ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 25-12-2012 المصدر: صحيفة
تشاينا ديلي الصينية التاريخ: 25
ديسمبر 2012 البيان تحولت الأزمة
السورية إلى حرب أهلية، وشن الجيش
السوري الحر، الذي يمثل المعارضة
المسلحة الرئيسية في سوريا، هجمات
متتالية على ضواحي دمشق، وهو يخطط لقصف
مقر الرئاسة. وقد كانت أحداث العنف
الأخيرة دموية للغاية، إلى درجة أن
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
أعرب مؤخرا عن انزعاجه إزاء الوضع في
سوريا. وفي البداية، اقتصر
الصراع المسلح على قوات الحكومة
السورية ومقاتلي معارضة غير متماسكة.
ولكن مع مساعدة القوى الأجنبية، أصبحت
المعارضة أقوى بكثير الآن، وتحول
الصراع إلى معركة مدوية من أجل السيطرة
على سوريا. وقد باتت المعارضة
السورية تحظى باعتراف دولي متزايد،
ففي 11 نوفمبر 2012، أنشأ بعض جماعات
المعارضة السورية "الائتلاف الوطني
لقوى الثورة والمعارضة السورية" في
الدوحة بقطر، مع انتخاب معاذ الخطيب،
الإمام السابق للجامع الأموي في دمشق،
رئيساً لها. وسرعان ما اعترف مجلس
التعاون الخليجي بالائتلاف باعتباره
الحكومة السورية الشرعية، وفي وقت
لاحق، اعترفت كل من جامعة الدول
العربية والولايات المتحدة وفرنسا
وتركيا بالائتلاف، باعتباره "الممثل
الحقيقي" للشعب السوري. كما اعترف به
الاتحاد الأوروبي في 19 نوفمبر الماضي،
على أنه "الممثل الشرعي لتطلعات
الشعب السوري"، وأعرب عن استعداده
لمساعدته على بناء علاقات مع دول أخرى. ولكن لاتزال هناك
خلافات كبرى بين قوى المعارضة
السورية، فقد رفضت جبهة النصرة و13
جماعة مسلحة أخرى، على سبيل المثال،
الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري على
أنه "الممثل الحقيقي" للشعب
السوري. لقد كان دور القوى
الخارجية (وسيكون) حاسماً بالنسبة
للأزمة السورية، إذ يواصل أعضاء
المعارضة ورعاتهم الأجانب قتالهم ضد
حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وتحاول كل من الحكومة السورية
والمعارضة، الحصول على دعم القوى
الخارجية لتعزيز موقعيها. وتريد الحكومة
السورية من الدول الرافضة للحرب، مثل
روسيا والصين وغيرهما من الاقتصادات
الناشئة، أن تعيد الأمور لطبيعتها،
فيما تصر قوى المعارضة على الإطاحة
بحكومة الأسد، بمساعدة كل من الولايات
المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتركيا
وبعض البلدان الأخرى. وهذا يجعل الأزمة
السورية أقرب إلى الأزمة التي شهدتها
ليبيا، قبل الإطاحة بمعمر القذافي في
نهاية المطاف. واليوم، مع مواجهة
سوريا للاحتمال اليائس المتمثل في
صراع مدني مفتوح، فقد يبدو من التفاهة
أن نتحسر على السرعة التي يتلاشى بها
تراثها الأثري والمعماري. ولكن في حين
أن الألم البشري الناجم عن التعذيب
والقتل لا يقاس، فإن تدمير تراث شعب ما
هو أمر يتعذر إصلاحه: فالنصب التذكاري،
بمجرد أن يُدمر، لا يمكن استبداله
أبداً. وباستخدام الأسلحة الحديثة،
فإن بضعة أشهر من القصف المكثف تكفي
لتحويل تاريخ شعب بأكمله إلى أنقاض. ================= امين قمورية 2012-12-25 النهار بعد نحو سنتين من
انطلاق الحراك في سوريا، يتأكد عقم
الحل الامني الذي لم يكن من شأنه إلا
تدمير البلد الذي صار فعلا خرابا. الحسم العسكري من
جانب النظام السوري بات مستحيلا، وهذا
ما اعترف به صراحة نائب الرئيس فاروق
الشرع قبل ايام. ولهاث المعارضة وراء
السلاح كان
على مايبدو اسوأ الخيارات، اذ يتأكد
يوماً بعد يوم خطأ نظرية "عسكرة
الثورة" التي لم تخفف وطأة الكلفة
الباهظة بشريا وماديا، لا بل دفعتها
صعودا الى ذروة الخسارة التي ينوء
تحتها اي شعب.
خريطة الميدان لا توحي بقرب الحسم.
صحيح ان النظام لا يزال يمتلك اكبر قوة
عسكرية على الارض ويحظى بدعم فئات ودول
عدة، لكنه حتما فقد زمام المبادرة من
زمان. وصحيح ان قوات المعارضة تسيطر
على مساحات واسعة من البلاد، لكنها لا
يمكن ان تدعي السيطرة الكاملة على
المدن الرئيسية التي يجري فيها القتال
بين مد وجزر. طوال 21 شهرا من
القتال لم تشهد الساحة السورية وقفاً
للنار، ولا هدنة استراح خلالها
المتقاتلون لالتقاط الأنفاس. لم يكفّ
الجيش عن تنفيذ عملياته العسكرية في طول البلاد
وعرضها، ولا تراجع تدفق المسلحين
والمقاتلين ولا توقف نهر الدم والدمار.
كلا الطرفين يرفض الحوار والجلوس الى
طاولته وكلاهما يزداد شراسة. وبينما المجتمع
الدولي يتحدث عن حل او تسوية للازمة،
تجد سوريا غارقة في القتال حتى النخاع.
الخارج في واد والداخل في واد، فاما ان
اللاعبين الكبار عاجزون عن وقف القتال
واما ان الجميع منخرطون في لعبة
التدمير والخراب، وهذا هو الارجح. حال الحل السياسي ليس
افضل من حال الحل الامني، التفاهم
الروسي - الاميركي في جنيف لم يوضع بعد
على السكة الصحيحة. كل طرف يتهم الطرف
الآخر بنقضه. وفي الداخل ثمة سؤال لا
جواب عنه عن ماهية الضمانات المقنعة
والتي يمكن توفيرها للذين يقفون إلى
جانب النظام من أجل التفكير في التخلي
عنه، وفي المقابل ثمة اصرار من الطرف
المعارض على رفض اي دور لرأس النظام في
المرحلة الانتقالية وخصوصا في المرحلة
التي ستليها. في ظل مناخات كهذه،
ليس مستغربا ان يغادر الابرهيمي دمشق
من دون جواب حاسم عن خطته لحل يبدو
مستحيلا اليوم. الخوف، ان تكون زيارة
الممثل الدولي والعربي هي الاخيرة
لأرض سوريا تاركا اياها ملعبا رومانيا
مفتوحا لاكثر انواع المصارعات شراسة
وبشاعة. ================= أيها
الإبرهيمي"المتطفل" استقل؟ راجح الخوري 2012-12-25 النهار عندما
جاء هنري كيسينجر عام 1973 الى لبنان
استقبل في مطار رياق، فسأل لماذا لم
يهبط في مطار بيروت؟ فقيل له " لأن
الفلسطينيين يسيطرون على طريق المطار"،
فعلّق قائلاً: " إذاً لماذا لا
يتسلمون السلطة في لبنان؟" ولأن الشر يصنع حتفه
بيده ها هو الاخضر الابرهيمي يدخل الى
سوريا عبر مطار بيروت بعدما قطع الثوار
طريق مطار دمشق بالنار، ذلك ان النظام
السوري هو الذي صنع المحنة اللبنانية
وحروب الآخرين في لبنان، وهو الذي يشكو
الآن من حروب الآخرين على ارض سوريا ...
فسبحان الله ! واذا كان دخول
الابرهيمي الى سوريا عبر مطار بيروت يشكل مؤشراً
مهماً لواقع الوضع الامني في دمشق، فإن تصريحات
وزير الاعلام عمران الزعبي تشكل
مؤشراً مهماً ايضاً ولكن لرغبة النظام
السوري في نسف مبادرة "جنيف - 2" (
نشرت هذه الزاوية نص بنودها الخمسة
الاسبوع الماضي) التي اتفق عليها
الاميركيون والروس ويحملها الابرهيمي
الذي كان قد طلب موعداً للقاء الرئيس
بشار الاسد وإضطر الى ان ينتظر ثمانية
ايام في القاهرة! والابرهيمي الذي عمل
وسيطاً في الازمة اللبنانية وعرف طريق
دمشق - بيروت لم يكن ليتحمل عناء السفر
الى سوريا عبر بيروت - دمشق، لو لم يكن
قد حصل على موعد من الاسد، لكن عندما
يقول الزعبي في اللحظة التي عبر الحدود
"ان الحكومة السورية لم تعلن عن
زيارة الابرهيمي ولا علم لها بما اذا
كان قادماً الى سوريا ومتى "، فذلك
يعني ان النظام يتعمّد توجيه صفعة قوية
ومهينة الى الابرهيمي عبر إظهاره
كديبلوماسي متطفل انتظر اسبوعاً في
القاهرة لتحديد موعد مع الاسد ثم عبر
خلسة الى سوريا ! واضح ان الهدف من
إهانة الابرهيمي إحراجه لإخراجه ودفعه
الى الاستقالة قبل ان يتمكن من
تسليم الاسد نص مبادرة "جنيف -
2"، وبهذا لا يكون الرئيس السوري هو
من رفض المبادرة لكنها سقطت في الطريق
الى دمشق عبر استقالة الابرهيمي، الذي
يبدو انه عرف ابعاد هذه اللعبة واراد
إفشالها فذهب الى الاسد لتسليمه
المبادرة رسمياً على طريقة " اللهم
اني قد بلّغت"! عندما يقرر النظام
نسف مبادرته المعلنة على لسان فاروق
الشرع والتي رفضتها المعارضة لأنها لا
تنص على تنحي الاسد، ثم يحاول نسف مهمة
الابرهيمي كي لا يتسلم المبادرة
الاميركية - الروسية، فان ذلك يعني في
شكل واضح ان قراره هو الاستمرار في
الحل العسكري الى النهاية، بما يؤكد ان
فصول المأساة ستطول في ظل موازين القوة
الراهنة ... وان الطريق الى طرطوس تبقى
ورقة الاسد الاخيرة ! ================= بداية السوريين عبد الله امين
الحلاق السفير 25-12-2012 نبوءة شعب المايا
التي تقول بنهاية العالم وخرابه يوم 21
كانون الأول 2012 نتيجة اصطدام جسم فضائي
به، جابت العالم من أدناه إلى أقصاه
ليومي 20 و 21 من هذا الشهر، فيما وجد بعض
البشر المهدّد وجودهم على سطح البسيطة
تبعاً للنبوءة، في تلك الأخيرة مجالاً
استثمارياً وباباً للربح العميم.
الصينيون صاروا يروجون ما قالوا إنها
وسائل إنقاذ من الكارثة المحيقة
بالبشر، وسكان جبل «رتاني» في صربيا ما
اعتبروا ان منطقتهم هي الأكثر أمناً
لمن يرغب في تفادي الهلاك، وهلمجرا. وإذ يصدر هذا المقال
في «السفير» وقد مضى اليوم المرتقب
وأيام بعده على خير، من دون أن ينتهي
العالم لأي سبب كان، فإن ثمة مصيراً
جديداً لبلاد العرب وشعوبها تصنعه
اليوم هذه الشعوب معلنة فيه بداية عالم
عربي جديد، في الوقت الذي يتحدث غيرهم
عن نهاية العالم. سنتان تماماً من عمر
ربيعها ولا تزال الشعوب تكابد معاناة
دخولها التاريخ من جديد بعد أن أعلن
فرانسيس فوكوياما نهايته قبل عقدين،
وتعلن قبائل المايا نهايته بحكم
الماورائيات الراسخة لديها. ذلك لا
يعني بالطبع أن المجتمعات العربية قد
غادرت باب الخرافات والجهل والتجهيل
وأغلقته وراءها إلى الأبد كما حدث في
بلدان انتصر التنوير فيها على سلطة
الدين، لا بل إن الدين لا يزال يفعل
فعله النكوصي احايين كثيرة في خضم
الثورات العربية وما بعدها... إلا أن
معركة الحرية والتحرر من انظمة
الاستبداد والقمع والقهر والتجهيل
المزمن تبدو اليوم معركة عودة إلى
العالم تضع نفسها وجهاً لوجه مع شعوذات
نهاية العالم وأطروحة نهاية التاريخ. كان من الواضح قبل
لحظة من إشعال محمد البوعزيزي نفسه بأن
العرب محكومون بالبقاء خارج التاريخ
وخارج دائرة الفعل فيه. الثورات
العربية والثورة السورية أعادت العرب
إلى الوجود الفاعل الذي يبدأ ببناء
الديموقراطيات السياسية ونظم الحريات
الاجتماعية. كان ثمة رد فعل في خطاب
الأنظمة العربية قاطبة، يفيد بكوارث
شتى قد تحيط بالمنطقة والعالم إن سقطت
تلك الانظمة. النظام السوري بشّر العرب
والمنطقة والعالم بحروب ضروس وفوضى
وعدم استقرار مديد إن مس وجوده تهديد.
فزاعة الإسلاميين والحرب الواسعة على
مستوى المنطقة كانتا لسان حال مسؤولي
هذا النظام وصولاً إلى رأس النظام،
بشار الأسد. تلاقٍ لافت للانتباه ذلك
الذي يجمع النظام السوري بقبيلة
المايا وشعوذات نهاية العالم قريباً. معركة العرب
والسوريين من أجل الحرية
والديموقراطية والعيش الكريم هي معركة
ضد الزيف والخرافة بشكل ما. زيف عدم
اهلية السوريين إلا ليكونوا في موقع
العبد لحاكم احتل عرش الله على الأرض،
وخرافة خراب البلد والمنطقة وربما
العالم، إن زال هذا النظام وأقرانه:
باقي الأنظمة العربية البائسة. كان
السوريون يعيشون خارج العالم بكل معنى
الكلمة، ذلك أن ما هو خارج الحدود
السورية وما هو داخلها كان ممتنعاً عن
السوريين إلا ما شاءت وسمحت به السلطة،
في الوقت الذي كانت تجري فيه عملية
تجهيل ممنهجة تلتقي مع الزيف والخرافة
الدينيين في المآل والنتائج. فمثلما
كان الإسلاميون ينسبون كل ما هو ماضٍ
ويومي ومستقبلي إلى الغيب وإلى سلطات
خفية حصرها الشيخ محمد سعيد رمضان
البوطي بالجن والأرواح، وهو يحاول
استجلاب نصوص قرآنية وقَسْرها لتكون
في موقع إثبات صحة رؤاه الصالحة... كان
السوريون يعيشون في ظل نصوص ودساتير
تديّن يومياتهم وتختزلها في فكرة ان
وجودهم مرتهن فقط للبقاء في ظل حكم
العائلة الأسدية. كيف لا وقد حاز الأسد
خوارق ومعجزات تمثلت لدى البعض من
المغرمين والمهووسين به وبابنه بظهور
وجهه على سطح القمر، وغير تلك من
مكرمات أبدعت المؤسسة الدينية المقربة
والمتماهية مع «العلمانية الأسدية» في
سردها وتقديم البراهين عليها. طوبى إذاً لقبائل
المايا والانكا والازتك تعويذتها
وخرافتها القائلة بانتهاء العالم في
يوم محدد، مقارنةً بانتهائه منذ 16
تشرين الثاني 1970 في سوريا، وفي تواريخ
مختلفة في ملكيات وجمهوريات عربية
يمسك زمام القمع فيها حكام بامر الله،
وإن تكن كوة الضوء التي تلوح في بداية
نفق العذابات الطويل أقرب بما لا يقاس
اليوم من أي وقت آخر قبل بدء معركة
العودة إلى العالم والأنسنة والتاريخ.
كان الزمن يبدو سكونياً في بلدان
السجون والقمع الرهيب، بقدر ما يكون
ديناميكياً وذا دلالة على تقدم في
مسيرة التاريخ وذهاب هذا العالم في
سديم لا متناهٍ من الاحتمالات
المستقبلية للبشرية جمعاء. التهويل من نهاية
المنطقة والعالم مع سقوط النظام
السوري يستدعي رحيل رجال أعمال
واقتصاديين وخبرات ومسؤولين من البلد
إلى مناطق اكثر أمناً من التداعيات
المحتملة لحظة سقوط نظام الزيف الأسدي
وخرافاته القروسطوية. هؤلاء يدركون
حجم الطوفان الهائل والتغييرات
الزلزالية التي سيخلقها انهيار هذه
العروش المدججة بالخرافة واستلاب
العقل والارداة، عروش رسّخت القبَلية
والعشائرية والطائفية، وكأن افتراس
الإنسان للإنسان وقتله والتمثيل بجثته
أمر عادي في ربوعها وفي معركتها ضد
الشعوب الثائرة، بشكل تأنف عن ممارسته
أي قبيلة بدائية كانت تنتظر انقراض
الإنسان والعالم في 21 كانون الأول 2012. في المقابل، يبدو أن
البشرية استقرت على تطور ما في
المفاهيم والأفكار والمعتقدات بما
فيها المعتقدات الدينية، وصار من
الضروري اللحاق بركبها وإن تأخر موعد
الانفجارات الثورية التي تعيد البشر
إلى عالم اليوم. وإذا كان ثمة مسيرة ما
تصعب معها العودة القهقرى إلى
البدائية رغم توزع بؤرها وانتشارها في
أصقاع مختلفة على سطح هذا الكوكب، فإن
عصراً جديداً يبدأ اليوم في سوريا وفي
بلاد العرب يتلو بدائية وغرائزية عقود
مديدة، وعنوانه أفول الاستبداد العربي
إلى غير رجعة، شأنه شأن العصر الجوراسي
والديناصورات، أو بدء العصور الحديثة
التي صارت تؤرخ للحضارة البشرية... لا
بل وحتى طوفان نوح العميم الذي يبدو
ضرورياً اليوم في منطقتنا للعبور إلى
بر الامان، وإن شحت سفن النجاة سريعاً. ================= حازم صاغيّة الثلاثاء
٢٥ ديسمبر ٢٠١٢ الحياة مدينة حلفايا
الصغيرة ومقتلة فرنها هما السبب الألف
للقول إنّ نظاماً كهذا لا يُساوِم ولا
يُساوَم معه. والرمزيّة الكامنة في ذاك
القصف الجوّيّ لطالبي أرغفة من الخبز
باتت عزيزة إنّما تملك من البلاغة ما
لا يملكه كلام. هذا النظام يختطف
اليوم مدينة دمشق، آخر معاقله
العسكريّة. وهو، في مجرّد استمراره
ومعاندته اليائسة، يُبدي الاستعداد
الكامل لتحويل العاصمة السوريّة إلى
حلفايا كبيرة، بمبانيها ومعالمها
وآثارها وأسواقها ومقارّ مؤسّساتها.
وحين نسترجع ما حصل في مدينتي حلب
وحمص، يغدو الخوف ممّا قد ينتظر دمشق
مشروعاً ومبرّراً. لقد انتقلت الثورة
السوريّة على امتداد الواحد والعشرين
شهراً المنصرمة من طورها السلميّ إلى
طورها القتاليّ، ومنه انتقلت إلى
تحقيق تقدّم ميدانيّ ملحوظ أكلافه
كانت، ولا تزال، باهظة جدّاً. والكلفة الكبرى قد
تكون تدمير العقل المفترض للدولة
والمجتمع، أي العاصمة الحافظة
للاجتماع السوريّ وللحظات اشتراكه
ووثائق ذاكرته. والحال أنّ الاحتمال
الأسود هذا يلاقيه في منتصف الطريق أنّ
الثورة السوريّة هي ثورة قلب أساساً:
ذاك أنّ التراكم الفكريّ الذي أتاحه
نظام الاستبداد الطويل متواضع جدّاً،
فيما انكفاء قطاع عريض من المثقّفين
السوريّين عن الثورة أضعف ثقافيّتها
لمصلحة الدفق المميّز في التعبير
العاطفيّ والحميم الذي عبّر عنه سيل من
الأعمال الفنّيّة والإبداعيّة. وهذا
كلّه معطوف على أنّ الأرياف والبلدات
والمدن الصغرى حلّت في المحلّ الوازن
الذي انسحبت منه النُخب الدمشقيّة
والحلبيّة. وقد احتلّ موقعاً
مركزيّاً من هذا كلّه المكان الذي شغله
وعي دينيّ لم يتعرّض لأيّ إصلاح،
فاقتصر على لفظيّة شعاراتيّة فقيرة،
قليلة الحفول بالمعاني، أو بالآخر
الدينيّ والمذهبيّ والإثنيّ، أو
بالعالم الأوسع. ويُخشى، مع تضخّم
القلب وانكماش العقل، أن تكمّل بعضُ
قوى الثورة فعلَ النظام، ولو من الموقع
الخصم وبكثير من حسن النيات، بحيث
يتقدّم الحقّ من دون وعي هذا الحقّ
وإدراك مترتّباته. ولدينا في التاريخ
السوريّ الحديث نفسه سابقة مخيفة، هي
يوم مهّد الحقّ العلويّ في رفع الغبن
والحرمان المديدين لحركة عسكريّة
انبثق منها نظام استبداد كالح يخوض
اليوم آخر معاركه وأكثرها تدميراً.
ويعرف اللبنانيّون كم أنّ الحقّ
الشيعيّ في الدفاع عن قرى الجنوب تحوّل
رافعة لـ «حزب الله» الذي صار أكبر
العوائق في وجه إقامة الدولة
اللبنانيّة. ونعرف أيضاً كيف أنّ الحقّ
الفلسطينيّ الذي لا يماري أحد فيه، خسر
الكثير من حقّيّته حين انفصل عن الوعي
بهذا الحقّ. هكذا تتالت الحروب
الأهليّة والأعمال الإرهابيّة فيما
تكرّست، تعبيراً عن هذا الحقّ، قيادات
دهريّة لا تطالها المساءلة ولا يقربها
التغيير. ثمّ من الذي قال إنّ
الذين ثاروا في روسيّا 1917، أو صوّتوا
ضدّ النظام القديم في ألمانيا 1933، لم
يكونوا ضحايا ومظلومين ومُضطَهَدين،
ومع هذا نشأت عن طلبهم لحقّهم وعن
رغباتهم المشروعة أنظمة عريقة
للاستبداد وللحروب. وما من شكّ في أنّ
مسؤوليّة النظام الذي لا يساوم ولا
يُساوَم معه تبقى الأساس في هذا كلّه.
بيد أنّ تسجيل المسؤوليّات وتوزيع
الحصص عنها لا يحولان دون كارثة تبدو
وشيكة في سوريّة وعموم المشرق، كارثةٍ
يفاقمها التفاوت بين قلب الثورة
وعقلها. ================= قصة مخيم
اليرموك مع الثورة السورية ماجد كيالي * الثلاثاء
٢٥ ديسمبر ٢٠١٢ الحياة لقي أول فلسطيني (وسام
أمين الغول) مصرعه برصاص قوات الأمن
السورية يوم 23/3/2011، وهو من مخيم درعا
للاجئين، فقط لمجرد نقله الى المشفى
اثنين من الجرحى السوريين المشاركين
في الاحتجاجات، التي اندلعت من درعا،
والتي كانت بمثابة الشرارة لاندلاع
الثورة السورية. وفي 16/12/2012، قامت طائرة
«ميغ» بقصف مسجد عبدالقادر الحسيني
ومدرسة الفالوجة في مخيم اليرموك (في
دمشق)، ذهب ضحيته العشرات، وبين هذا
وذاك لقي حوالى 700 من الفلسطينيين
مصرعهم برصاص وقذائف قوات النظام
السوري في مختلف مخيمات اللاجئين في
سورية. ولأجل ايضاح الحقائق، يمكن من يود الاطلاع على جدول يتضمن سجلاً بالشهداء الفلسطينيين في المخيمات، بالاسم والتاريخ ونوعية الاصابة والمكان، الذهاب الى الرابط التالي ( https://www.facebook.com/Syrian.Revolution.Statistics/app_376783492351805 ). هذا الجدول سيبيّن أن
مخيم اليرموك كانت له الحصة الأكبر من
ضحايا المخيمات، بمقدار النصف، فهو
أكبر مخيمات اللاجئين، ويعتبر «عاصمة»
الشتات الفلسطيني. لكن هذا الجدول
سيبيّن تحديداً أن غالبية هؤلاء
الضحايا سقطوا نتيجة القصف الصاروخي،
الذي كان ينهال عليهم من القواعد
العسكرية التابعة للنظام، ولا سيما من
منطقة «القاعة» شمال غربي المخيم.
ومثلاً، ففي هذا العام ونتيجة القصف
الصاروخي، لقي 8 من الفلسطينيين حتفهم
يوم 18/7، وفي 2/8 لقي 18 منهم مصرعهم في حي
الجاعونة في المخيم، وفي يوم 5/11 لقي 13
منهم مصرعهم. وبالإجمال فقد بلغ عدد
شهداء القصف الصاروخي فقط، من
فلسطينيي مخيم اليرموك وحده اكثر من 80
شهيداً (عدا فلسطينيي الحجر الأسود
والتضامن المجاورين)، حتى تاريخ 15/11،
أي قبل حادثة قصف طائرة «الميغ» التي
جرت يوم 16/12، وتكررت يوم 19/12. لكن ما قصة مخيم
اليرموك؟ وما هي حقيقة علاقته بالثورة
السورية؟ وما هو سبب استهدافه من
النظام؟ هذه أسئلة مشروعة وينبغي
الاجابة عليها بصراحة وموضوعية. بداية ينبغي عرض
الوضع الجغرافي والديموغرافي
والاجتماعي لهذا المخيم ومحيطه، فهو
ليس بمثابة جزيرة معزولة عن جواره،
وإنما يقع في قلب عديد من أكبر الأحياء
الشعبية السورية، وأكثرها اكتظاظاً
بالسكان، إذ انه يقع بين أحياء التضامن
والتقدم والحجر الاسود، وهو مدخل يلدا
وببيلا، وقريب من دف الشوك. في هذه
المناطق ثمة أكثر من مليون ونصف مليون
من السوريين، أي أن فلسطينيي مخيم
اليرموك باتوا يشكّلون ما نسبته 20 في
المئة من سكان هذه المنطقة. عدا عن ذلك
ينبغي أن نعرف أن توسّع الفلسطينيين في
مخيم اليرموك كان في جواره، فثمة
فلسطينيون كثر يعيشون في الأحياء
المجاورة، الحجر الأسود والتضامن
والتقدم. فوق ذلك، فهذه مناطق عشوائية،
ولكن ليست كأي مناطق عشوائية أخرى،
فالعشوائيات هنا كناية عن بنايات
كبيرة ترتفع الى خمسة او ستة طوابق،
وفي كل طابق ثلاث شقق، ولا يوجد فواصل
بين البنايات، فقط ثمة ازقة بعرض اربعة
إلى ستة امتار، وهي مناطق غير مخدّمة،
ولا تلقى أي اهتمام، وهي نمت في شكل
سرطاني، بحكم فساد النظام، الذي يشجّع
التجار والمقاولين، وحاجة السوريين
الى بيت رخيص يؤويهم، في ظل التدني
المعروف في مستوى المعيشة. هذه هي البيئة
الاجتماعية المحيطة، التي تعايش معها
فلسطينيو اليرموك في العقود الماضية،
وهي بيئة فقيرة ومحرومة ومقصيّة،
وتالياً لذلك فمن البديهي أن تكون بيئة
محبطة ومقهورة وغاضبة، وتشكّل تربة
خصبة لأي تمرد، لأي ثورة وعلى أي نظام،
ومن هنا يأتي مقاتلو «الجيش الحر»، أما
من يدعي أنهم يأتون من افغانستان
والشيشان فلا يعرف شيئاً، وهم مجرد
غطاء على جرائم النظام. وهذا يعني أن
النظام هو المسؤول عن خلق هذا الواقع،
الذي نمّاه، ونمى تحت بصره، وبرعايته،
في ظل نظام لم يعرف شيئاً عن النزاهة
والتخطيط والكفاءة والتبصر في ادارة
البلد، أو في تعيين المسؤولين، وهذا
الواقع ذاته يحيط بدمشق من الأطراف
الأخرى، ففي دمشق مدن عدة، وليس مدينة
واحدة. القصد هنا تبيّن صعوبة الفصل
بين الفلسطينيين والسوريين في هذه
البيئة، المندمجين في بيئة واحدة،
يجمعهم تاريخ ومشاعر وآلام وآمال
مشتركة. أيضاً، من المفيد
ملاحظة أن هذا المخيم فيه ثلاثة شوارع
رئيسة فقط تقطعه من الشمال الى الجنوب،
هي فلسطين واليرموك والثلاثين (أحدثها)،
وهذه هي الممر الى أحياء التضامن
والتقدم والحجر الاسود وببيلا ويلدا،
حيث يقطن أكثر من مليون إنسان. مع ذلك فمنذ بداية
الثورة السورية (آذار/مارس 2011)، التي
وجدت تربة خصبة لها في مناطق الحجر
الأسود والتضامن ويلدا وببيلا، لم
يلحظ أية محاولة من جهة الحراك الشعبي
السوري للاحتكاك بالمخيم، ولا أية
محاولة لنقل فعالياتهم الشعبية
والسلمية إليه، علماً ان المسافة لا
تزيد على مئة متر، إدراكاً منهم ربما
لحساسية وضع الفلسطينيين. في المقابل، فإن
الفلسطينيين في المخيمات السورية،
وضمنهم في مخيم اليرموك، التزموا نهج
تجنيب مخيماتهم أي مداخلات تتعلق
بالشأن السوري، تحسّباً لأية مخاطر قد
تنتج من ذلك، وإدراكاً منهم لتعقيدات
مكانتهم كلاجئين، وبالنظر الى خبراتهم
من التجارب السابقة في البلدان
الأخرى، وهو نهج شددت عليه أيضا قيادة
منظمة التحرير الفلسطينية، والكيانات
المنضوية في اطارها، باعتباره الخط
الاسلم في هذا الوضع. المشكلة أن هذه الحال
لم ترض النظام ولا حلفاءه من القوى
الفلسطينية التابعة له، واللافت أن
الطرف الذي لعب دور الموتّر في هذه
الأجواء، ليس منظمة «الصاعقة» التابعة
لحزب البعث وإنما «الجبهة الشعبية ـ
القيادة العامة» بقيادة احمد جبريل،
التي طالما انتهجت الخروج عن الخط
الرسمي للوطنية الفلسطينية، لمصلحة
التبعية للسياسات السورية. هكذا، بات
مخيم اليرموك يشهد نمو ظاهرة «الشبيحة»
وتغوّل أجهزة المخابرات، وبعض الحوادث
المريبة (قتل وخطف) وإثارة اشاعات،
للإيقاع بين المخيم وجواره السوري،
وهو أمر تم تداركه بفضل وعي السوريين
والفلسطينيين. مع ذلك فقد بات المخيم،
بالنسبة الى النظام وأعوانه، بمثابة
قاعدة للهجوم على أحياء الحجر الأسود
والتضامن والتقدم ويلدا وببيلا
والتضييق على الحراك الشعبي، الذي كان
ما زال سلمياً. بعد التحول الى
الثورة المسلحة، كردّ فعل على عنف
النظام الوحشي، وعدم تسامحه مع
التظاهرات السلمية، تفاقم الأمر
كثيراً، إذ باتت دبابات النظام
ومصفحاته وآلياته تمر من شوارع المخيم
لمهاجمة المناطق المجاورة، وبات شارع
فلسطين بمثابة قاعدة عسكرية للنظام
لمهاجمة حي التضامن وببيلا ويلدا،
وكذا الأمر بالنسبة الى شارع
الثلاثين، الذي بات مدخلاً للهجوم على
الحجر الأسود. أما جبريل فقد حول «الشبيحة»
الى شيء منظّم اسمه «اللجان الشعبية»،
التي فرضها كأمر واقع على رغم رفض كل
الكيانات السياسية الفلسطينية
الموجودة في سورية لها، وعلى الضد من
الموقف الفلسطيني الرسمي القاضي
بتجنيب المخيمات الصراع المسلح. في غضون ذلك، بات
مخيم اليرموك بمثابة منطقة حاضنة
لأهالي المناطق المنكوبة من السوريين،
الذين قصفت ودمرت بيوتهم بوحشية
منقطعة النظير في الحجر الاسود
والتضامن ويلدا والتقدم، حيث تم تقديم
العون والرعاية والسكن والطمأنينة
لهؤلاء، وهو أقل شيء يمكن القيام به
للتعبير عن الوفاء لهذا الشعب الذي
احتضن اللاجئين الفلسطينيين اكثر من
ستة عقود، وتأكيد أن الضحايا يتعاطفون
مع الضحايا. والحال فإن هذا الوضع
لم يعجب النظام، لا سيما بعد فشل خطة
جبريل في أخذ الفلسطينيين ضد ثورة
السوريين، لذلك حدثت النقلة المتعلقة
بمعاقبة المخيم بشكل جماعي كأي منطقة
سورية، فمن يقتل السوريين ويدمر
عمرانهم، لن يهتم كثيراً بمعاقبة
الفلسطينيين. هكذا، فقد حصل هذا
التطوّر تحديداً بدءا من يوم الجمعة
13/7/2012، ففي هذا اليوم تم تنظيم تظاهرة
فلسطينية في مخيم اليرموك تعبيراً عن
التضامن الأخوي والسلمي مع ضحايا
مجزرة التريمسة (قرب حماة) التي
ارتكبتها قوات النظام والشبيحة في
اليوم السابق (الخميس)، وكان راح
ضحيتها حوالى 250 من السوريين الأبرياء.
المهم ان هذه التظاهرة السلمية تعرضت
لإطلاق النار من قوات الأمن السوري،
جرياً على العادة في هذه الاحوال، ما
ادى الى مصرع 8 من الفلسطينيين، احدهم (احمد
السهلي ـ ابو رامز) أعدم بين أولاده وفي
منزله، المجاور لمكان التظاهرة، من
دون أي سبب. هذا هو الحدث
المؤسّس، لأنه بعد ذلك باتت قوات
النظام تستهدف المخيم بالقصف
الصاروخي، ولا سيما على أحياء
الجاعونة والمغاربة، كما ذكرنا، وكما
هو موضح في الجدول، علماً أنها بعيدة
من أماكن وجود «الجيش الحر» في الحجر
الأسود والتضامن. وبعد ذلك تغوّلت
اللجان التابعة لجبريل في المخيم،
وباتت تقيم حواجز وتعتقل نشطاء سوريين
وتسلمهم لأجهزة الامن، وتساند قوات
النظام في الهجوم على الأحياء
المجاورة، ما أدى إلى إقحام المخيم في
الصراع المسلح، ما نجم عنه دخول «الجيش
الحر» إليه. لا يعني ذلك أنه ليس
ثمة انتقادات لـ «الجيش الحر» أو
الثورات المسلحة، فثمة الكثير منها،
لكن هذا مجرد توضيح للصورة، ولتسلسل
الاحداث، وعموماً، فإن «الجيش الحر»
أبدى موافقته على تحييد المخيم
والخروج منه، بعد حلّ ما يسمى اللجان
الشعبية، وإذا رضي النظام بذلك، وهو
وضع يفترض الضغط في سبيله لتجنيب
المخيم مخاطر الصراع المسلح وعودة
اللاجئين الى بيوتهم وإبقاء المخيم
منطقة آمنة وحاضنة لجواره. تلك هي باختصار قصة
فلسطينيي مخيم اليرموك، وفي غضون ذلك
ثمة طبعاً شباب فلسطينيون، شاركوا في
فعاليات الثورة السورية، لكن هذا شأن
آخر، فهذا نتيجة قناعات شخصية، وهي لم
تؤثر البتة في منهج تجنيب المخيم
الصراع المسلح، لأن هؤلاء عبروا عن
انفسهم ضمن فعاليات الثورة السورية
ذاتها، وخارج المخيم، وليس كحالة
فلسطينية مستقلة بذاتها. أيضاً، ينبغي
التمييز بين التعاطف مع الثورة
السورية وبين الانخراط الجمعي في
حوادثها، فهذا أمر لم يحصل، إلا إذا
اعتبرنا احتضان المخيمات للسوريين من
أهالي المناطق المنكوبة مشاركة يستحق
عليها العقاب! وعلى العموم، فإن
الضحايا لا بد من ان يتعاطفوا مع
الضحايا، والفلسطينيون أكثر شعب يعرف
معنى التوق إلى الحرية والكرامة، لذا
فهم يعرفون، أيضاً، معنى طلب السوريين
للحرية والعدالة. ================= عيسى
الشعيبي الغد الاردنية 25-12-2012 بحسب ما اتسم به أداء
الدبلوماسية الروسية، من مكابرة وبطء
شديدين، وعلى نحو ما تميزت به من تأخر
وتسويف حتى ربع الساعة الأخير، جاءت
استدارة موسكو حيال التطورات السورية
المتسارعة، أخيراً، كعملية استدراكية
كاشفة عن مدى خطل تلك السياسة المترعة
بثقافة الحرب الباردة. لسنا الآن في معرض
التساؤل عن ماهية هذه الاستدارة، ولا
عن مغزى حدوثها في هذه المرحلة
الحاسمة، وإنما السؤال عن تلك النقطة
التي فاضت معها كأس الشراب الروسية،
وجعلت ميخائيل بوغدانوف يقول إن بلاده
لم تعد تستبعد انتصار المعارضة التي
تواصل التقدم على الأرض، ثم يليه
فلاديمير بوتن قائلاً من موسكو ومن
بروكسل: نحن لا نتمسك بالأسد ولا يهمنا
مصيره، ناهيك عن قيام روسيا بإرسال
سفنها إلى البحر المتوسط لإجلاء
رعاياها عندما تدق الساعة السورية. وبمعزل عن الهذر الذي
يواصل سيرغي لافروف ترداده من أن روسيا
لم ولن تغير سياستها تجاه سورية، وأن
وريث الجمهورية لن يذهب إلى أي مكان
آخر، فإن من المرجح أن موسكو قد
استنتجت أن الاستثمار السخي في بشار
الأسد كان بلا طائل، وأنه قد آن أوان
وقف متوالية الخسائر الباهظة، والبحث
عن مقعد حول مائدة المفاوضات الوشيكة،
قبل أن يحدث الانهيار الذي بدأ الخبراء
الروس في طرطوس وجوارها يرون تشققاته
بأم أعينهم. وبالعودة إلى ماهية
النقطة التي ملأت كأس موسكو، فإن من
المرجح ألا تكون هذه النقطة قد تكثّفت
من أبخرة المفاوضات الروسية–الأميركية،
أو تكونت من سحابة تفاهمات عبرت رواق
عملية دبلوماسية تخص مسألة تأمين خروج
آمن للأسد وبطانته، بقدر ما أنها خلاصة
لحظة سورية صادمة لمطبخ القرار
الروسي، ونعني بها لحظة قطع طريق مطار
دمشق الدولي، وفشل قوات الأسد من إعادة
فتحه بصورة آمنة ، الأمر الذي أشعل
لمبة حمراء، وفتح العيون الزرقاء على
اتساعها إزاء حقيقة أكبر من أن يتم
التغاضي عنها. ذلك أن مطار دمشق ليس
معبراً حدودياً نائياً مع تركيا أو
العراق، يمكن غض الطرف عن مدلولاته
الجزئية، والتعالي عن نتائجه
الهامشية، وإنما هو العلامة الفارقة
في مسار أزمة خرجت تماماً عن نطاق
السيطرة، بدت أشبه ما تكون بالهدف
النهائي في مباراة كرة قدم أوشكت على
الخاتمة. وهو متغير جوهري أحسب أن
موسكو قد التقطت فحواه العميق، وكفت
منذ تلك اللحظة عن سياسة الإنكار
المديدة. في غضون النصف الثاني
من هذا العام، حدثت ثلاث وقائع مفصلية
في مجرى الأزمة السورية، كانت كل واحدة
منها ذات آثار بعيدة المدى. أولاها،
إسقاط الطائرة التركية في حزيران (يونيو)
الماضي، وهي إهانة ردت عليها أنقرة
بتمكين الجيش الحر من بدء سيطرته على
الشمال الحلبي وفرض معادلة عسكرية
جديدة. والثانية كانت في تموز (يوليو)
الماضي حين تم القضاء على خلية الأزمة،
وهو الحدث الذي كسر صورة الأسد. أما
الثالثة، فقد تمثلت في إغلاق الطريق
إلى مطار دمشق، وأدت إلى حمل موسكو بعد
لأي شديد على إحداث هذه الاستدارة. قد يمر وقت إضافي حتى
تستكمل روسيا استدارتها التامة، وترفع
يدها عن أول حاكم مستبد في التاريخ
يقصف عاصمة بلاده بالطائرات. إلا أن
هذه الاستدارة قد بدأت عجلتها
بالدوران البطيء، وستمضي إلى أن تكتسب
قوة دفع ذاتي متدرج مع الزمن الذي لا
ينتظر كثيراً، وتمخر البرزخ نحو أعالي
البحار العميقة، مدفوعة بتيار جارف من
التطورات السورية المندفعة حثيثاً نحو
نقطة اللاعودة الناجزة. ================= تاريخ النشر:
الثلاثاء 25 ديسمبر 2012 د. طيب تيزيني الاتحاد جاء إنكار التصريح
الذي قدمه مساعد وزير الخارجية الروسي
مؤخراً، من قِبل وزارة الخارجية
الروسية، ليثير غباراً. فلقد أعلن فيه
أن انتصار المعارضة على النظام
السوري، أمر قابل للتحقق. وقد جاء ذلك
في معرض القول إن روسيا «لم ولن تغيّر
موقفها من سوريا»، في إشارة إلى
استمرارها في دعم النظام السوري ضد
المعارضة. ومعروف أن موقف وزارة
الخارجية الروسية هذا يأتي بعد أن
حوّلت «الفيتو» في مجلس الأمن إلى
فزّاعة رادعة لمِن يطلب من الشعوب
إحقاق حقه والوصول إلى أهدافه
المشروعة، التي يكافح من أجلها. إن وجود الدول دائمة
العضوية بقدر ما هو أمر مناسب لضبط
العمل في مجلس الأمن، فهو كذلك قابل
لأن يتحول إلى سيف مسلط على رقاب
الشعوب المستضعفة. فالشعب السوري الذي
انتفض على نظامه الأمني الاستبدادي،
بكل حق وجدارة، يجد نفسه تحت قبضة دولة
خارجة عن المنظومة السياسية
والأخلاقية، وعليها، فهي إذا ما أعلنت
رفضها لحقِّ الشعب السوري في الحرية
والكرامة والعدالة، فإن هذا الرفض
يصبح مشروعاً، وإن كان يعبّر عن أقصى
أشكال العار الإنساني والانحطاط
الحضاري، وكذلك عن المراوغة القانونية.
ونلاحظ أن هذا يُدخلنا في حقل المقايسة
بين المنطق الصوري (الشكلي) وبين
المنطق الجدلي التاريخي (الواقعي).
فالأول يأخذ بالاعتبار الاتساق الشكلي
الخارجي بين عناصر الموقف، بغضّ النظر
عما يجمع بين عناصر هذا الاتساق من
بنية أخلاقية إنسانية، أو من غياب مثل
هذه البنية بل وإدانتها. إن ما فعلته روسيا
حيال الكارثة السورية، لا يعدو كونها
نظرت إليها من موقع المنطق الصوري،
فهذا يتيح لها تقديم «الفيتو» ضد مشروع
إدانة أعمال النظام السوري، مع البقاء
في انسجام صوري يلبي مطلب الأقلية
والأكثرية من حيث هما أعداد، ولكن مع
إقصاء التفكير فيما يكمن وراء ذلك من
مظالم يندى لها جبين منظمة الأمم
المتحدة وجبين البشرية عامة. فلقد جاءت
منظمة الأمم المتحدة، في الأساس،
محاولة للتعبير عن التطور في منظومات
حقوق الإنسان وحقوق الأمم والدول
والشعوب. وها هي تبرز الآن أمامنا
باستفزاز وسخرية خطيرين، حين تُقر
بشرعية «الفيتو الروسي»، الذي جاء
ليكرّس شرعية القتل والتدمير
والاستباحة والحرق لكل ما يتحرك في
سوريا. إنها ساديّة تأتي استفزازاً
روسياً للشعب السوري من قبل ومن بعد! هكذا، يجد الشعب
السوري نفسه تحت قبضة عدالة زائفة
لمنظمة دولية، وقبضة مجموعة من الساسة
الروس الذين يحاصرون شعبهم، قبل
مواجهة الشعب السوري. ومن شأن هذا
التأكيد على أن نظاماً أمنياً يواجه
شعبه بسياسات حجز حرياته وبإفقاره
وإذلاله، لا يمكنه أن يكون غير ذلك
حِيال الشعوب الأخرى. والحق، أن الشعب
السوري الهائل في كفاحه من أجل الكرامة
والحرية والعدالة، ضرب مثالاً
أسطورياً في مواجهته للاستبداد
الرباعي في بلده، أي القائم على
الاستفراد بالسلطة وبالثروة
وبالإعلام وبالمرجعية المجتمعية،
وذلك على امتداد أربعين عاماً وأكثر.
وقد تضاعف هذا الثمن الذي يدفعه لأسباب
عديدة، منها أن سوريا تحولت إلى «لعبة
أمم»، يسعى الجميع بمقتضاها إلى طعنها
أو ابتزازها بصيغة أو بأخرى. ولكن
الشعب السوري دلَّل ويدلِّل على أنه -بقواه
التاريخية المتوهجة- يحمل في كيانه
شخصية «طائر الفينيق» الأسطوري، الذي
يستعيد حياته المتألقة في قلب الحُطام
التاريخي نفسه. إن القرارات الفيتوهية
السلبية، التي أطلقتها في وجه
السوريين روسيا وغيرها، إنما هي صكوك
عار ستُرمى في غياهب النسيان، الذي
يتحول ذاكرة حية في حياة الشعوب. ================= تاريخ النشر:
الثلاثاء 25 ديسمبر 2012 الاتحاد مرت العقود الأربعة
الأخيرة على المجتمع السوري وكأنها
دهور بأكملها، حيث عانى فيها أبناؤه من
أشد أنواع القمع والبطش ولم يعرفوا
الراحة والسعادة ولو لفترة زمنية
قصيرة، ولم يكن من الممكن لأي كان أن
يتصور أن بنية سياسية وعسكرية مغلقة
على ذاتها، ولها مراكز قواها وحلقاتها
المتراكبة والمعقدة، مثل بنية هذا
النظام الأسدي الديكتاتوري، ستبدأ
بالتفكك والانهيار والذوبان ككثبان
الرمل تحت ضربات سواعد أبناء هذا الشعب
المظلوم، ومن دون أية تدخلات خارجية. وهكذا فقد كانت سوريا
-الوطن والإنسان والجغرافيا والدور
والمكانة- مغيبة عقوداً طويلة عن ذاتها
وتاريخها وهويتها الوطنية الحقيقية،
هوية الحضارات العظيمة التي صنعها
أبناؤها على مدى التاريخ كله... وكانت
مستبعدة كذلك عن دورها ومكانتها
الحيوية المعروفة والطبيعية التي
وفرتها لها جغرافيتها وغناها البشري
والطبيعي، بسبب ما فعله بها نظام البعث
الانقلابي الذي دخل جسد هذا البلد في
غفلة من الزمن، كداء الطاعون الذي لا
يترك جسداً إلا بعد أن يصيبه بعاهات
وأمراض مستديمة. وهكذا لم تستفد سوريا
كدولة ومؤسسات وشعب ومجتمع من ثروات
وموارد وطاقات البلد إطلاقاً، بل بقيت
حكراً على نخبة خاصة وطبقة وفئة قليلة
من أهل السلطة ومن لف لفهم من الأعوان
والمحازبين والمنتفعين من هنا وهناك
ممن كانوا يطبلون لنظام الأسد،
ويزينون له أعماله وأفاعيله السيئة
بحق المواطن والمجتمع والدولة السورية
حتى وصل شره إلى كثير من دول المنطقة
العربية. كما أن الشعب لم ينتفع أبداً
من هذا الوجود الجغرافي الحيوي المهم
لسوريا على مفترق وتقاطع طرق برية
وبحرية وجوية حيوية ومميزة لم تتوافر
لغيره كان يكفي نظامها أن يجلس بكل
هدوء وأريحية، ويجبي الأموال التي
يمكن أن تأتيه فقط كضرائب من حركة
النقل وعبور الترانزيت (بكل أنواعه)
عبر بلده. ولكن للأسف تحول هذا الموقع
الاستراتيجي المهم والنوعي من نعمة
إلى نقمة، ومن خير إلى شر في ظل وجود
هكذا سلطة ديكتاتورية انعدمت عندها
حتى أدنى درجة من درجات قيم الضمير
الوطني. وقد عطل هذا الواقع
القسري المفروض على البلد حالياً
نتيجة انعدام حس القيادة الواعية،
وعدم وجود أدنى وازع أخلاقي مسؤول لدى
النظام السوري، كافة مواقع التنمية
والعمل والفاعلية والإنتاج لدى
المواطن السوري، وضاقت به سبل الحياة
والعيش حتى بأدنى مقوماته، وبدأ
الجميع بالبحث عن ملاذات آمنة من هول
البطش المفروض عليهم، يراه البعض في
الدين والآخر في الطائفة... وثالث في
انعدام العيش مع هذه الطائفة أو تلك…
الخ. وهكذا انطلق النظام
ليستثمر في كل شيء قد يحقق له وجوده
اللاشرعي في الحكم رغماً على إرادة
الناس وأفراد المجتمع السوري... وها هو
يستخدم الغول الطائفي والطائفية
المقيتة كأسلوب سياسي للاستمرار في
السلطة والتسلط على رقاب البشر. أربعون عاماً لم ينفك
النظام يلوك خلالها مقولات المؤامرة
والاستعمار الخارجي والإمبريالية
والصهيونية والتدخل الخارجي،
المكشوفة من قبل هذا الشعب الذي قام
لاحقاً بفضحها لا بل ثار عليها، وقال
للنظام إن تلك اللغة باتت قديمة، وهي
عدة معطوبة وبضاعة فاسدة غير نافعة،
بعد أن فقدت مصداقيتها على الفهم
والتشخيص، بقدر ما أصبحت أداة للحجب
والتضليل والتحريف وتزييف الوعي.
وهكذا ما كان من أنظمة حكمنا القومية
في العراق وسوريا، حيث رأينا كيف أن
النظام السوري عجز عن إدارة أزمته
الوجودية بصورة يحفظ فيها أمن وحرية
شعبه، وطالما أنه بات عاجزاً عن تأمين
مبادرات حلول ناجعة منذ بداية الأحداث
كان لابد من محاسبته ومساءلته. وسيكتب
قريباً الانتصار لهذا الشعب العظيم،
وتحقيقه للدولة المدنية القادرة
والقوية، دولة العدالة والحرية
والمؤسسات. محمد عمر البستاني ينشر بترتيب مع مشروع
«منبر الحرية» ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 25-12-2012 ملخص ما يدور اليوم
في الأزمة السورية أن الجميع بدأ يفكر،
ويتحرك، من أجل مرحلة ما بعد الأسد،
رغم كل ما قيل وما يقال، وبالطبع فإن
هناك من يتحدث بسذاجة، وهناك من يتحدث
بخبث. ولذا، فلا بد من التنبه للمرحلة
القادمة بشكل حذر، وأفضل مما تم في
تجارب أخرى، ومنها طريقة التفاعل مع
الثورة السورية في بدايتها. ففي تاريخنا الحديث
تجربتان لا بد من تأملهما: الأولى
أفغانستان، والثانية العراق، وفي
كلتيهما كان التدخل العربي، والغربي،
فاشلا، وكانت عواقبه وخيمة. في
أفغانستان، إبان غزو الاتحاد
السوفياتي، تم تصوير الأمر على أنه
جهاد، وكان ذاك خطأ، وكان الخطأ الأكبر
والقاتل هو ترك من سموا «المجاهدين»
الذين ارتدوا بعد ذلك على من رعاهم،
وسلحهم، سواء في المنطقة، من السعودية
إلى غيرها، أو غربيا مثل أميركا
وبريطانيا وآخرين. فنصف التدخل أخطر من
عدم التدخل، وهذا كان درس أفغانستان
التي تحولت إلى وكر للإرهابيين. أما
العراق، فالخطأ الكبير كان هو عدم
إدراك واقع أن الأميركيين عازمون على
الغزو، وكان يجب التدخل عربيا، ليس
لنصرة الغزو، وإنما لتعقيل الثور
الأميركي الهائج، الذي قام بحل الجيش،
وضرب النسيج العراقي، ثم سلم العراق
كاملا لإيران، ومن هنا كان درس غزو
العراق هو أن عدم التدخل تماما كان
تضحية بدولة عربية كبيرة ومهمة. اليوم ونحن أمام
التجربة السورية، المختلفة عن كل
التجارب العربية حيث إن سوريا مطمع لكل
ذئاب المنطقة، وعلى رأسهم إيران، وحزب
الله، وإسرائيل، وهي مطمع أيضا لـ«الإخوان»،
والمتطرفين، خصوصا بما تمثله سوريا
دينيا من الناحية التاريخية، حيث من
السهل دغدغة مشاعر السذج حول دور سوريا
التاريخي في الحروب، والفتوحات.
والأخطر من كل هذا، هو الدعاية الخبيثة
عن وجود تنظيم القاعدة في سوريا،
والهدف من ذلك ليس اليوم، بل الغد.
وللتوضيح، فإنه عندما يقال اليوم بأن
هناك متطرفين في سوريا فليس بمقدور أحد
أن يجزم بذلك، أو ينفيه، ولذا تجد كثرا
من العقلاء يقولون: «في حال كان هناك
متطرفون»، لكن الهدف الحقيقي لأصحاب
الحملة الخبيثة المكرسة لقصة وجود «القاعدة»
هو أنه بعد سقوط الأسد، واندلاع
الأعمال الإرهابية، فحينها سيكون من
السهل القول بأن من يقف خلف ذلك
الإرهاب هو «القاعدة»، وعلى طريقة ما
حدث في العراق. والحقيقة أن «القاعدة»
في العراق لم تعمل إلا برعاية إيرانية،
فالزرقاوي كان من ضمن زوار إيران، مثل
غيره من قيادات «القاعدة» التي يقيم
بعضهم في إيران الآن. ولذا، فالمفروض
اليوم أن تكون هناك استراتيجية واضحة
لمرحلة ما بعد الأسد من قبل العقلاء
العرب، وتكون قابلة للاستمرار، حتى
بعد سقوط الطاغية، وأيا كانت الأوضاع،
وتكون استراتيجية واضحة للضرب بيد من
حديد على كل من يحمل السلاح بعد سقوط
الأسد، مع ضرورة تجنب كل أخطاء الربيع
العربي، وأبرزها انقلاب مصر الإخواني.
ولذا، فالمطلوب بكل بساطة هو أنه على
من يتدخل في سوريا الآن أن يواصل
التدخل حتى بعد سقوط الأسد، ولا يتوقف،
فنصف التدخل أخطر من عدم التدخل
الكامل، والعراق خير مثال. ================= سيناريو
سوري قاتم بتوقيع روسي أمريكي د. إبراهيم
الحمامي إذاعة صوت
الأقصى 17/12/2012 واهم من يؤمن بالصدفة
في عالم السياسة، وأكثر وهماً من يعتقد
أن ما يجري هو من قبيل التزامن البريء
بين موقف وآخر، خاصة في ظل تبادل
الأدوار الممارس في الشأن السوري بين
الشرق والغرب وتحديداً بين روسيا
والصين من جهة وبين الولايات المتحدة
وأوربا من جهة أخرى، والذي ظهر جلياً
في مهزلة مجلس الأمن وعجز العالم عن
وقف نزيف الدم السوري في مجلس الأمن
تحت حجة الفيتو، وهو ما لم يكن سبباً
للعدوان على العراق أو التدخل في
البوسنة وكوسوفو. فجأة لم يعد يشغل كل
هؤلاء إلا السلاح الكيماوي الذي يستعد
نظام بشار لاستخدامه، لم يبق مسؤول أو
زعيم إلا عبّر عن قلقه ومخاوفه من
استخدام الكيماوي، وهدد آخرون أنهم
على أهبة الاستعداد للتدخل لمنع
النظام السوري من استخدام الكيماوي ضد
شعبه - وكأن استخدام باقي الأسلحة
الفتاكة مسموح ومقبول – وبدأ الاعلام
يتحدث عن خطط جاهزة ومناورات في
الأردن، وقوات أمريكية اسرائيلية
مدربة للسيطرة على الأسلحة الكيماوية
خلال دقائق بعد رصد أماكنها، إضافة
لأفلام إثارة على بعض المنابر
الاعلامية. وفي تزامن غير بريء
وصدفة ليست بصدفة خرجت تصريحات
وتقارير لمراكز أبحاث ومواقف جديدة
نرصد منها: • أعلن الرئيس
الأمريكي باراك أوباما، اعتراف
الولايات المتحدة بالائتلاف الوطني
لقوى المعارضة والثورة ممثلا شرعيا
للشعب السوري – 11/12/2012. • أقر المشاركون في
اجتماع «أصدقاء سوريا» بمراكش، الذين
مثلوا 114 دولة بالاعتراف به كممثل شرعي
ووحيد للشعب السوري- 13/12/2012. • نقلت صحيفة الديلي
تلغراف تقرير للمخابرات الأميركية
أنها تقدر نهاية رئيس العصابة الأسدية
بثمانية إلى عشرة أسابيع فقط بعد
النجاحات التي أحرزها الجيش الحر
07/12/2012 • روبرت فورد،
السفير الأمريكي لدى سوريا " أيام
نظام الأسد في الحكم باتت معدودة، خاصة
مع تزايد وتيرة المعارك في محيط
العاصمة دمشق" 07/12/2012 • رئيس البرلمان
العراقي اسامة النجيفي يتوقع "سقوط
نظام الاسد في غضون اسابيع قليلة"،
داعيا الثوار السوريين الى "التعامل
بحكمة مع ابناء الطائفة العلوية"،
مضيفاً "المعلومات تشير الى ان
الامور ستتغير في سوريا خلال اسابيع"،
06/12/2012. • ذكرت صحيفة "كومرسانت"
الروسية، أن روسيا تقاوم ضغوط
الولايات المتحدة؛ كي تقنع الأسد
بالاستقالة وقال تقرير الصحيفة إن "روسيا
لا تعتزم إقناع الرئيس السوري بترك
منصبه طواعية" وأن "موسكو مقتنعة
بأن الأسد لن يخرج طواعية"، وتابع
التقرير أن وزيرة الخارجية الأميركية
كلينتون أبلغت نظيرها الروسي سيرجي
لافروف، خلال اجتماعها مؤخرا في دبلن
أن حكومة الأسد ستسقط إن عاجلا أم
آجلا، وأنه إذا لم تكن هناك حكومة
انتقالية فمن المرجح أن تسقط سورية في
الفوضى والعنف والاقتتال الطائفي،
12/12/2012. • قالت صحيفة ذي
كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية
اليوم أن المشهد السوري الآن في ظل
حصار المعارضة السورية للعاصمة دمشق،
يشير إلى أن أيام الرئيس السوري بشار
الأسد باتت معدودة، 10/12/2012. • اعتبر نائب وزير
الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف
اليوم الخميس أن النظام السوري يفقد
سيطرته على البلاد، من دون أن يستبعد
احتمال انتصار المعارضة. ونقلت قناة
"روسيا اليوم"عن بوغدانوف، قوله
في كلمة ألقاها أمام الغرفة
الاجتماعية الروسية "يجب النظر إلى
الوقائع.. النظام والحكومة السوريين
يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر".
، 13/12/2012 • خبراء: سقوط نظام
الأسد ليس وشيكاً، تقرير لصحيفة
الحياة 16/12/2012 مقابل ذلك، اتخذت
الولايات المتحدة خطوة غير مفهومة - في
حينها - بإدراج أحد التشكيلات السورية
على لائحة الارهاب الخاصة بها - جبهة
النصرة - لتتبعها الاستخبارات
الاسرائيلة بتقرير يتحدث عن قرب سيطرة
جبهة النصرة - هكذا - على أسلحة
كيماوية، حيث ذكر تقرير استخباراتي
اسرائيلي نُشر الأسبوع الماضي أنه "اذا
فشل الاسد في منع مقاتلي "القاعدة"
من الوصول الى مخازن السم والاسلحة
الكيمائية في "السفيرة" وبالتالي
ينجح تنظيم القاعدة ويتسلح بالاسلحة
الكيمائية لاول مرة، ساعتئذ تضطر
الولايات المتحدة على القيام بهجوم
جوي – ليس على جيش الاسد بل على مقاتلي
المتمردين الذين يقاتلونه، لانه اذا
تمكن مقاتلو القاعدة من السيطرة على
مخازن الاسلحة الكيمائية، فمن المتوقع
ان يطلقوا الصورايخ ذات الرؤوس
الكيمائية ضد مراكز نظام الاسد في دمشق.
فسقوط "السفيرة" يحول الحرب
الاهلية السورية الى حرب الصواريخ
الكيمائية". وتكتمل الصورة
بالتحذيرات التي وجهتها أجهزة بشار
حول احتمال إطلاق أسلحة كيماوية على
المناطق السكنية من قبل "مجموعات
إرهابية" لاتهام النظام بها. زاوية أخرى لا تقل
أهمية، وهي التقارير المتواترة التي
تتحدث عن فرار قيادات "علوية"
كبيرة مع عائلاتها للساحل، وخبر آخر
بالأمس عن فرار أحمد جبريل - حوّل فصيله
الفلسطيني إلى فصيل شبيح - من مخيم
اليرموك إلى طرطوس، وأنباء سابقة عن
فتح فرع للمصرف المركزي السوري في
منطقة الساحل، وتأهيل مطار زراعي في
طرطوس ليصبح مطاراً مدنياً – تصريحات
نزار اسماعيل موسى محافظ طرطوس في
20/09/2012، وغيرها من الاستعدادات القائمة
على قدم وساق لتجهيز جيب ساحلي – دويلة
- يشكل ملاذاً حصيناً لعصابات البعث
وبشار، ومن ثم بداية تطبيق السيناريو
المرسوم. لماذا كل ما سبق؟ نضع الإجابة في
النقاط التالية: • وقف العالم "المتحضر"
متفرجاً تاركاً الشعب السوري يواجه
آلة القتل والاجرام وحده • من مصلحة روسيا
والولايات المتحدة، ومن أجل عيون "اسرائيل"
أن يتم تدمير سوريا كبلد ووطن ومؤسسات،
وهو ما قام به نظام الاجرام بقيادة
بشار • إطالة أمد الثورة
السورية سيحقق المزيد من الدمار،
وإضعاف البلاد لسنوات طويلة • تبادلت الولايات
المتحدة وروسيا الأدوار لإجهاض أي
قرار في الأمم المتحدة، ولتبرير عدم
دعم الشعب السوري • التدخل سيكون فقط
في اللحظات الأخيرة لمنع تحقيق انتصار
شعبي على النظام، ولإبقاء الوضع في
موضع المراوحة، تماماً كما حدث في
البوسنة • لابد من إيجاد
مبررات للتدخل في اللحظات الأخيرة • لذلك لابد من وجود
طرفين "رسميين" متحاربين، وهو
الأمر الذي لم يكن حتى تم الاعتراف
الأخير بالائتلاف الوطني قبل أيام • أصبح الآن هناك
نظام رسمي هو نظام بشار، وائتلاف يعتبر
ممثلاً شرعياً لكن ليس وحيداً،
وبالإمكان التدخل للفصل بين الطرفين • بعد الضربات
والهزائم المتتالية سينكفيء بشار
وعصابته للساحل لتنفيذ مخططهم بإقامة
دويلة حصينة، وهو ما سبق ووضحته
تفصيلياً في تقرير مطول تحت عنوان خيار
الأسد الأخير – الدولة العلوية: http://www.drhamami.net/lasthope.pdf • الخيار بات
متداولاً وبشكل كبير، واليوم تتحدث
إحدى الصحف البريطانية وبوضوح، حيث
تشير صحيفة صندي تايمزإلى أنه "لن
يعترف بدويلة الجيب العلوي في الساحل
السوري لو قامت سوى إيران وكوريا
الشمالية وفنزويلا" 16/12/2012. • سيستخدم بشار
السلاح الكيماوي من منطقة الساحل ضد
باقي المناطق السورية، بعد أن يضيق
عليه الخناق، وربما يتهم "العصابات
المسلحة" الموضوعة على "قوائم
الارهاب" بذلك، لأنه جز لا يتجزأ - أي
النظام- من الخطة والمؤامرة على تدمير
سوريا. وهنا يأتي تنفيذ
السيناريو المنتظر والمتفق عليه بين
روسيا والولايات المتحدة إضافة للمجرم
بشار، والذي هيأوا له الأسباب
والمبررات على مدى الأسبوعين الماضيين! سيتم التدخل الدولي
العسكري المباشر في سوريا، ليس دفاعاً
عن الشعب السوري ولكن إجهاضاً لثورته،
ومنعاً له من تحقيق الانتصار الكامل
على الطاغية. يقول ماجد آل عبد
الجبار وباختصار شديد لهذا السيناريو
"هجرة علوية للساحل مع استعداد
عسكري غربي وتهديد بالتدخل عند
استعمال الكيمياوي! استخدام!فتدخل!ففصل
بين الطرفين وحماية لدولة علوية". ما يجري ليس صدفة أو
تزامن، لا التصريحات ولا التقارير ولا
المواقف ولا الاعترافات ولا إدراج
جبهة النصرة على قوائم الارهاب، كله
يأتي في إطار التمهيد والاستعداد! هذا ما يريدونه وهذا
ما يخططون له وهذا ما ساعدهم ويساعدهم
عليه نظام بشار المجرم. لكننا على ثقة أن
الشعب السوري البطل الذي سجل أروع
الملاحم في التضحية والفداء والاصرار
على نيل الحرية، لن يقبل أبداً بإجهاض
ثورته، ولا بتدخل عسكري سافر يأتي فقط
لتنفيذ مخطط حماية "اسرائيل" بعد
أن أصبح سقوط النظام الحامي لها
وشيكاً، حتى لو تطلب الأمر ثورة أخرى
جديدة ضد غزاة جدد، تآمروا عليه
وشاركوا في ذبحه. =========================== عماد الدين
أديب الشرق الاوسط 25-12-2012 موقف موسكو من توفير
«الملجأ الآمن» للرئيس السوري بشار
الأسد أمر يدعو للتأمل العميق. قال سيرغي لافروف،
وزير خارجية روسيا، وعراب العلاقات
السورية - الروسية في العقد الأخير، إن
بلاده ترحب بمن يوفر ملجأ آمنا للرئيس
الأسد إذا رغب في ذلك، ثم عاد وأضاف: «لكن
موسكو لا ترغب في ذلك»، ولم يُفهم من
التصريح هل عدم الرغبة لدى موسكو في
منح اللجوء أم في مبدأ ترك الأسد
للسلطة؟ ومن الواضح أن الموقف
الروسي سوف يستمر متمسكا ببقاء الأسد
إلى أن تتضح 4 أمور لدى قيادة الكرملين: أولا: مدى قدرة الأسد
العسكرية على عدم الانكسار، بالذات في
الحفاظ على مدن كبرى؛ هي دمشق ومحيطها،
وحلب، واللاذقية. ثانيا: حقيقة توجهات
المقاومة السورية ومستقبل علاقتها
بموسكو إذا ما تولت الحكم. ثالثا: رؤية أي نظام
جديد في الاتفاقات الأمنية والعسكرية
المبرمة بين موسكو ودمشق تاريخيا حول
اتفاقات السلاح الروسي لسوريا
والتسهيلات البحرية الممنوحة للبحرية
الروسية في طرطوس وبانياس. رابعا: موقف واشنطن
النهائي من الملف السوري سياسيا،
بمعنى إلى أي حد سيكون لواشنطن تأثيرها
على ائتلاف المعارضة السورية في
الخارج وعلى توجهات المقاومة العسكرية
في الداخل؟ وحتى الآن، ليست
واضحة حقيقة الموقف الإيراني من نظام
الأسد، بمعنى إلى أي حد سوف تذهب طهران
للدفاع عن نظام الأسد - الحليف
الاستراتيجي لها؟ هل تدخل طهران في
مرحلة أخرى وهي الانتقال من إرسال
خبراء قتال من الحرس الثوري إلى إرسال
فرق مقاتلة كاملة، يأتي بعضها من جنوب
لبنان والثاني يصل عبر البحر المتوسط؟ السؤال الثاني هو:
إلى أي حد سوف تقرأ طهران رسالة واشنطن
بنشر بطاريات صواريخ «باتريوت» على
الحدود السورية - التركية؟ هل تفهم
طهران أن البطاريات خطوة أولى سوف
تتلوها خطوات؟ والسؤال الثالث: إلى
أي حد يريد نظام الرئيس الأسد المغامرة
بأمن بلاده وأمن المنطقة إلى الحد الذي
قد يلجأ فيه إلى استخدام الأسلحة
الكيماوية المخزنة لديه، التي انتقل
بعضها إلى جنوب لبنان وأصبحت تحت سيطرة
وحراسة قوات حزب الله؟ القصة معقدة للغاية،
وفصولها الدامية ما زالت في بدايتها،
ولا أحد يعرف بالضبط ما الخطوط الحمراء
لدى موسكو وواشنطن وطهران ودمشق؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |