ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

11-02-2013

النظم العربية والالتفاف على الثورة السورية

سعيـد بوخليـط

2013-02-10

القدس العربي

لا أحد منا، يتبين حقا حيثيات دعوة الشيخ معاد الخطيب، التي انبجست من تغريدة على حسابه في الفيسبوك، كي تغدو نقاشا سياسيا عاما أثار وسيثير لغطا ، نظرا لما انطوى عليه الموقف من مفاجأة كبيرة قياسا لتقديرات أدبيات الثورة السورية، ثم ارتباطا بالسياقات التي تراكمت طيلة سنتين سواء إيجابا أو سلبا.

ربما، لم يتوقع المتتبعون حتى العارفون منهم بدقائق الأمور، أن الصرخات العلنية لبعض من الشباب السوري في يوم من أيام مارس'2011، استحضارا لحقي الخبز والحرية، ستتولد عنها مختلف هذه التشعبات المعقدة والمتداخلة والعويصة، التي أضفت فعلا على منطقة الشام طابعا كونيا، بحيث يسعى كل فاعل من الفاعلين الدوليين، أن يطرز فيها ما يشاء من الغنائم الجيو-سياسية، وفق طموحات موغلة في الأنانية، والآفاق الميكيافيلية على حساب بقاء وإنسانية السوريين.

لاشك، أن مبادرة الخطيب بفتح قنوات للتفاوض مع بعض عناصر النظام اللينة، غير'الملطخة أياديها بالدماء، وفي مقدمتها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، الذي تحدث الجميع عن تذمره منذ الأسابيع الأولى لاشتعال الثورة حيال ردة فعل الحكم، وبأنه لم يكن بتاتا راضيا عن الاستناد إلى المنطق العسكري.أقول، خطوة كهذه والتي بقدر ما تعكس وصول المعارضة السورية، على الأقل سياسيا إلى عنق الزجاجة، ويأس رموزها من إمكانية التجسيد العملي لسقف الشعار الملوح به طويلا، المتمثل في إسقاط نظام دمشق بمختلف تمظهرات أشكاله ورموزه، والانتهاء كليا من تجربة آل الأسد التي أخرجت بلدا رائعا مثل سوريا من سيرورة الحضارة والتمدن، مقابل تحويله إلى معتقل صحراوي ضخم .بالقطع أيضا، نستشف بين خبايا مبررات خطاب الخطيب ، عجزا عربيا واضحا لانتشال سوريا النازفة قيحا، من يوميات جحيم فرنكشتايني، يكابدها بأسطورة سيزيفية، شعب من أكثر الشعوب التي تستحق الحياة، إن لازال فعلا فوق هذه الأرض ما يبعث على أن نتشبث بالحياة.

لقد أضفى بشار الأسد، في خطابه الأخير، صفة 'فقاعات صابون' لاغير، على ماهية الربيع العربي، بالتالي، لاثورة ولاهم يفرحون، علما أن الأمير المدلل نفسه، قد استخلف أباه بناء على التركة الحصينة لـ'المشروعية الثورية' التي توفرها سوريا 'البعث' إلى كل الشعوب العربية مغربا ومشرقا، المغلوبة بإيديولوجيات رجعية والمسحوقة تحت أرجل مستبديها.

هكذا، تابع جلنا تاريخ حافظ الأسد وهو يشهر سيفه الأموي يمينا وشمالا، كي يرجع الحقوق لأصحابها: الحفاظ على جغرافية الجولان مرتعا خصبا لاستراحة الجنود الإسرائليين، تشتيت الصف الفلسطيني، تأثيت مجموع لبنان بقنابل طائفية وحزبية موقوتة، الصراع مع الأنظمة الملكية في المغرب والأردن والإمارات الخليجية، ثم تحدث الثورة الخمينية أواخر السبعينات، فيزيل نهائيا كسوة القومي التحرري ومرتديا بشكل عصابي عباءة التيولوجي العقائدي ليس نتيجة قناعة فكرية ومذهبية، بل للقضاء على صدام حسين غريمه المزعج في المنطقة، باقتلاع شوكته وذلك بسعيه ما أمكنه الأمر من أجل اقتلاع جذور أسباب قوة العراق، فجاءت فتوى مشروعية الدعم اللوجيستيكي والعسكري لما شكل خلال عقود مضت 'امبريالية واستكبارا عالميا'.

لكن، بشار وقد غسل يديه بالماء والصابون، من درن شيء اسمه تطلعات تاريخية بيولوجية قبل كونها مفهومية للشعوب العربية، أفصح حقيقة جهرا بما يعتمل في نفوس الحكام العرب، وما تتداوله خفية ومضمرا كواليس صياغة القرار الرسمي.

الربيع العربي، الذي استغفل النظم الساقطة لسوء حظها ربما ، شكل في المقابل صفعة للمتبقية كي تعيد تدبيج أولياتها، كل نظام حسبما أوتي في جعبته من مدخرات متبقية، موجهة في الآن ذاته أكفها إلى السماء صباحا ومساء، كي لا تتحقق معجزة الشعب السوري عاجلا أم آجلا، لأن من شأن هكذا أمر، بعث عزيمة الشعوب الأخرى ومزيد من ذيوع العدوى.

بهذا الخصوص، أكدت مجموعة مصادر حين بداية الثورة السورية، أن حكاما عرب همسوا في أذن بشار بضرورة ردعه للمتظاهرين وعدم رضوخه لمطالبهم. لكن، عندما لاحظوا استماتة السوريين ورغبتهم الجامحة في التحرر، شعروا بالحرج واضطروا بدورهم أن يحاولوا إدراك على الأقل لغويا وإعلاميا، دعاوي قاموس يكرهونه تنسجه مفردات الحرية والكرامة، إلخ.

إذن، لم يكن من باب الاختلال، أن يتم التعامل مع محنة السوريين بقمم الشعارات العكاظية، حيث اللغة تحاور نفسها بطريقة عبثية وتستدل على متوالياتها فقط بالانسجام مع بروتوكولات كاميرات للدعاية المجانية. بل، وجدوا في مأساة السوريين وتشردهم، عبرة لمن لا يريد أن يعتبر حيث عود على بدء: أنا الديكتاتور أو الطوفان من بعدي.'

 

======================

هدايا 'بابا بشار' للسوريين!

2013-02-10

القدس العربي

يعتليك المٌ فضيع وشعورٌ بالحسرة عندما ترى جبروت النظام في سورية يفتك بالشعب بلا رحمة ولا رأفة بعد ان جعل من معظم المدن السورية مسالخ يدحس للابرياء قبل ذبحهم ويعذب الشباب في السجون وينحر البعض في مواقف الطرقات من خلال الاعدامات الميدانية في سبيل البقاء في السلطة كركيزة تستخدم من قبل دول لتنفيذ مخططات لاجهاض الامة ونفث السم في جسدها من خلال نشر الطائفية لفرضها بعد ذلك كأمر واقع وهذه حقيقة لا تخفى على احد.

قوات النظام السوري تحرق الاخضر واليابس وتدك امامها كل شيء على الارض ومن السماء تصب طائرات النظام على روؤس السكان براميل حارقة وقنابل عنقودية تستخدم في الحروب للدمار الجماعي، انك تقف على اطلالِ مدنٍ وكأنما اصابتها زلازلٍ مدمرة، فالحقت بها خرابا شاملا ودمارا كاملا، فهجر من كان له الى ذلك سبيلا وبقي من تقطعت به السبل وفي كلتي الحالتين اصبح معظم الشعب لاجئين في الداخل والخارج.

عصيةٌ على الفهم عقلية النظام الذي لم يعد يفرق بين صغيرٍ وكبير، وقصيرةٌ هي نضرته حيث لم يعد يميز بين الابيض والاسود، وعمياء هي بصيرته حيث لم يعد يرى بعينه بل بطيرانه ودباباته، لقد افحل في القتل والدمار الى درجة انه لم يعد يهتم بتحديد الاهداف او دقة التصويب ولا يعبأ بالكم من ضحايا القتل او النوعية، اطفال نساء شيوخ صغار كبار الكل اصبح اعداء والكل اصبح مستهدفا والكل يدفع ثمن عنجهية النظام الوحشي واستبداده.

قتل الشعب الاعزل ودمار البنية التحتية لسورية الذي اتبعها ويتبعها نظام الاسد من خلال الحرب المدمرة الذي اشرك فيها كل ما لديه من اسلحة فتاكة ثقيلة تنبئ انه ليس متورعا امام اي شيء ما دامت منابع الاسلحة ما زالت تدر عليه من مصادرها المعروفة!

ما ذنب الطفل الذي كان يتغنى ويقول الطيارة طارت بالجو-- فيها عسكر فيها ضو.. وكان يرى فيها عزة وافتخارا، فهي من تحميه من الاعداء حتى ينام آمناً، إلا ان كل شيء تغير فاصبحت من تغنى بها الاطفال بالامس هي من تطل عليهم بنفحات الموت واللهيب الحجيمي اليوم، وهي من تسقط على روؤسهم براميلها البارود الحارقة وهي من تذر عليهم بالقنابل العنقودية التي تحمل رسائل تهاني 'بابا بشار' في اعياد ميلادهم حتى يتذكرونه كم هو حنون بابا بشار مدمر الديار على روؤس الكبار والصغار!

لقد احدث النظام السوري خرابا فضيعا ليس في البنى التحتية وقتل عشرات الالاف من الشعب البريء وتشريد الملايين في الداخل والخارج فقط، بل كذلك احدث عطبا وجرحا عميقا لا يندمل في نفوسِ اطفالٍ لا يدرون ماذا اقترفوا حتى يُعذّبوا كل هذا العذاب وهم براعم الغد وعماد المستقبل، الجيل الصاعد الذي يحمل في قلبه هما اكبر من سنين عمره.

د . صالح الدباني

======================

العدوان الإسرائيلي على سوريا طبيعته وأهدافه وتداعياته

د. فهد الفانك

الرأي الاردنية

11-2-2013

الغارة الجوية الإسرائيلية على سوريا ما زالت محاطة بقدر كبير من الغموض ، سواء حول طبيعتها أو أهدافها أو نتائجها وتداعياتها.

تقول الرواية الإسرائيلية أن الغارة استهدفت قافلة من الشاحنات المتوجهة إلى لبنان يعتقد أنها تحمل لحزب الله أسلحة استراتيجية كالصواريخ المضادة للطائرات.

وتقول الرواية السورية أن الغارة استهدفت مصنعأً عسكرياً علمياً وأوقعت إصابات في عدد من الافراد.

إسرائيل تعتقد أنها رسمت بفعلتها خطأ أحمر على تسليح حزب الله عن طريق سوريا سواء كان السلاح سورياً ام إيرانياُ.

وسوريا تقول إن الهدف من الغارة إضعاف سوريا ، وهذا تفسير غير مقنع ، لأن سوريا تضعف نفسها بنفسها بدون تدخل إسرائيلي ، كما أن غارة كهذه محدودة الأهداف لا تضعف دولة.

في المقابل هناك من يقول أن هدف إسرائيل ليس إضعاف سوريا بل مساعدتها ، لأن الاعتداءات الإسرائيلية تحشد الرأي العام العربي لصالح سوريا ، كما أنها تحرج الدول العربية التي تدعم الثورة السورية ، وبشكل عام فإنها تعطي دفعة معنوية لحساب النظام السوري.

التفسير الأخير يستند إلى فرضية أن إسرائيل تريد استمرار نظام الأسد لأنه حافظ على أمن احتلالها للجولان منذ ثلاثين عامأً ، ولأن البديل قد يكون نظاماً إسلامياً متشددأً ضد إسرائيل.

يلاحظ هنا أن خصوم النظام السوري لم يأخذوا بالهم من العدوان الإسرائيلي ولم يعلقوا عليه ، كما أن النظام السوري لم يوظف العدوان إعلامياً لتحويل الصراع من سوري – سوري إلى سوري - إسرائيلي.

كانت إسرائيل تعتقد أن الغارة ستمر بهدوء ، وإن سوريا لن تعلن عنها، ولكنها فوجئت بالشكوى السورية لدى مجلس الامن ، وأنه ليس لدى النظام السوري مبرر للتستر على العدوان.

كالمعتاد بعد كل عدوان إسرائيلي فإن الجانب العربي المعتدى عليه يحتفظ بحقه في الرد بالشكل والتوقيت المناسب ، ثم تمر الأيام دون رد.

مرت عدة أسابيع على العدوان ولم تصدر أية تقارير استخبارية تتناول حقيقة ما حدث ، كما أن الجانب العربي قابل العدوان الإسرائيلي على سوريا بالصمت ، فلم يصدر تصريح عربي كالمعتاد يشجب العدوان ، ربما لأن ذلك قد يصب في مصلحة النظام السوري.

======================

مدن سورية مسورة داخل حدودنا

طاهر العدوان

الرأي الاردنية

11-2-2013

يلخص نوري المالكي الوضع في سوريا بالقول بان الاسد يقاتل طائفيا وبان الطائفة العلوية تقف برجالها ونسائها خلفه للدفاع عن الطائفة( على حد قوله ) . ونسي المالكي ان يضيف بان عائلة الاسد تحكم سوريا طائفيا منذ ٤٣عاما وان سبب هذا الدمار وشلالات الدماء هو إصرار الاسد بان يظل الحكم في سوريا على حاله ( الى الابد) ولأنه قرر ان يحول الربيع العربي في بلاده من حقول للياسمين الى ساحات رماية للطيران والمدفعية والبراميل المتفجرة والإعدامات الميدانية .

 ماذا تعني الحرب الطائفية ؟

 تعني انها ستكون حربا طويلة ، فهي لا تزال مستمرة بالعراق منذ تسع سنوات واستمرت في لبنان ١٥ عاما وهذا يعني اننا سنشهد خلال السنوات المقبلة ظهور مدن سورية داخل حدودنا الشمالية . اليوم يطالب عشرات الآلاف من اللاجئين تحسين اماكن إيوائهم وتحويل الخيام الى بيوت ومساكن ، وما نشر هذا الاسبوع عن احد المخيمات الجديدة يظهرها بانها افضل معماريا من بعض الاحياء داخل عمان .

 ازمة الغذاء والدواء في مخيمات اللاجئين ستكون الأسهل في إفرازات حرب طائفية طويلة في الشقيقة الجارة لأنه مع مرور السنوات قد تتحول حالات الشغب المحدودة كالتي ظهرت في الزعتري الى مظاهرات عنف للمطالبة بالخروج من أسوار المخيمات والسماح بالعمل والخدمات والتنقل . فمن يتخيل انه يمكن حصر كتل بشرية كبيرة خلف الأسوار لعدة سنوات ولا ينتظر تمردا او ثورة هو واهم ، خاصة وان هؤلاء اللاجئين نتاج ثورة بشعارات الحرية والكرامة.

 اذن البلد امام جملة من الازمات الكامنة ، اقتصادية وامنية سياسية ، ولا يجب الركون الى المساعدات الدولية والخليجية لانه اذا طالت حرب بشار الطائفية فان الحماس لتقديم هذه المساعدات سيتراجع ، وستلقى المشكلة ( في عبنا ) وقد لا نكون عندئذ قادرين على خلع شوك الاخرين بأيدينا ولا تحمل مسؤوليات أزمات غيرنا .

 امس الاول وصف مسؤول لبناني ما يجري بان بلاده تتعرض لفيضان من اللاجئين السوريين . في الاردن يوجد تسونامي من النزوح الجماعي هربا من سياسة الارض المحروقة التي ينفذها النظام في جنوب دمشق ودرعا . هذا التسونامي بحاجة الى عمل عاجل وطارئ لوضع الجميع امام مسؤولياتهم .

 ١- للقيام بحملة سياسية تقودها الدول المضيفة للاجئين بطابع إنساني تجاه مجلس الأمن والمجتمع الدولي لتحمل مسؤلياتهم بوقف المجزرة ، والضغط على روسيا وإيران لوقف إمدادات الاسلحة للنظام مع وضع آلية لذلك . ٢- العمل على فرض حل سياسي انتقالي على النظام والمعارضة ، واذا رفض النظام وحلفاؤه فلا بد من تزويد المعارضة بالسلاح النوعي القادر على اقامة مناطق آمنة تحمي المدنيين من الطيران وآمنة نسبيا لكي يعود اليها اللاجئون او على اقل تقدير وقف عمليات النزوح الجماعية ٣-اذا استمر الوضع الأمني على حاله يجب فتح ( كارادورات) لمرور عشرات الآلاف من اللاجئين عبر الاردن الى دول الخليج .

======================

زيارة الراعي لسوريا وارتداداتها

نايلة تويني

2013-02-11

النهار

لا يمكن المتابع للشأن العام ان يمر مرور الكرام بزيارة بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي الى دمشق يومي السبت والاحد للمشاركة في تنصيب بطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر. ولا بد من قراءة اكثر موضوعية من التصريحات الانفعالية التي سادت في اليومين الاخيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبلغ بعضها حد الانجراف الى تشويه المقدسات والتطاول عليها ولو عرضا ومن غير قصد، هو انجراف عاطفي بلغ حد تفلت الغرائز وصولا الى التجريح والشتيمة.

في المقابل، لا اوافق الامين العام لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد على دعوته الآخرين، اي غير الموارنة، او ربما غير المسيحيين، الى عدم التطرق الى الزيارة وترك امر الترحيب بها او انتقادها للمسيحيين انفسهم. في كلام سعيد محاولة حماية للراعي من تعليقات جارحة وتهجمات اكيدة لن توفر زيارته بكل ابعادها، وربما تناولته شخصيا في حركته ومواقفه، لكن رجال الدين، كما رجال السياسة، وكل متعاط للشأن العام، معرضون في حركتهم اليومية للانتقاد، فكيف اذا كانت لحركتهم انعكاسات وترددات تصيب الجميع في الداخل والخارج، وكيف اذا كانت حركة رجال الدين عندنا في قلب السياسة، وربما كان بعضهم يهتم للشؤون الدنيوية اكثر من انشغاله بأمور الدين.

الاكيد ان البطريرك الكاردينال جريء في خطوته التي تقارب حد الخطر، وان يكن النظام السوري جهد لتأمين غطاء امني للزيارة، كما لاحتفال التنصيب الذي أقيم أمس، ليظهر أمام العالم مظهر الدولة القادرة على حفظ امنها وامن ضيوفها. الزيارة في بعدها المسيحي تعطي دفعا معنويا لمسيحيي سوريا والشرق في هذا الظرف العصيب، وهو بعد كنسي مهم في حياة الرعاة منذ العصور الاولى للمسيحية عندما كان الاساقفة يموتون من اجل رعيتهم ويبذلون انفسهم عنها. لم يكن الاساقفة يتحركون في مواكب مصفحة وتتوافر لهم الحماية الامنية.

لكن للزيارة ايضا بعدا سياسيا واضحا وان شاء منظموها الا يركزوا على هذا الجانب، او ان يغفلوه كليا. فالتوقيت غير مناسب، وفي غياب "الغطاء المسيحي" الذي درج العماد المتقاعد ميشال عون على توفيره للنظام السوري بزيارته لبراد في عيد مار مارون، بدت زيارة البطريرك كأنها تسدّ فراغه. وكانت واضحة موافقة الرئيس السوري الضمنية على عدم دعوة البطاركة لزيارته، وعدم اصراره على لقاء البطريرك الماروني على رغم الطابع التاريخي للزيارة لبلده. وفي كل هذا تنسيق ضمني واضح يتخطى حدود الزيارة الراعوية.

هذا في الشكل، أما في المضمون، فان الموقف حرج، اذ ركز البطريرك الراعي على الاصلاح من الداخل وبالحوار، وهو ما فسّر بأنه دعوة الى ابقاء الرئيس الاسد والتحاور معه لتحقيق اصلاحات يعلم البطريرك جيدا انها مستحيلة مع نظام كهذا النظام...

صحيح ان للبطريرك ملء الحرية في ما يفعل وما يقول، ولسنا في موقع الانتقاص من دوره، ولكن من حقنا أن نسأل عن ارتدادات زيارته. هل تريح المسيحيين السوريين في تعاملهم مع مواطنيهم من غير المسيحيين، ام تحرك غرائز من سيقرأون مواقف البطريرك على هواهم او وفقاً لما يدركون فتأتي العواقب وخيمة كما في خطف ثلاثة كهنة امس في سوريا؟

الجرأة والاقدام شرطان ضروريان لتولّي مراكز قيادية، لكن الحكمة تبقى القيمة الاغلى منهما، لأن الامور مرهونة بنتائجها. ولا بد أن ننتظر.

======================

الأزمة السورية والصمت الإسرائيلي

حسين العودات

التاريخ: 11 فبراير 2013

البيان

تُلاحَظ ظاهرة تثير الاهتمام، وربما تثير الريبة، وهي غياب السياسة الإسرائيلية (المعلنة) عن الأزمة السورية، وندرة المحللين الذين يشيرون إلى هذه السياسة أو يأخذونها في اعتبارهم، وحتى الصحف الإسرائيلية لا تهتم كثيراً بهذه الأزمة، وإن تناولتها تمر عليها مروراً عابراً، وكأن إسرائيل لا علاقة لها بشؤون المنطقة، على خلاف عادتها.

حيث تتدخل سراً وعلانية في كل صغيرة وكبيرة. فهل تحولت السياسة الإسرائيلية، بعدوانيتها المعروفة وصلفها المشهود، إلى سياسة تنغلق على نفسها، ولا تحسب حساباً لما يجري حولها؟ لا أحد يظن ذلك، بدليل التجربة التاريخية، والصخب الإسرائيلي تجاه سعي إيران لتخصيب اليورانيوم، فهل أدارت إسرائيل حقاً ظهرها للشأن السوري، خاصة وأن سوريا كانت دائماً تشكل هاجساً للأمن الإسرائيلي؟

وإن لم يكن الأمر كذلك، فما أسباب عدم اهتمام السياسة الإسرائيلية (الظاهرية) بالشأن السوري؟ وهل لديها بدائل فعلية (وسرية) لا نعرفها؟

من البديهي أن السياسة الإسرائيلية منذ قيام إسرائيل، تهتم بكل تطور صغير أو كبير في دول المنطقة، ليس فقط التطور العسكري أو الأمني، بل أيضاً التطور الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي، ناهيك عن التطور السياسي. ولعله من الخطأ السياسي، بل «العمى السياسي» ألا يبحث السياسيون والمحللون والمراقبون عن الدور الإسرائيلي.

وعن أسباب الصمت الحالي، فإسرائيل لاعب هام، إن لم يكن الأهم في المنطقة، وهي واحدة من القوى الإقليمية الثلاث الرئيسة ذات الشأن (إسرائيل، إيران، تركيا)، التي تتسابق على تحقيق هيمنة أو شبه هيمنة على المنطقة أو على جزء منها، في انتظار أن تقوم «القوة الإقليمية العربية» وتسد الفراغ.

وما دام ذلك كذلك، يحق التساؤل مرة أخرى عن أسباب خمود السياسية الإسرائيلية، خاصة أن إسرائيل تتحين الفرص دائماً لتحقق كسباً استراتيجياً أو تكتيكياً. وبداهة أن رغبة إسرائيل هي تدمير سوريا، والقضاء على إمكانية أي خطر قد يأتي منها، وإزالة أي خطر منها.

عتقد أن أسباب الصمت الإسرائيلي، وتنحي السياسة الإسرائيلية عن التدخل المباشر، تعود لواحد من اثنين، الأول هو أن إسرائيل تعرف أكثر من أي طرف آخر شؤون المنطقة وواقعها وظروفها، سواء ما يتعلق بإمكانات المعارضة السورية، ونوع الحراك الشعبي، كما تعرف أيضاً إمكانات السلطة السورية، ونهجها ووجهات نظرها، وتتوقع سلوكها تجاه الحراك الشعبي والثورة.

وبالتالي، فإنها كانت تعرف منذ البدء أن صراع المعارضة مع النظام سيؤدي إلى تدمير سوريا، أو إزالة خطر دولة جديدة من أمام إسرائيل، كما أزيل خطر العراق وليبيا، وتقدر في ضوء معرفتها ومعلوماتها، صعوبة حسم أي من الطرفين للصراع حسماً عسكرياً.

وبالتالي سوف يطول الصراع، ويتنامى معه التدمير، وعليه فمن الأفضل أن تصمت السياسة الإسرائيلية، وتترك أمر إنهاك سوريا ينضج بأيدي السوريين أنفسهم. ولعل هذه السياسة كانت تتوقع أن السلطة السورية لن تتخلى عن امتيازاتها، ولن تقبل تسوية تاريخية مع المعارضة، وأن المعارضة السورية لن تتراجع عن المطالبة بحقوقها، وبالتالي، فلا بد أن الصراع سيطول لينتهي إلى تدمير البلاد.

أما الاحتمال الثاني، فهو أن السياسة الإسرائيلية طالبت السياسة الأميركية، عندما رغبت منها هذه الأخيرة عدم التدخل، وربما عندما أوحت لها بأنها ستعمل على إسقاط النظام، وربطت موافقتها بشرط أن يتم تدمير سوريا تدميراً كلياً، قبل إسقاط النظام، وقبلت الإدارة الأميركية بهذا الشرط الإسرائيلي.

إنه لمن السذاجة عدم الانتباه للصمت الإسرائيلي، فلم تكن السياسة الإسرائيلية طوال تاريخها صامتة على ما يجري في المنطقة، أو حيادية تجاهه كما هي الآن، ولعل أحد السببين السابقين، يفسر هذا الصمت، حيث تتحقق الأهداف الإسرائيلية دون أن تتحمل إسرائيل أي عبء.

إن اللافت للانتباه، هو تجاهل السياسيين في سوريا والمنطقة كلها لدور إسرائيل، وكأنها لاعب ثانوي في قضية أساسية وحساسة ذات علاقة بأمن إسرائيل ومستقبلها، حتى إن بعضهم نسي تماماً دور اللاعب الإسرائيلي واهتماماته، وانعكس هذا الأمر على الرأي العام الشعبي في سوريا والمنطقة، بحيث لم يعد أحد يتذكر الدور الإسرائيلي، وكان من الأولى بكل الأطراف، الإشارة دائماً إلى اللاعب الإسرائيلي.

وتفحص دوره السلبي. إنه من نافل القول، أن الاستكانة تجاه موقف إسرائيل، واعتبار صمتها لا مبالاة أو عدم اهتمام، هو خطأ كبير، وينبغي دائماً تذكر أن إسرائيل من اللاعبين الأساسيين في المنطقة، وأن سرية الممارسات الإسرائيلية لا تلغي الدور الحقيقي والفعالية السياسية، والاهتمام الشديد بما يجري في سوريا، وفي غيرها من دول المنطقة.

إن التدقيق في المواقف الإسرائيلية تجاه دول المنطقة وأحداثها، يؤكد أنها تصمت أو تعمل، بالسر أو العلن، ضمن رؤية استراتيجية ومواقف تكتيكية خبيثة. فقد استكانت للرأي الأميركي عام 1956 وانسحبت من سيناء وغزة، لأنها لو لم تفعل ذلك لحدث شرخ في علاقتها مع إدارة الرئيس أيزنهاور، وأقامت الدنيا ولم تقعدها عند محاولة العرب منع تحويل نهر الأردن، وأثارت مع حليفتها الأميركية الرأي العام العالمي.

وصرخت بالشكوى (الكاذبة) قبيل عدوان يونيو (1967)، زاعمة أن عبد الناصر سيدمرها. وذرفت دموع التماسيح خلال وبعد حرب 1973، ولم تتورع عن غزو لبنان وحصار بيروت عام 1982، والعدوان على لبنان عام 2006، وعلى غزة عام 2008، وجأرت بالصراخ المسعور بسبب محاولة إيران تخصيب اليورانيوم.. ولهذا، فلا بد من سبب خفي يفسر سكوتها عما يجري في سوريا، وهذا ما يجب بحثه والتوقف عنده.

======================

رسائل العدوان «الإسرائيلي» على سوريا * محمد السعيد ادريس

الدستور

11-2-2013

على الرغم من تعدد الرسائل التي حملتها الغارة الجوية الإجرامية «الإسرائيلية» على مركز «جمرايا» للبحوث العسكرية بريف دمشق الأربعاء (30 يناير/ كانون الثاني الماضي)، فإنّ هناك رسالتين أكثر أهمية من كل الرسائل الأخرى . الرسالة الأولى تخص إيران وحزب الله معاً، أما الرسالة الثانية فتخص الولايات المتحدة وروسيا والتوافق الجديد الذي أخذت معالمه في الظهور، وعلى الأخص في الشرق الأوسط، وبتحديد أكثر في سوريا .

الرسالة الأولى التي تخص إيران وحزب الله مفادها أن استراتيجية «الضربات الوقائية» وسياسة «الردع المبكر» باتتا جاهزتين للتعامل مع كل من إيران وحزب الله، في إشارة إلى تبدّل موازين القوى لمصلحة الكيان الصهيوني في ظل تداعيات «الارتباك الشامل» الذي يفرض نفسه الآن في سوريا، ويعطي الكيان الصهيوني فرصة تاريخية لشن عدوان ضد حزب الله وربما ضد إيران .

فالغارة الجوية التي شنتها الطائرات «الإسرائيلية» على الموقع العسكري بريف دمشق استهدفت، حسب معلومات إعلامية، مجمعاً عسكرياً وقافلة نقل «صواريخ أرض - جو» روسية الصنع من طراز «إس .إيه 17» كانت موضوعة على آليات، إضافة إلى عدد من المباني المتجاورة التي يشتبه في أنها تحوي أسلحة كيماوية كان «الإسرائيليون» يخشون نقلها إلى حزب الله . واضح أن هذه المعلومات مصدرها «إسرائيلي»، وأنها استهدفت تبرير العدوان، رغم أن الواقع قد يختلف عن ذلك في ضوء معلومات أخرى تتحدث عن عمليات نقل معدات وأسلحة يقوم بها الجيش السوري إلى المناطق الأكثر أمناً والأكثر سيطرة من جانب النظام السوري، وأن ما يقال عن نوايا نقل هذه الأسلحة والمعدات إلى «حزب الله» ليس إلا محض افتراء «إسرائيلي» .

الواقع يقول إن المسألة ليست فقط محض افتراء، ولكنها تخطيط ورسالة شديدة الوضوح إلى كل من إيران وحزب الله، مفادها أن الكيان الصهيوني عند موقفه المعلن بخصوص منع نقل أية أسلحة كيماوية أو صاروخية من سوريا إلى حزب الله، لكن الأهم، هو أن الكيان الصهيوني أضحى قادراً على «خوض مغامرات محسوبة» ضد حزب الله وإيران .

مثل هذه المغامرات المحسوبة ربما تكون صادمة للطرفين: إيران وحزب الله على ضوء صمت النظام السوري، وعلى ضوء ما يمكن وصفه ب»تحفيز» إيراني لهذا النظام كي يرد على العدوان بما يستحق . فقد وصل سعيد جليلي رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني إلى دمشق في زيارة امتدت ليومين عقب هذا العدوان مباشرة (1 و2 فبراير/ شباط الجاري)، وأعرب عقب لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، عن ثقته بحكمة القيادة السورية في التعامل مع هذا الهجوم «الذي يستهدف الدور الريادي لسوريا في محور المقاومة»، وأكد «دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكامل للشعب السوري المقاوم في مواجهة العدو الصهيوني» . أما اللواء محمد جعفري القائد العام للحرس الثوري الإيراني، فكان تعليقه على هذا العدوان هو التنديد والتوصيف عندما قال إن «إيران منذ سنوات كانت ومازالت تحذر من السلوك الوحشي للكيان الصهيوني الغاصب»، كما أشاد بصمود الحكومة السورية بوجه الاعتداءات والمؤامرات الخارجية، وأعرب عن أمله بأن تقوم الحكومة السورية بالرد المناسب إزاء الاعتداءات، معتبراً أن الكيان الصهيوني لا يعترف إلا بلغة القوة «ويجب التعامل معه على نحو مقاوم وحازم» . ولم يختلف موقف وزير الخارجية علي صالحي عن ذلك كثيراً، فقد اعتبر العدوان «الإسرائيلي» انتهاكاً سافراً للسيادة السورية، وأنه يأتي ضمن السياسات الغربية و»الإسرائيلية» للقفز إلى الأمام، وتغطية إنجازات الحكومة والشعب السوريين في تثبيت السيادة وإعادة الاستقرار والأمن إلى البلاد، كما اعتبر أن هذا العدوان «يثبت حق سوريا حكومة وشعباً في مقاومة الكيان «الإسرائيلي»، كما يثبت تماشي المجموعات المسلحة التي تزعزع الأمن والاستقرار مع الأهداف «الإسرائيلية»» .

هذه التصريحات الإيرانية التي لم تخرج عن نطاق توصيف العدوان وإدانته، وتحفيز القيادة السورية إلى ردّ محسوب جاء متناقضاً تماماً مع تصريحات إيرانية لمسؤولين كبار أكدوا أن «العدوان على سوريا سيكون عدواناً على إيران».

لم تردّ سوريا وربما لن تردّ، ولم تردّ إيران ولن تردّ، ولم يصدر حزب الله موقفاً واضحاً وصريحاً من أية تداعيات محتملة لهذا العدوان على سوريا، وهذا ما كانت تريده «إسرائيل» وما يريده نتنياهو بالتحديد، وهو يحاول ترميم ما بقي من سمعته ومكانته هو وحزبه من جراء النتائج الهزيلة التي مني بها في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت الشهر الماضي . فالعدوان على سوريا جاء ضمن استعداداته لتشكيل حكومته الجديدة، وقد اختار الطرف الأضعف في مثلث «الأعداء» (إيران وسوريا وحزب الله)، وربما الأضعف في ظل الظروف الراهنة، كي يوجه عدوانه من أجل دخول معركة تشكيل الحكومة من مركز القوة، لكنه في الوقت ذاته، نجح في أن تصل رسالته إلى إيران وحزب الله، أن الكيان الصهيوني عند تهديده وعند قدرته على ممارسة الردع، وعلى توجيه ضربات إجهاضية لأي مصدر للتهديد حتى لو كان هذا التهديد محتملاً .

أما الرسالة الثانية التي تخص التوافق الأمريكي الروسي الجديد، فهي تهدف إلى التأكيد أن «إسرائيل» لن تقبل أن يكون هذا التوافق، وبالذات ما يتعلق بسوريا، على حساب مصالحها وأمنها . فقد جاء العدوان «الإسرائيلي» على سوريا في الوقت الذي أخذت تتشكّل فيه بعض معالم التوافق الأمريكي الروسي بعد سنوات من التوتر الذي ظهر جلياً إزاء الأزمة السورية . معالم هذا التوافق ظهرت في الموقف الأمريكي الجديد من الأزمة السورية الرافض لتسليح المعارضة والمتشدد تجاه السلفيين الجهاديين الذين يقاتلون نظام الأسد، وخاصة «جبهة النصرة» التي وضعتها واشنطن في خانة المنظمات الإرهابية .

كما ظهرت في تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الجديد التي قال فيها «إن واشنطن تحتاج إلى التعاون مع روسيا في الشأن السوري»، وتحدث أيضاً عن «أهمية تحسين العلاقات مع موسكو وإعادتها إلى مستواها الملائم»، ولم ينس أن يشير إلى أن موسكو ساعدت واشنطن على حل عدد من القضايا المهمة وبينها «اتفاقية ستارت»، وساعدتها أيضاً في إطار مفاوضات «مجموعة 5+1» مع إيران .

الحكومة «الإسرائيلية» تدرك هذه التوافقات، وتدرك أيضاً أن واشنطن عازمة على التفاوض مجدداً مع إيران على برنامجها النووي، وأن لقاءً سوف يعقد يوم 25 فبراير/ شباط الجاري في كازاخستان لهذا الغرض بين إيران و»مجموعة 5+1» .

تطورات تدركها الحكومة «الإسرائيلية» بالقدر الذي تدرك فيه أن تقاسماً جديداً لمناطق النفوذ يحتمل أن يتشكل بين كل من واشنطن وموسكو في المنطقة، ولا تريد أن يكون هذا التقاسم على حسابها .

======================

صدام حسين سوري!

الشرق الاوسط

حسين شبكشي

11-2-2013

في لقاء «مثير» للجدل لهذه الصحيفة ومع رئيس تحريرها الدكتور عادل الطريفي صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأنه في اجتماع عقده مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن قالا له إنه بقي أمام الأسد في الحكم شهران، وأن المالكي أجاب بكل ثقة: ولا سنتان. وطبعا هذه الإجابة لم تأتِ على لسان نوري المالكي من فراغ، فهو جزء أساسي في أدوات دعم نظام الأسد وإطالة أمد بقائه بشتى الصور.

فالمالكي تحديدا القادم على ظهر «مؤامرة خارجية» بامتياز، تلك النغمة التي يتغنى بها إعلام بشار الأسد في تبرير ما يحصل لنظامه بدلا من الاعتراف بأن ما يحصل هو ثورة حقيقية آن أوانها لمواجهة الظلم والفساد والطغيان، وكذلك لم يدرك نوري المالكي أن بشار الأسد هو نتاج حزب البعث الخبيث الذي يحاربه المالكي بكل ضراوة في العراق ويجرم المنتمين إليه بشتى الطرق والوسائل، ولكنه يتغاضى عن كل ذلك ما دام الأمر له علاقة بميزان «طائفي» يعمى ويضلل عن الجرائم والمظالم والقائم عليها.

والمالكي الذي يدرك ويعي تماما أن نظام بشار الأسد كان فاتحا لحدوده مع بلاده لكل الجماعات المتطرفة التي كانت تمول من قبل الاستخبارات السورية للقيام بعمليات إرهابية داخل العراق ضد قوات العراق والجيش الأميركي. وهذا ليس بسر، حيث إن بشار الأسد كان يقوم بذلك الأمر باسم «المقاومة» لإشغال الأميركيين عن التوسع في عملياتهم للداخل السوري.

ولم يكتفِ نوري المالكي بالتغاضي عن كل هذا السجل الأسود لنظام بشار الأسد في قمع شعبه باسم البعث أو حماية الأقليات أو محاربة العمليات المسلحة وغيرها من الأكاذيب، ولكن المالكي «يدعم» نظام بشار الأسد علانية ويدافع عنه في المحافل الدولية والعربية، وجعل حدود بلاده سدا أمام النازحين السوريين الهاربين من جحيم الأسد وممرا للعتاد والسلاح والأفراد المقاتلين بجانب الأسد وجيشه وشبيحته.

إطالة عمر نظام الأسد مهمة يؤديها بنجاح وامتياز كل من أحمدي نجاد الرئيس الإيراني ونوري المالكي وحسن نصر الله وجماعاتهم المحسوبة عليهم من ساسة واقتصاديين وإعلاميين، كل يؤدي دوره لأجل التبرير للأسد وتقديم الأعذار لنظامه وتفنيد الأسباب «الحقيقية» لما يحدث في سوريا، وإلغاء فكرة أن ما يحدث هو ثورة ضده من أذهان العالم، وهي مهمة باءوا جميعا فيها بالفشل الذريع لأن قناعة العالم زادت بأن نظام الأسد مجرم ويجب أن يرحل، ولكن تخاذل «مجاميع» معينة مستفيدة من بقائه بشكل كبير سواء كجزء من مشروع سياسي وطائفي أو جزء من منظومة أمنية وسياسية تؤدي أغراض استراتيجية باهظة الأهمية.

ولذلك، لم يكن غريبا بكل هذه الخلفية وغيرها أن يقول المالكي تصريحه بأنه يراهن على بقاء الأسد أكثر من سنتين لأنه هو وغيره سيكونون أنبوبة الحياة التي تمد الأسد ونظامه بالأكسجين العسكري والسياسي والأمني الذي هو بحاجة ماسة إليه للبقاء والاستمرار بأي ثمن وبأي طريقة.

وما لا يدركه المالكي أنه وبصورة مباشرة يضع نفسه في نفس خانة الأسد بدفاعه عن نظام دموي وغاشم وقاتل، وسيجعل خصوم المالكي يبررون مواقفهم في الهجوم الحاد عليه، ووصفه بأنه ديكتاتور مسألة لها ما يبررها بشكل واضح وكبير. فلا يمكن للمالكي أن يدعي ويروج للعالم أنه نتاج تحول ديمقراطي في العراق أتى للحكم عبر دستور وانتخابات وبرلمان منتخب وشرعي ويدافع عن نظام كاريكاتوري أتى للحكم وراثة وبالدم، هذا النوع من الهراء والاستغفال لم يعد من الممكن قبوله ولا يمكن استمراره.

فإن من العيب أن يخرج رئيس وزراء دولة تعرضت لعذاب صدام حسين وحكمه وتم تحريرها من دمويته وبطشه، ليدافع عن نسخة سورية أسوأ منه.

أقل شيء ممكن أن يعمله نوري المالكي هو أن يغير بشار الأسد صدام حسين سوريا!

======================

أدونيس ومعاوية.. والدولة العلمانية

د. علي حرب

البيان

11-2-2013

تبدو الأزمة في سوريا مستعصية على الحل، بعد أن أصبح هذا البلد العربي فريسة لحرب مركبة، طاحنة ومدمرة، تدور على مستويين: الأول هو الصراع الدموي على مستوى الداخل، بأبعاده الطائفية والعرقية والقبلية، بين النظام الأمني والمعارضة بمختلف فصائلها وهيئاتها المدنية والعسكرية. والثاني هو الصراعات الإقليمية والدولية على أرض سوريا، التي كانت لاعباً فإذا بالتطورات تنقلب ضدها، لكي تصبح ملعباً للتجاذبات والصراعات بين الدول الفاعلة والقوى الكبرى.

من هنا تعقد اللقاءات والمؤتمرات العديدة، هنا وهناك، من أجل إيجاد مخرج يوقف حمام الدم ويفتح المجال للحوار الفكري والصراع السياسي. وكان آخرها المؤتمر الذي عقد في جنيف، تحت العنوان: "من أجل سوريا ديمقراطية ودولة مدنية". ألقى الشاعر الكبير أدونيس كلمة في المؤتمر، تحدث فيها عن سوريا بتركيبها البشري التعددي وإرثها الثقافي الغني، ومنجزاتها الحضارية على المستوى العالمي والكوني.

ثمة ثابت في موقف أدونيس من الثورات العربية، إذ هو، منذ أن انفجر الوضع في بلده، صار يعتبر أن هذه الثورات قد أسقطت نظام الحكم، ولم تسقط البنى الثقافية والمجتمعية التي أنتجته، أي أنها أزاحت "الكرسي" وبقي "الرأس"، وفقاً لاستعارته البليغة.

ولكن أدونيس يعرف أكثر من غيره، أن تغيير بنى المجتمع الغائرة والراسخة بشيفراتها الثقافية وعلاقاتها السلطوية، لا يتم بعد سقوط رئيس ومجيء آخر، وإنما يحتاج إلى جهود حثيثة وجبارة من العمل على الذات، لإجراء التحولات البنيوية في العقليات والمفاهيم، في أنماط التفكير والتخيل.

كما في نماذج البناء وأساليب العمل، فضلاً عن تغيير منظومة الحقوق وقواعد التواصل والتعامل. نحن إزاء سيرورة لا تتوقف، من الموجات والقفزات والطفرات، بل تبقى قيد الإنجاز، ولا تكتمل، سيما في هذا الزمن المتسارع بتغير معطياته وسيولة معلوماته وتقلب أهوائه وهشاشة كياناته...

فيما يخص سوريا، يعتبر أدونيس أن العنف الفاحش الذي يستخدم على أرضها، والذي يضع شعبها بين جحيم النظام وجحيم المنظمات الأصولية المتطرفة، إنما يتعارض مع قيام دولة مدنية، ديمقراطية، تعددية، بل هو ينسف شعارات الثورة حول الحرية والعدالة، والمساواة في المواطنة من غير تمييز على أساس الطائفة والعشيرة والعرق أو الجنس.

ولذا يشدد على أن "ألف باء" الثورة الحقيقية، هي الفصل بين ما هو ديني من جهة، وما هو سياسي وثقافي من جهة أخرى. انطلاقاً من هذا المبدأ، أشار أدونيس في كلمته إلى أن معاوية بن أبي سفيان، كان أول مَن بنى دولة عربية مدنية تقوم على الفصل بين الدين والدولة.

هذا الاستشهاد بمعاوية لفت نظر الصحافي جهاد الزين الذي شارك في المؤتمر، وتحدث عنه في افتتاحيته التي استأثر معاوية بعنوانها (جريدة "النهار" 5/2/2013).

أتوقف عند هذا الاستحضار للخليفة الأموي، لأقول إنه ربما كان الدكتور محمد عابد الجابري هو أول من تحدث عن معاوية فيما يخص إشكالية الفصل بين الدين والدولة، كما شرح ذلك في كتابه "نقد العقل السياسي العربي".

لقد ذهب الفيلسوف المغربي في قراءته لأقوال معاوية ولتجربته في الحكم، إلى أنه أحدث "قطيعة" مع حكم الخلفاء الراشدين، تجلت في الفصل بين الأمراء والعلماء، بين المُلك والشريعة، أي بين المجالين السياسي والديني.

ليس هذا وحسب، بل إن معاوية، وكما أقرأ بدوري تجربته، قطع مع النبوة نفسها، وهذا ما لم يشأ الجابري إثارته كي لا يدخل إلى المنطقة الحرجة والخطرة، مما جعله يستبعد في دراساته النقدية التطرق إلى المجال اللاهوتي.

أياً يكن، فالمهم أن معاوية، وكما بيّن الجابري نفسه، كان ذا منزع "ليبرالي نفعي". يشهد على ذلك حديثه إلى الذين جاؤوا لتهنئته بعد أن استتب له الأمر، ومطالبته بأن يحكم بسنة الله ورسوله وبما قرره الخليفتان أبوبكر وعمر. ولكن معاوية رفض الحكم بما سنه الشيخان، أما الحكم بسنة الله ورسوله، فهو وإن لم ينفه مباشرة، فقد تجاوزه مداورة. يؤكد ذلك ما ورد في حديثه المذكور:

"فلتكن بيننا منفعة متبادلة ومواكلة حسنة ومشاربة جميلة". بهذا يتعدى الأمر مسألة الفصل بين الدين والدولة، نحو إقامة دولة غير دينية، على أساس ما يتعاقد عليه الحاكم والمحكوم.

مثل هذا الانقلاب ينطوي على جرأة فكرية، وعلى اجتراح سياسي، فيما يخص ترتيب العلاقة بين الدين والدولة، لم يسبق معاوية إليه أحدٌ، بل لا نجد له نظيراً عند اللاحقين، ولا حتى عند الحداثيين من العلمانيين؛ إنه موقف أكثر تقدماً بكثير من مواقف بعض دعاة التقدم والاستنارة.

هذا من جهة الرؤية، أما من جهة الطريقة، فإن معاوية أكّد في حديثه لمن خاطبهم بأنه سيحكم "ببعض الحق، وليس بالحق كله". ولا شك أن مثل هذا القول، الذي يصدر عن حس عملي وعقل ذرائعي، يصدم دعاة الحق الديني أو المدني بمعناه المطلق والأحادي والثابت. ولكن من يطلب الحق على هذا الوجه، يطيح في النهاية بكل الحقوق، كما تشهد تجارب المشاريع والدعوات الطوباوية والمثالية، التي تؤول إما إلى الفشل أو الإرهاب.

يضاف إلى هذه النقلة النوعية في قلب العلاقة بين الشريعة والسياسة، لمصلحة السياسة، الصفات الشخصية التي كان يتحلى بها معاوية كرجل يوصف بأنه نموذج في المكر والدهاء. إنه استراتيجي من طراز رفيع، كما يشهد قوله لابنه يزيد عندما سأله: من يخدع من؟ أنت الذي تعطي الناس الأموال كي يبايعوك أم هم؟ فكان جوابه: يا بني من حاول خداعك فانخدعت له قد خدعته، مقدماً بذلك نموذجاً للسياسي البارع الذي لا يذيع كل ما يعرفه ولا يظهر على حقيقته، لأنه يحتفظ دوماً بأوراق مستورة يلعب بها.

لا يعني ذلك أن معاوية خرج من الإسلام، وهو الذي احتل منصب الخلافة وأسهم في الفتوحات الإسلامية، ولكنه تعامل معه كمشروع حضاري سياسي انخرط في إدارته واستثمره بإقامة سلطانه.

أنهي بالقول إن عودة أدونيس، في كلامه على الجحيم السوري، إلى معاوية، فيها الكثير من دهاء الخليفة الأموي الذي كان أرحم من حكامنا اليوم، بمنزعه الليبرالي وعقله الدنيوي ونهجه التبادلي النفعي؛ وهو ما يشكل الجامع بين معاوية وبين أدونيس، وكل الذين يراهنون، في مواجهة النظام الشمولي العربي، الديني والقومي، الفاشي والعنصري، على بناء مجتمعات تعددية، غنية، قوية، تصان فيها حريات التفكير والتعبير، بعيداً عن منطق التكفير والتخوين.

================

معاذ الخطيب مَدْعُوٌّ للتوضيح !      

11/02/2013      

جواد البشيتي

العرب اليوم       

دَعُونا أوَّلاً نُحْسِن الظَّن، فندعو (ومعنا يدعو أيضاً كل الحريصين على النَّقاء القومي الثوري للثورة السورية) رئيس الائتلاف السوري المعارِض معاذ (أو الشيخ معاذ) الخطيب إلى "التوضيح"، الذي إنْ أتى به لن يكون جيِّداً، ومقبولاً، إلاَّ إذا اشْتَمَل على ما يفيد "النَّفي"؛ فليس من حقِّ الخطيب، بصفة كونه رئيس ائتلاف اعْتُرِف به على أنَّه الممثِّل الشرعي (الوحيد) للشعب (العربي) السوري، أنْ يُدْلي بتصريحات (مباشِرة، وعلى شكل حوار) مع صحيفة (أو وسيلة إعلام) إسرائيلية، ولا أنْ يقول كلَّ هذا الذي قال (أو نُسِب إليه قوله) لصحيفة "يديعوت أحرونوت (الإسرائيلية)"، ولـ "محرِّر الشؤون الأمنية" فيها رونين برجمان، الذي زعم أنَّه أجرى هذا الحوار مع الخطيب في ألمانيا عند حضوره مؤتمر ميونخ الـ 49 للأمن.

نَنْتَظِر "النَّفي"، ولا شيء آخر أقلَّ منه؛ فليس مقبولاً أبداً أنْ يقول الخطيب (في حواره المزعوم مع الصحيفة الإسرائيلية) إنَّ نظام الحكم الجديد في سورية (أيْ الذي سيقوم بعد إطاحة نظام حكم بشار الأسد) لن يعادي إسرائيل، أو يهاجمها، ولا أنْ يُخاطِب الإسرائيليين (عَبْر هذه الصحيفة) قائلاً: "لا تقلقوا؛ سنسيطر على الأسلحة الكيميائية، وسننقلها إلى أيدٍ أمينة، بعد انتهاء حكم بشار الأسد".

إنَّ أحداً لا يجادل في أنَّ الجزء الأكبر والأهم من موقف الولايات المتحدة من الثورة السورية (وهو موقف لا يمكنني فهمه إلاَّ على أنَّه مناوئ عملياً لهذه الثورة) يُعبِّر عن إرادة إسرائيلية؛ لكنَّ هذا لا يعني جواز أنْ يلعب الخطيب لعبة "تغيير هذا الموقف لمصلحة الثورة السورية من طريق إرضاء واسترضاء إسرائيل"؛ فهذه اللعبة محرَّمة تماماً من وجهة نظر قومية عربية ثورية؛ والعداء (الشعبي السوري الثوري الديمقراطي) لنظام حكم بشار الأسد لا يتأكَّد، ولا يتبلور، إلاَّ بإبداء العداء، ومزيد من العداء، للعدوِّ القومي الأوَّل لنا (للعرب، وللربيع العربي) وهو إسرائيل؛ فمهما عادى نظام حكم بشار شعبه، وتوحَّش في عدائه له، يجب ألاَّ يتسبَّب ذلك بظهور مَيْل لدى الثوار السوريين إلى خطب ودِّ إسرائيل، والتَّصالح معها (كما ظهر في المقابلة المزعومة للخطيب مع "يديعوت أحرونوت").

وإذا كان من دَرْسٍ نتعلَّمه من تجربة "الربيع العربي" فهذا الدَّرْس إنَّما هو أنَّ لشعوبنا (وللربيع العربي) عدوَّاً واحداً بثلاثة وجوه؛ وهذا "العدو الثلاثي" هو "الحكم الاستبدادي العربي"، وإسرائيل، والولايات المتحدة، بصفة كونها القوَّة الإمبريالية العظمى في العالم؛ فنحن لا يمكننا المضي قُدُما في عدائنا الثوري (والديمقراطية) للحكم الاستبدادي العربي من غير أنْ يشتد عداء الولايات المتحدة وإسرائيل لنا؛ كما لا يمكننا المضي قُدُماً في عدائنا الثوري (القومي) للولايات المتحدة وإسرائيل من غير أنْ يشتد عداء الحكم الاستبدادي العربي لنا؛ ويكفي أنْ نُمكِّن هذه "البديهية" مِنَّا، فكراً وممارسةً، حتى يستغلق علينا فَهْم (وقبول) قول الخطيب إنَّ نظام الحكم الجديد في سورية لن يعادي إسرائيل، أو يهاجمها (عسكرياً).

إنَّ علاقة الولايات المتحدة بالثورات العربية هي علاقة ظاهرها الصداقة، وباطنها العداء؛ وهذا العداء الكامن سيشرع يظهر، ويزداد ظهوراً، مع انتقال عمل "سكِّين" هذه الثورات من فروع وأغصان أنظمة الحكم إلى جذورها؛ فإنَّ في قطع هذه الجذور قَطْعاً لشريان النفوذ الإمبريالي للولايات المتحدة في البلاد العربية.

هل تقف الولايات المتحدة (وسائر الدول الغربية التي تشاطرها المصلحة في تأييد إسرائيل ضدَّنا) مبدئياً مع الشعوب العربية في ثوراتها الديمقراطية ضدَّ أنظمة حكمها الدكتاتورية الشمولية الاستبدادية؟

مبدئياً، لا تقف الولايات المتحدة مع أي مبدأ تَزْعُم أنَّها، في وجودها، منه، وله، إلاَّ إذا صَلُح، سياسياً، لها، ولمصالحها؛ فإنَّ جُمْلَتِها "السياسية ـ المبدئية" الثابتة، والتي تَسْبِق، دائماً، مواقفها، وتهيِّئ لها، هي "إذا كان هذا المبدأ الديمقراطي (أو الإنساني) مفيداً (بمعيار مصالحها الإمبريالية) فيمكن، وينبغي لنا (أي لها) أنْ ننتصر له".

والجُمْلَة المتفرِّعة، مَنْطِقاً، من هذه الجُمْلة، وفي ما يخصُّ مواقف الولايات المتحدة (التاريخية) من كثيرٍ من أنظمة الحكم الدكتاتورية العربية، هي "إذا كان نظام الحكم الدكتاتوري في بلد عربي ما مفيداً (بالمعيار نفسه) فَلْتَذْهَب المبادئ والقيم الديمقراطية إلى الجحيم".

نظام الحكم العربي هو (من وجهة نظر المصالح الإمبريالية للولايات المتحدة) جيِّد إذا ما كان جيِّداً من وجهة نظر إسرائيل، ولو كان، من وجهة نظر شعبه، دكتاتورياً لا ريب في دكتاتوريته؛ ورديء إذا ما كان رديئاً من وجهة نظر الدولة التلمودية.

كان على الخطيب أنْ يتذكَّر أنَّ الشعب (العربي) السوري إنْ لم يكن، في الأصل، معادياً لإسرائيل، فهو، على الأقل، يُبادلها عداءً بعداء؛ وإلاَّ ما معنى احتلال، واستمرار احتلال، إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية؟!

الخطيب، وبصفة كونه رئيساً للائتلاف السوري المعارِض، الذي اعْتُرِف به على أنَّه الممثِّل الشرعي للشعب السوري، مَدْعوٌّ ليس إلى إبداء هذا الميل إلى التصالح مع إسرائيل؛ وإنَّما إلى أنْ يأتي بكل ما من شأنه أنْ يقيم الدليل على أنَّ عداء نظام حكم بشار لإسرائيل هو عداء لفظي، زائف، وكاذب، وعلى أنَّ "الربيع العربي" طائرٌ (ثوري) بجناحين: "جناح الديمقراطية" و"جناح القومية (التي لا معنى، ولا أهمية، لها إنْ لم تتَّخِذ العداء لإسرائيل أساساً لها).

لقد دعا الإسرائيليين إلى أنْ لا يَقْلَقوا من الترسانة الكيميائية السورية، ووعدهم بالسيطرة الكاملة عليها بعد سقوط بشار، وبنقلها إلى أيدٍ أمينة؛ لكنَّه لم يُبْدِ (في حواره المزعوم) أي قلقٍ من الترسانة النووية الإسرائيلية، وكأنْ لا وجود لها، ولا خَطَر منها على العرب، وعلى سورية!

ومع ذلك، كان الخطيب، في كلامه المزعوم، والذي سيظل كلاماً بهذه الصِّفة إلى أنْ يُوضِّح الأمر، نفياً أو تأكيداً، مفيداً لثورات "الربيع العربي"؛ فإنَّ توحُّش أي حكم استبدادي عربي في قمع ثورة شعبه عليه، واقتران هذا التوحُّش بمواقف دولية وغربية كالموقف الدولي والغربي من ثورة الشعب السوري، لن يبقى زمناً طويلاً بلا عاقبته الحتمية المزدوجة: نمو الجماعات والمنظمات المتطرفة، كجبهة "النصرة"، وبروز قيادات تجنح لمهادنة إسرائيل، والتصالح معها، توصُّلاً، على ما تتوهم، إلى وقوف القوى الغربية إلى جانبها .

================

 صعود الأكراد في سوريا

    الإثنين، 11 شباط 2013 00:12

هيكو ويمن* ومُظّهِر سلجوق** - معهد كارنيجي

السبيل

انسحب النظام السوري المحاصَر من المناطق ذات الغالبية الكردية الواقعة في الشمال والشمال الشرقي من البلاد منذ صيف 2012. حتى الآن، يبدو أنّ المستفيد الأساسي من شبه الحكم الذاتي الذي تتمتّع به حالياً «كردستان الغربية» (بحسب الجغرافيا السياسية الكردية)، هو «حزب الاتحاد الديمقراطي» (PYD)، وهو حزب كردي سوري نافذ أسّسه في العام 2003 مقاتلون سوريّو الأصل ينتمون إلى “حزب العمال الكردستاني” في جبال قنديل في شمال العراق. لقد أطلق انسحاب الجيش وقوى الأمن السورية من المناطق الكردية من دون إراقة الكثير من الدماء، فضلاً عن التشنّجات بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” وجهات ثورية أخرى، موجةً من الاتهامات والشكوك حول مخطّطات الحزب على الصعيدَين الوطني والإقليمي وحوافزه.

يُلفَت في هذا السياق إلى أنّ “حزب الاتحاد الديمقراطي” نجح، في وقت قصير جداً، في إنشاء جيش مدجّج بالسلاح يتألّف من نحو 10 آلاف مقاتل ويُعرَف بـ”وحدات الحماية الشعبية” (YPG)، فضلاً عن هياكل مدنية محلية ذاتية التنظيم تحت مسمّى “حركة المجتمع الديمقراطي” (TEV-DEM). نظرياً، يتقاسم “حزب الاتحاد الديمقراطي” السلطة مع نحو 15 حزباً كردياً (شكّلت “المجلس الوطني الكردي”) في إطار “المجلس الأعلى الكردي” الذي أُسِّس في 12 تموز الماضي من خلال جهود الوساطة التي قام بها مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق وزعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي هو من الأحزاب الكردية الأساسية في العراق. لكن على الأرض، يعتبر “حزب الاتحاد الديمقراطي” أنّ شركاءه في المجلس هم مجرّد عملاء للبرزاني نفسه الذي ينظر الحزب بكثير من الشك والريبة إلى علاقته الوثيقة بتركيا. فضلاً عن ذلك، منع “حزب الاتحاد الديمقراطي” أيّ وجود كردي مسلّح من خارج دائرة الموالين له في “وحدات الحماية الشعبية”، وقد تحدّثت تقارير في الآونة الأخيرة عن مناوشات مسلّحة مع “حزب الوحدة الكردي” في سوريا (يكيتي) في مدينتَي الدرباسية والقامشلي.

وتصادم “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”وحدات الحماية الشعبية” مراراً مع مقاتلين من “الجيش السوري الحر” المرتبط بـ”المجلس الوطني الكردي” عن طريق الائتلاف السوري المعارض. ووقعت الصدامات في شكل خاص في بلدة رأس العين المختلطة الواقعة مباشرة عند الحدود التركية، ولا يزال القتال يشتعل من حين إلى آخر على الرغم من كل محاولات الوساطة. وتصدّى “حزب الاتحاد الديمقراطي” أيضاً لمحاولات “الجيش السوري الحر” دخول المناطق الكردية في حلب وحولها، واتّهم تركيا بتحريض العناصر الإسلامية (مثل “جبهة النصرة” و”غرباء الشام”) ودعمهم في غزواتهم داخل المناطق الكردية.

أدّى التشنّج بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”الجيش السوري الحر”، وجهات ثورية أخرى، إلى توجيه أصابع الاتّهام إلى “حزب الاتحاد الديمقراطي” بأنّه يتصرّف وكأنه ينفّذ أوامر عمليات بالنيابة عن النظام السوري. في أواخر كانون الأول الماضي، هاجمت قبائل عربية مكاتب الحزب في مدينة الحسكة المختلطة رداً على العنف الذي كان النظام قد مارسه سابقاً بحق المحتجّين، واتّهمت “حزب الاتحاد الديمقراطي” بالتعاون مع النظام. لكن في حين أنّ موقف الحزب يزيد حكماً من تعقيدات الأمور بالنسبة إلى “الجيش السوري الحر” وداعميه الأتراك، الأمر الذي يصبّ عملياً في مصلحة النظام السوري، ليست هناك أدلّة فعلية على وجود تعاون ناشط بين الجانبَين، فالنظام يستهدف من حين إلى آخر مناطق يسيطر عليها “حزب الاتحاد الديمقراطي”، ولو بوتيرة أقل بكثير من المناطق التي يتواجد فيها “الجيش السوري الحر”. إضافةً إلى ذلك، غالب الظن أنّ هياكل الحكم الذاتي التي طوّرها الأكراد مؤخراً لن تتمكّن من الصمود في حال نجح بشار الأسد في استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية. بيد أنّ التشنّجات بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”الجيش السوري الحر” تحمل خطراً واضحاً بتأزّم العلاقات بين العرب السنّة والأكراد في هذا الجزء من البلاد، فيما تجد جماعات مسيحية كبيرة نفسها عالقة في الوسط.

الاتهام الثاني الأساسي الذي يُوجَّه إلى “حزب الاتحاد الديمقراطي”، ولا سيما من جانب تركيا التي تزداد عصبيّةً، هو أنّ الحزب ليس أكثر من مجرد واجهة لـ”حزب العمّال الكردستاني”. رسمياً، ينكر “حزب الاتحاد الديمقراطي” أن يكون له أيّ ارتباط من هذا القبيل نظراً إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بصورته. لكن حتى لو تجاهلنا أنّ بعض القادة الكبار في “حزب الاتحاد الديمقراطي” يتحدّرون من “حزب العمّال الكردستاني”، تعكس اللغة والرموز (وأكثرها وضوحاً للعيان صورُ زعيم “حزب العمال الكردستاني” المسجون عبد الله أوجلان)، والهياكل التنظيمية (ولا سيما وجود نساء مقاتلات في الرتب الدنيا)، تلك المستعملة في “حزب العمال الكردستاني”. فضلاً عن ذلك، ليس واضحاً كيف تمكّن الأكراد السوريون من أن ينشئوا بمفردهم الإطار اللوجستي والبنيوي الضروري لتشكيل قوّة عسكرية فعلية من أكثر من 10 آلاف مقاتل.

في الوقت نفسه، ليست هناك أدلّة كافية حتى الآن تثبت أنّ مقاتلين أكراداً يحاولون التسلّل إلى الأراضي التركية من سوريا، ففي حين تسعى القيادة في كلٍّ من “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”حزب العمال الكردستاني” إلى حرمان تركيا من أيّ ذريعة للتدخّل المباشر (الذي أجازه البرلمان التركي في مطلع تشرين الأول 2012 من دون تحديد مكان حدوثه) تبقى الأولوية بالنسبة إلى هؤلاء القادة بناء هياكل تتمتّع بحكم ذاتي وإنشاء قوات عسكرية. تنسجم هذه الأولوية مع التحوّل الإستراتيجي الأوسع الذي يشهده “حزب العمال الكردستاني” منذ العام 2000، إذ تخلّى عن الدعوة إلى قيام دولة كردية مستقلّة وموحّدة، ويسعى بدلاً من ذلك إلى حكم ذاتي ضمن الحدود القائمة.

تبدو الفرصةُ المتاحةُ الآن لإنشاء منطقة كردية ثانية تتمتّع بحكم ذاتي (بعد العراق)، بما يسمح لتنظيمٍ تأسّس بعد “حزب العمال الكردستاني” بتسلّم إدارة الهياكل الخاصة بشبه الدولة الكردية، وكذلك للاضطلاع في مرحلة معيّنة بدور في التفاوض حول مستقبل سوريا، فرصةً قيّمةً جداً إلى درجة أنّ الحزب لن يكون على الأرجح مستعداً للتفريط بها. فضلاً عن ذلك، فإنّ الأراضي الوعرة الواقعة في الشمال والشمال الغربي لجبال قنديل في شمال العراق، حيث مقرّ “حزب العمال الكردستاني”، تؤمّن منطلقاً أفضل من منطقة الحدود التركية-السورية لشنّ غزوات داخل الأراضي التركية، فالجزء الأكبر من المنطقة الحدودية يمكن الوصول إليه بسهولة، كما تسهل مراقبته نسبياً من الجانب التركي.

لكن منذ اندلاع الأزمة في سورية، ينفّذ “حزب العمال الكردستاني” مزيداً من العمليات في جنوب شرق الأناضول، مع تسجيل زيادة لافتة في أعداد المقاتلين من أصل إيراني-كردي في صفوف الإصابات من الجانب الكردي، في حين أنّ “حزب الحياة الحرة الكردستاني” (PJAK) (النسخة الإيرانية من حزب العمال الكردستاني) أوقف تقريباً عملياته على الأراضي الإيرانية. حتى أنّ بعض التقارير تورد نظريات تتحدّث عن نشوء تحالف إستراتيجي بين “حزب العمال الكردستاني” وإيران في محاولة لممارسة ضغوط على تركيا، وتعزيز موقع الأسد من جديد. لكن حتى في غياب إعادة اصطفاف واضحة كهذه، كان محتّماً أن يؤدّي النزاع حول الأزمة السورية إلى تقويض التعاون الأمني التركي-الإيراني في المنطقة الحدودية. فإيران تعتبر أنّ تغاضيها عن التسلّل الكردي إلى تركيا يُقدّم لها فائدة مزدوجة تتمثّل في الضغط على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقاماً من دعمه للثورة السورية، وفي الوقت نفسه توجيه الجهود الانفصالية للأكراد المتململين في الداخل نحو مناطق أخرى.

لقد أضفت هذه التطوّرات على ما يبدو ديناميكية جديدة على النزاع المستمرّ منذ وقت طويل على قيادة “حزب العمال الكردستاني”، بين مراد كارايلان وباهوز أردال/فهمان حسين (الذي غالباً ما يُشار إليه بـ”الدكتور باهوز”) الذي كان قائد “قوات الدفاع الشعبي” من 2004 إلى 2009 قبل أن يطرده كارايلان. يبدو أنّ أردال، وهو قائد شاب يدعم العمل العسكري، عاود نشاطه في العام 2011، بعدما أتاحت الأحداث في سوريا هامشاً أكبر لاعتماد المقاربة العسكرية. من الواضح أنّ الوقت والسنّ يصبّان في مصلحة أردال (شرط أن ينجح كما فعل حتى الآن في النجاة من القبض عليه أو من القتل في المعركة)، كما تؤدّي خلفيته السورية دوراً في هذا المجال، في هذه المرحلة الزمنية حيث من المحتّم أن تقود سيطرة الأكراد على شبه دولة خاضعة لهم إلى تعزيز ثقل العنصر السوري في الهيكلية العامة لـ”حزب العمال الكردستاني”. ولذلك، يُتوقَّع أن تساهم الأزمة السورية في التعجيل في حدوث تغيير في الجيل القيادي داخل “حزب العمال الكردستاني”، بحيث تنتقل دفّة القيادة إلى أشخاص أصغر سناً وأكثر راديكالية يخوّلهم موقعهم الحالي ممارسة ضغوط عسكرية على تركيا من جهة، وإثبات قدرتهم على المحافظة على الاستقرار في خضم الفوضى من جهة أخرى.

وما الجهود التي تبذلها تركيا مؤخراً لإعادة إطلاق المفاوضات مع زعيم “حزب العمال الكردستاني” المسجون عبد الله أوجلان، سوى انعكاس في جزء منها لحجم المخاوف التركية من النوايا التي يخبّئها الحزب، وللحاجة الملحّة إلى كبح عناصره الأكثر تشدّداً. لا تمتلك تركيا الكثير من الخيارات الأخرى لمعالجة هذا الوضع الذي تتحمّل هي نفسها جزءاً من المسؤولية في التسبّب به، وذلك من خلال موقفها المتشدّد من نظام الأسد، وسياستها في قمع الأكراد. فلم يتبقَّ لأيّ من حلفائها في جنوب الحدود، “الجيش السوري الحر” أو مسعود البرزاني، طاقات كبيرة يستطيع توظيفها لممارسة ضغوط على “حزب العمال الكردستاني” أو “حزب الاتحاد الديمقراطي”. ومن شأن شنّ اجتياح واسع النطاق داخل الأراضي السورية (أو العراقية) أن يؤدّي إلى حشد السكّان المحليين خلف “حزب العمال الكردستاني”، وإلى زجّ القوات التركية في حرب عصابات في أرض أجنبية وشديدة العدوانية؛ وفي مثل هذه الأوضاع نادراً ما تسير الأمور على ما يرام بالنسبة إلى الجيوش النظامية. لكنه قد يكون السيناريو المفضل بالنسبة إلى “حزب العمال الكردستاني”.

* باحث في “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية” في برلين، يتولّى تنسيق مشروع “التغيير النخبوي والحراك الاجتماعي الجديد في العالم العربي” الذي يديره المعهد.

** مُظّهِر سلجوق باحثة مساعدة في “منتدى الأمن العام” في برلين.

================

تبرر هجماتها بمنع تهريب السلاح إلى لبنان

إسرائيل… ضرب سوريا أم استهداف «حزب الله»؟

تاريخ النشر: الإثنين 11 فبراير 2013

الاتحاد

يقول محللون في إسرائيل وسوريا إن الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل في سوريا، والتي استهدفت، حسب مسؤولين غربيين، شحنة أسلحة كانت متوجهة إلى «حزب الله» اللبناني، يمكن أن تمثل بداية حملة إسرائيلية أكثر شراسة تهدف إلى منع وإحباط عمليات نقل الأسلحة في وقت تزداد فيه الأوضاع تدهوراً في سوريا.

غير أن استعداد إسرائيل للضرب من جديد إذا استدعت الضرورة ذلك ينبئ بمرحلة جديدة وأكثر تقلباً في التداعيات الإقليمية للحرب الأهلية السورية، الأمر الذي يثير قلقاً في إسرائيل بشأن إمكانية نقل أسلحة متطورة أو غير تقليدية إلى مجموعات إسلامية مقاتلة.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد اعترف تقريباً بأن إسرائيل هي التي نفذت الضربة بالقرب من دمشق في الثلاثين من يناير الماضي، إذ قال إن ذلك «يمثل دليلاً على أننا حين نقول شيئاً فإننا نقصده». كما كان وزير في الحكومة الإسرائيلية قد حذر قبل تنفيذ الهجوم من أن إسرائيل يمكن أن تتحرك ضد نقل أسلحة كيماوية إلى مجموعات مقاتلة.

وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول عاموس يادلين، وهو رئيس سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ويدير حالياً معهد الدراسات الأمنية الوطنية في تل أبيب، في حوار معه إنه إذا كان من الممكن توقع تحرك إسرائيلي مستقبلا، فإن ذلك يتوقف على حسابات خاصة لفوائد مثل هذه الضربات وأخطارها، مضيفاً أن إسرائيل حددت أربعة أنواع من الأسلحة التي لن يسمح بنقلها إلى مجموعات مقاتلة وهي: أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، والصواريخ البالستية، والصواريخ المتطورة ساحل- بحر، والأسلحة الكيماوية.

ووفق هذه السياسة، يقول يادلين، «فإنه متى حصلت إسرائيل على معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بأن هذه الأسلحة ستنقل من سوريا إلى لبنان، فإنها ستتحرك»، وإن كانت قرارات الضرب تخضع لتقييم المكاسب العسكرية للهجوم، وخطر التصعيد، ومواقف القوى الأجنبية.

ويقول «يادلين» في هذا الصدد: «في وقت يزداد فيه الجيش السوري ضعفاً ويزداد فيه حزب الله عزلة بسبب خسارة راعيه السوري، فمن المعقول والمنطقي أن يستمر هذا الأمر»، مضيفاً أن الردود الإسرائيلية ستُدرس في كل مرة و»لن تحدث بشكل أوتوماتيكي».

غير أن القرار الصعب الذي يواجه المسؤولين الإسرائيليين في الحقيقة، حسب «يادلين»، ليس ما إن كان ينبغي شن الهجوم، وإنما ما إن كان عدم التحرك سيعني تهديداً أكبر لاحقاً. وقال في هذا الصدد: «إن المقارنة الصحيحة هي خطر التصعيد الآن، وخطر عدو أكثر قوة والعديد من الإصابات في المواجهات العسكرية مستقبلا».

والواقع أن بعض المحللين في لبنان يتوقعون أيضاً مزيداً من الضربات الإسرائيلية في حال كانت ثمة محاولات لنقل أسلحة متطورة.

وفي هذا الإطار، يقول «إلياس حنا»، وهو جنرال متقاعد وأستاذ بالجامعة الأميركية في بيروت: «إن إسرائيل تحاول خلق نوع من الردع»، مضيفاً «والجانب الآخر يحاول اختبار النظام وإضعافه».

في هذه الأثناء، تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن «حزب الله» جمع نحو 60 ألف صاروخ وقذيفة منذ حربه مع إسرائيل في 2006. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن ذلك يشمل بعض صواريخ سكود - دي البالستية، التي يفوق مداها 400 ميل، والتي أمدته بها سوريا خلال السنوات الأخيرة.

وإلى جانب صواريخ أخرى قصيرة المدى من سوريا وإيران، تستطيع ترسانة «حزب الله» أن تصل إلى أي مكان في إسرائيل، كما يقول بعض المسؤولين.

غير أن نقل أنظمة متطورة مضادة للطائرات إلى حزب الله، مثل صواريخ إس إيه 17 أرض- جو التي يقال إنها كانت هدفاً لضربة الثلاثين من يناير، لن يشكل تهديداً لمهمات الاستطلاع الجوي الإسرائيلية فوق لبنان فحسب، وإنما للمجال الجوي الإسرائيلي أيضاً، حسب مسؤول إسرائيلي يراقب حشد مثل هذه الأسلحة. ويقول المسؤول الذي لم يرخص له بالحديث إلى وسائل الإعلام: «إنها متحركة. كما يمكن تخبئتها، ولذلك، فإنها يمكن أن تطرح مشكلة كبيرة للقوة الجوية الإسرائيلية».

كما يقول الإسرائيليون إنهم قلقون أيضاً بشأن توصل «حزب الله» بأنظمة صاروخية ساحلية توصلت بها سوريا من روسيا، وخاصة صواريخ «ياخونت» التي يفوق مداها 180 ميلاً، والتي يمكن أن تعرِّض للخطر ليس السفن الإسرائيلية فحسب، وإنما منصات النفط البحرية في المتوسط أيضاً.

والجدير بالذكر هنا أن سفينة إسرائيلية أصيبت في حرب عام 2006 بصاروخ صيني أطلقه «حزب الله».

وبينما يستعر القتال في سوريا، «هناك مؤشرات ملموسة أكثر على أن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تصل إلى لبنان»، غير أن ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية، مثل القنابل والقذائف المزودة برؤوس حربية كيماوية، مازالت في الوقت الراهن تحت السيطرة الحكومية، وفق تقييمات إسرائيلية.

وفي هذا الإطار، يقول «داني شوهام»، وهو محلل سابق للاستخبارات العسكرية وخبير في الأسلحة غير التقليدية بمركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان: «إن المراقبة (الاستخباراتية) لمخازن الأسلحة الكيماوية السورية صارمة. وبالتالي فهناك احتمال كبير لرصد أي حركة».

جويل جرينبرج - القدس

باباك ديهجانبيشيه - بيروت

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ