ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 24/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

23-12-2012

مقدم الشتاء وتفاقم الصراع زادا المعاناة

جهود السوريين... في إغاثة النازحين

تاريخ النشر: الأحد 23 ديسمبر 2012

مايكل بيل - عبير علم

الاتحاد

في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا التي تضغط على منظمات الإغاثة الدولية والبلدان المجاورة، يساهم عدد متزايد من السوريين سواء في الداخل، أو الخارج، في عملية الإغاثة من خلال إرسال الملايين من الدولارات وباقي أنواع المساعدات الإنسانية لدعم السكان ومؤازرتهم في محنتهم، وفي هذا السياق تتضافر جهود رجال أعمال سوريين في دبي، بالإضافة إلى هيئات إنسانية في الداخل لإخماد حدة الجوع وقساوة البرد الذي يجتاح السوريين في موسم الشتاء، ولمساعدة المواطنين على مواجهة معاناتهم من نظام الأسد في الانتفاضة المستمرة ضد حكمه التي تقترب من دخول عامها الثالث. وفي الوقت الذي تتواصل فيه الأعمال القتالية في مناطق عدة من سوريا بين فصائل المعارضة والنظام، وتتسع رقعة الصراع لتشمل مدناً وبلدات عديدة، يجد المواطنون السوريون أنفسهم في قلب المعارك يعانون من نقص كبير في المواد الغذائية ووقود التدفئة، ولاسيما منهم الذين نزحوا من ديارهم هرباً من العنف ويقدر عددهم بحوالي 2,5 مليون نسمة، حيث يحمل عدد من المسؤولين في المعارضة السورية مسؤولية التدهور الكبير في الوضع الإنساني لطول أمد الأزمة والمقاربة الدولية في التعاطي مع الشأن السوري القائمة على عدم التدخل العسكري وترك الأمور نهباً للصراع المستمر بين النظام والمعارضة. وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط ما يزيد عن 40 ألف قتيل على امتداد أشهر الثورة السورية.

وعن هذا الوضع الإنساني المزري يقول جمال وهو أحد النشطاء من دمشق، الذي رفض الإفصاح عن اسمه كاملاً خوفاً من انتقام النظام، إن الحالة الإنسانية تدهورت بشكل كبير منذ أن انقطعت المساعدات الأساسية التي كانت توزعها هيئة الهلال الأحمر السورية من أرز وأغطية وغيرها من المواد، قائلاً «لقد وصلنا إلى الحد الذي يلجأ فيه الناس إلى حرق أثاثهم طلباً للتدفئة، فيما تمتد صفوف المواطنين أمام المخابز لمسافات طويلة، وإذا كان النظام هو المسؤول الأول عن محنة السوريين، فإن المعارضة أيضاً تتحمل طرفاً من المسؤولية ومعها المجتمع الدولي لتأخر وصول المساعدات العاجلة».

ولذا حثت، «فاليري آموس»، مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، النظام السوري على السماح بوصول الوقود إلى الأهالي وإفساح المجال أمام وكالات الإغاثة للعمل داخل سوريا لتقديم الدعم والمساعدات اللازمة للمواطنين في ظروفهم الصعبة الراهنة، وتحذر المنظمات الدولية ووكالات الإغاثة من المستويات المقلقة التي بلغتها الأزمة الإنسانية في سوريا، ولاسيما الجوع الذي بدأ يرخي بظلاله على المواطنين في ظل غياب المواد الغذائية وندرة القمح الذي يعد من أساسيات الغذاء في سوريا. ولعل مما يسند القلق الدولي من الأزمة المستمرة في سوريا تحذيرات برنامج الغذاء العالمي في الشهر الماضي من استمرار تدهور الوضع الأمني مع وصول المعارك إلى أطراف دمشق واستخدام أسلحة غير مسبوقة في الصراع مثل صواريخ «سكود»، بالإضافة إلى تكثيف القصف الجوي والمدفعي الأمر الذي يعيق عملية وصول المساعدات العاجلة لأكثر من مليون شخص يتهددهم شبح المجاعة.

وربما تكون هذه التحذيرات وغيرها هي ما دفع هيئات سورية في الخارج للتدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث أعلن مجلس رجال الأعمال السوريين للإغاثة والتنمية الذي يتخذ من دبي مقراً له ويضم مجموعة من رجال الأعمال المؤيدين للمعارضة، أنهم وزعوا خلال الأسبوع الجاري الدفعة الأولى من المساعدات الغذائية المقدرة بحوالي ألفي طن من القمح، التي أرسلت إلى سوريا عبر الحدود التركية بتكلفة وصلت إلى مليون دولار. وفي هذا السياق قال رهيف حكيمي، رئيس المجلس، إن ما لا يقل عن ستة ملايين دولار تم جمعها من تبرعات رجال الأعمال السوريين سيتم توزيعها في المناطق المنكوبة في حلب وريفها، حيث استهدفت القوات الحكومية، حسب منظمات حقوقية، مستودعات الغذاء في المناطق التي سقطت بأيدي الثوار.

ويوضح حكيمي الوضع السوري الصعب قائلاً «ستكون هناك مجاعة في سوريا قريباً إذا ما استمر النقص الكبير في الدقيق، كما أن النظام يستهدف على نحو ممنهج المخابز ومستودعات الغذاء كجزء من العقاب الجماعي للشعب السوري». والأمر الآخر الذي يفاقم الأزمة الإنسانية هو شدة البرد التي تضرب العديد من المناطق السورية خلال فصل الشتاء، فقد أكد مدير شركة توزيع الوقود في سوريا التابعة للنظام أن إمدادات وقود التدفئة تراجعت بنسبة 40 في المئة، وهو النقص الذي زعم أن مسؤوليته تعود للعقوبات الدولية المفروضة على النظام، وهجمات الثوار.

وحتى في مخيم الزعتري الأردني الذي يستضيف ما يناهز نصف مليون لاجئ سوري أكد مسؤول أممي أن مرافق المخيم قد لا تكون مهيأة لحماية اللاجئين السوريين من البرد وضمان حد أدنى من التدفئة، وهو أيضاً ما أكده «أندرو هاربر»، ممثل المفوضية العليا للاجئين في الأردن قائلاً: «علينا الاستعداد لاستقبال أكثر من مئة ألف لاجئ إضافي في المستقبل القريب، والمشكلة أننا لا نتوافر على ما يكفي من المال لتزويد الخيم بالتدفئة والمعدات الأخرى التي تقي من قساوة الشتاء». وإزاء هذه الأوضاع الصعبة فقد العديد من السوريين أملهم في المساعدات الدولية وباتوا يعتمدون على شبكات السوريين في الشتات مثل السوري الذي يعيش في الإمارات العربية المتحدة ويرسل شهرياً 550 دولاراً لمساعدة أسرته بالقرب من مدينة درعا التي انطلقت منها الثورة، وإلى جانبه مواطنة أخرى تعيش في أوروبا أرسلت خمسة آلاف دولار إلى منظمات إغاثية في سوريا، هذا بالإضافة إلى العشرات من الجماعات الأخرى التي تركز على جمع المساعدات في سوريا وتوزيعها على الأهالي، وتعكس سرية العمل الإنساني داخل سوريا نفسها مدى الخوف من نظام يرى في مساعدة المناطق المنكوبة تمثل انحيازاً للمعارضة وانخراطاً في العمل السياسي الذي قد يعرض صاحبه للعقاب.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

=================

روسيا تخاف على سوريا وليس على نظام الأسد

جهاد المومني

الرأي الاردنية

23-12-2012

دخلت روسيا مرحلة الخوف على سوريا والقلق على مستقبلها بدلا من خوفها وقلقها على مصير النظام في دمشق كما كان الموقف الى ما قبل اسبوعين من الان ,وهذا بحد ذاته تطور يشير الى ان موسكو لم تعد تتمسك بنظام الرئيس بشار الاسد لكنها لا تنوي التخلي عن حصتها في سوريا بعد بشار مكررة بذلك مصابها في ليبيا التي خسرتها مع زوال نظام القذافي .

روسيا تعلن انها تتفق – الى حد ما – مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحل الواقعي للأزمة السورية ,والحل وفقا لآخر تطورات الموقف الروسي يتمثل في انتقال سلمي على اساس الحوار ,هذا التطور حدث بعد لقاء واحد أميركي روسي خصص للبحث في المأزق السوري من وجهتي نظر متناقضتين تماما ,غير أن نتائج الحوار لا تظهر قدرا كبيرا من التناقض ,فلا الولايات المتحدة متمسكة باسقاط النظام لصالح الجماعات المسلحة , ولا روسيا متمسكة بالنظام لدرجة المجازفة بفرصة البقاء في سوريا بعد سقوطه المتوقع في اي وقت.

تريد موسكو ان تكون حاضرة في سوريا بالنظام الحالي او بدونه وهذا حق لها كدولة عظمى لها مصالحها في هذا البلد العربي, لكن تجارب روسيا قديمها وحديثها تشير الى ان موسكو لم تحتفظ بمصالحها في اي بلد في العالم بدون موافقة الغرب على ذلك ,او انها خسرت جميع معارك التزاحم على المناطق الحيوية مع الغرب ,حتى انها تظهر ضعفا امام الولايات المتحدة في جمهوريات الاتحاد السوفيتي المستقلة التى تقع على حدودها وجميعها تسعى في العلن الى علاقات (حسن جوار ) مع روسيا ,وفي السر الى علاقات استراتيجية مع واشنطن ,وفي العشرين سنة الماضية خرجت روسيا عمليا من عشرات الدول حتى بصفة صديق او شريك ,فقد خرجت من اوروبا الشرقية سياجها الغربي ,ومن اسيا الوسطى ولم تعد حليفا موثوقا لا لكوبا ولا لفنزويلا ولا لكوريا الشمالية ,اما في زمن الربيع العربي فقد خرجت روسيا من ليبيا لصالح خصومها بعد سلسلة خسارات تاريخية في العالم العربي بدءا بمصر السادات ويمن عبد الله صالح ,وعراق صدام .

لقد اخرجت اموال العرب روسيا من افغانستان بشعب افغاني وسلاح أميركي,وهذا الهاجس لا ينفك يؤرق الروس الذين لا يملكون النفوذ ليفرضوا ارادتهم على بعض العرب,ولا المال ليدفعوا للبقية منهم كما تفعل الولايات المتحدة, وفي هذه الحالة تبقى من نصيبها الانظمة اليائسة ذات اللون الرمادي والتي تنتظر الدعوة من الغرب كي تحذو حذو مصر في عهد السادات وتقول لموسكو وداعا ومنها النظام السوري والسوداني والايراني وغيرها ,لكن الربيع العربي داهم بعضها قبل ان تتمكن من الانتقال الكامل الى الطرف الآخر.

ويمثل النظام السوري في هذه المرحلة النموذج الاكثر وضوحا لهذه الدول ,فلا هو قادر على اقناع الغرب بقدرته على أن يكون صديقا يحول دون وصول المتطرفين الى حكم سوريا ,ولا هو قادر على الاحتفاظ بتحالفه مع روسيا التي بدأت بالفعل البحث عن مصالحها في مرحلة ما بعد سقوط النظام,وهذه هي الترجمة العربية لتصريحات الرئيس فلاديمر بوتين الاخيرة حول سوريا ,ومن نبرة حديثة نفهم ان روسيا غير متمسكة بالرئيس بشار الاسد ولكنها مع ذلك لا تتخلى عن مستقبلها في سوريا ,ليس بهذه السهولة, حتى ولو في اطار تفاهم مع الولايات المتحدة .

=================

حين تقاتل إيران لإسناد النظام السوري!! * ياسر الزعاترة

الدستور

23-12-2012

بات واضحا أن إيران وحلفاءها في العراق ولبنان قد باتوا يستشعرون أكثر فأكثر ثقل اللحظة الراهنة التي يعيشها النظام السوري، ولذلك لم يكن غريبا أن تتوالى المواقف والخطوات التي تحاول إسناده تحت وطأة الخوف من انهيار سريع ومفاجئ بسبب توالي تقدم الثوار مع الشعور بتقدم الائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري معترف به من العالم أجمع.

من المؤكد أن إسناد النظام ونخبته العسكرية والأمنية (غالبيتها من العلويين) معنويا قد بات أمرا ملحا، في ظل احتمال لم يعد بالإمكان استبعاده ممثلا في مبادرة تلك النخبة إلى تنفيذ انقلاب عسكري تعرض بعده على المعارضة تسليم السلطة مقابل ضمانات معينة تتصل بها وبالأقلية العلوية من ورائها، هي التي تدرك أن خيارا من هذا النوع سيحظى بدعم دولي كبير في ظل مخاوف كثيرين من سيطرة المجموعات الإسلامية على الوضع التالي بعض سقوط بشار، فضلا عن مخاوف وقوع الأسلحة الكيماوية بيد تلك المجموعات.

خلال أيام قليلة رأينا تأكيدات إيرانية متوالية تنفي تداعي النظام، وتصر على تماسكه العسكري، كما حصل مع تأكيدات نائب وزير الخارجية وآخرين، فضلا عن الخطة الإيرانية ذات الست نقاط التي عرضت وتنطوي على محاولة الإيحاء بإمكانية إيجاد حل سياسي، وهي خطة لا يمكن تجاهل ما تنطوي عليه من تراجع رغم استحالة قبولها من قبل المعارضة.

الأهم، هو دخول حسن نصر الله على الخط بتأكيده استحالة سقوط النظام عسكريا، وهنا يبدو من الصعب الجزم بطبيعة المساعدة العسكرية التي تقدمها إيران وحلفاؤها للنظام، مع علمنا بالمدد العسكري والمالي والتخطيطي الذي لم ينقطع، لكن تأكيد نصر الله يدخل في ذات السياق المتعلق بالإسناد المعنوي لنخبة النظام التي تقاتل الثوار، والتي تتحكم عمليا بالوضع أكثر من بشار نفسه، والذي يمكن القول بكل بساطة أنه أصبح رهينة بيدها لا أكثر ولا أقل.

لم يتوقف الأمر من طرف حزب الله على خطاب نصر الله، بل تجاوزه لترتيب مقابلة مع فاروق الشرع أجراها رئيس تحرير صحيفة الأخيار اللبنانية المعروفة بصلتها بحزب الله؛ تمويلا في السابق، وتحريرا في الوقت الحالي بعد أن ترأس تحريرها إبراهيم الأمين المقرب من الحزب، وإن سعت إلى إعطاء الانطباع بوجود لون يساري لتوجهها التحريري.

نعرف ما ورد في المقابلة، لكننا لا نعرف أصلا ما تم حذفه منها، وهل أعطاها فاروق الشرع للأخبار التي يعرف ماهيتها بإرادته أم لا؟! مع ذلك فما يعنينا أن المقابلة قد تمت، وهناك ما هو مهم فيها لجهة الاعتراف مثلا بأن النظام هو الذي سعى إلى عسكرة الثورة في البداية، أو تمنى ذلك، بينما يشتكي اليوم من كثرة المجموعات المسلحة.

في المقابلة الكثير مما لا يرضي النظام، لكن فيها ما هو مطلوب من طرف حزب الله وإيران ممثلا في التأكيد على استحالة الحسم العسكري للصراع، لا من طرف النظام، ولا من طرف المعارضة، وهي محاولة لدفع الجميع نحو البحث عن مخرج سياسي ينقذ إيران من هزيمة كبيرة تؤثر على منجزاتها في العراق ولبنان.

المشكلة أن إيران تبعا لهذه اللعبة لم تقدم للمعارضة ما يمكن أن يشكل أرضية للنقاش، ويبدو أنها بتأكيدها على قدرة النظام على البقاء إنما تسعى إلى دفع بعض أطراف المعارضة إلى الحوار معها على أسس للحل، وربما أرادت أيضا من خلال ذلك إطالة أمد المعركة من أجل مزيد من التدمير كي لا يكون البلد قادرا على التأثير على حلفائها، وربما مهدت للدويلة العلوية رغم عبثية هذا الخيار.

ما يمكن أن نقوله في هذا السياق هو أن إيران تتخبط في حركتها السياسية بشكل واضح، والسبب الأهم هو خوفها من سقوط بشار، وما سيترتب عليه، ليس فقط على منجزاتها في العراق ولبنان، بل وهو الأهم، تأثيره على وضعها الداخلي في ظل تصاعد العقوبات واحتمال اندلاع انتفاضة داخلية.

قلنا من قبل إن إيران ستدرك ذات يوم ليس ببعيد أن دعمها لبشار الأسد في حربه ضد شعبه سيكون القرار الأسوأ في تاريخها منذ انتصار الثورة نهاية السبعينيات.

=================

شعّار لبنان وشعّار سوريا

احمد عياش

2012-12-23

النهار

في الوقت الذي كانت الطائرة التي نقلت وزير الداخلية السوري محمد الشعار من دمشق تحط في مطار رفيق الحريري الدولي هذا الأسبوع، كانت الطائرة التي سافر على متنها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الى أوروبا تذهب وتعود من دون أن يكون الشعار من ركابها العائدين الى الوطن. انها مفارقة بلا ريب أن يشعر بالامان في لبنان الوزير السوري الذي فقد الأمن في عاصمة بلاده بعد الانفجار الذي استهدف وزارته وكاد أن يكون من الضحايا، فيما يغادر رجل الدين البارز والشيخ الجليل وطنه بعدما فقد الأمان فيه طلباً للسلامة في قارة أخرى.

قد تكون المفارقة محدودة لولا المعلومات الخطيرة التي أدلى بها مواطن سوري استطاع الفرار من جحيم بلاده وأماط اللثام عن معطيات محاولة الاغتيال التي كان يعتزم النظام السوري ان ينفذها بحق المفتي الشعار. وبالتالي فإن وزير داخلية هذا النظام الذي يدبّر الاغتيالات لرجالات لبنان يجد نفسه آمناً في مسرح الموت الذي يديره في البلد المجاور لبلده الذي أصبح مسرحاً لصراع البقاء بينه وبين شعبه.

الوزير السوري والمفتي اللبناني ينتميان الى أسرة واحدة وكما هو حال الكثيرين في سوريا ولبنان. لكنهما يفترقان وبينهما هوة شاسعة بسبب انتمائهما الى عالمين متناقضين: عالم الاجرام الذي يتصف به النظام السوري وعالم الحرية الذي أينع في لبنان منذ زمن بعيد وخرج من قبضة دمشق باغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005.

لأن الحديث يدور حول مفارقة فإن الذروة فيها هو أن يدير المسؤولون اللبنانيون على مختلف المستويات الأذن الصماء ليس للمعلومات التي تكشف ضلوع النظام السوري في محاولة اغتيال المفتي الشعار بل لصرخات طرابلس التي تحدث عدد من ابنائها عن ماضي الوزير الشعار الدموي بحق عائلاتهم عندما كان المسؤول السوري مكلفاً بادارة المدينة في زمن الوصاية السورية على لبنان. وأقل ما يمكن القيام به هو تسليم هذا المسؤول الى القضاء الدولي ليحاكمه على الجرائم التي ارتكبها في لبنان وسوريا معاً. عندما أحاط رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي نفسه بالعمائم خلال زيارته الاخيرة لمدينة طرابلس لم يكلف نفسه عناء السؤال عن العمامة الكبرى التي يمثلها المفتي الشعار الذي تفتقده طرابلس وكل لبنان. وكم تبدو ساذجة اسطوانة "النأي بالنفس" التي لا يمل ميقاتي من تشغيلها، حتى صار مفهوماً ان سياسة النأي بالنفس التي تصدح بها الجوقة الميقاتية تعني ان من يشعر بالامان في لبنان هو من قال له النظام السوري "عليك الامان" وإلا فإن الموت أو الاختباء او الابتعاد هو قدر الذين قرروا أن ينأوا بأنفسهم عن الارتهان للطاغية السوري. عندما يأتي اليوم الذي يهبط فيه المفتي الشعار في مطار بيروت آمناً ويغادر الوزير الشعار مقيّداً الى محكمة دولية يكون لبنان عندئذ قد عاد الى رشده.

=================

2013 سنة التغيير في سوريا ولبنان

علي حماده

2012-12-23

النهار

مع نهاية العام الجاري لا بد من وقفة مع بعض اهم التحولات التي تؤشر الى تغييرات كبيرة في المنطقة، ولا سيما في لبنان وسوريا:

١- النظام في سوريا يصل الى نهاية الطريق مع بلوغ المعارك الدائرة الضيقة للعاصمة دمشق، وخروج مساحات واسعة من الاراضي السورية عن سيطرته المباشرة، وظهور علامات ضعف في القطع العسكرية التابعة له، ومع عجزه عن اعادة احتلال المواقع التي اخرج منها عنوة. ويتبين ان استخدام الطيران بكثافة وكذلك صواريخ باليستية من طراز "سكود" يعكس تقلصا في الخيارات العسكرية الممكنة.

٢- سقوط النظام في سوريا معناه تدمير "جسر" ايران الى قلب المشرق العربي، وانهيار اهم قواعده المتقدمة التي استثمر فيها ثلاثة عقود من الجهد والأموال. وهذه خسارة استراتيجية كبرى تتجاوز في اهميتها المكاسب التي حققتها ايران بسقوط عراق صدام حسين. ولا تملك طهران موقعا يضاهي سوريا أهمية، من هنا استبسالها في الدفاع عن بشار الاسد حتى النهاية، ودفعها إياه نحو خيار القتل بلا حدود ولا ضوابط، ربما من أجل فتح باب التفاوض على بقاء النظام ومعه نفوذ طهران العربي. ومعلوم ان غزة خرجت استراتيجيا من الحظيرة الايرانية مع خروج "حماس"، وما بقيت سوى "حركة الجهاد الاسلامي " التي لا تملك مفاتيح الحكم، ولا القاعدة الشعبية.

٣- في لبنان لا يخفى على احد ان الثورة في سوريا قلبت كل المعادلة التي قامت مع تنفيذ انقلاب الاسد - نصرالله وتطييرهما حكومة الوحدة الوطنية عبر التلويح للمترددين والخائفين والانتهازيين بالسلاح وسيلة يمكن الاحتكام اليها. وجرى تكليف "رجل بشار الاسد" الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة انقلابية على قاعدة "انتصار" محور طهران - دمشق اقليميا. في الخامس عشر من آذار ٢٠١١ طيّرت الثورة السورية كل هذه الحسابات وقلبتها رأسا على عقب. فصار بشار عبئا على التحالف مع ايران، وتحولت الذراع الايرانية في لبنان ("حزب الله" ) قوة مختل توازنها بفعل التحولات الكبيرة التي اصابت المحيط ولا سيما سوريا، الامر الذي حول حزب ايران في لبنان الى ما يشبه "الفيل الاعمى " الذي يتمتع بقوة هائلة لكنه لا يعرف كيف يوجهها وإلى اين. ومهما خرج منظرو الاستسلام في لبنان بخطاب يزعم أن سقوط بشار لن يغير في المعادلة اللبنانية فإن المؤكد هو ان سقوط الاسد ونظامه سيحرم "ايران اللبنانية" اي "حزب الله" عمقها الحيوي والاستراتيجي، فضلا عن انه سيورثها العداء المخيف مع الشعب السوري ومطلق اي نظام جديد سينشأ في سوريا. ان تورط "حزب الله" وهو ايران اللبنانية في سفك دماء السوريين سيكون ثمنه باهظا جدا.

4 - بناء على ما تقدم تبرز حقيقة مفادها ان كل المفاوضات الديبلوماسية التي تشهدها كبرى العواصم المعنية بالازمة السورية تنطلق من مسلمة ان بشار ونظامه صارا من الماضي، اولى النتائج التي قد تسبق السقوط او تتزامن معه سقوط حكومة الثنائي بشار - نصرالله ايذانا بتصحيح الخلل الفاضح في الحياة السياسية اللبنانية، وميقاتي رمزه.

=================

هل تتخلى روسيا عن النظام السوري

2012-12-23 12:00 AM

الوطن السعودية

من المؤكد أن روسيا تدرك أنها تورطت بمساندة النظام السوري على أمل استمراره، ووقفت من أجل ذلك ضد إرادة الشعب وضد رغبة المجتمع الدولي بإنهاء الأزمة طبقاً لتلك الإرادة. ولذلك جاءت تصريحات المسؤولين الروس متناقضة خلال الأسبوعين الماضيين، ولن يكون آخرها نفي الرئيس فلاديمير بوتين الخميس الماضي أن بلاده "تسعى لإبقاء الرئيس السوري بشار الأسد بأي ثمن"، مبرراً ذلك التراجع الضمني في الموقف بأن موسكو "تسعى فقط لتجنب حرب أهلية لا نهاية لها".

غير أن بوتين حين أضاف أنه "يتعين على السوريين التوافق فيما بينهم بشأن مستقبلهم، حتى نبدأ بالبحث عن سبل تغيير النظام القائم"، تجاهل أن السوريين كشعب متوافقون فيما بينهم، وأن النظام انتهى، ولذلك قامت الثورة ضده.

وبالتزامن مع تصريحات الرئيس الروسي يظهر اقتراح من إيران المتورطة هي الأخرى في المأزق ذاته بتشكيل حكومة انتقالية في سورية يستمر فيها الأسد رئيساً، لتظهر الدولتان وكأنهما تبحثان عن غسل ماء الوجه بسبب اتخاذ الوجهة الخاطئة في مسار الأحداث.

مساندة روسيا للنظام السوري وتزويده بالأسلحة، ودعم إيران له بالأسلحة والمقاتلين كما تقول مصادر الثورة، لم تنفع سوى في إطالة عمر النظام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بحسب المؤشرات، فالمعارك اقتربت من القصر الرئاسي، والثوار يشتبكون في العاصمة دمشق وقرب مطارها الدولي مع قوات الحرس الجمهوري المدربة والمزودة بأقوى الأسلحة.. والدولة باتت كلها تقريباً خارج سيطرة النظام الذي لم يفهم رجالاته بعد أن وقت رحيلهم حان، والشعب يريد الخلاص ليبدأ الحياة الكريمة التي طالما تمناها.

ما يجري في سورية اليوم أشبه بما جرى في ليبيا، مع فارق أن الشعب السوري لم يجد الدعم العسكري الخارجي الذي مُنِح للشعب الليبي، وأن النظام السوري دعمته قوى كبرى وإقليمية لم يحظَ النظام الليبي بمثلها. وكان على الرئيس السوري أن يأخذ العبرة مما جرى في ليبيا، ويصون بلده ويغادر السلطة، لكنه لم يفعل. وتأخره باتخاذ قرار المغادرة لن يجلب سوى مزيد من الدمار لبلاده.. فهل تُراجع روسيا نفسها وتعلن قريباً تخليها عنه، لتتركه يواجه المصير المحتوم منفرداً إلا من دعمٍ إيراني لن يقدر على قهر إرادة الشعب؟

=================

ثقافة الإصلاح والمصالحة في سوريا الثورة والمستقبل

هكذا تشيع ثقافة الإصلاح، من هذا المدخل أو ذاك، ويُصبح ممكناً معها ومن خلالها التأكيدُ على ضبط كثيرٍ من الأنانيات الخاصة ومن الجموح الشخصي، وعلى النظر إلى المصلحة الفردية من خلال المصلحة العامة، وعلى نقد الذات قبل نقد الآخر

د. وائل مرزا

الأحد 23/12/2012

المدينة

«في حياة الأمم، كما في حياة الأفراد، فتراتٌ خاصّة ترتفع فيها على نفسها، وتسمو فيها على مألوفها، فتأتي بالخوارق والمعجزات.. هذه الفترات الخاصة هي التي ترتفع فيها الجماعات، كما يرتفع فيها الأفراد، إلى ما هو أعلى من الحياة اليومية ومن المطالب العادية، وتتطلّعُ إلى غايات عُليا لا تتعلّقُ بحياة فردٍ أو جيل.. ولا تقفُ عند رغبة شخص ولا أنانية فرد. وفي هذه الفترة بالذات يجد الفرد لذّتهُ الكبرى في أن يُضحّي بلذائذه، وغايتهُ الأولى في أن ينسى غاياته.. وتنبثقُ من الجماعة – حينئذٍ – إشعاعاتٌ وطاقاتٌ عجيبة تتخطّى اللذائذ والغايات المنظورة إلى لذائذ وغايات أخرى غير منظورة، قد لا تستطيع تحديدها تماماً، ولا فهمها نصاً، ولكنّها تُساقُ إليها سوقاً بدوافع خفيّة كامنة، فيبدو كأنما الكلُّ أبطالٌ في وقتٍ من الأوقات»..

الكلماتُ السابقة هي للمفكر المصري الراحل سيد قطب، الذي ينظر إليه البعض نظرةً تُقارب التقديس، ويرى فيه البعضُ الآخر سبباً من أسباب أزمة العرب المعاصرة! ورغم أننا نعتقد أن الرجل ظُلم شخصياً وثقافياً، وأن عطاءه بحاجةٍ لإعادة قراءة شاملة، إلا أننا لسنا هنا في مقام القيام بهذه المهمة. لكن المعاني الكامنة وراء هذه العبارات أَبَت إلا أن تقفز إلى حاضرة الذهن، في معرض التفكير في ثقافة الإصلاح المطلوبة في سوريا الثورة وسوريا المستقبل.

فنحن نسمع عن الأزمات المتتالية التي اشتعلت وتشتعل على الأرض السورية، وكان آخرها الفتنة التي حصلت في السويداء منذ أيام. والسوريون بحاجةٍ اليوم إلى مثل هذه المعاني أكثر من أي شيءٍ آخر.

المفارقة في الموضوع أن الفقرة بمجملها تكاد تكون وصفاً دقيقاً لحال السوريين منذ بداية الثورة إلى ماقبل أشهر قليلة، حين نجح النظام في افتعال أزمات بين بعض شرائح الشعب السوري عبر ممارسات التخويف والتدليس وشراء الولاءات والذمم.

وسواء تعلّق الأمر بالمبادىء والمثل أو بحسابات المصالح، يبدو الحفاظ على ثقافة الإصلاح والمصالحة والتعايش ملحاً وضرورياً، بل وأولويةً استراتيجيةً للسوريين مهما كانت خلفياتهم العرقية أو الدينية أوالمذهبية أوالمناطقية.

قد يستغرب البعض الاستشهاد بمثل هذا النص، ويرى فيه هؤلاء درجةً من (المثالية) المفرطة التي تتناقض مع (الواقعية) المطلوبة. إذ يبدو أن (ضغط) الواقعية عند البعض قد (ارتفع) في هذا الزمن إلى درجةٍ تجعلهم يغضُّون الطّرفَ عن كل ما له علاقةٌ بالمُثُل والمبادىء، على اعتبار أنها صارت تقليداً رجعياً بات في ذمّة التاريخ.

لكن هؤلاء يُغفلون أن في الواقع السوري التاريخي والراهن شواهدَ وقصصاً وأحداثا ووقائع باتت معروفة لأهلِ كل محافظة ومدينة ومنطقة وقرية. وهي تؤكد أن هناك دوماً، حتى في هذا الزمن، من يرتفع على ذاته إلى ما هو أعلى من مطالب الحياة اليومية، وأن هناك باستمرار من يسمو على مألوفه وعلى غاياته العادية، وأن عطاء أمثال هؤلاء يمكن أن يكون حاسماً ومصيرياً، خاصةً في الفترات ذات الخصوصية وفي أيام الأزمات العصيبة.. بل إن هذا يبدو جوهر قصة الملحمة السورية الكبرى في نهاية المطاف.

وحتى بحسابات المصالح، يبدو التمسك بوجود ثقافة الإصلاح والتصالح والتعايش ضرورياً للجميع. وإذا كان هذا جلياً بالنسبة لمن يعتبرون أنفسهم بالتصنيفات السائدة في موقع الأقلية، فإن على من يدخلون في تصنيف الأكثرية أن يُدركوا أهميته بنفس الدرجة. فالتنوع يمثل قدرَ سوريا الاستراتيجي، وهو قدرٌ يجب أن يكون كما كان دائماً، مصدر استقرار ونموٍ وتكامل كبير في الخبرات والتجارب لابد منه لبناء المستقبل.

وهكذا، تشيع ثقافة الإصلاح، من هذا المدخل أو ذاك، ويُصبح ممكناً معها ومن خلالها التأكيدُ على ضبط كثيرٍ من الأنانيات الخاصة ومن الجموح الشخصي، وعلى النظر إلى المصلحة الفردية من خلال المصلحة العامة، وعلى نقد الذات قبل نقد الآخر، وعلى بناء حدٍ أدنى من الثقة بين مختلف الشرائح، وعلى رفع مستوى الشعور بالمسؤولية العامة، وعلى إدراك حقيقة المصير المُشترك.. وغير هذا من عناصر تلك الثقافة.

ومن نافلة القول أنّ تحقيق هذه العناصر لا يتمُّ من خلال رفع الشعارات أو مجرد الكلام فيها وحولها، وإنما يحتاج الأمر إلى مواقف وسياسات وقرارات ومبادرات تكون في النهاية عمليةً محسوسةً على أرض الواقع. والأهم من ذلك أن تكون صادرةً عن جميع الأطراف، وملموسةَ الأثر من قبلهم جميعاً.. لأن إلقاء تَبِعةِ تشكيل وتجذير ثقافة الإصلاح على طرفٍ دون آخر يعني دقَّ المسمار الأول في نعشها منذ لحظة الولادة..

حتى إذا ما شاعت ثقافة الإصلاح، أمكن عندها أن تبدأ رحلةٌ، يصفها الدكتور عماد الدين خليل، وبالإذن من المصابين بالحساسية الزائدة من المُثُل والمبادىء، بأنها رحلةٌ «يرنو فيها الإنسان إلى مصيره عبر مصير أمته بشوقٍ عظيم، ثم إذا بشوقهِ هذا ينصبُّ كالمطر السّخي على رمال الصحراء المحترقة.. فيُحيي المَوات وينشر الخُضرة في كل مكان، ويُنبتُ أشجاراً ظليلةً ممتدةً الجذور إلى أعماق الأرض، ومرفوعة الأغصان في أعالي السماوات».

وفي زمن الأزمات بالذات ، يدرك كل عاقل أنه من خلال رحلةٍ كهذه «يُصنعُ تاريخ الأمم والأجيال، تُقامُ الدول وتشمخُ الحضارات، وتذوب كل الآلام القديمة في وجدان الأمة، وتندمل كل الجراحات المتقرّحة في أجساد أبنائها، ويزولُ كلُّ عذابٍ مُضنٍ عن أرواحها. وفي رحلةٍ كهذه ينصبُّ العدل والحبُّ على الجميع، فيشدُّهم قلباً إلى قلب، ووُجداناً إلى وجدان، فتسقطُ من أيديهم السكاكين، ويتلاشى من قلوبهم الحقد»..

نعم. يمكن لهذا أن يحدث في سوريا الثورة وأن يستمر مع ظهور سوريا المستقبل. ويمكن أن تتفجّر في مجتمعنا من خلاله طاقاتٌ لاتزال كامنة، وإمكاناتٌ ما زالت محبوسة، هو في أمسِّ الحاجة إليها.

ويمكن أن يُصبح الكلُّ أبطالاً بمعنىً من المعاني، دون أن تكون هناك حاجةٌ لاجتراح الخوارق والمعجزات، اللهم سوى وجود شيءٍ من المُثُل، وشيءٍ من المبادىء، وشيءٍ أضافيٍ من الحسابات..

=================

سيرة مدينة سورية في عامين

الشهيد الأول والكتيبة المقاتلة الأولى والانشقاق الأول

المستقبل

23-12-2012

دير الزور (سوريا) ـ خاص "نوافذ"

تعتبر محافظة دير الزور، وبخاصة ريفها، من أكثر المحافظات السوريّة تسلحاً من الناحيّة الشعبيّة أو العشائريّة؛ حيث توجد فيها أنواع مختلفة من الأسلحة التي زادت، وتنوّعت، خلال الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003؛ إذ كان يُسمح للمتطوعين من أهالي هذه المحافظة، التي تعتبر ثاني أكبر محافظة من حيث المساحة بعد حمص، بالتطوّع للجهاد ضد "الخنازير" الأميركيّة، لدرجة أنّ هناك معركة، جرت داخل الأراضي العراقيّة ضد القوّات الأميركيّة، كان جلّ المقاتلين فيها من "مجاهدي" دير الزور؛ وهي معركة "الفلوجة" الشهيرة؛ بعدما فتح الباب السريّ للتطوّع في المحافظة التي تملك، سوريّا من خلالها، أطول شريط حدوديّ برّي مع العراق، ما جعل القوّات الأميركيّة ترابط على طول تلك الحدود،؛ لمنع تدفق المسلحين وكذلك الأسلحة إلى العراق. وهذا ما سهّل، من جهة أخرى، تهريب السلاح إلى داخل سوريّة، وذلك بالاتفاق مع المفارز الأمنيّة، وحرس الحدود، لقاء نيلها حصّة نقديّة من صفقات السلاح.

عمليات التهريب تلك جعلت السلاح متوافراً للبيع حتى على الأرصفة في محافظة دير الزور، وكان البيع للجمهور علانيّة ولمختلف أنواع الأسلحة، التي كانت تستخدم للصيد والحماية واحتفالات الأعراس؛ فالعرس يختلف من ناحية قوّة السلاح ونوعه من عائلة إلى أخرى، ومن عشيرة إلى أخرى؛ فكانت هناك أعراس يُطلق فيها الرصاص من المسدّسات، وأخرى من الكلاشينكوف، وأخرى من قواذف الآر بي جي.

في بداية الثورة السوريّة، التي انطلقت في 15/3/2011، وحتى تاريخ 28/7/2011 لم تكن هناك مظاهر مسلحة في مواجهة التظاهرات التي خرجت ضد النظام، وبأعداد قليلة نوعاً ما، ومناصرة لباقي المدن المنتفضة. بل كانت تخرج وتتفرّق من دون حدوث مواجهات أو إصابات، سوى ما يليها من اعتقالات كانت تجري في الساعات المتأخرة من الليل.

تهديدات العماد علي مملوك

حضر العماد (أصبح برتبة لواء) علي مملوك، رئيس جهاز المخابرات العامة في سوريّا، إلى مدينة دير الزور في بداية الثورة، والتقى بشيوخ عشائر المنطقة ووجهائها، والعديد من الشخصيّات البعثيّة والمواليّة للنظام، وخلال تقديمه نظرة السلطة للأحداث، أو المؤامرة الكونيّة ضد البلد، مرّر الكثير من التهديدات إلى أهالي المدينة إذا هم وقفوا إلى جانب الثورة. لكن أحد شيوخ العشائر فاجأ العماد، بصراحة فجّة، بأنّ العشائر لو أرادت إسقاط النظام لأسقطته منذ زمن وبسلاحها فقط! ملمّحاً إلى ضعف النظام وضعف قوّته العسكريّة وأسلحته. ولمّا سأله العماد عن نوع الأسلحة الموجودة بحوزتهم، مع سخرية واضحة، وأعدادها، أجابه ذلك الشيخ بأنهم يمتلكون أسلحة كثيرة ومختلفة، ومن ضمنها سلاح (م.ط) المضاد للطائرات! فضحك العماد علي مملوك من فكرة وجود سلاح مضاد للطيران لدى عشائر متخلفة وأمّية، فما كان من شخص آخر إلا أن أوضح له بأن "الخير" في عناصر الأمن وضباطه لدى النظام؛ الذين يرضون بإدخال أيّ شيء للبلد، مهما زادت خطورته أو مخالفته لمهامهم وللقانون، مقابل حصّة نقديّة معينة.

التماثيل أهم من البلد ومن البشر

كان يوجد في مدينة دير الزور تمثالان كبيران، إضافة لملايين الصور الفسيفسائيّة والضوئية والورقيّة للعائلة الحاكمة، للرئيس الراحل حافظ الأسد، في ساحة الرئيس، ولابنه الراحل باسل الأسد، في الساحة العامة.

تمّ إسقاط تمثال الباسل في تظاهرة "الجمعة العظيمة" بتاريخ 22/5/2011 في الساحة العامّة، وتمّ مجابهة ذلك من رجال الأمن بإطلاق النار في الهواء فقط. ويٌقال إنه لم يتم إطلاق النار على المتظاهرين، ومنعهم من إسقاط تمثال الباسل، لأنّ القيادات الأمنيّة لم تكن تعرف، أو تقدّر، ردّة الفعل التي ستحصل من قبل أهالي المدينة عند مقتل أحد من المتظاهرين.

وهكذا بقي تمثال واحد في دير الزور، وهو تمثال الرئيس الراحل حافظ الأسد، في ساحة الرئيس، وصار الشغل الشاغل لعناصر الأمن حماية ذلك التمثال، كما في باقي المدن الأخرى، على حساب حماية المواطنين وأمنهم. وكان يبدو أنه من المسموح لأهالي دير الزور الخروج في التظاهرات في أي منطقة يشاؤون، ولكن مع عدم الاقتراب من ساحة الرئيس، ومن تمثال الرئيس الراحل.

تقع ساحة الرئيس، وهي نفسها ساحة السبع بحرات، بين أحياء الرشديّة وغازي عيّاش والقصور والجبيلة، وتحيط بها مراكز حسّاسة مثل المتحف الوطني، وقيادة الشرطة العسكريّة، وقيادة المنطقة الشرقيّة للجيش والقوّات المسلحة، وفرع المخابرات الجويّة، وهي قريبة أيضاً من فرع الأمن العسكريّ... لذلك كان يُعتبر إسقاط تمثال حافظ الأسد في تلك المنطقة المكتظة عسكريّاً وأمنيّاً، إهانة كبيرة للنظام، ودليل ضعف لهم، وبالتالي قد يؤدّي إسقاط التمثال إلى زلزال يودي بهم، وبمراكزهم القياديّة في الجيش والأمن. من أجل كلّ ذلك، ولحسابات خاصّة بها، أوصلت القيادات الأمنيّة رسائل إلى أهالي المدينة، من خلال المتعاملين معهم، وأصدقائهم من وجهاء المدينة، مفادها أنّ: "التمثال لنا والبلد لكم". بمعنى آخر. بأنهم لن يُطلقوا الرصاص على أي تظاهرة، مؤيّدة للثورة وضدّ النظام، شريطة أن لا تقترب من ساحة الرئيس، ومن تمثال الرئيس، وبالتالي فهم الناس، من هذا العقد الشفهيّ، أنّ عدم المساس بتمثال حافظ الأسد يعني عدم إطلاق النار عليهم خلال التظاهرات.

خرق الاتفاق والشهيد الأوّل

خرجت تظاهرة جمعة "أطفال الحريّة" في حيّ الجورة بتاريخ 3/6/2011، وكان عدد المشاركين فيها لا يتجاوز /15000/ متظاهر، مع العلم بأنّ عدد المتظاهرين قبلها كان أقلّ من ذلك بكثير. ورغم أنّ التظاهرة كانت بعيدة عن ساحة الرئيس، قام أحد عناصر الأمن العسكريّ بإطلاق رصاصة واحدة، من سلاح الكلاشينكوف، أصابت الشاب معاذ ركاض في عنقه، وأدّت لمقتله على الفور، فتراجع المتظاهرون وتفرّقوا، وقام الأمن بسحب جثة الشاب، بعد أن بقيت تنزف على الأرض لوقت ليس بالقليل.

كان لهذه الحادثة مفعول سحريّ في زيادة التظاهرات، وزيادة أعداد المتظاهرين فيها بشكل متزايد، وكذلك شكلت، فيما بعد، كتيبة، ثمّ لواء، من الجيش الحرّ سُمّي بلواء معاذ ركاض، وهو اللواء الذي يتمركز حالياً في محافظة دير الزور، وشارك مع لواء الفاروق في تحرير معبر تل أبيض الحدوديّ في محافظة الرقة.

تشييع الشهيد الأوّل وشهداء جدد

قام الأمن، في اليوم التالي السبت 4/6/2011، بتسليم جثة الشاب معاذ ركاض لذويه الذين يسكنون بالقرب من كليّة العلوم، في حيّ العرفي، وتوافد الناس إلى هناك، وخرجت تظاهرة قدّر عدد المشاركين فيها بأكثر من عشرين ألف مشارك، واتجهت من كليّة العلوم، سائرة في الشارع العام الذي يُعتبر من أطول وأضخم الشوارع في مدينة دير الزور، نحو الساحة العامة التي تمركزت فيها، حيث سبق أن تمّ إسقاط تمثال الباسل فيه. وخلال ذلك التمركز اتفق منظمو التظاهرة على التوجّه إلى ساحة الرئيس. وبالفعل غادرت التظاهرة الساحة العامة واتجهت إلى ساحة السبع بحرات، وقام المتظاهرون، في طريقهم إلى هناك، بتحطيم مكاتب ومحتويات شركة "سيريا تل" للاتصالات الخلويّة (المملوكة من قبل رجل الأعمال السوريّ رامي مخلوف قريب الرئيس السوري)، ومرّوا بقيادة المنطقة الشرقيّة للجيش والقوّات المسلحة، حيث اكتفى عدد من الجنود، التابعين للقيادة، بمراقبة التظاهرة والمتظاهرين من دون حمل أي أسلحة.

ساحة الرئيس تعتبر مرتفعة عن الشوارع والطرق التي تصبّ، أو تلتقي، فيها، وبالتالي كان بإمكان قوّات الأمن، المتمركزة لحماية التمثال، مراقبة كلّ التظاهرة من الأعلى، والتدخل في الوقت المناسب.

عند وصول مقدمة التظاهرة إلى نقطة قريبة من المكان، قام أحد ضباط الأمن باعتراضها، والطلب من المتظاهرين التراجع ومغادرة المكان. فقام أحد الشبّان، في الثلاثينات من عمره، وهو من السائرين في مقدمة التظاهرة، بإعطاء ظهره لعناصر الأمن، ووجهه للمتظاهرين، وألقى خطاباً مرتجلاً وبصوت جهوريّ، طالباً من المتظاهرين متابعة طريقهم وتحطيم تمثال حافظ الأسد، "لأنّ هذا النظام لن يفهم إلا بالقوّة"، على حد قوله. فتقدّمت التظاهرة من جديد باتجاه التمثال، فردّ عليهم عناصر الأمن بإطلاق النار بكثافة في الهواء، ومن ثم إطلاق الغازات المسيّلة للدموع لتفريقهم، بمؤازرة من عناصر كتيبة حفظ النظام؛ الذين هجموا على المتظاهرين وضربوهم بالهراوات. ومن أجل تفريق التظاهرة نهائيّاً قام أحد عناصر الأمن بإطلاق النار مباشرة على رأس الشاب محمد راغب الصيّاح (في الخامسة والعشرين من عمره)، بينما استهدف أحد القنّاصين رأس الشاب عبد المنعم الحبشان (في الثلاثينات من عمره)، وهو على دراجته الناريّة، ويعتبر أحد منظمي التظاهرات، وأرداه قتيلاً على الفور. إضافة لإصابة الكثير من الشبّان بجروح مختلفة.

في مساء ذلك اليوم اتصل العميد الركن جامع جامع، الذي يحمل رتبة لواء الآن، قائد الأمن العسكريّ في المنطقة الشرقيّة، بوالد عبد المنعم الحبشان، الذي ينتمي لعشيرة كبيرة في عددها ومصاهراتها، طالباً منه تهدئة النفوس، وبأنه مستعدّ لتسليمه قاتل ابنه. فرفض والد الشهيد هذا العرض، مشدّداً على أنّ مَن قتل ابنه ليس فرداً، وبأنّ رفاقه من المتظاهرين سيأخذون ثأر، ابنه عاجلاً أم آجلاً.

في الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد 5/6/2011 كان تشييّع ودفن الشهيد معاذ ركاض. بينما تمّ تشييّع الشهيدين الصيّاح والحبشان في الساعة الرابعة من عصر ذلك اليوم. وفي هذا التشييّع الأخير انتفضت دير الزور؛ إذ شارك في التشييّع أكثر من مئة ألف شخص، من داخل المدينة وريفها.

خلال التشييّع لم تكن هناك أي مظاهر أمنيّة؛ فقد انسحب رجال الأمن من كلّ مكان في المدينة، فيما عدا دوريّة واحدة بقيت كحامية لتمثال الرئيس، إلى داخل الفروع والثكنات.

مقبرة شهداء الحريّة

هناك تفصيل لا بدّ من المرور عليه؛ ففي صباح التشييّع ظهر شخص اسمه قيصر آصف هنداوي، سيصبح فيما بعد نائب رئيس المجلس العسكري وقائد لواء درع الفرات في الجيش السوريّ الحرّ، وقال لأهالي الشهداء الثلاثة بأنه يمتلك قطعة أرض في منطقة المقابر، مساحتها ثمانية دونمات، وبأنه تبرع بها لتكون مدفناً لشهداء التظاهرات، وبأنه سيقوم بوضع سور للمقبرة، ووضع لافتة كبيرة سيُكتب عليها :" مقبرة شهداء الحريّة". فوافق أهالي الشهداء على دفن شهدائهم في تلك المقبرة الجديدة.

بعد انتهاء دفن الشهيدين حصلت حادثتان مختلفتان: تتمثل الأولى في ذهاب /5000/ من المتظاهرين إلى مشفى "النور" الخاص، حيث عولج الجرحى، على حساب إدارة المشفى، وجلسوا أمام واجهة المشفى، وردّدوا هتافات وشعارات تحيّي موقف صاحب المشفى وأطبائه من جهة، وتدعو الأطباء إلى الالتحاق بالثورة كأطباء أحرار، من جهة أخرى.

هذه اللفتة من مشفى النور الخاص، ومن الاعتراف بالجميل من شباب الثورة بدور الأطباء، سارعت في صدور بيان تضامني من أطباء دير الزور مع مطالب الثورة، وحقوق الشعب في الحريّة، مع التعهّد بمعالجة كل الإصابات التي قد تحدث في التظاهرات مجاناً وعلى حساب أصحاب المشافي الأربعة الذين وقعوا على هذا البيان؛ وهم أصحاب مشفى النور ومشفى السعيد ومشفى السّاعي ومشفى السيّد.

استمرّ ذلك المشهد أمام مشفى النور الخاص ما يُقارب السّاعة، ثمّ توجّه أولئك المتظاهرون إلى الساحة العامة، حيث تمّ سابقاً إسقاط تمثال الباسل فيه ووضع سارية عالية بدلاً منه تنتهي بعلم ضخم للجمهوريّة العربيّة السوريّة، فقاموا بإنزال العلم الرسميّ ورفع علم الاستقلال بدلاً منه؛ حين لم يكن هذا العلم قد انتشر بعد، بشكل كبير في التظاهرات التي كانت تخرج كلّ يوم جمعة.

أمّا الحادثة الثانية فكانت في اجتماع العميد جامع جامع مع وجهاء مدينة دير الزور، مساء ذلك اليوم، والطلب منهم التدخل لتهدئة الشباب، ومنعهم من الخروج في تظاهرات "ضدّ الوطن". إلا أنّ وجهاء المدينة ردّوا بأنهم وجهاء البلد صحيح ولكنهم لا يملكون البلد، ولا يستطيع أحد منهم التأثير على قرار الشباب الثائرين في الخروج في التظاهرات من عدمه.

مفاجأة تمثال حافظ الأسد

في الساعة الخامسة من فجر الاثنين 6/6/2011 ذهبت رافعة ضخمة كي تزيل تمثال الرئيس الراحل حافظ الأسد من ساحة السبع بحرات، وقد أشرف على العمليّة كاملة العميد جامع جامع، وطائرة هيليوكوبتر كانت تساند المجموعة المكلفة بإزالته من الجو. وعندما ربط التمثال بحبال معدنيّة والبدء بإزالته، انزلق أحد الحبال من الرافعة وسقط التمثال على الأرض وتحطم! وتمّ الاحتفاظ بحطام ذلك التمثال، الذي أجبر الثوّار السلمييّن السلطات على إزالته، في مستودع متحف دير الزور.

ورغم أنّ التظاهرات ظلت تخرج بشكل أسبوعي، كلّ جمعة، في الساحة العامة، وبمشاركة لا تقل عن /50,000/ مشارك، إلا أنّ شباب الثورة شعروا بأنّ غضب الشارع قد خفّ بعد إزالة التمثال، فبدأ شباب الثورة يُفكرون بمبادرة جديدة، لضخّ التجديد في التظاهرات، وزيادة ضغطها في إسقاط النظام نفسه. ومنذ التحاق الشباب بركب الثورة السوريّة، كانت تُقابل كلّ بادرة جديدة من شباب الثورة بعنف متزايد من السلطات.

اعتصام جامع عثمان بن عفان

كانت البادرة الجديدة من شباب الثورة هي الدعوة لاعتصام مسائيّ دائم في الساحة المقابلة لجامع عثمان بن عفان بعد انتهاء صلاة العشّاء.

طوال الأيام الثلاثة الأولى، للاعتصام المذكور، كان عناصر الأمن يتواجدون، في سيّاراتهم بعيّداً عن مكان الاعتصام. ولكن في اليوم الرابع تمّ الهجوم من قبل شبيحة النظام، الذين كانوا مسلحين بالمسدسات والعصيّ والسكاكين، لتفريق الاعتصام بالقوّة. إلا أنّ أولئك الشبيحة تعرّضوا للضرب المبرّح من قبل المعتصمين؛ بسبب تعاظم أعداد المعتصمين من فور سماع الأهالي بتدخل الشبيحة واعتدائهم على المعتصمين. ومع تكرار تعرّض الشبّيحة للضرب قرّر الأمن التدخل بعناصره المسلحة لإنهاء الاعتصام بالقوّة. ونجح في ذلك.

إلا أنّ شباب الثورة ردّوا بمبادرة جديدة؛ وهي الاعتصام المستمرّ، ولكن المتنقل من ساحة لأخرى؛ فكان في كلّ مساء هناك اعتصام ولكن في مكان يتغيّر كل يوم.

الانشقاق الأوّل

في جمعة الشيخ صالح العلي بتاريخ 17/6/2011 خرجت تظاهرة مؤلفة من أكثر من سبعين ألف مواطن، وجابت كالعادة شوارع المدينة، وعندما مرّت من أمام مقرّ الهجّانة، إدارة تجنيد المنطقة الشرقيّة، هتف المتظاهرون بأنّ "الشعب والجيش يد واحدة"، مع الهتاف التاريخيّ بأنّ "الشعب يريد إسقاط النظام". خرج من البوّابة الكبيرة للهجّانة ضابط، برتبة ملازم أوّل، غير مسلح، مع خمسة من العناصر المسلحين بسلاح الكلاشينكوف. وعندما مرّت مجموعة من المتظاهرين يحملون علماً كبيراً، رسميّاً، أعطى الضابط إيعازاً لعناصره بالاستعداد، ومن ثمّ بأداء التحيّة العسكريّة؛ حيث ظلوا مؤدّين التحيّة حتى مرور نهاية التظاهرة، فما كان من المتظاهرين إلا أن هتفوا "الله محييّ الجيش"، قبل أن يتبناها موالو النظام في مسيراتهم المضادّة.

في هذه الأثناء جاءت سيارتان ممتلئتان بالجنود المسلحين، تابعة للأمن العسكريّ، وفتحت البوابة الكبيرة للهجّانة من جديد، لتخرج منها سيارة عسكريّة، يُعتقد أن مديرها كان قد خرج في تلك السيّارة، ثم دخلت السيارتان بعد أن طلبت من الضابط وعناصره الدخول إلى داخل إدارة الهجّانة. وبعد إغلاق الباب من جديد، سُمع، بعد مدة ثلث ساعة إطلاق نار داخل الهجّانة، يشتبه في أنه تمّ تصفية الضابط وعناصره الخمسة ميدانيّاً رمياً بالرصاص، وإذا صدق هذا التوقع، ونسبته كبيرة، يكون قد تمّ القضاء على أول انشقاق كان من الممكن حدوثه في الجيش.

شهيدان جديدان... ودير الزور تنتفض

عندما دخلت سيّارتا الأمن العسكريّ، والضابط وعناصره الخمسة، إلى داخل الهجّانة، قام عدد من المتظاهرين بتكسير اللوحة السيراميكية الكبيرة، لحافظ الأسد وولديه باسل وبشار الأسد، والتي تقع مقابل الباب الرئيسيّ لقيادة الهجّانة، وأثناء تكسير اللوحة سُمع إطلاق النار داخل الهجّانة، ثمّ قام قناص بقنص وقتل كلّ من الشّابين حسّان الدخول وعمر خرابة. فانسحبت التظاهرة مع جثماني الشهيدين إلى منازل ذويهما.

في الساعة الرابعة من عصر اليوم التالي السبت كان التشييّع، وانتفضت دير الزور من جديد؛ لتخرج في تظاهرة تشييع شارك فيها أكثر من مئتي ألف مشيّع، وتمّ ملء أربع دوّارات، كليّة العلوم والمدلجي والدلّة والمقابر، وأربع أوتوسترادات، البوسرايا ونادي الضباط وبور سعيد والانطلاق القديم، وشاركت فئات للمرّة الأولى؛ كالأطباء الأحرار بلباسهم الأبيض، والمحامين الأحرار بثوب المرافعات، ودكاترة جامعة الفرات الخاصّة، وتجمّع الشيوعييّن الأحرار، إضافة لأعداد كبيرة من النساء والشيوخ.

وبسبب الجوّ الحارّ الذي تتمتع به مدينة دير الزور، كمدينة صحراويّة، في ذلك الوقت من السنة، كانت النسوة يرششن المتظاهرين بخراطيم المياه من الشرفات، إضافة للزغاريد ورمي السكاكر والشوكولاتة، لإنعاش المتظاهرين من القيظ.

اعتصام المدلجي للثوّار وخيمة المؤيّدين

قرّر شباب الثورة طرح بادرة جديدة، مشابهة لبادرة سابقة تمّ إنهاؤها بقوّة السلاح، وهي اعتصام مسائيّ دائم في ساحة المدلجي؛ حيث تمّ تجهيز المكان بأجهزة الصوت والكراسي، وتقديم مقطوعات غنائيّة وموسيقيّة، تمجّد الثورة، مع عرض لقطات فيديو لتظاهرات المدينة والمدن الأخرى.

وظلّ هذا الاعتصام مستمرّاً بشكل يوميّ، وبمشاركة لا تقلّ عن /30,000/ مشارك، إلى تاريخ 28/7/2011 وهو تاريخ بدء العصيان المدنيّ.

على بعد أقلّ من كيلومتر من مكان الاعتصام الخاص بالثوّار، أقام مؤيدو النظام، من البعثييّن والمستفيدين والأمن والجيش، خيمة خمسة نجوم لتبجيل القائد والهتاف بحياته، وكان يتمّ إطعام الناس هناك وتسليتهم بوجود مطربين وراقصات.

الإضراب الشامل وتغيير المحافظ ودخول الجيش

ازدادت أعداد المشاركين في التظاهرات بشكل لافت؛ ووصلت لأكثر من خمسمئة ألف متظاهر، تزامناً مع تظاهرات ساحة العاصي في حماه، في جمعة أحفاد خالد بن الوليد وجمعة ارحل. وهذا ما أدّى إلى ازدياد غضب السلطات الأمنية المحليّة، وكذلك سلطات العاصمة دمشق.

في يوم الخميس 21/7/2011 تم تنفيذ إضراب شامل ناجح في مدينة دير الزور، تضامناً مع ثوّار حمص المحاصرين في مدينتهم، فأقفلت كافة المحلات والمدارس والإدارات العامة...، ونزل عناصر الأمن العسكريّ إلى الشوارع، وقامت بتكسير أقفال المحلات وواجهاتها، وأشرف على ذلك اللواء جامع جامع الذي قتل أحد الأشخاص، من عائلة زمزم، في الشارع بمسدسه الشخصي.

تمّ إعفاء محافظ دير الزور حسين عرنوس، الذي كان يلعب دوراً جيّداً ونشطاً في تهدئة الشارع، والتدخل لدى القيادات الأمنيّة لتخفيف عنفها ضدّ المتظاهرين، وذلك بعد يومين فقط من الإضراب الشامل؛ وتعييّن السيّد سمير الشيخ محافظاً جديداً لدير الزور، وهو مدير سجن عدرا سابقاً. وفي أوّل تصريح له، لمن التقاه من وجهاء المدينة، هدّد بقتل كلّ المعتصمين في ساحة المدلجي، إذا لم ينهوا اعتصامهم، وبأنه سيحرث تلك الساحة ويقلب عاليها سافلها.

في تلك الأثناء بدأ ترويج الإشاعات في الشارع بأنّ الأمن سيُهاجم الحارات، ويقتل ويعتقل وينتهك الأعراض، فما كان من أهالي كلّ حيّ سوى وضع حواجز، من إطارات وأخشاب وحجارة، في مداخل الحارات، وحراستها من قبل شبّان مسلحين بالسكاكين، وبنادق صيد على أكبر تقدير.

الأمن، من جهته، قام بافتعال اشتباكات وهميّة، من تاريخ 28/7/2011، وهو تاريخ انتهاء اعتصام المدلجي، وحتى تاريخ 1/8/2011، في حيّ الجورة، وإشاعة وجود عصابات مسلحة في مدينة دير الزور، وبالتالي إباحة اجتياح الجيش للمدينة، كما جرى في كلّ المدن السوريّة المنكوبة، بحجّة وجود نداء من الأهالي للجيش بدخول المدينة وتخليصهم من العصابات الإرهابيّة المسلحة.

الاقتحام الحقيقي للجيش إلى المدينة كان في يوم الأحد 7/8/2011، عندما جاءت /356/ مدرّعة ودبابة، دخل منها إلى الأحياء الداخلية /80/ مدرّعة. ومنذ ذلك التاريخ وحتى يوم 14/8/2011 قتل أكثر من /184/ شخصاً في دير الزور، واعتقل ما يُقارب /25000/ شخص.

الكتيبة المقاتلة الأولى وضرب الحواجز

مع تزايد العنف من قبل الأمن، ودخول الجيش، بدأ ضرب الحواجز عن طريق أفعال فرديّة، ومنها ما قام به الشهيد الشاب "مرعي الحسن"؛ فقد ركب خلف صديق له على دراجة نارية، معطياً ظهره للسائق، وقتل بمسدسه الشخصيّ خمسة عناصر أمنيّة على حاجز الدلة، في مدخل المدينة، في يوم "جمعة الصبر والثبات"، وقُتِل أيضاً مرعي الحسن، وأصيب صديقه برصاصة في ساقه، الذي تمّ اعتقاله ثم اختفى منذ تاريخ تنفيذ العمليّة بتاريخ 26/8/2011 وحتى الآن.

هذه العمليّة كانت الفاتحة لتشكيل مجموعات صغيرة، من ست دراجات ناريّة، تقوم بضرب الحواجز بالديناميت أو الرصاص، إلى أن تمّ تشكيل أوّل كتيبة مسلحة في دير الزور تحمل اسم "كتائب محمّد"، في 27/1/2012، بقيادة طالب الدكتوراه في اللغة الإنكليزيّة، ومدرّس الأدب الإنكليزيّ في جامعة الفرات الخاصة، الشهيد خليل البورداني.

=================

"حزب الله" والمؤامرة

يوسف بزي

المستقبل

23-12-2012

فيما كان النظام السوري يقيم جسراً جوياً وبرياً لألوف السلفيين الجهاديين، الآتين من كل بقاع العالم، ويستقبلهم بأفضل التسهيلات الممكنة، تمهيداً لتسللهم إلى داخل العراق، فيقيم لهم المعسكرات، ويزوّدهم بالأسلحة ويدربهم على صنع المتفجرات، ويخطط معهم على انتقاء الأهداف، وعلى اختيار الشخصيات التي يجب اغتيالها، وكذلك المباني التي يتوجب نسفها بمن فيها، والساحات المناسبة لتنفيذ أفظع المجازر.. كانت إيران، بدورها ترعى إنشاء الميليشيات الأصولية الشيعية وتمدها بالمال والسلاح وخبرات صناعة المتفجرات وتساعدها على تحديد الأهداف وتنفيذ عمليات القتل والمذابح، في مختلف المحافظات العراقية.

على هذا النحو اشتغل الحلف السوري الإيراني، بتنسيق كامل، على إدارة "المذبحة" العراقية بين "السلفية الجهادية" و"الأصولية الشيعية" التي ذهب ضحيتها مئات الألوف من العراقيين، تحت شعار "مقاومة الاحتلال الأميركي"، فيما كان حسن نصرالله يرطن بكلمة فارغة المعنى: إنه الموساد. كان يقول محدداً المسؤول عن فظائع العراق الدامية!

كان جمهور حزب الله في لبنان، يعرف أن "الشيعية السياسية" الوليدة في العراق، متحالفة مع أميركا من أجل "اجتثاث البعث"، وأن القتل العميم هناك ليس من صنيعة الموساد. مع ذلك، كان هذا الجمهور يحبّذ الأخذ بكلمة نصرالله. بل إن حزب الله نفسه كان يعرف تماماً أن "البعث" السوري هو المسؤول الأول عن نشر إرهاب تنظيم القاعدة الذي يذبح الشيعة العراقيين، وهو الذي يؤمن الملجأ والإمدادات لأتباع صدام حسين، الذين تفننوا بارتكاب الأهوال بحق سكان النجف والبصرة، وتسببوا بحمامات دم هي أشبه بـ"عاشوراء" يومية.

نفّذ الحلف السوري الإيراني مخططه الجهنمي في العراق، ما نتج عنه واحدة من أشنع الحروب الأهلية، وأشدها وحشية ودموية وعبثية.. وأحالت تلك البلاد حطاماً بمجتمع ليس له إلا الذاكرة الدموية والموت والخراب، فيما ظل حسن نصرالله يردد: "الموساد"، "الموساد"، بلا كلل.

منذ آذار 2011، تنقل عشرات الألوف من الكاميرات الفردية، والتلفزيونية، والصحافية، الوقائع الدامغة على انتفاضة الشعب السوري في كل حارات وشوارع وأزقة وساحات قرى ومدن سوريا، وتصوّر يوميات الثورة وتظاهراتها، كما تلتقط وتبث كل الأفعال الإجرامية والوحشية التي مارسها النظام "البعثي" (الممقوت شيعياً!) بحق الأطفال والنساء والرجال والشباب، وتوثق هذه الكاميرات عمليات القصف العشوائي المكثّف وغارات الطيران (بما فيها الغارة على بلدة إعزاز التي استهدفت قتل المخطوفين اللبنانيين الشيعة أولاً)، وآخرها الغارات المباغتة على مخيم اللاجئين الفلسطينيين في اليرموك التي تسببت بمجزرة بحق السكان المدنيين.. كذلك، فهذه الكاميرات بالإضافة إلى آلاف التقارير الصحافية، دوّنت وأظهرت أفظع عمليات التعذيب والاغتصاب والقتل والإعدامات الميدانية، في حرب شاملة يشنها جيش النظام و"شبيحته" على الشعب السوري (ويكفي أن نفكّر برهة أن للنظام "شبيحة"!؟).. ومع ذلك يقف حسن نصرالله ليرطن بكلمة فارغة المعنى: إنها مؤامرة إسرائيلية على نظام الممانعة (والمقاومة). ويتبعه في تردادها جمهوره اللبناني.

وإذا كانت السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير، بنظر حزب الله وجمهوره، متخاذلتين وعميلتين وانهزاميتين، فإن "حماس" و"الجهاد الإسلامي" كانتا حتى الأمس القريب، بلغة حزب الله وأنصاره، هما عنوان "المقاومة" و"الممانعة" وهما اللتان تعبران عن إرادة الشعب الفلسطيني.. لكن فجأة، وانسجاماً مع نظرية "المؤامرة الكونية"، باتتا اليوم خائنتين للوفاء وناكرتين للجميل.. فلم يبق من "فلسطين حزب الله"، ولم يبق فلسطينيون أصلاً ولم يبقَ من قدس وغزة إلا ضابط المخابرات السورية أحمد جبريل. وربما بات على حزب الله، والحال هذه، تحرير فلسطين من الفلسطينيين أنفسهم، كما بات على النظام السوري تحرير سوريا من السوريين. تماماً كما فعل الحلف الإيراني السوري، ولإفشال "المشروع الأميركي"، بأن نفّذ مؤامرة حقيقية حقاً حرر فيها العراق من مئات ألوف العراقيين قتلاً وذبحاً في أشد حقبات الرعب حلكة التي عرفها العالم.

وحال حزب الله في نظرته ورؤيته العراقية والفلسطينية والسورية هي عينها في نظرته اللبنانية، إذ أن "بطل" مجزرة صبرا وشاتيلا إيلي حبيقة، ما أن صار من أتباع النظام السوري، حتى بات اسمه "أبو علي" وسط جمهور حزب الله، الذي "يقدّس" القضية الفلسطينية!

هذا، وكان حزب الله قد أخذ على عاتقه بعد نيسان 2005، القيام بدور الوكيل عن الوصاية السورية التي اضطر جيشها ومخابراتها للانسحاب المهين من لبنان، إثر الانتفاضة الشعبية في شباط من ذلك العام، وهو من أجل توكيد تلك الوكالة واستئناف الوصاية بالواسطة، عمد إلى تجديد "الاستراتيجية" السورية في ربط النزاع الشرق الأوسطي، أي الإبقاء على جنوب لبنان (وأهله) "صندوق بريد" دموي، وساحة مفتوحة وسائبة للمعارك المحسوبة وللحروب الفالتة. هكذا قام في العام 2006، و"نكاية" بإرادة أغلبية اللبنانيين، وغصباً عن الدولة اللبنانية وسياستها، واستهتاراً بدماء الناس والمواطنين، وأهل الجنوب منهم خصوصاً، واستخفافاً بأي حساب أو كلفة، بافتعال حرب مع إسرائيل، أفضت إلى نتائج كارثية على لبنان.. لكنها، حسب نصرالله وجمهوره، هي "نصر إلهي"!

وترجم الحزب المذكور نصره الإلهي، انقلاباً سياسياً وعسكرياً على المجتمع اللبناني وعلى الدولة، مفككاً الحال "الاستقلالية" و"الوطنية" ومعيداً إنتاج المناخات الطائفية والمذهبية نابشاً المخاوف والضغائن والأحقاد، ليرتد اللبنانيون، إزاء الإعتصاب الشيعي المسلّح، إلى اعتصاباتهم السابقة على حالهم الوطنية الجنينية التي تخصّبت في ربيع العام 2005.

وإمعاناً في وفائه للملف السوري الإيراني، ذهب حزب حسن نصرالله، إلى استدعاء ما نبذه اللبنانيون منذ توقيع اتفاق الطائف عام 1989، أي اللجوء إلى السلاح الميليشيوي في النزاعات السياسية، فشنّ حربه الخاطفة من طرف واحد في أيار 2008، على العاصمة بيروت. ومرة أخرى كان حسن نصرالله يردد: إنها المؤامرة.

بموازاة كل هذا، وبالتزامن مع كل الأحداث الموصوفة، شهد لبنان منذ 14 شباط 2005، وما زال يشهد، مسلسلاً من الاغتيالات السياسية الكبرى، وتشير كل التحقيقات، وتوجه كل الاتهامات، وتدل جميع القرائن والإثباتات والدلائل على تورّط أجهزة حزب الله وعناصره والمخابرات السورية وأعوانها في تنفيذ تلك العمليات المروّعة، والتي تكاد تجهز على السياسة ورجالاتها في لبنان، وتسبب "الفتنة" والحرب الأهلية.. ومع ذلك يعلن نصرالله: إنه الموساد، إنه الموساد.

=================

مخيم اليرموك: هجرة أخرى ونكبة أخرى

ماجد كيالي

المستقبل

23-12-2012

لم تترك طائرة الميغ مجالاً لهؤلاء الذين افترشوا الأرض، في جامع عبد القادر الحسيني وفي مدرسة الفالوجة، للتملص أو للاحتماء، إذ باغتهم صوتها المرعب، وقذائفها المزمجرة، فباتوا أشلاء، في ذلك اليوم (الأحد 16/12/2012)، في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين؛ هذا ما بينته الصور على يوتيوب وفي الفضائيات.

لكن ما الذي كان هذا الطيار يظن بأنه يفعله في هذه الغارة؟ ما الذي كان يدور في مخيلته لحظة الانقضاض على ما يعتبره هدفه؟ ماهي حقيقة مشاعره؟ فهل كان يعتقد أنه كان يقوم بمهمة قصف حربية لتحرير فلسطين أو الجولان مثلاً؟ طبعاً لا، فهذا مستحيل، فلم يسبق له أن فعلها من قبل، ولم تأته أوامر من هذا النوع طوال خدمته العسكرية. ومنذ انتهاء حرب تشرين (1973) ولا طلقة باتجاه هضبة الجولان المحتلة. إذاً ما الذي كان يظن هذا الطيار أنه يفعله بقصفه مسجداً ومدرسة للاجئين الفلسطينيين؟ وبالأحرى ما ماهية الثقافة التي تربّى عليها هذا الطيار، والتي مكنته من القيام بهذه الفعلة المشينة؟ ما ماهية العقيدة العسكرية التي نشأ عليها؟ وأي ضمير أخلاقي يحمله هذا الكائن الطيار؟ وكيف وصل إلى هذا الدرك؟!

والحال، صارت حادثة طائرة الميغ تلك حدثا في تاريخ مخيم اليرموك، وفي التاريخ المأساوي للاجئين الفلسطينيين، وفي تاريخ ثورة السوريين الأكثر كلفة بين الثورات العربية قاطبة، وفي تاريخ العلاقات السورية الفلسطينية، ليس مهماً اسم قائدها، فيكفي انها حدثت في عهد الطاغية بشار الأسد، أو باسمه.

لم يكن في المسجد والمدرسة لا مقاتلين، ولا مسلحين. وأصلاً، لا يوجد في المخيم مسلحون سوى مجموعات الجبهة الشعبية - القيادة العامة، الذين فرضوا أنفسهم بالسلاح، وبدعم النظام. أما الجماعات المسلحة التابعة للجيش الحر فهي تبعد مئات الأمتار عن مكان القصف، في حي الحجر الأسود المجاور، او في حي التضامن، لكن هنا ثمة جامع ومدرسة فضلا عن مشفى (الباسل) كان تعرض للقصف بالهاون قبل يوم من حادثة الميغ. وبالنتيجة فإن ضحايا هذه الغارة الجبانة، من الشهداء والمصابين، كانوا نساء ورجالا وأطفالا من النازحين السوريين ومن الفلسطينيين، الذين أخذهم القدر على حين غرّة، فوحّدهم المصاب بعد أن وحّدتهم مشاعر اللجوء والنزوح وآلامهما؛ حيث بات اللاجئون الفلسطينيون في سوريا يستقبلون لاجئين، أو نازحين، سوريين من الأحياء المجاورة، طوال الأشهر الماضية.

حقاً، كانت تلك ضربة غادرة وأليمة وقاسية، لا سيما أن المخيم لم يعتد على غارة طيران، ولم يهيئ أحواله لها، فقد كان مجرد تعايش مع قذائف الهاون، والتي نجم عنها أكثر من مجزرة. أما مجزرة الميغ، فقد كانت بمثابة ضربة جد صاعقة وصادمة، ولم تكن تخطر على بال.

في خضم ذلك كان الصراع على أشده بين جماعات الجيش الحر من جهة وقوات النظام، ومعها جماعة أحمد جبريل. وبالنتيجة، تمكن الجيش الحر من الدخول الى المخيم واحكام السيطرة عليه.

بعد هذه الغارة، وبعد التحولات التي حصلت في المخيم، أصيب الأهالي بحال من الذهول، ودبت مشاعر الخوف والرعب من الآتي، واشتغلت مخيلاتهم بما يمكن أن يختبروه وأطفالهم في الأيام التالية، على ضوء ما اختبره غيرهم، في دوما وداريا والتضامن وبابا عمرو في حمص، لاسيما مع الشائعات التي انتشرت فجأة بشأن ضرورة اخلاء المخيم، بدعوى أن جيش النظام ينوي اقتحامه لتطهيره من الجيش الحر.

هكذا، لم ينتظر الفلسطينيون طويلاً، وأصلاً ما كان لديهم أي مجال للتفكير بشأن ما يمكن أن يجري، فسرعان ماحملوا ما خف حمله تاركين مخيمهم وبيوتهم، وممتلكاتهم، هائمين على وجوههم، إلى الأحياء المجاورة، أو الى المخيمات الأخرى، وحتى أن ثمة الألوف منهم ذهبوا الى الحدود باتجاه لبنان، كأنهم في نكبة أخرى، بعد أن باتوا يحملون صفة النازحين أيضاً، في استعادة مؤلمة، وموجعة، لمشهد اللجوء الأول، لجوء الآباء والأجداد (1948).

في غضون ذلك كانت ثمة أصوات أخرى، أيضاً، ثمة من رفض أن يغادر عن عدم قناعة أو من قبيل العناد، وثمة منهم من ليس لديه مكان ليغادر إليه، كما ثمة نشطاء قرروا البقاء في المخيم. وعن ذلك كتب Hassan Shaban بمرارة بالغة: "اللي بيترك بيته بعمره ما راح يرجع عليه... ان لم ترجعوا بهذه الايام فلن تجدوا مكانا لكم بعدها... لن تروا المخيم كما لم نرَ فلسطين بعد أن ترك أجدادنا بيوتهم وهربوا من الموت والخوف.. ليش الموت هل هناك أصلا مهرب منه؟! موتوا في بيوتكم أحسن ما تموتوا بكل لحظة بعيون الناس في شوارع الزاهرة وأرصفة الميدان... عودوا الى بيوتكم ومحلاتكم وإلا والله إن نفس البيوت و الشوارع ستنكركم". وهذا عبد الله الخطيب يكتب عن تشكيل ما يسمى "خلية أزمة" لإدارة أحوال المخيم، مؤلفة من "مجموعة من الشباب المستقل" مهمتها "تأمين خروج ودخول الناس الراغبين من المخيم وإليه.. وتقديم المساعدات اللازمة للعائلات الباقية فيه عن طريق مؤسسة "بصمة" الاجتماعية والهيئات والمؤسسات المتبقية.. كما ستقوم بجولات ميدانية على انحاء المخيم بشكل دوري لحماية الممتلكات العامة والخاصة وتقديم تقرير يومي عن حال اليرموك"

وعلى أية حال فإن غارة الميغ تلك لم تكن الأخيرة، ففي يوم 18/12، أغارت الميغ ثانية، وربما مع الطيار ذاته، وهذه المرة غرب المخيم (قرب المحكمة) ما أدى الى تدمير جزئي لعديد من البيوت، التي كان تركها أصحابها ونزحوا. وعن ذلك كتب أحمد عمرو: "يا رب...أنت أعلم كيف بنيناه لهاد البيت! تركته بين إيديك يارب.. لتحميه... تكسّر كامل الزجاج وتضرر حائط او أكثر في منزلي المبني منذ أقل من عام... كان من الممكن أن يسقط البناء بكامله لو كان الطيار أكثر ثقةً بنفسه قليلاً..وكان من الممكن أن يقتل بشراً كثيرين مثل الذين قتلهم في جامع عبد القادر في بيت الله ذاته الذي دعته أمي لحماية منزلها.. من الممكن ذلك.. من السهل لمن يملك الميغ أن يقصف أحلام البسطاء... ولكن من المستحيل عليه تدمير هذه الأحلام".

هكذا لم يكن أحد يتوقع ما حصل لمخيم اليرموك الذي كان يضج بالحياة، وكان يصل النهار بالليل، والذي كان من أكثر المناطق حيوية في دمشق. كأن محمود درويش كان يتوقع ذلك حين رسم كلماته: هي هجرة أخرى فلا تذهب تماما... في ما تفتح من ربيع الارض في ما فجر الطيران فينا.. من ينابيع ولا تذهب تماما..

=================

رياض سيف: السوريون ما عادوا يريدون تدخلاً أجنبياً

المستقبل

23-12-2012

رياض سيف نائب سابق في البرلمان السوري. دخل سجون النظام أربع مرات. وهو ملهم "الائتلاف الوطني السوري"، الذي اعتُرف به كـ"ممثل شرعي" للشعب السوري من قبل أكثر من مئة دولة اجتمع ممثلوها مؤخراً في مراكش. هذا القيادي المعارض يحذر من لجوء النظام الى "إستخدام أسلحة تزداد تطوراً" في حال شعر باقتراب نهايته، وهو يؤكد أن الإسلاميين السوريين "معتدلين". هنا نص مقابلة أجرتها معه صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية (14 كانون الأول 2012):

كيف ستحولون مكتسبات مؤتمر مراكش إلى نصر ضد نظام بشار الأسد؟

صار لدينا الكثير من الأمل بعدما حصلنا على هذا الاعتراف الدولي الواسع ونجحنا في توحيد مجموعاتنا المسلحة العاملة على الأرض. فبعدما التقينا وتوحدنا، ازدادت قوتنا. بفضل وحدتنا هذه، سوف يكون بوسعنا الحصول على سلاح نوعي مضاد للدبابات والطائرات. وخشية الغربيين من وقوع هذا السلاح بين أيادِ يصفونها بغير الأمينة هي خشية غير مبرّرة. من جهة أخرى فإن استخدام بشار الأسد لصواريخ سكود هو اعتراف بالضعف الذي أصابه. فالأرجح ان النظام قد يصل الى حدّ العجز التام عن استخدام الطائرات. انه في طريقه الى التلاشي. وكلما تلاشى، كلما أُرغم على استخدام أسلحة أكثر تطوراً.

حتى ضد دمشق؟

نعم، هو اضطر لسحب قواته العسكرية من الشمال ومن المناطق الأخرى من أجل الدفاع عن العاصمة. ولكن جبهته الجنوبية قد تكون هي العرضة للهجمات. لقد اقتربت ساعة النصر. حتى حلفاؤه الروس يبدو أنهم لاحظوا تقهقره.

لهذا السبب لم تعودوا تطالبون بتدخل عسكري خارجي؟

السوريون ما عادوا يريدون تدخلا خارجياً. هم يعتقدون بأن شروط النصر على وشك أن تتحقّق. كل ما نطلبه هو إقامة منطقة حظر جوي وسلاح نوعي ضد الدبابات والطائرات.

المعارضة السورية ترفض توضيح علاقتها بـ"جبهة النصرة"، تلك المجموعة التي وضعها الأميركيون مؤخراً على لائحة المنظمات الإرهابية. ألا تلعبون بالنار؟

الائتلاف الوطني يعارض كل الأعمال الارهابية. ولكن يجب أن لا ننسى أن النظام، ومنذ بداية الثورة، ارتكب جرائم مروعة، اتهم معارضين بتنفيذها.

عندما دخلتُ السجن، التقيتُ بأشخاص قالوا لي بأنهم تكلموا في شرائط الفيديو، التي "اعترفوا فيها بارتكاب هذه الجرائم". اذا كان هناك من تطرف في صفوفنا، فهو محدود للغاية. لا يجب أن ننسى أن النظام قتل خمسين ألف سوري وانه ارتكب مجازر. وعلى الرغم من كل البشاعات، فانه لا دليل حتى الآن على ان "جبهة النصرة" منظمة إرهابية. فمعظم أعضائها ينفذون الأوامر التي يتلقونها وهم لا يؤذون احدا. على كل حال، فان الاسلاميين السوريين معروفين باعتدالهم. ولكن النظام استخدم من البداية الطائفة العلوية ليحمي نفسه، ما خلق شعورا بالاستياء عند أبناء الطائفة السنّة ضد ابناء الطائفة العلوية.

في مراكش، بادر معز الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني السوري، الى مدّ يده للعلويين، ولكنه لم يقل كلمة واحدة الى مئات العلويين الذين قتلوا في عقرب. هل بهذه الطريقة تدار عملية المصالحة؟

لم يرتكب السنّة مجازر ضد العلويين. ومن المرجح جداً أن يكون الشبيحة أنفسهم هم الذين ارتكبوا مجزرة عقرب. أعرف معز الخطيب منذ سنوات، وفلسفته تقوم على السلام بين جميع الطوائف.

هل تعتقد بأن بوادر انهيار النظام قد تدفعه إلى الانسحاب للجيب العلوي؟

هناك إجماع عالمي على رفض تقسيم المنطقة إلى دويلات. إن تقسيم سوريا خط أحمر واضح جداً. فالشعب السوري، وحتى غالبية العلويين، يرفضون هذا السيناريو رفضاً باتاً.

=================

شبيحة من تركيا!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

23-12-2012

تتواتر أنباء كثيرة عن أحداث تشبيحية وخارجة على أي قانون أو عرف، تتم على أيدي مواطنين أتراك يفترض أنهم يخضعون لقوانين بلادهم، ويلتزمون بالصحيح من سياسات دولتهم تجاه الأزمة في سوريا: البلد المجاور لوطنهم، الذي تمتلك مشكلاته حساسية خاصة بالنسبة إليهم، لتشابهها مع مشكلاته، ولأن ما يجري اليوم فيه يمكن أن يجري غدا عندهم وبين مكونات مجتمعهم.

لا أتحدث هنا عن مظاهرات الأتراك السوريين التي أيدت النظام السوري، فهي حق من حقوق المواطن في دولة ديمقراطية كتركيا. ولا أقصد عمليات حزب العمال الكردستاني المسلحة، التي تصاعدت بصورة يومية منذ بدأت أحداث سوريا واكتسبت بعدا إقليميا عاما وتركيا خاصا، رغم ما سببته من إرباك في موقف تركيا الرسمي حيال الأحداث السورية. ولا أقصد أخيرا ما يقال حول الفوضى على حدود البلدين، حيث يختلط الحابل بالنابل ويسود صراع عسكري عاصف بين الجيش الحر ووحدات من بقايا جيش النظام، لم يتم بعد طردها منها. إنني أتحدث بالتحديد عن ضغوط مارسها مواطنون أتراك من أصل سوري، يؤيدون نظام دمشق لاعتبارات غير سياسية، ضد اللاجئين السوريين في مناطقهم، وما ترتب على ذلك من طلب تركي رسمي قدم إلى هؤلاء اللاجئين بمغادرة الأماكن التي كانوا فيها والانتقال إلى أخرى، لا يقطنها مواطنون أتراك موالون لنظام الأسد.

هذا الحدث المزدوج، بجانبيه الشعبي والرسمي، يبين كم هو هش وضع اللاجئين في بعض مناطق تركيا، وكم يمكن لضغط الموالين لنظام دمشق أن يكون مؤثرا وفاعلا على حكومة إسطنبول، المناوئة له، التي تجبرها هشاشة أحوالها الوطنية على العمل لعزل الحدث السوري المخيف عن أوضاعها الخاصة، خشية أن يتفاعل بصورة خطيرة مع نقاط الضعف القائمة فيها، التي تعبر عن نفسها في مشكلات إثنية ومذهبية متنوعة تتصل ببنية الدولة واندماج مجتمعها الوطني وتهدد بتقويضه، وإلا لواجهت الحكومة من أخذوا السلامة العامة بأيديهم وفرضوا مواقفهم العدائية على أشخاص يحميهم القانون، أعلن أكثر من مسؤول رسمي كبير ترحيبه بهم وتوفير الأمن والاستضافة لهم، وضمن تلبية حاجاتهم الإنسانية، لكن السلطات وقفت مكتوفة اليدين أمام الخارجين على قوانينها وسلطاتها، الذين عملوا على طرد اللاجئين السوريين من مناطق يفترض أنها تتبع الدولة وليست ملكا لهم، وبدل أن تلاحقهم قضائيا طلبت من اللاجئين السوريين الابتعاد عن أماكن سكنهم، والذهاب إلى محافظات لا يعيش فيها أمثالهم، علما بأن السوريين الذين كانوا في مدنهم وقراهم واجهوا مصاعب لا يستهان بها في كل ما يتعلق بالعثور على منزل أو بالتعامل مع من واجووهم بعدائية متصاعدة لم يخفوها، يبدو أن الهروب من نتائجها هو الذي أجبر الحكومة التركية على طلب خروج السوريين من مواقعهم القريبة من الحدود السورية.

هل كبح سلوك الحكومة شبيحة تركيا وحال بينهم وبين سلوكهم العدائي حيال لاجئي سوريا؟ كلا، إنه لم يحُل دون ذلك، وربما كانت له نتائج عكسية تشجع الشبيحة على الإيمان بأنهم يسهمون بفاعلية في معركة نظام دمشق، الذي يوالونه، وأن عليهم القيام بالمزيد من الضغط على خصومه وأعدائه القادمين إلى بلدهم، بدل أن يتوقفوا عن إزعاجهم أو التهجم عليهم وحتى إيذائهم ماديا ومعنويا، علما بأن الشبيحة ليسوا أغلبية في الأماكن التي قصدها الهاربون من القتل في وطنهم، فهم لم يفرضوا إذن موقفهم على السوريين والحكومة التركية فقط، وإنما على أغلبية مواطنيهم الأتراك كذلك، الذين لا يتخذون موقفا عدائيا من الذين تسميهم حكومة إسطنبول «ضيوفها من الإخوة السوريين».

لا أريد بكلامي انتقاد تركيا، فهي توفر قدرا مقبولا من شروط اللجوء الإنساني للوافدين السوريين إليها. أريد فقط التأكيد على ما للحدث السوري من تفاعلات إقليمية وداخلية خطيرة بالنسبة للأوضاع الداخلية في مختلف بلدان المنطقة، وعلى ضرورة أن يكون هناك قدر مقبول من السياسات والتدابير الوقائية المشتركة حيال نتائجه على أوضاع بلدان الجوار، بما في ذلك ضد شبيحة النظام الأسدي عندهم، الذين يمثلون، على قلتهم، خطرا يهدد استقرار بلادهم ويمكن أن يزرع بذور الحقد والكراهية بين كتل كبيرة من السوريين، الذين يفرون من الموت طلبا للسلامة والأمان، وبين جيرانهم، الذين قد تشوه هذه القلة سمعتهم وتسيء إلى مكانتهم الودية، ليس فقط لدى اللاجئين، وإنما كذلك عند إخوانهم وجيرانهم بوجه عام.

تتخطى أنشطة الشبيحة في دلالتها مواقفهم المباشرة والآنية، رغم أنها لم تثِر انتباه الكثيرين. وتتداخل مع مشكلات تركية داخلية وخارجية، وطنية وإقليمية ودولية، شديدة الخطورة والتعقيد، تتصل قبل كل شيء بسيادة الدولة التركية على أراضيها ومواطنيها، وبعلاقات مكوناتها، لتصل أخيرا إلى علاقات شعوب ودول المنطقة، التي تتعرض اليوم لاختبار ستكون له نتائج وانعكاسات بعيدة الأمد، من الحتمي أن تؤثر سلبا أو إيجابا على المنطقة بجميع دولها ومجتمعاتها، فلا يصح التساهل في المواقف منها، مهما كان عدد من يمدون أيديهم إليها من الشبيحة محدودا، وحضورهم فيها متقطعا.

ترك آلاف السوريين مناطق بعينها في تركيا، بعد أن طرح سلوك الشبيحة أسئلة محرجة على الطرفين التركي والسوري، وفي حين تجاوز اللاجئون المواقف المزعجة والعدائية، تبقى تركيا في مواجهة داخلها المتنوع المليء بمشكلات تتطلب حلولا حقيقية، يتمنى محبوها والمعجبون بقيادتها أن يكون سلوك الشبيحة قد أقنعها بأن تجاهل هذه المشكلات أو تحاشيها ليس أفضل سبيل للتخلص منها!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ