ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 27-01-2013 ميشيل كيلو السفير 27-1-2013 في الفكر الديني،
وخاصة السياسي منه، الإنسان مؤمن، ومن
ليس مؤمنا لا يتساوى في قيمته مع
المؤمن، فلا حامل للسياسة في نظره غير
الإيمان بوصفه منبع جميع القيم، خاصة
السياسية منها. بما أن الإيمان يعد
عامل تمييز وليس عامل تساو بين بني
البشر، فإن تعيين السياسة بمفردات
الفكر الديني وارتكازها عليه لا يتوقف
عن سوقها نحو نزعات مذهبية تقوم على
التفريق بين المؤمن والإنسان، فلا مفر
من ان تفضي إلى نزعة طائفـية تقـتل روح
الدين وتـخالف نصـه وتقوض رسالته
الإنسانية وسمـوه، لكونها تنسى أن
الله استخلف الإنسان في الأرض ولم
يستخـلف المسلم أو المؤمن، وأن لهذا
معنى فلسفيا وعمليا مهما جدا في حياة
البشر ونمط تنظيماتهم، يقول بضرورة
إقامتها على المساواة بينهم باعتبار
إنسانيتهم سابقة لإيمانهم، الذي لا بد
أن يتحدد بها عوض أن تتحدد هي من خلاله
وحده. هنا أيضا، يحدث ما
سبق أن رأيناه في مثال الاستبداد
الطائفي العلماني الادعاء، وينقلب وعد
الدين السامي بالخير والحق إلى
سياسـات يمليها فكر ديني هو اجتهاد
بشري يخال نفسه مقدسا ويجبر الناس على
تقديس أفعاله، يبدأ استبداده عبر
علامتين تسمان مواقفه، هما: - اعتبار أي مسلم
إسلاميا بالضرورة والقـطع، اراد ذلك
ام رفضه، وتنطح جماعات السياسة
الاسلامية للتعبير عنه بزعم ان
الاسلام لا يحتمل قراءة سياسية غير
التي تقدمهـا هي. ومـع ان واقع الامور
ينـاقض تماما هذه المغالطة، ويرينا ان
غالبـية المسلمين ليسوا من انصـار
الاسلام السـياسي، وان المواطن
العـادي نادرا ما يكون منضويا في
جماعـاته او واضـعا مصـيره بـين يدي
قـواه المتناقضة والنّزّاعة اكثر
فاكـثر الى عـنف ينحو الى التطرف،
بدلالة ما نراه من ممارسات تخويفـية
وقسرية تنتهـجها معظـم الاخـويات
الاسلامية في تعاملها مع الرأي العام،
وفي نظرتها الى نفسها، التي يصح
تلخيصها على النحو التـالي: شعـبنا في
غالبيته مسلم، وهذا صحـيح، لذلك يجد
فينا نحن ممثله السياسي، هذه مغالطة
تفضي إلى نتائج بالغة السوء بالنسبة
الى مجمل الحياة المجتمعية، تشحنها
بالعنف والروح الفئوية، على الضد من
الاسلام كدين كان على مر التاريخ، وعلى
رغم ما مر به من محن واختبارات، اكبر من
اي حزب او جماعة، وبقي وسيظل صرخة
مدوية ضد أي عنف وتمييز. ليس إيمان
المسلم العادي خيارا سياسيا كي تصادره
جماعات سياسية تنسب نفسها الى الدين،
أي تضفي طابعا دينيا على سياساتها،
لتوهم العـامة بوجود طابع خاص لها،
روحي وغير سياسي، تتجلبب به ليمنحها
ضربا من العصمة يميزها عن الاحزاب
والجماعات السياسية الاخرى، يترتب
عليه بالضرورة تسليم عامة المسلمين
بعصمة نهجها، خاصـة ان قـادتها ليسوا
سياسيين بل مرشدين دينيين، تتخطى
بصيرتهم الوقائع الى اسبابها العميقة
والخفية، الكامنة في حقائق دينية
تعرفها وحدها دون بقية خلق الله. - ان ما تقوله هو
معادل الدين السياسي وما عداه لا يمكن
ان يكون اسلاميا، بل انه قد يكون في
اغلب الحالات معاديا الاسلام ومحض كفر.
هذه المغالطة تبعد الساسة عن الدنيا،
وتدخلها الى مجال خطير جدا عليها هو
مجال المقدس، الذي يحشر ممثليها في صف
المعصومين وجماعاتهم في عداد اصحاب
الرسالات المكلفين بهداية غيرهم، باية
وسيلة كانت. هذه المغالـطة تنزل بالدين
من عليائه الروحي والاخلاقي ومن
حقائقه الكلية السامية الى عالم مصالح
متناحرة لا تهتم كثيرا بالحقيقة ولا
تنطلق منها او ترى فيها مرجعية لها. رغم
ذلك، لا ترضى الجماعات المذكورة أن
تكون مواقفها أقل من معادل موضوعي وتام
لما يريده الدين، أو لما يمليه وينبثق
عنه، ولا تقبل أن تكون أحكامها بشرية
المنطلق والغاية. لذا، نراها تتحدث لغة
غير سياسية انضجتها حاضنة قيمية غير
سياسية وغير دنيوية، رغم انها لا تني
تؤكد أن افعالها هي السياسة بامتياز،
وانه يتساوى فيها القصد القدسي مع
فاعلية الجماعة البشرية، فلا غرابة أن
طالبت الآخرين بمعاملتها كجهة منزهة
عن المقاصد الخاصة والحزبية، وارادت
لهم ان يروها باعينها، وإلا اخرجوا من
عالم الايمان، المساوي لعالمها
السياسي. هل يمكن ممارسة
السياسة كـحاضنة وطنية وانسانية
جامعة، كحقل مشاركة وانتـظام
ديمـوقراطي وعدالة ومساواة، في ظل هذا
القدر من الابتعاد عن المعايير
العقلانية والتنكر للقـيم التي تحترم
الانسان وتقر باولويته ككائن حر
ويتـعين بحريته قبل اي شيء آخر؟ وهل
تنتج هذه النظرة الادواتية المغطاة
بحمولة مقدسة مواطنا يقرر بنفسه موقعه
من وطنه ومجتمعه، ام تنتج
ايديـولوجـية دنيوية جدا تتلاعب به
وتحشره في المكان الذي تريده له والدور
الذي تفرضه عليه او تخصه بممارسته، مع
ما يثيره ذلك من توتر مجتمعي وسياسي
عام، ويشيعه من اجواء حافلة
بالتناقضات والخلافات، تشمل معظم
المواطنين من غير اتباعها او المنضوين
في مخططاتها وانشطتها، الذين لا
تعاملهم كمختلفين سياسيا
وايديولوجيا، وانما تنظر اليهم كاعداء
للدين وكخارجين عن الايمان: كمرتدين
يجب ردهم الى طريق الدين القويم بادوات
السياسة، مع ان جريمتهم ليست سياسية
اصلا. هل هناك حاضنة
لاستـنبات الاستـبداد اكثر ملاءمة من
هـذه الحاضـنة، التي ترفض الاقرار بان
الإنسان ذات حـرة وتتـعين بحريتـها،
وبأنه مواطن في دولة تقوم على احـترام
حـقوقه كانـسان (حريتـه) وكمواطن (مشاركـته
في تقـرير الشأن العام)، فليس مـن
الجـائز إلحـاقه بأي شيء عـداه أو
خـارجـه، ولا بد من بناء نظام الدولة
والمجتمع على خاصتيه هاتين اللتن لا
يستطيع ممارسة إيمانه بدونهما. تلقيت قبل أسابيع
رسالة احتجاجية من صديق إسلامي يستنكر
فيها انتقادي «جهـات اسلامـية تمارس
الكـذب طمـعا في السلطـة والجاه». هذا
الصديق اتهمني بمعاداة الاسلام
والثـقافة العربيـة الاسـلامـية،
وذكـرني بان هذا يغـير مواقفـي
الوديـة مـن المسلمـين والدين الحنـيف.
هـنا، في قـول صديـقي، تكمن جذور
الاستبداد المحتمل الذي قد تواجهه
سوريا المستقبل، إن اصرت بعض الاخويات
الإسلامية على مماهاة موقفـها مع
الدين، واعتبرت اي نقد موجه إليها نقدا
له وللثقافة العربيـة الإسلامـية، مع
أن الاخيرة لم تكن من صنع المسلمين
وحدهم، بل شارك فيها ابناء اديان اخـرى
نعموا بسماحة الإسلام وسعة صدره. وقد
سألت الصديق في ردي: أي حرية ستبقى لنقد
مواقفكم، إن كنتم تعتبرونها الإسلام
والثقافة العربيـة الاسلامية؟ وهل
سنخرج حقا من الاستبداد إن تمتعت
آراؤكم بقدسية تجـعلها عصية على الخطأ
؟ وماذا يـبقى في هذه الحال من السياسة
كتدبير بشري حمال أوجه، تمليه معايير
وقواعد وخبرات طورها بشر مفعـمون
بالعـيوب، لـيس من اجل ان يضفوا
العصـمة على اقوالهـم وأفعالهـم، بل
ليتعلم من يمارسونها كيف يديـرون
بادنى حد من الأخطاء تناقضات الواقـع
التي لا مهرب من وجودها، ويقلـلون
أخطاءهـم ويتعـاملون مــع الدنـيا
باعتبارها موضوع فاعلية إنسانية مفعمة
بالنواقص والعثرات، يستحيل أن تبلـغ
الكمال، لسـبب بسـيط هو أنها فاعلية
بشرية محكومة بظروف متبدلة ومتناقضة. لا داعـي للـقول إن
هذا الموقـف يحـول الدين إلى مذهب ضيق
خاص بهؤلاء، وينقله من مجاله الروحي
إلى مجال أيديولوجي يسوغ نزعة طائفية
قد تتبناها أغلبية تواجه «أقليات «إسلامية
وغـير إسلاميـة، تترجم نفسها بصور شتى
الى عراك مذهبي وطائفي ، تحول بين هذه
الأغلبية وبين رؤية نفسها ككـتلة
وطنية لا بد ان تتبنى مطالب ديموقراطية
تواجـه بها الاستبداد، علما بان
طائفيتها المعاكسة تنجب استبـدادا لا
يحول ولا يزول، ينتـجه نظام
الانتـخابات الحـرة الذي كفل لها
التفوق العددي في البرلمان وتشكيل
حكومات منتخبة من «الشعب»، تسوق
كحكومة تعبر عن ديموقراطية تمثيلية
تسـتند إلى إرادة الناخبين، يصعب
اعتــبارها ظاهريا من الاستبداد. نحـن هـنا في مواجـهة
نموذج منـتج للاستبـداد يبدأ بتحـويل
الدين إلى فكر سيـاسي يستـخرج خياراته
منه ، لا يلبث التمييز ان يتسلل إلى
مواقـفه، لأنــه يعرف الإنسـان كمؤمن،
اي كـتابع للدين الذي ينتمي هو إليه،
لذلك نـراه يحـول فـكره الدينــي إلى
مذهبــية تضيق إلى أن تصير طائفـية يتم
انطـلاقا منـها انتـاج نظـام سـياسي
يــسمى كذبا اسلاميا، رغم تعارض
الإسلام كدين سماوي مع الطائفـية
والمذهبية، ورحابته الإنسانية
القائمة على استخلاف الإنسان في الأرض.
هل يغير شـيئا من الأمر أن الاستبداد
يقوم هنا على الأغلبية الـعددية،
الـتي تتحول إلى طائفة سياسيـة ذات
ارضيـة مذهبـية فئوية ما دون مجتمعية،
شأنها في ذلك شأن الاستبداد الذي أنكر
المواطنة كمبدأ، واستند إلى طائفة هي
أيضا تكوين ما دون مجتمعي؟ ألا نكون
على حق إن نحن تخوفنا من تخلصنا من
استبداد أقلية تمسك بالسلطة، او سلطة
تستند إلى أقلية، فوقعنا في استبداد
اغلبية تمتلك حكومة برلمانية تنتخب
على أرضية مذهبية تضمن بقاءها في
السلطة ما دامت قادرة على إدارة صراعات
طائفية في دولة يستحيل أن تكون
ديموقراطية؟ ======================== الاقتصاد
الأردني والأزمات والأزمة السورية سلامة الدرعاوي الرأي الاردنية 27-1-2013 لم يعتد الاقنصاد
الاردني على اي فترة هدوء في محيطه،
فالاقليم غير مستقر منذ سنوات طويلة،
ورغم كل الصعاب، فانه تجاوز كل تداعيات
الأزمات الخارجية بكل مرونة. الخروج من نفق
الأزمات الخارجية كان بفضل أسباب عدة،
أهمها المساعدات الخارجية
الاستثنائية التي كان يتلقاها من
الاصدقاء والتي ساهمت بتحقيق نوع من
الاستقرار للاقتصاد الوطني. بعد أزمة الخليج
الاولى والحصار الذي فرضه المجتمع
الدولي على العراق كانت المنحة
النفطية التفضيلية من بغداد الاثر
الايجابي الكبير في استقرار الموازنة،
وبعد عام 2003 تحولت الى منح نفطية من
السعودية الكويت عوضتا النفط العراقي
التفضيلي، بعدها استبدلت بمعونات
مالية من دول الخليج والولايات
المتحدة الامريكية. مجموع ما تلقاه
الاردن من مساعدات في السنوات العشر
الماضية يزيد عن ثمانية مليار دولار،
وهي أراقام كبيرة بالنسبة لاقتصاد
صغير مثل الاردن، وأهمية هذه
المساعدات انها ساهمت بتعويض الخزينة
التراجع الهائل في ايرادتها نتيجة
الركود الذي أصاب قطاعات مهمة مثل
السياحة والاستثمار والحوالات، وكلها
بسبب مؤثرات خارجية . صحيح ان الاقتصاد
الاردني نجا من تداعيات الازمات
الخارجية على اقتصاده الصغير ، لكن
الوضع مختلف مع الازمة السورية لعدة
أسباب ، أهمها ان تشابك الوضع الدولي
تجاه الأزمة السورية وعدم حسم الخيارت
هناك، وهذا يعني ببساطة ان استمرارية
الأزمة لفترات طويلة لم يعتد عليها
الاقتصاد الوطني . تاثير الأزمة
السورية على الاقتصاد سيطال انشطة
القطاع الخاص الذي يصدر سنويا الى
سوريا ما يزيد عن 225 مليون دينار من
مختلف البضائع ، ناهيك من تراجع حركة
العديد من القطاعات المرتبطة بالنشاط
التجاري مع سوريا. التحدي الاكبر هو في
كلف استقبال اللاجئين السورين الذي
يزيد عددهم عن 180 الف لاجئ منهم 65 الف
لاجئ في مخيم الزعتري ، ورغم ان
الدراسات الاولية تشير الى ان كلفة
استضافتهم تقترب من ال300 مليون دولار
سنويا الا انها مرشحة للتضاعف على ضوء
النمو الهائل في اعداد اللاجئين الذي
يدخلون يوميا للاردن ، فخلال ال24 ساعة
الماضية دخل الى اراضي المملكة اكثر من
6400 لاجئ جديد . هذه الاعداد لا يمكن
باي حال من الاحوال على اقتصاد مثل
الاقتصاد الاردني القابع تحت مآسي
الدين المرتفع والعجز المالي المزمن
ان يقدر على تلبية انفاقها دون مساعدات
دولية كافية تشارك الاردن مسؤولياته
تجاه الوضع الانساني المعقد للاجئين
السورين . لم يعد المجتمع
الدولي يسارع في تقديم المساعدات
للاردن جراء تداعيات الازمات الخارجية
عليه كما كانت في السابق، لعل البعض
بدا يفسر التدرج في منح بعض المساعدات
الى شكل جديد من الضغوطات السياسية على
المملكة، واخرون يفسرونها بأنها تقاعس
متعمد من المجتمع الدولي تجاه سوريا
لعدم وجود موقف موحد مما يدور هناك ،
وفي المحصلة يبقى الاردن يتستقبل آلاف
الاجئين السورين ويقدم لهم المساعدات
ويتحمل اعباءهم الاقتصادية والمجتمع
الدولي يتفرج على المشهد ويندد
اعلاميا فقط. ======================== سوريا..
الحل السياسي هو الممكن الوحيد ابراهيم العبسي الرأي الاردنية 27-1-2013 لم يعد معقولا كل هذا
الخراب والدمار والموت الذي يبسط ظله
الاسود على سوريا. ولم يعد مقبولا كل
هذا الاصرار على الاستمرار في هذه
الحرب الطاحنة التي تحصد الاخضر
واليابس وتدفع مئات الالوف بل
الملايين من المواطنين الى ترك مدنهم
وقراهم وبيوتهم والفرار الى البلدان
المجاورة بحثا عن ملجأ اّمن ولقمة عيش
لم تعد موجودة في هذا البلد العربي
الكبير الذي لم يعرف الفاقة يوما. فبعد 22 شهرا من
القتال الضاري بين قوات النظام من جهة
ومجموعات المعارضة الخارجية المسلحة
تبين للمجتمع الدولي وشعوب العالم بان
طرفا من اطراف النزاع لا يمكنه ان
ينتصر في هذه الحرب. فلماذا الاستمرار
في هذه المحرقة الرهيبة؟ ولصالح من؟ لقد اعترفت منظمة
الامم المتحدة على لسان امينها العام
بان كي مون قبل يومين بان الحل السياسي
وجلوس اطراف النزاع الى طاولة الحوار
هو الحل الوحيد لهذه الماساة المروعة ،
كما صرح اكثر من مسؤول وطرف دولي خصوصا
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير
خارجيته سيرجي لافروف وكذلك المبعوث
الاممي الاخضر الابراهيمي والامين
العام لجامعة الدول العربية نبيل
العربي بان مثل هذاالحل ( السياسي ) هو
المخرج الوحيد للازمة السورية، وان لا
مخرج غيره. بعد
ان وصل القتال في سوريا الى ما يشبه
العبث الدموي الذي ينعكس على الشعب
السوري وعلى سوريا الدولة والوطن
بافدح العواقب واخطرها الا وهو نشر
الخراب المخيف على اديم الارض السورية
الخضراء ابدا وهجرة السوريين وتشتتهم
في جهات العالم الاربع ومن ثم تدخل
جهات خارجية لتقسيم وتفتيت هذا البلد
الى دويلات وكانتونات متحاربة
ومتناحرة كما تحلم بذلك اسرائيل. وهذا ما يفسر عدم
اهتمام القوى الخارجية بما يحدث في
سوريا وما يمكن ان تؤول اليه احوال هذا
البلد المستباح بالعنف والدم حتى
النخاع من اقصاه الى اقصاه. لقد خرجت المعارضة
الى الشوارع في المدن والارياف
السورية في بداية الازمة تطالب
بالاصلاحات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وبضرورة الاخذ بالنهج
الديمقراطي في سوريا وترسيخ مبادئ
الحرية والعدالة والمساواة وحقوق
الانسان، وهذا ما يمكن التوصل اليه على
طاولة الحوار وتضمنه بعض الاطراف
الدولية ذات النوايا الحسنة، فلماذا
الاستمرار في اراقة الدماء ما دام ذلك
متاحا، علما بان الاصرار على الحل
العسكري واسقاط النظام السوري لم يعد
واردا على الاطلاق بعد كل هذا الدمار
والخراب المخيف الذي ينتشر بسرعة
الريح في سوريا. ان الشعب السوري هو
الخاسر الوحيد في هذه المأساة المروعة
والذي يجب ان تكون له الكلمة العليا في
تقرير مصيره واسلوب تقرير هذا المصير
بدلا من الموت الذي يلاحقه ليل نهار
وبدلا من هذا الفرار الذي يأخذه بعيدا
عن بيته ووطنه ليسكن الخيام ويقتات على
الفتات ويتجرع الذل والمهانة فيما كان
يعيش في امن وسلام وطمانينة و»راحة بال»
متوحدا مع الارض التي لم تبخل عليه
بعطائها يوما مثلما لم يبخل عليها هو
بعرقه وكده وعشقه وتقديسه لترابها .
ليمتثل الجميع اذن لمشيئة الشعب
السوري وليتوقف هذا السيل من الدم
وليجلس الطرفان الى طاولة الحوار
للتوصل الى حل سلمي للازمة بعد ان ثبت
بالتجربة والدم ان الحل العسكري لم يعد
ممكنا . ======================== واشنطن
تراقب استنزاف خصومها في سورية خالد الدخيل * الأحد ٢٧
يناير ٢٠١٣ الحياة يدرك أي مراقب أن زمن
دولة الأسد في سورية انتهى. قد يطول أو
يقصر زمن النهاية، وكلف السوريين
كثيراً حتى الآن، لكن بشار الأسد لم
يعد خياراً لكل الأطراف المعنية
بالأزمة، ما عدا - ربما - إيران. في
الداخل ومع كل هذا الدمار الذي أوقعته
قوات النظام في أغلب المدن السورية،
ومع كل الدماء التي سالت ولا تزال تسيل
على التراب السوري، وعدد النازحين
الذي يتصاعد في شكل يومي، يصعب القول
أن أكثر من بعض الطائفة العلوية،
وبعضاً من أبناء الأقليات الأخرى، يقف
إلى جانب النظام. كل المظاهر الخارجية
التي توحي بأن بشار يحظى ببعض الدعم،
ما هي إلا أمر مفروض بالقوة على
الجميع، وأن أي خيار آخر سيكون مكلفاً
لمن يقدم عليه، ونائب الرئيس، فاروق
الشرع، وما انتهى إليه، شاهد على ذلك!
تحوّل الشرع الذي كان من أخلص حلفاء
النظام إلى عبء سياسي عليه، فلا النظام
يستطيع تصفيته في الظروف الحالية، ولا
يسمح له بالخروج حتى من بيته من دون
مرافق. رفيق الأسد الأب أصبح رهينة
الأسد الابن، ولذلك يمكن القول أن نصف
الشعب السوري، على أقل تقدير، يريد
رحيل النظام، ورحيل الأسد تحديداً بأي
ثمن. وهذا واضح من ثلاثة مؤشرات: أولاً:
حجم المعارضة العسكرية التي تستنزف
النظام عسكرياً، وثانياً: أن المعارضة
السياسية في الداخل، وتحديداً الهيئة
الوطنية للتنسيق، لا ترى حلاً من دون
سقوط النظام، وثالثاً: أن المدنيين،
وعلى عكس ما كانت عليه الحال في بداية
الثورة، خرجوا، بل أخرجتهم دوامة
الأحداث من الأزمة، والأرجح أن أغلبية
هؤلاء على الأقل باتت تدرك أن الحل
الأمني الذي اختاره النظام أصبح
مكلفاً للجميع، وعلى كل المستويات
البشرية والاقتصادية والسياسية، بل
وكشف هذا الحلّ عن بشاعة الطبيعة
الدموية للنظام، وأنها لن تقود في
الأخير إلا إلى مزيد من الدماء والدمار
للجميع. على الجبهة
الخارجية، فقد نظام بشار شرعيته
ووظيفته إقليمياً ودولياً، وهذا واضح
من عدد الدول العربية والإسلامية
والأجنبية التي إما طالبت برحيل
الأسد، أو أصبحت لا ترى أي مبرر شرعي أو
سياسي لبقائه في الحكم! بعبارة أخرى،
أضحى بشار بعدم قدرته على اجتراح حل
سياسي للأزمة، ولجوئه منذ بداية
الثورة إلى حل أمني دموي، مع إصراره
عليه، عبئاً على الجميع. وحتى روسيا بمواقفها
المعلنة، والمتناقضة أحياناً، تريد أن
توحي أنها ليست مع بشار، لكنها ليست مع
خيار إسقاطه عسكرياً من دون تفاوض، وهي
تنطلق في ذلك من أن خيار الإسقاط مكلف،
وسيطول أمده، فالنواة العلوية الصلبة
في المؤسسة الأمنية لا تزال مع الرئيس،
ومدعومة من إيران، وأنها ذاهبة في
الدفاع عن النظام إلى أبعد حدّ. في
الوقت نفسه، تدرك موسكو أيضاً أن
اعتماد بشار على هذه النواة، وعلى
إيران الشيعية، ومعها «حزب الله»،
يؤكد الطبيعة الطائفية لنظامه
ولتحالفاته الداخلية والإقليمية،
الأمر الذي سيضاعف من عزلة النظام في
الداخل، وبالتالي يغذي المقاومة ضده،
وهنا تبدو عناصر التوازن على الأرض،
والتي أدخلت الأزمة في حال جمود مدمر..
قدرة عسكرية للنظام مدعومة من إيران،
ولكنها تفتقد إلى قاعدة شعبية في
الداخل، ومقاومة في الداخل تفتقد
لقدرة الحسم العسكري، لكنها تتمتع
بتأييد من الداخل والخارج، وهذا
تحديداً مؤشر إلى أن مستقبل النظام
أضحى خلفه، ولم يعد يملك ما يعتمد عليه
إلا إيران. وصول الأزمة إلى هذا
المنعطف يعطي الموقفين الأميركي
والروسي دور الحسم، أضف إلى ذلك الموقف
العربي المأزوم، والذي عبّر عنه وزير
الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل
الأسبوع الماضي، عندما قال أن «العرب
في مأزق أمام الحالة السورية». في
العمق تدرك موسكو أن بقاء الأسد لم يعد
في النهاية خياراً يمكن المراهنة
عليه، لكنها لا تريد أن تقدم موقفاً
مجانياً، ومن دون مفاوضات. تدرك أن
سقوط الأسد يمثل خسائر كبيرة لها في
المنطقة، وهي تحاول الحد من ذلك، وتعرف
أن الغرب عزّز مواقعه في المغرب العربي
بعد سقوط القذافي، والآن من خلال
التدخل الفرنسي في مالي، ولذلك فإن
سقوط الأسد من دون ترتيبات معها سيترتب
عليه خروج روسيا من المشرق. وإلى جانب
ذلك تخشى موسكو من تداعيات سقوط النظام
السوري على إيران، ومن ثمّ على جوارها،
فيما يشبه عملية «الدومينو»، وهذا قد
يعزز من التعاون الروسي الإيراني. لكن
صورة إيران بعد سقوط الأسد، مضافاً
إليها عزلتها الإقليمية والدولية، لا
تبدو مغرية كثيراً. من ناحيتها، لا
يمكن لطهران تجاهل حقيقة أن مرحلة بشار
تقترب من نهايتها، فلماذا إذاًَ تحاول
بمواقفها المعلنة التأكيد على دعمها
لبشار، وأنها تعتبره خطاً أحمر؟ لا
تعكس هذه المواقف بالضرورة تجاهلاً
للواقع، بقدر ما هي محاولة لوضع ورقة
تفاوضية على الطاولة. لا شك في أن طهران
تتمنى بقاء الأسد، وهي مستعدة لدفع ثمن
تحقيق ذلك، لكن واقع الأزمة وتطورات
الأحداث لا تسير في هذا الاتجاه. ماذا عن الموقف
الأميركي؟ يبدو أن وزير الخارجية
القادم، جون كيري، يستشعر حقيقة
الموقف الروسي، ففي جلسة الاستماع
لتثبيت ترشيحه في مجلس الشيوخ قال: «إن
بشار الأسد يعتقد أنه لا يخسر،
والمعارضة تعتقد أنها تكسب... لكن لديه
مجرد أمل حيال تحول الموقف الروسي...
لأنه الطريق الأسهل لتغيير حسابات
بشار الأسد». المفارقة أن الموقف
الأميركي ليس مأزوماً بالدرجة التي
عليها المواقف الأخرى. لا تبدو واشنطن
في عجلة من أمرها، فخصومها الروس
والإيرانيون يستنزفون أنفسهم في
الأزمة السورية، من دون أن تدفع هي أي
ثمن لتحقيق ذلك. عين واشنطن في سورية
ليست في الحقيقة على دمشق، وإنما على
طهران، فلم تعد سورية كما كانت عليه في
القرن الماضي، وموقف واشنطن واضح حتى
الآن: رحيل الأسد، ومنع إيران من
امتلاك سلاح نووي، وبعد ذلك هي مستعدة
للتفاوض مع طهران على كل شيء كما يبدو،
وهنا يظهر مأزق الجمهورية الإسلامية
في أن عليها التخلي عن بشار، بحكم
الظروف، والتخلي عن السلاح النووي
للتفاهم مع الأميركيين. هل تستطيع ذلك؟
يخشى الأميركيون من انهيار الدولة في
سورية، وذلك سيكلفهم كثيراً، لأن
سورية على حدود إسرائيل، وبالتالي لا
يمكنهم عدم التدخل في هذه الحالة، مع
ما يحمله ذلك من أكلاف مالية وعسكرية
وسياسية، ولذلك فهم لا يملكون في الوقت
الراهن إلا عدم فعل أي شيء قد يدفع
الأمور في اتجاه انهيار الدولة
السورية. الغريب أن العرب، الطرف
المعني أكثر من غيره، عامل رئيس في
وصول الأزمة السورية إلى ما وصلت إليه،
وقبل سورية، فشل العرب في فلسطين، كما
في العراق. الأزمة السورية لعنة عربية
أخرى! ======================== عبدالله إسكندر الأحد ٢٧
يناير ٢٠١٣ الحياة أمر جيد ان تكتشف
الامم المتحدة، بكل مؤسساتها وهيئاتها
ومندوبيها، حجم المأساة الانسانية
والكارثة البشرية والخسائر
الاقتصادية في سورية. لكن ان يأتي هذا
الكشف بعد عامين من الحملة العسكرية
على الشعب السوري، واستخدام كل انواع
الاسلحة الثقيلة، فذلك ما يدعو الى
التساؤل. ألم يسمع مسؤولو
المنظمة الدولية نداءات الاستغاثة من
الشعب السوري الذي وجد نفسه فجأة تحت
انقاض منازله وبعيداً من مصادر رزقه في
المدن والقرى؟ ألم يصدّق هؤلاء
المسؤولون بيانات لجان الثورة
وهيئاتها والمعارضة حول حجم الخراب
الذي حل بالبلاد منذ الاسابيع الاولى
للحل العسكري؟ ألم يتلقوا رسائل
التحذير من دول لجوء السوريين، خصوصاً
لبنان والأردن وتركيا، والتي تعكس حجم
الكارثة في الداخل، هذه الكارثة التي
تنعكس مزيداً من اللاجئين والفارين من
جحيم الموت؟ لقد كان واضحاً منذ
الطلقات الاولى في الازمة السورية أن
حجم الكارثة سيبلغ ما لا يمكن تصوره،
وكان متوقعاً هذا الكم الهائل من القتل
والتهجير ومن الدمار والخراب، ولكن
اقتضى عامان وزيارات لامتناهية
وتقارير وتكاليف ادارية لا حصر لها
لاكتشاف ما كان معروفاً منذ الايام
الاولى للحل العسكري. وكان يمكن الأمم
المتحدة أن توفر كل ذلك لو أن ثمة ارادة
سياسية لدى اصحاب القرار الدولي لفرض
الحل الذي كان حفظ للشعب السوري حقوقه
ووفر عليه الكوارث والمآسي ولدولته
استمرارها ووحدتها. امر جيد ان تسعى
الامم المتحدة حاليا الى عقد مؤتمرات
واجتماعات لجمع الاموال لمساعدة الشعب
السوري المنكوب داخل بلده وفي مخيمات
اللجوء خارجها. لكن، حتى لو افترضنا
انها استطاعت ان تؤمن بعضاً من الدعم
وان ترفع بعضاً من المعاناة، فإن سيل
الدمار والخراب والقتل واللجوء لن
ينقطع. فاستمرار الحل العسكري يعني
استمرار الكارثة ذاتها. لذلك سيكون من الاجدى
ان تعمل الامم المتحدة، ومعها اصحاب
القرار الدولي على وقف الحل العسكري
الذي وحده يوقف النزيف البشري والمادي. مرة اخرى، سيتوجه
الموفد المشترك الاخضر الابراهيمي الى
اعضاء مجلس الامن في 29 الشهر، على امل
ان يصل المجلس الى قرار موحد. لكن كل
مقدمات الاجتماع، من الموقف الرسمي
السوري من الابراهيمي شخصياً وآرائه
في الحل، مروراً باللقاءات الاميركية-الروسية
الفاشلة، وصولاً الى اعتبار ايران ان
استمرار النظام مسألة حياة او موت
بالنسبة اليها، كل هذه المقدمات تجعل
سقف التوقعات في شأن ان تقوم الامم
المتحدة بوظيفتها منخفضاً جداً. ما يعزز مثل هذا
التوقع، أن الحجة الروسية في شأن وقوع
سورية في ايدي المتطرفين الاسلاميين
بدأت تجد صدى لدى الدول الغربية. هذا
الصدى الذي عكسه سابقا قرار الادارة
الاميركية وضع «جبهة النصرة» على «لائحة
الارهاب»، ومن ثم التصريحات الغربية
عن خشية ان تستولي التنظيمات المتشددة
في سورية على اسلحة متطورة، ومنها
السلاح الكيماوي، ومن ثم تصريحات في
منطقتنا بدأت تتحدث عن «طالبان» في
سورية. وفي الوقت الذي لم
تتمكن المعارضة المسلحة السورية من
احراز تقدم يدخل تعديلاً جوهرياً على
ميزان القوى على الارض، وفي الوقت الذي
لا تزال المعارضة السياسية عاجزة عن
تقديم البديل ذي الصدقية، سيكون امام
هيئات الامم المتحدة مهمة تعداد مزيد
من البيوت المدمرة والزراعات المخربة،
وتعداد مزيد من القتلى والمعتقلين
ومزيد من الهاربين واللاجئين الذين
سيكون تأمين الحد الادنى من مقومات
الحياة لهم مناسبة جديدة لارسال بعثات
الاستطلاع والشكوى من قلة الدعم
المطلوب. لعل هذه الشكوى تريح الضمائر
التي تتظاهر بالعذاب. ======================== التخبط
في مواقف الدول الداعمة للمعارضة
السورية عامل محفز
للنظام وللاندفاع الروسي - الايراني روزانا بومنصف 2013-01-27 النهار شكل النقد الذاتي
الذي وجهه المتحدثون في مؤتمر دافوس من
كبار المسؤولين ورؤساء حكومات ووزراء
خارجية وصولاً الى الامين العام للامم
المتحدة بان كي مون لفشل المجتمع
الدولي في انهاء الازمة السورية
ونقلها في اتجاه حكومة انتقالية جديدة
بديلة من حكم الرئيس بشار الاسد أحد
ابرز العوامل المحفزة والمشجعة للنظام
وداعميه على الدفع قدما في الأساليب
المعتمدة حتى الآن أكان ذلك عبر
المواقف المعلنة من جانب ايران او تلك
المعلنة من جانب روسيا او حتى من جانب
النظام نفسه مع تسعير هجمات قواته على
المدن السورية. فاضطرار
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس
الى الاقرار قبل ايام قليلة بانه ليس
مرجحاً ان حكم الاسد سينتهي قريباً وفق
ما كانت التوقعات الفرنسية قبل اسابيع
قليلة، هو احد العوامل المشجعة في هذا
الاطار، والذي يمكن رصد رد الفعل عليه
من حلفاء للنظام في لبنان يرحبون
باقرار فرنسا بسقوط رهاناتها ومعها
ايضاً الدول الغربية التي تعتمد
الموقف الفرنسي. ويسري الأمر نفسه على
تقويم الشهادة
التي تقدم بها وزير الخارجية الاميركي
المعين جون كيري أمام لجنة العلاقات
الخارجية في الكونغرس قبل نيله
التصديق على تعيينه الاسبوع المقبل،
وقد تحدث فيها عن انتهاء النظام السوري
بناء على اسئلة الحضور وعلى نحو غامض
ومن دون رؤية مستقبلية واضحة على عكس
ما فعل بالنسبة الى الموقف من ايران،
معلناً انه في انتظار اقناع الروس
الذين يراهنون وفق متصلين بمسؤوليهم
على جر الاميركيين في اتجاههم في
الموضوع السوري كما في ادخال ايران من
ضمن بازار البحث عن تسوية للازمة
السورية وليس استبعادها، بدلا من حصول
العكس اي الرهان الاميركي على اقناع
الروس بتغيير اقتناعاتهم ازاء قابلية
النظام للبقاء والاستمرار. وتخشى مصادر
ديبلوماسية ان تكون هناك جوانب عدة
باتت تعبر عن تخبط الجهات الدولية
الداعمة للمعارضة من بينها ان الخلاف
لا يقتصر على الخلاف الروسي الاميركي
حول طبيعة مقاربة الحل السوري، بل ان
الخلافات تعصف بين الافرقاء الداعمين
للمعارضة اكانوا عرباً واقليميين ام
غربيين لا يخفي بعضهم انزعاجاً من
تباطوء اميركي، نتيجة اعتبارات
اميركية داخلية في الدرجة الاولى،
يتردد انه جعل الدول الداعمة للمعارضة
في موقف دفاعي في مقابل الاندفاع
الروسي اليومي او شبه اليومي الذي يعبر
عن انخراط متواصل في الموضوع السوري.
وكذلك الحال بالنسبة الى ايران التي
تعبر على طريقتها عن انخراطها المصيري
والعملاني الى جانب النظام على نحو
يسمح بتعزيز الاوراق الموجودة لديها،
وتاليا تعزيز المواقع التفاوضية لاحقا.
كما تخشى المصادر المعنية يأساً
مبكراً حيال خطوات متعددة يمكن
اتخاذها ولم يستنفذ خيارها بعد ولكنها
لا توظف على النحو الصحيح. وتعطي
مثالاً على ذلك جملة امور من بينها عدم
تفعيل الاعتراف الدولي بالائتلاف
الوطني السوري ممثلاً شرعياً وحيداً
للشعب السوري. فالثغر التي تثار في
موضوع شمولية المعارضة وقدرتها على
الاتفاق تعرقل التقدم على هذا الصعيد
في حين ان توالي الاعترافات الدولية
كان يجب ان يؤدي الى تحقيق تقدم هائل
على طريق دعم المعارضة. وهو الامر الذي
لم يحصل حتى الآن لا عربياً ولا
غربياً، كما ان المعارضة السورية لا
تساعد نفسها وفق ما يجب. كما تدرج المصادر من
بين هذه الاعتبارات الطلب الذي قدمته 57
دولة الى مجلس الامن من اجل احالة
الجرائم السورية على المحكمة الجنائية
الدولية. وهذا الطلب قدم الى مجلس
الامن كون سوريا ليست موقعة على
المحكمة ولم توافق عليها ووحده مجلس
الامن قادر على ذلك. الا ان روسيا تصدت
فوراً للموضوع رافضة البحث فيه مما يضع
حداً له، الاّ ان الدفع به اعلامياً
وسياسياً على طريق مسار طويل يمكن
توظيفه لهذه الغاية، ويعتقد البعض انه
قد يساعد في ارغام النظام على القبول
بحلول او يساعد في فك الارتباطات من
حوله في حال قيام تسوية يمكن ان تنقذه
من المحاكمة في حين لا يسري ذلك على
المحيطين به الذين يمكن ان يخشوا
ملاحقة دولية بالاصالة عن انفسهم
وبالنيابة عن النظام. وتقول مصادر
ديبلوماسية معنية ان هناك خلافات
كثيرة لا تقتصر على الروس وحدهم تمنع
الدفع بطلب المحاكمة والضغط من خلاله،
علماً انه لا يستهدف النظام السوري
فحسب، بل يستهدف كل مرتكبي الجرائم في
الجهتين. فاصحاب الرأي بوجوب
الاستفادة من هذا العامل يقولون ان
منطلق طرح الموضوع هو انه من دون عدالة
لا يمكن الوصول الى سلام دائم او الى
تعايش دائم بين مختلف الطوائف
والافرقاء، وانه يجب توجيه رسالة دعم
الى الشعب السوري مفادها ان هناك من
يفكر فيه على الصعيد الدولي وفي
الخسارة التي يعانيها يوميا، وانه لن
يترك ذلك من دون حساب. اذ ان غياب
المحاسبة في الجرائم التي ارتكبت يترك
الجرح كبيراً ومفتوحاً ويمنع المصالحة
الصحيحة. فضلا عن ان الدفع بهذا
الموضوع يشكل تحذيراً جدياً الى كل
المسؤولين عما يحصل راهنا في سوريا على
قاعدة الحذر من تبعات ما يقومون به،
اضافة الى انه يعود الى مجلس الامن
تقرير ما اذا كان مناسبا توجيه رسالة
عبر دعم هذا الطلب ام لا، علماً ان
الدول الموقعة على تقديم الطلب لم تدفع
قدماً في اتجاهه او تقوم بحملات سياسية
او اعلامية دعماً له آخذة في الاعتبار
على ما يبدو جملة اعتبارات من بينها
عدم وجود توافق بين فكرة السلام
والعدالة والتزامن بينهما، اضافة الى
حسابات ومصالح لدول عدة في المنطقة
وعلى صعد مختلفة. الاّ ان مصادر
ديبلوماسية اخرى تقول ان الطلب موضوعي
من حيث المبدأ لكن يصعب اعتماده ولو
على سبيل الضغط كونه يشمل الجرائم
المرتكبة من الجانبين السوريين. وفي
هذه النقطة لا يمكن مساواة الضحية التي
اضطرت للرد عن نفسها او دفاعاً عن
عائلاتها بما قام به النظام منذ بدء
الازمة دافعاً في اتجاه حرب اهلية
وطائفية. وهناك آراء بوجوب ملاحقة
الرئيس السوري، الاّ ان دولاً كثيرة لا
ترغب في سلوك طريق ليبيا حتى في موضوع
ملاحقة الاسد كمعمر القذافي. وهو الامر
الذي يظهر بالنسبة الى هذه المصادر ان
هناك ارادة في اتخاذ اجراءات تساعد في
انهاء الازمة، الا ان الكثير منها
يصطدم بحسابات ومصالح ومقاربات مختلفة
حتى الآن على الاقل. ======================== دارا عبدالله ـ
دمشق المستقبل 27-1-2013 (إلى "محمد ديبو"
يوم انتظرتني بقلقٍ في ساحة "باب توما"،
حتى تأكَّدت أنَّه ليس كميناً، هكذا
يلتقي السوريون أوَّل مرّة). ذاكرة دمشق سوداء ميَّتة
كمريض سرطانٍ يموتُ ببطءٍ مدروس،
وجوهٌ شاحبةٌ وعيونٌ قلقة. المدنُ
أجساد، والهجرة مرضها الفتاك. اليوم،
في التاكسي رجلٌ مسنٌّ اشتعلَ رأسه
بالشيب، جفونه بالكاد تسمح بدخول
الأشعة إلى عينيه، وبينما كان المذيع
في محطَّة "شام أف إم" يتحدث عن
"جثث مجهولةٍ لإرهابيين" بصوت
عادي كأنَّه يتحدَّث عن إطاراتٍ
محروقة، قال السائق كمن يعرف أنّه في
نفقٍ معتمٍ بلا مخرج : " الذاكرة
جحيمٌ، ليتَنا نستطيع النسيان". ذاكرةُ الطفلِ
سابقةٌ لولادته، ستَّةُ أطفالٍ من
داريا، حصلوا على أوراقٍ بيضاء
وأقلامٍ ملوَّنة، الورقة البيضاء هي
كرسيُّ اعترافِ الكون، رسموا جثثاً
مقطعة وجنوداً مبتسمين، وكلمة "الله
أكبر". أطفالٌ شهدوا حروباً...
سيخوضون حروباً. جرذ خارج السجن الجرذان
تهربُ من البشر، داخل السجن البشرُ
يهربون من الجرذان. عصبيَّتك في مواجهة
لا مبالاة الجرذ، تتجرَّد بسبب
ممارستهِ لحياتهِ اليوميَّة. هدوءُ
الجرذ أكبرُ تحدٍّ لقلقك. "الانتفاضة
والكتابة" الغموضُ هو المسيطر.
أيُّ شيءٍ يخرجُ من الحدث السوري
يُنشرُ بلهفة. أهميَّة الحدث
سياسيَّاً تنقِذُ رداءة النص فنيَّاً.
نصوصٌ قليلة جداً تتحدَّث عمَّا يجري
بواقعيَّة وموضوعيَّة، من دونَ أحكامٍ
مُطلقةٍ وحتميَّة. يوصِفُ الصراع
بأنَّه تضاديُّ أزليُّ بينَ خيرٍ
مُطلق وشرّ مُطلق. التشويش على الصمت
السوري بالصراخ والتمزيق مشوِّه.
الواقع السوري مركّب ومتشابك وشائك،
ولا يحتمل توصيفات جوهريَّة مثل "الشعب
السوري العظيييييم" أو "لا خوف من
الموت". شهوةُ الانتقامِ
مُغريةٌ في اللغة وتثيرُ عدوى كتابة
مشابهة، هيجانُ النقمة يزيد حِدَّة
اللغة وحضور العصبِ الأهليِّ فيها.
لغةٌ تتحدث عن جوهر المعاناةِ بنبرةٍ
خفيضة مُثقلةٍ بالذنب، تعوِّض ما سبق
بكثافة عُمق الألم، لغةٌ كهذه تستطيعُ
النسيان والغفران، استخلاص علامات "المجد"
من ركام هذا الدمار، هو اقتحامٌ
لقدسيَّة وحدة المنكوبين، هو مسرحةُ
هذا الحزن العظيم أمام جمهورٍ همُّه
الاستمتاع فقط. أما الخطاب الفصيح
أمامَ مشاهد الموت، أي افتعالُ "المؤثِّرات
اللغويَّة"، فهو تفريغٌ لمشهد
الفظاعة من الألم، لا تملأوا هذا
الفراغ بجثث الكلام، ولا تشوِّهوا
عذريَّة مشهد الموت، الفصاحة كذّابة
دوماً. كاتبُ يدعو للحريَّة
ولكنَّه مازال سجين مزاج القارئ
الجائع للأساطير والبطولات، كاتبٌ
كهذا لا يستطيع أن يكتب إلا ما يريده
القارئ. الإنتفاضة هي حدثٌ
تاريخيّ متَّصل، ولها أسباب
ومسوِّغات، وليست لحظةً بطوليَّة
خارقةً منفصلة عن التاريخ. كثيرٌ من
التحليلات عاجزةٌ عن تفكيك الإشكال
الإيراني "من قاموا بالثورة ضِدَّ
حكم الشاه، الآن يحتجَّون ضدَّ حكم
الملالي"، أليست الثورة هي تغيُّر
علاقة الحاكم مع المحكوم؟! ديكتاتور ـ جماهير يرتاح الديكتاتور
إلى "الجماهير"، ارتياحُ النرجسي
إلى البليد. هل هنالك أجمل للقنَّاص من
الجثَّة الهامدةِ التي ينهالُ عليها
برصاصاته؟! حُروب "أبطال" الحروبِ
لا يخوضونها بأجسادهم، الضحايا
الحقيقيون ينساهم التاريخ كغبارٍ
منثور. الفكرةُ تنتقمُ ممَّن يمثِّلها. "بطولة" لا شيء يسخِّفُ
البطولة مثل تفاصيل الحياة اليوميَّة
التافهة في السّجن. وحدة قتيلٌ واحدٌ يصبحُ
نجماً، المئاتُ في المجازر الجماعيَّة
تضمحلُّ أسماؤُهم، الوحدة تدللُّ
ضحاياها. SMS رسالةُ الموبايل
كانَت الضوء الوحيد الذي يسطع في ظلمة
البيت، ستضمر عيوننا لقلِّة
الاستعمال، ظلامٌ خالٍ من
العتمة،حرمونا من مُتعِة العُتمة
بسفالة هذه الرسالة التي تقول "معركة
الحسم مستمرَّة، لا تهاون مع الإرهاب
واليد التي تمتدُّ إلى مقدرات الشعب
ستقطع. الجيش العربي السوري". هل يوجد تهديدٌ أكثر
عدميَّة من هذا؟ فيسبوك خصوصيَّاتك تفترسُ
عموميَّاتك، وعموميَّاتُك تفترسُ
خصوصيَّاتك. الجنس والحرب الحربُ هي احتكاكٌ
ميكانيكي بين الغاضبين، لترجمة رغبة
المجموع في أن يُصبح مُفرداً. الجنس
"بيولوجيَّاً" (أي الإنجاب) هو
تواطؤُ الانقسام لصُنع وحدةٍ جديدة. فيديو السكاكين الميِّت ميتٌ.
الفجيعة قدر الأحياء. لا تحزن على من
فُقِد، بل إحزن على الباقين لأنَّهم ما
زالوا "أحياءً" يشهَدون. كابوس الكابوس المتكرِّر
اليومي، رجلُ أمنٍ يلاحقُك. في الحلم
أنتَ تعرف أنَّك تحلم، رغم ذلك أنتَ
خائف، أنتَ خائفٌ من أن يكون هذا
الكابوس واقعاً لشخص آخر. ألم يكن
اعتقالك كابوساً لشخصٍ مجهول؟!
الكوابيس هي البرهان الوحيد على وجود
الجحيم. "دوار جنوبي" مُنغمساً في
التذكُّر، فاقداً التعلق بالتفاصيل،
في باص"دوَّار جنوبي" على
أوتوستراد المزّة في منحدر ساحة
الأمويين الخفيف، تتخيَّل رجلاً يشبهك
تماماً يسكُن رجلاً آخر يشبهك تماماً،
في أيّ رجلٍ منهما أنتَ تسكُن الآن. من
منهما يكتب هذا النص؟ تاريخ صفحاتُ التاريخ
الصارمة مشغولةٌ بالبطولات البرَّاقة
ولا تتذكَّر الإلتباسات الصغيرة. لا
يوجد أكثر مللاً من سلسلة "قصة
الحضارة". دوماً العبارات الشهيرة
بحاجةٍ إلى أحداثٍ كبيرةٍ حتى تُقال.
لا يتذكّر المرءُ على فراش الموت
سفالاته، بل يتذكّر ورقة شجر كان قد
داسها. والجنود السوريون العائدون من
المعارك لا يتحدَّثون عن الموت، بل
يتحدَّثون عن الطين ومشهد الغروب. ================= ما الذي
يقف وراء مستحيل لافروف؟ اسطنبول ـ عمر
كوش المستقبل 27-1-2013 تصريحات وزير
الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حول
استحالة رحيل بشار الأسد، يمكن أن تفهم
على أكثر من صعيد، حيث يمكن، أولاً،
إدراجها في سياق المفاوضات التي
تجريها الولايات المتحدة الأميركية
وروسيا بخصوص تفسيرات "اتفاق جنيف"،
وتصورات ساستها للحل في سوريا. ويمكن،
ثانياً، فهمها على أنها تعكس الرغبة
الروسية في بقاء الأسد ونظامه في
السلطة، من دون الاكتراث لمطالب
الثائرين ولدماء السوريين. كما يمكن أن
تفهم على أنها تدخل في سياق تصلب
الموقف الروسي، وعدائه للثورة السورية
ولسائر الثورات العربية. ولا شك في أن الوزير
لافروف يعي أن المستحيل في أكثر من لغة
إنسانية حيّة، يحمل معنى اللا ممكن
والممكن في الوقت نفسه، والاستحالة
تحمل أيضاً معنى التحول، إذ مع استمرار
نفاد الوقت أمام النظام سيستحيل
الموقف الروسي، أي سيتحول من حال إلى
حال، كما حصل من قبل لهذا الموقف في
أكثر من مناسبة، وحيال أكثر من أزمة
دولية، ولم يصب أصحاب الموقف المتحول
ومنهم السيد لافروف نفسه - بالحرج في
اللجوء إلى الحجج الواهية والكذب
المكشوف واللف والدوران، كي يبرروا
موقفهم الجديد. غير أن اللافت هو ان
السيد لافروف بات يتحدث في الشأن
السوري، وكأنه الناطق الرسمي باسم
النظام، وينسى أنه يتحدث باسم دولة "عظمى"،
بل، ويزاود على مقولات رموز النظام
وأزلامه، ويردد أكاذيبهم ويتخيل
مستحيلاتهم، فبالنسبة إليه كان من
المستحيل أن يتحرك سوريون مطالبين
بالكرامة والحرية، أو أن يجرأ أحدهم
منهم على كسر حاجز الخوف، الذي أسهم
أسلافه من الساسة في مساعدة النظام على
بنائه. وكان مستحيل أيضاً أن يصمدوا
طوال أكثر من اثنين وعشرين شهراً في
مواجهة الحرب الشاملة التي يشنها
النظام ضدهم، بالرغم من وحشية
الانتهاكات وتعدد المجازر والجرائم.
لكن الثوار السوريين سخروا من لافروف
ومن تصلبه الخشبي، وحولوا مستحيلاته
إلى ممكنات. وقد كشف تعامل الساسة
الروس وقادتهم مع الوضع في سوريا،
تركيبة العقل السياسي المتحكم فيهم،
وطبيعة النهج المخاتل الذي اتبعوه في
معاداة الثورة السورية، والدعم الهائل
للنظام السوري، قرين نظامهم وشبيهه في
النهج والممارسة والتوجهات. وكشف كذلك
حجم التورط والتورّم الذي أصابهم، كي
يحافظوا على نظام دخل في دائرة بركان
ثائر، لن تهدأ حممه إلا بإسقاط أصحاب
كافة رموزه ومكوناته. ولعل أي زائر لروسيا
سيكتشف فوراً أوجه التماثل بين النظام
الروسي والنظام السوري، إذ فور وصوله
الى المطار، سيفاجأ بنظرات رجال الأمن
المريبة نفسها حياله، والمعاملة
ذاتها، وطرق الرشوة، وغرف الأمن
السرية، وسوى ذلك. والأمر يعود إلى
سنوات مديدة من التعاون الأمني
الاستخباراتي ما بين روسيا ونظام
الأسد الأب ثم الابن، فضلاً عن التعاون
العسكري، والدعم والاسناد، وتبادل
المصالح ما بين المافيات الحاكمة في
البلدين. غير أن الأهم هو أن
العقلية السياسية المتحكمة بالساسة
الروس، لا تختلف كثيراً عن عقلية طغمة
النظام السوري، إذ الهاجس الأساسي
الذي يسكن أذهانهم هو البقاء في الحكم
إلى الأبد، لذلك تتشابه الممارسات،
وتختلف درجتها وشكليتها، من حيث ان
النظام الروسي دخل في لعبة
ديموقراطية، لا تحقق هدف الديموقراطية
في تداول السلطة، بل تدخلها في لعبة
تبادل الأدوار على كرسي الرئاسة
الروسية ورئاسة الوزراء بين كل من
فلاديمير بوتين وديمتري ميدفيديف، مع
بقاء الحزب الحاكم "روسيا الموحدة"
في السلطة إلى أجل غير محدد. واللاعب
الأساس هو الرئيس الروسي الحالي
فلاديمير بوتين، الذي دخل في هذه
اللعبة، نظراً لأن الدستور الروسي لا
يسمح له بثلاث ولايات متتالية. بينما
عملياً يمكن لبوتين أن يرشح نفسه من
جديد للانتخابات الرئاسية المقبلة في
عام 2018، وأن يبقى في السلطة حتى عام 2024. ويسوّق الساسة الروس
لعبة تبادل الأدوار، بتفضيل القيادة
الروسية الحاكمة الاستقرار على أي شيء
آخر، سواء كان ذلك في بلدها، أو في أي
بلد آخر، لذلك يجري تبرير فكرة مستحيل
لافروف، الذي يستند على مقولة استحالة
تغيير الأنظمة بالقوة، أو من الخارج،
لذلك يركن الروس إلى الاستثمار الذي
تقدمه تحالفاتهم وعلاقاتهم مع الأنظمة
العربية المتقادمة، بالرغم من
الإشارات الخجولة إلى مطالب الشعوب
المحقة. لكن الواقع هو أن دوافع
وحيثيات مستحيل لافروف، ترجع إلى أمور
عدة، منها تخوف روسيا من تأثر وضعها
الداخلي برياح التغيير الديموقراطي
التي تجتاح المنطقة العربية، ومن
إرهاصاتها على دول الاتحاد الروسي،
وعلى مستقبل دول آسيا الوسطى، وبخاصة
الدول الحليفة لها، مثل أذربيجان
وكازاخستان وطاجيكستان وبيلاروسيا. ويبدو أن عقلية
الساسة الروس جعلتهم يعتبرون أنفسهم
خاسرين، استراتيجياً واقتصادياً،
بسبب مواقفهم المشككة والمريبة من
التحولات التي أحدثتها الثورات
العربية في كل من تونس ومصر وليبيا
واليمن، وربطوا ما يجري في سوريا
بالتهديد المباشر الذي يأتيهم من نشر
رادارات الدرع الصاروخية في تركيا،
إضافة الى خوفهم من خسارة ما يتوفر
لأسطولهم البحري في ميناء طرطوس،
بوصفه الموقع الاستراتيجي المميز على
الشواطئ السورية، ما يُمكّنهم من
التواجد في مياه البحر الأبيض المتوسط.
وهنالك اعتقاد في الأوساط السياسية
الروسية، يفيد بأن حمايتهم للنظام
السوري، يمكن أن توفر حضوراً روسياً
قوياً في مختلف ملفات الشرق الأوسط،
وفي التسويات التي يمكن أن تحصل في
المستقبل بخصوص إيران وملفها النووي،
بل ويمكن أن يشكل سابقة يمكن البناء
عليها مع إيران والعراق ولبنان، ضمن
سياسة بناء حلف جديد في المنطقة، تكون
روسيا محوره الأساس والفاعل. كان الأجدى بالساسة
الروس أن يحسبوا بدقة ارتدادات
وإرهاصات معركة دعمهم للنظام السوري
على حياة الشعب السوري، لا أن يقفوا ضد
ثورته، لأن الشعب باق ومستمر في الطريق
الذي اختاره، مهما ارتكب النظام من
فظائع وأعمال وحشية، والنظام راحل
آجلاً أم عاجلاً، أياً كان داعموه، من
روس وإيرانيين وصينيين وسواهم. لكن
يبدو أن ما يسمى المجتمع الدولي متواطئ
معهم، أو على الأقل أعطاهم الضوء
الأخضر كي يتصلبوا في مواقفهم، بالنظر
إلى أن القوى الغربية الفاعلة لا تريد
لثورة الشعب السوري أن تبلغ مرادها وفق
مطامحه وآماله، بل تريد أن تجهض ثورته
من خلال حل سياسي، هو أقرب إلى صفقة
دولية، يجري وضع لمساتها وخطوطها
العريضة بين اللاعبين الكبار، الذين
اجتمعوا في جنيف، ثم في دبلن، وعادوا
من جديد إلى جنيف، كي يشركوا الأخضر
الإبراهيمي معهم، بعد أن أطلق تهديده
للسوريين بالجحيم الذي ينتظرهم،
ووعيده بمئة ألف شهيد جديد، إذا لم
يقبلوا بحل غامض، يبعدهم عن تحقيق
مرادهم، ويبقي قتلتهم في أمكنتهم، دون
حساب أو عقاب. والواضح أن تضخيم
الكلام عن ما يتضمنه "اتفاق جنيف"
- وهو ليس باتفاق والحديث عن "جنيف2"،
يراد منهما فرض حلّ غامض على السوريين،
انبرى لتسويقه الأخضر الإبراهيمي، من
خلال الحديث عن "حكومة بصلاحيات
كاملة"، وأن ذلك لن يتم إلا من خلال
"حوار سياسي"، مع أن النظام أغلق
كل أبواب الحوار منذ بداية الثورة
السورية، وراح يمعن في حرب شاملة
ومدمرة ضد الثورة وحاضنتها الاجتماعية.
وجاء خطاب رأس النظام الأخير ليؤكد
استمرار إغلاقه للمجال السياسي،
واستمرار الحرب الشاملة، والتغوّل في
القتل والتدمير. والمفارق في الأمر أن
كلاً من النظام السوري والقادة الروس
والأميركيين يراهنون على إجهاض الثورة
السورية، وعلى نكوص واستسلام قواها،
لكن الثورة السورية هي ثورة غير قابلة
للإجهاض، بالنظر إلى الإصرار والعزيمة
المنقطعة النظير لناسها، والاستعداد
لتقديم التضحيات، خصوصاً أنها تواجه
نظاماً فقد جميع مبررات استمراره،
وعليه الرحيل آجلاً أم عاجلاً. ======================== «طلبنة»
سوريا و«أخونة» المنطقة رأي البيان التاريخ: 27
يناير 2013 أطلق الملك عبدالله
الثاني عاهل الأردن، أول من أمس،
تحذيرات شديدة من مخاطر انحراف مسار
الأحداث في سوريا وانعكاساتها على
كامل المنطقة، وبالتالي جرّ بلدان
المنطقة وشعوبها إلى مستقبل مجهول
وفصول دموية جديدة، عبر احتدام
الصراعات على أسس دينية وطائفية أو
إثنية. تحذيرات العاهل
الأردني جاءت عبر الكلمة التي ألقاها
في منتدى دافوس العالمي الـ43 المنعقد
حالياً في سويسرا، حيث أكد أن «طالبان
الجديدة التي تنبغي مواجهتها تتواجد
في سوريا»، وأن «القاعدة متواجدة في
سوريا منذ عام وتتلقى دعماً وأسلحة
وتمويلاً من جهات معينة»، داعيا
المجتمع الدولي إلى ضرورة «وضع خطة
انتقالية حقيقية وشاملة تضمن وحدة
سوريا أرضا وشعبا»، محذرا من أن أي
خيار عكس ذلك «إنما هو دعوة للتشرذم
والتنافس المتطرف على السلطة
والاستئثار بها». هذا التحذير الذي
يأتي متزامنا مع تسارع الأحداث في دول
ما سمي "الربيع العربي"، يعكس
هاجساً عربياً وإقليمياً متزايدا من
هيمنة تيارات وحركات متشددة على مسار
المعركة مع النظام في سوريا، وصعود
تيارات دينية تسلّقت وتربعت على
السلطة، أو هيمنت عليها في أكثر من بلد
ضمن محاولات ما يسمى «أخونة» مسار «الربيع
العربي»، وهو ما يثير القلق من مستقبل
وقادم الأيام على هذه البلدان
ومحيطها، إن كشّرت التيارات الدينية
فيها عن أنيابها وأهدافها الحقيقية. ورغم أن النظام في
سوريا يبقى هو المسؤول الأول عما
يعانيه الشعب السوري الشقيق، إلا أن
الحالة السورية وتزايد سطوة الحركات
المتطرفة وحضورها على الأرض، تظل هي
الأخطر كلما طال أمد الأزمة والصراع
الدموي في سوريا، نظرا للتعقيدات
الإثنية والدينية والجغرافية داخل
سوريا وامتداداتها في خريطة المنطقة. وواجب العقلاء
والأحرار في المعارضة السورية
الوطنية، أن يفرزوا هؤلاء المتشددين
ويحاولوا النأي بحركتهم العادلة عنهم،
كما أن واجب المجتمع الدولي، وخاصة
الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن
الدولي، أن تبادر للتوافق حول حل سياسي
يوقف نزيف الدم السوري، ويقطع الطريق
على حركات التطرف والتنظيمات
المتشددة، قبل فوات الأوان .. ======================== المصدر: صحيفة
"غارديان" البريطانية التاريخ: 27
يناير 2013 البيان على خلفية تصاعد
إراقة الدماء والإرهاب، طلبت سويسرا
من مجلس الأمن الدولي إحالة الوضع في
سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وذلك بهدف إرسال رسالة واضحة تطالب
جميع الأطراف بـ"الاحترام الكامل
لحقوق الإنسان الدولية والقانون
الإنساني"، وهو تحذير من شأنه أن
يحدث "تأثيراً رادعاً مهماً". وتدعم ذلك الطلب أكثر
من 50 دولة من مختلف أرجاء العالم، بما
في ذلك عدة دول اختبرت بشكل مباشر
حوادث انتهاك منهجي لحقوق الإنسان
وإفلات من العقاب، كتشيلي وليبيا.
وتدعم بريطانيا وفرنسا تلك المبادرة
أيضاً، ولكن الدول الثلاث الأخرى
دائمة العضوية في مجلس الأمن لم تنضم
إليهما حتى الآن. وتعترض وزارة
الخارجية الروسية على أساس أن هذه
المبادرة طرحت "في وقت غير مناسب"،
وسوف تسفر عن "نتائج عكسية" فيما
يتعلق بتحقيق الهدف المباشر المتمثل
في وقف إراقة الدماء. فيما تلتزم الصين
والولايات المتحدة الصمت. ما هي
العوامل التي ينبغي أن تحدد ما إذا كان
يجب اللجوء إلى المحكمة الجنائية
الدولية؟ التجربة محدودة ولكنها
مفيدة، فمنذ انطلاق المحكمة الجنائية
الدولية قبل عقد من الزمن، لم يحل مجلس
الأمن إليها سوى "حالتين" اثنتين،
وكانت النتائج مختلطة. ففي عام 2005، تمت
إحالة السودان فيما يتعلق بدارفور،
ولا تزال خمس محاكمات معلقة الآن، بما
في ذلك محاكمة الرئيس السوداني عمر
البشير بتهمة الإبادة الجماعية. وليس من الواضح بشكل
مباشر أن الإحالة أحدثت تأثيراً
رادعاً مهماً (أو أي تأثير على الإطلاق)
على أرض الواقع، أو غيرت الوضع السياسي
في السودان. فالبشير لا يزال في منصبه،
وإن كان جدول رحلاته الدولية مقيداً
إلى حد ما بسبب الخوف من الاعتقال. وبعد
مرور ست سنوات، أحال مجلس الأمن الوضع
في ليبيا إلى المحكمة الجنائية
الدولية، ولا تزال هناك محاكمتان
معلقتين. ويمكن القول إن تأثير
هذه الإحالة كان أكثر أهمية، في نزع
الشرعية عن نظام الرئيس الليبي السابق
معمر القذافي وتمهيد الطريق لقرار
الأمم المتحدة رقم 1973، الذي خول اتخاذ
"جميع التدابير الضرورية" لحماية
المدنيين الليبيين. وبمجرد إخضاع
القذافي لمذكرة توقيف، فقد رجح أن يصر
على موقفه،. وهو ما فعله على
النحو الواجب. وما إذا كان هذا يرجع إلى
الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية،
فإن هذا أمر لا يمكن إثباته. وفي حين أن
الإحالة لم تحفز خروجاً طوعياً
سريعاً، فقد رحل القذافي في غضون عام.
ليس هناك من سبب لتصور أن إحالة سوريا
للمحكمة الجنائية الدولية ستدفع
الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي
فوراً. ففي حين أن هناك بعض
الأدلة القولية التي تشير إلى أن البعض
في خط المواجهة يمكن أن يفكروا مرتين
قبل استهداف المدنيين أو الانخراط في
مزيد من الجرائم الدولية، فإن أولئك
القابعين في القمة يبدون أقل ميلاً
لتهدئة الأمور في وجه تهديد بالملاحقة
الجنائية. ومن شأن المغزى الحقيقي
لإحالة سوريا للمحكمة الجنائية
الدولية أن يرتبط بشرعية الرئيس الأسد
ونظامه، وبأولئك الذين قد يسعون لدعمه. وفي حال تمت إدانة
الأسد، فإن ذلك سيصعب على روسيا الحفاظ
على موقفها الداعم له في مواجهة رأي
عام دولي متشدد من شأن أمر اعتقال أن
يولده. وعلى الرغم من أن إحالة الملف
السوري للمحكمة الجنائية الدولية لن
توقف إراقة الدماء في اليوم التالي،
وأنها قد تدفع نظام الأسد إلى الإصرار
على موقفه، فإنها قد تغير كذلك توازن
العوامل التي تلعب دورها في تحديد
طبيعة الصراع واتجاهه. وفي حالة سوريا، لن
تقدم المحكمة الجنائية الدولية حلاً
أو دواءً سحريين قصيري المدى، ولكن
المدى الطويل هو ما يهم حقاً. وفي حين
أن هذه الخطوة تشكل مجازفة من نوع ما،
فإن سويسرا ومؤيديها يراهنون على أن
سوريا هي أقرب إلى ليبيا منها إلى
السودان. ======================== فايز سارة الشرق الاوسط 27-1-2013 مهما كان شكل تطور
الأحداث في سوريا خلال عام 2013 فإنه
سيكون العام الأصعب الذي يواجه
السوريين منذ عقود طويلة بما فيها
العامان الأخيران، وما حدث خلالهما من
تطورات وتداعيات في أزمة سوريا،
ويستمد هذا التقدير أسانيده من وقائع
العامين الماضيين، ومن الاحتمالات
التي يسير إليها مصير الوضع السوري في
جوانبه الأمنية والسياسية
والاقتصادية - الاجتماعية. ويضع عام 2013 سوريا في
سياق واحد من مسارين؛ أولهما استمرار
الصراع العسكري، وصولا إلى حل عبر
القوة، وهو المسار الأكثر ترجيحا
للتحقق.. والثاني مسار الحل السياسي
الذي يملك فرصا قليلة، وهي فرص تزداد
ضعفا كلما أوغلت الأزمة في مسار الصراع
العسكري. وإذا كانت الأزمة ستمضي في
مسار الحل العسكري فإن ذلك يعني
استمرار الخسائر البشرية والمادية
وتصاعدها، ليس فقط بسبب تزايد المساحة
الجغرافية للصدام الذي لا شك أنه سيطال
مناطق ظلت تقريبا خارج صراع القوة، أو
أن الصراع طالها بشكل محدود مثل دمشق
والسويداء في الجنوب واللاذقية وطرطوس
على الساحل والحسكة في الشرق، وحماه في
وسط البلاد، ولكن لأن استخدام القوة
سيكون أكثر عنفا مما جرى حتى الآن، ليس
بسبب طموح النظام والمعارضة المسلحة
ورغبة كل منهما في إلحاق هزيمة حاسمة
بالآخر فقط، بل لأن النظام سيذهب إلى
استخدام كل طاقة تدميرية يملكها، فيما
ستحشد المعارضة أكبر أعداد من
مقاتليها في الصراع. وخلاصة الأمر في
ذلك أنه سيكون هناك ارتفاع في أعداد
الضحايا القتلى والجرحى، ومثلهم من
المعتقلين والمفقودين والمختطفين
الذين لا شك أن أعدادهم سوف تزداد
بصورة مخيفة لأسباب وعوامل متعددة. وسيؤدي استمرار مسار
الصراع العسكري وتصعيده إلى مزيد من
توقف الأنشطة والفعاليات الاقتصادية
والخدمية، ودمار البنى التحتية خاصة
شبكات المواصلات والماء والكهرباء،
إضافة إلى دمار البيوت والمنشآت
الإنتاجية والخدمية والمرافق العامة،
بما فيها المدارس والمشافي، وكله
سيسبب مزيدا من المعاناة والنزوح،
إضافة إلى هجرة السوريين إلى دول
الجوار، حيث ستتفاقم مشاكلهم هناك
ومشاكل من سبقهم، والتقديرات في هذا
الجانب تشير إلى تدهور خطير في حالة
ستة ملايين ينزحون في الداخل وأكثر من
مليون ونصف مليون من اللاجئين في
الخارج خلال العام الحالي. وبالتزامن مع ازدياد
فاتورة الأزمة وتكاليفها البشرية
والمادية فإن استمرار صراع القوة
سيؤدي إلى نمو نزعات التشدد والتطرف،
وسيدفع باتجاه زيادة صعوبات الحل
السياسي، تاركا الباب أمام سقوط حر
للنظام، لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن
يعقبه، وفي كل الأحوال فإن الوضع بما
فيه سيجعل المرحلة الانتقالية التي
تلي سقوط النظام باعتبارها مرحلة
إعادة تطبيع الأوضاع في سوريا أصعب
بكثير نظرا لما ستطلبه من قدرات
وإمكانيات وجهود مضاعفة. وذهاب الأزمة في
اتجاه الحل السياسي، على ضعف مثل هذا
الاحتمال، وإن كان سيعني الحد من
الخسائر التي ستصيب السوريين، فإنه لن
يخفف من صعوبات عام 2013. ذلك أن الوصول
إلى توافق على حل سياسي سوف يتطلب
البدء الفوري بمعالجة الأوضاع
المأساوية التي تعاني منها البلاد،
ويعيش السوريون في ظلها، مما يفرض
تلبية سريعة لحاجات ملايين المتضررين
داخل البلاد وخارجها، خاصة أن ذلك سيتم
في ظل ارتباكات أمنية وضغوط سياسية، لا
سيما أن الحل السياسي سيجد له من
يعارضه، وسوف يندفع بعض المتشددين ومن
يدعمهم إلى مقاومة الحل ظاهرا وباطنا
وبمختلف وسائل المقاومة والممانعة،
وسوف يقومون بوضع كل العقبات الممكنة
بما في ذلك عقبات سياسية وأمنية لتعطيل
الحل ومنع إعادة تطبيع الحياة السورية
والبدء في إصلاح ما دمرته الأزمة
وسياسات النظام العسكرية - الأمنية. كما أن توفير
الإمكانيات المادية والفنية لإعادة
بناء الحياة السورية سيكون أمرا صعبا
من خلال القدرات السورية بعد كل ما
أصاب السوريين في مجتمعهم ودولتهم من
خسائر ودمار، ولا شك أن الصعوبة أيضا
تحيط بالمؤسسات الدولية وبمساعدة
الدول بما فيها دول أظهرت تعاطفا مع
محنة السوريين، وثمة أمثلة حية في
مواقف المجتمع الدولي بمؤسساته ودوله
وعجزه عن القيام بدور مهم في دعم
ومساندة السوريين لا سيما النازحين
واللاجئين على ما يمكن أن يحصل، مما
يعني أن فترة زمنية سوف تمر قبل يستطيع
السوريون البدء في معالجة أوضاع
مواطنيهم وبلدهم حتى في ظل دخولهم مسار
الحل السياسي. إن صعوبات كبيرة تحيط
بالسوريين وبلدهم في العام الحالي،
سواء تمت معالجة أزمة بلادهم عبر حل
عسكري يطيح بالنظام أو حل سياسي يأخذ
البلاد إلى تغيير النظام بصورة جوهرية
عبر مرحلة انتقالية. وتفرض الصعوبات
التي تنتظر السوريين في الحالتين نسقا
في التعامل مع الأزمة، أساسه العمل
بأقصى طاقة ممكنة للتخفيف من حجم
الخسائر البشرية والمادية التي يمكن
أن تصيبهم، ولا شك أن التوجه نحو خيار
الحل السياسي يصب في هذا الاتجاه،
والأمر الثاني أساسه العمل على
استنفار كل القدرات والإمكانات
السورية لتحقيق أعلى قدر من التوافقات
السياسية خاصة في صفوف قوى المعارضة
والمعارضة المسلحة بصفة خاصة للتخفيف
من تداعيات رحيل النظام بالقوة أو
بالحل السياسي، والأمر الثالث يتطلب
تحشيد القدرات المادية للسوريين، لا
سيما المغتربين، ودفعها باتجاه إعادة
بناء البلاد وتطبيع حياة سكانها،
والبدء في اشتغال جدي لضمان مشاركة
المؤسسات الدولية والدول الغنية إضافة
إلى الدول العربية للمساعدة في إعادة
إعمار سوريا، التي كان بين أسباب
دمارها وتزايد حجم كارثتها تقاعس
المجتمع الدولي بمؤسساته ودوله عن أخذ
دور جدي في معالجة أزمتها، ووضع حد
لها، وأحيانا بسبب تدخل دول وقوى كثيرة
في شؤون سوريا الداخلية. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |