ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 15-01-2013 الراية القطرية التاريخ: 15
يناير 2013 من المفترض أن يثير
تقرير لجنة الإنقاذ الدولية عن
الأوضاع في سوريا الصدمة والذهول في
أوساط المجتمع الدولي الذي راقب تفاقم
الأزمة السورية نحو عامين وفضل أن يظل
مراقبًا لما يجري أو يدين ويشجب ويدعو
لوقف العنف والقتل دون إجراءات عملية
على الأرض. التقرير الدولي -
الذي لم يأتِ بمفاجأة على الأقل
بالنسبة للمتابعين للشأن السوري الذي
خلص إلى أن "الاغتصاب يستخدم كأداة
حرب خلال النزاع الدائر في سوريا منذ 22
شهرًا وهو عامل "رئيس" وراء فرار
العديد من النساء والفتيات إلى دول
مجاورة" - يشكل إدانة قوية للنظام
السوري وشبيحته وإدانة أيضًا لعواصم
القرار الدولي التي لن يفاجئها
التقرير بالتأكيد والتي لم تحرك
ساكنًا وفضلت الانحياز لمصالحها على
حساب مبادئها حيث ما زال الفيتو الروسي-
الصيني يقف عائقًا أمام اتخاذ قرار
يوفر الحماية للشعب السوري ويوقف
المأساة الإنسانية ويوقف عمليات
اغتصاب النساء التي تعد جريمة ضد
الإنسانية يجب أن يحاسب المتورطون
فيها أمام المحاكم الدولية بسرعة. إن أقل ما يمكن أن
يوصف به هذا التقرير - الذي وثق شهادات
لنساء سوريات لاجئات في مخيمات لبنان
والأردن ونازحات في وسوريا وخرج
بنتيجة أن الاغتصاب هو السبب الرئيس
وراء فرار عائلات من البلاد - بأنه
تقرير مرعب يندى له جبين البشرية. المسؤولية الأخلاقية
تقع على عاتق مجلس الأمن الدولي
باستصدار قرار فوري لإحالة ملف سوريا
إلى المحكمة الجنائية الدولية لتبدأ
المحكمة بالقيام بمهماتها في التحقيق
في الجرائم التي ارتكبت في سوريا
وملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة. لقد تحدث التقرير عن
العديد من النساء والفتيات اللاتي
تعرضن لاعتداءات في العلن أو في
منازلهن، وبشكل أساسي من قبل مسلحين.
ومن قبل أكثر من جانٍ، وإن غالب هذه
الجرائم تحدث أمام أفراد الأسرة".
كما تحدث عن اعتداءات تم فيها خطف نساء
وفتيات واغتصابهن وتعذيبهن ثم قتلهن.
وهو ما يؤشر إلى مستوى الانحدار
الأخلاقي الذي بلغه النظام في حربه ضد
الشعب السوري. إن توقعات الأمم
المتحدة بأن تتجاوز أعداد اللاجئين
السوريين 1,1 مليون لاجئ في حال استمرت
الحرب وتزايد أعدد النازحين السوريين
داخل البلاد إلى أكثر من مليوني مدني،
يوضح بجلاء أن الجميع أمام "كارثة
إنسانية هائلة تستدعي من المجتمع
الدولي سرعة التحرك لإنقاذ الشعب
السوري ووقف النظام وشبيحته عن تدمير
ليس البلاد فحسب بل تدمير النسيج
الاجتماعي وقيم الترابط والتلاحم التي
تميز بها الشعب السوري دائمًا. ================= مأساة
النازحين: ماذا فعل الائتلاف الوطني؟ أنس زاهد الثلاثاء 15/01/2013 المدينة بغض عن النظر عن
مطالبات المعارضة السورية المسلحة
وواجهتها السياسية المتمثلة في
الائتلاف الوطني، بضرورة تكثيف تسليح
الجيش الحر وفرض مناطق حظر جوي على
الجيش السوري، فإن الائتلاف مطالب
بوضع خطة عمل ميدانية لتحسين ظروف
النازحين السوريين في كل من لبنان
والأردن وتركيا. معظم النازحين
السوريين يفتقرون إلى كثير من مقومات
المعيشة التي تلبي احتياجاتهم الأولية.
وفي فصل الشتاء شديد البرودة الذي
يجتاح جميع البلاد التي تؤوي النازحين
السوريين في المخيمات، وقعت حالات
وفيات ليست بالقليلة من جراء الأمطار
الغزيرة وانخفاض درجات الحرارة بصورة
قاسية. ولعل الكارثة الإنسانية التي
وقعت في مخيم الزعتري للاجئين
السوريين بالأردن - يضم مخيم الزعتري
أربعة وستين ألف نازح سوري - هي أبلغ
دليل على الظروف المأساوية التي يعيش
في ظلها هؤلاء النازحون. إننا لم نر حتى الآن
أحد أعضاء الائتلاف الوطني وهو يزور
أحد مخيمات اللاجئين، كما أن خطاب
الائتلاف يكاد يكون خالياً من استنهاض
ضمير الأمة العربية وما يسمى بالمجتمع
الدولي، لوضع حد لهذه الكارثة
الإنسانية التي تتفاقم يوما بعد يوم.
أما التبرعات الكبيرة التي وصلت
للائتلاف من الكثير من الدول، فلم يصدر
بشأنها بيان يوضح أوجه إنفاقها، ويوضح
نصيب النازحين منها. وهو شيء لا يبشر
بخير ولا يدعو للتفاؤل، إضافة إلى أنه
يرسم عشرات علامات الاستفهام الخطيرة
والمحيرة في آن. إنني إذ أسلم مع
الائتلاف الوطني وباقي قوى المعارضة
سواء المؤيدة أم الرافضة لخيار
العسكرة، بأن النظام هو المسؤول الأول
عن اندلاع أعمال العنف التي سرعان ما
تحولت إلى حرب شاملة، بإصراره على فرض
الحل الأمني وتجاهل المطالب المشروعة
التي رفعها الشعب السوري في بداية
الانتفاضة، فإنني أرى بأن الائتلاف
الوطني هو المسؤول الأول عن الظروف
المأساوية التي يعيش النازحون في ظلها. إن قضية النازحين
كانت وستظل الاختبار العملي الأهم
لمدى مصداقية الائتلاف الذي حصل على
اعتراف معظم الدول العربية، إضافة إلى
القوى الأكثر هيمنة وتأثيراً على ما
يسمى بالمجتمع الدولي. مما ترتب عليه
حصول الائتلاف على الحق في تمثيل الشعب
السوري وفي تعيين سفراء له في فرنسا
وبريطانيا وأمريكا. والأهم مما سبق أن
الائتلاف الوطني حصل بعد الاعتراف
السياسي والدبلوماسي على تبرعات سخية
ستساعده لو وظف جزءاً صغيراً منها، على
صنع انقلاب جذري فيما يختص بالأوضاع
المعيشية للنازحين الذين يواجهون
الجوع والبرد ونقص الخدمات الصحية
وانعدام الخدمات التعليمية، إضافة إلى
الحالة المزرية التي تتميز بها حياتهم
من جميع الأوجه الأخرى. الائتلاف الوطني
مطالب بالقيام بدور حقيقي في هذا
المجال، وإلا فإنه سيفتقر إلى أي مبرر
شعبي لوجوده. ================= غازي دحمان * الثلاثاء
١٥ يناير ٢٠١٣ الحياة لم تعد روسيا اللاعب
الأساسي في الأزمة السورية. يمكن القول
إن قدرتها على التأثير تراجعت إلى درجة
ثانوية، وهي درجة يمكن معها وصف
التأثير الروسي بالرمزي أو الاستشاري. كيف حصل ذلك وما هي
أسبابه؟ وكيف قبلت روسيا بهذه المكانة
المتدنية في التأثير بالأزمة؟ لا شك أن
المتابعين للسياسة الخارجية الروسية
لاحظوا حدوث بعض الاختراقات المهمة في
الموقف الروسي من الأزمة السورية،
كشفت عنها الديبلوماسية الروسية إن من
خلال التلميح، كتصريحات نائب وزير
الخارجية الروسي غينادي زيغانوف في
جلسة خاصة حول الوضع الميداني للحرب
السورية ورجحان كفة المعارضة، أو عبر
التصريح العلني للرئيس فلاديمير بوتين:
أن روسيا تدرك أن عائلة الأسد تحكم منذ
أربعة عقود وأن روسيا تتفهم مطالب
التغيير لدى السوريين. لقد كان واضحاً
أن هذه التصريحات كانت تمهد الأرضية
لنقلة سياسية تتقارب فيها المواقف
الروسية من مواقف المجتمع الدولي إزاء
الأزمة. إذاً الموقف الروسي وصل إلى
منعطف لكنه لم ينعطف! ثمة حمولات كثيرة
تضمنتها تصريحات وزير الخارجية الروسي
سيرغي لافروف من أن روسيا لو أرادت فلن
تستطيع إقناع بشار الأسد بالتنحي
والرحيل. أول المعاني أن موسكو فقدت،
أو ربما هي في طريقها لذلك، مراكز
القوى التي كانت تعتقد أنها تحت
سيطرتها أو على تنسيق معها، داخل بنى
النظام الأمنية والعسكرية، أو أنه جرى
تحييدها وعزلها وصارت بلا تأثير،
ومنها أيضاً أن النظام صار بنية مغلقة
وصلبة وخرج من كونه نظاماً سياسياً
لديه مرونة التفاوض أو يعمل بوظائف
النظام السياسي عموماً، وهو ما يفسر
حقيقة أن الجماعة الحاكمة في دمشق
تكرست كنخبة طائفية وأنها تخوض حرباً
مصيرية، ولم يعد يهمها غير الحفاظ على
وضعيتها كجماعة حاكمة أو الحصول على
حصة من سورية المستقبل، ووفق هذا
السياق فإن التنحي يصبح لا معنى له سوى
إعلان الجماعة الحاكمة الهزيمة في
المعركة وليس محاولة علاج الأزمة أو
البحث عن مخارج لها. يحيلنا هذا المعطى
إلى البحث عن الدائرة البديلة التي بات
النظام ينضوي في إطارها ويصدر عنها
ويتغذى من خلالها لمواصلة حربه
المكلفة التي يخوضها ضد السوريين،
الأمر الذي قد يسلط الضوء على آفاق
الأزمة ومآلاتها. تشير أغلب المعطيات
التي تتيحها الوقائع الميدانية
والسياسية إلى بروز مؤشرات خطيرة حول
تشكّل دائرة عمل متكاملة بما يشبه خلية
إدارة الأزمة لمتابعة الحالة السورية
تتكون من قيادات إيران والعراق و «حزب
الله»، وتوزيع للأدوار بين مالي
وعسكري ودعم لوجستي وإعلامي، يترافق
مع حالة استنفار وتعبئة للموارد
اللازمة لإنجاز المهمة المطلوبة وهي
كسر الثورة السورية، أو أقله تعويم
النظام وتثبيته لمرحلة التفاوض على
سورية، وهو ما عبر عنه أمين عام «حزب
الله» حسن نصر الله بوصف كل من يعتقد
بانتصار المعارضة السورية بأنه واهم،
وليبشر بعد ذلك، بنبرة تهديدية واضحة،
بتقسيم الدول العربية في حال استمرار
الثورة السورية! لقد كان واضحاً أن
ثمة أمر عمليات صدر من طهران، بالتزامن
مع انتصارات المعارضة السورية ومع بدء
الزحف على دمشق، بضرورة شد الأزر
والنزول إلى أرض المعركة وتطوير
المواقف من عملية دعم غير منظمة إلى
تنسيق وإشراف ومتابعة وتخطيط وتنفيذ،
وتنذر الأيام المقبلة بالكثير من هذا
النمط العسكري المفتوح على أقصى مدى من
العنف والدمار، غير أنها تنذر أيضاً
بصراع مفتوح يشمل المنطقة كلها في ظل
حالة الانقسام الطائفية الواضحة التي
بات يفرزها هذا النمط التحالفي وهو ما
بدأت إرهاصاته تظهر بوضوح في العراق. روسيا خرجت من المولد
السوري من دون حمص، وقريباً من دون
طرطوس، لأن المطلوب منها كان يفوق
قدرتها على الوفاء بالتزاماتها
الدولية كقوة مسؤولة عن السلم والأمن
العالمي، فقد كان المطلوب منها يتمثل
بتأييدها الدائم لسياسات الجماعة
الحاكمة وليس أن تكون مفاوضاً بديلاً.
خرجت روسيا بتحية شكر على لسان الرئيس
الأسد على ما قدمته لحمايته، ولم يبقَ
أمام موسكو سوى خطوة واحدة قبل إغلاق
هذا الملف، وهو الامتناع عن التصويت في
مواجهة أي قرار دولي في مجلس الأمن يخص
الأزمة السورية. ================= علقم
التسويات السلمية في سورية بكر صدقي * الثلاثاء
١٥ يناير ٢٠١٣ الحياة لم يكد يتغير أي شيء
في ما خص طريقة استجابة النظام
الإرهابية مع الثورة، على رغم تغير كل
شيء تقريباً خلال اثنين وعشرين شهراً
منذ بدايتها. هذا إذا صرفنا النظر عن
تصاعد وتيرة القتل والتدمير وصولاً
إلى استخدام صواريخ السكود والسلاح
الكيماوي في حربه المفتوحة على سورية. تصريحات نائب الرئيس
فاروق الشرع شكلت اختراقاً طفيفاً
لجهة الاعتراف بعجز النظام عن حسم
المعركة لصالحه بالمعنى العسكري. بل إن
الرجل تمادى فأشار إلى أفق سياسي
لتسوية «تاريخية» على حد تعبيره. لكن
النظام سرعان ما تنصل من تلك التصريحات
على لسان كل من دَبَّ من ممثليه
وأبواقه. لا يعنينا ما إذا كان الهدف من
كل ذلك هو إطلاق بالونات اختبار بهدف
استدراج عروض دولية لتسويات قد تنقذ ما
يمكن إنقاذه من السفينة الغارقة،
فالأقوال والأعمال يقاسان بنتائجهما،
وقد تكفلت مجزرة حلفايا وحدها بنسيان
الرأي العام لشخص يدعى فاروق الشرع.
أما الجديد في مسالك النظام فهو
استعادة الإباحية الطائفية في شرائط
فيديو ذكرتنا بالسنة الأولى للثورة
حين كان يسرب شرائط مماثلة يدوس فيها
شبيحة علويون على رؤوس مواطنين سُنَّة
عقاباً لهم على طلب الحرية، ويهتفون
بألوهية بشار وهم يقومون بذلك. لكن لما يسمى
بالمجتمع الدولي رأيٌ آخر. الصمت الذي
تلا اجتماعات دبلن وجنيف بين
الأميركيين والروس والأخضر
الإبراهيمي، قد يشير، بخلاف الظاهر،
إلى نضوج طبخة ما تناسب المساحة
المشتركة لذائقات مختلف الفاعلين
الدوليين في المسألة السورية. تصريحات
الإبراهيمي التي تشبه إلى حد بعيد شعار
الشبيحة القائل «الأسد أو نحرق البلد»
لا تبشر بالخير، وتعطينا طرف خيط لفهم
نوع الطبخة المسمومة التي يعمل عليها
الطاهي الأميركي – الروسي. يراهن الأميركيون
على استسلام الشعب بفعل ما أصابه من
إنهاك فظيع على يد النظام الذي فقد
بدوره كل مبررات البقاء، حتى لو كان
يملك المزيد من وسائل التدمير. الطرفان
في مأزق من زاوية نظر المجتمع الدولي.
الحل هو في «الحوار» بينهما وصولاً إلى
تسوية، كما يريد الإيرانيون والروس،
في حين أن الأميركيين يضعون نتائج
الحوار الافتراضي هذا مباشرةً من
عندهم: رحيل العائلة وبقاء النظام. من
يقبل بحل يضرب صفحاً عن الثمن الباهظ
الذي دفعه السوريون من دمهم لاستعادة
حقهم في تقرير مصيرهم؟ ليس هناك أي طرف
سياسي في المعارضة السورية يمكنه
المجازفة بذلك. لكن الأميركي يملك
وسائل إضافية لفرض التسوية التي
تلائمه، وهي معطيات مجانية لم يبذل أي
جهد للحصول عليها: «البديل عن التسوية
هو الجحيم» قالها الإبراهيمي بوضوح
الشبيحة ووقاحتهم. أو: البديل هو تقسيم
سورية إلى دويلات تشكل ضمانة للأقليات
الكريمة وغير الكريمة. أو حروب أهلية
مفتوحة بين «المكونات» تستمر لسنوات
حتى يأتي الجميع صاغرين ليطالبوا
المجتمع الدولي إياه بإيجاد أي حل يراه
مناسباً. ذلك أن الوجود المحض يأتي قبل
الحرية في سلم أولويات أي فرد وأي
جماعة. فإذا كان النظام نجح نجاحاً
باهراً في تحويل مطلب الحرية إلى مطلب
الوجود، يكون بذلك قد سلم مصير سورية
والسوريين للطباخ الدولي وأراحه من كل
الصعوبات. المعارضة الممثلة في
الائتلاف والمجلس الوطنيين، هي في
موقف لعله الأقسى منذ بداية الثورة. ما
الذي يمكنها عمله للتصدي للضغوط
الهائلة من خارج دولي وداخل وطني
يحشرانها في الزاوية الأضيق؟ الخارج
الذي يمسك بسكاكينه لتقطيع ما تبقى من
أشلاء الوطن، والداخل الذي أنهكه
القتل والتدمير وأعاداه إلى عصر
الظلام والمجاعة والحطب. قبول المعارضة
بالتسويات المفروضة من المجتمع الدولي
يعني إلغاءها لذاتها ومبرر وجودها. أما
رفضها لهذه التسويات فهو يحمِّلُها
مسؤولية المزيد من الدمار القادم، وهي
مسؤولية لا طاقة لأحد على تحملها
باستثناء آلة القتل العمياء المسماة
بالنظام. هل هناك مخرج من هذا
الوضع؟ هل يمكن للمعارضة أن تمارس
دوراً فعالاً في تعديل التسويات
الدولية المقترحة؟ أم أن عليها
المراهنة على مواصلة الحرب حتى إسقاط
النظام عسكرياً أو إضعافه إلى حدٍ يتيح
لها التفاوض مع القوى الدولية على شروط
أفضل؟ قد يكون من باب
التنظير «على المستريح» أن نقول
للمعارضة: بقدر ما تدركين قوتك
المستمدة من قوة الثورة وروحها
العظيمة، بقدر ما تستطيعين فرض شروطك
على البازار الدولي المفتوح. لا بد من
مواجهة الضغوط الهائلة من خارج ومن
داخل. لا بد من الابتعاد عن
ردود الفعل والإمساك بزمام المبادرة.
هذا يعني عدم انتظار ما قد يطرحه
الفاعلون الدوليون، لتحشر المعارضة في
زاوية القبول الذليل أو الرفض العدمي
غير المسؤول. هذا يعني طرح تصورك الخاص
لحل سياسي يكون أقل إجحافاً بحق ثورة
عظيمة لشعب عظيم. اجعلي المجتمع الدولي
هو المتلقي المرغم على التعاطي بطريقة
ما مع مبادرتك. بهذه الطريقة تحافظين
على مبرر تمثيلك للثورة. لعلك تخشين
انقسام الرأي داخل المعارضة حول أي
مبادرة سياسية قد تطرحينها، وهي
المعروفة بهشاشة تماسكها؟ نعم، هو
كذلك. لكن السياسة مجازفة، كما كانت
ثورة الشعب السوري برمتها مجازفة
كبيرة: الحرية أو الموت. ================= أصوات
لبنانيّة حيال الثورة السوريّة حازم صاغيّة الثلاثاء
١٥ يناير ٢٠١٣ الحياة أطلقت الثورة
السوريّة أصواتاً لبنانيّة كثيرة، كلّ
واحد منها ينطوي على رسم ضمنيّ لصورة
لبنان وأسئلته ومستقبله. كان هناك، ولا يزال،
صوت التبعيّة والالتحاق بالنظام
السوريّ. وهذا، كما بيّنت تجربة ميشال
سماحة بوضوح، صوت جهازيّ لا يستحقّ أن
يُناقش أو أن يُحمل على محمل الجدّ. وكان هناك، ولا يزال،
صوت الخوف، وهو غالباً مسيحيّ،
وتالياً شيعيّ. وإذا كانت بعض الأطراف
الناتئة في هذه الفئة تتقاطع مع الفئة
الجهازيّة، فهذا لا يلغي وجود هموم
فعليّة في متنها العريض تفاقمها
الظاهرة السلفيّة التي لا تحول
كاريكاتوريّتها دون تفشّيها. لكنّ
المشكلة هنا أنّ اصحاب هذا الصوت لا
ينجحون في الارتقاء إلى صوغ تصوّر
عصريّ وديموقراطيّ لمجتمع متعدّد
تستطيع جماعاته أن تتعايش من دون خوف
أو تبادل عنصريّ. هكذا نراهم يغرقون في
شبر ماء فيقعون في «القانون
الأرثوذكسيّ» للانتخابات، أو، وهذا
أشنع، في مواقف سياسيّة وعمليّة
مناهضة للشعب السوريّ وإرادة
غالبيّته، على ما يفعل «حزب الله». وهذه الأصوات سبق أن
تعرّضت، وما زالت تتعرّض، لنقد صائب
ومستحقّ. إلاّ أنّ صوتاً لبنانيّاً آخر
مؤيّداً للثورة السوريّة يستدعي بدوره
وقفة نقديّة. والصوت هذا، وهو غالباً
سنّيّ من دون أن يقتصر على السنّة، إذ
يمتدّ إلى بيئة ثقافيّة ضيّقة، يذهب
إلى أنّ التاريخ يبدأ من الثورة
السوريّة، لا قبل قبلها ولا بعد بعدها.
لكنْ على رغم الأهميّة الفائقة
والاستثنائيّة لتلك الثورة، وضخامة
تأثيرها على مجمل منطقتها، فإنّ وعياً
قياميّاً كهذا لا يمكن الركون إليه.
فالنزعة هذه في إعدامها أجزاء أساسيّة
من التاريخ كثيراً ما تهجس باستئصال
أجزاء أساسيّة من الواقع. وهذا درس
يُستعاد المرّة بعد المرّة منذ الثورة
الفرنسيّة التي أرّخت من صفر، على أقلّ
تقدير. وفعلاً تذهب وجهة
النظر هذه إلى نفي المعنى عن كلّ
النقاشات والهموم اللبنانيّة، بما في
ذلك مشاكل الأقليّات، إمّا لأنّ
الثورة السوريّة تجبّ ما قبلها أو لأنّ
المناقشين اللبنانيّين سخفاء. لكنْ
إذا كان الأخيرون كذلك فإنّ سخافة
المناقشين لا تعني سخافة الموضوع
المناقَش. والحال أنّ مسألة الأقليّات
في المشرق لم تتظهّر ولم تتبدّ
تعقيداتها كما حصل مع الثورة السوريّة
وفي المناخ الذي أطلقته. وفي آخر
المطاف سيكون من معايير محاكمة تلك
الثورة على المدى الأبعد تعاطيها مع
مسألة الأقليّات في بلدها وفي عموم
المشرق استطراداً. فالاضطرار الذي جعل
الثورة المذكورة، لسوء حظّها، تصطدم
بتلك الأقليّات، ينبغي ألاّ يقود إلى
التغافل عن مشكلة معقّدة لا يُفهم
تاريخ المشرق من دونها، ولا يستقيم من
دون تذليلها، هي هذه المشكلة تحديداً.
وهذا ناهيك عن مدى جدارة أصحاب الصفة
الديموقراطيّة بصفتهم هذه في حال
التنكّر لها أو اعتبارها لزوم ما لا
يلزم. وفي تصفية حساب
مداورة مع الفكرة اللبنانيّة، تؤخذ
على الصيغة اللبنانيّة «تفاهتها»،
علماً بأنّ هذه الصيغة، على رغم الكثير
من «التفاهة» التي تعتريها وتعتري
رموزها، قد تكون الأقلّ سوءاً بين
الصيغ المعتمدة لتنظيم العلاقات بين
جماعات المشرق العربيّ. ويُخشى أن يكون
هذا المأخذ، بعد تضخيمه، شكلاً
التفافيّاً من طلب الاستبداد
والواحديّة، خصوصاً أنّه ينسب العيوب
الكبرى للصيغ، بدل أن ينسبها إلى قدرة
الجماعات المتناحرة على الصعود إلى
سويّة الصيغ تلك. لكنْ يُخشى أيضاً أن
تقيم في هذه النظرة التي تختزل الذات
الوطنيّة، ميول ورغبات في إعادة إنتاج
الالتحاق إنّما حيال نظام آخر! أغلب الظنّ أنّ لبنان
المهلهل أقوى ممّا يُظنّ لسبب بسيط هو
اللبننة المعمّمة على منطقة بأسرها. ================= الاستعصاء
«الإنساني» بشأن سوريا تاريخ النشر:
الثلاثاء 15 يناير 2013 عبد الوهاب
بدرخان الاتحاد في الأيام الأخيرة
بدأت تظهر بوادر اهتمام بأحوال
النازحين السوريين. وأقل ما يقال فيها
إنها لا تزال غير كافية، وفضلاً عن
أنها متأخرة جداً جداً. لا تتوافر
معلومات إحصائية دقيقة، لكن العاملين
في الإغاثة ينقلون من المخيمات أنباء
عن وفاة أطفال عديدين من جراء البرد
وسوء التغذية ورداءة الخدمات الطبية.
أما الكبار ولا سيما العجائز فتسوء
أوضاعهم أكثر فأكثر. هذه مأساة إنسانية
تُركت تعتمل أمام الأنظار، وما كان يجب
السماح بحصولها. فالأزمة لم تبدأ أمس
وبشكل مفاجئ، بل مضى عليها نحو عامين،
وأتيح كل الوقت اللازم لدرس
الاحتياجات وتأمين الأموال وترتيب
التسهيلات. مع ذلك وجدنا الأردن يكرر
النداءات للمساعدة لأن موارده محدودة
ولا تمكنه من تحمل هذا العبء. والفارق
بينه وبين لبنان أن الأخير لم يعترف
بوجود حالٍ تستدعي التعامل معها بمعزل
عن أي اعتبار سياسي، ولو لم يفد نازحون
فلسطينيون من مخيم اليرموك، ولو لم
يشعر بعض الساسة اللبنانيين بـ«خطر»
سمّوه «طائفياً» أو «ديموغرافياً» أو
«أمنياً»، لما تحركت الحكومات
اللبنانية لطلب اجتماع عربي أملاً في
المساعدة. ليس مفهوماً لماذا
تلكأت الحكومات كافة في الاهتمام بهذه
القضية. هل هي ثقافة الحكم، أم تقاليد
العلاقات بين الحكومات، أم أن
المعنيين استندوا إلى تحليلات سياسية
تؤكد لهم أن نهاية الأزمة وشيكة،
وبالتالي فلا داعي إلى التوسع في
لوجستيات إيواء النازحين لأنهم مرشحون
للعودة في أي يوم، بل في أي لحظة؟ أياً
يكن الاعتبار الغالب على تفكيرهم فإن
شيئاً لا يبرر الإدارة الفاشلة لهذا
البعد الإنساني الذي حفر في أذهان
السوريين جروحاً وندوباً لن ينسوها في
القادم من الأيام، خصوصاً أنهم
مضيافون بطبعهم ولم يرضوا بأن يُهان
فلسطيني أو عراقي أو لبناني اضطرته
الظروف للجوء إلى بلادهم. ثم إن هناك خبرة
الأمم المتحدة والمفوضية العليا
للاجئين وكل المنظمات المتخصصة، وهناك
الدول التي أعلنت استعدادها للمساعدة.
هذه الهيئات تعمل وتحاول التخفيف من
المأساة، لكنها تعاني من بلبلة وغموض
وتردد يكتنف مستويات القرار والمعالجة
كافة، سواء كان دولياً أو لدى الحكومات
الإقليمية. لذلك لم تتمكن هذه الجهود
والإعانات المتوافرة من بناء خطة
إغاثية سلسلة ومتكاملة ومتواصلة.
الأرجح أن الأسباب التي حالت حتى الآن
دون تفعيل المعارضة السياسية
والعسكرية هي نفسها التي تسببت بقصور
الإغاثة وفوضاها. ولأن السوريين هم
الذين يتألمون الآن ويشعرون بأنهم
متروكون للمصير الذي يريده لهم
النظام، فإنهم يلاحظون تجمع معطيات
عدة مثل وقف الدعم المالي للمعارضة
ووقف توفير الأسلحة والذخائر، وأيضاً
انكشاف التقصير الفادح في الإغاثة
الإنسانية، ما يعني عندهم أن الضغوط
التي يقال إنها تمارس على النظام باتت
تمارس الآن ضد الشعب. المأساة الكبرى تبقى
في الداخل، فنحو ثلاثة ملايين سوري
انتقلوا للعيش في أي مكان يؤمنه لهم
مواطنوهم. ورغم الصعوبات وقلة
الإمكانات وانعدام الأمن والأمان
ومضايقات «الشبيحة» يمكن القول إن
السوريين يعيشون حالاً تاريخية من
التضامن الاجتماعي، وبمساهمة من مختلف
الطوائف في بعض المناطق. وهذا ما
مكنّهم من طرد أشباح المجاعة فتقاسموا
القليل المتوافر، ومن تخفيف قسوة
الشتاء ففتحوا بيوتهم حتى اكتظت
باللاجئين إليها. أراد النظام إذلال
الناس لدفعها إلى الاستسلام، لكن
التنكيل يرتدّ عليه. فرغم كل الظروف
القاتلة لا يزال المدنيون حريصين على
الخروج بتظاهرات عزلاء سلمية، فقط
لتأكيد أن جذوة الثورة لم تنطفئ. إنها
رسالتهم إلى العالم. كل الحروب تشهد
هدنات، ولو قصيرة ومتقطعة، فحتى
الأعداء لا يعدمون «التراحم» ولا
يفتقدون حسّ الواقعية. إلا هذه الحرب التي
انفرد فيها نظام لزمن بشنّها على شعبه،
وحين لجأ بعض هذا الشعب إلى السلاح بات
النظام أكثر ثقة في نهجه المتوحش. لم
يبالِ ولا مرة بالاستجابة لطلبات
الأمم المتحدة أن تمكّن طواقمها من
إغاثة المهاجرين الذين تركوا بيوتاً
وأبنية تهدمت وأرزاقاً نهبت. جعل من
المعاناة الإنسانية إحدى أدوات خططه
الحربية، غير مكترث أيضاً بأن هذا
النظام يحاول استثمار النزوح الكثيف
إلى دول الجوار لإحراجها وإرباكها
والضغط عليها. فإلى إفشال المجتمع
الدولي وتعجيزه عن فرض حل سياسي أو
عسكري، أتيح للنظام أن يفرض تقاعساً عن
التعامل مع الجانب الإنساني من الأزمة. ================= الإبراهيمي
الذي تجرأ على الأسد طارق الحميد الشرق الاوسط 15-1-2013 ها نحن أمام حفلة
مستمرة من الشتائم والاتهامات تكال ضد
السيد الأخضر الإبراهيمي من قبل إعلام
بشار الأسد، ولثالث يوم على التوالي،
والسبب، بحسب الصحف الأسدية، أن
الإبراهيمي تجرأ على الأسد في
الاجتماع الأخير حين سأله عن مسألة
الترشح في الانتخابات السورية القادمة
في عام 2014. الصحف الأسدية وصفت
الإبراهيمي بـ«السائح المعمر»، ذي
اليدين المصفرتين من أي إنجاز، وكل ذلك
لأن الإبراهيمي تجرأ وسأل الأسد في
اجتماعه الأخير عن «مسألة الترشح
للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو
السؤال الأهم بالنسبة للإبراهيمي
وللدول التي تقف خلفه»، بحسب صحيفة «الوطن»
الأسدية التي قالت إن رد الأسد كان «أن
آخر ما يهمه المناصب، لكن أول شيء يهمه
هو رغبة الشعب ومصلحة البلد»، وإن
الأسد أضاف قائلا: «لست قبطان السفينة
التي عندما يشعر بأنها بدأت تهتز يهرب
منها». وعلى أثر ذلك أنهى الأسد
الاجتماع الثنائي، بحسب الصحيفة
الأسدية التي قالت أيضا إن «الرجل بات
مكشوفا لدى الرئيس الأسد وتصرفاته
متوقعة»، وإن السيد الإبراهيمي قد «كذب
خلال زيارته إلى موسكو» بعد دمشق، وفي
اجتماع جنيف الأميركي - الروسي مع
الإبراهيمي، «مما استدعى ردا روسيا
صارما وقاسيا»! والحقيقة أننا لم
نسمع ردا روسيا صارما وقاسيا، بل إنه
رغم تصريحات وزير الخارجية الروسي
الأخيرة عن استحالة رحيل الأسد، فإنها
تصريحات تفاوضية بين واشنطن وموسكو
أكثر من كونها دعما للأسد.. فلافروف
يتحدث عن صعوبة التنفيذ، أي إخراج
الأسد، ويرد على تفسير واشنطن لاتفاق
جنيف الذي لا ينص على رحيل الأسد، ولا
بقائه. والحقيقة أن تفسير اتفاق جنيف
يعني أن لا مكان للأسد، وهذا ما قاله
أيضا وزير خارجية فرنسا، ليس اليوم
وإنما لحظة التوقيع على اتفاق جنيف. وعليه، فنحن الآن
أمام سؤال مكرر، وقد طرحناه الأسبوع
الماضي، وهو: هل يصار إلى استبدال
السيد الإبراهيمي، وهذا أمر لن يقبل به
أحد، ويعني أننا أمام محاولة جديدة
لتضييع الوقت في سوريا، أم أننا أمام
مفاوضات روسية - أميركية شاقة على
مستقبل سوريا؟ فالجميع، عربيا ودوليا،
لا يزال يدعم السيد الإبراهيمي، حتى أن
وزير الخارجية الروسي، والذي يقول
الإعلام الأسدي إنه لقّن الإبراهيمي
درسا صارما قاسيا، كان قد وصف خطاب
الأسد الأخير، ومبادرته التي قدمها،
بالقول: «نعم، مما لا شك فيه أن هذه
المبادرات لا تذهب بعيدا، وهي لا تبدو
جدية بنظر البعض»! ولذا، فإن الهجوم
الأسدي على الإبراهيمي الآن ما هو إلا
رسالة للدوائر المقربة من الأسد نفسه
بأن ما يحدث ليس موقفا روسيا، وأن
موسكو لا تبيع وتشتري برأس الأسد،
وإنما هذه هي خطة الإبراهيمي نفسه الذي
وصفته الصحافة الأسدية بالعمالة
لأطراف خارجية. ملخص القول، إن
الهجوم الأسدي على الإبراهيمي يوحي
بأننا أمام مفاوضات روسية - أميركية
شاقة على سوريا، ومستقبلها، وهذا ما
وتّر الإعلام الأسدي بشكل واضح. ================= هل تنتهي
دراما مخيم الزعتري؟! * ياسر الزعاترة الدستور 15-1-2013 لم يحظ الأردن بهذا
الكمٌ من التركيز الإعلامي السلبي في
الخارج كما حصل خلال الأسبوع الماضي
إثر المنخفض الجوي والعاصفة الثلجية،
وبالطبع على خلفية المعاناة التي
خلفها في مخيم الزعتري لما يقرب من 60
ألف إنسان ألجأتهم الظروف إلى هذا
المكان إثر معركة شرسة يشنها نظام مجرم
وجبان ضد شعبه لأنه طالب بالحرية
والتعددية. من تابع مواقع
التواصل الاجتماعي والفضائيات والصحف
خلال الأسبوع الماضي شهد كمّا من
الهجاء الذي حظي به الأردن مع الأسف
الشديد، الأمر الذي كان قد بدأ منذ
أسابيع طويلة بسبب المعاناة التي
يشهدها المخيم. لم نجد أحدا يلتمس
العذر للحكومة الأردنية، فالجميع
يتحدث عنها بوصفها المسؤولة عما يجري،
الأمر الذي يبدو طبيعيا إلى حد كبير،
لأن الحكومة هي من اختار ذلك المكان
البائس، وهي التي تشرف على كل شيء فيه،
وهي تبعا لذلك المسؤولة أمام الرأي
العام المحلي (فضلا عن العربي
والإسلامي) الذي أصابه الحزن والقهر
على هؤلاء اللاجئين، ربما باستثناء
بعض الأبواق التابعة بشار الأسد،
والتي يسرُّها ما يجري هناك، بل تجد
فيه فرصة بالغة الأهمية لتبشير
السوريين بمصيرهم الأسود إذا تواصلت
ثورتهم ضد بشار الأسد. والحال أن الأردنيين
لم يقصروا أبدا مع إخوانهم من اللاجئين
السوريين، فمقابل 60 ألف لاجئ في مخيم
الزعتري، هناك أكثر من 200 ألف دخلوا
البلاد، وأقاموا في مناطق شتى، وهم
يعيشون وبعضهم يعملون، بينما يتلقون
مساعدات جيدة يقوم عليها رجال خيرون من
الفعاليات الاجتماعية والسياسية
والدينية في البلاد. الشعب الأردني شعب
مضياف، وهو يؤثر على نفسه، ولو كانت به
خصاصة، لكن حكاية الزعتري قصة أخرى ليس
للناس صلة بها، إذ تشرف عليها الحكومة
من الألف إلى الياء، وهنا تحديدا تبدأ
الحكايات التي تثير القهر. حكايات
تنطوي على شُبه فساد يرددها كثير من
العرب الرسميين منهم وغير الرسميين. يوميا نقرأ عن شاحنات
المساعدات التي يجري تعطيلها في
الجمرك، وقبلها وبعدها شروط التعامل
مع الوضع في المخيم بالنسبة للجان
الإغاثية التي تأتي إليه. كما نسمع
أيضا عن المساعدات التي تتعطل وتلغى
بسبب شروط معينة. إنهم يقولون يوميا إن
الحكومة تمارس التسول على المخيم، ولا
يظهر ذلك على طبيعة الخدمات فيه،
مشيرين في السياق إلى مبالغ كثيرة جرى
التبرع بها من عدد من دول الخليج؛ ولم
تنعكس تحسنا في وضع المخيم وطبيعة
خدماته. دعك قبل ذلك وبعده عن
سوء اختيار المكان الذي لم يكن موقفا
بحال من الأحوال، وهو ما دفع البعض إلى
المطالبة بنقل جميع اللاجئين إلى
مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز
الفارغة في الزرقاء، أو نقلهم إلى مكان
آخر بعد توفير كرفانات مناسبة من
المتبرعين. في أي حال، نحن أمام
مسؤولية أخلاقية كبيرة باتت أشبه
بالفضيحة، ولا بد من تجاوز الأمر
سريعا، ولا قيمة لما يقال إن الأردن لا
يتحمل هذا العدد، لأن المساعدات
كثيرة، ولأن العدد أصلا ليس كبيرا،
ويمكن استيعابه بسهولة إذا توفرت
الإرادة وتم تجاوز حكايات الفساد وسوء
الإدارة. بالإمكان ترك الأمر
للجيش الذي يمكنه بسهولة التعامل مع
وضع المخيم، كما يمكن تحويل مهمة
الإشراف عليه لائتلاف من جمعيات خيرية
تملك الاستعداد لذلك، أما وقد قررت
الحكومة استحداث إدارة شؤون مخيمات
اللاجئين، فنتمنى أن تنجح تلك الإدارة
في حل هذه المشكلة. نعم، آن يضع
المسؤولون حدا لهذه القضية التي تثير
الأردنيين قبل غيرهم، وتترك مرارات في
نفوس عرب ومسلمين يراقبون ما يجري
بكثير من الحنق. التاريخ : 15-01-2013 ================= الاسد
واثق من البقاء في السلطة والعلويون
يفرون الى مناطقهم على الساحل ابراهيم درويش 2013-01-14 القدس العربي
لندن 'القدس العربي':
تشهد المدن السورية الكبرى التي يعيش
فيها ابناء الطائفة العلوية رحيلا
واسعا عنها الى المدن الساحلية
والمناطق التقليدية التي يسكن فيها
العلويون، وهي المناطق الجبلية
والساحلية في اللاذقية وطرطوس. ويقال
ان كبار القادة العسكريين في دمشق
قاموا بنقل عائلاتهم الى المدينتين
لابعادهم عن الحرب. ويعتقد الكثير من
قادة المعارضة المسلحة ان الاسد سيهرب
الى هذه المناطق، في حالة انهيار
نظامه، تماما كما فعل الرئيس العراقي
السابق، صدام حسين الذي انسحب الى
تكريت ومعمر القذافي الذي تراجع الى
مدينة سرت. ويقول المعارضون ان القاعدة
العسكرية الروسية في مدينة طرطوس قد
تكون المهرب الاخير للاسد. وفي الوقت
الذي لا يستطيع فيه الصحافيون الاجانب
الوصول الى المناطق الساحلية الا ان ما
ينقل عن الرحيل هذا وتحضيرات القادة
العسكريين ومعظمهم علويون لملاجئ آمنة
لعائلاتهم قائم على روايات من
المقاتلين واللاجئين، حيث يقول هؤلاء
ان النظام يقوم بتعزيز المناطق هذه
بالوجود العسكري وتخزين الاسلحة. ونقلت صحيفة 'التايمز'
البريطانية عن ناشط سوري فر من
اللاذقية قوله، ان الشبان والشابات
العلويات يتلقون تدريبات على استخدام
البنادق 'اي كي-47' وغيرها من الاسلحة في
القاعدة البحرية فيها، فيما يقوم
ابناء القرى العلوية بتعزيز دفاعات
قراهم. ويزعم المقاتلون ان
النظام يحاول تطهير هذه المناطق من
الوجود السني الكبير، حيث يقوم
الشبيحة، وهم ميليشيات النظام بملاحقة
الاثرياء السنة باختطاف ابنائهم، فيما
يتم اعتقال شباب السنة على الحواجز
ويقوم النظام بقطع الكهرباء عن
الاحياء السنية وتنقل عن ثائر الذي فر
من اللاذقية قوله ان الشباب السني في
عمر الخدمة العسكرية يتم توقيفه على
الحواجز العسكرية واعتقاله، حيث لم
يعد امام الشبان اي خيار، إما الهرب او
السجن. ويتوقع المقاتلون معركة كبيرة
بين المناطق التي يسيطرون عليها
والمناطق التي يعيش فيها العلويون.
واشار التقرير الى ما حدث لبلدة كفريا
في محافظة ادلب التي كانت تعيش فيها
غالبية علوية، حيث فر سكانها الـ700 الى
المناطق الساحلية، واصبحت القرية
مهجورة، ويقول المقاتلون انهم هاجموها
في الصيف الماضي وقتلوا حوالي 200 من
الجنود وشبيحة النظام، وكتبوا شعارات
ان الهجوم على القرداحة قادم. ويشير
التقرير الى ان المقاتلين 'سمحوا
للمدنيين' كي يخرجوا بسلام من القرية
الى المناطق التي يريدون الهروب اليها.
لن ينهزم وتختلف التقارير هذه
مع النبرة التي ظهرت في خطاب الرئيس
بشار الاسد في الاسبوع الماضي، الذي
اكد فيه على ان نظامه يقاتل جماعات
ارهابية مدعومة من الخارج، وانه لا
مفاوضات او وقف للحرب الا بعد ان تتوقف
الدول الخارجية عن دعم الجماعات
بالسلاح والمقاتلين. وبدا الاسد واثقا
من قدرته على التخلص من اعدائه. وعلى الرغم من ان
الاسد لا ينتصر في الحرب على المقاتلين
الا انه لم ينهزم بعد، او في الوقت
الحالي. فالاسد لا يشعر انه بحاجة
للتخلي عن حله الامني والانخراط في
المفاوضات التي تؤدي الى نهاية حكمه
والتخلي عن مؤيديه الذين سيواجهون
مصيرا غير معروف. وفي الوقت نفسه فمن
الصعوبة بمكان تخيل ان يكون الاسد
قادرا على استعادة ما خسر من مناطق، في
ظل التقدم الذي يحققه المقاتلون،
الذين استولوا على قاعدة جوية في شمال
البلاد قبل ايام. وفي ضوء الواقع الذي
تعيشه الانتفاضة السورية فان اسئلة
باتت تطرح عن الوقت الذي يحتاجه
المقاتلون لانهاء حكم الاسد، فيما
تساءل اخرون في المعارضة عن سبب الثقة
المتزايدة بالنفس لدى الاسد، اذا
اخذنا الواقع الميداني في الاعتبار.
ومن هنا فتقييم بعض الصحافيين
والناشطين السوريين الذين نقلت عنهم
صحيفة 'واشنطن بوست' يبدو قاتما حيث
نقلت عن احدهم قوله ان المعارضة ومعها
المجتمع الدولي اساءوا تقدير قوة
الاسد. واضاف ان الاسد يلعب لعبة تحمل
مخاطر عالية، ومع ذلك فهو يلعبها 'بشطارة'
ويبدو انه ينتصر لسبب بسيط انه لا يزال
في السلطة. وجاء في تقرير الصحيفة ان
بعض السوريين يتساءل عن الطرف المنفصم
عن الواقع، هل هوالاسد ام الولايات
المتحدة وحلفاؤها الذين سارعوا بوصف
خطاب الاسد بانه كلام رجل لا صلة له
بالواقع. اسباب كثيرة ويبدو ان الاسد لديه
الكثير من الاسباب التي تجعله يعتقد
بنهاية لصالحه في هذه الحرب الدموية،
فالجيش لا يزال الى جانبه على الرغم من
الضربات التي تعرض لها، ونقص قدراته
العسكرية والحالة المعنوية التي
اصابته بسبب انشقاق الكثير من الجنود
والضباط ولكن عصب الجيش وهو الفرق
العلوية الموالية للنظام لا تزال
تقاتل وبشراسة. يضاف الى ذلك ان
الحكومة السورية لا تزال الى جانب
الرئيس. والمقاتلون الذي يتقدمون لم
يستطيعوا ومنذ اكثر من شهرين تحقيق اي
تقدم نحو العاصمة دمشق او حسم المعركة
الدائرة في حلب، العاصمة الثانية،
ومنذ ستة اشهر لصالحهم. وفي اطار اخر
فالاسد لا يزال لديه حلفاء اقوياء وهم
الروس والايرانيون، حيث لا يزال الروس
يؤكدون على اهمية قيام السوريين بحل
مشاكلهم، واكدت الخارجية الروسية ان
رحيل الاسد يجب ان لا يكون جزءا في اي
تسوية لحل الازمة. ويضاف الى كل هذا
اعتقاد النظام السوري ان الغرب على
الرغم من كل ما يقال لن يتدخل في سورية،
كما تدخل في ليبيا، وزاد هذا الاعتقاد
مع تصاعد العامل الجهادي في الانتفاضة
السورية. وعلى الرغم من ذلك فرفض الاسد
التفاوض حتى الان نابع من اعتقاده ان
اي محاولة من هذا النوع نهاية نظامه،
وبالتالي تعريض مصير الطائفة للخطر.
وفي الوقت الذي يستبعد فيه المحللون اي
انقلاب او تمرد من داخل النظام فهناك
من يرى ان نهاية الاسد اصبحت قريبة،
وهي بحسب جيفري وايت المحلل الدفاعي
والباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق
الادنى ان الاسد واقع تحت ضغط شديد وان
نظامه 'امامه اسابيع او اشهر ، فسيظل
متشبثا بقوة بالسلطة لكنه سينهار
قريبا'. ويظل هذا التحليل رهن
التطورات فمن الواضح ان طرفي النزاع
يعاني كل منهما من مشاكله فالاوضاع
المعيشية في المناطق الواقعة تحت
سيطرة المقاتلين تتراجع بشدة،
فالضربات الجوية والقصف المدفعي
المتواصل على هذه المناطق، ونقص
المواد الغذائية وعدم قدرة المقاتلين
على توفير الامن للسكان يعني تراجع
الدعم لهم، حيث يؤدي تدخلهم الى الدمار
والقتل. ويتهم المقاتلون النظام بانه
يتبع استراتيجية الارض المحروقة كي لا
يسمح للمعارضة بالانتصار حتى لو كانت
قادرة على تحقيقه. بوتين لا يساعد ولعل اهم عامل في
تعقد الازمة السورية هو تعقد العلاقات
الامريكية الروسية، فعدم قدرة الرئيس
الامريكي باراك اوباما في ولايته
الاولى على بناء علاقات تعاون ثنائي مع
روسيا تمثل للكثيرين فشلا له، خاصة ان
موسكو وبالتحديد الرئيس فلاديمير
بوتين لديه الكثير من الاوراق التي
يمكن ان تساعد او تسبب الضرر لاوباما،
وتضم هذه الاوراق كوريا الشمالية
وسورية وايران، كما يحتاج اوباما
التعاون الروسي كي يبدأ عمليات
الانسحاب وتقليل الوجود الامريكي في
افغانستان. ويبدو الرئيس بوتين غير
مهتم بالمساعدة، خاصة في ضوء
الانتقادات الامريكية لسجل بوتين في
حقوق الانسان وموقفه من التظاهرات
الداعية للديمقراطية ورد موسكو باصدار
قانون يحظر على الامريكيين تبني اطفال
روس. ويعتقد محللون ان
تعاون الرئيسين مرهون بوضع القضايا
الخلافية جانبا سورية ودعم
الديمقراطية - ان ارادا التعاون في
قضايا اخرى. ووجه الاشكالية هو ان
الموقف الروسي في مجلس الامن والفيتو
على اي قرار سيقيد يدي اوباما في
التدخل في ازمات اخرى. ويقول تقرير
لصحيفة 'واشنطن بوست' ان الموقف كما يرى
من موسكو يقوم على ان الادارة
الامريكية قد تجاهلت قلق موسكو في
موضوعين مهمين وهما الدرع الصاروخي في
اوروبا وليبيا. ومع ان الرؤساء
الامريكيين من ريغان حتى بوش لم يبدأوا
ولايتهم الثانية بعلاقات جيدة مع
روسيا، الا ان احدا منهم لم يبدأ
ولايته بتداعيات سيئة، كما في حالة
اوباما. وتنقل الصحيفة عن مسؤولين
قولهم ان اوباما يعرف ان بوتين رجل ليس
من السهل التعامل معه، لكن التراجع
المتسارع في العلاقات كان مثيرا
للدهشة، حيث اشاروا لسلسلة من
القرارات التي اتخذتها موسكو، منها
طرد الوكالة الامريكية للتطوير الدولي
بشكل مفاجئ واعلان الحكومة الروسية
نهاية الاتفاق على التحكم في الاسلحة،
الذي شكل حجر الاساس للعلاقات
الامريكية الروسية منذ نهاية الاتحاد
السوفييتي. وفي ضوء هذا بدت تصريحات
المسؤولين في البلدين تعكس هذا الوضع
المتوتر، حيث اتهمت وزيرة الخارجية
الامريكية، هيلاري كلينتون روسيا
بانها تحاول احكام سيطرتها على الدول
المستقلة في المنطقة. وجاءت تصريحات
كلينتون قبل لقائها مع نظيرها الروسي
سيرغي لافروف للتباحث حول سورية،
وبحسب الصحيفة فان هذا يشير الى
التناقض الظاهري في الموقف الامريكي،
فمن جهة تشجب واشنطن روسيا وتطلب
مساعدتها من جهة اخرى. فروسيا هي حليف
سورية القوي في المنطقة ولاسباب
متعددة ترفض حتى الان دعم اي تحرك دولي
ضد الاسد. ويبدو ان الموقف الروسي تجاه
امريكا مرتبط بالشك وان واشنطن عادة ما
تستخدم الفرص لصالحها، ومع ان الروس
يؤمنون بهذا الا ان بوتين يشعر به بشكل
اعمق. الصورة اقوى في الوقت الذي تتصارع
الدول الكبرى حول مصالحها يواصل
اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري في
الاردن واطمة في شمال سورية معاناتهم،
خاصة بعد ان ضربت منطقة الشرق الاوسط
موجة من الامطار والثلوج تركت خيامهم
تسبح في المياه وخلفت وراءها شوارع
طينية حمراء، حيث يرى لاجئون نقلت عنهم
صحيفة 'نيويورك تايمز' انهم هربوا من
موت ليواجهوا موتا اخر. ويقول لاجئ قدم
نفسه على انه ابو طارق انه حضر لمخيم
الزعتري قبل عشرة ايام فارا من القصف
الذي تعرضت له قريته الواقعة في محافظة
درعا، 'كنا هناك سنموت من النار وهنا
سنموت من البرد، ولا نريد الموت في هذه
الخيام'. وينظر للحياة في المخيم
والمخيمات الاخرى على انها اشارة
لتدهور الوضع الانساني، حيث تتوقع
منظمات الاغاثة الدولية ان يرتفع عدد
اللاجئين الى مليون هذا العام وان هناك
حاجة الى اكثر من مليار دولار لمواجهة
الكارثة الانسانية هذه. وكان الاسبوع
الماضي الاسوأ في المخيمات، حيث شهد
الاردن والدول المحيطة عاصفة ثلجية هي
الاقسى منذ عشرين عاما وادت لوفاة
طفلين ورجل في مخيم الزعتري. ويجمع حتى العاملون
فيه ان الزعتري ليس مكانا صالحا للسكن،
ولكن المسؤولين في الامم المتحدة
يقولون انهم يحاولون والمنظمات غير
الحكومية تحسين الاوضاع، حيث يظهر
الوضع البائس فيه من الاطفال الذين
يمشون في شوارعه الموحلة حفاة، فهؤلاء
الاطفال شاهدوا خلال العامين اكثر ما
يمكن ان يشاهده اطفال اخرون في دول
تعيش امنا، فقد شاهدوا بيوتهم تقصف
وموت اقاربهم الاعزاء وتدمير قراهم
واجبروا على ترك كل شيء وراءهم والعيش
في مخيمات بائسة تفتقر لمتطلبات
الحياة الانسانية، وفي حالة مخيم اطمة
قرب الحدود مع تركيا، ماتوا بسبب
الحرائق واعادهم حرس الحدود الاتراك
الى ديارهم التي تحترق بالحرب. وفي ظل
هذه الظروف يبحث الاطفال عن اشياء اخرى
لنقل معاناتهم وهو ما فعلوه في اطمة
بمساعدة صفا فقي المتخرجة من كلية
الفنون الجميلة، حيث احضرت للاطفال
اقلام تلوين اشترتها من جيبها الخاص،
واعطتها للاطفال وطلبت منهم رسم اي شيء
يخطر على بالهم، والنتيجة 800 رسم تمثل
موضوع الحرب فيها نسبة 80 بالمئة، حيث
رسم الاطفال بيوتا تقصف بالمدافع
والطائرات ومروحيات ترمي قنابل تحرق
البيوت. ورسم الاطفال القنابل بلون
احمر ومنقطة للاشارة الى الشظايا التي
تقتل الاطفال. وفي الرسوم يظهر
المقاتلون وهم يطلقون النار على
الطائرات، اما جنود النظام فيطلقون
النار على سيارات الاسعاف. ويظهر
المتظاهرون في رسوم اخرى وهم يحملون
شعارات وعلم المعارضة ولكن بعضهم ملقى
على الارض. وهناك صور للخيام وللاسلاك
الشائكة على الحدود وجنود يحرسونها،
فيما كتبت عبارة 'توقف' لمنع اللاجئين
من المرور عبرها. ويقول كاتب التقرير
في صحيفة 'التايمز' مارتن فليتشر ان
نسبة 20 بالمئة من الرسوم تركز على
موضوعات تتعلق بالبراءة المفقودة،
شواطئ وبيوت جميلة، فراشات واشجار
وطيور واقواس قزح، واحيانا الوان من
الطعام والكعك الذي لم يعد موجودا،
وهناك اطفال رسموا علم سورية الرسمي
وليس علم الانتفاضة لانهم يربطون
الايام الجميلة بالعلم الرسمي. وتقول
فقي ان بعض الاطفال لم يحمل قلما منذ
عامين وان الكثير من الاطفال يريدون
الانضمام لحصصها واحيانا تجد 200 طفل في
انتظارها، مشيرة الى ان عقولهم قد
تضررت ولانهم لا يستطيعون الحديث عن
معاناتهم فالرسم يساعدهم على التحرر
من الضغوط التي مرت عليهم. ================= غسان الامام الشرق الاوسط 15-1-2013 الروس والإيرانيون
الذين قالوا إن «الحل سوري» لم يصدقوا
أنفسهم. استمروا في التدخل من ثقب
الباب. واصلوا تسليح «جناب» الرئيس
بشار. وواصل الإبراهيميون الخضر
مفاوضة الروس للعثور على حل غير سوري! الإيرانيون الذين
يبدو أنهم نفضوا أيديهم وأنفسهم
أخيرا، من عميلهم السوري، آثروا
الذهاب إلى الرئيس محمد مرسي، لإقناعه
بأن «الحل السوري» هو حل إقليمي سني/
شيعي، يجب أن يقدمه مكتب إرشاد إخواني،
ومرجعية الفقيه خامنئي. صدق «الإخوان»
المصريون «الإلهام» الإيراني. فلم تكد
بعض وسائل الإعلام المصرية شبه
الرسمية تنتهي من الإشادة بالحل
الخليجي لتمصير خمسة مليارات دولار،
حتى دعت إلى «تفعيل» الدورين المصري
والإيراني معا، في ما يتعلق بالقضية
السورية! وأضافت بحماسة أن مصر تتعامل
مع إيران بصفتها «قوة إقليمية لا يمكن
تجاهلها» وأخطأ مبارك في معاداتها. ثم عددت الأسباب «الوجيهة»
لسياسة مصر الجديدة، فقالت إن مصر تود
«انتهاج سياسة خارجية تنأى عن
الاستقطاب (العربي/ الإيراني)»، لأن
إيران من الدول القليلة التي ترتبط
بعلاقات «ودية» مع نظام بشار الأسد. ثم
أحالت المفلس على المفلس، كما يقول
المثل، فوجدت في إيران المفلسة مصدر «استثمارات
خارجية» تريد مصر أن تجتذبها! بعد استضافة مصر
لقاسم سليماني القائد الإيراني لـ«فيلق
القدس» استضافت نده المدني وزير
الخارجية علي أكبر صالحي. تحمس صالحي
للانحياز الإخواني، فدعا دول المنطقة
إلى البحث عن حل للأزمة، من خلال «منطق
سوري/ سوري». والمعنى أن يكون للأسد
والشبيحة دور في هذا الحل! ورفض صالحي الاعتراض
العربي على التدخل الإيراني في
الدراما السورية، بحجة وجود شيعة في
العراق. ولبنان. وسوريا. شبيحة صحافة الأسد
لاحقت الوسيط الأخضر الإبراهيمي، بحجة
«انحيازه» ضد الحل السوري الذي قدمه
بشار. مع ذلك ما زال الأخضر متمسكا
بالحكاية. ويتكلم عنها بالروسية. أخفق
لافروف في استحضار الحل المفقود.
فاستحضر الأخضر أميركا أوباما وضمها
إلى فريق البحث عن البديل السوري
الضائع. حكمت هيلاري العالم
طيلة وجود أوباما الأول في البيت
الأبيض. «اخترعت» هيلاري الربيع
العربي الإخواني. مرضت. فاعتزلت. انتهز
أوباما الفرصة. فشكل إدارته الجديدة من
أنصار بشار (بزعامة جون كيري) ومن أعداء
نتنياهو (بزعامة تشاك هاغل). وهكذا، بدأ أوباما
بدوره رحلة البحث عن حل أميركي/ روسي،
لحل سوري: حكومة انتقالية بمعرفة
الدولي الأخضر الإبراهيمي. الإشكال
الوحيد اشتراط القوميسار بوتين تطعيم
الحل بـ«نفس علوي». واشتراط العم
أوباما حرمان «جبهة النصرة» من الجنة
السورية. كيف تبدو سوريا بعد
استئصال قاعدة «تفتناز» الجوية؟ بشار بـ«سبعة أرواح».
يستخدم الصواريخ والطائرات لتدمير
عشرين هيليكوبتر نسي الشبيحة تدميرها
قبل الفرار. وهناك قوة شبيحة تبذل
جهدها للمحافظة على عشرين مروحية
أخرى، لتدمير ضواحي دمشق وقرى سهل
حوران التي لجأ أهلها إلى مخيم الزعتري
في الجنة الأردنية. عموما، الحالة
السورية أشبه بـ«طوز خرماتو» عراقية.
خليط من مالكي. طالباني. صدري. أنباري.
بارزاني. قطعت سنة الأنبار طريق
المالكي إلى دمشق. فقطع المالكي طريق
السنة إلى عمان. بانتظار وصول دولة
الإبراهيمي من جنيف الأميركية/
الروسية، وعودة طالباني من غرفة
الإنعاش الألمانية، بعضهم تقدم بحل
للأزمة الناشبة في طوز خرماتو السورية:
قوات «حفظ سلام» بين داحس والغبراء،
على أمل انتهاء حروبها عندما يشيب
الغراب. ويفنى التراب. لست هازلا إذا قلت إن
هناك حالة «طوز خرماتو» في كل بلد عربي.
في لبنان، طوز خرماتو طائفي يدعو إلى
انتخاب كل طائفة نوابها. في الضفة وغزة
«طوز» يحول دون المصالحة. في العراق،
طوز خرماتو مالكي يعتبر كل عربي سني أو
كردي مدانا، إلى أن تثبت إيران براءته.
في الأردن، طوز إخواني يطالب بأكثر من
صوت انتخابي. في مصر، طوز إخواني ينادي
بأقل من صوت لكل معارض ساكن في «حتة»
التحرير. في تونس، طوز نهضوي ضد خرماتو
علماني... السحر العجيب ربما
قادر على جمع هذه المجموعة من «الطوزات»
العربية، في «خرماتو» عسكري يبدد طوز
بشار، بقيادة الإبراهيمي أو نبيل
العربي، وبإذن دولي. أو أميركي. لكن
ماذا بعد؟ هل يضمن الضامنون سلاما بين
الطوزات العربية المعسكرة في الداخل
السوري؟ هل هذه الطوزات قادرة على
الصبر، على مشاكلها الخاصة بها، وهي
معسكرة في سوريا؟ أعود إلى حكاية «الحل
السوري» الذي شغلت روسيا وإيران العرب
والعالم بخرافته، لتغطية رغبتهما في
الاحتفاظ بالطوز العلوي، جاثما على
صدر 23 مليون سوري. ثم أسأل: هل سوريا في
وضع يؤهلها للبحث عن حل سوري لحروب
عربية تنشب داخلها؟! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |