ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 13/01/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

12-01-2013

أمر عمليات كسر الثورة السورية

غازي دحمان

المستقبل

12-1-2013

من يعتقد ان الثورة السورية ستنتصر واهم، كان هذا موقف متطور ومكشوف لأمين عام" حزب الله" حسن نصر الله، وهو في مضامينه أمر عمليات سوف يكلف الشعب السوري دماءً كثيرة، كما انه سيعقد العلاقات المستقبلية لسورية الجديدة مع الحزب، إن إستمر، إنطلاقاً من كونه يخوض حربه الوجودية والمصيرية الأخيرة، أيضاً هذا الموقف المتطور لحزب الله سيورط لبنان أكثر في الحرب على الشعب السوري ويجعله هدفاً سهلاً لتداعيات هذه الحرب وإرتداداتها.

حساسية هذا الموقف المعلن والمكشوف للحزب تأتي من زمان إعلانه، حيث فلول جيش النظام تعيش أسوأ لحظاتها، في حين تحقق المعارضة إنتصارات متتالية على عدة جبهات، ما يعني أن الرجل لم يكن يتنبأ ولا هو في وارد التحليل، وإنما يطلق موقفاً ميدانياً وأمر عمليات، له ما يوازيه في الحقل الميداني من جهوزية عسكرية وإستعداد لقتال حتى الموت، بل وأكثر من ذلك هي حالة كشف لأسرار المطبخ السياسي للازمة المتكون من طهران وبغداد والضاحية وطرطوس، والمرتبط بخط ساخن مع موسكو.

ولعل الأيام التالية ستكشف جزءاً من التفاصيل المعقدة لهذا المخطط، وطبيعة الأدوار وكيفية توزيعها بين مختلف أطرافه، وحجم جنون ألة الموت ستتكفل بكشف الغطاء نهائياً عن فحوى ومضامين هذا المتغير، الذي سيصل إلى ذروته لحظة خطاب رأس الجماعة الحاكمة لدمشق وإعلانه مبادرة للحل على هواه إعتقاداً منه بأن الحلف الذي يسنده بات يسيطر على الأوضاع في حمص والسيدة زينب والرقة؟.

عند هذا الحد لن يصبح سراً ولا أمراً مستحيلاً أن يحقق جيش الأسد بعض الإختراقات في دير بعلبة بحمص وداريا ومخيم اليرموك في دمشق، بعد شهور من التراجع المتواصل.

ثمة هبّة لحلفاء النظام باتت واضحة للعيان في بعض المناطق السورية، ولكن بالرغم من حجمها وضخامتها، لن تخرج عن كونها هبّة، لا يمكن لها كسر الثورة السورية، ذلك ان الثورة وعلى ما يقارب العامين إستطاعت إستيعاب هذا النمط من الهجوم الكثيف وهضمه والتكيف مع مقتضياته، وإستطاعت أيضاً كسره والقيام بهجوم مضاد، وبالتالي فإن كل ما يمكن فعله هو تحقيق بعض الإختراقات وفي مناطق إستراتيجية محددة، لا يمكنها ان تغطي كافة المناطق الثائرة التي تنتشر فيها قوات المعارضة، لان ذلك يعني مغامرة هذه الاطراف إن أرادت النزول بكامل ثقلها إلى أرض المعركة، وهو ما لايمكن فعله في هذه الظروف نظراً للاوضاع التي تعيشها أطراف الحلف والتهديدات التي تواجهها.

المتوقع أن جلّ ما تستطيعه هذه الأطراف هو إمكانية تثبيت الجماعة الحاكمة في دمشق لضمان إدخالها مرحلة التفاوض وهي تملك بعض أوراق القوة، وفي هذه الحالة لايكون هناك غالب ولا مغلوب، أو تأمين منطقة في الساحل السوري لفلول النظام وأتباعه، وحينها لن تكون الثورة قد إنتصرت، لأن المخطط التالي للحلف تقسيم البلاد العربية على ما بشّر نصر الله في أمر عمليات آخر.

=================

السلطة السورية عود على بدء

حسين العودات

التاريخ: 12 يناير 2013

البيان

لم يترك الرئيس الأسد للعبر بقية في خطابه الذي ألقاه في دار الأوبرا في دمشق يوم الأحد الماضي، حيث أعاد الأزمة السورية إلى أيامها الأولى دون أدنى تعديل جوهري، وكأن الزمن هو شهر مارس 2011، وكأن لا شيء استجد خلال السنتين الماضيتين، فقد ألقى المسؤولية كلها على (الإرهابيين والمتعاملين مع الخارج)، وعلى الدول العربية التي (تغذي الإرهاب) وتشجع المعارضة السورية على التطرف وعلى (العمالة) وأخيراً على بعض الدول الأخرى التي تشن حرباً غير معلنة على سوريا.

أعلنت وكالة الأنباء الرسمية عن الخطاب قبل يوم واحد من إلقائه، واعتقد مراقبون عديدون، وسياسيون سوريون، وقادة حراك مجتمعي، كما قادة بعض فصائل المعارضة، فضلاً عن المحللين خارج سوريا أن الخطاب سيحمل في طياته مبادرة جدية وجديدة لحل الأزمة السورية، تنطلق من رؤيا شاملة وواسعة الطيف للواقع، وترتقي إلى أن تجعل الرئيس بموقع الحكم لا الطرف، وتضعه على رأس التيار المعتدل الذي يعمل بمسؤولية للوصول إلى حل، والمهموم بحل الصعوبات بل والكوارث والمذابح التي يواجهها شعبه، إضافة إلى أن معظم المراقبين في الداخل والخارج، وأطراف المعارضة، والسياسيين العرب والأجانب، كانوا ينتظرون أن تشمل مبادرة الرئيس المحتملة اقتراحات لتغيير بنية النظام، وترسم خارطة طريق من شأنها نقله إلى نظام ديمقراطي تعددي تداولي، وتوقعوا أن يعلن الرئيس قبوله بالتفاوض مع أبناء شعبه: مع الحراك المجتمعي، وتيارات المعارضة، والتيارات السياسية جميعها، من خلال مؤتمر يضم مختلف قوى وفعاليات الشعب السوري السياسية، ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع الأهلي، ومن في حكم هذه الفئات، كما يعلن التزامه المسبق بما يتوصل إليه المؤتمر، وبتنفيذ قراراته مهما كان مضمونها أو نوعها، وعليه توقعوا بأن يعلن وقف إطلاق النار، وبتعبير أدق وقف تدمير المساكن على رؤوس أصحابها، والقتل على الهوية، وإطلاق سراح المعتقلين، ويضع كلفة الإمكانيات تحت تصرف حكومة وحدة وطنية، ويفوضها بأن تتخذ ما تراه من أجل تفكيك الأزمة، ووضعها في طريق الحل. إلا أن ما عرضه الرئيس الأسد كان مختلفاً جداً عما توقعته معظم الأطراف بمن فيها الطرف الموالي (ربما باستثناء أصحاب القرار) الذين يشتبه البعض بأنهم كانوا وراء موقف الرئيس المتطرف وبالتالي إضاعة فرصة هامة متاحة.

وضع الرئيس الأسد المسؤولية كلها على (قوى الإرهاب) أي المعارضة وعلى من يدعمها من الدول الخارجية، واتهم المعارضة السورية بالعمالة بإجمالها، لأن منها من هو موجود في الداخل ولكن صلاته وأهواءه خارجية، ولم يتقدم بأي نقد لا لسلوك النظام (بجيشه وقواه الأمنية)، والأهم أنه تجاهل كلياً أن سبب الثورة السورية (التي رفض أن يسميها ثورة) هو المطالبة بتغيير بنية النظام وتحويله إلى نظام ديمقراطي تعددي تداولي يتبنى معايير الدولة الحديثة كالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وفصل السلطات ومحاربة الفساد، وإضافة لتجاهل الرئيس أسباب الثورة هذه، غض الطرف عن الأساليب التي تتعامل بها أذرعة السلطة وأجهزتها (من جيش وأمن وميليشيا) مع المواطنين، وعندما برر الرئيس الأسد أسباب تبني نظامه الحل الأمني، قال أن هذا رد على أعمال الإرهاب ودفاع عن النفس وأغمض عينيه عن أن الثورة السورية بقيت سلمية أكثر من ستة أشهر، وكانت السلطة تواجه الناس بالرصاص وهم عراة الصدور، إلى أن اضطرتهم لحمل السلاح دفاعاً عن النفس، وهو الأمر الذي اعتبره الرئيس مستنكراً من الناس وحلالاً على السلطة.

رأى الرئيس الأسد، أن الحل يكون بأن تقوم الحكومة السورية القائمة حالياً بالعمل على عقد مؤتمر يشارك فيه الجميع (ما عدا المعارضة المتهمة) ويقومون بوضع دستور يستفتى عليه، ثم تشكل حكومة (موسعة) لم يسمها لا حكومة وحدة وطنية ولا حكومة ائتلافية، وذلك حسب الدستور الجديد، وقبل هذا وذاك توقف المعارضة المسلحة إطلاق النار، وتتوقف الدول الأخرى عن مساعدتها، وبعد ذك توقف السلطة إطلاق النار، أما المعتقلون فينظر في أمرهم في مراحل لاحقة من خلال إصدار عفو عام لا يطاول القضايا المدنية (وبديهي أنه يمكن اتهام أي معتقل بتهمة مدنية) وبعد هذا كله، تبقى محاربة الإرهاب وملاحقو الإرهابيين هدفاً أساسياً لن يتوقف، وفي هذه الجزئية يمكن اعتبار من يوجه أي نقد للسلطة إرهابياً (حسب القانون الذي صدر قبل عدة أشهر) والذي مورس فعلاً وأحال عشرات الكتاب والمثقفين والمحامين وغيرهم إلى محاكم الإرهاب. في الوقت الذي رفض فيه مطلقاً إمكانية السماع لأية مبادرة دولية إلا إذا كانت تتمة لمبادرته، وكانت هذه رسالة واضحة للدول الإقليمية والدولية الأخرى ولمجلس الأمن ومنظمات الأمم المتحدة، وعلى رأس الجميع الأخضر الابراهيمي الموفد العربي ـ الدولي.

اشارت المعارضة جميعها، الداخلية والخارجية فضلاً عن الحراك المجتمعي، والرأي الشعبي السوري، ومنظمات المجتمع المدني، إلى أنها ترفض هذه الأفكار (المبادرة) رفضاً مطلقاً، لأنها لا تتعدى ما طرحه النظام منذ الأيام الأولى للثورة، أي إجراء بعض الإصلاحات الجوهرية وتقديم بعض (الامتيازات) لأفراد في المعارضة، دون التغيير الجدي لبنية النظام، وترى هذه الأطراف، أن هذه الأفكار و(المبادرات) لا توصل إلى أي مكان، وأنها أضاعت فرصة كانت مواتية ليتراجع النظام عن موقفه الواهم والعبثي، وأن يصلح ما أفسده، ويعوض شعبه عما حل به من كوارث.

كان الجميع يعتقد أن الرئيس (وأهل النظام) سوف يوافقون على التفاهمات الروسية ـ الأمريكية باستثناء (التنحية والعهدة بالهيكلة لغير الرئيس) فجاء الخطاب ليؤكد رفض كل هذه الاحتمالات ويعيد الأمور إلى موقف السلطة الذي كان في الأيام الأولى للانتفاضة، وتصلبها الذي زاد الأمور حدة وشدة، وعنتها الذي أدى بالحراك المجتمعي إلى حمل السلاح فضلاً عن بدء الانشقاقات في الجيش السوري.

أعاد خطاب الرئيس الأمور بالفعل إلى نقطة الصفر، إنه عود على بدء.

=================

انقاذ اللاجئين السوريين

الدستور الأردنية

التاريخ: 12 يناير 2013

كشفت العاصفة الثلجية الاخيرة التي ضربت المنطقة عن تقصير المجتمع الدولي وفشل المنظمات الانسانية في النهوض بمسؤولياتها وواجباتها ازاء اللاجئين السوريين, واثبتت ان هذا المجتمع وتلك المنظمات لم تف بوعودها وعهودها، ولم تترجم اقوالها, وتضامنها معه الى افعال واجراءات تحميهم من البرد القارس والريح اللافحة والعواصف الهوجاء التي اقتلعت خيامهم, وقذفت بهم واطفالهم الى العراء.

لقد طالبنا ودعونا في “الدستور” اكثر من مرة, وذلك من واقع الطبيعة الصحراوية التي يقع المخيم على حدودها, والظروف الجوية السيئة المتوقعة في فصل الشتاء, دعونا الدول الشقيقة والصديقة الى الاسراع في تقديم المعونات المالية العاجلة الى الاردن, لانقاذ الاشقاء قبل ان تداهمهم عواصف الشتاء, وغضب الطبيعة, وبرد الصحراء الذي لا يرحم, ومع الاسف الشديد ذهبت صيحاتنا ونداءاتنا ادراج الرياح وكانت صيحة بلا صدى.

لقد عمل الاردن العربي من وحي مسؤولياته القومية والدينية ومن وحي التزاماته الاخوية الصادقة..فالدم العربي واحد..والارومة واحدة..والدين والمعتقد واحد..كل ما بوسعه للتخفيف من مأساة الاشقاء وتضميد جراحاتهم, واطفاء رمضاء المعاناة التي تعصف بهم, فعمل على تامين كل المستلزمات الضرورية لاستمرار الحياة, فاقام العيادات الطبية, والمدارس, وتامين المياه الصالحة للشرب, وقبل ذلك وبعده السهر الدائم على راحتهم ليناموا قريري العين في وطنهم الثاني بعد اضطرارهم الى النزوح من وطنهم هربا من الموت المحقق الذي حول الشام الى ارض محروقة بعد ان كانت ريحانة الله في ارضه.

لقد اشادت الوفود الدولية والعربية كافة التي زارت مخيم الزعتري بجهود الاردن الكبيرة والخيرة, التي بذلها ويبذلها لمساعدة اللاجئين, وفي توفير كافة متطلبات واسباب الحياة المعقولة للاشقاء رغم اوضاعه الاقتصادية السيئة, والعجز الكبير في موازنته, واضطراره الى رفع اسعار المحروقات وبنسب عالية لسد هذا العجز الكبير, ما يفرض على هذه الدول دون استثناء..الشقيقة والصديقة ان تسارع في تقديم المعونات المالية الى الاردن ليستطيع ان يستمر في الوفاء بوعوده وعهوده وان يطور خدماته للاشقاء الذين يتزايدون يوم بعد يوم بسبب شراسة المعارك التي تدور في القطر الشقيق حتى تجاوز عددهم 250 الف لاجيء.

ان الماساة المروعة التي يتجرعها اللاجئون السوريون داخل الوطن وخارجه في دول الجوار (الاردن, لبنان, تركيا) هي ادانة للمجتمع الدولي كله الذي لم يستطع حتى الان وقف العنف في القطر الشقيق, وانقاذ الشعب السوري من الموت المحقق كما لم يستطع توفير متطلبات الحياة الضرورية لاكثر من 3 ملايين لاجيء سوري ما يكفل بقاءهم على قيد الحياة وانقاذهم من الجوع والمرض الذي يفتك بهم جراء موجات البرد والصقيع والثلج الاخيرة, حيث قضى عدد منهم بسبب هذه الظروف القاسية.

مجمل القول: لم يعد معقولا ولا مقبولا ان يكتفي المجتمع الدولي باصدار بيانات الوقوف مع اللاجئين السوريين ومؤازرة الدول التي تستضيفهم, فهذا الكلام الانشائي لم يعد صالحا للاستعمال بعد العاصفة الثلجية الهوجاء التي ضربت مخيمات اللاجئين في لبنان والاردن وتركيا وروعتهم وزادت من معاناتهم ما يفرض على هذا المجتمع القيام بحملة دولية لانقاذ هؤلاء الاشقاء فورا من الماساة التي يعانون منها وبلغت ذورتها خلال العاصفة الثلجية الاخيرة.

=================

سوريا: الحسم بدءاً من شباط؟

علي حماده

2013-01-12

النهار

شكّل خطاب بشار الاسد الاخير من دار الاوبرا في دمشق محطة توقفت عندها كل العواصم التي كانت تأمل في ان يتخذ الاسد موقفا شجاعا بإيقاف حمام الدم والخروج من سوريا في ما كان يعرف بالحل الاقل كلفة في الوقت الراهن. خالف الاسد توقعات البعض، ومنهم الممثل الخاص المشترك العربي - الاممي الاخضر الابرهيمي الذي لم يتأخر كثيرا في الردّ على خطاب الاسد متخذا مواقف غير مسبوقة لجهة ابراز قراءته للحل النهائي والذي لا يقوم إلا على انهاء النظام، وخروج بشار الاسد. اي بمعنى آخر ان يكون التغيير حقيقيا لا شكليا. وهذه هي المرة الاولى التي يجاهر فيها الابرهيمي بموقف واضح من الاسد، مفصحا عن المرحلة الانتقالية كما يفهمها ويعمل لها، ومفادها الا يكون بشار الاسد واركانه جزءا من مستقبل سوريا. وليس خافيا على المراقبين الجديين ان الابرهيمي اطلع المفاوضين الروس، وفي طليعتهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، على قراءته للحل، وابقى الامر طي الكتمان بالتفاهم مع القوى الدولية والعربية المعنية.

جاء "خطاب الاوبرا" ليغير المعطى الذي قامت عليه قراءة الابرهيمي: اي ان يتنحى الاسد طوعا في مقابل تأمين سلامته وعائلته واركانه الاساسيين. والسؤال: هل كانت موسكو مؤيدة لهذه القراءة ام انها مارست خداعا ديبلوماسيا على الابرهيمي في اطار امرار الوقت، وافساح المجال امام الاسد ليحاول تحسين موقعه الميداني عله ينعكس على موقعه التفاوضي؟ وما هو الدور الايراني الحقيقي؟ وخصوصا ان كل المعلومات الواردة من دمشق تفيد بأن الخيار الايراني هو السائد، وان الايرانيين متصلبون، لا بل متطرفون جدا في مقاربة الصراع في سوريا. اكثر من ذلك ان ايران تعتبر المعركة في سوريا معركتها الاساسية، وان خروجها من دمشق سيكون مقدمة لخروجها من طهران نفسها (النظام).

في مطلق الاحوال، الميدان لا ينتظر المفاوضات المتنقلة بين دبلن وجنيف. الجيش الحر يسقط المطار تلو المطار في سعيه لتعطيل سلاح الطيران. وفي المقابل يرفع النظام  وتيرة العنف والقتل، ويستخدم اسلحة لم يستخدمها نظام في تاريخ الصراعات الداخلية في المنطقة: الصواريخ البالستية القصيرة المدى "فروغ" والمتوسطة المدى "سكود". وهذا في ذاته يعكس تراجع قدرات الجيش النظامي في الحشد، والتنقل، والسيطرة الميدانية، فضلا عن ان قدرة الطيران تتراجع يوما بعد يوم بسبب تزايد اعداد الطائرات التي يتم اسقاطها يوميا. والارقام تشير الى اكثر من مئة طائرة مروحية ومقاتلة جرى اسقاطها حتى الآن. اي ان سوريا خسرت نصف سلاحها الجوي العامل فعليا. والذي لا يتجاوز المئتي طائرة. هذه كارثة توازي مجمل الحروب مع اسرائيل.

في اي حال سيشكل فصل الشتاء مرحلة انتظار، على ان تكون للميدان الكلمة الفصل بعد نهاية شباط او منتصف آذار المقبل. فهل يكون الحسم هو الخيار الوحيد المتاح مع بشار الاسد؟

=================

إيران والمعتقلون في أعزاز!

راجح الخوري

2013-01-12

النهار

عندما شاهد احد السياسيين صورة السفير الايراني السابق في لبنان محمد رضا شيباني وهو يشرف في دمشق على عملية اطلاق الاسرى الايرانيين والاتراك في مقابل الافراج عن المعتقلين السوريين علّق بالقول: ان السفارة القطرية ليست المكان الملائم ليتظاهر اهالي المخطوفين اللبنانيين التسعة امامها مطالبين بالعمل لاطلاق اهلهم في أعزاز، لأن السفارة الايرانية في بيروت هي المكان المناسب للتظاهر أمامها اذ في وسع طهران ان تضغط على النظام السوري لاقناعه بالانخراط في صفقة مماثلة تفضي الى اطلاق اللبنانيين التسعة.

صحيح ان قطر اثبتت مرة جديدة، ان العبرة ليست في الجغرافيا بل في مساحة الطموح وبراعة المبادرة السياسية والسهر على لعب دور فاعل، وذلك بعدما قامت على امتداد ثلاثة اشهر برعاية مفاوضات ايرانية - تركية في اطار من الديبلوماسية السرية، افضت بالنتيجة الى قيام ايران بممارسة ضغط على الرئيس بشار الاسد ليوافق على اطلاق 2126 معتقلاً ومعتقلة سوريين إضافة الى الاتراك الاربعة في مقابل اطلاق الايرانيين الـ48، ولكن ذلك لا يعني انها قادرة على اقناع خاطفي اللبنانيين باطلاقهم دون مقابل، كأن يقوم النظام السوري باطلاق عدد من عشرات آلاف السوريين المعتقلين لديه.

واذا استطاعت طهران ان تقنع النظام بأن ينخرط في صفقة مماثلة لاطلاق اللبنانيين وهم المقربون منها اصلاً، ربما تستطيع قطر ان تنظم جسراً للتفاوض مع الخاطفين، الذين اعلن الناطق باسمهم "أبو أياد" انهم مستعدون لصفقة مماثلة تطلق اللبنانيين، وخصوصاً بعدما قبل النظام التفاوض مع من يسميهم "الارهابيين".

وعندما تعلق صحيفة "الراية" القطرية على العملية فتكشف ان جهود الدوحة جاءت بعد طلب من طهران واستجابة لمبدأ الحرص على الحوار والاستقرار، من الطبيعي ان يدفع ذلك الى القول ان ايران يجب ان تكون متحمسة اكثر من القطريين لترتييب اطلاق هؤلاء المظلومين الذين يعجز لبنان عن اطلاقهم.

في اي حال لم يكن مفاجئاً ان تلعب قطر هذا الدور، وخصوصاً في ظل الدينامية المثيرة التي تطبع تحركها الاقليمي والدولي، فاذا كانت تبرز كراعية متحمسة لدول "الربيع العربي"، فانها تثير جدلاً واسعاً بسبب مساعداتها السخية وتوظيفاتها المالية. وفي هذا السياق تغرق الآن مصر في موجة من التعليقات المستغربة، اثارها رفع الدوحة مساعداتها لها الى خمسة مليارات دولار اضافة الى مشروع مشترك بين البلدين بقيمة 18 ملياراً، وهو ما اطلق شائعات مغرضة عن رغبة قطر في الإستحواذ على قناة السويس لمدة 99 عاماً، ولكأن اميرها الشيخ حمد بن خليفة يريد وراثة "فرديناند دي ليسبس"، ولهذا جاء تعليق رئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم جازماً: "هذا مزاح مغرض. قناة السويس تراث مصري، ومصر أكبر من ان يهيمن عليها أحد"!

=================

الأسد والمالكي .. نهاية الاستبداد!!

محمد بن علي الهرفي

عكاظ

12-1-2013

معروف أن حافظ الأسد حكم سوريا بعد انقلاب عسكري ساعده عليه سنة سوريا تحت مظلة حزب البعث الذي لا يفرق بين أتابعه بحسب مذاهبهم أو أديانهم ــ كما كانوا يزعمون!! لكن حافظ الأسد انقلب سريعا على أتابعه، فقتل من قتل وشرد آخرين ومكن طائفته النصيرية من معظم مفاصل الدولة واستبعد بذلك الغالبية العظمى من مواطني سوريا واستمر يحاربهم بعنف خاصة من يعترض على أعماله الاستبدادية وتوج هذا الاستبداد بقتل حوالي ثلاثين ألفا في مدينة حماة.

وجاء الأسد الابن رغم أنف الجميع ــ عدى أبناء طائفته ــ وتغيرت مجموعته من القوانين لكي تنسجم مع وجوده حاكما لسوريا، وسار الحاكم الجديد على سيرة والده المستبد مما جعل المواطنين غير قادرين على التحمل والمعاناة فجاءت ثورتهم التي لا تزال قائمة رغم القتل والتشريد الذي لم يكن أحد يتوقع حدوثه في عصرنا الحديث..

المالكي ــ في العراق ــ يتشابه مع رفيقه (الأسد) في كونه جاء على دبابة أمريكية ووجد فيه الأمريكان بديلا عن صدام حسين وقادرا على تحقيق كل أحلامهم في العراق والتي جاءوا من أجلها.

المالكي ــ مثل رفيقه ــ طائفي بامتياز ولهذا فالذين قتلوا في عهده أضعاف أضعاف من قتلوا في عهد صدام، والأسوأ أنه كرس الطائفية بين السنة والشيعة التي لم تكن موجودة سابقا حيث كان الجميع يعيشون بشكل جيد..

فساد المالكي الإداري وطائفيته النتنة أشعل الفتنة في العراق منذ زمن وتجلت آثارها خلال الأسبوعين الماضيين حينما ثارت مجموعة من المناطق الكبرى ضد أفعاله مطالبة بتحقيق العدالة وعدم ملاحقة أهل السنة قتلا وسجنا وتشريدا، ولا تزال المظاهرات قائمة، والمطالبات مستمرة، وأعتقد أن المالكي إذا لم يستجب فإن الفتنة ستشمل العراق كله .. والمريح ــ إلى حد ما ــ أن هناك مجموعة من أبناء الشيعة وقفوا إلى جانب مطالب السنة وطالبوا المالكي تحقيقها.

المستبدان ــ المالكي والأسد ــ اتهما الخارج بكل ما يجري في بلديهما، فالسعودية وقطر بالإضافة إلى أمريكا وإسرائيل هم المسؤولون عن إحداث الفتنة في البلدين!! كما أن الإرهاب والتكفير يتحملان جزءا من مسؤولية ما يحدث في البلدين أيضا!! لكن قتلهما للآلاف لا يعد في عرفهما إرهابا بل دفاع عن المواطنين!!.

وتدخل إيران وروسيا في بلديهما لا يعد ــ أيضا ــ تدخلا خارجيا!! الحاكم المستبد لا يمكنه الاعتراف باستبداده، ولا العودة عن أخطائه بل من طبيعته المضي في هذا الاستبداد إلى نهاية المطاف، وخطاب الأسد ورفيقه المالكي أكبر شاهد على ذلك.. ولهذا فإن طبيعة التاريخ أن لكل مستبد نهايته، ونهاية بائسة، وهذا ما أتوقعه لهذين المستبدين.

=================

بشار والطغاة: تاريخ طويل ومنهج واحد

2013-01-11

القدس العربي

- بعد خطاب بشار الأسد الأخير الذي أعاد ما يحصل في سورية إلى سنتين خلتا، وكأنّ سوريّة لم تمرّ عليها قرابة السنتين وهي في حالة ثورة وغليان، وكأنّها لم تفقد عشرات الألوف من أبنائها، وكأنّ بنيتها التحتية لم تدمر، وكأنّ كثيراً من مدنها وقراها لم تكد تختفي من على ظهر الأرض بفعل قصف الطيران والمدفعية وو.....

- عندما يسمع المرء مثل هذه الخطاب يترك لخياله العنان ليعود بالذاكرة إلى خطابات مشابهة لزعماء طواهم الزمن مع خطاباتهم التي خالفوا فيها سنن الحياة البشرية ومنطق التاريخ، لأنّ المستقرئ للتاريخ المعاصر والقديم يترسخ في ذهنه حقيقة بدهية ثابتة تقول: إنّ منهج الجبابرة والطغاة لا يتغير بمرور الزمان، واختلاف المكان، وإن اختلفت التفاصيل.

- قبل انفجار بركان ثورات الربيع العربي كان القارئ للقرآن الكريم يمر على قصص السابقين فيتعجب من تماهي الطغاة والجبابرة في الظلم والغي رغم النداءات الكثيرة التي كانت تقرع آذناهم ليل نهار: أن اعتبروا بمن سبقكم، وانظروا إلى حالهم ومآلهم، ولكنّ العناد والاستكبار كان سمة ملازمة لهم، وتعلّقهم بسراب القدرة على وأد ثورات المظلومين والمستضعفين يمنعهم من النظر بحكمة إلى الأسباب والمقدمات وربطها بالنتائج والمألات.

- إذا أردنا أن نستقرأ بعض وجوه التشابه بين سلوكيات طغاة الأمس وطغاة اليوم لوجدناها تكاد تتطابق: فهناك دائماً خلل في تشخيص الحالة، ينتج عنه خلل في توصيفها، ينتج عنه خلل في معالجتها والتعامل معها، يشجع كلّ هذا ويغذيه بطانة وأعوان ربطوا مصائرهم بمصائر طغاتهم: - فالطاغية في أول الأمر يصمّ أذنيه عن سماع صوت الثائرين، ويغمض عينيه عن رؤية حراكهم، ويقلل من شأن مطالبهم وثورتهم، فهم قلة موتورة مأجورة، والشعب متعلّق بزعيمه الملهم، ويتكلم وكأنّ ما يقع يحدث في مكان آخر.

- الطاغية يهدد بسحق الثائرين، ويقرر أنّه ليس كسابقيه وظروفه غير ظروفهم.

- الطاغية يضرب بشدّة وينكّل بالثائرين ليرهبهم ويسكت صوتهم، ويتهمهم بأبشع وأقذر التهم أولها وليس آخرها التعاون مع الأعداء والخيانة العظمى للوطن .

- الطاغية يتماهى في انفصاله عن الواقع، ويقلب الحقائق ويلعب على المفاهيم كالإرهاب والحرية و..و

- الطاغية يتجاهل بداية انحسار سلطته على الأرض، ولا يلتفت إلى مؤشرات ازدياد اشتعال الثورة وتوسعها نتيجة الإفراط بالبطش وينفصل عن الأحداث.

- الطاغية يقرر استحالة سقوطه، وينكر احتمال نجاح الثورة مع بداية ميلان كفّة الثوار وقرب انتصارهم.

- الطاغية لا يستمع إلى نصائح من وقفوا إلى جواره وساندوه، ويفقد الداعمين والمؤيدين رويداً رويداً، ويضيع خيار اللحظة الأخيرة قبل الانهيار.

- الطاغية ينهار، وينفضّ عنه من حوله، ويتشتت أعوانه وأنصاره ويفقد السيطرة عليهم ولا يختار صفة نهايته وظروفها بل تفرض عليه.

عبد عرابي

=================

وقت الاسد ينفد

2013-01-11

القدس العربي

قاد هتلر الألمان خلال الحرب العالمية الثانية وحقق انتصارات باهرة على الروس وغيرهم، واندحر أعداؤه أمام ضرباته الموجعة وتقدم هتلر في كل الاتجاهات بما أولاه للصناعة العسكرية من أهمية كبيرة حيث صرف على الأسلحة والدبابات والذخائر أموالا طائلة ليحقق من خلالها نزعته النازية ورغبته الشخصية بالهيمنة على العالم والتحكم فيه فدفع قواته إلى أماكن بعيده ليحتل أراضي جديدة ويستعبد شعوبا عديدة وكلما تقدمت قواته بعدت عن مركز السيطرة والقيادة وعانت ظروفا اشد وأصعب فواجهت القوات المتقدمة ظروفا جوية سيئة للغاية فهطلت الثلوج بغزارة وسدت الطرقات وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر فتوقفت القطعات وطالت عليها الأيام وانقطعت عنها الإمدادات العسكرية والغذائية فوقعت القوات النازية بين نار الأعداء الملتهبة المدافعة وبين الظروف الجوية القاسية فقتل الروس الآلاف ومات بالثلج والجوع الآلاف وهكذا تقهقر الألمان وتقدم الأعداء وحققوا الانتصارات تلو الانتصارات وحاصروا هتلر في عقر داره فضاق عليه الحصار واشتد الخناق، وتقدموا أكثر وأكثر ووجدوا هتلر ميتا، فشاع الخبر وانتشر بأنه أطلق على نفسه رصاصات الرحمة وانتحر، وهذا كله بسبب تحجر فكره وتمدد جسمه اكبر من حقه ومقداره، واللافت للنظر تشابه الأسد وهتلر فبعد إن أرسل الأسد قواته وحقق انتصاراته في لبنان والعراق وغزه، وفي غيرها من البلدان وخاصة ما حققه أخيرا على شعبه في ارض الشام فسرعان ما تقلص الأسد وانكمش فقلت الانتصارات وانتكست القوات وتقدم الثوار وحاصروا القصر والدار والوقت بدء ينفذ والأسد محتار في اتخاذ القرار أيكون جريئا وشجاعا كهتلر فينتحر بإطلاق رصاصات الذل والعار على نفسه من مسدسه الشخصي الذي طالما زينه للفخر والاختيال، أم يكون كالقذافي أكثر جرأة وشجاعة فيقاتل حتى النهاية ثم يكون مصيره إلى الثوار، وعلى الإعلام السكوت حتى يأتي المراسل بالإخبار وعلى الأقلام الانتظار حتى تكتب ما سيقدم عليه الأسد أو ما سيفعله الثوار، وقد فات الأسد ومن سانده أن الأسد في أصله طويل ومتمدد فان حاول التمدد أكثر من حجمه تقطعت أوصاله وانفصل رأسه عن الجسد وصدق الشاعر بقوله: من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد.

عقيل حامد

=================

سورية والالتقاء الأميركي-الروسي

منار الرشواني

الغد الاردنية

12-1-2013

لم يحدث التدخل العسكري الغربي الذي طالما "بشرنا" به أنصار نظام بشار الأسد، دفاعاً عن موقفهم المؤيد لسحق الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة اللتين يعرفون جيداً كيف أُهدرتا عقوداً على يد آل الأسد والبعث. بل وتشهد مخيمات اللاجئين أن حتى تدخلاً إنسانياً دولياً لم يحصل، فتُرك مئات آلاف المسنين والنساء والأطفال السوريين لمصيرهم تحت رحمة سيول الأمطار والثلج والصقيع.

حتماً، سيدعي قوميو الأسد ويساريوه، ومعهم حسن نصرالله وحزبه، أن مثل هذا التدخل إنما فشل بسبب صمود النظام في مواجهة "عصابات" الشعب السوري، مدعوماً بتأييد لا يلين من روسيا والصين على امتداد الثورة-المؤامرة. لكن الحقيقة أن الولايات المتحدة، كما يؤكد سلوكها وتصريحات مسؤوليها منذ انطلاق الثورة، لم تكن تتمنى أو حتى تسعى إلى أكثر مما أوصل الأسد سورية إليه اليوم.

فمعروفة حقيقة أن الإدارة الأميركية لم تكن مترددة في اتخاذ موقف من أي من الأنظمة التي انتفضت شعوبها ضدها خلال "الربيع العربي"، كما كان ترددها تجاه نظام الأسد الذي يُفترض أنه نظام غير حليف للولايات المتحدة. أما بعد اتخاذها موقفاً مؤيداً للثورة، بل ورعايتها إنشاء هيئات تمثيلية للمعارضة السورية، فقد برز إصرار هذه الإدارة على اختلاق الذرائع لمنع دعم الثوار السوريين بالأسلحة الضرورية، ولو بشكل غير مباشر عبر دول حليفة مؤيدة للثورة.

في البداية، ظهرت ذريعة تشتت المعارضة السورية في الداخل والخارج، وبالتالي احتمالية وصول الأسلحة الموعودة إلى فصائل معادية للولايات المتحدة، لاسيما تلك التي تحمل فكر تنظيم القاعدة أو ترتبط به فعلاً. وإذ كان من المفترض تجاوز هذه العقدة-الذريعة مع تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" برعاية أميركية، إلا أن ما حصل هو استحضار ذريعة جديدة تتمثل في "جبهة نصرة بلاد الشام" التي تقاتل مع الثوار السوريين، والتي تم إدراجها على قائمة الإرهاب الأميركية.

ما الذي تريده الولايات المتحدة من الثورة السورية؟ خير ما يلخص الإجابة التي باتت معلنة على لسان المسؤولين الأميركيين، عنوان مقال الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا التابعة للبحرية الأميركية، غلين روبنسون: "لا تدعوا الثوار السوريين ينتصروا"، والمنشور في مجلة "فورين بوليسي" الشهر الماضي. وهو ما لا يعني بداهة السماح بانتصار نظام بشار الأسد، وإنما السماح بتزويد الثوار بالحد الأدنى الكافي من السلاح لضمان صمودهم فقط واستنزاف جيش النظام، إلى حين التوصل إلى "تسوية" للأزمة السورية؛ أي استمرار سياسة تدمير سورية.

هكذا يظهر بجلاء تلاقي الولايات المتحدة وروسيا على ضرورة رحيل بشار الأسد، لكن مع بقاء نظامه أياً كانت أسباب كل من الطرفين؛ حماية إسرائيل، أو منع حرب أهلية انتقامية، أو ضمان مصالح خاصة بكل منهما. ولا يكون من سبب للخلاف بعد ذلك بينهما إلا على تقاسم "الكعكة" السورية، أو على تفاصيل مقايضتها بمصالح حيوية في مناطق أخرى؛ كجورجيا مثلاً.

ربما سيدعي أنصار الأسد الآن أن الثورة هي المسؤولة عن فتح الباب لتدمير سورية. لكن الحقيقة أن السوريين الثائرين لم يفاضلوا إلا بين الموت دفاعاً عن حريتهم وكرامتهم وبين مواصلة الموت بصمت وذل. وليكون من ضيع سورية هو وحده من اختار بين بشار الأسد وبين سورية، فاختار الأسد المستبد على حساب سورية؛ شعباً وأرضاً وتاريخاً ومستقبلاً.

manar.rachwani@alghad.jo

=================

هل يتوسط الإبراهيمي بين روسيا وأمريكا؟! * ياسر الزعاترة

الدستور

12-1-2013

نكتب قبل ظهور نتائج لقاء جنيف بين نائب لافروف (بوغدانوف) ونائب كلينتون وليام بيرنز بحضور الأخضر الإبراهيمي، لكن اللقاء لن يكون على الأرجح سوى محطة من محطات الحوار بين الطرفين، من دون أن نعول عليه لإنجاز حل سريع للأزمة، لاسيما أن الطرفين ليسا في عجلة من أمرهما، بخاصة الطرف الأمريكي الذي يتحرك على إيقاع هواجس نتنياهو الذي بات مطمئنا لمصير الأسلحة الكيماوية في ظل تطمينات روسية من جهة، ووجود فرق عسكرية جاهزة للسيطرة عليها في حال سقوط النظام من جهة أخرى، فضلا عن قرار بناء الجدار في الجولان، والذي سيتكفل بحماية الدولة العبرية من تداعيات سقوط النظام بصرف النظر عن الوضع التالي.

روسيا ليست في عجلة من أمرها أيضا، وإن تكون أكثر حرصا على الحل من واشنطن، لاسيما أنه من الصعب عليها ضمان عدم حدوث تطورات دراماتيكية في الوضع العسكري، ولو كانت مطمئنة تماما لما جهزت سفنا لإجلاء رعاياها منذ الآن. لكن حرصها على الحل لن يدفعها إلى قبول أي حل، بل لا بد من حل يحفظ هيبتها أولا، وبعض مصالحها ثانيا. جدير بالذكر أن إرسالها لبوغدانوف كي يكون محاورا لبيرنز هو بحد ذاته نوع من المرونة، حتى لو قيل إن نائب وزير يقابله نائب وزير، لاسيما أن المسافة في المواقف بينه وبين لافروف كبيرة. ألم يكن هو الذي شكك بصمود النظام وانتصاره العسكري؟!

بالنسبة للإبراهيمي، فقد جاء إلى اللقاء محملا ببعض الثقة من طرف المعارضة، ليس فقط بسبب هجائه الصريح لخطاب بشار، بل أيضا بسبب حديثه عن عدم وجود أي دور له في المرحلة الانتقالية، وهي نقطة بالغة الأهمية، وإن لم تكن كافية بالنسبة للثوار الذين يرون في بقائه داخل سوريا ملامح شعور بالهزيمة حتى لو لم يكن له دور في الحكومة الانتقالية، لاسيما أنها حكومة لن تؤثر بشكل جوهري على المؤسسة العسكرية والأمنية.

عموما، فأن أي تفاهم سيخرج به اللقاء الثلاثي، أكان هذه المرة أم في المرات التالية لن يكون سهل القبول من طرف الائتلاف الذي لا يملك دالة حقيقية على الثوار، أو بعض فصائلهم في أقل تقدير، ما يعني أن أي حل مع بقاء الأسد سيكون صعب التطبيق، إن لم يكن مستحيلا بهذا القدر أو ذاك.

هنا تطل إيران برأسها من ثنايا اللقاء وعموم الجهود الباحثة عن حل سياسي، ليس فقط لأنها الوحيدة التي رحبت بخطاب بشار، بل أيضا لأنها تملك فيتو على الحل، وإن يكن من الصعب عليها الدخول في صدام مع روسيا لعلمها أن رفع موسكو الغطاء عن بشار سيعني الكثير في المرحلة اللاحقة.

طهران تبدو في مزاج تراجع هي الأخرى رغم ترحيبها بخطاب بشار، وما زيارة وزير خارجيتها صالحي للقاهرة ومكوثه 3 أيام فيها، واستماعه لما لا يحب سماعه، سوى تأكيد على هذا المزاج. ويكفي أن يتزامن وجوده في القاهرة مع انعقاد مؤتمر لقضية عرب الأحواز حتى يدرك أن مصر اليوم ليست هي ذاتها القديمة، وأن بوسع الأخيرة إثارة بعض المتاعب لإيران إذا لم تُحدث بعض التوازن في سياستها في المنطقة، وقد لاحظ المراقبون كيف أن شيخ الأزهر لم يتردد في طرح قضية حقوق السنّة في إيران أمام صالحي معطوفة على القضية دائمة الاستفزاز بين السنة والشيعة، وهي قضية سبِّ الصحابة.

هكذا يمكن القول إن الأطراف الداعمة للنظام تبدو في مزاج تراجع عن مواقفها المتشددة رغم محاولتها الإيحاء بتماسك النظام وقدرته على الصمود، بل حتى الانتصار، رغم أن أحدا لا يقبض هذا الكلام، بمن فيهم الإبراهيمي الذي نفى قدرة النظام على الحسم العسكري، بينما لم ينفها عن المعارضة (في المدى الطويل)، وإن ربط انتصارا كهذا بتدمير سوريا.

ولأن حوار جنيف لم يكن الأول، ولا يبدو أنه سيكون الأخير، فإن تطورات الوضع العسكري على الأرض ستفرض نفسها على اللقاءات القادمة، وهنا تحديدا تبرز مهمة تركيا والعرب الداعمين للنظام الذين يقع عليهم عبء إحداث نقلة في دعمهم للثوار (يتعرضون لحصار منذ أسابيع) من أجل تغيير ميزان القوى العسكري، وبالطبع لكي يكون بالإمكان الحديث عن حل سياسي يقبله الشعب السوري بعد 60 ألف شهيد وملايين اللاجئين والمعتقلين والمصابين.

=================

ثلاث مبادرات للمعارضة السورية * عريب الرنتاوي

الدستور

12-1-2013

ثلاث مبادرات صدرت عن ثلاثة أطراف رئيسة في المعارضة السورية...مبادرة هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي (الداخل)..مبادرة المجلس الوطني السوري (اسطنبول)..ومبادرة الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة (الدوحة) وقد صدرت من لندن.

القاسم المشترك الأعظم بين المبادرات الثلاث، يتجلى أولاً، في إجماعها على رفض “مبادرة الأسد”..هنا تتوحد معارضة الداخل والخارج رغم ما بينهما من خلافات واصطراعات (لقد نجح الرئيس حيث أخفق الآخرون في توحيد المعارضة)..وثانياً، في رفضها للحوار مع رئيس النظام ومن تلطخت أياديهم من رموزه وأركانه بدماء السوريين، معارضة الداخل تحدثت عن تفاوض وليس حوارا، وبرعاية دولية بهدف تأمين “الانتقال السياسي لسوريا، فيما مبادرة الائتلاف لم تستبعد مشاركة (بل طلبت وكشفت عن اتصالات) رموز أساسية من النظام في الحكومة الانتقالية، أما المجلس الوطني، فقد دعا لحكومة انتقالية من الائتلاف في المناطق المحررة، يُعترف بها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري.

مبادرتا الهيئة والائتلاف، تحدثتا عن استمرار الدولة بالعمل بكل مؤسساتها (تسيير الأعمال) مخافة السقوط في الفوضى، وسجلتا انفتاحاً على النظام من دون الأسد والحلقة الضيقة من حوله...والمبادرتان تحدثتا عن عودة الجيش إلى ثكناته ونزع سلاح المدنيين (الائتلاف)، وبالطبع حل مشكلة الجنود والضباط المنشقين عن النظام، ودمج المسلحين في الأجهزة الأمنية والعسكرية.

مبادرة المجلس جاءت أكثر تشدداً، فهي تحدثت عن مجلس عسكري جديد، يتكون من الجيشين الحر والنظامي، في تراجع نسبي عن مشروع المجلس (بيان القاهرة) الذي أناط به وبالجيش الحر وحدهما، أمر قيادة المرحلة الانتقالية، وحتى من دون مشاركة بقية فصائل المعارضة التي لم يؤت على ذكرها في حينه..وهذه المرة أيضا، جرى تفويض الائتلاف الذي يعد المجلس مكوناً من مكوناته الرئيسة، بالقيام بهذا الدور..يبدو أن صوت المجلس لم يعد مسموعاً بقوة في إطار الائتلاف.

المبادرات الثلاث تلتقي حول عناوين فرعية عديدة من نوع، وقف العنف والقتل والإفراج عن المعتقلين والمحاسبة والمساءلة وجبر الضرر وإعادة البناء وتنظيم مؤتمر وطني ووضع دستور جديد للبلاد وانتخابات عامة رئاسية وبرلمانية تنتهي إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة الدستورية والشرعية المنتخبة..وهو توافق لا يقلل من شأنه اختلاف الأولويات (التقديم والتأخير) على جدول أعمال كل مبادرة من المبادرات الثلاث، ويمكن لحوار نزيه وشفاف ومخلص لسوريا وبعيد عن أجندات الممولين والرعاة والداعمين، أن يفضي إلى رسم طريق خلاص توافقي، تحدثت الهيئة بتركيز عن الحاجة إليه.

من مواقعها المنقسمة، تتقارب المعارضة من دون أن تقصد من بعضها البعض..ثمة رياح “اعتدال” تهب على الائتلاف الوطني، يسعى المجلس في كبح تأثيراتها من خلال التذكير المستمر بوثيقة الائتلاف التأسيسية وأهداف الثوار في الداخل وتحديدا ما خص الإطاحة بالنظام بكل رموزه وأدواته..لكن يبدو أن اتجاهات الريح الإقليمية والدولية بدأت ترتسم بما لا تشتهي سفن المجلس الذي تراجع حضوره الإعلامي والسياسي بشكل لافت في الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ أن أطلقت هيلاري كلينتون رصاصة الرحمة عليه.

ما كان لمثل هذا التلاقي الموضوعي، خصوصاً بين الهيئة والائتلاف أن يتحقق (من دون قصد)، لولا التغيير الذي بدأ يطرأ على مواقف اللاعبين الدوليين، خصوصاً الولايات المتحدة، التي بات القلق من سوريا ما بعد الأسد، يطغى على اهتمامها بالتغيير كيفما اتفق وبأي ثمن للنظام في سوريا..واشنطن، ومعها عواصم دولية عدة، وتتبعها في ذلك عواصم خليجية وإقليمية معروفة بحماسها الثأري والأرعن للتغيير في سوريا، باتت معنية ببقاء مؤسسات الدولة السورية (ليس الأسد بالطبع من ضمن هذه المؤسسات)، ولكي يصبح تحقيق هذا الهدف أمراً ممكناً، فلا بد من مشاركة ممثلي “الدولة” السورية في الحوار والمفاوضات وقيادة الانتقال، وهذا الموقف هو ما بدأ يتردد رجع صداه، في عواصم مثل لندن وباريس وأنقرة والرياض، التي لا تمتلك من أمرها شيئاً، إن قرر “السيد الأمريكي” وجهة سير الأحداث.

أبرز ما قيل وصدر عن المعارضة السورية في الأسابيع القليلة الفائتة، هو ما جاء على لسان رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب من تأكيد على أهمية استمرار الدولة وعمل مؤسساتها في المرحلة الانتقالية، وما كشف عنه من استعداد للتفاوض والحوار مع أركان من النظام (ليس الأسد أيضاَ من ضمن هؤلاء)، بل وتركيزه بشكل خاص على “المكون العلوي” في معادلة سوريا ما بعد الأسد..هذا تطور مهم، يسمح بتلاقي أطياف أوسع من المعارضة (الداخل والخارج)، وربما يصبح السعي للوصول إلى اتفاق “القاهرة 2” بين أطراف المعارضة، فرصة سانحة للعمل على توحيدها.

الطريق للانتقال بسوريا، بدأ يرتسم محلياً (المعارضات الرئيسة) ودولياً، واستتباعاً إقليمياً..وبعد تصريحات الإبراهيمي الأخيرة، التي “نعى” فيها حكم “أسرة الأسد”، لم يعد النقاش حول ما إذا كان الأسد جزءاً من المشكلة أم جزءاً من الحل..النقاش يدور كيف يمكن إخراج الأسد من المعادلة، بالتنحي أو بتفويض صلاحياته الكاملة لحكومة انتقالية، أم بالتنحية القسرية بوسائل الضغط السياسي أو العسكري، أم بالأمرين معاً..ما يعني أن التسوية السياسية للأزمة السورية لم تنضج بعد، وأن أشهراً صعبة ما زالت تنتظر السوريين، سيما بعد أن تكشّف الأسد عن استمساك مميت بالسلطة مدعوماً من المؤسسة الأمنية والعسكرية وشرائح من المجتمع السوري من جهة، وغياب الوضوح في الموقف الروسي من مسألة “مصير الأسد ودوره” من جهة ثانية، وثبات الموقف الإيراني على حاله الداعم للنظام والرافض واقعياً لأي تغيير جذري في سوريا من جهة ثالثة.

التاريخ : 12-01-2013

=================

مـشكـلات تـكشفهـا الـثـورة

ميشيل كيلو

السفير

12-1-2013

عقبـات كثيرة تحـول دون خـروج السورييـن مـن الزمـن الاستبـدادي ورهاناتـه، إذ يستحيـل بلـوغ الحريـة والتخلـص <br />من الاستبداد بعقلية تشبه عقليته، وأدوات تماثل أدواته ورهانات لا تختلف عن رهاناته.

تكشف الثورة ما هو مختزن في المجتمع الذي تنشب فيه. في نظم الاستبداد، وبقدر ما تكون هذه قوية ومسيطرة وكلية الحضور، يبدو المجتمع منسجماً ومتماسكاً وموحداً وخالياً من المشكلات الحقيقية، فلا مشكلة في الاندماج المجتمعي، ولا مشكلة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، بل مجرد مصاعب جزئية هي بوجه عام وغالبا «هنات هينات»، لا بد من وجودها في تطور صاعد، هو نمط وجود ونشاط مجتمع الاستبداد، المتماسك والممسوك، من أدنى مراتبه إلى أعلاها، من قاعه إلى قمته. فهو كساعة تعمل بانتظام لا يعرف التناقضات او العثرات، فلا عجب ان كان كل من فيه يتحدث لغة واحدة، ويزاول اعمالا متماثلة، ويؤمن بقيم مشتركة تعبر عنها كلمات موحدة، ويتحرك بما تمليه عليه نظم مدروسة حتى ادق تفاصيلها، تقي من يتقيد بها من الخطأ، لأن الخطأ ممنوع أصلا وباهظ التكلفة، فلا بد أن يتبعها ويتقيد بها ويعيش بدلالتها. في الاستبداد، المستشري والمتفاقم منه، لا توجد مشكلات تتصل بالهوية، فهي محسومة بصورة لا رجعة عنها كونها نهائية. وليس هناك ايضا مسائل تتعلق بانتماءات دنيا أوجزئية، فالجميع ينتمي إلى الحزب أو الطبقة القائدة او القائد الملهم أو الى هؤلاء جميعا في آن معا، ضمن انسجام وتوافق تامَّين لا تشوبهما شائبة ولا يعكر صفوهما معكر، إلا ما يقوم الاستبداد به من عمليات تطهير متعاقبة تشمل كل من يخرج أو يحتمل أن يخرج عن الصورة التي يرسمها لحياة مواطنيه العامة والخاصة. إلى هذا، ليس في الاستبداد مشكلة فقر أو سوء توزيع للدخل الوطني أو بطالة (تسمى البطالة هنا «فائض عمالة»، لأن العاطلين عن العمل ليسوا غير عمال لا يحتاج اليهم احد ولا لزوم لهم!)، أو تنمية ونمو، فالتنمية تسوق باعتبارها احد مصادر شرعية الاستبداد الرئيسة، حتى إن كانت غير موجودة، وهي تقدم عموما بلغة تجميلية تبيعها دعائيا «كمكتسبات ومنجزات»، كما لا توجد مشكلات في الخدمات والمرافق العامة، ومن المحال أن تكون هناك مشكلات سياسية، من طابع وطني أو قومي او حتى حزبي. فالاستبداد هو السياسة بامتياز، لأنه يقوم على رافعة السياسة ويعمل في إطارها ويرسم جميع خطاه في ضوئها ومن أجل تحقيق مأربه بما هي مقاصدها الوحيدة.

باختصار، ليس في الاستبداد مشكلات قد تستدعي المعالجة، فهو لا ينتج مشكلات من جهة، ولان معالجة المشكلات تعني أنه أنتجها وتعايش معها حتى صار من الضروري التخلص منها من جهة اخرى، وهذا كله من المغالطات التي يقول بها وينشرها خصوم التقدم والاندماج المجتمعي والمساواة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية، الخ .

هذه الصورة كانت سائدة في سوريا ما قبل الثورة، وهي تتلخص في التالي: نحن في حال ممتازة وصحيحة استراتيجياً، تخلو خياراتها من أية نواقص أو عيوب، وإن كنا نواجَهُ هنا أو هناك، في حالات متفرقة وهامشية لا يجوز التوقف عندها، أخطاء لا تعدو أن تكون شوهات حسن لا ترجع إلى خيارات القادة، بل الى نواقص العنصر البشري المنفذ، الذي يتحسن دون شك، لكنه لم يبلغ من التحسن بعد تلك الدرجة التي تجعله محصّنا ضد الأخطاء الفردية والشخصية. النظام فوق النقد، انه صحيح تماما ولا يأتيه الباطل، اما العيب فهو في البشر الذين يعملون على خدمته، فيخطئون ويصيبون، رغم ما يضعه لهم من ضوابط دقيقة تقيهم شرور تصرفاتهم الجسيمة. إذن، ليس في سوريا مشكلة طائفية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، وإن كان هناك من يُشَبّه لهم، فيظنون أن هذه المشكلات موجودة، هي من ماضي النظام وليست من حاضره، ولا محل او مكان او دور لها فيه.

[[[

جاءت الثورة السورية فكشفت المستور، وبيّنت كم كان النظام مزدحما بمشكلات لا قدرة له على حلها ولا قبل له بها. ظهرت على سبيل المثال لا الحصر مشكلة طائفية اخذت تدريجيا صورة صراع سني/ علوي، كما ظهرت على شكل تناقض بين أغلبية سنية اعتبرت معادية للنظام وثائرة، وأقليات قيل إنها مؤيدة له ومعادية للثورة او محايدة حيالها. ومع انني اعتبر هذه النظرة خاطئة في الحالتين، واعتقد أن هناك بين الأقليات كثرة لا تؤيد النظام، وبين الأكثرية أقلية وازنة تسانده، وأن المشكلة أكثر تعقيدا من أن تفسر بهذا النمط المسطح من الأحكام المتسرعة، فإن وجود مشكلة طائفية في سوريا ليس نتيجة من نتائج الثورة، بل هي جزء من المشكلات التي نماها الاستبداد وتستر عليها وحال دون حلها، بذريعة أن الحديث عنها هو الذي يوجدها في بلاد تخلو منها، رغم ما مثله سلوكه حيالها من خطورة على وحدة الجماعة الوطنية وأمن وسلامة الدولة والمجتمع. وليس من المبالغة في شيء القول إننا نواجه اليوم مشكلة اندماج اجتماعي وهوية سياسية ودولتية، ومشكلة اقتصادية واجتماعية ومشكلة ثقافية ومشكلة وعي... الخ، وان هذه المشكلات كانت موجودة ومغيبة عن عمد تحت غطاء كثيف من الأكاذيب الدعائية من جهة، والتخويف من اثارتها من جهة اخرى، وان انكشافها لا يعني بحال أن الثورة هي التي انتجتها، وإنما يعني أن عليها إيجاد الطرق والأدوات والأفكار الضرورية لمعالجتها والتخلص منها من دون مراوغة وكذب، ما دام عجزها عن حلها يفقدها هويتها كثورة، ويبقينا غارقين في مشكلات ستنتقل إلى النظام البديل الذي نريد اقامته، فلا تكون عندئذ ثورة الحرية والمساواة والعدالة التي اردناها، ولا يقوم واقع جديد يخلو مما يخبئه الاستبداد تحت سطح الموت الذي يفرضه على مجتمعه وتعيش عليه سلطته.

ليست الثورة في جوهرها غير فعل، قصدُه كشف ومعالجة المشكلات الهيكلية العميقة، الثاوية في عمق الحياة الاجتماعية وبنية الدولة والمجتمع. فلا عجب ان ثورة الشعب السوري تكشف منذ عامين مشكلاتنا العميقة والقاتلة التي حكمنا الاستبداد بفضل رعايته لها وتغذيتها بأسباب البقاء والتفاقم، وكان من المحال ان لا يستعين بها في صراعه مع شعبه، كما كان من المحال ان لا يكشفها هذا الجهد الإنساني الجبار الذي يبذله مجتمع يريد الخروج من الاستبداد الى الحرية، وسيكون من المحال ان تبقي عليها وأن لا تتخلص منها كي تكون حقا ثورة من أجل الحرية والشعب الواحد. لذلك يخطئ كثيرا من يقول أو يعتقد إن الثورة مسؤولة عن المشكلات التي برزت إلى العلن خلال السنتين الماضيتين، وخاصة منها مشكلة الطائفية المدمرة. ومن التسرع الحكم على الثورة السورية الراهنة انطلاقا من الدور الذي تلعبه هذه المشكلة في الصراع، ومن الضروري رؤية المعضلة على حقيقتها كمنتج للنظام الاستبدادي، ومعالجتها بصفتها هذه، وإزالتها معه باعتبارها واحدة من أقوى ركائزه واكثرها خطورة، يستحيل أن تتعايش الحرية معها، لما بينهما من تناقض وجودي. إن الإفصاح عن المشكلات وكشفها لا يعني إيجادها، فلا صحة لتحميل الثورة المسؤولية عنها، علماً أن بعض المشاركين فيها قد يقع في فخها ويحاول الإفادة منه، او يرى فيها مسوغا يبرر قوله بطائفية مقابلة أو مضادة، فيخرج بذلك عن الثورة وينخرط في مسار استبدادي ينجب الطائفية، التي أكرر انها لا يمكن ان تكون جزءا تكوينيا من اية ثورة وأي نزوع إلى الحرية، ولا مفر من اعتبارها رؤية معادية للثورة، كائنا من كان الداعي لها او المتكل في صراعه عليها، لكونها رؤية تعتمد بدورها مكونا مغلقا ما قبل مجتمعي، هو طائفة الاغلبية، التي لن تناضل عندئذ في سبيل حرية المجتمع بمختلف مكوناته، بل تصارع لإزالة مكون نقيض ما قبل مجتمعي، هو طائفة الأقلية، لتبقى بلادنا بذلك حبيسة عالم الاستبداد بنوعيه: الأغلبي والأقلوي، ونكون كمن لا يصنع ثورة بل يصنع استبدادا مضاعفا وقاتلا لجميع أنماط وأشكال الحرية والعدالة والكرامة.

[[[

هل سننجح في الخروج من الحقبة الراهنة، حقبة كشف المعضلات التي يخلفها لنا الاستبداد، أم اننا سنبقى في اشكال جديدة لها بعد سقوط النظام، فنضيع تضحيات شعبنا الذي ثار على الطائفية إضافة إلى ما ثار عليه وضده؟ وهل سنبارح هذه الحقبة إلى ما يجب أن يليها من تطور: إلى نظام جديد ستنتجه اسس ومبادئ بلورناها خلال صراعنا الحالي قبل كل شيء، لنجتث بواسطتها ارث الاستبداد الثقيل من جذوره، لننجح في صنع الثورة التي نزلنا إلى الشوارع من أجلها؟ ثمة عقبات عديدة تحول دون خروجنا من الزمن الاستبدادي ورهاناته، اهمها وأبرزها استحالة بلوغ الحرية والتخلص من الاستبداد بعقلية تشبه عقليته وادوات تماثل ادواته وخطط تطابق خططه، ورهانات لا تختلف عن رهاناته. لقد بنى نظام الاستبداد القائم وجوده على ارضية تكوينات ما قبل مجتمعية، ويريد بعض «الثوريين» بناء وجودهم السياسي على تكوينات ما قبل مجتمعية بدورها، علما بأن العدد لن يكون مقررا هنا، وأن ما يعتد به هو البنية والهيكلية التي ستترتب على التعبير السياسي للتكوين ما قبل المجتمعي في مستوى الدولة، وهو واحد في الحالتين: لا ترجمة له غير نظام الاستبداد النافي للحرية والمعادي للشعب بما هو شعب مجتمع موحد ما بعد فئوي أو طائفي، يتناقض وجوده وتمثيله السياسي مع طابع اية سلطة استبدادية فئوية، لكونها تلغي في الحالتين الدولة كتكوين عام ومجرد وشامل، يتساوى امامه جميع المواطنين، من دون تمييز او استثناء.

هل يجوز ان تفتقر المعارضة السورية، الموحدة في عدائها للنظام القائم، إلى توجهات مستقبلية تفصيلية وموحدة حيال المشكلات التي سترثها عن الاستبداد، وهل ستنجح في معالجة ما كشفته الثورة من معضلات قاتلة إن هي اعتمدت اساليب حزبية وجزئية، ينتمي الكثير منها إلى عالم الاستبداد الواسع، حيث نخطئ إن اعتقدنا بوجود نمط أو شكل واحد منه، وظننا أنه يكفي القضاء على شكله السائد اليوم عندنا كي يتم القضاء على جميع صوره وأشكاله؟

هل سننتقل من كشف المشكلات إلى التخلص منها، فنكون قد صنعنا حقا ثورة، حتى قبل سقوط النظام؟ هذا ما يعلق شعبنا آماله عليه، رغم أن مشهد القوى المنظمة، المنخرطة في الصراع ضد السلطة، لا يغري كثيرا بالتفاؤل. أن اصواتا كثيرة تتعالى معلنة عن طائفيتها المعاكسة، التي ستنقلنا من مأزق إلى آخر لا يقل سوءا عما قبله، وليس من عالم الظلم والقمع إلى رحاب العدالة والحرية.

=================

بقاء الاسد رهن بحجم المساومات.. على نظامه!

طارق مصاروة

الرأي الاردنية

12-1-2013

بعد تصريح الابراهيمي متناولاً الاسد لأول مرة, يفهم المراقب سبباً من اثنين:

الاول: ان الابراهيمي, رغم موعد مفاوضات جنيف, يريد أن ينهي مهمته ويودع التنافر الدولي الاميركي – الروسي!!

الثاني: ان الابراهيمي لم يعد معنياً بالاسد كطرف, وانه يراهن على ملامح اتفاق اميركي – روسي هذه المرة دون الاسد.

سوريا يمكن أن تتحول الى نسخة ثانية عن لبنان في حربه الداخلية التي ابتدأت عام 1975.

 فحين عجزت الاطراف المتحاربة عن حسم المعركة, انتقلت الولايات المتحدة من التفاوض مع الاتحاد السوفياتي الى التفاوض مع دمشق, وحين قرر العرب انشاء «قوات الردع العربية» تبين أنها تضع لبنان في الحضن السوري الذي أمتد ثلاثين عاماً من الدفء والاذعان!!

.. الان قد تذهب واشنطن نتيجة عناد الموقف الروسي الى طهران, والوصول معها الى صفقة تجعل من الرئيس الاسد النموذج الثالث بعد زين العابدين بن علي, والعقيد القذافي. وقد تكون هذه الصفقة التخفيف من العقوبات الاقتصادية التي تضرب الان في اسس تحالف البازار مع الحرس الثوري مع الخامينئي. وتعطي للنظام فرصة ترتيب اوضاعه الداخلية بعد احمدي نجاد, وأوضاعه الخارجية بالابقاء على بعض تحالفاته في العراق ولبنان!!

الاجتماع القادم بين الوكيلين الاميركي والروسي بحضور الابراهيمي قد ينتهي الى اتفاق على مرحلة ما بعد الاسد. فابقاء الحرب الداخلية مدة أطول ستضع سوريا بين يدي المتطرفين, الامر الذي لا تريده واشنطن ولا توافق عليه موسكو!! فأمر بشار الاسد انتهى كثابت في المعادلة السورية. اما بقاؤه لأشهر فيخضع لحجم المساومة الروسي والايراني.

اضعف ما في تحالفات الاسد, هو عدم اخذه لعنصر الوقت بالحسبان, وعدم فهمه بأن الاتحاد الروسي ليس هو الاتحاد السوفياتي وأن ايران تبقى تجمعاً مذهبياً وسط بحر سني هائل!!

=================

جنون القوة في سوريا

تاريخ النشر: السبت 12 يناير 2013

د.خالص جلبي

الاتحاد

خطاب بشار الأسد في الأوبرا يذكر بالخطاب الأخير الذي ألقاه هتلر في الأوبرا قبل الانتحار؟ فهل يكرر التاريخ نفسه في مصير الطغاة؟ هذا السؤال يفتح الباب لمناقشة ظاهرة القوة حين توضع في يد الأفراد، مما يثير سؤالاً آخر طرحه بعض مفكري السلام ،مثل تولستوي عن مشروع اللادولة الذي ترجم خطأ إلى «الكومة الفوضوية»، وهي ليست كذلك. وأظن أن أي شركة تنتج السيارات لن تفكر في صناعة سيارات بدون فرامل دون أن تتعرض للمساءلة والإفلاس. ولكن هذه هي صناعة بعض أنظمة الجمهوريات العربية ولا نعرف المصير بعد ثورات الحراك العربي. ذلك أن ما يحكم على الأشياء هو النتائج.

إنها مشكلة ولادة الدولة قبل ستة آلاف سنة. لنحاول أن نقوم بتشريح مفهوم القوة... يذكر «تزفيتان تودوروف» في كتابه «فتح أميركا» مذبحة مروعة حدثت في «كاناو» في كوبا عندما بدأ الإسبان في اجتياح أميركا. تبدأ الحادثة بظرف عرضي أثناء تناول طعام الإفطار في مجرى جاف لأحد الأنهار، عندما تلفت نظرهم الأحجار الصوانية المكتظة ما ألهمهم فكرة شحذ سيوفهم. وعند اقترابهم من إحدى القرى الهندية راودتهم فكرة إبليسية فلماذا لا يتحققون من حدة سيوفهم إن كانت قاطعة بالدرجة الكافية. التجربة ممتازة على اللحم البشري فلنبدأ إذن؟

فجأة يستل إسباني السيف وسرعان ما يحذو المئة الآخرون حذوه، ويشرعون في تمزيق أحشاء أهل القرية، الذين كانوا يتأملونهم بوداعة وسلام. وفي دقائق معدودة لا يبقى على قيد الحياة أحد. ولدى دخول الإسبان بيتاً كبيراً مجاوراً هرب إليه من تبقى من أحياء، شرعوا في قتل جميع من تبقى منهم هناك ضرباً باليمين، حتى سال الدم في جنبات المكان أحمر قانياً لا يسر الناظرين، كما لو أنه قد جرى ذبح قطيع من الأبقار!

ومن بعض اللقطات من هذا الفيلم الإسباني الذي يستوحي زخمه من مصارعة الثيران أنه: «عندما نزل الشاب الهندي لمحه جندي إسباني فاستل سيفاً قصيراً ووجهه إليه كما لو كان يريد الاستمتاع بضربة في خصره تعري أحشاءه. ويحمل الهندي المسكين أحشاءه في يده ويهرب من البيت راكضاً، ثم سقط ميتاً على الأرض».

هذه القصة هي لون آخر من السادية التي ينخرط فيها بعض الناس ورأينا العديد منها في أفلام «اليوتيوب». هذه المرة ليست من رواية تزفيتان تودوروف بل من الشبيحة الأسدية تفعل وتصور وتعمم. يحدث كل هذا تحت عوامل سيكولوجية شتى ليس أقلها الشعور بأن «الآخر» لا يساوي شيئاً أكثر من تجربة تافهة، في ظل بعد عن العيون، واختفاء عنصر المساءلة والردع، وزهو القوة بامتلاك السلاح.

منذ الستينيات يتناقش علماء النفس عن هذا اللون من الانحراف وكيف يحصل؟ وما هي العناصر التي تتفاعل لتوليده؟

لقد ذهل العالم النفسي الاجتماعي الأميركي «فيليب زيمباردو» من تحول الناس العاديين في ألمانيا النازية إلى قتلة ساديين، وعندما كانوا يُسألون كيف فعلتم ما فعلتم؟ كان جوابهم بكل بساطة: هكذا كانت الأوامر ولم يكن علينا سوى تنفيذها.

أحقاً كانت الأوامر فقط أم كان مرض «امتلاك القوة»؟ هل القسوة والسادية سببها «خلل جيني»، أم خلطة كيماوية من «تفاعل التربية والوسط الاجتماعي»؟

لماذا تحدث كل هذه الوحشية في السجون والحروب الأهلية، وكما نشاهد في سوريا عام 2012؟

لماذا ينزل جندي «أحداث حماة عام 1982» إلى قبو لجأت إليه خمسون امرأة يحتمين من حرب أهلية دائرة؛ فيحصدهن بالرشاش. فلم ينجُ من المذبحة العارمة إلا واحدة حمتها والدتها بجسدها فخبأتها تحتها فبقيت يومين تسبح في الدم ورائحة الجثث، لتبقى الشاهدة الوحيدة تروي قصة الإنسان الوحش. لقد بقيت هذه الشاهدة فترة طويلة تعالج من أثر الصدمة النفسية. في «الهولوكوست» الذي مثلوه فيلماً، أصيبت فتاة من عائلة «وايسمان» بنفس التناذر فجنت حتى ارتاحت روحها في محارق النازيين. نحن في سوريا أمام نازيين وفاشيين جداً يذكرون بالصربيين ومن قبل «الجوستابو» الألماني و«الستازي» الشرقي.

=================

أبعد من طرح مسألة العنصريّة

حازم صاغيّة

السبت ١٢ يناير ٢٠١٣

الحياة

الطريقة التي استُقبل بها النازحون السوريون والفلسطينيون في لبنان، وشكل «الضيافة» المقيت، والكلام العنصري ‏المسموم الذي شاب ذلك، تقول كلها كم أن لبنان متصدع، وكم أن الولاءات العصبية المتناحرة فيه تقتات على إنسانية ‏إنسانه، فتحد من قدرته على التعاطف مع بشر آخرين معذبين ومهددين بالموت.

وحال لبنان هذه تنفيرٌ وتظهيرٌ لأحوال عربية أشمل، أحوالٍ قد يكون رمزها التعيس والمزري مخيم الزعتري في الأردن، ‏أو إغلاقات الحدود في المثلث العراقي – الأردني – السوري أمام بشر هم في أمس الحاجة إلى الاحتضان والتعاطف.

والمرء لا تفوته المقارنة بأحوال النازحين السوريين إلى تركيا، وهي قد لا تكون مثالية إلا أنها أرقى أشواطاً منها في ‏البلدان العربية «الشقيقة» التي تفتك بها المنافسات الأهلية والعصبية المتورمة.

وهذا الواقع ليس جديداً، وإن كنا نعاود اكتشافه مع كل حدث كبير، فحين نفعل نجد أنه زاد بنسبة معتبرة عما كان عليه في ‏المرة السابقة. وربما جاز التأريخ لهذه الظاهرة في زمننا الاستقلالي الحديث بنكبة 1948 الفلسطينية التي تزامنت مع ‏استقلالات بلدان المشرق العربي. يومها تجاور نقص التعاطف الإنساني وقلة الأخوة الفعلية مع تضخم في لفظيات الأخوة ‏‏»القومية» والتباري في إعلان التمسك بـ»قضية العرب الأولى

ثم جاءت حرب الخليج الثانية، حين غزا صدام الكويت، ذروةً غير مسبوقة في التبادل العنصري بين «الأخوة» و «الأخوة»: ‏فمن العراق طُرد المصريون ومن الخليج طُرد الأردنيون والفلسطينيون واليمنيون، وسط تهاجٍ عصبي مقزز يؤكد جميع ‏أصحابه أنهم هم الذين يريدون تحرير فلسطين!

ولنقل، هنا، إن العطل مقيم في ثقافات شعبية واسعة تتعدى الاصطفافات السياسية والأيديولوجية. فنحن نقع عليه، مثلاً لا ‏حصراً، في السلع المسمومة التي يتبادلها سنة العراق وشيعته، مثلما تدل إليه الاحتكاكات غير السارة التي تجدّ بين «الجيش ‏السوري الحر» وأهل المناطق، الكردية أو المدينية، التي تتحرر من سلطة النظام الأسدي.

لقد آن لنا أن نستنتج، واضعين جانباً الدجل السائد عن الأخوة والقومية، أن أي احتكاك بين جسمين غير صحيين، وكل ‏أجسامنا غير صحية، يدفع بنا خطوة أخرى نحو الهمجية ويعمل على التقليل من إنسانيتنا، فضلاً عن الإمعان في هلهلة ‏أنسجتنا الوطنية وهي مهلهلة اصلاً. ومع أهمية التنديد الدائم بالعنصرية وضرورته، أخلاقياً على الأقل، سيتحول هذا ‏التنديد إلى مجرد وعظ نخبوي قليل التأثير ما لم يقترن بنهج آخر في التعاطي مع تلك الأجسام، نهجٍ يحاول التصدي لما هو ‏غير صحي في متنها.

ففي لبنان، مثلاً، فُوتت فرصة جدية للتعاطي مع الوضع المسيحي ومخاوفه من خلال طرح الاقتراح الأرثوذكسي ‏للانتخابات، بينما فوتت الثورة السورية، ولا تزال تفوت، فرصة جدية للتعاطي مع الوضع الكردي ومخاوفه. والحال أن ‏المخاوف، هنا وهناك، ليست شيئاً مفتعلاً، ولا غنجاً لا مبرر له، أو تعصباً يفتقر إلى الأدلة والبراهين. وبدوره، يرقى ‏المدخل لعلاج هذه التصدعات إلى تطوير رؤية سياسية وثقافية أخرى، في لبنان كما في سورية والعراق، تُحل الفيدرالية ‏حيث تحل المركزية اليوم، والتعددية الإثنية والدينية والمذهبية حيث الواحدية الطاغية.

وهذا، في أغلب الظن، فرصتنا الأخيرة لإنقاذ الأوطان التي نقول إننا نريد إنقاذها، وللحفاظ على ما تبقى من إنسانية لدينا.

=================

ملاحظات نقدية بشأن عسكرة الثورة السورية

ماجد كيالي *

السبت ١٢ يناير ٢٠١٣

الحياة

دخلت الثورة السورية في مجال التسلّح والعسكرة والعنف كردّ فعل على استشراس النظام في قمع الحراكات الشعبية السلمية وكسرها، والتي كانت عمّت في عامها الأول مدن درعا وحمص وحماه وإدلب وبانياس واللاذقية وأحياء في دمشق وضواحيها. ومن ثم إقحام الجيش في الصراع الداخلي، واستخدامه في ترويع السوريين وامتهانهم وقتلهم وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم، ما ولّد ظاهرة الانشقاقات، ونشوء تشكيلات «الجيش الحر».

المشكلة أن ردّ الفعل هذا كان من طبيعة الثورة ذاتها، أي أنه جاء عفوياً، ويفتقر إلى التنظيم، وليست له هيكلية واضحة، ولا مرجعية قيادية محدّدة، وأنه تغذّى فقط من غضب السوريين، على النظام القائم، ومن توقهم إلى الحرية والكرامة.

هكذا، فإن النقد الذي يصحّ على المكونات الأخرى لهذه الثورة، ببناها وأشكال عملها وكيفية صنعها للقرارات، يصحّ على مكوّنها العسكري («الجيش الحر»)، ببناه واستراتيجيته واستهدافاته، بالنظر إلى كلفته الباهظة وتأثيراته في عموم السوريين.

والواقع انه لم يعد مفهوماً، ولا مقبولاً، وبعد أكثر من عام على نشوء «الجيش الحر» الاستمرار على هذه الدرجة من التشرذم، وانعدام المرجعية، والافتقار الى القيادة، والمزاجية في العمل. فهذا الجيش ما زال يبدو على شكل جماعات عسكرية متفرقة، ومتفاوتة الأحجام والخبرات والإمكانات والمرجعيات والرؤى، وليس ثمة تنسيق، ولا تعاون، بينها، حتى لو كانت تنتمي الى منطقة واحدة، وتتعرض للاستهدافات ذاتها، كما تبين أخيراً في مناطق في ريف حمص (دير بعلبا) ودمشق (مخيم اليرموك وما حوله).

فوق ذلك، فمشكلة المكوّن العسكري أنه يتألف من قطعات غير متجانسة. فهناك الوحدات العسكرية للمنشقين من جيش النظام، وجماعات نشأت في بعض الأحياء والضواحي في المدن والأرياف بمبادرة من الأهالي، إلى درجة أن بعضها بات يشكّل وحدات عسكرية بذاتها، مع مصادر تمويل وإمداد مستقلة (خذ مثلاً حالة ابو ابراهيم في إعزاز). وإذا كان هذان الرافدان قد ظهرا بشكل طبيعي، فثمة رافدان آخران ظهرا بطريقة قصدية، أي لأغراض سياسية: أولهما التشكيلات العسكرية التي تتبع حركة الإخوان المسلمين، وهو أمر مفهوم من حركة تحاول إثبات ذاتها في معركة إسقاط النظام. وثانيهما، الجماعات العسكرية المعطوفة على الإسلام السياسي الجهادي، العابر للحدود. والفرق بين هذين الرافدين أن الأول يعمل وفق مقاصد الثورة السورية، ويهدف الى تعزيز دور جماعة سياسية سورية، في حين أن الثاني يعمل وفق مقاصد خاصة، ترتبط بالإسلام السياسي الجهادي، وإقامة الدولة الاسلامية العابرة للحدود الوطنية.

والحال، فإن هذا الوضع من التشرذم، وعدم التجانس، وتضارب الأهداف، يشكل معضلة كبيرة للثورة، في فاعليتها العسكرية ضد النظام، وبالنسبة الى صورتها إزاء شعبها والعالم. وبدهي أن هذه المعضلة تتطلب من مختلف الأطراف الرافدة التوافق على هيكلة «الجيش الحر»، وإيجاد قيادة موحدة وكفية له، وتصويب عمله واستهدافاته. وبدهي أن المشكلة أيسر في الرافدين الأوّلين، في حين أنها أصعب في الثانيين، بحكم خضوعهما لأجندات حركات سياسية مستقلة في كل شيء، وضمنه في مواردها البشرية والمادية والتسليحية، وهي حركات تعمل على تعزيز وجودها ورؤاها في الواقع السوري.

مع ذلك، فالمشكلة مع الرافد الثالث أسهل بالقياس الى الرافد الرابع الذي يتبع أجندات ومرجعيات سياسية خارجية ودينية، وعابرة للحدود، مثل «جبهة النّصرة» وأخواتها. والقصد هنا أن حركة «الإخوان المسلمين»، هي جماعة سياسية سورية، وتعمل وفق الأجندات الوطنية، بغض النظر عن التوافق او عدم التوافق معها، ما يعني انها مطالبة، فضلاً عن أنها معنية، بتعزيز مكانة «الجيش الحر»، وتصويب أحواله، باعتبار ذلك يعزز دورها ومكانتها في إطار السياسة السورية؛ في حال تجاوزت العقلية الحزبية الضيقة.

ولا شك في أن هذه العملية لا بد من أن تتضمن تعيين الحدود لـ «جبهة النصرة»، وذلك لتوضيح طابع الثورة للسوريين أنفسهم، وللعالم الذي تنشد الثورة دعمه، لعزل النظام وإسقاطه، وبالتأكيد فتصدّر هذه الجبهة يثير المخاوف على الصعيدين الداخلي والخارجي. واضح أن الأمر لا يتوقف عند تنظيم «الجيش الحر»، وإعادة هيكلته، وتصويب عمله. فهو يفترض أيضاً إيجاد مرجعية سياسية له وحصر مجاله في العمل العسكري، لضمان عدم تغول العسكري على السياسي، وبالتالي على المجتمعي في الثورة السورية.

ظاهرة اخرى باتت تعاني منها هذه الثورة، هي ظاهرة العسكرة، وهذه ليست لها علاقة بمقاومة النظام بالسلاح، بقدر ما بتسيّد المكون العسكري على المكون السياسي، وطغيان الطابع العسكري على الطابع الشعبي، وسيادة لغة العنف، او التهديد بالعنف، في التعامل مع البيئات المجتمعية. طبعاً ثمة ظواهر سلبية تنشأ عن ذلك، مثل الخطف، وطلب الخوّات، ونهب الممتلكات، وقد يمكن إحالتها للشبيحة، الذين اخترقوا بعض جماعات «الجيش الحر»، كما الى خارجين عن القانون باتوا يستغلون الفراغ... لكن ثمة حالات ثبتت على بعض منتسبي الجيش الحر، من ضعاف النفوس، الذين استغلوا مكانتهم للقيام بأعمال كهذه، وهي أمور ينبغي وضع حد لها.

يبقى السؤال عن استراتيجية «الجيش الحر» المتعلقة بدخول أحياء المدن المكتظة بالسكان، إذ لا تبدو موفقة، ولا مدروسة، بقدر ما إنها كانت متسرعة، ولم تأت بالنتائج المرجوة منها. وإذا أعدنا ما ذكرناه سابقاً بشأن عدم وجود جيش بمعنى الكلمة، يصبح مفهوماً عدم وجود استراتيجية أو طريقة مدروسة لوضع الخطط وصنع القرارات.

والحاصل أنه ترتبت على سياسة «تحرير» أحياء المدن نتائج خطيرة، ومؤذية، إذ حرمت الثورة من حواضنها الشعبية، وتم تدمير مجتمع الثورة، من حلب إلى حمص ودمشق ودرعا، بعد أن ترك السكان بيوتهم خوفاً من تدميرها على رؤوسهم من جانب النظام، وهو عدد بحجم أربعة ملايين شخص. وفي ذلك ارتاح النظام من البيئات الشعبية المعادية له في هذه المناطق، لا سيما بعدما بات سكانها من دون بيوت وموارد، وفي حالة مأسوية لا تمكّنهم من رفد الثورة. طبعاً ثمة خيارات بديلة ضمنها التركيز على مهاجمة الأهداف العسكرية للنظام وإحكام السيطرة على الأرياف، لإضعاف النظام في حلقاته الضعيفة.

عموماً، هذا نقاش يتعامل مع وجود المكون العسكري، من دون صلة بالجدل المتعلق بالمفاضلة بين السلمية والعسكرة. ومع التقدير لكل التضحيات، ولدور المكون العسكري، في كسر هيبة النظام واستنزافه. فالعسكرة ينجم عنها، أيضاً، ارتهان لمصادر التمويل والتسليح، وضمور في البعد الشعبي للثورة، وفوق ذلك فإنها تخلق تظلمات كثيرة في المجتمع، وتعزز المخاوف على المستقبل، لا سيما على مستقبل الإجماعات الوطنية، وكلها أمور لا ينبغي تركها للصدف ولا للأقدار.

=================

التزام الحياد وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر

إعلام سوري جديد... تجربة تخاطب الفكر

تاريخ النشر: السبت 12 يناير 2013

شيري كيتلسون

الاتحاد

في الوقت الذي تبث فيه وسائل الإعلام السورية التابعة لسلطة نظام حزب «البعث» الحاكم سلسلة من التقارير عن الثوار والنشطاء المعارضين بوصفهم «إرهابيين» مأجورين من الخارج، متحدثة في هذا الخصوص عما تسميه بالمؤامرات الدولية ضد الرئيس بشار الأسد، تعتمد المعارضة من جانبها على سيل من الأشرطة المصورة ميدانياً والتي تعكس جانباً من الفظائع التي ترتكبها أجهزة النظام، والدمار الذي تسببه القوات الحكومية، وإن اتسم جهدها الدعائي بقصور في وضع الأحداث ضمن سياقها العام.

فمع صعوبة الوصول إلى مصادر الخبر من قبل وسائل الإعلام في أغلب المناطق السورية، وفي ظل غياب تقاليد الصحافة المتوازنة، تصبح التغطية الموضوعية للأحداث في سوريا شبه منعدمة، لذا برز الناشط السوري المقيم في القاهرة ورجل الأعمال، رامي جراح، الراغب في تصويب هذا الخلل، وذلك عبر محاولته إطلاق محطة إذاعية تبث من داخل سوريا، على أن تعتمد مبادئ الصحافة المهنية البعيدة عن التحيز في عملها وفي ما تقدمه من مادة إعلامية، رغبة منه في تزويد السوريين بتقارير صحفية متوازنة ومنصفة، يأمل منها أن تساهم في تبديد حالة الشك والخوف التي سيطرت على السوريين منذ اندلاع الصراع الذي دخل شهره الثاني والعشرين دون أن تبدو له حتى الآن نهاية في الأفق المنظور.

وعن ذلك المشروع الإعلامي الجريء، يقول جراح خلال لقاء أجري معه في مقر جمعية الإعلام الجديد «أنا»، والتي يترأسها شخصياً: «عندما يأتي إلينا الشباب معربين عن رغبتهم في العمل معنا في نقل الأخبار وإعداد التقارير خدمة للحقيقة والوطن، فإننا نقول لهم إن الطريقة الأمثل للقيام بذلك هي التزام الحياد وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر». ثم يوضح جراح رأيه بالقول إن المشكلة الأساسية مع القوات الحكومية التي تحارب الثوار ليس في أنهم مجرمون، كما يحلو للبعض أن يصورهم، بل في كونهم ببساطة لا يعرفون ما يجري في البلاد على وجه الدقة. والأمر نفسه ينطبق على من هم في أقصى المعارضة، وذلك غالباً بسبب تضارب الأخبار والتضليل الكبير الذي يطغى على معظمها.

وفي أثناء ذلك لا يبدو المجتمع الدولي أحسن حالا في فهم ما يحدث على الأرض في سوريا، لأن الصحفيين والمراسلين الإعلاميين، كثيراً ما يجدون أنه من السهل التواصل مع المعارضة وزيارة المناطق التي تسيطر عليها قواتها، ومن هنا تأتي تغطياتهم منحازة لطرف معين (المعارضة) على حساب الطرف الآخر (الحكومة).

وفي هذا السياق يقول جراح: «نحن لا نرى تغطية صحيفة وافية من دمشق أو اللاذقية، حيث ما زال النظام متواجداً بقوة هناك، والحقيقة أن ذلك راجع في جزء منه إلى النظام نفسه، والذي لا يسمح للصحفيين الأجانب بالوصول إلى مناطقه، كما أن هناك اعتقاداً سائداً لدى قوات النظام بأنه يجب ألا تدلي بأحاديث إلى الصحافة لأن ذلك من وجهة نظرهم سيضعف الدولة».

وحتى التغطية التي تخص بها وسائل الإعلام الغربية المعارضةَ وفصائلَها المتعددة، غالباً ما يعوزها التوازن والدقة، فأغلب الصحفيين الغربيين يرافقون فصائل الثوار، بما في ذلك «جبهة النصرة»، وهي تنظيم متطرف صنفته الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة ضمن المنظمات الإرهابية. وعندما يؤكد التقرير الصحفي، يقول جراح، على هيمنة مثل هذه الجماعات على الثورة السورية، فإنه يجافي الصواب، لكن مع ذلك يصر الصحفيون على إبراز هذا الجانب لأنه يرفع مبيعات الصحيفة، أو يزيد مشاهدي القناة.

والناشط السوري رامي جراح الذي يسعى إلى إدخال بعض المهنية على التغطية الصحفية للأحداث الجارية في سوريا، ولد لأبوين سوريين في قبرص ثم انتقل إلى لندن ليكبر فيها، وقد كان يحضّر شهادة في الإعلام بدبي عندما زار وطنه سوريا لأول مرة في عام 2004، حيث ألقي عليه القبض بتهمة التجسس، ثم حظر عليه السفر لثلاث سنوات، ليجد نفسه في بلد يتحدث لغته لكنه لا يستطيع كتابة العربية.

وعندما اندلعت الثورة في عام 2011 شارك فيها من خلال النزول في المظاهرات، حيث تعرض للضرب والاعتقال، ولم يطلق سراحه إلا بعدما اعترف بأنه «إرهابي»، كما طرد من عمله عندما رفض المشاركة في مظاهرة موالية للحكومة، وسرعان ما برز اسمه الحركي، هو «ألكسندر بيج»، باعتباره أحد الناشطين الذين يسربون المعلومات عما يجري في سوريا إلى الصحافة الغربية من خلال مدونته الإلكترونية الخاصة، حيث استطاع بواسطة معرفته الجيدة باللغة الإنجليزية وعلاقاته بالصحافة الأجنبية، الإدلاء بأحاديث كثيرة للصحافة الغربية مشترطاً عليها في الغالب عدم الإفصاح عن هويته الحقيقة. لكن بحلول شهر أكتوبر عام 2011، علم جراح أن النظام تعقب اسمه وكشف هويته، فقرر الهرب مع أسرته إلى مصر، حيث استمر في مناهضة النظام من خلال مساعدة الصحفيين السوريين على إيصال معلوماتهم إلى العالم، لتمنحه في الشهر الماضي جمعية الصحفيين الكنديين للصحافة الحرة جائزة 2012 للصحافة الدولية الحرة، وذلك لعمله في دعم شبكة من الصحفيين المستقلين داخل سوريا.

واليوم يواصل جراح عمله من القاهرة محاولا إطلاق محطته الإذاعية التي يأمل أن تكون مصدراً للصحافة المتوازنة، حيث يرى أنه يمكن حقن إراقة الدماء السورية لو خاطب الإعلام الوعي وملكة الفكر بدلا من مخاطبة هواجس السوريين ومخاوفهم الطائفية والدينية والتوجه لانحيازاتهم الشخصية.

وقد بدأ البث التجريبي للمحطة عبر الإنترنت في انتظار انطلاقها عبر الأقمار الصناعية أواخر الشهر الجاري، على أن يجري البث الرسمي والنهائي في شهر يونيو المقبل من حي بستان القصر بحلب ومن المناطق الشرقية للعاصمة دمشق.

وتعتمد المحطة الإذاعية الجديدة على 16 مراسلا داخل سوريا عملت جمعية الإعلام الجديد في القاهرة التي يشرف عليها جراح على تدريبهم، كما تعتمد على شبكة من المواطنين الصحفيين موزعين في مختلف المناطق السورية للحصول على المعلومات، وسيعمل فريق القاهرة الذي جاء من مدن سورية مختلفة على فحص تلك المعلومات والتحقق منها قبل بثها على الأثير، وعلى الصعيد السياسي دعا الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية المجتمع الدولي إلى تسليم مقعدي سوريا في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة إلى الائتلاف بغية «سحب ما تبقى من شرعية النظام»، مشيراً إلى أنه يعمل على تشكيل «حكومة مؤقتة». وقد جاء طلب الائتلاف في بيان أصدره بعد مشاركته في مؤتمر دعت إليه وزارة الخارجية البريطانية في يومي التاسع والعاشر من شهر يناير الجاري في جنوب بريطانيا، حيث شارك في الاجتماع خبراء وجامعيون متخصصون في كيفية إدارة وتجاوز الأزمات وأعضاء في قيادة الائتلاف السوري المعارض وممثلون لدول عربية وأجنبية.

وجاء في بيان المعارضة أن الائتلاف قدم خلال الاجتماع «مسودة رؤية للمرحلة الانتقالية ترتكز على انتقال منظم تستمر فيه مؤسسات الدولة بالعمل وتسيير الأعمال وينسحب الجيش مباشرة إلى قواعده ويتم نزع السلاح من المدنيين ويتم توجيه التركيز الوطني نحو الوحدة الوطنية وإعادة البناء».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»

=================

سوريا.. الإبراهيمي ليس القصة

طارق الحميد

الشرق الاوسط

12-1-2013

شن النظام الأسدي هجوما شرسا على المبعوث الأممي والعربي لسوريا الأخضر الإبراهيمي، بعد قوله إن الأسد لن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية المقبلة، والحقيقة أن المهم في هذه القصة ليس ما صدر عن الإبراهيمي، ولا رد الفعل الأسدي عليه، بل إن الأهمية كلها في الموقف الروسي.

وقد يقول قائل: كيف؟ الحقيقة - بل والمفترض - أنه عندما يقوم السيد الإبراهيمي بالتصريح حول الأوضاع في سوريا، وتحديدا كيفية تطبيق الاقتراحات المقترحة لمرحلة انتقالية، أو خلافه، فالمفترض أن يراعي الإبراهيمي بتصريحاته جميع الأطراف المعنية بالأمر، داخليا وخارجيا، وأبرز الأطراف الخارجية هنا هم الروس، فلا يمكن أن يقول الإبراهيمي إن الأسد لن يكون من ضمن المرحلة المقبلة، وهو، أي الإبراهيمي، لم يتشاور مع الروس، أو يعرف موقفهم حيال ذلك، وإلا يكون الإبراهيمي هو من يحدد للروس، وخلافهم، السقف الذي بموجبه سيتم التفاوض. وهذا أمر لا يوجد مؤشر عليه، وليس لدى الإبراهيمي الأدوات التي تمكّنه من فعل ذلك أساسا، خصوصا أن الإبراهيمي يستعد لحضور الاجتماع المرتقب في جنيف بين الروس والأميركيين حول سوريا.

ومن هنا؛ فالواضح أن الروس وبالطبع الإبراهيمي والأميركيين، قد استوعبوا جيدا، بعد خطاب الأسد في الأوبرا، أن الطاغية ليس بوارد التعاون للخروج بحل سياسي، بل إنه، أي الأسد، يريد أن يكون هو من يضع الشروط، ويحدد قواعد اللعبة برمتها، وهذا أمر غير مقبول للجميع بكل تأكيد. وكما ذكرنا في مقال الأسبوع المنصرم «الأسد في الأوبرا»؛ فإن مبادرة الأسد الأخيرة هي بمثابة رسالة للروس مفادها: اذهبوا للجحيم! فتصريحات الأسد ليست نسفا لجهود الإبراهيمي بقدر ما أنها تمزيق لمقترحات جنيف التي يتبناها الروس. لذا، يجب هنا ملاحظة أن اتفاقية جنيف لا تنص على رحيل الأسد الذي تنبه جيدا إلى أن الروس باتوا لا يصرون على بقائه أيضا. ومن هنا فقد أراد سفاح دمشق تحديد سقف المفاوضات، واشتراط إشرافه على الخطوات، مما يعني بقاءه، وهذا هو أسلوب الأسد في كل الأزمات، حيث يتبنى المبادرة ثم يقوم بإفراغها من محتواها. وبالطبع، فإن المتخوف على سوريا من جرائم الأسد لا يكترث بكل هذه التفاصيل، خصوصا في القصة الروسية، بل يريد موقفا روسيا واضحا، وهذا أمر لن يتحقق بسهولة، وإن كان يحدث يوميا؛ فالتحولات الروسية واضحة، لكنها تتم ببطء، وعلى غرار استدارة سفينة عملاقة بقلب المحيط، حيث لا يلحظ استدارتها حتى من هم على متنها.

هذه هي القراءة، ووفق المعطيات التي أمامنا، وإلا كيف نفهم شتيمة النظام الأسدي للإبراهيمي، وقول الإبراهيمي نفسه إن الأسد لن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية؟! فهل سيأتي وزير الخارجية الروسي، مثلا، للتفاوض مع كل الأطراف، أم أنه سيصار إلى تعيين موفود أممي جديد؟ الإجابة بالطبع لا هذا ولا ذاك. ولذا نقول إن القصة ليست الإبراهيمي، بل هي أكبر، وأعقد؛ القصة في «المخاض» الروسي تجاه سوريا الآن.

=================

«بالمشبرح».. الإيراني أهم من السوري!

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

12-1-2013

كعقد انفرطت حباته وتتساقط سريعا الحبة تلو الأخرى، يفضح النظام السوري عن وجهه وتستمر الفصول المختلفة في كشف سلسلة لا تنتهي من الخدع والأكاذيب التي بنى عليها حكمه وروج لها سنين طويلة. والآن ها هو يقدم للعالم دليلا جديدا على أولوياته وأهدافه. فالنظام الذي «فاوض» الجيش الحر عبر وساطات تركية وقطرية لإطلاق 48 إيرانيا كانوا بقبضة الثوار مقابل آخرين موجودين لدى النظام في السجون، وأعطى أولوية لإطلاق الإيرانيين دون التطرق إلى إطلاق أعداد كبيرة من «شبيحة» و«جند النظام» المأسورين لدى الجيش الحر والنظام يبدي موقفا علنيا وواضحا بشأنهم، فهو «يرفض» التحاور مع «جماعات إرهابية» بحسب ما يقول.

وهذه الصفقة الأخيرة تركت صدى سلبيا كبيرا في السوريين الموالين للنظام والداعمين له وهم الذين عبروا بمرارة شديدة عن غضبهم وحزنهم وإحباطهم واستيائهم من الإفراج عن إيرانيين بينما أولادهم وإخوانهم وبعضهم من أخلص الرجال الضباط في الجيش النظامي لا يزالون في قبضة الجيش الحر.

وليس سرا اليوم أن مجموعة الإيرانيين هذه هي في واقع الأمر مجموعة من الحرس الجمهوري الإيراني ومن فرقة مدربة على العمليات الخاصة، وأتت إلى سوريا لمساعدة النظام في عملياته الأمنية المختلفة لقمع الثورة والقضاء عليها، وتم الترويج إعلاميا بشكل هزلي ومضحك طبعا غير مقنع أن هذه المجموعة أتت إلى سوريا «للحج»! المباحثات السرية لإطلاق سراح المجموعة الإيرانية عقدت لمدة ثلاثة أشهر متتالية بحضور ممثلين عن تركيا وقطر وإيران والنظام مع ممثل للواء «أبو البراء» إحدى كتائب الجيش الحر وكانت تعقد هذه المفاوضات بفندق بقلب دمشق.

إيران مارست ضغوطا هائلة على نظام بشار الأسد للدخول في مباحثات فورية مع الجيش الحر لإطلاق سراح مواطنيها قد يكون ذلك لأن إيران باتت تدرك أن النظام يعيش أيامه الأخيرة ولا تضمن إمكانية إجراء صفقة لإطلاق مواطنيها لاحقا وهو احتمال كبير جدا في ظل الأوضاع المتدهورة للنظام.

وشبه المتابعون هذه الصفقة مع ما يتم بين إسرائيل والفلسطينيين، فهذه الصفقة شهدت إطلاق 48 إيرانيا مقابل ألفين من السجناء السوريين مع تحفظ النظام السوري ورفضه لإطلاق سراح 3 شخصيات محورية ورمزية ضمنهم وهم: طل الملوحي وحسين هرموش وشبلي العيسمي مع العلم أن النظام حرر الألفي معتقل دون قيد أو شرط وهي سابقة تسجل للثورة السورية والجيش الحر تؤكد أن النظام الأسدي يحكي شيئا في خطاباته وبياناته واجتماعاته ويقوم بعمل شيء آخر خلف الكواليس مع العلم، وضرورة التركيز، بأن النظام السوري أعطى أولوية واضحة جدا وصريحة جدا للإيرانيين الذين هم أهم لديه من اللبنانيين السبعة المعتقلين في حلب لدى الجيش الحر والتابعين لحزب الله وأهم من أرتال الشبيحة السوريين، وأن الإيراني «أهم» من اللبناني والسوري لدى النظام.

النظام الأسدي حدد «ملامح» الفترة القادمة ولن يتردد في تزكيتها، إنه يعتبر المرحلة القادمة هي مرحلة «بقاء» و«مصير» ويراهن بالتالي على البعد «الطائفي» لهويته وهذا المد والفكر «كفيله» له هي إيران وحدها وخصوصا بعد ما «سقط» قناع العروبة والمقاومة المزيف ولم يعد أحد مقتنعا بهذه الأكذوبة الرخيصة.

ولهذا الرهان ثمن مضاعف لأنه كفيل بتمزيق البلاد والمنطقة بتأجيج عواطف ومشاعر جاهلة تكتوي بها المنطقة بين فترة وأخرى وكأنها موعودة مع العذاب المتجدد. صفقة أسرى إيران التي رعاها نظام بشار الأسد هي فصل جديد لمسلسل الأوهام والأكاذيب الذي بني عليه. ولكن تستمر الآية الكريمة صالحة لتفسير ما يحدث في سوريا: «ليميز الله الخبيث من الطيب».

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ