ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 16/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

14&15-02-2013

العلويون.. «شجاعة اليأس» إلى شجاعة القرار؟

وفيق السامرئي

الشرق الاوسط

15-2-2013

العلويون السوريون جزء أصيل من شرائح الشعب السوري، وقفوا إلى جانب شعبهم في القرن الماضي، وحملوا مع القوى الوطنية لواء «العروبة». غير أن الحرص على البقاء في السلطة تحول إلى نقمة شعبية واسعة، قادت إلى تحالف حكومي مفتوح مع نظام «الولي الفقيه» الإيراني عموما، وقائده «الثوري» علي خامنئي تحديدا، الذي بنى تراثه في إطالة أمد حرب السنوات الثماني، وصاحب قرار التصعيد مع الخليج. ولو كان التحالف تكتيكيا لأمكن النظر إليه من زاوية تقدير الظروف الصعبة.

لقد استعرت توصيف «شجاعة اليأس» مما قاله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن أسباب تماسك النظام في سوريا، وهو وصف يتطابق مع الواقع الذي يعيشه علويو السلطة في سوريا. ويتوقف تقييم الحالة على ظرف اليأس، فالقتال بشجاعة اليأس نتيجة ظروف قاسية أمام عدو ظالم يسجل إيجابا، أما شجاعة اليأس أمام أبناء أهل البلد، فتدل على عناد لا مبرر له. وينظر قسم من القوميين العرب إلى الثورة السورية نظرة انحيازية ظالمة بوصفهم لها بأنها عمل حفنة من الغوغاء والتكفيريين، ركبت موجتها دولة صغيرة تمتلك المال والقرار، لتدمير آخر «قلاع العروبة». ولا شك في أن لسوريا فضلا على العراقيين في ظروف صعبة، رغم وقوف الحكومة إلى جانب إيران طيلة حرب السنوات الثماني، مع وجود مواقف أخرى تدل على حنكة في زمن الأسد الأب مقارنة بسياسة الابن. إلا أن الوقوف إلى جانب الشعب المطالب بحريته يعتبر واجبا مقدسا.

في العراق، حدثت انتفاضة بعد حرب الخليج الثانية، جرى التخطيط والتحضير المسبق لها من قبل إيران وسوريا والكرد وقوى سياسية شيعية، وكان العتاد الخفيف، الذي لم يتبق منه في مخازن الجيش العراقي كلها إلا 270 ألف طلقة كلاشنيكوف، يتدفق على المنتفضين من مصانع الجيش السوري. وتمكنت بغداد من إعادة السيطرة على الموقف خلال بضعة أسابيع، في ظروف انهيار عسكري في حرب أممية مدمرة. بينما بدأت الثورة السورية عفوية وسلمية، فواجه المتظاهرون بصدور مكشوفة، نار نظام يمتلك جيشا كبيرا وأجهزة أمنية منتشرة في كل مكان من سوريا، ويفرض سيطرة أمنية مطلقة، ولديه خبرة لا مثيل لها عن التكفيريين والمتطرفين. فهل يعقل أن تنسب الثورة إلى تدخل خارجي، خصوصا من أطراف كانت صديقة للرئيس بشار وحزب الله؟

لا يمكن تجاهل تعبئة النظام لعشرات الآلاف في ساحة الأمويين تأييدا له، غير أنهم اختفوا بعد ذلك اليوم، لأن نسبة كبيرة منهم استقدمت من المدارس ودوائر الدولة، وثارت موجات غضب النظام نتيجة تحول التعبئة لصالح الثورة، فلجأ إلى القمع. وبسبب قمع المتظاهرين، اكتسبت المعارضة مشروعية حق الدفاع عن الشعب، وتطور الهدف الشعبي من المطالبة بالديمقراطية، إلى الاحتجاج على «التحالف الأصفر» بين حكم علويي السلطة وحزب الله اللبناني والولي الفقيه. وهو توجه أحرج العروبيين من المتمسكين بالدفاع عن حكم كانوا يرون فيه قائدا للمقاومة.

وحصلت الثورة السورية على تأييد دولي وإقليمي وعربي وشعبي كبير، بمعزل عن وجود مجموعات صغيرة من المتطرفين التكفيريين، استغلت الظروف الصعبة، وتصرفت بشكل مدان، ولا يمكن لها قيادة سوريا تحت أي ظرف. ونشط الإعلام المعادي للثورة في تصوير هذه المجموعات كأنها الكفة المسيطرة والسائدة، تجاهلا لحقيقة أن عشرات الآلاف من الضباط والجنود قد تمردوا والتحقوا بـ«الجيش الحر»، ومعظمهم من الليبراليين. ولو تم تجهيز المعارضة بالسلاح لتمكنت من منع التطرف بكل أشكاله. ولا نعرف على ماذا استند الرئيس باراك أوباما في مخالفته لما قيل عن تأييد المخابرات والجيش لفكرة تسليح المعارضة، وهما الجهتان الرئيسيتان المفترض التعويل على آرائهما الأمنية!

كان في وسع الرئيس بشار الخضوع لإرادة الشعب كما فعل ثلاثة رؤساء عرب من قبله، وأن يعيش في سوريا، هو و«من تورط في حرب حماه بداية ثمانينات القرن الماضي»، بعيدا عن التمسك بفرض حكم شريحة من العلويين على الأمة السورية، وكان على فريق الحكم أن يفهم وجود إرادة شعبية جامحة لفصم التحالف السوري - الإيراني. ولا تزال أمام الرئيس وعلويي السلطة فرصة تاريخية للانتقال من شجاعة اليأس إلى شجاعة القرار، بقبول حوار جدي في شمال سوريا، والتواضع وترك الحكم من أجل سوريا.

=======================

الجهاد السوري

مشاري الذايدي

الشرق الاوسط

15-2-2013

تتوالى الأنباء، الصادق منها والكاذب، الخالي من القصد، والمدفوع بنية التشويه، حول وجود جماعات «جهادية» في الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد.

تتصدر هذه الأنباء ما يسمى «جبهة النصرة»، وهي مجموعة غامضة، أقصى ما تم التوصل إليه حولها هو أنها مجاميع متنوعة للقتال ضد جيش الأسد وأجهزته الأمنية، وشبيحته. وردت أنباء عن وجود شباب من الأردن وليبيا وحتى الشيشان والسعودية ضمن صفوف هذه الجماعات المقاتلة بضراوة «نصرة» للمقتولين والمهجرين والمغتصبين من السوريين والسوريات على يد بشار.

أعرف أن البعض لا يحبذ الحديث حول هذا الأمر، حتى لا يشمت النظام الأسدي وأبواقه في كل مكان، ولكن التعامل بشفافية وثقة مع هذا الأمر هو المفيد، وبالنسبة لشماتة الأسد أو فرحه، ومعه قيصر موسكو بوتين، وملا طهران خامنئي، وخطيب الضاحية الجنوبية حسن نصر الله، فلا يعني شيئا، كما أن وجود هذه الجماعات، المتأخر في عمر الثورة السورية، لا يعطيهم صك براءة من الجريمة في القتل أو حماية القتلة ودعمهم، بل إن هذا الأمر يقدم دليلا إضافيا على مدى التخريب والتجريف الذي ارتكبه النظام الأسدي ورعاته في العالم، في حق الشعب السوري من ضعف مناعة، وإجبارهم على اللجوء لكل من يمد يد العون ضد آلة القتل، حتى ولو كان الشيطان نفسه، خصوصا أن نظام بشار الأمني، ومثله إيران سبق أن تعانوا مع جماعات «القاعدة»، مرارا وتكرارا، وما جماعة «فتح الإسلام» في نهر البارد بلبنان عنا ببعيد، ولا إيواء الحرس الثوري لقادة «القاعدة» في إيران أيضا. فلا يعظ حول التعاون مع الإرهابيين واعظ من دمشق أو طهران!

هذا أمر، والأمر الثاني، هو أن وصول الجماعات المقاومة في سوريا إلى درجة «الجهاد» أو على الأقل بعضها، كان نتيجة طبيعية لتخاذل، إن لم يكن تآمر، المجتمع الدولي تجاه الكارثة السورية، وإمعان الأسد ومعه شبيحة حسن نصر الله، وضباط الحرس الثوري، وخبراء موسكو، هو الذي أدى إلى الشعور باليأس لدى من يقع عليه فعل القتل من السوريين.

هذا هو الحال، ومن قدم السبت فسيجد الأحد.

=======================

فالنتاين السوري

الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٣

حسام عيتاني

الحياة

نجم عيد الحب هذا العام في سورية هو، بلا منازع، الرجل الأربعيني المسحول في شوارع حلب والرافض عرض القتلة بالسماح له بوداع أطفاله مقابل السماح لهم باغتصاب زوجته.

«بنت عمي وتاج راسي»، كان يجيب الرجل المحتضر الذي يسحبه الشبيحة، أو الجنود، من يديه من مكان إلى آخر استعداداً لقتله، رداً على سؤالهم الفاجر عن مقايضة وداع أطفاله بالتنازل عن شرفه وما تبقى له من كرامة انسانية، رغم انتزاع جُلِّها بسحله عارياً مُدمى محطماً على قاذورات الشارع. لا ريب في أن الرجل عانى في سنوات عمره، كما يعرف كل سوري (ولبناني وفلسطيني احتك بأجهزة نظام الأسد) صنوفَ الذل والهوان اليومي «العادي»، وتسلُّطَ رعاع «الأمن» وأوباشه على تفاصيل الحياة، ما يضيف إلى ضنكها وعوزها وجورها ضنكاً وعوزاً وجوراً.

رَفَضَ الرجل في شريط الفيديو، وهو آخر ما وصلنا من أشرطة الرعب السورية، السماحَ للوحوش بدخول بيته ولو في مقابل أن يتسنى له، هو المسحوب إلى موت محتم، وداعُ أطفاله، فهو يعلم مسبقاً أنه إذا أدخَلَ هذا النوعَ من البشر بيتَه، فإنهم لن يكتفوا بالاعتداء على الزوجة، فالأقرب إلى طبيعتهم الإجرامية هو متابعة «عملهم» بقتل الأطفال. لقد اعتقد من سرّب الشريط أنه بفعلته يُرهب المواطن السوري، الحريص فطرياً على عائلته وعلى شرفه وكرامته، لكن الشهيد اللاحق ردَّ بالعاطفة الصادقة البسيطة على هواة زرع الموت والخوف... ردَّ بما يليق بعاشق يهيم بحبيبته، مضحّياً بحياته للحفاظ عليها وعلى أولادهما وبيتهما، الذي نتخيله بيتاً صغيراً ربما، لكنّ أصحابه كانوا يحاولون توفير العلم والحياة الكريمة لأطفال يرنون إلى مستقبل ينصفهم ويوفر حقوقهم في الكرامة والسعادة.

نحن لا نعلم إن كان هذا الرجل الشهم يأتي لزوجته «تاج رأسه» بالورود الحمر وأنواع الشوكولاتة الغالية في عيد الحب... أو كيف كان يعبِّر عن عواطفه لـ «ابنة عمه» في بيتهما الصغير في أحد شوارع حلب الفقيرة، فهموم العيش في بلاد يداس أهلها بجزمات الجند وبالشعارات الرنانة ربما حالت طويلاً دون إبداء المشاعر الصادقة والعميقة، التي بلغت في لحظة الحقيقة من الأَثَرَة حدّاً دفع صاحبَها للتضحية بحياته لئلا تضام زوجته او تُذلّ.

لن نعلم بقية القصة، وربما لن يجد الأطفال مَن يخبرهم مأثرة أبيهم، الرجل المسحول المعذب والمقتول على أيدي الشبيحة، وكيف أنه أدرك في اللحظات الأخيرة من عمره ما لا يتطلب إلا الطوية السليمة والعقل الراجح: لا مقايضةَ مع الوحش، ولا يجتمع التنازل عن الشرف بلحظة وداع الأبناء.

قدّم «شهيد الحب» هذا، في المرة الوحيدة التي ربما قد يكون ظهر فيها على شاشات التلفزيون وشبكة الإنترنت، درساً بليغاً يغيب عن كثر ممن سمعوا عن الحب كشعار استهلاكي وكسلع تجلب السعادة، قدّم عمليّاً ما لا يحتاج إلى معلقات وهدايا وأغنيات ودموع: الحب، الذي يسكن القلب ولا يخرج منه حتى مع النفس الأخير. الحب النبيل لمن وصفها بـ «تاج رأسي»، في عبارة قد لا تعجب متفذلكي الحب وناظمي القصائد الرثة الغبية وعواطف السيليكون والبوتوكس.

انتهى «عيد الحب» او «الفالنتاين» هذه السنة، واليوم يبدأ الباعة سحب الدببة الصغيرة الناعمة (الرمز المفروض لعناق العشاق) من واجهاتهم، وستختفي قريباً قوالب الحلوى المنحوتة على شكل قلوب حمراء من المحلات، ولكن... ستبقى بيننا من دون ان نعرف وننتبه، الملايين من أمثال ذلك العاشق السوري، المخلص، الوفي. وعلى هؤلاء تُعلق الآمال بانتصار ثورتهم، في سورية وغيرها... ولو كره الكارهون.

=======================

الشيشان 'وجبهة النصرة': ترحيل موسكو وتضليل طهران

صبحي حديدي

2013-02-14

القدس العربي

لا تكاد تخمد برهة خاطفة، إلا لتعود فتلتهب مجدداً، تلك التقارير التي تدبجها وكالات الأنباء الروسية والإيرانية، الرسمية أو شبه الرسمية، حول 'الجهاديين' الشيشان الذين توافدوا إلى سورية للقتال ضدّ نظام بشار الأسد. وقارىء تلك التغطيات ـ خاصة إذا كان محدود الإلمام بالوضع السوري، أو مصاباً أصلاً بـ'رهاب الإسلام'، أو متحفزاً تلقائياً لتصديق كلّ ما يُقال ويُنشر في ملفات مثل هذه ـ سوف يخال أنّ الأرض السورية أخذت تعجّ بهؤلاء الشيشان؛ وأنّ كتائبهم صارت تتفوق، في العدد والعدّة، وكذلك في 'العمليات النوعية'، على جميع قوى المعارضة السورية المسلحة، بما في ذلك 'جبهة النصرة' ذاتها، بوصفها الوحيدة التي انفردت بـ'شرف' الانضمام إلى اللائحة الأمريكية الرسمية للمنظمات الإرهابية الكونية.

على سبيل المثال، يقرأ المرء تقريراً لوكالة نوفوستي الروسية، حول مقال رستم غلاييف (24 سنة)، ابن الزعيم الشيشاني الشهير رسلان غلاييف، خلال إحدى المعارك ضدّ قوّات النظام السوري؛ فيخال المرء أنّ حرب الشيشان (التي قُتل فيها الأب نفسه، سنة 2004) قد انتقلت إلى حلب وحمص ودير الزور وإدلب! والتقرير يقتبس ألكسي ملاشينكو، من معهد كارنيجي موسكو، وهو يحذّر من أنّ المقاتلين الشيشان في سورية لن يُلحقوا الأذى بنظام الأسد وحده، بل بكامل 'الشتات الروسي' في الشرق الأوسط! ولا بأس من تذكير القارىء الروسي، ثمّ العالمي أيضاً في النصّ الإنكليزي للتقرير، أنّ 'الصقر الأسود'، وهو لقب الأب، قد درّب نجله على الكثير من 'فنون القتال الرامبوية'؛ نسبة إلى رامبو، أيقونة الـ CIA والرمز الأعلى للتفوّق العسكري الفردي الأمريكي.

أمّا وكالة أنباء فارس، الإيرانية، فإنها تنشر تقريراً يبدأ هكذا: 'غادرت لندن، عبر مطار هيثرو، متوجهة إلى إسطنبول، مجموعة تتألف من 39 إرهابياً شيشانياً، للتسلل إلى سورية عبر الحدود التركية، والالتحاق بمجموعات إرهابية ومتمردة أخرى تشارك في الحرب على دمشق'. وفي البدء، يتساءل المرء عن كيفية معرفة كاتب التقرير بأنّ هذه المجموعة 'إرهابية' على أيّ نحو' وما مصدر المعلومة التي غابت عن السلطات الأمنية البريطانية (إلا إذا كانت، هذه الأخيرة، متورطة أصلاً في تنظيم الرحلة)؟ وهل كانت صفة 'إرهابي' قد دُوّنت على جوازات السفر التي حملوها، أمام خانة المهنة مثلاً، وأُتيح لكاتب التقرير أن يتفحصها بأمّ عينيه؟ وكيف سمح لنفسه باستغفال قرائه، ضمن فقرة لاحقة من التقرير، تجزم بأنّ: 'منظمة القاعدة الإرهابية مدعومة من تركيا والولايات المتحدة وحلفائها الأقليميين العرب'؟

وإذا غادر المرء وسائل الإعلام هذه، في روسيا وإيران، وانتقل إلى الباكستان مثلاً، ولكن إلى موقع مسيحي متعصب؛ فسيجد تقارير لا تقلّ غباء، وخبثاً بالطبع، تظهر فيها 'جبهة النصرة' أقرب إلى فرع تابع للجهاديين الشيشان، وليس العكس مثلاً، وأنّ الجميع 'إسلاميون سنّة'... بالجملة! يقول أحد تقارير موقع Pakistan Christian Post: 'نفّذ الإسلاميون الشيشان و'جبهة النصرة' عملية انتحارية استهدفت القوات المسلحة السورية، التي كانت تلتجىء في مشفى بمدينة حلب. وبالطبع، بالنسبة إلى الإسلاميين السنّة، من الواضح أنّ قتل الصحافيين، والأقليات، والسيارات المفخخة، وكلّ مَن له صلة بالحكومة السورية والذبح اليومي، هو 'لعبة عادلة' في نظر هؤلاء الإرهابيين الوحوش'. وكاتب التقرير هذا، الجاهل والطائفي المعلَن والغبيّ في آن، يمضي خطوة أبعد في العبقرية، حين يؤكد أنّ المقاتلين الشيشان، مثل مقاتلي 'جبهة النصرة'، و'الجيش السوري الحرّ' بأسره، هم محض 'غطاءات' للمقاتلين الفعليين، حَمَلة الجنسيات التركية والأمريكية والبريطانية والفرنسية والقطرية والسعودية...

فإذا ذهب المرء إلى المقاتلين الشيشان أنفسهم، وتابع أحد أوضح شرائط الفيديو التي تعبّر عنهم، وتنقل صورة أمينة ـ لأنهم صنعوها بأنفسهم، في نهاية المطاف ـ عن أنشطتهم؛ فسيجد حفنة رجال يقلّ عددهم عن الـ 20، معظمهم ملثمون، يرفعون راية الخلافة السوداء، وزعيمهم يتحدّث باللغة الروسية، ترافقه ترجمة فورية ركيكة. هذه هي 'سرية كتائب المهاجرين' الشيشانية، التي تقضّ مضجع موسكو وطهران؛ وهذا عتادها ـ كما يظهر في الشريط، ويتفاخر به مقاتلو السرية ـ الذي لا يتجاوز بضعة رشاشات خفيفة، من طراز 'كلاشنيكوف'؛ وخطاب أميرها، أبو عمر الشيشاني، لا يتجاوز المفردات التقليدية، حول رفع الظلم عن أهل الشام، وإقامة 'شرع الله في هذه البلاد'، بل يبدو أقلّ تعصباً من 'بيان حلب' الشهير، السوري بنسبة مئة في المئة!

المنطق السياسي والتاريخي، ولكن الاخلاقي أيضاً، يقتضي الذهاب أبعد من هذا الذرّ للرماد في العيون، ويتبصّر في خلفيات هذه المخاتلة الخبيثة حول الوجود الشيشاني ضمن صفوف المعارضة السورية. يتوجب فتح ملفّ المسألة الشيشانية ذاتها، في قلب بلاد الشيشان، وفي عمق المواقف الإقليمية منها، وحيث لا يستهدف الترحيل والتضليل إلا إلى إغماض الأعين عن مأساة الشعب الشيشاني ذاته. هنا، أيضاً، لا تنام القضية الشيشانية بضعة أشهر، إلا لكي تستيقظ بغتة، أو بالأحرى يستيقظ العالم عليها بعد طول سبات، وكأنّ هذه البلاد موجودة في مجرّة أخرى منسية. وليس عجيباً، في ضوء ما تقدّم، أن يكون 'الإرهاب' أيضاً هو آخر المناسبات البارزة التي شهدت صحوة العالم، و'الحرّ' منه بصفة خاصة، على الملفّ الشيشاني.

ففي سنة 2002، وبعد أشهر طويلة من التعتيم المقصود، عادت القضية الشيشانية إلى دائرة الضوء من خلال العمل الإرهابي، الحدث الوحيد الذي يُحْسن إيقاظ الوعي الغربي من سباته العميق، بل ويحسن هَزّه بقوّة وعلى مبدأ الصدمة. وفي البُعد الدولي لم يكن مسرح موسكو، الذي شهد احتجاز مئات الرهائن الأجانب والروس، ومصرع العشرات منهم على يد قوّات التدخّل الروسية، سوى الحلقة التالية التي تكمل ما بدأ في أندونيسيا والفيليبين قبل أيّام معدودات. كانت طبول الحرب ضدّ العراق تُقرع في واشنطن، وسوء الفهم الأمريكي الذي أعقب هزّات 11/9 يتفاقم أكثر فأكثر، وتمتدّ نطاقاته إلى جغرافيات وأصقاع لم تكن تخطر على بال عتاة خبراء الأمن في الولايات المتحدة والغرب عموماً.

آنذاك كانت موسكو تتلفع بورقة توت، صرنا نفتقدها اليوم بالطبع، هي المفاوضات بين المقاتلين الشيشان والسلطات الروسية. وفي موازاة المبدأ التفاوضي الشهير الذي يراوح بين العصا والجزرة قبيل إجبار الطرف الأضعف على المساومة، والتنازل، وقبول الصفقة؛ كان التراث الروسي يلوّح بمبدأ المراوحة بين السوط و'كعكة الزنجبيل'، ذلك النوع الرخيص من الحلوى المبتذلة التي تُطرح أمام الفقير الروسي (فلاّح الـ 'موجيك' دون سواه) بقصد إسالة لعابه، أكثر من ملء معدته الخاوية. والسلطات الروسية كانت، وما تزال، تعتمد هذا المبدأ بالذات في إدارتها للحرب ضدّ المتمردين الإسلاميين في بلاد الشيشان، من حيث المظهر؛ ولكن ضدّ النزوعات الإستقلالية في بلاد القوقاز بأسرها، من حيث المحتوى الحقيقي. وكان المحلّل الروسي يوري كورغونيوك لا يجد غضاضة في القول بأنّ الجميع في موسكو متفقون حول طبيعة وحدود ووظائف السوط، ولكنّ أحداً لا يعرف على وجه الدقة حجم وطعم ووظائف كعكة الزنجبيل. 'ننخرط في المعركة، وبعدها نفكّر'، كما كان نابليون بونابرت يقول. نحتلّ بلاد الشيشان بالسوط أوّلاً، ثم نفكّر بعدها في الكعكة، كانت القيادة الروسية تقول.

والمواطن الشيشاني كان يثير حيرة السوسيولوجيين الشيوعيين (أيام الاتحاد السوفييتي) لأنه كان يجيب على سؤال 'هل أنت مسلم؟'، بالقول: 'طبعاً، لأنني شيشاني'. والأمر هنا لا يدور حول الجمع بين ما لا يُجمع، أي أن يكون الانتماء إلى إثنية شيشانية هو انتماء إلى الإسلام من باب تحصيل الحاصل؛ بل هو بالأحرى مثال على حالة فريدة في التباين بقصد التكامل، أو التكامل حين يكون التباين ممنوعاً ومنكَراً. وكان في وسع معلّق أمريكي ظريف أن يمزح قائلاً: لقد اقشعرّ بدني حين عرفت أن عبارة 'لا إله إلا الله، محمد رسول الله' منقوشة على قبعة سلمان رادوييف (أحد أبرز قادة كوماندو الشيشان، في حرب 1994 ضدّ الجيش الروسي)، ثم أصابتني الحيرة لأن اسمه الأول هو سلمان... مثل سلمان رشدي!

تلك الحالة الفريدة من التباين والتكامل، وتناقضهما أو تصالحهما، كانت هي التي أنبتت شجرة عائلة الزعامة الشيشانية، وقادت إلى شقّ عصا الطاعة على موسكو، بعد أن ذاقت مرارة النفي على يد ستالين في مطلع الأربعينيات، ولم تعرف شيئاً من نعمة العودة إلى الوطن على يد خروتشوف في أواخر السبعينيات. بين أفرادها كان جوكار دوداييف، الذي خدم في سلاح الجو السوفييتي في أفغانستان، وكان قائد سرب طائرات مجهزة بأسلحة نووية. وحين زحف الجيش الأحمر لتأديب دول البلطيق أيام غورباتشيف، رفض دوداييف منح هذه القوات حقّ الهبوط في المطار الذي يقوده، الأمر الذي حال دون وصول الجيش الأحمر إلى إستونيا. وأما الفصول اللاحقة من حياة دوداييف، وبلاد الشيشان من ورائه، فهي خليط متواصل من العصيان وحرب العصابات والانشقاقات الداخلية و... المافيا أيضاً.

فرد آخر من أفراد العائلة الشيشانية كان شميل باساييف، المقاتل الوديع الذي انقلب إلى صقر قوقازي أعمى حين شهد بأمّ عينيه قيام قوات وزارة الداخلية الروسية باغتصاب دزينة من بنات عمّه العذراوات، قبل قتلهنّ والتمثيل بأجسادهنّ. وكان محتوماً على باساييف أن يلجأ إلى تقليد شيشاني عتيق يمزج الحداد والحزن بالخروج المشروع عن الحياة الاجتماعية ومحظوراتها وأخلاقياتها، وتشكيل فريق من 'الخوارج' 'وقطاع الطرق الشرفاء'، والسير على دروب الانتقام الطويلة. ومن مفارقات الأقدار أنّ الغرب كان آنذاك يحاول إطفاء حرائق سراييفو، وكان في الآن ذاته يصمّ الآذان عن الأفغان الجُدد الذين انبثقوا من بين ظهراني أهل البيت، وتكاثروا على رائحة الدماء والجثث والخراب. المفارقات ذاتها اقتضت أن يراقب الغرب انطفاء حرائق كوسوفو، واشتعال حرائق تيمور الشرقية؛ وانطفاء هذه الأخيرة، ثم اشتعال داغستان؛ واشتعال غروزني، وبرجَي مركز التجارة في قلب نيويورك، وأفغانستان، وأندونيسيا، والفيليبين، وفلسطين، والعراق... وصولاً إلى سورية، هذه الأيام.

وإذا جاز لنا، نحن السوريين ـ أو أولئك، بينهم، ممّن يتفقون مع وجهة نظري على الأقلّ ـ أن نكره لجوء الآخرين إلى تصفية حساباتهم على أرضنا، أو إجبارنا على اعتناق هذه 'الشرعة' أو تلك 'الخلافة'؛ وأن نبذل كلّ ما في وسعنا لكي لا ينقلب ذلك اللجوء إلى 'احتلال'، أكثر منه 'هجرة إلى الله' و'جهاد في سبيل الله'؛ فإنّ البديل ليس، البتة، انتهاج سلوك النعامة، ودفن الرأس في الرمال، والتعامي عن علم اجتماع صعود، أو انحطاط، المجموعات 'الجهادية' كافة؛ وليس الخلط الغوغائي بين حرب إسقاط النظام وأيّ، أو كلّ، معركة أخرى قد تعيق الانتصار في الحرب، أو تؤخّره.

وذاك بديل لا ينخدع طواعية بترحيل موسكو وتضليل طهران حول المسألة الشيشانية، في بلاد الشيشان ذاتها، فحسب؛ بل ينقل المياه الآسنة إلى طواحين النظام، هنا في سورية، أيضاً وقبلئذ.

 

=======================

المواقف من مبادرة الشيخ معاذ الخطيب وفرص نجاح التفاوض لانهاء الماساة السورية

د. طارق كتيلة

2013-02-14

القدس العربي

طرح الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري مبادرة للحوار مع النظام السوري انتقدها البعض وايدها البعض الاخر.

ما اخذ على طرح الشيخ معاذ الاولي عدم استشارته للائتلاف او مكتبه السياسي قبل طرح المبادرة علما بأنه رئيس الائتلاف كما انه لم يشر بداية بأن الحوار يهدف الى تسليم السلطة وهو الشرط الذي لن يقبل معظم المعارضين السوريين بأقل منه بعد كل ما حل ببلدهم من دمار وبشعبهم من قتل ومجازر من قبل هذا النظام.

لاحقا اوضح الشيخ معاذ بأن المقصود من الحوار هو ايجاد اليه لوقف نزيف الدماء وتدمير البلد والتفاوض على الية رحيل النظام وكان ان اجتمع مع الهيئة السياسية للائتلاف التي اجمعت بأن لا تفاوض مع النظام الا على الية تسليم السلطة.

في هذه الاثناء كان هناك لقاءات مهمه للشيخ معاذ في جنيف مع نائب الرئيس الاميركي ووزير الخارجية الروسي بالاضافه الى وزير الخارجية الايراني والمبعوث الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي. هذه اللقاءات اججت من امتعاض بعض اطراف المعارضة وبخاصة في المجلس الوطني السوري الشريك الاكبر في الائتلاف تجاه الشيخ معاذ وخاصة بسبب لقائه بالروس والايرانيين الذين باتوا من قبل الكثير من المعارضة والشعب السوري بحكم الاعداء بسبب دعمهم اللامحدود لجرائم النظام وتلوث ايديهم بدماء الشعب السوري مع بدء القمع الدموي لإنتفاضة الشعب ضد الفساد والظلم والديكتاتورية.

خرج بيان شديد اللهجة من المجلس الوطني السوري يصف هكذا لقاءات بالطعنة للثورة السورية ويعارض خطوة الشيخ معاذ ومبادرته بالحوار مع النظام بشرط اطلاق سراح السجناء وتجديد جوازات السفر اولا كما جاء في المبادرة.

في هذه الاثناء تفاعلت الازمة في المعارضة في مقابل شبه تجاهل من النظام للمبادرة وعدم رد رسمي عليها سلبا او ايجابا الا من خلال حديث لنائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في بكين من ان النظام يقبل الحوار لكن بعد القاء السلاح.

من الواضح وعبر دراسة الاشهر السابقة من عمر الثورة السورية بأن النظام لن يقبل بالتفاوض الجدي والحقيقي مع المعارضة والذي قد ينتج عنه انتقال سلمي للسلطة واحد اهم الاسباب لهذا هو بنية النظام وعقلية مويديه والتي باختصار تقول 'الاسد او نحرق البلد' وهذا ما يراه العالم بأم عينه.

هكذا انظمة من الصعب ان تستسلم بسهولة او تفاوض على ذهاب رأسها لأنها انظمة من نوعية فريدة الرأس فيها هو نفسه القاعدة والتي بذهابها يتهدم البناء على اصحابه ولعل ليبيا مثال مايزال ماثلا امام اذهاننا حيث ان القذافي بقي يقاتل حتى قتل رغم العروض المغرية التي عرضت عليه مقابل تنازله عن السلطة ورغم ان اي عاقل يدرك بأنه من الصعب هزيمة المعارضة الليبية المدعومة بضربات حلف الاطلسي وتحالف عالمي كبير على رأسه امريكا وفرنسا بالاضافة لمعظم دول الخليج العربي الغنية والمؤيدة بقرارات من مجلس الامن الدولي والجامعة العربية. لهذا فإن فرص الحوار الجدي الذي قد يفضي الى نتيجة في المسأله السورية شبه معدومة في ظل حالة الجمود الميداني على الارض الحاصل في الاشهر الاخيرة رغم بعض التقدم النسبي لقوات المعارضة في بعض المناطق.

ان النظام السوري لن يقبل بالتفاوض الا اذا احس بأنه يخسر الحرب وهذا لن يتم الا عبر خسارته لمدينة حلب وشمال سورية كاملا او دخول قوي للمعارضة الى داخل مدينة دمشق العاصمة يشبه الى حد ما وضعها الآن في مدينة حلب حيث تسيطر على اكثر من نصف المدينة.

اذا فقط انتصارات عسكرية حاسمة على احد هاتين الجبهتين وخاصة جبهة دمشق هي التي ستقنع النظام السوري بأن ايامه اصبحت فعلا معدودة وبالتالي تسمح بامكانية قبوله بمفاوضات جدية تؤدي فعلا الى الانتقال الديمقراطي للسلطة الذي يعلق عليه الامال الكبيرة في وقف حمام الدم السوري الرهيب.

لذلك يأمل السوريون من كل الدول الداعمة للشعب السوري بل وحتى الدول المحايدة التي ترغب في رؤية نهاية سريعة لحمام الدم السوري الرهيب بأن تدعم قوات المعارضه السورية اقله بما يحقق هذا التوازن الجديد الذي يقنع النظام بأن الحل العسكري فشل وبالتالي لا مخرج له من هزيمة محققة الا ان يجلس مرغما مع المعارضة والتحاور الجدي لإيجاد حل يرضي تطلعات الشعب السوري بالحرية والديمقراطية بعد اريعين عاما من الديكتاتورية والقمع وحكم العائلة الواحدة.

اخير ان اختلاف المعارضة بشأن مبادرة الشيخ معاذ والحوار مع النظام او مع ايران وروسيا لا يجب ان يؤخذ بشكل سلبي كما يراه البعض لأن اختلاف الرأي حول الطريقه المثلى والاسرع لوقف حمام الدم وانتقال السلطة امر طبيعي ولا يعني هذا الخلاف في الطريقة بأي حال من الاحوال خيانة لمبادئ الثورة او طعن لها طالما ان الهدف النهائي هو نفسه للجميع.

كما ان هذا الاختلاف مفيد في حقيقة الامر في تقوية موقف الفريق المؤيد للتفاوض مع النظام بشروط اذا ما تم الجلوس على طاولة المفاوضات او حتى عند التحاور مع الاطراف الدولية كون هذا الفريق لا يستطيع تقديم الكثير من التنازلات لأن هناك اطراف اخرى اكثر تشددا ستقف له بالمرصاد اذا ما رضي بما هو اقل مما توافقت عليه كافة اطراف المعارضة السورية الا وهو رحيل النظام كاملا والانتقال بالبلد الى الديمقراطية التعددية.

طبعا هذا الاختلاف الجيد برأيي كما ذكرت قد يتحول الى سلبي في حال اطلاق عبارات التخوين او محاوله تصفية حسابات شخصية او فئوية واللعب على هذه الاوتار.

لقد رأى الكثيرون بالشيخ معاذ شخصية وطنية محبوبة من الطيف الاوسع للشعب السوري خرجت من رحم الثورة وعانت ما عانت من النظام ومشهود لها بالوطنية والاخلاص وبالتالي انها فرصة للالتفاف حوله كرئيس للائتلاف الوطني الذي اعترفت به معظم دول العالم كممثل شرعي للشعب السوري في هذه المرحلة الدقيقة لتحقيق اهداف الثورة وبأقل الخسائر على انه لا مانع من النصح والنقد البناء وحتى الاختلاف على الحل الامثل والطريقة الانسب لكن دون تخوين وتجريح شخصي اكثر من يستفيد منه النظام.

=======================

الأزمة الإنسانية في سورية: إلى متى؟

2013-02-15 12:00 AM

الوطن السعودية

لا شك أن إيقاف شلال الدم المتدفق في سورية يبقى الهدف الأسمى الذي يعمل عليه السوريون والهيئات العربية والإقليمية والدولية، خاصة مع ارتفاع أعداد الضحايا لتتجاوز 70.000 بحسب التقديرات الرسمية للأمم المتحدة. لكن هناك جانبا آخر لا يقل أهمية، وهو إيجاد حل يضمن تخفيف الأزمة الإنسانية التي يمر بها السوريون داخل سورية وفي مخيمات اللجوء وخارجها. فقد بينت تقارير الأمم المتحدة أن جهود المساعدات الإنسانية الدولية لا تتماشى مع حجم المأساة التي يعيشها السوريون. وبحسب أرقام الأمم المتحدة أيضا فإن أكثر من 700.000 لاجئ سوري مسجلون رسميا في دول الجوار، وأعدادهم في تزايد مستمر، كما أن هناك أكثر من 2 مليون نازح داخل سورية اضطروا لترك منازلهم، وهناك أيضا 2 مليون سوري بحاجة للمساعدات بسبب فقدان موارد رزقهم نتيجة الأزمة المستمرة منذ حوالي سنتين.

وعلى الرغم من أن الدول المانحة رصدت 1.5 مليار دولار كمساعدات إنسانية لسورية، إلا أن هناك إجماعا دوليا على أن المناطق السورية المختلفة لا يصلها حتى الحد الأدنى من الاحتياجات الرئيسية. أسباب هذا التقصير كثيرة، فرغم نشاط بعض المنظمات الإنسانية في إدخال المساعدات عبر الحدود التركية السورية التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة، إلا أن الحكومة السورية تشترط الإشراف على توزيع المساعدات في مناطقها. كما أن هناك أدلة متزايدة على وجود فساد كبير يشوب آليات توزيع المساعدات الإنسانية حتى في مخيمات اللاجئين السوريين في دول الجوار، مما يجعل اللاجئين يقعون ضحية ليس فقط للنظام الذي هربوا من قصف طائراته والاشتباكات التي وجدوا أنفسهم وسطها، ولا للشتاء القارس الذي لم يجدوا ما يرد برده وأمطاره ورياحه سوى خيمة من نوعية رديئة في بعض الأحيان، ولا للغربة والمرض والفقر والحاجة والذل أحيانا؛ بل إن مساعدات أهل الخير لهم على المستويين الرسمي والشعبي تتعرض أحيانا للسرقة بسبب بعض النفوس المريضة، فلا يصلهم منها إلا الفتات.

على المجتمع الدولي أن يضغط على جميع الجهات في سورية من أجل وضع حد للمعاناة الإنسانية للسوريين، والتي يبدو أنها تتفاقم يوما بعد يوم، إلى أن يحرك الله ضمائر أطراف الأزمة فيجدوا حلا نهائيا يوقف الصراع بشكل يرضي الشعب وتطلعاته في الحرية والأمن والاستقرار.

 

=======================

رأي الراية...انحياز قطري للشعب السوري

الراية

15-2-2013

تشكل موافقة دولة قطر على تعيين سفير للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الدوحة خطوة هامة تؤكد انحياز قطر أميراً وحكومة وشعباً إلى جانب الشعب السوري ومطالبه العادلة في الحرية والديمقراطية والتغيير وسعياً من دولة قطر - التي اعترفت بائتلاف قوى المعارضة السورية ممثلاً شرعياً للشعب السوري - إلى التخفيف من معاناة الشعب السوري الذي يتعرض للقتل اليومي على أيدي النظام.

لقد شكل اعتراف أكثر من مئة وثلاثين دولة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلاً شرعياً للشعب السوري قبل أشهر تأكيداً جديداً على أن النظام في سوريا انتهى وأن سطوته تتهاوى وتتلاشى وأن المجتمع الدولي قد لفظه نهائياً وأن الائتلاف السوري أصبح ممثلاً حقيقياً وشرعياً لهذا الشعب وأنه البديل الشرعي للنظام الحالي، والمؤتمن على استلام السلطة وإدارة الفترة الانتقالية.

إن القرار القطري بتعيين سفير للائتلاف السوري في الدوحة سيشجع الدول التي اعترفت بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري على أن تحذو حذو قطر وتقوم بتطبيق هذا الاعتراف على أرض الواقع ودعم الائتلاف السوري مادياً ومعنوياً والاعتراف بممثليه في مختلف دول العالم كممثلين حقيقيين عن الشعب السوري. فدعم الشعب السوري والوقوف إلى جانب سوريا وشعبها في هذه المرحلة الخطيرة يعد سداداً لدين يجب على الجميع سداده لبلد أسهم وعلى مدى قرون في ازدهار الحضارة الإنسانية ولشعب لم يتخل يوماً عن مسؤولياته تجاه أمته وعالمه وامتد تأثيره الإيجابي في كل قارات العالم.

لقد ساندت دولة قطر رسمياً وشعبياً ثورة الشعب السوري الذي يسعى إلى الانعتاق من حكم النظام الديكتاتوري ولم تألُ جهدا في السعي لوقف شلال الدم الذي يسيل في سوريا منذ نحو العامين من خلال العديد من المبادرات والجهود الدبلوماسية وفي التخفيف من معاناة النازحين واللاجئين من أبناء الشعب السوري من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية وتسيير قوافل الغوث الإنساني إلى مخيمات اللجوء السوري في دول الجوار.

إن الواجب الإنساني والأخلاقي يحتم على المجتمع الدولي تقديم كل الدعم والمساندة وبكل الوسائل المشروعة لمن يقاتلون ضد الظلم والقهر ومن أجل الحرية والكرامة الإنسانية فمسؤولية المجتمع الدولي تقتضي الوقوف إلى جانب الشعب السوري ودعمه وتمكين ممثليه في المعارضة من العمل للتخفيف من معاناته والبدء في التأسيس للعهد الجديد الذي ينعم فيه الشعب السوري بالحرية والديمقراطية ويوجه كل طاقاته وإمكانياته لبناء سوريا الجديدة وتشكيل حكومة تستوعب الجميع ولا تستثني أحداً، وإقامة ديمقراطية حقيقية لا تعزل ولا تحجر ولا تميّز بين مواطن ومواطن بحيث يكون الوطن للجميع وبالجميع.

=======================

هذه خياراتهم!

  محمد أبو رمان

الغد الاردنية

15-2-2013

زيارة "وفد أردني" إلى دمشق، وإهداؤه العباءة للأسد (باسم شعبنا)؛ فيهما استهتار غير مقبول ومحزن ومؤسف بمشاعر السوريين ومشاعر الأغلبية العظمى من الأردنيين؛ ويمكن هنا استدراج أساليب الاستنكار والإدانة كافة.

لا نستبدل "بضاعة رخيصة" من ادعاءات قومية وأيديولوجية ووهمية بدماء وتضحيات ومآسي أشقائنا وإخواننا السوريين، الذين هجّر منهم إلى اليوم مئات الآلاف، وقتل مثلهم، وما يزال عشرات الآلاف معتقلين، ثم نرى هذا الوفد أمام العالم كلّه يبارك باسمنا نحن هذه الأفعال الشنيعة؛ يا للخجل!

لو سألنا الوفد الذي ذهب إلى هناك عن ماذا يدافع الأسد اليوم، وضد (من)؟! عن وحدة سورية، مثلاً؟ وهل يمكن أن نتصوّر الرجل يحكم بعد هذه الشلالات من الدماء، وبعد هذه الروح الطائفية المرعبة التي ردّ البلاد إليها؟!

أي وحدةٍ وهمية هذه! إذا كان طيّارون عسكريون منشقون يؤكّدون أنّ الطيّارين السنّة ممنوعون من الطيران، خوفاً من فرارهم أو انقلابهم بأسلحتهم ضد الرئيس السوري؛ وإذا كانت أهم المدن السورية والمحافظات والقرى تحوّلت إلى ركام وجثث وأشلاء وذكريات مريرة! الوحدة الحقيقية الوحيدة الشرعية تتمثّل في دولة المواطنة والقانون والمساواة وحقوق الإنسان والحريات العامة، أيّ الدولة التي يشعر فيها الجميع بأنّهم أسياد أنفسهم لا عبيد، أو مجرد حشرات أو جراثيم، يمكن إبادتها بقرار من مسؤول بالدرجة العاشرة!

ربما التصريحات الأخيرة التي صدرت عن جهاد المقدسي (المتحدث المتحمس سابقاً باسم وزارة الخارجية السورية، والذي هرب من البلاد) تؤكّد أنّ المصدر الوحيد لدعم النظام اليوم لدى الأغلبية العظمى يتمثّل في خشية كثير من السياسيين والدبلوماسيين على عائلاتهم وأقاربهم، في حال أعلنوا انفصالهم عن النظام وانحيازهم للشعب، فعن أيّ انتصار حقّقه الأسد يتحدث الوفد "الأردني" (للأسف!)؟ بالتأكيد لدى كثير منا شكوك في أهلية المعارضة السورية، وهواجس من الأجندات الدولية والإقليمية المشبوهة، سواء مع النظام أم المعارضة؛ وثمة قلق كبير لدى الأقليات المختلفة على السلم الاجتماعي والأهلي، بعد التجربة العراقية المريرة. كما لدينا أسئلة مرعبة ومقلقة تماماً تتعلّق بمستقبل سورية في ظل هذه اليوميات الدموية الكارثية.  لكن هذه الأمراض والنتائج نابعة من سياسات النظام وتبنيه الحل الدموي مع مطالب الناس بالحقوق المشروعة، منذ البداية.

من الضروري ألا نخلط الأوراق بشأن ما يحدث في سورية اليوم، ولا بد من التمييز ما بين القضايا الخلافية من التحليلات والقراءات السياسية المختلفة في الموقف من المعارضة الخارجية ومن صعود "القاعدة" والفصائل المسلّحة هناك والهواجس المشروعة حول المستقبل من جهة، وبين القضايا الجوهرية التي لا مقايضة عليها أو مناورة فيها، من جهة أخرى، وتتمثّل في عدم قبول أي مسوّغات أو حجج أو ذرائع مهما كانت قومية أو دينية أو أيديولوجية لقتل الناس وتعذيبهم واستخدام السلاح ضد المدنيين والأبرياء، وحجب حق الناس في الحرية والكرامة والحياة الإنسانية الطبيعية.

ليس موضوع النقاش اليوم فيما إذا كان النظام السوري ممانعاً أم متواطئاً! وفيما إذا كانت هنالك مؤامرة أم لا! أو إن كانت "القاعدة" بهذا الحجم الإعلامي أم لا!

فكل تلك قضايا ثانوية، لا قيمة لها أمام قضيتنا المركزية التي أشعلت الثورات الشعبية العربية عموماً، والسورية قبل أن يستدرجها النظام إلى العسكرة الاضطرارية، بعد أن تخلّى العالم  عن الشعب السوري؛ إنّما قضيتنا اليوم وغداً وبعد غدٍ تتمثل في الديمقراطية التي تعني التحرر والحرية، والتخلص من زمن الأوثان والعبودية. هذه المذابح والفوضى والدماء والأشلاء، هي مسؤولية النظام والسياسات القمعية والروح الدكتاتورية.  فالمشهد الكارثي هو صنيعة النظام والنفاق الدولي؛ فلا الدكتاتورية ولا الفكر الديني المتطرف ولا الروح الطائفية تعكس ثقافة الشعب السوري وروحه المبدعة، ولا تمثّل أهدافه التي انتفض لأجلها، هذه خياراتهم لا خياراتنا!

m.aburumman@alghad.jo 

=======================

زيارة مقولبة وعباءة بائسة

عمر عياصرة

السبيل

15-2-2013

بشار الاسد في مأزق منطقي، والدليل انه يسمح للاعلام بتصوير وفد من مناصريه الاردنيين –وهم اقلية جدا هامشية– يزورونه ويمجدونه في اطار مشهد «تراجيد فكاهي».

انا اتفهم ان ننقسم في مواقفنا من النظام السوري مع بدايات الازمة، لكنني استغرب ان نصفق لرئيس يموت الى هذه اللحظة من مواطنيه اكثر من 60 الف شهيد.

للاسف البنية مريضة يقودها الهوس، هذا واضح ويصلح لتفسير عدم قدرتنا على فهم العدو من الصديق والاخيار من الاشرار.

العباءة التي ارتداها بشار الاسد ليست اردنية ولا تمثلنا، وأظنها صنعت في مخايط الامن الدبلوماسي السوري المفلس الباحث عن بصيص أمل غير ممكن.

هذا الوفد –بالمناسبة حر في التعبير عن رأيه– سبق أن زار السفير السوري في عمان بهجت سليمان، وألبسوه ذات العباءة، واصفينه بـ»أيوب الصبر» رغم علمهم أنه من ضباع القتل والاستبداد.

يصعب علينا تفهم هذه المواقف وفجاجتها، أهي الايدلوجيا العمياء الركيكة أم هي اجندة الحسابات البنكية ذات الاغراء الفطري؟

هذه الزمرة القموجية لا تستوعب الى الآن أن بشار لم يعد قوميا، لا هو ملتزم بالحدود الدنيا من منطق البعث، الاسد طائفي بكل درجات اليقين، وقد آن لهؤلاء ان يقفوا على عقولهم لا على جيوبهم.

ألم يسمع هؤلاء تصريحات بهجت سليمان الاخيرة المذهبية التي تخلى فيها عن مصطلحاته القومية والبعثية، متجها نحو تعابير الكربلائية والعاشورائية اظهرت حقيقة المعركة ووجه النظام النهائي.

لسنا مع تفتيت سوريا او مع استهدافها خارجيا، لكن السؤال: ماذا يمكن ان نصف قتل اكثر من 60 الف مواطن، هذا القتل دفاع عن ماذا؟ وهو ثمن لأي شيء.

كان الأجدر بهؤلاء حين أتيحت لهم الفرصة بمقابلة بشار الاسد، أن ينصحوه بمهمة قومية عنوانها رحيله تنقذ سوريا البلد والشعب والمقدرات.

الزيارة مقولبة ومرسومة، أما العباءة فهي تغرير ورقص على جثث الشهداء، وهي لن تغني الاسد عن مصيره المؤكد بالرحيل.

المهم في خاتمة النقاش أن يفهم هؤلاء أنهم لا يمثلون الاردنيين بمجموعهم، هم يمثلون أقلية لها الحق في التعبير عن موقفها، لكننا في المقابل نملك أن نرفض افعالهم في اطار من الانتظار وكظم الغيظ.

=======================

محنة السوريين: الخوف من مجهول قادم في مصر

ثائر الزعزوع()

المستقبل

15-2-2013

منذ أن تبوّأ سدة الرئاسة صيف العام المنصرم، لم يفوّت الرئيس المصري محمد مرسي مناسبةً إلا ودعا فيها للوقوف إلى جانب الشعب السوري ضد الطاغية المستبد، بل إنه وفي عقر دار إيران الحليف الأشد قرباً للنظام السوري، قال مرسي ما لم يقله أحد سواه من قادة الوفود المشاركة في قمة دول عدم الانحياز في شهر آب/ أغسطس الماضي، وحتى من أولئك الذين يناصرون ثورة الشعب السوري جهاراً ونهاراً، واستطراداً فإن مرسي وفي حمّى الفوضى الخانقة التي تعيشها مصر، ظلّ متمسكاً بمطالبته بالوقوف إلى جانب السوريين المظلومين والتصدي للظالم وقلع أنيابه.

مشاعر الرئيس مرسي تلقى قبولاً في الأوساط السورية، سواء الليبرالية منها أم الإسلامية، كما أن موقف مصر من الوافدين السوريين الكُثر إلى أراضيها يجعل الموقف المصري متقدِّماً عربياً على سائر المواقف الأخرى، وإن تكن الأحداث الأخيرة قد بدأت تهزّ صورة أول رئيس منتخب لمصر، بل وتهدِّد بقلب الطاولة عليه، فإن موقف "السوريين" ملتبسٌ بشكل كبير، إذ يميل التحليل إلى اعتبار مرسي خاطئاً في تفرّده بالسلطة، والسماح لجماعته بالاستحواذ على الدولة من بابها لمحرابها، وهو السيناريو الذي يخشى الكثيرون تكرار حدوثه في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، بينما تميل المصلحة والخوف من قادم غير محدّد الملامح إلى التزام جانب الحذر في تأييد طرف ضد طرف، وانتظار أن تهدأ الأوضاع المصرية من دون أن يبدي أي من أطياف المعارضة السورية انحيازاً، أو موقفاً قد يؤدي إلى فقدان ما يمكن اعتباره ميزات يحظى بها الوافدون، الذين عوملوا معاملة المصريين في كل ما يخصّ شؤونهم الحياتية تقريباً.

وقد يُفهم من هذا الأمر أنه انتهازيةٌ مبرّرةٌ نظراً للظروف اللاإنسانية التي يعيشها "السوريون" الآخرون في الدول التي لجأوا إليها، وقد باتوا مادةً للاستجداء من قبل بعض الدول الحاضنة.

إذ قد يكون من المستغرب أن تغلق الحكومة الليبية حدودها في وجوه السوريين، وهي حكومة جاءت في أعقاب ثورة شبيهة بالثورة السورية، بل إن الليبيين، وكما تشير الكثير من التقارير، كانوا من أوائل الداعمين مادياً وعسكرياً للثورة السورية، وكان من باب أولى أن تحتضن ليبيا العمالة السورية المزدحمة على معبر السلوم الحدودي، لا أن تشترط حصول السوريين على فيزا عبور قبل دخول أراضيها، علماً أن ليبيا في أمس الحاجة إلى تلك العمالة بعد الدمار الذي تسببت به حرب إزاحة القذافي، ولعله من المفيد التوضيح أن شرط الحصول على فيزا لم يكن مطلوباً إبان فترة حكم القذافي.

دولُ الخليجِ بدورِها أغلقتْ أبوابها في وجه السوريين، لكنّ تلك الدول تبدو معذورةً في العُرف الجغرافي، والسكانيّ أيضاً، بل والسياسي حتى، إذ إن الهدوء والاستقرار الذي حرصت جاهدة على تحقيقه قد يتعرض لاهتزازات كارثية إن فتحت أبوابها لاستقبال لاجئين مباغتين، ليس ثمة أفق واضح لانتهاء فترة لجوئهم.

تشير تقديرات غير نهائية للأمم المتحدة أن أكثر من 750 ألف لاجئ سوري غادروا بلدهم وتوزعوا على أربع دول، هي لبنان وتركيا والأردن والعراق، ويبدو هذا التوزع طبيعياً لأن هذه الدول تمثل الحدود الجغرافية لسوريا، ويمكن الانتقال إليها سيراً على الأقدام، تبعاً للمناطق التي ينزح منها المرء، فأبناء المنطقة الشرقية اتجهوا إلى العراق، وأبناء المنطقة الجنوبية وتحديداً منطقة درعا، وبعض مناطق الريف الدمشقي قصدوا الأردن، فيما لجأ أهالي ريف إدلب وحلب إلى تركيا، وقصد لبنان قرابة مئتي ألف من أهالي ريف دمشق، وبعض الموسرين من أبناء حلب، وفيما تشير تقديرات إلى أن عدد الذين قصدوا مصر خلال العام 2012 يتجاوز المئتي ألف، سجلت الأمم المتحدة نسبة عشرين بالمئة منهم فقط أما النسبة العظمى فلم يتم تسجيلهم في قوائم الأمم المتحدة، وقد بدأ الموسرون منهم بمزاولة حياتهم، فأنشأوا مصالح واستثمارات، وأصبح الحضور السوري واضحاً في مناحٍ عديدة ساعدهم على ذلك التشجيع الذي لقوه من الحكومة المصرية التي أتاحت الفرصة للمستثمرين والصناعيين السوريين لبدء أعمالهم في مصر، فيما تعتمد نسبة لا بأس بها على مساعدات تقدمها بعض الجمعيات الخيرية، السورية والمصرية أيضاً.


لكن المقلق بالنسبة لهؤلاء أن لا ضمانات يمكن أن تُقدّم لهم في حال ساءت الأوضاع السياسية في مصر، فالبلاد تمر بضائقة، والعملةُ المحلية تتراجع، كما أن ارتفاع معدلات البطالة المرتفعة أصلاً، يزيد الأمور سوءاً، و كل هذا قد يدفع الكثيرين لإعادة حساباتهم والبحث عن خيارات جديدة، وهي نادرة، ولعل الإشكالية في أن يحدث ما يخشى منه، ساعتها سيجد المجتمع الدولي نفسه أمام كارثة من نوع جديد، لعلّها لم تكن في الحسبان، ولذلك فإن الهيئات الدولية مدعوة للعب دور أكبر في توثيق أعداد النازحين والمهجرين، وعدم الركون إلى الأرقام السابقة التي تفتقر إلى الدقة، والبحثِ عن حلول نهائيةٍ طالما أن أفق حل الأزمة السورية غير واضح الملامح حتى الآن.

 

() كاتب سوري مقيم في مصر

=======================

في معنى المعارضة السورية

فايز سارة

المستقبل

15-2-2013

ليس من السهل فهم المآلات المحتملة للصراع في سوريا، من دون معرفة اللوحة العامة للمعارضة السورية، والتي تشكّل بالمعنى العام إحدى القوتين المتصارعتين في سوريا، وتشكل واحداً من منفذين يتدخل المجتمع الدولي عبره بقواه الإقليمية والدولية وهيئاته في الأزمة السورية، فيما يشكل النظام المنفذ الآخر الذي تتدخل منه القوى الإقليمية والدولية في أزمة سوريا.

غير أنه ومن أجل تقدير أفضل لدور المعارضة السورية، لا بد من تحديد معناها ومحتواها. ذلك أن بعضهم يستعمل تعبير المعارضة السورية، توصيفاً للجماعات السياسية، وأحياناً يقتصر على ما يسميه البعض بـ"المعارضة الخارجية" مشاراً في هذا المجال إلى المجلس الوطني السوري وإلى الائتلاف السوري للمعارضة وقوى الثورة، ويضيف البعض إلى ما سبق "المعارضة الداخلية"، والتي تشمل هيئة التنسيق الوطنية وما يقاربها من جماعات سياسية، تتخذ من الداخل السوري مركزاً لوجودها ونشاطها وحضور قياداتها مثل هيئة التنسيق الوطنية وإعلان دمشق، وهناك من يوسع الإطار في هذا المجال، فيضيف قوى وجماعات سياسية موجودة داخل البلاد وخارجها مثل المنبر الديموقراطي السوري الى ما سبق من كتل رئيسية للمعارضة السياسية، على سبيل توصيف فكرة المعارضة وبيان محتواها.

بعضهم الآخر يستعمل تعبير المعارضة السورية للدلالة على نوع آخر ومحدد، وهو المعارضة المسلحة، وهو تعبير روّجته في الأشهر الأخيرة دول وقوى معينة تناهض ثورة السوريين، للدلالة على قوى مسلحة تقف في مواجهة قوات النظام من القوى العسكرية والأمنية وقوات الشبيحة، وهذه قوى تشمل ثلاث مجموعات من قوى المعارضة المسلحة أولها الجيش السوري الحر الذي يشمل طيفاً واسعاً من تنظيمات يوحد الاسم معظمها، ويفتقد كثير منها وحدة التنظيم والتسليح والقيادة، والثانية جماعات من المتطوعين المدنيين المنظمة محلياً، والثالثة قوات وجماعات إسلامية من بينها جبهة النصرة في بلاد الشام، التي تصفها مصادر وجهات كثيرة بأنها التعبير الأبرز عن تنظيم القاعدة وامتداده في الواقع السوري.

وهناك من يستعمل تعبير المعارضة السورية للدلالة على الحراك الشعبي السوري وتعبيراته المدنية والأهلية في قوسها الواسع، والذي يشمل أعمدة وبنى المجتمع المحلي في الأرياف وفي أحياء المدن، تتمثل في تجمعات يديرها رجال دين ومخاتير ووجهاء محليين يملكون نفوذاً على قطاعات شعبية تقوم بأنشطة معارضة من بينها تنظيم التظاهرات ومتمماتها من أعمال الإغاثة وإعانة ضحايا القصف وعمليات الاقتحام التي تتم في طول البلاد وعرضها، أصابت نتائجها نحو أربعة ملايين سوري نزحوا عن بيوتهم وأماكن إقامتهم الأصلية، وتشردوا في داخل البلاد وخارجها.


والحق، فإن تعبير المعارضة، يشمل كل ما تقدم. فهو يضم المعارضة السياسية، التي تنشط في الداخل والخارج، بل إن تقسيم العارضة بين داخل وخارج، هو تقسيم خاطئ من الناحية العملية والسياسية. فكل التحالفات والتنظيمات والأحزاب الموجودة في الخارج، لها - ولو بصورة متفاوتة - امتدادات تنظيمية وسياسية في الداخل، كما هو حال العديد من مكونات الائتلاف الوطني والمجلس الوطني، ومنها إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي الذي معظم جسده التنظيمي وقياداته الأساسية موجودة في الداخل السوري، ومثله حال المنبر الديموقراطي الذي له امتدادات تنظيمية وقيادات في الداخل والخارج على السواء، ومعظم الجماعات السورية، كما هو حال إعلان دمشق وهيئة التنسيق الوطنية وتيار بناء الدولة وحركة معاً، اضطرت لإخراج بعض قياداتها وكوادرها على امتداد العامين الماضيين من البلاد، وغالباً ما تم ذلك تحت ضغط السياسة الأمنية العسكرية، التي تتواصل فصولها قتلاً واعتقالاً وملاحقة، وهو أمر لا ينطبق على المعارضين والنشطاء السياسيين بل طال نشطاء في الحراك الشعبي الذي غادر كثير من قياداته وكوادره من منتظمي التظاهرات إلى القائمين بأعمال الإغاثة والدعم الطبي والإنساني إلى الخارج، وثمة تقديرات تقول، إن عدد من تم تهجيرهم ومغادرتهم الأراضي السورية بفعل هذه السياسة من كادرات المعارضة والحراك قارب المائة ألف كادر وناشط، وهذا بين أمور تؤكد خطأ تقسيم المعارضة بين داخل وخارج.

واندماج المعارضة ووحدتها بين الداخل والخارج هو مثال على اندماجها ووحدتها في العلاقة التي تحكم المعارضة السياسية بالحراك الشعبي في شقيه المدني والأهلي، التي وإن بدا أن ثمة تماياًز بينهما عشية انطلاق الثورة في آذار 2011، إلا أن هذه الهوة ضاقت، ليس فقط بسبب السياسة العسكرية الأمنية التي طبقها النظام، وإنما أيضاً بفعل الاحتياجات الموضوعية التي حكمت علاقة الطرفين ووضعتهما في سياق مصير واحد، ولعل أمثلة الاندماج واضحة في تشكيل تحالفات المعارضة منذ هيئة التنسيق والمجلس الوطني إلى الائتلاف السوري، والتي راعت اتحاد ممثلي المعارضة السياسية مع ممثلي الحراك الشعبي، وهو أمر ينطبق على معظم الجماعات والأحزاب السياسية السورية، التي تشكلت في العامين الأخيرين، وقد تشارك في تأسيسها نشطاء سياسيون وآخرون في الحراك الشعبي ولعل المثال الأوضح في ذلك المنبر الديموقراطي السوري الذي ولد في شباط من العام 2012 بالقاهرة.

والاندماج السياسي والحركي في المعارضة السورية، له ما يقابله من علاقة بين المدني والعسكري في تكوينات المعارضة، ولتأكيد هذا المضمون، يمكن استذكار، أن الستة أشهر الأولى من ثورة السوريين كانت أشهراً للنضال السلمي والمدني، وأنها كانت خارج سياق القوة والعنف اللذين يميزان الحراك العسكري المناهض للنظام من الجيش الحر الى المتطوعين المحليين وصولاً للجماعات الإسلامية وجبهة النصرة، وغالب قيادات ومنتسبي هذه الجماعات كانوا بين المتظاهرين السلميين، وغالباً ما كانوا في مقدمة المتظاهرين، لكن العنف المفرط الذي مارسه النظام ضد التظاهر وضد التجمعات السكانية في المدن والقرى، والانتهاكات الفظيعة التي أوقعها بالمدنيين وممتلكاتهم ومصادر عيشهم، دفعت لتحول البعض وخاصة في الأرياف للانخراط في قوى مسلحة، كان هدفها الأول ردع التعديات، ثم انتقل هدفها إلى إسقاط النظام، وقد طور بعضها الهدف نحو إقامة دولة إسلامية على نحو ما تقول جبهة النصرة وأخواتها، لكن ذلك يمر بالتأكيد بهدف إسقاط النظام.

ومما لا شك فيه، أن الأصول المدنية لغالب منتسبي الجيش الحر والقوى المسلحة، وتبنيهم الهدف المشترك في إسقاط النظام، وكونهم هدفاً لقوات النظام، يجعلهم أقرب إلى المعارضة السياسية والمدنية، وهو يكاد يقترب عند البعض إلى حد الاندماج، وهو ما عبرت عنه قيادات في الجيش السوري الحر مرات، كان آخرها تشكيل هيئة الأركان المشتركة في كانون الثاني، التي تضم عسكريين ومدنيين، أعلنت التزامها جانب الائتلاف الوطني السوري، وهو التحالف الأهم في المعارضة السياسية والقوة الحاصلة على اعتراف دولي وعربي بتمثيلها للشعب السوري.

خلاصة الأمر، أن تعبير المعارضة السورية، تعبير واسع، يتضمن بالفعل المعارضة السياسية والحراك الشعبي بجانبيه المدني والأهلي إضافة إلى القوى المسلحة وأبرزها الجيش السوري الحر. ورغم الاختلافات القائمة بين هذه الكتل المؤلفة للمعارضة السورية، فإنها متفقة في أكثريتها على أمرين أساسيين أولهما رحيل النظام، وثانيهما إقامة دولة ديموقراطية تعددية، لكن هذا الاتفاق لا يعني أبداً عدم وجود اختلافات وتناقضات بين أطراف المعارضة السورية، بل وفي داخل تعبيراتها، وهذا ما يستحق وقفة أخرى.

=======================

نظرة سوريّي النظام إلى أزمة بلادهم!

14 شباط 2013 الساعة 10:08

سركيس نعوم

النهار

كُتِب وسيُكتَب الكثير عن الأزمة – الحرب السورية في وسائل الاعلام لأن تطوّرها خيّب فريقيها الأساسيين. الأول، نظام الأسد الذي اعتقد أنه سيقضي على الثورة في سرعة. والثاني، الثوار الذين ظنوا ان التخلص من النظام المذكور سيتم في سرعة لسببين. الأول، حصولهم على دعم غالبية الشعب، (وذلك صحيح). والثاني، وقوف تركيا، وغالبية الدول العربية والاتحاد الأوروبي ومعظم العالم الاسلامي واميركا معهم واستعدادهم لتقديم كل ما يحتاجون اليه لكي يحقّقوا اهدافهم. والوقوف والاستعداد المشار اليهما صحيحان، لكن ترجمتهما عملياً لم تكن كذلك لأسباب متنوعة يعرفها كل الناس. وقد يكون اكثر ما كُتب عن سوريا منذ نشوب الأزمة – الحرب فيها استند الى معلومات ومعطيات وتحليلات اميركية واوروبية وتركية وعربية (خليجية اجمالاً). علماً ان نظام الاسد وحليفتيه روسيا وايران الاسلامية لم يقصّروا في "تسريب" معلوماتهم وتحليلاتهم والمعطيات وفي الجهر بها احياناً. لكنهم وبسبب عجز حليفهم السوري عن حسم الثورة الشعبية عليه رغم تذبذب التأييد الخارجي المتنوع لها، بدت تسريباتهم نوعاً من البروباغندا. علماً ان البروباغندا طغت احياناً كثيرة على "المسرَّب" الى الاعلام المؤيد للثورة. انطلاقاً من ذلك اعتقد ان تناول التطورات السورية بتشعباتها الخارجية انطلاقاً من معلومات ومعطيات وتحليلات آتية من موسكو ودمشق يمكن ان يلقي مزيداً من الأضواء على مواقف الخارج والداخل منها.

الى ماذا تشير المعلومات والتحليلات والمعطيات المذكورة؟

تشير أولاً الى أن ما يريد أن يراه اللاعبون الدوليون هو نهاية فورية لحكومة بشار الأسد. وتشير ثانياً، الى ان أميركا لا تريد أن تصل مجموعة اسلامية (أصولية) الى السلطة في سوريا، وخصوصاً بعدما نجح الاخوان المسلمون في الوصول الى سلطة مصر وبدأوا عملية اقامة "حكمهم"، وبعدما بدأ الرئيس القادم من صفوفهم محمد مرسي التعاون مع ايران (هذا التعاون لم يبدأ بعد وقد لا يبدأ). وهي تخشى وقوع سوريا في ايدي "جبهة النصرة" التي لديها مجموعة صلبة من المقاتلين قَدِموا الى سوريا من ليبيا عبر تركيا. وتشير ثالثاً الى أن لا حل فورياً للأزمة – الحرب السورية، والى أن كل من يتوقع سقوط الاسد من دون قتال حتى النهاية يكون حالماً. فالعلويون عندهم احساس عال بالفوز، وآل الاسد يتحلّون بروح قتالية ومحاربة. وكل من قابل احداً منهم يوما سيعرف تماماً انهم لن يهربوا اذا ساءت الأحوال، أو اذا اصبحت كارثية. وبشار ليس استثناء على هذا الصعيد. علماً ان ما يتسرّب من معلومات وأقوال من الحلقة الداخلية للرئيس الأسد يؤكد انهم لا يزالون يسيطرون على الوضع في بلادهم. وتأكيداً لذلك تورد التحليلات والمعلومات والمعطيات اياها كلاماً كبيراً أو كثيراً لأحد القريبين من الحلقة الداخلية المذكورة اعلاه اهمها: "ان ما يجري عندنا سيتم تصديره الى الخليج. ان عائلة الاسد تحمي الغرب. في لندن لن يَمُسَّ المسؤولون المتعصبين (الاسلاميين الاصوليين) خوفاً من إلغاء الشيخ حمد (أمير دولة قطر) استثماراته كلها في بريطانيا. الذين دمّروا البرجين في نيويورك في 11 ايلول 2001 لا يستطيعون إبادة العلويين في سوريا. يجب ان يُقدَّس هؤلاء للحماية التي يقدّمونها للغرب. ان حكومة سوريا لا تحارِب. ان الشعب السوري هو الذي يحارِب. المسيحيون يقاتلون مع العلويين، وسيُبادون ان لم يفعلوا ذلك. 99 في المئة من الشعب السوري يدعم الحكومة (حكومة الاسد) رغم انها ليست في حال حرب حتى الآن (مبالغات). تستطيع سوريا اجتياح تركيا في يومين (مبالغات). هناك ثلاثمائة الف امرأة قيد التدريب على القتال في طرطوس. وجيش النساء بدأ انشاؤه في شهر آب الماضي. وبهن نستطيع اجتياح قطر (مبالغات). سوريا لن تُقسَّم. لا يزال يقيم في دمشق مليون ونصف مليون علوي ومليون في حماه. والعلويون في حمص اكثر عدداً من غيرهم. الوضع الحالي في سوريا غلطة ذات حجم كبير لا يُصدَّق. الطريقة الوحيدة لوقف كل ما يجري هو إبعاد الدين عن السياسة، وخصوصاً بصيغته المتشددة والتكفيرية. يُنظر الى العلويين "كمرتدّين"، ونظرة كهذه تنطوي على ا هدار دمهم. هذا هو الموقف السنّي. الشيعة مختلفون وأكثر مرونة. لا يقفلون الباب في وجه احد الا اذا ارتكب ما لا يمكن التسامح معه".

ماذا تقول المعلومات والتحليلات والمعطيات اياها عن اميركا والعمل العسكري ودور روسيا؟

======================

أمل بإقرار السلام في سوريا

المصدر: صحيفة تشاينا ديلي الصينية

التاريخ: 14 فبراير 2013

البيان

لقد ازدادت فرص إيجاد حل سلمي للأزمة السورية، بعد أن قدم قائد المعارضة الرئيسية في البلاد أحمد معاذ الخطيب، أخيراً، عرضاً مفاجئاً بمحادثات مع الحكومة. ويعود الأمر الآن للمجتمع الدولي لاغتنام الفرصة ومضاعفة الجهود الدبلوماسية لإجراء مفاوضات بين كلا الجانبين في سوريا، وذلك لاستعادة السلام في البلاد في أقرب وقت ممكن.

وفي 5 فبراير، كرر الخطيب قوله: إنه على استعداد لإجراء محادثات مع حكومة بشار الأسد، بشرط الإفراج عن 160 ألف سجين. وهذا تراجع في موقف المعارضة، لأنها كانت قد طالبت في الماضي بما لا يقل عن استقالة الأسد، كشرط مسبق للمحادثات.

وهنالك عاملان ربما دفعا المعارضة لتغيير موقفها، النكسات التي عانت منها أخيراً ضد قوات الحكومة، وسط تضاؤل الدعم العسكري من الدول الأجنبية، والحذر الذي ينظر به الغرب حالياً إلى المعارضة ذات الطوائف المتعددة والتي يتخلل صفوفها المتطرفون.

ومع ذلك، فقد أشعل التغيير جذوة الأمل من جديد بنهاية إراقة الدماء في هذه الدولة الشرق أوسطية، التي استمر العنف فيها لنحو عامين تقريباً.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حذرت الأمم المتحدة العالم من الوضع الإنساني المتدهور في سوريا. فوفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، مات نحو 60 ألف شخص في الصراع، وهرب أكثر من 700 ألف شخص للدول المجاورة كلاجئين. وإذا ازداد تدهور الوضع، فسيحتاج نحو 4 ملايين سوري لمساعدات إنسانية هذا العام.

نشر حلف شمال الأطلسي «الناتو» خلال الشهر الماضي صواريخ «باتريوت» على طول الحدود السورية التركية، وعقدت الأزمة السورية بشكل أكبر ضربة جوية إسرائيلية داخل سوريا. ويعلم العالم أن سوريا في منعطف حاسم، وأن الضغط من أجل حل سياسي مبكر للأزمة يبقى مهمة عاجلة.

في حين أنه من الضروري أن تسعى المعارضة السورية الموحدة للمحادثات، فإن ما يعادل ذلك في الأهمية أن يحترم المجتمع الدولي المبادئ والأهداف المنصوص عليها في بيان جنيف، الذي أصدرته مجموعة العمل حول سوريا خلال شهر يونيو عام 2012، لحسم الأزمة. ومن شأن حل تدعمه الغالبية من السوريين أن يحقق نتائج راسخة.

تحتاج الأطراف المعنية في سوريا لنهج واقعي، يحترم رغبات الشعب السوري ويدخل عملية الانتقال السياسي بمرونة، لإنهاء الفوضى وإراقة الدماء التي حولت الحياة في البلاد إلى كابوس حي.

=======================

خطاب أوباما والقضايا المغيّبة

رأي البيان

التاريخ: 14 فبراير 2013

البيان

استحوذت قضايا الاقتصاد والتجارة على معظم خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس، وتعهد الرئيس بإعطائها اهتمامه الأول خلال فترته الرئاسية الثانية. ودعا الكونغرس إلى التحرك حول عدد من الملفات الداخلية، وفي طليعتها ضبط انتشار الأسلحة الفردية وإصلاح نظام الهجرة وخصوصاً إنعاش الاقتصاد.

وهذه بادرة جيدة أن يولي الرئيس الأميركي جلّ اهتمامه لقضايا تخص الناس الذين ينتخبونه ودافعي الضرائب. ولم يكن نصيب قضايا الشرق الأوسط سوى بهيئة «عابر سبيل»، وتمت صياغة هذه القضايا بعبارات وجملة تحتمل التأويل باستثناء قضية واحدة، وهي إسرائيل. وقال: «سنقف بثبات مع إسرائيل سعيا إلى أمن وسلام دائم. هذه هي الرسائل التي سأنقلها عندما أزور إسرائيل والشرق الأوسط الشهر المقبل».

كان الفلسطينيون يرددون قبيل الانتخابات الأميركية أن الاستحقاق الكبير هو أن (عملية التسوية) ستتحرك على السكة بعد إعادة انتخاب أوباما مباشرة، وأن الرئيس الأميركي لا يستطيع إغضاب الرأسمال اليهودي هناك، كما يجب عليه أن يركز على القضايا الداخلية التي تهم معيشة الأميركيين في ظل الأزمة الاقتصادية.

الواقع أن ما ورد من تبريرات عربية حول سبب عدم تمكن أوباما من التحرك بحرية هي صحيحة لا شك، ولكنها صحيحة بصفة دائمة وليست مؤقتة، فأمن إسرائيل سيبقى أولوية، وسيظل الشأن المحلي هو الفيصل في سياسة أي رئيس أميركي.

وعلى منوال الفلسطينيين، جرى السوريون وراء وهم «ما بعد الانتخابات الأميركية»، وجرى التسويق أن نهاية نظام بشار الأسد ستكون بعد إعلان فوز أوباما مباشرة. هذا ما كان ينتظره الكثيرون. لكن ماذا قال أوباما في خطاب حالة الاتحاد؟. بدأ مداخلته المقتضبة عن سوريا بالقول: «سنواصل الضغط على النظام السوري»، وهذه العبارة قالها أوباما في الخطاب الأول الذي انتقد فيه الأسد في صيف 2011. بعد نحو عامين، يكرر العبارة ذاتها، فيما تتجه الأمور في سوريا نحو الأسوأ مع التجاهل الدولي للمأساة الحاصلة هناك، والتي سترتد سلباً على المنطقة برمتها.

آن الأوان لتقنين الأحلام المبنية على «النوايا الطيبة» للآخرين.

=======================

ماذا يريد الغرب من الثورة السورية؟

عبد عرابي

2013-02-13

القدس العربي

قد يكون الموقف الروسي والإيراني من الثورة السورية مفهوماً للسوريين، بل ربّما يكون مريحاً لهم لوضوحه، فهاتان الدولتان اختارتا طرفاً في الحالة السورية وانحازتا له، وهما تتحملان تبعات هذا الاختيار فيما بعد، سواء انتصرت الثورة السورية وسقط النظام - وهذا هو المرجّح أو أخفقت الثورة السورية وبقي النظام، فهما جازفتا بعلاقتهما المستقبلية مع السوريين، بغض النظر عن نوع النظام الذي سيحكمهم، وراهنتا على طرف النظام وبقائه، وحاولت كلّ واحدة منهما تبرير اختيارها، وتقديمه للسوريين والعرب والعالم على أنّه الخيار الأنسب والأصوب لمصلحة السوريين، من حيث المحافظة على سيادة الدولة وعدم التدخل في خيارات شعبها - كما يدّعون- وبذلتا الكثير في سبيل ترجيح خيارهما سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، مع اختلاف المنطلق الذي تنطلق منه كلّ من الدولتين في خيارها.

المسألة التي تحيّر السوريين هي موقف الغرب من ثورتهم، فمنذ بداية الثورة تأخرت بعض الدول في إعلان موقف واضح وصريح منها، ولكن بعد صمود الثورة واستمرارها في الأشهر الأولى - رغم القمع الشديد - بدأت هذه الدول في إعلان مواقفها الصريحة في تأييد الثورة السورية، وحقّ السوريين في الحرية والعدالة في ظلّ نظام مدني تعددي، بل ولمحّت بعض هذه الدول إلى استعدادها لدعم هذه الثورة كما فعلت في حالات مشابهة في دول الربيع العربي، ممّا جعل كثيراً من السوريين يعيشون أحلاماً وردية في سقوط سريع للنظام، خصوصاً بعد التصريحات المتكررة من كثير من هذا الدول أنّ أيام نظام الأسد باتت معدودة، وحتى تتجنب هذه الدول الحرج الأخلاقي أمام شعوبها، مقارنة بموقف روسيا وإيران في دعم النظام، قررت أن ترمي الكرة في ملعب المعارضة السورية الناشئة.

بدأ الحديث عن تشتت المعارضة السورية، وعدم انتظامها في إطار واحد يجمع أطياف الشعب السوري، وبدأ ضغط الحراك الشعبي على قوى المعارضة، من حيث أنّها تعطي الذريعة لأمريكا ودول الاتحاد الأوربي في عدم القيام بأيّ خطوات عملية لنصرة الثورة السورية، فتشكل المجلس الوطني بعد مخاض عسير ليكون كياناً جامعاً لأكثر قوى المعارضة، واعترفت به كثير من الدول كممثل للمعارضة، وانتظر المجلس الوطني ومعه الشعب السوري الذي ازداد قمع النظام وتنكيله به بَدْءَ الخطوات العملية للضغط على النظام السوري، وبعد إخفاق مجلس الأمن في اتخاذ أيّ قرار يدين النظام في قسوته ووحشيته في قمعه للحراك الشعبي، بدأت أمريكا والاتحاد الأوربي مسلسل العقوبات الاقتصادية بحقّ أفراد ومؤسسات النظام، وتتالت حزم العقوبات على مراحل زمنية متباعدة بحيث تعتبر كلّ واحدة في حينها إنجازاً كبيراً في اتجاه دعم الثورة السورية، مع أنّ هذه الدول تعلم يقيناً أنّ أقوى وأشدّ من هذه العقوبات بكثير لم تسقط نظاماً في يوم من الأيام، فكيف إذا كانت الدول المؤيدة لهذا النظام تسانده و تدعمه بكلّ طاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

استقر قرار الحراك الشعبي وغالبية قوى المعارضة على رفض أيّ تدخل عسكري خارجي مباشر في سوريا، وهو أمر أعلنت دول الغرب في كلّ المناسبات أنّه ليس خياراً لها، ولكنّ السوريين أملوا ومعهم المعارضة أنّه لا أقلّ من العمل على إيجاد مناطق آمنّة تكون ملجأ للسوريين الهاربين من القتل الذي تزداد وتيرته يوماً بعد يوم، وتجاهل الغرب هذا المطلب، ثمّ نزل أمل السوريين إلى مطلب الحظر الجوي بعد استخدام النظام للطائرات، ولكنّ الغرب استبعد الفكرة بعد أخذ ورد، ثمّ توقّف أمل الحراك الشعبي وغالبية قوى المعارضة عند مطلب تسليح الجيش الحرّ بأسلحة نوعية كمضادات الدروع والطائرات، وهو أمر لوّحت به بعض دول الغرب أول الأمر إذا تجاوز النظام الخطوط الحمراء- وما أكثرها- وتجاوز النظام كلّ الخطوط الحمراء التي كان يظنّ الحراك الشعبي وغالبية المعارضة أن الغرب سيستنفر قواه وجهوده لمنع تجاوزها، وخصوصاً وقد انتهت الانتخابات الأمريكية التي كانت ذريعة إضافية لتبرير العجز والصمت.

بعد تدفق اللاجئين السوريين إلى دول الجوار بعشرات الألوف، اختبأ الغرب خلف المبادرات الدولية لإيجاد حلّ سياسي وقبلها المبادرة العربية - التي أيّدها مجلس الأمن، بدأً من مبادرة كوفي عنان التي لم يكن لها أظافر أو اسنان، بحيث لم يطبّق منها بند واحد، وتمضي الأيام وتفشل المبادرة ويستقيل الرجل ثمّ يكلّف الأخضر الإبراهيمي بأحياء المبادرة، وينشط الرجل مرتحلاً من بلد إلى بلد - ومازال- ومن إخفاق إلى إخفاق، والغرب لا يقدّم شيئاً عملياً لإيقاف أنهار الدماء التي تسيل يومياً ويتجاوز عدد الشهداء السبعين ألفاً وعدد المشردين والمهجرين الملايين، وليعود الغرب إلى إلقاء الكرة في ملعب المعارضة كذريعة قديمة جديدة يخفي الغرب من خلالها تقصيره وتخاذله عن القيام بواجبه كعالم متحضّر ومناصر لحقوق الإنسان - كما يدّعي- فالمجلس الوطني لا يمثل الشريحة الأكبر من قوى المعارضة لذا ينبغي إيجاد إطار أكبر وأشمل، وبعد وعود جازمة بالدعم من جميع الجوانب المالية والسياسية والعسكرية كانت ولادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة.

استبشر السوريون خيراً بهذا الائتلاف الذي اعترفت به أكثر دول العالم كممثل للحراك الشعبي والمعارضة السورية، ولكن عكّر استبشارهم إدراج الولايات المتحدة الأمريكية لجبهة النصر كتنظيم إرهابي، مع محدودية تأثير جبهة النصرة كفصيل صغير لا يتجاوز تعدّاد أفراده ألفي عنصر- أغلبهم من السوريين مع وجود بضع مئات من العرب والمسلمين- من عداد الجيش الحر الذي يزيد عن مئة وخمسين ألفاً، وهذا التصنيف هو جزء من سياسة اختلاق الذرائع لتبرير عدم مدّ يد العون للثورة في سورية.

وتمضي الأيام و تذهب الوعود أدراج الرياح، وعدّادُ الموت يرتفع باضطراد، والنزوح يزداد، والمأساة تتسع دائرتها، ومن جانب آخر بدأ الثوار يحققون مكاسب كبيرة على الأرض، ويدحرون قوات النظام، ويفرضون مناطق عازلة في الشمال، ثمّ يتفاجأ السوريون بالضغط الغربي على حكومات بعض الدول العربية التي تغض الطرف عن المساعدات غير الرسمية للجيش الحر، وتزداد حيرة السوريين في محاولة فهم هذه السياسة التي ملأت وسائل الإعلام بعبارات التأييد بثورة السوريين والتنديد بوحشية النظام وجرائمه، ومن جانب آخر تختلق الذرائع لعدم القيام بأي خطوة في سبيل نصرة هذه الثورة بل والقيام بالخطوات التي تضعف من تأججها وتفوقها.

قالوا إنّهم يخافون من وقوع هذه الأسلحة في أيد ربما تستخدمها فيما بعد في غير ما أرسلت له، فأتتهم التطمينات بإجراءات منظمة للتعامل مع هذه الأسلحة بحيث تسلّم إلى مجموعات من الضباط المنشقين، وأعدت فعلاً لوائح اسمية لهذا الغرض، بحيث تكون هناك جهات مسؤولة عن كيفية التعامل مع هذه الأسلحة، ومع ذلك لم تأتِ هذه الأسلحة بل وتم نفي إمكانية إمداد الجيش الحر بها في المدى المنظور وآخر تصريح بهذا الشأن كان تصريح الرئيس الفرنسي يوم 9/2 .

لم يتركوا أمراً يمكن أن يجدوا فيه مبرراً لتقاعسهم وتقصيرهم عن نصرة الشعب السوري إلا واستنفذوه، تحدّثوا عن حقوق الأقليات وجاءتهم التطمينات أنّ سورية القادمة بلد لكلّ السوريين، وأنّ حقوق الأقليات ستكفل وتحفظ في كلّ التشريعات القادمة، تحدثوا عن مخزون السلاح الكيمائي الذي يمتلكه النظام، والذي جعلوا استخدامه خطاً أحمر، وقد استخدمه النظام على مستوى ضيّق جداً في حمص، وكذلك جاءت التطمينات باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية اللازمة لحفظ هذا المخزون...

أدرك رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة معاذ الخطيب هذا التردد والتقاعس والنكث بالوعود من الغرب خاصة ومن المجتمع الدولي عامة، وكان من الشجاعة بمكان عندما قدّم مبادرته وقبل أن يتحاور مع بعض أركان النظام الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين للعمل على رحيل النظام سلميّاً- مضحّياً بشعبيّته ومستقبله السياسي- وجاءت ردود الفعل من الغرب على المبادرة بالتأييد البارد على استحياء، بينما وجدنا الحماس القوي لها من قبل حلفاء النظام من الروس والإيرانيين، وتجاهل النظام المبادرة.

سيبقى الغرب يبحث عن ذرائع جديدة لتبرير تخاذله وتقاعسه عن نصرة الثورة السورية، وهذا ربّما سيزيد من الثمن الباهظ الذي يقدمه السوريون في طريق حريتهم، ولكن في الوقت نفسه سيزيدهم اعتماداً على أنفسهم وعلى إمكانياتهم، وسيجدون بدائل ووسائل يستطيعون من خلالها الثبات والصمود في سعيهم نحو تحقيق هدفهم المنشود في الحرية والكرامة، لأنّهم حينما قاموا بثورتهم لم يستشيروا الغرب أو الشرق، لم يأخذوا إذن أحد، ولم يكونوا ينتظرون من الغرب أكثر ممّا قدّم، ولكنّهم حينما يتحدثون عن تخاذله وتقاعسه إنّما يدينونه في ادّعائه نصرتهم، وقد دأب النظام من أول أيام الثورة بوصفها مؤامرة كونية على نظامه المقاوم والممانع.

ربّما يكون جواب السؤال الذي حيّر السوريين: ماذا ينتظر الغرب من الثورة السورية؟ هو أحد أمرين أو كليهما معاً:

الأول: التريث قليلاً ليُعلم على أي صورة سيستقر الحال في باقي ثورات الربيع العربي التي نجحت في إسقاط أنظمة الطغيان، من حيث معرفة كيف سيتصرّف الحكّام الجدد، وجلّهم من الإسلاميين في علاقتهم مع الغرب ومع حبيبتهم دولة الصهاينة، ومن ثمّ اتخاذ القرار بشأن سوريّة الجارة الشمالية التي لا تربطها بها اتفاقية سلام.

الثاني: ابحث عن دولة الصهاينة في تردد الغرب عن اتخاذ أي قرار فعّال في شأن الثورة السورية، لأنّ دولة الصهاينة لا تريد سقوط نظام الأسد على الحقيقة فهي تعتبره العدو الودود الرشيد، صاحب الجبهة الهادئة لأربعين عاماً من غير اتفاقية سلام ولا التزامات، فإن كان لابدّ من سقوطه فلتسقط سوريّة معه كدولة وكمؤسسات وبنية تحتية و...لتنتظر عشرات السنين في إعادة البناء.

قد يتساءل المرء وأين ذهبت تركيا ومعها العرب من كلّ هذا السرد الطويل للأحداث؟

الجواب ببساطة: مازالت هذه الدول تدور في فلك الغرب وتأتمر بأمره ظاهراً أو باطناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولو غيّر الغرب موقفه من الثورة واتخذ موقفا مؤثراً وفعّالاً في دعم الثوار لتغيّر موقف هذه الدول في اليوم الثاني، والتجارب التاريخية القريبة أكبر مثال على ذلك من افغانستان إلى العراق إلى ليبيا... فلا حاجة لذكر مواقف هذه الدول فهي تبع للغرب وإن اختلفت درجات هذه التبعية

=======================

إيران... سورية... والعراق... ومسائل اخرى

د. بشير موسى نافع

2013-02-13

القدس العربي 

لم يكن غريباً أن تثير زيارة الرئيس الإيراني، محمد أحمدي نجاد، للعاصمة المصرية الاهتمام والجدل الذي أثارته، بالرغم من الظروف الخاصة جداً المحيطة بالزيارة. جاء نجاد للقاهرة ليس في زيارة رسمية، ولكن للالتحاق بقمة منظمة التعاون الإسلامي، كما جاء عشرات آخرون من قادة الدول الإسلامية.

والمعروف أن نجاد لم يعد رئيساً فعالاً، لا على صعيد السياسة الداخلية ولا الخارجية، بعد أن تفاقمت الخلافات بينه وبين رجال الدولة الملتفين حول مرشد الجمهورية، آية الله خامنئي. ولكن نجاد لم يزل حريصاً على مظهر الرئاسة، وعلى أن يحقق شيئاً ما في رئاسته المنهكة وهي توشك على الأفول. والحقيقة، أن الرئيس الإيراني لم يخرج في زيارته عن الخط الرسمي للجمهورية الإسلامية، ولا عن التوجهات الاستراتيجية لإيران، بغض النظر عن الخلافات التي تعصف بعلاقاته وعلاقات المؤيدين له مع رجال الدولة والحكم الآخرين. تبنى نجاد موقف إيران الرسمي، موقف السيد خامنئي، من سورية والعراق، وحاول أن يصنع انعطافة كبيرة في العلاقات مع مصر الجديدة.

ثمة ما هو إيجابي في المناخ الاستراتيجي المحيط بإيران، ولكن مجمل التحولات في وضع إيران الاستراتيجي سلبي بلا شك. يتعلق ما هو إيجابي بمقاربة الولايات المتحدة للملف النووي الإيراني؛ أو بتزايد الأدلة على تراجع حظوظ الخيار العسكري في الحسابات الأميركية تجاه هذا الملف. من وجهة النظر الأميركية، المختلفة قليلاً عن وجهة النظر الإسرائيلية، لا ينبع خطر الملف النووي الإيراني من التهديد الذي يمكن أن تمثله إيران النووية لمصالح الولايات المتحدة أو حلفائها في الخليج والجزيرة والعربية، ولكن من عواقب مثل هذا الاحتمال على نمط التسلح في المنطقة. إيران النووية لا تستطيع حتى التهديد باستخدام السلاح النووي، وإلا تحول هذا التهديد إلى مسوغ لتدمير إيران نووياً. ولكن إيران النووية ستدفع دول الجوار، من السعودية وتركيا إلى مصر والجزائر، لتبني خيار تسليحي مماثل، وتتحول المنطقة بالتالي إلى غابة من الفوضى النووية. لمواجهة هذا السيناريو أوحت واشنطن في أكثر من مناسبة خلال العامين الماضيين بإمكانية استخدام القوة ضد إيران. لا يمتلك الإسرائيليون الوسائل العسكرية الكافية للحصول على نتائج ملموسة في حال قرروا توجيه ضربة جوية للمنشآت الإيرانية النووية. وحدها الولايات المتحدة تمتلك مثل هذه الوسائل.

بيد أن عدداً من العوامل يجعل الخيار العسكري الأميركي ضد إيران أقل احتمالاً مما كان عليه. العامل الأول أن إيران تبدو عازمة على امتلاك المقدرة النووية وليس السلاح النووي، وأن عقبات تقنية تجعل خطواتها في هذا الاتجاه أبطأ مما كان يظن. الثاني، وهذا هو الأهم، أن الشرق الأوسط (سواء بمعناه التقليدي المحدود، أو معناه الموسع)، لم يعد أولوية لواشنطن أوباما، منذ تبنت إدارته قبل عامين استراتيجية يحتل فيها حوض الباسيفيك رأس الأولويات العالمية الأميركية. هذا لا يعني انسحاباً أميركياً من الشرق الأوسط، ولكن الولايات المتحدة لم تعد على استعداد للتضحية بمقدرات بشرية ومالية وعسكرية في المنطقة كتلك التي قدمتها في أفغانستان والعراق خلال العقد الأول من هذا القرن. أما العامل الثالث فيتعلق بقراءة واشنطن لنتائج العقوبات المالية والاقتصادية التي فرضتها، وحلفاؤها، على إيران، وبالتحولات السياسية في المجال العربي، التي أضرت بإيران وبالمكاسب التي حققتها خلال العقد السابق على اندلاع الثورات العربية. والمؤسف هذه المرة أن التقدير الأميركي لا يجانب الصواب كثيراً.

تشهد إيران تراجعاً حثيثاً في قيمة عملتها أمام العملات الرئيسية في العالم، وقد انخفض دخل إيران النفطي، المصدر الرئيسي للدخل القومي، أكثر من أربعين بالمائة مما كان عليه قبل عام. وبالرغم من أن لإيران خبرة طويلة في التعامل مع الأسواق الموازية، سواء لبيع المنتجات النفطية أو لشراء حاجات البلاد الضرورية، فإن الخسائر التي تقدم لابتزاز شبكات السوق الموازية، دولاً ورجال أعمال، باهظة بطبيعتها. في النتيجة، تعاني إيران من تدهور حثيث في مستوى معيشة عموم الشعب، ومن تراجع متفاقم في البنية التحتية، سواء على في قطاع الخدمات أو قطاع الصناعة، النفطية وغير النفطية.

عقدت إيران تحالفاً ضمنياً بعد 11 ايلول/سبتمبر 2001 مع الجهود الأمريكية (غير المؤيدة من مجلس الأمن الدولي) لإطاحة نظام طالبان في أفغانستان، وأسست تحالفاً بعد ذلك مع حكومة كرزاي. أسس هذا الميراث لخصومة بالغة ومستديمة بين إيران، من جهة، وطالبان الأفغانية وحلفائها في باكستان، من جهة أخرى.

ومع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وفشل كرزاي في التوصل إلى توافق تفاوضي مع طالبان، فإن النفوذ الإيراني في أفغانستان سيواجه المخاطر ذاتها التي تهدد مصير كرزاي وحكومته. أما في الجنوب والغرب، حيث تركيا والمجال العربي المشرقي، فإن خسائر إيران ملموسة بصورة أكبر.

استطاع حزب الله، حليف إيران الأكثر وثوقاً، تحقيق إجماع لبناني وعربي حوله، طالما كان الحزب يقود حركة المقاومة ضد الاحتلال والعدوان الإسرائيليين. وحتى القوى التي استبطنت خصومة مع الحزب، لم تستطع التصريح بهذه الخصومة. ولكن ما إن استدار حزب الله إلى الساحة السياسية اللبنانية، حتى خسر الإجماع حوله، وما يوفره هذا الإجماع من حماية، وأصبح طرفاً في صراعات سياسية وطائفية وإقليمية. وفي سورية، التزمت إيران الإسلامية، التي ولدت من خضم ثورة شعبية ولم تخف تأييدها للثورات العربية في تونس ومصر، موقفاً داعماً للنظام السوري؛ لم تتزحزح عنه قيد أنملة، حتى بعد أن تحول النظام السوري إلى مجرد آلة غاشمة وبالغة الوحشية للقتل والدمار. استخفت القيادة الإيرانية بمشاعر الشعب السوري، ومشاعر الملايين من العرب، وكان أن بادلتهم الملايين العربية الاستخفاف.

أما في العراق، التي استطاعت إيران، في غفلة أميركية، أن تجعله منطقة نفوذ، وأن تسيطر على طبقته الحاكمة الجديدة وعلى قراره وتوجهاته، فإن تجاهل إيران وحلفائها الطويل لعواقب سياسة الهيمنة الطائفية والمحاصصة والاستبداد المقنع وغير المقنع، ترتد الآن على الطرفين. حاول المالكي طوال العام المنصرم، بتشجيع إيراني، على الأرجح، وبنمط حكم أهوج، أن يحتوي آثار الثورة السورية قبل أن تصل إلى العراق، مطيحاً بشركائه في العملية السياسية من العرب العراقيين السنة والأكراد، فانفجر العراق كله تقريباً في وجهه. تدهورت علاقات المالكي، وإيران، بقيادة الإقليم كردستان، أولاً. وطوال الخمسين يوماً الماضية، ومئات الألوف من العراقيين في محافظات الأغلبية العربية السنية تخرج في حركة احتجاج وثورة شعببية، للمطالبة بوضع نهاية لسياسات الهيمنة والتمييز وارتهان القرار العراقي للخارج. ولا تقل معارضة أغلبية القوى السياسية الشيعية للمالكي وسياساته، والخشية من هذه السياسات على مستقبل البلاد؛ ولكن الضغوط الإيرانية فقط من يمنع اتساع نطاق الحركة الشعبية إلى مناطق الأغلبية الشيعية.

بصورة أو بأخرى، وباتباع سياسات لا يمكن وصفها سوى بقصر النظر، تخسر إيران من رصيدها الاستراتيجي، وتفقد مكاسب حققتها خلال العقد أو العقدين الماضيين. ولأن تركيا تتخذ مواقف من الثورات العربية، بما في ذلك وضعا سورية والعراق، مختلفة عن الموقف الإيراني، فإن الدفء الذي أحاط بعلاقات البلدين تبخر إلى حد ملموس؛ ولم يعد يربط طهران بأنقرة سوى الضرورات الاقتصادية الملحة للبلدين. ليس من الواضح، بالطبع، ما إن كانت معضلة الملف النووي ستنتهي إلى تفاوض أميركي إيراني، أو سيظل التعامل مع هذا الملف محصوراً بمباحثات إيران مع مجموعة 5+1؛ أو حتى ما إن كان الخيار العسكري سيعود ليطل برأسه من جديد. ولكن موقف إيران في المباحثات، الدائرة الآن بصورة متقطعة، أو تلك المحتملة، لم يعد بالقوة التي كان عليها قبل سنوات قليلة لتحسين المناخ الاستراتيجي المحيط، ووضع حد للتراجع في موازين القوى، كان لابد لإيران أن تحاول بناء جسر من العلاقات مع مصر.

المسألة التي غابت عن الرئيس نجاد، الذي تحيط شكوك بشرعية توليه مقاليد الرئاسة في دورته الثانية، وهو يعرب للرئيس محمد مرسي عن رغبة إيران في بناء علاقات استراتيجية مع مصر، أن مرسي لا يستطيع تجاهل التوجه العام للشعب المصري، ولا مصالح مصر الاستراتيجية التقليدية في المجال العربي. هذا، فوق مشاعر مرسي الشخصية مما يحدث في سورية وفي العراق. ليس من السياسة ولا الحكمة لرئيس منتخب، رئيس مسؤول أمام الرأي العام لشعبه، أن يقيم علاقات طبيعية، ناهيك عن علاقات استراتيجية، مع دولة يراها المصريون شريكاً في آلة الموت والدمار التي تجتاح سورية طوال عامين، أو دولة تدعم نظام حكم تمييزي وطائفي ومستبد في العراق.

وعلى المستوى الثاني، لم يعد من الصعب ملاحظة عزم مصر الجديدة، مصر ثورة يناير/ كانون الثاني، على استعادة موقعها ودورها في محيطها الإقليمي، وفي مجالها العربي على وجه الخصوص. ولمصر مصالح حيوية وتقليدية في سورية والعراق والخليج، مصالح تصطدم الآن بالسياسة الإيرانية في هذه الدوائر الثلاث. شهدت زيارة نجاد للأزهر تركيزاً مبالغاً فيه على الملف الطائفي، وما يشاع عن جهود تبشير شيعي إيرانية. ولكن مثل هذا الجدل لا يوفر فهماً كافياً لملف العلاقات الإيرانية ـ المصرية. عقدة هذا الملف تتعلق بالرأي العام المصري، وبمصالح مصر الاستراتيجية في دوائر لم تزل إيران تلتزم فيها سياسات غير مقبولة من القاهرة، شعباً ودولة.

وربما بات من الضروري أن تعيد طهران حساباتها الإقليمية من جديد، أن ترى حجم الخسارة التي تجرها سياسات لم يكن لها، ويصعب أن يتوفر لها، من مبرر مقنع. لدولة تمثل أحد ركائز المشرق الحديث، السياسات الصحيحة هي تلك التي تأخذ مصالح شعوب المشرق في الاعتبار، شعوب المشرق جميعاً وليس بعضها وحسب.

=======================

هل يلتقي المعلم الخطيب في موسكو؟

رأي القدس

2013-02-13

القدس العربي 

بينما تنسحب الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها العرب من الازمة السورية، وتتخلى عن حماسها السابق في دعم المعارضة المسلحة خوفا على اسرائيل وامنها من الحركات الجهادية المنخرطة في اوساطها، تنشط روسيا في المقابل، وتعمل على ملء الفراغ، وتتحول تدريجيا الى قبلة للحكومة والمعارضة معا، تحت عنوان ايجاد حل سياسي للازمة السورية.

ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي اعلن يوم امس ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم ورئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب سيزوران موسكو في اواخر هذا الشهر في زيارتين منفصلتين.

الشيخ الخطيب التقى سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي على هامش مؤتمر امني انعقد في ميونخ الالمانية، مثلما التقى ايضا علي اكبر صالحي وزير الخارجية الايراني، وهما اللقاءان اللذان اعتبرا خرقا لكل الخطوط الحمراء التي تضعها المعارضة السورية، وكرر الشيخ الخطيب مبادرته واستعداده للحوار مع ممثلي النظام السوري للتوصل الى حل سياسي يحقن الدماء في البلاد.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة عما اذا كان السيدان المعلم والخطيب سيلتقيان وجها لوجه في موسكو مدشنين بدء المفاوضات المنتظرة، ام ان زيارتيهما لموسكو بدعوة روسية، هما تمهيد لهذه المفاوضات؟

من الواضح ان الجانبين الرسمي والمعارض في سورية توصلا الى قناعة راسخة بان حال الجمود الحالية، الناجمة عن فشلهما في حسم الامور على الارض عسكريا تحتم البحث عن طرق ومخارج وحلول اخرى، ووجدا ان موسكو هي الجهة الملائمة، او الاكثر ملاءمة في هذا المضمار.

المعارضة السورية بدأت تشعر بان اصدقاءها في الغرب قد خذلوها تماما، فلا السلاح النوعي الذي طلبته قد وصل، ولا التدخل العسكري لاسقاط النظام قد تحقق، وان جميع الوعود التي قدمتها الولايات المتحدة واوروبا في هذا المضمار قد تبخرت كليا.

الشيخ معاذ الخطيب تحدث عن هذا الخذلان بمرارة عندما اعلن استعداده للحوار مع ممثلي النظام لحقن الدماء، ووقف آلة القتل الجهنمية، وتخفيف ان لم يتم وقف معاناة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في دول الجوار، علاوة على اضعاف هذا الرقم في الداخل.

موسكو التي تقيم علاقات قوية مع النظام السوري، واستخدمت حق النقض 'الفيتو' مرتين في مجلس الامن لمنع اي تدخل خارجي لاسقاطه، قد تكون الاكثر قبولا للحكم والمعارضة في ظل نفض واشنطن يديها كليا من الملف السوري.

ومن المفارقة ان النظام السوري لا يريد التفرد الروسي في حل الازمة، ويسعى من اجل دور امريكي، وهو الذي كان يتهم واشنطن باقذع التهم بسبب دعمها للمعارضة الممثلة بالائتلاف السوري وقبله المجلس الوطني، وتقديم المال والسلاح لفصائلها من خلال حلفائها في دول خليجية.

النظام السوري يتطلع الى علاقات مع واشنطن، خاصة بعد التقاء الطرفين، السوري والامريكي، على ارضية العداء للجماعات الجهادية الاسلامية، وتنظيم جبهة النصرة على وجه الخصوص، الذي عزز وجوده بشكل ملموس في الاشهر الاخيرة في المناطق الشمالية والغربية، ونفذت عناصره عمليات مشتركة في قلب العاصمة.

الرسالة التي يريد النظام ايصالها الى واشنطن تقول انكم ادركتم الآن خطر هذه الجماعات الاسلامية المتشددة، ووضعتم جبهة النصرة على قائمة الارهاب، فتعالوا نتعاون سويا لمواجهة هذا العدو المشترك.

الشيخ معاذ الخطيب ادرك ان واشنطن تريد ان يتحول ائتلافه المعارض الى قوات صحوات تقاتل جبهة النصرة والجماعات الجهادية التي تتبنى ايديولوجية تنظيم 'القاعدة'، ولهذا عارض بشدة القرار الامريكي بوضعها على قائمة الارهاب، واطلق مبادرته من اجل الحوار مع ممثلي النظام مقابل تحقيق شروط انسانية مثل الافراج عن المعتقلين وتجديد جوازات سفر السوريين في المهجر العربي والغربي.

الحوار بين النظام السوري ومعارضيه بات وشيكا، وربما تكون موسكو الحاضنة لاولى جولاته، وسبحان مغير الاحوال!

=======================

الكلام عن تقسيم سورية!

فايز سارة *

الخميس ١٤ فبراير ٢٠١٣

الحياة

يتردد كلام متعدد المصادر والمستويات عن تقسيم سورية. ويستند الكلام الى ما تعيشه من محنة، تكرس ظروفاً سياسية اقتصادية واجتماعية. فيجزم البعض ان بين سيناريوات نهايتها، احتمال تقسيم البلاد، وهو تقسيم يمكن ان ينتج عنه تعدد وتنوع في الكيانات التي يمكن ان تؤول اليه حال سورية، فتتحول الى كيانات أحدها قومي، وآخر ديني وغيره طائفي، وقد يكون هناك كيان اقليمي، بحيث تتشظى الى اربع او خمس كيانات مختلفة التوجهات والسياسات ومتناقضة الى درجة العداء.

والكلام عن تقسيم سورية له إرث موصول في تاريخ البلاد، وله حضور في الافكار السياسة المطروحة حول مستقبل سورية والمنطقة. ففي الحالة الاولى كان الانتداب الفرنسي على سورية، حاول تقسيم البلاد الى خمسة كيانات في العشرينات، لكنه تراجع تحت ضغط عوامل داخلية وخارجية منعت تكريس الفكرة وتصعيد ما تم اتخاذه في اطارها من خطوات، واضطر الانتداب في النهاية الى الابقاء على كيان سوري موحد. اما في موضوع الافكار السياسية، التي تناولت تقسيم سورية، فالامر ليس جديداً، وقد كانت كثيرة ومكررة، بعضها كان محلي الطابع، طرحته نخب او جماعات في الداخل السوري، والبعض كان خارجياً موزعاً ما بين قوى اقليمية من بينها اسرائيل وقوى دولية بينها الولايات المتحدة، لكن الاخطر في تلك الافكار كان مشروعاً اسرائيلياً جرى طرحه في بداية الثمانينات لتقسيم بلدان المنطقة وبينها سورية، والتي قال مشروع عوديد عينون «استراتيجية اسرائيل في الثمانينات»، انه ينبغي تقسيمها الى خمسة كيانات متناحرة، واهمية الفكرة الاسرائيلية حول تقسيم المنطقة وسورية، انها تتوافق ومصالح اسرائيل القريبة والبعيدة، وتلبي مصالح فئات محلية، غير ان الظروف المحلية والاقليمية والدولية، منعت في ذلك الوقت تنفيذ الفكرة.

ان موروث فكرة تقسيم سورية في التجربة والفكرة، عامل مهم في عودة الكلام عن التقسيم، وهو يضاف الى عامل حاضر وساخن لا يقل اهمية، يشمل الانسداد السياسي المحيط بالوضع السوري، واتساع المواجهات المسلحة واثارها الدموية والمدمرة، وتزايد عمليات التحشيد القومي والديني والطائفي، وصعود دعوات التطرف، التي تنصب وتتركز جهود كثيفة ومتعددة لاعطائها طابعاً قومياً على نحو ما يحصل في مناطق عيش السوريين الاكراد، او دينياً طائفياً كما يحدث في مناطق سورية اخرى، تتساكن فيها مكونات دينية وطائفية سورية متمايزة، ومنها تمايز اسلامي – مسيحي وتمايز سني علوي وغيرهما.

وعلى رغم انه لا يجوز تجاهل العوامل، التي يمكن ان تأخذ سورية الى التقسيم، او التخفيف منها، فإنه ينبغي النظر الى العوامل التي تمنع حصول التقسيم من الزاوية نفسها، إذ تعطى ذات المستوى من التدقيق والاهتمام، والاهم في العوامل المانعة للتقسيم حاضرة في المستويين الداخلي والخارجي. ففي الداخل السوري ثمة فئات واسعة تمانع التقسيم، ليس بفعل ثقافتها وارثها السياسي، انما ايضاً بفعل وعيها للمصالح المشتركة للسوريين، اضافة الى ان ثورة السوريين في انطلاقتها سعت من خلال شعاراتها الى اعادة تأكيد وحدة وتضامن السوريين، والتي جرى التحريض ضدها من جانب النظام وقوى وقفت الى جانبه او بالقرب منه، وبالتالي يمكن القول إن الميزان الداخلي يميل الى مقاومة فكرة التقسيم، وهو الاقرب الى الحفاظ على كيان سوري موحد، ويوفر لسكانه الحرية والكرامة، وتتعايش في اطاره كل المكونات السورية من دون تمييز.

وفي الخارج الاقليمي والدولي ثمة قوى واطراف تمانع بصورة جدية عملية تقسيم سورية. والامر في هذا يتصل بالاقرب من دول الجوار وامتداداً الى الابعد، وكلها تضم بين سكانها جماعات هي امتداد لما هو قائم من تكوينات سكانية في سورية، حيث يوجد أكراد وسنة وعلويون في تركيا، وأكراد وسنة وشيعة في العراق، وسنة في الاردن، ثم سنة وعلويون ومسيحيون في لبنــان، الامر الذي يعني، ان احداً لا يستطيع منع تلك الامتدادات من التفاعل مع فكرة التقسيم، بخاصة اذا جاء التقسيم بسبب العنف او نتيجة له. وقد تركت احداث سورية اثرها المباشر على امتدادات سكانهـــا في بلدان الجوار، وخصوصاً في لبنـــان وتركيا، وهو امر اثر على المواقف السياسية للبلدين حيال الازمة السورية، واظهر قدراً كبيراً من مخاوفهما، وهي مخاوف ترتبت عليها سياسات وممارسات عملية ازاء تطور الاوضاع السورية.

وثمة شق آخر في عوامل الممانعة الخارجية لتقسيم سورية، وهو الشق الذي يتصل بالدول الكبرى، ومنها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وأغلبها يمانع في تقسيم سورية من زاوية الحفاظ على مصالحه المباشرة وغير المباشرة. والمباشر في هذه المصالح يتمثل في سهولة التعامل مع نظام واحد في دولة تقع ضمن منطقة احتدامات وصراعات، وهي حبلى بالاحتمالات، الامر الذي يتطلب الحفاظ على مستوى من الاستقرار يوفره وجود نظام واحد بدل تعدد الانظمة، التي لا شك في ان بعضها سيذهب نحو مستوى او اكثر من تشدد قومي او ديني او طائفي، مما يتطلب استراتيجيات وخطط وسياسات جديدة وربما متعددة. وضمن المصالح المشتركة، فإن تقسيم سورية سيؤدي الى اهتزازات في الدول المحيطة، وغالباً سيؤدي الى تقسيم بعضها، وهذا سيؤثر - في جملة ما سيؤثر- ولو مرحلياً على استقرار انتاج وتسويق النفط والغاز وامداداته عبر العالم في وقت لا يبدو العالم وبخاصة المتقدم راغباً في توليد ازمات اقتصادية تضاف الى ازماته الراهنة.

ان ما احاط بالقضية الكردية في العراق والنزوع الى انفصال الاقليم الكردي عن العراق، هو مثال قريب في موضوع تقسيم سورية. وفي ذلك المثال، كان هناك من يدفع ومن يمانع في المستوى الداخلي في موضوع انفصال الاقليم، لكن اغلب الخارج الاقليمي والدولي بدا في صف معارضة الانفصال ليس محبة بالعراق او كرهاً بالاكراد، وانما بسبب مصالح الانظمة الاقليمية والقوى الدولية، التي لا شك انها تخوفت من تداعيات خطوة كهذه وأثرها على استقرار كيانات المنطقة ومستقبل علاقاتها البينية من جهة وعلاقاتها بالمحيط الاقليمي والدولي من جهة اخرى.

=======================

مبادرات المعارضة وانكشاف النظام وحلفائه وأميركا

عبدالوهاب بدرخان *

الخميس ١٤ فبراير ٢٠١٣

الحياة

أعلن جون كيري، في تصريحاته الأولى بعد تولّيه الخارجية الاميركية، أن الولايات المتحدة ستطرح قريباً «مبادرة» في شأن الأزمة السورية. جاء ذلك غداة انكشاف أن البيت الابيض، أي الرئيس باراك اوباما، رفض اقتراحاً بتسليح المعارضة السورية، على رغم موافقة وزيري الخارجية والدفاع عليه، وكذلك تأييده من جانب رئيس أركان الجيوش. بل انكشف أيضاً أنه لم يكن لدى اوباما أي بديل لموازنة هذا الرفض للتسليح، أي لم تكن هناك «مبادرة» وإلا لكانت هيلاري كلينتون أو ليون بانيتا أشارا اليها أو عملا على تنفيذها. ويمكن القول إن واشنطن لا تملك أي عناصر لـ «مبادرة» وإنما تنتظرها من المعارضة. ويشي ذلك بمقدار السلبية التي تعامل بها اوباما مع قضية سورية، سلبية لا يضاهيها أو ينافسها سوى الموقف الروسي اللاأخلاقي واللاإنساني حيال الشعب السوري.

الى المبادرات، اذاً، فائتلاف المعارضة السورية أعلن أنه في صدد إعداد واحدة، وهناك فصائل معارضة اخرى استُحثت لإعداد أوراق مماثلة. وفُهم أن الولايات المتحدة وبريطانيا تفكّران بطرح مبادرة مشتركة ستكون من بين بنود المحادثات خلال زيارة كيري الأولى للندن. والهدف أن يصار الى بلورة هذه المبادرة قبل زيارة اوباما الى اسرائيل أواخر الشهر المقبل، وقبل لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ذاك أن حل الأزمة السورية سياسياً بات حديث الموائد الدولية، وابتعد كثيراً عن دمشق أو عن أي عاصمة عربية قريبة، أي كما أراده النظام السوري نفسه الذي تصرّف دائماً كما لو أن «شرعية» حكمه قامت على ما يشبه «تكليفاً» دولياً بمهادنة اسرائيل من جهة، وحماية الأقليات من جهة اخرى. وربما كان هذا صحيحاً، إلا أن أحداً لم يعطه أيضاً حصانةً في حال أقدم على هذا العنف العاري والقتل الوحشي لأبناء الشعب.

روسيا وإسرائيل هما المحطتان المقبلتان. هناك أولوية الآن لتحسين العلاقة مع موسكو، ومع اليمين الاسرائيلي، قبل أن تبدأ واشنطن التحرك في الملفين السوري والفلسطيني، وليس مؤكداً أنها ستحصل على هذا التمكين الذي تتوخّاه. انها منهجية عجيبة تلك التي تدير التفكير في العقل الأوبامي، ولا شيء يضمن أنه عازمٌ على مغادرة السلبية، لكنه يريد المحاولة، خصوصاً أن اميركا (وإسرائيل) حصلتا على ما تمنتاه - وأكثر - في سورية. والدليل في هذا الدمار الكبير للعمران والاقتصاد والاجتماع، الذي يواصل النظام مفاقمته كل يوم. دمارٌ كأنه أيضاً «تكليف دولي» آخر، ولا يحتاج الى أي برهان أو تنبيه الى أنه يحكم مسبقاً على أي دولة مقبلة بالعجز والفشل والتخبّط.

أصبح الحل السياسي داهماً، ليس رغبة دولية في وقف نزيف الدم السوري وإنما للحد من «الأخطار» التي كانت القوى الدولية ولا تزال تخشاها، اذ اكتشفت أنها تسير بأقدامها الى ما حذّرت منه. فهي لم تتمكّن من لجم «العسكرة» لأن النظام أرادها، ولم تتمكــّن مـــن استبـــاق صعود التطرف لأن النظام سعى اليه تبريراً لتطرفه، بل سعى تحديداً الى وضعه في سياق «الارهاب» الذي باتت اسرائيل تتحدّث عنه باعتبار أنه سيخلق على حدودها حالاً أكثر خطورة من تلك التي تشكو من وجودها في سيناء. لكن أسوأ ما أدركته القوى الدولية أن النظام دأب على إحباط كل حل سياسي. اذ لم تكن لديه، ولا في أي يوم، مبادرة يمكن أن تطرحها «دولة»، أو حتـــى سلطة مستبدة متمتعة بشيء من الوطنية، على شعبها، بل كانت لدى النظام دائماً آمال في أن يعيد التدويل انتاج «التكليف» السابق له، شرط أن يكون هذا التدويل كما رسمه، أي خارج مجلس الأمن ومن دون تدخل عسكري. وقد وفت له روسيا (وإيران) بما تعهّدتاه من هذا التكليف، إلا أن الجانب الغربي لم يستجب. ومع ذلك لا يزال النظام يتوقّع ويتوهّم أن يبلور تحرك اوباما صيغةً ما لمصلحته، فهذه فرصة اسرائيل لإنقاذه.

على رغم حديثه المتكرر عن «حل داخلي» أو «حل سوري» و «رفض للإملاءات»، رفض النظام مبادرة رئيــس الائتلاف المعارض معاذ الخطيب. لماذا؟ لأنه لا يبحث عن مصالحة مع الشعب، بل عن تسوية مع القــــــوى الخارجية يريدها على حساب الشعب. سُئل الخطيــــب: لماذا اشترطت إطلاق المعتقلين فقط ومنح جوازات السفر؟ أجاب: لأنهما مطلبان انسانيان لا يرفضهما إلا مَن ليس من طينة البشر. واستخدم وزير إعلام النظام صيغة اسرائيلية، اذ قال: نعم للحوار «من دون شروط مسبقة». فالنظام لا يعترف بوجود المعارضة، ولا بالخسارة البشرية الأكثر دموية في تاريــــخ سورية، بل إنه يدعو الشعب الى حوار من أجل القتل. اذا كان لمبادرة الخطيب مردود وحيد، فهو أنها أزالت كل الأوهام الدولية حول أهلية النظام للحوار والبحث عن حلول. فهو يعلم، كما الجميع، أن ثمة ثمناً لا بد من أن يبذله ليكون حلٌ سياسي، وأي حل سويّ يرتسم سيعني بالضرورة نهايته.

في أي حال، لم تبدِ المقاربة الاميركية للأزمة أي مؤشرات الى تغليب إنصاف الشعب السوري وتحقيق طموحاته على «أولويات» اخرى مثل: بلورة وفاق مع روسيا، مكافحة الجماعات المتطرفة، مصالح اسرائيل، الحد من النفوذ الايراني... هذه، مرة اخرى، منهجية مقيتة ومسكونة بذهنية «سايكس-بيكوية»، اذ يراد تركيب مستقبل بلد وشعب بناء على معالجات لمخاوف أمنية آيلة للتغيير وهواجس مشروعة لكن مضخّمة أو على ترضيات مصلحية لا تريح سوى حلفاء النظام أو أعداء الشعب... وفي ضوء ذلك، أي مبادرة يصوغها الائتلاف يمكن أن تحظى باهتمام اميركا وأذنها الصاغية، اذا لم تكن قضية الشعب أولويتها في سورية، واذا لم يكن لديها تفهّم واع لما تسميه تطرفاً ولأسباب استشرائه. لا يمكن بناء حل يرأب الصدع الذي أحدثه النظام في الكيان السوري وفقاً لـ «تصوّرات» أو اجتهادات اميركية سبق أن جُرّبت في أمكنة اخرى وفشلت.

في أي مبادرة ستسعى المعارضة الى الإقناع بأنها «بديل من النظام» يمكن الاعتماد عليه، وأن لديها خططاً تستطيع تنفيذها لإدارة البلد بعد سقوط النظام أو رحيله. وليس هناك ما يمكن اختراعه، لأن خرائط الطريق للمرحلة الانتقالية معروفة، لكن يمكن تكييف الخطط بما يتماشى مع خصوصيات الوضع السوري. فالتصوّرات موجودة لحكومة انتقالية ومؤتمر وطني عام وجمعية تأسيسية، والبرامج المدروسة للعمل على الدستور وتحديد المهمات العاجلة والشروع في تفعيل العدالة الانتقالية كلها شبه جاهزة، وكان يمكن رسم ملامح أكثر وضوحاً لها لو أتيح للمعارضة أن تكون على الأرض السورية. اكثر من ذلك، تبدو المعارضة مُطالبة بأن تعطي اجابات وافية عن أسئلة لم تكن تتصورها، خصوصاً في ما يتعلق بإعادة هيكلة الجيش وأجهزة الأمن، لكن الكوادر المنشقّة قادرة على إعداد ما يُطلب منها. ثمة أمر واحد يشقّ على الجميع وهو أن ينزلقوا الى تفكير يمكن أن يؤدي الى نهج «المحاصصة الطائفية»، فهو ضد اقتناعاتهم ومنطلقاتهم. لكن دوائر معنية هنا وهناك سبق أن انخرطت، منذ أيام مهمة كوفي انان، في تشكيل حكومات وفقاً لصيغ تأخذ بالنسب الطائفية، أو بما يطمئن الغالبية والأقليات في آن، أو على الأقل بما يمرّر بدايات المرحلة الانتقالية من دون مضاعفات أمنية وثأرية... على رغم كل شيء، من واجب المعارضة أن يكون لها مشروعها، وهي تفكر في حل لسورية ومن أجلها، لكن اميركا وروسيا وإسرائيل والنظام لا تزال في قوقعة التفكير في حل يريحها من مفاجآت شعب أذهل نفسه قبل أن يذهل الآخرين.

 

=======================

جرأة الأسد على تركيا

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

14-2-2013

عاد النظام السوري إلى استخدام السيارات المفخخة ضد خصومه، وتجرأ حتى على حدوده مع تركيا، في رسالة جديدة بأنه يشعر بالثقة ولن يتردد حتى في تهديد الجارة الشمالية الكبرى. وهذا شعور الواثق بأن أنقرة لن تدخل في حرب معه، بعد التزامها سياسة الحذر لأكثر من عام ونصف العام حتى الآن. تفجير باب الهوى التركي، قبل أيام، استهدف شخصيات سورية معارضة وقتل ما لا يقل عن 14 شخصا بينهم أتراك، من تدبير نظام الأسد، الذي تجرأ على لسان وزير إعلامه بتهديد تركيا قبل يومين من التفجير!

المفارقة أن أول من استنكر وحشية النظام السوري قبل نحو عامين، هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في بدايات الثورة، وقبل أن تتحول لحمل السلاح. وصار الزعيم التركي بطلا في نظر الكثير من السوريين والعرب الآخرين لأنه وقف ضد عنف الأسد. لكن بعد أن ارتفعت المواجهات، وزادت وحشية النظام، وصارت أعداد ضحايا النظام في سوريا مخيفة، ومعظمهم من المدنيين - خفت صوت أنقرة إلا من احتجاجات صوتية. وبعد أن مر عام ونصف العام، تجرأ نظام بشار الأسد على الجارة الشمالية الكبيرة مرات بالقول وأحيانا بالقتل، كما فعل قبل أيام.

سوريا في مساحتها أكثر قليلا فقط من ربع مساحة الجارة العملاقة تركيا، وكذلك سكانها. وقد حكم الأتراك سوريا، بوابتهم العربية، لقرون، كدولة خلافة، لكنهم منذ نهايات الحرب العالمية الأولى انسحبوا منها بعد قيام الدولة التركية، وظل الخوف من الجار التركي هاجسا يهيمن على الأنظمة السورية المتعاقبة على حكم دمشق، وكان حافظ الأسد آخر الحكام السوريين الذي روعته التهديدات التركية في التسعينات عندما رأى الدبابات التركية على باب الهوى الحدودي، فورا أوقف نشاط المعارضة الكردية التركية المسلحة وسلم زعيمها عبد الله أوجلان.

ومن المفارقات أن جليد العلاقة الباردة لم يذب، وتفتح البوابات والصدور، إلا في عهد بشار وأردوغان، والأخير مد يده، وحاول استيعاب الجارة العربية بأفكار حديثة ومشاريع سياسية واقتصادية جادة. المشكلة أن بشار الأسد، الذي اشتهر بسياسة اللعب على الحبال المتعددة، وصل نهاية الطريق مع كل الدول التي غرر بها، وكانت آخر الدول التي انتكست علاقته معها قطر، وكانت من حلفائه. مخلصا، حاول رئيس الوزراء التركي، أردوغان، كما يذكر كثيرون، مد حبل النجاة للأسد في بداية الثورة السورية لمساعدته للخروج من الأزمة بعد انتشار المظاهرات، إلا أن الأسد أدار ظهره للأتراك. ومع أن الجار التركي الكبير هو من حذر الأسد مرات كثيرة ضد العنف المسلح، إلا أن الذي تراجع هو الحكومة التركية وفضلت البقاء محايدة، إلا من تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين، وغض النظر عن بعض نشاطات الثوار السوريين، خاصة بعد استيلائهم على منفذين حدوديين ومناطق واسعة في الشمال السوري.

ومن الواضح أن أردوغان في البداية سعى مخلصا لتجنيب سوريا والنظام من المأساة التي نراها اليوم، لكن الأسد ليس بالقيادي القادر على اتخاذ قرارات تاريخية. هكذا، انحدرت البلاد نحو الحرب الأهلية، وقد عمق الأسد عامدا الاحتجاجات ضده وحولها إلى حرب أهلية، ومن الواضح أن خطة الأسد تقوم على الإقرار بهزيمته وجر إيران ونظام العراق وراءه، والانسحاب إلى الساحل وإقامة دولته هناك بعد زرع الفوضى والجهاديين المتطرفين وراءه. وهو مستفيد من الصوم التركي عن التدخل في زراعة المشاكل لعشر سنين لاحقة، يثير في الشمال والشرق والغرب السوري مشاكل حدودية وقومية وطائفية. يريد الانسحاب في اتجاه البحر المتوسط إلى المناطق العلوية - طائفته التي أخذها رهينة وتعمد توريطها كخصم لبقية الشعب السوري. بالنسبة لتركيا، هو يريد نقل مشكلته إليها وخلط الأوراق، مستفيدا من نحو 50 ألف إيراني مسلح، يؤكد مصدري أنهم في ضيافته للقتال دفاعا عن دولته على الساحل!

=======================

حزب الله يعزز قوته بضباط علويين بعد سقوط الأسد!

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

14-2-2013

مع تمزق سوريا المتسارع والحتمي الاتجاه، يبرز يوميا الدور المتصاعد لإيران كي تكسب على كل الجبهات وتهرب إلى الأمام من مشكلاتها الداخلية.

في الداخل الإيراني، تتفاقم الصراعات قبل موعد الانتخابات الرئاسية. صف المحافظين المتشددين منقسم على بعضه. المجموعة التي تحتمي بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي «تقاتل» ما تتخوف من حدوثه، وهو تدخل مجموعة الرئيس محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية وتأثيرها على النتيجة.

لم يعد العدو المباشر داخل إيران «الحركة الخضراء»، فزعماء الحركة في السجون وتمت أخيرا ملاحقة أولادهم وسجنهم.

وعلى الرغم من «مظاهر القوة» التي يبديها النظام في ردود فعله تجاه الأحداث العالمية، فإن هذا التحدي لم يستطع أن يخفي تصدعا وضعفا في تركيبة النظام نفسها. إذ إن طرفا واحدا (المحافظين) يواجه المنتمون إليه بعضهم بعضا.

يجمع هؤلاء، إضافة إلى التمسك بالبرنامج النووي، والتلاعب بإحجام الغرب عن اتخاذ موقف موحد لتخوفه من المجهول الفارسي، بعدما واجه «المجهول العربي» وصدمه، يجمعهم مصير سوريا سواء بقي الرئيس بشار الأسد أو سقط نظامه وتحولت سوريا إلى مجموعة كيانات متناحرة، إذ كما قال الدكتور بول سالم مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط: «سيكون من الصعب إعادة سوريا أمة واحدة». («واشنطن بوست» 10 الجاري). لهذا تعمل إيران عبر التمزق السوري على إصابة عدة عصافير بحجر واحد. من جهة تدعم النظام بجيشه النظامي وجيشه الشعبي، وتتهيأ لدعم كيان علوي مكون من المقاطعات السورية المحاذية للبنان، والذي سيشمل مرفأ كبيرا هو مرفأ اللاذقية، إذ عبره تضمن استمرار الإمدادات لحزب الله في لبنان.

لكن في الوقت نفسه تعمل على أن يصبح لبنان كله تحت سيطرتها. لأنه إذا بقي النظام السوري فإن وضعه لن يكون صحيا أو مضمونا، وإذا سقط وعجزت عن مساعدة العلويين على إقامة دولتهم، يبقى «موطئ القدم» لها على البحر المتوسط قائما وحيويا.

لهذا، وحسب مصادر موثوقة بدأ حزب الله منذ الشهر الماضي يعرض على الضباط العلويين في الجيش السوري اللجوء إلى لبنان.

كان الهدف من العرض، من جهة، تهدئة القلق المتزايد لدى الكثير من الضباط العلويين من احتمال محاكمتهم كمجرمي حرب، أو التعرض إلى تصفية دموية، لاقتناعهم بأن النظام سيسقط طال الوقت أو قصر.

وكان العرض من جهة أخرى يهدف إلى تعزيز صفوف مقاتلي الحزب بضباط علويين مخضرمين يتمتعون بخبرة قتالية فائقة.

يقود هذا التحرك من وراء الكواليس أحد المساعدين الأمنيين للأمين العام لحزب الله، عبر عناصر من الحزب تدعم مواجهة النظام للمعارضة المسلحة داخل سوريا.

الشهر الماضي طلب أمين عام الحزب من مساعده الأمني إبلاغ عناصر الحزب الذين يعملون وينسقون مع الضباط السوريين، بأن يعرض عليهم «صفقة شاملة» يستفيد منها الطرفان في اليوم الذي سيلي سقوط الأسد.

تم تحضير العرض، بعد رسائل وإشارات تلقاها مسؤولو الحزب من عناصرهم العسكريين في الميدان، يلمحون فيها إلى القلق المتزايد لدى الضباط العلويين.

عناصر حزب الله المحوَّلون إلى سوريا، ويقدمون التدريب والمساعدة للقوات الموالية للأسد، هم على اتصال مع مختلف الوحدات العسكرية بما فيها الحرس الجمهوري. العرض الذي وضع كجزء من استعدادات حزب الله، لما بعد سقوط الأسد، هدفه ضمان استمرار قوة الحزب سياسيا وعسكريا في لبنان.

والسبب، أنه في ضوء احتمال أن تتوحد المعارضة في لبنان وبمساعدة المجتمع الدولي ودعمه، ستحاول تقويض قوة الحزب في الوقت الذي يكون قد فقد دعم سوريا الاستراتيجي.

ووفقا للصفقة، يُمنح الضباط السوريون وعائلاتهم حق اللجوء في لبنان مقابل أن يقوموا بتقديم خدماتهم الاستشارية لوحدات الحزب في مجالات الهندسة، والحرب البرية والصواريخ والدفاع الجوي والمساعدة في التدريب على الأسلحة المختلفة التي تم نقلها العام الماضي من سوريا إلى مراكز الحزب في لبنان.

في الأسابيع الماضية، وبالفعل وصل سرا إلى بيروت عدد من الضباط السوريين وبحثوا الصفقة مع عناصر التنسيق في الحزب.

أوضح الحزب أنه وعلى نفقته الخاصة، قادر على أن يوفر لهم شققا واسعة في العاصمة اللبنانية ويدفع لهم رواتب تعادل ما يكسبونه حاليا في سوريا وفقا لرتبهم.

مصالح حزب الله تتركز على الضباط السوريين الذين لديهم دراية تامة في أنظمة الأسلحة المتطورة وبالذات الروسية الصنع مثل الصواريخ البعيدة المدى، والصواريخ المضادة للطائرات، ويركز الحزب أيضا على ضباط من وحدات العمليات الخاصة.

تحرك حزب الله تم بعد التنسيق مع «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، والفيلق مسؤول عن تدريب قوات الحزب في لبنان وفي إيران.

ومنذ اندلاع القتال في سوريا قبل 23 شهرا، انشق أكثر من ألف ضابط سوري توجهوا إما إلى تركيا أو إلى الأردن. وهناك عدة أسباب وراء هذا، تبدأ من احتمال سقوط مفاجئ لنظام الأسد، أو بسبب الإحباط من آيديولوجية حزب البعث، أو لرفضهم المشاركة في عمليات القتل الجماعي التي ترتكب ضد الآلاف من المدنيين السوريين.

تزايد هذا الاتجاه بعد الهجوم الانتحاري في 19 يوليو (تموز) 2012 الذي أدى إلى مقتل ثلاثة من كبار قادة النظام: داود راجحة، وآصف شوكت، وحسن تركماني.

المصالح المشتركة للضباط السوريين العلويين وحزب الله تشهد على الشدة التي يتوقعونها لأوضاعهم بعد سقوط الأسد.

مخاوف الضباط السوريين نابعة من نظام جديد انتقامي. أما الحزب فالقلق لديه من مواجهة المعارضة داخل لبنان عندما ترى تنامي عزلة الحزب إقليميا. في غضون ذلك، يواصل الحزب استثمار طاقاته في دعم القوات الموالية للأسد في سوريا، وفي الأشهر الأخيرة زاد من عدد مقاتليه هناك. المناطق الرئيسية لنشاط مقاتليه هي: دمشق، وحلب والمناطق المحيطة بها، والزبداني، وحمص ومنطقة القصير القريبة من الحدود اللبنانية.

نشاط الحزب على كلا الجانبين من الحدود السورية - اللبنانية، هدفه حماية مصالحه الأساسية والمستقبلية خصوصا تأمين طرق إمداداته العسكرية.

التحركات والخطط والاستعدادات قائمة على أساس «مستقبل متوقع ومحسوم» لكن، من هو الطرف القادر على أن يضمن أن المستقبل سيكون كما رسمه في منطقة مليئة بالبراكين المشتعلة؟

=======================

حقيقة الموقف الأردني تجاه الأزمة السورية

صالح القلاب

الشرق الاوسط

14-2-2013

يحلو لبعض الذين ينسبون أنفسهم إلى المعارضة السورية ويدعون، وإن عن بعد، النطق والتحدث باسمها من دون توكيل من الذين يدفعون ضريبة الدم على ساحة المواجهة في الداخل، اللجوء إلى «الغمز» و«اللمز» بالنسبة لموقف الأردن تجاه ما يجري في سوريا، إن لجهة السماح بوصول السلاح إلى الذين يتصدون لبطش نظام بشار الأسد والمذابح التي يرتكبها يوميا وعلى مدار الساعة وخلال نحو عامين، وإن لجهة وضع مخيمات اللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم في هذه المخيمات وحدها السبعين ألفا، وحيث إن عدد الذين يعبرون الحدود الأردنية يوميا بات يصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ.

ولذلك، ولأن هؤلاء الذين لا يجوز تحميل الثورة السورية ومقاتليها وشعبها العظيم وقياداتها الحقيقية والفعلية وزر ما يقولونه، قد تمادوا كثيرا في هذا الغمز واللمز، وربما استجابة لتوجيهات بعض الأطراف العربية فإنه كي لا يبقى هؤلاء يصطادون في المياه العكرة ولحساب أولياء نعمتهم، لا بد من إيضاح الكثير من الحقائق التي أصبح لا بد من إيضاحها ولكن من دون الوقوع في مطب كشف أمور لا ضرورة لكشفها، وربما أن هناك من يتقصد استفزاز الأردنيين على هذا النحو وبهذه الطريقة الصبيانية كي يتخلوا عن أسلوب العمل بصمت وفي منتهى السرية بالنسبة لمسألة على كل هذا المستوى من الدقة والخطورة.

وبداية فقد كان على هؤلاء، لو أنهم لا يقرأون بعيون غير مصابة بالحول السياسي ولو أنهم لا يسمعون بآذان محشوة بوقر استهداف هذا البلد المعروف بابتعاده عن المواقف الاستعراضية وبالعمل ومساعدة الأشقاء، وبخاصة السوريين الذين هم الأقرب إلى أبناء الشعب الأردني، أن يدركوا ويفهموا ما قاله قبل أيام قليلة المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني ردا على ما كانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد كشفت النقاب عنه لجهة رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما تسليح المعارضين السوريين وتدريبهم وفقا لخطة كانت تقدمت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون وأيدها كل من وزير الدفاع ليون بانيتا وقائد القوات المسلحة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي والمدير السابق لوكالة «سي آي إيه» ديفيد بترايوس.

لقد قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني دفاعا عن رئيسه باراك أوباما الذي كشفت الـ«نيويورك تايمز» عن رفضه خطة هيلاري كلينتون الآنفة الذكر واتخاذ موقف مخز بعدم دعم وتسليح المعارضة السورية: «إن المشكلة في سوريا ليست في نقص السلاح.. وإن المعارضين يتلقون ما يكفي من الأسلحة عبر دول مجاورة وإن نظام بشار الأسد يتلقى الدعم من إيران وإن الأولوية بالنسبة لواشنطن هي ضمان عدم وقوع هذه الأسلحة في أيدي من يمكن أن يهددوا أمن الولايات المتحدة وسوريا!! وإسرائيل».

لقد تحدث الناطق باسم البيت الأبيض، بالنسبة لوصول الأسلحة إلى مقاتلي المعارضة السورية، عن «دول مجاورة» وليس عن دولة مجاورة والمفترض أن الذين ينتدبون أنفسهم للتحدث باسم هذه المعارضة، وإن عن بعد، والذين دأبوا استجابة لتوجهات بعض الأطراف العربية، على الغمز واللمز من جانب الأردن والموقف الأردني تجاه مسألة مرور السلاح إلى مقاتلي ثورة الشعب السوري يعرفون أن الدول المجاورة لسوريا هي: تركيا في الشمال ولبنان في الغرب، وإسرائيل في الجنوب الغربي، والعراق في الشرق، والمملكة الأردنية الهاشمية في الجنوب، وأنهم أي هؤلاء يعرفون أيضا أنه من غير الممكن أن تصل أسلحة إلى المقاتلين السوريين لا من العراق ولا من إسرائيل بالطبع ولا من لبنان أيضا، وبالتالي فإن الدول التي قصدها جاي كارني هي الأردن وتركيا.

إن «الصامتين» هم الذين يصنعون التاريخ لا «الثرثارين» والاستعراضيين وكثيري الكلام، والمؤكد أن ما يعرفه قادة الجيش السوري الحر في ميادين المواجهة والقتال لا يعرفه الذين ليس لديهم إلا الكلام «الفاسخ» والذين دأبوا ومنذ بداية انطلاقة هذه الثورة العظيمة التي تستحق وصف «جوهرة ثورات الربيع العربي»، على الإرغاد والإزباد عن بعد وقذف الذين يعملون بصمت ومن دون أي ادعاء بالتهم المبطنة والمعلنة إرضاء لأولياء نعمهم، والذين يقتضي الحرص على وحدة الموقف، وفي هذا الوقت بالذات، عدم تحديد من هم وما أسماء دولهم!!

إنه لا يجوز إطلاقا أن تصبح أسرار مسائل حساسة وهي في غاية الخطورة والأهمية مضغة لا لوسائل الإعلام ولا للفضوليين ولا لفرسان التصريحات المدوية عن بعد، ولهذا فإن المعروف أنه حتى «الأشقاء» الأتراك الذين يتحملون وزر وصول الجزء الأكبر من الدعم العسكري إلى مقاتلي المعارضة السورية، بقوا يحرصون كل الحرص على ألا يكشفوا النقاب وإن بالتلميح فقط عن الدور الذي يقومون به في هذا المجال، فهذه أمور من أسرار الدول ولعل ما يجب أن يفهمه «تجار الكلام» والمزايدون أنه لا الأردن ولا تركيا على استعداد لكشف أوراق قضايا من المفترض أن تبقى في غاية السرية لا لهم ولا لغيرهم.

ثم وعندما تحرص تركيا التي تبعد عاصمتها عن دمشق آلاف الكيلومترات والتي هي عضو في حلف شمالي الأطلسي ويعتبر جيشها ثاني أكبر جيش في هذا الحلف والتي غدت محروسة بالكثير من بطاريات صواريخ الـ«باتريوت» المضادة للصواريخ والتي يتجاوز عدد سكانها السبعين مليونا واقتصادها الأهم في الشرق الأوسط كله، على ألا تكشف أوراقها لا لتجار هذا الكلام هؤلاء ولا لغيرهم فكيف الأمر بالنسبة للأردن وعمان لا تبعد عن العاصمة السورية إلا نحو مائة وأربعين كيلومترا والأردنيون يعانون من أزمة اقتصادية طاحنة متفاقمة وتجاورهم إسرائيل التي لا تزال ترفض إسقاط نظام بشار الأسد والتي عناها وحدها فقط الناطق باسم البيت الأبيض في تصريحه آنف الذكر عندما قال: «إن الأولوية بالنسبة لواشنطن هي ضمان عدم وقوع السلاح في أيدي من يمكن أن يهددوا به أمن الولايات المتحدة وسوريا وإسرائيل».

ولهذا فإن ما لم يقله الأردن ولا يمكن أن يقوله هو أن أي خطأ في كشف النقاب عن الدور الفعلي الذي يقوم به تجاه الشعب السوري وتجاه مقاتلي الثورة السورية سيؤدي إلى مواجهة عسكرية بينه وبين النظام السوري قد يلجأ فيها بشار الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيماوية، والمعروف أن معركة إسقاط هذا النظام هي معركة دمشق، وأن المسافة بين آخر نقطة أردنية عند مدينة الرمثا والعاصمة السورية تبلغ نحو سبعين كيلومترا فقط، وهذا معناه أنه لا بد من التعامل مع هذه المسألة الخطرة جدا بمنتهى الحذر وبمنتهى السرية وعلى أساس أن من الأفضل أن يتم التغيير في هذا البلد الشقيق حرصا عليه وعلى المملكة الأردنية الهاشمية بالوسائل السياسية ولكن تحت الضغط العسكري للجيش السوري الحر المدعوم دعما فعليا وحقيقيا من قبل «الأشقاء» الذين يعتبر هذا الهم هما لهم وتعتبر هذه القضية قضيتهم.

إن هذه هي المسألة الأولى، حيث يستهدف المزايدون وأبطال النضال المريح عن بعد الأردن بغمزهم ولمزهم وبغير أدلة فعلية ولا وجه حق، أما المسألة الثانية فهي أوضاع الأشقاء السوريين الذين لجأوا وما زالوا يلجأون يوميا وبأرقام فلكية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، فحقيقة أن هذا البلد يقدم لهم ومن دون أي منة كل ما يستطيعه رغم أن إمكانياته شحيحة وأنه يمر بأزمة اقتصادية خانقة فعلا وأيضا رغم أنه «يستضيف» أكثر من نصف مليون من الأشقاء العراقيين ويستقبل نحو مثل هذا العدد من «الوافدين» المصريين ورغم أنه تحمل ولا يزال يتحمل عبء الأشقاء الفلسطينيين الذين لجأوا إليه خلال وبعد نكبة عام 1948 وخلال وبعد نكبة عام 1967 التي هي أم النكبات.. ومن بين هؤلاء الذين نزحوا إليه من قطاع غزة والذين لم تتوفر لهم حتى الآن أي فرصة لعودة كريمة إلى بلدهم الذي من المفترض أنه لا بلد لهم غيره.

لقد نقلت شاشات الفضائيات في إحدى ندوات «دافوس» الأخيرة، وكانت حول الأزمة السورية عن أحدهم، بعض الادعاءات بالنسبة لما أصاب مخيم الزعتري في موجة البرد والأمطار الأخيرة والذي قد أصاب المدن والقرى الأردنية كلها، وهنا فإنه كان على هذا «الأخ العزيز» أن يتذكر قبل الإساءة للأردن وبطريقة يبدو أنها مقصودة أن نيويورك نفسها قد أصيبت أكثر مما أصيب به هذا المخيم وبمليون مرة عندما ضربتها عاصفة شتائية مماثلة قبل شهور قليلة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ