ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 10-02-2013 مرةً أخرى.. ماذا عن “ثورةٍ” فكرية؟ الحديث
عن ثورة فكرية هو حديثٌ الآن فيما يمكن
أن يسمى (تجاوزاً) بالفريضة الغائبة.
سيما وأن الانشغال الكاسح بالشأنين
السياسي والعسكري هو سمة الواقع
السوري الراهن د.
وائل مرزا الأحد
10/02/2013
المدينة هذا
موضوعٌ نستميح القارىء أن نستعيد
ماقلناه فيه سابقاً. فكثيرٌ من معطيات
الثورة السورية توحي بضرورة الحفاظ
على ملفه مفتوحاً على الدوام.
يخطئ
من يظن أن الحديث عن الفكر هو نوعٌ من
الترف في الظرف الراهن. يخطئ من يرفض
الاعتراف بأن (أصل) كل مشكلة كان يكمن
في الفكر، وأن الفكر هو نفسه مكمن
الحلّ لجميع المشكلات. يظلم نفسه وشعبه
وأمته وبلاده كل من ينكر بأننا وصلنا
إلى هذا الواقع بسبب الفكر، وأن
التعامل مع الواقع المذكور بطريقة
سليمة تحقق أحلام الشعوب لايمكن أن
يحصل إلا من خلال الفكر. يخطئ من يعتقد
أن التركيز يجب أن يكون الآن (فقط) على
المشاريع العسكرية والإغاثية
والسياسية، لأن هذه المشاريع نفسها
تعتمد على أرضيةٍ فكريةٍ ما، وسيكون
مستوى هذا الفكر مفرق الطريق في نجاحها
أو فشلها.
ثمة
مقولةٌ مشهورة تؤكد بأن مراحل مابعد
الثورة هي أصعب بكثير من الثورة نفسها.
يؤكد التاريخُ هذه المقولة، ويؤكدها
بشدة الواقع الراهن. لننظر بكل شفافية
إلى ماجرى ويجري في كل بقاع الثورة في
الوطن العربي وسنرى مصداق المقولة
المذكورة، وكيف تفرض نفسها في كل مجال
وعلى أكثر من مستوى. ومن المؤكد أن
الوضع في سوريا يندرج في هذا الإطار.
مرةً
أخرى، لنخرج من حصار الثنائيات الخانق.
فمن يعمل للثورة يعمل لها دون أن ينتظر
رأياً في مقال أو تصريحاً في منبرٍ
إعلامي. والحديث عن ثورة فكرية هو
حديثٌ الآن فيما يمكن أن يسمى (تجاوزاً)
بالفريضة الغائبة. سيما وأن الانشغال
الكاسح بالشأنين السياسي والعسكري هو
سمة الواقع السوري الراهن. وستنتج عن
هذا الانشغال مفارقة تاريخية خطيرة،
حيث نزهد كسوريين عن الشأن الفكري في
الوقت الذي نكون في أمسّ الحاجة إليه.
سيمثل
هذا تحدياً كبيراً من جانب، لكنه سيكون
فرصةً من جانبٍ آخر لمن وضع نفسه على
هذه الثغرة وأمضى فيها حياته، أفراداً
كان هؤلاء أو مؤسسات. فبينما الملايين
مشغولون بمراقبة ماجرى ويجري وسيجري،
أو بالانخراط العفوي فيه سياسياً أو
عسكرياً أو إغاثياً، يجب على شريحةٍ من
السوريين أن تسخّر كل طاقاتها لنعرف من
خلال جهدها ماذا جرى وماذا يجري وماذا
سيجري،بدرجةٍ عالية من الدقة البحثية
والمنهجية التي تليق بالظرف الذي
نعيشه جميعاً.
لايجوز
أن نتعامل بعفوية مع النقلة التاريخية
الخطيرة التي مرّت وتمر بها سوريا منذ
عامين دون أن يتنبأ بها أحد. كيف جرى
ماجرى ولماذا؟ وإلى أين نسير من هنا؟
وماذا يحمل لنا المستقبل؟ وماهي
خياراتنا؟ وكيف يمكن صياغتها؟ وكيف
يمكن تجاوز أخطاء الماضي وخطاياه
الكبيرة؟ وأين تكمن التحديات
الحقيقية؟ وماهي ملامح المستقبل؟ وكيف
نصنعه بأيدينا؟ أسئلةٌ
ستتولد عنها أسئلةٌ أكثر مما نتصور،
وكلها يحتاج إلى إجابات علمية منهجية
مدروسة. لاينفعنا في شيء أن نتوقع
الحصول على إجابات من خلال أعمدةٍ
ومقالات رأي، أو مقابلات عابرة وسريعة
في منابر الإعلام الجماهيري. فلكل
ساحةٍ في الحياة البشرية طبيعتها
الخاصة ودورها المحدد، والساحة
المذكورة مُشبعةٌ الآن بكل مايمكن
توقعه من رؤى وطروحات تلهث وهي تحاول
أن تلاحق اللحظة الراهنة، ويهدف كلٌ
منها لتحقيق هدفٍ عاجل، وهي أهدافٌ قد
يكون بعضها متضارباً إلى حدٍ كبير..
وهذه عمليةٌ يمكن أن تزرع الفوضى وتشتت
التفكير وتملأ رؤوسنا بأسئلةٍ ليس لها
إجابات، وأوهامٍ ليس لها رصيد، وحيرةٍ
ليس منها مخرج. لابد
إذاً، للبعض على الأقل، أن يباشر
بجدّيةٍ العمل في ساحةٍ أخرى. ساحة
الفكر والدراسة والتحليل العلمي
المنهجي الأكاديمي. جاء أوان علماء
الاجتماع والسياسة والتربية
والاقتصاد ودقّت ساعة العمل بالنسبة
إليهم.
لاعذر
لهؤلاء بعد اليوم. فالواقع الراهن يفرض
على الجميع المبادرة بالعمل والعطاء
والإنتاج. نحتاج
اليوم إلى أجندات بحثية جديدة، نحتاج
إلى عملٍ مؤسسي علميٍ منظّم فعال يُلهم
حركة الواقع ويجيب على أسئلته
الأساسية ويرسم ملامح الممارسات
العملية فيه، ويعمل على ترشيد مسيرة
ورؤية العاملين على مختلف المستويات.
وما
أكثر المواضيع التي تحتاج إلى بحثٍ
ودراسةٍ بروح المجاهد الرابض على
الثغور، لا بروح المنظّر البارد الذي
يسكن في الأبراج العاجية.
فكل
المشاريع والرؤى السياسية بحاجةٍ إلى
رؤيةٍ تخصصيةٍ شمولية ترفد حركة نشطاء
وعاملين في مجال السياسة خرجوا حديثاً
من أسر عقود طويلة من التصحّر والتهميش
والكبت. ليتكامل العلم مع العمل،
والممارسة مع النظر، والخبرة مع
الدراسة.
وتشكيلُ
الهوية القادمة لسوريا مهمةٌ حساسة
تمثل تحدياً من أكبر التحديات. فيها
العلاقة بين الدين والسياسة، والعلاقة
بين شركاء الوطن، فضلاً عن جملةٍ من
المراجعات داخل الفكر الإسلامي نفسه. فالمكوِّن
الإسلامي سيبقى عنصراً أساسياً في
عملية صياغة الهوية وصناعة الواقع في
المرحلة القادمة، لكن تعدد التوجهات
والتيارات في سوريا سيفرض عملية تدافع
ثقافي وعملي ضخمة تتعلق بماهية وطبيعة
وملامح (الإسلام) الذي ستقبله الجماهير.
ليس
من العبث أو المصادفة أن (الجُمع) و (الجوامع)
كانت ولاتزال عنصراً أساسياً مشتركاً
في جميع الثورات العربية، وفي مقدمتها
الثورة السورية. لايعني هذا أبداً أن (المتدينين)
أشعلوا الثورة، فالواقع يرفض هذا
المنطق بكل بساطة، كما أن الحديث عن
العنصر المذكور لايتناقض بالضرورة مع
الطبيعة (المدنية) للثورة وللنظام
السياسي الذي تهدف إلى الوصول إليه.
لكنه يعني أن ثمة علاقةً متجذرة بين
الدين والحياة بكل أشكالها لايمكن
الهروب منها. وهي علاقةٌ لاينبغي فقط
دراسة طبيعتها، وإنما توظيفها بشكلٍ
ثوري للمساهمة في خلق واقعٍ جديد أفضل
في جميع المجالات.
لاغرابة
إذاً أن يتساءل المرء عن كيفية إنجاز
كل هذه المهمات في غياب ثورةٍ فكرية.
======================
تزايد
نشاط الثوار في «السويداء»
سوريا:
الدروز يؤيدون المعارضة
تاريخ
النشر: الأحد 10 فبراير 2013 الاتحاد في
الوقت الراهن يبادر أفراد من طائفة
الدروز، وهي طائفة دينية سورية صغيرة
العدد ولكنها مهمة، بالالتحاق دون
تحفظ بصفوف المعارضة بشكل حثيث
وبأعداد كبيرة، ما يزيد الضغط على
حكومة الأسد المأزومة، وفقاً لنشطاء
من المعارضة، وقادة عسكريين منشقين.
عندما
تطور الصراع السوري إلى حرب طائفية
دموية تقف فيها أغلبية الطائفة السنية
إلى جانب المعارضة اختارت بعض
الأقليات السورية، ومنها الدروز،
الوقوف على الحياد ومراقبة ما يحدث،
وكيفية تطور الأحداث، قبل اتخاذ
قرارها النهائي.
وكان
النظام قد نجح في الاحتفاظ بدعم كثير
من أبناء طائفته من العلويين المنتمين
إلى فرع من فروع المذهب الشيعي، وكان
الاحتفاظ بدعم مجموعات الأقليات
عموماً هدفاً رئيسياً من أهداف
حكومته، التي حاولت تصوير الصراع على
أنه مؤامرة أجنبية بدلاً من كونه
تحدياً داخلياً لسلطته من جانب الشعب
الذي فاض به الكيل، وتعرض لصنوف صعبة
من المعاناة دفعته للخروج إلى الشارع
مطالباً بإسقاط النظام.
وهذا
ما يؤكده «فريد خزان» عضو البرلمان
اللبناني، وأستاذ سياسات الشرق الأوسط
في الجامعة الأميركية ببيروت، الذي
يقول: «تحاول حكومة الأسد إبعاد الدروز
وغيرهم من الأقليات عن الصراع للتأكد
من أنهم لن يصطفوا في النهاية إلى جانب
المعارضة».
وتشير
الإحصاءات الرسمية إلى أن تعداد
الطائفة الدرزية في سوريا يقدر بـ700
ألف من إجمالي عدد السكان البالغ 21
مليون نسمة، غير أن لهم تاريخاً طويلاً
من التمرد على بعض الحكام السلطويين،
حيث هبوا ضد العثمانيين وضد الفرنسيين
على التوالي. وتعيش الأغلبية العظمى من
الدروز في المنطقة الجبلية الواقعة
جنوب شرق سوريا، وخلال الشهرين
الماضيين ووفقاً لنشطاء من المعارضة
قام الدروز بعدة مظاهرات احتجاجية
مناوئة للحكومة في محافظة السويداء
معقلهم الرئيسي، التي ظلت هادئة
نسبياً منذ أن بدأت الانتفاضة ضد
النظام منذ عامين تقريباً.
وفي
منتصف شهر ديسمبر الماضي، أعلن مقاتلو
المعارضة تشكيل أول مجلس ثوري في تلك
المحافظة ليضطلع بتنسيق معظم
المواجهات المهمة التي وقعت فيها منذ
أن بدأ الصراع. وإحدى تلك المواجهات هي
التي وقعت في منتصف يناير الماضي عندما
شارك العشرات من مقاتلي الدروز في هجوم
على محطة رادار تقع على قمة أحد جبال
المحافظة. وفي بداية المعركة نجح
المقاتلون في قتل عدد من جنود الحكومة،
ولكن جرى في نهاية المطاف إلحاق خسائر
كبيرة بهم من قبل قوات الحكومة، مما
اضطرهم إلى التقهقر إلى سفح الجبل، وهم
يحملون قتلاهم وجرحاهم معهم، وفقاً
لمقاتلي المعارضة الذين شاركوا في تلك
المعركة.
ومع
ذلك اعتبر بعض الثوار أن تلك العملية
قد حققت انتصاراً على كل حال. ومن هؤلاء
مقاتل درزي يدعى «تامر» التحق بثوار
السويداء منذ أشهر قليلة، وشارك في
العملية المذكورة حيث يقول «إن المعنى
الرمزي من مشاركة الدروز في تلك
العملية لا يقل أهمية عن تحطيم برج
الرادار نفسه». وقد
دفعت قوة الثوار ثمناً باهظاً في تلك
المعركة العنيفة. فمن بين من قتلوا «خلدون
زين الدين» وهو واحد من أوائل الضباط
الدروز الذين انشقوا عن صفوف الجيش
السوري، وكان ينظر إليه كبطل شعبي في
أوساط الدروز الذين التحقوا بالمعارضة.
وكان
بعض الدروز الذين يعيشون في المناطق
الأكثر اختلاطاً مثل محافظة إدلب،
الواقعة في شمال غرب سوريا، قد التحقوا
بصفوف المعارضة، وحاربوا مع وحدات
الجيش السوري الحر في مرحلة مبكرة
نسبياً. ولكن الشيء الذي أبقى على
الجزء الأكبر من الدروز على الخطوط
الجانبية في معقلهم في محافظة
السويداء حتى الآن هو الخوف من بعض
المتطرفين الدينيين السنة الذين
يحاربون في صفوف الثوار، والذين يعتبر
البعض منهم أن الدرزية نوع من المروق
والالحاد.
ومنذ
الصيف الماضي وقعت على الأقل أربعة
حوادث تفجير سيارات في منطقة «جرمانا»،
وهي ضاحية من ضواحي دمشق تسكنها أغلبية
من الدروز والمسيحيين. وأحد تلك
التفجيرات وقع في أواخر شهر نوفمبر
وخلف 45 قتيلًا وما يزيد عن 120 جريحاً،
وفقاً لمصادر المعارضة، وقد مثل في نظر
كثيرين ضربة قاصمة للنظام.
وقد
دأبت مصادر النظام السوري بشكل روتيني
على إلقاء مسؤولية الهجمات التي تقع في
«جرمانا» على «الإرهابيين» (وهو الوصف
الذي تطلقه على مقاتلي المعارضة)، ولكن
نشطاء المعارضة يقولون إن الحكومة
نفسها هي التي تقوم بتنفيذ تلك الهجمات
لمفاقمة مخاوف الحرب الطائفية في
أوساط السكان وعلى وجه الخصوص بين صفوف
أبناء الأقليات.
وبالنسبة
للبعض تبدو تلك المخاوف «حقيقية
تماماً» بحسب ألين (24 عاماً) وهي شابة
درزية من منطقة «جرمانا» فرت مؤخراً
إلى بيروت هرباً من العنف حيث تقول إن «الخطر
الأكبر بالنسبة للدروز هو العنف
الطائفي ضدهم، إذ لا يعرف أحد في نهاية
المطاف متى سيخرج الموقف عن زمام
السيطرة».
ولكن
على رغم ذلك فقد زاد عدد الدروز في صفوف
المعارضة إلى درجة أن هناك في الوقت
الراهن وحدة من مقاتلي المعارضة ذات
أغلبية درزية يطلق عليها «كتيبة بني
معروف» شكلت في أواخر شهر ديسمبر
الماضي، وتعمل في ضواحي العاصمة دمشق -بما
في ذلك منطقة «جرمانا».
والشاهد
أن ما دفع بعض الدروز للوقوف في صف
المعارضة هو نفسه ما دفع الكثير من
السوريين الآخرين، ألا وهو عجز
الحكومة الظاهر عن توفير الأمن، أو حتى
الخدمات الأساسية وفقاً لنشطاء
المعارضة.
وقال
ناشط سوري يعرف باسم «زياد» في مقابلة
أجريت معه في بيروت التي انتقل إليها
حديثاً هرباً من العنف في موطنه «لقد
فقد السوريون أبسط الاحتياجات
والخدمات الحياتية الأساسية… فليس
هناك خبز ولا غاز ولا شيء».
وقد
ساهم وجهاء وقيادات الدروز بدورهم في
تأييد المعارضة حيث طلبوا من أبناء
طائفتهم الانتفاض ضد حكم الأسد.
يشار
إلى أن هناك طوائف درزية ذات حضور مؤثر
في لبنان وإسرائيل تربط بينها أواصر
عديدة على رغم أن الحدود تفصل بينها. والحال
أنه «يجب على الدروز في سوريا الانضمام
للمعارضة» هذا ما يقوله الزعيم الدرزي
وليد جنبلاط زعيم الطائفة الدرزية في
لبنان، الذي ينتشر أتباعه عبر بعض دول
المنطقة. ويوضح جنبلاط ما يقصده بقوله
«إن مستقبل الدروز في نهاية المطاف هو
مع الشعب السوري، ولا يستطيعون
بالتالي أن ينضموا إلى نظام قمعي يقتل
هذا الشعب».
وولاءات
الدروز المنقسمة، حيث يؤيد بعضهم
الحكومة ويؤيد البعض الآخر المعارضة
أدى أيضاً إلى تقسيم ليس الطائفة فحسب
وإنما العائلات أيضاً. فـ«تامر» مقاتل
السويداء الذي سبقت الإشارة إليه يقول
إن بعض الناس في قريته قد توقفوا عن
الحديث معه بسبب روابطه مع الثوار. ويضيف
تامر: «على رغم ذلك، ليس بمقدورنا
التراجع عما بدأنا فيه. صحيح أننا قد
تعبنا وحل بنا الإرهاق من هذا الصراع
المرير، ولكن ما الذي بأيدينا كي نفعله
في حين تتعامل معنا هذه الحكومة وكأننا
غير موجودين؟».
باباك
ديهغانبيشه
بيروت ينشر
بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست
وبلومبيرج نيوز سيرفس
======================
التوافق
الأمريكي الروسي حول سوريا..
الرياض
السعودية التاريخ:
10 فبراير 2013
الحل
السياسي في سوريا لن يأتي بسهولة مع أن
الرغبة الأمريكية الروسية تلتقي عند
مشروع رئيس الائتلاف السوري معاذ
الخطيب، وتمنع الأسد لا يرجع فقط
لاعتقاده أن النظام سينتصر، وهو الذي
يفهم أنه لا يسيطر على أكثر من ثلث
سوريا، لكنه يفهم أن حالة السقوط ستفتح
ملف مجازر حماة واحتلال لبنان وتفتيت
وحدته الوطنية، وما جرى من اغتيالات
ونهب أموال، وكذلك ما حدث في الأردن من
محاولة زعزعة أمنه، وما جرى للعراق
أثناء حكم الرئيس صدام حسين، أو لعب
دور تعزيز نفوذ القاعدة في العراق
اثناء الاحتلال، والذي تحول مع نظام
المالكي، بعد الثورة إلى حليف داعم..
كذلك
الأمر مع الحلف الخفي مع إسرائيل سراً،
وإعلان مقاومتها في العلن، واحتضان
قيادات حماس فقط لالتقاء خطط إيران
معها، والتورط مع حزب الله في العديد
من الاغتيالات والتفجيرات.. الوضع
السوري اختلفت التفسيرات والآراء
حوله، فالخلاف الأطلسي مع روسيا
والصين، يختلف عن حروب الايديولوجيا
القديمة بين الشيوعية والرأسمالية،
وبدأ مع سوريا حرب توزيع الأدوار
وتقاسم النفوذ، تجاه الغرب وأمريكا
أكثر نفوذاً في العالم حتى في محيط
روسيا أي جمهورياتها القديمة وحتى
الصين تعرف أنها محاطة بدول تتحالف
علناً مع أمريكا عسكرياً وفتحت
أراضيها وأجواءها لقواعد جوية وبحرية،
وتبقى الصين، تجارياً أفضل من وضع
روسيا في توسيع قاعدتها الاقتصادية
حتى داخل أسواق الغرب الرأسمالي، لكن
الجانب السياسي بقي يترجم من يصل إلى
المواقع الحساسة في العالم، وسوريا
مهمة لروسيا لأنها تجاور تركيا التي
تعد أكبر قاعدة للأطلسي تجاورها
ووجودها في سوريا يعادل القوة معها.. وتأتي
إسرائيل، والتي رغم وجود صراع بينها
وبين روسيا، إلا أنها تبقى قاعدة للغرب
أيضاً، والتقرب من العرب يأتي
بتزويدهم بالسلاح وسوريا بالدرجة
الأولى مع العراق والجزائر، هم سوقها
لكن فقدان ليبيا لا يعوضه إلا سوريا،
لكنها مع الثورة، وتأييد الأسد بدأت
تزن الأمور بميزان المصالح
الاستراتيجية، وروسيا، رغم أن خصومها
لم يدخلوا في حرب ساخنة، وأبقوا عليها
باردة تتخذ شكل المناورة، لكن يبدو أن
الروس يدفعون ثمن خسائرهم في المنطقة
بالتقسيط، ولذلك أصبحت مباحثات ما تحت
الطاولة مع أمريكا تتم ليست فقط لإنهاء
المشكل السوري، وإنما إعادة جدولة
العلاقات على أسس ما بعد إثارة الحروب
والتي تخلت عنها حكومة أوباما
نهائياً، إلا ما يتداول من استعمال
الضغط السياسي والتهديد بالعسكري مع
إيران، لكن يبدو أن أن إنهاء الأزمة
السورية باتفاق الطرفين إحدى الوسائل
بإضعاف الجانب الإيراني، ومع المصالح
وتحقيقها تنتهي الخلافات مهما كانت
بين الخصمين اللدودين..
======================
بعد
سقوط الأسد.. لا تهديد متوقعا للكيان الشرق
الاوسط د.هادي
الامين 10-2-2013 *
لا
*
كيف ستكون الصيغة
المستقبلية لسوريا بعد سقوط نظام بشار
الأسد، إن حصل؟.. وأي أفق سيصير عليه
الكيان السوري؟.. وهل سيمسه أي تفكك أو
تعديل على نهج وشكل يختلف عن ذاك
الموجود منذ أن استوت سوريا دولة
مستقلة في أعقاب الحرب العالمية
الثانية؟
أي
هل سيكون زمن ما بعد انتصار الثورة، في
حال انتصارها، زمنا يضع الكيان،
بصورته الراهنة، في قفص ما ذهب ولن
يعود؟
لا
غرابة في طرح أسئلة كهذه، ذلك أن نفرا
غير قليل ممن يتعاطون الشأن السوري
يرون في زمن ما بعد سقوط النظام، في حال
حصوله، تحول سوريا، على سبيل الجزم
والقطع، إلى عنوان تفكك وخراب وهشاشة،
ومبعث صراع أهلي عنيف، ونائبة نابية
تُضني أهلها وجيرانها.
طبعا،
لا نستطيع القول بأن هذه القراءة قراءة
غير دقيقة بالتمام ولا صحيحة بالمطلق
وتحتمل التحليل بالتكييف والانتقاء.
ذلك أن نظام الأسد، وبصفته الخاسر
الأكبر في المعركة هناك، يسعى إلى
إقامة ربط بين سقوطه والتفكك، يعاونه
على ذلك النظام الإيراني، متجاهِلَيْن
مُتَحديَين، الوقائع الاجتماعية
والكيانية التي كانت سابقة على نشوء
هذا النظام، والتي بقيت متأصلة في
وجوده، وهي حتى اللحظة ثابتة رغم
الجراحة الخطرة التي تتعرض لها سوريا. إلا
أن القراءة تلك، أي جنوح البعض للإيمان
بأن الكيان السوري عرضة للتفكك، إلى
جانب مساعدتها - عن قصد أو غير قصد -
النظام وحلفاءه على امتلاك حُجّة
صَلْدَة، فإنها قراءة تتجنب قراءة
التاريخ على نحو أكثر دقة.. بغض النظر
عن احتمال وجاهة الفرضية التي تصدر
عنها. إن
الكيان السوري الحالي هو وليد حقبة
استعمارية طالت المنطقة وأدت في ما أدت
إليه، عقب انتهاء فترة الانتداب في
أواخر أربعينات القرن العشرين، إلى
نشوء كيانين مستقلين هما الجمهورية
العربية السورية والجمهورية
اللبنانية، وكيانات مستقلة أخرى. هذا
الواقع التاريخي يشكل مركز الخلاف مع
القائلين باحتمال التفكك بعد سقوط
نظام الأسد في حال حصوله، ذلك أن ولادة
الكيان السوري الحالي كانت بفعل فاعل
من القوى العظمى وتوافق إرادات محلية
معا. وعليه، فإن خروج بعض الإرادات
المحلية عما اتُفقَ عليه قبل عقود من
الزمن، وتوافر دعم بعض الدول التي لا
ترقى لمستوى التأثير العميق والمباشر
لمشروع التفكيك، لا يكفيان لتفكيك
الكيان وتغيير الصورة التي هو عليها.
طبعا،
إن الذي تقدم ليس في وارد الاستقامة
واكتساب المعنى المُراد منه إلا في
سياق إضافات توازيه أهمية. أما في ما
يخص الإضافة الأولى، فهي تتعلق
بالتذكير بأن الكيان السوري بصورته
الحالية لم يجر تحديده - وفق كثير من
الباحثين - بدافع الحقد والانتقام
الحضاري، بل حصل ذلك بهدف تحصيل مصالح
استراتيجية في المقام الأول.. مصالح لم
يحن الوقت بعد للتخلي عنها والتوقف عن
تكريسها.
أما
في ما يتعلق بالإضافة الثانية، فإن
تفكك الكيان أو محاولة تفكيكه بشكل من
الأشكال ضربٌ لبعض نتائج الحرب
الباردة التي ابتدأت في منتصف
أربعينات القرن الماضي وامتدت حتى
أوائل التسعينات من القرن ذاته. ولعل
القول أو التفكير بأن هناك من هو جاهز
أو قادر على ضرب مفاعيل تلك الحرب هو
ضرب من ضروب الكسل، واستسهال للتعاطي
مع الموضوع. وعلى ذلك، فإن الكيان
السوري هو وليد اجتماع عوامل متعددة،
وتفككه لا يكون إلا بزوال هذه العوامل
مجتمعة. ولا مؤشرات جدية حتى اللحظة
تدل على ذلك أو تقول بأن المرحلة
الآتية هي مرحلة تقسيم أو تفكك وتفكيك.
إن
تفكيك الكيان بما هو فعل يحتاج إلى
فاعل أو فاعلين، وليس قرارا يتخذه
النظام السوري أو أحد من حلفائه
ليحافظوا من خلاله على بعض وجودهم في
المنطقة ولو على رقعة جغرافية صغيرة
تُقتطعُ من سوريا، فإنه أيضا، في حكم
اليقين، ليس قرار بعض من لاعبين محليين
متطرفين من صنف الذين يدّعون أنهم
يقاتلون النظام لكونه نظاما «علويا»
لا لكونه نظاما ظالما بالأصل. إن
الكيان السوري بصورته الحالية هو بحكم
المبرم، سورٌ يتعذر القفز من فوقه، على
الأقل في المجال المنظور. وهو أيضا
سيبقى في حال سقوط النظام. سيبقى مجالا
للتعايش لا مناص منه، ولو اضطراريا، أو
بازدواجية ولاء، أو عبر الاستقواء
بخارجٍ غالب وجارح على بعض داخل ضعيف
وغير مطمئن.
*
باحث في جامعة درام -
بريطانيا
======================
هل
تبدل المبادرة معطيات الأزمة؟ فايز
سارة الشرق
الاوسط 10-2-2013 قدم
معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري
المعارض عرضا لبدء حوار وتفاوض مشروط
بين المعارضة والنظام حول حل الأزمة في
سوريا، كان من آثارها ردود فعل متفاوتة
ومتناقضة من أطراف فاعلة في الأزمة،
وآخرين على ضفافها أو مصطفين بالقرب من
أطراف الأزمة الأساسيين. وفي حين اتخذت
السلطات السورية موقفا سلبيا من
مبادرة الخطيب، قابل حلفاء دمشق في
موسكو وطهران المبادرة بالترحيب، وهو
موقف يقارب الموقف الإجمالي الذي
اتخذته الدول الأوروبية والولايات
المتحدة، وقد شجعت الأخيرة الخطيب،
وأعلنت دعم مبادرته لإنهاء الأزمة،
بينما ذهبت الجامعة العربية إلى
الأبعد في موقفها، فدعمت المبادرة،
وأبدت استعدادها لمساندة كل ما يقود
لتسهيل انعقاد الحوار في إطار
الاستفادة من أي فرصة متاحة لكسر دائرة
العنف، وحقن دماء الشعب السوري، ووضع
الأزمة المستعصية على مسار الحل
السياسي. وانقسمت
بالتزامن مع المواقف السابقة مواقف
المعارضة إزاء المبادرة في ثلاثة
مسارات مختلفة، توزعت بين مؤيد ومتحفظ
ومعارض، وكان الأخطر في الانقسام،
معارضة المجلس الوطني للمبادرة، وهو
مكون رئيسي في الائتلاف الوطني الذي
يرأسه معاذ الخطيب.
وتستند
أهمية مبادرة الخطيب إلى عدة نقاط، لعل
الأهم فيها من الناحية الإجرائية ثلاث
نقاط، الأولى، أنها تبدأ من مطلبين
شديدي الحساسية بالنسبة للسوريين
اليوم، يتمثلان في طلب الإفراج عن مائة
وستين ألف معتقل في السجون السورية،
وطلب تجديد جوازات سفر السوريين
الموجودين في الخارج، والثانية،
اعتبار الخطوتين المطلوبتين مقدمة
جدية وعملية لفتح بوابة الحوار،
والنقطة الثالثة فيما تستند إليه
المبادرة من أهمية، أنها تمثل بداية
لبحث جدي مباشر في موضوع الأزمة وبغية
الوصول إلى خواتمها. أما
من الناحية السياسية، فإن للمبادرة
أهمية أساسها، أنها تكسر حالة الجمود
والانسداد الذي وصلت إليه الحالة
السورية من المراوحة في المكان
سياسيا، بينما يستمر حمام الدم
والدمار السوري، ومن شأن المبادرة، أن
تدفع أطرافا في الأزمة وحولها إلى
إحداث تبدلات في مواقفها، أو تغيير
تكتيكاتها؛ حيث إنه من الصعب تجاهل
المبادرة أو التعامل معها وكأنها غير
موجودة.
ولا
يقل أهمية مما سبق، قول إن المبادرة
تبدل موقع المعارضة في معادلة الصراع
السياسي في الأزمة السورية، إذ تنقلها
من طور المتلقي والمنفعل بالأحداث إلى
دور المبادر واللاعب الحاضر على قدم
المساواة مع الآخرين، وهو حدث جديد في
مواقف المعارضة، التي اعتاد القسم
الرئيسي منها، أن لا يفعل الكثير، وإن
عمل فكل عمله يقتصر على رفض مواقف
النظام وسياساته، وحتى مبادراته التي
لا يتجاوز هدف النظام منها سوى كسب
الوقت واللعب على الرأي العام الدولي
بمحاولة إقناعه، أن السلطات السورية
تسعى إلى حل سياسي للأزمة عبر دعوة
المعارضة للحوار، لكن الأخيرة ترفض.
والحق،
فإن أثر المبادرة على المعارضة، هو
أكبر بكثير من مجرد تغيير موقع
المعارضة في الصراع الجاري في سوريا
وحولها. ذلك أن المبادرة أحدثت تبدلا
جوهريا داخل المعارضة، بين نمطين
وسلوكين، يجسد أحدهما المجلس الوطني
السوري الذي عجز طوال نحو عام ونصف
العام عن القيام بخطوات سياسية من
شأنها تجسيد فعل ودور قوي ومؤثر
للمعارضة في تطورات الأزمة، واقتصر
سلوكه السياسي على الخطابة والشعارات،
فيما يسعى الائتلاف نحو سلوك آخر من
خلال مبادرة رئيسه، يكرس فيه حضورا
فاعلا للمعارضة في معادلة الأزمة
وتطوراتها، ولعل ذلك ما يفسر بعض سر
الهجمة العنيفة للمجلس الوطني على
مبادرة معاذ الخطيب. إن
مبادرة رئيس الائتلاف، لا تلقي حجرا في
مياه الأزمة السورية. بل تذهب إلى
الأبعد نحو معالجة جوانب مختلفة في
الأزمة السورية من شأنها أن تترك أثرا
على مواقف وسلوكيات المتصلين بالأزمة
من النظام وحلفائه إلى المعارضة
والمتعاطفين معها وصولا إلى مواقف
المجتمع الدولي بدوله وهيئاته، بحيث
تدفع أغلبهم إن لم نقل كلهم نحو مواقف
أكثر عملية وجدية في التعامل مع الأزمة
السورية، خاصة لجهة المعارضة، وهي
المعنية أكثر بما فتحته المبادرة من
أبواب أمامها لإعادة ترتيب أوضاع
المعارضة السورية خاصة لجهة علاقاتها
الخارجية والداخلية أيضا.
وعلى
الرغم من ما يمكن أن تفرزه المبادرة من
تأثيرات إيجابية على الأزمة وذوي
العلاقة معها. فإن ثمة مخاوف من أخطار
تحيط بالمبادرة، تتمثل في واحد من
احتمالات ثلاثة، أولها أن يهزم خطابيو
المجلس الوطني السوري معاذ الخطيب
ومبادرته على نحو ما فعلوا العام
الماضي، عندما الحقوا الهزيمة بجهود
توافق المجلس الوطني مع هيئة التنسيق،
وأجبروا الرئيس الأسبق برهان غليون
على التراجع عن وثيقة القاهرة 2012،
وثاني الاحتمالات أن يمتص النظام
وحلفاؤه زخم المبادرة ويحولوها إلى
آلية لكسب الوقت كما فعلوا من قبل مع
المبادرات العربية والدولية، التي
طرحت في العام الماضي، والاحتمال
الثالث، أن يعجز المجتمع الدولي عن لعب
دور إيجابي ومساند للمبادرة ورعايتها
من أجل الوصول إلى غايتها وأهدافها. ======================
إمكانيات
الحل السلمي في سوريا قائمة ببقاء
النظام * نعم د.نسيم
الخوري الشرق
الاوسط 10-2-2013 *
لو نظرنا إلى سوريا بعين
باردة نراها في سرير من حراب لكنه صلب،
فاضت قوته تصاعديا وفاضت معارضاته
بالإرهاب المفروض والمرفوض، وفقا
للتصريحات الأميركية والأوروبية
والعربية.
هي
خط تماس دولي يعصى على الحلول الجذرية
لا على الحلول السلمية المؤقتة
والانتقالية. وقعت سوريا تحت أسنان
منشار اليقظات الشعبية الباحثة عن
صوابية التغيير المحكوم بمصالح الغير
وإراداته. فقد هوى تحت المنشار بسهولة
عدد من الأنظمة العربية، لكنه التوى في
سوريا إلى حدود المعضلة الدولية. وذوت
«ثورة» الياسمين بين ساحة تونس وغوطة
سوريا الأخيرة، حيث يحل الربيع الثالث
حاملا الكثير من الدماء والصراعات
العربية والإقليمية بين العروبة
الممكنة والعروبة المستحيلة، كما بين
المذاهب الإسلامية المختلفة وبين
الشرق والغرب. كان يفترض بمظاهرة شعبية
أو متفجرة واحدة تقويض الدولة أو نظام
الحكم فيها، لكن ألوف الأطنان من
المتفجرات والضحايا في سوريا لم تتمكن
من النظام، بل أورثت الخرائب
والنازحين والمناخ الاقتصادي الصعب،
بما يبرزها ثمرة فجة فوق ملامح طاولة
دولية لإخراج سلمي تفاوضي تتقدم
عناصره وتنمو بحثا عن المبادرات
الحوارية السلمية وبذرتها الأولى ورقة
جنيف ببنودها الستة (2012/3/21).
صحيح
أن أميركا خرجت من العراق، لكن حذار
البساطة. هي لم تخرج من التاريخ قطعا.
فمنذ عام 1950 أطلقت أميركا الوثيقة ذات
الرقم
«NSC 68» الصادرة عن
البنتاغون، ولبست العظمة الثنائية
للحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي،
وقد حققت معظم الأهداف المرسومة فيها
من سقوط الاتحاد السوفياتي وحلف
وارسو، وانخراط أوروبا الشرقية في «الناتو»،
وجعل الشرق الأوسط الخط النافر في
الخريطة من حيث مخزونه النفطي الأكبر
في العالم وإمكانية التحكم في مصادر
الطاقة وخطوط الإمداد، وحماية
إسرائيل، وإقلاق إيران الغامضة في
المعضلة النووية. وها نحن ننتظر من
باراك أوباما في 12 فبراير (شباط) الحالي
وثيقة «حال الاتحاد» التي تشي بمضمون
الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي
تدفعها إلى الخلع الدبلوماسي لوسام
الدولة الأحادية القابضة على القرار
العالمي فوق طاولة مفاوضات دولية لا
فرار منها.
تخرج
أميركا إلى الشرق الأقصى الذي سيتحول
فيه المحيط الهادي لعقود مقبلة إلى
بحيرة ساخنة، من دون التخلي الكامل عن
الشرق الأوسط. هذا يعني أن الصين باتت
فعليا في مرمى الصراع المقبل، وأن
اليابان وأستراليا رصيدان أميركيان
قابلان للاحتواء. تدلّع أميركا الهند
بأسلحة متطورة حديثة توقظ شهيتها على
فكرة العظمة، وتمطّ عنقها قبالة كوريا
الشمالية فتشاطئ جنوب روسيا التي خرج
بها بوتين الثالث من قصر مرصع بالذهب
القيصري بعدما كانت دولته عالقة بين
طابقين في مصعد التاريخ، أي بين ماضيها
ومستقبلها. هكذا نفهم وقوع روسيا في
سوريا تحديدا كنقطة الجذب القديمة
التي تستعيد بها كحدث مباشر عظمتها
الدولية المفقودة، وإلا كيف نفهم
بوتين الذي وضع مفتاح مجلس الأمن في
جيبه وتعطل قرار التدخل الدولي
العسكري في سوريا بعد خيبته من التدخل
في ليبيا. يذكّر هذا التدخل الأميركيين
بمقدساتهم القانونية، أعني معاهدة
وستفاليا عام 1648، وهو ما دفع بهنري
كيسنجر إلى الكتابة في الـ«واشنطن
بوست» مقاله المعنون «التدخل في سوريا
يهدد النظام العالمي».
لم
تكن أميركا قبل أحداث سوريا قد قررت
مدى حاجة الغرب لروسيا المسكونة
بعظمتها، على الرغم من أن بوتين قد مد
يده لها في الحرب على الإرهاب الدولي
ومحاربة الأصوليات الإسلامية
والمشاركة في تأمين الأمن في أوروبا
والعالم، والبحث عن استقرار أسواق
الطاقة وأسلحة الدمار الشامل. يقر
الغرب باستحالة التصدي لهذا الشرق
الأوسط من دون تعاون بناء من روسيا.
إيجابية تحصل في الوقت الذي تدس فيه
أميركا أصابعها في الساحة الحمراء
بعدما أمّنت زندها وأثبتته في درعها
الصاروخية في تركيا، لا لصراع فعلي مع
روسيا بل لطموح غربي أميركي هو
المباشرة بدمج روسيا في ما يعرف
بالمجتمع الدولي من دون أي أثمان أو
تنازلات كبرى، وهو طموح يشغل التحدي
الأكبر في هذا القرن. ستبقى سوريا حتى
انتخابات 2014 ملعبا دوليا مفتوحا على
المفاوضات الطويلة والجنوح إلى الحلول
السلمية والدم فوق حد السيف كما كانت
في السلم، كونها عقدة السبحة الناتئة
في ممر دولي تدور حوله وفيه الكثير من
الأحداث ومفاوضات النظام الدولي
الجديد. وإذ
تنضج إمكانيات الحل السلمي فيها
كأولوية في التسويات الدولية، يترك
الشرق الأوسط منبعا «للإرهاب»، وفقا
للتوصيف الأميركي، ومسرحا ممسوكا
للفوضى أقله حتى عام 2020، حيث بوادر
تظهير المصالح الدولية الكبرى. ويستمر
صعود «الإخوان المسلمين» المتعثر في
تجارب الحكم الإسلامي وفق شروط غير
معلنة، أولها الحفاظ على مندرجات
التسويات المعقودة مع «إسرائيل»،
وثانيها إزعاج إيران وسوريا من دون
الانزلاق إلى حروب سنية شيعية تخربط
الشرق الأوسط، وثالثها إيقاظ تجمعات «الإخوان»
في 34 بقعة من الجمهوريات الروسية وآسيا
الوسطى، بما يجعلهم رهنا بالقبضة
الدولية المتعددة المصالح، تقض
مضاجعهم جماهير الليبراليين والعرب
والمسلمين الآخرين كما حصل ويحصل في
مصر وتونس ومالي وبلدان الشرق الأوسط.
*
أستاذ في المعهد العالي
للدكتوراه - الجامعة اللبنانية ======================
هل
من حل سلمي مع بقاء النظام السوري؟ لا
أعتقد ذلك د.ناصيف
حتى الشرق
الاوسط 10-2-2013 *
لا
*
بعد سنتين تقريبا من الصراع
في سوريا، الذي زاده حدة وتعقيدا
الصراع حول سوريا، لا بد من التوقف عند
الملاحظات التالية:
لقد
صار من المستحيل إعادة عقارب الساعة
إلى الوراء أو بقاء النظام على ما هو
عليه مع إحداث إصلاح شكلي أو تجميلي لا
يغير من طبيعة النظام وبنيان السلطة
السياسية. كما أنه يتأكد كل يوم غياب
وجود حل عسكري للصراع في سوريا،
والمفارقة أن غياب أي أفق لحل سياسي
منذ بداية الصراع زاد ويزيد في عسكرة
الصراع وفي إحداث مزيد من التعقيدات
فيه: فالنظام غير قادر على سحق
المعارضة وإنهائها كليا، والمعارضة
غير قادرة على إسقاط النظام بالضربة
القاضية.
يقود
ذلك إلى حقيقة أساسية، هي أن الحل يبقى
سياسيا بامتياز ولا يمكن أن يكون
عسكريا، ولو أن الحل السياسي، في آفاقه
وآلياته، قد يحمل معاني وشروطا مختلفة
عند كثيرين من المنخرطين في الصراع في
الداخل السوري وفي الخارج. ولكن هنالك
حقيقة مرة أيضا، هي أن ظروف إنضاج الحل
السياسي لم تتحقق بعد، وهي ظروف خارجية
أساسا، على الأقل عند انطلاقها،
باعتبار أن الصراع في الداخل يشبه ما
يعرف في أدبيات المفاوضات بلعبة
محصلتها صفر... أي غياب كل احتمال من
الداخل للولوج في عملية سياسية
تغييرية فعلية.
بداية
إطلاق عملية الحل السياسي تبدأ من
الخارج: من تفعيل «تفاهم جنيف» الذي
صيغ عن قصد حسب ما يعرف بـ«الغموض
البناء»، لأن ذلك كان ما يمكن القيام
به لحظة بلورة هذا الإعلان والمطلوب
تطويره وذلك من خلال عقد «جنيف - 2»،
الأمر الذي يستدعي أساسا تبلور تفاهم
فاعل وعملي أميركي - روسي، يتمحور حوله
بعد ذلك موقف دولي وإقليمي داعم. موقف
يعبر عنه بقرار عملاني من مجلس الأمن،
يتولى مسؤولية تنفيذه المبعوث الدولي
والعربي الخاص السيد الأخضر
الإبراهيمي.
هذا
ما يمكن أن يكون بمثابة خارطة الطريق
للولوج إلى عملية تغيير سياسي سلمي
للنظام: تغيير أساسي في طبيعة النظام،
ولكن عبر عملية سياسية سورية بامتياز...
بأطرافها، وفي مسؤولية هذه الأطراف في
بلورة وتحديد طبيعة النظام الجديد
الذي سيقوم في سوريا. ويشكل ذلك إنهاء
لعملية الصراع الدموي الذي صار يهدد
الدولة السورية، مع ما لذلك من تداعيات
خطيرة، فيما لو استمرت عملية الاهتراء
والتفكك والنزيف، على سوريا كدولة
وكمجتمع والانعكاسات السلبية الكبيرة
لذلك على محيطها المباشر والأبعد.
إن
المطلوب لإدارة العملية الانتقالية هو
إنشاء ما يعرف بـ«إدارة انتقالية» أو
ربما بـ«حكومة انتقالية» يشارك فيها
جميع أطياف المعارضة من جهة... ومن جهة
أخرى ممثلون عن النظام لم تتلوث
أياديهم بالدماء، غير أنهم يملكون صفة
تمثيل أساسية. ولا بد أن تبقى هذه
العملية سورية بامتياز في أطرافها
ومضمونها وفي تحديد نتائجها.
ولكن
من منظور شديد الواقعية، لا يمكن لهذه
العملية التغييرية التدريجية
والسلمية أن تنجح وتصل بسوريا إلى بر
الأمان إذا لم تكن لها مواكبة دولية.
مواكبة من مجلس الأمن، يكون من أولى
أهدافها احتضان واضح من المجلس، وكذلك
انخراط مستمر من طرفه لإنجاح هذه
العملية، والالتزام بضمانة مختلف
مراحلها، وخاصة تطبيق نتائجها. ويجب أن
يتم ذلك ضمن إطار زمني محدد في كافة
المراحل ولو أنه يتسم ببعض المرونة.وحتى
تنجح المواكبة الدولية، يجب أن تحمل
هذه رسالة واضحة وهو أن هذا التحول عبر
المفاوضات هو «اللعبة الوحيدة المسموح
بها»، أو السياق الوحيد الذي على طرفي
المعادلة، أو تحديدا السلطة
والمعارضة، الالتزام به لتحقيق التحول
السلمي نحو نظام جديد في سوريا تصنعه
أيادي جميع السوريين ويقوم على مشاركة
مكونات المجتمع السوري كافة في
صياغته، ليعبر عن حقيقة التنوع
الاجتماعي والسياسي الغني للمجتمع
السوري، وحتى لا تؤدي محاولات تغيير
النظام من جهة أو رفض التغيير الكلي من
جهة أخرى إلى الإطاحة بالدولة السورية. *
دبلوماسي وكاتب سياسي
لبناني
======================
تنبه
السوريون إلى أن سقوط النظام يعني
تقسيم سوريا وتفتيتها * نعم فيرا
يمين الشرق
الاوسط *
في 8 فبراير (شباط) 2011 كانت
الزيارة إلى براد في حلب، ويومها قلنا
ربي عوضت علينا ولو جزئيا حرماننا من
زيارة كنيسة بيت لحم بزيارة أرض القديس
مارون، وكأن صلاتنا استباق لما آلت
إليه الأمور من ضرب لجوهر الأديان في
المنطقة تحت عنوان جذاب ومغر «الربيع
العربي».
وددت
أن أستهل مقالتي بتذكر هذا التاريخ لكي
لا يضيع التاريخ بالتواريخ الطارئة
قافزا فوق التواريخ - المداميك لتاريخ
المنطقة.
خارطة
طريق رسمها «المجتمع الدولي» باعتراف
وزير الخارجية الولايات المتحدة
الأميركية الأسبق هنري كيسنجر،
وباعترافه شخصيا لضرب سوريا آخر معقل
للحفاظ على الهوية، فلا بد من إنهاء
صلاحيات أنظمة «صنعت في أميركا»، ما
يعطي دفعا لأي معارضة بتعزيز أحلامها
بالتغيير، فاستخدمت المعارضة الفعلية
بشيبها وشبابها وقودا للميادين؛ ليقطف
البديل المهيأ الانتصار باعتراف وزيرة
خارجية الولايات المتحدة الأميركية
السابقة هيلاري كلينتون بتاريخ 27
ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
سقط
زين العابدين بن علي، وتكاد تسقط تونس
عبر اغتيال مفكريها وفكرها. سقط حسني
مبارك، وكادت أن تسقط مصر لو لم يتحرك
شارعها لمحاربة الغزو الفكري المستجد.
وفي مصر لم يصمد البديل، وسرعان ما
انكشف لأنه لا يمثل مصر الثورة
الحاضرة، ولا الثائرة الدائمة، ولا
التاريخ الطاعن في تحديد الهوية
العربية.
في
ليبيا أسقط معمر القذافي، وسقطت
ليبيا، بل توزعت مناطق قبائل كان
معظمها للأمس مكتفيا على الأقل ماديا،
فبات متسولا على أبواب من نهب ثروات
ليبيا.
«خارطة طريق» بدل أن تضيء
الدرب للمعارضة الفعلية في سوريا
أضاءت الرؤية، فالبديل جاء أسوأ وأكثر
خطورة، فإذا بالمعارضين بحق، إما
أعادوا التموضع أو أعادوا القراءة؛
لأن ضرب النظام لا يكون بضرب الوطن،
فإذا ولدت معادلة جديدة لم يتنبه لها «المجتمع
الدولي»، وهي وحدة الحال بين القيادة
والقاعدة، ما يمتن ويحصن الدولة، وهذا
لم يكن بحساب «المهندسين الدوليين»
الذين يقرأون العالم العربي بالجملة. وبدأت
في سوريا وبدأ العداد الدولي: شهر،
شهران، فصل، فصلان، عيد، عيدان، وكرت
سبحة الأيام ونحن على بعد شهر تقريبا
من مرور سنتين على بداية الأحداث في
سوريا. واستمرت سوريا رغم الدم الذي
سال شهداء وضحايا، ورغم الخراب الذي
طال أماكن سياحية ودور عبادة دينية...
ومعظم الخراب مقصود. ورغم حصار دولي
ومد للمسلحين بالذخيرة والأموال
والعتاد. وتعددت
المبادرات الدولية وتوالى الموفدون
إلى سوريا، وكلما لاح أمل يعود فينطفئ.
وصمدت
سوريا... وبصمودها تكرس عدم إمكانية
الفصل بين النظام والأرض.
وتنبه
السوريون إلى أن سوريا المستهدفة
وسقوط نظامها يعني سقوطها وانهيارها
حد التقسيم.. إذا لم نقل التفتيت. وقد
يسأل أحدنا كيف استمرت سوريا؟ يطرح
السؤال على أي كان إلا على اللبناني،
وكيف استمر لبنان؟ بالسحر أو
بالإيمان؟
استمر
لأن أرض الحضارات لا يمكن أن تمحوها
سياسات. والعراق من العين قريب يعيد
ترميم نفسه، مصر تستولد ثورتها
الحقيقية، وما كان لذلك أن يتم لولا
صمود سوريا التي فرضت تعاطيا روسيا
مختلفا أعاد إلى التوازن الدولي بعضا
من روحه، وفرض على الأميركيين تغييرا
في المطبخ الداخلي وفق تسريبات أوباما
- ميدفيديف التي سبقت إعادة الانتخاب.
فكانت إقالة بترايوس ومرضت - إذا لم نقل
تمارضت - كلينتون. وقد يظهر المشهد أكثر
في صحف 8 فبراير 2013 التي كشفت عن خطة
للمجلس القومي، وتحديدا من وزير
الدفاع ليون بانيتا بدعم من بترايوس
وكلينتون، لمد المسلحين بالسلاح. فكان
رفض أوباما، بما يؤكد انقساما في
القراءة والتزاما بتعهدات من قبل
الرئيس الذي خرج من عقدة التمديد وهمه،
ربما إنجازا يحفظ أميركا من سلسلة
الخسارات في المنطقة.
وعليه
كان خطاب الرئيس السوري الأخير، خطاب
رئيس مرتاح لشعبه، واثق من قدرة بلاده
على تجاوز الاختبار، مقبل على
انتخابات رئاسية يختار فيها الشعب
السوري رئيسه. وإذا كان البعض يعتبر أن
العقدة في التسوية هي أحقية ترشح بشار
الأسد للرئاسة أو لا، فمعناه أنهم
مدركون أن شعبه سيعيد انتخابه... وإلا
لماذا هذا التخوف والدوران حول هذه
النقطة التي بدأت تتسع رقعتها لتجف بعد
ذلك؟
وإذا
أردنا إضافة أشبه بالحاشية، نلحظ تحول
الأنظار إلى غرب أفريقيا، وإلى مالي،
ما يؤشر إلى أن اتجاه البوصلة تغير،
وعليه تسارع بعض الدول استيلاد محور
جديد جزائري - إماراتي - أردني استباقا
لأي «ربيع جديد».
*
عضو المكتب السياسي
في
تيار «المردة» بلبنان
------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |