ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 05/03/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

04-03-2013

من يربح في سورية؟

غسان شربل

الإثنين ٤ مارس ٢٠١٣

الحياة

لنترك جانباً مشاهد السوريين المبددين في الدول المجاورة ينتظرون البطانيات والمعلبات. ومشاهد السوريين المبددين داخل بلادهم يصطادهم الموت على أبواب المخابز أو تصطادهم الصواريخ والبراميل في الأقبية أو الكهوف. ومشاهد الممارسات الفظة لمسلحي النظام. وبعض المشاهد المظلمة لممارسات المقاتلين الوافدين. لنترك ذلك كله لنطرح سؤالاً بسيطاً هو: من يربح في سورية؟

يعترف المتابعون أن النظام السوري أبدى مقاومة ضارية واستثنائية لمحاولة الثوار اقتلاعه سلماً أو حرباً وهو ما لم تنجح في إبدائه الأنظمة التي عصف بها ما سمي «الربيع العربي» وأطاحها. ولا غرابة في الأمر. المسألة تتعلق بنظام مختلف تولى على مدى أكثر من أربعة عقود بناء آلته الحزبية والعسكرية والأمنية فضلاً عن استناده في العمق إلى عصبية عميقة لم تتوافر للأنظمة التي غدرها الربيع.

يقولون أيضاً أن الانشقاقات لم تصل إلى العمود الفقري للماكينة العسكرية والأمنية ما جنب الأخيرة الانهيارات الواسعة والقاتلة. لكن ذلك لا يلغي أن الماكينة العسكرية والأمنية التي كانت تمسك بقوة كامل أراضي الدولة تقلصت الآن لترابط على جزء منها. وقدرة هذه الماكينة على إلحاق دمار واسع بالمناطق التي خسرتها لا تعني أبداً قدرتها على استعادتها. يمكن القول إن الجيش السوري أصيب بأضرار فادحة خصوصاً بعد استخدامه ترسانته داخل الأراضي السورية وثبوت حاجته الدائمة إلى المساعدات الإيرانية والروسية للاستمرار في المعركة. لا يمكن إدراج تمكن الجيش من استعادة بلدة أو طريق في باب النجاحات الجدية لأنه لا شيء يشير إلى قدرته على الحسم الكامل وإعادة العقارب إلى الوراء.

وضع حزب البعث لا يحتمل الكثير من الاجتهاد والتأويل. لقد سقط الحزب الذي كان يحتكر قيادة الدولة والمجتمع. النظام نفسه بادر إلى إحالة الحزب إلى التقاعد بموجب الإصلاحات التي أعلن عنها. وإذا كان البعث العراقي يستطيع التذرع أنه أسقط بفعل تدخل خارجي فإن البعث السوري لا يمتلك مثل هذه الذريعة.

تستطيع المعارضة القول إنها قدمت تضحيات هائلة وحققت مكاسب على الأرض لكن الوقائع تشير أيضاً إلى أنها غير قادرة على الحسم. أما نجاحات «جبهة النصرة» فهي مكلفة للمعارضة أيضاً لأن أول مهام الجيش بعد التغيير، في حال حصوله، ستكون شطب نجاحات الجبهة وسائر المقاتلين الجوالين.

يقرأ المرء مثلاً أن روسيا نجحت في التذكير بموقعها وفرضت نفسها معبراً إلزامياً للحل المقبل. لكن وعلى رغم أهمية الدور الروسي في مجلس الأمن وخارجه تشير الوقائع إلى أن إيران هي اللاعب الأول في سورية وليست روسيا. ثم أن لا مجال في سورية لأي حل يضمن لموسكو وضعاً شبيهاً بما كانت عليه قبل اندلاع الثورة السورية.

يقرأ المرء أيضاً إن إيران منعت سقوط النظام السوري وإن لا حل من دون موافقتها. لكن الوقائع تشير أيضاً إلى استحالة أن يكون لإيران في سورية ما بعد الحل وضع مريح أو شبيه من وضعها مع النظام الحالي. هذا يعني أن أقصى ما تفعله هو توهم قدرتها على الحد من خسارتها. وإذا أخذنا في الاعتبار أن الدور الإيراني في دعم النظام السوري ساهم عملياً في إذكاء النزاع السني - الشيعي في المنطقة يمكن القول إن إيران لا تربح. وما يقال عن إيران يمكن أن يقال أيضاً عن «حزب الله» في لبنان على رغم الفوارق. يستطيع الحزب أن يلعب دوراً بارزاً في منع سقوط النظام في سورية أو تأخير هذا السقوط لكن في مقابل ثمن مرتفع يدفعه لبنان الذي دخل بقوة في الشهور الماضية على خط التنازع الشيعي - السني الذي يمر في سورية. وفي مقابل ثمن مرتفع يدفعه الحزب أيضاً من صورته وعلاقات طائفته بالسني اللبناني والسني السوري. يمكن قول الشيء ذاته تقريباً عن العراق وموقف حكومة نوري المالكي. أما بعض دول الجوار القريبة والبعيدة فتتجاذبها الرغبة في إطاحة النظام مع القلق من البدائل.

أميركا لا تستطيع القول إنها تربح في سورية. كشفت المأساة السورية محدودية الدور الأميركي في عهد أوباما. كشفت أن أميركا أوباما هي أميركا متعبة ومثخنة ومترددة وإن كان يسجل لها ابتعادها عن السياسات المتهورة.

مكن القول إننا في خضم ما يشبه حرباً أهلية إقليمية. في خضم نزاع طويل ومدمر. لهذا يمكن الحديث عن أرباح محدودة أو هشة أو غير أكيدة. فرص التفاوض ضئيلة للغاية. تغيير ميزان القوى يحتاج نهراً من المساعدات العسكرية وأنهاراً من الدم. الأكيد أن سورية التي كنا نعرفها قبل عامين ذهبت إلى غير رجعة.

=====================

سورية: «التدخل الناعم» مع نهاية «حرب السنتين»

جورج سمعان

الإثنين ٤ مارس ٢٠١٣

الحياة

بات واضحاً من خلال نتائج جولة وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري أن إدارة الرئيس باراك أوباما لن تبدل في السياسة التي اتبعتها حيال سورية في السنتين الماضيتين. بل ثبتت خيار عدم التدخل العسكري وهي تطوي صفحة الحروب التي شنّها الرئيس جورج بوش الإبن. فالديبلوماسية التي اعتمدتها في مواجهة الملف النووي الإيراني تعتمدها أسلوباً لتسوية الأزمة السورية. وترجمت عملياً نهج إشراك القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في السعي إلى الحلول والتسويات. فضلت وتفضل الوقوف في الصفوف الخلفية ودفع الشركاء إلى أداء دور كانت القوات الأميركية إلى سنوات خلت هي من يتنطح لتأديته.

لذلك، لا تزال واشنطن على موقفها الذي يمنح موسكو الفرصة بعد الأخرى لإيجاد تسوية أو محاولة جر الأطراف المتصارعين في سورية إلى طاولة الحوار، بصرف النظر عن تكرار تمسكها بوجوب رحيل الرئيس بشار الأسد، وبصرف النظر عن التعارض في تفسير «بيان جنيف» الداعي إلى قيام مرحلة انتقالية تديرها حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة. بالطبع، لا يمكن الرئيس أوباما أن يقفز فوق «مبادئ» تبناها أسلافه للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة من جهة، وترسيخ الأمن والاستقرار العالميين... أي لا يمكنه الرجوع إلى «مبدأ الرئيس جيمس مونرو» الذي اعتمد عام 1823 سياسة انكفاء بلاده إلى الداخل بعيداً من السياسة الدولية. الانعزال الذي كان يصح في حينه وعمّر حتى الحرب العالمية الثانية لم يعد يصلح. تبدل العالم وتبدلت المفاهيم السياسية والاقتصادية وطبيعة العلاقات الدولية التي لا يمكن أن تسمح بمثل هذا الانعزال. كل شيء «تعولم». ولا يمكن أميركا أن تتخلى عن دورها الريادي. وخير دليل على ذلك نقل أولويات استراتيجيتها إلى المحيط الهادئ لمواجهة الصين.

في ضوء هذا الموقف، لا يعني أن الدعم الإيراني والروسي لنظام الأسد هو ما يؤجل التغيير الجذري المطلوب. بل إن الصمت الأميركي خصوصاً والأوروبي عموماً هو ما يطيل عمر النظام ويعمّق معاناة الشعب السوري. وقد أفادت واشنطن حتى الآن من الصراع المفتوح في سورية على أكثر من صعيد. فهو شكّل ويشكّل من جهة انهاكاً واستنزافاً متواصلين للجمهورية الإسلامية، سياسياً وعسكرياً وحتى مالياً، وإشغالاً مقلقاً لحلفائها في بيروت وبغداد. ولم يكن من باب المصادفة أن يعبّر كل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، في وقت واحد، عن خوفهما من ارتفاع وتيرة الشحن المذهبي الممتد من شاطئ المتوسط إلى ضفاف دجلة والفرات، وأن يحذرا من محاولات جر البلدين إلى مستنقع الحرب الأهلية التي لا يعوزها سوى خطأ أو شرارة غير محسوبة النتائج. بعد هذا، كيف يمكن أن تستكين طهران وهي تنظر إلى غرقها في المستنقع السوري، وإلى تآكل رصيد حكومة المالكي الذي يتعاظم صوت خصومه، على طول المحافظات السنية، مطالبين بإسقاط حكومته و «نظامه» وخروج إيران! لا يمكن أن تهنأ وهي تخشى أن يجر «حزب الله» إلى مواجهة أو صدام داخلي يذهب بقوته وما بقي من رصيده «قوة مقاومة» فيُشطب نهائياً من معادلة الصراع مع إسرائيل.

بالطبع، ليس مقنعاً ما قاله زعيم «دولة القانون» عن منع تهريب السلاح إلى أي من طرفي الحرب في سورية، لأنه يعرف ويعرف كثيرون ما يجري بين حدود البلدين. ومعروف ما آلت إليه سياسة «النأي بالنفس» التي ترفعها حكومة نجيب ميقاتي. فتدفق الرجال والسلاح عبر الحدود على قدم وساق. اكتفى اللبنانيون المتناحرون والعراقيون المتناحرون حتى الآن بالاقتتال خارج حدودهم تعويضاً عن اشتباكاتهم الداخلية. لكن هذا الاقتتال يشبه الوقوف على حافة الهاوية. ولعل الخوف الأكبر لحلفاء إيران هو التغيير الآتي إلى دمشق مهما طالت معاناة السوريين... لأن مثل هذا التغيير سيستدعي تغييراً في قواعد اللعبة السياسية في كل من بيروت وبغداد، استناداً إلى الحجم الديموغرافي للكتلة السنية التي تسعى إلى استعادة ما تسميه «شرعيتها» في الحكم كأكثرية. ومثل هذا التغيير المنتظر هو ما يعجل في حراك أهل السنّة في دول الجوار ضد ما يعتبرونه حيفاً أو ظلماً يلحق بهم جرّاء تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة كلها. وهو نفسه ما يدفع القيادة الإيرانية إلى محاولة التعويض في ساحات أخرى على امتداد الإقليم وحتى خارجه، من اليمن إلى بعض الساحات الأفريقية، مروراً بتحريك طموحات مكبوتة لكتل شيعية وازنة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي.

ويشكل الصراع المفتوح في سورية، من جهة أخرى، ساحة للمجموعات الدينية المتطرفة بديلاً من ساحات غربية وغير غربية. ولا يضير واشنطن أن تراقب المتطرفين يخوضون «جهادهم» في الساحة السورية التي طالما شكلت منطلقاً لقتال القوات الأميركية في العراق منذ الغزو الأميركي لهذا البلد. فوزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول لا ينسى ما أجابه به الرئيس الأسد عندما طلب منه وقف تدفق المقاتلين عبر الحدود إلى العراق. أجابه بأن ثمة بضعة آلاف منهم، ويريحه أن يتخلص منهم الأميركيون بدل أن يواجههم هو بجيشه. ولا حاجة إلى التذكير بما شكا منه طويلاً العراقيون، وعلى رأسهم المالكي نفسه، وهو إشراف دمشق على انتقال «الجهاديين» إلى جارها الشرقي، إشرافاً يشبه إلى حد ما «قاعدة بيشاور» أيام «الجهاد» في أفغانستان. واليوم، لا يحتاج المسؤولون السوريون وبعثتهم في الأمم المتحدة إلى كبير عناء لكشف أو نشر أسماء هذه «القاعدة» وبياناتها.

لكن فترة الصمت الأميركية طالت أكثر مما يجب، وباتت تهدد مصالح الولايات المتحدة في طول المنطقة وعرضها. ذلك أن الانهيار الكامل في سورية لن يشكل خسارة كاملة لروسيا وإيران المراهنتين على بقاء الأسد فحسب، بل بداية تهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها. فلبنان والعراق يقفان على حافة الحرب المذهبية. ولن يسلم الأردن وتركيا وإسرائيل من انتشار «أمراء المجاهدين» على حدودهم مع سورية. كما أن احتمال تفتيت سورية كما يروّج بعضهم، أو كما يعمل بعض أهل النظام خياراً أخيراً، سيفتح الباب واسعاً أمام إعادة النظر في خريطة المنطقة كلها. وهو أمر قد لا ترغب فيه القوى الكبرى، أو لا يناسب مصالحها التقليدية، كما لا ترغب فيه القوى الإقليمية الفاعلة، تركية أو عربية.

لذلك، لا يمكن تجاهل التطورات الأخيرة، من نتائج مؤتمر «أصدقاء سورية» في روما وقبله قرار الاتحاد الأوروبي إمداد المعارضة السورية بعربات مدرعة دفاعية، وقبله ما تردد عن وصول أسلحة إلى المقاتلين من كرواتيا وغيرها بعلم «الأصدقاء» وتمويل المتمولين. ثم جولة الوزيـــر جون كيري ولقاء الرئيسين الفرنسي والـروسي فرنسوا هولاند وفلاديمير بوتين، ثم المهاتفة بين الأخير ونظيره الأميركي. صحيح أن كل هــــذه التطورات والقرارات لم تعجب «ائتلاف المعارضة»، لكنها خطوات يمكن وصــــفها بأنها بداية «التدخل الناعم» الــــذي قد يجــــر إلى تدخــــل تدريجي أوسع إذا لم يقتنع النظام وحلفاؤه بوجوب السير الجدي في تسوية توفر على الجميع خسارة مدوّية، وتوفر على سورية مصيراً أسود.

وإذا كانت الولايات المتحدة تقترب من التفاهم مع روسيا، وهو أمر حتمي بين البلدين نظراً إلى تشابك مصالحهما وتقاطعها في أكثر من مكان، فإن السؤال اليوم هو: هل باتت إيران مستعدة فعلاً للتفاهم مع المجموعة الدولية على جملة من القضايا المرتبطة بها وبدورها وملفها النووي؟ في ظل المتغيرات الحالية، انقلب ميزان القوى التقليدي الذي ساد في السنوات الأخيرة... لم يعد لمصلحة الجمهورية الإسلامية التي سرّها انسحاب الأميركيين من العراق وتخبطهم في أفغانستان وعجزهم عن تحريك التسوية في فلسطين. تواجه الجمهورية اليوم تهديداً في أكثر من جبهة. تكاد تفقد سيطرتها على اللعبة السياسية والأمنية في لبنان والعراق، ولم تنجح محاولاتها في شبه الجزيرة العربية. وإذا قيّض للرئيس أوباما في زيارته المقبلة الى المنطقة أن يمهد لإعادة تحريك مساعي التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فقد يزيد في إضعاف دورها في الورقة الفلسطينية، بعدما خرجت حركة «حماس» من عباءتها.

بالطبع، لن يتكرس الانقلاب في ميزان القوى إذا استعجلت إيران السعي إلى قنبلتها النووية. لكنها في اجتماع كازاخستان مع مجموعة الخمسة زائد واحد طرحت البحث في كل الملفات التي تعنيها من السوري إلى النووي وغيرهما، مع ما يعني ذلك من استعداد للمقايضة. لكن هذا الأمر لا يتعلق برغبتها وحدها وبشروطها هي. إذ كانت للدول الست مقاربة أخـــرى تقوم على تخفيف العقوبات في مقابل وقف التخصيب ومراقبة دقيقة للمنـــشآت. والســؤال مع اقتراب نهاية «حـــــرب السنتين» في سورية: هل يحتمل هذا البلد ومعه دول الجوار تكرار تجربة لبنان بتجــــديد الحرب بعد مقدمة «السنتين»، أم أن إدارة أوباما باتت قادرة على فرض تسوية - على وقع «التدخل الناعم» و «ديبلوماسية الشراكة» مع موسكو – تتيح لكل من روسيا وإيـــــران بعض النفوذ عبر دور وموقع للأقلية التي لا تزال تحيط بنظام الأســـد؟ المهم ألا يطول انتظار حلحلة بعض الــعقد أو انتـــــظار بعض الاستحقاقات هنا وهناك، لئلا يحين موعد التدخل الواسع الحاسم... أو في أسوأ الأحوال موعد الفتنة الكبرى!

=====================

الغرب والفتك بالسوريين

غازي دحمان *

الإثنين ٤ مارس ٢٠١٣

الحياة

سياسة الانتظار التي يتبعها الغرب تجاه الحالة السورية، تحمل في طياتها مخاطرة مضاعفة، فمن ناحية تؤدي إلى إطالة أمد الصراع وتضمن استمرار تعفن الجرح المفتوح، ومن ناحية أخرى تساهم في زيادة تمزيق النسيج الوطني الذي بدأت مخاطره تفيض على المنطقة بكاملها.

لقد عكست مواقف الغرب في مؤتمر روما، نمطاً غريباً من الإستجابة تجاه الأزمة السورية، فقد تبين أن هذه الدول لم تستطع تطوير سياسة واقعية ودفعها باتجاه الإلتزام الفعلي حيال أزمة لم تعد إفرازاتها المدمرة خافية على أحد، كما أن مشهدية أفقها باتت واضحة لمن يبتغي القراءة الواقعية.

القرارات التي اتخذت في مؤتمر روما لأصدقاء الشعب الســـوري، القاضية بدعم قوى المعارضة المسلحة ببعض الوسائل القتـــاليـــة «غير الفتاكة» تمثل نمطاً سياسياً انتظارياً، ليس القصد منه مساعدة الشعب السوري في تحقيق أهدافه، بقدر ما هي توافق في إطار سياق أعم يهدف إلى خلق أوراق تفاوضية في مواجهة الأطراف الأخرى الفاعلة والمؤثرة في الحدث السوري (روسيا وإيران). وهي وفق هذا الطرح تخدم إستراتيجية الغرب في عدم الإنجرار إلى مواجهة مكلفة مع الأطراف المذكورة، مع ضمان أن نوعية الأسلحة لا يمكن أن تؤثر في الأمن المستقبلي لإسرائيل.

لا يجادل أحد بأن من حق أي طرف أن يجري حساباته الدقيقة بخصوص خطواته في واقع معقد كالواقع السوري، يكتنف تطوراته، وطبيعة القوى الفاعلة فيه، لبس شديد، وتحيط به أسئلة كثيرة من نوع أفق العلاقة المستقبلية مع هذه القوى وإمكانية ضبطها، ومدى القدرة على معرفة سلوكها المستقبلي، وبالتالي تصبح مسألة الإندفاع في عمليات تسليحها وتمويلها مغامرة لا يمكن أن ترتكبها الدوائر السياسية.

لكن ما يفند هذه الإفتراضات أن ممارسة الحذر بحده الأقصى، قد أفضى إلى هذا الواقع المعقد، او هو نتيجة طبيعية له، وقد كان من الممكن عدم السماح بإيجاده وجعله معطى واقعياً، بخاصة ان كل الوقائع تشير إلى أن المسرح السوري جرى الشغل عليه بعناية فائقة وبطريقة فيها الكثير من التريث ليصبح على هذه الشاكلة.

ومن اشتغل على المسرح السوري كان يعمل وفي حساباته أن الغرب المتلهي بأزماته الإقتصادية والإجتماعية، غير معني بأزمة لا يقتل فيها أفراد من الغرب ولا تؤثر في أمن إسرائيل ولا تهدد منابع النفط وطرق تصديره، كما ان الطرف المشتغل إلتزم تماماً باشتراطات الغرب في إدارته للأزمة ولم يستخدم الأسلحة المحرمة ولا قام بمجازر تتعدى آلاف الضحايا في يوم واحد، وبناءً على هذه الأسس أكمل عبثه بالمسرح.

لكن هذه المعطيات تطرح جملة من التساؤلات التي تسلط الضوء على طبيعة التفكير السياسي الغربي في هذه المرحلة: فهل كان بالإمكان تجنب استدعاء واستحضار القوى المتطرفة في بيئة باتت مهيأة ومستنفرة لمثل هذا التطور، وهل ترك الحدث يتفاعل داخلياً إلى حدوده القصوى يضمن عدم فيضه إلى تخوم إسرائيل ومنابع النفط، ولماذا ضاق التفكير الغربي ويضيق إلى حدود تفكير أطراف محلية على رغم الضجيج عن دراسات الاستشراف المستقبلي والتخطيط البعيد المدى!؟.

ليست الأزمة الإقتصادية، على أهمية تأثيرها، السبب الوحيد في سياسة الغرب تجاه سورية، بل هو الردة على سياسات بوش والمحافظين الجدد، وبالتالي تكون الاستقالة، غير المعلنة أفضل الطرق. لكنها استقالة العقل الغربي عن المبادرة قبل كل شيء.

والمقدر اليوم أن المشهد سيتجه في سورية صوب مزيد من الخراب الذي يتحول في نهاية العام الحالي، وربما قبل ذلك، أزمةً تهدد الأمن العالمي، إن لم تفجره، وثمة من يبني معطيات هذا الاحتمال ويثمّرها.

=====================

الحمد لله.. الرئيس بشار باق حتى 2014!

عماد الدين اديب

الشرق الاوسط

4-3-2013

أكد وزير الخارجية الإيراني أول من أمس عقب لقائه مع نظيره السوري وليد المعلم أن الرئيس بشار الأسد سيشارك في انتخابات الرئاسة المقبلة في سوريا التي تستحق رسميا في 2014 المقبل!

وجاء تصريح الوزير الإيراني ليطمئن الملايين من السوريين والعرب والمجتمع الدولي الذي كان قلقا على مستقبل سوريا دون ضمان وجود الرئيس السوري لحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحماية البلاد والعباد من المجازر!

المذهل في التصريح هو أنه يأتي من وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، وليس من نظيره السوري!

المذهل أن وزير خارجية دولة أخرى يعلن قيام رئيس دولة ثانية وبقاءه في المنصب والتأكيد على قيامه بالمنافسة على الرئاسة رغم وجود وزير خارجية الدولة المعنية على بعد 3 خطوات منه!

وكأن طهران وليس دمشق هي مكان تأكيد بقاء الدكتور بشار في منصبه أو عدم بقائه. وكأن علي أكبر صالحي يقول للأميركيين بشكل واضح إن أي تفكير جدي في تركيبة وشكل النظام في سوريا لديها 3 قواعد رئيسية من منظور طهران:

أولا: إن دكتور بشار لن يرحل الآن ولا تفكير في أي عمل جدي قبل 2014.

ثانيا: إن خير مخرج مشرف لبشار هو عبر أسلوب الانتخابات الرئاسية الرسمية ولا أحد يعرف هل سيرشح الرئيس نفسه عند الاستحقاق الرئاسي أم لا؟

ثالثا: إن طهران تدعم - فقط - أسلوب الحوار للتوصل إلى تسوية، وإنها ترى أن العمل العسكري لا منتصر فيه.

ورغم هذا الشعور الإيراني، فإن خط إمداد دمشق بالمال والسلاح لا يتوقف ليل نهار منذ بدء الأزمة حتى كتابة هذه السطور.

أزمة إيران الكبرى أن زعماءها يعيشون في واقع افتراضي يقوم على مبدأ أن ما تتمناه هو ما سيحدث بصرف النظر عن مطابقة هذه الأمنيات لهذه الحقائق الموضوعية على أرض الواقع.

إن أزمة العقل السياسي الإيراني هي إيمانه الدائم والمطلق بسياسة حافة الهاوية التي تقوم على فكرة التصعيد المستمر مهما كان الثمن ومهما كانت العواقب!

المذهل أن صالحي بدأ يتحدث عن ضرورة قيام المنافسين للأسد بعدم مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة وأن «عليهم أن يقدموا برامجهم للجماهير». وكأن شيئا لم يحدث. وكأن مجازر لم ترتكب. وكأن ملايين النازحين لم يرحلوا. وكأن اقتصاد البلاد لم يدمر. وكأن مكانة سوريا الدولية لم تهتز. كل ذلك مطلوب أن ينساه الناس ويصمتوا ويصبروا على الابتلاء وينتظروا حتى انتخابات 2014 الرئاسية؟! هل هذا معقول؟

=====================

أوهام الأسد.. ركوب القطار الخطأ

اليوم السعودية

4-3-2013

جدد رئيس النظام في دمشق، في مقابلة صحفية أمس، أوهامه بأنه لن يتنحى، كما لم يظهر أي أسف على الأرواح التي تحصدها آلة رعاته الحربية. وأظهرت تصريحات الأسد الجديدة أنه لا يزال يعيش في الوهم وأنه لا يزال أسيراً للسيطرة الإيرانية الروسية. إذ لم يدل بأي حديث مسئول، سوى أنه قال إنه مستعد لمحاورة الذين يضعون السلاح. وحتى هذه الفكرة الخرقاء، لا تستقيم مع الواقع، وتحمل في طياتها إهانة للسوريين، إذ يطلب منهم الاستسلام والتخلي عن أسلحتهم، فيما الأسلحة الروسية تدك المدن السورية، والميليشيات الإيرانية تتجول في المدن الاسيرة لدى النظام.

 وقال وزير الخارجية البريطانية أمس إن تصريحات الأسد تحمل قدراً كبيراً من الأوهام. والحقيقة ان الأسد يعيش في وهم أنه زعيم سوريا، بينما الحقيقة أنه يعمل رئيساً ولكن السلطة الفعلية بيد الميليشيات الإيرانية في القصر الجمهوري التي تلتزم بتعليمات طهران أكثر مما تلتزم بتعليمات الأسد. ويبدو أن الأسد لا يود أن يعترف بهذه الحقيقة أو يتظاهر أنه يجهلها ويركن إلى الأوهام.

ولو أن الأسد يفيق من أوهامه لأدرك أنه يركب القطار الخطأ، وأن موقعه ومسئولياته تحتم عليه أن يتصرف كرئيس مسئول وكوطني مخلص، لا أن يصغر دوره إلى درجة أن يرضى بأن يتلقى تعليمات من مستشار في السفارة الإيرانية، طبقاً للوثائق المنشورة عن مراسلات الأسد اليومية.

لو أن الأسد يفيق من أوهامه لربما تمرد على كونه مجرد منفذ في مؤامرة كبرى تستهدف تركيع السوريين جميعهم واخضاع سوريا لسيطرة نفوذ أجنبي حاقد. لأنه ان استمر في دور المؤدي للمؤامرة فسوف يواجه محاسبة عسيرة من الشعب السوري.

 ولكن يبدو أن الأسد استمرأ دوره الثانوي في اللعبة الكبرى، أو أن اللاعبين الماكرين أوهموه أنهم سوف يساندونه ولكنهم في النهاية سوف يلبسونه كل المؤامرات القذرة وكل الظلمات التي حلت في سوريا ليأتوا برجل آخر يزعمون نظافته وأهليته ليحل محل الأسد في قيادة الطائفة العلوية، وليكون رجل إيران الجديد. ويبدو أن من أوهام الأسد أنه يعتقد أن طهران وموسكو تدافعان عن زعامته، بينما هما يساومان على رأسه، لأنه من غير المعقول أن تعاند طهران الحقائق اليومية والواقع، وتصران على هزيمة الشعب السوري الذي يسجل انتصارات جديدة على الرغم من سطوة العدوان الرباعي الإيراني الروسي الأسدي الإسرائيلي، حيث يواجه السوريون حملات التطهير العرقية بشجاعة تضرب بها الأمثال.

=====================

سوريا: السلاح... السلاح

تاريخ النشر: الإثنين 04 مارس 2013

عبدالله بن بجاد العتيبي

الاتحاد

صوت السلاح وقدرة السلاح وأهمية السلاح باتت المحرّك الأول لكل ما يجري في سوريا في ظل أزمة لم تزل تنتفخ وتكبر تحت مرأى العالم ومسمعه حتى غصّت بنفسها وغصّ بها العالم.

لم يزل النظام السوري يتسلح علناً من قبل دولتين معروفتين هما روسيا وإيران، وقد دخلت على الخط دولة العراق وحكومة نوري المالكي التي نقل عنها بعض الناشطين السوريين أنها تنقل السلاح لنظام بشار، وهو ما أكده بعض رموز المعارضة السورية، ورئيس أركان "الجيش السوري الحرّ" أضاف بأن مروحيةً عراقيةً قصفت معبر اليعربية بعد سيطرة "الجيش الحر" عليه، وقد كان حرياً بالسيد المالكي إنفاق فوائض ميزانيات العراق الجديد على توحيد الجبهة الداخلية في بلاده والتوجه للتنمية بدلاً من الدخول في صراعاتٍ إقليمية لا ناقة للعراق فيها ولا جمل.

ومن هنا فيجب ألا يكون مستغرباً أن تعمل بعض الدول الصديقة لسوريا على تسليح "الجيش السوري الحرّ" بشتى أنواع الأسلحة التي تمكّنه من مواجهة قوة السلاح وماكينات القتل المتعسف وغير المسبوق الذي يفرضه النظام لغةً واحدةً لا يفهم غيرها، وقد اتخذت الدول الغربية قراراً يسمح بتوفير بعض المعدات العسكرية لـ"الجيش السوري الحرّ" بحوالي ستين مليون دولار، وهي خطوة مهمة إذا تمّ ربطها بثلاثة أمورٍ: أولاً: أنها إشارة للنظام في أنّ الأوضاع الحالية لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، وأن عليه أن يقبل التفاوض الذي لم يزل يتكبّر عليه. ثانياً: أنّه استمرار لنشاطات بعض الدول الصديقة للشعب السوري التي كانت تسعى جهدها لتوحيد "الجيش الحرّ" وتسليحه بأسلحة نوعية تفيده في معركته ضدّ النظام الأبشع في القرن الحادي والعشرين، وأن هذه الجهود يمكن أن تتسع في المستقبل القريب. ثالثاً: أن تلك المعدات يمكن للجيش الحرّ الذي طوّر آليات ومعدات كان يصنعها بإمكانياته البسيطة والضئيلة أن يستفيد منها هذه، وأن يحوّلها لقوة عسكرية تخدمه وتعزز من قدراته على حسم المعركة، وإجبار النظام على أن يتخلّى عن شيء من دمويته حين يرى كفة ميزان المعركة تتحرك في اتجاهات لا يرغبها وربما لم يفكر فيها.

لم يزل النظام السوري وراعيته وحاميته الإقليمية يوقدان نيران الفتنة ويستخدمان لذلك كل الأوراق بما فيها أوراق التوت الأخيرة التي تستر ما تبقّى من سوءاتهما في التنكيل بالشعب السوري، وقد حذّر الكثيرون من قبل ومن بعد من أن هذه النيران ما لم يتمّ تدارك الأوضاع في سوريا ستنتقل لدول الجوار، وها هو "حزب الله" بعد تدخلاته التي أصبحت معروفة واشتراكه في قتل الشعب السوري بجوار النظام يجبر "الجيش السوري الحرّ" على التصدّي له والتهديد بنقل المعركة إلى مقرّاته المستقرة وفروعه في داخل العمق اللبناني، بل ها هي لبنان تتراقص على صفيح ساخن من تصاعد الشحن الطائفي ومحاولات تعبيره عن نفسه بأكثر من طريقة وهو البلد الذي عرف جيداً معنى الحرب الأهلية والطائفية، ويجب ألا يتسامح أهله مع من يسعى لجرّهم لحرب جديدة تأكل الأخضر واليابس من جديد.

كما كان على الشعب السوري -للأسف الشديد- أن يحصد حنظلاً آثار التخبط في السياسات الدولية تجاه ما يجري في المنطقة، فيبدو أن على "الجيش السوري الحرّ" أن يقوم بتغييرات دراماتيكية على الأرض تظهر بوضوح للعالم تغيراً في معادلة القوة وموازين الصراع في الداخل السوري مع النظام، بحيث يجد العالم نفسه مجبراً على إعادة النظر في مواقفه السلبية تجاه سوريا.

يتحدث النظام السوري عن مجموعات مسلحة تنتمي لتنظيم "القاعدة"، أو هي على نفس أيديولوجيته وطريقته، وهذا صحيح ولكنّ النظام نفسه مسؤول عن خلقها، وقد كان في فترة سابقة قبل أن يحمل السوريون السلاح دفاعاً عن أنفسهم يتمنّى وجودها ويسعى لخلقها حتى يبرّر حجم وحشيته للعالم، والعالم الذي ظل يتفرّج على كل تلك القوّة الغاشمة المسلطة على شعب أعزل مسؤول كذلك عن وجود هذه الجماعات، فهذه المناخات هي التي تتكاثر فيها هذه الجماعات وتجد فيها محضناً لانتشارها.

هذا صحيح، ولكن غير الصحيح هو وصم "الجيش السوري الحرّ" بكتائبه وسراياه وقادته وجنوده بأنّهم مجرد جماعات مسلحة إرهابية وهو ما يسعى نظام الأسد وحلفاؤه لترويجه وضخه على كل المستويات، ثم إنّ هذه الجماعات لم تزل محدودة التأثير حتى الآن ولم يزل الشعب السوري قادراً على احتوائها بشرط المبادرة والتعجيل بإنهاء الأزمة في سوريا عبر حلول سياسية تنهي النظام القائم برمّته وتؤمن بناء سوريا الجديدة.

إنّ القضاء على جماعات بعينها لم يزل ممكناً غير أنّ ما خرج من قمقم التاريخ من إحن الطائفية والمذهبية وغل الانتقام سيبقى طويلاً وستجد سوريا الجديدة نفسها غارقة فيه، وهو ما يجب أن تعدّ العدّة له منذ الآن، ولن تكون مهمة الخلاص منه سهلة ولا طمر ذيوله ونكباته يسيراً بأي حال من الأحوال.

إنّ المقارنة بين النظام السوري وراعيته وحاميته الإقليمية من جهة والدول الصديقة للشعب السوري وبخاصة العربية منها من جهة أخرى هي مقارنة مع الفارق، ذلك أنّ النظام السوري وإيران نظامان خارجان عن القانون وسياساتهما قائمة على استخدام شتى أنواع التدخلات والتفجيرات في كل مكان يستطيعان الوصول إليه، وذلك بعكس الدول الصديقة للشعب السوري التي لم تزل تتحرك ضمن القانون الدولي والشرعية الدولية، وتحترمان سيادة الدول وتراعيان حقوق الإنسان، وهذا التفريق مهم في هذا السياق حتى لا يحسب أحدٌ أن في الأمر ضعفاً أو تخاذلاً.

هذه التحركات الدولية والعربية على صغر حجمها حتى الآن إلا أنّها أجبرت "المعلم" ومعه "صالحي" على الاعتراف بأنّ الحوار يجب أن يكون هو الحلٌ، مع أنّ الحوار مع هذا النظام لم يعد حلاً، وأكثر من هذا لقد أصبح المعلّم مستعداً للحوار مع من يحمل السلاح وهو تطوّرٌ ذو أهمية خاصة، فهل هو مستعد للحوار مع الجماعات الإرهابية؟ أم أنّه اعترافٌ بأنّ من يحمل السلاح هم الشعب السوري ضد بطش النظام وآلته العسكرية الرهيبة؟ منطق التاريخ وطبيعة البشر والمجتمعات والشعوب يؤكدان أنه لا أمل في أن يستمر النظام السوري، ويبقى السؤال فقط عن التوقيت والطريقة التي سيزول بها النظام.

=====================

سوريا.. أوضاع إنسانية متردية

رأي البيان

التاريخ: 04 مارس 2013

تعيش سوريا رحى أزمة إنسانية طاحنة، من جراء الأزمة السياسية القاتمة التي تعيشها البلاد منذ قرابة العامين. ومع كل يوم يمر تزداد معاناة المدنيين وتزداد الأوضاع الإنسانية تدهوراً، فالفارون من النزاع في تركيا زادوا على 70 ألف لاجئ، وضعفهم في الأردن، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 150 ألف لاجئ سوري هناك، فضلاً عن اللاجئين في لبنان وفي العراق، وآلاف غيرهم توزعوا في أنحاء مختلفة من العالم، دون أن يحملوا صفة لاجئ.. هذا فضلاً عن النازحين داخل الأراضي السورية، الذين فروا من منازلهم ومناطق سكناهم، إما لأنها دمرت وإما لأنها لم تعد توفر الحد الأدنى من الأمن لهم ولأسرهم.

إن الوضع الإنساني السوري ينذر بكارثة حقيقية، ربما يكون من الصعب تفادي آثارها في المستقبل، فالمنازل التي تهدم والبيوت التي تقصف والأحياء التي تدمر، والمستشفيات التي تئن تحت وطأة نقص الدواء والأدوات الطبية، نماذج على تدهور الأوضاع بشكل يدعو الجميع للتكاتف من أجل البحث عن أفق لمواجهة هذه الكارثة.

ولعل التحذيرات التي تطلق كل يوم، لا سيما عن الجهات الدولية مثل الأمم المتحدة والهيئات والمنظمات التابعة لها، تكون جرس إنذار جديداً يذكر بمأساة الشعب السوري، وضرورة البحث عن حلول للخروج من هذه المأساة المتفاقمة.

إن مجلس الأمن الدولي مدعو للعب دور أكبر في سبيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين الذين يعانون من نقص في كل شيء، من الغذاء والدواء والحاجات الأساسية الضرورية، وعليه مسؤولية الضغط على كل الأطراف من أجل السماح بوصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المتضررين.

كما أن جامعة الدول العربية يقع على عاتقها أيضاً بذل جهد أكبر في هذا الإطار، والسعي للضغط على النظام السوري وحلفائه من أجل السماح بوصول المساعدات الإنسانية، فالتقارير الحكومية السورية الرسمية تشير إلى أن نحو 1.2 مليون شخص يقيمون في مبان عامة كالمدارس، بينما يقيم آخرون مع أقاربهم وأصدقائهم.

إن القوى الدولية والإقليمية جميعها مدعوة لمد يد العون، لتخفيف المعاناة من جراء الوضع الإنساني المتدهور في سوريا، قبل فوات الأوان.

=====================

جون كيري وتحدّي الصقور حول سوريا

المصدر:  صحيفة غارديان البريطانية

التاريخ: 04 مارس 2013

البيان

في أول جولة خارجية له في وظيفته الجديدة، تلقى وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري ورئيسه باراك أوباما، صفعة حادة.

فلقد تحولت مهمته في أوروبا والشرق الأوسط، والتي صرح مسؤولوه بأنها ستكون "للاستماع" لأفكار حول ما يجب فعله بشأن سوريا، إلى جهد مذل وإن كان محدود الضرر، حيث رفض الائتلاف الوطني السوري، وهو مجموعة المعارضة التي يدعمها الغرب، اجتماعاً كان مقرراً في روما مع "جون كيري" (قبل أن يتراجع لاحقاً).

ويتهم الائتلاف أميركا وحلفاءها بأنهم ساهموا في تدمير سوريا، من خلال الامتناع عن التدخل عسكرياً، سواءٌ بتسليح الثوار أو من خلال تدخل مباشر كما حصل في ليبيا.

لم تكن إدارة أوباما قد تلقت مثل هذا التحدي من قبل أصدقاء مزعومين، منذ رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وقف توسيع مستوطنات إسرائيل غير القانونية حول القدس الشرقية، رغم اعتماد إسرائيل بشكل كبير على أسلحة وأموال ودعم أميركا الدبلوماسي، لكنها تظل حليفاً عملاقاً لأميركا، مقارنة بالمجموعة المنقسمة على نفسها بشكل كبير، من المنفيين الذين يشكلون الائتلاف السوري المعارض.

ما الذي ستقوم به واشنطن حالياً؟ أوباما، كما نعلم، كان حمامة سلام نسبياً العام الماضي، عندما رفض مقترحات من وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والجنرال الأميركي ديفيد بيتروس، بمد الثوار بأسلحة أميركية.

وقد بدا أيضاً غير متحيز أخيراً، خلال مقابلة مع مجلة "نيو ريبابلك"، عندما تساءل علناً عما إذا كان باستطاعة الولايات المتحدة "إحداث فرق في سوريا"؟

لكن الصقور في واشنطن لم يستسلموا، حيث نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" أخيراً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يحدث انعطافاً في القضية. لذلك كانت هنالك شكوك، منذ البداية، بأن تجاهل الائتلاف الوطني السوري لجون كيري، لم يكن كما بدا عليه، وقد يتم عكسه.

فالبعض من هيئات مختلفة مثل "البنتاغون"، وإدارة الاستخبارات المركزية، ومؤسسات المحافظين الجدد، ما زالوا يرغبون في تعميق الصبغة العسكرية للصراع.

تسليح الثوار لن يقوم بتغيير الوضع العسكري الذي يعتبر في حالة جمود، حيث لن يستطيع الثوار ولا جيش الحكومة تحقيق النصر، إضافة إلى أن المزيد من الأسلحة سيزيد من حدة القتل، ومن صعوبة تقديم مساعدات لملايين النازحين الذين اضطروا للفرار من منازلهم.

ومن الخطر أيضاً وضع مزيد من الأسلحة في أيدي الجهاديين والمتشددين الذين يقومون بمعظم الهجمات، وكذلك يفجرون القنابل التي تقتل المدنيين في مدينة دمشق ومحافظة حلب.

ليس هنالك شك في أنه إذا كان هنالك تغيير في سياسة الولايات المتحدة، فإن النقاش سيتركز على تسليح "المعتدلين"، لكن بوجود فوضى على الأرض، حيث تتنافس مئات الألوية المحلية المتفاوتة على السلاح الأفضل، فإن هنالك القليل الذي يمكن فعله لوقف إرسال الأسلحة الأميركية للمتشددين.

=====================

لا حياد في المعارك الأخلاقية الكبرى!

فيصل القاسم

4-3-2013

الشرق

يمتلكني غضب شديد وإحساس بـ"القرف" عندما أسمع البعض يدعو إلى الموضوعية والحياد والنزاهة والمهنية عندما يكون الصراع قائماً بين ظالم ومظلوم، أو بين ضحية وجلاد، أو قاتل ومقتول، أو ثائر وطاغية، أو ذابح ومذبوح، أو جيش مدجج بالسلاح وشعب أعزل، أو بين من يطالب بالحرية والكرامة ومن يدوس الحريات والكرامات.

كم أشعر بالاشمئزاز عندما أقابل شخصاً مازال متردداً في اتخاذ موقف صريح لصالح المظلومين والمذبوحين بحجة أن المسألة مازالت ضبابية، وأنه لم يتأكد بعد من هوية الجاني والمجني عليه. ومن الأكثر إزعاجاً أن تجد بعض الإعلاميين الذين يتشدقون بضرورة التعامل بموضوعية ونزاهة مع الثورات العربية ضد الطغاة والقتلة والجزارين؟ هل من الموضوعية أن تعمل على إبراز وجهة نظر الطواغيت والسفاحين والمجرمين وإعطائهم منبراً كي يتقيأ المتحدثون باسمهم والمدافعون عنهم ترهاتهم وأكاذيبهم وحزعبلاتهم الرخيصة على الناس؟

 لا أدري لماذا تثور ثائرة بعض المتشدقين بالحيادية والموضوعية عندما تنحاز بعض وسائل الإعلام لجانب الشعوب الثائرة وقضاياها العادلة ضد الظلم والقهر والفقر والاضطهاد؟ هل يعقل أن نطالب تلك الوسائل بأن تكون حيادية ومهنية في معارك أخلاقية عظيمة، الباطل فيها جلي، والحق أجلى؟ لا أدري لماذا ينزعج البعض من مجرد الوقوف إلى جانب المذبوحين بحجة المهنية والموضوعية والحيادية. لماذا يزايدون حتى على أعتى الديمقراطيات الغربية التي لم تتخذ يوماً موقفاً "ديمقراطياً" من أعدائها؟

متى شاهدتم وسيلة إعلام غربية واحدة تحاول إبراز وجهة نظر الخصوم في أوقات الحروب؟ هل كانت وسائل الإعلام الأمريكية "الديمقراطية" مثلاً تبرز وجهة نظر أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة أثناء الغزو الأمريكي لأفغانستان؟ أم أنها كانت تعمل بشتى الطرق على شيطنته وتشويهه في نظر العالم؟ هل سمحت هيئة الإذاعة البريطانية للنازيين أثناء الحرب العالمية الثانية بالتعبير عن وجهة نظرهم "النازية" في خضم المعارك الدائرة بين قوات الحلفاء والمحور؟ طبعاً لا، ومن حقها. ألم تشاهدوا ما أصبح يعرف لاحقاً في الإعلام الغربي بظاهرة "الصحفيون المرافقون" 'EMBEDDED JOURNALISTS"؟ ألم يرافق هؤلاء الصحفيون القوات الغربية في هذا البلد أو ذاك لإبراز وجهة نظرها وحدها دون غيرها وتشويه وجهة نظر الطرف الآخر؟ ألم يكن أولئك الإعلاميون ينظرون إلى الأمور من وجهة نظر محددة لا يمكن أن يحيدوا عنها قيد أنملة، وهم الذين يتشدقون بالديمقراطية وحرية التعبير والتعددية وغيرها من الكليشيهات الديمقراطية الممجوجة؟ طبعاً لا أثني بأي حال من الأحوال على هذه التصرفات الإعلامية القميئة، لكن أسوقها كأمثلة في وجه أولئك الذين يريدون من وسائل الإعلام أن تقف على الحياد في القضايا التي لا تحتاج إلى أخذ ورد، والأسود فيها واضح والأبيض أوضح، كثورات الشعوب العربية ونضالاتها الحالية العظيمة ضد قوى البغي والطغيان المتمثلة بالديكتاتوريات الساقطة والمتساقطة.

من الخطأ الشديد أن يتشدق المرء بالموضوعية والحيادية في مثل هذه الأمور. لا حياد في هذه المعارك، وعلى كل من يمتلك ذرة إنسانية أن يختار الجانب الصحيح فوراً دون أدنى تردد، حتى لو كان إعلامياً، فالإعلام ككل المواقف الإنسانية الأخرى يجب أن يصطف مع الخير ضد الشر دون أدنى تلكؤ أو تعلل بالحياد والنزاهة.

كل من يتحجج بالموضوعية والحيادية والمهنية في المعارك الأخلاقية الكبرى كثورات الشعوب هو في الجانب الخطأ بقصد أو بغير قصد. كم كان مارتن لوثر كنغ مصيباً عندما قال: إن"أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يقفون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة، وأن المصيبة ليست في ظلم الأشرار وإنما في صمت وحياد الأخيار". كم كان أينشتاين محقاً عندما قال:" لا شك أن الأشرار في العالم يشكلون خطراً، إلا أن الخطر الأعظم يكمن في الأخيار الذين يقفون محايدين حيال ذلك الشر". ألا يقولون أيضاً إن الساكت عن الحق شيطان أخرس، فكيف من يقف ضده بحجة الحيادية؟ إن الوقوف على الحياد في معركة بين القوي والضعيف هو وقوف مع القوي المتجبر بالنتيجة. كم هي محقة الإعلامية الأمريكية المشهورة كريتسان أمانبور عندما تقول: "في نقطة ما يكون الوقوف على الحياد تواطؤاً مع المعتدي". ونحن نقول أيضاً إن الوقوف على الحياد في ثورات الشعوب الكبرى ليس حياداً، بل هو موقف سياسي بامتياز يجيّره الطواغيت لصالحهم بحجة أن السكوت علامة الرضا، خاصة أننا نعلم أن الساكت عن الحق شيطان أخرس كما علمتنا ثقافتنا العربية والإسلامية العظيمة.

 ما أتفه أولئك الذين يكتبون عن فوائد البطيخ ومضار الشيشة على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بينما يرون الموت والخراب والدمار من حولهم، بحجة الوقوف على الحياد. الموقف الأخلاقي الحقيقي هو الوقوف مع العدل ضد الظلم الواضح، ومع الحرية ضد الاستبداد البيّن. متى يدرك الواقفون على الحياد أنه لا يوجد قيمة لموقف المحايدين في القضايا الكبرى إلا لصالح الظالمين؟ إنه تواطؤ مقنّع حقير. متى يخجل أتباع "حزب الكنبة" من أنفسهم؟ قال حياد قال!

 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ