ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 05-01-2013 2013-01-04 القدس العربي الثورة السورية وضحت
لنا ما كنا نجهله عن روسيا خليفة
الإتحاد السوفيتي المنحل وبينت لنا سر
تراجع مكانتها العالمية وتقلص نفوذها
ذلك أنها دائما تسيء الاختيار وتقف في
المكان الخطأ وتستمر حتى الزمان الخطأ
لذلك يتقلص نفوذها عاما إثر عام وتفقد
حلفاءها واحدا تلو أخر. وحتى عندما استفاقت
من غفلتها ووجدت نفسها وحيدة في هذا
العالم إلا من حليف قد ضاق به أهله عادت
للوقوف معه لعلها تحتفظ به ويكون بديلا
لإخفاقها، ولكن سوء اختيارها تجل من
جديد ووجدت نفسها في صف نظام لا أمل في
بقائه بعدما تخلت في السابق وفي فترة
سكر عن أنظمة كان يمكن أن تبقى لو أن
الموقف الروسي منها كما هو من النظام
السوري الهالك لا محالة. على كل فإن روسيا
ومهما حاولت إضاعة الوقت لإتاحة
الفرصة للنظام السوري في القضاء على
الثورة فإنها لن تنجح لأن العكس هو ما
سيحدث وكل يوم يمر وإن زاد جنون وطيش
بشار وحقده وإسرافه في القتل واستخدام
ما تبقى في جعبته من أسلحة روسية فإن
ذلك اليوم يقرب الثوار من يوم نصرهم
وتخليص بلادهم من نظام ديكتاتوري تابع
لإيران وروسيا. ثم إن الحوار المشروط
الذي تريده موسكو لا يمكن للشعب السوري
أن يقبله لأن الثورة السورية قامت
نقيضا لما يتحدث عنه وزير خارجية
روسيا، فالثورة قامت لإسقاط نظام على
رأسه بشار، وعندما تتحدث المعارضة عن
استعدادها للحوار على أساس مستقبل لا
وجود لبشار فيه فهذا أمر طبيعي لأن
الثورة قامت ضده أما أن يشترط الروس
للحوار وجود بشار في المرحلة المقبلة
فهذا جنون لا يقبل به أحد حتى وإن كانت
الحجة عجز الروس عن إقناع بشار عن
تخليه عن السلطة فمن يعجز عن إقناع شخص
عن التنازل عن رأيه فهو أعجز من أن يقنع
شعبا عن التراجع عن رأيه أو التنازل عن
مطالبه، خصوصا المطلب الرئيسي مع
ثقتنا أن روسيا هي التي تقول وليس بشار
وأنها لو أرادت أن يرحل لما كان
للألعوبة بشار أن يقول لا أو أن يقول
شيء يخالف ما يقوله اللاعبون به. لذلك فإن الشعب
السوري في غنى عن حوارات وجدل عقيم من
يرعاه يقول انه لا يمكن إقناع بشار
بترك سورية، فعلى ماذا يكون الحوار،
ولماذا دفعت هذه الدماء وقدم هذا
الثمن؟! لقد كان الخطيب صريحا
في رده على وزير الخارجية الروسي
لافروف متجنبا النفاق السياسي واضعا
أسس ومعايير يجب الالتزام بها من أجل
الدخول في أي حوار يكون نتيجته تمكين
الشعب السوري من السلطة واستردادها من
ديكتاتورية عائلة الأسد وتحقيق أهداف
ثورته التي قدم لها أكثر مما قدمته
بقية الشعوب العربية التي ثارت ضد
الأنظمة السابقة وغير ذلك من أي كان في
الحديث عن أي حوار لا يضمن رحيل الأسد
فهو مرفوض شكلا وموضوعا ولا يمكن حتى
الحوار حوله أو الجلوس لمناقشته. صحيح الآن سورية تكاد
تكون في حالة حرب طائفية ولا يمكن لهذه
الحرب أن تتوقف إلا برحيل من كان السبب
في الوصول إليها وهو شخص أو عائلة،
فلماذا لا ترحل هذه العائلة من أجل
مصلحة طائفتها وبقية الطوائف ويمكن
بعد ذلك الحوار لوصول لحل يرضي الجميع
أما التخيير ما بين حوار و حل لا يضمن
رحيل وخروج بشار وعائلته وزبانيته
وبين جحيم الأخضر الإبراهيمي ووزير
خارجية روسيا فإن الجحيم الذي
يعتقدونه لن يكون هو خيار الثورة
السورية . جلال الوهبي ================= روسيا
ليست الاتحاد السوفياتي والبعث مات
وشبع موتا 2013-01-04 القدس العربي 'الأسد مصر على عدم
التنحي ' قنبلة قذرة ألقى بها سيرغي
لافروف في وجه المجتمع الدولي، وهذا
التصريح في ظل المواقف الروسية
التراكمية لا يعني أن روسيا تنقل رسالة
من الأسد إلى من يهمه الأمر، بل هي لغة
تعني أن روسيا ماضية في قتل الشــــعب
السوري مع الأسد حتى النهاية، هي لغة
ابتزاز للشعب السوري وثورته، وهي أقرب
إلى لغة العصابات التي لم نتوقع يوما
نحن في المشرق العربي أن تصدر عن دولة
بحجم روسيا، ربما لأننا مازلنا نظن أن
روسيا هي الاتحاد السوفياتي الذي وقف
مع حركات التحرر في العالم، ووقف مع
حقوق الشعوب التي نكبت بالإمبريالية
الغربية، روسيا في الواقع عصابات تحكم
بلدا تخلى عن ميراثه الفكري وثوابته
وأخلاقه ويملك حق النقض الفيتو في مجلس
الأمن ليســـتخدمه ضد الشعوب
والثورات، نظام لم يعد مؤهلا من
الناحية الخلقية والقانونية لامتلاك
هذا الحق فالدولة التي كانت تمتلك هذا
الحق كان اســـمها الاتحاد السوفياتي
الذي لم يعد موجودا. وسيرغي لافروف
يمثل دولة فرغت من محتواها الأخلاقي
وتريد استغلال آخر مسمار لجحا في
المشرق بمرجعية القوة والابتزاز وغياب
الأدوار الدولية الفاعــــلة، ولا
يعلم الســــيد سيبرغي أنه يستعدي كل
العرب بهذا السلوك الذي لا ينم إلا عن
غباء وقصر نظر، لأن الشعوب ستنتصر في
النهاية على جلاديها طال الزمان أم
قصر، وعند ذلك لن يجد الروس لهم مكانا
لا في قلوب العرب ولا في بلادهم، وعلى
الشعب الروسي أن يدرك هذه الحقيقة
ويحاسب سيرغي الذي يدمر علاقتهم
بالشعوب ويقضي على آخر أمل لهم في كسب
حب الشعوب وتعاطفها، ويقامر بمصالح
الشعب الروسي على المدى البعيد
ويستعدي عليهم كل الشعوب العربية
والإسلامية. قتل من الشعب السوري
حتى هذه اللحظة ستون الفا وهجر أكثر من
مليون شخص خارج الوطن، وأكثر من
مليونين داخله، وفي المعتقلات آلاف من
الشعب السوري لا يعرف أحد مصيرهم فإذا
ما أضيف إلى ذلك عدد السوريين الذين
قضوا في مجزرة حماة عام 1982 فإن عدد
المنكوبين مباشرة يزيد على أربعة
ملايين إنسان فإذا كان لكل واحد من
هؤلاء المنكوبين خمسة من أحبائه
وأصدقائه وأقاربه فإن عشرين مليون
سوري ينتظرون لحظة القصاص من القتلة
ومن يعينهم على القتل ويزودهم بالسلاح
- ربما يفهم سيرغي هذه الحسبة ويفكر
مليا بمصالح الدولة الروسية التي تخلت
عن دورها الأخلاقي ووقفت مع الجلاد
تؤازره وتناصره. أين حزب البعث ؟! أين حزب البعث
بموروثه الفكري وشعاراته الرنانة، غاب
عن الفعل والقول وكأنه اختزل في شخص
الجلاد الذي ورث الحكم تحت عباءته
وارتكب المجازر باسمه، أين هي قياداته
القطرية التي فسدت وأفسدت وظلمت
وانتهكت، لم نسمع لهم صوتا يؤازر أو
يستنكر أو يوافق أو يرفض، ألم تورثوه ؟
ألم يصل إلى الحكم باسمكم ويرتكب
المجازر اليوم باسمكم، أليس لكم اليوم
صوتا يستجيب لأنين الضحايا، غيابكم
المطلق عن الساحة يعني أنكم مجموعة من
النعاج التي انسحبت من المشهد عندما
رأت الشعب يصر على انتزاع حريته، كنتم
زبدا وذهبتم جفاء، وأنتم مسؤولون عن
مجازر اليوم لأنكم بعتم أنفسكم وبعتم
الشعب بحفنة من المصالح، والشعب
يعرفكم ويوما ما سيحاسبكم على هذا
التفريط . أحمد عرفات الضاوي ================= أحمد العجيلي 2013-01-04 القدس العربي مما لاشك فيه أنّ
اللغة العربية تغريني أكثر من غيرها من
اللغات، وتدفع بي الفضول للتعرف إلى
مجاهيلها، والغوص في كنهها، والتلذذ
بأسرارها؛ ناهيك عن كونها مجال دراستي
الذي رغبت به وحاولت الإحاطة بمختلف
جوانبه العلمية. كيف لا، وهي لغة
القرآن الكريم الذي نزل على أمة العرب
كي يعجزهم وهم أهل البلاغة والفصاحة،
كيف لا وهي 'البحر في أحشائه الدرّ كامن'
على حدّ تعبير شاعر النيل العظيم (حافظ
إبراهيم)، أليست تلك هي اللغة العربية؟!
أليست هي من وصفها (حليم دموس) بقوله:
لغةٌ إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا
برداً على الأكباد لعلّ ذلك السؤال الذي
بادرني به أحد الأصدقاء حول فصاحة
السوريين، ومن أفصح منهم لغةً بين
العرب، نبّهني إلى ضرورة الاهتمام
ببعض الظواهر اللغوية والمصطلحات التي
راجت في بلدي قبل وبعد الثورة السورية
العظيمة. فبعيداً عن التعصب
والشوفينية أجبت عن السؤال بقولي: إنّ
معظم سكان بلاد الشام يمتازون بفصاحة
لسانهم وقدرتهم على التحدث بالفصحى
دون الوقوع في الأخطاء النحوية
واللغوية، ويبقى لسانهم أكثر متانة
وخلواً من أخطاء مخارج الحروف. إلا أنه
يبقى رأياً شخصياً قابلاً للخطأ أو
الصواب. لكن اللافت في الأمر
هو تعايشنا مع الثورة التي أضحت كأذكار
الصباح والمساء بالنسبة لكل سوري، إذ
لمعت على الفور في ذهني تلك المقولات
والمصطلحات التي روّجها أزلام النظام
وأعوانه من أنصاف المثقفين، وممن
اعتمدهم في حربه الإعلامية ضدّ خصومه. فبالرجوع إلى الوراء
قليلاً، واستذكار عبارات ترسخت في
الذاكرة الجمعية للسوريين من قبيل: (إلى
الأبد يا حافظ الأسد)، وعبارة: (قائدنا
إلى الأبد الأمين حافظ الأسد). نجد أنّ ما تنطوي
عليه تلك العبارات يمثّل منهج عصابة (آل
الأسد) في نظرتهم إلى سورية والشعب
السوري عامةً، فكلمة (إلى الأبد) مثّلت
إقراراً ضمنياً وعلنياً بخضوع الشعب
ورضوخه لسطوة الاستبداد، سواء أكان
ذلك الخضوع طوعاً أو كرهاً، كما تمثّل
مدى احتقار وازدراء الأسد للشعب
العربي والمسلم والإسلام بحدّ ذاته،
فالشعب السوري شعبٌ مسلمٌ ومؤمنٌ أنه
لا أبدية ولا خلود لأحد، ومؤمن كذلك
بأنّ: (كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربّك
ذو الجلال والإكرام). وعلاوة على ذلك
فالمسلمون وغير المسلمين يعرف أنّ لقب
'الأمين' هو لقبٌ اختص به النبي الكريم(ص)
قبل النبوة، فكيف يقبل السوريون بمثل
هذه المقارنة؟! وكيف لشعبٍ مؤمنٍ بأنّ
الخلود لله عزّ وجلّ أن يغيّر مبدأه،
ويعتقد بأبدية الأسد لولا تلك الوحشية
والطبيعة الإجرامية التي تعامل بها
الأسد وزبانيته مع الشعب السوري؟! وبعد موت الأسد الأب
والقبول بإعلان الموت على الملأ،
وتنصيب ابنه ملكاً على المزرعة
المسمّاة 'سورية الأسد'، انبرى مدّعو
اللغة، ومزيفو الحقائق ومروّجو
الأكاذيب كي يجدوا حلّاً لتلك المقولة
التي راجت على ألسنة السوريين طوال
ثلاثين سنةً، فوجدوا وصفاً للأسد الأب
بقولهم: (القائد الخالد)، هذا طبعاً بعد
فشل نظريتهم السالفة الذكر 'إلى الأبد
يا حافظ الأسد'، وبات من باب الكفر أن
تذكر اسم 'حافظ الأسد' في سورية دون ذكر
صفته الجديدة 'الخلود'. أمّا وريث القائد
الخالد، فقد جاء بحلّة جديدةٍ عساها
تقنع السوريين بمدى التغيير، وتجعلهم
يقبلون به ملكاً عليهم بعد خلاصهم من
الطاغية الأكبر، فحاول هذا الوريث
التجديد في بعض المصطلحات لا أكثر،
والترويج لها، دون التجديد في بنية
النظام أو تحسين مستوى معيشة السوري؛
إذ راح أنصاره وشبيحته من مثقفين
ومطربين وممثلين يروّجون لعددٍ غير
قليل من العبارات التي تحمل في ثناياها
رغبةً إجرامية تفوق رغبة أبيه في
التملك وحبّ السيادة والاستبداد، كيف
لا وهو ابن أبيه؟! فنلحظ مثلاً عبارة 'منحبّك'
التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وإلى
فترة غير بعيدة عن الثورة السورية
إبّان الاستفتاء على تجديد ولايته
الدستورية الثانية، فمن حيث الدلالة
نجد أنّ هذه العبارة تحاول التأكيد على
معنىً ينتشر في نفوس السوريين، ولا
يستطيعون البوح به ولو في أحلامهم خشية
الاعتقال من قبل رجال الظلام 'المخابرات'،
التي أدركت ما يعتمل في نفوس السوريين،
ولكنهم متأكدون أنّ الشعب أصبح كقطيع
من الأغنام لا يقوى على النهوض بوجه
الطاغية، وهم متأكدون أيضاً أنّ
السوريين: 'يبدون بشراً والنفوس كظيمةٌ'؛
لذا ومن قبيل تهدئة النفوس والسعي إلى
كسب القلوب ولو ظاهرياً حاولوا تلميع
صورة المستبد الابن والإكثار من
توصيفاتهم له: بأنه شابٌ ومثقفٌ وطبيبٌ
ومنفتح، وبالتالي فإنه يجب على السوري
أن يحبه وأن يخلص في حبه لقائده الأعظم
المعظم، والتعبير عن هذا الحب بلغة
جديدة. فالابن لم يستطع
إخفاء طائفيته وطبيعة نظامه الطائفي،
فراح أتباعه يروجون للهجة الساحل
والطائفة العلوية من خلال تلك العبارة
'منحبك'، حتى أنّ كثيراً من أهل الجزيرة
السورية ممن لا يستطيعون النطق بهذه
اللهجة أصبحوا يتغنون بها وينطقونها
بلهجتهم الفراتية كيفما اتفق. وهنا لا نعيب على أهل
الساحل لهجتهم، بل على العكس تماماً
فهي من اللهجات المحببة لعموم
السوريين، ولكنّ التدقيق في سرّ
الترويج لهذه اللهجة دون غيرها من خلال
هذه العبارة أو حتى من خلال انتشار
المطربين والممثلين والإكثار من
المسلسلات التي تعتمد اللهجة
الساحلية، يقودنا إلى حقيقة احتقار
هذا الطاغية لأبناء شعبه، وتأكيده على
طائفيته، على الرغم من تكراره مراراً
عبارة أخرى لا تقلّ شأناً عن سابقاتها
في ما تنطوي عليه من دلالات وإيحاءات،
حيث راح يكرر 'طائفتي سورية' بعد أن
انكشفت سوءته أمام الجميع، وسقط
القناع الممانع والمقاوم والعروبي
الذي كان وأبوه يتشدقون به على نظرائهم
العرب، فأصبحت المقاومة والممانعة
كحصان طراودة الذي دخل به إلى بيوت
السوريين، فتعلقت صوره على جدرانهم
طيلة أربعين سنة عجاف. اليوم ينفض السوريون
عن لغتهم غبار الاستبداد، ويؤكدون ألا
خلود لمخلوق، وأنّ الوطن يتسع للجميع
بكافة انتماءاتهم ومشاربهم الثقافية
والمذهبية والعرقية. اليوم تصدح حناجر
السوريين: 'ما منحبك ..ما منحبك
...ما منحبك'. ' كاتب سوري ================= «الربيع
العربي» يدخل العراق من البوابة
السورية! سليم نصار * السبت ٥
يناير ٢٠١٣ الحياة تباينت الأوصاف التي
أطلقها المحللون السياسيون على طبيعة
هذه السنة، وما إذا كانت أحداثها تمثل
امتداداً للسنة المنصرمة، أم أنها
ستفرز وقائع جديدة! الصحف الأجنبية
وصفتها بـ «سنة الحسم»، على اعتبار أن
الالتزامات التي وعد الرئيس باراك
اوباما بتنفيذها ستستحق مواعيدها خلال
الولاية الثانية من عهده. أي الولاية
التي تبدأ في 21 كانون الثاني (يناير)
الجاري المصادف يوم انتخاب بنيامين
نتانياهو لولاية ثانية. في حين ترى
الصحف العربية أنها ستكون «سنة الحرب»
بدليل أن الجيش الاسرائيلي كثف
مناوراته الحربية منذ تعهد نتانياهو
وأفيغدور ليبرمان بمنع ايران من إنتاج
سلاح نووي. وقد أعلن الرئيس الاميركي،
في نهاية ولايته الأولى، عن تحقيق مثل
هذا التعهد أيضاً. ولكن المراقبين في
واشنطن يستبعدون انجرار الرئيس اوباما
وراء اسرائيل عقب مرحلة مقلقة شهدت
انسحاباً اميركياً مذلاً من العراق.
وهذا ما يفسر تردد الإدارة
الديموقراطية في مخاصمة النظام
السوري، خوفاً من تكرار سياسة الحماقة
المتهورة التي ارتكبها الرئيس جورج
بوش الإبن في العراق. لذلك قررت
استكمال سحب قواتها من أفغانستان
نهاية السنة المقبلة بحيث تكون متفرغة
لمعالجة مشكلة السلاح النووي الايراني. في آخر مقالة نشرها
هنري كيسنجر في صحيفة «واشنطن بوست»،
قال إن برنامج ايران النووي سيتصدر
أولويات اوباما خلال ولايته الثانية.
ونصحه بالإسراع في اتخاذ القرار
الحكيم لأن الوقت بدأ ينفد أمام
الدبيلوماسية، ولأن «الربيع العربي»
زعزع استقرار المنطقة، وحرك النزاعات
الطائفية القديمة. التعليق الذي قدمه
دنيس روس، المستشار الاميركي السابق
للشؤون الايرانية، استبعد الخيار
العسكري في النصف الأول من عام 2013،
وقال إن اوباما لن يلجأ الى الحل
الحربي إلا بعد استنفاد كل الوسائل
الديبلوماسية المتاحة. كذلك رأى جيمس جفري،
المستشار السابق للأمن القومي
الاميركي، أن إدارة اوباما هددت
بتنفيذ الخيار العسكري في حال وصلت
الأمور الى طريق مسدود. وهو يتوقع أن
تستأنف المحادثات المجمدة مع طهران
عقب الإعلان عن الإدارة الاميركية
الجديدة التي تحمل بعض الأسماء
المرشحة لتولي ملفات عام 2013 وبينها ملف:
الانسحاب من أفغانستان ومعالجة الحرب
الأهلية السورية والتفاوض مع ايران.
وقد برز السناتور الجمهوري تشاك هاغل
على قائمة المرشحين لوزارة الدفاع،
بينما ظهر السناتور جون كيري كمرشح جدي
لتولي حقيبة وزارة الخارجية خلفاً
للوزيرة هيلاري كلينتون. لمواجهة التهديدات
الايرانية المتواصلة، ستعمل الولايات
المتحدة مع حلفائها على زيادة حجم
الضغوط الاقتصادية والحصار التجاري
على ايران، بدءاً من شهر حزيران (يونيو)
المقبل. وهي تتوقع أن يتأثر الوضع
السياسي بهذه الضغوط، ويقوي فرص
التململ الشعبي قبل انتخابات الرئاسة. ومع أن المرشد
الايراني علي خامنئي يعير هذه
الانتخابات أهمية قصوى، إلا أن آخر
نتائج استطلاعات رأي وكالة «مهر» تشير
الى أن أكثر من ثلث الايرانيين لن
يقترعوا. واستناداً الى إمكان حصول
مقاطعة كبيرة، فإن واشنطن تعول على
تنامي نشاط المعارضة في شوارع طهران،
وعلى احتمالات دخول «الربيع الايراني»
الى المدن والأرياف. تقول الصحف
الاميركية ان انسحاب القوات المشتركة
من أفغانستان لا يعني أن الفراغ
العسكري في تلك المنطقة الحساسة
ستملأه القوات الايرانية. لذلك أعلنت
إدارة اوباما عن استعدادها لنشر بوارج
مقابل الساحل الايراني مطلع الربيع.
والغاية - كما اختصرتها تلك الصحف -
تتمثل بمنع ايران من إقفال مضيق هرمز. في هذه الحال، تراهن
الدول الغربية خلال عام 2013 على حدوث
سلسلة متغيرات في سورية والعراق
ولبنان يمكن أن تضعف نفوذ طهران وتربك
تحركاتها العسكرية والسياسية على طول
الخط الذي يوصلها الى البحر الأبيض
المتوسط. التوقعات كلها تشير
الى احتمال فقدان الرئيس بشار الأسد
المزيد من مناطق السيطرة. وقد فوجئ
الرأي العام العالمي بالمعلومات التي
وزعتها المفوضة الدولية العليا لحقوق
الإنسان، نافي بيلاي، حول وصول عدد
القتلى في سورية الى ستين ألف نسمة. كما
تجاوز عدد اللاجئين في تركيا 230 ألف
شخص، وفي لبنان 235 ألفاً بينهم 32 ألف
لاجئ فلسطيني من مخيم اليرموك. هذا الأسبوع زار رئيس
وزراء تركيا رجب طيب اردوغان بعض
مخيمات اللاجئين برفقة رئيس الائتلاف
الوطني معاذ الخطيب. وأشار في خطابه
الموجه الى صديقه القديم بشار الأسد
الى أن مبادرة الأخضر الابراهيمي فشلت
لأن المعارضة السورية رفضت مشاركة
شخصيات من النظام خلال المرحلة
الانتقالية. واعتبر أن سيد النظام فقد
شرعيته بعدما قبلت مئة دولة في الأمم
المتحدة شرعية الائتلاف الوطني. ولمّح
في كلمته أيضاً الى أن سقوط النظام
السوري بات وشيكاً. وعلقت الصحف
التركية على هذا الكلام بالقول انه لم
يعد أمام الأسد سوى خيارين: أن ينتقل
الى المنطقة العلوية ويستأنف عمليات
القتال من هناك بدعم من ايران و «حزب
الله»... أو أن يتنازل لشقيقه ماهر الذي
يقود المعارك، وينتقل هو للسكن في
ايران أو روسيا أو أي دولة صديقة. وقد أنكر الأسد كل
هذه «الترّهات» وقال انه سيظل يقاتل ما
دام يحظى بتأييد الشعب والجيش، إضافة
الى الدول المناصرة مثل ايران وروسيا
والصين. ويبدو أن الدول
الكبرى لم تعد مهتمة بمصير النظام ما
دامت عوامل التفكك لم تعد تسمح لسورية-الأسد
بالبقاء والاستمرار. وكل ما يهمها
حالياً هو الخوف من سقوط مخزونات
السلاح الكيماوي في أيدي جماعة «القاعدة»
أو مَنْ يشابهها من الميليشيات
المسلحة. وتدعي قيادة الجيش
الاميركي أنها أجرت تدريبات على هجمات
للسيطرة على هذه المخزونات. علماً أن «الجيش
السوري الحر» استولى على مخزون بالقرب
من حلب، الأمر الذي دفع قوات النظام
الى نقل باقي المخزونات الى مناطق تقع
تحت سيطرتها. المكان الآخر المرشح
لمزيد من الخلافات السياسية - وفق
الصحف العربية - هو العراق. ولقد انتهى
عام 2012 بنزول عشرات الآلاف من الطائفة
السنية الى الشوارع. واعتُبرت
التظاهرات الحاشدة استعراضاً للقوة في
مواجهة رئيس الوزراء الشيعي نوري
المالكي. كذلك رأى فيها المراسلون
انتقاداً لاذعاً للحضور الايراني الذي
نشره المالكي في دوائر الدولة
ومؤسساتها الرسمية. لذلك ردد
المتظاهرون هتافات معادية لطهران
بينها: «يا ايران برا برا... بغداد تبقى
حرة. يا مالكي يا جبان... تاخذ أوامرك من
ايران». وقد رافقت هذه الهتافات عمليات
إحراق العلم الايراني في مدن الفلوجة
والموصل وبغداد وسامراء. واللافت أن المحتجين
في مدينة الرمادي رفعوا صور رجب طيب
اردوغان الذي يدعم المعارضة السورية
وينتقد المالكي بشدة. كما ينتقده زعماء
السنّة وشيوخهم لأنه سيطر على كل مفاصل
الدولة من خلال الوزارات السيادية
التي حصرها بشخصه. كما حصر مهمات
القيادة العامة للقوات المسلحة بشخصه
أيضاً، الأمر الذي جعله مشرفاً على
السلطة التنفيذية في مختلف المحافظات.
ويتهمه زعماء السنّة بأنه سعى الى
إقصائهم عن مواقع المشاركة، مثلما فعل
مع نائبه طارق الهاشمي الذي هرب الى
الخارج خوفاً من الانتقام. وربما نال
نائبه الآخر صالح المطلك عقابه من
المتظاهرين كونه يمثل رئيساً لم يتخلّ
عن عقيدة حزب «الدعوة»، ولم يسمح يوماً
بتطبيق مبادئ «حكومة الشراكة
والمحاصصة.» ولم تقتصر
الانتقادات الموجهة الى المالكي على
الطائفة السنية فقط، وإنما تعدتها
لتصل الى منافسه الدائم اياد علاوي، بل
وصلت الى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر
الذي هاجم تسلط المالكي ووصفه
بالديكتاتور، وقال انه حذره من مغبة
السقوط بسبب «الربيع العراقي». ومعلوم أن لمقتدى
الصدر ستة وزراء في الحكومة و 40 نائباً
في البرلمان. وقد شن حملة شعواء على
المالكي بسبب صفقة السلاح مع روسيا
التي تراجع عنها رئيس الحكومة بعدما
علم بأن عمولة تسعة وسطاء كانت ستكلف 3
بلايين دولار. ويشاع أن وسيطاً
لبنانياً (؟) نال عمولته قبل أن تتراجع
الحكومة العراقية. في هذه الحال، اضطر
المالكي أن يخلق متآمرين على العراق
قال ان اردوغان يحركهم لمصلحة تركيا
ومَنْ يقف وراءها. واتهمه بدغدغة أحلام
زعماء كردستان بهدف تقسيم العراق
وتفكيك وحدته الوطنية. ورد عليه
اردوغان بأن تقسيم العراق سيخلق مخاوف
لجميع دول المنطقة التي تعاني التحيز
تجاه مكونات شعوبها. ووصف أداء المالكي
بأنه اداء غير وطني كونه ينطلق من
خلفية حزب «الدعوة» ومن سياسة ايران
القاضية بتعزيز التيارات المذهبية في
سورية والعراق ولبنان ومختلف دول
المنطقة. مهما يكن من أمر، فإن
كل المؤشرات السياسية تدل على أن سنة
2013 ستكون سنة استمرار الغليان وعدم
الاستقرار في الشرق الأوسط. وكما
اصطبغت سنة 2012 بصبغة «الربيع العربي»
الذي بدأ في تونس (كانون الأول / ديسمبر
2011)... كذلك ستصطبغ هذه السنة بـ «شتاء
إسلامي» بسبب نشوء فراغ سياسي نجم عن
سقوط أنظمة الحكم في تونس وليبيا ومصر
واليمن. وهو في الأصل نضال طويل بين
التيار الإسلامي الذي يريد للإسلام أن
يحكم المجتمع والدولة... وبين التيار
العلماني الذي يطالب بالديموقراطية
والتحرر من تسلط الحكام المستبدين ومن
تنظيرات الفقهاء. الجديد في النظام
الإقليمي أن معالمه لم تكتمل بشكل
نهائي بسبب الغموض الذي يكتنف الدور
الاميركي. فقد اضطرته إضطرابات الشرق
الأوسط الى رفض أداء دور الوسيط، مثلما
كان يفعل طوال الستين سنة الماضية.
وكان من الطبيعي أن تبعده أحداث هذه
المنطقة الى آسيا بانتظار ما تقرره
ايران نحو قنبلتها النووية، وما تقرره
اسرائيل إزاء منعها من إنتاج القنبلة! وهذا ما ستظهره
الانتخابات في كل من اسرائيل وإيران! ================= عام مثقل
بالهموم المصيرية: لبنان، سورية، مصر،
العراق! عادل مالك * السبت ٥
يناير ٢٠١٣ الحياة يطل عام 2013 مثقلاً
بالكثير من الهموم على غير صعيد وفي
مختلف الاتجاهات، خصوصاً بعد تزايد
حركة الاستيراد والتصدير للحروب
والأزمات والحقبات المصيرية ما بين
مختلف الدول العربية. وسنتوقف عند بعض
العناوين البارزة التي يتم ترحيلها من
العام الذي سبق استكمالاً للفصول
الدرامية التي تعايشنا معها حيث لم يكن
هناك بديل، الأمر الذي أقعد المواطن
العربي وسحقه بكم هائل من الضغوط وتحت
العنوان العريض: إنها فترة التحولات
الكبرى مهما اختلفت التسميات كـ «الربيع
العربي» وما شابه. وحصراً للموضوع في
هذه المساحة المحدودة سنكتفي بالتوقف
عند بعض مناطق التوتر والتفجر وهي:
لبنان وسورية ومصر وفلسطين من دون أن
ننسى العراق. على الصعيد اللبناني:
يتزايد الوضع حرجاً على صعد مختلفة
منها السياسي والاجتماعي والأمني. في السياسة لم يكن
الوضع الداخلي مشرذماً كما هي الحال
هذه الأيام وسط إصرار الحكومة على
المضي في الحكم ورفض الاستقالة، مقابل
إصرار المعارضة على أن لا كلام قبل
سقوط الحكومة. وبصرف النظر عن
الكثير من المتاهات والمطبات التي
تعصف بالوضع اللبناني والتداعيات
المتوقعة لهذه التطورات، يعيش
اللبنانيون رهينة مجموعة عوامل من
أبرزها انقطاع الحوار بين «الأطراف
المتنازعة» وسعي الرئيس ميشال سليمان
بكل قواه لإقناع الأطراف بالتجاوب مع
دعواته المتكررة لاستئناف الحوار لكن،
لا حياة بل ولا حياء لمن تنادي. الآن الوطن ما زال
مشرع الأبواب مع بعض دول الجوار، ولأن
الآلاف من الهاربين من «الجحيم السوري»
إضافة إلى آلاف أخرى من اللاجئين
الفلسطينيين إضافة إلى تطورات أخرى
كنتاج للأزمة السورية، كالعادة ينقسم
اللبنانيون بين بعضهم بعضاً حول طريقة
التعاطي مع هؤلاء النازحين بين فريق
يطالب بالاهتمام بالوافدين عبر الحدود
الشرعية منه وغير الشرعية،
واستضافتهم، وفريق آخر يرى أن طاقات
لبنان محدودة جداً وغير قادرة على
استيعاب «جيوش اللاجئين» مذكراً
بموضوع اللاجئين الفلسطينيين (من 1948)
وسط المخاوف من طول الأزمة في سورية،
الأمر الذي يعني معايشة اللبناني هذه
الأزمة لوقت طويل غير محدد، وهذا الأمر
يسقط كل الفترات الزمنية التي راهن
كثيرون فيها على قرب سقوط النظام في
سورية، وليست المنازلة السجالية
الحادة القائمة بين سفير سورية في
لبنان علي عبدالكريم علي، ووزير
الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور،
حول كيفية التعاطي مع اللاجئين
العابرين الحدود إلا رافداً من روافد
أزمة العلاقات اللبنانية - السورية،
بخاصة هذه الأيام. وفي جانب آخر غرق
لبنان في جلبة و ضوضاء وفي أزمة لا أول
لها ولا آخر ونعني موضوع الانتخابات
المقبلة المقررة مبدئياً في حزيران (يونيو)
المقبل، ويدور حول الموضوع جدال
بيزنطي عقيم يخفي وراءه الكثير من
الجدليات التي يرزح تحتها الواقع
اللبناني. وفي شأن المعارك «الشرسة»
حول مصير حكومة الرئيس نجيب ميقاتي،
يقول بعض العارفين بهذا الشأن: مع
الأخذ في الاعتبار المعطيات التي
يطرحها «تيار المستقبل» وتجمع 14 آذار
حول ضرورة استقالة الحكومة، فهناك
إضافة إلى القول: «السن بالسن والعين
بالعين» وإضافة: الانقلاب بالانقلاب.
ولهذا الطرح علاقة مباشرة بالطريقة
التي تمت فيها ظروف استقالة الحكومة
الحريرية السابقة، وما أطلق على تلك
العملية بالانقلاب الدستوري. إذاً، وضع لبنان مع
مطلع العام شديد الارتباك والحرج على
غير صعيد فهو يحمل همومه المتوارثة من
«جيل وزاري» إلى جيل وزاري آخر، إضافة
إلى شؤون الثورة في سورية وشجونها،
والرهانات المتداولة حول مصير النظام
والتفاصيل الأخرى. في الشأن السوري: لقد
وصل الوسيط الأخضر الإبراهيمي إلى
النتيجة الآتية: «إما الحل السياسي أو
الجحيم والصوملة»! أما محامي الدفاع
وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف فيصرّ
على القول إن الرئيس بشار الأسد لن
يتخلى عن السلطة، محاولاً إقناع بعض
فصائل المعارضة السورية بالانخراط في
الحل السياسي المتداول وهو يقضي في
خطوط رئيسة ما يأتي: تأليف حكومة جامعة
مختلف ألوان الطيف السوري، تتمتع
بصلاحيات واسعة تعمل على التحضير
لإجراء انتخابات نيابية جديدة، وصولاً
إلى الانتخابات المتعلقة برئيس
الجمهورية والمقررة مبدئياً في العام
المقبل 2014، ومن سيحصل على أكثرية
الأصوات فسيكون الرئيس المقبل لسورية
حيث إن العقبة الكأداء أمام هذا الحل
أو غيره يكمن بالسؤال عن مصير بشار
الأسد. فالجانب الروسي يصر على أن الحل
النهائي ويجب أن يتم بوجود الأسد، في
حين أن فصائل المعارضة أو بعضها على
الأقل تضع غياب أو تغييب رأس النظام
بشار الأسد في المرتبة الأولى من حيث
الأهمية. على أن كل عمليات التحليل
لمجريات الأزمة في سورية لا تفضي إلا
إلى مزيد من الدماء والخراب والدمار.
ويقدر الإحصاء الصادر عن الأمم
المتحدة أن ما يزيد على 60 ألف قتيل سوري
سقطوا منذ آذار (مارس) من 2011، وعدّاد
الموت لا يتوقف عن الدوران ليل نهار
وصيف شتاء. ويبقى الوضع العام
مفتوحاً على الكثير من الاحتمالات ليس
أقلها حرب الاستنزاف التي اتخذت في
الآونة الأخيرة الطابع المذهبي
والطائفي وحتى الإتني، وليس آخرها
انزلاق الوضع السوري برمته نحو تقسيم
سورية، وما أدراكم ما هي تبعة بلوغ
الوضع السوري مرحلة التفتيت والتقسيم
والذي لن يقتصر على سورية فحسب، حيث لن
تكون تركيا بمنأى عن أخطار مماثلة في
مواجهاتها الدائرة مع الأكراد. ونصل إلى «الوضع
المصري» حيث يتابع الرئيس محمد مرسي
صراعه الدون كيشوتي مع الكثير من فئات
المجتمع السياسي والديني، وهو الذي
استعجل كثيراً في خوض معركة حصر
السلطات لكل السلطات تقريباً به
شخصياً. فما نشهده وما نشاهده على
الساحات المصرية ليس مصر التي عرفناها
منذ ثورة 23 يوليو 1952، ولا ما كان مؤملاً
في ثورة 25 يناير من العام الفائت، وما
لم يمارس الرئيس محمد مرسي بعضاً من
الديموقراطية في تعاطيه مع الشأن
العام فإن مصر ذاهبة إلى «جحيم آخر»
ولو أنه سيكون مختلفاً بعض الشي عن «الجحيم
السوري». ولا يمكن إنهاء هذه
الجولة الخاطفة في شؤون العالم العربي
وشجونه من دون التعرض للوضع في العراق. فقد سجل المرصد
العراقي في الأيام والأسابيع الأخيرة
الكثير من الأزمات التي تقرب «عراق
المالكي» من حافة التقسيم على أكثر من
جهة سواء لجهة التعامل مع الأكراد
وتمتعهم بالاستقلال الذاتي في كردستان
العراق، أو في المواجهات المشتعلة بين
«العامل الشيعي» و «العامل السنّي»! وفي آخر نداء لرئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي حذر من
المضي في الاقتتال الطائفي وضرورة
التنبه لـ «أهداف خارجية وحسابات
فئوية ضيقة» ومن المفارقات اللافتة
على المسرح العراقي أن أعلن السيد
مقتدى الصدر عن تأييده احتجاجات
السنّة على المالكي، ومثل هذا الموقف
ينذر بتداعيات أكثر خطورة مما حدث حتى
الآن. وبعد... ما سبق ليس قراءة في
فنجان ولا ضرباً في الرمال أو في
المندل بل هو محاولة متواضعة لاستشعار
ما هو متوقع في الآتي من الأيام
والشهور بل والسنين. في «الحال اللبنانية»:
الأخطار التي تحيط بالأجواء أخطر
بكثير مما يعتقده البعض، وأكثر مما هو
طاف على سطح الأحداث، لذا يجب التنبه
كثيراً للمستقبل القريب الآتي وعلى
العقلاء أو من تبقي منهم إلا يجعلوا من
أزمة استقالة حكومة والإتيان بغيرها
قضية مصيرية، لأن تعطيل كل الحلول
المتداولة ومنها عدم التجاوب مع دعوة
بل دعوات رئيس الجمهورية العماد ميشال
سليمان لاستئناف الحوار، وإلا ما
البديل؟ وفي «الحال السورية»:
إن سورية كما عرفناها منذ السبعينات،
لن تعود مطلقاً، أما «سورية الجديدة
الناشئة» من رحم الحرب المدمرة فغير
واضحة المعالم حتى الآن، ولكن إن حدثت
معجزة وانتهت الثورة غداً! فإن عودة أو
إعادة سورية إلى خريطة المنطقة هو أمر
غاية في التعقيد وعلى الفصائل
المعارضة كافة أن تدرك أن الكبار لن
يقفوا إلى جانبها كرمى لعيونها، بل
سيقفون انتصاراً لمصالح تعرفها ولا
شك، وعندما تمعن سورية في المضي في
الصراع الذي يتخذ طابع الحرب المذهبية
والطائفية... فهذا النوع من المصير لا
يبقي ولا يذر. أما في «الحال
المصرية»: فإننا نهتف و»إخواناه»!... يا
«إخوان» مصر أنقذوا مصر وأنقذوا
أنفسكم معاً لأن ما يجري حالياً في
الساحات وفي الميادين ليس من شيم هبة
النيل ولا «ست الدنيا»! وهناك سؤال أخير:
ماذا عن باراك أوباما الثاني بعد تجديد
ولايته؟ والإجابة سؤال آخر: لماذا طرح
هذا الموضوع من خارج جدول أعمال
المقال؟ الجواب: لأن أميركا
كالشر الذي لا بد من التعاطي معه في
الحالات كافة من حيث معاداتها ذلك
العبء الكبير ولأن في صداقتها ذلك
العبء الأكبر. *
إعلامي لبناني ================= بؤس
السياسة الروسية.. خطأ يقود إلى خطأ حسين العودات التاريخ: 05
يناير 2013 البيان وجه وزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف، دعوة لزيارة
موسكو، لأحمد معاذ الخطيب رئيس
الائتلاف السوري لقوى المعارضة
والثورة، فصيل المعارضة السورية
الرئيسي، الذي اعترفت به 114 دولة كممثل
وحيد للشعب السوري، في مؤتمر أصدقاء
سوريا الذي عقد في مراكش مطلع ديسمبر
الماضي. وقد رد الخطيب، بأنه
ليس رافضاً لمبدأ الحوار مع السياسة
الروسية، لكنه اشترط أن تعتذر هذه
السياسة عن ممارساتها ومواقفها التي
تبنتها تجاه الثورة السورية، خلال
واحد وعشرين شهراً منذ بدء الثورة، وأن
تتخذ مواقف جديدة ليست فيها شبهة
انحياز للنظام السوري، وأن يجري
الحوار ـ إن حصل ـ في بلد ثالث غير
روسيا بالطبع. وسرعان ما رد لافروف
غاضباً ومنتقداً ومتفوهاً بكلمات
قاسية، منها أن المعارضة السورية (أي
قيادة الائتلاف) لا تفهم في السياسة،
وأن معلوماتها السياسية متواضعة، وما
يشبه ذلك من النقد، دون أن يذكر
معياراً واحداً لقياس التقصير في
الفهم السياسي، أو التواضع السياسي. إن رد لافروف على
محمد معاذ الخطيب، هو رد غير دبلوماسي
ولا سياسي، ولا يخلو من الفجاجة،
ويندرج في باب المهاترات، فمن غير
المنطقي (ولا الدبلوماسي أو السياسي)
اتهام قيادة معارضة تخوض حرباً ضروساً
مسلحة مع نظامها، بأنها جاهلة وغير
مسيسة أو متواضعة الفهم السياسي. ويمكن
تصنيف الرد في خانة المشاعر والرغبات
ونصرة النظام السوري بشكل أعمى. كما هي حال مواقف
السيد لافروف التي كانت دائماً، منذ
بداية الثورة، بل على التحديد منذ أن
أخرج له أهل السلطة السورية آلاف
المستقبلين على طريق مطار دمشق عند
زيارته لسوريا في بدء الثورة، مما لم
يشهده من قبل لا هو ولا أي وزير خارجية
آخر، بل ولا حتى معظم الرؤساء الذين
يزورون بلداناً أخرى.. فالجماهير
تستقبل عادة الزائر "الزعيم" الذي
قاد ثورة تاريخية ناجحة ذات تأثير حاسم
في مستقبل بلاده. وهذا لم يكنه لافروف،
فما هو سوى وزير خارجية (دبلوماسي
بيروقراطي) لا أكثر ولا أقل. ولعله كان
مدهوشاً بذاك الاستقبال وما زال
مدهوشاً حتى الآن، حيث أصبح من حينها،
وبمساعدة أسباب أخرى، ما يشبه الناطق
الرسمي باسم النظام السوري. إن سبب موقف المعارضة
السورية هذا، الناقد جداً للسياسة
الروسية تجاه الثورة السورية، هو أن
المعارضة تعتقد أن هذه السياسة أدت إلى
تراكم سلبيات، بل تراكم أخطاء، تورطت
فيها السياسة الروسية (أو ورطها لافروف)
شهراً وراء شهر، حتى وصلت إلى تلال من
الأخطاء تصعب معالجتها. وترى المعارضة
السورية، أن لافروف هو المسؤول الرئيس
عن هذه الأخطاء، بسبب قصر نظره،
وإدخاله المزاج الشخصي في العمل
السياسي، وعدم بحثه بدقة عن الأسباب،
وبالتالي عدم استطاعته استنتاج
المواقف. فالسياسة الروسية،
بدأت بوصف الثورة بأنها من أعمال
إرهابية تستحق الشجب، وطالبت المعارضة
السورية، التي اعتبرتها منحرفة وعلى
صلة بالدول الخارجية، بأن تحاور
النظام بشروطه هو، أي أن تقبل بعض
الإصلاحات التي يقدمها لها. وكانت تستنكر منذ
البدء مطلب المفاوضات، لأنه أشمل من
الحوار وفيه بعض الندية ويناقش واقع
النظام السياسي ومستقبله. واعتبرت أن
أعمال العنف التي يقوم بها النظام، على
شدتها وقسوتها، أعمالا مشروعة
وطبيعية، واستمرت تزوده بالأسلحة
والمعدات، واستخدمت حق النقض (الفيتو)
في مجلس الأمن مرتين، عندما حاول
المجلس منع النظام من الاستمرار في
مواقفه. واستمر لافروف يدافع
بشدة عن السياسة السورية الرسمية حتى
النهاية، وأحياناً بصيغة أقسى وأقوى
من صيغ أهل النظام وأساليبهم
ومصطلحاتهم. ولم يكن الموقف الروسي
يوماً وسيطاً أو حيادياً، بل كان
دائماً نصيراً (أعمى) للنظام، وعدواً
صريحاً للمعارضة، التي لم ينفك يدعوها
بالمعارضة الإرهابية. في مؤتمره اذي عقده
في موسكو بالاشتراك مع المندوب العربي
والدولي الأخضر الإبراهيمي يوم 29/12،
أكد لافروف أن الرئيس الأسد لن يتنحى
مهما كانت الظروف، وأن الحل يكون
بالحوار (الحوار على طريقة أهل النظام)،
وشدد على أن السياسة الروسية غير قادرة
على تغيير رأي الرئيس الأسد. بالتالي فهي (حسب
لافروف) عاجزة عن التأثير في أي حل أو
مبادرة. ويشير الواقع إلى عدم دقة هذه
التصريحات، فمن يقدم السلاح والعتاد
والدعم ويستخدم الفيتو في مجلس الأمن،
ويمنع مجلس الأمن والشرعية الدولية من
اتخاذ قرارات تجبر النظام السوري على
تبني أي حل، من يقدم هذا كله، لا شك أن
لديه القدرة على التأثير في موقف
النظام، الذي يوقن يقيناً مطلقاً أنه
لن يستطيع الاستمرار من دون دعم
السياسة الروسية. ويرى المراقبون أن
السياسة الروسية لديها القدرة على
التأثير في الموقف السوري دون شك، ولكن
ليست لديها الرغبة. فوزير الخارجية
الروسي، يود أن يثبت أن سياسته تجاه
الأزمة السورية كانت صحيحة، ويريد أن
يجمّلها، إما بمواقف استعراضية أو
بألفاظ غير محددة المعالم، أو
بالتخويف من العنف أو من الحرب
الطائفية، أو بالخطر المزعوم على
الأقليات، مما لا يليق بوزير خارجية
دولة كبرى، من المفترض أن يعترف
بالخطأ، ويوجه نقداً ذاتياً لسياسته
وسياسة بلاده. عندما اتخذت قيادة
"الائتلاف السوري" موقفها، كانت
واثقة من عدم وجود موقف روسي جديد لدى
السياسة الروسية، فلا هي غيرت موقفها
من عسف النظام واستخدامه المفرط
للقوة، وقتل المدنيين، وتدمير البنية
التحتية، ولا هي قالت حول ماذا سوف
تحاور المعارضة السورية إن قبلت مثل
هذا الحوار. وكل ما فعله لافروف أنه
طالب بحوار: غير محدد الأهداف ولا
الأساليب ولا الثوابت، ولا يتضمن أي
شيء يقود لنتيجة. وفي ضوء ذلك كله، ليس
غريباً ولا مستهجناً أن ترفض المعارضة
السورية هذا الحوار، فهي ليست جاهلة
بالتأكيد، لكنها واثقة من عدم جدوى
محاورة السياسة الروسية، التي قد
تجرها خطوة خطوة إلى القبول بشروط
النظام. ================= سياسة التجويع
والحصار ومنع المواد الغذائية عن فئات
من الشعب السوري كانت منهجا متبعاً
لنظام الأسد في حربه على الشعب السوري
منذ بداية الثورة السورية السلمية أ.د. سامي سعيد
حبيب السبت 05/01/2013 المدينة الفظائع البشعة التي
يرتكبها النظام السوري و جيشه الطائفي
الأثيم ضد المدنيين العزل من أهل السنة
بالشام كثيرة و دموية و يشيب لهول
مشاهدها الولدان ، و لا يمكن أن
يتصورها ذو فطرة سليمة. صور البعض منها
مدعاة للاستغراب بادي الرأي حتى تتبين
الأسباب ليبطل العجب. فكيف يمكن مثلاً
تفسير استهداف المقاتلات النفاثة
روسية الصنع لطوابير المواطنين
المنتظمة أمام المخابز في العديد من
المدن ذات الأغلبية السنية وهم
ينتظمون في صفوف طويلة أمام المخابز
للحصول على ما يقيم الأود من الخبز ،
وكأن نظام المجرم بشار الأسد يخير
أولئك المدنيين العزل بين الموت
البطيء جوعاً أو مواجهة الموت السريع
بآلته العسكرية ، و المتتبع لتلك
الصورة و شبيهاتها من الجرائم ضد
البشرية يرى فيها سياسة ممنهجة لتجويع
الشعب السوري لتركيعه ليتنازل عن
ثورته ، لكن هيهات بعد أن قتل من
السوريين زهاء 40.000 شهيد حسب آخر
الإحصاءات. بل يتبين إن سياسة
التجويع والحصار ومنع المواد الغذائية
عن فئات من الشعب السوري كانت منهجا
متبعاً لنظام الأسد في حربه على الشعب
السوري منذ بداية الثورة السورية
السلمية منذ اندلاعها في درعا على مدى
قرابة السنتين الماضية ، و قد قامت
المنظمة العالمية لحقوق الإنسان برصد
و توثيق تلك السياسة في تقرير صدر لها
مؤخراً ، فعدد قتلى طوابير المخابز
أصبح حافلا بعشرات بل مئات القتلى كان
كل ذنبهم هو اصطفافهم أمام المخابز
التي تعودوا شراء الخبز منها في
احيائهم أو حيث ألقت به أحداث التشرد
في داخل سوريا ، فحرب «المخابز» تكررت
في غالبية المدن السورية كمثل الاتارب
و الرستن في حمص و إدلب و في طفس و في
درعا ، كما قامت قوات «الأمن»
بالاستيلاء على أفران الحميدية
والحاضر في حماه ، مما أدى إلى ندرة
وصول الطحين إلى المدن ، و بالطبع فإن
أسعار الخبز في ظل كل تلك المحاذير
الأمنية و قلة الدقيق و ارتفاع أسعار
الوقود المستخدم في أفران الخبز حتى
وصل سعر ربطة الخبز إلى زهاء 15 ريالا
سعوديا أو 3 ريالات للرغيف الواحد رغم
انقطاع الكثير من المواطنين عن العمل
بسبب الظروف الأمنية القاهرة. في
المقابل و في ظل هذا التجويع المتعمد و
غيره من الممارسات الظالمة في الحد من
وصول أنواع الأطعمة و الأغذية الى
الشعب السوري الأبي يأتي عدم تمكين
المزارعين من نقل المنتجات الزراعية
من خضار و فواكه إلى الأسواق ، ويقوم
الجيش الحر بأعمال تأمين وصول ما يتوفر
من الدقيق إلى المخابز و تشغيلها ليلاً
لكيلا لا تستهدفها طائرات النظام غير
المزودة بأجهزة الرؤية الليلية ، أو
إنشاء مخابز سرية. ما يسمى بالمجتمع
الدولي شريك للنظام في هذا الإجرام
الجاري من قتل و تجويع في حق أهلنا في
الشام ، لأنه أدرك أن سوريا ما بعد بشار
ستتحول إلى ما يشبه الدولة الإسلامية
الأمر الذي وصفته إسرائيل بأنها ستصبح
في وسط بحيرة إسلامية معادية ، و هو ( أي
المجتمع الدولي ) لا يزال يقود عن بعد
الثورات المضادة في ليبيا و تونس و مصر
فبادر في التبكير لإحباط ذلك المصير
سلفاً في سوريا. الواجب على كل الدول
العربية و المسلمة و شعوبها التدخل
الإنساني لدعم الشعب السوري في محنته
للحصول على الغذاء و الدواء و الماء
فالحدود السورية مع تركيا و الأردن
يمكن أن يستفاد منها في إيصال التبرعات
لأهلنا في سوريا ، هذا ناهيك عن ما يشبه
إجماع كل العسكريين على أن تلك الحرب
الجائرة يمكن تقصير مداها بتزويد
الجيش الحر بالصواريخ المحمولة على
الأكتاف المضادة للمدرعات و للطائرات. ================= 2013-01-05
12:00 AM الوطن
السعودية دفنُ قوات النظام
السوري لـ250 جثة لضباط وجنود في
القطيفة بمنطقة القلمون قرب العاصمة
دمشق بعد إعدامهم ـ بحسب الأخبار
الصادرة أمس عن المركز الإعلامي
للمجلس العسكري في دمشق وريفها ـ
انتهاكٌ واضح لاتفاقيات جنيف الأربع،
التي صدرت أولها عام 1864 وآخرها عام 1949،
حول حماية حقوق الإنسان الأساسية في
حالات الحروب. وقبلها، ومنذ بدء
الأحداث قبل حوالي عامين ينتهك النظام
السوري كل يوم اتفاقيات جنيف المشار
إليها، يؤكد ذلك حديث مسؤول الطوارئ في
منظمة العفو الدولية كريستوف كويتل
الأخير في تعليقه على مقطع فيديو يظهر
قتل قوات النظام السوري لشخصين بعد
تعذيبهما، بأن ما شاهده جريمة حرب
واضحة، وممارسات لا تتوافق مع اتفاقية
جنيف بشأن الأسرى. وقوله: إن "المادة
الثالثة من اتفاقيات جنيف تمنع
التعذيب أو القتل تجاه الأسرى، وهذا
ينطبق على المجموعات المسلحة والقوات
الحكومية السورية". وطلبه تقديم
وثائق جرائم النظام السوري إلى
المحكمة الجنائية الدولية. في زمن مقارب، وبعد
زيارته الأخيرة إلى روسيا عاد مبعوث
الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي
لينادي بتطبيق خطة ترتكز على إعلان
جنيف الذي تتبناه روسيا برغم
الاعتراضات الدولية عليه لعدم تضمنه
تنحي بشار الأسد عن الرئاسة، ويبدو أن
الإصرار الروسي على إعلان جنيف جعل
الإبراهيمي يعتقد أنه المخرج الوحيد
للأزمة، بناء على ظنه بأن الحلول كلها
متعطلة إن لم تنفذ الشروط الروسية. ما بين حالتي التفكير
بمعاقبة منتهكي اتفاقيات جنيف،
والتفكير في تطبيق إعلان جنيف، هناك
شعب يتعرض لعملية إبادة يومية من نظامه
الحاكم، وإلى أن ينتهي التفكير سيستمر
عدد الضحايا بالتصاعد، لذلك على
المجتمع الدولي أن يتحرك، وعلى القوى
الكبرى أن تدعم بالقوة تنفيذ الخطة
التي دعت إليها جامعة الدول العربية،
وحملتها إلى الأمم المتحدة، لكنها
أُجهضت بسبب التعنت الروسي. فخطة
الجامعة العربية لم تنبع من فراغ،
وإنما بنيت أولا وآخرا على مصلحة الشعب
السوري، بينما خطة الإبراهيمي الأخيرة
الداعية لتطبيق إعلان جنيف، ووقف
إطلاق النار، وتشكيل حكومة، وتنظيم
انتخابات، لن تتعدى كونها تضييعا
للوقت بحسب المؤشرات على أرض الواقع. ================= المالكي..
والأسد.. وبينهما إيران!! يوسف
الكويليت الرياض 5-1-2013
وجه التشابه بين حاكم دمشق وبغداد،
أن الأول جاء نتيجة انقلاب والده
العسكري وسيطرته على الدولة تحت عنوان
حزب البعث العربي الاشتراكي، بينما
الحقيقة أن المخطط نشأ بأن تُحكم سوريا
بواسطة أقلية طائفية تمددت بالهيمنة
على الجيش والأمن واحتكار مصادر
الدخل، وتسييس الإعلام، وهي مراكز
القوة في السيطرة على بلد عاش فراغاً
سياسياً وحروباً عبثية وتدخلات في
شؤون بلدان مثل لبنان والأردن، وحتى
العراق زمن صدام وأثناء الاحتلال
الأمريكي، وعقد صفقات ومؤامرات ظلت
جزءاً من عقيدة النظام وأسلوب إدارته
القمعية.. المالكي نصبه
الأمريكان وتسامحوا مع طروحاته
الطائفية، فقد تم حل الجيش ليكون
البديل المليشيات الشيعية والتي
اعتمدت مبدأ الذبح على الهوية باسم
محاربة البعثيين والصداميين حتى من
أبناء الشيعة الرافضين الطائفية
وتجزئة الوطن وبناؤه على أسس
ديموقراطية بلا فروق عشائرية أو
طائفية، وفي ظل هذا النظام تعددت
الولاءات، واختل الأمن حتى أن ما قتل
وشرد في حكم المالكي فاق حروب صدام،
وما فعله الأمريكان، حتى أن العراق
الكيان والشعب والدولة صار مجرد بلد
ملحق بإيران ليفقد المواطن هويته
ويصبح فرعاً لأصل فارسي، وباسم النظام
الشكلي للديموقراطية، صار مصدر
السلطات رئيس الجمهورية، غيب
البرلمان، ولم يعد للمحاكم إلا دور
شكلي قراراتها وشرائعها في العقاب
والثواب تخضع لديوان رئاسة الجمهورية،
فصار الاتهام لأي ناقد للسلطة إما
إرهابياً، أو من فلول النظام السابق،
وصارت المناصب توزع على قاعدة الولاء
للنظام وليس للوطن حتى أن السجون التي
غصت بالنساء ومُورس معهن الإهانة
والاغتصاب وبدون محاكمات، هي التي
فجرت اعتصامات ومظاهرات الأبناء
وغيرها ليظهر للعالم أن الحكم دستوري
بالشكل ودكتاتوري بالواقع.. الغريب أن بشار الأسد
لم يكن على وفاق مع نظام بغداد، فقد آوى
القيادات البعثية وسمح لتجنيد
الإرهابيين وإرسالهم للزرقاوي الذي
شكل نظام القاعدة في العراق بتشجيع
ودعم من الأسد، وعدم معارضة إيران التي
ظلت ترى بعدم استقرار الأمن فيه يخدم
مصالحها، غير أن البوصلة، وبعد الثورة
السورية على نظامه، بدأت تتجه للتحالف
وبرعاية ودعم من إيران التي شكل هاجس
زوال الأسد سقوط مفهوم هلالها الشيعي،
بل نهاية مخططات صورة الدولة الفارسية
الكبرى، وعودة أحلام الامبراطورية
التي ستشكل نواتها العراق وسوريا، ومن
ثم لبنان، وكان رأس وثقل هذا التحالف
الأسد لأن موقع سوريا الاستراتيجي
سيكون المحرك لهذا التحالف، لكن الشعب
السوري بدد هذا المخطط ونسف الحلم
المرتكز على تحالف الطوائف، ولعل شعور
المالكي بالخطر لا يقل عن مخاوف إيران
من نشوء نظام يعاديها وقد يقلب الطاولة
على العراق وحزب الله معاً.. ================= من كـان
يتخـيَّل أنـنا سنبـقى وحلب ستـموت؟ امل هنانو السفير 5-1-2013 المدن كالأحلام
مصنوعة من الرغبات والمخاوف، حتى لو
كان خطابها سرياً، وقواعدها حمقاء،
وطموحاتها ملتوية، وكل شيء فيها يخبئ
وراءه شيئاً آخر. في كتابه «مدن غير
مرئية»، يقدّم الكاتب الإيطالي
كالفينو قصة بطله المغامر ماركو بولو
الذي كان يروي لإمبراطوره قوبلاي خان،
حكايات عن مدن وإمبراطوريات شاسعة
باتت خراباً. ليكتشف الإمبراطور، مع
الوقت، أن مدن ماركو ليست سوى مدينة
واحدة، مدينة متخيّلة، تفنّن المغامر
في وصفها. قد وصفها كل مرة من زاوية
مختلفة، حملت معها نظرة مغايرة للسابق
ليبدو الأمر وكأن المقصود مدينة أخرى. كل مدينة معلّقة بين
الواقع والخيال، مرتكزة على منظومة
قواعد غبيّة، تذكر القارئ أن المدينة
يمكن فهمها فقط عبر لقطات مجتزأة، كل
لقطة منها ترصد شيئاً أو قصة أو ذاكرة. على امتداد عقد
بأكمله، قرأت، مراراً وتكراراً، رواية
«مدن غير مرئية». قبل الثورة السورية،
كانت أشعار ماركو مرتبطة بالجانب
المتخيّل في الذهن، لكنني هذه المرة،
عندما لجأت مؤخراً إلى الكتاب، بحثاً
عن اقتباس معيّن، بدأت بقراءته بطريقة
مغايرة... على وقع مشاهد الموت اليومية
التي تحملها المدن السورية، الحقيقية
للغاية. للمرة الأولى، شعرت
بكلمات كالفينو منفصلة عن الخيال، بعد
أن ارتبطت المدن السورية بخطوط المدن
غير المرئية. وهكذا أنصت، مع قوبلاي
خان، إلى روايات ماركو لأفهم كيف تصبح
المدن الحقيقية غير مرئية. في الواقع، باتت
مشاهدة الموت في سوريا من الماضي. حان
وقت التعلّم. الموت فجائي، هو أقصر من
تسجيل مصوّر يُبثّ على «يوتيوب». الموت
رجل ملفوف بكفن أبيض، تحيط برأسه شرائط
بيضاء، وتحشو أنفه رقائق قطن بيضاء.
الموت هو كاميرا تحوم فوق أجساد أطفال
مكدسة فوق بعضها البعض، في خطوط طويلة
لا تنتهي. موت السوريين المكدسين بهذه
السرعة الخارقة بات عصياً على الفهم،
في ظلّ 40 ألف جثة على الأقل فقدت خلال
سنتين. لكن موت المدينة أمر
مختلف. هو موت بطيء، موت كل حارة مؤرشف
قنبلة وراء قنبلة، حائطاً إثر حائط،
وحجراً فوق حجر. أن تكون شاهداً على موت
مدينة أمر يفوق القدرة على الاحتمال.
وبعكس أخبار الموت البشري، التي تأتي
متأخرة جداً ودائماً بعد وقوع الحدث،
موت المدينة يبدو كواقع يمكن منعه، كما
لو بالإمكان إنقاذ المدينة من براثن
الدمار. ولكن ذلك يكون محض أوهام: المدن
المتحركة لا يمكن إنقاذها. وهكذا
تراقب، بعجز تام، كيف تتحول المدن إلى
ركام. هذا الركام يُقدّم
لنا عادة في قالب شاعري رومانسي.
وكسياح يزورون مدناً بعيدة، الكاميرا
تتدلى من رقبتهم والدليل السياحي بين
أيديهم، ننشد الجمال في الغبار الذي
يحوم فوق حضارة ميتة. نحاول استحضار ما
كانت عليه من قبل، قبل أن تتفتت
الامبراطوريات وتتحول الأشياء الحية
إلى خردة بالية. هذا النوع من
الرومانسية لا يحتمل رفاهيته سوى من
كان بعيدا في الزمان وفي الجغرافيا. في
فترة الحرب، الركام في طور التشكل لا
يكون جميلاً. لا يشبه الوضعية التخيلية
للتأملات الفلسفية لجنون الرجال.
عندما تكون شاهداً حياً عليه، عندما
يكون حقيقياً، وعندما يحصل لمدينتك،
يصبح وقعه مختلفاً تماماً. من اللحظات المحبطة
التي تكتشف فيها أن تلك الإمبراطورية،
التي خُيّل لنا أنها مجموعة من
العجائب، قد تحولت إلى خربة. حلب... مكان لا شبيه له أن تكون من حلب يعني
أنك آت من مكان لا شبيه له في مختلف
أنحاء العالم. هنا، نحن نمشي على
التاريخ العميق، قد لا نكون فهمناه،
لكننا تعلمنا ببساطة أن نسمي هذا
المكان، الأقدم من أي مكان آخر، المنزل.
كبرنا هنا ونحن ندرك أننا الطبقة
الأرفع من الغبار التي تغطي الطبقة
الجيولوجية الأضخم للممالك
والإمبراطوريات والأجيال، التي عاشت
بين جدران منزلنا. علمنا من دون شك، في
وقت مبكر، أننا لسنا سوى ومضة من عين
مدينتنا. أن تكون من حلب يعني
أنك كنت واقعاً في أزمة: كنت تظن ألا
شيء هنا سيتغيّر. وبالنسبة إلى بعض
الناس، يصبح العيش في مدينة لا تتغيّر
أبداً أمراً شاقاًً. رتابة المدينة
وعدم قدرتك على ترك بصمة فيها يدفعك
إلى مغادرة حلب، باحثاً عن التغيير.
وبعد مغادرتك، وأينما كنت تدرك جيّداً
أن حلب هناك، تنتظرك كما تركتها بالضبط.
في المقابل، تكون أنت من يعود كل مرة
بطريقة مختلفة، شهادة جامعية، زوجة،
أم، في كل مرة بفخر أكبر حاملاً أفكارك
الجديدة وهويتك لمدينة تنتظرك بصبر. حلب هي إحدى مدن
كالفينو، مدينة المآذن حيث «القمر
ينام اليوم على واحدة، وفي اليوم
التالي على أخرى». إنها مدينة الكنائس
والمعابد والتذكارات وقبور الصالحين.
إنها المدينة حيث تختلط التوابل
الأرمنية مع الاذواق التركية. إنها
مدينة حيث اللغة العربية والكردية
والأرمنية تتماشى سوية، مع بعض
العبارات الفرنسية المتناثرة هنا
وهناك. إنها مدينة التجارة والصناعة،
حيث الرجال يتفانون في التفاوض
والمساومة في الأسواق ذاتها التي
ورثوها عن آبائهم. إنها مدينة حيث
النساء يمشين بكعوب عالية وسراويل
ضيقة إلى جانب نساء بمعاطف سوداء طويلة
وأغطية رأس بيضاء. والكل يعلم جيداً
أنه ينتمي للمكان ذاته: حلب. قبل فترة، قال لي
أحدهم وهو ليس حلبياً: «عندما تسافرين
إلى حلب، لا تستطيعين رؤيتها إلا عندما
تصلين إليها». لم ألحظ ذلك من قبل. ربما
لأنني كنت دائماً في الداخل، لم أبحث
يوماً عنها عندما كنت أعود إليها. لم
أشك بأنها ستكون هناك دائماً، بالضبط
كما تركتها، لم تُمسّ ولم تتغيّر.
ولكنه كان على حق، حلب كانت مدينة
باطنيّة، ترى العالم منعكساً في ذاته.
ولأننا عشنا فيها لأجيال، أصبحنا على
شاكلتها. أما قلعة حلب فتنتصب
على تلة بيضاوية في وسط المدينة. إلى
هناك تصطحب كل زائر يطأ المدينة. تقوده
تحت أشعة الشمس الحارقة، وتعده دائماً
بأن الهواء من الداخل سيكون أكثر
انتعاشاً. وهو كذلك. من فوق، تفتح
ذراعيك للمنظر المهيب، حيث مدينة
الحجارة والمآذن تنتصب أمام أعين
الضيف، كما السحر. وهي اللحظة التي
تنتظرها لتلتفت نحوه وتقول بكل ثقة
وفخر: «أنا من هنا. إنها مدينتي». اليوم، لم تعد القلعة
مدعاة للفخر أمام الضيوف، ولا موقعاً
محمياً من «الأونسكو». لقد استعادت
دورها الطبيعي، في المعارك المحتدمة
بين أبناء سوريا. أرض المآذن مقطوعة
الرأس باتت حلب أرض المآذن
العارية والفتيات الصغيرات المقطوعات
الرأس. في كل تسجيل مصور يبدو أن هناك
حلقة مفقودة، شيئا محطما، شيئا لا يمكن
إصلاحه. تدرك كنه الأشياء عندما
تتحطّم، الصداقات، الحب، الشعوب، وحتى
المدن. تعلمت من مشاهدة الثورة أن
الأشياء عندما تكون محطمة تشغل مساحة
أكبر. اليوم تحولت سوريا إلى أزمة
إقليمية تتصدّر صفحات الصحف
والمناقشات السياسية الدولية،
والمنتديات الإعلامية التي تعجّ
بملايين الكلمات والصور. أمام الدمار تدرك،
ولو بعد فوات الأوان، مدى هشاشة كل شيء:
العظام، الحجارة، الجدران، المباني،
المدن. عملية إدراك الدمار والتغيير
الذي يرافقه تأتي على دفعات، حينها
ينبغي عليك إدراك أن أماكن طفولتك
القديمة قد اندثرت إلى الأبد. المساحات
السوداء من المدن تلتقي آنذاك مع
المساحات السوداء في داخلك. يقول صديق طفولة
متحسراً: «عندما كنا نزور المدينة
القديمة في حلب لم نكن نلتقط الصور. من
كان ليفكر بالتقاط صور في حلب؟». وهذا
صحيح، صوري هناك كانت كلها برفقة زوار.
وقد ازدادوا مع الوقت، عندما تحولت
زائرة بدوري. من كان ليتخيّل اننا
سنبقى وهي التي ستحترق؟ منذ بداية الثورة
انقسم سكان حلب، على عكس المدن الأخرى
مثل درعا وحمص وحماه. الحلبيون لم
ينضموا إلى الثورة عن طيب خاطر. يشبه
أهالي حلب الكثير من سكان مدن كالفينو
المصابين بفقدان للذاكرة. نسوا أن
الصمت والخوف لم يعودا عملة رائجة في
سوق ما بعد الثورة السورية. نسمع شائعات مفادها
أن آثارنا تترك سوريا لتعيش في منازل
أخرى، حيث الناس يخبرون أطفالهم
حكايات عن مكان كان موجوداً، قبل أن
يصبح غير مرئي. قبل أن يموت. حلب، كما مدن
كالفينو، امرأة. اسمها الكامل حلب
الشهباء، على اسم حليب بقرة النبي
ابراهيم، رمادية اللون. وليس مفاجئاً
أن اسم حلب يحمل في طياته الاثنين،
المقدس والدنيوي. إنها مدينة الحليب
والرخام، لا شيء يروي روح حلب أكثر من
حجارتها ومطابخها. اليوم، تحولت حلب
إلى مدينة للرماد والدم. تحولت مدينة
الحليب إلى اللون الرمادي والأسود. أما
الأبيض فقد اختفى، ما عدا الظاهر من
خطوط الدموع المالحة على وجوهنا
الرمادية. خلال الحرب نتعلم أن
ننظر إلى مدننا على أجزاء، كل جزء يكشف
شيئاً مستوراً من أنفسنا لم نكن نعرفه.
كل يوم نُدفع إلى مواجهة تلك الأجزاء
المظلمة في دواخلنا التي اعتقدنا
بسذاجة انها موجودة فقط لدى أناس آخرين.
الآخرون فقط يقتلون بعضهم البعض،
والآخرون فقط يضربون بالقنابل الأناس
الأبرياء، الآخرون فقط من يغتصبون
ويعذبون الأطفال. هذه الممارسات،
اعتقدنا أنها لا تمثلنا. لم نكن يوماً،
ما نحن عليه اليوم. يسألني أصدقائي غير
السوريين السؤال الأكثر إيلاماً: «لماذا
يقتل بعضكم بعضاً؟»، عادة أسهب في
الشرح، أستخدم يدي في التوضيح، لكنني
أتفادى النظر في العينين مباشرة، أقدم
براهين تاريخية ومنطقية عن الاستبداد
والقمع والثورة والحرية. ولكنني لا
أقول لهم، بعيداً عن اللطف، أو الرحمة،
لأن ما أصبحنا عليه خلال الأشهر
الماضية بات يرعبني. لا تظنوا، ولو
لثانية واحدة، أن مدنكم آمنة مما يحصل
في بلدي ومع أصدقائي. ولا أي واحد منكم. بلدنا مريض ونحن مثله
مرضى بلدنا مريض، ونحن
مرضى به. والدتي تقول لي إنها تشعر أنها
غريبة في بلدان أناس آخرين، كما أولئك
الغرباء المتواجدون في منزلنا. والدي
يحتفظ بمفتاح المنزل في جيبه، يظن انه
سيعود، لكن العودة باتت الآن أشبه
بالحلم المستحيل. كان مقدّراً لنا أن
نحيا ونموت في حلب التي لا تتغيّر،
تماماَ كما فعل أجدادنا قبلنا، ولكن
بدلاً من ذلك كسرنا قوانين الطبيعة. لا أحد يعرف أفضل منك
أنه من غير الممكن الخلط بين المدينة
والكلمات التي تستخدم لوصفها. ومع ذلك
يبقى هناك نوع من الاتصال بين الطرفين.
في مرحلة معينة كسرت الثقة بين ماركو
بولو وقوبلاي خان. فالراوي والمستمع
كانا قي عالمين مختلفين. قوبلاي خان
كان يشك في أن ما يرويه ماركو مجرّد
خيالات. فهل تلك المدن وجدت حقاَ، كان
يسأل، أو انها من خيال الراوي؟ المدن حقيقية
ومتخيّلة في آن. في حالات السلم، تكون
هي بمثابة الحاضنة، تستوعب أناك،
تنتظر أن تسترعي الانتباه عندما
يزورها أحد، بينما نطرق بكعوبنا
العالية على إسفلتها من دون تقدير.
يحلم أبناؤها دائماً بمكان خارج هذا
المكان حيث إمكانية الهرب من الماضي
والتحول إلى شخص آخر تبدو أسهل. لا يخطر
في بالهم يوماً أن المدينة هي من ستصبح
في خطر، غير آمنة وضعيفة، لا يفكرون
ولو للحظة أنه في يوم ما ستكون
مدينتهم، وليس هم، من يحتاج للإنقاذ.
في الحرب، تصبح المدينة ثمينة، كل حجر
فيها يرسخ في الذاكرة. تطاردك روائح
المدن ونكهاتها وأماكنها. تتمسك بكل
ذكرى لكل مكان زرته في المدينة وتتذكر
ما كان عليه. من قبل. تتكلم سريعاً وأنت
تصف المنازل والأسلاف، تتحدث عن
جيرانك القدامى وعن أجدادك وتقدمهم في
أبهى صورة لا كما هم عليه اليوم...
ويسألك أبناؤك، لان الأبناء يفعلونها
دائماً، هل وُجدت حقاً؟ أم هي من بنات
أفكارك؟ يسقط في يدك ولا تدري ما تقول،
إنها الاثنين: الخيال والحقيقة. هي في
لحظة حقيقية وفي لحظة أخرى متخيّلة،
حتى لو كنت تحمل الصورة بين يديك
والذكريات في رأسك. وهكذا بكلماتي،
المنطوقة وغير المنطوقة، جعلت مدينتي
في نهاية المطاف... غير مرئية. عن «فورين بوليسي» ترجمة: هيفاء زعيتر ================= «أخبرتكـم
أن الـدم سيصل إلـى الركـب فـي
سـوريـا» ميشيل كيلو السفير 5-1-2013 كما كنت اتوقع، أتت
ردود كثيرة جداً على مقالتي في «السفير»،
التي قلت فيها: ان البديل الإسلامي لن
يكون ديموقراطيا. الغريب ان أيا منها
لم يتضمن كلمة واحدة عن السؤالين
اللذين طرحتهما وهما: في الوضع الراهن،
وفي ظل الانزياح الذي احدثته سياسات
بعض الإسلاميين عبر ما سمي «المجلس
الوطني السوري»، هل كل قائل بسقوط او
إسقاط بشار الأسد ثوري وديموقراطي؟
وهل يجب ان نضع يدنا في يده لمجرد انه
عدو عدونا؟ كما لم يرد أحد أيضاً على
تخوفي من ان يكون سقوط النظام مجرد
مرحلة في الأزمة السورية، التي خشيت
منذ أكثر من عام ونصف من ان تأخذنا إلى
حال من الفوضى تجعل سوريا غير قابلة
للحكم لفترة طويلة. وقلت منذ ذلك
التاريخ مرات متعددة: إذا كان الخليج
وإسرائيل لا يريدان الديموقراطية،
وكان قسم من الخليج يخاف الحكم
الإخواني، بينما يحبذه قسم آخر، اغرقه
بالمال السياسي والسلاح وقلة العقل،
هل سيسمح هؤلاء بإقامة ما يرفضونه؟
أليس من الأفضل لهم شطب سوريا من خريطة
المنطقة وعلاقات القوى فيها ومنعها من
استعادة وضعها الطبيعي، خاصة ان جاء كل
ذلك على يد نظام ديموقراطي يهدد وجودهم
ووجود إسرائيل، ويمكن ان يعيد طرح جميع
المسائل الكبرى والخطيرة، التي سبق ان
طرحتها ثورة قومية فعلوا المستحيل كي
يقضوا عليها ونجحوا؟ جاء الرد من جهات
مختلفة، اشدها سخفا وتفاهة تلك الجهة
التي لم تعلن عن نفسها، وزعمت انني
أدنت ما يقوم به الجيش الحر، وقلت انه
يدفع البلاد نحو الحرب الأهلية. هذه
الجهة استعادت من ارشيفها كلاما مشوها
نسب إلي بعد قرارات مجلس وزراء
الخارجية العرب بتسليح وتمويل
المقاومة ردا على الفيتو الروسي
الثاني في مجلس الأمن، وكذبته بكل وضوح
في حينه، لكنه زور من جديد ما كنت قد
قلته حول ان الجيش الحر لا يريد حربا
غير متكافئة مع النظام، بسبب تفاوت
الأعداد بين الجيش النظامي وبينه،
وانه سيستعين بمئات آلاف المدافعين عن
أنفسهم وأسرهم وممتلكاتهم، وانني
سأفعل شخصيا كل ما هو ضروري كي لا يهزم،
لان ذلك لن يعني فقط هزيمة المعارضة،
التي صار قوتها الرئيسة على الأرض،
وانما كذلك كارثة ستحل بأقسام كبيرة من
الشعب السوري. واكدت في النهاية ان
مصير الوطن والشعب والحرية يرتبط
بمقاومة وانتصار الشعب والجيش الحر،
مهما كانت ملاحظاتنا عليهما. تحاول هذه
الجهة تحريض الجيش الحر ضدي، كأن معظمه
يحترمها او لا يشاطرني الرأي حولها.
والغريب انها تقدم نفسها للناس كجهة
مؤمنة وتحتكر التحدث باسم الدين،
لكنها تكذب على الطالعة والنازلة،
وكنت قد ذكرتها في مقالتي عندما تحدثت
عن «جهات إسلامية تحترف الكذب وتقتلها
الرغبة في السلطة» (كان يجب ان اقول
التسلط). لا ديموقراطية
وإسلامية معا وقد رد عليّ صديق
قديم من حلب انتقد موقفي المناوئ
للإسلام والثقافة العربية/ الإسلامية،
وذكرني بأنني كنت دوما أحد رموزها
والرجل الذي احترمه الإسلاميون. هذا
الصديق، حدثني أيضاً عن زيارة قام بها
مع لفيف من انصاره إلى بيتي في دمشق
العام 2009، بعد خروجي من السجن، حيث
هنأني بالسلامة ولامني لأنني رفضت
عرضا قدمه لي بشأن تشكيل خلية أزمة
لإدارة الصراع ضد النظام. كما أشاد
بتقديري للأمور، وقال انني اخبرته ومن
معه ان الدم سيصل إلى الركب عند قيام
الثورة في سوريا، وان ما حدث في تونس
ومصر لن يتكرر عندنا. وقد رددت عبر
البريد الالكتروني على هذا الصديق،
وأكدت له ان المساواة التي يقيمها بين
الإسلام والثقافة العربية الإسلامية
وبين ما يقوله هو وبقية اتباع الإسلام
السياسي يؤكد مخاوفي من ان لا تصير
سوريا ديموقراطية في ظل البديل
الإسلامي، وذكرته بالفارق الكبير بين
الدين وقراءاته السياسية، خاصة عندما
تكون عصبوية ومؤدلجة وموجهة ضد
الآخرين، ولفتت نظره إلى انني اركز في
مقالتي على نفي صفة الثورية عن
المطالبين بسقوط بشار الأسد، ان كانوا
سيعيدون انتاج الاستبداد في صيغ
جديدة، موسعة وذات طابع مقدس، وانني
لست مستعدا اليوم للدخول في تنظيم
فضفاض يسيطرون عليه كالائتلاف الوطني
السوري، فلا يعقل ان اقبل بتشكيل خلية
أزمة معهم، كما لم يكن معقولا ان اقبل
مشروعه لاسباب كثيرة، بينها ان رأيه
يختلف عن رأيي في قضايا جوهرية، رغم
اننا ننتمي كلانا إلى معارضة لم تتفق
على شيء إلا وَقَوَّضَهُ «الإخوانيون»،
منذ بدأ رقصهم الحائر حول دور، وتركوا
ولم يتركوا اعلان دمشق كي ينضموا ولا
ينضموا إلى الأستاذ خدام، قبل ان
يغيروا رأيهم بالنظام ويكتشفوا بعد
حرب غزة انه وطني ومقاوم ويعرضوا عليه
شراكة استراتيجية كان من شأنها ان
تضعهم اليوم في صفوف شبيحته، لو انه
قبل آنذاك بها. اقول اليوم انني لست
مستعدا للاتفاق مع كل من يزعم انه يريد
اسقاط نظام الأسد، فتقول أنت لي انني
رفضت الانخراط في خلية أزمة عام 2009،
كان سيترتب على قيامها وضع مواقفي تحت
رحمة أشخاص لا اعرف كثيرين منهم او لا
اثق بقدرتهم على فهم ما يجري،
لانطلاقهم من مواقف مؤدلجة لا صلة لها
مع الواقع، تجعلهم غريبين عن
العقلانية السياسية المطلوبة لسوريا
في تلك الفترة. أقبل أن يعلمني
الآخرون كما تصدى لمقالتي
مناضل قديم سجن سنوات طويلة عندما كان
عضوا في «حزب العمل الشيوعي»، أراد
تصحيح كلامي وتصويبه، وذكر انه كان من
الأفضل لو انني قلت: «البديل
الديموقراطي لن يكون إسلاميا»، بدل
القول «البديل الإسلامي لن يكون
ديموقراطيا». أما السبب الذي دفعه إلى
انتقادي على هذه الغلطة، فهو عدم وجود
بديل إسلامي، والبرهان على ذلك
جَلِيٌّ في ما قالته مقالتي حول خطورة
اختلاف تيارات الإسلام السياسي،
المسلحة منها وغير المسلحة، على
البديل الإسلامي، فهذا الاختلاف يعني
إقراري الضمني بعدم وجود بديل إسلامي.
الحقيقة انني لم افهم ما يريده الأخ
العزيز، ولا شك عندي في انه يعرف تمام
المعرفة بوجود اختلافات وتيارات حول
الديموقراطية، ومع ذلك فإنه ينصحني
باستخدام كلمة البديل الديموقراطي.
كما يعلم انني كنت أتحدث عن البديل
الديموقراطي وعلاقته بالإسلام، وإلا
لاختلف كلامي اختلافا كبيراً عن ما
قلته في مقالتي. أخيراً، للأخ الكريم
ان يؤمن بما يشاء، وان يكتب مقالة
تنتقد وجهات نظري بالطريقة التي
يريدها، لكنه لا جدوى من وضع نفسه
مكاني لتصحيح ما اعوج من كلماتي
وأفكاري. أنا اقبل ان يعلمني الآخرون،
لكن التعليم شيء والتعالم شيء آخر،
خاصة إن كانت حججهم على هذا القدر من
الضعف، إن كان لديهم حجج أصلا في
النهاية. قابلت شبانا إسلاميين في ندوة
«المركز العربي للأبحاث ودراسة
السياسات» في الدوحة، اتفقوا معي في
معظم ما قلته، لكنهم أخذوا عليّ
التعميم فيه، ووضع جميع الإسلاميين في
سلة واحدة. كما انتقدوا قولي إن
السيدات الثلاث اللواتي عينهن المجلس
الوطني فيه آتيات من العصر الحجري.
خلال الحوار معهم، وكان ودياً جداً
وصريحاً، قلت: انني تحدثت عن «جهات
إسلامية» حصرتها في «تلك التي تتقن
الكذب وتتهافت على السلطة»، ولم أعمم،
فنفوا ان تكون المقالة قد قصدت هؤلاء،
لكن حسن الحظ ساق إلينا رجلا يحفظ النص
على «آي باده»، عندئذ، انتقلنا إلى «العصر
الحجري»، فقلت شارحا موقفي: انتم
تعلمون ان «المجلس الوطني» لم ينتخب في
دورته الأخيرة أي امرأة، وانني كنت من
الذين انتقدوا ذلك ولفتوا الأنظار إلى
تضحيات المرأة السورية التي تفوق أي
وصف، وان من عينوا السيدات الثلاث
بقرار لاحق لم يفكروا بالمرأة بل بنمط
معين منها يتكون من نسائهم او من
اللواتي ينتمين مثلهم إلى العصر
الحجري، والدليل اختيارهم سيدات
منقبات لأنهن منقبات، أي لان عقولهن
مليئة بما يخدم نظرات هؤلاء
ومعاييرهم، وليس لانها مليئة بما يخدم
المرأة السورية، خاصة المسلمة منها،
التي تَنَقَّبَ وتَحَجَّبَ قسمٌ منها،
ولم يفعل ذلك قسم آخر نجده مثلا بين
القرويات اللواتي يعانين الامرين من
بطش النظام، وصرن يظهرن بكثافة على
التلفاز ويتحدثن بجرأة ودقة عن الواقع
السوري، بما في ذلك السياسي منه، لكن
من عَيَّنَهُنَّ ممثلاتٍ للمرأة لا
يرى ضرورة لان يتمثلن في مجلسهم الذي
يريدونه وطنيا، وجاؤونا بسيدات يعبرن
عن عقلهم الباقي في العصر الحجري. لم يقتنع قسم من
الشباب بهذا الكلام، ولفتوا نظري إلى
الاستغلال التحريضي الذي يمارس ضدي
بسبب هذا الوصف، الذي يعممونه ويزعمون
ان ما قصدته به هو الإسلام وثقافته. قلت
ان هؤلاء لا يردون على كتاباتي بغير
التزوير، الذي ذكرت نمطا منه في مقدمة
هذا النص، والتحريض بزعم انني لست
خصمهم بل عدو الإسلام والثقافة
الإسلامية. هل أنا حقا ضد
الإسلام وثقافته؟ اعتقد انه سيكون من
الصعب على خصومي اثبات حرف واحد مما
يزعمونه، ليس فقط لانني لعبت دوراً
مفتاحيا في عودة «الاخوان المسلمين»
إلى السياسة السورية بدءاً من العام 2001،
بل كذلك لانني اعتبر سيدي ومولاي محمد
بن عبد الله جدي وأرى في نفسي واحداً من
أحفاده. اما النسوة اللواتي قلت إنهن
من العصر الحجري، فأنا لا اعتبرهن
ممثلات للمرأة السورية، حتى ان كن من
العصر التكنوتروني، فإن اثبتت اعمالهن
ومواقفهن انني كنت مخطئا، تقدمت منهن
باعتذار علني وامتلأت نفسي بالاعتزاز
بهن وبدورهن، سواء كن منقبات أم سافرات.
ولعلم من لا يعلمون: أنا من الذين
يؤمنون ان المرأة يجب ان تحدد مواقفها
انطلاقا من العقل الذي في رأسها، وانها
تغلط كثيرا بحق نفسها وبنات جنسها ان
سمحت لأحد بإقناعها او إجبارها على
تحديده بدلالة ما تضعه على وجهها!. ================= مسعود يونس السفير 5-1-2013 سيادة نائب الرئيس قرأت في جريدة
الأخبار اللبنانية حديثاً لكم تقولون
فيه، ما معناه، أنه لا منتصر في الحرب
الدائرة في سورية بينما الخاسر هي
سورية، وتدعون إلى تفاهم لحقن دم
السوريين، وأن الحل الأمني ليس الحل
المناسب للمسألة السورية لا من طرف
السلطة ولا من طرف المعارضة. كما أنكم
تنفون ما أشيع من كلام عن اهتزاز
موقعكم في فريق السلطة. إنه كلام جديد، كما
أراه ويكتسب أهمية، من حيث ان الحل
الأمني كان الحل المعتمد من قبل النظام
منذ بدأت حركة الاحتجاج في سورية، وهو
كلام نرغب أن نسمعه نحن الذين عانينا
من ويلات الحروب ومآسيها. كفى سورية
دماء وخراباً. كفى وكفى وكفى واسمحوا
لي يا سيادة نائب الرئيس ان أكون
صريحاً معكم من موقع مَن خبر الحروب
ومتاهاتها، وأن أتمنى أن يكون هذا
الكلام ناتجاً عن تحوّل في نظر السلطة
إلى الصراع وليس بمثابة تصريح إعلامي
عابر. والفيصل في معرفة ما إذا كان يعبر
عن محطة تحوّل في سياسات النظام يرجع
إلى الأفعال لا الأقوال، كما بلا شك
توافقون معي. الفيصل بين الكلام
الإعلاني وكلام القرار. فهل لنا أن نرى
مثلاً تعبيراً عن كلام القرار إطلاق
سجناء الرأي في سورية؟ لي صديق يا سيدي
نائب الرئيس ـ ولا شك في أنكم تعرفون
معنى الصداقة ـ صديقي عمر عزيز هو واحد
من المثقفين السوريين الحداثيين
الأكثر علماً وتفوقاً في سورية، وهو
اقتصادي من أهم خبراء منطقتنا في مجاله
ويضاهي مستوى أفضل الاقتصاديين في
الغرب. عمر عزيز وأمثاله هم المؤهلون
لبناء سورية الغد. بعد ظهر نهار
العشرين من تشرين الثاني داهم منزله
عناصر فرع المخابرات الجوية واقتادوه
إلى جهة مجهولة ومنذ ذلك التاريخ لا
تعرف عائلته عنه شيئاً. سمعنا تكراراً أن
سيادة الرئيس يصدر عفواً عن المقاتلين
الذين لم تلطخ أيديهم بالدماء. عمر
عزيز ليس له علاقة بالسلاح ولا شأن له
بهذا الموضوع طوال حياته لا من قريب
ولا من بعيد. عمره 64 عاماً ويعاني من
مرض ضغط الشرايين. له ثلاثة أولاد
تفانى في تربيتهم وتحصيلهم الجامعي.
وهو سليل عائلة عريقة من المتنورين
الذين شاركوا في الثورة السورية
الكبرى وحملوا لواء التنوير منذ
بدايات القرن الفائت. والدته بوران
طرزي عزيز هي أول محامية في سورية
كافحت في سبيل المرأة وكان لها دور
قيادي في واحدة من فصائل جبهتكم
الوطنية. لو رجعت هذه السيدة التي،
قاتلت طوال حياتها من أجل حركة التحرر
الوطني في سورية وسألتكم ماذا فعلتم
بولدي، فماذا تقولون لها؟ عمر عزيز جريمته
الوحيدة أن له ملاحظات نقدية على نظام
بلاده. من منكم يا سيدي نائب الرئيس ليس
عنده ملاحظات نقدية على النظام. كم هو
عدد التصريحات التي أدلى بها سيادة
الرئيس نفسه متبنياً دعوة الإصلاح. ثم
أريد أن أسألكم هل تعرفتم إلى مثقف
واحد مقتدر وأصيل لا يكون نقدياً مهما
كان اتجاهه، يمينياً أو يسارياً أو
وسطياً وفي أي بقعة من بقاع الأرض. إن
دور الحكام أن يحكموا ودور المثقفين أن
ينتقدوا. هذا هو الاجتماع البشري الذي
يعرفه العصر لا بل كل العصور. سيادة نائب الرئيس
عندما تطلقون عمر عزيز ومحتجزي الرأي
في سورية نبدأ بالأمل ان هنالك تغييراً
في المفاهيم والمسار. وأنا طالب حق
ولست بطالب منة. فهذا حق يمليه عليكم
دستوركم وشرعة حقوق الإنسان، وكل
المواثيق الدولية ذات الصلة التي وقعت
عليها سورية. مع التقدير
والاحترام ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق الاوسط 5-1-2013 نظام الأسد وجد، ونجا
أربعين عاما، مهيمنا على سوريا وسياسة
المنطقة بوسيلتين، أجهزة أمنية سرية
تقتل بلا تردد ضمن استراتيجية الردع
والإخضاع، والثانية هياكل مزورة تحت
عناوين شعبية مختلفة. هكذا بدأ عندما
قاد الأب حافظ الأسد انقلابه، متلحفا
بشعار البعث «أمة عربية واحدة ذات
رسالة خالدة»، الذي كان وقتها براقا
ووطنيا لكنه في الحقيقة لم يكن للأسد
سوى وسيلة دعائية لمنح الشرعية
لانقلابه، وحكمه لاحقا، وتصفية رفاقه
وخصومه. كما اخترع الأسد الأب كيانات
أخرى لاحقا باسم القومية العربية،
للذين كانوا ينفرون من «البعث»،
وعندما وجد أن نظام الخميني الإيراني
يكسب شعبيته باسم الإسلام، ابتدع
الأسد كيانات إسلامية متطرفة بالتعاون
مع إيران، زرعها أولا شيعية في جنوب
لبنان، وسنية في شمال لبنان، وربط
الجماعتين بإيران، من زعامات السنة
الراحل الشيخ سعيد شعبان. ولا شك أبدا
أن الأسد كان أكثر مصاصي الدماء
استغلالا للقضية الفلسطينية، تليه
إيران، غرروا بشعوب المنطقة وفرضوا
هيمنتهم باسم تحرير فلسطين، في حين كان
الفريقان أكثر مَن تاجرَ بحقوق
الفلسطينيين واستخدمها للهيمنة على
لبنان والقوى الفلسطينية، وضرب
الأنظمة العربية التي كانت تختلف معهم
لكنها لم تهدد إسرائيل قط. الذين صدموا اليوم
بأفعال أحمد جبريل وجماعته «الجبهة
الشعبية - القيادة العامة»، لأنهم
شاركوا علانية في قتل الشعب السوري
وكذلك أبناء المخيمات الفلسطينية دعما
للأسد، لم يدركوا ما كنا نقوله منذ
سنوات عن شكوكنا ورفضنا للجماعات التي
ارتبطت بإيران وسوريا، وقبلها بصدام
في العراق مثل «أبو نضال». والذين
يرفضون التصديق اليوم بما نقوله عن
آخرين مثلهم، سيكتشفون في الغد ما لا
يسرهم، لأن كل الكيانات التي عملت مع
النظامين السوري والإيراني تأكدوا أن
أيديها ملوثة، ويصعب على مثلي أن يصدق
أنها مستقلة وفي نفس الوقت تعمل مع
أجهزة الأسد الأمنية. هذا ما كنا نقوله
عن حسن نصر الله وحزبه، وإنه عندما كان
يرفع شعار فلسطين ولبنان لم يكن إلا
مجرد كتيبة إيرانية سورية، وإسرائيل
لو أرادت سحقه تماما لما عجزت.
والتنظيمات التي تربت في دمشق من قبل،
من فلسطينية وتركية وعراقية وحتى
خليجية، كانت توظف في نفس الفلك السوري
وتحت نفس القيادة، لكن بعضها عندما رأت
المياه تتسرب إلى سفينة الأسد فرت منها
كالجرذان التي تهرب من السفن الغارقة. إنما ما علاقة كل هذا
بالعنوان ومعاذ الخطيب، رئيس الائتلاف
الوطني لقوى الثورة والمعارضة
السورية، أي المسؤول الأول اليوم عن
الثورة السورية؟ بمجرد ما تسلم
القيادة ظهرت بيانات وجماعات ضده،
بيانات موجهة للغرب تقول إنه إسلامي
متطرف ومرتبط سرا بـ«القاعدة»، وصدرت
بيانات معاكسة تحت أسماء إسلامية
ووطنية وثورية، تهاجمه وتشكك فيه بأنه
عميل لإسرائيل وأميركا. في الواقع
مصدرها واحد، النظام السوري محترف
الحملات والتزوير. يماثل ما كان يفعله
نظام الأسد في العراق، حيث كان يصدر
بيانات باسم «القاعدة» والقوى
العراقية الوطنية المختلفة، وفي نفس
الوقت كان يعمل مع إيران لتعيين نوري
المالكي رئيسا للوزراء على الرغم من
فوز إياد علاوي في الانتخابات، وهذه
قصة موثقة تروى لاحقا. الأسد غرر بقوة
عظمى، هي الولايات المتحدة، لسنوات،
مدعيا خصومته مع الجماعات الإسلامية
المتطرفة، وأنه عدو «القاعدة». وقد أكل
الأميركيون الطعم حتى إنهم كانوا
يشاركونه معلوماتهم ويرسلون إليه
متهمين من «القاعدة» لتحقق أجهزته
الأمنية معهم، في حين كان ضباط
استخباراته، بلحى كثة مزورة يدعون
أنهم قيادات الجهاد تعمل في السر في
سوريا، يستقبلون المجندين العرب،
الخليجيين والليبيين وغيرهم من المغرر
بهم، ويوجهونهم لعمليات قتل وإرهاب لم
تعرف منطقتنا مثيلا لها في تاريخها
المعاصر. وللأسد خبرة قديمة في
تقمص الجماعات، بدأها في لبنان. فقد
كان النظام في الثمانينات يجند جماعات
لبنانية تقوم بخطف الدبلوماسيين العرب
والأجانب، وتنفذ عمليات انتحارية تحت
عناوين شيعية ووطنية وفلسطينية. ومن
خلال دكاكين الإجرام تلك تمكن من
السيطرة على لبنان لثلاثة عقود. ثم
حاول الأسد الابن تقليد أبيه، فقام
باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق
الحريري وعشرين شخصية لبنانية مختلفة،
لإرهاب خصومه والتحكم في كامل الدولة
لولا أنها كانت كعب أخيل. فالحريري كان
أضعف القيادات اللبنانية عسكريا، لأنه
بلا ميليشيات، إلا أن مقتله أصبح بداية
النهاية، حيث امتدت النار التي أشعلها
الأسد في لبنان والمنطقة إلى داخل
سوريا كما نرى اليوم. الذي يجب أن يقال
للمنخرطين في الثورة السورية، وملايين
المتعاطفين معها، أن عليهم ألا يحسبوا
كل بيضاء شحمة، كما يقول مثلنا. توجد
جماعات جهادية ووطنية مزورة، أو
مخترقة، هدفها تفكيك نسيج الثورة
الضخم، وقلب بنادقه ضد بعضها البعض،
وإشغال الشعب السوري بفتنة لسنين
طويلة يترحم على أثرها السوريون على
أيام الأسد. علينا أن ندرك من
الكم الهائل من الأدلة أن الأسد ليس
حمارا، كما يحب أن يصفه البعض، ويدري
منذ أكثر من عام أن نظامه ساقط لكنه لم
يرد أن يغادر الحكم إلا بعد أن يدمر
سوريا، ويخرب مجتمعها المتسامح
المتصالح، ويورث الشعب الثائر حربا
أهلية بينهم، باسم الدين والهوية
والتاريخ والمصالح الفردية المتناقضة.
الذين يتهمون الخطيب، الذي يجلس على
قيادة الثورة، بالعمالة، ليسوا إلا
ثوارا مزورين يستخدمهم الأسد لتكسير
خصومه. ================= سمير عطالله الشرق الاوسط 5-1-2013 يردد سيرغي لافروف
منذ بداية الاستفحال في القضية
السورية أن للشعب السوري وحده أن يقرر
مسألة ذهاب أو بقاء الرئيس بشار الأسد.
وهذا كلامُ حق دون جدال.. لكن على وزير
خارجية الإمبراطورية الروسية أن يشرح
للعالم؛ أين هو الشعب السوري اليوم،
وبأي طريقة يمكن أن يقول رأيه وبأي
استقلالية وفي أي صناديق اقتراع. لم يعد للدولة وجود
في سوريا؛ فهي ممزقة بين جيشين يخوضان
الحرب في طول البلاد وعرضها، ولم يعد
الإنسان يأمن الوقوف أمام فرن، وهناك
مليونا سوري تركوا البلد إما إلى
الخيام أو إلى الخارج، ومجلس الشعب
الأخير انتخب في ظروف ساخرة، فكيف يمكن
الوقوف على رأي الشعب السوري؟ إن الوزير الروسي
المكفهر أبدا (وليس هناك ما يدعو إلى
انفراج للوجوه) يخدع الأمم والعرب.. هو
في مأزق؛ مثله مثل النظام، ولذلك تتحدث
موسكو بضع لغات مختلفة في اليوم الواحد..
لقد قطعت وعودا لبشار الأسد غير قادرة
على الإيفاء بأي منها. كما أساءت تقدير
الموقف عام 1967، أساءت قراءة الوضع
السوري والعربي والإسلامي، ودفعت
حليفها الأخير إلى هذا الحريق. ماذا تستطيع روسيا أن
تحقق للأسد بالقاعدة العسكرية أو من
دونها؟ هي تعرف من تجربة أفغانستان أن
قاذفات القنابل لا تحسم شيئا على الأرض
في مثل هذه الحروب، وتعرف أن أقوى قوة
ضاربة لم تحقق نصرا واحدا في فيتنام،
وتعرف أنها ورطت وتورطت. أبسط عقل سياسي كان
يعرف في مارس (آذار) 2011 أن الحل بالقوة
لن ينجح في سوريا وأن القمع انتهى زمنه
ومفعوله. تأخر الأستاذ فاروق الشرع (أو
لم يصغ له) لكي يصل إلى هذا الاستنتاج.
الحل كان في الإصلاح السريع لا في
الشروحات الطويلة. كان في إمكان الروس
أن يفيدوا بشار الأسد من تجربتهم، وكان
في إمكان الصينيين أن يساعدوه برسم
خريطة طريق للخروج من ثقافة أوائل
القرن الماضي واقتصاد الفشل واختيار
هوغو شافيز حليفا وحيدا في هذا العالم. القوة حل في الحروب
الخارجية. في الحروب الداخلية لا تقوى
الـ«ميغ» إلا على الأفران.. وفي
طوابيرها يقول الناس رأيهم في السيد
لافروف، لا حاجة لاستفتاء. ================= عماد الدين
اديب الشرق الاوسط 5-1-2013 مما يتسرب عن نشاطات
ائتلاف المعارضة السورية مؤخرا يعطي
مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية في ذات
الوقت. أبرز العناصر
المتوفرة تقول الآتي: 1) استعداد المعارضة
السورية الخارجية للدخول في حوارات
سياسية مع عناصر من النظام السوري
الحاكم شريطة ألا يكون الطرف المحاور
معه ممن يمكن اتهامهم بأن أيديهم ملوثة
بالدماء. 2) أن المعارضة لا ترى
أن كل الطائفة العلوية في سوريا هي
عدوة لها، بل إن منطق العداء يقوم على
من شارك في الجرائم والفساد. 3) أن المعارضة بدأت
حوارا غير رسمي في القاهرة مع
دبلوماسيين روس، وأن موسكو مارست في
هذا الحوار دور استكشاف ثوابت موقف
المعارضة. 4) أن المعارضة رغم
تعدد فصائلها المؤتلفة، فإنها لا
تستطيع السيطرة على مواقف كافة
الفصائل المقاتلة على الأرض. 5 ـ أن الولاءات أو
الامتدادات الخارجية لفصائل المعارضة
بالداخل والخارج هي عنصر أساسي في قياس
احتمالات إمكانية التوصل إلى اتفاق
مبدئي. وهذا يعني إذا اتفقت جهات
التمويل للمعارضة، فقد حدث توافق مؤكد. الأزمة الكبرى في قصة
الملف السوري ومرحلة ما بعد نظام بشار
الأسد تكمن في أن لا أحد يعرف بالضبط أو
يضمن بالتأكيد مواقف أو سلوك القوى
المقاتلة. الأزمة الكبرى أيضا
أنه لا أحد يعرف بالدقة والتفصيل
الأصول العقائدية والمذهبية والروافد
الفكرية التي تتحكم في عقل وقلب القوى
السياسية والمقاتلة داخل الأراضي
السورية. الخوف كل الخوف، ألا
تكون الأحكام لصوت القوى السياسية في
الخارج ولكن أن تكون بصوت البندقية و«الآر
بي جي» في الداخل. قد يرحل نظام الأسد
بطريقة أو بأخرى لكن ترسانة السلاح
باقية، ومحطات الاستخبارات الأجنبية
باقية، وأرصدة التمويل باقية،
وانشقاقات فصائل مقاتلة سوف تبقى،
والخلاف المتوقع بين فكر الخارج
ورصاصة الداخل سوف يظل موجودا. رحيل نظام الأسد ليس
بداية ـ بالضرورة ـ للحل، ولكن سوف
تعقبه تحديات وإشكاليات أكبر من
القدرة على التعامل معها. ================= الولايات
المتحدة ليست سبب الفوضى السورية آرون ديفيد
ميلر الشرق الاوسط 5-1-2013 من الذي أضاع سوريا؟
تشير تعليقات بعض أعضاء الكونغرس
الأميركي والمحللين والصحافيين، وحتى
هيئة تحرير صحيفة «واشنطن بوست»
الأميركية، إلى أنه لا يوجد أدنى شك في
أن من أضاع سوريا هو الرئيس السوري
بشار الأسد وسياساته الدموية، ولكن
مأساة سوريا تعد أيضا نتيجة مباشرة
لفشل ذريع في القيادة من جانب المجتمع
الدولي والولايات المتحدة على وجه
التحديد. ومع ذلك، لا تمثل القضية
السورية إخفاقا تاما للرئيس الأميركي
باراك أوباما، فهي ليست «رواندا»، على
أي حال (في إشارة إلى تباطؤ أوباما في
التدخل في حرب رواندا). وتعتبر فكرة أن أي
أحد سوف يفوز بسوريا أو يخسرها، أو أن
الولايات المتحدة يمكن أن تحدد شكل
النتيجة النهائية التي ستؤول إليها
الأمور في سوريا، هي فكرة تليق بمنهج
التسلط المتعجرف والتحليل المعيب
اللذين أدخلا سوريا في متاعب جمة في
منطقة الشرق الأوسط على مر السنين. ومن بين مميزات
الربيع/الشتاء العربي أن الشعوب
العربية باتت هي من تملك إرادتها وتحدد
سياستها، مهما كان الثمن، وكثيرا ما
كان من المؤلم مشاهدة هذا الشعور
بالتملك – فالديمقراطية لا تعني
الليبرالية – إلا أن هذا الشعور قد
أضفى السلطة والشرعية على الاضطرابات
السياسية التي تجتاح المنطقة منذ
أواخر عام 2010. وهو ما يعني أن ما يحدث هو
تغيير حقيقي وبإرادة الشعوب نفسها. ولم
تتدخل الولايات المتحدة أو إسرائيل في
الاضطرابات والتغييرات التاريخية
التي سادت منطقة الشرق الأوسط، ولا
ينبغي لهما أن تقوما بذلك. يطالب البعض بضرورة
التدخل العسكري في سوريا أسوة بما حدث
في ليبيا، ويقولون: إن الولايات
المتحدة قد ساعدت الثوار على التخلص من
القذافي، فلم لا تقوم بنفس الشيء في
سوريا؟ في الحقيقة، ثمة ثلاث
حقائق مترابطة مع بعضها البعض يجب
توافرها أولا قبل تدخل واشنطن في
الأزمة السورية، وتتمثل أولى هذه
الحقائق في وجود إجماع دولي على ضرورة
التدخل في ليبيا، وتحديدا من خلال
الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، أما
الحقيقة الثانية فهي أن ليبيا كانت
ضعيفة من الناحية العسكرية، فقد كان
نظامها ضعيفا ولم يكن لديه نظام دفاع
جوي قوي، كما لم يكن يمتلك أسلحة دمار
شامل ولم يكن لديه أي حلفاء، أما
الحقيقة الثالثة فتتمثل في أن الثوار
الليبيين سيطروا على مناطق منفصلة،
بحيث أصبح تنظيمهم أكثر سهولة. وتختلف الأوضاع في
سوريا اختلافا كليا عما كانت عليه في
ليبيا، وذلك بسبب وجود عوامل متعددة
ومتقلبة تؤثر في الأزمة السورية تتمثل
في الحرب الأهلية والعنف الطائفي
والتدخل من جانب القوى الأجنبية. يرى
البعض أن الولايات المتحدة هي التي
خلقت هذه الفوضى، ربما كان هذا صحيحا
ومنطقيا لو كان هناك خيارات جيدة
للتدخل في وقت مبكر لتجنب المصير الذي
آلت إليه البلاد، ولكن هذا لم يكن
موجودا بالطبع، رغم أنه كان يمكن
للولايات المتحدة أن تقدم مزيدا من
المساعدات الإنسانية، وكان يمكنها
أيضا أن تلعب دورا أكثر إيجابية
وفعالية في وقت مبكر للمساعدة في تنظيم
المعارضة بشكل أفضل، حتى وإن كان بشكل
سري. منذ اندلاع الصراع في
بداية عام 2011، كانت كل المعطيات تؤكد
على المخاطر التي قد تواجه أي تدخل
عسكري أميركي في سوريا، وذلك بسبب قوة
الجيش السوري وقيام حلفاء سوريا –
روسيا والصين – بعرقلة قرارات مجلس
الأمن، وكذلك قيام طهران بدعم نظام
الأسد بالمال والسلاح، وتصميم الأسد
على القيام بأي شيء من أجل البقاء مهما
كانت النتائج، ونجاحه في إحاطة نفسه
بدائرة من المسؤولين العسكريين
والأمنيين والاستخباراتيين العلويين،
وهو ما يعني أن الخيارات العسكرية لم
تكن كافية لإسقاط النظام أو مساعدة
الثوار على تحقيق النصر. ويكفي أن نعرف أن
سوريا بحاجة إلى ضغط عسكري مباشر،
وبالأحرى هجوم جوي وصاروخي، من أجل
إيقاف الهجمات التي تشنها قوات النظام
ضد الشعب السوري فقط، فما بالنا بما
تحتاجه من أجل إسقاط نظام الأسد برمته؟
في الحقيقة، لم يتم وضع ذلك في
الاعتبار بصورة جدية، كما أن تسليح
الثوار وفرض منطقة «حظر جوي» في سوريا
لا يشكلان سوى أنصاف حلول تحمل الكثير
من المخاطر ولا يمكن التنبؤ بعواقبها،
خاصة في ظل قلق الولايات المتحدة من
قيام روسيا وإيران بتزويد نظام الأسد
بمزيد من الأسلحة. ولم يكن بمقدور
الولايات المتحدة الضغط أكثر على
روسيا بشأن الأزمة السورية، وذلك لأن
واشنطن تسعى لأن تساعدها موسكو في
الضغط على طهران بشأن البرنامج النووي
الإيراني. والسؤال الذي يطرح
نفسه الآن هو: ما هي الجهة التي يتعين
على الولايات المتحدة تسليحها؟ فبمجرد
أن تقوم الولايات المتحدة بدعم وتسليح
مجموعة معينة من الثوار، ستكون واشنطن
مسؤولة عن تصرفاتها وأفعالها. قد يكون
لبعض الدول المجاورة مصلحة ما في تسليح
السنة في سوريا، ولكن ما مصلحة
الولايات المتحدة في ذلك؟ وفيما يتعلق
بالأكراد، لم تمنع الولايات المتحدة
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
من التدخل العسكري في سوريا، ولكن
أردوغان وجد معارضة شديدة من جانب
الشعب التركي ومن 15 مليون علوي يعيشون
في تركيا ويشكلون جزءا من الشعب التركي. باتت المشكلة
السورية معقدة للغاية نتيجة لأنهار
الدماء التي سالت، ولذا لا يمكن تخيل
التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض بين
النظام والمعارضة، ومع ذلك لم تكن هذه
الأهوال كافية لحث المجتمع الدولي
المنقسم على نفسه والذي يبحث عن مصلحته
في المقام الأول، للتدخل لوقت إراقة
الدماء. لا يعلم أي شخص ما
الذي سيحدث لو تدخلت الولايات المتحدة
بشكل أكبر في هذا الصراع، ولكن إلقاء
اللوم على واشنطن والإشارة إلى أن
إدارة الرئيس أوباما جعلت الأمور أسوأ
في سوريا يعني أننا لم نفهم الطبيعة
القاسية للمأساة السورية وحدود القوة
الأميركية والأولويات الوطنية
للولايات المتحدة، ولا سيما أنها خرجت
للتو من حربين خارجيتين تعدان الأطول
في تاريخها، وكانت تسأل نفسها «متى
يمكننا أن نغادر؟» بدلا من «هل يمكننا
أن ننتصر؟». وقد أظهرت آخر
استطلاعات الرأي حول التدخل الأميركي
في سوريا أن الشعب الأميركي يفهم ذلك
جيدا، حتى وإن كان هذا غير مفهوم
لأولئك الذين يطالبون واشنطن باتخاذ
خطوات أقوى. ليس مطلوبا من الولايات
المتحدة السيطرة على التاريخ برمته،
أو السعي لحل كل مشكلات العالم
وتعقيداته، بل يتعين على واشنطن ترتيب
بيتها من الداخل قبل أن تسعى لإصلاح
الشؤون الداخلية للدول الأخرى. * نائب رئيس
المبادرات الحالية بمركز وودرو ويلسون
الدولي للباحثين ومستشار وزراء
الخارجية الديمقراطيين والجمهوريين
فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط، ومن
بين مؤلفاته كتاب «هل يمكن أن يأتي
رئيس عظيم آخر للولايات المتحدة؟»
------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |