ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 06-01-2013 رأي البيان التاريخ: 06
يناير 2013 للأزمة في سوريا حلول
بأوجه عديدة.. الحل السياسي هو الأسلم
للمنطقة قبل أن يكون لسوريا. وفي الوقت
ذاته، هناك مخاوف مشروعة من أن يكون
ذلك الحل بمثابة قميص عثمان، ووسيلة
لتحقيق غاية هي أبعد ما تكون عن إعادة
الأمن والاستقرار وتحقيق رغبات الشعب
السوري في الحرية. فمع إنشاء أكثر من
بعثة وموفد، لا تزال الحلول حبيسة
الأدراج، رغم تعدد المقترحات التي
يقال إنها طرحت على الطاولة. والثابت
أيضاً، أن الحل السياسي يستلزم زمناً
طويلاً، لأنه لا يأتي إلا بعد مفاوضات،
فيما الشعب السوري يعاني الأمرين بسبب
القصف اليومي والبرد والجوع. لا يملك السوريون ترف
الانتظار، وهم يستنزفون يومياً
ويهجرون من مدنهـم وقراهـم، سواء إلى
مناطـق أخرى فـي الداخل، أو يعبرون
الحدود في رحـلة محفوفـة بالمخاطر،
حتى باتوا يقدرون بأكثر من 20 في المئة
مـن تعـداد السكان الإجمالي. الحلول
السياسية يجب أن تكون حاسمة وفعـالة
وواضحة وسريعة، لأن مـزيداً مـن
الانتظار يعـني مزيداً من الدماء،
وتغولاً أكبر للمتطرفين الذين يؤمنون
بالحلول الإقصائية، أياً كانت هوية
هؤلاء المتطرفـين. وعليه، فإن على
المجتمع الدولي أن يكثف تحركاته بشكلٍ
حـثيث، فيما يتوجب وضع خطوط حمراء
عريضة، ليس لمعرقلي الحل السياسـي فـي
الداخـل فحسب، بل لأولئك اللاعبين
الإقليميين والدوليين حتى. والحال أن المدنيين
هم الحلقة الأضعف في أي صراع، بغض
النظر عن اتجاهاتهم، على اعتبار أن
القوة العسكرية ترى فيهم أهدافاً تحقق
لها مكاسب علـى الأرض. وهـذا ربمـا
يفسر ازدياد وتيرة مـا بـات يعرف
سورياً بـ«حرب محطات الوقود» و«مجازر
الخبز»، التي تستهدف قطع إمدادات
التدفئة والطعام عن المحاصرين في
المناطق الساخنة، في وقت ينتظر من أي
سلطة أن تكون الحامية والراعية، لا
الخصم المبين لشعبها، حتى لو ثار ضدها. معضلة سوريا تحتاج
إلى حلول سحرية وعاجلة بالضرورة، لأن
الحلول التقليدية لا تنفع في نزاع لم
تعرف له المنطقة والعالم مثيلاً، منذ
مجازر رواندا وكمبوديا قبل أعوام
وعقود. ================= المصدر: صحيفة «إندبندنت»
البريطانية التاريخ: 06
يناير 2013 البيان بعد مرور ما يقرب من
عامين على اندلاع الاحتجاجات الأولى
ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في
أواخر يناير 2011، أصبح القادة
الغربيون، بمن فيهم رئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كاميرون، تواقين
لانتهاء الحرب الأهلية في سوريا. فهم،
في ظل معاداتهم للنظام في دمشق،
وقلقهم، مع ذلك، من الظهور المتزايد
لأنصار تنظيم القاعدة في صفوف
المعارضة، يتطلعون إلى رحيل الأسد قبل
أن يصبح وقف المتشددين أمراً مستحيلاً. غير أن استطلاعاً
أجري لصحيفة "إندبندنت"، يظهر أن
كاميرون ووزير الخارجية البريطاني
وليام هيغ يواجهان صراعاً متصاعداً،
في محاولة لإقناع الرأي العام بمزايا
الوقوف في صف الثوار السوريين، إلى
درجة تخفيف العقوبات المفروضة على
إرسال مساعدات عسكرية لهم. وتشير
الإحصاءات إلى أنه فيما يتعلق بالقضية
السورية، كما هي الحال بالنسبة للعديد
من القضايا الأخرى، فإن رئيس الوزراء
البريطاني يختلف مع حزبه، وكذلك مع
بلده، إذ إن ناخبي حزب المحافظين
البريطاني أشد معارضة لتسليح الثوار
السوريين، من نظرائهم في حزب العمال. وتتسم هذه المقاومة
لمساعدة الثوار السوريين بالتناقض،
نظراً للتعاطف شبه المطلق مع قضيتهم في
الغرب. وقد كان الرأي العام، خلال
الصراع في كوسوفو، أكثر انقساماً
بكثير، حيث مال شق كبير منه في
بريطانيا، لا سيما على اليسار، للنظر
إلى الرئيس الصربي السابق سلوبودان
ميلوسيفيتش على أنه ضحية للحقد
الغربي، ولم تبرز أصوات من هذا القبيل
لدعم الرئيس الأسد. وكل شيء يشير إلى أن
البريطانيين باتوا يكرهون رؤية سوريا
تدخل في مزيد من الصراعات الشرق
أوسطية، بصرف النظر عن مزايا أي بطل،
أو الدلالات الاستراتيجية. وقد يمجد
السياسيون أهمية تجاوز بريطانيا لحدود
قدراتها، من خلال الاضطلاع بدور بارز
في صراعات مثل الصراع السوري، ولكن
يبدو أن الناخبين لا يقتنعون بذلك. ونظراًلأن كاميرون
يتلذذ بالظهور بمظهر المعارض للحدس،
لا سيما فيما يتعلق بحزبه، فإنه قد
يواصل سيره في الاتجاه العام، المتمثل
في تدخل أكثر صراحة في الشؤون السورية.
إلا أنه يحتاج إلى أن يأخذ بعين
الاعتبار، أنه لم يزل بحاجة إلى إقناع
بريطانيا بأنه يسير على الطريق الصحيح. ومن جهة أخرى، أعلن
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف،
عن فشل أحدث الجهود الرامية إلى حل
الأزمة السورية، ملقياً اللوم على
المعارضة لرفضها التفاوض مع الحكومة
السورية، ومؤكداً أن موسكو لن تجبر
الرئيس بشار الأسد على الرحيل. وكان لافروف قد اجتمع
بالأخضر الإبراهيمي، المبعوث المشترك
للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية
إلى سوريا، ورغم أن كلا الرجلين حذرا
من أن الصراع السوري يشكل خطراً
متزايداً على منطقة الشرق الأوسط
بأكملها، فإنهما لم يقدما أي أمل في
التوصل إلى حل. وقال لافروف: "فيما
يتعلق بالرئيس بشار الأسد، فقد قال
مراراً وتكراراً، سراً وعلانية - بما
في ذلك خلال اجتماعه الأخير بالأخضر
الإبراهيمي في دمشق - إنه لن يبرح
مكانه، وإنه سوف يبقى حتى النهاية،
وإنه، على حد تعبيره، سوف يدافع عن
الشعب السوري وسيادة سوريا وما إلى ذلك".
وأضاف لافروف أن روسيا لن تتمكن من
إقناع الرئيس السوري بشار الأسد
بالرحيل، حتى لو أرادت ذلك. ================= الراية القطرية التاريخ: 06
يناير 2013 التسريبات التي
تتحدث عن موافقة النظام السوري على
مقترح المبعوث الدولي والعربي الأخضر
الإبراهيمي الذي يتضمن الموافقة على
وقف إطلاق النار وحضور مراقبين دوليين
إلى سوريا للإشراف على تطبيقه وإنشاء
لجنة تأسيسية لتعديل الدستور، وتأليف
حكومة كاملة الصلاحيات تؤشر بشكل واضح
إلى حجم المأزق الذي يجد النظام السوري
أنه وقع فيه بعد نحو عامين من الثورة
السورية وتفضيله استخدام العنف والقتل
لإجهاض الثورة ورفض التعاطي مع
مطالبها المشروعة. فالنظام يجد أنه وصل
إلى حائط مسدود وفقد قدرته على الحسم
العسكري بعد أن نجحت المعارضة المسلحة
في السيطرة على مناطق واسعة من البلاد
سواء في الشمال أو الشرق ووصول المعارك
إلى العاصمة دمشق. لقد كان بالإمكان أن
يوفر النظام السوري على شعبه عشرات
الآلاف من القتلى والجرحى وملايين
المهجرين بين نازحين ولاجئين لو
استجاب للغة العقل والحكمة وقام
بالحوار مع أبناء الشعب السوري
واستجاب لمطالبهم بالحرية
والديمقراطية والتغيير. إن الحديث عن قبول
النظام اقتراح الإبراهيمي مع شرط بقاء
الرئيس السوري إلى نهاية مدته وترشحه
مع مرشحين آخرين في الانتخابات
الرئاسية المقبلة التي من المفترض أن
تجري العام المقبل لا يمكن أن يقبل به
الشعب السوري ولا يمكن أن تقبل به
المعارضة السورية بعد هذا النهر
الكبير من الدماء وبعد أن دمر النظام
كل مقومات البلاد وبنيتها التحتية
وبعد أن قصف شعبه بالطائرات والأسلحة
الثقيلة بحيث لا يخلو بيت سوري الآن من
قتيل أو جريح أو معتقل أو لاجئ أو نازح. اللافت للانتباه أنه
في الوقت الذي يجري فيه تسريب معلومات
عن قبول النظام لوقف إطلاق النار
وتشكيل حكومة انتقالية كاملة
الصلاحيات فإن آلة القتل لا تزال
مستمرة في حصد أرواح السوريين حيث شهدت
الأيام الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في
أعداد القتلى والجرحى والفارين
بحياتهم إلى دول الجوار الأمر الذي
يشكك في حقيقة نوايا النظام وقبوله
باقتراح المبعوث الدولي والعربي
الأخضر الإبراهيمي، ويشير إلى أن
النظام مازال يلعب كعادته على عامل
الوقت ويماطل ويمارس لعبة الخداع
والتضليل التي يجيدها لإطالة عمره
ووجوده في السلطة. إن المخرج الوحيد
والحقيقي لإنهاء المأساة الإنسانية في
سوريا التي طالت والتي تسبب عجز
المجتمع الدولي ومصالحه المتضاربة في
وقفها أو الحد منها يتمثل في الاستجابة
لمطالب الشعب السوري التي يتصدرها
مطلب رحيل رموز النظام جميعاً عن
السلطة وتحقيق هدف الانتقال السلمي
للسلطة إلى حكومة انتقالية تشرف على
إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحت رقابة
دولية بحيث تعود للشعب السوري الكلمة
الأولى والأخيرة فيمن يحكمه. ================= بين “واقعية”
النظام الدولي و“واقعية” الثورة
السورية هل يكون من
الواقعية مثلاً القبول بهذه الدرجة من
(النفاق) لدى نظامٍ عالمي أمضى قرابة
عامين وهو (يتفرج) على مايجري في سوريا د. وائل مرزا الأحد 06/01/2013 المدينة كونوا واقعيين في
نظرتكم إلى النظام العالمي أيها
السوريون.. كونوا واقعيين تجاه
المبادرات الدولية لحل (قضيتكم).. هكذا،
يلحّ البعض على أن يكون السوريون أكثر (واقعيةً)
في ثورتهم. حاول في هذه الأيام
أن تكون (واقعياً) بينك وبين نفسك فيما
يتعلق بهذه القضايا وانظر ماذا يحصل لك
داخلياً! أكثر من هذا: حاول في
هذه الأيام أن تدعو إلى (الواقعية) بين
الناس وانظر ماذا يحصل لك. نقول هذا
لأننا نعلم أن أكثر ما يمكن أن يقتل
السوري هماً وغماً في هذه الأيام هو
محاولته المستمرة لأن يكون ويظلّ
واقعياً. ولأن ينطلق في تحليله وتفكيره
وآرائه من مبدأ الواقعية السياسية
والثقافية والاقتصادية وغيرها من
أبواب الواقعية ومداخلها ومجالاتها
العديدة. فأيُّ مأساةٍ تلك
التي تجعل الناس تكفر بكل مايمتُّ إلى
الواقعية بصلة؟ وأي مأزقٍ ذاك الذي
يجعل مثل تلك الكلمة خاليةً أحياناً من
أي مضمون؟ هل يعني هذا أن نكفر
بالواقعية؟ لا وألف لا. فقد كنّا،
وما زلنا، ندعو إلى أن تعود (الواقعية)
لتصبح محوراً من محاور حياتنا الفكرية
والعملية، على جميع المستويات، عامةً
ومثقفين، أفراداً وجماعات، حكاماً
ومحكومين. وندعو لأن تصبح (الواقعية)
مرتكزاً أساسياً للتحليل والفهم
والقرار في جميع المجالات، وبشكل خاص
في المجال السياسي. لكن هذا كله يجب أن
يكون مبنياً على تحريرٍ صارمٍ لمعاني
وشروط مصطلح (الواقعية) نفسه. لأن هذا
وحده هو الذي سيخرجنا من ذلك المأزق
النفسي والعملي الذي نجد أنفسنا فيه
كسوريين عندما نحاول التعامل مع ذلك
المصطلح، خاصة في مثل هذه الظروف
الاستثنائية. إن الواقعية مصطلحٌ
ينبعُ ابتداءً من الصّلة الوثيقة
بالواقع، بكلّ مقوّماته وعناصره
وأبعاده ومداخله. وأن تكون واقعياً
يعني أولاً وقبل كل شيء أن تفهم الواقع.
أي أن تفهمَ كل تلك المقومات والعناصر
والأبعاد والمداخل التي تُكوّنهُ. ثم
يعني أن (تستفرغ الوسع) في امتلاك (أقصى)
الشروط التي تسمح لك بالتعامل مع ذلك
الواقع. ثم يعني أخيراً أن تدرك (الحدود)
التي لا يمكن لك تجاوزها، ولكن بعد أن
تكون بذلت غاية ما تستطيع في فهم
المداخل وفي إعداد وسائل استعمالها. بل إن من (الواقعية)
أن تقف عند الحدود، ليس بسلبيةٍ بالغة
واستسلامٍ مطلق، وإنما بتحفزٍ
وانتباهٍ ويقظةٍ ومتابعة لكلّ متغيّر.
لأن مثل تلك الحدود ليست صلدةً على
الإطلاق، وإنما تتصف بكثيرٍ من
المرونة والسيولة، بحيث يمكن لها أن
تتغير وتتبدل على الدوام.. تلك هي باختصار (الواقعية)
في أصغر معانيها التي يفهمها وينطلق
منها في أفعاله ومخططاته كل من يحترم
نفسه ويبحث عن الاحترام في هذا العالم.
وتلك هي بعض مقتضياتها وشروطها التي لا
يصعب على أحد أن يدركها ويتحرك
بمقتضاها، حين يتوفّر الحدّ الأدنى من
الجديّة والعزيمة والإرادة. وأهم مافي القضية ألا
نحصر معاني الواقعية في التركيز على (الحدود)
التي لايمكن تجاوزها، وفي الدعوة
للوقوف عندها. وألا نختزل هذا المصطلح
الهامّ والحسّاس في حياة الأمم
والشعوب عند تلك النقطة، فهذا على وجه
التحديد ما يخلق هذا المأزق الذي نتحدث
عنه، عندما نحاول ممارسة (الواقعية)
والدعوة إليها. خاصةً وأن كثيراً من
الحدود إنما تكون حدوداً في أذهان
أصحابها فقط، ولا تكون هي الحدود
الحقيقية التي تنبع من استقراء سليم
للواقع، أي أنها لا تنبع من (الواقعية). هل يكون من الواقعية
مثلاً القبول بهذه الدرجة من (النفاق)
لدى نظامٍ عالمي أمضى قرابة عامين وهو (يتفرج)
على مايجري في سوريا. دع عنك الحكومات
وحساباتها وابحث عمن يُفترض أن يكونوا
إخوتك في الإنسانية. أين ذهبت مئات
الأسماء العالمية من شرائح المثقفين
والحقوقيين والفنانين التي ملأت سمع
الناس وأبصارهم وهي تتحدث عن حقوق
الشعوب في تقرير مصيرها، وعن دفاعها (المستميت)
في سبيل حصول الشعوب على حريتها وحقها
المشروع في محاربة الدكتاتورية وتحقيق
الديمقراطية؟ أين اختفى السادة
الحاصلون على جوائز نوبل وغيرها ممن
كان الإعلام العالمي يحشر أسماءهم
وإنجازاتهم وصورهم في حلوقنا وأمام
أبصارنا على مدى سنوات؟ بل ربما يكون السؤال
الأكبر: أين الإعلام العالمي (الحرّ)
الذي يعتبر نفسه نصيراً لقضايا
الإنسان في كل مكان؟ وهل يكون من الواقعية
اختزالُ المبادرات السياسية المتعلقة
بسوريا في نهاية المطاف بعبارة (الحلّ
السياسي أو الجحيم)؟ مع الإيحاء بشكلٍ
دائم من خلال التسريبات والإشاعات بأن
الحلّ السياسي سيوظف بالضرورة في قتل
طموحات الشعب السوري وعدم تحقيق أهداف
الثورة. لماذا لايكون من
الواقعية تزامنُ المسار السياسي مع
المسار العسكري دون تناقضٍ بينهما، بل
على العكس بكل تناغمٍ وانسجام وتوزيع
أدوار، وعلى قاعدة (خُذ وطالِب)؟.. لقد
قالها يعقوب عليه السلام لأبنائه
وخلدها القرآن إلى يوم الدين: {يابَنيَّ
ادخلوا من أبواب متفرقة}.. لو قبل السوريون
نصائح الواقعية التي سمعوها منذ بداية
ثورتهم لما كانت هناك ثورةٌ ولايحزنون. واليوم، قد يكفر
الشعب السوري بالواقعية، لكن هذه
الواقعية التي يكفر بها ليست سوى
واقعية انهزاميةٍ كسولة لاتُدرك حجم
الأوراق الموجودة بيد الثورة، ولاترى
المداخل العديدة التي يمكن أن تخترقها
للوصول إلى ماتريد. يكفر الشعب السوري
بواقعيةٍ ترى في موقف النظام العالمي
من ثورته أمراً طبيعياً لاتجب مراجعته
على المستوى الحضاري. ويكفر بواقعية
تُحاصره بمبادراتٍ سياسية ليس فيها
إلا خياران هما أشبه بـ (الكمّاشة)، في
حين أن شيئاً من الإبداع السياسي يمكن
أن يُضيف إليها خياراً ثالثاً ورابعاً
وخامساً. لانعتقد أن أحداً
يبحث عن الفوضى والصراع بشكلٍ عبثي في
المنطقة، ولانشك أن حداً أدنى من
الواقعية الحقيقية هو المطلب الأكبر
للجميع. وإذا كان العالم يريد أن يساعد
نفسه قبل أن يساعدنا كيلا نقع وإياه في
فوضى الصراعات والأزمات.. فإنه مُطالبٌ
بالتعاون معنا للوصول إلى واقعيةٍ
جديدة تحقق الأمن والاستقرار، لكنها
تضمن بشكلٍ مؤكد حقّ الشعب السوري في
صناعة حاضره ومستقبله، وتعترف بقدرة
ثورته على تحقيق أهدافها رغم كل
التحديات. هذه هي الواقعية في
سوريا الثورة اليوم، وأهلها واقعيون
بهذا المنطق أكثر مما يتصور الكثيرون. ================= احمد عياش 2013-01-06 النهار لا شيء يدل على أن
النظام السوري باق. ومن العلامات على
قرب زواله سلوكه في سوريا ولبنان معاً.
والبداية من سوريا: ففي رواية من خارج
النظام أن المبعوث الدولي والعربي
الاخضر الابرهيمي خرج بعد محنة
المحادثات التي أجراها أخيراً مع
الرئيس بشار الأسد بانطباع أن الأخير
شديد الاضطراب. أما في الرواية من داخل
النظام فإن الأسد تعمّد أن يبقي
الابرهيمي منتظراً خارج مكتبه نصف
ساعة بعد الموعد المحدد للقاء. ثم
أبلغه أن مدة اللقاء ثلاثة أرباع
الساعة. فما أن انتهت المدة حتى وقف
الأسد ليعلن أن اللقاء انتهى على رغم
أن الابرهيمي كان يدلي بمعطياته التي
جاء بها من العالم ولا سيما من الغرب
وروسيا. وإذا تمعن المرء في الروايتين
لتبيّن أن اضطراب الأسد يبدو واقعياً
ولا شفاء منه إلاّ باخراجه من الحكم. في لبنان، يعيد
الجنرال ميشال عون التذكير بحالته
القديمة التي هي جديدة للأسد.
والابرهيمي نفسه يعرف الكثير عن عون
عندما كان في قصر بعبدا عام 1989 ابان
المفاوضات العربية والدولية لانجاز
اتفاق الطائف. والملجأ الذي خرج اليه
عون في ذلك الزمن كان الفرار أولاً الى
السفارة الفرنسية ثم اللجوء الى فرنسا
تحت ضغط طائرات حافظ الأسد الذي ضمن
لاحقاً لابنه بشار ولاء عون المطلق! ثمة من يرى في سلوك
بشار الأسد ما يشبه حال الرئيس سليمان
فرنجيه عندما كانت المفاوضات دائرة
عام 1976 لحل الأزمة اللبنانية من خلال
تقصير ولاية رئيس الجمهورية. وقتذاك
قرر فرنجيه البقاء في قصر بعبدا رافضاً
مغادرته فاقتضى اخراجه قيام الضابط
حسين عواد الخبير في المدفعية بتصويب
دقيق ببضعة قذائف على غرف الرئيس الذي
انتهى به المطاف الى مصيفه في اهدن. فهل
تكون هذه البلدة اللبنانية الرائعة
مكان نزوح الأسد؟ مئات الألوف من
السوريين الذين يفرون حالياً من جحيم
العنف في بلادهم لا حل لعودتهم الى
ديارهم مجدداً، إلاّ بنزوح نظام الأسد.
المنطق والتاريخ يقولان ذلك، وإذا
كانت كلفة اغاثة النازحين أصبحت عالية
جداً وراح العنصريون الجدد في لبنان
يتغنون في التهويل بها فإن خفضها حتى
ازالتها تماماً تكون بعودة النازحين.
ولنا شاهد في قرار مجلس الأمن 1701 الذي
أعاد مئات الألوف من الجنوبيين الى
ديارهم بعدما دفعوا تكاليف "النصر
الإلهي" لـ"حزب الله" في تنفيذ
التكليف الايراني ضد اسرائيل. وعلى رغم
ان النزوح كان داخل لبنان فإن من نتائج
القرار الدولي ان عاد الجنوبيون الى
ديارهم ولم يعد الأمين العام لـ"حزب
الله" السيد حسن نصرالله الى الجنوب
أبداً حتى الآن، كما فعل بعد التحرير
عام 2000 عندما أطل في المهرجان الشهير
في بنت جبيل. ألا يستحق السوريون
قراراً مماثلاً يعيدهم
الى ديارهم إذا كانوا غادروها أو
يثبتهم فيها إذا كانوا يصارعون حتى
الآن من أجل البقاء؟ أسوة بفرنجيه وعون
ونصرالله. يجب أن ينزح الأسد الى خارج
قصر الرئاسة السورية كي تحل مأساة
النازحين السوريين الذين يجتهد
المجتهدون لحلها اليوم. ================= روايات
عن المحادثات السلبية بين الأسد
والابرهيمي لا اتفاق
أميركياً - روسياً بعد ولا رهان إلا "على
الأرض" روزانا بومنصف 2013-01-06 النهار بعد اسبوع على انتهاء
زيارة الموفد العربي الدولي الاخضر
الابرهيمي لروسيا على اثر زيارته دمشق
ومحاولته تسويق تطبيق مرحلة انتقالية
تتضمن تأليف حكومة بصلاحيات كاملة،
توافرت معطيات من ضمن الروايات عن
محادثات الابرهيمي في العاصمة السورية
وفق الآتي: الرواية الاولى تفيد
أن الابرهيمي سعى الى تسويق النقطة
التي توافق عليها الاميركيون والروس
في اجتماع العمل الذي عقد في جنيف في
نهاية حزيران من العام الماضي ليس اكثر
ولا اقل. وان محادثاته مع الرئيس
السوري بشار الاسد حول حكومة بصلاحيات
كاملة حملت الاسد على توجيه مجموعة
اسئلة الى الابرهيمي تستند الى قوله ان
التسليم بحكومة انتقالية بصلاحيات
كاملة تفترض تعديلاً للدستور. وان
تعديل الدستور يحتاج الى تنظيم
استفتاء عليه ثم ان الاستفتاء يحتاج
الى سلام من أجل اجرائه مما يعني ضرورة
وقف الحرب من اجل ان يستطيع القيام
بذلك وان على دول الخارج ان تساهم في
ذلك من خلال وقف الدعم لمن يعتبرهم
ارهابيين يتصدون لحكمه. وكانت هذه
الحلقة الطويلة من الاستنتاجات احدى
ابرز العناصر التي تفيد برفض الاسد ما
يعرض عليه. الرواية الثانية
تفيد أن الأسد سأل الابرهيمي انه في
حال تم التسليم جدلاً بالحكومة
الانتقالية ما الذي سيكون عليه وضع
مؤسسة الجيش الذي تحرص الدول الغربية
على بقائه قائماً وعدم انفراط عقده،
على الاقل كما حصل في العراق، ليستنتج
انه في حال تخلى عن صلاحياته كرئيس
للجمهورية للحكومة الانتقالية فهو
يبقى قائداً أعلى للجيش. وهو ليس
مستعداً للتخلي عن ذلك. كما سأل اذا
كانت البلاد ستتجه الى تعددية الاحزاب
ليخلص الى انه الأمين العام لحزب البعث
وسيبقى كذلك وليس مستعداً ايضاً
للتخلي عن هذا الموقع، خصوصاً ان الحزب
يبقى الابرز والاقدر على الساحة
السورية. تتعدد الروايات التي
تتناقلها الاوساط السياسية في لبنان
حول فشل مهمة الابرهيمي واستحالة
نجاحها في المدى المنظور، وهي تؤدي الى
مجموعة خلاصات قد يكون ابرزها، وفقاً
لما تنقله هذه الاوساط عن مسؤولين
غربيين الاتي : لم يتحقق بعد اتفاق
اميركي روسي على رغم كل ما قيل حول
المحاولة التي قام بها الابرهيمي في
الاسبوع الاخير من العام المنصرم. و
ليس هناك امال كبيرة في أن الاجتماع
المقبل المرتقب عقده بين مسؤولين
اميركيين وروس مع الاخضر الابرهيمي
وفقاً لما حصل في الاجتماع السابق في
جنيف قبل شهر تقريباً، سيكون مختلفاً.
وعلى رغم تعليق متابعين كثيرين اهمية
على تسلم الرئيس الاميركي باراك
اوباما الرئاسة مجدداً في العشرين من
الشهر الجاري ومعه ايضاً وزير
الخارجية الجديد جون كيري الذي يملك
القدرة على التأثير في الكونغرس،
وفقاً لما يقول هؤلاء، فان المشكلة
الحقيقية تكمن في ان ما يترك الأمور في
سوريا تراوح مكانها مرتبط بمجوعة
مواقف. فهناك من جهة الولايات المتحدة
التي لا تزال تنظر الى المعارضة على
انها لم تتوحد على نحو كاف بما يسمح لها
ان تكون البديل من الأسد في السلطة،
فضلاً عن المخاوف الكبيرة الجدية من
الاسلاميين على الارض في المناطق
السورية. وثمة من يقول ان الولايات
المتحدة تنتظر وليس لديها ما تخسره من
عملية الانتظار وهي ترفض رفضاً تاماً
وكلياً التفاوض مع ايران على الوضع
السوري. في حين ان روسيا من جهتها تراهن
على تغييرات في المواقف الاميركية من
جهة نتيجة المخاوف من الاسلاميين
المتشددين، فضلاً عن ان المساهمة
الروسية في حال المراوحة تستند الى
محاولتها وسعيها الى التصدي لما
تعتبره الاحادية الاميركية في العالم
من افغانستان الى العراق وكوسوفو
وليبيا، ولذلك لا يزعجها بقاء الوضع
على حاله حتى تنضج الظروف الملائمة
بالنسبة اليها. ويساهم في وضع المراوحة
ايضا عدم ارتياح ايران لعدم وجودها في
مشاريع الحلول المقترحة، خصوصاً أن
مشكلتها هي مع الشعب السوري في الدرجة
الاولى، وهذا لن يكون حله سهلاً. لا يزال الرهان قوياً
على متغيرات على الارض ليس على قاعدة
ان تحسم المعارضة، بل ان تتفوق على
النظام، بحيث تستطيع ان تفرض شروطها،
وليس كما هي حال التوازن راهناً.
فالمشكلة في هذا الاطار ان النظام لم
يعد يلجأ سوى الى الطيران في مواجهة
معارضيه بحيث ان مساعدة المعارضة
تقتضي تقديم ما يتخطى قرار الدول
الغربية على الدعم كون لجم استخدام
النظام للطائرات التي يملك منظومة
متقدمة منها تفرض وضع امكانات جوية لا
تبدو الدول الغربية على استعداد
لانخراطها المباشر في ذلك حتى الآن. تجزم معطيات
تتناقلها مصادر سياسية مطلعة ان نهاية
النظام السوري باتت أكثر احتمالاً من
اي وقت مضى وقد لا تتعدى
السنة المقبلة بناء على تقارير من
جهات ودول عدة، علماً ان ثمة اختلافاً
في مقاربة هذه المسألة بين واشنطن
والدول الاوروبية على رغم التقاء
الطرفين على رحيل الاسد واستحالة
بقائه في سوريا. فالولايات المتحدة
تؤكد رحيله وعدم امكان بقائه كجزء من
الحل على رغم المخاوف من البديل الذي
لم يتوافر بعد، ولذلك فان مسؤوليها
يوضحون موقفهم من ضرورة هذا الرحيل
وحتميته، لكن من دون الدخول في تحديد
مواعيد لذلك. في حين ان الاوروبيين
يستعجلون الاميركيين التحرك ووضع خطة
على الطاولة مع الروس للبحث في كل
الخيارات الممكنة في هذا الصدد. حتى ان
البعض ينقل عن مسؤولين اوروبيين عدم
ضرورة تعليق الامور في سوريا من أجل
الاتفاق على بديل او في انتظار توافق
كل المعارضة السورية باعتبار ان الأهم
هو رحيل الأسد كخطوة اولى، ثم البحث في
البديل الذي لن يكون اسوأ من النظام
السوري مع المواجهة العسكرية التي
اوقعت ما يزيد على 60 الف قتيل، ممن أمكن
تعدادهم، مما يجعل بقاؤه مستحيلاً
اياً يكن الثمن، وعلى رغم الضغوط التي
تمارسها دول عدة على الائتلاف السوري
المعارض من اجل القبول بمرحلة
انتقالية يبقى فيها الاسد رئيساً لا
يحكم حتى موعد الانتخابات الرئاسية
السورية سنة 2014. الاّ ان ذلك لا يخفي
شكوكاً تطرحها الاوساط السياسية
المعنية اذا كانت الدول الداعمة للاسد
تستطيع ابقاءه في منصبه حتى سنة 2014 على
رغم كل التأكيدات المناقضة، وبأي
كلفة؟ ================= الزمن
السوري: البدايات والنهايات تاريخ النشر:
الأحد 06 يناير 2013 د. رضوان السيد الاتحاد عندما حدثني صديقي
الدكتور حسين العمري من اليمن عن
الهموم التي تعتريه نتيجة المأساة
السورية، أدركتُ أن الأمة العربية لا
تزال موجودة، وأنها أمة واحدة. هل في
ذلك عزاء؟ لا أدري. فالإحساسُ بالوجود
أو بالوحدة إن كان حاضراً بالفعل؛ فإنه
ما صار فعالا أو أنه لم يعد كذلك.
فعندما قامت الوحدة المصرية السورية
عام 1958 شعر اللبنانيون والعراقيون
والأردنيون أنهم مشاركون فيها، ومضوا
جميعاً لاستقبال عبد الناصر بدمشق إلى
جانب السوريين. وعندما أغار
البريطانيون والفرنسيون
والإسرائيليون على مصر عام 1956، وجد
الفلسطينيون والسوريون واللبنانيون
أدواراً يلعبونها من أجل نُصرة مصر.
وهذه الفعالية العربية ليست مقصورةً
على الزمن القومي بالتعريف. فعندما غزا
الإيطاليون طرابلس الغرب عام 1911
تدفَّق المتطوعون العرب عليها من تونس
وسوريا ولبنان والعراق ومصر. وكذلك
عندما قامت الثورة السورية عام 1925؛ فقد
سارع لمشاركة السوريين فيها سائر أهل
الشام، ومثقفو وشعراء مصر والعراق. ولست أزعُم أن مشاعر
التضامن هذه لا تزال على اشتعالها
وفعاليتها في كل آن. فقد شعرنا أو شعر
أكثرنا بالارتياح لتحركات الشبان
المدنيين السلمية في تونس ومصر واليمن.
لكن أكثرنا شعر بالارتياع من الانقسام
الحاد بالبحرين والعراق، ومن العنف
الهائل بليبيا وسوريا. وقد بدأنا ننسى
ما حصل في ليبيا، لكني على يقين أنه ترك
جراحاً غائرةً لن تلتئم بسهولة بين
المناطق أو بين العشائر. وإن كان ما حصل
بليبيا قد مضى وإن لم يجر تجاوزه بعد؛
فإن ما حدث في سوريا، ما مضى ولن يمكن
تجاوز آثاره لزمن قد يطول. ما فرحنا
لشيء كما فرحنا للحراك السوري. فمنذ
عام 1963 تقف السلطة هناك حجر عثرة في وجه
كل محاولات النهوض والتجاوز. فقد قامت
سلطة البعثيين في الأصل لفصل الشام عن
مصر، ثم فصل الشام عن فلسطين، وأخيراً
زرع العداوة والبغضاء والانفصال
القاطع بين سوريا والعراق. وفي حين قضت
السلطة السورية أكثر هذه المدة في
الانفصال بالتقاطع مع أميركا وإسرائيل
والسوفييت، فإنها تؤدي مهماتها
الانفصالية الأخيرة بالتحالف مع إيران. بدت معجزة الثورة
السورية منذ البداية، عندما لم يؤيدها
أحد خارج سوريا، باستثناء بعض
اللبنانيين المنزعجين من السطوة
السورية والإيرانية في بلادهم.
فالسلطة السورية استطاعت الحفاظ على
سُمعتها وهيبتها باعتبار أنها، بخلاف
مصر والأردن، ما عقدت اتفاق سلام مع
إسرائيل، ولأنها دعمت «حزب الله» و«حماس»،
ومقاومة الأميركيين بالعراق. كما
أقامت أعمدة خيمتها في مواطن متعددة،
لكي يشعر الجميع أنها مفيدة وغير
مهدِّدة. فعندها عمود في الولايات
المتحدة، وآخر في روسيا، وآخر في
إسرائيل، وآخر في إيران، وآخر في
العراق، واثنان في لبنان!. وحتى
الإسلاميين الذين بدأوا بالبروز بعد
الثورات، ترددوا إزاء الحِراك السوري.
فـ«الإخوان المسلمون» السوريون ظلوا
يؤكدون على سلمية الحراك أو المعارضة
لقُرابة تسعة أشهر. أما الإسلاميون
الآخرون في الأردن ومصر؛ فانتظروا
موقفاً من «حماس» والتي استغرق صمتُها
عاماً أو أكثر. ما قبل النظام الأسدي
إعلان «حماس» عن حيادها، واتخذ
إجراءاتٍ ضدها، وقتل بعض كوادرها،
فأَخرج ذلك «حماس» عن طورِها؛ في حين
ظلّت على تحفظها تجاه إيران حتى بعد
حصول الحرب على غزة واختلاف الرأي في
الحلول والمصائر. لقد انحمى النظام
السوري حتى أواخر عام 2011 بأمرين: وقوف
القوميين والإسلاميين (السنة والشيعة)
معه قُرابة العام، والإجماع الدولي
على عدم التدخل بسوريا لعدة عوامل:
أنها عنصر استقرار، وأن إسرائيل تريد
بقاء النظام هناك، وأن الإيرانيين
والأتراك والأميركيين كانوا قد اتفقوا
حوالي عام 2010 على التشارك في العراق
وسوريا ولبنان، وأنهم أخيراً لا
يريدون تكرار نموذج ليبيا. وبعد عام
أُضيف عامل آخر هو الخوف من التطرف (الإسلامي)
على المسيحيين، والعلويين، وعلى
الأقليات عامة! لذا فقد كانت لدى
النظام بالفعل فرصةٌ لينجو لو أنه تجنب
استخدام العنف المفرط من جهة، وقام
بإصلاحات دستورية وسياسية سريعة من
جهة أُخرى، شأنَ ملك المغرب مثلا. لقد
ثار الريف السوري كله تقريباً خلال
الشهور الأولى. أما المدن الكبرى،
وبخاصة دمشق وحلب، فترددت كثيراً، وما
كانت في مزاج ثوري. وإنما أثار
المُدُنَ الشبانُ المهمشون
والمتأثرون بالثورات العربية الأخرى،
والعاملون من خلال وسائل الاتصال
المعولمة، والعنف الهائل الذي استخدمه
النظام ضد المتظاهرين السلميين. وعلى أي حالٍ؛ فإنه
في مطالع عام 2012 كان هدف الثورة
السورية قد تحدد: إسقاط حكم الأسد
بالسلاح. وقد اعتمد السوريون في ذلك
على أنفسهم رغم ضآلة الإمكانيات حتى
اليوم. وساندهم مثقفوهم وسياسيوهم
المقيمون بالخارج أو الذين هاجروا بعد
قيام الثورة طوعاً أو انشقاقاً. وهكذا
تشكل المجلس الوطني، ثم تشكل الائتلاف.
وكانت لذلك فوائد سياسية مع العرب
والخارج العالمي، وتنظيم الدعم
الإنساني للداخل، وأحياناً الدعم
المحدود بالسلاح. وبعد جهد جهيد اتخذت
الجامعة العربية مبادرات ومواقف لصالح
تغيير النظام السوري سلماً أو عبر دعم
الثورة المسلحة. وما استطاع الدوليون
الوصول إلى قرار في مجلس الأمن بسبب
اعتراض روسيا والصين. لذلك اقتصرت
المساعدات الغربية لسوريا على
الإنسانيات والوسائل «غير القتالية». مع نهايات عام 2012
يكون قد مضى على الثورة في سوريا إثنان
وعشرون شهراً. وبحسب الإحصائيات
الدولية فقد سقط زهاء الستين ألف قتيل،
غالبيتهم العظمى من المدنيين، أي ممن
قتلهم النظام، وزُهاء المليوني مهجَّر
بداخل سوريا وخارجها، وزُهاء رُبع
المليون معتقل، ونحو خمسين أو ستين
ألفاً مجهولي المصير. وقد تخرَّب زُهاء
الـ60 في المئة من بلدات الريف السوري،
والـ50 في المئة من المدن المتوسطة،
والـ 40 في المئة من المدن الكبيرة. وقد
فشل الثوار في التوحد سياسياً أو
عسكرياً. كل ما حصل أن الائتلاف في
الخارج يضم 90 في المئة من جهات الثورة،
وأنه أمكن إحداث تنسيق قيادي للجيش
الحُر، دون الفِرق المسلحة المستقلة.
وقد حصل تقدم كبير على الأرض لصالح
الثوار يناهز الستين بالمائة من مساحة
سوريا. وفي هذه المساحة كل المراكز
العسكرية الباقية للنظام محاصرة، ولذا
يستخدم النظام الطيران في القصف
والقتل، وفي إرسال المؤن والذخائر
للمراكز العسكرية المحاصرة. وخلال شهر
ونصف الشهر لن يبقى للنظام شيء في حلب
وما وراءها. إنما سيظل يقاتل بدمشق (حصنه
الأخير)، وبحمص من أجل التواصُل بين
الساحل العلوي والمناطق اللبنانية
المُحاذية. وما استطاع الثوار
السوريون كسب نسبة وازنة من المسيحيين
أو العلويين أو الدروز. وبالإضافة إلى
أخطار الانفصالية الكردية، والانتثار
الطائفي، هناك خطر الانتشار المسلح ذي
الطابع المحلي غالباً، والذي ستجد
الثورة السورية صعوبةً في ضبطه كما
يحصل في ليبيا اليوم. ما عاد الروس أو
أركان النظام السوري المدنيون يتحدثون
عن بقاء النظام، بل يقولون إن الثوار
لن يتمكنوا من الانتصار. ووحدهم
الإيرانيون و«حزب الله» وبعض الجهات
العراقية ما زالوا يتحدثون عن انتصار
الأسد. وقد زعم السفير الإيراني في
لبنان أن 95 في المئة من المسلحين
بسوريا هم من الأجانب! ولن يربح الروس
أو يخسروا إذا زال النظام السوري، فقد
عادوا طرفاً في التنافس على الشرق
الأوسط، وليس عن طريق سوريا فقط؛ بل
وعن طريق الاشتراك في ضمان أمن
إسرائيل، وادعاء حماية الأرثوذكس
بالمشرق! أما الإيرانيون فسيخسرون
كثيراً في العراق وسوريا ولبنان، ولذا
لا يريدون التنازل عَلَناً مع إجراء
تواصُلات سرية مع الإسلاميين للحد من
الأضرار بعد سقوط الأسد. هل يسقط الأسد؟ نعم
وخلال شهرين أو ثلاثة. إنما لابد أن
يعمد العرب إلى مساعدة السوريين على
إقامة حكومة مؤقتة، وتزويد الجيش
السوري الحر بالسلاح الثقيل، لتسريع
سقوط الأسد، وبدون انتظار موافقة
الأميركيين. ================= فايز سارة الشرق الاوسط 6-1-2013 أكدت منظمة مراسلون
بلا حدود، ان العام المنصرم 2012، تضمن
هجمات عنف وإرهاب طالت المشتغلين
بالاعلام والمهتمين به ممن جرى
تسميتهم بـ«المواطنين الصحافيين». حيث
اصاب العنف والارهاب الموجه نحو
الفئتين، ما يقرب ثلاثة آلاف شخص منهم
في انحاء مختلفة من العالم، لكن ابرز
واكثر العمليات اهمية، حدثت في الشرق
الاوسط وشمال افريقيا، وبين دول هذه
المنطقة احتلت سوريا المركز الاول
والابرز بما اصاب المشتغلين بالاعلام
والمواطنين الصحافيين من خسائر
واضرار، تؤشر في محصلتها الى تدهور
مستوى حرية التعبير، وانتهاك حق نشر
المعلومات والاخبار وتبادلها. لقد شملت عمليات
العنف والارهاب في المستوى العالمي
اعتقال واستجواب قرابة تسعمائة صحافي،
وجرى الاعتداء باشكال مختلفة على
قرابة الفين غيرهم، واختطف نحو
اربعين، وتم اعتقال أكثر من مائة
واربعين مدوناً ومواطناً صحافياً،
وجرى حبس قرابة مائتي صحافي، إضافةً
إلى فرار أكثر من سبعين صحافياً من
بلادهم بسبب الظروف السياسيّة، وكلها
عمليات لم تصل إلى مستوى القتل او
الاعدام المباشر للاعلاميين
والصحافيين المواطنين، وقد شمل ثمانية
وثمانين من الاعلاميين، وسبعة واربعين
مواطناً صحافياً، وهذه المحصلة في
اجمالها، تمثل اخطر خسائر تصيب
الاعلاميين والمهتمين بالاعلام منذ
نحو عشرين سنة. ورغم ان ثمة عوامل
متعددة وقفت في خلفيات ما اصاب
الاعلاميين والصحافيين المواطنين من
عنف وارهاب، فان العنف والعنف المضاد
والسياسات الرسمية، كانا البيئة
الحاضنة بالدرجة الاولى لما حدث كما هو
الحال في سوريا، الى جانب عوامل منها
القمع السياسي المنظم كما في الصين
وايران، وحالات الفوضى الشائعة وفق ما
هو قائم في الصومال وباكستان. ان المثال السوري
فيما اصاب الاعلاميين والصحافيين كان
الاشد قسوة وعنفاً مقارنة بما حدث في
البلدان الاخرى. ففي سوريا سعت السلطات
الى تقنين وضبط حركة الاعلاميين
والصحافيين، شاملة بذلك المقيمين في
البلد والراغبين في المجيء اليه من
مختلف انحاء العالم، الامر الذي افسح
المجال لوجود حراك صحافي واعلامي «غير
شرعي» خارج رغبات وخطط السلطات، ومنه
تغطيات للاحداث والتطورات لا تتوافق
مع وجهات نظر السلطة ونظرتها للصراع
القائم، ومنها عمليات عبور اعلاميين
اجانب الى الاراضي السورية خارج
المعابر الرسمية، وقابلت السلطات
العمليات السابقة بأشد الاجراءات قسوة
وعنفاً، شملت الاعتقال والسجن والطرد
والقتل. ولم تكن تلك
الاجراءات هي الوحيدة التي اصابت
الاعلاميين والصحافيين في سوريا، بل
ان اجراءات تقارب ما قامت به السلطات،
اصابت هؤلاء من قبل القوى المسلحة
المضادة للنظام والثائرة عليه، خاصة
ازاء اعلاميين وصحافيين سوريين يعملون
في المؤسسات الاعلامية الرسمية او
بصدد اجانب اعتبروا متعاملين مع
السلطات السورية وأجهزتها الامنية
والعسكرية، لكن محصلة هذه الاجراءات
كانت اقل مما قامت به السلطات، وثمة
التباسات احاطت بمصير عدد كبير من
الاعلاميين والصحافيين ممن قتلوا او
تم اختطافهم. ان الهدف الرئيس لما
اصاب الاعلاميين والصحافيين، كان الحد
من نشر الاخبار والمعلومات ومنع
تداولها بصورة حرة، وغالباً ما كانت
الهوية المهنية او القيام بمهمة
مهنية، وامتلاك بعض ادواتها مثل
الكاميرا التلفزيونية او تصوير
الاحداث على الهواتف الجوالة سبباً في
توقيف الاشخاص وربما قتلهم، واغلب
الذين اعتقلوا او قتلوا ارتبط ما
اصابهم بواحدة او اكثر من الحالات
السابقة، كما هو حال الصحافيين
التركيين حميد جوشكون وآدم اوزكوسي
اللذين احتجزهما الامن السوري لعدة
اشهر، ومثل عديد من المواطنين
الصحافيين وبينهم أحمد حمادة وعبد
الهادي القوملي اللذين قتلا في بابا
عمرو بحمص وحسن أحمد أزهري الذي قتل
تحت التعذيب لدى المخابرات العسكرية،
وهناك من قتل او اعتقل منهم في خلال
وجودهم على مسرح العمليات العسكرية
مثل الصحافي الفرنسي رومي أوشليك،
والصحافية الاميركية ماري كلفين. لكن
ثمة آخرين كانوا خارج الاسباب السابقة
جميعها كما حدث لفريق عمل المركز
السوري لحرية الاعلام ورئيسه مازن
درويش الذين اعتقلوا بسبب متابعتهم
لواقع الاعلام وتسجيل الانتهاكات
الحاصلة ضده فحسب. واستمرار العنف
متصاعداً ضد الاعلاميين والصحافيين
المواطنين في سوريا للعام التالي
للتوالي، وفي غيرها من بلدان العالم،
انما يعني ان الجهود التي بذلتها
المنظمات الحقوقية والنقابية لم تثمر
في منع تواصل عمليات الاعتقال والسجن
والطرد والقتل التي تصيب الاعلاميين
والمواطنين الصحافيين، وتتجاوزهم
لتصيب غيرهم في تلك البلدان ما يحدث في
سوريا، الامر الذي يفرض على تلك
المنظمات وعلى اوساط الرأي العام في
العالم التوجه الى اساليب وطرق جديدة
هدفها حماية الاعلاميين من العنف الذي
يصيبهم وضمان حقهم في الوصول الى
المعلومات والاخبار ونقلها الى عالم
له كل الحق، ان يعرف ما يجري في جنباته. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |