ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 09-01-2013 المصدر:
صحيفة غارديان البريطانية التاريخ:
09 يناير 2013 البيان تبعد
دمشق اليوم كل البعد عما وصفها به
الرحالة ابن جبير في القرن الثاني عشر،
حين قال: "إن كانت الجنة في الأرض،
فدمشق لا شك فيها". فهي في قبضة
الخوف، ومجددا عبر تاريخها المضطرب
تواجه خطر التدمير، مع اقتراب الصراع
من أجل السيطرة عليها من مرحلته
النهائية. فهل ستنتهي المعركة التي
بدأت بسيطرة شديدة على الضواحي بسد
شريان الحياة من المركز؟ في
حين أن المعاناة الإنسانية التي من شأن
صراع كهذا أن ينطوي عليها، غير قابلة
للفهم، فإن ما حدث بالفعل في حمص وحماة
وحلب، ناهيك عن غيرها من المدن
والبلدات في أرجاء البلاد، يعطينا
تصورا مسبقا مقززا. والمخاطر
المادية واضحة، حيث تفخر دمشق، التي
اعتبرتها منظمة اليونسكو موقعا للتراث
العالمي في عام 1979، بضمها للنسبة
الأكبر من المعالم التاريخية السورية. وقد
نجت هذه المدينة، المأهولة منذ الألف
الرابع قبل الميلاد، من زلازل وحرائق
وغزاة طمحوا إلى السيطرة على واحاتها
الخضراء ومسالكها التجارية المربحة.
وباعتبارها بوتقة انصهرت فيها شعوب من
بابل وآشور ومصر وآسيا الصغرى وبلاد
فارس واليونان وروما، فإن دمشق في
أوجها الروماني كانت تكبر باريس بعشرة
أضعاف. وحتى
اليوم، فإن جدران مدينتها القديمة
التي لم تزل قائمة، تطوق ما مساحته 346
هكتارا، وهي مساحة أكبر بكثير من مساحة
المركز الأثري لأي عاصمة أوروبية. وتتفرد
دمشق، أيضا، بمجموعة منازلها الأثرية
الخاصة. فقد حافظت مدن مثل القاهرة
واسطنبول على مساجدها ومدارسها
الدينية وصورها، ولكنها فقدت كل
عمارتها السكنية القديمة تقريبا. وفي
عام 1900، سجل الكتاب السنوي العثماني
16832 منزلا داخل مدينة دمشق القديمة، لا
يزال نصفها قائما، ولا يزال العديد
منها يضم غرفا وساحات غنية بديكوراتها. وقد
لجأت ألوف العائلات التي أخرجت من
منازلها في المناطق "الساخنة"
المحيطة بالعاصمة، إلى هذه المنازل
التي لا يمثل تلاحمها في متاهة الحارات
الضيقة، إلا واجهة غامضة. ويبدو الخطر
بعيدا في هذه الأزقة التي لا تستطيع
الدبابات اختراقها، رغم أن المدفعية
المتمركزة حاليا على جبل قاسيون،
تستطيع بسهولة استهداف المدينة
القديمة. وبصرف
النظر عن الدمار المادي الذي ينتظر هذه
المدينة، فإن نسيجها التاريخي
والثقافي والروحي العميق والمعقد،
سينجو كما سينجو نسيجها الاجتماعي -
المشقوق، ولكن غير الممزق إلى أشلاء.
وفي حال سقط النظام خلال الأشهر
المقبلة، فستكون هناك معاناة وخسارة
مادية على نطاق مرعب. ومع
ذلك، فإن دمشق قد تدمر ولكنها لن تهزم،
فالمكانة التي تحتلها هذه المدينة على
المستوى الإقليمي باعتبارها رمزا
للمشهد السوري، أقوى من أن تهزم. ================== تاريخ
النشر: الأربعاء 09 يناير 2013 الاتحاد هل
تستطيعون التعرف إلى صراع قتل فيه آلاف
المدنيين خلال العام الماضي وتحول من
نزاع مدني إلى عنف طائفي ثم إلى حرب
أهلية فيما المجتمع الدولي يراقب بقلق
بالغ مع تعزيز الولايات المتحدة
لوجودها العسكري في المنطقة ومد
الثوار بالدعم اللوجستي والتدريب، وهو
الصراع نفسه الذي صرح بشأنه مسؤول في
وزارة الخارجية الأميركية أثناء حديثه
عن القوات المناهضة للحكومة من أن
واشنطن «تطور علاقات جيدة مع الثوار».
وكل ذلك يجري في ظل معارضة روسية شديدة
وتحذير واضح من التدخل الغربي، هذا
الوصف يشبه كثيراً ما جرى في سوريا ما
بين عامي 2011 و2012 من انتفاضة ضد حكم
الأسد، لكن الحقيقة أن هذه كانت مشاهد
من الأحداث التي سبقت التدخل العسكري
الأميركي في كوسوفو خلال شهر مارس عام
1999، وإنْ كان الأمر كله ينطبق أيضاً
على الوضع السوري المتأزم؛ فالإدارة
الأميركية قررت مؤخراً إرسال الجنود
ونشر صواريخ باتريوت في تركيا
المجاورة لسوريا شمالا، كما وفرت
الدعم اللوجستي والاعتراف الرسمي بقوى
المعارضة والثورة، وفي نفس الوقت لا
تكف أعداد القتلى عن الارتفاع بعدما
حددت الأمم المتحدة الرقم في أكثر من 60
ألف قتيل بلغها الصراع في سوريا
متجاوزاً خمسة أضعاف عدد القتلى الذين
سقطوا في حرب كوسوفو خلال السنة التي
قررت فيها الولايات المتحدة التدخل
العسكري. وعلى
غرار كوسوفو أيضاً تحذر روسيا اليوم من
مغبة التدخل الغربي في سوريا، وفيما
يزن أوباما خيارات العمل العسكري في
سوريا كما يفعل حالياً عليه التفكير في
أوجه الشبه تلك لعله يجد في ذلك سبباً
إضافياً لدعم المعارضة السورية
ومحاربة ظاهرة أخرى لم ترتبط بالحالة
الكوسوفية والمتمثلة في التطرف
الإسلامي. ولفهم
ما جرى في كوسوفو جلست مؤخراً مع «بيتريت
سليمي»، المسؤول في وزارة الشؤون
الخارجية بكوسوفو، حيث أردت أن أعرف
منه كيف للصراع في كوسوفو أن يشبه ما
يجري حالياً في سوريا والدور الذي يمكن
للجماعات المتشددة أن تلعب في كلا
الصراعين، وبالأخص أردت أن أعرف لماذا
لم تتحول كوسوفو قط إلى منصة لانطلاق
الجماعات «الجهادية»، وذلك بالرغم من
الكثافة المسلمة في كوسوفو واستطالة
الصراع في المنطقة التي غالباً ما تشكل
التربة الخصبة لصعود التيارات
الإسلامية المتشددة، بل بالعكس من
ذلك، سلكت كوسوفو مساراً مغايراً
بتطوير مؤسساتها الديمقراطية
والانخراط في عملية الإصلاح
الاقتصادي، وتعزيز دور النساء في
المجتمع. ورغم
وجود بعض العثرات في المسيرة مثل
الفساد المنتشر وتقصير الحكومة في بعض
المجالات، فإنه في الأخير نجحت كوسوفو
في تفادي سقطة التطرف الإسلامي؛ ولا
يعني ذلك أن الجماعات الإسلامية لم
تسعَ على امتداد سنوات الصراع إلى
توطيد وجودها في المنطقة، حيث وصل
الآلاف من المقاتلين الأجانب إلى
كوسوفو محاولين، كما يوضح ذلك «سليمي»،
«تصوير الصراع على أنه حرب دينية». وعلى
غرار الجهاديين الأجانب في سوريا،
حاول المتطرفون في كوسوفو «تحويل
المنطقة إلى منصة لانطلاق ليس فقط
لمحاربة الصرب، بل كل القوى التي
يرونها استعمارية ومناهضة للإسلام»؛
فكيف إذن استطاعت كوسوفو مقاومة
المتطرفين؟ الجواب حسب «سليمي» يكمن
في الدعم الأميركي، لا سيما التنسيق
المتنامي للولايات المتحدة مع مظلة
الثوار ممثلة في جيش تحرير كوسوفو،
فبعد التدخل الأميركي الذي جاء في
أعقاب أزمة اللاجئين الفارين من قوات
ميلوسوفيتش قررت واشنطن التواصل مع
الثوار وتعزيز حضور الجماعات
المعتدلة، وفي هذا السياق يوضح «سليمي»
قائلا: «ما دام جيش تحرير كوسوفو كان
متحالفاً مع الأجندة الغربية لم يكن
هناك مجال لحصول الجماعات المتشددة
على دعم ومساندة السكان». ويأتي
أيضاً ضمن أسباب تفادي السقوط في شرك
التطرف بكوسوفو التدخل العسكري
المباشر للولايات المتحدة الذي لعب
دوراً مهماً في تهميش الأصوات
المتطرفة، وهو ما أشار إليه «سليمي»
بقوله :«كانت أميركا الحليف الأول
للكوسوفيين والألبان، وأي طرف يريد
إيغار صدر السكان ضد الأميركيين لم يكن
ليجد صدى بين الأهالي»، لكن لو لم
تتدخل أميركا عسكرياً لكان الوضع أسوأ
ولاستطاعت القوى المتطرفة التجذر في
المنطقة، مستندة إلى إحباط السكان من
الغرب الذي تخلى عنهم. وبالطبع تبقى
كوسوفو بعيدة عن سوريا لا من ناحية
الجغرافيا ولا من جهة الجوانب
التاريخية والعرقية والدينية وغيرها،
ولا أحد يستطيع التحديد على وجه الدقة
إلى ماذا كانت ستنتهي كوسوفو بدون
التدخل الأميركي، لكن مع ذلك تظل أوجه
الشبه ماثلة بين التجربتين، لا سيما
فيما يتعلق بخطر التطرف عندما يفقد
السكان أي أمل في خلاص سريع ويشتد فيه
قمع النظام، وهو ما يفسر انشغال إدارة
أوباما في هذه الأثناء بتنامي نفوذ
التيارات المتطرفة في صفوف الثورة
السورية، وإذا كان هناك من درس تعلمناه
خلال العقد الأخير فهو قدرة المتطرفين
على استغلال الصراعات الداخلية في أي
مكان في العالم لتعزيز أيديولوجيتهم
المعادية للغرب سواء كان ذلك في
باكستان، أو اليمن، أو مالي، لذا وفيما
يشاهد أوباما تصاعد نفوذ الجماعات
المتشددة في سوريا مع ارتباط بعضها
مباشرة بتنظيم القاعدة فإن عليه
الاستفادة من تجرية التدخل في كوسوفو،
وإذا كانت حملة جوية تستمر ثلاثة أشهر
ستهزم قوات الأسد وتمنع تجذر التطرف
الإسلامي في المنطقة ويعطي للمعارضة
السورية الفرصة لتأسيس حكم ديمقراطي،
فإن هذا الجهد يستحق الكلفة، كما أنه
في حال قررت الولايات المتحدة التدخل
في سوريا على غرار ما قامت به في كوسوفو
فإن السوريين قد يتمكنوا من تكرار
العبارة نفسها التي رددها «سليمي» من
أن كوسوفو أصبحت لأول مرة «ملكاً لنا». ------ أندرو
بورت كاتب
أميركي متخصص في شؤون الإرهاب ------- ينشر
بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس
مونيتور» ================== علي
بن حسن التواتي عكاظ تقع
دار الأوبرا السورية في منطقة محمية
بشكل جيد غرب دمشق بالقرب من ساحة
الأمويين التي تعتبر مصبا لعقدة من
الطرق الرئيسية التبادلية التي تسهل
الدخول إليها والخروج منها باتجاه
القصر الرئاسي الذي لا يبعد عنها كثيرا
وهذا ما يميز موقعها عن موقع مجلس
الشعب السوري. ورغم أن دار الأوبرا قد
توحي للبعض برومانسية حالمة إلا أن
خطاب الرئيس السوري بشار الأسد فيها
يوم الأحد الماضي بعيد كل البعد عن
الأحلام والشعر والموسيقى وكافة القيم
الفنية المضيئة. فقد حفل الخطاب بنفس
الأوصاف والشتائم المقذعة للمعارضة
وللدول الإقليمية التي اتهمها بالتآمر
على سوريا وتشبث بحالة الإنكار التي
ركن إليها منذ أول يوم لاندلاع الثورة
السورية حتى وصل به الأمر حد استعارة
مقولة شهيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي
(بنيامين نتنياهو) في تهربه من التفاوض
مع الفلسطينيين بأنه (يريد السلام
ولكنه لا يجد شركاء ليتفاوض معهم من
أجل السلام). حالة
الإنكار التي تشبث بها الرئيس السوري
كانت مبررة في الأشهر الأولى من عمر
الثورة السورية بالظن بإمكانية تسخير
القوة العسكرية المسنودة بالأسلحة
الروسية والخبرات الإيرانية لسحق
المعارضة والقضاء عليها. ولكن الوقائع
على الأرض خيبت ظنه وظن من أغروه
باللجوء للقوة العسكرية ليجد أن
المعارضة تقوى وتنتشر وتنتقل من وضع
الدفاع إلى وضع الهجوم وتسيطر على أكثر
من 50% من مساحة البلاد وتوشك أن تطبق
عليه وعلى ما تبقى من بنية جيشه
المتهالك في دمشق. والقوى الدولية
الأطلسية التي يصفها بالمتآمرة تتواجد
الآن تواجدا عسكريا فعليا على الحدود
الشمالية مع تركيا من خلال تنصيب
وتشغيل منظومة صواريخ الباتريوت
الأمريكية المضادة للصواريخ. وهي ترسل
التهديدات إلى النظام السوري بشكل شبه
يومي محذرة من استخدام الأسلحة
الكيماوية. وفي هذا السياق يأتي تعيين
الديموقراطي جون كيري وزيرا لخارجية
الولايات المتحدة صاحب الخلفية
العسكرية الذي يشارك الجمهوريين
طموحاتهم الإمبريالية ولا يمكن التنبؤ
بأجندته المعدة للشرق الأوسط قبل مرور
بعض الوقت. ورغم ما يشاع عن علاقة صداقة
وود عائلية تربط بين كيري والأسد إلا
أن التاريخ أثبت أن مثل هذه العلاقات
لا يمكن التعويل عليها كثيرا في
التعامل مع الدول الكبرى ذات المصالح
والمسلمات في المنطقة. أما
على المستوى الإقليمي فهناك تغيرات لا
تخطئها العين من أهمها الحوار الجدي
الذي بدأته تركيا مع حزب العمال الكردي
وربما قبولها بدور إقليمي أوسع لحكومة
كردستان العراق قد يصل مستقبلا حد
الاستقلال ما يتوقع أن يحرم الأسد من
آخر ورقة ضغط متوفرة بيده على تركيا.
وهذا التطور الأخير انعكس ايضا على
أوضاع العراق، الشريان الآمن حتى الآن
للأسلحة الروسية والأموال الإيرانية
لتغذية الآلة العسكرية المدمرة للشعب
السوري وضمان تماسك النظام. فالتململ
السني من سياسات التهميش والبطش التي
تطبق في حق السنة تحت عناوين متعددة
يحظى من ناحية بتعاطف بعض الأوساط
الشيعية ذات التوجه القومي وقد يتطور
من ناحية أخرى إلى تحالف مع الأكراد
وقد يخلخل الأوضاع في العراق إلى حد
التأثير على مستوى الدعم الذي يتلقاه
النظام السوري عبر العراق. ولا
أعتقد بأن الرئيس السوري وأركان نظامه
يجهلون هذه الأبعاد وأبعد منها لأنها
تدخل في وارد الحياة والموت بالنسبة
لهم. ولذلك لا يمكن التعامل مع ما ورد
في خطاب الرئيس السوري من مبادرات
تعجيزية ورفض للتعامل مع القوى
المعارضة باعتباره امتدادا لحالة
النكران المستمرة بل هو في الحقيقة
يطرح رغبته في التفاوض على حل أشبه ما
يكون بالحل اليمني يضمن فيه البقاء على
رأس هرم السلطة في سوريا إما بشكل فخري
أو من خلال رجاله الأقوياء. ويؤكد هذا
التوجه الرفض الروسي الواضح لتخلي
الرئيس الأسد عن السلطة في الوقت
الراهن. وتزامن خطاب الأسد مع اجتماع
لنائب وزير الخارجية السوري فيصل
المقداد مع وزير الخارجية الإيراني
أكبر صالحي الذي سيصل غدا إلى القاهرة
التي دخلت على خط الأزمة السورية في ما
يبدو وكأنه تقمص لدور رعوي جديد كوسيط
للسلام في المنطقة. ويتوقع أن يحمل
صالحي معه الرؤية الإيرانية السورية
الروسية المشتركة لأطراف أخرى لم تسلط
عليها أضواء الإعلام بعد. وتلك الأطراف
هي التي اجتمع معها رئيس المخابرات
الإيرانية اللواء قاسم سليماني في
القاهرة على مدى خمسة أيام من 26 إلى 30
ديسمبر المنصرم.. ولذلك أتوقع أن نشهد
قريبا حلا يرضي الرئيس الأسد وحلفاءه
ولا يغضب الولايات المتحدة التي تعاني
حتى الآن من رهاب القاعدة، ويقوم على
التفاف جماعة الإخوان المسلمين
السورية على باقي أطياف المعارضة
بقبول الجماعة للتفاوض مع نظام الأسد
لتشكيل حكومة انتقالية موسعة كخطوة
أولى نحو حل شامل.. ولكن هل يمكن لمثل
هذا الحل أن يرضي كافة فصائل المعارضة
السورية التي فقدت ما لا يقل عن 60 ألف
قتيل حسب بيانات الأمم المتحدة عدا
المفقودين والمهجرين والجرحى والدمار
الشامل الذي حل بالبلاد. هل يمكن للقوى
الدولية الفاعلة في المنطقة أن تمرر
مثل هذا الحل الذي يضمن لها التعامل مع
وجوه تعرفها بدلا من انتظار مفاجآت
الانتصار العسكري للمعارضة المسلحة
ونوعية السلطة التي ستفرضها في دمشق.
هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة
القادمة. ================== سوء
تقدير وخطأ في الحساب * عريب الرنتاوي الدستور 9-1-2013 من
بيروت إلى طهران، مروراً بدمشق، تعالت
صيحات النصر مبكراً..الجيش السوري يحقق
تقدماً على عدة محاور، في ريف دمشق
وحمص وحول حلب..في الوقت الذي عادت فيه
المعارضة للشكوى من قلة المال
والسلاح، بعد ضعوط واشنطن المتزايدة
على “المانحين الخليجيين والأتراك”..فيما
انقسامات المعارضة السياسية
والعسكرية، تبدو عصيّة على التجسير،
لا بالمجلس العسكري الجديد برئاسة
الضابط المنشق سليم إدريس، ولا
بالائتلاف الوطني لقوى الثورة
والمعارضة برئاسة معاذ الخطيب. الأسد،
بدا في خطابه كمن يملي شروطه على
الآخرين، ومن موقع المنتصر، رغم أن دوي
القذائف والصواريخ، ما زال يتردد في
جنبات قصره الرئاسي..إيران رددت صحيات
النصر السوري، معتبرة على لسان
مرجعياتها العسكرية بأن ما يجري في
محيط دمشق، انتصار رابع يسجل لمحور
المقاومة والممانعة..فيما جبهة
النصرة، تكاد تغطي على الجيش الحر
وتطغى الفصائل المسلحة الأخرى، وبما
يثير قلق الغرب وحذره الشديدين، وبما
يكفي لدفع حكومة نتنياهو لبناء سياج
الكتروني على طول الحدود مع سوريا،
بذريعة أن الجيش النظام أخلى مواقعه
هناك لصالح “الجهاد العالمي” على حد
تعبير بينيامين نتنياهو. ثمة
مؤشرات عديدة، تعمل لصالح الأسد
ونظامه..تحذيرات البابا بنديكتوس
السادس عشر من “المذبحة السورية”
وتحويل سوريا إلى “كومة من الخراب
والدمار”...تحذيرات الكنيسة
الأرثوذكسية الروسية من مخاطر تهجير
المسيحيين السوريين إلى الغرب،
وبتواطئ من العواصم الغربية ذاتها..ومن
هذه المؤشرات أيضاً، جنوح بعض أطراف “الحسم
العسكري” في سوريا، لخيارات الحل
السياسي وترك مستقبل سوريا ونظامها
ورئيسها للشعب السوري (البيان المصري
– السعودي)، وحديث أحمد أوغلو عن حوار
بمشاركة ممثلية عن “الدولة السورية”..ومنها
الغياب الكامل لدعوات التدخل العسكري
وفرض ممرات آمنة ومناطق حظر طيران. الرئيس
الأسد، يراهن كما قال بوضوح في خطابه
على “تحوّل ما” في الموقف الأمريكي،
ألم يقل بأنه يفضل التحاور مع “السادة”
على الحوار مع “العبيد”، والسادة هنا
هم أصحاب القرار الإقليمي – الدولي،
أما العبيد فهم المعارضين المرتبطين
بها، وفقاً لتصنيفات الأسد، وثمة رهان
سوري على أن واشنطن، بعد استكمال بناء
إدارة أوباما الجديدة (كيري – هييغل)،
ذاهبة إلى “الصفقة الكبرى” مع روسيا..ذاهبة
إلى الحوار والتسويات والصفقات، وليس
إلى الحسم المفضي للفوضى غير البناءة،
مستفيدة من درسي العراق وليبيا. وثمة
رهان في دمشق، على أن تداعيات الأزمة
السورية الإقليمية، بدأت تعطي أُكلها..وأن
الإقليم بأسره، وليس سوريا وحدها،
تغلي على مرجل الحرب الأهلية السورية..العراق
يكاد لا يفصله عن الانفجار الكبير، سوى
مواجهة دامية واحدة...ولبنان ناء بحمل
اللاجئين وانقساماته وتوتراته
الثقيلة..وتركيا التي انكفأ دورها في
الأزمة السورية إلى ما دون الدور
القطري، تواجه تحديات ستتكشف عنها
صناديق الاقتراع في الانتخابات
المقبلة...والأردن يعاني صداعاً
مستمراً اسمه “مخيم الزعتري” ويسكنه
القلق من تحول سوريا برمتها، إلى “أنبار
2”. لكن
الذي لا تدركه القيادة السورية، أن هذه
التبدلات والتغييرات، ذات طبيعة مؤقتة
ومتحركة..فالتقدم على الأرض، ما زال
يُقاس بحسابات التكتيك وليس
الاستراتيجية..والمعارضة، وإن كانت
فقدت قدرتها على شنّ هجمات
استراتيجية، إلا أنها قادرة على خوض
حرب استنزاف طويلة الأمد، ستنهك
الدولة وتفكك المجتمع وتدمر الاقتصاد
والحياة..أما المجتمع الدولي، فهو وإن
جنح لخيار “الصفقات والتسويات”، إلا
أن إجماعه ما زال قائماً على القول بأن
عصر الأسد قد انتهى، وأن لا مكان
للرئيس في إدارة مرحلة الانتقال، ولقد
اتضح ذلك من ردات الفعل العنيفة
والغاضبة على الخطاب الخامس للرئيس. نعم،
ثمة فرصة لصفقة سياسية مع سوريا
وحولها، تضع حداً للذبح والقتل
اليوميين..لكن كافة القراءات السياسية
لمواقف الأطراف الفاعلة في الأزمة
السورية، تؤكد أن لا مكان للأسد في
مستقبل سوريا..الغرب قابل بنظام الأسد
ولكن من دونه..والخيار هنا متروك
للقيادة السورية لتقرر ما إذا كان
الاحتفاظ بـ”رأس النظام” جدير بكل
هذه المذابح والخراب. ثمة
فرصة أمام النظام السوري للاحتفاظ
بعموده الفقري، مع توسيع دائرة
المشاركة فيه، وتغيير آليات الحكم
والسلطة، ولكن من ضمن ثوابت ومحددات
تتصل بالسيادة والاستقلال والموقع
والدور..لكن السؤال الذي يتعين على
القيادة السورية أن تجيب عليه، ومن
موقع المسؤولية الوطنية والحرص على
سوريا التي نعرف: هل ستفقد سوريا
استقلالها وسيادتها وموقعها ودورها،
إن تخلى الرئيس عن صلاحياته لحكومة
انتقالية، أو إن تنحى لصالح “مجلس
رئاسي” من النظام والمعارضة؟. هل
تعتقد القيادة السورية حقاً، أن
الرئيس يمكن أن يحكم لولاية أخرى، بل
وأن يجري انتخابه لولاية رئاسية
إضافية، بعد كل هذا الذي شهدته سوريا
في عهده، وبصرف النظر عن درجة
المسؤولية التي يتحملها شخصياً فيما
آلت إليها سوريا..هل باتت سورياً
عاقراً عن أن تلد زعماء ورؤساء يحفظون
لسوريا وحدتها وسيادتها واستقلالها
ودورها “المقاوم والممانع”؟. ثمة
فرصة تلوح في أفق الأزمة، نخشى أن خطاب
الرئيس قد بددها..ونخشى أن يكون القوم
قد وضعوا معياراً للنصر أو الهزيمة هو
بقاء الأسد أو رحيله...ألم يُقَل لنا في
1967 بأن إسرائيل هزمت في حرب الأيام
الستة لأنها عجزت عن زحزحة بعض الحكام
العرب عن مقاعدهم...هل هي القاعدة ذاتها
يُعاد انتاجها سورياً هذه المرة..وما
نفع بقاء الرئيس فوق جبال من الجثث
والجماجم والخرائب..وما قيمة الرئاسة
إن ضاعت البلاد وتقسم العباد وعمّت
الفوضى والخراب؟. ================== عبدالله
إسكندر الأربعاء
٩ يناير ٢٠١٣ الحياة لم
يؤثّر قيد أنملة في الموقف المعلن
لنظام دمشق تشريد مئات آلاف السوريين
وتدمير نسب كبيرة من المدن والقرى في
الحواضر والأرياف واختفاء عشرات
الآلاف ومقتل نحو 60 الفاً آخرين في أقل
من سنتين من عمر الحركة الاحتجاجية.
وبغض النظر عن النتائج السياسية
الكثيرة الأهمية، لم يكن لهذا الحجم
الهائل من الدمار والقتل والتشريد أي
أثر في القراءة العلنية للنظام لما
يجري في سورية. وحتى
لو صدقنا أكاذيب هذه القراءة وتبريرات
العنف المنفلت من كل عقال والذي
تستخدمه قوات النظام، ألا يعني لحاكم
يرى حجم الكارثة التي تحل ببلده وشعبه
ضرورة لجم المأساة بأي ثمن؟ قد لا تكون
هناك سابقة في العالم حيث لم يعرب رئيس
عن أي لفتة تضامن مع شعبه المنكوب كما
فعل الرئيس بشار الأسد في خطابه
الأخير، عندما نفى طابع الأزمة
الداخلية عن الأحداث، وقدَّمها على
أنها مؤامرة خارجية سيستمر في
مواجهتها. وهذا
في ذاته ما يفسر تلك اللامبالاة
الاستثنائية التي يبديها النظام
السوري إزاء الدمار الهائل الذي لحق
بشعبه وأماكن سكناه وسبل عيشه، كما
يفسر الاحتقار لحياة مواطنيه، ناهيك
عن النتائج السياسية والاجتماعية
البعيدة المدى لمثل هذا الدمار
والاحتقار اللذين لا يمكن أن يسهلا
عيشاً مشتركاً في المستقبل. ثمة
من يعتقد بأن مثل هذا السلوك الذي يدفع
الأمور في سورية إلى أقصاه قد يكون من
أجل تبرير تقسيم لاحق، بذريعة أنه لا
يمكن العيش مع «الإرهابيين»، كما وصف
الأسد الشعب السوري المنتفض عليه. لكن،
وقبل الوصول إلى هذه المرحلة، ثمة
خلاصات سياسية تفرض نفسها. لقد بات
واضحاً أن النظام السوري الذي تظاهر
بقبول حل سياسي ووساطات عربية وخارجية
ليس في وارد القبول بأي حل، باستثناء
إدانة حراك شعبه والاعتراف له بسلطة
مطلقة، واعتبار أن كل ما قام به وكأنه
لم يكن، أي العودة إلى ما قبل اندلاع
الانتفاضة. وهذا
يفرض على العالم المهتم بالكارثة
الإنسانية والسياسية السورية تغيير
أسس مقاربته لهذه المعضلة على أساس أن
الشعب السوري معرض للإبادة على يدي
النظام، ما يفرض تدخلاً إنسانياً
ملحاً، كما يحصل في أماكن أخرى في
العالم. وهذا التدخل ينبغي أن يستهدف
آلة القتل لدى النظام، وليس فقط تقديم
مساعدات للسوريين الهاربين من الجحيم
في البلدان المجاورة. وفي
ظل رفض النظام أي محاولة لتسوية لا
تبقيه كما هو عليه الآن، كما أعلن
الأسد نفسه، لا بد من إعادة التفكير في
طبيعة مهمة الموفد الدولي-العربي
الأخضر الإبراهيمي. وبغض النظر عن
الأفكار التي يمكن أن يكون بلورها حتى
الآن، ومدى مساحة التقارب الأميركي-الروسي
في شأنها، فهي ستصطدم بالتعنت ذاته
الذي يبديه النظام ازاء شعبه،
وباستمرار آلة القتل في عملها من اجل
فرض حل أمني موهوم. وربما الخلاصة التي
وصلت إليها المعارضة الداخلية، بعد
خطاب الأسد، قد تكون دليلاً إضافياً
على ما ذهبت إليه قبلها الحركة
الاحتجاجية وقوى المعارضة الأخرى.
وهذه الخلاصة هي أن النظام لا يزال
يتمسك بالحل الأمني وحده، ويقطع
الطريق على أي حل سياسي، فالحل الأمني
وحده بالنسبة إليه، يضع البلاد أمام
أحد خيارين يعمل لهما بالتوازي: إعادة
إخضاع السوريين له والعودة إلى ما قبل
اندلاع الحركة الاحتجاجية أو الانتقال
إلى المنطقة الساحلية والتحصن فيها،
مع تغير ميزان القوى العسكري وتوسع
نفوذ المعارضة. ================== سعيد
ناشيد * الأربعاء
٩ يناير ٢٠١٣ الحياة في
خطابه الأخير، والذي قد يكون آخر
خطاباته، ومن داخل دار الأوبرا بدمشق
في ما يبدو، قدم بشار الأسد ثلاثة
اعترافات مصيرية: أولاً، اعترف بأنه قد
اختار الحل الأمني منذ الوهلة الأولى،
ليقينه بأن السلمية لم تكن سوى قناع
يخفي السلاح. ثانياً، اعترف بأن
العمليات القتالية ستستمر بالضرورة
وبمعزل عن أي مبادرة سياسية.ثالثاً،
اعترف بوجود مواطنين مدنيين يقاتلون
بجانب الجيش النظامي، وهم الذين يسمون
بـ «الشبيحة». فما
الذي يريده بشار الأسد؟ إليكم ما يريد:
يريد أن يتوقف الاحتجاج على القمع قبل
أن يتوقف قمع الاحتجاج. ثم ماذا؟ لا
ينكر أنه يريد شركاء سياسيين قد لا
يمانع في محاورتهم لكنه ينفي وجود
شركاء كما يريد، ولذلك لا بأس أن يحاور
من يريد. ثم ماذا؟ يريد أن يصدر عفواً
عاماً في يوم غير معلوم لكن، تبقى
المتابعة باسم الحق الخاص قائمة في حق
من يريد. ثم ماذا؟ يريد إصلاح البلاد
لكن، على النحو الذي يريد ومتى يريد
وكيف ما يريد. ثم ماذا؟ يريد أن يصادق
على المبادرات الدولية لكن، بالتأويل
الذي يريد. ثم ماذا؟ يريد أن يستمر في
الحل الأمني من دون أي أفق زمني محدد.
ثم ماذا بعد؟ بشار يريد شعباً لا يشبع
من ترديد شعار: «الله، سورية، بشّار
وبس». لأنه وحده من يريد. مختصر
الكلام، ليس هناك شيء اسمه ما بعد بشار. هل
بقي ما نضيفه في الأخير؟ من أبرز زلات
لسانه (وليس يخفى أن زلات اللسان كاشفة
في التحليل النفسي) أنه قال: «ضباطي وصف
الضباط»، قبل أن يستدرك بحذف ياء
التملك. تلك
زلة لسان تقول كل شيء عن كل ما يريده
بشار الأسد. ================== وائل
السواح * الأربعاء
٩ يناير ٢٠١٣ الحياة لا
يمكن بحال من الأحول استبعاد أن يكون
الرئيس بشار السد وأسرته ومن معه من
الحلقة الضيقة التي تصنع القرار قد
فكروا بتقسيم سورية كحل أخير. وهم ربما
فكروا بذلك استمراراً لامتيازاتهم
الاقتصادية والسياسية التي فرضوها
لأنفسهم، أو نكاية بإصرار الأغلبية
الشعبية التي ترفض وجودهم، وخوفاً من
الملاحقة القضائية التي يمكن أن
يتعرضوا لها في حال وافقوا على مغادرة
البلاد. إذاً
قد يكون هذا الاحتمال قد مر بخاطرهم
فعلاً في لحظة ما، ولعله يراودهم كل
يوم منذ أن بات في حكم المؤكد سقوطهم
كنظام وكعائلة وكمجموعة مستفيدة من
الحكم. بيد أن العاقل منهم يعرف أن هذا
الخاطر لا يمكن أن يعدو حلماً، وأن
تقسيم سورية غير قابل للتطبيق، ليس
بسبب الشعور الوطني ولحمة السوريين
وتكاتفهم كأمة واحدة، وهو أمر قابل
للنقاش بحد ذاته، وإنما ببساطة لأنه
مستحيل التطبيق حتى ولو رغب أطرافه
بشدة القيام بذلك. مبدئياً،
يدور الحديث عن انسحاب الأسد ومعه
القوات الموالية له إلى محافظتي
اللاذقية وطرطوس، وتشكيل دولة مستقلة
هنالك. وثمة روايات مطروحة على بعض
صفحات الصحف العربية والأجنبية وصفحات
التواصل الاجتماعي تحكي بالتفصيل عن
خطوات إقامة دولة للعلويين في غرب
سورية. وتعتمد أفضل الروايات على خبر
مفاده أن الأسد أمر بنقل اطنان من
الذهب السوري والقطع الأجنبي والاسلحة
الثقيلة والصواريخ الى مناطق في
الساحل العلوي. بل إن صحافياً
إسرائيلياً رصيناً كشلومو أفنيري كتب
تحليلاً قبل اشهر في صحيفة هآراتس، قال
فيه إنه اذا سقط الاسد فلا يمكن نفي
سيناريو «اجتماع العلويين في حصنهم
الجبلي». ويزيد موقع سوري مقرب من
الحكومة أن اسم الدولة العتيدة يجب أن
يكون «دولة سورية العلمانية» لكي
تجتذب «الأقليات الأخرى غير السنية»
فلا تعطي لنفسها صبغة مذهبية. وتقول
فنانة سورية مثقفة في صفحتها على «فايسبوك»
إن الأسد يريد أن يحول ما تبقى من سورية
إلى «عالة اقتصادياً على دول لا ينقصها
غزة أخرى». لماذا
لا يمكن لهذا الكلام أن يتحقق؟ ثمة
أسباب عدبدة لذلك. إن خطوة كهذه لا يمكن
أن تتحقق ما لم تحظ بموافقة دولية. ولا
يمكن منطقياً للمجموعة الدولية التي
تريد من الأسد أن يتنحى أن تقبل به
رئيساً لدويلة مذهبية قد تؤدي بباقي
الداخل السوري إلى التطرف الإسلامي
الذي يقلق العالم، بمن فيه روسيا التي
مهما بلغ تأييدها لنظام الأسد لا يمكن
أن يصل ذلك إلى إقامة دولة تنمي التطرف
الإسلامي في المنطقة التي تعتبرها
حديقتها الخلفية. كما
أن عدد العلويين الموجودين في المدن
السورية الداخلية أكثر من عدد
الموجودين منهم في الساحل، وقيام دولة
علوية في الساحل يعني ترحيل أكثر من
مليون ونصف مواطن سوري (علوي) من بيوتهم
في دمشق أو حمص أو حماة إلى منطقة لا
يملكون فيها بيتاً أو أرضاً، والأهم
أنهم لا يملكون عملاً. إلى ذلك، فإن
مئات الآلاف من المواطنين السوريين (السنة)
سوف يتم تهجيرهم من بيوتهم ومدنهم التي
ولدوا واعاشوا فيها مئات السنين، وهو
أمر ليس بالسهولة المتخيلة، إذ يمكن
لمقاومة هذه العائلات أن تؤدي إلى حرب
أهلية بكل معنى الكلمة ستكون تكلفتها
عالية على جميع الأطراف. زد
على ذلك أن الدولة المقترحة لا تملك
أية مقومات للصمود كدولة على الصعيد
الاقتصادي. ومعروف أن الدولة – مطلق
دولة – يبنغي لها أن تتمتع بسوق داخلي
وخارجي يؤمن دورة إنتاج كاملة لها.
بينما لا تمتلك المنطقة الساحلية،
التي أهملها النظام السوري اساساً
وتركها إقطاعية للمتنفذين من آل الأسد
ومخلوف يعيثون فيها فسادا، أية مقومات
اقتصادية، باستثناء زراعة غير
استراتيجية (خضار وتبغ وحمضيات) ومرفآن
لن تحتاج إليهما لأنه لن يكون لديها ما
تصدره، وليس من المنطقي أن تتعاون دولة
الداخل معها في استخدام المرفأ. إن
الدولة المقترحة ستكون محاصرة من كل
الجهات بمحيط سني عدائي لن يتيح لها أن
تتنفس الصعداء، فسورية الداخلية ستحيط
بها من الشرق على أطول حدودها، بينما
سيكون جارها الشمالي تركيا التي لن
تسعد بقيام دولة يمكن أن تثير لديها
قلاقل داخلية ليست بالتأكيد مستعدة
لها. أما في الجنوب فثمة شمال لبنان
الطرابلسي (السني) الذي سيلعب دوراً في
التأكد من أن لا يهنأ الأسد في مملكته
الجديدة. على
أن أهم من كل ما سبق أن النظام لا يضمن
الطائفة التي أعلن نفسه ناطقاً باسمها
وحامياً لها. فلئن كان شق من الطائفة
يدعمه، فإن مئات ألوف السوريين
الوطنيين من طائفته لا يمكنهم القبول
بفكرة تقسيم وطنهم وانعزالهم في دويلة
مذهبية سوف يحاربون هذه الفكرة
ويصطفون مع الوطن الأم. ولن يقبل بحكم
الأسد في دويلته آلاف العلويين الذين
شاركوا في الثورة منذ اليوم الأول،
وأولئك الذين ساهموا في التحضير لها
والذين كانوا في المعارضة السورية
لنظام الأسد حتى قبل أن يدخل ريح
الربيع العربي الحدود السورية، كما لن
يقبل بذلك بكل تأكيد المناضلون
القابعون الآن في سجونه وفي مقدمتهم
مازن درويش وعبد العزيز الخير
ومجدولين حسن ومئات غيرهم، اعتقلهم
النظام وعذبهم وهجرهم وحرم عائلاتهم
منهم. وإلى جانب هؤلاء المناضلين سيصطف
أسرهم وأصدقاؤهم ومحيطهم الاجتماعي
الذي لن يضحي بأبنائه على مذبح العائلة. ومن
ثم السؤال الأخير: ماذا سيفعل الأسد
بكل الموالين له من السنة السوريين
الذين – بسبب مصالحهم الضيقة – رفعوا
صوره وتغنوا بمجده ولا يزالون مخلصين
له إلى الآن؟ ومع
ذلك، قد يصر البعض في النظام بسبب
الحمق أو الخوف من العدالة أو تشجيع
أطراف خارجية مثل إيران و «حزب الله»
على المضي بخطتهم إلى الأمام. وربما
نجحوا بالقوة والحديد في إقامة دويلة
مذهبية قائمة على تهجير العلويين من
المدن الداخلية وتهجير السنة من المدن
الساحلية. إلا أن السؤال الجوهري يبقى:
كم من الزمن يمكن لحكم الأسد أن يستمر
ثمة قبل أن ينتفض ضده العلويون أنفسهم
الذين ذاقوا ما ذاقوه من فجور شبيحة
النظام في الساحل منذ السبعينات؟ إن
قلة تعرف أن مصطلح الشبيحة الرائج الآن
كان يطلق حصرياً على عصابات آل الأسد
التي كانت تشبح على أهالي منطقتهم وجل
ضحاياهم كانوا من العلويين أنفسهم. ================== الاردن
يدفع ثمن الازمة السورية وشقها
العراقي رأي
القدس 2013-01-08 القدس
العربي حكومة
السيد نوري المالكي في العراق تعيش هذه
الايام حالة من التخبط وانعدام الوزن،
وابرز مؤشرات ذلك هو اقدامها على اغلاق
الحدود مع الاردن من جانب واحد
واعتبارا من فجر اليوم. وكالة
الانباء الاردنية 'بترا' التي بثت هذا
الخبر قالت ان السلطات الاردنية تلقت
اخطارا من الجهات العراقية، مفاده ان
معبر طريبيل الحدودي سيغلق اعتبارا من
اليوم الاربعاء 'لاسباب خاصة' دون اي
توضيح لهذه الاسباب وطبيعتها. الامر
لا يحتاج الى توضيح، فمنطقة الانبار
التي تشهد حاليا انتفاضة شعبية ضخمة
تطالب برفع المظالم عن اهلها، وانهاء
حالة الاقصاء التي يتعرضون لها لاسباب
طائفية محضة من قبل حكومة طائفية. عشرات
الآلاف من اهالي محافظة الانبار نزلوا
الى الشوارع طوال الايام العشرين
الماضية واغلقوا الطريق الذي يربط
الحدود الاردنية بالمدن العراقية،
ويشكل الشريان التجاري الرئيسي،
مطالبين بالغاء قانون الارهاب الذي
يعتقدون انه يستهدف طائفتهم، وقانون
المساءلة والعدالة الذي حل محل قانون
اجتثاث البعث المثير للجدل، وما حدث
فعلا هو تغيير الاسم مع استمرار
الممارسات نفسها. حدود
العراق مع سورية مغلقة ايضا بسبب
الاضطرابات الامنية، وسيطرة المعارضة
المسلحة التي تعمل على اسقاط النظام في
دمشق على معظمها، وضع العراق في حالة
حصار غير معلن، وبات المنفذ البري
الوحيد باتجاه ايران وربما هذا امر لا
يزعج السيد المالكي. الاردن
الذي يعاني من ازمة اقتصادية خانقة
وعجز في ميزانية العام الحالي يقترب من
ملياري دولار، وديون خارجية تصل الى 23
مليار دولار، سيكون الخاسر الاكبر من
اغلاق الحدود، لان هناك آلاف الشاحنات
ستتضرر جراء ذلك، علاوة على وقف كامل
للصادرات والواردات وتجارة الترانزيت
التي تعتاش منها آلاف الاسر الاردنية. لا
احد يعرف الى متى سيستمر اغلاق الحدود
الاردنية ـ العراقية، لكن من الواضح ان
هذا الاغلاق هو نتيجة مباشرة لانعكاس
الازمة السورية على دول الجوار
والعراق على وجه الخصوص، فحكومة
المالكي تعتبر الحكومة العربية
الوحيدة المتعاطفة مع نظام الرئيس
السوري بشار الاسد، وتعرضت لاتهامات
عديدة بجعل ارض العراق ممرا او بالاحرى
نقطة انطلاق لمرور صفقات اسلحة
ايرانية، ومساعدات اقتصادية لدعم
النظام السوري. الصراع
في سورية تحول الى حرب اهلية طائفية
باعتراف الامم المتحدة نفسها، ومن
الطبيعي ان يجد امتداداته في العراق
الذي كان اول دولة جربت فيها امريكا
الجراحة التقسيمية على اسس طائفية. ومن
المفارقة ان السيد الاخضر الابراهيمي
المبعوث الدولي الى العراق في حينها
كان الشريك الابرز للجنرال بول بريمر
الحاكم العسكري للعراق في بذر بذور
المحاصصة الطائفية من خلال توزيع
المقاعد في مجلس الحكم العراقي. فلم
يكن مفاجئا بالنسبة الينا ان يتحالف
السنة العرب مع نظرائهم الاكراد ضد
التحالف الشيعي الذي يتزعمه السيد
المالكي ويحكم باسمه. فقد قاطع الوزراء
السنة والاكراد معا جلسة الحكومة
العراقية امس لاظهار تأييدهم
للاحتجاجات التي تهدد الحكومة
الائتلافية الهشة في بغداد. العنف
الطائفي يزحف بقوة نحو العراق، وربما
ينتهي الى تكريس التقسيم الحالي
القائم على اسس عرقية وطائفية، تماما
مثلما تنبأ المفكر اليهودي البريطاني
برنارد لويس صاحب نظرية 'العراق دولة
مصطنعة'، ومن المؤسف ان السيد المالكي
يتحمل المسؤولية الاكبر لانه اقدم على
سياسات اقصائية، وفشل في تحقيق
المصالحة الوطنية، وبناء العراق
الحديث. العراق
الجديد انتهى، وبات كثيرون يترحمون
على العراق القديم الذي كان يجسد
الهوية الوطنية الجامعة الموحدة،
والدولة القوية المهابة من جميع
جيرانها، وتشكل ثقلا سياسيا كبيرا في
المنطقة. ================== سمير
عطا الله الشرق
الاوسط 9-1-2013 لا
ندري بمن كان يفكر الرئيس بشار الأسد
عندما تساءل من هو «مفكر هذه الثورة
ومن هو قائدها؟». هل كان يفكر في الثورة
الفرنسية، أم في الثورة الروسية، أم في
ثورة 8 آذار - مارس؟ إذا كان في الأولى،
فلم يكن لها مفكر واحد، بل مجموعة
كبيرة ومديدة من المفكرين، تتفاوت
خلفياتهم ما بين روسو ومنتسكيو. وإذا
كان يفكر في الثورة الروسية فقد كان
آباؤها تولستوي وغوركي قبل ماركس
ولينين. وإذا كان يفكر في ثورة 8 آذار -
مارس فإن مفكرها ميشال عفلق، حكم عليه
بالإعدام أيام والده ومنع من العودة
إلى سوريا طوال عمره، في حين قتل شريكه
في تأسيس حزب البعث، الدكتور صلاح
البيطار، في باريس، بعدما ظل هو الآخر
منفيا لعقود. يقول
أومبرتو إيكو إن الأدب هو الذي يولد
الثورات. أولئك الذين يعبرون عن مشاعر
الناس وأحاسيسهم، وليس من الضروري
أبدا أن يدل المفكرون بسطاء هذا العالم
على فلسفة الثورة. لقد نشأ حزب البعث في
صفوف المفكرين ونقل مخفورا إلى
الثكنات. وبدأ مع هموم الناس وصار في
غايات العسكر. وكان حزب الأمة فتحول
إلى حزب المنطقة. هذه
ثورات ضد «الفكر» الذي حاصرها
بالإنجاز اللفظي منذ أكثر من نصف قرن.
ولو لاحظ الرئيس الأسد الخط البياني
الذي كان مقتنعا بأنه فقاعة لن تصل إلى
سوريا، لرأى أن الذي فجر ثورة تونس كان
بائع ثمار على عربة، لا يملك حتى دكانا.
وأن الذين فجروا ثورة ليبيا لم يكن
بينهم قائد واحد كما جرت العادة في
الثورات المعهودة. والذين ملأوا ميدان
التحرير كانوا من طبقة وائل غنيم وليس
لينين. زمن
الثورات التي تهتف لرجل واحد، مثل زمن
الأنظمة التي تهتف لرجل واحد، قد ولّى.
ما من أحد يعرف اسم رجل حرك سقوط
الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية.
وبعض قادة الصين اليوم تمتلك عائلاتهم
نحو 200 مليار دولار ربحتها في اقتصاد
السوق وليس في الاحتكار ولا في التسلط. في
سوريا مجموعة كبرى من الأدباء
والمفكرين لم نكن نعرف بهم من قبل لأنه
لم يكن مسموحا لهم أن يكتبوا أو أن نقرأ
لهم. هؤلاء يساهمون الآن في الصحافة
العربية بأرقى المستويات وأغنى
العطاءات. وهم يظهرون الآن على حقيقتهم
الناصعة وليس كعملاء ومارقين ومحرضين
على أمن الدولة. هؤلاء مجموعة مفكرين
وليسوا مفكرا واحدا ولا فكرا واحدا.
القاسم الوحيد المشترك بينهم أنهم
عاشوا في السجون سنوات طويلة عبثية،
حيث تعلقوا أكثر بمعاني الحرية
وأهميتها. منذ
وصل الرئيس الأسد إلى السلطة «وفقاعة
الربيع العربي» تتسع وتكبر وتظهر
علاماتها على وجوه الناس. ولو تحسن له
أن يلاحظ ذلك منذ البداية لما صارت
سوريا وصار النظام كما هما اليوم. ================== يوسف
الديني الشرق
الاوسط 9-1-2013 أصبحت
كل أزمات المنطقة مرتبطة بشكل ما
بمآلات الأزمة السورية، ربما لهذا
السبب تحديدا أدرك الأسد ضرورة
استثمار حالة «الفزع» التي يعيشها
المجتمع الدولي تجاه سوريا، خلال مدة
ساعة تقريبا حاول الأسد فيها أن يستخدم
فيها كل طاقاته البلاغية في إيصال
حقيقة لطالما بشر بها حتى قبل انفجار
الأحداث في سوريا، وهي أنه يعتبر نفسه
وحزبه سوريا دون الآخرين، بحيث لا يمكن
أن تبقى سوريا كما كانت بعد رحيله، في
تلميحات إلى قسر المزاج الدولي على
تقبل «التقسيم»، أو التنازل عن رحيله،
أو بقاء الأزمة في أتون حرب الشوارع
وانتشار القتل المجاني بدم بارد. في
السياسة لا مجال للعاطفة أو التحليل
المبني على معطى رمزي عادة ما يتم
الحديث عنه بنرجسية بالغة، وهو الوطن
العربي الكبير الذي تحول إلى أوطان
مهددة بانقسامات صغيرة وهشة، واللافت
في الموضوع أن رمزية «الوطن» غير
المقسم وبطريقة عاطفية هي الحجة التي
يرفعها أنصار بقاء النظام في سوريا مع
الإصلاحات كضمانة بين تشكلات المجتمع
المتنوعة، على اعتبار أن هؤلاء
المبررين للقتل في سبيل الوحدة لا يرون
في الأسد إلا صيغة غير دينية قابلة
لفرض سيطرتها على الأرض بالكامل، ولا
يهم بعد ذلك التفاصيل البعثية أو
العلمانية، كما يحاول أن يلمع الأسد
الآن باعتباره مفارقا لطغيان
الميليشيات الدينية التي اجتمع فيها
طوائف كثيرة؛ من «القاعدة» وحتى
المقاتلون أبناء الحرب الطارئون ممن
دفعتهم ظروف الإبادة الوحشية إلى
اختيار السلاح، في ذات الوقت فإن جزءا
من عجز المناصرين للثورة السورية
يتبدى في القبول بالأمر الواقع على
الأرض فيما يخص المعارضة التي كان
لشتاتها وتفرقها وتباين أجندتها وعدم
سيطرتها على بعض القوى المسلحة أكبر
الأثر على بقاء الأوضاع على هذا النحو
من التردي، وكل ذلك بسبب أنه لا أحد
يفكر فيما تفرزه معطيات الأرض من
سيناريوهات التقسيم التي يبدو أن
تقييمنا لمزاج المجتمع الدولي تجاهه
أيضا يحظى بكثير من العاطفة. الأكيد
أن سيناريو التقسيم يحاول بشار الأسد
أن يجعله نتيجة وليس سببا لعدم ضمانة
بقائه وعدم رحيله، وهو يحاول الاحتماء
بالخارج عبر التهويل من خسائر المصالح
الدولية الكبرى في سوريا، سواء
لحلفائه الذين بدأوا أكثر من ذي قبل
يشعرون بأنها حرب وجود أو عدم في
المنطقة، كما أن إتاحة المجال
لصحافيين غربيين لنقل تقارير عن أخطاء
وانتهاكات تقوم بها بعض المجموعات
المسلحة هو جزء من استثمار الفزع عبر
تصوير الحالة على الأرض كعنف فوضوي لا
يمكن السيطرة عليه، هذه الوصفة
السحرية للتمهيد لحالة التقسيم يطرحها
السوريون عبر آلة القتل والدم، لكن
تقدمها لنا مشاهد سياسية عربية أخرى
عبر الاستئثار السياسي والانفراد
بالكعكة الذي بدا واضحا في الحالة
العراقية والسودانية، وهي ليست إفراز
ربيع عربي، وفي ذات الوقت تفرزه بنسب
مختلفة حالة الربيع العربي كما هي
الحال في تونس ومصر التي يتم استثمار
وحدة البلاد فيها لصالح أجندة فصيل
سياسي واحد. المعطيات
الجديدة التي أفرزتها لنا الأزمة
السورية والتي لعب فيها صمت المجتمع
الدولي وتباطؤه وتقاعسه عن طرح حلول
جادة أو التفكير خارج صندوق المصالح
الضيقة تبدو كارثية جدا، ويوما بعد يوم
تزداد الفجوة بين الداخل السوري الذي
يحكمه منطق القوة والغنيمة، وبين
الخارج الذي يحاول استثمار التقدم على
الأرض في سبيل أجندته السياسية، ومن
هنا فإن الانفصال بين «الثوار» أو
المقاتلين الفاعلين على الأرض، وبين
من يتحدث باسمهم في الخارج، يبدو كبيرا
في حالة قد تلقي بظلالها إذا ما رحل
الأسد لسبب ما. النظام
السوري يهمه نفوذه وسلطته، على الأقل
في القسم الشمالي من الساحل السوري
وصولا لحمص التي تعتبر مع ريفها نقطة
حاسمة جغرافيا، وهو الأمر الذي لا يمكن
إلا أن ينعكس على لبنان، وبالتالي
المنطقة معرضة لحالات من الانقسام
اللانهائية، لكن ليس بفعل مؤامرات
الغرب وإنما أخطاء فادحة من التيارات
السياسية والأنظمة التي لا تفكر أبعد
من أرنبة مصالحها. هناك
من يطرح الآن مشروع طائف سوري مشابه
للطائف اللبناني الذي أخمد فتيل الحرب
الأهلية، لكن تعايش الطوائف السورية
تحت سقف دستور ينظم العلاقات بين كل
الكتل لا يمكن أن يتم إلا بوجود برلمان
تعددي قوي تكون الأغلبية فيه سنية
وتتوزع الحصص على باقي الطوائف
الصغيرة، لكن العوائق تبدأ ولا تنتهي
بأن طائفا كهذا بحاجة إلى رعاية دولية
توافقية، وهي غير موجودة، إضافة إلى
تشكلات المجتمع السوري بسبب هيمنة حزب
البعث لا تعرف هذا النوع من الفوارق
بين مكونات المجتمع. يقابل
مشروع الطائف التقسيم، وهو لا يمكن إلا
لثلاث دول على الأقل؛ سنية وعلوية
وكردية، وهو ما يعني تفجير ملفات
إقليمية مع تركيا التي يستحيل أن تقبل
بسيناريو كهذا، وبالتالي فإن جزءا من
ارتباك المشهد السوري وبقائه معلقا
ليس فقط راجعا لمعطيات الأرض، وإنما
إلى ارتباك الأطراف الإقليمية حيال
سيناريوهات الحل بعد إيمانها أن لحظات
الحسم قد حانت. الحالة
السورية الآن تعيش مرحلة «ترتيب
الكراسي»، فالنظام يريد أن يكون طرفا
في الحل، لكنه يريد أيضا أن يجلس
بجانبه معارضة لا يعرفها الشارع ولا
تؤثر فيه، ومن ثم يتم حصار كل الثورة
السورية في مجموعة من المقاتلين
الخارجين عن القانون من التكفيريين
والقاعديين الذين تقول روسيا إن ثمة
احتمالية كبيرة لأن يستولوا على
الأسلحة الكيماوية، وبالتالي حتى
الروس يقلدون الأسد في استثمار الفزع
وإعادة بيعه للمجتمع الدولي كغطاء
لاستمرار حالة الصمت. الأسد
رغم بلادة خطابه وتكراره وعنجهيته
أدرك أن الجميع يستثمر في عامل الوقت،
وأن عاما سوريا جديدا يتم الترقب
بشأنه، ليس من قبل السوريين وإنما
العالم والمجتمع الدولي، وهو يحاول
تسويق رؤيته للحل بالتزامن مع أطروحات
إيران التي تتضمن انتخابات نيابية
ورئاسية يترشح الأسد فيها مع الآخرين،
وبالتالي يراهن على قدرة البعث
الطويلة في كسب الأصوات وإزهاقها
أيضا، وحين يفوز في انتخابات ستبدو
نزيهة لن يجرؤ أحد على الاعتراض، فأحد
مكاسب الأسد وأمثاله العميقة من تجربة
الربيع العربي هو أن القيم السياسية
والإنسانية اكتسبت شكلا آخر،
فالديمقراطية يمكن أن تفرز سلطة الحزب
الواحد، وأن التعددية يكفي أن تكون
شعارا براقا أو جدلا بيزنطيا على قنوات
الإعلام لا يؤثر على الواقع، واحترام
القضاء واستقلاليته يمكن القفز عليه
بالتطهير، وبالطبع لا يهم الاقتصاد
مهما انحدر، فالثورات أخذت وقتا طويلا
لكي تتعافى. الأكيد
أن هذا عام الحسم للأزمة السورية، لكنه
أيضا سيكون عام انهيار القيم وإعادة
تشكل للمفاهيم السياسية وإن ظلت
مسمياتها. ================== طارق
الحميد الشرق
الاوسط 9-1-2013 اندلعت
الثورة السورية بمطالب شعبية بسيطة
ومحصورة في منطقة درعا، وكان بإمكان
الأسد حينها التعامل مع الأزمة بكل
هدوء، ووأدها في مهدها، وبعدها
الاستمتاع بالضحك على الآخرين، لكنه
لم يفعل، بل كابر وتذاكى، واليوم نحن
أمام حالة مشابهة في العراق، وإن كان
ما يحدث هناك ليس بثورة، لكن أسلوب
معالجة الأزمة لم يختلف. في
العراق خرجت مظاهرات في مدن شمال وغرب
البلاد تطالب بإطلاق سراح معتقلين،
وإلغاء مادة في قانون مكافحة الإرهاب،
وبدلا من أن يحاول المالكي التعامل مع
الأزمة بهدوء وحكمة، خصوصا أن
المشكلات تحيط به من كل مكان، حيث لا
حلفاء حقيقيين في الداخل، وإنما يستمد
قوته من تحالفه مع إيران، بدلا من
الحكمة حاول اتباع المالكي ترويج أن
تلك المظاهرات طائفية، وعندما لم تنجح
تلك المزاعم، خصوصا بعد أن وقف الصدر
وآخرون مع مطالب المتظاهرين، لوح
المالكي باستخدام الجيش. ثم تم بالأمس
إخراج مظاهرات مؤيدة للمالكي في مدن
جنوب العراق، وهذا ليس كل شيء، بل إن
المظاهرات المؤيدة للمالكي حملت
لافتات تحمل مسؤولية ما يحدث في البلاد
إلى دول خارجية، حيث تقول إحدى
اللافتات: «لن نسمح لتركيا وقطر بزرع
الفتنة والدمار في العراق». وهذا ما
قاله النظام الأسدي منذ اندلاع الثورة
السورية التي توشك أن تقتلعه! ولذا
فمن الغريب أن نجد المالكي وأتباعه
ينتهجون نفس الأسلوب في العراق اليوم،
وبالطبع لم يقُم المالكي بقتل
المواطنين كما فعل الأسد، لكن عملية
تصفية الخصوم سياسيا وقضائيا قائمة في
بغداد على قدم وساق، ومن قبل اندلاع
المظاهرات في المدن العراقية ضد رئيس
الوزراء الحالي والتي لها، أي
المظاهرات، مطالب حقيقية ومشروعة، ولا
يمكن الرد عليها بمظاهرات أخرى في جنوب
البلاد، فمن شأن ذلك أن يكرس الانشقاق
في بلد يعاني أساسا من الطائفية التي
أنهكت الجسد العراقي. فالمظاهرات
المضادة لم تُفِد علي عبد الله صالح،
ولا الأسد، ولا مبارك، بل إن المذهل في
كل ما حدث في منطقتنا أن المطالب كانت
بسيطة، ويمكن التعامل معها، ولو
بإجراء انتخابات مبكرة، وخروج مشرف،
أو قرارات تنفس الاحتقان، وتنزع فتيل
الأزمة، لكن ما يحدث في منطقتنا هو
العكس، حيث لا عقل ولا تعقل. وكما
أسلفنا، صحيح أن ما يحدث في العراق
اليوم ليس بثورة، لكن الأكيد أنها أزمة
عميقة تتطلب حلولا عملية، لا مناكفة أو
تذاكيا، أو مزيدا من صب الزيت على
النار، وتحميل الأزمة لأطراف خارجية،
فكل ذلك لم ينفع آخرين مثل الأسد أو
صالح أو مبارك. فالعراق لا يتحمل مزيدا
من الانقسامات، التي وصلت إلى مشادات
في البرلمان، فواقع الحال في أرض
الرافدين يقول لنا إن البلاد منقسمة من
الشارع إلى البرلمان، ومن القبائل إلى
الطوائف، ورغم كل ذلك تخرج مظاهرات
مؤيدة للمالكي! وعليه،
فإن السؤال هو: هل يتصرف المالكي بحكمة
ولو لمرة واحدة لإنقاذ العراق ككل، أم
أنه سيسير على نفس الطريق الذي سلكه
آخرون وكانت نهايتهم نهاية مؤسفة؟
دعونا نرَ. ================== د.
موسـى الكـيـلاني الرأي
الاردنية 9-1-2013 جلبت
المعارضة السورية على نفسها الفشل
والاحباط منذ ان قبلت بتواجد مكثف لتلك
المجموعات من مقاتلي جبهة نصرة بلاد
الشام ومجاهدي القاعدة والمحاربين
القادمين من بلاد الشيشان وليبيا
والسودان, مما اثار الذعر بين مراكز
صنع القرار في العواصم الكبرى ان سوريا
واقعة لا محالة بيد نظام حكم طالبان
جديد ولكن بعباءة دمشقية وافكار
افغانية وسلوكيات عدائية لكل دول
الجوار العربي سواء بغداد المالكي او
لبنان حسن نصر الله
. خطاب
الرئيس السوري بشار الاسد يوم الاحد
جاء بعد سبعة اشهر من اخر خطاب علني له ,
وقد كان واضحا من نبرات صوته وتعبيرات
وجهه وتحليل مضمون رسائله السياسية او
الاعلامية انه واثق من كسب جميع
الجولات القادمة ضد خصومه في الخارج او
في الداخل لعدة اسباب. لقد
ادت تفاهمات وزيرة الخارجية الامريكية
السابقة هيلاري كلينتون مع وزير
الخارجية الروسي سيرجي لافروف اثناء
اجتماعاتهما في جنيف ودبلن الى قيام
واشنطن بفرملة اندفاعها المتحمس
بالموضوع السوري , والكف عن الاصغاء
للاصدقاء الخليجيين وضغوطاتهم ان ستة
اسابيع تكفي لاستبدال نظام الحكم
السياسي الشمولي العلوي بآخر ليبيرالي
منفتح على واشنطن ولندن وقادر على
الوقوف ضد الهيمنة الايرانية ودعمها
لحزب الله بالصواريخ والاموال
والتدريب. وقد أكدوا ان النظام الجديد
سيبقى قادرا على التحاور والتفاوض مع
اسرائيل والقبول بترتيبات استراتيجية
بالنسبة لهضبة الجولان
. وبعد
ان شعر لافروف ان امريكا نأت بنفسها عن
تعقيدات الملف السوري اللزج الملغوم ,
تم ايصال الرسالة الى الحكومة التركية
التي قامت على الفور بوقف الامدادات
العسكرية التي كانت تصل منتظمة الى
الجيش السوري . وقبل
ان يلقي الرئيس بشار الاسد خطابه قبل
ايام , قام بجولة ميدانية حيث تأكد من
تموضع 12 وحدة من صواريخ ارض – ارض -
اسكندر ك9 – 9720 والمعروفة باللغة
العسكرية (س.س 26 ) التي يصل مداها الى 444
كيلومترا وبسرعة تفوق سرعة الصوت, وتقع
تل ابيب وانقرة وعدة عواصم ضمن مدى هذا
السلاح الروسي والذي دخل الترسانة
السورية قبل ثلاثة اسابيع فقط, كما
تأكد الاسد من دقة تصويب كل صاروخ الى
الهدف المطلوب بواسطة الاقمار
الصناعية الروسية
. وقبل
خطابه بيومين قام بزيارة الى طرطوس حيث
امضى يوما كاملا هناك , مرحبا
بادميرالات 16 بارجة حربية روسية على
متنها ثمانية الاف من مقاتلي النخبة
والقوات الخاصة الذين سيشكلون درعا
فولاذيا لحماية النظام اذا ما عجز عن
ذلك 130 الف علوي في الحرس الجمهوري
. لقد
اتضحت العنجهية في خطاب الرئيس السوري
الذي اعلن انه لن يتنحى عن الحكم ,
وبذلك اعلن فشل مبادرة المبعوث الدولي
العربي الاخضر الابراهيمي , كما اعلن
رفضه الحوار مع المعارضة السورية ,
ونآى بنفسه عن ذكر 60 الفا من السوريين
ضحايا شبيحته وطائراته. خطاب
يرشح بالعنجهية والتحدي والاستعلاء
تماما كما كانت خطابات العقيد معمر
القذافي عندما وصف ابناء وطنه بلقب (
الجرذان ) وتماما كما نعت الرئيس
اليمني السابق على عبد الله صالح حشود
شعبه المعارض له بانهم عملاء ومأجورون
. ================== صالح
القلاب الرأي
الاردنية 9-1-2013 ربما
أنَّ ما لم يكن محسوبا حسابه ،بالنسبة
للذين دفعوا بشار الأسد إلى مسرحية «أوبرا»
دمشق يوم الأحد الماضي، أن يكون رد
المعارضة الداخلية ،التي طالما وصفت
من قبل هذا النظام السوري وأعوانه في
الخارج ،على قلتهم، بأنها هي الشرعية
وأنها معقولة ومقبولة، على هذا النحو
وبهذه الطريقة وبوضع نفسها على الرصيف
ذاته الذي تقف فوقه المعارضة الخارجية
التي وصفها صاحب هذا الخطاب في خطابه
بأنها عصابات قتل وإجرام وأنها تأتمر
بأوامر قوى أجنبية وأنه لا يمكن
محاورتها ولا الجلوس معها على طاولة
المفاوضات. أول
ما قالته هذه المعارضة ،التي من بين
رموزها اثنان من كبار الوطنيين
السوريين المخضرمين هما حسين العودات
وحسن عبد العظيم، هو ان بشار الأسد
اعتبر نفسه في هذا الخطاب منتصراً
بينما هو غير ذلك وحقيقة أن هذا يؤكد
صحة كل ما قيل عن أن الرئيس السوري بدا
في خطابه (الأخير) لا يعرف حقيقة كل ما
يجري في بلده وأنه أثبت أنه منفصل عن
واقعه وأنَّ هناك مجموعة تحيط به لا
تطلعه لا على حقائق الأمور ولا على
المعلومات الصحيحة ولذلك فإنه ظهر في
إطلالة يوم الأحد الماضي وكأنه «غائب
طوشة» وكالأطرش في الزفَّة. أكد
حسن عبد العظيم ، الأمين العام لهيئة
التنسيق الوطنية لقوى التغيير
الديموقراطي (في الداخل)، على أن تجمع
المعارضة الداخلية لن يشارك في أي
مؤتمر للحوار الوطني قبل وقف العنف
أولاً ثم إطلاق سراح المعتقلين وتأمين
الإغاثة للمناطق المنكوبة المتضررة
وبيان مصير المفقودين وهو أكد أيضاً
أنَّ أي تفاوض ،وليس حواراً، يجب أن
يكون بإشراف المبعوث العربي والدولي
الأخضر الإبراهيمي «..إنه لن يكون هناك
أي حوار أو تفاوض بيننا وبين النظام
مباشرة لأن مرحلة الحوار السياسي
والحل السياسي فات أوانها وزمانها
ومكانها» وجاء أيضاً في بيان لهذه
الهيئة تلته أمين سرها رجاء الناصر :»إن
خطاب الأسد قد جاء ليقطع الطريق على ما
حمله الإبراهيمي من مبادرة لحل سلمي
يجري العمل على تحقيقه وتأمين توافق
دولي روسي-أميركي لإنجاح هذا الحل». إن
هذا هو واقع الحال فموقف المعارضة
الداخلية من الناحية العملية بات لا
يختلف عن موقف المعارضة الخارجية وبيت
القصيد هو أن خطاب يوم الأحد الماضي
كان خطاب هزيمة وليس خطاب نصر وأن أهم
إنجازات هذا الخطاب هو وضع المعارضة
الداخلية والمعارضة الخارجية على رصيف
واحد وهو إضعاف موقف حلفاء بشار الأسد
، وأهمهم الروس، الذين تمكنوا من تفريغ
كل المبادرات العربية والدولية من
مضامينها ولعبوا بعامل الوقت مراهنة
على إمكانية القضاء على المعارضة
المسلحة بالطريقة نفسها التي تم فيها
القضاء على إنتفاضة حماة في عام 1982
فالأمور غدت واضحة كل الوضوح وهوامش
المناورة بالنسبة لهؤلاء الحلفاء غدت
شبه معدومة فالرئيس السوري لم يذكر «المرحلة
الإنتقالية» حتى مجرد ذكر وهو لم يأت
على ما تضمنته تصريحات فاروق الشرع
المعروفة ولو بكلمة واحدة كما أنه قد
بدا في إطلالته (التاريخية) وكأنه
الجنرال الأميركي شوارسكوف وهو يملي
شروطه على الجنرالات العراقيين
المهزومين في محادثات خيمة صفوان
الشهيرة. وبالتالي
فإن بشار الأسد بخطابه هذا قد فتح
أبواب جهنم على نفسه فهو ،بالإضافة إلى
إضعاف حلفائه إيران وروسيا والصين
وتقليص مدى مناوراتهم وبالإضافة إلى
توحيد المعارضة الداخلية والمعارضة
الخارجية، قد دفع الغرب ،بعد التأكد من
أنه بعد هذا الخطاب لم يعد هناك مجال
للحديث عن أي حلول سلمية وتسويات
سياسية، ودفع الولايات المتحدة ،التي
كانت تسير بسرعة سلحفاة وأقل، إلى
التشمير عن سواعد الجد.. وكان بداية هذا
إستخدام سياسة المائة بطاقة أي المائة
«كرت شدَّة» التي إستخدمتها ضد نظام
صدام حسين فكانت النتائج هي تلك
النتائج المعروفة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |