ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 01/01/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

31-12-2012

نظام الأسد هو المسؤول!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

31-12-2012

لايمكن تصديق أن هناك مؤامرة دولية لتدمير سوريا وتمزيقها وإنهائها كدولة «صمودٍ وتصدٍ وممانعة» وذلك مع أن الإسرائيليين عندما أُقيمت دولتهم على أرض الشعب الفلسطيني إتفق «آباؤهم المؤسسون» ،ومن بينهم بالإضافة ديفيد بنغوريون وحاييم وايزمان موشي شاريت (موسى شرتوك)، على ضرورة تمزيق الدول العربية وبخاصة دول هذه المنطقة وتحويلها إلى دويلات طائفية وأثنية متناحرة تكون مكانة إسرائيل بينها كدولة دينية يهودية كمكانة بريطانيا في الـ»كومنولث» البريطاني وبالطبع فإن هذا من أجْل ما اعتبروه أهم ركائز الأمن القومي بالنسبة لكيان طارئ وغريب وناشئ محاطٍ بالأعداء من كل جانب.

إنَّ هذه المسألة بالنسبة لإسرائيل لا جدال فيها فالإسرائيليون سعوا وهم لا زالوا يسعون إلى خلق صراعات طائفية وعرقية وبخاصة في الدول المحيطة بهم ولعل ما يعرفه كثيرون أن آخر محاولاتهم كانت إنشاء كيان مسيحي في الجنوب اللبناني (سعد حداد) يكون منطقة عازلة بين إسرائيل وبين باقي ما تبقى مِنْ لبنان حيث كانت المقاومة الفلسطينية تشكل دولة داخل الدولة اللبنانية كما هو واقع حزب الله الآن لكن تلك المحاولة قد إنتهت إلى الفشل الذريع ومثلها محاولة دفع «الموارنة» في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية إلى أن يكون لهم كيان طائفي خاص وإن ضمن صيغة فيدرالية أو كونفدرالية.

لكن أن يقال أن هناك مؤامرة دولية لتدمير سوريا وتمزيقها وإنهائها كدولة «صمود وتصدٍ وممانعة» فإن هذا غير صحيح على الإطلاق والمعروف أن الدول الغربية ومن بينها الولايات المتحدة تريد لهذه المنطقة الحيوية والإستراتيجية الإستقرار والهدوء وأن تصبح كل دولها دولاً ديموقراطية تنشغل بالتنمية والإستثمارات وليس بالحروب الداخلية وكل هذا لأن مصالحها تتطلب هذا وذلك مع ان بعضاً من مصالحها كانت مع التسلُّح والمزيد من التسلُّح وبخاصة في مرحلة الحرب البادرة وصراع المعسكرات وفي مرحلة إنقسام العرب بين موالين للغرب والرأسمالية وموالين للشرق الإشتراكية.

إنه لاشك في ان المسؤول عن إضطراب الأوضاع في أفغانستان وفي العراق أيضاً هو الولايات المتحدة المشهورة بأن لديها قدرة فائقة على إفتعال المشاكل لكن ليس لديها أي قدرة على حلها ولذلك وإذا كان هناك خوف على وحدة سوريا فإن سببه أن أميركا لا تزال مترددة في دعم المعارضة وتمكينها من حسم الأمور بسرعة ولقطع الطريق كي لا يكون خيار بشار الأسد ،الذي بدعم من روسيا وإيران يرفض الإستقالة والتنحي، هو «الدولة العلوية» التي كانت إحد مشاريع فرنسا الإستعمارية في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي والتي كان جدَّه سليمان الأسد من بين الذين وقعوا على «إسترْحامٍ» للفرنسيين من أجل إقامتها.

ثم ولنفرض «جدلاً» أنَّ هناك مؤامرة دولية إمبريالية و»سكناجية» أيضاً لتقسيم سوريا وتمزيقها فإن المسؤول عن نجاح مثل هذه المؤامرة هو هذا النظام بتاريخه الإستبدادي المستمر منذ أكثر من أربعين عاماً والذي بإنحيازه الطائفي وإرتكابه كل هذه المجازر التي يرتكبها الآن والتي كان قد أرتكبها في «حماه» في عام 1982 قد شرع أبواب هذا البلد أمام كل الذين لهم مصلحة في التلاعب بوحدته الوطنية وكل الذين يسعون لتمزيقه وتحويله إلى دويلاتٍ فسيفسائية طائفية ومذهبية وأثنية .

ربما أن هذا النظام ليس نظام «الطائفة» ولكنه بالتأكيد كان وبقي ولا يزال نظاماً طائفياً والمشكلة الأولى التي يعرفها «البعثيون» أكثر من غيرهم هي أن «فايروس» الطائفية قد أصاب أولاً حزب البعث العربي الإشتراكي نفسه وثانياً القوات المسلحة والجيش العربي السوري وكل الأجهزة الأمنية والإستخبارية التابعة له.. إن هذه هي المشكلة الأولى أما المشكلة الثانية فهي أن حافظ الأسد ،حتى يبقى ممسكاً بعنق سوريا وحتى يحول النظام البعثي إلى نظام وراثي في عائلتة فقط، قد لجأ منذ وصوله إلى الحكم في عام 1970 وقبل ذلك منذ ان كان قائداً لسلاح الجو ووزيراً للدفاع ،بل ومنذ أن كان عضواً في اللجنة العسكرية «السرية»، إلى بناء هرم الحكم على أساس طائفي وتمكين الموالين له من الضباط الأكثر طائفية من السيطرة على الدولة كلها وهذا جعل الآخرين يتصرفون مرغمين على أساس أن هذا النظام ليس نظامهم وان هذه الدولة ليست دولتهم وبهذا فإنه أصبح لدى بعضهم الإستعداد للتعاون مع «الشيطان» للتخلص من هذا الكابوس ومن هذا الليل الطويل.. ولذلك فإن مسؤولية وجود مؤامرة تستهدف هذا البلد بوحدته تقع على بشار الأسد وعلى نظام الحكم الذي أوصله والده إليه.. فالذئاب لا تستطيع إفتراس إلا قطيع أغنام الراعي السيء الذي لا يعرف كيف يحمي أغنامه ويدافع عنها!!.

=================

الحوار مع النظام السوري فرضية لم تثبت صحتها

نصوح المجالي

الرأي الاردنية

31-12-2012

 لم ينجح حتى الان أي حوار مع نظام الاسد وفي جميع المحاولات السابقة عبر الجامعة العربية أو المندوب الأممي الاول كوفي عنان او الاخضر الابراهيمي او الوساطات التي حاولت جمع المعارضة والنظام, ابدى النظام السوري استعداداً ظاهرياً بقبول الحوار لكنه كان يقصف كل مبادرة بتصعيد عسكري يحيل أي جهد عربي أو دولي للحوار الى سراب.

ولهذا فشلت مهمة المراقبين الدوليين التي تحولت الى شاهد على القتل والمجازر التي يرتكبها النظام ثم يدعّي انها من صنع عصابات المقاومة والجيش الحر.

الاخضر الابراهيمي رغم اطلاعه على سلوك النظام السوري المراوغ واستعصائه على أي مبادرة أو حل سياسي على مدى العامين الماضيين الا انه يعتقد أن موازين القوة على الارض قد بدأت تتغير وأن المقاومة تزيد من سيطرتها على المناطق السورية خارج العاصمة وتقاتل ايضاً في ريف دمشق والعاصمة, رغم أن وتيرة القتل والدمار في سوريا تضاعفت عما كانت عليه في السابق, والنظام الذي حشد صفوة قوته للدفاع عن العاصمة ما زال يقصف جميع محافظات سوريا ببراميل البارود والصواريخ والاسلحة المحرّمة وهو يخوض اسلوب الارض المحروقة اينما وجدت المقاومة واينما اندحرت قواته.

فالنظام السوري يحمل على كاهله وزر خمسين ألف قتيل سوري وملايين المشردين, معظمهم من السنّة ومن المواطنين العزّل, فقد استخدم النظام اسلوب تعمّد قتل المدنيين بالقصف الارضي والجوي عقاباً للثوار مما زاد من رفض الشعب السوري لنظام يقتل شعبه عن سبق اصرار ولا يجد وسيلة اخرى للتفاهم مع معارضيه من ابناء الشعب السوري الا باخضاعهم بالقوة, ولهذا دخلت روسيا على الخط لعلها تجد حلاً سياسياً وسطاً, تنقذ فيه ما تبقى من نظام الاسد.

والاخضر الابراهيمي بدوره يتوهم انه قادر على جمع النظام السوري والمعارضة على خطة يتم بموجبها تشكيل حكومة انتقالية تمتلك جميع الصلاحيات بما فيها صلاحيات الرئيس تمهد لانتخابات قادمة وحكومة او رئاسة جديدة وبرلمان جديد.

لم يلتفت النظام الى أي من مطالب المعارضة حتى الان لكنه اجرى تعديلات في انظمته من طرف واحد الغت قانون الطوارئ واستبدلته بما هو أسوأ منه, وانتهت الى حملات دهم وقتل منظمة في جميع الانحاء السورية, ثم اجرى انتخابات لمجلس الشعب وحكومة جديدة جاءت باتباع الرئيس وعملائه في المعارضة للبرلمان والحكومة ولم يثبت حتى الان ان لهؤلاء أي وزن أو دور في الاحداث أو لدى الشعب السوري.

المجموعة العسكرية العلوية التي من حول الرئيس وعائلة الرئيس والمستفيدين من النظام يشكلون مركز القرار في الاحداث السورية وهؤلاء يفضلون القتال الى النهاية, ويراهنون على نصر عسكري رغم ما لحق بالنظام من خسائر وما اصاب جيشه من انهاك معنوي وعسكري ومادي وانشقاقات متوالية اضعفت النظام ودمرت البلاد.

لقد اثبت الغرب ودوله وحلف الاطلسي انهم معنيون اولا بسوريا مُدمرة ومنهكة الى حد الافلاس قبل التدخل في سوريا والنظام السوري يدفع بهذا الاتجاه وقد يأتي وقت يصبح فيه تحييد الطيران السوري العامل الحاسم في انهاء النظام السوري سريعا بعد ان يصل النظام السوري الى حافة الافلاس والانهاك.

لن نفاجأ بفشل سيناريوهات الاخضر الابراهيمي والمقترحات الروسية الاخيرة الساعية لانقاذ النظام فقد قطع الصراع في سوريا نصف الشوط وما زال بمقدور النظام ان يناور سياسيا من خلال حلفائه وداعميه وعسكريا بما تبقى لديه من قوات ضاربة يركزها حول العاصمة.

سيشهد عام 2013 شوط النهاية الذي يؤدي الى انهيار النظام وانسحاب رموزه من الساحة هروبا من غضب الشعب السوري والمعارضة المسلحة ليتحول الصراع مرة اخرى في سوريا حول شكل النظام ومضمونه ومستقبله فجميع المتناقضات تجتمع اليوم في المقاومة السورية تجمعها الرغبة في انهاء النظام الاسدي وقد يغرقها البحث عن البديل.

ازمة سوريا ممتدة حتى العام المقبل لكنها لن تحل بالحوار مع النظام والمبادرة الروسية بل بانتهاء النظام عندها قد يصبح للامم المتحدة ووسطائها دور في ارساء الاستقرار واعادة البناء وترشيد الصراع الداخلي على السلطة حتى لا تدخل سوريا في نفق اخر مظلم.

=================

أميرة الثورة السورية

صحف عبرية

2012-12-30

القدس العربي 

ليست هي من المئة امرأة العربية الاغنى بل وهي غائبة عن قائمة المئة امرأة الاكثر شهرة. ولكن سهير الاتاسي أصبحت في السنة الاخيرة الرمز النسوي للثورة في سورية، وعندما ستنتهي الاحداث الدموية المأساوية وتقوم حكومة سورية جديدة، فان الاتاسي ستكون بلا شك من شخصيات النظام الجديد.

منذ بدأ الكفاح الشعبي في الدولة، لم تهدأ الاتاسي للحظة. فهي تخطب في كل مكان، تظهر على نحو متواصل في وسائل الاعلام، تكتب بلا ملل في الفيسبوك، ترد على كل قضية وتحرص على أن تظهر ببزة كاملة الى جانب قائد الجيش السوري الحر.

وبين هذا وذاك فانها تنجح في الطيران في أحيان كثيرة الى لقاءات في تركيا وفي واشنطن. وفي الشهر الماضي انتخبت لتكون نائبة رئيس الائتلاف الوطني الجديد، معاذ الخطيب، اللقب الذي منحها مكانة المرأة الاعلى في المعارضة السياسية المحلية.

هذه معارضة رجولية أساسا، في حرب يدفع فيها النساء واطفالهن ثمنا باهظا للغاية. ومقابل الثورة في مصر او في تونس حيث احتلت النساء مكان شرف امام عدسات التلفزيون وفي المظاهرات في الميادين، ففي سورية حيث استبدلت المظاهرات بميادين التقتيل تكاد لا تظهر نساء في الجبهة. في مخيمات اللاجئين تجدهن يغتصبن او يبعن كأرانب للرجال من دول عربية، ومن منظمات المعارضة التي تقاتل داخل سورية تجدهن يتغيبن. قصصهن تصل الى العالم فقط عبر الشبكات الاجتماعية. اما خارج الشبكة، فمآسيهن توصف فقط من قبل الرجال. في الشهر الماضي، وبالهام من الاتاسي، بادرت د. سماح الداية لاقامة مجلس نساء الثورة بهدف اشراك النساء في الكفاح 'في ضوء السيطرة الرجولية على الحلبة السياسية وابعاد المرأة عن النشاط السياسي'، كما ورد في المنشور الذي اصدرته.

وعلى خلفية التعتيم الاعلامي والجماهيري الذي يفرض على النساء في سورية، تبرز شخصية ونشاط الاتاسي التي تجلب معها تراث غني من الفعل السياسي. ففي سن 29 كانت تدير الصالون السياسي الاهم الذي نشأ في العام 2000 بعد وفاة حافظ الاسد وصعود بشار الاسد الى الحكم. وكان هذا واحدا من نصف دزينة صالونات سياسية هامة بثت روح الامل والنشوة. 'ربيع دمشق' سميت في حينه الفترة القصيرة التي حل فيها الاسد الابن قيود القمع الوحشي لابيه، وسمح للمثقفين السوريين باللقاء والبحث بحرية نسبية في شؤون الدولة. شخصيات مثل ميشيل كيلو، رياض سيف، حسين العودات، هيثم المالح وكثيرين آخرين ممن يعملون الان في اطار المجلس الوطني السوري أو الائتلاف الوطني السوري الجديد صاغوا اقتراحات ومطالب لاصلاحات ديمقراطية واقتصادية. ولكن بعد وقت قصير جدا سحق الاسد هذه الصالونات، واعتقل اعضاؤها أو منعوا وتحول 'ربيع دمشق' الى شتاء متكدر.

وأدارت الاتاسي في حينه بيد عليا الصالون الذي حمل اسم أبيها جمال الاتاسي، من مؤسسي حزب البعث السوري الذي مات في ذات السنة مثل الاسد الاب. العائلة التي جاء منها الاثنان هي من أهم العائلات واكثرها احتراما في مدينة حمص وفي سورية بأسرها. هذه عائلة قدمت شعراء، قضاة، محامين، وزراء وثلاثة رؤساء. نور الدين الاتاسي (ابن عم جمال) كان الرئيس الاخير لسورية قبل ان يسقطه حافظ الاسد من حكمه. والان بات هناك من يدعون الى اعادة العائلة الى كرسي الرئاسة وهذه المرة فلتكن امرأة سهير الاتاسي، التي في سن 41 تعتبر منذ الان زعيمة بفضل ذاتها.

ولكن الاتاسي أيضا تثير الخلاف. انتماؤها الى النخبة الحمصية، طابعها الثقافي، مكوثها خارج سورية وتراثها العائلي الذي اسس حزب البعث الكريه، قد تكون عوائق جوهرية في رحلتها الى المنصب السياسي، مهما كانت درجتها. قبلها في الطابور سيقف ضباط ملتحون، قادة الوحدات الدينية الراديكالية، بعدهم سيقف قادة الائتلاف الوطني السوري وفي النهاية سيأتي ربما ايضا دور النساء. وبالذات في سوريا العلمانية التي منح فيها حزب البعث مكانة محترمة للنساء، من شأن الثورة أن تولد التراجع العميق في مكانتهن. وهنا يوجد دور العملي والرمزي لسهير الاتاسي في العام 2013 والذي ينبغي الامل في أن تصل فيه نهاية حكم الاسد. جدير ومناسب أن نسجل اسمها كمن هي كفيلة بان تكون امرأة السنة القادمة.

=================

ألا لا يجهلن أحد على موسكو!

صبحي حديدي

2012-12-30

القدس العربي 

اختُتم العام 2011 بحماقة، أقرب إلى إضافة الإهانة على جراح السوريين، كان صانعها رئيس 'اتحاد كتّاب روسيا'؛ وها هو العام 2012 يُختتم بضلالة، روسية بدورها، تأخذ على بعض المعارضين السوريين 'انعدام الخبرة السياسية'، بطلها وزير خارجية الاتحاد الروسي... ليس أقلّ. وبين هذا وذاك، ثمة قاسم مشترك أوّل هو الجهل الموروث، وقسط جليّ من التجاهل المتعمّد؛ وسمة مشتركة، ثانياً، هي انبثاق الحماقة والضلالة من ذهنية 'رجل الجهاز'، التوصــــيف الأفضــــل لمفـــردة 'أباراتشيك' الروسية التي اشتهرت على امـــتداد حقبــــة طويلة، خاصة خلال عقود الحرب الباردة، وبدا أنها طُويت مع انطواء صفحة 'الحزب الشيوعي لعموم الاتحاد السوفييتي'، حسب التسمية المندثرة.

الأوّل، فاليري غانيتشيف، باسم اتحاده العتيد، ثمّ باسمه شخصياً؛ كان قد منح بشار الأسد جائزة 'أحد أهمّ رجال الحقل السياسي والاجتماعي والحكومي'، وذلك بسبب 'صموده في مقاومة الهيمنة الغربية في محاولة إملاء إرادة مستعمري عالمنا الحالي على الشعب السوري'. وقال غانيتشيف، في خطبة تسليم الجائزة إلى سفير النظام في موسكو: 'توجد مجموعات متضررة من مقاومة الهيمنة تحاول استثارة الشارع، ونرى ازدواجية المعايير في التعاطي مع الأحداث في المنطقة'؛ مشدداً على أنّ 'سورية، كاحدى أروع التشكيلات الاجتماعية، تتعرض لهجمات همجية لتفتيتها تحت اسم ثورة'.

وكانت 'سانا'، وكالة أنباء النظام، قد نقلت عن غانيتشيف هذه الدُرَر التنظيرية: 'سورية هي بلد مسلم، ولكن جنباً الى جنب مع المسيحيين والديانات الأخرى والمعتقدات المختلفة.

وهذا التنوع يشكل نموذجاً للتعايش والصداقة بين أطياف الشعب الواحد، وإن محاولة تغيير هذا النسيــــج بتهديدات واعتداءات على سورية والقيام بالأعمال التخريبية نرفضه جملة وتفصيلاً'.

الثاني، سيرغي لافروف، اعتبر أنّ قرار أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني السوري، برفض تلبية الدعوة الروسية لزيارة موسكو (وتشديده، في المقابل، على الاستعداد لحوار يشترط تنحّي رأس النظام)؛ كان مفاجئاً له، وهو قرار ناجم عن انعدام خبرة الخطيب في السياسة.

في المقابل تجلّت خبرات لافروف السياسية على هذا النحو: 'هدف الائتلاف الوطني السوري هو إسقاط النظام السوري، وهذا يخالف ما اتفقنا عليه في جنيف'، ولا نعرف مَن اتفق مع مَن، على ماذا، ساعة إعلان تشكيل الائتلاف؛ أو هذه: 'إذا كان رئيس الائتلاف سياسياً جدياً، فإنّ من واجبه أن يسمع تحليلنا'، وكأنّ ذلك 'التحليل' لم يشتهر في أربع رياح الأرض، وبدأ وتواصل وانحصر في تأييد النظام، وتسليحه، وتعطيل قرارات مجلس الأمن الدولي.

شتان، مع ذلك، بين حماقة رئيس اتحاد كتّاب ستاليني محنّط، وضلالة رئيس دبلوماسية القوّة الكونية العظمى الثانية، الأمر الذي يستدعي إلى الذاكرة شطحة لافروفية سابقة، هيهات عندها أن يقاوم المرء رغبة استدعاء عمرو بن كلثوم: ألا لا يجهلن أحدٌ علينا/ فنجهل فوق جهل الجاهلينا! ففي واحدة من مداخلاته الألمعية حول الوضع السوري، أدلى لافروف بالتصريح التالي لإذاعة 'كوميرسانت إف إم' الروسية: 'فى حال انهار النظام القائم في سورية، فسيغري هذا بعض بلدان المنطقة لإقامة نظام سنّي في البلد'؛ وهذا ما يقلق صاحبنا، لأنه سوف 'يؤثر على مصير المسيحيين والأكراد والعلويين والدروز، وهو الأمر الذى قد يمتد إلى لبنان والعراق'!

مَن الناصح الأريب الذي وضع في دماغ لافروف أنّ الأكراد أقلية طائفية، في المقام الأوّل؟ وإذا كان هؤلاء، والحديث يخصّ أكراد سورية تحديداً، ينتمون إلى السنّة، في الغالبية الساحقة، فكيف يمكن أن تهددهم 'دولة سنّية'، أو تؤثر على مصيرهم؟ وهل ثمة أي معنى ملموس، أصلاً، وراء هذا التعبير، الخاطىء والقاصر والركيك؟ وإذا كانت 'دولة سنّية' هي الشبح الآتي الذي تريد موسكو تفاديه، فما هي إذاً تسمية الدولة الراهنة التي تساندها الحكومة الروسية، وتريد الإبقاء عليها؟ وكيف فات لافروف أنّ السنّة في سورية يشكلون قرابة 70 بالمئة من السكان العرب، وبالتالي فإنهم ليسوا 'طائفة' هنا (كما هي حالهم في العراق أو في إيران، مثلاً)، لأنهم ببساطة أغلبية السكان، والكتلة الأكبر ضمن التشكيلات الدينية والمذهبية والإثنية واللسانية السورية.

وكيف تعذّر على خبراء وزارة الخارجية الروسية، إذْ لا حاجة في هذا إلى علماء اجتماع من العيار الثقيل، أن يشرحوا للسيد الوزير تلك الحقيقة البسيطة التي تقول إنّ التطلع إلى الحرّية والمستقبل الأفضل ليس موضوع اختلاف بين أديان السوريين وطوائفهم، بل هو هدف الإجماع الأعرض اليوم، مثلما كان محلّ اتفاق وتراضٍ في الماضي أيضاً.

ما لا يقلّ أهمية، في المقابل، هو أنّ النظام الحاكم ليس ابن طائفة واحدة منفردة، حتى إذا كانت إحدى ركائزه تقوم على تجييش محموم لطائفة بعينها، والإيحاء بتمثيلها، وتعهّد مصيرها. وليس للنظام دين واحد، أيضاً، مهما أتقن رجاله ألعاب التمسّح بالأديان أو التزلف للمتدينين، وخاصة في أوساط السنّة... للمفارقة، غير المدهشة أبداً.

وبين غانيتشيف ولافروف، وأضرابهما كثر هناك، ثمة طراز مشترَك من التشبيح الدولي، تحت ستار قوّة عظمى تتصرف على نحو 'مسؤول' و'متعقّل'، وتسعى إلى التهدئة والسلام، وليس إلى التسخين والحرب. فلا عجب، إذاً، أن يأنف معاذ الخطيب التبحّر في 'خبرة' كهذه!

=================

الصوملة بدأت في سورية مبكرا

رأي القدس

2012-12-30

القدس العربي 

يبدو ان السيد الأخضر الابراهيمي المبعوث العربي والدولي الى سورية ما زال متفائلا في امكانية التوصل الى حل سياسي يحقن الدماء في سورية، فقد دعا يوم امس الى تقديم مساعدة خارجية لدفع طرفي الصراع هناك الى الجلوس الى مائدة الحوار كأقصر الطرق لإنهاء الحرب الأهلية التي توشك على دخول عامها الثالث.

تفاؤل السيد الابراهيمي في غير محله، لأن القوى الخارجية المتورطة في الصراع السوري لا تريد مثل هذا الحوار، وتدفع باتجاه تأجيج الحرب الأهلية، والحسم العسكري بالتالي، والشعب السوري يدفع الثمن من دمائه، ودمار بلاده كليا.

السيد الابراهيمي يتحدث عن الحوار دون ان يحدد الجهات التي ستنخرط فيه، هل هي الائتلاف السوري المعارض، ام الاكراد الذين يرسمون حدود دولتهم المقبلة، ام جبهة النصرة، القوة الاضخم والأكثر فاعلية على الارض السورية، ام انها هيئة التنسيق، ام هي مجموعات الداخل الاخرى، ام تجمع العشائر، ام تجمع الأسر السورية التقليدية ام، ام ...الى آخر القائمة.

الدعوات للحوار ربما كانت مفيدة وعملية عندما كانت الانتفاضة السورية في بدايتها، وقبل ان تتحول الى ثورة مسلحة مدعومة من قوى عربية واجنبية بالمال والسلاح، وقبل ان يلجأ النظام الى القصف الدموي بالطائرات والمدفعية.

الان اتسع الخرق على الراقع، سواء كان الابراهيمي او كوفي انان من قبله، وباتت الأزمة اكثر تعقيدا واكثر صعوبة على الحلّ، فسورية ساحة قتال لقوى عديدة داخلية وخارجية، عربية واجنبية، قوى دولية عظمى، وقوى اقليمية ودولية كبرى.

النظام سيقاتل حتى اللحظة الاخيرة، ولن يتحاور قبل القضاء على جميع الارهابيين، والرئيس الاسد لن يغادر دمشق مثلما اكد الابراهيمي، والمعارضة مصرة على عدم الحوار الا بعد رحيله، وترفض اي دور له في سورية، بما في ذلك بقاؤه رئيسا دون صلاحيات حتى نهاية ولايته عام 2014.

انها معضلة كبرى، ودائرة مفرغة، والصراع سيستمر حتى سقوط آخر سوري، وتدمير آخر منزل، بحيث يتحول البلد الى خراب.

الصوملة بدأت في سورية قبل عام والتحذير من حدوثها جاء متأخرا جدا، فأمراء الحرب موجودون على الخريطة السورية بفضل الدعم الخارجي، ومعظمه من دول عربية قررت تفتيت البلد، ورصد المليارات لإسقاط النظام لإرواء غليلها، والثأر لنفسها منه، وتدمير الجيش السوري، تماما مثلما تواطأت مع امريكا لتدمير العراق وجيشه وتقسيمه على اسس طائفية وعرقية.

الابراهيمي يحمل نوايا طيبة، ويريد حلا سياسيا للأزمة، ولكن الآخرين لا يشاطرونه الحرص نفسه، عليه ان يحاول ويجتهد، فلعل المعجزة تتحقق في زمن ندرت فيه المعجزات.

=================

الثورة السورية.. لايهمنا من يكتب التاريخ طالما نحن من يصنع احداثه

د. رياض العيسمي

2012-12-30

القدس العربي

كان عام 2012 عاما مليئا بالأحداث الدامية والمؤلمة لسوريا وشعبها على الصعيدين الداخلي والخارجي. حيث إزدادت معدلات القتل اليومي للمواطنين السورين إلى أعلى مستوايتها، وبأبشع الطرق، وسجل عداد الموت فيها مع نهاية العام رقما زاد على خمسة وأربعين الفا. ووصل عدد المفقودين إلى أربعين ألفا، والمعتقلين والمخطوفين إلى أكثرمن ستين ألفا، ومايقارب من نصف مليون من اللاجئين إلى دول الجوار، ومايزيد عن مليونين من النازحين داخل الوطن. ومرالعالم على كل هذه الأرقام وكأنها بيانات إحصائية لشعب ليس له هوية، ويسكن خارج حدود التاريخ. وقد أستخدم النظام في العام الماضي الطائرات القاذفة من الميغ بكل أنواعها، والسوخوي، وكل أنواع القنابل، المسموحة منها والمحرمة، كالقنابل الفراغية، والعنقودية، والفوسفورية. كما وأستخدمت القنابل البرميلية المُبتكرة التي حملت معها الدمارالماحق للبلاد والموت الزؤام للعباد. وكذلك إختبرالنظام المدى المُجدي لصوريخ سكود التي يمتلكها منذ زمن، والتي كان يدخرها لحرب غير محتملة مع العدو الصهيوني. ولقد ثبت له بالملموس بأن المدى القاتل لهذه الصواريخ يصل إلى حمص وحماه، وحلب وإدلب، ويتوقف عند معبر 'باب السلامة' على الحدود التركية. ومؤخرا أستخدم النظام الغازات السامة في حمص وحماه وريف دمشق. ممتحنا بذلك جدية الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في تجاوزه الخطوط الحمراء. علما بأن النظام كان قد تجاوز الخطوط الحمراء من قبل، عندما أستباح حماة بالرغم من التحذيرالذي أطلقه له السيد رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، بعدم تكرار ما حصل للمدينة في ثمانينيات القرن الماضي.

ولم يكن التحدي في حماة لأردوغان وحده، بل للعالم بأسره، لأن القتل والدمار طال كل المدن السورية، وكلها أصبحت حماة. وأيضا لقد وصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا اليوم ما يقارب مائة وخمسين ألفا، ولم تفعل تركيا شيئا، كما وعد وزيرخارجيتها، السيد أحمد داوود آوغلو، بالتحرك إذاما وصل عدد اللاجئين فيها إلى المائة ألف. وعلى مايبدو فأن السيد آغلو ما زال منهمكا بإحصاء العدد الحقيقي للاجئين، في الوقت الذي مايزال فيه السيد أردوغان، يتفحص خطوط حماة الحمراء. ومثله مايزال مجلس الأمن، وحلف الناتو، والاوليات المتحدة ،وروسيا، وإسرائيل، وغيرهم يتفحصون فيما إذا كانت الغازات السامة التي أستخدمها النظام هي من أنواع الأسلحة الكيمياوية.

و كان أيضا 2012عاما حافلا على الصعيد الدولي، ومجلس الأمن، والجامعة العربية. ثلاثة مشاريع قرارات للتعامل مع الأزمة السورية أحبطها الفيتوالروسي-الصيني المزدوج. مندوب تلو المندوب، يذهب إلى دمشق، ومنها يذهب إلى عواصم القرار في العالم، ليعود من جميعها خالي الوفاض. حيث ذهب في البداية السيد الدابي بإسم الجامعة العربية على رأس وفد لمراقبة الوضع الأمني في سوريا، إلا أنه رحل عنها في النهاية لعدم قدرته على توفيرالحماية الأمنية له ولوفده. ثم إنبرى لها السيد كوفي عنان ممثلا للأمم المتحدة بغرض تحقيق السلام. وبعد أن بحث عن ضالته في كل عواصم العالم التي إعتبرها مهمة للأزمة السورية، رحل من سوريا بسلام ودون أن يجلب لها السلام. وأخيرا، جاء دورالسيد الأخضرالإبراهيمي ليدلي بدلوه، والذي زارهو الأخر كل الدول التي زارها من قبله السيد عنان، بل وحاول طرق أبواب أخرى. لم يرحل الإبراهيمي بعد، لكنه هدد بالرحيل وهو في طريقه إلى دمشق لتأدية مهمته الأخيرة.

لقاءات ومؤتمرات لأصدقاء الشعب السوري عُقدت العام الماضي في تونس وجنيف وإسطنبول والدوحة ومراكش، وغيرها. كل المجتمعين وفي كل المرات كانوا يقررون نجدة الشعب السوري وإغاثة اللاجئين السوريين في دول الجوار. لكن الشعب السوري مايزال حتى اللحظة يموت يوميا بالمئات، واللاجئين السوريين مازالوا يتدفقون بالآلاف إلى دول الجوار، حيث يعيشون في أسوأ حالات إنسانية. وهنا لايسعنا إلا أن نقتبس مما قاله يوما، الأديب السوري الراحل محمد الماغوط، عندما كان يستمع إلى الوفود العالمية وهي تأتي إلى سوريا تضامنا مع القضية الفلسطينية، عنما كانت سوريا تقود 'جبهة الصمود والتصدي': 'لقد أُصيب العالم بالدوالي جراء وقوفه مع قضيتنا العادلة. كم كنت أتمنى لوأن أي من هذه الوفود صادقا بما يقول، لحملته على ظهري هو وأمتعته من المطار إلى الفندق وبالعكس'.

وفي عام 2012، إنعقدت عدة مؤتمرات للمعارضة السورية في الداخل والخارج. نتج عنها تشكيل فصائل معارضة جديدة، وأخرى جددت نفسها. وكان أخر الفصائل الجديدة، الأئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والذي إعترفت فيه العديد من الدول، وأعتمدت فرنسا له ممثلا دبلوماسيا. إلا أن الولايات المتحدة تحفظت على الإعتراف به في البداية، ومن ثم عادت وأعترفت به لاحقا. إلا أنها حتى اللحظة لم تدفع بإتجاه تشكيل حكومة مؤقته تفتح الباب أمام سحب الشرعية من النظام. وهذا الموقف المتردد، والمتناقض أحيانا، للولايات المتحدة يثيرالعديد من التساؤلات والتكهنات حول حقيقة مخططاتها وموقفها من الأزمة السورية. حيث لم تترك السيدة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، مناسبة إلا ورددت فيها: 'بأن أيام الأسد باتت معدودة'. وكان قد سبقها إلى ذلك الرئيس أوباما، الذي كررفي أكثر من مرة: 'بأن الأسد قد فقد الشرعية وعليه أن يتنحى'. ونفس التصريح جاء على ألسنة معظم القادة الأوروبيين، والأتراك، والعرب الداعمين للموقف الأمريكي. وبالمقابل كانت التصريحات المتعددة التي أطلقها السيد سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا، وعدد من المسؤولين الروس الآخرين، حول العصابات الإرهابية في سوريا، وضرورة الحوار مع النظام، وبقاء الأسد في السلطة، وإلى أخر ذلك من هذه التصريحات.

لقد بقيت الولايات المتحدة خلال العام المنصرم ترقب الوضع الميداني في سوريا، وتستخدم ورقة المعارضه الخارجية وفقا لأداء الثوارعلى الأرض، وتُوظفهُ بما يخدم مصالحها، وينسجم مع إستحقاقاتها السياسية خلال عام الإنتخابات. وبالمقابل كانت تستخدم روسيا النظام السوري وقوته العسكرية المدججة بأسلحة من صنعها، وتستخدم ورقة المعارضة الداخلية والحوارمع النظام لإبتزازالموقف الدولي بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص خلال فترة الإنتخابات الحرجة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي كانت تعنيه كل هذه التصريحات والمواقف التي إتخذتها كل من الولايات المتحدة وروسيا خلال العام المنصرم إتجاه المعارضة بشكل خاص، والأزمة السورية بشكل عام؟ وهل كانت مجرد 'طبخةً للحصى'، أستخدمها الطرفان للتسويف وشراء الوقت خدمة لمصلحتيهما المرحلية، على حساب المعارضة ونزيف الدم السوري؟.

لقد وظف كل من الرئيسين بوتين وأوباما الأزمة السورية في إعادة إنتخابهما لسدة الرئاسة في بلديهما. حيث أظهر الموقف الروسي المتشدد من حل الأزمة السورية، بوتين كرجل دولة حازم، يستطيع أن يقف أمام الولايات المتحدة موقف الند. وبالمقابل أعطى إستخدام روسيا والصين حق النقض الفيتو، الرئيس أوباما الحجة لعدم إتخاذ قررات حاسمة بشأن الوضع السوري، والتي كانت من المكن أن تحرجه مع إسرائيل قبل الإنتحابات. أما وأن إنقضى إستحقاق الإنتخابات الأمريكية بفوزالرئيس باراك أوباما لدورة ثانية، والذي كانت تتمناه روسيا بسب توجهات رومني المعادية لها، وبعد أن وصل الوضع في سوريا إلى مرحلة اللاعودة، وجدت روسيا من مصلحتها البدء بتفاوض جدي مع الولايات المتحدة بخصوص حسم الأزمة السورية تمهيدا للتفاوض الشامل على القضايا الأخرى، كالبرنامج النووي الإيراني والدرع الصاروخي. وهذا يُفسرما قاله السيد بوتين في الفترة الأخيرة: 'بأن روسيا غير متمسكة بالأسد'. ومن ثم يأتي تصريح السيد مخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي: 'بأن الثوار في سوريا يحققون تقدما متزايدا على الأرض، ويمكن أن ينتصروا'. وفي السياق نفسه، يأتي لقاء كلينتون-لافروف في دبلن، والذي تبعه لقاء بوغدانوف- بيرنز-الإبراهيمي في جنيف، ومن ثم زيارة الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا، التي لم تكن لتحصل إلا بضغط روسي على الأسد لإستقباله.

إن ما نقلته صحيفة ليفغاروالفرنسية مؤخرا عن إتفاق روسي أمريكي لحل الأزمة السورية، يؤشر بأن مفاوضات أخرى لربما كانت تجري بين الطرفين بعيدا عن الإعلام. وهذا أيضا ما يفسر حالة التردد في إتخاذ القرارات من قبل الإدارة الأمريكية بخصوص المعارضة السورية بشكل عام، والإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بشكل خاص. وكذلك يلقي بعض الضوء علي التصريحات الروسية التي إمتازت بتبادل الأدوار والتضليل الإعلامي في بعض الاحيان. وإذا ما توصل الروس والأمريكان فعلا إلى صيغة قرار توافقي يُفضي بالنهاية إلى تشكيل حكومة إنتقالية في سوريا، فلن يعود هناك مبرارا للإتلاف الوطني لتشكيل حكومة مؤقتة. بل يمكن له أن يكون جزءا من حكومة إنتقالية يتم التوافق عليها مع أطراف المعارضة الأخرى، وعناصرمن النظام غير متورطين بالقتل والفساد. إلا أن السؤال الأهم هو: ما الذي يتضمنه الإتفاق الروسي-الإمريكي بالضبط، وهل يحتوي على فقرة واضحة برحيل النظام؟ .

وبغض النظرعما يحتويه أي إتفاق ومن أية جهة، لا نعتقد بأن أية معارضة سورية ، منفصلة كانت أو مجتمعة يُمكن لها أن تقبل بأي إتفاق لايتضمن تحقيق الهدف الذي قامت من أجله الثورة، والذي إنطوى على الشعارالذي كتبه حمزة الخطيب ورفاقه على جدار مدرستهم 'الشعب يريد إسقاط النظام'، والذي لولاه لما وصلت المعارضة السورية جميعها إلى ما هي عليه اليوم من القوة، ولم تكن لتجد أحدا في العالم ليسمع صوتها. لقد بقي الأمريكان والروس (السوفيت قديما) ومعهما الغرب والشرق أربعين عاما متفقين على بقاء نظام (الأب وأبنه)، غيرآبهين لا بالمعارضة السورية، ولا حتى بالشعب السوري بأكمله. لقد فرضا على الأنظمة العربية أيام الحرب الباردة أن تتبع هذا القطب أو ذاك، والتي فرضت بدورها على شعوبها أن تكون حصة الغالب على المغلوب. أما اليوم وبعد إنتهاء مرحلة الحرب الباردة، وتراجع الهيمنة الأمريكية، وبفضل ثورات الربيع العربي، لقد تغيرت المعادلة، ولم تعد الشعوب الثائرة في المنطقة العربية حصةً، بل طرفاً أساسيا في الصراع. لا يتبع لأي من الأطراف، بل يفرض عليها جميعا متابعته.

لقد صنع الشعب السوري بثورته ما كان يوما من ضروب المستحيل، وسطر بصموده وصبره أساطير البطولة، وفرض على العالم أن يعيد النظر في حساباته، ويؤقلم خططه مع نبض الشارع المنتفض والثائر منذ أكثر من 21 شهرا. إلا أن الشعب السوري يدرك بأن الطريق إلى الحرية طويلة وشاقة، وأن الديمقراطية هي عملية سياسية وإجتماعية تراكمية، ولابد أن يتوفرلها المناخ السياسي المناسب والحاضنة الشعبية. وهي بالتالي أكبرمن صندوق إقتراع خشبي كلغة النظام التي مابرح يكررها منذ أربعين عاما. لقد وصلت الأموراليوم في سوريا إلى وضع اللاعودة، والذي لم يعد يُحتملُ معه الإنتظار. لذا فإن كل السوريين، في المعارضة وخارجها، ومن فئات الشعب كافة، في الداخل والخارج، مدعوّون جميعا بنداء الواجب الوطني المقدس للترفع عن الذات، وشحذ الهمم، ورص الصفوف، والتوحد تحت سقف الثورة. وذلك بغرض حمايتها وتفويت الفرصة على من يريد خطفها أو حرفها عن مسارها، أوهدم ما بنته بعرق ودموع ودماء أبنائها. فالثورة أمٌ للجميع. وهي اليوم بحاجةٍ إلى كل أبنائها، يقاتلون بيد ويبنون بالأخرى. كفى سوريا هدما ودماراً. لقد هدم النظام ودمر كل ما هو جميلٌ في حياة الشعب، إلاعزيمته وإصراره. حيث بات الجميع اليوم، وبفضل إستمرار الثورة، يقفون على أرض صلبة، والتي يمكن أن يُشيّدَ عليها بناء شامخ ورحب. يتسع لكل أبناء الوطن الواحد، والكل يمكن أن يجد فيه مكانا، حيث يكبرالجميع في الوطن، ويكبرالوطن بأبنائه. وعندها سيرد الشعب السوري'كيد المتجبرين إلى نحورهم'. و يقول لهم جميعا ما قاله يوما،هنري كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق: 'لا يهمنا من يكتب التاريخ، طالما نحن من يصنع أحداثه'. بوركت ياشعب سوريا العظيم وأنت تصنع التاريخ، وتحاول أن تبني لسورية الأبية مستقبلها الواعد.

وكل عام وأنت بألف خير.

=================

الآن صدقت روسيا!

منار الرشواني

الغد الاردنية

31-12-2012

منذ اندلاع الثورة السورية قبل قرابة عامين، لم تكن روسيا صادقة في موقفها من بشار الأسد كما هي اليوم. فموسكو بحق، وكما أعلن وزير خارجيتها سيرغي لافروف، أول من أمس، لم تعد –بخلاف الماضي- قادرة على إقناع بشار الأسد، فضلا عن إجباره على التنحي عن السلطة. ذلك أن روسيا اليوم غدت هي من يحتاج إلى الأسد، أكثر مما يحتاج هو إليها!

كيف انقلب الوضع؟

مع اندلاع الثورة، ظنت روسيا، كما ظن الأسد استناداً إلى تاريخ نظامه منذ عهد الأب في التعامل مع المعارضة، أن الحل الأمني كفيل بإعادة الأوضاع، وبسرعة، إلى ما قبل منتصف آذار (مارس) 2011. لكن امتداد الثورة إلى كل مدينة سورية، وإجبارها على حمل السلاح الذي استدعى مجازر جماعية يرتكبها النظام بحق أحياء ومدن كاملة، فرض على روسيا مواصلة تخندقها مع الأسد، طالما أن لا فائدة ممكنة من التراجع الذي لا بد وأن يحسب هزيمة كاملة ليس إلا.

هنا فقط بدأ التغير الروسي الحقيقي الذي تم التعبير عنه مراراً، بأن قادة الكرملين لا يدافعون عن بشار الأسد شخصياً. لكن في المقابل، وبعد تورط روسيا في حمام الدم السوري، لم يعد لها من خيار سوى الحفاظ على نظام الأسد، من خلال بعض رموزه الذين سيضمنون مصالح روسيا في سورية "الجديدة بشكل غير كامل"، بحيث لا يتكرر سيناريو ليبيا ما بعد معمر القذافي الذي دعمته روسيا، تماماً كما تفعل اليوم مع الأسد.

هكذا أصبح بشار الأسد خارج السيطرة الروسية. فإذ لم يعد لدى الأسد في الواقع ما يخسره، فإنه يدرك أيضاً أن روسيا لا تستطيع التخلي عنه الآن، بل ولن تسمح بسقوطه أبداً قبل التوصل إلى اتفاق مع المعارضة، وإلا عُدّ ذلك صراحة إقراراً بهزيمة يتردد صداها وتمتد تبعاتها إلى خارج سورية ومنطقة الشرق الأوسط ككل، وصولاً ربما إلى الداخل الروسي. ولعل هذا ما يفسر ما قد يبدو مفارقة غريبة بتصاعد مذابح النظام مع كل دعوة من الحليف الروسي إلى الحوار الذي تعتبره موسكو "الحل الوحيد للأزمة السورية"، كما يفسر لغة المناشدة الأقرب إلى الاستجداء التي يخاطب بها مسؤولو "روسيا العظمى!" نظام الأسد وحكومته للإقدام على خطوات تجعل من الحوار ممكناً! فهل يُعقل أن يوفر بشار الأسد الظروف المؤاتية للإطاحة به شخصياً وبأسرته؟!

لكن ما سبق لا يعني أن روسيا تعارض مذابح نظام بشار الأسد، على العكس؛ هي تكاد تكون مطلباً روسياً، طالما أن هذه المذابح هي الورقة الأخيرة المتبقية بيد موسكو لابتزاز المعارضة السورية وإجبارها على الاعتراف بدور روسي في سورية ما بعد الأسد.

السؤال الآن: هل ترضخ المعارضة، العسكرية منها تحديداً، لهذا الابتزاز؟ وأخطر من ذلك: إلى أي مدى يمكن أن تذهب روسيا بابتزازها هذا بمواصلة دعم مزيد من إراقة الدماء والدمار؟

manar.rachwani@alghad.jo

=================

عسكر وإسلاميون وسلطة في دمشق

جاد الكريم الجباعي *

الإثنين ٣١ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

سقطت السلطة السورية سياسياً وأخلاقياً، ولا حاجة إلى عرافين للتنبؤ بسقوطها الأخير، فالربيع السوري لم ينته، والثورة السورية تحتجزها حرب يتشكل تحت ويلاتها مجتمع لم يعد يطابق ما كان عليه قبلها. لاتهمُّنا صفة الحرب، عادلة كانت أم ظالمة، أهلية أم طائفية، إقليمية أم دولية... فالحرب هي الحرب، هدر أقصى للإنسان والإنسانية، وعدوان سافر على الحياة، وهدر للإمكانيات، ونكوص إلى الهمجية، وجميع صفاتها تابعة ولا تعدو كونها محمولات ذاتية عليها، تختلف دلالاتها المعيارية باختلاف المتكلم.

بعض الثوريين لا يريدون أن يعترفوا بالفرق بين الثورة السلمية والحرب، ربما على اعتبار الحرب امتداداً للسياسة بوسائل أخرى، حسب كلوزفيتز، واعتبار القوة العسكرية «مكوناً من مكونات الثورة»، فالثورة مستمرة، والحرب مشروعة بصفتها حرباً ثورية، والنصر مضمون، أي حتمي بإذن الله. وما دام الأمر كذلك، فالمشكلة -أو المعضلة- باتت في نظر هؤلاء الثوريين محصورة في علاقة العلمانيين بالإسلاميين، وتستحضر الإيحاء السلبي للعلمانية أكثر من ذي قبل، وتعمق الاشتباه بالعلمانيين.

فاز إسلاميون في انتخابات صحيحة في تونس ومصر على أساس وعودهم وبرامجهم الانتخابية، ورأينا في ذلك إشارة إلى أن الشعب بات قادراً على اختيار من يمثله، فالديموقراطية لا تُفصَّل وتخاط على قد هذا الاتجاه أو ذاك، أو على قد هذا الحزب أو ذاك، ولا يصح أن تكون ديموقراطية المتكلم، لكن أولئك الإسلاميين لم يتنكروا لشركائهم في الثورة بقدر ما تنكروا لوعودهم وبرامجهم، باسم المشروعية الثورية المقدسة. ولا نستبعد إمكانية أن يتنكر شركاؤهم لهم لو أنهم ربحوا، وأن يتنكروا لوعودهم وبرامجهم الانتخابية أيضاً.

ونقض الإخوان المسلمون السوريون عهودهم مع شركائهم قبل طلوع الفجر. ولا نستبعد أن شركاءهم كانوا يبيِّتون الأمر نفسه. لا نغمز هنا من أخلاق الإسلاميين أو شركائهم، بل نشير إلى ظاهرة التنكُّر المتبادل (المدهون بالعسل) بين الجماعات الإثنية والعشائرية والمذهبية والأحزاب العقائدية، وهي ظاهرة لا تمت بأي صلة لتوتر العلاقة بين العلمانيين والثيولوجيين، على اعتبار أن انقسام المجتمع بين علمــانيين وثيولوجيين انقسام أفقي، كما يُفترَض، وليس انقســـاماً عمودياً، إلا لدى من يعتقد أن العلمانية ديدن «الأقليات» وشأن من شؤونها، ولا علاقة لها بالديموقراطية والمواطَنة ودولة الحق والقانون.

علاقة الدين بالدولة لا تنحل، ولا يجوز أن تنحل -أو تذوَّب- في علاقة الأكثرية الدينية بأقلية دينية أو أقليات مذهبية، أو في علاقة علمانيين بإسلاميين، بل ينظر إليها من زاوية طبيعة الدولة والمبادئ التي تقوم عليها، هل هي دولة سياسية، ودولة مواطنين أحرار مستقلين ومتساوين، أم دولة دينية أو تقوم على أساس ديني، ويسميها بعضهم «مدنية»، كما سماها سيد قطب وغيره من المنظرين الإسلاميين؟ وهل هي دولة سياسية ناقصة تحابي «دين الأكثرية»، أو تحابي أكثرية إثنية، أم دولة سياسية كاملة «حيثما تكون الدولة السياسية كاملة تفقد إشكالية العلاقة بين الدين والدولة معناها، لأن المسألة تكون قد حلت حلاًّ نهائياً»، حسب كارل ماركس؟

تنامت قوة «الإسلاميين» في الثورة السورية مع تصاعد «المقاومة المسلحة»، أي مع تصاعد العنف والإرهاب، وباتت صفة «الإسلامية» غالبة على الثورة حتى لتكاد تأكلها. ومن المعروف أن «الإسلاميين» جماعات سياسية مختلفة ومتخالفة، وعابرة للحدود الوطنية، كالأحزاب العقائدية الأخرى، لا تكتفي باستثمار المقدس، حتى ليغدو أي نقد لخطابها وسياساتها نقداً للمقدس ذاته فقط، بل تنسِّب الإسلام، وتقلِّصه، فتُخرِج من دائرته كل من ليس منها وتكفِّره، شأنها في ذلك شأن الأحزاب العقائدية التي تخوِّن ناقديها ومعارضيها. ومن المؤكد أن ثمة ارتباطاً بين التكفير والعنف، وبين التخوين والعنف.

لا يكفي أن يقرر أحدنا «تنامي وزن الإسلاميين بفعل مشاركتهم في المقاومة المسلّحة»، ثم لا يلتفت إلى أسباب هذه الواقعة وشروط إمكانها، التي لا تستنفدها همجية السلطة وحربها المفتوحة على الشعب، ولا «معاناة العلمانيين من معضلة العلاقة مع الإسلاميين»، فلا بد من الوقوف على إستراتيجية الجماعات الإسلامية، بما هي إستراتيجية سلطة بديلة ونظام بديل، وهذا على الأرجح جَذْرُ التوتر في «علاقة الإسلاميين بالعلمانيين»، والعامل الأهم من عوامل تعثُّر «وحدة المعارضة السورية». مرد ذلك إلى التنكُّر المتبادل الذي أشرنا إليه، فمن السذاجة افتراض أن اتفاق قوى المعارضة على إسقاط السلطة يكفي لتوحيدها في مجلس أو ائتلاف. وإذ نشير إلى إستراتيجية الجماعات الإسلامية، لا ننفي كونها إستراتيجيات أولاً، ولا ننفي وجود إستراتيجيات أخرى مضادة توصف بالعلمانية ثانياً.

المسألة إذاً هي مسألة السلطة ومصادرها قبل مسألة النظام الاجتماعي والسياسي الذي ينشده المتكلم ويعمل من أجله، وإلا فنحن إزاء ثنوية تقسم العالم عالمَيْن: عالم الخير المطلق وعالم الشر المطلق، و «الثورة» بطبيعة الحال هي الخير المطلق عند الثوريين، سلمية كانت أم مسلحة. منذ عقود طويلة لم يهتم أحد من الثوريين بالمجتمع والدولة اهتمامه بالسلطة والولاية أو السيادة على الرعية.

في ضوء المجريات الراهنة، لم يعد الشعب السوري مصدر القوة، ومن ثم مصدر السلطة، بل «المقاومة المسلحة». ولم يعد واحداً، لأنك إن حذفت «الأقليات» (المشبوهة) من الشعب السوري لا يظل شعباً (والدنيا قائمة اليوم على الأقليات و «تحالف الأقليات»)، وكذلك إن حذفت الموالين للسلطة من «الأكثرية»، أياً تكن أسباب موالاتهم، أو «العلمانيين» (المشبوهين)، أو من لا يزالون في المنطقة الرمادية، بل إن مصادر القوة أو مصادر السلطة باتت قوة العدد والتنظيم وقوة السلاح والمال، إضافة إلى القوة الرمزية الضرورية لأي سلطة.

لا نريد أن نصادر المستقبل، فإن «بومة منيرفا لا تطير إلا في الظلام»، بتعبير هيغل، والفلسفة، أي مَفْهَمَة الواقع وفهمه، لا تأتي إلا متأخرة، وقد لا تأتي، كما لم تأت عندنا من قبل. ولكننا نريد أن نشير إلى بعض وجوه الشبة بين عسكر «قوميين» وعسكر إسلاميين ومتأسلمين، من حيث طبيعة «القوى الثورية» وإستراتيجياتها، ومن حيث الشرعية الثورية التي تضفيها هذه القوى على نفسها. ولا فرق عندنا بين شرعية ثورية يسارية وشرعية ثورية إسلامية، لأن الشرعية الثورية هي «شرعية الإرهاب» في الحالين و»شرعية الاستبداد» المشروع والمشرَّع له في ثقافتنا وتاريخنا وتجربتنا القريبة، وفي ثقافة من أسَّس هذا المفهوم الرديء، أي الثقافة الروسية في عهدها القيصري الثاني، وثقافة من أعادوا إنتاجه من الساسانيين الجدد، تحت عنوان «ولاية الفقيه». ونريد أن نشير إلى واقع أن الأيديولوجيات الإحيائية البعثية، إسلامية كانت أم قومية، لا تحيي إلا العصبيات الإثنية والدينية والمذهبية.

في ظل تنامي التنكر المتبادل، الذي ليس طارئاً ولا عرضياً، وفي ضوء مجريات الواقع السوري الذي لا يعبأ برغبات الأفراد والجماعات، ولا يجري كما يشتهون، يبدو المشهد الأكثر وضوحاً، مشهد عسكر وإسلاميين «مدنيين»، يذكِّر بمشهد العسكر والقوميين «المدنيين» لعام 1963، الذي تمخض عنه النظام التسلطي، لكنه ليس المشهد الوحيد إذا اختلفت زاوية النظر وموقع من ينظر أو ينظِّر. المسألة ليست مسألة إسلاميين وعلمانيين، بل مسألة سلطة وعلاقات قوة محلية وإقليمية ودولية، ومجتمع يتشكل وفق جدلياته الخاصة. وصفة إسلاميين لا تعني شيئاً أكثر مما كانت تعني صفة قوميين لـ «المدنيين» والعسكر عام 1963. فهل سينتصر العسكر على المجتمع في إهاب إسلامي هذه المرة، أم سينهض ربيع سورية بواجباته؟

 

=================

الإبراهيمي ومفاتيح أبواب «الجحيم» السوري

جورج سمعان

الإثنين ٣١ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

لم تنجح تحذيرات الأخضر الإبراهيمي، في الأسابيع الماضية، من وقوع سورية في مستنقع «الصوملة» في زحزحة الطرفين المتصارعين عن مواقفهما المعلنة. ولم يكد ينهي يوم السبت تخييره المتصارعين بين «الجحيم» والحل السياسي، أو ما سمي «جنيف 2»، حتى فتحت «أبواب الجحيم» المفتوحة من زمن أصلاً! لكن أخطر ما نبّه إليه هو احتمال غرق بلدان الجوار بآلاف اللاجئين إذا تصاعدت المعارك في دمشق. لم يشفع للمبعوث الأممي - العربي الخاص تكرار وجهة نظره في وجوب حدوث تغيير جوهري وحقيقي وإصراره على قيام حكومة موقتة تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة. فظل عرضة لسهام كثير من أطراف المعارضة، خصوصاً العسكرية التي أعلن أحد قادتها من حلب أنه لا يوافق على مبادرته.

مثل هذا التعرض لمهمة الإبراهيمي يشبه في أحد وجوهه ما تتعرض له مواقف موسكو من القضية السورية. لكن مواقف الأول واضحة تماماً. وعبّر عنها في أكثر من مناسبة. هو يؤمن بأن المشكلة في وجود وجهتي نظر مختلفتين لطرفي الصراع، وهما ليسا قادرين على اللقاء، لذلك يحتاجان إلى تدخل المجتمع الدولي لإيجاد أرضية مشتركة تطلق العملية السياسية على طريق التغيير «الجوهري» المطلوب. لا يمكنه أن يطالب علناً بتنحية الأسد فتتعطل مهمته وسيطاً، كما لا يمكنه اعتماد وجهة نظر دولية على حساب أخرى فتنتفي صفته مبعوثاً دولياً. أما المواقف الروسية فتبدو، على رغم ثباتها، مرتبكة ومترددة ومتبدلة بين عشية وضحاها. من هنا هذا التناقض في تقويمها. فهي تشي يوماً ببداية تحول لكنها سرعان ما تعود في اليوم الثاني إلى المربع الأول.

العودة إلى المربع الأول هو الانطباع الذي ولدته محادثات الإبراهيمي في كل من دمشق وموسكو التي يبدو أنها لم تفتح كوة في جدار الأزمة، كما كان يتوقع كثيرون. فلا الرئيس السوري مستعد لسماع أي كلام أو مطلب يتعلق برحيله، شرطاً لإنطلاق المرحلة الانتقالية. ولا المعارضة مستعدة للجلوس إلى طاولة الحوار أو القبول بحكومة موقتة قبل تخليه عن الحكم. لكن المبعوث الخاص أصر على مواصلة مهمته لإطلاق العملية السياسية ما دام البديل هو «الجحيم» على ما عبر. أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فوصف رفض المعارضة إجراء محادثات مع حكومة دمشق بأنه يعني «طريقاً مسدوداً لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع». لكنه لم يغلق الباب فـ «الفرصة لا تزال قائمة للتوصل إلى حل تفاوضي». وواضح هنا اتفاق الرجلين على مواصلة السعي إلى حل سياسي.

موقف الوزير الروسي يحتاج إلى قراءتين، فسلسلة التصريحات الروسية حيال الأزمة السورية بقدر ما يمكن وصفها بالارتباك يمكن رؤية تتبع خيط رفيع واضح وثابت فيها. لا حاجة أولاً إلى ملاحظة التغيير المتأخر كثيراً الذي طرأ على موقف موسكو من المعارضة، خصوصاً «الإئتلاف الوطني». لقد هاجمت قيامه قبل شهر ونيف وحملت عليه مثلما حملت طويلاً على معارضة الخارج متماهية مع موقف النظام في دمشق. لكنها وجهت أخيراً إلى رئيسه دعوة رسمية إلى زيارتها. وربما استعجل أحمد معاذ الخطيب في رفض الدعوة أو وضع شروط لقبولها. لم يكن يحتاج إلى ملاحظة الوزير الروسي عن عدم خبرته السياسية! من مصلحة الإئتلاف أن يحاور روسيا أياً كانت سياستها، خصوصاً إذا كان يعتبر أن وقوفها وراء الأسد يطيل في عمره وعمر نظامه. بل من مصلحته أن يبقي كل الخطوط مفتوحة معها ومع القوى الإقليمية والدولية التي يرى إليها تساند النظام السوري... لعله يوفق في فك الارتباط بينهما.

ما كان لافروف سيبلغه إلى الخطيب لو قبل الدعوة، قاله صراحة في المؤتمر الصحافي المشترك مع الإبراهيمي قبل يومين في موسكو. وهو من ثوابت الموقف الروسي. أكد أن بلاده لا تقف مع أي جهة ولا تهمها أي شخصية. ما يهمها هو الشعب السوري. وطالب المعارضة بتقديم ورقة واضحة «لنعرف مستقبل سورية» تراعي كل الفئات والأقليات الدينية. حتى هذا الموقف ليس جديداً. لكن الجديد هو رد الوزير الروسي على الاتهامات التي توجه إلى بلاده التي أكد أنها ليست وحدها ترفض قراراً في مجلس الأمن تحت البند السابع يتيح التدخل الخارجي، بل الدول الأخرى لا ترغب في التدخل، أي لا ترغب في مثل هذا القرار، فلماذا الحملة على روسيا وحدها؟! ومعروف أن أحداً من دول «أصدقاء سورية» لم يبد استعداداً للتدخل. حتى تركيا التي تقيم على صفيح تزداد حرارته يومياً لم تترجم أياً من إنذاراتها التي أطلقت في بدايات الثورة.

كلام لافروف صحيح، ومن حقه أن يطالب المعارضة بموقف يساوي بين مسؤولية جميع الأطراف الدولية عن استمرار الأزمة. لكن ما ليس عدلاً أن تتلكأ روسيا عن ترجمة ما عبر عنه رئيسها فلاديمير بوتين لدى تلميحه إلى وجود عائلة الأسد في الحكم أربعين سنة. وهو موقف لا يحتاج إلى تتمة تشرح وتوضح. لئلا نعود إلى بدايات الأزمة السورية والمواقف الشديدة اللهجة التي أطلقها الرئيس ديميتري ميدفيديف حين كان يطالب الأسد بوجوب الإصلاح قبل فوات الأوان. لكن ما لا تعبر عنه هذه المواقف صراحة هو ما عبر عنه أخيراً لافروف وهو أن الرئيس الأسد متمسك بالبقاء، ومن يطالبه بالرحيل عليه التوجه إليه لإبلاغه ذلك. يعني هذا ببساطة أن الكرملين لا يملك ما يمكنه من الضغط عليه للتخلي عن الحكم. وليس سراً ما تردده دوائر معنية عن فقدان موسكو بعض المفاتيح العسكرية والسياسية التي كانت لها في دمشق، وكان يمكن أن تشكل بدائل دائمة أو انتقالية على الأقل ويمكن عبرها ممارسة الضغوط اللازمة على النظام لفرض التغيير... إلا إذا كانت روسيا تختبىء وراء تشدد الأسد لتبرئة نفسها، كما يختبىء خصومها وراء موقفها لتبرير عدم تدخلهم. أو إذا كانت تستعجل حلاً سياسياً مع شعورها باقتراب نهاية النظام، كما يتوقع كثيرون.

لكن عجز موسكو عن التأثير في قرارات الأسد وبالتالي عجزها عن فرض التغيير من داخل النظام، وحملة لافروف على القوى الإقليمية والدولية التي اتهمها بتسليح المعارضة وإرسال قوات خاصة إلى الدول المجاورة استعداداً للتدخل، لا تعفيان القيادة الروسية من مسؤوليتها عن إطالة عمر النظام عبر مده بالأسلحة التي يحتاج إليها، وبالمواقف السياسية المتشددة في مجلس الأمن وباقي المحافل الدولية. صحيح أنها تلتقي بوضوح مع الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية في التعبير عن مخاوفها من البديل المقبل بعد انهيار النظام، لكنها لا تماشي شركاءها هؤلاء في موضوع السلاح. فهي تعرف أن أحداً لم يمد المعارضة العسكرية بما تحتاج إليه من أسلحة متطورة لإقامة حد أدنى من التكافوء أو توازن القوى مع النظام الذي يملك ترسانة ضخمة من الأسلحة الروسية التي لم تتوقف عن التدفق.

يبقى أن الإبراهيمي الذي لم يلق تجاوباً في دمشق، ولا يزال يلقى صدوداً لدى خصومها في المعارضة، لم يلق مسؤولية تحول الأزمة إلى «جحيم» على هذين الطرفين وحدهما. قال إن مسؤولية التغيير تعود إلى السوريين لكنهم ليسوا قادرين وحدهم، إنهم بحاجة إلى الخارج، إلى القوى الإقليمية والدولية، لإيجاد الارضية المشتركة وبناء المرحلة الانتقالية. والسؤال إلى متى ستظل أطراف «بيان جنيف» تدور حول مواقفها الضبابية وبيدها مفاتيح «أبواب الجحيم» السوري الذي بات جزءاً مشتعلاً من اللعبة السياسية الداخلية في العراق؟ أبدت القوى الكبرى حرصاً شديداً على الهدوء السياسي في لبنان، بعد اغتيال اللواء وسام الحسن. ولا تزال ترعى هذا الهدوء، فهل تغمض عينيها عما يحدث في المحافظات السنية في العراق؟ تدخلت واشنطن لكبح جماح التوتر بين بغداد وأربيل فهل تقعد عن ضبط ارتفاع منسوب التوتر المذهبي بين بغداد وخصومها، فيما الأردن يقيم على صفيح حار مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية؟ وماذا إذا لفظ «البركان» السوري بمئات آلاف النازحين إلى الأنبار وشمال لبنان وبقاعه وإلى مدن الأردن التي بدأت تضيق بآلاف النازحين، وكانت قبلهم عانت ما عانت من آثار الغزو الأميركي للعراق؟

مفاتيح أبواب «الجحيم» بأيدي الكبار. فلا تقنع موسكو كثيرين حين ترمي بالمسؤولية على المعارضة و»أصدقائها» القريبين والبعيدين، وهم يتحملون بالتأكيد جزءاً من المسؤولية. وليس مقنعاً أن توحي بعدم قدرتها على إقناع الأسد بما عجز المبعوث الأممي - العربي عنه. عليها الخروج من هذا التردد سريعاً لأن الآتي من الأيام لن يبقي لها ما تبدي الحرص عليه. ولا يقنع شركاؤها الخصوم كثيرين في ترددهم بحجة انتظار وضوح صورة «اليوم التالي»، فتأجيج النار لن يبقي على شيء لليوم التالي... إلا إذا كان المطلوب أن تفتح «أبواب الجحيم» أمام المنطقة كلها ليكون البناء من الصفر أسهل من ترميم القائم المتصدع!

 

=================

سورية: فك الاشتباك بين الثورة والطائفة!!

د.عبدالله القفاري

الرياض

31-12-2012

    ليس من مصلحة الثورة السورية في أي مرحلة أن تعزز مخاوف الخارج او الداخل السوري عبر استنساخ خطاب طائفي بالضد مع الآخر. وإذا كانت الطوائف الاخرى لم تزل تلتزم الصمت فليس ذلك حباً بالنظام.. بل خوف من القادم المجهول كما تصوره أدوات النظام وأبواقه والمتحالفون معه

هناك محاولات دائبة لإعادة توصيف الثورة السورية من حالة شعب ثائر في مواجهة نظام قمعي قاتل ومستبد، إلى حالة صراع طائفي بين الأغلبية السنية والطائفة العلوية..

هذا الأمر لم يكن جديداً، فقد حاول نظام الأسد منذ الاسابيع الاولى للمظاهرات.. جرّ الطائفة العلوية والاقليات الاخرى إلى حالة اصطفاف في مواجهة "جماعات متطرفة"..!!

كما أن هذا الربط لم يكن بلا استجابة من الطائفة، التي صنع من خلالها الطوق الاول الذي يحميه، عبر المؤسسات الامنية المتعددة ومراكز الجيش النافذة والقيادية، ومن خلال ربط المصالح والمصير بين الطائفة والنظام.. بالإضافة إلى شبكة علاقات ومصالح معقدة تطال الطائفة العلوية وغيرها من الطوائف السورية الاخرى. وكل هذا ركز حمولة ذهنية صنعت حالة التماهي بين النظام والطائفة في مواجهة الاغلبية التي حملت عبء الثورة ودفعت ولازالت تدفع الضريبة الكبرى للتغيير.

ما لا يفهمه الغرب الذي لازال متردداً في دعم الجيش السوري الحر بالسلاح والعتاد تحت ضغط الخوف من سيطرة وتقوية بعض فصائل الثوار إذا ما وصل لها سلاح نوعي.. أن تلك الفصائل، التي دخلت بقوة على خط الصراع والمواجهة العسكرية في سورية هي في معظمها من نسيج الشعب السوري.. وأنه في مواجهة آلة التدمير الشامل والذبح اليومي التي يقترفها النظام بلا تمييز وطيلة الشهور الماضية.. دفعت الكثيرين لاستلهام معاني الصبر والمواجهة والتضحية من أعظم مدد روحي لديهم وهو الدين الذي يدينون به.. وأن تدين هذه الجماعات هو أقرب للإسلام الشعبي منه لتيارات سياسية مؤدلجة.. ناهيك أن فشل نظام لم يبرع خلال عقود سوى في تأسيس أجهزة القمع والرعب أفرز اتجاها دينيا تمدد في عقل جيل لم ير في حزب البعث والاحزاب المنضوية تحت الجبهة الوطنية سوى قنطرة لترسيخ استبداد النظام، الذي يتدرع اليوم بالطائفة لا بالحزب الذي امتطاه للوصول إلى السلطة.

لايمكن فصل الاسلام عن مكوّن شعب يدين معظمه بهذا الدين. وتشتد تلك الاستجابة في زمن الكوارث واحتباس الأفق والدمار الهائل تحت وابل كثيف من القتل العشوائي والارهاب الدموي الذي وصل إلى حد نشر فرق الذبح والرعب والاعدامات في قرى ومناطق معينة ومقصودة... لايمكن تفسير كل هذا سوى بمحاولة جر الثورة والثوار إلى المأزق الطائفي.

تفكيك العلاقة بين النظام والطائفة ضرورة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. قبل ان تصبح تلك العلاقة كارثة محققة لطائفة تشكل جزءاً من الوطن السوري. كما أن تفكيك العلاقة بين الثورة والنزعة الطائفية لدى بعض الثوار مهمة للغاية.

الاتجاه الخطأ ان يتحول مجهود الثورة إلى تصفية حسابات تدفعها طائفة ليس بالضرورة أن تكون في معظمها جزءاً من النظام رغم كل محاولاته ربط مصيرها بمصيره.

شجع النظام السوري أبناء الطائفة العلوية على الخروج من مناطقهم والالتحاق بكثافة في صفوف الجيش منذ استيلاء حافظ الاسد على السلطة في عام 1970. كان يرى فيهم توازنا مهما لحماية النظام. كما ركز قيادات حماية النظام بين ابناء الطائفة.. كما دفع كثيرين للالتحاق بالوظائف العامة في كبرى المدن السورية كدمشق وحلب، التي أصحبت محاطة بأحزمة وسياج من الاحياء العشوائية والثكنات العسكرية التي يقطنها جنود النظام. كان يحاول بشكل أو بآخر إعادة التوزيع الديموغرافي في تلك المدن لتوفير قدر أكبر لحماية النظام.

الاغلبية من الشعب السوري لازالت تحمل ذكرى مأساة حماة رغم مرور قرابة 30 عاما على أحداثها.. تلك المواجهة التي يقدر عدد ضحاياها من أهالي حماة وجسر الشغور بعشرين ألفا. وربما تفسر هذه الذاكرة التاريخية إصرار الثوار على بلوغ الحسم مع النظام.

استخدم نظام الاسد المخيال الاجتماعي العلوي في استذكار الاضطهاد التاريخي للطائفة من اجل تحصين النظام.. وهو اضطهاد لن يكون مسؤولا عنه حتما الشعب السوري اليوم... الذي عانى اعظم وابشع انواع الاضطهاد.. الوقوع في فخ التاريخ كارثة خاصة عندما يعني ذلك ربط مصير طائفة بأكملها بنظام آيل للسقوط.

في مقال مهم للباحث السوري "ياسر نديم سعيد" يذكر أن الاسد الاب وقف ضد أي جهد في بناء مرجعيات خاصة بالطائفة العلوية.. حتى يمكن السيطرة عليها. وهذا أمر لافت فلا توجد في الطائفة أي مرجعيات دينية معلنة ولا قوى سياسية منظمة يمكن أن تقود الطائفة بمعزل عن عائلة الاسد. حيث ظلت علاقات الطائفة محصورة بالنظام ضمن دائرة التأثير باتجاه واحد.

وما حدث من تنازع ومواجهات بين عائلتين رئيسيتين في القرداحة قبل عدة أسابيع لم يكن سوى تعبير عن حالة تبرم من هيمنة عائلة الاسد وحلفائها التي قيدت الطائفة ووضعت مستقبلها على خط النار في مواجهة الاكثرية الثائرة. جثث الجنود السوريين من الطائفة العلوية التي تشيّع تباعا في مناطقهم وقراهم استخدمها النظام للتأليب على الثوار.. رغم انها يجب ان تصرخ بالسؤال الكبير: إلى أين يمضي النظام بهذه الطائفة؟!

أمكن للنظام أن يسيطر على الطائفة عبر ربط مصيره بمصيرها باعتباره ضمانة حمايتها.. كما بقي جبل العلويين والقرى المنتشرة فيه في حيز التجهيل والولاءات البدائية التي تكثف حضورها في زمن غابت فيه الرؤى التي حملها مثقفون علويون بارزون اكتشفوا مبكرا خطورة النظام واحتباسه على فكرة الدولة القمعية واستخدامه للتناقضات الاجتماعية والثقافية في تفكيك المجتمع السوري.

استهداف الطائفة العلوية من خلال تصوير سقوط النظام خطراً ماحقاً على وجودها ومستقبلها.. أثار المخاوف لدى الطوائف الاخرى من مسيحيين ودروز وغيرهما.. ممن ترعبها تلك التصورات التي يروج لها النظام عن تلك الجماعات المسلحة التي يمكن ان تستهدفها بعد سقوط جدار النظام الحامي لها!!

ولذا فمن المهم في هذه المرحلة فك الاشتباك بين الثورة السورية والطائفة.

وقوع خطاب الثوار في الشرك الطائفي خطر ماحق على الثورة. الخطاب الذي يحاصر الثورة باعتبارها صراعاً مع النظام بصفته علوياً خطر جدا على مسار الثورة ومستقبلها. فهذا يعني بشكل أو بآخر تعزيز حالة الاصطفاف الطائفي ضد الثوار، وقد يعطل مسار ثورة يجب ان يتم تحصينها باعتبارها تعبير شعب بمختلف طوائفه - من شارك منهم ومن لم يشارك - حيث يجب ان يتوجه الخطاب لشعب ضاق بنظام القمع والتعطيل والاستبداد، وأن النظام لم يسلم من بطشه لا طائفة ولا تكوين سياسي ولا قومية.. فالظلم والقمع طالا كل تكوينات بلد كبير كسورية.

من المهم تأكيد قوى المعارضة السياسية والعسكرية أن سورية الجديدة لا مكان فيها لصراع طوائف بل سيكون التحدي الاكبر والشاق هو بناء سورية، الدولة المدنية الديمقراطية التي تتسع لكل أبنائها..

ليس من مصلحة الثورة في أي مرحلة أن تعزز مخاوف الخارج او الداخل السوري عبر استنساخ خطاب طائفي بالضد مع الآخر.

وإذا كانت الطوائف الاخرى لم تزل تلتزم الصمت فليس ذلك حباً في النظام بل خوف من القادم المجهول كما تصوره أدوات النظام وأبواقه والمتحالفون معه.

فك الاشتباك بين الثورة والطائفة هو صمام الأمان لبناء سورية جديدة على أنقاض هذا الدمار الهائل..

=================

عقدة الحلّ السياسي للأزمة السورية:

حكومة قبل تنحّي الأسد أم بعده؟

اميل خوري

2012-12-31

النهار

هل يمكن القول أن الحل السياسي للأزمة السورية دخل في سباق مع الحل العسكري بين الجيش السوري النظامي والجيش الحر، وان محاولة الموفد الأممي الأخضر الابرهيمي اذا لم تنجح فإنها ستكون الأخيرة، وبعد ذلك قد تتعرض سوريا لمزيد من الخراب والدمار ولحرب أهلية قد تنتهي بالتقسيم، وهذا ما وصفه الابرهيمي بأنه "جهنم"؟

في معلومات لمصادر ديبلوماسية ان حل الأزمة السورية لم يكن مرتبطاً بالاتفاق على مرحلة ما بعد الأسد فحسب، بل بمصير الاسد نفسه. فروسيا لا تزال تحاول اقناعه حفظاً لماء وجهه بان يتخلى عن السلطة فور الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة لأنها تخشى اذا تنحى قبل التوصل الى هذا الاتفاق أن تفقد روسيا الورقة الضاغطة والمانعة لتشكيل الحكومة على النحو الذي تريده الولايات المتحدة الاميركية ودول أوروبية وعربية.

لذلك تمسك روسيا ببقاء الرئيس الاسد في السلطة مدعية ان لا تأثير لها عليه في انتظار الاتفاق على البديل من النظام والحكم، خصوصاً أنها تخشى ان يستولي الاسلاميون المتشددون على السلطة كما حصل في أكثر من دولة عربية لم يستقر الوضع فيها حتى الآن، ولا يكون لقوى الاعتدال دور يؤثر في مجرى الأمور.

وفي المعلومات أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية تشارك روسيا في هذا التخوف لكنها تختلف معها في تحديد القوى السياسية الأساسية في سوريا والتي ينبغي تمثيلها في الحكومة الانتقالية.

فروسيا تريد تشكيلها وفقاً لنموذج اليمين أي اشراك ممثلين لحزب البعث وابقاء عدد من الضباط التابعين للقيادة السورية الحالية في هيكلية الجيش كي لا يتكرر ما حصل في العراق.

لكن المعارضة السورية على اختلافها ترفض الدخول في بحث اي حل سياسي قبل أن يكون الرئيس الأسد قد تخلى عن السلطة لأن بقاءه فيها قد يعرقل التوصل الى حل، وقد يستغل تقدم الاسلاميين المتشددين على الارض ليؤخر رحيله سعياً الى حمل الولايات المتحدة الاميركية على اعادة النظر في موقفها بحيث تلتقي مع الموقف الروسي القائل بالاتفاق اولاً على تشكيل الحكومة الانتقالية قبل تنحي الأسد من أجل قطع الطريق على وصول الاسلاميين الى السلطة.

ويراهن الرئيس الأسد من جهة أخرى على احتمال حصول خلاف بين الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك على احتمال حصول خلاف بين المعارضين أنفسهم على تشكيل الحكومة الانتقالية سواء لجهة الحصص او الحقائب، آملاً في أن يؤدي هذا الخلاف الى اطالة عمر بقائه في السطلة ربما حتى موعد انهاء ولايته سنة 2014.

الى ذلك، فان الموضوع الأساسي الذي يدور حوله الخلاف هو: هل يبدأ البحث في الحل السياسي في ظل وجود الرئيس الأسد في السلطة ام بعيد تنحيه، وما هي الآلية التي توقف الاقتتال الدائر عند التوصل الى اتفاق على الحل في حال ظهر أن فصيلاً من فصائل المعارضة المسلحة غير قابل به؟ وتردد ان هذه المخاوف تحمل الولايات المتحدة الاستعجال في تشكيل الحكومة الانتقالية بحيث يكون بقاء الأسد في السلطة عامل ضغط على المعارضين كي يتفقوا شرطاً للتخلص منه، اذ ان استمرار خلافهم على تشكيل الحكومة الانتقالية بصلاحيات كاملة يعجل في رحيل الأسد الذي بات وضعه مرتبطاً بالتوصل الى هذا الاتفاق.

ورشح ان البحث بين الولايات المتحدة وروسيا يدور على تشكيل الحكومة الانتقالية حتى اذا اتفقا على ذلك فان في استطاعتهما فرض هذا الاتفاق على كل الافرقاء وحمل الرئيس الاسد على التنحي واختيار المكان الذي يريد الانتقال اليه، ومن دون ذلك يصبح حل الأزمة السورية مرتبطاً بالتطورات الميدانية على الأرض وبمن هو قادر على الحسم ومتى؟

=================

سوريا.. الخروج من النفق المظلم

الراية القطرية

التاريخ: 31 ديسمبر 2012

يودع اليوم الشعب السوري عاما آخر من المأساة التي تدور رحاها في الأرض السورية وهو أكثر عزما وتصميما على تحقيق مطالبه العادلة في الحرية والديمقراطية والتغير والخلاص من حكم الاستبداد رغم جسامة التضحيات التي قدمها طوال شهور الثورة وقسوة الواقع المرير الذي يعيشه بسبب عنف النظام الذي لم يرحم صغيرًا أو كبيرًا من بطشه وجبروته.

إن تواصل المجازر التي يقوم بها النظام ضد شعبه وآخرها ما جرى في حي دير بعلبة في مدينة حمص حيث أقدمت قوات النظام وشبيحته على إعدام أكثر من 220 شخصا من بينهم نساء وأطفال بعد سيطرتها على الحي لا يمكن أن يطيل في عمر النظام أو يقنع الشعب السوري في بقائه واستمراره أو القبول ببقاء رموزه في الحكم في المرحلة المقبلة، فالنظام الذي يقتل شعبه بالطائرات والدبابات لا يمكن للشعب أن يقبله شريكا في إدارة شؤون البلاد مهما كان الثمن ومهما بلغت التضحيات.

الواقع الميداني على الأرض بعد سيطرة قوات المعارضة على مناطق شاسعة من الأرض السورية يؤكد أن النظام يعيش أيامه الأخيرة وهو يحاول ما أمكن تحسين شروط التفاوض سعيا للنجاة وخشية من المحاسبة على جرائم الحرب التي ارتكبها بحق شعبه، وبالتالي فإن مجلس الأمن الدولي المناط به حماية الأمن والسلم الدوليين والذي خذل الشعب السوري وتركه وحيدا يقاتل نظاما مدججا بالسلاح لا يرحم مطالب باتخاذ موقف حازم يوقف جرائم النظام بحق السوريين ويجرم كل من يدعمه بالسلاح والمال والخبرة والمقاتلين.

إن تفاقم الأزمة السورية واحتمال انتقال شرارتها إلى دول الجوار يحتم على مجلس الأمن الدولي القيام بدوره وسرعة اتخاذ قرار بتوفير الحماية للشعب السوري، وإجبار النظام على وقف القتل وقصف المدن والبلدات السورية بالطائرات والأسلحة الثقيلة هو ما يسمح آنذاك بالبحث عن حلول سياسية حقيقية للأوضاع في سوريا تحقن الدم السوري وتحقق مطالب الشعب السوري المشروعة والعادلة.

المقترح الذي قدمه موفد الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي للخروج من الأزمة السورية "والذي يستند إلى إعلان جنيف الصادر في يونيو 2012، والذي ينص على وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تقوم بإجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية يمكن أن يكون الأساس للخروج من النفق المظلم في سوريا بشرط أن يذكر صراحة مصير الأسد الذي لا يمكن أن يقبل الشعب السوري باستمراره في السلطة.

=================

اطردوا اللاجئين السوريين من لبنان!!

الرياض السعودية

التاريخ: 31 ديسمبر 2012

   دعوات ترحيل اللاجئين الفلسطينيين من لبنان قديمة قدم وجودهم على أراضيه بعد النكبة عام ١٩٤٨م، وقيل الكثير حولهم بأنهم سيكونون جزءاً من الطائفة السنية لتضاعف أعدادها، وقيل أيضاً إن توطينهم سيجعل لبنان الوطن البديل، لكن الجديد هو دعوات لترحيل اللاجئين السوريين وإغلاق الحدود معهم، وحتى لو كان رأياً فردياً معلناً يجد بعض التأييد من شريحة ما، فإن من طالبَ بذلك جزء من نسيج الدولة، لكن القراءة الموضوعية أن البلدين ظل خيارهما التعايش والتقارب حتى إن الدخول بالهوية فقط بينهما أكد روح التلاقي بل إن لبنان أساء لسورية طيلة عدة عقود عندما ظل ملتقى المؤامرات من قبل السفارات الأجنبية الشرقية والغربية في إحداث التغييرات في سورية تحديداً..

أما أن تخرج هذه المطالب وقت محنة الشعب السوري فهو أمر يثير البغضاء بينهما لأن سورية ظلت صاحبة الفضل على لبنان اقتصادياً وسياسياً، وبخلاف رغبة حزب الله، الذي يتمنى قتل اللاجئين لا طردهم جاء من يعبر عن رغباته بدون أن يتورط في موقف سياسي معقد، وإذا كان القصد الضغط على الشعب السوري فهي مشكلة قد لا تكون آثارها اليوم والمؤكد أن رحيل الأسد، ووجود حكومة وطنية، سوف يزيلان آثار ما فعلته سلطة دمشق في عصر الأسدين الأب والابن، لكن لو استقرت سورية فسوف تكون الإضافة الحيوية للبنان، وليس من المصلحة كسب عداء شقيق طالما آوى لاجئي لبنان كمواطنين يتساوون مع السوريين بكافة الحقوق أسوة بما هو مطبق مع الفلسطينيين..

فلبنان بدون سورية سيكون مقطوع الصلة مع مشرقه العربي كله، وقد عرفنا في أوقات سابقة، وحتى اليوم في زمن الثورة، أن إغلاق الحدود بين البلدين يضر بلبنان بشكل مباشر، ويجعله في عزلة تامة، ومن يضمن أن لا تكون الأمور تتجه للتصعيد إذا أصر بعض اللبنانيين على دعواتهم لإعادة لاجئي سورية، والتبعات التي ستجعل أي حكومة قادمة سوف تحاسب على الإساءة التي لحقت السوريين..

صحيح أن لبنان آذته المواقف السابقة، لكن طبيعة تركيبته السياسية سبب مباشر، فكل طائفة، أو حزب، أو تشكيل سياسي يضع مواطنة لبنان بالبند الثاني لصالح دولة أو قوة خارجية ما أضعف بنيته السياسية والأمنية.. وسورية إذا كانت جزءاً من المشكلة فهي ليست كلها، ولذلك فإن الرؤية الموضوعية لعلاقات البلدين يجب أن لا تبنى على المهاترات والانفعالات غير المسؤولة، لأن سورية كيان له دوره العربي وأكثر من يتأثر بأوضاعها هم اللبنانيون أنفسهم..

قطعاً هناك من يريد تأجيج المواقف لتكون إسرائيل الكاسب الأكبر، وهناك أيضاً لبنانيون يدركون مخاطر الخلافات مع جار مهم ومؤثر، لكن كما (أن النار من مستصغر الشرر) فإن تصريحاً أو قولاً من مسؤول قد يصعد الأمور ويعقدها، والبلدان كلاهما يمر بأزمة وإن تفاوتت النسب والأثر، لكن حكماء لبنان هم من يدرك أن طبيعة الجوار الجغرافي لايمكن أن تتغير، ويجب فهم ذلك من خلال علاقات حميمة بين الجارين..

=================

انتزاع سوريا من أنياب المتطرفين

محمد علاء غانم

الشرق الاوسط

31-12-2012

يدخل تعهد الولايات المتحدة بدعم المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد الوحشي ضمن الأقوال الكثيرة والأفعال الشحيحة. لقد سمحت التعهدات المتكررة بالدعم من دون تقديم مساعدات مادية لعناصر متطرفة بتقوية شوكتها في شمال سوريا. وإذا استمر هذا الاتجاه، فسرعان ما سيصبح تحذير وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من «الجهود التي يبذلها المتطرفون لاختطاف الثورة السورية» حقيقة ملموسة على أرض الواقع.

أثناء زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط التي امتدت لثلاثة أسابيع، لاحظت تطورات مشجعة وأخرى مقلقة. زرت حلب، أكبر المدن السورية والعاصمة الصناعية، للتعرف على كيفية تعايش السوريين مع الفوضى. جدير بالذكر أن نحو 75 في المائة من حلب خاضعة لسيطرة المعارضة.

توقعت أن أتحدث لأفراد عاديين معنيين بمحاولة استعادة النظام. لكنني وجدت هيكل إدارة مدنيا معقدا. لقد ظهر المجلس الثوري الانتقالي في حلب، الذي يديره مجلس مؤلف من 23 عضوا من الأساتذة الجامعيين، في المناطق المحررة. ولإعادة الخدمات الحيوية إلى المدينة التي تضررت بشكل فادح، شكل المجلس 12 لجنة لتغطية تطبيق القانون والتعليم وعمل المخابز وجهود الإغاثة وجوانب أخرى كثيرة. كان المجلس الطبي وحده يدير ثمانية مستشفيات، (وقد تسبب قصف نظام الأسد في تسوية أحد تلك المستشفيات بالأرض في الشهر الماضي.)

إن الأشخاص الذين التقيتهم أدهشوني باحترافهم وإعطائهم الأولوية إلى «الفترة الانتقالية» قبل مناصبهم. جميعهم أكدوا على أنهم يعتزمون الالتزام بنتائج الانتخابات بمجرد استعادة المدينة السلام.

قبل بضعة أشهر، اندمجت غالبية عناصر الجيش السوري الحر في حلب داخل المجلس العسكري الثوري تحت القيادة المنظمة للعقيد عبد الجبار العكيدي. لديهم مصادر محدودة جدا على نحو صادم: وبسبب البروتوكولات التي تحكم دخول الإمدادات سوريا، بإمكان المجلس جمع الذخيرة الكافية لقتال على مدار يوم كل أسبوعين. تشكل القوى التابعة للمجلس السوري الحر قرابة 80 في المائة من الجماعات المسلحة في المدينة؛ أما القوى الأخرى، فهي عبارة عن جماعات خارجة على القانون أو متشددة أو جماعات إجرامية تستغل حالة العنف السائدة.

لقد قوضت الجهود المدنية الرامية لتقديم الإدارة والرعاية الطبية وإخضاع العناصر الخارجة عن القانون والإجرامية بسبب فقدان الموارد. إن لدى العميد أديب الشلف، أحد المنشقين عن قوات الأمن السورية، خطط لإعادة تشكيل قوة الشرطة المدنية لحلب. لكن في بعض الأسابيع، لا يكون قادرا على إطعام مجنديه بانتظام، ناهيك عن شراء زيهم الرسمي. أخبرني أنه لم يكن متأكدا من المدة التي يمكن أن يستمر خلالها جهده هذا.

تدرس كتيبة «حلب الشهباء»، إحدى أكبر وحدات الجيش السوري الحر الخاضعة لحكم المجلس العسكري في حلب، الانقسام. أخبرني قائد الوحدة، صاحب النهج المعتدل، أنه يعلم أن جماعة «جبهة النصرة» المسلحة المتطرفة قد تواصلت مع بعض رجاله. تحصل جبهة النصرة على تمويل جيد وتتمتع كثير من خلاياها بكم من الأغذية والأسلحة يفوق المجندين، وتتواصل مع سوريين للتوسع. تتمثل الميزة الواضحة في أن بإمكانها توفير ما لا تستطيع الجماعات الأكثر اعتدالا والمجالس المدنية توفيره: الرواتب والأسلحة.

صدمت عندما أخبرني قائد ليبرالي لكتيبة من محافظة الحسكة، الواقعة في شمال شرقي سوريا، بأنه كان يدرس فكرة الانضمام إلى جبهة النصرة. كانت رؤيته عن سبب عدم امتلاكه «أي خيار» (استراتيجية): «إنني أصارع مشكلة التمويل، وإذا ما تمت الصفقة من خلالي، فسوف أحتفظ بتأثيري على الأفراد الذين هم في العشرينات من عمرهم الذين يقاتلون في كتيبتي، الذين لم يحظ معظمهم بقدر جيد من التعليم. إذا تنامت حالة الإحباط، فسوف يتركونني، وربما ينتهي بهم الحال إلى جبهة النصرة، وهو الموضع الذي قد يتبنون فيه آيديولوجيتهم».

منذ أن زرت حلب، وصفت الولايات المتحدة جبهة النصرة بمسمى منظمة إرهابية وفرع من فروع تنظيم القاعدة في العراق. بينما يعلن قادة جبهة النصرة على نحو لا مجال للشك فيه عن آيديولوجيا مماثلة لآيديولوجية تنظيم القاعدة، يتفق خبراء سوريا على أن توقيت التسمية كان كارثيا بالنسبة لمفهوم السوريين السائدة عن الولايات المتحدة. أولا، قدمت جبهة النصرة مساعدات على الأرض بصور لم تقم بها واشنطن: تتعاون الجماعة عن كثب مع الجيش السوري الحر؛ لقد حققت نجاحات عسكرية وقدمت مساعدة مدنية حيوية. ثانيا، عجزت التسمية التي حددتها لها الولايات المتحدة عن التمييز بين المؤيدين المتشددين لآيديولوجيا الجماعة الذين يعتبرون محورها والسوريين الذين انضموا للجبهة لأنها تملك المال والأسلحة وحققت نجاحات عسكرية ملموسة.

حينما غادرت حلب، كانت لدي خبرة تبرز المشكلة. التقت مجموعتنا بأعضاء من جبهة النصرة عند أحد المتاريس. فاجأتني معاملتهم المحترمة ولحاهم القصيرة على حين غرة. بدأت حوارا مع الرجال الذين يحرسون نقطة التفتيش. كانوا أفرادا محليين من قرية تبعد قرابة نصف ميل. وأخبروني أنهم انضموا لجبهة النصرة؛ لأنها تملك الأسلحة والإمدادات اللازمة لحماية أسرهم. بل إن أحد الرجال أعرب عن تعاطفه مع الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد وأشار إلى العلويين بأنهم إخوته. وقال: «مشكلتنا مع نظام الأسد فقط». إن هؤلاء الرجال لم يدعموا بوضوح الآيديولوجيا المتطرفة لجبهة النصرة، لكنهم ينظرون إلى الجماعة بوصفها خيارهم الوحيد.

إن جماعات مثل «جبهة النصرة» لم يسمح لها فقط بترسيخ وجودها، بل أيضا موطئ قدم لها. إذا كان من الممكن أن تحصل المجالس المدنية وغيرها من هياكل الحكم الناشئة في المناطق المحررة على التمويل الكافي، فمن الممكن أن توفر خدمات خاصة بحفظ الأمن والنظام العام والإغاثة لتحقيق الاستقرار لمجتمعاتها. لكن من دون دعم من الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين، يحتمل أن تستمر الجماعات المتطرفة الممولة بشكل جيد في تجنيد مقاتلين من قطاع من السكان كان من الممكن أن يتجاهلهم خلاف ذلك.

مع حلول الشتاء، سيكون الشعب السوري في حالة يرثى لها. ومن ثم، يتعين على الولايات المتحدة أن تبذل كل ما في وسعها لتعزيز شرعية المجالس المدنية وغيرها من المؤسسات الأخرى المعتدلة، بما في ذلك تقديم المساعدات عبر الائتلاف والمجالس الإقليمية وليس المنظمات غير الحكومية، وهذا من شأنه أن يساعد المدنيين في إدارة مجتمعاتهم وأن يزيد احتمالية أن تصبح سوريا ما بعد الأسد ديمقراطية شمولية، لا دولة فاشلة.

* مستشار سياسي وخبير استراتيجي رفيع المستوى ومدير العلاقات الحكومية بالمجلس الأميركي السوري في واشنطن

* خدمة «واشنطن بوست»

=================

اتفاق متكامل بشأن إيران وسوريا

جيم هوغلاند

الشرق الاوسط

31-12-2012

يتداعى النظام السوري المنتمي للطائفة العلوية من الداخل والخارج. وتتزامن الانشقاقات على المستوى القيادي مع ما يحققه الثوار السنة من مكاسب على الأرض. وتأتي الاستراتيجية الإقليمية التي تحمل توقيع إدارة أوباما، والتي وصفها دبلوماسي فرنسي من دون قصد كزلة لسان بأنها «الانتظار من الخلف»، متأخرة عن الأحداث على نحو سيئ.

لم يكن ليمثل هذا الأمر كارثة لواشنطن لو كان مصير نظام الأسد، الذي تسيطر عليه طائفة العلويين، أمرا لا يؤثر عليها، لكن هناك لحظات يكون فيها التوقيت هو أهم شيء في إدارة شؤون الدولة. وتقترب سوريا من حالة الانفجار الداخلي، مثلما يوشك الوقت المتاح لأوباما لتنفيذ وعده بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي على النفاد. ربما يكون أفضل أمل أخير له هو الجمع بين الأزمتين في اتفاق واحد مع إيران وروسيا، اللتين تعدان أكبر دولتين داعمتين للأسد. وبمراهنة الدولتين على إمكانية نجاة الأسد من هذه الحرب، تخاطران بخسارة كل شيء استثمرتاه في ذلك البلد. ويمنح هذا أوباما ذريعة يمكنه استخدامها في مواجهة برنامج إيران النووي الذي يتقدم بخطى حثيثة.

ويقول جان ديفيد ليفيت، السفير الفرنسي السابق في واشنطن والمستشار الدبلوماسي لنيكولا ساركوزي حتى شهر مايو (أيار): «كان الرد الإيراني على فرض المزيد من العقوبات هو إسراع الخطى نحو تصنيع قنبلة نووية لا إبطاء الخطى. ليس لدينا الآن سوى بضعة أشهر قبل فوات أوان منع إيران من تصنيع قنبلة نووية». ويعتقد ليفيت أنه من الضروري على القوى الكبرى الست، التي تدير المفاوضات النووية مع إيران، التوصل إلى عرض شامل نهائي. ويرى أن الفشل في إقناع إيران بالموافقة على مثل هذا المقترح سريعا ينذر بواحد من احتمالين: إما الاضطرار إلى تقبل امتلاك إيران القدرة النووية وإما القيام بعمل عسكري لمنع ذلك.

وهنا تظهر سوريا في المشهد. ما يثير قلقي هو اقتراح أن يعمل الأميركيون من أجل إنقاذ أي جزء من نظام الأسد، الذي قتل عشرات الآلاف من السوريين بوحشية. مع ذلك يظل أقل الخيارات المتاحة سوءا هو سعي جميع القوى الكبرى نحو تحقيق هدفين أساسيين متداخلين هما: الحيلولة دون غرق سوريا بالكامل في حمام من الدماء وحث إيران على الالتزام بما جاء في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية بالتخلي عن السلاح النووي. ولا يعني هذا حماية الأسد والمقربين منه، فعليهم أن يرحلوا. وهناك قادة ومسؤولون آخرون من العلويين، الذين يمثلون أقلية، مؤهلون للبقاء خلال المرحلة الانتقالية. وحدد مسؤولو الأمم المتحدة عددا من هؤلاء خلال اتصالات شخصية مع كل من الحكومة الأميركية والفرنسية والروسية بحسب مصادر دبلوماسية.

ويمكن أن يقنع تشكيل ائتلاف سوري يوفر الحماية المادية والسياسية للعلويين والأقليات الأخرى في سوريا، في الوقت الذي يمثل فيه القوة الجديدة المتجسدة في الأغلبية السنية، كلا من روسيا وإيران بأنهما ستتمتعان ببعض النفوذ وإن كان ضئيلا. من المفارقة أن هذا الائتلاف ربما يهدئ مخاوف إسرائيل من وجود الإسلاميين الجهاديين بقوة ضمن الحركة الثورية، ويكون له تأثير إيجابي على ما يحدث في مصر من انتقاص حقوق الأقلية.

تعد كل هذه الأمور من المحفزات الأساسية وإن صعب تقديمها، لكن البديل قاتم بشكل غير عادي كما أوضح ليفيت في معرض تصريحه بمقترحه خلال الشهر الحالي في المؤتمر السنوي للسياسة العالمية، الذي يعد مناسبة يجتمع فيها عدد كبير من مسؤولي السياسة الخارجية والباحثين والخبراء. وينظم المؤتمر المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، وهو من المراكز البارزة في فرنسا. ويرى ليفيت أن على المجتمع الدولي عرض خيارين أمام المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، آية الله علي خامنئي: إما أن تقبل إيران خفض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 5 في المائة أو أقل وتصدير مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وإما أنها ستواجه خطر حصول الولايات المتحدة على موافقة أوسع نطاقا من المجتمع الدولي لشن هجوم عسكري بقيادة أميركية لتقويض قدرة إيران النووية في وقت ما خلال عام 2013، وإن كان هذا يظل المحاولة الأخيرة التي تلجأ إليها أميركا.

منذ حديث ليفيت، زادت إيران سرعة عملية التخصيب، وأقنعني التدهور الحاد الذي تشهده سوريا أن الوقت يتسرب من بين أيدينا ويجب التوصل سريعا إلى اتفاق تسوية بناء بشأن أي من الدولتين. ويجب التعامل معهما معا هذا إذا تعاملنا مع واحدة بالأساس. حتى وقت قريب، كنت أشعر بارتياح نسبي تجاه تصريحات أوباما التي أكد فيها أنه ما زال هناك وقت للتوصل إلى حل سلمي في قضية إيران، لكن تهديدات الرئيس خلال تصريحات أخرى له بشأن إيران تطغى الآن على تصريحاته السابقة، حيث أعلن أن تصنيع إيران لقنبلة نووية أمر «غير مقبول»، موضحا أنه على استعداد للجوء إلى القوة العسكرية كخيار أخير من أجل منع هذا. من المرجح أن يتم انتخاب نتنياهو لولاية ثانية كرئيس وزراء لإسرائيل في 22 يناير (كانون الثاني). ويجعل هذا من الضروري اللجوء إلى المحاولة الأخيرة بشكل أسرع مما أراده ليفيت من أجل تفادي توجيه ضربات عسكرية تنذر بعواقب سياسية واقتصادية وخيمة على العالم أجمع.

أوضح ليفيت، المتقاعد حاليا، أنه لا يتحدث باسم الحكومة الفرنسية في ظل حكم الرئيس فرنسوا هولاند. مع ذلك أعربت فرنسا، سواء خلال فترة حكم ساركوزي أو حكم فرنسوا، عن قلقها البالغ بشأن إيران وسوريا. ويمكن لأوباما أن يعتمد على تقديم فرنسا دعما فعالا في المحاولات الرامية لعقد مفاوضات رفيعة المستوى، لكن لا غنى عن القيادة الأميركية إذا أردنا لهذه المفاوضات أن تنجح.

* خدمة «واشنطن بوست»

=======================

أمريكا وروسيا.. الأمر الواقع وصناعته

حازم عيّاد

السبيل

الإثنين، 31 كانون الأول 2012

التقدم الميداني الذي أحرزه الثوار في سوريا خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، اثار اضطرابا هائلا لدى الساسة في الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، فانتقال المواجهات الميدانية في سوريا من حالة» ستاتيكية « ثابته الى حالة «ديناميكية « متحركة، عبر تغير قواعد الاشتباك، احدث ازاحة كبيرة في خطوط التماس باتجاه دمشق ومدن الساحل الى حد كبير، ومكن الثوار من السيطرة على المعابر الحدودية التركية العراقية، والى حد ما الحدود الاردنية اللبنانية، وهدد بخنق النظام السوري خاصة بعد اغلاق مطار دمشق الدولي، في المجمل، ولدت التطورات الاخيرة مخاوف من احتمال انهيار النظام السوري، دون ان تتمكن الدولتان من ترتيب اوراقهما في الساحة السورية والاقليمية.

انخراط روسيا واميركا في دبلوماسية نشطة خلال الاسابيع الاخيرة، يعبر عن رغبة حقيقية روسية وأمريكية في احتواء تداعيات انهيار النظام السوري وسقوط الاسد على الاقليم وعلى مصالح الدولتين، فالمصالح الروسية في بعدها الاستراتيجي تمتد من تركيا والمتوسط الى القوقاز واواسط اسيا، والهواجس الروسية من صعود التيارات الاسلامية في جمهورياتها السابقة، تعمقها الخشية من تنامي النفوذ التركي، الذي طالما مثل تهديدا للنفوذ الروسي، ومعادلا موضوعيا له وقف عائقا امام طموحاتها في اسيا بل وحتى اوروبا. اما مرحليا ومن ناحية تكتيكية، فان فقدان روسيا لاي دور في صياغة مستقبل سوريا، يمثل تراجعا في نفوذها وفي قدرتها على التاثير على اهم صراع في المنطقة والعالم، وهو الصراع العربي الصهيوني؛ ما يعني فقدانها لمكانتها في الساحة الدولية.

من جهة اخرى تخشى الولايات المتحدة على مصالحها في العراق ولبنان والاردن، وامتداد تاثير انهيار بشار الاسد على حليفتها «اسرائيل»، وامتداد الربيع الى الضفة الغربية التي استثمرت فيها الكثير خلال العشرين عاما الماضية؛ لتضيف اعباء جديدة وتحديات غير مسبوقة للادراة الامريكية التي تعرضت لخسارة كبيرة بفقدان حليفها «مبارك» في مصر، خاصة بعد ان اختبرت خلال العامين الماضيين من عمر الثورة المصرية محدودية قدرتها على التأثير في المشهد المصري، وتراجعا مضطردا لنفوذها في مصر، وهو ما تخشى تكراره في سوريا التي امتنعت عن التدخل فيها لاعتبارات داخلية، تتعلق بعدم الرغبة في التورط بحروب جديدة الى جانب رغبة عميقة في ترك الازمة السورية تستنزف الدولة السورية؛ على أمل ان تقود الى تقسيمها، وهو ما اصبح محل شك كبير في ضوء التطورات الميدانية الاخيرة.

المعادلة الناشئة عن هذه القراءة تتلخص في ان سقوط نظام الاسد واستلام زمام الامور من قبل قوى سياسية صاعدة ذات تكوين اسلامي، سيعطي دفعة كبيرة لكل من تركيا ومصر، وسيزعزع استقرار الكيان الصهيوني، فاذا كانت روسيا تخشى من صعود اسلامي يهدد نفوذها في اسيا الوسطى والقوقاز، فان اميركا تخشى من صعود مصري يهدد نفوذها في الخليج العربي وبلاد الشام وفلسطين في حدود ما تسمية «الشرق الاوسط».

 الخيارات الامريكية طول الاشهر الماضية انحصرت في عدم التورط في تدخل عسكري، وتدعيم حلفائها في الاقليم، في حين انحصرت الخيارات الروسية بتقديم دعم سياسي ولوجستي للنظام السوري، على امل امتلاك اوراق مؤثرة في الازمة السورية. الخيارات المذكورة تتعرض الان وبشكل غير مسبوق لاختبار مهم نتيجة للتطورات الميدانية في الساحة السورية، ونتيجة لغياب التاثير في القوى المعارضة المقاتلة داخل الاراضي السورية.

التحولات الاخيرة في الساحة السورية تدفع الدولتين الى بذل جهود كبيرة بهدف احتواء الحالة السورية، عبر جهود ديلوماسية تسعى الى الحفاظ على ما امكن من بقايا النظام، واعادة انتاج الخيار اليوغسلافي ان امكن، وتختلف الاستراتيجيتان الامريكية والروسية من حيث التكتيك المتبع، الا انهما تتفقان على الهدف المراد وهو تكريس حالة الصراع والتناحر في سوريا، وابقائها في حالة ضعف شديد و صراع ، ولخدمة اهدافها تسعى روسيا الى استثمار الجهود الدبلوماسية والضغوط الميدانية التي يمارسها النظام السوري من خلال قصف المدنيين؛ لاكراه المعارضة السورية وترويضها للقبول بحل يبقى على ما امكن من بقايا النظام، والاعتراف بجيوب خاضعة عسكريا للنطام السوري لصناعة امر واقع يفرض نفسه على المعارضين والثائرين على النظام السوري، في حين تسعى الولايات المتحدة الى قبول الامر الواقع الممثل بانهيار النظام السوري، ولكنها في ذات الوقت تسعى الى استثمار حاجة السوريين الى اعادة البناء واستثمار الفشل المتوقع ان تقع فيه المعارضة السورية بقيادة الائتلاف الوطني، كما ان الولايات المتحدة الامريكية تراهن على ضعف التنسيق والقدرة على الانسجام بين القوى الثائرة على النظام السوري، وقدرة القوى التقليدية والبيروقراطية في النظام السوري على اعادة ترميم صفوفها، مستوحية ذلك تارة من التجربة المصرية بخلق تيار ثالث وتارة اخرى من تفاعلات الازمة في يوغسلافيا، بعيد انتهاء الحرب الباردة.

لاتستطيع الدولتان ان تقدما مقاربة افضل للحالة السورية في ضوء ضيق الافق والضغوط التي تفرضها الوقائع الاقليمية والدولية، فالتطورات الميدانية في العراق والضفة الغربية وقطاع غزة ومصر تضيق من حجم الخيارات، وتحولها الى رهانات لا سبيل للتيقن من صحتها الا باختبارها على الارض، وهو ما تخشى الدولتان روسيا واميركا من التعاطي معه، فحالة عدم اليقين هي الخطر الذي يتهدد استراتيجية الدولتين.

  تختلف الدولتان في منهج العمل الا انهما تتفقان في تقدير حجم التهديد والتحدي الذي تولده الازمة السورية، والمخاطر الناجمة عن امكانية اطلاق دينامكيات يصعب التحكم بها، خاصة وان هذه الدينامكيات ترتبط بارادة شعوب المنطقة وليس بارادة القوى الكبرى، التي تحكمت في مصير المنطقة طوال العقود العشرة الماضية، فحالة عدم اليقين في الازمة السورية منبعها الاساسي قدرة الشعب السوري كما الشعب المصري على مفاجأة القوى الخارجية باداءات سياسية وميدانية غير مسبوقة في تاريخ هذه القوى، التي تحكمت في مصير المنطقة عقودا طويلة . 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ