ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 27-02-2013 متلازمة
الحوار والارهاب في الحالة السورية باسل
أبو حمدة 2013-02-26 القدس
العربي مع بدء
تفشي مقولة ' لا غالب ولا مغلوب' في مشهد
الصراع السياسي الدامي على السلطة في
سوريا الجريحة على خلفية الادعاء
بوجود حالة من التوازن بين طرفي النزاع
وعجزهما عن حسم المعركة لصالح أي منهما
،والتي باتت تشكل العنــــوان الرئيسي
لهذه المرحلة منه، وفي ظــــل إغفال
متعمد من جانب وقلة الخــــــبرة من
جانب آخــــر لقانون الارتقاء والتطور
في الحراك الاجتماعي السياسي، وربما
هبوط منسوب الايمان بحتمية التغيير
الثـــــوري وبعـــد بروز ملامح
الاحباط واليأس، يتراءى نوع خطير من
الاختراق الاستراتيجي في منظومة ذلك
التغيير المنشود والذي دفع الشعب
السوري ولا يزال ثمن تجسيده على الأرض
غاليا. بعد أن
تمكن النظام الاستبدادي الحاكم في
دمشق بقبضة فولاذية منذ أربعة عقود من
الزمن ونيف من جر قوى المعارضة والحراك
الثوري إلى حمل السلاح وخوض معارك
ضارية ضده في محاولة بائسة منه للظهور
بجلد الحمل الوديع الذي يحتاج إلى
الحماية من شراسة وحش مفترس يريد
الانقضاض عليه وعلى البلد معا، ها هو
يخوض غمار محاولة مستميتة لوضع الحالة
السورية على سكتين متوازيتين المراد
منها تثبيت مقولة أخرى لطالما حاول
الترويج لها ولا قت، للأسف، آذانا صاغة
بلهاء أو مغرضة من قبل العديد من
الجهات القريبة والبعيدة عن بؤرة
الصراع توحي بأن سوريا برمتها هي
المستهدفة بالخراب والتدمير. سكتان
يجري العمل على تثبيتهما في المشهد
السياسي السوري المتحرك والملغم على
قدم وساق وباتتا تشكلان البوصلة التي
يعتقد النظام أنها ستوصله إلى بر
الأمان وستبقيه في الحكم إلى اشعار آخر
بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من
الانهيار أمام حراك جماهيري ومسلح بلغ
مداه نقطة اللاعودة، السكة الأولى
تقوم على التبجح بحل سياسي للصراع يقوم
على الحوار من جهة، بينما تقوم السكة
الثانية ليس على شيطنة قوى المعارضة
فحسب، وإنما على تفعيل فزاعة الارهاب
في نفوس السوريين والعالم، وليس
المقصود هنا فزاعة تتراءى من بعيد
وإنما فزاعة لها وقعها وضحاياها على
الأرض. ليس من
باب الصدفة أن تشهد منطقة اسمها
المزرعة في دمشق عملية ارهابية دموية
مدانة بكل المقاييس، لا من ناحية
الأسلوب والنتائج الكارثية ولا من
ناحية قربها من منطقة الأزبكية التي
شهدت تفجيرا مماثلا مطلع ثمانينيات
القرن الماضي إبان الصراع الدموي أيضا
بين النظام نفسه والقوى المناهضة له
آنذاك وحينها تبين أن النظام نفسه هو
من نفذ تلك العملية الجبانة وغيرها من
العمليات الارهابية التي طالت ربوع
سوريا وروعت سكانها، ما يضعنا أمام
أسلوب رخيص قديم جديد ومحروق يشهد
التاريخ أن القوى الظلامية على مختلف
مشاربها وجغرافياتها لم تتوان في
اللجوء إليه كلما اقتضت الحاجة لذلك
بغض النظر عن هوية الضحية. تفجير
المزرعة ليس الأول ولن يكون الأخير
طالما أنه يساهم في تعزيز رواية النظام
ومن يواليه حول طبيعة الصراع وطالما
أنه يزيد من منسوب تمييع الموقف وخلط
الأوراق وصولا إلى إيجاد لغة مشتركة
بين النظام والمعارضة قوامها قناعة
بأن المخرج يكمن في حلول وسطية مائعة
تبقي الحال على حاله مع بعض الاصلاحات
الشكلية الطفيفية تمهد الطريق أمام
تخفيض سقف التغيير وتمد النظام بجرعات
إضافية من الأوكسجين تعينه على البقاء
في الحياة السياسية لأطول فترة ممكنة. في
الأثناء، باتت غنية عن التعريف تلك
المروحة من العوامل الاقليمية
والدولية التي من شأنها تمكين النظام
من المضي قدما في محاولة حرف الصراع عن
محوره الرئيسي المتمثل في ضرورة إحداث
تغيير جذري في منظومة العمل السياسي في
سوريا بدءا بالعامل الإيراني الذي لن
يتخلى بسهولة عما يعتبره مناطق نفوذ
اقليمية له يشكل مثلث بغداد دمشق
الضاحية الجنوبية في بيروت رأس حربته،
ومرورا بالعامل الاسرائيلي الذي يرفع
الشعار نفسه الذي يرفعه النظام وهو
الأسد أو يحرق البلد، وليس انتهاء
بالعامل العربي بسقفه الواطئ الذي
تحده الخشية من انتقال عدوى التغيير
إلى بلدان عربية أخرى في مشهد فريد من
نوعه يطغى فيه فعل الخارج على فاعلية
الداخل ويجعله رهينة له لا سيما في ظل
غياب أي حراك شعبي محيط لمؤازرة الشعب
السوري في ثورته ومحنته. على
المقلب الآخر من المعادلة، لم يختلف
المشهد كثيرا، فقوى المعارضة السياسية
السورية منذ نشأتها في كنف مؤتمرات لا
تعد ولا تحصى في عواصم ومدن كلها غير
سورية وهي تنطلق في خطابها السياسي من
منظور الاستجابة لميزان القوى
الاقليمي الدولي ضابطة ذلك الخطاب على
ايقاع زئبقي عزفت عليه ولا تزال مختلف
القوى والدول التي قاربت الموضوع
السوري كل من خرم ابرته، وها هي تتماهى
في منهجها هذا عندما تغوص في وحل
التفاصيل متنازلة عن الشعار الناظم
لحراكها الثوري الواضح والمشروع
متمثلا في اسقاط النظام متحدثة عن
امكانية الحوار معه رغم الشروط
الثمانية التي خرج بها الإجتماع
الأخير لائتلاف قوى المعارضة والثورة
السورية في القاهرة. ليس من
باب التشدد الدعوة إلى المحافظة على
الشعار الناظم فهو ينطوي على مطالبة
مشروعة قانونيا وسياسيا وانسانيا،
فحتى كلمة حوار لا ترقى إلى مستوى
القراءة السليمة للجريمة التي يرتكبها
النظام السوري بحق الشعب السوري كي لا
نقول شعبه وهي مغالطة أخرى لم يلحظها
أحد والجميع يستخدمها على مدار
الساعة، فلا الشعب السوري هو شعب هذا
النظام القاتل ولا الحوار هي الكلمة
التي تعكس طبيعة اي اتصال مستقبلي بين
نظام بائد وقوى معارضة تنشد التغيير
سمعناها في أوقات سابقة تركز على
الفارق الهائل بين الحوار من جهة
والتفاوض من جهة أخرى، مدركة حينها أن
الحوار يجري بين أطراف تنتمي للبيئة
نفسها لكنها تختلف في وجهات النظر
وأساليب المعالجة، بينما التفاوض يتم
عادة بين طرفين أو أطراف العلاقة بينها
مقطوعة وتحكمها قاعدة التناقض
والتناقض فقط. ليس من
باب الفذلكة الكلامية، ولكن من باب
تثبيت الحقائق، فمن بوسعه، على سبيل
المثال، التعامل مع الشرط الذي وضعه
الائتلاف للحوار مع النظام والمتمثل،
الذي يدعو إلى الحوار مع أشخاص من
النظام لم تتلطخ أيديهم بدماء
السوريين الأبرياء؟ ومن يستطيع أن
يقول أن أيدي شخصية مثل شخصية فاروق
الشرع، تعد الثانية في الهرم السياسي
للنظام، ليست ملطخة بتلك الدماء؟ ثم هل
عجزت أرض سوريا الطيبة عن انجاب شخصيات
قادرة على حمل راية قيادة هذا البلد
إلى بر الأمان خارج كنف سلطة نكلت ولا
تزال بهذا الشعب المغلوب على أمره؟ حتى
عندما تدين قوى المعارضة السورية
عمليات ارهابية تحصد أرواح سوريين
وتعيق حركة آخرين وتدمر ممتلكات غيرهم
وتزرع الرعب في قلوب الجميع، فإن مثل
هكذا إدانة يجب أن تكون واضحة المعالم
لا لبس فيها ولا مكان فيها للتلاعب أو
التجيير بحيث يجب أن ترتبط بإدانة
الحاضنة الوحيدة لهذا النوع من
الارهاب والمقصود بها، طبعا، النظام
نفسه وليس غيره، مثلما لا يجوز ترك
الباب مواربا عند الاشارة باصبع
الاتهام للجهة الفاعلة، فكل المقدمات
وكذلك الاستنتاجات وجميع النتائج في
هذا ألسلوب الاجرامي تذهب باتجاه واحد
وحيد هو تعزيز رواية النظام استغلالا
منه لرواية القوى الدولية الفاعلة
التي تتحدث عن قوى متشددة تقاتل على
أرض سوريا ومن بينها أو على رأسها
تنظيم القاعدة صنيعة الولايات المتحدة
أصلا ورأس حربها المزيفة ضد الارهاب
التي دمرت من خلالها واقع ومستقبل
العديد من الدول حول العالم. ===================== "حزب
الله" في سوريا خيرالله
خيرالله المستقبل 27-2-2013 تندرج
زيادة تورط "حزب الله" الى جانب
النظام السوري في الحرب التي يخوضها مع
شعبه في السياق الطبيعي للامور. لم
يفاجئ الحزب، الذي ليس سوى لواء في "الحرس
الثوري" الايراني وعناصره لبنانية،
احدا. ربما فاجأ فقط الذين يهوون
المفاجآت ويبحثون عنها. ينفّذ الحزب
بكل بساطة المهمة الموكولة اليه والتي
تتلخص بمهمات محددة مكلّف بها في اطار
الاستراتيجية الايرانية المعروفة. هدف
ايران واضح كلّ الوضوح ويتمثّل في لعب
دور القوة الاقليمية القادرة على
الدخول في صفقات مع اميركا واسرائيل
على حساب كلّ ما هو عربي في الشرق
الاوسط. ما يمكن
اعتباره جديدا بالفعل هو ذهاب الحزب
بعيدا في كشف الخط الذي كان يسعى دائما
الى فتحه، بتعليمات ايرانية طبعا، على
طول مجرى نهر العاصي. فالموضوع لا
يتعلّق بحماية قرى شيعية في الأراضي
السورية بمقدار ما يتعلّق بربط مناطق
نفوذ "حزب الله" في سهل البقاع
بالساحل السوري. وهذا يعني في طبيعة
الحال الحاجة الى تدمير حمص، اقلّه جزء
منها، وتحييد عرسال البلدة اللبنانية
السنّية التي تمتلك حدودا طويلة مع
سوريا والتي تتمتع بموقع استراتيجي في
المنطقة الفاصلة بين منطقة عكّار (السنّية)
والهرمل (الشيعية). لا حاجة
الى الغوص في التفاصيل. لكنّ ما يدور
حاليا من اشتباكات بين "الجيش
السوري الحر" الذي يمثّل، الى حد
كبير، الشعب السوري الثائر ومقاتلي
"حزب الله" يعكس الرغبة في ايجاد
ممرّ آمن بين قسم من سوريا ولبنان.
مطلوب ان يكون هذا الممر تحت سيطرة
الحزب كي تتمكن ايران من القول انها لم
تخسر كلّ سوريا وأن خيار الدولة
العلوية لا يزال قائما. اكثر من ذلك، ان
هذا الخيار يعني اوّل ما يعني أنّ
الحرب في سوريا طويلة وأن هناك قدرة
لدى ايران على ارسال مساعدات الى
القوات الموالية للرئيس بشّار الاسد
وعائلته في حال اضطرارها الى الانكفاء
في اتجاه الجيب العلوي. ما
نشهده اليوم هو البداية الفعلية
لتنفيذ الخطة البديلة في سوريا. تأخذ
هذه الخطة، تسمّى "الخطة ب"، في
الاعتبار احتمال زيادة الضغوط على
النظام في دمشق وانسحابه في هذه الحال
من العاصمة الى الجيب العلوي. يبدو "حزب
الله" الذي قرّر زيادة تورطه في
الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري
جزءا لا يتجزّأ من المباشرة في تنفيذ
"الخطة ب". مرّة
اخرى، يصح طرح السؤال البديهي: هل
الدولة العلوية قابلة للحياة؟ من
الواضح أنّ هناك من يعتقد ذلك، على
الرغم من أنّ الساحل السوري لم يعد
يعتبر ذا اكثرية علوية كما كانت عليه
الحال في الماضي القريب. هناك بكلّ
وضوح، ولا بدّ هنا من تسمية الاشياء
باسمائها، اكثرية سنّية على طول
الساحل. حتى مدينة اللاذقية ذات اكثرية
سنّية في ضوء الهجرة المسيحية
المستمرّة من سوريا، وهي هجرة ازدادت
مع وصول حافظ الاسد الى السلطة في
العام 1970 وما ترافق من سعي الى ترييف
المدن الكبيرة، بمن فيها مدن الساحل. يبدو أن
ايران توصلت الى أنّ المحافظة على موطئ
قدم في الاراضي السورية ليس ممكنا من
دون قوة لبنانية مساندة لهذا التوجه.
وهذا ما يفسّر الى حد كبير تطور التورط
العسكري للحزب الايراني في الحرب
السورية وصولا الى قصفه مواقع لـ"الجيش
الحر" انطلاقا من الاراضي اللبنانية
الواقعة تحت سيطرته . المؤسف
أنّ ذلك كله يحصل فيما الحكومة
اللبنانية غائبة عن الوعي. اكثر من
ذلك، تلعب الحكومة دورا اساسيا في
تحييد عرسال وممارسة الضغوط على اهل
عكّار تسهيلا لمهمّة "حزب الله"
داخل الاراضي السورية. يتبيّن
يوما بعد يوم أن الحكومة اللبنانية
الحالية، التي على رأسها شخصية سنّية
من طرابلس، وجدت اصلا من اجل اذلال
السنّة والمسيحيين لا اكثر ولا اقلّ.
هذه الحكومة ليست قادرة على استيعاب
التحولات الاقليمية في اي شكل، بما في
ذلك اللعبة الايرانية التي يمكن
اختصارها حاليا بعنوانين. الاول ان
خسارة سوريا لا تعني في الضرورة خسارة
لبنان. اما العنوان الآخر، فهو أنّ في
الامكان ابقاء قسم من سوريا تحت
السيطرة الايرانية وذلك بفضل فائض
القوة التي يمتلكها "حزب الله". من
هنا، اهمّية الممرّ الذي يحاول "حزب
الله" فتحه بين منطقة الهرمل والجيب
العلوي... المضحك-
المبكي وسط كلّ ما يجري أن "حزب الله"
ما زال يعتبر نفسه "مقاومة". ما
هذه المقاومة التي لم تكن يوما سوى
اداة لتنفيذ مشروع ايراني مبني على
اثارة الغرائز المذهبية بدءا بالسيطرة
على احياء معيّنة من بيروت؟ جاء اليوم
دور استخدام هذه الغرائز ليس من اجل
تقسيم سوريا فحسب بل ادخال كلّ لبنان
في هذه اللعبة أيضاً. هل من دليل دامغ
على ذلك اكثر مما يدور على طول نهر
العاصي الذي ينبع من لبنان ويسير
صعودا، على خلاف بقية الانهر، في اتجاه
الاراضي السورية؟ انه دليل اكثر من
دامغ على الوظيفة الحقيقية لـ"حزب
الله" المتمثلة في عزل لبنان عن
محيطه العربي من جهة وتحويله امتدادا
للمحور الايراني - السوري من جهة اخرى.
ماذ سيبقى من هذه الوظيفة بعد انهيار
النظام السوري تماما...وهذا ما سيتحقق
عاجلا ام آجلا؟ ===================== سوريا..
عدسة الجوّال في مواجهة ماكينة النظام ثائر
الزعزوع() المستقبل 27-2-2013 لعل
أكثر ما ميز الثورة السورية عن سواها
من ثورات الربيع العربي الأخرى، هو
الكمّ الهائلُ من مقاطع الفيديو التي
انتشرت ومنذ الأيام الأولى للثورة على
مواقع التواصل الاجتماعي، والتي
تلقفتها القنوات الفضائية العربية
والعالمية على حد سواء لتحولها إلى
مادة دسمة وسبق صحفي، من دون التثبت من
صدقيتها في الكثير من الأحيان، وتحول
الكثير من حاملي أجهزة الموبايل إلى
ناشطين إعلاميين، نقلوا تفاصيل ما
يحدث في سوريا، في ظل التضييق الخانق
الذي تفرضه أدوات النظام المختلفة على
وسائل الإعلام كافة، فلم يسمح لأي من
قنوات االتلفزة التي كانت تمتلك مكاتب
في سوريا، بأن تحرك مراسليها
وكاميراتها لملاحقة الأحداث، على غرار
ما حدث في مصر وتونس واليمن، بل وحتى في
ليبيا، التي تسلّل إليها بعض
المراسلين وقدموا تقارير حية من أرض
المعركة. وتمكنت
وسائل الإعلام المختلفة من رسم صورة
لما يحدث في سوريا متنقلة من مقطع
فيديو إلى مقطع آخر، هنا مظاهرات هنا
إطلاق نار، وهناك شهداء، بينما دأب
النظام على نفي كل ما تبثه تلك القنوات
مستفيداً من عدم وجود سواه على الأرض،
حتى أن وزير الخارجية السوري وليد
المعلم استعان بما يصفه الناشطون بـ"الفبركات"
ليثبت صحة نظرية "المؤامرة" التي
تستهدف النيل من سوريا، وقد فشل وقتها
فشلاً ذريعاً، وتحوّل الرجل الهادئ
إلى أضحوكة، بعد أن عرض المقاطع في
مؤتمر صحفي وتبين أنها وقعت في زمان
ومكان مختلفين عما كان يتحدث عنه، وكان
تبريره أشدّ إثارة للسخرية حين قال إن
المقاطع صحيحة ولكن الإخراج كان سيئاً! وفيما
بدا أنه سباق مع الزمن بين ما يطلق
عليه، من وجهة نظر النظام طبعاً، "الإعلام
المشارك في المؤامرة" من جهة و"الإعلام
الوطني الممانع" ازدحمت الشاشات
بمقاطع الفيديو، بين إثبات ونفي، وجهد
كلا الطرفين، إن صح التعبير، على عرض
أكبر عدد من الأفلام التي تثبت صحة ما
يقوله، ففيما كان الإعلام الأول يستند
بشكل شبه كلي على ما يصله عبر شبكة
الانترنت، اعتماداً على الناشطين، كان
الإعلام الثاني ينشر مراسليه في مختلف
الأصقاع ليصور شوارع خاوية إلا من حركة
المارة الاعتيادية، وخروج المصلين من
المساجد، بل وذهبت الإخبارية السورية
مذهباً لم يذهب إليه أحد سواها في
محاولة منها لنفي خبر خروج مظاهرة في
حي الميدان الدمشقي، لتقول إن المصلين
خرجوا من المسجد، وإن المطر قد انهمر
من السماء، وإن المصلين هتفوا ورفعوا
أيديهم ابتهاجاً وفرحاً بنعمة السماء. ويمكن
القول إن إعلام النظام سقط سقوطاً
مروعاً، على خلاف قواته الأمنية التي
استطاعت أن تنفذ مخطط "الحرب" كما
يجب، فضربت بقوة من دون أن تكترث
بالصور التي كانت تبث عبر الفضائيات،
وحمّلت الإعلام الحكومي مسؤولية نفي
ما تفعله، ما دفعه للبحث عن وسائل أكثر
قدرة على إقناع العالم بأن ما يراه على
"الشاشات المغرضة" ليس سوى أوهام
وأكاذيب لا أساس لها من الصحة، فاستعان
بشهود مزيفين، وأجبر المعتقلين على
سرد روايات تؤكد تورطهم في المؤامرة
وتلقيهم أموالاً ودعماً من دول بعينها
كي يفعلوا ما فعلوه. والغريب
أنه إعلام النظام- اكتفى بإظهار بعض
المجرمين والقتلة المحترفين، بل
والأميين ليعترفوا بما فعلت أيديهم
فيما الثورة كانت فعلاً تقنياً
بامتياز، وكانت الدعوة إليها تتم عبر
شبكات التواصل الاجتماعي، أي عبر
الانترنت، فظهر شهود النظام المزيفون
طبعاً، ليتحدثوا عن فلان وفلان، ولم
يذكر واحداً منهم على الإطلاق، أنه قرأ
خبراً، أو أرسل رسالة عبر البريد
الالكتروني. حتى أن
إعلام النظام اضطر في بعض الأحيان إلى
إخراج الموتى من قبورهم، كما حدث مع
"زينب الحصني" الفتاة الحمصية
التي قتلتها قوات الأمن، وتمّ عرض صور
تشييعها ودفنها على جميع الفضائيات
العربية والعالمية، ما دفع المنظمات
الدولية لمطالبة النظام بالكشف عن
هوية قاتليها، فما كان منه إلا أن أحضر
فتاة تشبهها لتسرد قصتها، وتقول إنها
لم تمت وإن كل ما قيل هو تزييف، بل
لتسرد حكاية غريبة أقرب إلى قصص
المسلسلات عن تعرّضها للاضطهاد من
أخوتها الذكور، وفرارها من البيت
وصولاً إلى إذاعة خبر مقتلها، لكن
إعلام النظام لم يستطع أن يقول من هي
الفتاة التي تم دفنها، ولا أن يذهب إلى
القبر ويخرج الجثة ليكشف الحقيقة
حقاً، ولم يظهر أخوة الفتاة ولا أمها
ليؤكدوا أنها ابنتهم التي قتلت فعلاً. وقد لا
يكون هذا مستغرباً على الإطلاق، إذ إن
إعلام النظام فوجئ بـ"الحرب
الإعلامية" عليه، فكان مطلوباً منه
أن ينتقل من إعلام "استقبل سيادته
وودع" إلى إعلام قادر على مواجهة
فضائيات محترفة، لا تكترث كثيراً لأمر
"سيادته" بل كلُّ ما يهمها هو
تحقيق أكبر نسبة من المشاهدين، عبر
سرعتها وانفرادها بنقل الأخبار. ولعلّ
المستغرب بعد سنتين على اندلاع
الثورة، وحتى بعد أن أصبح لكافة
الفضائيات، تقريباً، مراسلون معتمدون
في الداخل السوري، وفقد النظام سيطرته
على ثلثي أراضي سوريا، أن تظل "ظاهرة"
مقاطع الفيديو التي يبثها الناشطون
تجد سوقاً رائجة لدى تلك الفضائيات،
طبعاً، وبالمقابل، فإن آلة النظام
الإعلامية، ما زالت تواصل سعيها
الحثيث في نفي تلك المقاطع، وتكذيبها
والوقوع كل مرة في أخطاء كارثية، وفي
إظهار شهادات مفبركة وغبية، ولعل
آخرها كان مقطع الفيديو الذي تم عرضه
لفتاة قال الإعلام الرسمي، في وقت
سابق، إنها تعرضت لمحاولة الاغتصاب
على أيدي من قالت إنهم عصابات مسلحة،
ليتبين فيما بعد أن الفتاة تم تلقينها
في أروقة التلفزيون الرسمي الحكومي. () كاتب
سوري مقيم في مصر ===================== الثورة
السورية على أبواب إتمام عامين علي
الرشيد 27-2-2013 الشرق مع
اقتراب إتمام عامين على انطلاقة
الثورة السورية ضد استبداد النظام
الأسدي، ربما شعر السائرون على هذا
الدرب وأنصارهم والحادبون عليهم في
لحظة أو أكثر بشيء من الضيق، يصل
أحيانا إلى درجة القنوط بسبب عدم بلوغ
الثورة لهدفها الرئيس المتمثل بكنس
النظام الحالي، وحصول الشعب السوري
على حقه في اختيار من يمثله ويحكمه،
وعودة الأمن والأمان إلى ربوع البلاد،
واستعادة مكانتها اللائقة ودورها
المأمول، وعدم وجود ما يلوح في الأفق
لانتهاء هذا الوضع المأزوم، وبخاصة مع
تجاوز النظام لكل الخطوط الحمراء في
الإثخان بشعبه، وافتضاح حجم المؤامرات
على هذا الشعب، حتى من الذين يدّعون
الوقوف إلى جانبه. ولكيلا
نفتقد البوصلة في خضمّ هذه المرحلة
المهمة والحساسة من حياة الشعب
السوري، ويفلح من ثَمَّ أعداء هذه
الثورة من أعوان النظام وداعميه
إقليميا ودوليا، وغيرهم ممن يظهرون
الشفقة على الشعب السوري الثائر في كسب
الزمن لصالحهم، والوصول بنا إلى حلول
ترقيعية هزيلة تعيد إنتاج النظام
بصورة من الصور من جديد، وتذهب برأسه
وتترك منظومته الفاسدة، على أساس أنه
لا يمكن الاستمرار إلى ما لا نهاية،
طالما أن أحداً من الطرفين لم يستطع أن
يحقق نصرا بيّنا على الطرف الآخر، أو
بدعوى وقف شلال الدماء المتدفق وذلك
بالجلوس إلى مائدة حوار وتفاوض مفصلة
وفق مقاساتهم، بعد أن تمّ لهم ما
أرادوا من تدمير البنى التحتية للبلاد..
من أجل كل ما سبق لا بد من توضيح
الحقائق التالية أو إعادة التذكير بها: ـ الشعب
السوري يواجه نظاما قد يكون مختلفا عن
الأنظمة العربية الأخرى التي مرّ بها
ربيع الثورات العربي، فهو امتداد من
الإجرام والفساد من الأب إلى الابن،
وربما كان سيصل به للحفيد، في إرساء
لظاهرة توريث الأنظمة الجمهورية، وهو
بالوقت نفسه يستخدم الطائفة أداة في
صراعه، عملَ قبل الثورة على الزجّ
بأبنائها للإمساك بمفاصل الجيش
والأمن، وبعد الثورة أقنعها زورا
وبهتانا بأنها مستهدفة من قبلها، وأن
مصيرها مرتبط بمصير نظامه، وأتخذ من
أفرادها وقودا لحربه (تشير الأرقام أنه
قتل من أفراد الطائفة قرابة عشرين ألف
شخص)، وهو بالوقت نفسه اتخذ الحزب (البعث)
مطية لأهدافه باسم الثورية. وفي حين
كان يدّعي الوطنية ويتدثر بعباءة
المقاومة والممانعة، قام بعقد سلسلة
من التحالفات والاتفاقيات الإقليمية
والدولية المريبة التي لم يضاهيه فيها
أحد في المنطقة، تم بموجبها المحافظة
على أمن إسرائيل، وعدم السماح باختراق
أراضيه المحتلة من قبل الجولان،
والتماهي مع المشروع الصفوي الإيراني
منذ ثلاثين عاما، والذي تكشّف وجهه
الحقيقي مؤخرا.. من طهران للضاحية
الجنوبية، إلى اليمن وبعض دول الخليج،
بكل ما يمثله من تهديد وجودي للأمة. ـ من
الخطأ وضع تقدير افتراضي لأمد انتصار
الثورات وحجم الضحايا اللازم لهذه
الغاية، سواء أكان ذلك ضد الاستعمار أو
الاستبداد أو العنصرية، لأن ذلك متروك
للموقع الجغرافي للثورة، وللظروف
المحيطة بكل منها، وحجم دموية مَن
تواجهه والتآمر المنصبّ عليها. ولعل
الخطأ الذي حصل هو مقارنة الأمد الذي
استغرقته الثورات التونسية والمصرية
والليبية ـ من شهر لعدة أشهر ـ بتأخر
انتصار الثورة السورية، مع أن
الاختلاف واضح فيما بينها، ونذكر هنا
بعض الفروق على سبيل المثال لا الحصر،
كعدم وجود قوى داعمة لتلك الأنظمة بشكل
واضح وقوي، كما يدعم النظامان الروسي
والإيراني نظام دمشق، بكافة أنواع
الدعم بما في ذلك الجنود والخبراء
والأسلحة، وعدم دموية تلك الأنظمة كما
هي دموية النظام السوري، باستثناء
نظام القذافي المشابه له، الذي جوبه
بتدخل من حلف شمال الأطلسي وامتناع
الجهات الدولية التي تدعي عداءها
للأسد عن مد الجيش الحر ببعض الأسلحة
النوعية، فضلا عن التدخل العسكري ضد
نظام الأسد، كما فعل في ليبيا، تحت
مبررات واهية كوجود تنظيم القاعدة
والجماعات الجهادية، والخشية من وصول
الأسلحة إليها، وحماية الأقليات
وغيرها، بينما الحقيقة غير ذلك. وللتأكيد
فقد بعض الثورات كالفرنسية عشر سنوات،
والجزائرية حوالي ثماني سنوات وسميت
الأخيرة بثورة المليون شهيد. ـ ربما
يرتبط الأمر بنظرة الغرب والمجتمع
الدولي والكيان الصهيوني لهذه الثورات
التي جاءت مفاجئة لهم، ورغبتهم في
فرملة الحراك الشعبي الثوري العربي،
أو عدم ترك المجال له لتصل عدواه إلى
دول أخرى لأسباب كثيرة، لعل من أهمها
أن من ستفرزه الانتخابات بعد انتصار
الثورات إما أنهم من تيارات وطنية أو
إسلامية، يصعب قيادها أو التفاهم معها
كما كان الأمر مع الأنظمة
الديكتاتورية، أو أنه لايمكن لها ضمان
مصالحها وأمنها بالصورة المُختلَّة
لصالحها كما هو الحال في ظل هذه
الأنظمة الفاسدة، ولا يخفي كثير من
المراقبين أن عدم الاستقرار في مصر ما
بعد الثورة، وأن ما يحصل من إطلاق يد
النظام السوري في قتل شعبه دون خطوط
حمراء، وصمت العالم الغربي المريب عن
ذلك، ونقضه للوعود التي أطلقها
بمساعدة الشعب السوري، على ارتباط
وثيق بهذه المعادلة. لقد
اتضح أن الغرب يريد الديمقراطية
لمجتمعاته فقط، وليس لمجتمعاتنا
العربية النامية، لأنه ربما يعتقد أو
يتيقن بأن مصالحه ستكون أكثر ضمانا في
ظل الديكتاتوريات التي تقبل بالتبعية
وتقديم التنازلات له، لتبقى على كرسي
الحكم. إذا
تفهّم الشعب السوري وثواره وكل مناصري
تيار الثورات العربية ما سبق، وكانوا
على ثقة بصوابية دوافعهم في التحرك،
وبنصر الله للمظلومين على الظالمين
باعتبارها سنة من سننه، فإنهم سيكونون
أكثر اطمئنانا بصحة مسارهم، وبالنصر
الذي ينتظر حراكهم طال الزمن أم قصر،
غير آبهين بالمرجفين والمثبطين،
والأجر والمثوبة على قدر المشقة. ===================== رندة
تقي الدين الأربعاء
٢٧ فبراير ٢٠١٣ الحياة ستُظهر
زيارة فرنسوا هولاند غداً الى نظيره
الروسي فلاديمير بوتين بوضوح ما إذا
كان هناك أي تعديل في الموقف الروسي.
فهولاند سيلتقي صباح اليوم في قصر
الاليزيه وزير الخارجية الاميركي
الجديد جون كيري الذي يضعه في صورة
الديبلوماسية الاميركية الجديدة ازاء
المعارضة السورية وما إذا كانت ستبقى
على وتيرة ما مضى في نهاية ولاية
اوباما الثانية أي لا حركة سوى الكلمات
الطيبة. وكيري سيضع هولاند في صورة
فحوى لقائه الوزير الروسي سيرغي
لافروف وذلك عشية لقاء هولاند - بوتين. لا شك
ان زيارة هولاند الى موسكو بالغة
الاهمية بالنسبة للملف السوري. فسياسة
فرنسا تجاه المعارضة السورية وبذلها
الجهود المكثفة لاقناع الشركاء
الاوروبيين والادارة الاميركية
بضرورة مساعدة الثوار السوريين
وإعطائهم ما يحتاجون من سلاح لمكافحة
نظام مستمر بقتلهم ينبغي ان يثنى عليها.
ولكن يداً واحدة لا تصفق. فمن دون
التحرك الاوروبي والاميركي وتبديل
الموقف الروسي سيبقى سفك الدماء في
سورية على يد نظام لن يترك السلطة ولن
يفاوض لأنه مدرك ان المفاوضات هي
نهايته. فتصريحات وزير الخارجية
السوري وليد المعلم في موسكو لفتت
إنتباه الإعلام العالمي ولكنها لم
تؤخذ بأي جدية من أحد وخصوصاً من جون
كيري الذي قال ان نظاماً يريد التفاوض
لا يستمر في قتل شعبه. وقد يكون المعلم
أُحرج بعض الشيء اذا كان يعرف معنى
الإحراج بضغط روسي عليه لكثافة وحشية
النظام والقتل الذي يقوم به بأسلحة
روسية. ولكن الرهان على نتيجة فعلية من
لقاء هولاند - بوتين خاسر بسبب تعنت
الرئيس الروسي الذي لا يريد من أي دولة
لاحقاً ان تتدخل بنظامه اذا ثار الشعب
الروسي ضد حكمه. فلا أحد في الغرب اخذ
جدياً لعبة بوتين بنقل السلطة الى رئيس
حكومته ميدفيديف ثم استعادها منه عبر
انتخابات مشكوك بديموقراطيتها. لا شك
ان هولاند سيبذل كل جهوده لمحاولة
الاقناع. فالرئيس الفرنسي لمن راقبه عن
قرب شخصية بارعة في العلاقات الشخصية.
لديه حنكة ديبلوماسية وحرارة في
التحدث مع محاوره تذكّر بشكل كبير
بالرئيس الفرنسي جاك شيراك. فهولاند
عكس سلفه نيكولا ساركوزي ليس مهووساً
بشخصه وهو اقرب الى محاوره ويتميز بروح
نكتة تسهل الروابط مع محاوره حتى عندما
تكون الاوضاع صعبة وحالكة. فمثلاً ورغم
الصعوبات في الملفات المالية
الاوروبية يقول عنه بعض المسؤولين
الاوروبيين انه استطاع رغم الخلافات
ان يبني علاقة ودية وحارة مع المستشارة
الالمانية انغيلا ميركل. وهذا مهم في
العلاقات السياسية وكانت دائماً فلسفة
شيراك في تعامله السياسي مع الرؤساء.
وتجدر الاشارة هنا ان شيراك أقنع بوتين
في ٢٠٠٤ بالامتناع عن
التصويت على القرار ١٥٥٩
لسحب قوات سورية من لبنان. هناك من يقول
ان الاوضاع كانت مختلفة حينئذ. صحيح،
ولكن العلاقة بين شيراك وبوتين مكّنت
شيراك من اقناع بوتين بعدم استخدام
الفيتو في التصويت على ١٥٥٩.
و»الحياة» كانت شاهداً لقمة ثلاثية
عقدها شيراك في قصر فرساي مع بوتين
وميركل وكان في لقاءاته يبذل المستحيل
لاقناع بوتين بضرورة عدم استخدام
الفيتو. فبامكان هولاند ايضاً ان يبذل
المستحيل لاقناع بوتين بضرورة التخلي
عن الأسد. فربما كان تصريح المعلم في
موسكو ناتجاً عن بداية ادراك روسي ان
العالم باسره باستثناء الأسد وخامنئي
يندد ويلوم الموقف الروسي ويتهمه
بالتواطؤ لقتل شعب في سبيل بقاء رئيس
اصبح عبئاً على بوتين الذي وضع نفسه في
فخ في مثل هذا الموقف. فلا الولايات
المتحدة ولا أوروبا ولا الشعب السوري
ولا الدول العربية النافذة مثل
السعودية تفهم التعنت الروسي. فإذا
رغبت روسيا ان تحافظ على مصالحها في
سورية فالمستقبل السوري ليس للأسد
وجماعته بل للشعب السوري الثائر. واذا
كان الموقف الروسي لإظهار ان روسيا قوة
عظمى فهي ليست كذلك. لأن ارتباطها
واعتمادها الاقتصادي على الولايات
المتحدة وأوروبا لا يجعل منها قوة عظمى
رغم حقها بالفيتو في مجلس الامن. اذن
هناك فرصة ضئيلة ان يستمع بوتين الى
زائره الفرنسي غداً وان يغيّر موقفه
السلبي جداً لمصالحه ولمصالح بلده في
منطقة الشرق الاوسط على المدى المتوسط
والطويل. فالأمل ضئيل في نجاح هولاند
ولكن التفاؤل بالخير ليس ممنوعاً
والأمل موجود ما دامت هناك حياة. ===================== عبدالله
إسكندر الأربعاء
٢٧ فبراير ٢٠١٣ الحياة شهدت
آلما آتا حلقة من حلقات من حوار
الطرشان بين طهران والدول الغربية
الست في شأن الملف النووي الايراني.
ولمناسبة كل جولة جديدة، يصح التساؤل
عما يمكن ان يقوله كل طرف للآخر، بعدما
استنفد كل منهما شرح وجهة نظره وفهمه
لمعطيات الملف وعرض مطالبه وقدم
مغرياته. لكن هذه اللقاءات التي لم تعد
مفاوضات، تستمر لأن اياً من الطرفين لا
يجرؤ حالياً على تحمل مسؤولية وقفها،
رغم القناعة التامة انها لن تؤدي، في
المستقبل المنظور، الى شيء في ما يتعلق
بالبرنامج النووي الايراني. وربما
يريد الجانبان الابقاء على هذه
اللقاءات كصمامات أمان، في ظل تقارير
للوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير
الى مزيد من التقدم في البرنامج
الايراني والى توسيع التخصيب. وفي ظل
انعدام اي خيارات باستثناء العقوبات. تسعى
طهران عشية كل من هذه اللقاءات الى
الايحاء بزيادة قدراتها وخبراتها
النووية، ما يشكل ضمناً تحذيراً من
قدرتها التقنية على الوصول الى
النهاية الحتمية، اي السلاح النووي،
وانها لن تقدم، بقرار واع ومستقل، على
هذه الخطوة. ولذلك تسعى طهران الى
تقديم مناقشة القضايا المرتبطة
ببرنامجها، وليس بجوهر هذا البرنامج. جوهر
البرنامج هو التخصيب، والعقدة
الاساسية في الجدل تكمن هنا. ايران
تقول ان التخصيب حق مطلق بالنسبة
اليها، ولن تقبل بأي مساومة على هذا
الحق. وهي لذلك لا تقبل الدخول بنسب
التخصيب، وما يتفرع عنها من قضايا
تقنية، تعتبر وكالة الطاقة الذرية انه
من دون ضبطها لا يمكن الجزم باستبعاد
الهدف العسكري من البرنامج الايراني. واضح ان
طهران باتت تعاني من الآثار
الاقتصادية السلبية للعقوبات الدولية
عليها، خصوصاً في المجال النفطي.
ويتركز همها على كيفية الحصول على
تخفيف هذه الآثار، إن لم يكن انهاء بعض
هذه العقوبات. لكنها تدرك ان هذا الهدف
لا يزال بعيد المنال، خصوصاً ان ملفها
النووي لا يزال امام مجلس الامن، وانها
لم تقدم على الخطوات التقنية التي تتيح
لوكالة الطاقة الذرية ان تحكم على نحو
قاطع بسلمية البرنامج الايراني،
وتالياً سحبه من يدي مجلس الامن
واعادته الى وكالة الطاقة، كما هو حاصل
بالنسبة الى كل البلدان الموقعة على
اتفاق الحد من انتشار الاسلحة النووية. وربما
للخروج من هذه الدوامة، حاولت طهران ان
تضيف الى المفاوضات النووية مع الغرب،
ملفات سياسية تتعلق بأزمات في المنطقة
حيث يعرف الآخرون ان لها تأثيراً
أكيداً فيها. الصدفة
جعلت لقاء آلما آتا يعقد عشية اجتماع
اصدقاء الشعب السوري في روما. لكن
طهران، باقتراحها ضم هذا الملف (اضافة
الى البحرين) الى لقاءاتها مع الغرب،
تريد ان تؤكد ان ما يجري في سورية قد
يكون بين رزمة الاغراءات التي وعدت بها
او انها قادرة على التأثير في قرار
النظام لجهة الدفع نحو الحل السياسي.
وفي الحالين، تريد ان تنتزع اعترافاً
بالترابط بين مصالحها الاستراتيجية
وبين محادثات ملفها النووي. ولربما
تعتبر طهران، حالياً، ان الوقت مناسب
اكثر من السابق من اجل انتزاع هذا
التنازل، مع بدء جولة وزير الخارجية
الاميركي الجديد جون كيري على المنطقة.
فهو معني بكيفية التوصل الى حل سلمي
للملف الايراني وللازمة السورية في آن. وسيكون
في حاجة الى بعض الوقت، بعد انتهاء
جولته الشرق اوسطية لاعادة تقويم
الموقف الاميركي، وتالياً لن يكون
سهلاً على الادارة الاميركية حالياً
اتخاذ اي اجراء دراماتيكي، حتى في شكل
عقوبات آحادية، ضد ايران. لتستمر لعبة
تضييع الوقت وحوار الطرشان. ===================== على
دَرْبِ «إسقاط النظام» في سورية طلال
المَيْهَني * الأربعاء
٢٧ فبراير ٢٠١٣ الحياة كثيراً
ما يُقَزَّمُ التغيير في سورية في
حدودِ عبارةٍ مبهمةٍ وغير واضحةٍ
كانتْ قد انتشرتْ، على مستوى الخطاب،
في سياق الانتفاضات العربية: «إسقاط
النظام»؛ من دون أن يتم الاتفاق على
ماهية هذا «النظام»، وما هو المقصود بـ
«إسقاطه». يرى البعض أن النظام في
سورية قد سقط. في حين يرى آخرون أن «إسقاط
النظام» يعني تنحي رئيس الجمهورية، أو
تفكيك أجهزة المخابرات، أو إعادة
هيكلتها، أو حَل الجيش، أو نسف
المكونات الأهلية والسكانية المرتبطة
بالنظام، أو تحقيق الانتصار على
الموالاة، أو البدء بمرحلةٍ انتقالية،
أو تداول السلطة... إلخ. قد تُرْضي مثل
هذه الإجابات، مجتمعةً أو منفردةً،
بعض الأطراف المعارِضة للنظام، لكنها
تبقى إجاباتٍ منزوعة السياق، تتعامل
مع التغيير في سورية بطريقةٍ جامدةٍ
ومجتزأة، وتقاربه فقط من منظار
الأحداث الأليمة التي تجري منذ انطلاق
الحراك الشعبي في آذار (مارس) 2011. لقد
تحوَّلَتْ عبارة «إسقاط النظام»، على
ما فيها من إبهامٍ إلى ما يشبه «النطْق
بالشهادتين»، في ترديدٍ روتينيٍ لها
من دون الاتفاق على كيفية تحقيقها، ومن
دون دَمْجِها في برنامج عملٍ واضحٍ
بقصد التغيير. وبهذا تُؤسسُ هذه
العبارة المُبْهَمَة لانفصامِ الخطاب
في صيغته اللامُحَدَّدَة، عن الممارسة
التي لا تتطابق مع عُمْق التغيير
المنشود. كما تغدو هذه العبارة أداةً
للإقصاء، وترسيخاً لعقليةٍ
جَمْعِيّةٍ تأنفُ من السؤال، ومرجعيةً
للهدف الذي يصبح متماهياً بحد ذاته مع
العبارة، مما قد يفسر جزئياً تأخر
تحقيق هذا الهدف حتى الآن! كما
يعكس اختصار الحراك الشعبي في عبارة «إسقاط
النظام» حالةَ تجريدٍ للمشهد السوري
من طريق رمي كل البلايا، التي تراكمتْ
خلال عقود، على النظام السياسي
الحاكم، من دون التجرؤ على طرحِ أسئلةٍ
من قبيل: كيف جاء مثل هذا النظام أصلاً؟
لماذا استمر لعقود؟ أين كنا طيلة كل
تلك السنين؟ ما طبيعة العلاقة
التبادلية بين المُسْتَبِد
والمُسْتَبَد بهم؟ كيف نضمن عدم
ارتكاب هذا الخطأ مرةً أخرى؟ – هذا
التنَصُّل الكامل من المسؤولية يُخفي
جزءاً من المشهد الذي عاشته سورية خلال
العقود الماضية، كما أنه يُظْهِرُ
المعارضة، بشكلٍ تلقائيٍ، في موضع
المُتَلَقي المُنْفَعِل العاجز عن صنع
التغيير، مع عدم قدرتها على مقاربة
المشهد السوري على المستويات كافة. فمع
التشديد على أهمية السياسي، إلا أن
التركيز عليه في معزلٍ عن الاجتماعي
والاقتصادي والثقافي يُضْفِي على
المشهد حضوراً انقلابياً، ويختصر صراع
الحريات الأساسية في صراعٍ على كرسي
الحكم، ويؤثر بالضرورة في مسارات
التغيير. ولهذا يُحْتفى بعبارة «إسقاط
النظام» إعلامياً في إطار نظرةٍ
ورديةٍ توحي للسوريين بأن هذا الإسقاط
كفيلٌ وحده بتحويل الواقع المعاش
والبائس إلى فردوسٍ طال انتظاره. هذا
التصوير الاحتفالي الذي يُضَخِّمُ من
أَثَرِ العبارة، ويمتلئ بالتبسيط
والرومانسية، هو انعكاسٌ لا واعٍ
لغياب الرؤية، ولافتقار الخطاب السائد
الى الموضوعية، وغياب المُصَارَحَة
بين صُنّاع الخطاب والشرائح المنتفضة
التي يتم الاستهتار بها وبأحلامها.
فبدلاً من طرح التغيير كعملٍ دؤوبٍ
وتراكميٍ لنشاطاتٍ يوميةٍ تبني
الحَوَامِل الاجتماعية والسياسية
اللازمة (يتم اعتبار كل ذلك مضيعةً
للوقت)، وبدلاً من توضيح أن تغيير
النظام السياسي هو مُجَرَّد خطوةٍ في
دربٍ طويلٍ وشاق، يتم تصوير التغيير
وكأنه قفزةٌ سحريةٌ قابلةٌ للتحقق مع
حرق المراحل عبر الاختباء وراء تعديلٍ
مجتزأ للمشهد المعقد، واختصاره في
عبارةٍ مُبْهَمَة. ستأتي هذه المقاربة
المُفْتَقِرَة إلى العمق، عاجلاً أم
آجلاً، بنتائج عكسيةٍ عبر ترويجها
للأمل الكاذب، وبَثِّها للإحباط،
وحجبها مكامن التغيير الحقيقي. لا تنزع
النقاط المطروحة أعلاه شرعية الثورة
على المستبد. فالمستبد خارج الزمن
والتاريخ، ومُناقِضٌ وجودياً للحقوق
الأساسية، وبالتالي فتغييره
مُسَلَّمَةٌ غير مطروحةٍ للنقاش. لكن
هذا لا يُشْرْعِنُ، في الوقت نفسه،
الهروب من مواجهة التحديات التي تواجه
سورية: هل تضمن التطورات الحاصلة في
المشهد السوري عدم وصول مستبدٍ جديد؟
ألا يعتبر وصول مستبدٍ جديدٍ
استهتاراً بكل الدماء والتضحيات التي
بُذِلَتْ؟ هل تهدف الثورة على المستبد
إلى خلق رافعةٍ للتقدم والازدهار؟ أم
إلى إعادة إنتاج قِيَمٍ ما قبل حداثية
كانتْ موجودةً سلفاً؟ وأين موقع
التغيير من كل هذا؟ واستناداً
إلى ذلك، فإن التغيير الحقيقي، في
سورية والمنطقة عموماً، محتاجٌ إلى «ثورةٍ
شاملة» تُنْهِي الاستبداد،
وتُفَكِّكُ الرموز والمفاهيم
المُنْصَهِرة والمتواطئة معه بما يضمن
عدم استنساخه من جديد. ولا بد لمثل هذه
«الثورة الشاملة» من أن تتجاوز عبارة «إسقاط
النظام» على مستوى الشعار، وأن تنفذ
إلى العمق لتكون «إسقاطاً لنهج النظام»
على مستوى الممارسة (بغض النظر عمّن
يتبنى هذا النهج): «نهج النظام» الذي
يُرَسِّخُ صناعة الموت والخوف والوثن،
والاستباحة الكاملة للإنسان في
مُسَاوَمَةٍ خشبيةٍ على مفاهيم
مُجَرَّدَة (ممانعة، وطن، سلطة، أمة...
إلخ). وفي هذا السياق لا يمكن اختصار «النظام»
في مجموعةٍ من العسكر وعناصر
المخابرات فقط، كما أنه لا يَقْتَصِرُ
على الجهاز السياسي الحاكم، بل هو
امتدادٌ لمنظوماتٍ استبداديةٍ
ومُهْتَرِئة، ولممارساتٍ باليةٍ
ومتوارثة: منظوماتٌ وممارساتٌ
تُعَشِّشُ، وبنسبٍ مُتَفَاوِتَةٍ، في
العقلية الفردية والجمْعية السائدة في
المنطقة. وعليه، فالتغيير الحقيقي
والمنشود، في ظِلِّ «الثورة الشاملة»،
مكافئٌ لـ «إسقاط نهج النظام بمعناه
الواسع» السياسي والاجتماعي
والاقتصادي والثقافي. قد لا
تسمح ظروف المشهد السوري وتطوراته
المتسارعة بتحقيق هذه الأحلام الكبرى
على المدى المنظور، أو بإعادة توجيه
مسار الأحداث التي انزلقتْ في دوامة
عنفٍ دموي (من استخدام السلطة للدبابات
والطائرات والصواريخ في قصف الأحياء
السكنية، إلى ازدياد سطـوة الحـركات
المتطرفة في شمال غربي سـورية). لـكن
هذا لا يعني الانزواء والتخلي عن
صنـاعة أحداثٍ جديدةٍ وفق رؤيـةٍ
بعيـدةٍ تـتبـعُ مقاربةً اجتماعيةً
وثقافية، وبأسـلوب التراكم الدؤوب من
الداخل، مع التركيز على جيل الأطفال
والشباب. عدا ذلك، فإن التغيير لن
يتحقق، و «النظام» الذي يعيش في
دَواخِلِنا لن يسـقط، بل سَـيـُنْتِجُ
نُظُمـاً جديدةً مُسْتَنْسَخةً عن
النظام الحالي، في سيرورةٍ مسـتمرةٍ
مـن تبادل الأدوار وتـغيير الأسماء
والأقنعة. ===================== اليوم
السعودية 27-2-2013 تبدو
الدبلوماسية الروسية تغرق في تخبط
مريع فيما يتعلق بالقضية السورية،
فموسكو تطرح تناقضات مرتبكة منذ
اندلاع الثورة السورية. ففي وقت تدعو
موسكو المعارضة إلى الحوار مع نظام
الأسد تمد النظام الأسد بأسلحة فتاكة،
وتحرضه على أن يستمر بالقتل وارتكاب
الجرائم، وهذا يدل على أن موسكو تحرص
على بقاء النظام، كي تستمر سوريا تحت
المظلة الإيرانية الروسية، وأن دعوتها
للحوار ليست إلا غطاء لتشجيعاتها
المستمرة لآلة القتل في سوريا، وفي
انحيازه، السافر والمفضوح، إلى جانب
النظام يفتقر الموقف الروسي إلى أدنى
مسئولية وأقل حكمة وعكساً لأي منطق
سليم وبدهيات الأحداث، وموقف
موسكو كان مقامرة روسية بالعلاقات مع
سوريا ومع الأمة العربية، لأن النظام
منذ أن أطلق آلته الحربية على مواطنيه
ومنذ بدأ بتهديم المدن السورية أصبح
عدواً للشعب السوري لا زعيماً له ولا
ممثلا، رغم أنالميلشيات
التي تؤيد النظام والموظفين الفاسدين
الذين يوالونه، ويلاحظ
أن موسكو تحاول ممارس ذكاء على الساحة
الدولية بطرح نفسها وسيطاً مستقلاً
بين المعارضة والنظام، بينما لا تزال
ترعى جرائم النظام بسخاء وكرم وتمارس
تغطية دبلوماسية شاملة لسلوكياته
المنحرفة، بل أن موسكو تبدو تحرص على
إرضاء طهران، إلى درجة أن أصبحت طهران
تملك زر التحكم في الموقف الروسي من
الأزمة السورية، وهذا يعني تطوراً
خطيراً للأسوأ في الدبلوماسية
الروسية، ويعني أيضاً تطوراً شديد
التعقيد والعقد في العلاقات الروسية
مع الشعب السوري. ولا
يبدو أن المعارضة السورية تنخدع بأية
أقاويل روسية، إذ الفصائل السياسية
والعسكرية في الثورة السورية تقتنع أن
الدبلوماسية الروسية مختطفة من قبل
طهران، ورهن إملاءاتها، وذلك ما الذي
يجعل الدبلوماسية الروسية ترتكب
حماقات غير ضرورية بمعادات الشعب
السوري، من أجل نظام يعد أيامه
الأخيرة، وسيسقط حتماً مهما حاولت
طهران وموسكو مده بأسباب الحياة
والقوة. والموقف
الأكثر حصافة الذي يفرضه الواقع،
وحكمة التكفير عن الأخطاء، أن تسارع
موسكو لحفظ ما تبقى من ماء الوجه،
وتتحرر من ضغوط طهران، وأن ترفع الغطاء
عن جرائم النظام وأن تنحاز إلى الشعب
السوري، فإذا استمرت موسكو بالخضوع
للإرادة الإيرانية فإن طهران ستحول
موسكو إلى لعبة وأراجوز في المحافل
الدولية، وستمنعها من إرساء علاقات
صداقة طبيعية وصحيحة وصادقة مع الشعوب
العربية بالذات، بما فيها الشعب
السوري. ===================== ميشيل
كيلو الشرق
الاوسط 27-2-2013 جلس
الرجل الطاعن في السن إلى الأسد الأب
في قصره الرئاسي، بعد أن كان قد غاب عن
دمشق طيلة قرابة عقدين. كان صلاح الدين
البيطار واحدا من رجلين أسسا حزب البعث
عام 1947، وكان الذي يجلس قبالته رئيس
دولة تحكم باسم البعث، فتصور المؤسس
أنه يستطيع الحديث بأريحية حول ما كان
يجري في وضع سوريا عام 1980 من قتال بين
السلطة وإسلاميين تابعين لتنظيم صغير
يضم ثلاثمائة شخص ونيفا اسمه «الطليعة
المقاتلة»، أسسه حموي درس، في مصر اسمه
«مروان حديد»، مات في السجن، فرد
أنصاره على مقتله بثورة مسلحة تركزت
أساسا في مدينة «حماه»، أثارت عاصفة
سياسية داخل سوريا وحتى في حزب البعث،
قبل أن تتحول من حراك متفرق مطالب
بالحرية إلى اقتتال طائفي الهوية
والنزعة، بث قدرا متزايدا من الخوف في
نفوس المواطنين، الذين اكتشفوا ما
ينطوي عليه الوضع السوري من مشكلات
وأمراض مرعبة، لطالما أخفتها السلطة
بالقمع والكذب أو أنكرت وجودها، فكان
لانفجارها وللسرعة التي طفت فيها على
سطح الأحداث، ولردود السلطة الأمنية
العنيفة جدا عليها، أثر أرهب الناس
موالين ومعارضين. قال
الشيخ لتلميذه البعثي: إن سوريا مريضة.
فرد التلميذ منكرا أن يكون هناك أي شيء
فيها غير مؤامرة إمبريالية - صهيونية
يلزمه واجبه الوطني بقمعها بالشدة
المطلوبة. لاحظ الشيخ أن هناك مظاهر
مسلحة منتشرة في كل ركن من دمشق، فرد
التلميذ منكرا ذلك. حين ألح الشيخ، لفت
الأسد نظره إلى أن هؤلاء رجال شرطة،
وعندما تساءل الشيخ عن هوية هذه الشرطة
التي ترتدي ثيابا مدنية وتقف في محارس
أمام مبان بعينها، وتنشر في الشوارع أو
تركب سيارات بلا أرقام وسلاحها موجه
إلى المارة، أجابه بلغة جازمة: ما
رأيته لا وجود له. أنت تتوهم. شك الشيخ
في سلامة الوضع، فطمأنه الحاكم باسم
حزبه إلى أن كل شيء على ما يرام وتحت
السيطرة، وأن الشعب يرفل في النعيم،
وأن في سوريا فائض حريات لا يتوفر لأي
دولة أخرى بما في ذلك فرنسا، وأن
المواطنين لا يهمهم شيء غير شراء
البيوت والسيارات، والسياحة في
العالم، والانتشار كل مساء في المطاعم
والملاهي لإنفاق فوائض دخولهم، وختم:
النظام بخير لأن شعبه بخير. غادر
الشيخ دمشق إلى باريس، حيث يعيش
مهاجرا، من دون أن يصل إلى نتيجة مع
رفيق حاكم كان يظن أن له «مونة» عليه.
ما إن كتب المؤسس مقالتين حول معايشاته
في سوريا، وروى جزءا مما وقع له مع
الأسد، حتى اغتالته يد مجهولة وهو يهم
بدخول مكتب الجريدة التي كان قد شرع
يصدرها قبل فترة. لقد كانت حياته الثمن
الذي دفعه مؤسس الحزب لرجل سري وغامض
ما من رجال تلميذه ورفيقه، الذي أصدر
نظامه حكما بإعدام المؤسس الآخر،
ميشيل عفلق، بعد أن نجا بجلده وهرب إلى
بغداد. على ذمة
الراوي: جلس الأخضر الإبراهيمي إلى
الأسد الابن في القصر الجمهوري،
ليستطلع رأيه في الأزمة السورية وسبل
حلها. قال الأسد لضيفه: إن الوضع تحت
السيطرة عسكريا وجيد وطبيعي سياسيا.
وأبدى تصميمه على تقديم حل للأزمة
يغنيه عما يقترحه ضيفه بتكليف من مجلس
الأمن. بينما كان الأسد يتحدث، بدأ
إطلاق نار قريب وكثيف، بدت علامات
الدهشة على وجه الإبراهيمي، فأخبره
الأسد بكل هدوء: هؤلاء حراس القصر وهم
يتدربون على إطلاق النار. لم يطرح
الضيف أسئلة كي لا يقال له: «ما تسمعه
لا وجود له، أنت تتوهم». لم يتحدث الأسد
عن المطاعم المليئة بالمواطنين وفائض
الدخول الذي لا يعلم هؤلاء أين
ينفقونه، مثلما فعل الأب، لكنه تحدث
بثقة عن أن كل شيء على ما يرام، وأن
سوريا لا تواجه مشكلة أو أزمة، وأكد
أنها تقاوم بنجاح المؤامرة الخارجية.
كان الإبراهيمي يعرف تماما ما تعيشه
سوريا، فقد وصل دمشق بالسيارة قادما من
بيروت، ليس لأن مطارها الدولي مغلق
بسبب أعمال الصيانة، كما قال النظام،
بل لأنه تعرض لتدمير أصابه خلال هجمات
تستمر منذ قرابة شهرين، أنكر النظام
وقوعها. رأى
البيطار الشرطة بأم عينيه، فكذبه
الأسد الأب. وسمع الإبراهيمي إطلاق
النار بأذنيه، فأخبره الأسد الابن أنه
لا يسمع شيئا، لأن هذا مجرد تدريب رسمي
على إطلاق النار. بما أن الضيف مهذب
ويعرف ما كان يجري، فقد أحجم عن طرح
سؤال على مضيفه تقول كلماته: منذ متى
يتدرب الجند على إطلاق النار في القصور
الرئاسية؟ ولماذا يتدربون في القصر ما
داموا يطلقون النار ليلا ونهارا على
المواطنين والمقاومين، ويخوضون في كل
مكان من العاصمة معارك ضارية لا تكاد
تتوقف، بشهادة إعلام السلطة ورجالها؟ انتهت
مأساة «حماه» عام 1982 بمجزرة مروعة طالت
ما بين 25 و46 ألفا من سكانها، وأدت إلى
تدمير معظم أحيائها، وخاصة الشعبية
والتاريخية منها. بعد «الضربة» التي
كان هدفها القضاء على المعارضة لمائتي
عام، كما قال الأسد الأب في القيادة
القُطرية، نقل التلفاز الرسمي مشاهد
عن مظاهرات ضخمة تجوب شوارع المدينة
قال إن شعبها قام بها ليشكر «السيد
الرئيس» على إعادة الأمن والهدوء
إليها. من الذي تظاهر إذا كانت ضربة «السيد
الرئيس» لم تبق في المدينة من يمكنه
تعكير صفوها، بعد أن قتل خمس سكانها،
وأرغم شيبها وشبانها على الفرار منها،
لا هدف لهم غير إعادة لملمة أسرهم
الممزقة، التي صارت تنكر انتماءها إلى
المدينة الشهيدة، لأن الانتماء إليها
كان كافيا بحد ذاته لإطلاق النار
عليهم؟ هذه
عينة من مواقف الأب وابنه برسم وزير
خارجية روسيا، الذي يشاركهما على ما
يبدو أسلوبهما في معالجة المشكلات،
الذي يركز على قتل المطالبين بالإصلاح
بدل إنجازه والتصدي للأزمات، ولم يفهم
بعد أن الأسد الابن هو أزمة سوريا التي
لن تحل من دون تنحيه، وأن المستحيل هو
بقاؤه في السلطة وليس خروجه منها! ===================== بين
جبهة «الممانعة» والجيش الحر احمد
عثمان الشرق
الاوسط 27-2-2013 منذ
قيام الثورة الإيرانية قبل أكثر من
ثلاثين عاما، تحالفت القيادة السورية
مع الجمهورية الإسلامية في طهران
لتشكيل جبهة الممانعة بدعوى مقاومة
الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية،
وتحرير القدس الشرقية. وفي فيلم خيالي
أنتجه أحمدي نجاد، ظهر حسن نصر الله
رئيس حزب الله يسير جنبا إلى جنب مع
الرئيس الإيراني، وهما يدخلان مدينة
القدس بعد تحريرها من سيطرة إسرائيل.
وبعد كل هذه السنين أتبين أن هدف طهران
من احتضان شعار الممانعة لم يكن هو
تحرير القدس وفلسطين، وإنما إعادة
بناء الإمبراطورية الفارسية على أرض
العرب، بمساعدة آل الأسد في سوريا.
والآن عندما بدا أن رجل إيران في دمشق
صار على وشك السقوط، سارعت قوى
الممانعة لنجدة حليفها في بلاد العرب،
وحماية مصالحها من الانهيار. وبعد
نحو عامين من ثورة الشعب السوري دمر
فيهما بشار الأسد جميع مدن بلاده، وقتل
عشرات الآلاف من أبناء شعبه، تاركا
مئات الآلاف منهم ينزفون من جراحهم أو
يهربون من حدودهم، اقتربت ساعة الحسم،
وصار قصر الأسد على مرمى قذائف الثوار.
وبدلا من التوقف عن العناد الذي دمر
الوطن، قرر الأسد الاستمرار في مقاومة
إرادة شعبه، وأمر بسحب قوات الفرقة
الخامسة المدرعة التي تحمي الوطن من
جبهة الجولان في مواجهة إسرائيل،
ليحمي قصره في دمشق من السقوط. وسارعت
قوى الممانعة بتلبية نداء المعركة،
فقرر حزب الله اللبناني استخدام أرض
بلاده لمهاجمة مواقع الجيش الحر
المتاخمة للحدود اللبنانية بمنطقة
القصير غرب حمص، على بعد 162 كيلومترا
شمال دمشق. كما قام حزب الله بتدعيم
أنصار الأسد في المناطق الحدودية
بالسلاح، لمنع الجيش الحر من السيطرة
عليها. وأرسل
حزب الله مستشارين عسكريين ومقاتلين
من رجاله لمساعدة الحكومة السورية على
حماية العاصمة في دمشق. وبين حين وآخر
صار نصر الله يدفن موتاه من شباب حزب
الله من دون أن يعلن عن المعركة التي
يموتون فيها. كما شن حزب الله هجمات على
مراكز الجيش الحر في ثماني قرى حدودية
بين سوريا ولبنان، في محاولة للوصول
إلى مدينة حمص والسيطرة عليها. ويبدو
أن خطة حزب الله تهدف إلى تأمين الطريق
بين بيروت ودمشق، حتى لا يتمكن الثوار
من قطع علاقة الحزب بالقيادة السورية. ومع ذلك
فإن حزب الله في هذه المعركة، ورغم
التدريب العالي الذي حصل عليه
مقاتلوه، قد أوقع نفسه في فخ لن يستطيع
الخروج منه بسهولة. فعندما لم تستطع
الحكومة اللبنانية كبح جماح حسن نصر
الله الذي استباح الحدود الشمالية
للبلاد عند منطقة الهرمل، رد الجيش
الحر على هجمات حزب الله بقصف مواقعه
داخل الأراضي اللبنانية. وبدلا من
الانسحاب والابتعاد عن المواجهة مع
الجيش الحر، قرر حزب الله تصعيد
المعركة معلنا التعبئة العامة لقواته
التي انتشرت في ثماني قرى على الحدود
مع سوريا، وقام بنقل المدافع
والصواريخ إليها. إذا كان الشعب
اللبناني هو الذي حمى حزب الله في
معارك الكر والفر في الجنوب، فلن يحميه
أحد في الشمال من هزيمة محتومة. ومع
تدخل حزب الله ازداد نشاط فيلق القدس
في المعارك السورية، وهذا هو ما تم
الكشف عنه عندما أعلنت إيران عن مقتل
حسام خوش - أو الجنرال حسن شاطري -
القائد بالحرس الثوري الإيراني الذي
قتل في سوريا. وقد بينت التقارير
الغربية أن إيران تسهم في المعارك ضد
الشعب السوري، ليس فقط بالسلاح والمال
بل أيضا بالخبراء والمقاتلين. ومع
اقتراب المعركة الفاصلة بين الشعب
والنظام في سوريا، تخشى إيران من فقدان
حليفها الرئيسي بين العرب، فتضيع
عليها فرصة زعزعة الوحدة العربية من
الداخل. كما بات حزب الله يدرك أن سقوط
بشار في دمشق سيؤدي بالضرورة إلى قطع
طريق إمداداته عبر الحدود، وفقدان
الشرعية التي قام عليها باسم المقاومة
في لبنان، ونهاية حلمه في مد سيطرة
الولي الفقيه، الذي لم يكن سوى كابوس
في بلدان العرب. ===================== محمد
عبدالواحد عكاظ 27-2-2013 •• في
المسار الصعب والدامي والآثم الذي
تستباح فيه دماء الأبرياء في سوريا.. •• وفي
زمن الحروب والطغيان والفتن والبحث عن
الحرية في أروقة البؤس والفقر
والمجاعة والدم..سنقرأ معا ما تقوله «النجوم»
عن برج «بشار الأسد» الذي يقتل شعبه
ويفني مقدراته ومكتسباته.. ويشرد خمسة
ملايين سوري في كل بقاع الأرض.. ••
سبعون ألف شهيد تحوم أرواحهم فوق رأس
هذا الطاغية المتجبر.. ونداء الثكالى
وبكاء الأطفال وأنين الجرحى يملأ
أسماع الدنيا بأسرها.. •• وفي
هذه الأحداث المرعبة ماذا يمكن أن تقرأ
عن «طالع» قاتل مجرم لم يستفق من غفلته
وجرائمه وسفك دماء مواطنيه.. أليس من
الطبيعي أن يتجرع من نفس كأس الفناء
الذي تجرعه العديد من الأبرياء في مدن
اليتم والخراب والدمار في سوريا.. ••
وبلغة بعيدة عن علماء الفلك.. وأقرب إلى
الواقع؛ ألا يعرف الأسد بأن القاتل
يقتل ولو بعد حين.. وهل يدرك بشار الأسد
هذه الحقيقة، أم أنه يجهلها ويستمر في
عناده الأعمى.. حتى يأتيه مصيره
المحتوم كما جاء لغيره من الطغاة
الظالمين الذين بغوا في الأرض وأفسدوا
فيها. ••
ولست هنا بصدد قراءة متى تسكن الشمس
بيتها السادس الدمشقي وتعود الحياة
الآمنة إلى عاصمة الأمويين.. ولكني أرى
واقع الحال أمامي فكلما ازداد بغي
الطغاة اقتربت نهايتهم وجاء الخلاص. ••
وإذا كان بعض علماء الفلك يرون أن سقوط
الأسد في شهر يوليو القادم من هذا
العام 2013م بحجة أن برج زحل المتجهم
يعني الهزيمة والنكسات لاقترابه من
برج الأسد.. إلا أنني لا أؤمن بهذه
الخزعبلات والتنبؤات الفلكية وحسابات
النجوم.. ولكني أؤمن بالواقع على الأرض..
وهي الأصدق دائما من كل توقعات علماء
الفلك.. فهم الكاذبون وإن صدقوا.. •• نعم
انحسار فرص السلام قد يدفع بكل تأكيد
الجيش الحر في سوريا إلى تسخين جبهات
القتال ولكنهم يحتاجون إلى الدعم
بالسلاح.. لمواجهة تدفق الأسلحة
الروسية لبشار الأسد.. التي تقتل الناس
كل يوم.. ومع كل هذا البطش لا بد من وأن
تنتصر إرادة الشعوب مهما بلغ طغيان
الطغاة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |