الحاكم، ويختار رئيس مجلس الشعب. ولكن هناك في الوقت ذاته مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية مسؤولة مباشرة عن إدارة شؤون الدولة، ولدى هذه المؤسسات رؤساء ومديرون يعملون، أو يزعم بعضهم أنه يعمل، وفق التوجيه، وأحياناً يحسمون قرارهم عندما يشيرون بأصابعهم إلى الصورة المعلقة فوق مكاتبهم، ما يعني أن التوجيه لا نقاش فيه».

ولنبدأ من الأول: فلا يمكن أن يقول الشرع ما قاله (فضلاً عن أن تنشره جريدة «الأخبار») من دون علم، أو ربما توجيه من رئيسه، لا فرق في ذلك ما اذا كانت الغاية طرح تسوية مع رئيس النظام بوجوده، أو تلميع اسم نائب الرئيس لاقتراحه قائداً للحوار المنتظر مع المعارضة أو رئيساً للمرحلة الانتقالية. كما لا يمكن تصور أن يبقى الشرع يحمل لقب نائب الرئيس، على تفاهة اللقب والمنصب في حد ذاته في نظام مثل نظام الأسد، اذا كان كلامه هذا مجرد تعبير عن موقف شخصي كما حاول أن يلمح.

إذاً، فلا يحتاج المرء الى البحث عن دليل لتأكيد أن ما ورد على لسان الشرع ليس سوى مسعى «اللحظة الأخيرة» من قبل الأسد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظامه من جهة أولى، وأن كلامه على «التسوية السياسية» ليس بدوره سوى إعلان صريح بأن «الحل الأمني» الذي اعتمده ضد ما كان يسميه «عصابات مسلحة» قد وصل إلى نهايته بعد أن بدأت الثورة تدق أبواب العاصمة دمشق وقصر الرئاسة من جهة ثانية.

أكثر من ذلك، فأن تتحدث الخطة التركية المؤيدة رسمياً من روسيا، عن بقاء الأسد في منصبه ثلاثة شهور أخرى، أي عملياً إلى ذكرى مرور ثلاثة أعوام على انطلاق الثورة السورية، إنما يشير بدوره إلى إعلان آخر من موسكو بأن اللعبة قد وصلت إلى نهايتها، والى أن المبادرات الثلاث على لسان الشرع ومن قبل كل من تركيا وإيران هي شيء واحد وإن تعددت لغاتها وخرائط الطرق التي تتصورها لإخراج الأسد من المأزق.

وليس من المبالغة في شيء اعتبار أن نجاحات الثوار على الأرض هي الدافع الأول للمبادرات هذه كلها، وأن الثوار أنفسهم هم من يقرر مصيرها في نهاية المطاف.

* كاتب وصحافي لبناني

========================

.. عن تحفظ السوريين حول «النصرة» وأخواتها!*

الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

فايز سارة
ظهر انقسام سوري واضح حيال الموقف الاميركي في موضوع اتهام «جبهة النصرة» بالإرهاب، وتصنيفها باعتبارها في عداد المنظمات الارهابية الموضوعة في المنظومة الدولية المتصلة بالارهاب. وأساس الانقسام، ان قسماً كبيراً من المعارضة السياسية ومن الحراك الشعبي الذي جسّدته تظاهرات الجمعة الاخيرة، اضافة الى الجيش السوري الحر وبعض القوى المسلحة، ابدت تحفظها حيال الاتهامات الاميركية.

وذهبت بعض القوى الى الأبعد فعارضت ونددت بالموقف الاميركي الذي بدا أكثر قرباً من موقف السلطات السورية، والتي درجت منذ بداية الاحداث على اتهام «جبهة النصرة» بالارهاب، وبأنها، اضافة الى جماعات اخرى تماثل تنظيم القاعدة، تقف وراء التفجيرات والهجمات الدموية، التي وقعت في دمشق ومناطق سورية اخرى في الشهور العشرين الماضية.

الانقسام السوري الحاد في الموقف هو انقسام طبيعي في اطار الانقسام الحاد القائم في البلاد، غير انه يبدو ملتبساً في علاقته بالموقف الاميركي والغربي الذي وإن اتخذ على وجه العموم موقف المؤيد للمعارضة السورية وحراكها السياسي والعسكري ضد النظام، لكنه يتوافق مع الاخير في الموقف من «جبهة النصرة» وما يماثلها من جماعات تمارس نشاطات عسكرية وسياسية في البلاد، حيث اعتبرها صورة طبق الاصل عن نشاطات تنظيم القاعدة، على ما يقول الاميركيون.

ليس كل معارضي النظام هم على موقف واحد في موضوع «جبهة النصرة»، بل ان كثيرين منهم لا يعرفون سوى القليل عن تلك الجماعة وأمثالها وبخاصة لجهة إبرازها الطابع الديني – المذهبي للصراع في البلاد والدعوة الى اقامة دولة اسلامية. وهناك كلام شائع في اوساط سورية يقول ان النصرة هي صنيعة اجهزة النظام، بل ان البعض يقول انها كيانان، احدهما يتبع النظام او مرتبط بأجهزته، وآخر هو احد الهياكل العسكرية التي تشارك في المواجهات المسلحة ضد قوات النظام.

وسط تلك الصورة الملتبسة حول «جبهة النصرة»، ينقسم معارضو النظام. حيث يؤيد البعض، لا سيما في الاوساط الشعبية «النصرة» وما يماثلها، فيما يعارض آخرون توجهاتها. ويتركز المعارضون في الاوساط المدنية والعلمانية وفي اوساط بعض جماعات دينية ومذهبية وقومية، والبعض من هؤلاء يذهب فقط الى حد التحفظ، أكثر من معارضة توجهات النصرة.

ويبدو ان هذا الانقسام الحاد، هو بين عوامل اساسية جعلت القسم الاكبر من المعارضة السياسية يتحفظ في موضوع «جبهة النصرة» على نحو ما أظهرت مواقف وتصريحات عدد من قادة الائتلاف الوطني والمجلس الوطني السوري وجماعات وشخصيات منضوية في اطارهما.

وإذا كان الانقسام حول «جبهة النصرة»، يفسر في احد جوانبه، تحفظ السوريين في الموضوع، فإن ثمة نقاطاً اخرى تضاف في تفسير هذا التحفظ، لعل الاهم فيها ان كثيرين من السوريين وقياداتهم غير راغبين في فتح معارك جانبية داخل الصف المعارض للنظام وبخاصة وسط القوى المسلحة، لأن من شأن ذلك إضعاف وربما تفتيت جبهة معارضي النظام وأخذها الى الاقتتال الداخلي في وقت هم اشد حاجة فيه الى الوحدة والتضامن.

والنقطة الثالثة في اسباب تحفظ السوريين تتمثل في رغبتهم بالتوجه نحو طرق جديدة في معالجة مشاكلهم الداخلية، وهو توجه جديد، يرتبط بمعنى ومحتوى ثورة السوريين التي ابرزت وأكدت نهجاً يرفض عمليات الإقصاء والتهميش والذهاب الى المواجهة بدلاً من الحوار والتفاهم في معالجة المشاكل الداخلية، الامر الذي يعني ان معالجة موضوع «جبهة النصرة»، اذا كانت ثمة مشكلة فيه، ينبغي ان يكون في اطار الحوار والتفاهم، لا الصدام والتقاتل.

وباستثناء النقاط السابقة والتي تتعلق بجوانب داخلية، فإن ثمة نقطة خارجية تتصل بالتحفظ السوري في موضوع «جبهة النصرة» وأخواتها في سورية، والاساس في هذه النقطة قول السوريين ان الغرب والولايات المتحدة بخاصة لم يفعلوا شيئاً له اهمية في معالجة الازمة السورية طوال اكثر من عشرين شهراً، سوى اطلاق تصريحات لم تكن لها اي تأثيرات ايجابية وعملية في مساعدة السوريين. بل ان بعض التصريحات والمواقف وبخاصة في موضوعات انقسام المعارضة ووجود المتطرفين فيها وحماية الاقليات، كانت لها آثار سلبية على الوضع السوري بحيث ساعدت في استمرار الحل الامني العسكري الذي تابعه النظام، وتسبب في مقتل عشرات آلاف السوريين وجرح مئات الآلاف واعتقالهم، اضافة الى نزوح ثلاثة ملايين ولجوء نصف مليون الى دول الجوار، فضلاً عن تدمير بيوت ومصادر عيش وممتلكات ملايين، وهي كوارث ما كان لها ان تحصل، لو ان الغرب والولايات المتحدة تعاملا بجدية مع الموضوع السوري.

وعلى رغم اهمية اسباب التحفظ السوري في موضوع «جبهة النصرة» وأخواتها، فإن من الصعب فهم هذا التحفظ بصورة منفصلة عما يشغل بال السوريين، وهو الاهم في اهتماماتهم الساخنة وأبرزها الصراع الدائر بين النظام ومعارضيه، وضرورة الانتهاء منه، ووقف عمليات القتل والدمار المتواصلة، وإنهاء المعاناة الانسانية التي يعيش السوريون في قلب معطياتها. وكلها موضوعات تحتل عند اكثرية السوريين مكانة وأهمية تتجاوز موضوع جبهة النصرة وأخواتها في الواقع الراهن.

========================

هل يمكن أن تعقد الولايات المتحدة صفقة مع إيران؟ *

الحياة

الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢

باتريك سيل
خلال الأسابيع الأخيرة، تحدّثت وسائل الإعلام - في الولايات المتحدّة وإيران على حدّ سواء - عن إمكان حصول محادثات ثنائية مباشرة بين واشنطن وطهران، في شأن عدد كبير من المواضيع المثيرة للجدال بينهما. وفي حال تمّت محادثات من هذا القبيل وتناولت موضوع حزمة شاملة، قد يُكسَر الجمود في العلاقات الأميركية - الإيرانية، جمودٌ قائمٌ منذ أن أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه، الذي كان حليف واشنطن، في العام 1979.

غنيّ عن القول إنّ المتشدّدين في العاصمتين يعترضون على إجراء محادثات مباشرة. ففي واشنطن، لا يرغب «حزب الحرب» في التحدث مع أنظمة الملالي بل يريد إسقاطها. وفي طهران، تسود قناعة راسخة أنّ الولايات المتحدّة لا تسعى سوى لحمل إيران على الاستسلام. ويبدو انعدام الثقة المتبادل عميقاً جداً إلى حدّ أنّ عقد صفقة بين الولايات المتحدّة والجمهورية الإسلامية قد يتطلّب معجزة أو جهوداً ديبلوماسية ملهمة فعلاً.

في الوقت نفسه، يُقال إنّ الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، زائد ألمانيا، تبحث في إمكان عقد جولة جديدة من المفاوضات على مستوى عالٍ مع إيران حول المسألة النووية، هي الأولى منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي. وتشير التقارير إلى أن هذه المفاوضات قد تجرى في مدينة اسطنبول في شهر كانون الثاني (يناير). لكن من المستبعد أن تحرز هذه الدول تقدّماً حقيقياً، إلا اذا أبدت واشنطن وطهران استعدادهما لإظهار المزيد من المرونة. ويُعتبر إحراز أي تقدّم فعلي مستبعداً في حال لم تبذل العاصمتان جهوداً.

لا تبدو التوقّعات واعدة أبداً على هذا الصعيد، إذ خيّم على المنطقة، خلال السنتين الماضيتين، شبح الحرب التي قد تشنّها إسرائيل على إيران، بموافقة مترددة من الولايات المتحدة. وبهدف إبعاد خطر هجوم إسرائيلي كان يمكن ان يدفع الولايات المتحدّة الى المشاركة، فرض الرئيس باراك أوباما على إيران أكثر العقوبات قسوةً التي تُفرَض يوماً على أي دولة. وبالتالي، تمّ تفادي الحرب. لكنها ستُدرج من جديد على أجندة المتشدّدين في إسرائيل وداعميهم الأميركيين خلال العام 2013، في حال لم يتمّ إحراز أي تقدّم في اتجاه التسوية.

ولا شك في أنّ حرباً ضد إيران قد تنتشر بسهولة إلى المنطقة برمّتها، وهو آخر ما تحتاج إليه منطقة الشرق الأوسط المضطربة. بل على العكس، ثمة حاجة ملحّة إلى تخفيف حدّة التوتر، من أجل إنشاء مناخ توافقي، ليس فقط لحلّ النزاع مع إيران، بل أيضاً بهدف حلّ النزاعات العنيفة المتعدّدة الأخرى، مثل الحرب الأهلية في سورية والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني الطويل الأمد، الذي لا يزال يوقع ضحايا ويبث سمومه في كل مكان.

وتبدو القضية الإيرانية بالذات عصية على الحلّ، لا سيّما أنها مسألة جيوسياسية أكثر من كونها مرتبطة بالتقنيات النووية. بكلام آخر، تبدو هذه المسألة مرتبطة بطبيعة النظام السياسي في المنطقة أكثر من ارتباطها بطموحات إيران المزعومة بحيازة الأسلحة النووية، في ظلّ غياب أيّ دليل دامغ على ذلك.

ترى الولايات المتحدّة في الجمهورية الإسلامية تحدّياً للهيمنة الأميركية على منطقة الخليج العربية الغنية بالنفط. وتودّ إسرائيل بدورها فرض هيمنتها العسكرية على الدول المجاورة لها كافةً. وفي العام 2003، مارست اسرائيل مع أصدقائها ضغوطاً على الولايات المتحدّة من أجل الإطاحة بصدّام حسين في العراق. وحين تمّ تحقيق هذا الهدف، عمدت القوى الموالية لإسرائيل ذاتها إلى تحويل أنظارها إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بسبب الافتراض أنّ برنامجها النووي قد يهدّد احتكار إسرائيل للأسلحة النووية. ولطالما تواطأت إسرائيل مع واشنطن من أجل إسقاط ما يُعرَف باسم «محور الممانعة» الذي يضم طهران-دمشق-«حزب الله» ويُنظر إليه على أنه تحدٍّ للهيمنة الأميركية-الإسرائيلية. كما حاولت مراراً سحق «حزب الله» وحركة «حماس» ولم تتردّد في اغتيال علماء ذرّيّين في إيران. وشنّت بالتحالف مع الولايات المتحدّة حرباً سرّية على شبكة الإنترنت ضد منشآت صناعية إيرانيّة.

أمّا المملكة العربية السعودية والدول العربية المجاورة لها، فترى أنّ إيران الشيعية قوة عدائية تسعى لتحدّي الهيمنة السنّية في المنطقة وتقويض النظام السياسي العربي.

ويدخل ذلك في عداد الأسباب الجيوسياسية الأساسية التي تَحول دون إحراز تقدّم جذري في العلاقات مع إيران، سواء عبر محادثات ثنائية مع الولايات المتحدّة، أو في الإطار الأوسع نطاقاً لمفاوضات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا. وقد يتطلّب عقد هذه الصفقة إبداء قدر قليل فقط من حسن النية.

ما الذي تودّ إيران تحقيقه من هذه المفاوضات؟ تريد أوّلاً اعترافاً بحقّها بتخصيب اليورانيوم على أرضها لأهداف سلمية. وقد ورد هذا الحق في البند الرابع من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي أُبرمت في العام 1968 والتي كانت ايران قد وقّعت عليها. وتشمل الأهداف السلمية توليد الكهرباء باعتماد الطاقة النووية. كما تخطّط إيران لبناء عدد من محطات الطاقة النووية إلى جانب محطة بوشهر. فضلاً عن ذلك، وافقت إيران على أن تراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنشطتها النووية على مرّ العقد الماضي. (فيما ترفض إسرائيل، التي تملك ترسانة واسعة من الأسلحة النووية، التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، أو السماح لمراقبي الوكالة الدولية بمراقبة محطاتها النووية).

ثانياً، اقترحت إيران مراراً وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، في حال سُمح لها بشراء قضبان الوقود من الخارج لمفاعل طهران البحثي، التي تخوّلها صناعة النظائر الطبية لمعالجة نحو مليون مصاب بمرض السرطان في إيران. كما أنّها أبدت استعدادها لعدم تجاوز تخصيب اليورانيوم نسبة 5 في المئة، الأمر الذي لا يشكل اي تهديد بنشر الأسلحة، وذلك في حال تمّ رفع العقوبات التي فُرضت على صادراتها النفطية وتحويلاتها المالية، وصناعتها النووية، والتي تفرض معاناة كبيرة على شعبها. ثالثاً - وبشكل أكثر عموماً - تطلب إيران إقراراً بشرعية نظامها الإسلامي الذي قام بعد ثورة العام 1979. كما تريد أن يتمّ الاعتراف بها كقوة إقليمية مهمّة وألا تتمّ معاملتها كدولة منبوذة.

إلا أن فرص إيران لتحقيق هذه الأهداف تبدو ضئيلة. بل على العكس، يمارس الكونغرس الأميركي ضغوطاً لفرض عقوبات أكثر قسوة عليها. وتصرّ الولايات المتحدّة، في ظلّ الضغوط الإسرائيلية، على أن توقف إيران تخصيب اليورانيوم بالكامل، وليس بنسبة 20 في المئة فحسب، وعلى وجوب قيامها بذلك قبل ضمان حصولها على أي تنازلات مهمّة في المقابل. ويدلّ هذا المطلب على أنّ الولايات المتحدّة تجاهلت حقوق إيران بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وتغاضت عن التزامها الطويل الأمد بإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبدلاً من ذلك، ارتكزت الولايات المتحدّة على القرارات السياسية لمجلس الأمن، بدءاً بالقرار 1696 أو قرار تموز (يوليو) 2006، الذي يطالب إيران بوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم بالكامل، بناء على الشكوك غير المبررة بأنّها تنوي التحوّل إلى قوة نووية تشكل خطراً على السلام والأمن الدوليين.

ألم يحن الوقت لتتمرّد دول أخرى من بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لا سيّما روسيا والصين، على العقوبات الأميركية القاسية ضد إيران، وتشارك هي ايضاً في إظهار نوايا إيران الفعلية؟ في شهر أيار (مايو) 2010، توصّلت البرازيل وتركيا إلى اتفاق مع إيران، لشحن 1133 كيلوغراماً من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى تركيا، إلا أنّ الولايات المتحدّة أحبطت هذه الصفقة ولجأت إلى فرض المزيد من العقوبات. وفي حال تقدّمت روسيا والصين بعقد صفقة مع إيران، فقد تحضّان واشنطن على معاودة التفكير وحتّى على الامتثال بهما.

لكن، كم هو قدر الحرية التي يملكها الرئيس باراك أوباما المقيّد بكونغرس موالٍ لإسرائيل، من أجل خرق الأزمة الطويلة والخطيرة بين الولايات المتحدة وإيران؟

* كاتب بريطاني مختص في شؤون الشرق الأوسط

========================

اختلاف موسكو وطهران في سورية

الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

وليد شقير

صحيح الموقف الروسي الذي صدر الأسبوع الماضي والقائل إن موقف موسكو «لم ولن يتغير» حيال الأزمة السورية، والذي جاء تعقيباً على ما أعلنه نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي بدا أنه يحمل جديداً، حين قال إن المعارضة تسيطر على الأرض أكثر فأكثر ولم يستبعد سقوطاً قريباً للنظام. فجلّ ما فعله بوغدانوف هو توصيف التطورات الميدانية وتوقع ما يمكن أن تنتجه في الأسابيع المقبلة. وهو توصيف لم يدلِ به إلا بالتنسيق مع وزير خارجيته سيرغي لافروف.

إلا أن هذا لا يلغي تسجيل «الجديد» في موقف موسكو، كالآتي:

1 – هي حجزت لنفسها مقعداً في البحث عن التسوية الممكنة حول سورية مع دول الغرب التي اختلفت معها في الرؤية في شأن أزمة سورية، حين قالت منذ أكثر من سنة إنها لا تتمسك بشخص الأسد وإن ما يهمها مصير سورية. وهو ما كرره أمس الرئيس فلاديمير بوتين. وعدم التمسك بالأسد كان المقولة التي تتيح لموسكو الاستناد إليها في اللغة الديبلوماسية الدولية، من أجل أن تلج المفاوضات الهادفة الى رسم المعادلة الجديدة في سورية بعد سقوط النظام. الجديد هنا التطورات الميدانية التي تشير الى دنو سقوط النظام (وهو قد لا يحتسب بالأيام أو الأسابيع)، بحيث بات التدرج في موقف روسيا يسمح لبوتين بأن ينفي قلقه على مصير الأسد، ويؤكد قلقه على سورية، كما فعل بالأمس، مستخدماً القاموس الذي وضعته الديبلوماسية الروسية والذي يمكن أن تغرف منه العبارة التي تناسب المرحلة. غابت عن لغة بوتين عبارات من نوع «الإرهابيين» و «تسليح دول الجوار والغرب المعارضة الذي يزيد من تعقيد الأزمة» و «رفض التدخل الخارجي»... الخ.

2 – الجديد أيضاً هو مسودة الحل التي عرضتها القيادة التركية على بوتين حين زار أنقرة في 3 الجاري واجتماع وزير الخارجية لافروف مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون في دبلن في 6 الجاري ولقاء نائبها وليام بيرنز مع نظيره الروسي بوغدانوف في جنيف في حضور الممثل الخاص الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي في 9 الجاري. وهي محطات وضعت فيها مسودتان متقاربتان لرسم التحضيرات لمرحلة ما بعد الأسد، وتتقاطعان حول تشكيل حكومة وحدة وطنية تقضي الأولى منهما بأن تضم شخصيات وطنية وتكنوقراط مرضياً عنها من الموالين للنظام ومن المعارضة ويسلم الأسد لها صلاحياته خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجديدة، تمهيداً لإجراء انتخابات عامة لاحقاً، وإذ اعتبرت موسكو هذه الصيغة مبتكرة في إشارة الى موقفها الإيجابي منها، فإن الصيغة الثانية اقتضت أن تكون حكومة وحدة وطنية لها كامل الصلاحيات، وصفها الروس بأنها تكون «أعلى سلطة»، بما يعني أن لا سلطة للأسد، في حال بقائه رئيساً، على أن تنظم هذه الحكومة انتخابات نيابية ورئاسية خلال أشهر قليلة بحيث يترك السلطة قبل نهاية ولايته عام 2014، وكُلّف الإبراهيمي استمزاج الأسد بالفكرة الثانية، لكن ما زال الأخير يمتنع عن تحديد موعد له، فيما رفضت المعارضة وبعض الدول العربية المعنية حلاً يبقي على الأسد في السلطة لأشهر أخرى، لثقتهم بأن التطورات الميدانية التي تتسابق مع محاولات استلحاق الحل السياسي هي التي ستحسم سقوط النظام.

3 – بينما اصطدمت محاولات تسويق المسودة التركية برفض كامل من الأسد لاعتقاده المستمر بأنه قادر على سحق الانتفاضة الشعبية والمسلحة، جاء الجديد الثالث بالموقف الإيراني الذي رد على تغييبه عن بحث مرحلة ما بعد الأسد، باعتبار أن أي مسودة يُتفق عليها ستقود الى تأييد موسكو لقرار في مجلس الأمن، يشمل إرسال قوات حفظ سلام من دول عربية وإسلامية. وهو ما دفع طهران الى إيفاد نائب وزير خارجيتها الى موسكو أمير حسين عبد اللهيان الاثنين الماضي حاملاً النقاط الست التي تقوم على حوار بين النظام والمعارضة لإنشاء لجنة مصالحة تتشكل بعدها الحكومة الانتقالية، وهو ما يخالف مسودة بيرنز – بوغدانوف حيث الحكومة العتيدة «أعلى سلطة بالدولة». أنباء موسكو تفيد بأنها اعتبرت أن التطورات الميدانية تخطت هذه النقاط، وهذا ما يفسر تلويح المسؤول الإيراني بأن ردة فعل «حزب الله» ستكون «مؤثرة وفاعلة». سبق ذلك تصنيف اقتراح نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قيام حكومة وحدة بأنه اعتراض إيراني للمداولات الدولية.

بدأ التمايز الروسي – الإيراني يتحول الى خلاف، فأي تسوية دولية حول سورية تحرم طهران من استخدام الأزمة السورية مدخلاً لتفاوض الغرب معها حول الملفات العالقة بينها وبينه على الصعيد الإقليمي وفي ما يخص ملفها النووي... وهذا فصل جديد من الأزمة.

=======================

حرص الرئيس بشار على مصالح الشعب!

21-12-2012

الشرق الأوسط

عماد الدين أديب

أعلنت مصادر إيرانية استبعادها سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد! وعبرت هذه المصادر عن تفاؤلها بإمكانية حدوث مصالحة وطنية عبر حوار وطني بين المعارضة ونظام الأسد!!

لست أعرف نوع العشاء أو المشروب الذي تناوله المصدر الإيراني «المحترم» في الليلة التي أدلى فيها بهذه التصريحات العجيبة الغريبة التي يتزاوج فيها منطق الإنكار والتحايل على الواقع، ومنطق الكذب على النفس وعلى العالم.

إنني أتفهم مسألة الارتباط العضوي في مصالح نظام «الملالي» في إيران ونظام حكم الأقلية الطائفية ذي القبضة الأمنية في سوريا. هذا «التزاوج» الذي أصبح مثل علاقات الأخوة في روايات «ماريو بوزو» الخاصة بعائلات المافيا، علاقات «يربطها ولا يمحوها إلا الدم»!

لا يمكن أن نعيش في ظل منطقة يحكمها قانون «فليذهب مليون شهيد وجريح ونازح مقابل أن يبقى رجل واحد على سدة الحكم» ساعة زمن إضافية!

إن هذا الثمن الأحمق، وهذا المنطق المجنون الذي يحكم سلوك حلفاء الأمس وشركاء اليوم هو أكبر عنصر تهديد للاستقرار في المنطقة.

لا يمكن لأي نظام سياسي محترم، ينتهج سياسة تقوم على احترام النفس والشعب والعدالة، أن يحكم من خلال نظام «البودي غارد»، أي الحكم بقوة اليد الثقيلة لقوى سلطة الحكم.

إن منطق فرض الحكم بالقوة قد ينجح مؤقتا لفترة زمنية محدودة، لكنه يشكل في الوقت ذاته عنصرا للاستفزاز الوطني ومكونا أساسيا لعنصر من عناصر انهيار أي نظام.

إن الحاكم الذي يفتقر إلى صيغة ذكية قادرة على «احتواء أحلام وطموحات شعبه» وقادرة على أن «تسوس» حالات الاعتراض والاحتجاج - «هالك لا محالة»!

أما المنطق الإيراني دائم الترديد بأن الحديث عن قرب سقوط النظام السوري هو دعاية مضادة مبالغ فيها، وأن النظام السوري متماسك من الداخل بشكل أكبر مما يعتقد البعض، فهو في الحقيقة محض هراء! وهذا الهراء لا يمكن أن يستمر في فرض شروره على عقولنا إلى الأبد.

وفي يقيني أن أكبر مأزق لهذه المصادر الإيرانية سيكون عشية سقوط نظام الأسد بشكل أو بآخر حينما سيتعين عليها أن تصدر بيانا تقول فيه: «إنه حرصا من الزعيم السوري بشار الأسد وإدراكا منه للمسؤولية الوطنية، وحقنا لدماء الشعب السوري قرر الرحيل»!

لاحظ عبارات «الحرص» و«الحقن» للدماء!

أرجوكم صدقوني، سيصدر هذا البيان من مصدر إيراني، والأيام بيننا!!

========================

منشق سوري يؤكد نقل الأسلحة الكيماوية السورية

21-12-2012

الشرق الأوسط

ديفيد إغناتيوس

تشير التقارير الواردة من داخل منشأتين للأسلحة الكيماوية السورية إلى وجود أدلة جديدة على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد قام بتطوير مركبات خاصة العام الماضي لنقل وتجهيز تلك الأسلحة مع مزاعم غير مؤكدة تفيد بأنه قد تم تدريب حلفاء لبنانيين، يفترض أنهم من حزب الله، على استخدام تلك الأسلحة منذ 11 شهرا. وفي اتصال هاتفي خلال عطلة نهاية الأسبوع، قدم مصدر سوري وصفا تفصيليا لما يتعلق بقضية الأسلحة الكيماوية السورية، معتمدا في ذلك على معلومات استخباراتية حصل عليها من منشق سوري كان يعمل داخل شبكة الأسلحة الكيماوية. وقد تحدث هذا المصدر من إحدى الدول العربية التي لجأ إليها، في حين تم الترتيب لهذا الاتصال الهاتفي من قبل فريق الدعم السوري التي يتخذ من واشنطن مقرا له ويمثل العناصر المعتدلة في الجيش السوري الحر المعارض.

وتنطوي هذه المعلومات على تحذير مفاده أن المصادر السورية تسعى لتنبيه الولايات المتحدة إلى المخاطر الكامنة للصراع السوري على أمل تشجيع واشنطن على تقديم دعم أكبر للمعارضة. وفي إطار السياق التاريخي للأحداث، ينبغي تذكير القارئ بالمنشق العراقي المعروف باسم «كيرفبول» الذي زعم أن العراق يمتلك أسلحة كيماوية قبل عقد من الزمان، وهي الادعاءات التي عززت التدخل العسكري، ولكن تبين فيما بعد أنها مجرد افتراءات. وحتى أتأكد من هذه الرواية، قمت بمراجعة هذه المعلومات مع عدد من المصادر المطلعة والمستقلة والتي أكدت بعضا من هذه التفاصيل. وبعد هذه التأكيدات، أود مناقشة هذه المعلومات مع القراء، حيث يشير المنشق السوري إلى أن اثنين من كبار الضباط السوريين قد قاموا في شهر يناير (كانون الثاني) بنقل نحو 100 كيلوغرام من المواد المستخدمة في صناعة الأسلحة الكيماوية من قاعدة عسكرية سرية في قرية الناصرية، نحو 50 إلى 60 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق.

وقال المصدر السوري إن الضابطين قاما بوضع تلك المواد الكيماوية في سيارة مدنية وتوجها عبر جسر في اتجاه الطريق السريع المؤدي إلى لبنان. وبعد ذلك بيومين، وصل رجلان يتحدثان بلهجة لبنانية إلى قاعدة الناصرية وتلقيا تدريبات على كيفية إعداد وتركيب تلك المواد الكيماوية، وكذلك احتياطات السلامة المناسبة في كيفية التعامل معها.

وثمة إشاعات في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة تشير إلى أن الأسلحة الكيماوية السورية قد انتقلت إلى مكان آخر، ولكن يبدو أن المسؤولين الأميركيين ليس لديهم أي أدلة على انتقال تلك الأسلحة إلى أماكن خارج الأراضي السورية.

وعلاوة على ذلك، قال المصدر السوري إنه قد تمت صناعة عربات خاصة لنقل وتركيب تلك المواد الكيماوية في إحدى الورش بحي دمر بالعاصمة دمشق، مضيفا أن هذه الورشة تعد جزءا من شبكة منشآت ومرافق الأبحاث السرية المعروفة باسم «البحوث». وقد بدأ بناء هذه المختبرات المتحركة عام 2011، أي بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية التي بدأت تهدد نظام الأسد.

وفي ورشة دمر، حسب المصدر السوري، قام فنيون ببناء معمل متحرك يمكنه خلط وتنشيط ما يسمى «ثنائي عوامل الأسلحة الكيماوية»، وأنه يتم بناء هذه الخلاطات المتنقلة داخل سيارات من طراز «مرسيدس» أو «فولفو» والتي تبدو من الخارج وكأنها شاحنات تبريد، أما في الداخل فيوجد بها خزانات وأنابيب ومحرك لدفع الآلة التي تقوم بعملية الخلط.

وأشار المنشق السوري إلى أنه قد تم بناء ما يتراوح ما بين 10 و15 معملا متحركا، في حين قال مصدر مستقل، إن هذا العدد كبير، ولكنه أكد في نفس الوقت أن السوريين لديهم مختبرات متنقلة بالفعل.

وبناء على التقارير الواردة من هذا المنشق، اتصلت المعارضة السورية بمسؤولين لبنانيين وأعطتهم بيانات تفصيلية عن تلك المركبات منذ ستة أسابيع حتى يمكنهم مراقبة ما إذا كانت تلك المركبات قد عبرت الحدود اللبنانية أم لا وهي تحمل على متنها الأسلحة والمواد الكيماوية المشار إليها. ومنذ ذلك الحين، يبدو أنه لم تتم مشاهدة أي شيء بالقرب من الحدود.

وتقع منشأة الناصرية بالقرب من بلدة القلمون. ويتحدث الأشخاص الذين عملوا في هذه القاعدة في كثير من الأحيان عن الزيارات التي كان يقوم بها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، والذي يقود وحدة عسكرية تعرف باسم الحرس الجمهوري. ويعتقد أن ماهر الأسد هو القائد العسكري للحملة الوحشية الشرسة التي يشنها النظام على الثوار السوريين، والتي أدت إلى مصرع نحو 40.000 شخص خلال ال20 شهرا الماضية.

وأكد مصدر مستقل أن منشأتي دمر والناصرية اللتين تحدث عنهما المنشق السوري تعدان في حقيقة الأمر، جزءا من شبكة الأسلحة الكيماوية السورية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي تعنيه تلك التقارير؟ أولا، قد تكون الأسلحة الكيماوية السورية أكثر خطرا مما يعتقد البعض، لأنه قد يتم نقلها إلى أماكن أخرى. ثانيا، هناك مخاطر أخرى من وصولها إلى جماعات أخرى، مثل حزب الله اللبناني، وهو ما سيشكل تهديدا إرهابيا عالميا.

تؤكد هذه المعلومات الجديدة أن الحرب في سوريا قد تكون نواة لصراع أوسع وأكثر خطورة، وهو ما يجعلنا نحذر من أنه يجب التعامل مع هذه القضية بشكل عاجل وبعناية كبيرة.

* خدمة «واشنطن بوست»

========================

حسن نصر الله «عتبان» على «القاعدة»!

21-12-2012

الشرق الأوسط

رضوان السيد

كان حديث الأمين العام لحزب الله قبل أربعة أيامٍ شديد التوتر، إنما الأبرز فيه أنه شديد الغرابة. فقد أخبر الثوار السوريين أنهم لن ينتصروا وقال: إنه متأكدٌ من ذلك، وكرر تأكيداته عدة مرات. ولا ندري إن كان يطمْئن بذلك، نفسَه والإيرانيين أم بشار الأسد. وما كان ليتردد - كما قال - في استمرار دعم الأسد، لأنّ ما يواجهه هو مؤامرة أجنبية. ومع غرابة كلّ هذه الأقوال، يظلُّ الأشد غرابة في كلامه خطابه ل«القاعدة»، وهو يزعم كما يزعم الأميركيون أنها تتدخل في سوريا من خلال جبهة النُصرة وكتائب أُخرى. فقد عاتبهم نصر الله على تدخلهم ضد الأسد، فتكون النتيجة أن يقتل بعضهم بعضا! فمن هم هؤلاء الذين يقتل بعضهم بعضا؟!

لقد بدأت القصة الأخيرة هذه قبل أسبوع عندما عقد نائب وزير الخارجية الروسي اجتماعا للدبلوماسيين الروس كالعادة كلَّ عام. وما كان من المفروض أن يخرج شيء من هذا الاجتماع إلى الإعلام، ولذلك قال المسؤول الروسي من دون تحرُّج إنّ الأسد يفقد السيطرة على الأرض، وقد يسقط قريبا، ولذلك يفكر الروس بإجلاء رعاياهم من سوريا! وهبّت نتيجة خروج هذا الكلام للإعلام عاصفة لم تهدأ بعد. فقد رحبت الجهات الغربية بإدراك موسكو أخيرا أنّ الأسد ذاهب. في حين أقبل الروس على القول إنهم لم يغيّروا موقفهم. لكنّ الجزع ساور الإيرانيين وحزب الله بالذات. فانصرف الإيرانيون للتهديد بحربٍ عالمية، وقال أحدهم إنّ «بشار» خالد(!). وإنّ إيران بذلت وستبذل الغالي والرخيص لحفظ حليفها مهما كلف الأمر. و«مهما كلف الأمر» هذه تعني عدة أشياء؛ فقد تعني إرسال عساكر إيرانيين (بلغ بهم أحدهم السبعين ألفا!)، وقد تعني إرسال المزيد من العراقيين واللبنانيين من حزب الله إلى سوريا للقتال مع الأسد حتى الرمق الأخير! إنما ما الذي يفيده ذلك بالنسبة لمستقبل العلاقات بين نصر الله والفرقاء السياسيين الآخرين في لبنان، وعلى الخصوص فريق المسلمين السنة؟ وكيف سيستفيد نصر الله من هذا الموقف الانتحاري بالإصرار على البقاء إلى جانب الأسد حتى النهاية؟ وكيف سيتعامل مع الثوار؟ أو لنقل كيف سيتعاملون هم معه بعد ذهاب الأسد بالنظر إلى ما تعامل به معهم خلال نحو العامين؟!

ومن حقّ نصر الله بالطبع العتب على «القاعدة»، وهذا حقّ الأسد أيضا! فمنذ ضرب الأميركيين ل«القاعدة» بأفغانستان عام 2001-2002 تفرقوا شذر مذر، ووصلت منهم مجموعاتٌ إلى إيران، وبعد 2003 إلى سوريا. واستخدمت إيران الذين وصلوا إليها للتساوُم مع الأميركيين، ومع البلدان التي أتَوا منها أصلا. ومنذ عام 2004 بدأ إعداد «القاعديين» والجهاديين في سوريا وإرسالهم للعراق بحجة مكافحة الأميركيين. وقد تكون هؤلاء من ثلاثة عناصر أو أصول: عراقيين وسوريين، وجنسيات عربية أُخرى. وما اقتصرت البعثات الجهادية على إزعاج الأميركيين في العراق، بل شملت أعمالهم إثارة النزاع الطائفي فيه، وتنفيذ تفجيرات بالأردن لزعزعة الأمن فيه. ووقتَها أيضا، أي في حدود عام 2004-2005 جرى الاتفاق بين «القاعديين» وحزب الله (بواسطة إيرانية) على أن لا تكونَ لهم نشاطاتٌ على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، باعتبار أنّ ذلك من اختصاص واحتكار حزب الله الذي يقوم بالجهاد بكفاءة على تلك الجبهة.

وعلى أثر مقتل الرئيس الحريري على أيدي السوريين والحزب عام 2005 وخروج الجيش السوري من لبنان، اعتبر الطرفان (وما يزالان) شمال لبنان وطرابلس بالذات بيئة للجهاد، لنشر السمْعة بالإرهاب، وتفرقة كلمة أهل السنة. وبالفعل فقد كوَّن الطرفان: آصف شوكت من المخابرات السورية، والقيادات الأمنية بالحزب، ما صار يُعرف ب«فتح الإسلام»، وأكثر هؤلاء من عناصر فلسطينية، ومعهم قِلّة من اللبنانيين والعرب، وضباط سوريين للضبط والربط والقيادة. وقد تجمع أكثرهم أولا في مخيم برج البراجنة في ديار حزب الله، قبل أن يُرسَلوا إلى مخيم نهر البارد. وكانت الخطة ضَرْب قوى الأمن الداخلي بحيث تنسحب من المنطقة، ولا يتدخل الجيش بحجة الخوف من الانقسام (كما حصل عند احتلال بيروت عام 2008)، فتقوم «الإمارة الإسلامية» التي ظلُّوا حتى اندلاع القتال يبحثون عن لبناني لكي يضعوها تحت اسمه وليس تحت اسم شاكر العبسي!

وقبل أن تقرر الحكومة اللبنانية إدخال الجيش للقتال ضد الإرهاب السوري بخمسة أيام، أصدر حسن نصر الله «فتواه» باعتبار مخيم نهر البارد خطا أحمر، فأعرض أكثر الضباط الشيعة ومسيحيي عون عن المشاركة، ليقع عبءُ القتال على الضباط السنة وبعض المسيحيين، فتفشل خطة «الإمارة»، وينهار وضع آصف شوكت لدى نظام الأسد مؤقتا، وتتغير القيادات الأمنية العاملة في الشمال من الحزب! وفي العام نفسه (2007) يُقتل الزرقاوي في العراق، ويزداد عدد الشبان المساكين الضائعين والواقعين تحت تصرف إيران والنظام السوري وحزب الله.. وحتى الأميركيون، يستخدمونهم كيفما شاءوا في سائر ساحات «الجهاد» باستثناء إسرائيل من جبهة لبنان، والجنود الأميركيين بالعراق، الذين جرت معهم ترتيباتٌ أُخرى، بعد حرب عام 2006. والانتصار عليهم ما بين الباسيفيكي والأطلسي كما هو معروف!

يعتب الأمين العام لحزب الله على «القاعديين» والجهاديين لأنهم قرروا قبل عام، القتال في سوريا ضد نظام الأسد. وهو يقول لهم إنكم بمقاتلة الأسد إنما تقاتلون بعضكم بعضا، فالأطراف الثلاثة: النظام السوري، والإيراني-حزب الله، و«قاعدة» الظواهري (المقيم بإيران فيما يبدو)، متحالفة منذ عام 2002-2003 بحجة مصارعة الأميركيين، وإنما بالحقيقة - وبسبب الضعف الذي أصاب الجهاديين بسبب فقدهم لقواعدهم بأفغانستان وحاجتهم إلى الأمن بعد أن فقدوا الجغرافيا والملاذ الآمن - فإنهم يخدمون إيران (والنظام السوري) في كل مكانٍ بما في ذلك غزة وسيناء واليمن ولبنان والأردن وباكستان!

لقد تأثّر المحور الإيراني كثيرا بالتزعزُع الذي حصل لأنصارهم بغزة حيث انقسمت عليهم حماس، فانصرفوا للاستعانة بمخزون الجهاديين المنتشرين بين غزة وسيناء والسودان. وعاد نصر الله للتمدُّح بنزاهة إيران وأنها لا تريد غير الجهاد ومساعدة المجاهدين منذ ثلاثين عاما وفي كل مكان! إنما الذي أراه أنّ خالد مشعل (وربما إسماعيل هنية) والآخرين الذين يريدون الدولة الفلسطينية المستقلة والمصالحة مع إخوانهم بالفعل، هم الآن في خطرٍ شديدٍ، لأنّ إيران لا تقبل أن تنتهي بضاعتُها في فلسطين هكذا وبهذه السهولة بعد الاستثمار الطويل!

بيد أنّ الأصعب على إيران ونصر الله حقا وصدقا هو سقوط النظام السوري، وتزعْزُع السيطرة على لبنان. ولذا يهدّد الإيرانيون بإرسال جيشهم للقتال بسوريا بعد أن خذلهم المالكي، وما استطاع إرسال المزيد لمقاتلة السوريين. فسقوط الأسد يعني سقوط المحور الذي بَنَوهُ، ووجَّهوا من خلاله مصالحهم ورسائلهم إلى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تجارة المخدرات وغسل الأموال بين كولومبيا وأفريقيا ولبنان! ولهذا فإنّ الذي أراه أنّ أفلامهم في سوريا ولبنان ما انتهت بعد. وأحسب أنهم - بخلاف ما اعتقدنا من قبل - سيدخلون في عمليات التقسيم الطائفي أو محاولاته بين اللاذقية والهرمل. فهم لم يروا مانعا من قبل في إنشاء إمارة إسلامية بشمال لبنان. وهم يقيمون تنظيمات طائفية مسلّحة في كل مكانٍ قدروا عليه في ديار العرب.

لا يستطيع الأقلويون والانشقاقيون أن ينهضوا بمشروع الأُمة وقضاياها، وإن حملوا الرايات لذلك، وسواء أكانوا من «القاعدة» أم من حزب الله أم من الجهاديين أم الإباديين. وكما عتب نصر الله على «القاعديين» الذين تخلَّوا عن الأسد عندما تسلّم الشعب السوري الزمام، سيعتب على الحماسيين وربما على تنظيم الجهاد الإسلامي، لأنهم آثروا الانضمام لشعبهم على التقلب على أشواك إيران وجمرها وحرائقها.

========================

تآكل ملاذات النزوح في سوريا

رأي البيان

التاريخ: 20 ديسمبر 2012

تحوّل مخيم اليرموك الذي يضم نحو مئتي ألف لاجئ فلسطيني وأضعافهم من السوريين، إلى جبهة عسكرية للقتال بين قوات النظام السوري ومقاتلي الجيش الحر، وخلا المخيم من ساكنيه بعد تعرضه لقصف بالطيران الحربي من النظام حوّل المخيم إلى أنقاض، بعد أن كان ملاذاً أخيراً للعائلات القادمة من الأحياء الجنوبية للعاصمة دمشق.

وليس مخيم اليرموك سوى نموذج من تآكل الملاذات الأخيرة الهشة للمدنيين الفارين من أتون قذائف المدفعية والغارات الجوية.

فقبلها حدث الأمر ذاته في مدينة حلب، ثم رأس العين في محافظة الحسكة، مما يشير إلى أن سعي الطرفين لحسم الصراع بالطريقة العسكرية، يفوق في أهميته الانشغال بالإبقاء ولو على ملاذ آمن للمدنيين، خاصة أن القوات النظامية تستخدم عنفاً غير مسبوق، وتلجأ إلى استخدام أسلحة لا نسمع عنها عادة إلا في الحروب النظامية بين الدول.

إن هذه المعطيات تجعل لزاماً على الدول المعنية بحل الأزمة في سوريا، أن تتقدم بخطوة جدية وتسرع وتيرة اللعبة السياسية التي أقل ما يمكن وصفها به أنها لعبة الأعصاب الباردة، رغم سخونة وغزارة الدماء التي تسيل على مذبح المصالح السياسية.

وهناك أمل في أن تكون التحركات الحالية للمبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي، قائمة على توافق روسي أميركي على صيغة مناسبة للحل، توقف سفك الدماء وتضمن لأكثر من مليوني نازح داخل سوريا و700 ألف خارجها العودة إلى ديارهم.

إن الأوضاع الإنسانية بحد ذاتها هي دافع لا يمكن التردد بشأنه في سبيل شق طريق سياسي لوضع حد لمعاناة ملايين السوريين، وبقاء بعض الدول تتحدث بلغة الدبلوماسية عن الأوضاع السورية، هو تجاهل للكارثة الإنسانية التي تلوح في الأفق.

وسبق أن شهدت منطقة الشرق الأوسط وضعاً مشابهاً عام 1991، إثر الهجرة المليونية الكردية من إقليم كردستان العراق في اتجاه تركيا، وحينها أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 688 المعني بتوفير ملاذ آمن للمدنيين في شمال العراق.. فهل علينا أن ننتظر بلوغ عدد اللاجئين إلى خارج سوريا مليوناً حتى يصبح الحل «ضرورة إنسانية»؟

=================

سوريا وسيناريوهات النهاية

د. عمر عبد العزيز

التاريخ: 20 ديسمبر 2012

البيان

يعرف العسكريون المحنكون أن مآلات أي حرب مباشرة بين طرفين، تعتمد أساساً على الميزات النسبية لكل طرف، فلا ميزات مطلقة لأي طرف مهما توفَّر على الغلبة الظاهرة في القوة والمعدات, ذلك أن ساحة الحرب ومآلاتها هي التي تقرر التميز الحقيقي.

وبهذا المعنى ينهزم الجيش المُدجج بكل أنواع الأسلحة في حروب المدن، إذا كانت المُجابهة مع المليشيات الصغيرة والمنتشرة أُفقياً، والتي تعتمد في حركتها على الكر والفر، وقضم أطراف العدو وإرباكه.

وقد لاحظ علماء الحروب التاريخية، أن من أسباب الانتصارات الباهرة للمسلمين أثناء الفتوحات، أنهم اعتمدوا على السيف اليماني خفيف الوزن، بالإضافة إلى عقيدتهم القتالية المستمدة من ثقافة الشهادة، فيما كانت أجسادهم النحيلة وخيولهم غير المثقلة بالسروج الخشبية، سبباً آخر في هزيمة الجيوش الرومانية ذات السيوف الثقيلة، والفرسان المكبلين بالأحمال، والخيول التي تئن تحت وطأة السروج والحديد.

في الصين استطاع الحزب الشيوعي الصيني هزيمة جيش حزب "الكومنتانغ" الحاكم، عبر اعتماد جيش الثوار اليساريين على الفرق الصغيرة التي انتشرت في كل أرجاء الصين، واستطاعت إسقاط جيش الكومنتانغ الرسمي من خلال النهش في أطرافه، وإرباك استراتيجياته القائمة على الحرب النظامية، وصولاً إلى تقويضه.

وفي فيتنام بدت عبقرية حروب الجماعات الصغيرة المقرونة بالعقيدة السياسية والدعم الشعبي ظاهرةً، حيث تمكَّنت الزعامة الروحية للقائد "هوشي منه" من تحقيق الالتحام بين الشعب وقيادته، كما ترجم الجنرال الفيتنامي العبقري "جياب" تلك العقيدة من خلال حروب العصابات، التي أنهكت الوجود الأمريكي المُدجج بأحدث الأسلحة والمعدات.

ما حدث ويحدث في سوريا يعيد إلى الأذهان تلك المفارقة، التي تجعل التميُّز لغير صالح الجيش النظامي الذي يلجأ إلى دك المدن بالمدفعية والراجمات والطائرات، فيكون بذلك قد أسهم في تعزيز مليشيات الجيش الحر بالمزيد من الدماء، لأن من لم يكونوا ملتحقين بالجيش الحر سيلتحقون به كلما طالتهم النيران الحامية للقوة المنظمة، التي لا تفرق بين مقاتل يتمنطق الكلاشينكوف وبين مواطن قابع في بيته انتظاراً للفرج.

عشت تجربة 13 يناير المشؤومة في عدن عام 1986، ورأيت بأُم عيني عجز أسلحة الطيران والبحرية والمدفعية والراجمات، عن تحقيق شيء لصالح الطرف الذي كان يعتدُّ بها، فيما حسمت أسلحة الدروع المتوسطة الموقف لصالح الطرف الآخر.

تلك عبرة لمن يعتبر، والواضح أن منطق الجيش النظامي السوري سيؤدي به إلى هزيمة مؤكدة، ليُمهد بذلك لسقوط النظام برمته، إن لم تتم تسوية سياسة عاجلة من خلال تفاهم الكبار؛ أمريكا ومن معها، وروسيا ومن معها.

لكن هذه الفرضية قد لا تكون الوحيدة في معادلة التسوية والحل، خاصة إذا استمر التباعد الأمريكي الروسي في الرؤية تجاه المسألة السورية، وفي تلك الحالة لا بد من سيناريوهات داخلية تفرض نفسها بالتراتب مع العد التنازلي الظاهر، وهذه السيناريوهات تؤدي بجملتها إلى نهاية النظام، ولكن بكيفية غير مُشرفة. والخيارات الماثلة أمام النظام تتلخص في الاحتمالات التالية:

الأول؛ أن تتم التسوية السياسة بضغط دولي يؤدي إلى نموذج قد يكون مُشابهاً للموديل اليمني.. لكنني أستبعد ذلك، لأن الموديل اليمني في انتقال السلطة سبقته مقدمات تتصل بالخصوصية اليمنية، نابعة من انشقاق أساسي في مؤسستي الجيش والحزب الحاكم، بالإضافة إلى فشل النظام في السيطرة على العاصمة صنعاء ذاتها، مما جعل قبول المبادرة الخليجية خياراً لا مفر منه أمام الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومن معه، وخاصة في اللحظة التي أدركوا فيها أن مجلس الأمن الدولي بصدد اتخاذ قرارات حاسمة، تأييداً للمبادرة الخليجية، وتفعيلاً للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبموافقة روسية صينية ناجزة.

في الحالة السورية أستبعد مثل هذا السيناريو بعد أن تجاوز العنف كل الاحتمالات، وأصبحت سوريا تئن تحت وطأة القذائف والقتل.

الخيار الثاني أمام النظام يتلخَّص في هروبٍ مخْملي لرأس النظام والأقربين له، وربما كوكبة من جنرالاته. لكن خيار اللجوء لدولة ثانية قد يصطدم بانقلاب داخلي تديره كوكبة الجنرالات "الأشاوس"، من الطائفيين الاستيهاميين ضيقي الأفق، وقد يتم هذا الانقلاب بتنسيق مع رموز راكزة ممن يهمُّهم ترميم النظام لأسباب كثيرة لسنا بصددها.

الخيار الثالث هو أن يقبع الرئيس بشار الأسد ومن معه في مربع العناد، الذي يذكرنا بمصير هتلر والقذافي، وهو مصير محتوم إذا استمرت تداعيات الداخل بذات الزخم الماثل.

السيناريو الرابع، والمحكوم عليه بالفشل المسبق، ويتلخص في أن يعتصم رأس النظام ومن معه بالمناطق الجبلية المحاذية للبحر، ليجافي كامل مقولاته القومية الفضفاضة، ويعيد إنتاج النواة الطائفية التي طالما تغلَّفت بالشعارات البراقة، ذلك أن الاعتصام بجبال الشرق يومئ إلى مشروع دولة طائفية علوية يرفضها العلويون الراشدون قبل غيرهم، ولن تكون في محصلتها سوى خاصرة رخوة في سوريا الكبيرة المُسيَّجة بعبقرية التنوع.

هذه السيناريوهات الافتراضية لا تدخل في باب الأمنيات، بل إنها محاولة استقراء موضوعية لجدلية العلاقة بين التاريخ وحتميته، والإرادات وأحلامها الطوباوية.

Omaraziz105@gmail.com

=================

"اليرموك" يدخل معادلة الصراع

2012-12-20 12:00 AM

الوطن السعودية

ما يجري من مواجهات عنيفة داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق والتداعيات المصاحبة لذلك، يؤكد ما ظل يحذر منه المراقبون منذ نشوء الصراع قبل أكثر من عامين. فهذا المخيم الذي ظل على الحياد مما يجري في سورية ينغمس بقوة في دائرة الصراع المميت مع سعى نظام بشار الأسد لخلط الأوراق من خلال استقطاب سكان المخيم لصالحه ودفع فصائل منهم لقتال الثوار.

كما فاقم من أزمة المخيم، التصريحات غير المسؤولة من بعض المحسوبين على القضية الفلسطينية والتي تتقاطع مع رغبة الشعب السوري في الحرية والانعتاق.

تصريحات أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين– القيادة العامة، والتي يجاهر فيها بوقوفه إلى جانب النظام السوري المتداعي تصب الزيت على النار ولا تراعي خطورة الموقف، ومن ثم كان من "ثمراتها" سقوط الكثير من الضحايا داخل المخيم فيما فر الآلاف من سكانه إلى لبنان الذي يعاني بدوره من تداعيات الأزمة.

وتعكس الاستغاثة التي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس للمجتمع الدولي لتمكين اللاجئين الهاربين من جحيم مخيم اليرموك، من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية، حقيقة المخاطر التي تحدق بأولئك الأبرياء بعد استهدافهم من قبل نظام الأسد.

إن أحداث اليرموك تمثل البداية لكارثة مقبلة ستشمل كافة المخيمات الفلسطينية التسعة الأخرى، والتي لن تنجو من ويلات هذا الصراع الدموي. ومن هنا فإن المطلوب من المجتمع الدولي، ومن الجامعة العربية على وجه الخصوص، التحرك بشكل عاجل لتوفير تدخل دولي سريع لحماية تلك المخيمات من مجازر قد تكون وشيكة مع الإرهاصات التي تلوح في الأفق بقرب انهيار نظام أقلية بشار. وفي الوقت نفسه يجب أن يترافق ذلك مع جهود مماثلة لاحتواء الوضع الإنساني المتدهور، سواء بالنسبة للاجئين الذين لا يزالون داخل تلك المخيمات أو الذين تمكنوا من الهرب إلى لبنان.

=================

مرحلة كل المخاطر عشية سقوط النظام

عبدالوهاب بدرخان *

الخميس ٢٠ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

سقوط النظام مؤكد، لكن انتصار المعارضة يحتاج الى تحصين وتأمين، إلا أن القوى الدولية لا تزال تفضل محاربة النظام بدماء السوريين. اللحظة الآن بالغة الصعوبة، فالسقوط لم يعد مجرد «رهان»، وفق توصيف الأمين العام ل «حزب الله» الذي يعتبره «رهاناً خاطئاً»، بل أصبح واقعاً مجسّداً على الأرض. لم يعد استمرار القدرة على القتل وتدمير المخابز ومحطات الوقود مؤشراً على تمتع النظام بالقوة والعافية. ولا يشكّل انحسار الدولة بوظائفها الأساسية المعهودة دليل بقاء للنظام. ولا يشير البحث الاميركي - الروسي عن سيناريو نهاية منسّقة للأزمة الى أن النظام سيكون جزءاً من المرحلة المقبلة. ولا تفسير لترحيب الرئيس الروسي بالمبادرة التركية «المبتكرة» سوى أن موسكو تبحث عن مخرج.

في هذا السياق لا يعني الظهور المفاجئ والحديث المبرمج لنائب الرئيس فاروق الشرع أن النظام محتفظ بصلابته. وهو ما ينعكس بقوله إن أياً من النظام أو المعارضة لا يمكنه حسم النزاع. فهذه معادلة يعترف بها النظام للمرة الأولى، وإنْ كان استخدمها أمام المبعوثين الدوليين للمحاججة بأن الحل يجب أن يكون سياسياً، لكن وفقاً ل «رؤيته». كان الشرع يرد على نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي صرّح بأن المعارضة «يمكن أن تنتصر»، كما ردّ عليه حسن نصرالله. هذا التقويم/ الإنذار الروسي هو ما دفع النظام الى الترخيص للشرع بالخروج الى الضوء وبتقديم نسخة منقحة ل «الحل» الذي «يجب أن يكون سورياً» لكن بصياغة جديدة عبّر عنها ب «نحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سورية، ولسنا في معركة وجود لفردٍ أو نظام». لكنّ هناك شيئاً آخر، هو أن محادثات دبلن (كلينتون - لافروف - الابراهيمي) ثم جنيف (بيرنز - بوغدانوف - الابراهيمي) تطرقت الى إحياء «سيناريو الشرع» للمرحلة الانتقالية من خلال تشكيل «حكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة»، أي العودة الى «السيناريو اليمني المعدّل» الذي كانت موسكو طرحته تسريباً منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 ثم أعاد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو طرحه تصريحاً في تشرين الأول (اكتوبر) 2012.

كان النظام أطاح هذا الاقتراح الذي شكّل أساس المبادرة العربية ثم «اتفاق جنيف»، كما بدّد سواه، اذ كان مقتنعاً بأن الحسم العسكري في متناوله. لكن يبدو أن وصول الثوار الى محيط القصر الرئاسي ومثول النهاية أمام الأنظار أجبراه على شيء من البراغماتية، فهل إن اعادة الشرع الى الواجهة بداية موافقة على «نقل السلطة»، خصوصاً أن «كل يوم يمرّ يبتعد معه الحل عسكرياً وسياسياً»، كما قال؟ لا شيء مؤكداً، فالصياغة الجديدة ل «الحل السوري» تريده «من خلال تسوية تاريخية تشمل الدول الاقليمية الأساسية والدول الأعضاء في مجلس الأمن». ماذا يعني ذلك؟ عدا أن النظام يعيد طرح نفسه لاعباً ومديراً ل «الحل»، فإنه يعتزم توظيف الشرع على نحوٍ مختلف عما تتصوّره القوى الدولية. وعدا أن الحديث عن «تسوية تاريخية» اقليمية - دولية يشير طبعاً الى اشراك ايران، فإنه لا يناقض مفهوم «الحل السوري» فحسب، بل يُراد منه فتح خرائط «سايكس – بيكو» بحثاً عن صيغة جديدة لحماية الاقليات وإرضائها.

لكن، أين «الدفاع عن وجود سورية» هنا؟ وهل خطّط الشرع أو شارك في تخطيط الدور الذي يمكن أن يُدفع اليه، وهل يستطيع رفضه اذا خالف قناعاته؟ لا معنى للدفاع عن «وجود سورية» اذا لم يكن دفاعاً عن وحدتها، والحال أن نظاماً يهجس بوحدة البلد شعباً ودولةً وأرضاً لا يمكن أن يقدم على هذا التدمير المنهجي للمدن والبلدات وللتراث والثروات، بل هو نظام ينفذ شعار «شبيحته» (الاسد أو لا أحد) أو قولهم «لن يبقى حجر على حجر»، ما يشي بأن هذا ما يفهمه النظام في شأن الإطار الاقليمي - الدولي ل «الحل»... أي أنه ينطوي على خيارين: التهديد بتصدير الأزمة اقليمياً، أو الشروع في مساومة كبرى.

ما يقلق النظام أن أحداً - ولا حتى روسيا - لا يحادثه في ما يُطبخ من سيناريوات، لذلك فإن حديث الشرع ومضمونه يفيدان بأن «رسائله» الاخرى عبر المجازر والقصف الجوي والتصعيد الجنوني، بما فيها التلويح بالسلاح الكيماوي، لم تكن مجدية، لذلك رأى أن يرفع ورقة فاروق الشرع ليقول إنه جاهز للمساومة. ومن الواضح أن هذه الخطوة جاءت منسّقة مع الحليف الايراني الذي استقبل الاعتراف الدولي ب «الائتلاف الوطني السوري» بإعلان أنه لن يسمح بإسقاط النظام السوري، ثم أوعز لنصرالله بأن يقول ما قاله الشرع، لكن بلهجة متشددة وهجومية، ما أوحى بأن «الخط السوري – الايراني» لم يقل كلمته الاخيرة اذ لا يزال لديه «سيناريو يوم القيامة» لتدمير دمشق وإيصال أهلها، كأهل حلب، الى حافة المجاعة. وقد بلغت به الحقارة حدّ قصف المخابز في حلب أو شاحنات التموين الآتية اليها، ومن ثمَّ ارسال آلاف ربطات الخبز الموسومة بصورة الاسد وشعار «منحبّك».

بالتزامن مع ذلك، عمدت طهران الى كشف تفاصيل «خطة الخروج من الأزمة» التي كانت قدّمتها الى الأخضر الابراهيمي. والأكيد أنها كشفتها بعدما أيقنت أن القوى الدولية لم تعرها أي قيمة، ولتقول أيضاً إن أي حل خارج هذه الخطة، التي تمثل وجهة نظر النظام السوري، لن يُكتب له النجاح. كانت «الخطّة» بُنيت على أساسين تخطّتهما الأحداث (وقف أعمال العنف، وحوار وطني) وأمعن النظام نفسه في إفشالهما، لأنه لا يستطيع وقف النار ويريد حواراً تحت سيطرته. وإذ يقول الشرع إن الاسد أراد أن يحسم عسكرياً قبل أن يذهب الى حل سياسي، فمن الواضح الآن أنه خسر الأمرين معاً، ولم يعد أمامه سوى خيارين: الرحيل، أو الانكفاء الى منطقته على الساحل.

تجدّد الحديث عن «الرحيل» في إطار محاولة التقارب الاميركية - الروسية للحؤول دون السقوط المفاجئ أو الانهيار السريع للنظام، وبالتالي لإعداد نهاية متفاوض عليها. لا يبدو أن «المبادرة التركية» بعيدة من هذه الهواجس، فهي تلحظ ضرورة تنحي الرئيس لتصبح المرحلة الانتقالية متاحة، والتنحي يعني هنا الرحيل، بل ان هناك مَن يهتم بوضع قائمة بما لا يقل عن خمسين عسكرياً يمكن أن يغادروا مع الاسد، وقيل إن عدداً من هؤلاء سبق لهم أن هرّبوا أموالهم كما رحّلوا عائلاتهم أو معظمها، إمّا الى لبنان أو الى الإمارات. ويعني الرحيل أيضاً خسارة فعلية للنظام ولحليفه الايراني وأن «التسوية التاريخية» وفقاً للتخطيط الايراني – الاسدي ليست واردة، على رغم أن القوى الدولية ترغب في ايجاد أي وسيلة متفق عليها لضمان عدم التعرّض للأقليات وبالأخص العلوية.

قد تكون الورقة الأخيرة في يد النظام أن ينكفئ مع «شبّيحته» الى الساحل، على أن يستبقه بالحصول على ضمانات دولية ل «الكيان العلوي» الذي بات يطمح الى جعله «موطن الأقليات» الموصول جغرافياً بلبنان. ومن أجل تلك الضمانات قد يعمد الى تأجيج المواجهات الطائفية في سورية كما في لبنان، ما يوجب إقحام «حزب الله» أكثر فأكثر في القتال. ويبدو «الكيان العلوي» كذلك ورقة أخيرة لإيران لتفادي خسارة كاملة في سورية، قد تتبعها استطراداً خسارة في لبنان. الأسابيع المقبلة حتى آذار (مارس) ستكون بلا شك مرحلة كل المخاطر في سورية.

=================

مخيم اليرموك .. النكبة الثانية * عريب الرنتاوي

الدستور

20-12-2012

وفقاً للمعلومات المحدثة العام 2011، فقد بلغ عدد سكان مخيم اليرموك 680 ألفا، نزح معظمهم إلى خارج المخيم..مخيم خان الشيح الصغير وحده، استقبل ثلاثة عشر ألف عائلة، وكذا الحال بالنسبة لبقية المخيمات الفلسطينية والتجمعات الشعبية السورية، فضلاً عن عشرات الألوف الذي لجأوا إلى لبنان، وعشرات أخرى منهم لجأت للأردن.

في قراءة لما يحصل من عدوان على المخيم، ثمة وجهتي نظر رائجتين...الأولى، وتتبناها أقلية من الفصائل والشخصيات والمثقفين الفلسطينيين، وترى أن المخيم كان عرضة لعدوان من المعارضات المسلحة التي سعت في السيطرة على المخيم لضمان التواصل الجغرافي بيد التقدم والحجر الأسود ويلدا وحي التضامن، ليكون بذلك “خاصرة” دمشق الضعيفة.

ووجهة النظر الثانية، وتدعمها الفصائل الرئيسة وكثرة كاثرة من الفلسطينيين، وتُحمل مسؤولية ما تعرض ويتعرض له المخيم للنظام، الذي أراد بإدخاله المخيم في أتون الحرب الأهلية السورية، الدفع بكرة النار الفلسطينية إلى الملعب الأردني واللبناني، من ضمن استراتيجية تقول: الاستقرار في سوريا استقرار للمنطقة، والخراب في سوريا خراب على المنطقة.

أين الحقيقة فيما يجري في المخيم؟

لا شك أن سياسة “النأي بالمخيم”، لم تقع بصورة طيبة على مسامع الطرفين المصطرعين في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، النظام أراد للمخيم أن يكون “خندقاً” متقدماً في معركة الدفاع عن وجوده..والمعارضة أرادت للمخيم أن ينضم إلى صفوفها، وأن يتقدم لائحة “الضحايا” لاستدراج العطف والتأييد العربي والإسلامي والدولي، وقد جرّب الفريقان على مدى العامين الفائتين، الزج بالمخيم في أتون المواجهة، وقد نجحا أخيراً.

سياسة النأي بالمخيم، لا تعني أن الفلسطينيين فيه، يقفون “سياسياً وضميرياً” على الحياد في هذه المعركة..معظم الفصائل الفلسطينية لا تبدي وداً ظاهراً حيال النظام القائم في دمشق...فتح دفعت أثماناً باهظة في معركتها للحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني في مواجهة محاولات الهيمنة السورية..حماس تبدي تعاطفاً مع المعارضة المسلحة، سيما الإسلامية منها...بقية الفصائل وعموم اللاجئين، يختزنون ذاكرة مؤلمة من المعارك والمواجهات مع النظام، في سوريا وبالأخص على الأرض اللبنانية.

ثمة فئة قليلة من الفصائل والشخصيات المرتبطة وجودياً بالنظام السوري، وضعت نفسها في يد النظام وأجهزته، وأحالت نفسها إلى كتيبة من “كتائب الشبيحة”..هذه الفئة التي تحيط مواقفها بهالة من الحديث عن “المقاومة والممانعة”، تدافع عن ارتباطاتها وتسدد فواتيرها، لنظام لطالما استخدمها في حروبه ضد المنظمة والحركة الوطنية، من التدخل السوري في لبنان العام 1976 إلى معركة القرار المستقل في العام 1983، وصولاً إلى حروب المخيمات في بيروت بعد ذلك.

المخيم ليس على “عهد الولاء” للنظام السوري، هو على عهد الولاء والحب والامتنان للشعب السوري، الذي أظهر من التسامح والوفاء والدعم للشعب الفلسطيني، ما لا يمكن أن يُمحى من الذاكرة الجمعية للفلسطينيين.

مخيم اليرموك يعيش هذه الأيام، نكبة ثانية..مظاهر التشرد واللجوء والقتل الجماعي والتدمير المنهجي، تستدعي الإدانة والاستنكار...ومسؤولية النظام عن هذه الجريمة، ليست خافية إلا على كل أعمى وبصير ومتواطئ، ومن دون أن نعفي بعض الجماعات المسلحة من المسؤولية عن استدراج المخيم، وتعريض حيوات أبنائه وبناته للخطر.

لكن من قامر بحياة أكثر من أربعين ألف سوري، ومن دمر المدن والقرى، ومن مارس القتل الجماعي والعشوائي، ومن قارف جرائم الحرب بشهادة المنظمات الدولية، من هانت عليه أرواح أبناء وبنات شعبه، لن يضيره كثيراً التحاق مخيم اليرموك ب”مدن الحرب العالمية الثانية” المنكوبة في سوريا...ولن يزعجه التحاق بضع مئات من الفلسطينيين بعشرات ألوف الشهداء من السوريين...إنها الحرب الأهلية الضروس، لا تبقي ولا تذر، ولن ينجو منها مواطن أو مُقيم.

=================

سوريا على عتبات «عام الحسم»

* كتب محرر الشؤون العربية

الدستور

20-12-2012

يتجه إجماع المراقبين للأزمة السورية على القول إن العام 2013 هو عام الحسم، لا بل أن بعضهم، أو كثيرا منهم، يرى أن الأشهر الستة الأولى، ربما تكون حافلة بالتغيرات الجذرية والتطورات الدراماتيكية، التي ستنقل الأزمة السورية من طور إلى طور، معتمدين في ذلك على احتدام حدة المعارك والمواجهات في مختلف المدن الرئيسة، ونجاح المعارضة بفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من سوريا، وتساقط العديد من قواعد النظام ومعسكراته الاستراتيجية في أيدي خصومه المسلحين.

عسكرياً، لا يبدو أن ثمة نهاية وشيكة للأزمة..إذ بالرغم من تقدم المعارضة المسلحة، وسيطرتها على معظم الشمال والشمال الشرقي، وأجزاء واسعة من ريف دمشق وغوطتها، ومناطق تزداد اتساعاً في جنوب البلاد، إلا أن النظام ما زال يبدي قدراً كبيراً من «التماسك» و»الصمود»، وهو ما زال يحتفظ بقوات عسكرية ضاربة، لم تمسسها رياح الانشقاقات الواسعة و»النوعية» حتى الآن على الأقل.

وما لم يطرأ ما ليس في الحسبان، كأن تنقلب وحدات رئيسة من الجيش والأجهزة الأمنية على النظام، في ضوء فشله بإنجاز «الحسم العسكري»، وإخفاقه بإطلاق حل سياسي..ما لم تتطور «الشكوى» و»التذمر» والتململ» في أوساط النظام، إلى عمل دراماتيكي مفاجئ، فإن قدرة النظام على مواصلة القتال، ترجح احتمال امتداد المعارك لمناطق أوسع ومدى زمني أطول.

لكن هناك من يراهن على إصرار بعض العرب والغرب، على إمداد المعارضة بمزيد من الأسلحة النوعية، خصوصاً المضادة منها للطائرات والدروع، ما قد يعجل بحسم المواجهة عسكريا..وهو أمر لن تتضح ملامحه وحدوده، قبل تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة مقاليد الولاية الثانية لباراك أوباما، وقبل أن يتوافر الإجماع الأوروبي على ضرورة رفع الحظر عن توريد السلاح للمعارضة السورية، والمتوقع في شهر شباط / فبراير القادم.

ووفقاً لمصادر سورية معارضة مطلعة ل»الدستور»، فإن النظام السوري ما زال مصمماً على خوض «معركة دمشق» حتى النهاية، وبأقصى ما يمتلك من طاقة على القتال، ومن دون استثناء لمختلف صنوف الأسلحة التي يمتلك، باعتبار أن المعركة على دمشق، هي التي ستقرر ما إذا كان عهد حكم آل الأسد لسوريا، قد انتهى، أم أن الوقت قد حان للرحيل، إذا ما بقي هناك متسعٌ للرحيل.

وتنقل هذه المصادر عن أوساط النظام، أنه بدأ يعدّ العدّة لتنفيذ «الخطة ب» للدفاع عن وجوده، بخاصة عن وجود «الطائفة العلوية» وبعض حلفائها من مختلف المكونات السورية..حيث تشير المعلومات إلى نجاح النظام بنقل نخبة من أفضل وحداته تسلحياً وتدريباً وتجهيراً إلى منطقة «الجبل والساحل»، كما أن النظام، وبالتعاون مع حلفائه الإقليميين، نجح بتشكيل وحدات «شبه عسكرية» مسلحة ومدربة جيداً، للدفاع عن هذه المناطق، ما يعني في حال حصوله، انتقال الحرب الأهلية في سوريا، من حرب مفتوحة في مختلف المناطق، إلى حرب «الكانتونات الطائفية والمذهبية»، حيث يتولى كل مكون الدفاع عن وجوده ومصيره.

وتقول المصادر، إن ما يدفع النظام للتفكير ب»الخطة ب»، ليس الضغوط العسكرية التي تتعرض له وحداته المقاتلة فحسب، بل اشتداد ضائقته المالية والاقتصادية، واقتراب الدولة السورية في ظل منظومة العقوبات المغلطة التي تخضع لها، لإشهار حالة الإفلاس..مثل هذا الوضع، تقول المصادر، يدفع بالنظام للانكفاء على بعض المناطق ومحاولة الدفاع عنها والاحتفاظ بسيطرته عليها، في ظل التناقص الجسيم بموارده وإمكانياته.

وثمة إجماع آخر بين المراقبين والمحللين حول فرضية «أن الفصول الأسوأ والأكثر دموية في الأزمة السورية» ما زالت أمامنا وبانتظارنا...ويعتقد معظم هؤلاء أن الأزمة إن ظلت على مسارها التصاعدي والتصعيدي الحالي، ستحصد من أرواح السوريين، أكثر ما حصدت حتى الآن، وستتسبب بخراب وتدمير، ما يزيد عمّا تكبدته سوريا حتى الآن، فضلا بالطبع عن تنامي احتمالات انهيار الدولة وتفكك مؤسساتها العسكرية والأمنية والإدراية والبيروقراطية، وتدمير بناها التحتية والخدمية.

مثل هذه «السيناريوهات المرعبة»، تدفع بالدبلوماسية إلى «سباق محموم» مع خيارات الحل والحسم العسكريين...حيث شهدت الأيام الأخيرة انطلاق سلسلة مبادرات عن تستعجل جميعها «الحل السياسي» وتسعى الى تدارك ما يمكن تدراكه، قبل حلول الطامة الكبرى.

المصادر التي تحدثت إليها «الدستور»، قالت إن ثمة قناعة حتى لدى أنصار الرئيس الأسد وداعميه الإقليميين والدوليين، بأن سوريا دخلت «مرحلة ما بعد الأسد»...وأن ما يجري الآن من مفاوضات متعددة الأطراف والمسارات، وفي غير عاصمة ومدينة، يستهدف من جهة تعجيل الانتقال السياسي لسوريا إلى مرحلة جديدة، ومنع انزلاقها إلى «المنازلة الكبرى» أو «أم المعارك في دمشق»، كما أنها تستهدف من جهة ثانية، تأمين مصالح الفرقاء واللاعبين الإقليميين في سوريا ما بعد الأسد.

المصادر تنقل عن أوساط إيرانية، استعداد طهران للبحث في مرحلة ما بعد الأسد، لكنها - أي إيران - لم تسلم بعد بتغيير النظام، وإن كانت على استعداد للتفكير بتغيير «رأسه»..وهي لذلك تسعى لحفظ مصالحها في سوريا، ومن خلالها في لبنان والمشرق برمته.

أما تركيا التي حرقت سفنها مبكراً مع النظام السوري، و»استثمرت» كثيراً في المعارضة السورية، السياسية والمسلحة، مجازفة بانقسامها الداخلي وما يمكن ان يرتد عليها من نتائج وتداعيات «عسكرة» الصراع في سوريا وعليها.. ستدعم بكل قوة، تسريع مرحلة الانتقال، شريطة أن تقود هذه المرحلة الفصائل المنضوية في إطار «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة»، وبشكل خاص، جماعة الإخوان المسلمين..وهي في هذا المسعى، تلتقي إلى حد كبير مع التوجهات القطرية.

لكن السعودية التي لا تحفظ كثيرا من الود للإخوان -بحسب المصادر- تسعى الى توسيع دائرة القوى المشاركة بإدارة مرحلة الانتقال في سوريا، لتضم إليها قوى منشقة عن النظام، تماماً مثلما فعلت في مصر، حيث دعمت الرياض، بخلاف الدوحة، التيارات المناهضة للإخوان المسلمين، سياسياً ومعنوياً على الأقل.

وهنا يسجل المراقبون بوادر تشكل ائتلافات جديدة في المنطقة، بفعل الأزمة السورية وعلى هامشها، حيث يظهر محور قطري - تركي مصري (الرئاسة)- إخواني، مقابل محور آخر، أكثر تخوفاً الإخوان المسلمين وتوجهاتهم، متملاُ في: السعودية والإمارات والأردن إلى حد ما.

لكن، في الوقت الذي يتابع فيه المراقبون باهتمام، حراك المواقف والمواقع والتحالفات في الإقليم، فإن أنظارهم تتجه بشكل مركز إلى ما يمكن أن يسفر عن مفاوضات دبلن وجنيف بين الروس والأمريكان، في محاولة لرصد فرص بناء توافق بين العملاقين حول سبل الخروج من الأزمة السورية..وهنا تقول المصادر الدبلوماسية المطلعة ل»الدستور» إن ثمة تقدما كبيرا قد طرأ على طريق بناء تلك التفاهمات، لكن فجوات المواقف والمصالح ما زالت تمنع «إتمام الصفقة الشاملة».

وفي التفاصيل، تقول المصادر، إن موسكو التي بدأت تشعر بوطأة «حملها الثقيل» للرئيس الأسد، باتت على أتم الاستعداد للبحث في «انتقال سياسي» لسوريا من دونه، وما «لعبة إعلان الموقف ونفيه» سوى جزء من عملية «المراجعة» و»التهيئة» التي تجريها موسكو لمقاربتها للملف السوري..لكن روسيا، والكلام للمصادر، تبدو مهتمة أكثر بترتيبات مرحلة الانتقال السياسي، من نوع: ما نوع الحكومة الانتقالية التي سيجرى تشكيلها، وهل ستضم أركاناً من النظام، وبأي نسبة، ومن المعارضة التي ستشارك في الحكومة، وماذا عن دور معارضات الداخل: هيئة التنسيق، المنبر الديمقراطي، تيار بناء الدولة، المجلس الوطني الكردي في مثل هذه المرحلة...ماذا عن القوى الأصولية والجهادية، وكيف سيجرى التعامل معها، ومن يملك قرار استمرار المعارك أو وقف العنف من جانب المعارضة؟!

في المقابل، تشعر واشنطن، أن المعارضة التي تخضع على نحو متزايد، خصوصاً المسلحة منها، لنفوذ تنظيمات قريبة من القاعدة ومحسوبة عليها، باتت عبئاً على الولايات المتحدة، وتهديداً لأمنها ومصالحها..وهي لذلك توافق موسكو على الحاجة لمنع انهيار الدولة والجيش في سوريا، بيد أن تضع تنحي الأسد والدائرة القريبة منه، في صدارة أولوياتها، بل ونقطة البدء في مفاوضاتها مع الروسي.

ولقد تركت للإبراهيمي وفقاً للمصادر، مهمة تجسير الفجوات في المواقف والمصالح بين اللاعبين الإقليميين والدوليين، وهو بدأ جولة جديدة في المنطقة، من القاهرة، بتفويض روسي أمريكي فضفاض، قابل للتغيير والتبديل والتحريك، في ضوء النتائج المترتبة على المعارك الدائرة في دمشق على وجه التحديد، وهي المعارك التي سيتقرر بنتيجها، شكل «التسوية التاريخية» التي تحدث عنها نائب رئيس الجمهورية السورية فاروق الشرع في مقابلة مع «الأخبار» اللبنانية مؤخراً.

وفي المعلومات التي تكشف عن مصادر سورية مطلعة، فإن الإبراهيمي يحمل مبادرة تبدأ بوقف العنف ونشر قوات حفظ سلام دولية، وقد بدأت المفاوضات في جنيف لتشكيل هذه القوات التي من المتوقع أن يصل عددها إلى عشرة آلاف جندي وضابط، وبمشاركة عشرين دولة منخرطة في مهام حفظ السلام..كما تشتمل خطة الإبراهيمي، على تشكيل حكومة انتقالية مختلطة من النظام (غير الملوثة أيديهم بدماء السوريين» والمعارضة، تشرع بتنفيذ سلسلة من إجراءات بناء الثقة، وتقود مرحلة الانتقال..على ان تصدر كل هذه المواقف، في حال التواقف عليها، بقرار عن مجلس الأمن الدولي.

لكن مهمة الإبراهيمي ترتطم بعدة عوائق وعقبات، قد تطيح به، منها على سبيل المثال والحصر: تحفظ القوى المقاتلة الرئيسة في المعارضة على مهمته، بل ورفضها لها..إصرار الأسد على البقاء في منصبه، ومماطلته (حتى الآن) في قبول التخلي عن كل صلاحياته لحكومة الانتقال..وجود موانع في مواقف بعض العواصم العربية والإقليمية، التي لا تقبل بأقل من إسقاط النظام والإطاحة بالأسد وحسم المسألة جذرياً (اقرأ عسكرياً) في سوريا.

ولا تستبعد مصادر سورية مطلعة، أن يقدم النظام في لحظة يأس من كسب معركة دمشق، على استخدام أسلحته الكيماوية، بل وتكشف المصادر عن أن «نقاشاً» قد حصل في دائرة صنع القرار الضيقة في دمشق حول هذه المسألة، وترك القرار بشأنها بيد الرئيس شخصياً، بعد أن مال «صقور النظام» إلى المطالبة باستخدامها، مع إبداء الاستعداد لتحمل المسؤولية الجنائية عنها...لكن الأمر لم يحسم بعد.

وتؤكد المصادر، أن لجوء النظام لاستخدام تلك الأسلحة -وإن على نطاق محدود- سيعجل الحسم العسكري ويستدعي التدخل الدولي الفوري، ما قد يدخل الأزمة السورية، في طور جديد مختلف كلياً.

هو إذن ٍسباق المسافات الطويلة» والدامية، بين الحسم العسكري والحل السياسي..وهو سبق بين مبادرات إقليمية ودولية، لا تملك غالبيتها العظمى الفرصة للنجاح والتقدم، وتسعى في معظمها لفظ مصالح الدول والأطراف التي تتقدم بها...فيما «بصيص الأمل» المتبقي، ما زال معقوداً على حركة الإبراهيمي ومبادرته، التي ستبقى رهن توصل واشنطن وموسكو لاتفاق بشأنها، وهو الاتفاق الذي تتعزز فرصه يوماً إثر آخر، إلا أنه لم ينضج بعد.

=================

مخيم اليرموك أسقط ورقة التوت ألأخيرة

د. خليل قطاطو

2012-12-19

القدس العربي

هل فاجأ قصف النظام السوري لمخيم اليرموك أحدا؟ أنا لا أعتقد ذلك، فقد قصفه سابقا بقذائف الهاون والمورتر والآن بطائرات الميغ المقاتلة، ما الفرق؟. قصف أيضا مرارا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في اللاذقية ودرعا من قبل. قتل النظام حتى الآن ما يزيد عن 750 فلسطينيا أبان الثورة السورية التي أشتعلت قبل ما يزيد عن السنة والنصف منذ منتصف اذار 2011.

قتل النظام السوري أكثر من أربعين ألفا من السوريين، شبابا وشيوخا ونساءا وأطفالا ويصفهم جميعا بالعصابات الارهابية المسلحة، فهل يتورع من نّكل بشعبه من أن ينكل بضيوفه كما يسميهم؟.

طال القصف مستشفى ومدرسة ومسجد عبد القادر الحسيني فاختلط دم اللاجئين الفلسطينيين بدم النازحين السوريين الى المخيم. كانوا جميعا ينتظرون العودة، هؤلاء الى صفد وبيسان وحيفا ،واولئك الى المزة وداريا والقابون، صعدوا الى السماء بفعل طائرات الميغ التي يفترض ان تكون مهمتها حمايتهم، لا قتلهم.

توحد الفلسطينيون على اختلاف مشاربهم السياسية والعقائدية في رفض سفك الدم، لا فرق ان كان فلسطينيا أوسوريا من قبل هذا النظام، ما عدا احمد جبريل ومئات حوله نربأ عن تسميتهم بالفلسطينيين ممن باعوا شعبهم وتنكروا لأهل الشام الذين استضافوهم واصطفوا الى جانب النظام، باعوا ضمائرهم من أجل الآف (أو ملايين) الليرات التي أغدقها النظام عليهم ولا يزال.

هل ينسى أحد كيف دكت مدافع الدبابات السورية بيوت مخيم تل الزعتر، وكيف غرر النظام السوري بفتية من مخيم عين البارد وزج بهم في معركة انتهت بتدمير المخيم بأكمله على يد قوات الجيش اللبناني؟. وغير بعيد لعب بعواطف ومشاعر شبان فلسطينيين ودفعهم الى الجولان (في ذكرى النكبة) لتقتلهم اسرائيل، وجيش الأسد لا يحرك ساكنا ويستمتع بالمشاهد الدرامية بأمر من قياداته التي لا تعرف من فعل الحرب سوى الخطابات النارية البليغة عبر ميكروفونات اذاعة وتلفزيونات دمشق الرسمية، اما مدافع دبابات الجيش العربي السوري فقد فقدت فعل النطق منذ حرب تشرين، اما طائرات الميغ فقد اختبأت في أوكارها منذ ذلك التاريخ ولم تجرب قدراتها القتالية الا ضد المدن والقرى السورية التي ثارت ضد قمع النظام وفساده واجرامه.

هل سقطت ورقة التوت الآن عن سوأة النظام السوري، أم هل سيستمر في مواصلة البث في اذاننا مسلسله السمج في التغني بالمقاومة والممانعة من اجل فلسطين؟. سيستمر وسيبررفعلته النكراء بأنه كان يقصف العصابات المسلحة لا أهل المخيم الآمنين. وهكذا فوكالات الأنباء والصوركلها ملفقة للنيل من هذا النظام المقاوم. لن يكل أو يمل هذا النظام من ترديد هذه الاسطوانة المشروخة حتى لحظات لفظ أنفاسه ألأخيرة التي لم تعد بعيدة، انه يترنح الآن.

الملفت للنظر ان أمين حزب الله لم يقل كلمة واحدة بحق شهداء مخيم اليرموك بل خرج علينا يؤكد ان النظام صامد والمعارضة لن تكون قادرة على الحسم، أنها أمنيات، كل المؤشرات تدل على أن النظام يخسر على الارض في كل المحافظات، حتى دمشق وريفها. انه يعتمد على القوة الجوية التي بدأت قدراتها بالتضاؤل أيضا مع امتلاك الجيش الحر لمضادات الطائرات الآن.

كتبت في مارس من السنة الماضية ان النظام السوري زائل لا محالة، رأها البعض نبوءة متسرعة وهي ليست كذلك أبدا. صحيح ان النظام لم يسقط بعد رغم مرورعام واحد عشر شهرا من الثورة ولكن الثورة لم تخب بل زادت اشتعالا. لم يكن لهذا النظام ان يستمرالا بالدعم غير المحدود من روسيا والصين وايران في كل جرائمه ومجازره، ولكن متى كانت هذه الدول (او غيرها) قادرة على اخماد ثورات الشعوب التي تضحي من اجل حرياتها اذا تركت سقف التضحيات مفتوحا؟.

زين العابدين فر، مبارك يقبع خلف القضبان، القذافي قتل شر قتلة، وصالح نفي، وبشار ألأسد (والداعمين له) ما زال يعتقد أنه مختلف (وكذلك الأنظمة الباقية في المنطقة) هذا اليقين لا تبرره مجريات التاريخ، او لم يروا ما حل بامم من قبلهم؟ الاتحاد السوفييتي الذي تبعثر قطعا، واوروبا الشرقية، وأمريكا الجنوبية لهم فيهم مثل من القرون السابقة. هل يعيش الاسد (ومن تبقى من الحكام) خارج التاريخ، غارقين في الأوهام وعالم خاص جدا من الهلوسة والتخبط، مغيبين عن الواقع الجلي امامهم؟. نعم النظام السوري زائل، لن نقول ان ايامه معدودة، فلتكن اسابيعا أو أشهرا، لا يهم، ولكنه في يقيني زائل

=================

بعد سقوط الاسد!

صحف عبرية

2012-12-19

القدس العربي

ان السقوط المحتمل القريب لسيد سوريا بشار الاسد لن يجعلنا نسارع الى الصيدلية القريبة لنشتري مناديل ورقية لمسح الدموع. بل ان من المحتمل جدا ان ننضم في اليوم نفسه الى من يهنئون بقولهم 'الحمد لله أن خلّصنا'. أما دموعنا فنحتفظ بها لفرص أصوب.

ان السقوط شبه المؤكد للطاغية السوري أثار من المرابض كل اولئك الذين عارضوا في الماضي السلام مع سوريا تقريبا. 'أنتم ترون'، قالوا في احتفال، 'ماذا كان سيحدث الآن لو كنا بعد اعادة الجولان الى السوريين؟'.

ماذا كان سيحدث؟ لا يعرف التاريخ كلمة 'لو'، فلا توجد 'لو' في التاريخ. ومع الفرح بسقوط الاسد المتوقع، من يضمن لنا ان يكون ورثته من محبي صهيون؟ لا يوجد شك تقريبا في ان أعداء الغد في سوريا سيكونون أقسى على اسرائيل من الأعداء في الحاضر.

والى ذلك اليكم مادة ساخنة للناس الذين يرون السلام مع العرب مصدر كل شر في هذه المنطقة من العالم: ان دولة اسرائيل اليوم، ونؤكد اليوم، أكثر قلقا مما يجري في دول جارة عقدنا معها سلاما هي مصر والاردن، فالشر قد ينشأ من الجنوب ومن الشرق. وفي مقابل ذلك فان الحدود مع سوريا، وحدود لبنان ايضا في السنوات الستة الأخيرة تقطر هدوءا وسكينة. في نظرة من هضبة الجولان ومن المناطق الشمالية الى ما يجري في سوريا يمكن ان نقول انه قد تنتظرنا مزايا في كل واحدة من الاحوال المحتملة التالية في سوريا:

أ- تحطيم المحور الراديكالي: لو ان اريك شارون استيقظ أمس مثلا من رُقاده العميق، فمن شبه المؤكد انه كان سيقول في استخفاف وتهكم: ان العرب يقتل بعضهم بعضا مرة اخرى، لكنهم هذه المرة لا يتهمون اليهود. ما تزال ذكرى المذبحة التي نفذها المسيحيون في الفلسطينيين في لبنان تسِم ذاكرة كثيرين. ان سقوط سوريا في أيدي جماعات من المتمردين أكثرها أو كلها سنية يتوقع ان ينقض عُرى 'محور الشر' الراديكالي. وقد كان هذا حلم أجيال عند دولة اسرائيل والجيش الاسرائيلي الذي كان مستعدا لأن يقتل ويُقتل من اجل ذلك. هل سينضم السنيون الى محور جديد كهذا؟ يبدو انه لا يوجد حتى أدنى قدر من الاحتمال فلهم حساب طويل مفتوح مع ايران ومع حزب الله، فهذه اذا نقطة متوقعة لمصلحتنا نحن الاسرائيليين.

ب- يبقى الاسد في الحكم: اذا حدث هذا فمن المتوقع ان يصبح الاسد حاكما متعثرا وضعيفا فقد من قوته. وسيضعف الجيش والسلطة كذلك ومن يكون عنده في هذه الحال 'دماغ' لتناول شؤون اسرائيل وفلسطين ايضا؟ وهاتان نقطتان لمصلحتنا.

ج- يستمر التعادل: يستمر الطرفان الصقران في سوريا على معاركهما التي لا تنتهي من اجل حشد التأييد ويسفك في الاثناء بعضهما دم بعض. وفي هذه الحال لا يكون عند أحد في سوريا 'دماغ' حتى للنظر صوب اسرائيل. وهذه ثلاث لمصلحتنا.

د- تنتقض سوريا باعتبارها دولة: يمكن اليوم ايضا ان نلاحظ عدة دول تحت سقف سوري واحد للسنيين والعلويين والاكراد والدروز فجميعهم يريدون العيش في اطارهم، ويمكن بيقين ان ينشئوا دولا منفصلة. وتكون خمس دول أو ست تكون لها حدود مشتركة بعضها مع بعض. واليكم سيناريو قد يكون خياليا: مع تقسيم سوريا الداخلي الى دول صغيرة وإقرار حدود بينها ينتهي فعل اتفاق سايكس بيكو وتبرز حدود استقر الرأي عليها في مطلع القرن الماضي. وفي هذه الحال 'تتحطم' حدود 1967 ايضا التي قدسناها. ويمكن في تفاوض في المستقبل اذا ان نتباحث في حدود جديدة. وهذه أربع لمصلحتنا.

ه - ادارة سنية في دمشق: قد تُحدث 'صداعا' في عداوتها لاسرائيل لكن لما كان يبدو أنها ستقوم على سنيين علمانيين، فيمكن ان يطوروا ابتعادا عن القاعدة وتوابعها. وهذه الادارة مع 'ذهن مفتوح' تصرف معظم انتباهها الى الوضع الاقتصادي السيء في سوريا وتبحث عن صلة وعلاقة بالغرب الزاهر. وهنا ينتظرها الاسرائيليون الذين سيعرضون على السوريين مع الولايات المتحدة صيغة نتنياهو التالية: 'اذا أعطوا فسيأخذون'. وماذا يُعطون؟ وكيف ولمن؟ لننتظر ونرى، وهذه خمس لمصلحتنا.

قد تحترق كل هذه الاحتمالات ويرتفع الدخان الى السماء اذا حدث شيء لا نتوقعه الآن. ونخشى ان نحتاج آنذاك لا سمح الله الى جبال من 'المناديل الورقية'.

 

ايتان هابر

يديعوت 19/12/2012

 

=================

قصف مخيم اليرموك في دمشق

رأي القدس

2012-12-19

القدس العربي

 

تعود قضية اللاجئين الفلسطينيين لتتصدرالعناوين الرئيسية في نشرات الأخبار والصحف بعد القصف الجوي المستمر الذي تعرض له مخيم اليرموك في أطراف دمشق العاصمة من قبل طائرات النظام التي تحاول جاهدة منع قوات المعارضة المسلحة من التقدم باتجاه قلب العاصمة.

ومن المفارقة ان نواة العمل الفلسطيني المسلح انطلقت من هذا المخيم على وجه الخصوص، وبهدف عودة الفلسطينيين الى اراضيهم التي أبعدهم اليهود منها عام 1948، بعد الهزيمة الكبرى للجيوش العربية امام العصابات اليهودية المسلحة المدعومة من الغرب.

طرفا الازمة في سورية مارسا ضغوطا كبيرة على الفلسطينيين للانخراط في المواجهات، الامر الذي احدث انقساما كبيرا في صفوفهم، ولكن الغالبية العظمى فضلت الوقوف في الوسط الرمادي.

لا توجد احصاءات دقيقة حول اعداد الشهداء الذين سقطوا من جراء هذا القصف الوحشي، سواء من الفلسطينيين او اشقائهم السوريين الذين لجأوا الى المخيم وشاركوا اشقاءهم لقمة العيش والحرمان، ولكن من المؤكد انهم بالعشرات وربما المئات.

صواريخ الطائرات المغيرة وقذائفها لا تفرق بين فلسطيني او سوري، مقاتل اومحايد، فالموت والدمار هما العنوان الرئيسي للحرب المستمرة حاليا في سورية التي تقترب من عامها الثاني، ووصل عدد الشهداء فيها حوالي 45 الف انسان، علاوة على تشريد الملايين داخل سورية وخارجها.

انها ليست المرة الاولى التي يجد فيها اللاجئون الفلسطينيون انفسهم في مثل هذا الموقف الخطر، ولن تكون الاخيرة، فقد عايشوا المشهد نفسه في العراق، وفي لبنان، وفي ليبيا عندما زج بهم نظامها السابق الى العراء قرب الحدود مع مصر.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب الامين العام للامم المتحدة بعودة اللاجئين في سورية الى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وهو طلب مشروع، ولكنه ليس الحل العادل، الحل العادل في رأينا، اذا كان هناك عدل في النظام الدولي الاكثر توحشا من القصف السوري، هو في عودة هؤلاء الى يافا وحيفا وعكا وصفد وكل المدن والقرى التي طردوا منها.

محنة الفلسطينيين في سورية او غيرها من الدول العربية تعيد التأكيد على حق العودة، وضرورة بل حتمية تطبيقه بكل الطرق والوسائل، فمن العار على المجتمع الدولي ان يظل هؤلاء يواجهون القتل والتشريد بين الحين والاخر.

صحيح ان محنة التشريد قد طالت ملايين السوريين، ومن قبلها ملايين العراقيين والكويتيين واللبنانيين والليبيين، ولكن الصحيح ايضا ان جميع هؤلاء اللاجئين ظلت معاناتهم مؤقتة، وسرعان ما عادوا او معظمهم الى بلدانهم، واستأنفوا حياتهم الطبيعية، الا اللاجىء الفلسطيني الذي انتقل من لجوء الى آخر، ومن معاناة الى اخرى، بل ان بعضهم وصل الى البرازيل وايسلندا عندما ضاقت بعض الدول العربية بهم، ورفضت فتح ابوابها امامهم.

اسرائيل التي قامت على حساب تشريد ملايين الفلسطينيين تفتح ابوابها لمئات الالاف من اليهود القادمين من اوطانهم في الغرب والشرق للاستيطان في فلسطين لاسباب سياسية وليس من منطلقات انسانية، بينما ممنوع على الفلسطيني الذي يتعرض للموت من العودة الى وطنه ومسقط رأس والديه واهله.

قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الامم المتحدة، يجب ان تعود الى قمة اولويات الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير وحركات المقاومة الفلسطينية مجددا، في اطار ميثاق وطني فلسطيني جديد يجدد مبادىء واحكام الميثاق السابق الذي تعرض للتعديل والتشويه، ودون ان يحصل الفلسطينيون جراء هذه الخديعة غير المزيد من القتل والدمار والمستوطنات.

 

=================

الانسحاب الأميركي من المياه السورية

د. موسى الكيلاني

الرأي الاردنية

20-12-2012

حقيقتان أساسيتان تكشفان الى اين تتجه بوصلة الاحداث في سوريا، الاولى هي الانسحاب قبل ايام لحاملة الطائرات الاميركية ايزنهاور من المياه الإقليمية السورية وهي التي لم يمض على رسوها هناك سوى ثلاثة اسابيع، ومعها البارجة الحربية البرمائية «ايو جيما» وعلى متن البارجتين الفان من المقاتلين، وتعزز قدراتهم التدميرية 32 طائرة مقاتلة وصواريخ كروز وشبكة من الدرع الراداري من الصواريخ التي تصطاد أي طائرة او قذيفة قبل ان تصل الى هدفها.

ولكن ما غير الخارطة السياسية تفاهمات عميقة نتجت عن اجتماعات دبلن بين وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.

ومن تلك التفاهمات أن الرئيس اوباما لن يضحي بجنود أميركا في حرب شرق أوسطية ثالثة بعد ما خسرته واشنطن في العراق وأفغانستان من القوى البشرية ومن العتاد والأموال والتي أدت، كما اعترفت الواشنطن بوست، إلى الأزمة المالية الحالية في أميركا وأوروبا.

وقد تزامن الانسحاب الأميركي من المياه الإقليمية السورية مع وصول بارجتين روسيتين إلى ميناء طرطوس ومعهما شحنات جديدة من طائرات الهليكوبتر,

والصواريخ والذخيرة لتعويض الجيش السوري عما فقده خلال الثمانية عشر شهراً الماضية.

وقد اعرب عدد من المحللين الروس عن سعادتهم لرؤية من يقوم عنهم باستئصال تنظيمات القاعدة وكتائب جبهة النصرة التي تعتمد في بعض كوادرها على سلفيين الاسلاميين ممن قاتلوا الروس في بلاد الشيشان، واقاموا لهم قواعد وخلايا نائمة في عدد من الجمهوريات الاسلامية السوفيتية سابقاً ويشكلون خطراً قادماً لا محالة.

فقد اصبحت سوريا مصيدة للسلفيين الجهاديين حيث يتم تجميعهم وتتولى قوات العلويين القضاء عليهم علماً بأن الجيش السوري يضم مائة الف جندي علوي وثلاثين الفاً من الضباط.

كما تبين ان الدهاء الشامي المشهور قد خدع اميركا واسرائيل بعد ان تبين حجم ترسانة الاسد من الاسلحة الكيماوية يعادل ثلاثة اضعاف التقديرات الاستخباراتية، وان المواقع الاحد عشر التي رصدتها الاقمار الصناعية التجسسية الاوروبية والقمر الصناعي الاسرائيلي «افق» نظراً لتخزينها غاز السارين والخردل ليست كل ما يملك السوريون، بل ان صوارخ «سكود» التي وصلت الى قرى محاذية لتركيا كانت مفاجأة استراتيجية للجميع من حيث موقع انطلاقها ومبررات استخدامها، فهي جزء من مجموعات جرى تعديلها لتحمل رؤوسا حربية مثقلة بالكيماوي الفتاك من غاز السارين الذي يقضى فوراً على كل جندي في دائرة قطرها كيلومتران من موقع سقوط الصاروخ «سكود» المعدل.

وقد وفى وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا بوعد قطعه لوزير الدفاع التركي عصمت يلماز يوم 14/ 12/ 2012 فقام هذا الاسبوع بارسال 400 مهندس ومهمتهم نشر وبناء الدرع الصاروخي من باتريوت على طول الحدود مع سوريا، ولهذه الصواريخ القدرة الرادارية على تحديد موقع اي طائرة او سلاح هجومي واسقاطه قبل ان يدخل المجال الجوي التركي.

والنتيجة ان سوريا قادرة على الصمود عسكرياً لمدة عامين ايضاً، واما اقتصادياً فلمدة نصف عام ما لم تتبلور مفاجآت الرمال المتحركة العديدة.

=================

مبادرات إقليمية لإخمادها

نيران الأزمة السورية... هل تحرق المخيمات الفلسطينية؟

تاريخ النشر: الخميس 20 ديسمبر 2012

باربرا سورك - بيروت

الاتحاد

اندلعت يوم الثلاثاء الماضي معارك مسلحة طاحنة بين الثوار السوريين وجماعة فلسطينية موالية لنظام الأسد بأحد المخيمات الفلسطينية الموجودة في سوريا، هذا في الوقت الذي أرسل فيه النظام دباباته وآلياته الثقيلة لتطويق المخيم.

وعلى صعيد آخر توالت ردود الفعل على تصريحات نائب الرئيس فاروق الشرع التي ألمح فيها لأول مرة إلى عجز النظام عن حسم المعركة والقضاء على حركة المعارضة، فيما ظهرت بوادر من إيران باحتمال النظر في مرحلة ما بعد الأسد. وكان الثوار قد حققوا على مدى الأسابيع والأيام الماضية تقدماً ملموساً على أرض المعركة بعد استيلائهم على عدد من القواعد العسكرية التابعة للنظام ومنشآت أخرى.

ولعل آخر مظاهر التقدم المحرز، هو الهجوم الذي شنه الثوار يوم الجمعة الماضي على مخيم اليرموك جنوب دمشق، وتمكنهم قبل أيام فقط من دخوله بهدف إخراج عناصر فلسطينية موالية للنظام وتقاتل إلى جانبه.

فرغم بقاء الفلسطينيين المقيمين في سوريا، والذين يقدر عددهم بحوالي نصف مليون خارج الصراع مع تعاطف العديد منهم مع محنة الشعب السوري، إلا أنه مع تعمق الصراع ساند معظم الفلسطينيين الثوار فيما ظلت جماعات معينة مثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة» مع النظام السوري.

وبحلول الثلاثاء الماضي، ومع اشتداد المعارك داخل المخيم الفلسطيني الذي بدا أنه يسقط في أيدي الثوار نشرت قوات النظام دباباتها على مداخل المخيم. وفي غضون ذلك تواصلت المعارك داخل المخيم الذي يخلو من عناصر النظام، بحيث اقتصر الاقتتال بين «الجيش السوري الحر»، وعناصر «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» التي يقودها أحمد جبريل.

وقد تسببت المعارك الضارية التي شهدها مخيم اليرموك في نزوح الآلاف من الفلسطينيين الذين يقطنونه، بالإضافة إلى آخرين وفدوا إليه خلال الشهور الأخيرة هرباً من العنف في مناطق سورية أخرى.

وحسب مسؤولي الأمم المتحدة، يبقى الوضع الإنساني داخل المخيم متأزماً إلى حد كبير وسط الفوضى التي يغرق فيها وانعدام أساسيات الحياة، وفيما يواصل اللاجئون الفلسطينيون خروجهم من المخيم متجهين إلى مقارات منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، قرر البعض الآخر التوجه إلى مدن سورية أخرى، أو عبور الحدود إلى لبنان.

وفي بيان لها، أعربت منظمة «أونروا» عن «قلقها البالغ» لما يجري في مخيم اليرموك والوضع الإنساني المتدهور، لا سيما في ظل قصف النظام واستخدام الطائرات والدبابات في المعارك، والأمر لا يقتصر على الفلسطينيين في المخيم، بل تمتد الأزمة الإنسانية إلى باقي السوريين الذين نزحوا عن ديارهم بسبب العنف المستشري، حيث أطلعت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي، «إليزابيث بايرز»، الصحفيين يوم الثلاثاء الماضي على أن 2.5 مليون سوري في حاجة ماسة إلى الغذاء فيما لا يستطيع البرنامج الوصول سوى إلى نصف ذلك العدد.

وبحسب التقديرات الجديدة الصادرة عن المنظمات الدولية بلغ عدد النازحين السوريين، الذين اضطروا إلى ترك ديارهم خلال أشهر الثورة التي دامت 21 شهراً، ثلاثة ملايين سوري ليزداد الوضع سوءاً مع حلول فصل الشتاء بأمطاره الغزيرة وطقسه البارد.

وتجدر الإشارة إلى أنه من بين النازحين، هناك 500 ألف تركوا البلاد وهربوا إلى الدول المجاورة سواء تركيا، أو الأردن، أو لبنان.

وفيما اعتبره المراقبون تلميحاً إلى أن بقاء النظام في الحكم لإنهاء الحرب ليس شرطاً جاءت تصريحات نائب الرئيس، الشرع، خلال لقائه مع إحدى الصحف اللبنانية يوم الإثنين الماضي ليقول إن المعركة هي من أجل بقاء سوريا ووجودها، وليست مرتبطة بحياة فرد، أو نظام.

هذا في الوقت الذي يبقى فيه موقف الثوار ثابتاً بضرورة خروج الأسد من السلطة، أو الموت، وإن كانت تصريحات الشرع توحي باحتمال التخلي عن الحكم لإنهاء الصراع الذي خلف أكثر من 40 ألف قتيل وفي السياق نفسه طرحت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الأحد الماضي مبادرة لحل الأزمة السورية تحمل في طياتها رغبة في الإبقاء على علاقات جيدة مع سوريا بصرف النظر عن استمرار الأسد في السلطة، وهو ما يعتبره المراقبون تنازلا عن شرط الإصرار على بقاء الأسد في الحكم الذي تمسكت به إيران طيلة الفترة السابقة وبدء تفكيرها في المرحلة اللاحقة التي تعقب النظام، لا سيما في ظل التقدم الذي يحرزه الجيش السوري الحر على الأرض وتضييق الخناق على النظام في دمشق بعدما فقد العديد من المناطق وبات محاصراً في العاصمة.

ورغم الدعم المستمر الذي تقدمه طهران، الحليفة الرئيسية لنظام الأسد، ومدها إياه بالسلاح والمال تأتي تصريحات وزارة الخارجية، التي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا»، لتوحي بأن بقاء النظام في السلطة ليس شرطاً للتوصل إلى حل سياسي، فإلى جانب دعوة الخارجية الإيرانية إلى إنهاء فوري للعنف وتسهيل عملية توزيع المساعدات الإنسانية على الشعب السوري قالت إن الحكومة «مطالبة بتنظيم انتخابات حرة وتنافسية لتشكيل برلمان جديد وكتابة دستور وعقد انتخابات رئاسية».

وتتناغم، على ما يبدو، تصريحات الخارجية الإيرانية مع ما قاله الشرع من أن أحد الطرفين، النظام، أو المعارضة، لن يتمكن من حسم المعركة لوحده وحكم البلاد منفرداً، معيداً إلى الأذهان المبادرات السياسية التي طُرحت في الماضي وانصبت على إيجاد حل سياسي، تتمحور خطوطه العريضة حول اقتسام السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات واسعة مع بقاء الرئيس في قصره حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن المعارضة تتخوف من تفريغ النظام للمبادرات السياسية من مضمونها كما فعل في السابق، هذا فضلا عن رفضها الدخول في مساومة مع نظام ولغ كثيراً في الدم السوري وبات في النزع الأخير.

ينشر بترتيب خاص مع خدمتي «كريستيان ساينس مونيتور»، و«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

=================

أسئلة ما بعد الأسد؟

عماد الدين اديب

الشرق الاوسط

20-12-2012

كما علمنا التاريخ، فإن نهاية الطغاة معروفة سلفا، لكنهم لا يقرأون التاريخ، ولا يتعلمون منه. وفي حالة سوريا، فإن بشار الأسد سوف يرحل أو يقتل أو يهرب، لكنه بالتأكيد سوف يترك خلفه حقائق رئيسية ستبقى لفترة طويلة من بعد ولايته، وهي:

أولا: مجتمع منقسم يعاني من تبعات الاستبداد والفساد والعنصرية والطائفية في كافة المجالات. ثانيا: الطائفة العلوية الكريمة التي ينتمي إليها تحاول جاهدة الحفاظ على نفسها من محاولات التصفية في ظل مرحلة ما بعد الأسد. ثالثا: علاقات جوار غامضة المستقبل مع العراق ولبنان والأردن وتركيا، تحتاج إلى أن يتم حسم خطوطها واتجاهاتها. وسوف يظل الملف اللبناني هو التحدي الأصعب والمؤشر الأهم الحاسم لحقيقة توجهات النظام الجديد في سوريا. إذا ظلت علاقات سوريا الجديدة بلبنان وأجهزته هي هذه العلاقة مع النظام القديم، فإن ذلك سيؤكد أن لا شيء قد تغير في سوريا. رابعا: التحدي الأكبر لسوريا هو كيفية تحويل ميراث التركة السياسية الأسدية منذ عام 1970 وتداعياتها المدمرة على وحدة الشعب السوري إلى نظام جديد غير قابل للانهيار.

وكل المخاوف الدولية الحالية تتركز في الغموض الذي يحيط بتوجهات قوى المعارضة السورية المقاتلة على الأرض، مما قد يعيد التجربة المؤلمة ذاتها التي تعاني منها المنطقة هذه الأيام، وهي أن الفرصة السياسية بسقوط دول الاستبداد العسكري لم تدم لأن الوريث أصبح مشروع دولة دينية مستبدة. رحيل الأسد، سوف يترك واقعا، يجب الاستعداد للتعامل مع مشكلاته. سوريا دولة فرضت عليها جغرافيتها السياسية وضعا شديد الدقة والتأثير في علاقاتها مع دول الجوار المحيطة بها. من هنا يجب أن يكون هناك «عقل بحثي علمي» قادر على تحضير ملف واقعي دقيق شديد الإلمام بالتفاعلات الحالية في سوريا من أجل رسم صورة هذا المجتمع عقب سقوط نظام استبدادي عريق في مؤسساته الأمنية ويده الثقيلة على البلاد.

لا بد أن يشمل هذا التصور الرؤى التالية:

1 - صورة سوريا من الداخل بشكل مفصل، بمعنى ما هي القوى الفاعلة في البلاد صبيحة اليوم التالي لسقوط نظام الأسد. 2 - حجم الخسائر والدمار الذي ألم بالبلاد والعباد والاحتياجات الفورية التي تحتاجها سوريا كمرحلة أولى للتماسك وتجهيز البلاد خلال الفترة الانتقالية. 3 - كيف ستكون سلطة الدولة عقب سقوط النظام؟ وإلى أين وكيف سيتم استخدام سلاح المقاتلين حتى لا يتكرر النموذج الليبي عقب سقوط القذافي؟ 4 - ضرورة اتفاق القوى الإقليمية والدولية المعنية بالملف السوري حتى لا يؤدي التطاحن الدولي والإقليمي إلى هز مكانة المستقبل السياسي لهذا الشعب الصبور.

هل هناك من يعد هذا الملف؟

=================

أين إيران ونصر الله؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

20-12-2012

فعل الإيرانيون، وحزب الله بالطبع، المستحيل للاستفادة من حرب الأيام الثمانية في غزة التي شنتها إسرائيل على القطاع، وحاولا، إيران وحزب الله، استثمار تلك المعركة من أجل تلميع صورتهما في المنطقة، خصوصا بعد الثورة السورية، ودعمهما لبشار الأسد، لكن ها هي الأقدار تفضح طهران والحزب، وفي وقت وجيز.

فها هي قوات طاغية دمشق تدك مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق بالطائرات الحربية، وكأن قدر الفلسطينيين أن يكونوا حطب كل معركة، بذنب ومن دون ذنب، كيف لا وما أكثر المتاجرين بالقضية الفلسطينية، ودماء أبنائها، وأول، وأبرز، المتاجرين بالقضية وأبنائها هما إيران وحزب الله، ومعهما النظام الأسدي، الذي يقوم بقصف الفلسطينيين اليوم بالطائرات الحربية، ودون أن يخرج لنا حسن نصر الله محذرا الأسد من استهداف الفلسطينيين، ودون أن تخرج لنا القيادات الإيرانية لتقول أي شيء، وكأن دم الفلسطينيين حلال للأسد، وحرام فقط على إسرائيل؟! أمر محزن، ومخز، لكن أراد الله فضح تجار الدم الفلسطيني من إيران إلى حزب الله ومعهما النظام الأسدي، وآخرون بالمنطقة، وبعضهم من الفلسطينيين أنفسهم.

ولذا فإن الصمت الإيراني، ومعه صمت حزب الله، وتحديدا قائده حسن نصر الله، يعد دليلا واضحا على متاجرتهم بالقضية الفلسطينية، وإلا لتدخلوا على الأقل من أجل إقناع الأسد بعدم قصف المعسكر الفلسطيني بالطائرات الحربية. وبالطبع لا يمكن القول، أو التعذر، بأنه كان على الفلسطينيين عدم التدخل في الثورة السورية، ولسبب بسيط جدا، فحين يلجأ النظام الأسدي لاستخدام الفلسطينيين أنفسهم في سوريا، مثل أحمد جبريل، وغيره، أو يقوم بدفع بعض منهم للحدود مع إسرائيل على الجولان من أجل الهروب للأمام، أو عندما يقوم النظام الأسدي باستخدام الفلسطينيين في لبنان، أو بعض الفصائل في غزة، فإن النظام الأسدي، وإيران، وحزب الله، هم من أقحموا الفلسطينيين عنوة في الثورة السورية، كيف لا وطهران والأسد وحزب الله لم يوفروا الفلسطينيين لحظة، خصوصا طوال السنوات العشر الماضية؛ حيث استخدمت القضية الفلسطينية، والدماء الفلسطينية، استخداما فجا، وظالما، خصوصا بالمسميات الكاذبة والمزورة مثل الممانعة والمقاومة، ومن هنا فمن الطبيعي أن يخرج الفلسطينيون على عملاء الأسد منهم، وعلى الأسد نفسه؟

والحقيقة أن المتابع العربي ليس بحاجة لأدلة جديدة على جرائم الأسد، وكيفية استخدامه للقضية الفلسطينية، لكن البعض من عربنا، غير الواعين بقصد أو من دون، بحاجة لأن ينتبهوا الآن كيف تلتزم إيران وحزب الله الصمت تجاه الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين من قبل النظام الأسدي، وعلى الرغم من أن ما يحدث بحق الفلسطينيين يعد أمرا محزنا، فإن الأقدار شاءت أن تفضح زيف المشروع الإيراني في المنطقة، وها نحن نشاهد حلفاء المشروع الخميني وهم يسقطون من فخ إلى آخر؛ حيث أثبتت الأيام زور أقوالهم، وأفعالهم، وأبسط مثال ما يحدث بحق الفلسطينيين في مخيم اليرموك ومن قبل قوات الأسد، وطائراته. وعليه، فالمفروض أن يُسأل حسن نصر الله اليوم: أوَلست من قال في أيام حرب غزة الأخيرة بأن إيران وحزب الله والأسد لن يتخلوا عن غزة، فلماذا تتخلون اليوم عن مخيم اليرموك وطائرات الأسد تدكهم بالنار والجحيم؟ هل من إجابة؟!

=================

لا نهاية لأزمة سوريا إلا بصفقة أميركية روسية!

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

20-12-2012

ما يجري في سوريا منذ نحو السنتين تقريبا، ينفي مقولة إن «الربيع العربي» جلب الاضطرابات إليها. فاللعبة «جيوسياسية»، والقوى الغربية لا تزال تبحث عن الجناح العسكري الموحد للمعارضة السورية، وتنوي لقاءه هذا الأسبوع في تركيا، والثوار السوريون لا يخفون أنهم يتلقون التدريب والدعم الاستخباراتي والعسكري والمالي، كما لا يخفون انضمام مئات من المتطوعين الجهاديين الأجانب إليهم، جزء كبير منهم ينضوي تحت لواء «القاعدة» عبر «جبهة النصرة»، وفي الوقت نفسه صار مئات الألوف من السوريين بلا مأوى ولاجئين، ويتعرضون في المخيمات لابتزاز عصابات سورية متحاربة تريد السيطرة على مصير المخيم وسرقة ما حمله معهم اللاجئون (صحيفة «التايمز» يوم الاثنين الماضي).

من ناحيته، يكرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده لن تسمح بتكرار تجربة ليبيا. المعروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعاد سلطاته في السابق عندما أعاد غزو الشيشان، ومنذ ذلك الوقت، فهو إما رئيس للجمهورية، أو رئيس للوزراء. لكن بوتين ورئيس وزرائه ديمتري ميدفيديف، وعلى الرغم من أنهما عززا روسيا اقتصاديا وعسكريا، من حيث توفير الطاقة لأوروبا، وبيع المعادن للصين، إلا أنهما معا فقدا عراق صدام حسين، وليبيا معمر القذافي، لذلك أخذا عهدا على نفسيهما بأن بشار الأسد الذي حافظ على علاقات بين سوريا وروسيا يعود عهدها إلى الحقبة السوفياتية، لن يسقط ولن يكون حجر «دومينو» في سياسة الغرب لتغيير الأنظمة تحت ذريعة التدخل الإنساني.

للتغطية على دمار غروزني العاصمة، أسرعت موسكو إلى إعادة بنائها، لكن النتيجة كانت أن ارتفع التمدد الإسلامي بشكل أوسع، وبدأ العمل على إقامة «إمارة القوقاز» بقيادة قائد إسلامي طموح جدا يدعى «أمير دوكو عمروف»، أي أن الكرملين قضى على حلم دولة الشيشان المستقلة، فأدى ذلك إلى ميلاد حلم إقامة دولة إسلامية تمتد من بحر قزوين تقريبا إلى شواطئ البحر الأسود. وهذا ما تتخوف منه روسيا، وهي تراقب ما يجري في سوريا.

بدأت الثورة بمطالبة الشعب تحرير البلاد من نظام حزب البعث، وتطورت بسعي مجموعات مقاتلة إلى إقامة دولة سنية متشددة في سوريا المعروفة تقليديا بتعدديتها.

وهكذا فإن روسيا بعد عقود من محاربة إسلاميين لديهم تمويل جيد، في أفغانستان والشيشان، تعتقد بأن صناع القرار في الغرب ساذجون حول ديناميكية «السياسة – الدينية» التي يدفع إليها المتطرفون، وأن روسيا ودول الغرب سيواجهون ردود فعل سلبية جهادية سلفية غير متوقعة، لاحقا.

قد يكون لافروف على حق بقوله إن بلاده لن تسمح بتكرار تجربة ليبيا في سوريا، لأنه من غير المرجح أن يتدخل الغرب وينقذ سوريا من نظام بشار الأسد ومن إرهاب الأصوليين. ثم إن التدخل لن يكون شبيها بالتدخل الغربي في ليبيا، بل يمكن أن يكون على نمط ما جرى في أفغانستان عام 2001، فبعد أن أسقط التحالف الشمالي الأفغاني نظام طالبان، وُضعت الخطط ودخلت القوات الغربية إلى أفغانستان.

الخطاب الروسي مستمر في موقفه، لافروف انتقد تأييد واشنطن للائتلاف الوطني ممثلا شرعيا للشعب السوري، لكن رئيس الأمن الروسي نيكولا باتروشيف نفى أن يكون لسوريا نية في استعمال السلاح الكيماوي، وإن كان الكسندر بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أشار إلى احتمال أن تقع هذه الأسلحة في أيدي المجموعات الراديكالية في المعارضة، ومن بينها «القاعدة».

السبيل الوحيد لموسكو للخروج من مأزقها السوري يكون في عقد صفقة مع واشنطن. وما يصب في مصلحة روسيا أن الولايات المتحدة تتصارع مع الوضع السوري المعقد.

الوقت الذي يستغرقه التوصل إلى صفقة بين البلدين قد تستغله الجماعات المتطرفة بين المقاتلين السوريين. وهذا الاحتمال يقلق واشنطن، ثم إن موسكو تحمل «ورقة رابحة»، ذلك أن شبح مخازن الأسلحة الكيماوية يطارد الدول الغربية إذا ما سقط النظام السوري فجأة. ومن البديهي أن الاستخبارات الروسية لديها معرفة بأماكن هذه الأسلحة.

هذه «المعرفة» يمكن أن تتحول سلعة للتبادل بين واشنطن وموسكو إذا ما تطور الوضع بسرعة. وكان بوغدانوف قال، إن الجميع بمن فيهم شركاؤنا الأميركيون يتخوفون من سيطرة الثوار على ترسانة الأسلحة السورية، «لقد وقع هذا في حلب عند استيلائهم على مصنع للمواد الكيماوية التي يمكن استخدامها لأغراض إرهابية».

من وجهة النظر الأميركية، إن أفضل مخرج يكون باستيلاء الجيش على السلطة في سوريا، وهذا يترك مؤسسات الدولة سليمة، كما حدث في مصر، وبعد ذلك يسهم النفوذ الأميركي بتوجيه البلاد نحو الديمقراطية. ولروسيا نفوذ كبير على الجيش. وهنا يكمن أساس التفاؤل الروسي.

روسيا تريد التأكد من احتفاظها بالقاعدة البحرية في طرطوس، وجودها الوحيد خارج البحر الأسود. لكن العلاقات الأميركية – الروسية بوضعها الحالي تحول دون حدوث ذلك، وكانت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية قالت قبل فترة، إن ما يجري حاليا في أوروبا وآسيا هو «إعادة سفيتة» (نسبة إلى الاتحاد السوفياتي)، وتستعد أميركا لإحباطها. وكانت تشير إلى مشاريع روسيا في الاتحاد الجمركي والاتحاد الأوروبي – الآسيوي.

استدعى هذا رد فعل عنيف من الرئيس بوتين، واعتبره «هراء»، يضاف إلى هذا قرار واشنطن فرض «قيود مذلة» على الزيارات التي يقوم بها مسؤولون روس تتهمهم واشنطن بتورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان.

يُشتم من كل هذا، احتمال أن تنهي واشنطن وجود الأسطول الروسي في طرطوس في المرحلة التي تلي سقوط الأسد، وربما تفكر في إبعاد روسيا تماما عن شرق البحر الأبيض المتوسط. هي منعت بالفعل محاولة روسيا التعاون مع إسرائيل في تطوير غاز آبار «لافياثان» البحرية، كما أنها أجبرت العراق على إلغاء صفقة أسلحة روسية بمليارات الدولارات. ثم إن تركيا بدورها تريد أن تخرج روسيا من شرق البحر الأبيض المتوسط. وهكذا فإن سقوط النظام السوري قبل التوصل إلى صفقة مضمونة مع واشنطن سيكون نكسة خطيرة للاستراتيجية الروسية، وقد تفقد موسكو القدرة على التأثير في التحول الجذري الذي يجري في الشرق الأوسط. ثم إذا سقط حليفها السوري تعرف، أن حليفها الإيراني قد يسقط هو الآخر، أو ينجح في التفاوض والجنوح إلى الطرف الغربي، بعدما ينال ما يرضيه كاعتراف أميركي بأن إيران هي القوة الأساسية في منطقة الخليج العربي.

إذا شعرت روسيا بأنها وصلت إلى باب مسدود، وقد يحتاج هذا إلى فترة زمنية غير قصيرة، عندها ستتوقف هي والصين عن التظاهر بأنهما تدعمان نظاما تسلطيا خوفا من فقدان المصالح الاقتصادية، وستفكران بالشيشان والتيبت. وهكذا سيصبح الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا «الخط الأحمر» الجديد بالنسبة إليهما، ولا يهم كم عدد الضحايا السوريين الذين سيسقطون أو الدمار الذي سيلحق بسوريا، ثم إن الوضع الراهن سينهك المعارضة الديمقراطية وسيكون من مصلحة الجهاديين. وتماما كما تسلّح الجهاديون في التسعينات وبداية الألفية، بالمال والمقاتلين لمواجهة «الكفار» الروس في القوقاز، فإنهم يفعلون الشيء نفسه في سوريا الآن، الفارق الأساسي أنهم في سوريا تدعمهم أجهزة ووكالات استخبارات عربية وغربية في السر والعلن.

إذا لم تتوصل واشنطن وموسكو إلى «صفقة» توقف الحرب في سوريا بأسرع ما يمكن الآن، فإن تصاعد العنف الطائفي في شمال لبنان والبقاع، وسقوط القذائف السورية على المناطق التركية الجنوبية الضعيفة، والارتفاع الحاد في نشاط حزب العمال الكردستاني في المنطقة، قد يكون استمرارا لسيناريو مخيف يجري تطبيقه على حساب شعوب المنطقة وحدود دولها.

=================

اقتراب لحظة الحسم.. تشكيل الحكومة «الوطنية» ثم مغادرة الأسد!

صالح القلاب

الشرق الاوسط

20-12-2012

خلافا لتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي تحدث فيها عن أن موقف بلاده تجاه الأزمة السورية لا يزال على ما هو عليه، فإن هناك معلومات مؤكدة، بأن اللقاء الأخير بين نائب وزيرة الخارجية الأميركية وليم بيرنز، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قد ساده التفاهم وأن المحادثات التي أجرياها حول الوضع السوري قد أسفرت عن اتفاق، جاء في هيئة خطة لتنفيذ ما يسمى المرحلة الانتقالية، من المفترض أن يحمله المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق خلال أيام قليلة.

ويبدو أن لافروف بقوله هذا الذي قاله، والذي أكد فيه أن موقف بلاده تجاه الأزمة السورية لا يزال على ما هو عليه ولم يطرأ عليه أي تغيير، إما أنه كالزوج المخدوع آخر من يعلم وأن بوغدانوف، الذي يقال إنه الأقرب إلى فلاديمير بوتين وأنه مستودع أسراره، هو من لديه الخبر اليقين، وإما أن هناك توزيع أدوار بين هذين المسؤولين الروسيين وأن روسيا على الرغم من اتفاقها مع أميركا هذا المشار إليه، لا تزال تراوح في دائرتها السابقة ولا تزال تفكر في مناورة جديدة لإعطاء الرئيس السوري بشار الأسد المزيد من الوقت عسى أن يتمكن من السيطرة على الأمور والقضاء على المعارضة المسلحة التي أصبحت تخوض معاركها في قلب العاصمة دمشق.

وحسب المعلومات، وهي معلومات موثوقة ومؤكدة، فإن اتفاق بيرنز - بوغدانوف يستند في إطاره العام إلى ما يسمى «مقررات مؤتمر جنيف» مع تعديلات تتعلق بوضع الرئيس الأسد خلال المرحلة الانتقالية التي يجري الحديث عنها وبعدها، وتتعلق أيضا بحكومة «الوحدة الوطنية» التي من المفترض أنها هي التي تشرف على هذه المرحلة الانتقالية والتي لم تذكر أي شيء، لا في السابق ولا في اللاحق، عن الفترة الزمنية التي ستقضيها في مواقع المسؤولية.

جاء في هذا الاتفاق أن الرئيس السوري بشار الأسد هو الذي سيشكل هذه الحكومة الانتقالية، بعد الاتفاق على أسماء وزرائها الذين سيجري اختيارهم مناصفة بين الموالين والمعارضين، وأنه بعد هذا التشكيل، الذي يقال إن وزير الإعلام السوري السابق محمد سلمان سيكون له فيه موقع رئيسي، سيلجأ إلى التنحي والمغادرة إلى الدولة التي ستقبل باستضافته وأغلب الظن أنها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كانت أعلنت عن استعدادها لاستضافة صدام حسين كلاجئ سياسي إليها، ولكنه رفض بعد قبول مبدئي فكانت نهايته تلك النهاية المشؤومة التي انتهى إليها.

إن هذه هي النقطة الرئيسية في هذا الاتفاق والمؤكد أن هناك نقاطا أخرى تتعلق بمصير قادة الأجهزة الأمنية وقادة الوحدات العسكرية الموالية لبشار الأسد، وتتعلق أيضا بالمرحلة الانتقالية وبأسماء وزرائها والمشرفين عليها، وبما إذا كان فاروق الشرع سيحل محل «الرئيس الراحل»!! خلال هذه المرحلة الانتقالية أم إن عمليات التطهير ستشمله أيضا؟!

وحول موقف بشار الأسد من هذا التحول المهم؛ حيث كان يصر على بقائه على قمة هرم المسؤولية حتى نهاية ولايته «الدستورية»!! التي تنتهي في عام 2014 وحيث كان يصر أيضا على أنه سيترشح مجددا للانتخابات الرئاسية اللاحقة، فإن ما ينقل عن الروس أنهم باتوا يقولون إن الرئيس السوري أصبح مستعدا للاستماع لفكرة رحيله وهذا اعتبره الأميركيون تطورا في غاية الأهمية.

ثم إن هناك معلومات تقول إن هذا التطور، الذي يعتبر قفزة نوعية في غاية الأهمية في اتجاه حل الأزمة السورية مع الحفاظ على وحدة سوريا وعلى عدم انفراط عقد دولتها كما حدث في العراق وأيضا في ليبيا، قد استند إلى تفاهم تم التوصل إليه بين رجب طيب أردوغان وبين فلاديمير بوتين خلال زيارة هذا الأخير إلى تركيا قبل نحو أسبوعين وجرى استكماله في محادثات لاحقة بين وفدين متخصصين وفد تركي ووفد روسي.

في كل الأحوال إنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار ونحن بصدد الحديث عن هذا التحول المهم، الذي سيتمخض عن أمور كثيرة إن لم يطرأ ومن قبل الرئيس السوري نفسه ما سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر والمربع الأول، أن بوغدانوف كان أطلق قبل نحو أسبوعين تصريحات مثيرة تحدث فيها عن أن الحكومة السورية باتت تفقد سيطرتها على البلاد أكثر فأكثر وأنه لا يجوز استبعاد انتصار المعارضة.

ولعل ما يؤكد صحة مثل هذا الاتفاق الأميركي - الروسي هو أن فاروق الشرع، الذي بقي صامتا طوال أكثر من عشرين شهرا، والذي لا يستطيع أن ينبس ببنت شفة بالنسبة لهذه الأمور من دون موافقة بشار الأسد وتعليمات أجهزته الأمنية، قد أدلى قبل ثلاثة أيام بتصريحات مستغربة لصحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من دمشق والتي يملكها حزب الله قال فيها: «إن المشكلة تكبر وتتعمق، وإنه ليس صحيحا أن بإمكان المعارضة أن تحسم المعركة على أساس إسقاط النظام.. كما إنني لا أرى أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش سيحقق حسما.. إن الحل يجب أن يكون سورياً، لكن من خلال تسوية تاريخية تشمل الدول الإقليمية الأساسية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.. إن هذه التسوية لا بد من أن تضمن وقف العنف، ووقف إطلاق النار بشكل متزامن، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة، وهذا يجب أن يترافق مع معالجة الملفات العالقة المتصلة بحياة الناس ومطالبهم المحقة».

أليس هذا هو ما جاء في اتفاق بيرنز - بوغدانوف الآنف الذكر؟ ثم أليس من الممكن أخذ تصريحات زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله الأخيرة، التي قال فيها: «إنه من غير الممكن أن تنتصر المعارضة السورية، وإنه لا بد من وقف القتال ووقف نزيف الدماء ووقف ما يجري هناك لتبقى سوريا موحدة وتستعيد عافيتها حتى لا تضيع من أيدي الجميع»، على أنها تأتي في إطار التمهيد لهذا الاتفاق الذي حتى وإن حسنت النوايا كلها بالنسبة إليه فإنه لا يمكن الاطمئنان إلى أن الأمور ستسير على ما يرام نظرا لأنه لا تزال هناك عقبات كثيرة، ولأن الساحة السورية أصبحت ساحة معركة عسكرية وسياسية لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.

وهنا فإن ما يضع تعقيدات جديدة في طريق هذا الاتفاق الأميركي - الروسي، الذي لن يجري الإعلان عنه إلا بعد عودة الأخضر الإبراهيمي من دمشق هذا إن جرى تأمين وصوله إلى العاصمة السورية، أن إيران قد دخلت على الخط بمبادرة جديدة إذا تم إمعان النظر فيها جيدا فإنه سيتم التأكد من أنها لا تختلف في جوهرها عن كل مبادراتها السابقة، التي كان هدفها ودائما وأبدا تمييع الأمور، ومنح نظام بشار الأسد المزيد من الوقت كي يتمكن من قصم ظهر المعارضة السورية.

ولذلك فإنه لا يمكن اعتبار أن طريق هذه الأزمة التي غدت أكثر تعقيدا من ذنب «الضب» باتت سالكة وآمنة مع أن الأخضر الإبراهيمي إن لم يكن قد وصل إلى دمشق من خلال مطار بيروت ثم عبر الطريق البري إلى العاصمة السورية فإنه سيصل إليها حتما خلال ساعات وربما خلال يوم أو يومين، وكل هذا إن لم تطرأ مستجدات قد تلغي كل ما تم الاتفاق عليه في ضوء كل هذه الانتصارات العسكرية التي تحققها المعارضة السورية المسلحة.

=================

رأي الراية .. نكبة ثانية للشعب الفلسطيني

الراية

20-12-2012

دخلت المأساة التي تجري فصولها في سوريا منذ نحو العامين طورا جديدا بعد اضطرار نحو 100 ألف لاجئ فلسطيني إلى الفرار من مخيم اليرموك بعد قصفه من قبل طائرات النظام السوري فيما يشبه نكبة ثانية للشعب الفلسطيني.

إن الشهادة التي أدلت بها مسؤولة في وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الانروا" ليسا جيليان"والتي أكدت فيها أن ثلثي اللاجئين القاطنين في المخيم الذي يأوي 150 ألف لاجئ فلسطيني قد فروا منه أن "الانروا" لا تعرف مكان فرار القسم الأكبر منهم يثير الخوف والفزع وينبئ بكارثة إنسانية كبيرة قد تحيق باللاجئين الفلسطينيين إن لم يتداعى المجتمع الدولي بسرعة لوقف هذه المأساة الإنسانية التي لا تختلف في تفاصيلها عن مأساة أبناء الشعب السوري الذين تشن عليهم قوات النظام حربا لا هوادة فيها.

"الانروا" كانت حتى قبل الأزمة تقدم مساعدات لنحو 530 ألف فلسطيني في سوريا. حيث نزح حوالي 360 ألفا منهم منذ ذلك الوقت داخل هذا البلد وهم بحاجة ماسة كأشقائهم السوريين إلى مساعدة إنسانية بحسب الأمم المتحدة التي لم تحتسب في هذه الأرقام حتى الان المائة ألف الذين فروا للتو من مخيم اليرموك.

تفاقم الأوضاع في سوريا دفع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الى الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمجتمع الدولي "تمكين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من دخول الأرض الفلسطينية"، "نتيجة ما تتعرض له المخيمات الفلسطينية من ويلات الصراع الدموي في سوريا". وهو مطلب ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية وخاصة قرار "194" الذي نص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم .

المجتمع الدولي الذي تجاهل طوال عقود طويلة تنفيذ هذا القرار الأممي مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى التدخل لحماية اللاجئين الفلسطينيين وتمكينهم من العودة إلى ديارهم التي طردوا منها على يد الاحتلال الإسرائيلي.

إن عزم النظام السوري على اقتحام مخيم اليرموك سيتسبب في وقوع مجازر رهيبة بحق اللاجئين الفلسطينيين الذين فضلوا البقاء في المخيم وعدم الفرار منه وهو ما سيشكل "جريمة حرب" بوسع المجتمع الدولي إن سارع في التحرك والضغط منعها.

إن ملايين من اللاجئين والنازحين السوريين ومئات الآلاف من الفلسطينيين باتوا في أمس الحاجة لتدخل إنساني دولي عاجل لإنقاذهم وحمايتهم من النزاع الذي يزداد وحشية وعشوائية ويزيد كثيرا من معاناة السكان المدنيين حسب منظمات دولية تعمل على الأرض في سوريا.

=================

لماذا تحدث الشرع؟

سمير عطا الله

الشرق الاوسط

20-12-2012

قرئت تصريحات الأستاذ فاروق الشرع بتفسيرات مختلفة. القراءة الأولى، أن كل ما قاله نائب الرئيس السوري يقع في خدمة رئيسه. القراءة الثانية أنه أعطى نفسه حرية نقد النظام ولكن متأخرا، بالنسبة إليه، وبالنسبة إلى النظام الذي لم يعد هو جزءا أساسيا فيه منذ وفاة الرئيس الأب.

في القراءتين منطق يستند إلى منطق. ولكن في النتيجة العامة فإنه وجه إلى رأس النظام ما يوجهه عادة غلاة المعارضين: هو الذي يملك في يده كل قرار سياسي وعسكري، حتى تعيين رئيس البرلمان. والذين دونه في إدارة الدولة يخافون صورته المعلقة فوق رؤوسهم. وهو - السيد الرئيس - من يصر على الحل العسكري ويرفض أي تفاوض إلا بعد إلحاق الهزيمة بالخصوم.

ثم يقترح الرجل الذي كان وزير خارجية سوريا لسنوات طويلة، حلا تشارك فيه الدول الإقليمية، التي سمى بشار الأسد بعض حكامها «أنصاف الرجال»، وقال عن بعضها إنها بلا تاريخ. وإلى جانب هذه الدول يقترح وجود «مجلس الأمن»، أي حضور أميركا وفرنسا وبريطانيا إلى جانب روسيا والصين.

هل هذا كلام رجل مؤيد أم رجل معارض؟ في اليوم التالي لنشر المقابلة في صحيفة «الأخبار» قال رئيس تحريرها إبراهيم الأمين إن ما عرضه الشرع هو «آخر مبادرة» قبل حرب أهلية تدوم سنوات وتقتل عشرات الآلاف. وهذا يؤكد أن أصحاب القراءة الأولى هم الأقرب إلى الدوافع الحقيقية لظهور الشرع المفاجئ، بعد غياب طويل أثار أنواعا من التساؤلات. والبعض كانت له مخاوف حول وضعه. وزاد فيها أن الأخضر الإبراهيمي لم يلتقه عندما ذهب إلى دمشق «بسبب ظروفه» واكتفى بالتحدث إليه هاتفيا، برغم ما بين الرجلين من مودة.

إذن، إلى من يصغي الرئيس بشار الأسد، وسوريا في هذه الحال؟ توصيف الشرع لطريقة الحكم لا تترك أي مجال للشك (وما من أحد كان يشك أصلا) بأن الحكم فردي مطلق. وأن الرجل محاط بأشخاص يصغون إليه ولا يصغي إلى أحد. وأنه لا يهتم «بوجهات النظر في القيادة»، كما قال الشرع، ولكن أي قيادة، إذا كان الرجل يرشح حتى رئيس البرلمان، من دون أي اهتمام حتى بالشكليات والظواهر؟

يحسن أن نقرأ نص المقابلة ونتأمل في صياغتها. إن نائب الرئيس يساوي بين رئيسه وبين معارضيه. ويصفه بأنه لا يسمع لمن معه في الدولة أو في الحزب. فهل سوف يصغي الآن إلى نائبه، الذي أبعده، فيمن أبعد، من رجال والده؟ إنها «المبادرة الأخيرة».. تقول «الأخبار» في شرح هدف المقابلة. لعلها، للأسف، تأخرت طويلا.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ