ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 19/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

18-02-2013

مظاهرة الحريقة: تلك الشرارة..

صبحي حديدي

2013-02-17

القدس العربي

مرّت يوم أمس الذكرى الثانية لـ'مظاهرة الحريقة'، ذلك الحدث النوعي الفارق الذي شهدته دمشق، في قلب مناطقها التاريخية التجارية، يوم 17 شباط (فبراير) 2011، وارتفع فيه هتاف ـ نوعي بدوره، وفارق أيضاً ـ كان أقرب إلى نذير بدنوّ الصحوة الشعبية العارمة. ولم يكن شعار 'الشعب السوري ما بينذلّ' تذكرة لنظام الاستبداد والفساد، بأنّ هذا شعب كرامة وعزّة ومقاومة، فحسب؛ بل كان نذيراً صاعقاً بأنّ دولة الباطل ساعة، وتلك الشرارة، التي منها سوف يندلع اللهيب، آتية لا ريب فيها. ولعلّ التفصيل المميز الثاني، الذي طبع تلك المظاهرة، كان احتشاد قرابة ألف مواطن سوري، على نحو عفوي، وخلال ربع ساعة أعقبت الاعتداء على المواطن عماد نسب، بعد احتجاجه على شرطي سير كان قد وصفه بـ'الحمار'.

كان جلياً أنّ سخط المتظاهرين يذهب أبعد، بكثير في الواقع، من مجرّد إهانة لفظية ظلّ المواطن السوري يتعرّض إلى ما هو أقبح منها، وأشدّ مضاضة وقسوة، طيلة اربعة عقود من حكم آل الأسد، ونظام 'الحركة التصحيحية'. كان الشارع الشعبي السوري يرقب عن كثب، ويتبصّر ويتأمل، ما جرى ويجري في تونس ومصر وليبيا واليمن؛ وكان، في القرارة الأعمق مثل السطوح الأولى لمستويات الشعور الجَمْعي، يدرك أنّ سورية ليست أقلّ استحقاقاً للكرامة، وللتحرّر من ربقة الطغيان، وبناء مستقبل أفضل، من أشقائها العرب الذين انعتقوا. وكانت عربة خضار التونسي محمد البوعزيزي ماثلة، أغلب الظنّ، في الأذهان والأبصار، في ما يخصّ رفض الذلّ والإذلال أوّلاً، والتطلع إلى العيش الكريم، حتى قبل أن يتعالى الشعار الأيقوني: 'الشعب يريد إسقاط النظام'.

ولم يكن غريباً، في اقتفاء التفصيل المميز الثالث، أن تتكشف بعض أسوأ مظاهر الاستبداد، وأقبحها، في مسارعة وزير وزير داخلية النظام آنذاك، اللواء سعيد سمور، إلى محاولة تنفيس الغضب الشعبي العارم، عن طريق اصطحاب المواطن المعتدى عليه، في سيارة الوزير المصفحة ذاتها، وإطلاق سراحه أمام المتظاهرين، والوعد بمعاقبة المعتدين عليه من عناصر الشرطة. إلا أنّ مسرحية الوزير ما كان لها أن تكتمل لولا ما أعلنه، وهو يطلّ برأسه ونصف جسمه من السيارة: 'عيب يا شباب! هذه اسمها مظاهرة'! بالطبع، ولعلها أكثر من عيب في تراث النظام، وهذا ما التقطه علي فرزات في رسم كاريكاتوري ذكي، يُظهر الوزير وهو يقول: 'عيب.. هي مظاهرة! وكلّ مظاهرة بدعة.. وكل بدعة ضلالة.. وكل ضلالة في الناااااار!'.

وضمن هذا التفصيل ذاته، كان واجباً أن يدخل 'الشبيحة' إلى المشهد، لأوّل مرّة في مدوّنة الانتفاضة السورية، عن طريق أداء تلك المهمة العليا في سلّم الشعائر الديماغوجية، الغوغائية، و'التشبيحية' باختصار شديد: ترديد الهتاف الخالد 'بالروح! بالدمّ! نفديك يا بشار!'؛ لكي يطغى على هتاف 'الشعب السوري ما بينذلّ'، وأيضاً لكي يوحي بأنّ في الحريقة مظاهرة أخرى موازية، وموالية. لافت، إلى هذا، أنّ خليطاً من الارتباك والعجب والاستشراس والذعر والحيرة كانت تتبدى، في آن معاً، على لغة الجسد كما افتُضحت رموزها في وقفة وزير داخلية النظام، وكذلك في سلوك قطعان الشبيحة أنفسهم. ذلك لأنّ الجهاز الأمني لم يكن معتاداً، البتة، على مفهوم 'المظاهرة'، فكيف بقرابة ألف حنجرة تهتف، في رابعة النهار، وفي قلب دمشق، بأنّ الشعب السوري لا يُذلّ؟

بشار الأسد كان، من جانبه، يجترّ ما قاله في حوار مع صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأمريكية، قبل أسبوعين فقط من مظاهرة الحريقة، حين أدلى بدلوه في التعليق على الحراك الشعبي في الجزائر واليمن والأردن، وعلى انتفاضتَيْ تونس ومصر (لم تكن انتفاضة 'دوّار اللؤلؤ' في البحرين قد اندلعت بعد).

وإلى جانب أنّ سورية ليست تونس أو مصر، وأنّ نظامه محصّن ضدّ 'الميكروبات' بسبب سياسته الخارجية، 'الممانِعة' و'المقاومة'؛ شدّد الأسد على أنّ مشكلة الحاكم العربي تبدأ من انعدام الشفافية: 'لدينا في سورية مبدأ مهمّ أتبناه شخصياً: إذا اردتَ أن تكون شفافاً مع شعبك، لا تلجأ إلى أيّ إجراء تجميلي، سواء من أجل خداع شعبك أو لتحظى ببعض التصفيق من الغرب'.

والحال أنّ أولى ردود فعل الأسد على مخاوف انتقال العدوى إلى سورية كانت إصدار سلسلة مراسيم اقتصادية ومعاشية، بينها إحداث 'الصندوق الوطــــني للمعــــونة الاجتماعية'؛ وزيادة دعم التدفئة بنسبة 72 في المئة، دفعة واحدة؛ والتلويح بزيادة الرواتب بمعدّل 17 في المئة... ولم تكن هذه إجراءات تجميلية فحسب، بل كانت متأخرة، وأقــــرب إلى الرشوة؛ لأنّ المنطق البسيط كان يفرض أســــئلة بسيطة تقـــلب المعادلة الفعلية وراء هذه الإجراءات: ألم يكن المواطن بحاجة إلى صندوق المعونة الاجتماعية طيلة عقــــد ونيف من سلطة الأسد الابن؟ وكيف كانت حال المواطن، إذاً، حين كان دعم التدفئة أقلّ بنسبة 72 في المئة؟ وأين تبخرت الوعود بأنّ زيادة الرواتب سوف تبلغ 100 في المئة، خلال الخطة الخمسية العاشرة التي انتهت سنة 2010؟

ولسوف يدرك الأسد، سريعاً، أنّ شرارة واحدة تكفي لإشعال اللهيب الشعبي ضدّ نظامه؛ ولن يتأخر في استبدال ابتسامة الحمل الوديع، بتكشيرة الذئب الكاسر؛ مرّة وإلى الأبد، حتى ساعة الحساب الأخيرة أمام الشعب.

=======================

كيسنجر.. وإحراق سورية!

2013-02-17

القدس العربي

تعثرت خطى ثورة الشعب العربي السوري العظيم، في القضاء على نظام بشار الاسد الدموي، بسبب تخلي القوى العربية والدولية عن دعم الثورة إعلاميا وعسكريا، وتخاذل الدور الأمريكي، بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها الثورة على الأرض، وبات انهيار النظام قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة الأكيدة، إلا أن السيناريو الأمريكي بدأ يتقاطع مع الثوار، بحجة إن جبهة النصرة الإسلامية هي التي ستتولى قيادة سورية في مرحلة ما بعد الاسد.

وان هذه الجبهة ما هي إلا (تنظيمات القاعدة)، مما سيعرض مصالحها ومخططاتها ومشروعها العسكري في المنطقة الى الخطر والفشل، وهذا كذب فاضح وكلمة حق يراد بها باطل، لان المعارضة السورية بكل فصائلها أثبتت للأطراف الدولية، أن جبهة النصرة ليست تنظيمات القاعدة وقدمت تطمينات وتعهدات لها، وان جبهة النصرة ما هي إلا جبهة عربية سورية خالصة من أبناء سورية ولا علاقة لها بأية تنظيمات أخرى، هذه الفرية انطلت على حلفاء أمريكا، فانحسر الدعم الأوروبي للثورة، وشاهدنا تصريحات أمريكية وأوروبية تطالب وتعلن مساندة الثورة إعلاميا فقط دون الدعم العسكري، وحتى تركيا تغير موقفها المتحمس للتغير السريع في سورية (تصريحات اردوغان واوغلو مثالا)، وبالرغم من كل هذا التهميش والتنكر لانجازات الثورة السورية، لم يؤثر على مجريات الأحداث على الأرض، وانعكاسه على الوضع العراقي الذي يشهد ثورة مماثلة ضد الاستبداد والطائفية التي تمارسها حكومة المالكي وميليشياته الإيرانية بحق ثورة العراقيين، والتي يهدد أعضاء دولة القانون والحكومة بحرب أهلية طائفية في العراق، في وقت تشهد انتفاضة العراقيين السلمية الى القمع والاعتقالات والقتل والتفجيرات اليومية واستهداف رموز التظاهرات بالقتل والاعتقال، يقول هنري كيسنجر في لقائه مع الصحفية البولندية ناتاليا السكونوفيا ردا على سؤالها (لماذا لم تحتلوا سورية من قبل)، فيجيب كيسنجرعليها بالقول (هناك حلان لاحتلال سورية الأول هو ضربها بالأسلحة الذرية وهذا مستحيل لوجود إسرائيل بالقرب منها، ولكن الحل الوحيد الآخر هو إحراق سورية من الداخل).

هنا يفصح كيسنجر عن السيناريو الجديد في سورية ويثبت كذب وفرية عدم دعم الثورة السورية بحجة قاعدية جبهة النصرة، فإدارة اوباما تريد إحراق سورية من الداخل لكي تؤمن حضورها الدائم في المنطقة وتطبيق مشروعها العسكري ومشروع برنارد لويس بسهولة في المنطقة، بتولي حكومة سورية تأتمر بأوامرها كما يحصل في العراق الآن، ولا تريد حكومة تخرج من بين أبناء سورية ليقودوها نحو الاستقلال والحرية، والخروج من الخيمة الأمريكية والنفوذ الأمريكي في المنطقة، فهم لا يريدون حكومات وطنية تخرج عن طاعتها أبدا، والدليل ما حصل في العراق وليبيا، إذن هدف أمريكا الآن هو إحراق سورية من الداخل، ولذا وبعد فشل ها الهدف عادت أمريكا لتغازل الثورة السورية بتصريح رئيس الأركان الأمريكية الاخيرالذي دعا فيه الى تسليح الثورة السورية من جديد ودعمها عسكريا وإعلاميا، هنا تبرز ضرورة تنبيه قيادة الثورة بالتعامل بحذر مع هكذا ألاعيب أمريكية ورطت فيها ما كان يسمى فيه المعارضة العراقية التي تقود العراق الى الخراب والتدمير وترسيخ البعد الطائفي القذر في نسيج الشعب العراقي المتماسك والمتوحد منذ آلاف السنين والذي أثبتت الأحداث الدموية فشلها أمريكيا.

واثبت شعب العراق العظيم توحده التام مع المشروع الوطني، وتحطمت على صخرة صموده وتوحده كل الأهداف الطائفية الشريرة لإيران وأمريكا وأقزامها على ارض العراق، وستتحطم الآن كل المخططات الطائفية التي تقودها ايران حصريا، من خلال قمع ثورة العراقيين بوجه المد الايراني في العراق، ثورة العراقيين مستمرة، وثورة أحرار سورية في أوج نجاحاتها وانتصاراتها، ويشهد نظام بشار الاسد نهايته الأخيرة، دون أن تحترق سورية من الداخل كما يريد المتصهين هنري كيسنجر ويتمنى هو وإيران وحزب الله، خاب فأله وفأل كل من يريد الخراب للعراق وسورية.

عبد الجبار الجبوري

=======================

هل هو حقّاً انفصال عن الواقع؟

ماهر الجنيدي *

الإثنين ١٨ فبراير ٢٠١٣

الحياة

في خروج عن سياق الأخبار المقبلة من سورية، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد في 10 شباط (فبراير) الجاري مراسيم تشريعية تضمّنت تعديلات وزاريّة لم تطاول الحقائب السيادية، كان من بعض قراراتها استحداث وزارتين جديدتين، الأولى للشؤون الاجتماعية، والثانية للعمل، فضلاً عن تعديل وزاري شمل وزارات أخرى هي الإسكان والتنمية العمرانية، والأشغال العامة، والزراعة والإصلاح الزراعي، والنفط والثروة المعدنية، والمالية.

للوهلة الأولى، تبدو هذه القرارات، وما سيأتي لاحقاً من مثلها، نموذجاً آخر عن منهج «الانفصال عن الواقع» باعتباره منهجاً نفسياً طالما مارسه النظام الحاكم في سورية، ليس في زمن الثورة وحسب، وإنما في كل ممارساته التي يحلو أن يسميها «التحديث والتطوير»، بما تضمره من توطيدٍ للاستبداد والنهب الممنهج لثروات البلاد الطبيعية والاقتصادية لمصلحة طغمة تتمفصل عضوياً مع منظومة أمنيّة محليّة إقليمية ذات امتدادات عالمية.

وإلا فما معنى هذا التغيير الوزاري، فيما التظاهرات المطالبة بسقوط النظام ورحيله لم تتوقف، وقوات الجيش الحر تتقدم على بعد كيلومترات من القصر الجمهوري، والمأساة الإنسانية تتفاقم في معظم مدن سورية وبلداتها وقراها، حتى باتت كارثة حقيقية لم تنجلِ بعد أبعادها، نظراً إلى تعذّر حصرها وقياسها؟

الواقع أن منهج «الانفصال عن الواقع» هذا الذي اتبعه النظام، والذي بات فولكلوراً مسجلاً باسم البعث بصيغته الأسدية، والمتمثل في إضفاء شعارات حضارية براقة على كل شغلٍ دؤوب يشتغله على صعيد منمنمات الاستبداد الشمولي، تكثّف بعد بدء ثورة الكرامة السوريّة، تارة في شكل إلغاء قانون الطوارئ والاستعاضة عنه بقانون تنظيم التظاهرات، وتارة في إصدار قانون للأحزاب، وتارة أخرى في تغيير الدستور والاستفتاء «الشعبي» عليه، وتارة في «عرس الديموقراطية» المتمثّل في «انتخابات» مجلس الشعب.

لكن، يتعيّن الاعتراف بأن تلك الشعارات البراقة، كانت تتمكّن – على زيفها - من مخاطبة جمهور داخلي أو إقليمي أو عالمي معين، سواء جمهور «حزب الخبز والأمان» الذي يمثل شريحة السوريين المتحسّرين الذين يرون أن سورية كانت جنّة الأمان قبل الثورة، أو قوى الابتزاز الإقليمية التي تهدد بامتداد لهيب النيران إلى خارج حدود سورية، أو قوى اليسار العالمية المناوئة للإمبريالية التي ترى في بشار الأسد ما كانت تراه مرّة في ياسر عرفات، أو – وهذا هو الأهم - دوائر صنع القرار في حكومات «المجتمع الدولي».

من هنا، يتعيّن النظر مليّاً فيما تعنيه قرارات التغيير الوزاري الأخيرة في سورية، وفي الرسائل التي ترسلها إلى فئات الجمهور المبينة أعلاه. فهي هنا تختلف اختلافاً جذرياً عن القانون الطريف الرقم 24 الذي صدر في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2012 بخصوص «الأمان الحيوي للكائنات الحية المعدّلة وراثياً ومنتجاتها»، والذي أثار موجة واسعة من التندّر. إذ يبدو أن التغيير الأساس هنا هو استحداث وزارتين جديدتين، الأولى للشؤون الاجتماعية، والثانية للعمل، وذلك بدلاً من وزارة واحدة تحمل اسم «وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل».

أما باقي التغييرات، فهي تغييرات في أشخاص يتسلمون حقائب وزارية، في وزارات قائمة، تتصل اتصالاً متفاوت الأهمية بالشؤون الاجتماعية وبقضايا العمل.

الحقيقة الأولى التي لا ينبغي نسيانها أن مسألتي الشؤون الاجتماعية، والعمل، باتتا تحتلان الأولوية الأولى لدى مستوعبات الفكر، ومراكز البحوث الإقليمية والعالمية، عند معالجتها «ظاهرة» الربيع العربي في بلاد تضمّ اليوم أكثر من 100 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً، هي أعلى نسبة للشباب في تاريخ المنطقة؛ وتعاني فضلاً عن ذلك من أعلى نسبة بطالة بين الشباب في العالم، تصل بعض تقديراتها الرسمية المتفائلة إلى 25 في المئة. وهي متفائلة، لأنها تستخدم أدوات تقدير لا تتشابه مع الأدوات القياسية التي تستخدمها إحصائيات الدول المتقدّمة. والحقيقة الثانية هي أنّ مسألة البطالة، كقضية اجتماعية قابلة للتفجّر، باتت هاجساً يرخي ظلاله القاتمة على راسمي السياسات في مختلف الدول العربية، وينوء بثقله كذلك على كاهل صانعي القرارات في الدول المهمومة بشؤون الربيع العربي، الذين يسعون معاً على قدم وساق، عبر استنفار المؤتمرات والدراسات والموائد المستديرة، إلى الإسراع في استخلاص الدروس واستنباط الحلول التي تساعدهم على «تجفيف» ما يرونه منابع الربيع.

من هنا، يغدو من السذاجة اعتبار المراسيم الأخيرة مجرد «انفصال عن الواقع»، أو محض «تعديل وزاري محدود تحت ضغط الأزمة الاقتصادية»، خصوصاً إذا ما أتبعها النظام بمجموعة من الدراسات والتحليلات والرؤى ليستخدمها كأدوات في إقناع أولئك المهجوسين بالربيع العربي أنّ لديه خطّة ما لمعالجة المشكلة من أسّها في السياق السوري، على ما يكتنف هذه الهواجس من خلل يعتورها حين تعتبر الربيع العربي مسألة خلل فقط في ميزان العرض والطلب على الوظائف.

يحارب النظام السوريّ على أكثر من جبهة. وها هو، على رغم تساقط المواقع والمطارات يوماً وراء آخر في أيدي الجيش الحر، يجيد لعبة إرسال الرسائل المختلفة في أكثر من اتجاه، ويستطيع وضع تصورات للدوائر العالمية تبقيه خياراً قائماً من خيارات المرحلة المقبلة، أو على الأقل لاعباً مهماً فيها، باعتباره الأكثر جاهزيّة بمؤسساته. وهو في مراسيمه الأخيرة يوجّه إحدى رسائله إلى هؤلاء المهجوسين. وإذا كان مقدراً لهذه الثورة أن تعالج الكثير من المسائل الاستراتيجية والمصيرية حتى قبل إنجاز سقوط النظام، فإن إحدى أدواتها في ذلك هي إحباط لعبته هذه، وما قد يترتّب عليها من تقوية أوراق بقائه لفترة أطول، وسحب البساط من تحته عبر المباشرة الجدية بإنشاء مؤسسات دولة، ومراكز أبحاث، ووضع كل ما يلزم من رؤى وخطط متكاملة متماسكة لمعالجة الاستحقاقات الاجتماعية الجسيمة المقبلة، فضلاً عن الراهنة، ومن بينها الشؤون الاجتماعية وقضايا العمالة.

* كاتب سوري

=======================

دمشق أخطر من بغداد

غسان شربل

الإثنين ١٨ فبراير ٢٠١٣

الحياة

قال: «ما يجري في سورية أخطر بكثير مما جرى في بغداد قبل عقد. طبيعة الصراع مختلفة وأكثر تعقيداً والمنطقة أكثر هشاشة مما كانت عليه يوم اقتلاع نظام صدام حسين. في بغداد كانت أميركا مندفعة وحازمة. في دمشق أميركا متمهلة ومترددة وناعمة. في بغداد كانت لطهران مصلحة في سقوط صدام وكانت تستعد لقطف ثمار غيابه. في دمشق طهران منخرطة في المواجهة كأنها تدافع عن مشروعها وحدود دورها وهيبتها. المنطقة تتغير من دمشق لا من بغداد».

وتابع: «صمامات الأمان العربية غير موجودة. مصر مرسي غارقة في الاضطراب. عراق المالكي يسقط مجدداً في أزمة المكونات. سورية الأسد مسرح لمعركة ضارية هي مزيج من ثورة واقتتال داخلي ومواجهة إقليمية وعجز دولي. في ظل هذه المعطيات لا يمكن إلاّ توقع الأسوأ».

استوقفني كلام المسؤول العربي فطلبت منه أن يشرح أكثر.

قال إن أخطر ما في الوضع السوري هو العجز عن التراجع. لا تستطيع المعارضة التراجع بعد سقوط ما يقرب من مئة ألف قتيل ودمار يحتاج الى مئة بليون دولار للتغلب على آثاره. النظام أيضاً لا يستطيع التراجع بعد ما فعل. ثم إن النظام معلق بشخص بشار الأسد. لهذا، عاد الأخضر الإبراهيمي خائباً من دمشق وبمجرد اقترابه من «المنطقة المحظورة».

ورأى ان تعثر زيارة الإبراهيمي الأخيرة ضاعف قناعة خصوم الأسد في الداخل والخارج بضرورة إحداث تعديل على الأرض في موازين القوى. هذا يعني ببساطة جولة جديدة من التمويل والتسليح. دمشق في طريقها الى معركة كبرى تنجب المزيد من الضحايا والدمار وأمواج اللاجئين.

قال إن روسيا التي ذهبت بعيداً في وقوفها الى جانب النظام السوري تجد صعوبة في التراجع. ثم إن المفتاح الحقيقي موجود في طهران وليس في موسكو. إيران تتصرف وكأن سقوط النظام السوري نكبة لا خسارة. لهذا، ترمي بثقلها في النزاع الدائر. تدرك أن خروجها من سورية سيقلق حضورها في العراق ولبنان وسيهزّ صورتها في طهران نفسها. العلاقة مع سورية الأسد هي أكبر وأطول استثمار إيراني في المنطقة والأكثر كلفة. بتر الحلقة السورية من الخيط الممتد من طهران الى بيروت عبر بغداد يعني أن إيران خسرت معركة الدور. والدور أهم من القنبلة التي يمكن ان تحمي الدور الكبير والتي قد يتعذر إنتاجها.

«حزب الله» أيضاً لا يستطيع التراجع. سقوط النظام السوري يعيده لاعباً محلياً بعدما كان لاعباً إقليمياً. سقوط النظام السوري سيعني أيضاً افتقار قاموس الممانعة الى عمق عربي وفّرته سورية.

لفتني المسؤول الى ما اعتبره تطوراً بالغ الخطورة. رئيس الأركان في الثورة السورية اللواء سليم إدريس هدّد بمحاسبة «حزب الله» عاجلاً أم آجلاً. قال أيضاً إن مقاتليه سيتعاملون مع مقاتلي الحزب في منطقة حمص كمرتزقة لا كأسرى. من يلتفت الى الخريطة يدرك خطورة هذا الكلام وأن العلاقات السورية – اللبنانية ومعها العلاقات السنّية – الشيعية مرشحة لاختبار صعب في حال سقوط النظام.

قال المسؤول ان «الفصل الأصعب» من الأزمة السورية يقترب.

إذا تمكن النظام من الاستمرار على جزء من سورية، فهذا يعني الانتقال من تهديد الأنظمة الى تهديد الخرائط نفسها. سقوط النظام بالضربة القاضية سيضعنا أمام سورية غير مستقرة لسنوات. أي تجذّر لـ «القاعدة» على الأرض السورية سيكون بالغ الخطورة. كل السيناريوات تؤكد أن دمشق أخطر من بغداد.

استوقفني كلام المسؤول العربي الذي لم يفته أن يسألني عن أحداث عرسال في البقاع اللبناني.

=======================

أي نظام تريده أميركا وروسيا في دمشق؟

جورج سمعان

الإثنين ١٨ فبراير ٢٠١٣

الحياة

أن يكرر رموز المعارضة السورية المنضوون في «الائتلاف الوطني» أن باب الحل السياسي لن يفتح إلا بعد تغيير موازين القوى على الأرض يعني اعترافاً صريحاً بالعجز عن جرّ النظام إلى القبول بأي مبادرة للحل السياسي لتنظيم رحيله. وأن يتمسكوا برحيل الرئيس بشار الأسد والحلقة التي تدير المواجهة شرطاً أو موضوعاً لأي حوار يعني رفضهم الجلوس إلى الطاولة لأسباب شتى معروفة، لعل أبرزها رفض المقاتلين على الأرض أي خطوة من هذا النوع. وواضح أن ما يبدل في الميزان هو إمداد «أصدقاء سورية» المجموعات المقاتلة بالعتاد اللازم لترجيح كفتها وتهديد النظام فعلياً.

طلب إمداد المعارضة السياسية والعسكرية بأسباب القوة ليس جديداً. بل هو تعبير آخر عن مطلب «التدخل الخارجي» الذي شتت صفوف المعارضة في بداية الحراك، لكنه كان إقراراً مبكراً بأن التغيير بفعل الداخل بعيد المنال، على ما كانت عليه حال العراق الذي دخلته المعارضة على ظهر الدبابات الأميركية. وهو إقرار تكرره المعارضة يومياً عندما تلح بطلب السلاح النوعي. كان مطلبها عشية المؤتمر الأول الذي عقده «أصدقاء سورية» في تونس قبل نحو سنة تماماً... ولكن من دون جدوى. وما يجيب به «الأصدقاء» قالوه من سنة صراحة. تحدثوا عن «القاعدة» والسلفيين والجهاديين، وتحدثوا عن «اليوم التالي» لسقوط الأسد ومستقبل النظام الجديد ومصير الأقليات... وتركوا أبواب الحل السياسي مفتوحة. وهكذا وقفوا خلف المبادرات العربية حتى طويت صفحتها. ثم اكتفوا - هم وحلفاء دمشق - بالوقوف خلف كوفي أنان حتى اكتفى فاستعفى لينصرف إلى كتابة الفصل الأخير من مذكراته! وهم ينتظرون اليوم مبادرة الأخضر الإبراهيمي، وهو ينتظر تفاهمهم ليبادر!

بات واضحاً أن الأزمة السورية التي تقترب من نهاية عامها الثاني تدور في حلقة مفرغة منذ أكثر من سنة. أي منذ أن أدرك الطرفان المتصارعان استحالة تحقيق أي نصر عسكري يقلب ميزان القوة لمصلحته فيحقق الغلبة. فلا النظام احتفل بالحسم الذي وعد به، متكئاً على امدادات الروس والإيرانيين وحلفائهم في لبنان والعراق بالمال والسلاح والرجال. ولا فصائل المقاتلين استطاعت إقامة مناطق محررة واسعة تشكل لها عمقاً ومنطلقاً. والحرب إلى اليوم كر وفر في معظم الأراضي السورية، من الحدود إلى الحدود. دمشق وحلب وأدلب وحمص وحماه ودير الزور ودرعا و... لم تتحرر من «الاحتلال الأسدي»، ولا جيش النظام و «الشبيحة» قضوا على «جماعات الارهاب» فيها وفي أريافها. الثابت هو أن آلة القتل تمعن في تدمير العمران وتهجير من لم تطاولهم الصواريخ والطائرات والمدافع والمذابح المتنقلة.

والثابت الأهم هو أن النظام ليس قادراً على إدارة حربه من دون الدعم الإقليمي والدولي على كل المستويات، مثلما أن المعارضة أيضاً ليست قادرة على كسر ميزان القوى من دون إمداد اقليمي ودولي، على رغم أن القليل الذي تتلقاه يكفي للقضاء على أوهام النظام بإمكان تحقيق أي انتصار يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. يقود هذا إلى خلاصة واضحة هي أن «المعركة» التي تدور حول مبادرات الحلول السياسية التي يطرحها طرفا الصراع الداخليان تأخذ حيزاً كبيراً من المشهد العام، في حين أن من يرجّح كفة هذه المبادرات هم أولئك الذين يمسكون بمفاتيح القدرة على كسر ميزان القوى الداخلي على الأرض. ألم يكرر وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري أن الرئيس أوباما يفضل الحل السياسي عبر التفاوض بما يؤدي إلى رحيل الأسد؟ ألم يبدِ تفاؤلاً بقيام معادلة لتجد الولايات المتحدة وروسيا «أرضية مشتركة» لإنجاز هذا الحل؟ ألم يجدد وزير الدفاع البريطاني الميل الأوروبي إلى الحل السياسي من دون تدخل خارجي؟ أليس هذا ما يريده حلفاء النظام السوري، وإن اختلفت رؤيتهم إلى الحل؟

ليس سراً أن ما يجري في سورية حرب أهلية تتعمق يومياً. ومن نافل القول إن لا نهاية لمثل هذه الحروب إلا بالتفاوض والحلول السياسية. والمشكلة ليست في رحيل النظام. لقد انتهى منذ أن أطلقت الرصاصة الأولى نحوه. وليست المشكلة في توقيت رحيل رأسه مع الحلقة التي تقود آلة القتل. المشكلة في الساعة «الخارجية» التي لم يزف أوانها. انشغل الكبار نحواً من سنة ونيف بانتخاباتهم ومعاركهم ومعارضاتهم الداخلية، من الرئيس باراك أوباما إلى الرئيس فلاديمير بوتين إلى فرنسوا هولاند. ابتعدوا وغابوا. وعندما استقروا في كراسيهم شغلتهم مآلات التغيير الذي حمله «الربيع العربي». وهم بلا شك يعيدون النظر في مواقفهم من هذا «الربيع». لذلك تأخر ويتأخر انخراطهم الجدي لإيجاد حل لأزمة سورية.

روسيا توجست من صعود الإسلام السياسي منذ البدايات، مثلما توجست من التدخل الخارجي وتكرار تجربة ليبيا. ولم تتورع بعض دوائرها عن اتهام الغرب بأنه يقف وراء هذا التغيير. والغرب الذي رحب بإطاحة الأنظمة الديكتاتورية معللاً النفس بالديموقراطية ولو على أيدي «الإسلام المعتدل»، هاله ما يحدث في تونس ومصر حيث تنذر الأوضاع بصعود ديكتاتورية أشد وأفظع. وهاله ما حدث في ليبيا التي تشظت ترسانتها فهددت المصالح الحيوية لفرنسا خصوصاً وأوروبا عموماً في النيجر حيث اليورانيوم وجزائر الغاز والنفط. هذا من دون الحديث عن موجة العداء للأميركيين التي تجلت في مناسبات عدة لم يكن آخرها مقتل سفيرها في بنغازي والهجوم على منشأة نفطية جزائرية ومهاجمة بعثات ديبلوماسية هنا وهناك.

هذه التطورات في بلدان «الربيع العربي» دفعت الأميركيين والأوروبيين إلى وقف اندفاعتهم والتروي وإعادة النظر والحسابات. وهو ما تجلى في تصاعد مخاوفهم ليس من «جبهة النصرة» فحسب، بل من كل حركات الإسلام السياسي. وشاركهم في هذه المخاوف بعض العرب الذين بدأ يقلقهم صعود «الإخوان» وممارساتهم في الحكم وتنامي نفوذ السلفيين والجهاديين. وهو ما يدفع إلى التردد في إمداد المعارضة السورية بالسلاح الفعال. لذلك عندما تنادي واشنطن وشريكاتُها هذه المعارضةَ بطرح برنامجها السياسي بالتفصيل، من صيغة الحكم إلى هوية الدولة ودستورها ومستقبل كل المكونات ودورها، تكون كمن يطلب من هذه المعارضة أن تصل إلى البرنامج الذي تريده هي، أي واشنطن نفسها. وهو ما تريده موسكو أيضاً، وإن بعناصر مختلفة.

لذلك ليس مطلوباً أن يتوافق السوريون على «دستور محاصصة» على طريقة اللبنانيين والعراقيين فحسب والتي تنذر بتجديد حروبهم. قد لا يكون ذلك كافياً أو إيذاناً بقرب الحل. المطلوب أن تتوافر صيغة «محاصصة» أميركية - روسية، وعربية - إيرانية. والتوافق على مثل هذه الصيغة الدولية - الإقليمية على النظام البديل في دمشق يعني بداية التوافق على نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط. ولا تشير الوقائع إلى قرب هذا التوافق، قبل أن تنجلي تداعيات ما يحدث في تونس ومصر، وما يحدث في ليبيا ومحيطها الصحراوي الكبير، وما سيؤول إليه الملف النووي الإيراني، وأجندة الحوار الأميركي - الإيراني، وحتى مستقبل الحوار الوطني في اليمن الذي تتوقف عليه وحدة هذا البلد... فضلاً عن مستقبل القضية الفلسطينية، ودور إسرائيل وعقيدتها السياسية والعسكرية الجديدة التي فرضتها وتفرضها تداعيات «الربيع العربي» وصعود المتطرفين على ضفتي الصراع.

وليس مبالغةً أن المواجهة المفتوحة بين الكبار في الشرق الأوسط الواسع هي جزء من المعركة الكبرى في شرق آسيا وآسيا الوسطى ومعظم الدول المجاورة للصين وروسيا. لذلك قدمت إدارة أوباما منطقة المحيط الهادئ وبحر الصين بنداً أوّل في أجندتها السياسية والعسكرية، وأخّرت الشرق الأوسط إلى مقام آخر من دون أن تهمله. وقد يشي هذا بأن التوافق في المنطقة العربية وعليها قد يتأخر إلى حين جلاء غبار المواجهة الواسعة شرق القارة... إلا إذا كان قدر هذه المنطقة أن يعاد تقسيمها جوائز في الطريق نحو الصفقة الشاملة بين الكبار... انطلاقاً من سورية! فهل المجتمع الدولي الذي حج إلى اليمن قبل أيام لتأكيد تمسكه بوحدة هذا البلد مخافة تشظيه على شواطئ النفط وبحوره وممراته، سيغض الطرف عن إعادة تقسيم بلاد الشام وما تلقيه من شرارات نحو الجزيرة جنوباً وتركيا شمالاً؟

مطلوب بإلحاح أن تضع المعارضة السورية تصورها للمستقبل، وأن تضع رؤيتها أو مبادرتها للحل السياسي، ليس من أجل أن تغرق مجدداً في الخلافات الجانبية، بل استعداداً للساعة التي تقترب. ذلك أن المأساة الانسانية المتفاقمة ستفرض توقيتها على الجميع وستضع نفسها عاجلاً بنداً أوّل... واستعداداً أيضاً لمواجهة ما قد تعدّه واشنطن وموسكو من نظام لدمشق.

=======================

روسيا تتحدث عن نفسها!

عماد الدين اديب

الشرق الاوسط

18-2-2013

قادتني الظروف والصدفة المحضة لأن ألتقي بمسؤول روسي متخصص في الشرق الأوسط، كان يزور المنطقة قريبا ووضعه القدر بجانبي على مائدة عشاء في منزل أحد الأصدقاء في عاصمة عربية. وقال المسؤول الروسي الذي يجيد العربية بطلاقة إنه يتابع ما أكتب، ويعتقد أنني شديد القسوة على السياسة الروسية تجاه المنطقة بشكل عام وتجاه سوريا على وجه خاص.

وحينما سألته عن المنطق الذي يحكم موقف موسكو من الدعم الكامل واللانهائي للنظام السوري، أجاب بمجموعة نقاط أحاول أن ألخصها بشكل أمين بصرف النظر عن اتفاقي أو اختلافي معها:

أولا: أن روسيا تتصرف مع سوريا من منطلق علاقات استراتيجية بدأت منذ الستينات من خلال 3 أنظمة متعاقبة في سوريا و5 أنظمة متعاقبة في روسيا منذ الاتحاد السوفياتي القديم، إلى مرحلة الانتقال إلى عهد بوتين - ميدفيديف. ولم تتأثر هذه العلاقات رغم تغير الوجوه والأنظمة في كل من موسكو أو دمشق.

ثانيا: أن روسيا شريك تجاري كبير لسوريا، ومصدر تسليح لأكثر من ثلثي منظومة السلاح السورية.

ثالثا: أن سوريا وسواحلها توفر الإطلالة الاستراتيجية الأساسية للأسطول البحري الروسي على المتوسط، وهو حلم قديم منذ عهد القياصرة.

رابعا: أن روسيا تهتم قبل القيام بالمساهمة في المشاركة في إسقاط أي نظام سياسي في العالم أن تكون لديها إجابة واضحة غير قابلة للالتباس عن هوية النظام المقبل. وأضاف المسؤول الروسي «نحن نتحدى أن تكون لدى الأميركان صورة واضحة ومؤكدة عن شكل النظام المقبل في سوريا».

خامسا: أن روسيا تسعى للحوار مع الطرفين، الحكم والمعارضة، في سوريا.. أما الولايات المتحدة والغرب فإنهم لا يحاورون سوى المعارضة وحدها، وهذا لن يمكن أي طرف من الوصول إلى تسوية عبر أي حل تفاوضي غير الحوار الجدي بين الطرفين.

سادسا: أن الحل السياسي للأزمة السورية لن يأتي سريعا، وهو حسب كلام المسؤول الروسي سوف يتعطل كثيرا بسبب محاولة تسويق دور متصاعد لـ«جبهة النصرة» التي يتم دعمها بقوة من قوى إقليمية هذه الأيام.

عند هذا الحد ينتهي كلام المسؤول الروسي، الذي أردت أن أنقله كما هو، لعل فيما قال محاولة للإفصاح عن مبررات موقف ظللنا نراه من منظور واحد.

=======================

أوباما يريد أن يكسب الحرب مجانا!

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

18-2-2013

حزب الله تسيل دماؤه في سوريا وليس على الحدود مع إسرائيل، وإيران تنفق بجنون المقامر الخاسر مئات الملايين من الدولارات، وتتصرف بجنون المجروح في سوريا أيضا، ونظام الأسد ينزف بركة دماء كبيرة لأول مرة، بعد أن عاش أربعين عاما يقطع أوردة الآخرين، وروسيا تكابر وتعين نظاما مهزوما بالسلاح والمؤتمرات والفيتو.

يبدو المشهد مناسبا للرئيس الأميركي باراك أوباما، مثل مدير ناجح يكسب الكثير بالقليل من المخاطر والدولارات. يريد تحويل سوريا إلى عراق للإيرانيين، ومصيدة لحزب الله وكذلك روسيا، ويريد التخلص من نظام بشار الأسد بأقل من ثمن مكالمة هاتفية!

على أرض الواقع هذا ما يحدث حتى الآن، ربما من دون تخطيط مسبق، لكن نقول للرئيس أوباما حذار من أن تكون مصيدة لك وللآخرين، لم يعد الوضع في سوريا يحتمل الفرجة. أولا: نحن أمام مأساة إنسانية مروعة. وثانيا: نحن في بدايات أخطر بناء لـ«القاعدة» منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)؛ فهي الآن تكسب التعاطف والأرض والمساعدات، وبالتالي كل ما تحقق في العشر سنوات الماضية مهدد بأن يتبخر في سوريا. إيران وسوريا تريدان أن يرث الظواهري الأسد، بعد سقوط دمشق، أي إن كان سقوط نظام الأسد محتوما فمرحبا بـ«القاعدة» التي ستفسد حصاد الثورة! هكذا تبدو مسارات الأمور.

أكثر من خمسة عشر ألف مقاتل، هو تقدير قوات جبهة النصرة المتطرفة، التي تقاتل بضراوة قوات الأسد وتستولي على المراكز والحواجز والكثير من الأحياء وبعض المدن، وتجد قبولا من المواطنين إلى درجة الإعجاب، لأنها تقاتل العدو بشراسة وبسالة، وتنفق الكثير على حاجات المواطنين الإنسانية اليومية.

يقول لي أحد المتابعين لتطورات القتال في سوريا، إن جبهة النصرة تحمل ملامح «القاعدة» في فكرها، لكنها تحاول أن تتصرف بخلاف «القاعدة» في تعاملها من أجل كسب تعاطف السكان وتجنيد أبنائهم، هكذا انتفخت هذه الحركة في عدد مقاتليها وإمكانياتها مقارنة بالجيش الحر، الذي رغم أن حجمه يماثل ثلاث مرات جبهة النصرة، عددا، فإنه يعاني بسبب شح إمكانياته وكثرة الضغوط عليه.

لكن ما هي علاقة الجبهة المتطرفة بسياسة الحرب المجانية التي يديرها أوباما من الخلف؟ الإجابة في النتيجة المحتملة، عندما تكسب «القاعدة» موطئ قدم، سيكون أعمق وأهم من كل ما حققته في محاولاتها الكثيرة من أفغانستان إلى شمال مالي. لن يكون سهلا طردها من سوريا في كلتا الحالتين، إن سقط نظام الأسد أو بقي.

كلنا نعرف أن الذي حمى الأسد من السقوط ليس استراتيجيته العسكرية، ولا حتى المدد الهائل من حليفيه الإيراني والروسي، بل نتيجة ترك المعارضة تقاتل هذه القوى مجتمعة وهي مسلحة بأسلحة بسيطة، ووحدها. لو قدمت لها المساعدة أو الحماية، خاصة مع الفارق الهائل في ميزان القوة المستمر منذ عامين، لسقط النظام في أقل من شهر واحد.

نقول للرئيس أوباما إن حرب سوريا ربما تحقق للولايات المتحدة المعركة المثالية، إدماء الخصوم دون تكاليف على الجانب الأميركي، إنما قد تكون كلفتها مخيفة في الفصل اللاحق من الحرب، عندما تتمكن «القاعدة» من معظم الأرض السورية، ومن عواطف السوريين المقهورين. اليوم نرى فرنسا التي كانت في الماضي أقل مبالاة في المشاركة في الحرب على الإرهاب، تخوض حربا صعبة، وربما طويلة، في جنوب الصحراء وشمال مالي، هي نتيجة تراكمات التجاهل الطويلة. وقد تصبح الحرب في سوريا لاحقا كذلك.

أنقذوا الشعب السوري من المذابح ولا تتركوه يجد في «القاعدة» وأشباهها المعين الوحيد. أو لا تلوموه غدا.

=======================

هل حان وقت التدخل العسكري في سوريا؟

امير طاهري

الشرق الاوسط

18-2-2013

12 ردا على 12 ذريعة تبرر الوقوف مكتوفي الأيدي أمام معاناة شعب وانهيار مجتمع

على الرغم من كل الجهود المبذولة في عدة عواصم عالمية للتمويه على السؤال البسيط: «هل حان وقت التدخل العسكري في سوريا؟»، وإبعاده عن التداول، فإنه ما زال يفرض نفسه على أي بحث أو نقاش يتعلق بالمأساة السورية.

وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ قال مؤخرا لا مجال لقبول الـ«لا خيار»، وهي عبارة ترمز إلى جاهزية البحث في التدخل العسكري. ونقلت عن مسؤولين أميركيين وفرنسيين رفيعي الرتبة آراء مشابهة، وإن بدرجات متفاوتة من الغموض والتورية.

ولكن بشكل من الأشكال يبدو أن هذا السؤال سبقته الأحداث وما عاد – بالتالي – يستحق الطرح، لأنه يوجد حقا تدخل عسكري فعلي بصور متعددة. ذلك أن إيران وروسيا تمدان نظام بشار الأسد بالسلاح والمشورة العسكرية، ويبدو أن عناصر من الفرع اللبناني من حزب الله تشارك فعليا في المواجهات ضد وحدات المعارضة السورية المناوئة للأسد. وفي الجانب المقابل، فإن تركيا وعددا من الدول العربية منخرطة في مساعدة جماعات الثوار في الحصول على السلاح والمال منذ اندلاع القتال. ووجود مقاتلين غير سوريين يحاربون تحت رايات الثوار يمكن أن ينظر إليه على أنه تدخل عسكري أجنبي، ولو كان عفويا وغير نظامي.

مع هذا يبقى الجدال الحقيقي متمحورا حول ما إذا كان حصيفا أم عبثيا التفكير بالتدخل كخيار حاسم يقلب طبيعة ما هو حاصل. وهذا يعني أنه لا بد أن يكون من الجدية والحجم إلى درجة قلب ميزان القوى لمصلحة الثوار، ومن ثم تسريع سقوط الأسد.

الجهات التي ترفض التدخل تمثل طيفا من الآراء. منها، مثلا، «السلاميون» أو دعاة السلام المزمنون الذين يناوئون أي حرب في أي وقت ولأي مبرر كان. ثم هناك من يمكن النظر إليهم على أنهم «أيتام الحرب الباردة» الذين يناصرون بشار الأسد لأنهم يرون فيه جزءا من كتلة متنامية معادية للغرب تضم اليوم روسيا وإيران. غير أن غالبية معارضي التدخل يقدمون تشكيلة من الذرائع السياسية والعملية التي لا يجوز تجاهلها. ولدى التمعن بكل التصريحات والآراء المنشورة في هذا السياق حول موضوع التدخل ورفضه، يمكننا مناقشة الذرائع والمبررات التالية:

الذريعة الأولى تقوم على أساس أن لا وجود لاستراتيجية واضحة للتدخل. فهل المطلوب من الجيوش الأجنبية المتدخلة تدمير الآلة العسكرية للأسد ومن ثم الزحف على دمشق؟

الإجابة يجب أن تكون: «لا». إذ يجب أن يسعى التدخل المطلوب إلى تحقيق ثلاثة أهداف محددة: الهدف الأول يتمثل بفرض تطبيق حظر التسلح الذي أقرته أصلا أكثر من 100 دولة، وهو يستوجب حصارا بحريا تدعمه عمليات رصد ومراقبة جوية وبرية لكل طرق تهريب السلاح المحتملة عبر العراق ولبنان. والهدف الثاني يجب أن يتضمن إنشاء «ملاذات آمنة» وحماية هذه الملاذات من الغارات الجوية لطيران الأسد الحربي ووحدات قواته البرية المؤللة. ويذكر أنه يوجد راهنا ثلاثة «ملاذات آمنة» ولو في أطوارها المبكرة مباشرة عبر الحدود السورية مع الأردن وتركيا والعراق. وخلال الأسبوع الفائت أفلحت الأمم المتحدة في نقل إعانات إغاثية لأحد هذه الملاذات لأول مرة من دون المرور عبر أقنية نظام الأسد ومؤسساته.

الذريعة الثانية مؤداها أن الحظر المفروض من جانب القوى الغربية، وبالأخص بحرا، قد يثير معارضة روسية وإيرانية شديدة قد تشعل فتيل نزاع أخطر وأوسع نطاقا. غير أن الاحتمال ضعيف جدا، ذلك أن إيران تفتقر إلى القوة العسكرية التي تتيح لها التأثير على مجريات الأمور في حوض المتوسط وإن كان بمقدورها تحريك الفرع اللبناني من حزب الله لتنفيذ عمليات إرهابية. أما عن روسيا فهي وإن كانت قوة انتهازية تنتهج سياسة خارجية واقعية. وحتى إبان سطوة الاتحاد السوفياتي كانت روسيا تدرك تماما حدود المجازفة بمجابهة مفتوحة، كما حصل أيام الأزمة الكوبية عام 1962. وفي مطلق الأحوال تفتقر روسيا إلى القوة البحرية الكفيلة بتحدي حصار يفرضه حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مياه المتوسط. روسيا ستدعم الأسد ما دام الثمن الذي عليها دفعه يتجاوز أي مكافآت محتملة مستقبلا.

الذريعة الثالثة هي أنه لا توجد أرضية قانونية للتدخل لأن «الفيتو» الروسي يمنع صدور قرارات عن مجلس الأمن الدولي، إلا أن غياب أي موافقة معلنة من الأمم المتحدة لا يجعل من التدخل تصرفا «لا قانونيا». في الواقع، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية شهدنا عشرات الحروب التي شنت من دون موافقة أو ترخيص رسمي من الأمم المتحدة، بل كانت الحروب التي أجازتها المنظمة الدولية هي الاستثناء لا القاعدة، وأبرزها الحرب الكورية عام 1951 وحرب العراق عام 1991. وعبر العقود فإن «واجب التدخل»، لدرء خطر جرائم الإبادة الجماعية مثلا، غدا جزءا من ثقافة العدالة الدولية. ففي عام 1978 غزت قوات فيتنام المسلحة أراضي كمبوديا لإطاحة حكم الخمير الحمر ووقف جرائم الإبادة. وبعدها ببضعة أشهر دخل الجيش التنزاني أوغندا لإسقاط حكم عيدي أمين العسكري. ثم في عام 1983 اجتاحت قوات أميركية على رأس قوات حليفة جزيرة غرينادا في البحر الكاريبي بهدف تحرير مئات الرهائن وتغيير النظام القائم هناك. في أي من هذه الحالات ما كان هناك ترخيص من الأمم المتحدة للتحرك. والمبدأ نفسه طبق لتبرير التدخل في البوسنة والهرسك، ثم لاحقا في كوسوفو لوقف المجازر والإبادة الجماعية، وفي هاتين الحاتين شل تهديد «الفيتو» الروسي مساعي الأمم المتحدة. وفي كلمة أمام الجمعية العامة عام 1999 تحمل كوفي أنان، أمين عام الأمم المتحدة آنذاك، علانية المسؤولية الأخلاقية في مجازر رواندا، عندما قال: «حبذا لو كان ثمة تحالف دولي، في تلك الأيام والساعات السوداء المفضية بنا إلى المجزرة الكبرى، جاهزا للتحرك بهدف الدفاع عن السكان من شعب التوتسي من دون تفويض من مجلس الأمن. هل كان ذلك التحالف سيقف مكتوف الأيدي أمام الفظائع التي تكشفت أمامنا فصولا؟». ومن ثم أكد أنه لا يجوز للعالم أن يقف متفرجا عندما تقع انتهاكات جسيمة وممنهجة ضد حقوق الإنسان، وتحدى المجتمع الدولي لتبني فكرة «التدخل الإنساني» كمبدأ شرعي وشامل.

الذريعة الرابعة هي أن الواقع الجغرافي لسوريا يجعل من التدخل أكثر صعوبة من التدخل في ليبيا. ولكن العكس، حقا، صحيح، فليبيا هي الدولة الـ17 في قائمة الدول الأكبر مساحة في العالم بينما تحتل سوريا المرتبة الـ89. وحصار ليبيا كان يعني عزل واجهة ساحلية طولها 1770 كلم، في حين لا يزيد طول الساحل السوري عن 193 كلم. ثم إن حدود ليبيا البرية ضعفا طول حدود سوريا، ناهيك بأن أربعة من جيران سوريا الخمسة ليسوا متحمسين لبقاء نظام الأسد أو ليس لديهم الاستعداد لدعمه.

الذريعة الخامسة هي أنه نظرا للتكلفة العالية للتدخل بات من الصعوبة الترويج لفكرة التدخل في الدول الغربية التي تعاني من المديونية والانحدار الاقتصادي. ولكن حتى إذا كان سلمنا أن الحروب حقا مكلفة، فإن السماح بتحول سوريا إلى أرض «مستعصية على الحكم»، وبالتالي بؤرة للإرهاب والجريمة مطلة على البحر المتوسط، سيكون أمرا أعلى تكلفة بكثير على المدى الطويل. ثم إن «السيناريو» الأسوأ هو أن تتحول الحرب الأهلية السورية إلى مقدمة لحرب إقليمية أوسع نطاقا على غرار ما حدث مع الحرب الأهلية الإسبانية بين 1936 و1939. إن الرأي العام الغربي قد لا يؤيد تدخلا عسكريا اليوم، لكن السبب في ذلك أنه لم يُفتح نقاش جدي حول الموضوع، ولم يطلع الرأي العام بما فيه الكفاية على الحجج والحجج المضادة في هذا الشأن. وعليه فإن نقاشا صريحا وجيدا كفيل بتجييش الرأي العام لصالح تدخل إنساني.

الذريعة السادسة هي أنه بخلاف ليبيا، التي هي مجتمع متجانس، فإن سوريا عبارة عن فسيفساء دينية ومذهبية وعرقية، وهذا ما قد يعني أن التدخل العسكري لن يثمر حقبة انتقالية سلسة. غير أن الواقع غير ذاك، فليبيا أيضا بلد له تعدديته، فالعرب والأمازيغ والأفارقة السود يشكلون جماعات مختلفة جمعها تحت كيان واحد الحكمان الاستعماريان الإيطالي والبريطاني، واستمرا تحت قبضة ديكتاتورية العقيد معمر القذافي. وشرق ليبيا (برقة) وغرب ليبيا (طرابلس) كانا إقليمين منفصلين ومتميزين منذ العهد الروماني. وحتى على صعيد الدين، تضم ليبيا عشرات الجماعات والطوائف الإسلامية، ومنها ما تأثر بالثقافات الشعبية القبلية. وبناء عليه، صحيح أن سوريا أغنى من ليبيا على صعيد التعددية الفئوية، غير أن الصحيح أيضا أن 70% من سكانها على الأقل هم من العرب المسلمين السنة. وأخيرا، من قال إن التنوع يجب أن يكون حائلا دون توق دولة ما إلى الحرية؟

الذريعة السابعة هي أننا، كمراقبين، لا نعرف ما يمكن أن يحدث في حال إسقاط النظام. وأنه لا وجود لـ«ديمقراطيين» في سوريا، ما يعني أن ما سينتج عن التدخل الأجنبي سيكون إما الفوضى وإما ديكتاتورية جديدة بديلة. ولكن هذا الكلام مردود عليه بالقول إنه، وإن كان التشاؤم خيارا حكيما وحصيفا لدى التعامل مع سياسات الشرق الأوسط، من الخطأ القبول باستمرار المجازر لا لشيء إلا الخشية من بديل أسوأ. لا وجود لـ«ديمقراطيين» في سوريا لأنه لم يتَح للديمقراطية بأن تزهر وتثمر، ومحاولة تحميل المسؤولية في هذا أشبه بأحجية «أيهما سبق الآخر وأيهما تسبب عنه.. الدجاجة أم البيضة؟».

الذريعة الثامنة هي أنه يستحيل فرض الديمقراطية بالقوة. هذا كلام صحيح. ولكن بالإمكان استخدام القوة لإزالة ما يعيق تحقيق الديمقراطية كما حدث في حالة الحرب العالمية الثانية مع ألمانيا واليابان. وعلى أي حال، يظل الهدف الحيوي العاجل من أي تدخل وقف قتل الشعب السوري لا إرساء الديمقراطية في سوريا. ولا بد أن تكون الخطوة الأولى منح الشعب السوري الحق في تقرير مصيره بنفسه، وما سيفعله الشعب لاحقا بمسائل مثل السيادة وطبيعة النظام السياسي الذي يفضلون تأسيسه فسيكون من شأنه لا شأن الآخرين.

الذريعة التاسعة هي أنه بعكس معمر القذافي، الذي تخلى عن أسلحة الدمار الشامل، ما زال لدى بشار الأسد كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية التي قد يقرر استخدامها ضد شعبه كخيار أخير يائس. إن احتمال استخدام الأسد السلاح الكيماوي احتمال لا يجوز الاستخفاف به، وكما نذكر سبق للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهو بعثي مثل الأسد، أن استخدم السلاح الكيماوي لقتل آلاف الأكراد في حلبجة. ولكن من غير المسموح إطلاقا للأسد ابتزاز شعبه والإنسانية جمعاء بترسانته الكيماوية، بل إن القلق من إمكانية وقوع مجازر أفظع لا يجوز أن يبرر تجاهل مسلسل القتل اليومي.

الذريعة العاشرة هي أن الأسد عندما يجد نفسه أمام خطر تدخل عسكري كبير تشنه القوى الغربية، قد يقرر أن يهدد أو يهاجم إسرائيل بالتعاون مع حزب الله، ومنظمة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وكلاهما تحت إمرة إيران. غير أن هذا الاحتمال أبعد ما يكون عن الواقع. ذلك أن نظام الأسد – في عهدي الأب والابن – استغل القضية الفلسطينية على الدوام ذريعة مفيدة تبرر الحكم التسلطي المطلق، ولكن مع الحرص على تجنب أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وعلى أي حال، من غير الجائز القبول باستمرار قتل الشعب السوري باعتباره ثمنا يدفعه العالم للأسد لقاء تعهده بالامتناع عن تهديد إسرائيل. لقد كانت القضية الفلسطينية المهرب الأخير لكثرة من المحتالين على امتداد أكثر من ستة عقود، وفي وقت من الأوقات استخدم صدام حسين القضية الفلسطينية لتبرير ارتكابات نظامه القاتل.

الذريعة الحادية عشرة هي أن التدخل العسكري قد يدمر أي أمل في حل سياسي، وبالتالي لماذا لا يتاح للدبلوماسية لاستخدام كل وسائطها وتدابيرها قبل التفكير بخيارات أخرى؟ هذا حقا كلام طيب، وحتما يجب أن يكون اللجوء إلى القوة الخيار الأخير، وإذا كان بالإمكان فك عقد الحبل باستخدام الأصابع فلماذا يعجل المرء باللجوء إلى السيف لقطعه؟ ولكن في المقابل لا يصح جعل الدبلوماسية «ورقة توت» تستر الشلل والتواطؤ. فعلى امتداد أكثر من سنتين أطلقت مبادرات دبلوماسية كثيرة، بينها مهمتان تولاهما كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي، وهما من أبرز دبلوماسيي العالم. ومن المعلومات التي أمكننا الحصول عليها عرض الإبراهيمي خطط تسوية غاية في الإنصاف والواقعية. ثم بالأمس، ذهب معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض إلى أبعد من هذا، عارضا مفاوضات مباشرة مع النظام مع ما في هذا من تعريض نفسه لتهم يصل بعضها إلى خيانة القضية، ولكن مع كل هذا اصطدمت كل محاولات تطبيق استراتيجية سلمية برفض مطلق من نظام الأسد. وهكذا يمكن اتخاذ القرار بالتدخل بعد تحديد مهلة أخيرة للأسد لكي يراجع نفسه ورهاناته.

الذريعة الثانية عشرة مستقاة من الحسابات المكيافيللية، ومضمونها التساؤل: لماذا لا تحمل إيران وروسيا معا لفترة أطول أعباء إطالة عمر نظام الأسد المحكوم بالزوال على أي حال؟ أساسا كلفت سوريا لتاريخه إيران أكثر من عشرة مليارات دولار، وهذا في فترة يتهدد فيه إيران انهيار اقتصادي كبير، كما أضحت سوريا بالنسبة إلى إيران حليفا بشعا ومكلفا. وبالتالي لو تركت الأمور على ما هي عليه لفترة أطول قد تجر سوريا إيران معها إلى الهاوية. أما في ما يخص روسيا، فلماذا لا يترك فلاديمير بوتين يرسخ صورته في العقل العربي كضامن للطغاة؟ لقد سمينا هذه الجدلية بأنها «ماكيافيللية»، ولكن ربما كانت صفة «شيطانية» أوفق وأقرب إلى الحقيقة. فهل من المقبول التضحية بالشعب السوري فقط لتركيع إيران وعزل روسيا، كعدو، عن العالم العربي؟ إننا بينما نتفكر بسؤال كهذا هناك أناس يموتون في سوريا.

=======================

 محافظة إيرانية؟!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

18-2-2013

لا «الأهواز» ولا «سوريا» لإيران ولا لغير إيران، كروسيا على سبيل المثال، فـ«الأحواز» عربية وهي ستبقى عربية حتى وإنْ طال الزمن وسوريا التي إختطفها نظام حافظ الأسد وأتبعها إلى حوزة «قُمْ» وعمامة الولي الفقيه، بعدما أصدر الإمام موسى الصدر قبل غيبته الطويلة بعد زيارة لليبيا عندما كانت «جماهيرية» بدعوة من معمر القذافي فتوى بأنَّ الطائفة العلوية جزء من المذهب الجعفري الإثني عشري الذي أصبح يحكم إيران بعد إنتصار الثورة الخمينية في فبراير (شباط) عام 1979، ستبقى قلب العروبة النابض رغم هذه اللحظة المريضة التي بدأت بإنقلاب «الحركة التصحيحية» في عام 1970.

المثل يقول :»خذوا إسرارهم من صغارهم» وعندما يؤكد رجل الدين الإيراني مهدي طائب، الذي يترأس ما يسمى «مقر عمار الإستراتيجي لمكافحة الحرب الناعمة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، على ان أهمية سوريا بالنسبة لإيران أكبر من أهمية «الأحواز» ذي الأغلبية العربية والذي يضم تسعين في المائة من إحتياطي النفط الإيراني فإن هذا هو رأي الولي الفقيه علي خامنئي وهو رأي الدولة الإيرانية التي وصفها رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب بأنها أصبحت تحتل الدولة السورية.. وهذا صحيح وهو يَثْبُتُ يومياً بالأدلة القاطعة.

لقد وصلت «الوقاحة»، نعم الوقاحة، برجل الدين الإيراني هذا إلى حد وصف سوريا بالمحافظة رقم 35 وأنها تعد محافظة إستراتيجية بالنسبة لنا، أيْ بالنسبة لإيران،..، وإذا هاجمنا العدو بغية احتلال سوريا أو خوزستان «الأحواز» فإن الأوْلى بنا أن نحتفظ بسوريا وحتى لو أننا سنخسر إقليم خوزستان «الأحواز» الذي سنستعيده بما أننا نحتفظ بسوريا لكننا إذا خسرنا سوريا فإننا لن نتمكن من الإحتفاظ بطهران»!!.

ولعل ما يضع حجراً في فم كل من يستغرب أيِّ حديث عن التدخل الإيراني في الشؤون السورية الداخلية ليس منذ بداية هذه الثورة العظيمة المنتصرة لا محالة أن مهدي طائب هذا لم يخجل من أن يقول :»إن النظام السوري يمتلك جيشاً ولكنه يفتقر إلى إمكانية إدارة الحرب في المدن السورية ولهذا فقد إقترحت الحكومة الإيرانية تكوين قوات تعبئة لحرب المدن قوامها ستين ألف عنصر لتتسلم مهمة حرب الشوارع من الجيش السوري».

وإزاء هذه التصريحات التي أطلقها رجل الدين الإيراني هذا، المعروف بأنه من أنصار حزب الله اللبناني وأنه أحد الشخصيات السياسية والدينية الموالية للمرشد الأعلى علي خامنئي، فإن المفترض ألاَّ يلوذ بالصمت نظام يعتبر نفسه نظام حزب البعث العربي الإشتراكي الذي شعاره :»أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» وأن المفترض ألاّ يسكت على القول :أنَّ سوريا هي المحافظة الإيرانية رقم 35.

قد بقينا نتحاشى الإشارة ولو مجرد الإشارة إلى أنَّ هذه الحرب المحتدمة الآن في سوريا هي حرب النظام الطائفي العلوي على معظم شعب سوريا وأن إصطفاف إيران بأموالها وأسلحتها وبحزب الله وبفيلق القدس لصاحبه قاسم سليماني.. وبكل شيء إلى جانب هذا النظام هو إصطفاف طائفي ولذلك وعندما يسكت النظام السوري، الذي يقول عن نفسه أنه نظام حزب البعث، على تصريحات مهدي طائب التي قال فيها أن سوريا هي المحافظة الإيرانية رقم 35 فإنه يوافق أن هذا البلد العربي الذي هو قلب العروبة النابض فعلاً قد أصبح محافظة إيرانية.

=======================

عن عباءة بشار والتكفير والتخوين * ياسر الزعاترة

الدستور

18-2-2013

تطوع عدد من النشطاء والسياسيين للدفاع عن الوفد الذي زار سوريا والتقى بشار الأسد وألبسه عباءة القيادة للأمة، وصاغ بيانا ساخنا حد الغليان، يندد بالهجمة التي تعرض لها الوفد.

مما قاله البيان، ولا نقتطف أكثر من ذلك: “إن نفس المجموعات التي اغتالت المعري في سوريا، وطه حسين في مصر وشكري بلعيد في تونس هي نفس تلك المجموعات التي خرجت في الأردن لتكفر وتشيطن الوفد الأردني الذي زار دمشق أمس القريب ليعلن انحيازه المطلق لسوريا الدولة والمؤسسات والمقاومة والهوية.

هذه المجموعات الطارئة بفكرها ونهجها المتطرف الحاقد، والمحملة بأجندة مشروع البترودولار الصاعد في المنطقة، الممول خليجيا وصهيونيا والهادف لتفكيك بنية المجتمعات العربية المتعايشة بسلمها الأهلي وبإرثها الحضاري الغارق في القدم”. (انتهى الاقتباس).

والحال أننا لم نسمع أحدا يكفر الذي ذهبوا إلى دمشق، ولا حتى من يؤيدون بشار الأسد ويشيطنون الثورة ليل نهار (بعضهم ليسوا مسلمين أصلا)، وكل ما جرى أن هناك من انتقد الخطوة وهاجمها، ليس فقط لأنها تناصر مجرما يقتل شعبه، بل أيضا لأن من زاروه لم يترددوا في ادعاء النطق باسم الشعب الأردني، فيما يعلم القاصي والداني أن من يؤيدون بشار الأسد لا يتعدون خمسة في المئة من الأردنيين، ولنقل عشرة، فيما ينحاز الباقي دون تردد للثورة والثوار، تماما كما انحازوا من قبل لثورة تونس ومصر واليمن وليبيا.

أصحاب البيان ردوا على تكفير لم يوجد أبدا، بتخوين في وضح النهار، لأن الذين تظاهروا ضد الزيارة وهاجموا وفدها هم بحسب البيان ينتمون لمجموعات طارئة بفكرها ونهجها المتطرف الحاقد، محملة بأجندة البترودولار، وممولة خليجيا وصهيونيا في آن!!

الذين تظاهروا في إربد، والذي اعتصموا على باب مجمع النقابات ضد الزيارة، والذي هاجموها في وسائل الإعلام هم جميعا خونة يقبضون من الصهيونية، فضلا عن البترودولار، بينما يعيش أصحاب البيان على مال المقاومة الحلال، ودعم الممانعة الطاهر!!

دعك من توصيف الوضع في سوريا كما أورده البيان، فقد تعبنا من نقاش هذا المنطق المتهاوي، والذي تحركه دوافع حزبية وأيديولوجية وأحيانا طائفية، فالشعب السوري ليس خائنا للأمة، ولا لفلسطين، ولا هو عميل يبيع أبناءه مقابل المال الخليجي والصهيوني، والثورة ليست مؤامرة إمبريالية ولا صهيونية، ولو كانت كذلك لانتصرت منذ شهور طويلة، بدل الحصار الذي تتعرض له من دوائر إمبريالية يعرفها أولئك حق المعرفة.

ما يعنينا هنا هو هذا القطاع من المثقفين والحزبيين الذي ينددون بتكفير لا نسمع به (بعضهم يعلن جهارا نهارا أنه ماركسي ملحد ثم يصرخ منددا بالتكفير)، ثم يمارسون التخوين بطريقة بشعة، مع أننا لا نعرف جهات تشتري ملايين الناس بالمال لكي يساندوا الثورة السورية، بينما يمكننا ببساطة أن نصدق شراء حفنة من النخب من أجل أن تتخذ هذا الموقف أو ذاك.

غالبية الجماهير لا يمكن شراؤها، لا بمال البترودولار، ولا بالمال الصهيوني، لأنها تحتكم إلى ضميرها أكثر من أي شيء وآخر، وموقفها من الثورة السورية هو الموقف الإنساني الطبيعي، قبل أن تضاف إليه أية نكهات دينية وأيديولوجية.

سينتصر الشعب السوري رغم أنف المشككين، ولن يبقى “قائد الأمة” في مكانه، لأن إرادة الشعب والأمة ستنتصر في نهاية المطاف، تماما كما انتصرت في تونس ومصر وليبيا واليمن .

=======================

البحرين.. معيار الأحداث في سوريا

السعودية اليوم

18-2-2013

تطورات الأوضاع في البحرين مقلقة لأهل البحرين خاصة، ولدول مجلس التعاون، ولكن هذه الأوضاع مفرحة بالنسبة لمخططي المؤامرات ومنفذيها، إذ لا يهمهم أن تستقر البحرين ولا يهمهم ما يؤول إليها مصيرها، بقدر ما يشبعون شهوة الشر وثقافة التآمر والكره.

وقد اعتقلت السلطات البحرينية يوم أمس الأول ثمانية أشخاص بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية، بعد يوم من احالة قضايا تسعة أشخاص على علاقة بمستودع لتصنيع وتخزين المتفجرات في البحرين إلى المحكمة.

والأشخاص الثمانية الذين اعتقلوا يوم أمس الاول تدربوا في ايران والعراق ولبنان. وهي دول تسيطر إيران على حكوماتها وتخضعها لأوامر الحرس الثوري، وتقيم فيها طهران معسكرات تدريب للعرب حيث يجري حقن الشباب العربي بالولاء لإيران ومرشدها واتباع تعليمات الحرس الثوري الإيراني، ويتم تحريض الشباب ضد بلدانهم وكره أوطانهم ومواطنيهم.

ومنذ سنتين فإن التطورات في البحرين ترتبط بالأوضاع في سوريا، فكلما ساء موقف نظام الأسد تحرك إيران اتباعها في البحرين لشد الأضواء أو توصيل رسالة إلى الدول الخليجية المؤيدة للثورة في سوريا. وقبل يومين اشتدت المواجهة في سوريا وخسر نظام الأسد مطارات وطائرات وأفلت من جيشه مئات المنشقين، ما يعني تحقيق انتصار نوعي للجيش السوري الحر. ومثل هذه الحالة تبدأ إيران في تسخين الوضع في البحرين، خاصة أن المعارضة في البحرين توالي طهران وتتبع تعليمات الحرس الثوري إلى الدرجة التي لا يجرؤ زعماؤها على لفظ اسم «الخليج العربي» علناً في وسائل الإعلام. لأن ذلك من المحرمات الإيرانية.

وقالت البحرين إن مخربين طوروا أساليبهم الإرهابية من المولوتوف إلى استخدام الأسلحة النارية وربما القنابل. وهذا يعني أيضاً أن الثوار في سوريا يضيقون الخناق على نظام الأسد وكيل الاحتلال الإيراني في سوريا. كما يعني أن الانتفاضة في العراق ضد حكم الميليشيات الإيرانية في بغداد تقلق طهران كثيراً، خاصة بعد ان أعلن العرب في المحافظات العراقية نيتهم مواجهة المحتلين الفرس وتطهير البلاد من نفوذهم وجرائمهم وممثليهم، على الرغم من أن طهران طلبت من حكومة نوري المالكي الموالية لها في العراق المهادنة مع العرب كي لا تفتح جبهة ضد الوجود الإيراني في العراق مماثلة لحرب التحرير في سوريا التي تعهد فيها السوريون بالقضاء على وكلاء طهران وكل النفوذ الإيراني في بلاد الشام.

وكان يتعين على المواطنين البحرينيين الذين غررت بهم إيران أن يأخذوا العبرة من العراقيين الذين خدموا ايران وضحوا بأبنائهم من أجلها، ولكن حينما حكمت طهران العراق، انقلبت عليهم وصفت كل من لا يدين لها بالولاء ولا يجعل مصالحها فوق كل اعتبار مهما كان دينه ومذهبه، وأول تصفياتها كان في صفوف الوطنيين العراقيين الشيعة.

=======================

المعارضة والنظام رفضا لقاء موسكو

الأزمة السورية... وإخفاق المبادرة الروسية

تاريخ النشر: الإثنين 18 فبراير 2013

كارن دييانج وباباك ديهجانبيشيه

الاتحاد

بيروت

يبدو أن نافذة أمل صغيرة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية قد انسدت أيضاً يوم الخميس الماضي عندما رفضت حكومة الأسد عقد لقاء في موسكو مع رئيس ائتلاف المعارضة.

وفي هذا لإطار، أعلنت وزارة الخارجية السورية أنه على رغم التقارير حول «اجتماع مع المعارضة في موسكو»، إلا أن النظام منفتح فقط على محادثات داخل سوريا نفسها.

ومن جانبه، قال ائتلاف المعارضة السورية، الذي يرفض أصلاً أية مفاوضات قبل رحيل الأسد عن السلطة، إنه لن يكون ثمة أي اجتماع في موسكو.

وهذه التصريحات أتت بعد مرور يوم واحد على إعلان روسيا، في ما يبدو محاولة لبدء المفاوضات، أنها وجهت الدعوة إلى الجانبين بشكل منفصل لزيارة البلاد، وأنها ستكون سعيدة بمساعدتهما على التغلب على مقاومتهما للتفاوض مع بعضهم بعضاً.

وفي صباح يوم الخميس الماضي، وقبل الرفضين، كان أمين عام الأمم المتحدة «بان كي مون» قد وصف المبادرة الروسية بأنها كوة «صغيرة جداً»، ولكنها إيجابية، على كل حال. وقال «مون» في اجتماع مع الصحفيين: «يمكن أن يكون ذلك مؤشراً على فهم (روسي) للوضع».

يذكر أن روسيا، التي لطالما دعمت نظام الأسد، وسبق أن عرقلت في مناسبات عديدة تحركات من قبل مجلس الأمن الدولي ضد النظام السوري؛ وظلت تقول إن على السوريين أن يقوموا بحل مشاكلهم بأنفسهم.

والحال أن الأحداث التي هيأت للاجتماع الذي كان مفترضاً بين الجانبين بدأت الشهر الماضي عندما قال معاذ الخطيب، زعيم مجموعة المعارضة السورية التي اعترفت بها الولايات المتحدة وبلدان أخرى، إنه مستعد للاجتماع مع ممثلي حكومة الأسد مقابل الإفراج عن السجناء. وكان هذا العرض هو الأول من نوعه الذي يصدر عن زعيم رفيع المستوى من المعارضة ولا يتضمن المطالبة بتنحي الأسد أولاً.

غير أن مجموعة المعارضة التي ينتمي إليها الخطيب نفسه نددت بالعرض، ولكنه اكتسب قوة عندما أشادت به إدارة أوباما وحكومات أخرى لسعيه وراء طريقة تنهي إراقة الدماء، التي حصدت أرواح أكثر من 70 ألف شخص.

وفي الثاني من فبراير، كان الخطيب قد شارك في مؤتمر أمني بمدينة ميونيخ الألمانية، حيث عقد اجتماعين منفصلين مع كل من نائب الرئيس الأميركي «جو بايدن» ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي وجه له دعوة لزيارة موسكو.

وازداد التفاؤل يوم الاثنين، عندما أعلن وزير في حكومة الأسد أنه سيلتقي الخطيب خارج سوريا، حيث صرح علي حيدر، وزير المصالحة الوطنية السوري، لصحيفة ذا جارديان اللندنية: «إنني مستعد للاجتماع مع الخطيب في أي مدينة أجنبية، حيث أستطيع الذهاب من أجل مناقشة الاستعدادات لحوار وطني».

وفي يوم الأربعاء، صرح نائب وزير الخارجية الروسي ميكاييل بوجدانوف بأن موسكو تتوقع زيارة من وزير خارجية النظام وليد المعلم في أواخر فبراير.

كما نقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن بوجدانوف قوله إن الخطيب من المنتظر أن يزور موسكو أيضاً في غضون الأسبوعين المقبلين.

ولم تعلق الحكومة الروسية على رفض الحكومة السورية وائتلاف المعارضة عقد الاجتماع. كما لم يقل الخطيب علناً ما إن كان ما زال يخطط لزيارة موسكو.

ومن جانبها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند إن لافروف، الذي كان يقوم بجولة في عدد من الدول الأفريقية، لم يرد على اتصال هاتفي لوزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل ثلاثـة أيام. أما كيري، الذي التقى مع «بان كي مون» يوم الخميس، فقال إنه ما زال يرغب في التشاور مع لافروف حول موضوع سوريا.

وهذه التحركات الدبلوماسية أتت في وقت قال فيه نشطاء المعارضة السورية إن المقاتلين الثوار بسطوا سيطرتهم على بلدة في محافظة الحسكة الغنية بالنفط في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد بعد ثلاثة أيام من القتال المحتدم.

كما قام الثوار بإسقاط طائرتين حربيتين سوريتين في محافظة إدلب، في الشمال الغربي للبلاد، وأخرى في محافظة حماة في الوسط، حسب مجموعات المعارضة.

والمكاسب التي تحققت على ساحة المعركة تواصلت لأيام من تقدم الثوار ضد قوات الأسد.

ففي يوم الاثنين، سيطر الثوار على سد على نهر الفرات يولد الطاقة الكهربائية في شمال شرق سوريا، ويعتبر أكبر منشأة من نوعها في البلاد. ويوم الثلاثاء، استولوا على مطار عسكري في الشمال، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو منظمة يوجد مقرها في بريطانيا وتنشط في مراقبة أعمال العنف في البلاد.

وبشكل عام، فإن مكاسب الثوار، التي تحققت في أقل من أسبوع، تعني تجدد الزخم على ما يبدو بعد أسابيع من الجمود النسبي، ولاسيما في المدينتين الكبريين حلب ودمشق العاصمة.

=======================

أميركا وتسليح ثوار سوريا

المصدر:    صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية

التاريخ: 18 فبراير 2013

البيان

في رد على سؤال خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، قال وزير الدفاع الأميركي "ليون بانيتا" إن الرئيس الأميركي قد رفض خطة سرية خلال الصيف الماضي، كانت قد لقيت الدعم من كبار مسؤولي فريقه للأمن، لتسليح جماعات معارضة منتقاة تقاتل حاليا نظام بشار الأسد في سوريا.

بعدها، سأل السيناتور جون ماكين آنذاك سؤالا صعبا، إلا أنه سؤال خطابي بالنسبة إلى ليون بانيتا، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن إي ديمبسي، وهو: كم عدد الأشخاص الإضافيين الذين يجب أن يموتوا (في سوريا) قبل أن تأمر بإجراء تحرك عسكري؟ بعد حوالي سنتين من بدء الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية، قتل أكثر من 60 ألف شخص في سوريا، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وتسارعت وتيرة القتل مع رصد الأسد لمخاطر أقل في ما يتعلق بتدخل أجنبي.

ويهرب الآن حوالي 5 آلاف سوري يوميا إلى الدول المجاورة، ليشكلوا عدد لاجئين يقدر بحوالي 800 ألف نسمة تقريبا، وحوالي 2,5 مليون آخرين مشردين داخليا.

وقد طالب أعلى موظفي الأمم المتحدة بمحاكمة الأسد وكبار مسؤوليه، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي شبه الصراع بالمحرقة، إلى مبدأ تم إقراره من قبل الجمعية العامة في عام 2005، عندما صرح الشهر الماضي قائلا: "المسؤولية عن حماية المدنيين تُطبق في كل مكان وزمان".

وبالنسبة إلى أولئك الذين يسعون لتسليح الثوار السوريين، فإن الولايات المتحدة هي الخيار الواضح، حيث تستطيع أسلحتها واتصالاتها وأجهزة مراقبتها، تحويل مسار الحرب. ونعلم حاليا أن كبار المسؤولين من "البنتاغون" إلى وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، كانوا مؤيدين لمثل هذه المساعدات.

ولكن هذا لا ينطبق على أوباما، وليس مرد الأمر إلى أنه لا يفعل شيئا، فقد أعلن أخيرا عن تقديم 155 مليون دولار أخرى في صورة مساعدة إنسانية للشعب السوري، وقد زاد العقوبات على النظام، وأمر بأن يتم توثيق الأعمال الوحشية للمحاكمات المستقبلية. وقد فرض كذلك ضغطا على روسيا لوقف الاعتراض على اقتراحات مجلس الأمن الدولي، التي تهدف لتنحية الأسد.

وتشير مثل هذه التصرفات إلى أن الرئيس الأميركي أوباما ينظر للقتال هناك لا كحرب أهلية فحسب، بل كقضية لدولة ترتكب الإرهاب في حق شعبها. وتحفظ الرئيس الأميركي وعدم فعل المزيد، تدفعه المخاوف المحلية ونظرته للعالم باعتبار أن الولايات المتحدة تعد اللاعب الوحيد على الساحة العالمية.

وباستثناء تسليح الثوار، يحتاج الرئيس أوباما إلى أن يصلح الضرر لمبدأ "مسؤولية الحماية"، بأن يكون أكثر شفافية في استراتيجيته تجاه سوريا. ومن أجل الحفاظ على مصداقية مبدأ "مسؤولية الحماية"، يحتاج الرئيس أوباما إلى توضيح النقطة التي تستوجب اتخاذ تصرف أشد صرامة في سوريا، مثل تسليح الثوار.

وعلى سبيل المثال، ما حجم الدعم الذي يتطلبه التصرف في صفوف الأميركيين والدول الأخرى؟ إذا أصبحت سوريا "رواندا" أخرى، مع قتل مئات الألوف من الأشخاص، فهل يستطيع المجتمع العالمي استعادة المبادئ المتعلقة بالتدخل الإنساني في دولة تقتل شعبها؟

=======================

بل سيسقط بشار يا نوري...؟

داود البصري

الايام البحرينية

18-2-2013

مرة أخرى ومضافة يصر نوري المالكي رئيس حكومة العراق وزعيم حزب الدعوة الإيراني/ المقر العام، على مخالفة المنطق، ومشاكسة التاريخ، ومعاكسة إرادة الشعوب الحرة!.

ففي الحين الذي انتفض فيه الشارع العراقي ومزق أكفان الخنوع والصمت، وشرع في نسج خيوط ربيع التغيير الحقيقي في العراق، وفي الحين الذي يبدع فيه نظام الحاج أبو إسراء في ابتكار كلمات الشتم والإهانة بحق المنتفضين والتي تطورت ميدانيا لحالة إطلاق الرصاص ومقتل عدد من الشباب العراقي الحر برصاص (جيش العراق الجديد) وبشكل متزامن ومبرمج مع سياسة احتقار حكومية لمطالب الجماهير العراقية المشروعة، وبما ينبيء بشكل واضح من أن المالكي يعد العدة فعليا لتصفية دموية لإنهاء الإنتفاضة الشعبية المتصاعدة، فقد عاد لصباه ولسيرته القديمة وانتصب مدافعا شرسا عن النظام السوري الذي عمل تحت خيمة أجهزة مخابراته طويلا أيام ممارسة الإرهاب الدولي خلال ثمانينيات القرن الماضي بأحداثه الإرهابية الدولية المعروفة و الموثقة، فقد أعلن مرة أخرى وجزم بأن (النظام السوري لن يسقط لعدم قدرة المعارضة العسكرية)!! بل أنه قد اصطف علنا مع قاتل أشقائنا السوريين دون أن يرف له جفن أو يتذكر بأن وجوده الحالي في السلطة وتحوله لرئيس حكومة يريد أن يكون دائما ومستمرا ولعدة دورات بل سيورثها من بعده لولده ولمن يشاء من صبيان حزب الدعوة ماكان ليكون لولا العامل الدولي والدور الأمريكي المباشر في إسقاط نظام صدام السابق والذي حول عملاء إيران السابقين والمسرحين من الخدمة لوزراء وحكام و(قادة تاريخيين جدد)!! ويبدو أن بريق السلطة وفخفختها وهيلمانها قد جعل البعض ينسى نفسه ويلبس نفس حلة وبزة الدكتاتور الذي كان؟ ولا أدري ماهي الدوافع والأسباب التي تجعل نوري المالكي الذي يتضعضع عرشه الرئاسي متيقنا من إستمرارية نظام بشار أسد؟ فهل في تعاليم حزب الدعوة الطائفي نص يقول بانتصار السيف على الدم؟ وهل يعتقد الدعويون بأن الطغاة هم من يصنع التاريخ وينتصر؟ أم أن تصريحات السيد نوري جاءت لتدعم إعلاميا على الأقل تحركات النظام الإيراني المحمومة من خلال تصريحات وتهديدات رئيس جهاز الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي ودعم نظامه المفتوح في حربه المصيرية لنظام القتلة في الشام، نوري الذي يقف حائرا ومشدوها ومتوترا أمام انتفاضة الشباب العراقي الحر يراهن ولو عن طريق أحلام اليقظة على انتصار فاشية وإجرامية بشار ونظامه على الشعب السوري المظلوم، وكالعادة يتكأ على عكاز التهديد من جماعة (النصرة) والتي حولوها لبعبع خطير رغم محدودية دورها الميداني!! ولكنهم يحاولون التمسك بقشة لإنقاذ نظام القتلة، على نوري قبل أن يتفلسف في توقعاته حول الشأن السوري أن يحل العقد العراقية المتراكمة أولا، و أن يخضع لمطالب الجماهير بسقفها المحدود الحالي رغم أن مطالب الشباب العراقي قد تطورت وهي في تطور مستمر و متصاعد، ولعل المرجع الشيعي الكبير آية الله بشير النجفي كان أكثر الناس إدراكا لحقائق الأمور حينما دعا الناس لعدم إنتخاب أي وزير في الحكومة الحالية من أي طرف كان! وهذا ينسحب بطبيعة الحال على رئيس الحكومة نفسه الذي بصمته واحتقاره لمطالب الجماهير وترفعه عليهم وتكبره وغروره قد ساهم في تصعيد الأزمة لمديات ستصل حتما إن لم تكن وصلت فعلا لمرحلة المطالبة بإسقاط النظام رغم سلمية الانتفاضة العراقية والتزامها بالنهج الحسيني الحقيقي حيث انتصار الدم على السيف، وحيث بذل الدماء من أجل نصرة الحق ورفع الظلم وطلب الإصلاح في امة رسول الله (ص)، المالكي في توقعاته وتمنياته لانتصار النظام السوري يوجه طعنة نجلاء لكل قوى الحرية والسلام ولدماء عشرات الآلاف من شهداء الشعب السوري (70 ألف شهيد) والأرقام متصاعدة، فهل بعد كل أكوام الجثث السورية الحرة يمكن أن يتم تسويق النظام السوري من جديد؟.

ثمة حقيقة يدركها نظام بشار قبل أي طرف آخر، وهي أن نظام دمشق يعيش لحظات الاحتضار في أيامه الأخيرة، بكل تأكيد سيسقط بشار، وستسقط معه رؤى وأحلام وتمنيات كل قوى الطغيان والجريمة المؤيدة له في طهران وموسكو وبيروت وبغداد وغيرها، وسيتبعه بكل تأكيد كل من دافع عنه وآمن بمنهجه والتمس له الأعذار والتبريرات، ولن يفلح الطغاة مهما تفرعنوا وامتلكوا من وسائل القتل والتدمير، لأن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم... فمن يدافع عن بشار سيحشر في النهاية معه وسيكون في نفس زورقه الغارق، وسيلعنه التاريخ بعد أن يتلقى صفعات الشعوب الحرة، فتبا وسحقا للقوم الظالمين..

=======================

سوريّاً: سنة للحوار؟

    سركيس نعوم

   2013-02-18

النهار

في المعلومات والتحليلات والمعطيات الواردة من موسكو ودمشق ان اسرائيل أجرت انتخابات عامة اخيراً ستوصل نتائجها حكومة يمينية الى السلطة. واسرائيل تعرف ان "الربيع العربي" صار "ربيعاً اسلامياً". وهي تشعر بالامتنان لأميركا لأن مساعداتها المالية لمصر محمد مرسي و"إخوانه" ستضمن عدم تخليها  عن معاهدة السلام معها. الا انها لا تزال تشعر بآلام جراح حربها عام 2006 على "حزب الله" ولبنان. ولذلك فإن آخر شيء تريده هو سوريا غير مستقرة على حدودها. ذلك ان خطر قيام سوريا إسلامية (أصولية) بالاتحاد في السياسة مع لبنان اسلامي (اصولي) وتالياً تكوين حالة "سوبر اسلامية اصولية" على الحدود اللبنانية – السورية معها، يشكل المادة الأساسية لكوابيسها هذه الأيام. وفي المعلومات والتحليلات والمعطيات نفسها ان السوريين يعتقدون ان اسرائيل ستكون سعيدة اذا نشأت قيادة روسية لجهود اقليمية ودولية هدفها انهاء  الحرب في سوريا وعودة بعض الاستقرار الى المنطقة. ونظراً الى طبيعة العالم الذي نعيش فيه، فإن رؤية اسرائيل هي التي يحسب حسابها. اذ ان الغرب يهتم  باستقرار دولة اسرائيل ويشعر بأن لديه التزاما تاريخيا تجاهها. وهذه الدولة تريد رجلاً قوياً في سوريا. ومن أجل ذلك يمكن توقع تقديم حكومة يمينية اسرائيلية  تنازلات مفاجئة مثل إعادة هضبة الجولان المحتلة الى سوريا ولكن من دون البحيرة اذا كان ذلك يضمن السلام والاستقرار على الحدود المشتركة. لكن ذلك كله يشبه البحث والتنظير الأكاديميين. علماً ان حكومة سورية مستقرة قد تكون غير بعيدة استناداً الى المعلومات والتحليلات والمعطيات الواردة من موسكو وواشنطن عن الازمة السورية والمداخلات الاقليمية والدولية فيها. وعن تفاهم ما اميركي – روسي على "قيادة" روسية مشتركة لحل. ما هو المشروع الذي تدعو سوريا وروسيا المعنيين بالأولى وبالمنطقة إلى الانخراط فيه؟

الجواب استناداً الى المعلومات نفسها هو ترك الولايات المتحدة قيادة عملية وقف الحرب السورية لروسيا. وهي ستقنع الرئيس بشار الاسد بأن عليه الوقوف  جانباً والسماح بقيام حكومة موقتة في بلاده تتولى تصريف الاعمال وبعد تسلمها السلطة من الاسد كاملة لمدة 12 شهراً. وفي هذا المجال يعتقد سوري علماني ان "السنة الانتقالية" فكرة جيدة. لكن الانجاز في اثنائها لن يحصل ما لم توقف اميركا وقطر تسليح المجموعات المعارضة. وفي هذا الوقت يكون التخطيط لمستقبل سوري تضمنه روسيا والغرب جارياً. لكن يجب الاعتراف بأن العملية هذه صعبة جداً. وفي هذه الاثناء فإن الخطة الوحيدة التي وضعت على الطاولة هي تأليف حكومة انتقالية موقتة من مئة عضو تقوم بتسمية اعضاء لجنة دستورية مهمتها وضع مشروع دستور يعرض لاحقاً على استفتاء شعبي قبل اجراء الانتخابات النيابية. لكن بسبب الخلافات والتنوع والتعارض داخل المعارضة السورية فإن الشيطان الذي يكمن في التفاصيل على قول المثل قد يعوق نجاح الخطة في انجاز مهمتها. أما لماذا مهلة السنة المشار اليها اعلاه؟ فلأن الولاية الرئاسية للأسد ستنتهي في شهر أيار 2014. وذلك يعني ان هناك سنة متاحة للعمل الاقليمي الدولي بقيادة روسيا. هذا طبعاً اذا وافق الرئيس السوري. وتخلص المعلومات والتحليلات والمعطيات الواردة من موسكو الى تساؤلين : هل فات وقت التفاهم؟ وهل الحرب الاهلية عصية على الايقاف؟ والجواب هو: كلا. اذ مع قلوب طيبة وارادات طيبة يمكن رؤية السلام يعود الى سوريا. فالشعب السوري مرهق وتعب وحزين بسبب الحرب.

ما مدى جدية المعلومات والمعطيات والتحليلات الواردة من موسكو ودمشق؟

قد يعتبر اصحابها ان تمسك اوباما برفض الخيار العسكري في سوريا، وبالتمسك بالحل السلمي الديبلوماسي التفاوضي، وان اصراره على العمل مع شركاء بلاده (ومنهم روسيا رغم البرودة معها) لايجاد حل للأزمة – الحرب السورية، اشارة جدية الى توصل موسكو وواشنطن الى تفاهمات وان غير نهائية. لكن احداً في واشنطن لم يؤكد ذلك رغم اعترافه باستمرار التشاور. فضلاً عن ان في المعلومات والتحليلات والمعطيات شيئاً من المبالغة احياناً وشيئاً من الانطلاق من "ثابتة" في حين انها لا تكون كذلك. لهذا السبب لا بد من انتظار قد يطول وتطول معه معاناة السوريين وخصوصاً اذا انقضت المهلة - السنة من دون ان تشهد أي انجاز سلمي.

=======================

 مها بدر الدين / تداعيات الاختلاف حول مبادرة الائتلاف

الرأي العام

18-2-2013

أعلن السيد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري وبشكل مفاجئ عدم ممانعته الخوض في معركة سياسية مع النظام السوري بدأها بالحوار مع أطراف إيرانية وروسيا تناول فيه مستقبل السلطة في سورية وكيفية انتقالها السلمي إلى أطراف نظامية لم تتلوث أيديها بالدماء حسب وصف الخطيب لها.

هذا التطور المفاجئ في أداء الأئتلاف أثار زوبعة من النقاشات والاختلافات في الشارع السوري، وانقسم السوريون على أنفسهم بين من يجد أن الخطيب قد تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعت أساساً للتعامل مع النظام الأسدي، ومنهم من يجد أن الرجل لم يخطئ في رؤيته السياسية التي رغم عدم نضوجها تماما إلا أنها تعتبر مبادرة إحراج للنظام أولاً، ومحاولة لتوفير المزيد من إراقة الدماء ثانياً، بعد أن اتضح المدى البعيد الذي سيأخذه الحسم العسكري للمعارك الشرسة بين النظام والمعارضة.

وفي محاولة متواضعة لفهم وجهات نظر مختلف الأطراف المتنازعة والشريكة والداعمة العاملة على الأزمة السورية، لا بد من إلقاء الضوء على دوافع وتبريرات كل الأطراف منعاً لانزلاق جديد في العلاقة بين معارضة الداخل والخارج من جهة، وبين أطياف معارضة الداخل من جهة أخرى.

فبحسب ما جاء على لسان الخطيب فإنه يرى بأن الأزمة تتفاقم، وأن الحسم العسكري صعب التحقق على يد أحد الفرق سواء النظام بقواته وشبيحته، أو الجيش الحر بعقيدته الراسخة وإصراره على المضي قدما في طريق التحرير، وأن التفاوض على ايقاف نزيف الدماء الغزير على الأراضي السورية هو هدف إنساني يستحق المغامرة السياسية مع نظام فاشي يتلقى الدعم المادي واللوجستي من مصادر وأطراف مختلفة بشكل مباشر وغير مباشر، في الوقت الذي تعاني فيه المعارضة المسلحة ضد النظام إلى نقص هذا الدعم ما يخل بميزان القوى على الأرض وما ينتج عن ذلك من تزايد للضحايا البشرية والأضرار المادية في البنية التحتية للبلاد.

فمن أحسن النية في مبادرة الخطيب وهو الرجل التوافقي الذي نال ثقة السوريين بلا منازع لما عرف عنه من نظافة اليد والعقل واللسان، ووطنيته التي دفع ضريبتها مراراً في معتقلات الأسد، يرى بأن هذه المبادرة ستكون نقطة تحول في الموقف الدولي تجاه النظام السوري الذي تعود على المماطلة في التفاعل مع أي مبادرة طرحت منذ بدء الثورة السورية، وأن الاحراج الذي سيتعرض النظام السوري له سيكشف للجميع النوايا الحقيقة له خاصة وأن هذه المبادرة قد طرحت من القمة السياسية للمعارضة السورية التي دعاها للحوار مراراً وتكراراَ في الآونة الأخيرة لذر الرماد في العيون كما اتضح من استخفافه بهذه المبادرة وجدية صاحبها.

أما من استاء من تحرك الخطيب الانفرادي على الساحة السياسية وسرعة الاجتماعات اللافتة مع جميع الأطراف ذات الصلة بالشأن السوري، فإنه يرى بأن هذا العزف المنفرد هو نشاز واضح عن عزف المعارضة السورية التي تجمعت بمعظم تكتلاتها الداخلية والخارجية تحت مظلة الائتلاف السوري حيث انفرد رئيسه بالقرار السياسي الخطير الذي لا ينسجم مع مبدأ الائتلاف الأساسي في التخلص من النظام الأسدي لبناء سورية الحرة الديموقراطية، وهو ما من شأنه إضعاف الثورة سياسيا وعسكريا والإيحاء للنظام السوري وداعميه بأنه أصبح الطرف الأقوى في المعادلة السورية ما يزيد من طغيانه وجبروته ويعطيه المزيد من الوقت كمعظم المبادرات السابقة.

وبغض النظر عن حسن النوايا وسوئها، فإن المبادرة بلا شك أحدثت شرخاً جديداً بين السوريين وبعد أن كانوا مقسمين إلى مؤيدين ومعارضين للنظام، أصبح التقسيم الجديد بين مؤيدين ومعارضين للخطيب، ورغم نبل الفكرة وضرورتها مع ازدياد المعانة الإنسانية للشعب السوري داخلياً وخارجياً، إلا أنه كان ينقصها الخبرة التفاوضية والنضوج السياسي، والقدرة على تهيئة المناخ السياسي المناسب للضغط على جميع الاطراف للقبول بها، أما أن يعلن الخطيب بعد تعرضه لموجة حادة من انتقادات الشارع السوري بأن هذا رأيه الشخصي ويسعى بالوقت نفسه إلى ميونخ للتفاوض بشأنه، فقد جانبه الصواب والحنكة في هذا التصريح الذي يدل على أنه لا يفرق بين معاذ الخطيب كمواطن سوري عادي وبين معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري المعارض.

كما لا شك فيه بأن هذه المبادرة لم تعطِ النظام السوري حق قدره، لأنها تغاضت عن هدفه الأساسي الذي لن يتخلى عنه بالطرق السلمية وهو إحكام السيطرة على كرسي الحكم وإبقاء سورية ضمن المحور الطائفي المخطط له منذ عقود خلت، والذي لأجله يتلقى كل هذا الدعم المطلق من أطراف دولية وإقليمية.

وفي كل الأحوال سواء كانت المبادرة ضرورة أو حتمية في ظل الظروف الراهنة وفي ظل الترحيب الدولي والعربي والأممي لها، إلا أن تأثيرها على مجريات الأمور لم يكن مثمراً، فالمعارضة المسلحة في الداخل لم تتأثر بها ولم تعرها أي اهتمام، والعمل المسلح ما زال قائماً ويحرز تقدما ملموساً في دمشق العاصمة معقل الأسد الأخير، في الوقت الذي لا تزال قوات النظام ترتكب المجازر في مختلف المدن السورية إجهاضاً منها لأي انتقال سلمي للسلطة، وأي تسويات يكون الأسد خارجها.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ