ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 02-01-2013 سوريا..
الخروج من النفق المظلم الراية القطرية التاريخ: 02
يناير 2013 يودع اليوم الشعب
السوري عاما آخر من المأساة التي تدور
رحاها في الأرض السورية وهو أكثر عزما
وتصميما على تحقيق مطالبه العادلة في
الحرية والديمقراطية والتغير والخلاص
من حكم الاستبداد رغم جسامة التضحيات
التي قدمها طوال شهور الثورة وقسوة
الواقع المرير الذي يعيشه بسبب عنف
النظام الذي لم يرحم صغيرًا أو كبيرًا
من بطشه وجبروته. إن تواصل المجازر
التي يقوم بها النظام ضد شعبه وآخرها
ما جرى في حي دير بعلبة في مدينة حمص
حيث أقدمت قوات النظام وشبيحته على
إعدام أكثر من 220 شخصا من بينهم نساء
وأطفال بعد سيطرتها على الحي لا يمكن
أن يطيل في عمر النظام أو يقنع الشعب
السوري في بقائه واستمراره أو القبول
ببقاء رموزه في الحكم في المرحلة
المقبلة، فالنظام الذي يقتل شعبه
بالطائرات والدبابات لا يمكن للشعب أن
يقبله شريكا في إدارة شؤون البلاد مهما
كان الثمن ومهما بلغت التضحيات. الواقع الميداني على
الأرض بعد سيطرة قوات المعارضة على
مناطق شاسعة من الأرض السورية يؤكد أن
النظام يعيش أيامه الأخيرة وهو يحاول
ما أمكن تحسين شروط التفاوض سعيا
للنجاة وخشية من المحاسبة على جرائم
الحرب التي ارتكبها بحق شعبه،
وبالتالي فإن مجلس الأمن الدولي
المناط به حماية الأمن والسلم
الدوليين والذي خذل الشعب السوري
وتركه وحيدا يقاتل نظاما مدججا
بالسلاح لا يرحم مطالب باتخاذ موقف
حازم يوقف جرائم النظام بحق السوريين
ويجرم كل من يدعمه بالسلاح والمال
والخبرة والمقاتلين. إن تفاقم الأزمة
السورية واحتمال انتقال شرارتها إلى
دول الجوار يحتم على مجلس الأمن الدولي
القيام بدوره وسرعة اتخاذ قرار بتوفير
الحماية للشعب السوري، وإجبار النظام
على وقف القتل وقصف المدن والبلدات
السورية بالطائرات والأسلحة الثقيلة
هو ما يسمح آنذاك بالبحث عن حلول
سياسية حقيقية للأوضاع في سوريا تحقن
الدم السوري وتحقق مطالب الشعب السوري
المشروعة والعادلة. المقترح الذي قدمه
موفد الأمم المتحدة وجامعة الدول
العربية الأخضر الإبراهيمي للخروج من
الأزمة السورية "والذي يستند إلى
إعلان جنيف الصادر في يونيو 2012، والذي
ينص على وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة
كاملة الصلاحيات تقوم بإجراء انتخابات
برلمانية أو رئاسية يمكن أن يكون
الأساس للخروج من النفق المظلم في
سوريا بشرط أن يذكر صراحة مصير الأسد
الذي لا يمكن أن يقبل الشعب السوري
باستمراره في السلطة. ================= اليسار
الغربي والنظام السوري: حب المخدوع
مرتين حازم صاغية
وسامر فرنجية * الأربعاء ٢
يناير ٢٠١٣ الحياة تعلق اليسار الغربي،
منذ 1967، بقضية فلسطين تعلقاً يعتذر
فيه، لا عن الماضي الاستعماري للغرب
فحسب، بل أيضاً عن الحب الذي محضه هذا
اليسار لإسرائيل الكيبــوتـــزية و «الاشتراكية»
واستمر عــشريـن سنـة بـعد نـشأتـها.
إلا أن طاقــة التكفيـر شرعـت تـحول
أنـظارها عـن فلسطين في 1993 إذ وُقعـت
معـاهدة أوسلو للسلام عامذاك، وما لبث
الزخم النضالي للقضية أن صار احتكاراً
إسلامياً يجد اليسار الغربي له
الأعذار إلا أنه لا يستطيع، لألف سبب
وسبب، أن يمشي في ركابه. و«سورية الأسد»، على
عكس «حماس»، ليست إسلامية، لكنها
أيضاً، على عكس «حزب الله»، ليست شيعية
محكومة بولاية الفقيه. وفي نظرة ثقافية
أعرض يمكن القول إنها تستقر لحظةً
للتوازن المعقول بين «أصالة» مَن لا
يفرط بالقضية و «حداثة» مَن لا يشكل
إحراجاً لتقدمية اليسار المفترضة. عند ذاك المنعطف،
منعطف «الخيانة» العرفاتية، بدأت
العواطف الصريحة تتجه نحو «سورية
الأسد» التي كانت حربها القاسية على
منظمة التحرير الفلسطينية طوال
الثمانينات من أهم أسباب الاستنزاف
الذي تعرضت المنظمة له واندفعت تحت
تأثيره إلى عقد «صفقة» أوسلو. والحال أن التحول من
الهوى الفلسطيني إلى الهوى السوري لا
يكلف كثيراً على صعيد الظاهر
الأيديولوجي. فالمخزون اللفظي،
ومدارُه مناهضة الإمبريالية ومعاداة
إسرائيل، مشترك بين الطرفين العربيين.
و «سورية الأسد»،
وعملاً بنظريتها في تجميع الأوراق، لا
تمانع في وضع هذه الوريقة اليسارية في
جيبها، فيما هي تنافس الفلسطينيين على
الأوراق الفعلية والأكبر. ذاك أن دمشق،
الموصوفة بمناهضة الإمبريالية، كانت
لا تتردد في اقتناص أي تعثر يطرأ على
مسار السلام الفلسطيني – الإسرائيلي
كي تدفع إلى الصدارة مسارها السلمي مع
الإسرائيليين. لقد كان كل تضخيم
للدور السوري، أو بالأحرى الأسدي،
انتقاصاً من الحق الفلسطيني يكمل معه
اليسار الغربي، بسذاجة تقارب البَله،
ما بدأه اليمين الغربي قبل عقود. بيد أن هناك في حب
اليسار الغربي لـ «سورية الأسد» عديد
العناصر العميقة التي تسند هذا الحب.
فسورية لا تقوم على نظام «إقطاعي» و «نفطي»
و «عميل للإمبريالية»، لكنها، فوق
ذلك، لم تقدم للعالم وجهاً كصدام حسين
الذي استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه.
ولئن أقدم الأسد الأب على ارتكاب مجزرة
في حماة، فإن ضحايا المجزرة إسلاميون «رجعيون»
لا يندرجون في الخانة التي يندرج فيها
الضحايا الذين صفاهم صدام وفي عدادهم
رفاق في الحزب الشيوعي العراقي. وإلى
ذلك، لم تتكشف «سورية الأسد» عن حرب
أهلية مفتوحة كتلك التي عاشتها
الجزائر، ولا انطوى زعيمها على غرابة
أطوار محرجة من الصنف القذافي. فإذا ما
أقدمت لاحقاً، مع النجل بشار، على
اعتناق جزئي للاقتصاد النيو ليبرالي،
أمكن تصوير هذا الانحراف بوصفه مؤامرة
على نظام سورية «المُستهدَف في صموده».
ولم يخلُ الأمر من بعض الغمز من قناة «الطبقة
التجارية» السنية، الدمشقية ثم
الحريرية، بوصفها من يشق هذا الطريق
الأعوج ويُغري آدم بالتفاحة. وهذا التأويل يستند
إلى كراهيتين لم يبرأ منهما اليسار
فعبر عنهما مباشرةً مرةً ومداورةً
مراراً. فهناك، أولاً، وبحسب رواية
تاريخية أحادية الخط، الكره «التقدمي»
للسنية بوصفها العمق العثماني «الرجعي»
ومصدر ملاكي الأراضي ومستودع التقليد
«البائد». وهذا ناهيك عن أن طبقات
سياسية سنية هي التي ورثت الأنظمة
الكولونيالية في المشرق فمارست «العمالة»
لدول المتروبول، وانتهجت، إلى هذا
الحد أو ذاك، سبُل المؤسسات
والبرلمانات مما لا ينم عن قطيعة جذرية
مع الغرب وطرائقه. وهذا أمر تبَعي لم
توقفه إلا الانقلابات العسكرية على
تلك الطبقات المتعاونة. يصح ذلك في
سوريين كجميل مردم وخالد العظم مثلما
يصح في عراقيين كنوري السعيد أو
أردنيين كوصفي التل. وقد جاء اللبناني
رفيق الحريري يعيد الاعتبار لتلك
الطبقات باستعراض ظافري يستحق عليه
العقاب اللازم. وفي هذه الغضون غُض
النظر عن التركيب الطائفي الأعرض
للنظام السوري إذ التحليل بالطوائف
استشراقي بالضرورة! أما الكره الثاني،
الشعبوي تعريفاً، فيطاول لبنان. ولما
كان معظم ثقل السياسة السورية منذ 1976
يقع فيه، غدا الموقف السلبي من لبنان
شرط الموقف الإيجابي من «سورية الأسد»،
والعكس بالعكس. فقطاعات عريضة من سكان
لبنان ترطن بالفرنسية، ثم إن بيروت،
على عكس الشام «الأصيلة»، مكان هجين
رضي على نفسه أن يكون واجهة للسلع
الغربية. فإذا أضفنا اللون المسيحي
التاريخي، اكتملت لليسار الغربي عدة
التكفير عن ذنوب الآباء والأجداد
مجتمعين. ولبنان، في آخر المطاف، بلد
صغير لا يصلح لبناء الجيوش الجرارة كما
لا يصلح «قاعدةً مادية عريضة للإنتاج»،
وهو تعاقدي التركيب لا تسري عليه
الأيديولوجيات الموحدة والتوحيدية
التي تهبط من الأعلى إلى الأدنى فلا
يشذ عنها إلا بضعة «خونة» و «عملاء». ثم
إذا كانت «سورية الأسد» تبدي ميولاً
توسعية وإمبراطورية، فهذا إنما يرشحها
«موضوعياً» للصدام بما أنشأته معاهدة
سايكس – بيكو الاستعمارية. فأين الضرر
في ذلك؟ إلى هذا جاء حب
اليسار الغربي لـ «سورية الأسد» في
لحظة التحول السياسي لدور هذا اليسار
الغربي ولطبيعته أيضاً. فمع انتهاء
المشروع الناصري وفكرة الدولة
العالمثالثية من جهة، وضمور الثورة
الفلسطينية وانطواء أحلام المزج بين
التحررين الوطني والاجتماعي من جهة
أخرى، فقد اليسار الغربي المحاور
العربي المفترض وتحول العالم العربي
مجرد ساحة يُمارَس فيه التضامن من بعيد.
إلا أن «سورية الأسد» عادت تبث بعض
الحرارة في هذا الفتور: ذاك أن «ضرورات
الصراع السياسي» مع الولايات المتحدة
كما تجلت في العقد الأخير للقرن الفائت
فرضت تقبل الدور الاستخباراتي والأمني
لدى الأعداء الجدد لـ «الإمبريالية».
في هذا السياق، ورثت «سورية الأسد»
أيتام اليسار الذين صالحتهم «ضرورة
الصراع» مع خيارهم الصعب أخلاقياً،
فيما تبخرت اهتماماتهم النظرية
السابقة بأنظمة «بورجوازية الدولة» و
«البورجوازية الصغرى» ومؤسسات القهر
والقمع التي تنشئها. بيد أن «سورية الأسد»
لم تتخلف عن دعم «المقاومات» في العراق
ولبنان وفلسطين، على رغم وقوعها في «ما
بعد» الناصرية و «ما
بعد» الثورة الفلسطينية، أي ما بعد
الصراعات المفتوحة والملتهبة أيام عز
«المعسكر الاشتراكي». وهذا يوفر لما
يُفترض أنه عقلانية اليسار زاد
الواقعية والحكمة اللتين عبرت عنهما
شخصية حافظ الأسد أحسن تعبير، قبل أن
ينتقل الأمر إلى نجله بشار. فمع هذا
الأخير تتخلص الواقعية والحكمة من
أثقال الانقلاب العسكري والأبوية
المفرطة ومجزرة حماة، أي من
الاضطرارات المعذورة، فلا يبقى منها
إلا التوازن الخالص. فوق هذا تضيف
الصفات المنسوبة إلى بشار (زوجته،
دراسته في بريطانيا، صغر سنه...) حجة
للقول بنضاليةٍ مناهضة للإمبريالية من
غير أن تكون أصولية أو سلفية. أي أن
الرئيس السوري الحالي، و «العلماني»، يصح
كاريكاتوراً عن ذاك الدمج القديم بين
النضالين التحرري والاجتماعي. لكن ذلك كله لا يُعفي
من حقيقة محفورة حفراً في صلب الواقع،
هي أن نظام الأسدين أكثر الأنظمة
العربية بيعاً وشراء مع «الإمبريالية».
وهذا إذا ما أفصح عن شيء فعن هامشية ذاك
اليسار وعيشه في عالم غير هذا العالم.
إنه حب المخدوع بذاته قبل أن يخدعه
خادعه. ================= رندة تقي الدين الأربعاء ٢
يناير ٢٠١٣ الحياة عندما تسلم المبعوث
الأممي مهمته من سلفه كوفي أنان
لمحاولة وضع حد للقتال ولإيجاد حل
للوضع في سورية، كان مدركاً تماماً
استحالة النجاح. تردد كثيراً قبل قبوله
المهمة، أولاً لأنه ديبلوماسي محنك
وسبق له أن تعامل مع النظام السوري منذ
عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد
والحرب اللبنانية، وثانياً لأنه يعرف
بعمق المسار الديبلوماسي في مجلس
الأمن ودور الدول دائمة العضوية، وفي
طليعتها الولايات المتحدة وروسيا. إلا أنه وعلى رغم
إدراكه الصعوبة الهائلة، قَبِلَ
المهمة، لأن الرجل السياسي
والديبلوماسي الكبير لا يتقاعد مهما
كانت المهمة الديبلوماسية صعبة
وخطيرة، فجاذبية العمل والحركة أقوى
من الجمود واحتمال الفشل. زيارة الإبراهيمي
الأخيرة، كما كل مرة يذهب إلى سورية
للقاء الرئيس بشار الأسد، غلب عليها -وفق
ما نُشر في الصحف اللبنانية القريبة
والموالية للنظام السوري- الموقف
الأسدي نفسه، أي نكران الواقع،
فالإبراهيمي يرتكز على نص بيان جنيف،
الذي يبدأ بحكومة انتقالية وتجريد
الأسد من جميع الصلاحيات لصالح هذه
الحكومة، التي بإمكانها أن تضم أعضاء
من النظام، وفق نص جنيف، الذي بقي
مبهماً حول خروج الأسد من السلطة بسبب
الاتفاق الذي تم عشية اجتماع جنيف بين
وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون ونظيرها الروسي سيرغي لافروف.
كلينتون وحلفاؤها الأوروبيون والعرب
اعتبروا أن صيغة بيان جنيف تنص على
إخراج الأسد من السلطة ووضعه على هامش
اللعبة السياسية، في حين أن الروس
اعتبروا أن الأسد يبقى في الرئاسة
ويسلم الصلاحيات. إلا أن المحادثات
الأخيرة بين الأسد والإبراهيمي، كما
تفصلها الصحف اللبنانية، تشير إلى أنه
لا يوافق على كل ما يتعلق بصيغ إخراجه
من الرئاسة، إما بتقصير ولاية رئاسته
أو باجراء انتخابات مبكرة في الشهور
المقبلة أو بتحويل سورية إلى نظام
برلماني لسحب صلاحيات الرئيس. وموسكو كانت أبلغت
الإبراهيمي أن الأسد يوافق على حكومة
انتقالية لكن يرفض استبعاده خلال
المرحلة الانتقالية. عملياً، الأسد
وحليفه الروسي ينتظران أن يأتي الحسم
من الأرض، أي بعد سقوط
٤٠٠٠٠ قتيل في
٢٠١٢ في سورية. ويوماً بعد يوم، يسقط
المزيد من القتلى، وهناك أكثر من مليون
لاجئ سوري في الاردن ولبنان وتركيا،
ولا يزال بشار الاسد يقاتل ويتمسك
بكرسي الرئاسة. ما يقوله الإبراهيمي
للدول دائمة العضوية هو أن من الضروري
الحفاظ على روسيا في البحث عن أي حل.
إلا أن روسيا تعرقل، وديبلوماسية
الرئيس الأميركي باراك أوباما مبهمة
ولا تساعد على أي حل. وعلى سبيل المثال،
كيف وافقت إدارة مستشفى الجامعة
الأميركية على قبول معالجة وزير
الداخلية السوري الشعار الذي تعرض
لحروق في جسده وهو مسؤول عن قتل مئات
الأشخاص في طرابلس في الثمانينات
عندما كان الحاكم بأمره في شمال لبنان.
الأميركيون يدّعون أنه تم قبوله
لأسباب إنسانية لكنه سرعان ما أُخرج من
المستشفى بعد التظاهرات التي أحاطت
بالمستشفى وتم تهريبه، مع الإشاعات
حول مذكرة بتوقيفه من الإنتربول. الأسد
على قناعة، وعلى رغم ما يسمعه من لهجة
شديدة من الإدارة الأميركية، أن
الولايات المتحدة لا تزال تريده،
ويدرك أن إسرائيل حمت نظامه لمدة طويلة.
الواضح لسوء الحظ، أن القتال في سورية
لن يتوقف إلا بغالب ومغلوب. ولا شك في
أن النظام لن يتمكن من أن يكون الغالب،
لكن الثمن باهظ، وقتل الأبرياء
وتشريدهم يستمر، والتمني هو أن يأتي
الخلاص في ٢٠١٣، والا
ستتمزق سورية وتتحول إلى صومال. المآسي
عديدة من الحرب والتشريد، ولا يجوز أن
تستمر الأمور على ما هي، ومن الخطأ
القيام بوساطة ديبلوماسية مع شخص يقتل
شعبه ويقصفه بالطائرات والمدرعات. على
الدول الكبرى أن تجبره على التنحي
وتحاكمه لأنه يحارب ويقتل شعبه
وينعتهم بالإرهابيين. حان الوقت أن
تتحرك الإدارة الأميركية بفاعلية وضغط
أكبر وعدم إعطاء المزيد من الفرص
لديبلوماسية غير مجدية وإعطاء الأسد
المزيد من الوقت للقتال. وديبلوماسية
الإبراهيمي ينبغي أن تحضر لمستقبل
سورية لما بعد الأسد وليس لوساطة لن
تجدي بكل الأحوال، لأن الأسد متمسك
ببقائه وقصف شعبه. وينبغي أن تعمل
المعارضة السورية مع الإبراهيمي وتقدم
له طروحات وإستراتيجية واضحة لما بعد
الأسد، لتظهر للعالم المشكك بالثورات
العربية بعد خبرة ليبيا وتونس ومصر،
أنها لن تترك البلد يتمزق وينقسم إلى
مجموعات طائفية تتحارب. التمني أن يسرع
الائتلاف السوري بوضع خطة مقنعة
وواعدة للبلد لما بعد الأسد،
والاستفادة من خبرة الإبراهيمي في هذا
الإطار، وهذه هي المهمة الكبرى التي
بإمكان الإبراهيمي أن يحققها مع
المعارضة السورية بعد سقوط الأسد الذي
أصبح حتمياً. والكل يدرك أنه لا يمكن أن
يبقى بعد كل هذا القتل والدمار. لكن
السؤال اليوم هو: هل تكون السنة
٢٠١٣ سنة وقف القتال وذهاب
الأسد ومحاكمته؟ هذا هو التمني للسنة
الجديدة. ================= عبد الباري
عطوان 2013-01-01 القدس العربي
إذا كان العام
المنصرم هو عام مصر بامتياز فإن العام
الجديد قد يكون عام إيران وحلفائها في
المنطقة، سلما ام حربا، وفي الحالين
سيكون العرب هم الضحية، ففي حال السلم
هم الغنائم، وفي حال الحرب سيكونون
الأدوات، والعشب الذي ستدوسه الفيلة
المتصارعة. هناك نظريتان يجري
تداولهما في المسرح الغربي، الاولى
تقول بأن الادارة الحالية قد تلجأ الى
احتواء ايران، وتسلّم بدورها الاقليمي
كقوة نووية عظمى، لعدم رغبتها في
التورط في حرب ثالثة، وهي التي لم
تتعاف من الحربين في العراق
وافغانستان، مضافا الى ذلك ان اي ضربة
عسكرية لن تنتهي، بل ستؤخر، الطموحات
النووية الايرانية لعامين فقط،
وستوحّد الايرانيين خلف قيادتهم،
وستحشد بعض العرب او معظمهم خلف طهران،
بعد ان تراجع التأييد لها بسبب دورها
في دعم النظام السوري. اما النظرية الثانية
فتقول ان قرار الحرب قد جرى اتخاذه
فعلا، والاستعدادات جارية لتنفيذه،
والربيع المقبل قد يكون هو نقطة الصفر،
فبنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل
دعا الى انتخابات مبكرة (يوم 22 كانون
الثاني/يناير) من اجل الحصول على
اغلبية يمينية تعزز تفرده بقرار الحشد
والتعبئة للحرب ضد ايران التي جعلها
عنوان حملته الانتخابية الحالية. نتنياهو هيّأ لهذه
الحرب في الخريف الماضي، وقبل
الانتخابات الرئاسية الامريكية،
الأمر الذي دفع الكثيرين في الإدارة
الامريكية واوروبا لاستجدائه بعدم
الإقدام عليها منفردا، ومنظره وهو
يستعرض رسومه الافتراضية عن البرنامج
النووي الايراني من على منصة الامم
المتحدة ما زال ماثلا للعيان. الرئيس باراك
اوباما، وتحت ضغوط نتنياهو والكونغرس
التابع له، تعهّد بمنع ايران من امتلاك
سلاح نووي بكل الوسائل، ولكنه رفض في
الوقت نفسه ان يقبل بالخطوط الحمراء
التي طالبه نتنياهو بوضعها فيما يتعلق
بالتخصيب النووي الايراني. ' ' ' في شهر اذار(مارس)
المقبل ستنتهي المهلة التي حددتها
القوى الغربية لقبول ايران بشروط
الحلّ السلمي، بما فيها تسليم ما لديها
من يورانيوم مخصّب فوق درجة العشرين في
المئة، ووقف كل اجهزة الطرد المركزي،
وتفكيك المنشأة النووية في قمّ (يقال
انها تحت جبل ضخم). من الصعب علينا
التكهن بردّ الفعل الايراني،
فالايرانيون خبراء فيما يتعلق بطرق
كسب الوقت، واطلاق بالونات مضللة لجسّ
نبض الطرف الآخر، فقد صرحوا قبل ايام
بأنهم مستعدون للتعاون مع وكالة
الطاقة النووية، اذا توقفت التهديدات
الاسرائيلية، ومن غير المستبعد ان
يتقدموا في اللحظة الاخيرة بمقترحات
لحلّ الأزمة لإرباك خصومهم. وهناك
انباء عن مفاوضات سرية امريكية
ايرانية في غرف مغلقة. في موازاة ذلك تتصرف
القيادة الايرانية وكأن الحرب واقعة
لا محالة، فمناوراتها العسكرية لم
تتوقف مطلقا، وتجرى الان احداها في
مضيق هرمز، بينما اختبرت صواريخ بعيدة
المدى بنجاح كبير يوم امس الاول فقط. القوى الغربية ايضا
تحشد اساطيلها وسفنها الحربية في مياه
الخليج العربي، حيث توجد حاليا ثلاث
حاملات طائرات امريكية ورابعة
بريطانية، وسحبت بريطانيا قوات لها في
افغانستان وموضعتها في المنطقة،
وستبدأ بعد ايام مناورات بحرية
اسرائيلية امريكية يشارك فيها 3000 جندي
امريكي، وسيظل الف منهم في فلسطين
المحتلة حتى نهاية شباط (فبراير)
المقبل، وربما تمدد فترة اقامتهم. العدوان الاسرائيلي
في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على
قطاع غزة كان بهدف تحويل اهالي القطاع
الى حقل تجارب لاختبار مدى فاعلية
القبة الحديدية في التصدي للصواريخ
الايرانية فئة 'فجر 5' التي تملكها
فصائل المقاومة مثل الجهاد الاسلامي،
وفي الاطار نفسه نصب حلف الناتو
بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود
التركية السورية في اطار الاستعدادات
نفسها. الاسرائيليون الذين
يعيشون حالة من القلق غير مسبوقة،
يخشون من امرين في حال اندلاع الحرب،
الاول ان تمتصّ ايران الضربات الاولى،
وتردّ بفاعلية على اهداف اسرائيلية
وقواعد امريكية في الخليج، والثاني ان
يجري استخدام اسلحة كيماوية سورية
ضدها في ذروة الحرب او في حال يأس، سواء
من قبل النظام السوري او حزب الله
اللبناني. مسؤول اردني كبير
اكدّ لي ان حالة القلق الاسرائيلية من
الاسلحة الكيماوية السورية وصلت الى
درجة وضع خطة لقصفها بطائرات حربية،
ولكن الخوف الامريكي من النتائج،
وخاصة مقتل عشرات الالاف من السوريين
من جراء انتشار هذه المواد في الهواء،
هو الذي منع هذه الخطة، ولكنه لم
يستبعد ان يلجأ نتنياهو الى هذا الخيار
في اي لحظة. ' ' ' العقوبات الاقتصادية
الخانقة التي فرضتها امريكا وحلفاؤها
على ايران اعطت مفعولها في تكبيل
وإضعاف الاقتصاد الايراني، فقد انخفضت
الصادرات النفطية الايرانية الى
النصف، وخسر الريال الايراني ثمانين
بالمئة من قيمته، ولكن العقوبات لم
تسقط اي نظام في التاريخ، ولنا في عراق
صدام حسين نموذج، حيث صمد 8 سنوات دون
ان يصدّر برميل نفط واحدا. يظل هناك من يراهن
على 'ربيع ايراني' ينفجر قبل
الانتخابات الرئاسية المقبلة في
حزيران (يونيو) المقبل، ولكننا لا
نتوقع ان ينتظر الاسرائيليون الذين
يقولون ان ايران وصلت الى درجة 'الحافة
النووية' حتى ذلك الوقت. ادارة اوباما ترتعد
خوفا كلما نطق احد امامها بكلمة الحرب
ضد ايران، لأنها تعرف جيدا ما يمكن ان
يلحق بها من كوارث، فإيران مدعومة
بترسانة حربية داخلية قوية، وحلفاء
اقوياء مثل الصين وروسيا والهند، باتت
تشكل مجتمعة تحالفا عالميا قويا. السؤال المهم هو: اين
دورنا كعرب؟ الاجابة مؤلمة، فالدولة
الخليجية الاكبر،اي المملكة العربية
السعودية، في حالة من الجمود في ظل
شيخوخة قيادتها، والوحدة الخليجية
ضعيفة، حتى ان زعيمين من ستة فقط حضروا
قمة مجلس التعاون الخليجي الاخيرة في
المنامة. واذا انتقلنا الى
الجوار الخليجي نجد ان الاردن على حافة
الافلاس، ومصر مشغولة بأزمتها
الداخلية ومؤامرات لإفشال ثورتها،
واليمن ممزق، وسورية تعيش حربا اهلية. وضع عربي مزر بكل
المقاييس، فالعرب مجرد كمّ مهمل،
وادوارهم لا تزيد عن دور الكومبارس،
واموالهم منهوبة سواء من قبل الفاسدين
او الدول العظمى، ووحدتهم الداخلية
ممزقة بفضل التحريض الطائفي.. وكل عام
وانتم بكل خير. ================= طاهر العدوان الرأي الاردنية
2-12-2013 عند نهاية كل عام
وبداية عام جديد تنشغل الحكومات
ووسائل الاعلام بعمل جردة حساب لأحدات
العام الراحل ، عادة يتم الاهتمام
بكوارث الطرق والطيران ومسائل
الاقتصاد والسياحة والابتكارات
العلمية الخ . في
سوريا كانت الجردة مختلفة : اكثر من
٤٠ الف قتيل وعشرات الآلاف من
الجرحى ومئات الآلاف من المعتقلين
والمفقودين وبضع ملايين من المهجرين
في الداخل واللاجئين الى دول الجوار . ولا
نعرف ان كان رئيس الوزراء السوري قد
راجع حصيلة العام الماضي وهو يودعه
بتصريح غامض عن استعداد النظام للحوار
و انه يقبل التعامل مع جميع المبادرات
الدولية لإنهاء الازمة . لو كانت هذه هي
حقيقة موقف بشار الاسد فلماذا لم ينجح
المبعوث الدولي الاخضر الإبراهيمي
بانتزاع موافقة منه على خطته للحوار
والمرحلة الانتقالية وهو الذي غادر
دمشق قبل ايام قليلة فقط ؟ . من
الحكمة ان يعود النظام الى القاعدة
التي تقول بان الرجوع الى الحق خير من
التمادي بالباطل . لقد أخطأ الرئيس
السوري مرتين : الاولى عندما اندفع
وراء خليته الأمنية بعد اشهر قليلة من
الثورة ، مصدقا حساباتها بان الحل
الأمني هو اسرع وأسهل الطرق للإجهاز
على ربيع الشعب السوري في مهده، بحجة
ان ما يجري في سوريا غير ما جرى في مصر
وتونس وليبيا . وكان عليه كما قال
العميد المنشق مناف طلاس ان يبادر
مبكرا الى طرد ومحاسبة جميع المسؤولين
الأمنيين الذين نفذوا الحل الأمني
فصبوا الزيت على النار ، لكنه فعل
العكس عندما استجاب لطلب خليته
الأمنية بزج الجيش السوري كله في المدن
بينما دوره ان يدافع عن الشعب لا ان
يقتله . والخطأ
الثاني الذي ارتكبه الاسد ان استجاب
والى حد الاستسلام للسياسة الروسية
تجاه الربيع في بلاده ، لقد وجد بوتين
ولافروف ان في مصلحة بلادهما توسيع
الصراع واطالته ، وتحويله من حالة هي
جزء من الربيع السياسي في المنطقة الى
نقطة مواجهة مركزية في العلاقة بين
روسيا وبين الولايات المتحدة. فمنذ
سقوط حائط برلين وانهيار حلف وارسو لم
يعد وسط اوروبا نقطة المواجهة
المركزية في العالم بين روسيا والغرب،
وعبثا حاولت موسكو خلال العقدين
الماضيين خلق نقطة مركزية بديلة في
العراق وليبيا لكنها فشلت وتراجعت
امام الضغط العسكري والسياسي الامريكي
والأطلسي . نجح
بوتين في جر الاسد لكي تكون سوريا نقطة
مواجهة مع الغرب، وهو يعرف ان الاسد لن
يربح المعركة لكنها فرصته لاعادة
روسيا الى طاولة المساومة في الساحة
الدولية وخاصة الاوروبية، من اجل منع
حلف الأطلسي اقامة جداره الصاروخي وسط
اوروبا اضافة الى مكاسب اخرى تعزز دوره
في الملف النووي الإيراني . أخطاء
الاسد غير قابلة للاصلاح فانهار الدم
لا تزال تتدفق في سوريا وتبعة ذلك
ثقيلة لا يستطيع التنصل منها بإلقائها
على من يخلفه اذا قرر الرحيل واللجوء
الى بلد آخر، جيشه القريب منه لن يسمح
له بذلك، وروسيا بوتين - لافروف تقبل
فقط ان يرحل على بساط السياسة الروسية
ومكاسبها وليس عن اي طريق آخر . وضع
الإبراهيمي سوريا عشية العام الجديد
امام خيارين : الحل السياسي او الجحيم،
وهو خيار لا معنى له على ارض الصراع
فالجحيم يجتاح سوريا منذ عام ونصف ومع
ذلك لم يجني النظام حلا سياسيا بل كل ما
جناه هو الوقوع في حفرة أخطائه، وما
يفعله انه يداوم على الحفر تحت أقدامه
بدل ان يتطلع الى اخراج نفسه والبلد من
الحفرة . ================= عماد الدين
اديب الشرق الاوسط 2-1-2013 أكثر طرف متضرر
سياسيا وأمنيا من احتمال سقوط نظام
الدكتور بشار الأسد، هو حزب الله
اللبناني. هذا الحزب، قام في
تأسيسه وميلاده وتدريبه وتسليحه
وتمويله عبر قناة رئيسية أساسية هي
سوريا والنظام الأمني السوري. وإذا كانت «قم» هي
المرجعية الدينية لحزب الله، فإن دمشق
هي المرجعية السياسية والأمنية للحزب. وفي لقاء لي مع سماحة
السيد حسن نصر الله عام 2004، أكد لي أن
كل قطعة سلاح وقطعة ذخيرة تأتي برقم
مسلسل عبر الحدود من إيران بواسطة
سوريا وهي التي تقوم بعمليات التسليم
والتسلم لهذا السلاح. ويقال أيضا إن جزءا
كبيرا من التمويل يأتي عبر القناة
السورية. هذه العلاقة
الارتباطية بين دمشق وآل الأسد من
ناحية وحزب الله وقيادته من ناحية
أخرى، تدخل في مثلث مع القيادة الروحية
السياسية للمرشد الأعلى والحرس الثوري
الإيراني من ناحية ثالثة. دمشق، الحزب، طهران،
مثلث يهدده عقد الانفراط في حال سقوط
الأسد ونظامه. من هنا، يصبح على
المراقب المحايد للأحداث أن يطرح
الأسئلة التالية: 1- ما موقف حزب الله
السياسي من الأوضاع السياسية الجديدة
والقوى السياسية الصاعدة في دمشق عقب
سقوط الأسد؟ 2 - ما دور وتوجهات حزب
الله داخل المعادلة السياسية
اللبنانية عقب سقوط النظام السوري؟ 3 - ما قاعدة الدعم
اللوجيستية، وما الظهير الجغرافي
الأمني لقوات حزب الله في حال نشوب
قتال بين رجال الحزب وإسرائيل؟ 4 - ما حقيقة نقل
صواريخ روسية وكورية شمالية وصينية
أرض - أرض متوسطة وبعيدة المدى من سوريا
إلى أماكن تخزين ومنصات إطلاق في جنوب
لبنان؟ 5 - ما حقيقة نقل رؤوس
كيماوية من قبل مخازن الجيش السوري إلى
مخازن حزب الله في لبنان؟ هذه الأسئلة تفرض
نفسها بقوة على عقل أي طرف من الأطراف
المتأثرة سلبا أو إيجابا بالملف
السوري. إن الذي يعرف «العقل
التجاري» للاعب الإيراني والحسابات
الدقيقة لقيادة حزب الله، لا يمكن أن
يتخيل استمرار الرهان الفاشل على نظام
الأسد. وقد يكون كلامي
مفاجئا إذا توقعت أن الشهور القليلة
المقبلة قد تشهد تحولا نوعيا من قبل
حزب الله من استمرار الدعم لنظام
الأسد، وذلك بناء على الموقف الإيراني
من ناحية وبناء على نتائج العمليات
العسكرية على الأرض. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 2-1-2013 سيدرس الباحثون
السياسيون من الآن فصاعدا ما يبدو جليا
من تهالك سريع يحل بالإسلام الإخواني،
الذي بدأ صعوده في نهاية عشرينات القرن
الماضي، وصمد أمام محن وتحديات كثيرة
وصعبة استمرت ثلاثة أرباع القرن
ونيفا، لم تفلح في كسر شوكته أو قهر
إرادته، بينما ظل بمنأى عن الفشل الذي
حل أثناء هذه الفترة بالمدارس
السياسية الكبرى من قومية وشيوعية
وليبرالية، وغدا بديلا مرجحا للأمر
القائم، وزاد من صدقيته وعود قطعها على
نفسه بالتكيف مع متطلبات الديمقراطية
كبديل تطلعت إليه شعوب قهرها
الاستبداد وعطل تقدمها وأهان كرامتها،
وحين هبت لإسقاط حكامها قدم الإسلام
الإخواني نفسه كخيار شعبي لم يتلوث
بأوساخ سياسات ذاق العرب منها الأمرين
خلال نصف قرن ونيف، تعرضوا خلالها
لضروب شتى من الويلات، مع أنها ما أن
خرجت من حقبة استعمارية مديدة حتى سقطت
بين أيدي طغاة داخليين حكموها بأساليب
لا تختلف كثيرا عن أساليب الاستعمار،
إن لم تكن أشد سوءا منها، في أحوال
وبلدان كثيرة. رغم ذلك، فإن من
يراقب ما يجري في مصر وليبيا وتونس
يستغرب سرعة اندفاع الإسلام السياسي
نحو مآزق متنوعة أهمها قاطبة علاقته
بالديمقراطية، أي بروح عصر جديد
ومختلف تريد بلوغه كشعوب تريد مبارحة
زمن الاستبداد ومصائبه، وما يترتب على
نظامها من علاقة بين الحكام والبشر
العاديين، الذين أثبتوا في ليبيا ومصر
أنهم ليسوا مجرد آلات آيديولوجية
تسيرها كلمات أو شعارات براقة يطلقها
الإسلاميون نحوها فتذهب طائعة إلى حيث
يبغون، وها هم مواطنو تونس يطلقون حركة
احتجاجات تضع الإسلاميين في مواجهة
الحاجة إلى برنامج اجتماعي شامل
يفتقرون إليه، ليبتعدوا في البلدان
الثلاثة عن الحراك الشعبي، الذي
توهموا أن الشعب أطلقه ليمكنهم من حكمه
جماعة وأشخاصا، ولم يقدم تضحياته من
أجل نيل الحرية، التي سيضع التلاعب بها
كتلته الكبرى في مواجهة من ينتهكونها
أو يسعون إلى إقصائها عن الحياة
العامة، كما يظهر من احتجاجات مصر
الواسعة ضد وثيقة الرئيس مرسي
الدستورية، الذي نسي واقعة أنه نجح في
الوصول إلى سدة الرئاسة بأصوات هؤلاء
الذين نزلوا ضده إلى الشارع، وإلا لكان
هزم أمام «مرشح الفلول» الفريق أحمد
شفيق، فهو لم يكن خيارهم الحقيقي بل
أفضل حل سيئ، ولو كان هناك أي مرشح آخر
غير شفيق لكانوا أسقطوا مرسي. واجه الإسلاميون
مشكلات لم يحسبوا لها حسابا، لأنها لا
تدخل في منظومتهم الآيديولوجية
والسياسية، فقد تبنوا لغة أوحت أنهم مع
خيار الديمقراطية، لكنهم ما لبثوا أن
تخلوا عنها بمجرد أن سقط مبارك، حين
أعلنوا الشريعة مرجعية لدولتهم
المدنية، مؤكدين بذلك أنهم لم يغيروا
شيئا من خياراتهم، ويضعون الديمقراطية
في خدمة هدف آيديولوجي حزبي خاص وضيق،
بدل أن يخضعوا آيديولوجيتهم
للديمقراطية ويعيدوا إنتاجها
بدلالتها وانطلاقا منها. بما أن الشعب
ثار في غالبيته العظمى من أجل الحرية
والديمقراطية، فإن خطوة الإسلاميين
جوبهت برفض قطاعات كبيرة منه، بما في
ذلك فقراء مواطنيه، مثلما يفهم من
أحاديث المصريين الذين كانوا قد أعطوا
أصواتهم للجماعة وحزبها في انتخابات
مجلس الشعب، لكنهم انقلبوا عليها
وانتقدوها عقب انتخابات الرئاسة
بعبارات لا تختلف عن تلك التي كانت قد
استخدمت قبل أشهر قليلة ضد نظام مبارك،
فالإخوان محبون للسلطة، ولا يفكرون
بغير مصالحهم الضيقة، وليسوا
ديمقراطيين أو أنصارا للحرية، ومن
الضروري إدانتهم لأنهم تخلوا عن
وعودهم البراقة، التي تبين أنها كاذبة
من ألفها إلى يائها، وعديمة الصلة
بالزمن الجديد، ما بعد الحزبي
والفئوي، زمن المجتمعية المفتوحة على
خيارات لا ينتمي أي منها إلى المنظومة
الآيديولوجية أو السياسية، التي
يتبناها الإخوان. هذه الهوة بين
الإسلاميين والجمهور تبدو بأوضح صورها
في بعض نصوص الوثيقة الدستورية، التي
تحول رئيس جمهورية منتخب من الشعب إلى
مرشد معصوم يضع نفسه فوق الدولة
والبشر، لا يحق لجهة الاعتراض على
قراراته ومواقفه، كما تبدو في الطريقة
التي رد بها الإخوانيون على الحراك
الشعبي ضد خطوة مرسي، التي استنسخت
طريقة نظام مبارك وأي نظام مخابراتي
آخر، فالذين احتجوا متآمرين قبضوا
أموالا من الخارج، وتورطوا في أعمال
معادية لمصر مجافية لمصالحها، وهم
حثالة لا شأن ولا قيمة لها، استخدموا
العنف ضد السلطات والمواطنين وقتلوا
الأبرياء، إلى آخر هذه الأسطوانة
المشروخة التي مل العرب سماعها في مصر
وسوريا وليبيا وتونس واليمن. الغريب أن هذا
الابتعاد عن الإسلاميين تم بسرعة لم
تكن تخطر ببال أحد، فقد حدث خلال أقل من
عام، ورغم أنهم وصلوا إلى السلطة في
بلدين مهمين من بلدان الربيع العربي
هما تونس ومصر، ولم يتعرضوا لأي عزل أو
أي ملاحقات واضطهادات، وسيطروا على
جزء لا بأس به من أجهزة الدولة ووسائل
الإعلام والمساجد. في هذه المدة
القصيرة، أثبت الإسلاميون أنهم، رغم
خبرتهم القديمة وكثرة زعاماتهم،
يفتقرون إلى رجال دولة بالمعنى
الحقيقي، يعرفون ما الذي سيحل محل
الدولة القائمة، إن تمت صبغها بصبغة
إسلامية، ويدركون أن ما يريدونه هو ضرب
من الاستحالة، لأن إدارتهم للدولة لا
يجعل منها دولة إسلامية، وأن من يريد
جعلها كذلك يلغيها دون أن يضع مكانها
بديلا غير الفوضى، التي تنتشر
مقدماتها اليوم في أرض الكنانة، حيث
يخبط الإسلاميون خبط عشواء، في تأكيد
يومي لعجزهم عن التعامل مع الدولة
كأداة فائقة الخصوصية والحساسية، تفقد
طابعها كمؤسسة عامة وشاملة ومجردة إن
احتلها حزب، أو خضعت لقلة. استمرت التجربة
القومية قرابة نصف قرن، قبل أن تفشل
وتسقط بسبب عدائها للديمقراطية. وفقدت
الليبرالية فرصتها كمدرسة سياسية بسبب
اعتقاد أغلبية العرب بأنها أتت إليهم
على جناح الاستعمار. وسقطت الشيوعية في
بلداننا بسقوطها في الاتحاد
السوفياتي، الذي نجم أساسا عن طابعها
اللاديمقراطي. وكان بديل الإسلام
الإسلامي وعدا جديا بكل معنى الكلمة،
بعد فشل جميع ما مررنا به من تجارب
ومدارس سياسية، لكن ارتطامه بالوعد
الديمقراطي وتعارضه معه يهدد بجعل
إفلاسه السريع حتميا، وبوضع نهاية
لدور تاريخي طويل كان يمكن أن يقوم به،
ليكون أول مدرسة سياسية عربية تفشل في
الاحتفاظ بالسلطة، وينقسم المجتمع
حولها بعمق وقوة، بعد قليل من وصولها
إليها. لن ينجو الإسلام
السياسي إذا لم يكن ديمقراطيا. ولن
يكون ديمقراطيا إذا لم ينزع عنه هويته
كجهة مذهبية وفئوية تعمل في شأن عام لا
يقبل المذهبية والفئوية، وما لم يتخلص
بإرادته مما تفرضه عليه من هيكليات
وأبنية. هل الإسلام السياسي مؤهل لذلك
وقادر عليه، أم أنه سيقبل تحوله إلى
جزء من مأزق العرب التاريخي، وسيكتفي
من الأدوار بالتعايش معه، وإدارة
أزمته في حاضنته؟ هذا هو السؤال الذي
لا بد أن يجيب عليه في البلدان التي وصل
إلى الحكم فيها، وفي تلك التي يرشح
نفسه للاستيلاء على حكمها، فهل
يستطيع؟ ================= محمد صدر * الأربعاء ٢
يناير ٢٠١٣ الحياة تقترب
الحوادث السورية من شهرها الـ21، وهي
أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى
تشريد الآلاف، وتتسع رقعتها من غير أن
يلوح حل في الأفق، على رغم التغيير
النسبي في الموقف الروسي. لكن السؤال
هو لماذا لم تحسم هذه الحوادث الأزمة
بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود
سواء في المجال السياسي والعسكري أو في
صفوف المعارضة أو على الصعيد الدولي؟ وقبل الحديث عن أسباب
هذه الحلقة المفرغة، يجب الإشارة إلى
التنوع القومي والطائفي في الداخل
السوري. فهو من العوامل التي ساهمت في
استمرار الأزمة. ويشكل المسلمون 85 في
المئة من الشعب السوري منهم 74 في المئة
من السنّة، و13 في المئة من العلويين
والشيعة الإثني عشرية والإسماعيلية ،
و3 في المئة من الدروز، و10 في المئة من
المسيحيين الذين ينقسمون إلى 10 فرق.
ولسان السوريين ليس العربية فحسب. فعلى
رغم أن العربية هي اللغة الرسمية،
يتكلم السوريون الكردية والتركمانية
والشركسية. فسورية هي من الدول
المتعددة القوميات والمذاهب. لكن
الحكومة كانت في العقود الأربعة
الماضية بيد العلويين، أي منذ 1971 إلى
اليوم. وقاد حزب البعث انقلاباً أفضى
إلى انفراد الأقلية العلوية بالحكم
على الأكثرية السنية، على ما حصل في
العراق الذي حكمته حكومة أقلية سنية
معادية للأكثرية الشيعية. وأفلح حافظ
الأسد في الانسجام مع الإرادة الدولية
لتعزيز الاستقرار في سورية، بعد حرب 1973
على وجه التحديد. وسار بشار الأسد على
النهج نفسه. لكن لماذا أولت
الأسرة الدولية استمرار حكم الأسد
الأهمية؟ حكومة البعث السورية كانت
مقربة من الاتحاد السوفياتي وبعدها من
روسيا. ورغبت الدول الغربية في بقاء
حكومة الأسد في سورية لتعزيز
الاستقرار بعد سلسلة الانقلابات التي
ألمت بها. فاستقرار سورية كان بالغ
الأهمية. فيومها عم الاضطراب منطقة
الشرق الأوسط، والحدود الإسرائيلية
كانت غير آمنة وغير مستقرة. ولذا، سعت
الدول الغربية والشرقية على حد سواء،
إلى المحافظة على استقرار سورية. فلم
تمانع قمع مدينة حماة السورية في 1982. واستمرت هذه الأوضاع
على هذه الحال إلى حين اندلاع الربيع
العربي الذي طوى 50 عاماً من الأنظمة
الديكتاتورية وانتهاك حقوق الإنسان
ومجافاة إرادة الشعوب. وكرت سبحة
الربيع هذا من تونس إلى مصر وليبيا
واليمن والبحرين إلى أن وصل سورية.
وطالب السوريون بتغيير النظام وإسقاط
الديكتاتورية. لكن العنف والبطش
والاستبداد الذي درج عليه النظام
السوري حمل بشار الأسد على حسبان أن في
وسعه مواجهة التطورات على منوال والده
في 1982. ولذا، توسل أقسى أساليب العنف في
مواجهة المتظاهرين الذين خرجوا في
تظاهرات سلمية. فحملت المعارضة السلاح.
وبلغت الأمور طريقاً مسدوداً. وخرجت
مقاليد الأمور من يد الحكومة، ولم
تتمكن الجماعات المعارضة من إسقاط
النظام. وإلى الطريق المسدود هذا،
انسدت آفاق الحل على الصعيد الدولي:
رفضت الصين وروسيا إصدار مجلس الأمن
الدولي قراراً لحل الأزمة السورية. أما
المعارضة ففشلت في رص صفوفها والإعلان
عن حكومة موقتة للحصول على الاعتراف
الدولي، على رغم دعم 130 دولة لها في
اجتماع المغرب. ولا شك في أن انضمام «القاعدة»
والسلفيين إلى قوى المعارضة بعث قلقاً
في أميركا والغرب إزاء مرحلة ما بعد
بشار الأسد وإمكان سيطرة القوى
المتشددة على مقاليد الأمور. فسورية
تقع على الحدود الإسرائيلية. وإحكام
المتشددين قبضتهم على مقاليد السلطة
قد يتهدد أمن إسرائيل. ولذا، تواصلت
فصول الأزمة السورية. لكن المؤشرات
الروسية تشير إلى تغيير قد يطرأ في
القريب العاجل على موقفها. فتعدل الصين
بدورها عن دعم بشار الأسد. ومثل هذه
التغيرات تفتح ثغرة في الطريق المسدود
وتمهد لحل الأزمة السورية. ويُعصى التصور
استمرار الأزمة السورية. فالحكومة
تتوسل العنف المفرط لجبه المعارضة.
والمواجهات التي اقتصرت في البدء على
الأرياف، انتقلت إلى المدن الكبيرة.
ولا يسع الحكومة مواصلة إجراءاتها
السابقة، وتقتضي الأمور أن تغير
استراتيجيتها. وفي ضوء هذه الظروف،
يسع إيران أداء دور إيجابي لإنهاء
العنف في سورية. وقبل عام، دعوتُ طهران
إلى لعب دور الوسيط. واليوم لم يعد في
مقدورها لعب هذا الدور. والمشروع الذي
اقترحته (طهران) لم يلق آذاناً صاغية في
أوساط المعارضة. فإيران لم تعد حيادية. وجلي أن سياسة طهران
الخاطئة يترتب عليها خسارة النفوذ في
مرحلة ما بعد بشار الأسد. ولكنها لم
تخسر كل أوراقها بعد، والفرصة سانحة
لتذليل أخطائها والحفاظ على مصالحها
في المنطقة. وتبرز الحاجة إلى أن تعد
طهران العدة لأزمات ما بعد الأسد من
أجل خدمة مصالحها القومية والوطنية.
وإذا رفعت موسكو الدعم عن بشار الأسد،
دخلت الأزمة السورية طوراً جديداً.
وحري بطهران أن تعد لهذه المرحلة وألا
تأخذها على حين غرة. *
مساعد وزير الخارجية الإيراني الأسبق،
عن موقع «ديبلوماسي إيراني» الإيراني،
31/12/2012، إعداد محمد صالح صدقيان ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |