ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 07&08-03-2013 'البعثي
السوبرمان': نصف قرن من سفاح الفكر
وتحلل الرخويات صبحي حديدي 2013-03-07 القدس العربي المرء الزائر للموقع
الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي
سوف يلاحظ أنّ العدد الأحدث من 'المناضل'،
مجلة الحزب الداخلية، مزدوج يحمل
الرقمين 416 ـ 417، ويعود إلى سنة 2012. فإذا
ذهب إلى الافتتاحية، التي كتبها فواز
صياغ رئيس التحرير، فسيقرأ التالي: 'ما
الذي جنته جماهير الأمة العربية بعد
عامين مما سمي بثورات 'الربيع العربي'
حسب تعبيرات الغرب الاستعماري والقوى
الرجعية والسلفية السائرة في ركابه
والمرتمية في أحضانه؟ لو استعرضنا
أوضاع الدول التي اجتاحتها عاصفة ذلك 'الربيع'
المشؤوم لوجدناه قد ترك فيها ندوباً
عميقة وخريفاً بائساً، شمل مناحي
الحياة المتعددة منها: السياسية،
والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية،
والثقافية. إذ عبث بنسيجها الاجتماعي
وفكك عرى الترابط والوحدة بين أبناء
البلد الواحد، وتغلغل حتى العظم في
لحمتها الوطنية فكاد أن يفرق الأخ عن
أخيه، والابن عن أبيه، والزوج عن زوجه'. هل هذا هو الحزب الذي
يرفع شعار 'أمة عربية واحدة/ ذات رسالة
خالدة'، وأهدافه هي مثلّث 'وحدة، حرية،
اشتراكية'؟ هو ذاته، بصرف النظر عمّا
يقوله الرفيق صياغ، إذْ سرعان ما نقرأ
لقاء رفيق بعثي آخر، هو عبد الله
الأحمر، الأمين العام المساعد للحزب،
مع 'وفد شعبي أردني' ترأسه فؤاد دبور،
أمين عام حزب البعث العربي التقدمي في
الأردن: 'القوى الاستعمارية أدركت أن
تنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية لن
يتحقق بوجود سورية الدولة القوية
الممانعة، لذلك عملت على توظيف كل
إمكاناتها السياسية والاقتصادية
لضربها وتفتيتها'؛ لافتاً إلى 'دور
الإعلام الوطني السوري في كشف وتفنيد
فبركات الإعلام المغرض الذي يشوه
الحقائق ويبرر أعمال المجموعات
الإرهابية المسلحة من تخريب وحرق
لمؤسسات الدولة، فضلاً عن أعمال القتل
بحق المواطنين السوريين'. القيادة القومية
للحزب، احتفاء بالذكرى الخمسين لـ'
ثورة الثامن من آذار المجيدة'، التي
تحلّ اليوم 8/3/2013، أصدرت بياناً قالت
فيه: 'تهلّ علينا ذكرى الثورة التي
فجرها حزب البعث العربي الاشتراكي
وجماهير حزبنا وشعبنا تواجه مؤامرة
شرسة واستهدافاً غير مسبوق لأمنها
واستقرارها هدفه إضعافها وتدميرها،
وهي اليوم أكثر قوة وتمسكاً بمبادئ
الثورة والحزب وأهداف الأمة العربية
القومية، وأشد صموداً وصلابة في وجه
المؤامرة وإصراراً على مواجهة المخطط
الأمريكي ـ الصهيوني الرامي الى تمزيق
الأمة ونهب ثرواتها والسيطرة على
مقدراتها'. الأبعاد القومية لا تنتهي
هنا، بالطبع، إذْ تدعو القيادة 'كل
البعثيين أينما وجدوا على الأرض
العربية، وكل قوى التقدم والتحرر في
الوطن العربي، لتحمل مسؤولياتهم في
الدفاع عن سورية وشعبها وموقفها
المقاوم والوقوف الى جانبها لدحر
الهجمة المعادية، لأن انتصار سورية هو
انتصار للعرب ولكل أنصار الحرية
والتقدم'! ولكي لا يساور أحد
الشك بأنّ مفردات الخطاب البعثي لم
تتزحزح قيد أنملة عن الترسانة العتيقة
ذاتها، المتخشبة الجوفاء المهترئة
المستهلَكة، تكفي قراءة الفقرات
الأخرى من البيان، التي تفصّل القول في
أنّ 'القطر العربي السوري يواجه أخطر
هجمة استعمارية صهيونية في تاريخه
الحديث'، حيث الأهداف الخبيثة تتجاوز 'تدمير
ما بنته الجماهير خلال العقود الماضية
من عمر سورية الحديث'، لتشمل تمزيق
الوحدة الوطنية للشعب، وإثارة الفتن
والنعرات وتدمير صيغة العيش المشترك
التي عرفت بها سورية منذ أقدم العصور
وتشكل النموذج الذي يحتذى به بالنسبة
لشعوب العالم الأخرى'. ومَن المستفيد
الأول، هنا؟ 'الدوائر الصهيونية'، غنيّ
عن القول؛ التي 'عبّرت عن ارتياحها
لنتائج الأزمة باعتبار أنها حققت ما
عجزت عنه آلة الدمار والخراب
الاسرائيلية على مدار عقود مضت دون أن
تطلق رصاصة واحدة'! بيد أنّ التسمية
الأخرى لهذه المناسبة الخمسينية هي
الانقلاب العسكري الذي جاء بحزب البعث
إلى السلطة في سورية، حين فُرضت، ثمّ
تضخمت على نحو سرطاني حال الطوارىء،
فصارت تتيح سنّ المزيد من القوانين
القمعية العرفية والاستثنائية
المحدِّدة للحريات، وإنشاء المحاكم
الخاصة الاستثنائية، وزجّ الآلاف في
السجون، وممارسة أبشع طرائق التعذيب
الوحشية. تلك كانت 41 سنة من الاستبداد
المتضاعف، الذي اقترن بالفساد والنهب
مع انقلاب حافظ الأسد على رفاقه، خريف
1970؛ وكذلك إرساء مبدأ التوريث، وتنصيب
بشار الأسد خليفة لأبيه، بعد ساعات
أعقبت وفاة الأخير، في حزيران (يونيو)
سنة 2000. أرقام المعتقلين، والمفقودين،
وقتلى المجازر الجماعية، سوف تبلغ
عشرات الآلاف، قبل أن تقفز معدلاتها
بصفة جنونية بعد انطلاقة الانتفاضة،
في آذار (مارس) 2011. هذا السجلّ الشائن
يُنسب، في معظمه، إلى 'الحركة
التصحيحية' وآل الأسد؛ لكنه، في
الحصيلة، سجلّ نظام البعث الذي حكم منذ
العام 1963، بمختلف أجنحته 'اليمينية' و'اليسارية'،
أيّام الفريق أمين الحافظ مثل الفريق
حافظ الأسد، وفي رعاية ميشيل عفلق مثل
صلاح جديد: هذا هو سجلّ حزب البعث
الحاكم، باختصار تقتضيه الحقيقة،
وبأمانة هي أضعف الإيمان تجاه ذكرى
وحقّ وحقوق مئات الآلاف من الضحايا.
وليست مواقف البعثيين الراهنة، في
سورية كما في الأردن أو العراق أو
اليمن أو أي 'قيادة قطرية' بعثية أخرى
تدين بالولاء لآل الأسد، إلا زفرات جثة
آيلة إلى تفسخ، لم تعد خارج التاريخ
والمعيش الشعبي العربي، فحسب؛ بل هي
فقدت حتى قيمة المستحاثة التي تؤشّر
على تاريخ ما، لرخويات متحللة (أحد
البعثيين اليمنيين، على سبيل المثال،
ينبّه الإنسانية إلى أنّ التضامن مع
الأسد 'نابع من انتمائنا القومي... ضدّ
أحفاد بني صهيون')! وفي الموسوعة
البريطانية، مادّة 'حزب البعث'، نقرأ
ما يلي: 'حزب سياسي عربي يدعو إلى قيام
أمّة عربية اشتراكية واحدة. للحزب فروع
في العديد من بلدان الشرق الأوسط، وهو
حاكم في سورية والعراق. تأسس الحزب سنة
1943 في دمشق علي يد ميشيل عفلق وصلاح
الدين البيطار، وأقرّ دستوره سنة 1947،
واندمج مع الحزب العربي الاشتراكي
لتشكيل حزب البعث العربي الاشتراكي'.
الأرجح، بالطبع، أنّ أية طبعة جديدة من
الموسوعة البريطانية سوف تتضمن إدخال
تعديلين حاسمين على معلومات هذه
المادّة: أنّ الحزب لم يعد حاكماً في
العراق، وأنّ مفردة 'اشتراكية' فقدت
كلّ مدلولاتها في عقيدة الحزب الراهنة...
ما تبقى منها في كلّ حال! زكي الأرسوزي (1908 ـ
1968)، خرّيج الفلسفات الفرنسية مطالع
القرن الماضي، وأحد الآباء الروحيين
المؤسسين للحزب، كان يقول: 'العربي
سيّد القدر'، ولسوف ينشأ كيان عربي
جبار موحد، عندما يستردّ هذا العربي
هويته التي ضيّعها على امتداد آلاف
السنين. أكرم الحوراني (1911 ـ 1996) قاد
انتفاضة الفلاحين في ريف حماة ضد
الإقطاعيين، وعقد مؤتمراً للفلاحين في
حلب، أيلول (سبتمبر) 1951، حضره مئات من
الفلاحين، وصار سابقة على نطاق تنظيم
الطبقات الفلاحية العالم العربي.
ميشيل عفلق (1910 ـ 1989)، أبرز الأسماء في
لائحة المؤسسين، عاد من دراسته في
جامعة السوربون بمزيج عجيب من فيخته
ونيتشه: من الأوّل ميتافيزيقا الأمّة
الألمانية، ومن الثاني فلسفة القوّة
التي سيسقطها على شخصية البعثي
السوبرمان! بدأ هذا الحزب، إذاً،
في سياق من سفاح عجيب بين الفلسفات
والطبقات والشعارات، وهو اليوم يلفظ
أنفاسه بطيئاً وسط سياقات مناسبة من
سفاح عجيب آخر يزاوج فلسفة السوق
والاستبداد، والجمهورية الوراثية
بالوطن ـ المزرعة! ومن مجازر حماه 1982 في
سورية (قرابة 15 ألف قتيل على الأقل)،
إلى مجزرة حلبجة في العراق (جريمة
الحرب التي قد تكون أفظع مجزرة كيماوية
ضدّ المدنيين في تاريخ البشرية)؛ ومن
احتلال لبنان وضرب المخيمات
الفلسطينية والتفرّج على الاجتياح
الإسرائيلي لبيروت، إلى احتلال
الكويت، والقتال تحت راية 'عاصفة
الصحراء'؛ وصولاً إلى الحصيلة الراهنة
في سورية، حاضنة تأسيس الحزب: 71,205
ضحايا، بينهم 4,898 طفلاً، و3,893، و1,000,669
لاجئاً... ثمة، في هذا كله، منطق صارم
يربط البدايات بالمآلات، ويفضي إلى
النهايات. وبين النهايات
الأحدث كان تأجيل المؤتمر القطري
الحادي عشر، إلى أجل غير مسمى؛ وقبله
أُريد للمؤتمر العاشر، أواسط سنة 2005،
أن يكون 'القفزة الكبيرة في هذا البلد'،
حسب تعبير الأسد نفسه، في خطابه أمام
مجلس الشعب يوم 5 آذار تلك السنة، ويتضح
اليوم أنه لم يكن قفزة بأيّ معنى، حتى
إلى وراء! وكان المؤتمر ذاك قد شدّد، في
الشؤون الداخلية وحدها، على 'تنظيم
علاقة الحزب بالسلطة'، ودوره في 'رسم
السياسات والتوجهات العامة للدولة
والمجتمع'، و'تحديد احتياجات التنمية'.
وفي مسائل 'تطوير النظام السياسي
وتوسيع دائرة العملية السياسية'، أوصى
المندوبون بـ'مراجعة أحكام دستور
الجمهورية العربية السورية بما يتناسب
مع التوجهات والتوصيات الصادرة عن
المؤتمر'؛ وأكدوا 'أهمية دعم أجهزة
السلطة القضائية واستقلاليتها'، و'تكليف
الحكومة بوضع آليات ناجعة لمكافحة
الفساد، والحدّ من ظاهرة الهدر في
المال العام'. وفي جانب آخر، اعتُبر
بيضة القبان في وعود الأسد الإصلاحية،
أكد المؤتمر على 'أهمية إصدار قانون
أحزاب يضمن المشاركة الوطنية في
الحياة السياسية وذلك على قاعدة تعزيز
الوحدة الوطنية'؛ و'مراجعة قانون
الانتخاب لمجلس الشعب والإدارة
المحلية'؛ و'تعزيز مبدأ سيادة القانون،
وتطبيقه على الجميع'، و'اعتبار
المواطنة هي الأساس في علاقة المواطن
بالمجتمع والدولة'. توصيات إضافية
طالبت بمراجعة قانون الطوارىء، وحصر
أحكامه بالجرائم التي تمسّ أمن
الدولة، وإلغاء المرسومين التشريعيين
رقم 6 لعام 1965 المتعلق بمناهضة أهداف
الثورة، ورقم 4 لعام 1965 المتعلق بعرقلة
تنفيذ التشريعات الاشتراكية، وإلغاء
القانون رقم 53 لعام 1979 المتعلق بأمن
الحزب، إعادة النظر في قانون
المطبوعات، بما يتيح إصدار قانون جديد
للإعلام بأنواعه كلها. ليس هذ فقط، بل
ذهب المؤتمر إلى حدّ التأكيد على ضرورة
حل مشكلة إحصاء عام 1962 في محافظة
الحسكة (الذي حرم قرابة 70 ألف مواطن
كردي من الجنسية، أو صنّفهم في خانة
الـ'مكتوم')؛ وتطوير المنطقة الشرقية،
وتنميتها. وليس المرء بحاجة إلى
سرد الأدلة على أنّ التوصيات لم تذهب
أدراج الرياح فحسب، بل انحطّ اداء
السلطة في هذه الملفات، وفي كثير
سواها، إلى درك أسفل لم يكن يقبل
المقارنة حتى بأسوأ أواليات القمع
والفساد والنهب والتخريب طيلة عقود 'الحركة
التصحيحية' الثلاثة. وفي غمرة تخبط
السلطة، خلال أشهر الانتفاضة، تكفلت
المهازل الانتخابية المتعاقبة،
والتصويت على 'دستور' جديد، وانتخابات
البعث الداخلية ذاتها (أواخر 2011 وأوائل
2012) بانتفاء الحاجة إلى الحزب، وتجريده
موضوعياً حتى من وسائل الترغيب
والترهيب التي كان يعتمدها في إجبار
السوريين على الانتساب. وإذْ يعرب الحزب عن
مقته الشديد لانتفاضات العرب، فإنّ
العربي، 'سيّد القدر' دون سواه، صار
اليوم سيّد 'الربيع المشؤوم'؛ لا يترك
على جبهة التاريخ إلا الندوب العميقة،
والخريف البائس'! ===================== الذين
يرفضون تسليح الشعب السوري .. بأي حق
ينصبون أنفسهم أوصياء عليه؟! الطاهر إبراهيم 2013-03-07 القدس العربي المسالخ البشرية
التي يقيم سوقَها يوميا أناسٌ تجردوا
من آدميتهم من زمرة بشار أسد، أثبتوا
أنهم لا تربطهم بسورية أي صلة مواطنة.
كما أن إيران دخلت على خط القتال منذ
بداية الأزمة وأرسلت جنودا لها يقنصون
من فوق الأبنية كل من يمر في الشوارع،
حتى لو لم تكن هناك أي مظاهرة. ولا يعني
هذا أن جنود بشار وشبيحته كانوا أقل
إجراما من فيلق القدس الإيراني. استطرادا، إذا كنا لا
نريد أن نستبق السياق الزمني، إلا أننا
ينبغي أن نؤكد أن المعادلة خرجت عن
مألوفها المعتاد بين طهران وواشنطن،
وهو الخصومة على طول الخط، كما كانت
منذ عهد الإمام الخميني. فبعد أحداث 11
سبتمبر 2001 حانت الفرصة لطهران كي تكتب
فصلا مختلفا مع واشنطن لتنتقم من
النظامين الجارين في (أفغانستان
والعراق). فقد سمح للطيران الأمريكي
بالعبور في أجوائها عام 2001 لقصف جيش
طالبان السني، وفي عام 2003 لقصف الجيش
العراقي من مؤخرته من جهة إيران، الأمر
الذي اعترف به الرئيس 'محمد خاتمي' وهو
يطالب واشنطن بسداد 'جميل' تلك
المساعدة التي قدمتها طهران لواشنطن.
إذا كان الإمام الخميني سمى أمريكا 'الشيطان
الأكبر'، فإن القضية لم تعد بين واشنطن
وطهران خصومة على طول الخط، بل خصومة
انتقائية حسبما تقتضيه مصلحة كل منهما. اعترفت واشنطن
لطهران بمركزها كلاعب رئيس في المنطقة
بعد سماحها لها بعبور طائراتها
أجواءها لقصف أفغانستان والعراق، فلم
تضع واشنطن حزب الله على قائمة
الإرهاب، بالرغم من تاريخه الطويل في
القيام بأعمال إرهابية (حسب المفهوم
الأمريكي)، خارج أرض لبنان وآخرها
ماجرى من اتهام بلغاريا حزبَ الله في
التفجير الذي خلّف خمسة قتلى
إسرائيليين لحظة مغادرتهم المنتجع
السياحي في 'بورغاس' الواقعة على البحر
الأسود في تموز 2012. بينما لم تتأخر
واشنطن في وضع جبهة 'النصرة' -التي
يتكون مقاتلوها من 'السنة'- على قائمة
الإرهاب، مع أنها تقاتل على الأرض
السورية، ولم يسجل عليها أنه استهدفت
غير جنود بشار أسد وشبيحته، وفوق الأرض
السورية. كما لم يسجل عليها أنها
استهدفت مدنيين، إلا أن يكونوا في جيش
النظام. وعودة إلى التطورات
المتسارعة في سورية وانعكساتها
الإقليمية والدولية. فقد شعر السوريون
بالغضب وهم يرون العالم يتفرج على
المذابح في سورية، بنظرات لا مبالية
إلى مئات الأرواح تزهق يوميا في مدن
سورية، من درعا جنوبا، إلى 'تل كوشك'،
في أقصى الشمال الشرقي على الحدود
السورية مع كل من العراق وتركيا. انعكس
هذا الوضع على معارضين سوريين، فقرر 'أحمد
معاذ الخطيب' الذي يقود الائتلاف
الوطني مقاطعة الحراك الدولي، وأعلن
أنه لن يشارك في مؤتمر أصدقاء الشعب
السوري في روما الخميس 28 شباط الماضي.
ثم عدل عن موقفه فحضر المؤتمر، لكنه
خرج بعده ليقول: إن العالم يريد
استمرار القتال في سورية. هذا العالم لم يكفه
أن تبلدت أحاسيسه تجاه جرائم الإبادة
الجماعية وجرائم الحرب التي يقترفها
بشار أسد في سورية، بل نصبت بعض دوله من
نفسها قيمة على الشعب السوري بفبركة
حلول، هي أقرب إلى إعادة إنتاج النظام
القاتل منها إلى الحل، ولكن بصيغة
وعباءة مختلفة. من أعجب العجب أن
طهران الشريك المضارب الأكبر في ذبح
الشعب السوري، ما فتئ وزير خارجيتها 'علي
أكبر صالحي' يقدم طهران وسيطا للمصالحة
بين الرئيس القاتل وبين الشعب الذي
يقتل، ثم يبشر بأن بشار أسد سيبقى حتى
تنتهي ولايته في عام 2014. أما واشنطن فتدعو إلى
حل سلمي في إطار وثيقة جنيف، في وقت ما
يزال النظام يعتمد الحل الأمني. كما
كلف كل من الرئيس الأمريكي'باراك
أوباما' وزير خارجيته 'جون كيري'
والرئيس الروسي 'فلادمير بوتين' وزير
خارجيته 'سيرجي لافروف' بالبحث عن
مبادرات مع أنه ليس هناك ما يبشر بنجاح
الخطة التي أجمعت عليها واشنطن وموسكو. لو تركنا جانبا موسكو
المنحازة إلى نظام بشار أسد منذ أن
بدأت الأزمة، فسنجد أن واشنطن قد خذلت
أصدقاءها من الدول العربية الذين لهم
مصلحة في رحيل بشار أسد بسبب وقوفه
ووقوف والده من قبله مع طهران التي ما
فتئت تهدد استقرار المنطقة بنفسها أو
من خلال ذراعها حزب الله في لبنان،
فإننا لم نسمع حتى الآن كلمة واحدة من
رموز الإدارة تشجع على إطاحة بشار عن
طريق القوة، بعد أن رفض أي حل إلا الحل
الأمني. فهذا 'جون كيري' يقول
يوم الاثنين 4 آذار في الرياض، ردا على
من طالبه بتسليح المعارضة السورية: إنه
يخشى وقوع هذا السلاح في الأيدي الخطأ،
مع أنه لا يستطيع تأكيد هذا التخوف.
ونحن بدورنا نسأل كيري ماذا فعل مع
بشار أسد الذي بيده الأسلحة الكيماوية
ويهدد باستعمالها؟ أما نائب الرئيس 'جو
بايدن' فقد كان أكثر وضوحا من 'كيري'
عندما قال أمام لجنة 'إيباك' في مؤتمرها
السنوي: (إن بشار أسد يظهر عدم
الاكتراث، كما والده، بحياة الإنسان
السوري، وهو منخرط في عملية إجرام وحشي
ضد شعبه. موقفنا من المأساة .. إن على
الأسد أن يرحل، إنما نحن لن نتبنى
عصابة إجرامية لاستبدال الأخرى في
دمشق ... معرضا بجبهة النصرة). ونحن هنا ننوه
بالتصريح الذي رد به وزير الخارجية
القطري 'حمد بن جبر آل ثاني' على 'جو
بايدن' في المؤتمر الصحفي مع جون كيري
يوم 5 آذار الجاري في الدوحة عندما أكد:
بأن الإرهابي الأكبر في سورية هو بشار
أسد. كما لا يفوتنا هنا أن
ننوه بما قاله وزير الخارجية
البريطاني 'ويليام هيغ': بأن التسوية
السياسية أغلقت تماما في سورية، لأن
الأسد يرفض التنحي، وأن الحرب في تصاعد.
أضاف هيغ: (إننا في بريطانيا نعتقد أن
علينا أن نكثف من دعمنا للمعارضة
السورية، وذلك بأبعد من المساعدات
الإنسانية، لا يمكن لسياستنا أن تبقى
جامدة، بينما الأمور تتطور أسبوعا بعد
أسبوع). الشعب السوري يرفض
الموقف الأمريكي، الذي أقل ما يقال فيه
أنه غامض، لا ينص صراحة على تغيير كامل
للنظام. كما يرفض تقسيم المقاتلين إلى
فصائل معتدلة وأخرى متطرفة. ويقف مع كل
الكتائب التي تقاتل بشار أسد وعصابته،
بمن فيهم جبهة النصرة والجيش الحر
والكتائب الأخرى، لأن قوام تلك
الكتائب هم الشباب السوري الذي يقاتل
دفاعا عن كرامة السوريين وعن وحريتهم
وأعراضهم. ولا يهمه، بعد ذلك، في قليل
أو كثير تصنيفات إدارة 'أوباما'، لأنها
لا يهمها ما يهم السوريين. واستطرادا
فإن الوصاية الأمريكية مرفوضة جملة
وتفصيلا، خاصة بعد أن رفض رموز إدارة 'أوباما'
تسليح الجيش الحر. ===================== تحرير
الرقة بين الثوار والائتلاف الوطني 2013-03-07 القدس العربي منذ أيام ونحن نشن
حملة ضد التنازلات التي تقدمها
المعارضة السورية للعدو، كذهاب
الأستاذ معاذ الخطيب لروما، وحصوله
على 'مدرعات غير قتالية'. ومبادرة السيد
رئيس الائتلاف التي كادت تضفي شرعية
على بشار الأسد، لولا أن تداركها بنادق
الثوار في الداخل. عمل الإعلام
المعادي، الصهيوني، والغربي،
والأمريكي، منذ بداية الثورة على
إضعاف معنويات الثوار ونشر الفوضى
بينهم، واتهامهم بالقيام بعمليات
إرهابية، والتلميح بأن الجيش الحر
يقوم بجرائم ضد الإنسانية. ومع أنني لا
أقصد في هذا المقال الحديث عن
استراتيجيات الإعلام في هذا المنحى،
إلا أنني أريد أن أشير إلى الهدف من
ذلك، وهو التأثير على المعارضة
السورية بشقيها العسكري والسياسي،
إضعاف الأول وفرض حل على الثاني يبقى
فيه بشار الأسد حاكماً لسورية أربعين
سنة أخرى حتى يأتي المجتمع الدولي
الفاجر بحافط الثاني وريثاً وحارساً
لحدود الكيان الصهيوني. لم ينجح الإعلام
المعادي ألبتة في إدخال الوهن لقلوب
الثائرين، واستمروا متقدمين في تحرير
الارض السورية من الأسد. بينما نجح في
إضعاف المعارضة السياسة للدرجة التي
جعلت السيد الخطيب يلتقي وزير
الخارجية الإيراني والروسي. أرسل أبطال الجيش
الحر أمس رسالة عظيمة من الرقة، إذا
أخبروا العالم أجمع كما أبلغوا
المعارضة السياسية أنهم هم فقط من يقود
الحل في سورية، فأسقطوا تمثال 'هبل'،
وكسروا رأسه، بينما ذهب رجل عجوز، ملأت
صورته مواقع التواصل الاجتماعي، إلى
التبول على رأس الصنم. وأتوقف هنا قليلاً،
محاولاً فهم مشاعر الأسد وهو يرى تمثال
أبيه يسقط أمام عينيه بل ويلعن ويبال
عليه، وما يزال مع ذلك متمسكاً بحكم
سورية وحاشا لسورية أن يحكمها مثله. بعد سقوط الصنم عمّت
الأفراح مدن سورية كلها، ولا بد من
التوقف خاصة عند الأهازيج التي انطلقت
في مدنية دمشق بكل حواريها وأزقتها، إذ
كان بشار الأسد يشاهد سقوط الصنم،
ويسمع في الوقت نفسه زغاريد الحرائر
تطرق أذنيه. وقد قامت قوات النظام
وشبيحته بضرب كل مناطق دمشق في الليلة
الماضية فقط لإسكات تلك الزغاريد
وصيحات التكبير التي ملأت سماء
المدينة وأرضها. أريد أن أقول
للمعارضة السياسية السورية، أنه في
الوقت الذي قمتم فيه بمبادرة تجاه
النظام، وفي الوقت الذي قبلتم فيه لقاء
وزيري الخارجية الإيراني والروسي
المشاركَين فعلياً في قتل الشعب
السوري لإيجاد حل سياسي، حرّر الثوار
مدنية بأكملها تحريراً كاملاً.
وبالتالي فإنني أعتقد أن على الائتلاف
الوطني أن يدعم الثوار بكل ما استطاع
ويسلم للجيش الحر مهمة إيجاد الحلول
التي ستفرض على أمريكا وروسيا فرضاً،
عوضاً أن تقول المعارضة بكل
صفاقة،أنها تبحث عن حل برعاية أمريكية
روسية. فليتهم يتعلمون من أبطال الجيش
الحر أن الحلول تفرض على أمريكا وروسيا
فرضاً.منبهاً أن الشعب السوري لن ينسى
عبارة الرعاية الروسية الأمريكية أبد
الدهر. أمس حررت الرقة
بالكامل، وأمس انتقلت غرفة عمليات
الجيش الحر في دمشق إلى ساحة العباسيين
وسط العاصمة بعد أن كنت على أطراف
دمشق، ومعركة تحرير درعا مستمرة وما
بقي لثمرتها إلا القليل. إن الأسد
اليوم في أسوأ أحواله، وهو يخسر كل يوم
أرضاً جديدة من تلك التي احتلها والده،
وفي كل يوم ينشق عشرات من جيشه حتى لم
يبق معه إلا قلة شديدة الطائفية والحقد.
فلماذا بعد كل هذا ينتظر الائتلاف
رعاية روسية وأمريكة ويعرض الحوار على
النظام أو على بعض أطرافه، ويركض على
روما بدل أن تركض إليه. لو كنت مكان السيد
معاذ الخطيب، لذهبت إلى الرقة واتخذت
فيها مكتباً للائتلاف، ولطلبت من
وزراء الخارجية أن يأتوا إليّ هناك
ليعرضوا حلولهم وتوسلاتهم. ولزينت
مكتبي بقطعة من رأس الصنم الذي بِيلَ
عليه. إنه من المحزن أن
تكون المعارضة السورية متخلفة عن
الجيش الحر بأشواط عديدة، لكن المحزن
أكثر أن تحاول هذه المعارضة عن قصد أو
غير قصد تقليل انتصارات الجيش الحر،
والمساومة على حوار مع قاتل يعيش أيامه.
ومن المؤسف أيضاً، أن المعارضة
السورية تخضع للإعلام المعادي وتتأثر
به، بدل أن يكون لها القدرة على إخضاعه
وتحويل مجراه. د. عوض السليمان -
فرنسا ===================== زيارة
كيري والأزمات التي تراوح مكانها د. نقولا زيدان المستقبل 8-3-2013 تفتح زيارة وزير
خارجية أميركا الجديد "جون كيري"
للشرق الأوسط وبعض بلدان الربيع
العربي الباب مشرعاً على مصراعيه
للنقاش بشأن السياسة الخارجية
الأميركية حيال هذه البلدان. وليس بوسع
أحد، ما دامت الأحادية العالمية في
قبضة واشنطن أن يتجاهل الأهمية القصوى
لهذه المسألة. فبعد حادث 11 9 2001 الخطير
واعتماد المجتمع الدولي سياسة الحرب
على الإرهاب، وتورط أميركا وحلف شمال
الأطلسي في حرب أفغانستان، وحرب
العراق (2003) وسقوط نظام صدام حسين أصبحت
أميركا طرفاً فاعلاً ومعنياً في شؤون
منطقتنا أكثر من أي وقت مضى. ولا يمكننا
اطلاقاً في هذا المجال تجاهل اتفاق
أوسلو ولا اتفاق كامب دافيد وواي
بلانتايشن أيام الرئيسين كارتر
وكلينتون وما نجم عنهما من مساعٍ
فلسطينية واسرائيلية للوصول إلى اتفاق
سلام لم يرَ النور بالكامل بعد. ولا
يجوز تناسي تداعيات أزمة احتلال صدام
حسين للكويت (1990) والتحالف الدولي الذي
قادته أميركا في حرب مدمرة ضد الجيش
العراقي. فبعد تورط الأميركيين في هذه
الحروب أصبحوا طرفاً أساسياً معنياً
في سياسة الشرق الأوسط، بخاصة مع بروز
الطموحات الإيرانية المحمومة
للاندفاع نحو المتوسط على إيقاع تطوير
نشاط مفاعلاته النووية في سعي ملتبس
لامتلاكها السلاح النووي. وقد زاد من
مخاوف أميركا وأوروبا المتحدة من هذه
النشاط تهديدات زعماء إيران ذات
الأكثرية الشيعية حيال إسرائيل ولسنا
نعتقد بتاتاً بأن بوسع جون كيري هذا
الذي خلف هيلاري كلينتون ومن قبلها
غوندوليزا رايس، أن يغير إطلاقاً من
الثابتة الأميركية الراسخة التي تحكم
سياسة الولايات المتحدة في الشرق
الأوسط: أمن إسرائيل والبترول الخليجي.
فحتى اللحظة فإن استراتيجية (Establishment)
الأميركية ما زالت هي المساعدة في هذا
المجال وعلى ما يبدو فإن السيد كيري
مستعد محلياً لخدمة هذه الاستراتيجية
وليس بمقدوره بتاتاً إحداث أي تغيير
جدي وملموس فيها. إن المتاعب الداخلية
الاجتماعية والاقتصادية لأميركا
الغارقة في الديون ومؤسسة "باراك
أوباما" المنصبة على رفع المستوى
المعيشي للطبقة الوسطى في أميركا (تيسير
القروض وخفض الفوائد عليها وتأمين
ضمان الشيخوخة) بالإضافة لمشكلة
السلاح الفردي الذي يكفله الدستور
الأميركي، قد جعل واشنطن غير منهمكة
بالقدر المتوقع في هموم الربيع العربي.
فالغرق الأميركي لحدّ التناغم
والانسجام مع المماحكات المزمنة التي
تتقنها طهران مع الوكالة الدولية
للطاقة النووية وعقدها الاتفاقات
الملتبسة مع نظام العمائم في العراق
وتحديدها موعد 2014 لإخراج قواتها
العسكرية من أفغانستان قد جعل البيت
الأبيض يتخبط في مواقف تبعث على الريبة
والقلق حيال الثورة السورية. إنه لمن السذاجة
بمكان أن يتجاهل المرء أن أميركا التي
اشتركت في جميع مؤتمرات أصدقاء الشعب
السوري في اسطنبول وتونس وباريس
والمغرب راحت تخفف تدريجياً من
حماستها في دعم الثورة السورية. بل
أكثر من ذلك عندما تمارس ضغوطاً كبيرة
على الرياض والدوحة للتخفيف من دعمها
للثورة السورية على كافة المستويات
والصعد. فالسياسة الخارجية الحازمة
لسعود الفيصل ونظيره القطري حمد بن
جاسم والتي لم تكتفِ بإخراج النظام
الأسدي من اجتماعات جامعة الدول
العربية ولجانها الفرعية بل دعت
لإنشاء مناطق عازلة آمنة محمية
بالدفاعات الجوية الرادعة لغارات
النظام الأسدي، قد لاقت صدى مثيراً من
واشنطن بالذات. لا بل وصل الأمر
بالأميركيين لممارسة الضغوط نفسها على
أنقره، ولم يكن نشر بطاريات صواريخ
الباتريوت على الحدود الجنوبية
الشرقية لتركيا مع سوريا سوى عمل مسرحي
مدوٍ Spectaculaire
أكثر من عمل عسكري تصعيدي
يهدد النظام الأسدي المتلقي دعماً
مطلقاً من موسكو بالسلاح والعتاد
والذخيرة وآخر مبتكرات الأنظمة
الالكترونية، والذي أصبح رهينة بل
دمية بيد طهران وامتدادها اللبناني
حزب الله اللبناني الغارق لما فوق
أذنيه في القتال الدائر في سوريا الآن.
إن أركان الجيش التركي ما زالت بحاجة
لقرار سياسي عالي المستوى للإفراج عن
صواريخ أرض جو وأرض أرض المرسلة إلى
المعارضة السورية الثورية لحماية
المناطق المحررة، وذلك بسبب الضغوط
الأميركية من جهة ولحسابات تركية
داخلية من جهة أخرى. وتلقي المشكلة
الكردية بظلالها الداكنة على حقيقة
الموقف التركي. اختار "جون كيري"
مصر كمحطة أولى لزيارته الشرق أوسطية.
مصر مع ما يعانيه نظام محمد مرسي
وجماعة الأخوان المسلمين من متاعب
واضطرابات داخلية عارمة، ولا تهزه
عميقاً أزمة اقتصادية معيشية خانقة
فحسب بل استمرار الحراك الجماهيري
الواسع لسياسة الأخوان الاستخبارية
وتفردهم بالسلطة في ظل عجز فاضح عن
الاضطلاع بأسباب الحكم وإدارة البلاد.
وما زالت مدن القناة الثلاث السويس
الاسماعيلية بور سعيد في حالة عصيان
مدني مفتوح على احتمالات شتى وكأنها
حركة انفصالية عن العاصمة المركز بل
شاهدنا منذ أيام تبادل إطلاق النار بين
الجيش من جهة والشرطة من جهة أخرى. ـ أن يمنح جون كيري
مساعدات عاجلة بقيمة 190 مليون دولار
لنظام مرسي أضيفت إليها 60 مليوناً من
المساعدات الغذائية قد طمأن رجل
أميركا الجديد محمد مرسي بعض الشيء.
إلا أن القرض البالغة قيمته 4,8 مليار
دولار ما زال معلقاً مع البنك الدولي.
ويشترط كيري على مرسي والأخوان تسوية
أوضاعهم مع المعارضة الديموقراطية
والجيش. وتحتل المملكة
العربية السعودية ودول الخليج مكانة
بارزة في زيارة "كيري" هذه.
فالسعودية نجحت بجدارة في مساعدة
حكومة صنعاء لرد هجمات الحوثيين في
صعدة في حركتهم الانفصالية، بل
استطاعت إنجاز مهمة الانتقال السلمي
للسلطة في اليمن بطن الجزيرة العربية
الرخو المتخم بالمتاعب. إلا أن متاعب
صنعاء مع "القاعدة" ما زالت تثير
قلق الأميركيين البالغ، فالممر المائي
عند باب المندب لا يقل أهمية عن مضيق
هرمز حيث الأطماع الإيرانية وتهديدات
طهران تثير قلق دول الخليج قاطبة. فهل
حمل "كيري" في جعبته مشاريع تسلّح
جديدة من نمط القبب الفولاذية
المتطورة بمواجهة الصواريخ الإيرانية
ـ الروسية الصنع؟ إن الصفحة الأكثر
سواداً التي تطرح على الشعوب العربية
الكثير من الأسئلة وتثير قلقاً بالغاً
في نفوسها هي الشكوك المبررة
والمنطقية والمحقة حيال حقيقة الموقف
الأميركي من الثورة السورية كما أشرنا
سابقاً. فما هو الموقف الفعلي والحقيقي
للأميركيين حيال الهجمة المحمومة التي
تندفع فيها طهران نحو المتوسط مروراً
ببغداد ودمشق ووصولاً إلى الوضع
اللبناني؟ فلم يعد سراً أن ثمة صفقة
أميركية إيرانية قد حولت العراق إلى
محمية إيرانية تحكمها حكومة بقيادة
نوري المالكي الممتثل لأوامر طهران.
كما أن أميركا تتلكأ لحد الميوعة
والتماهي مع ما يجري في سوريا من شلال
متواصل لتدفق الدم وتواصل المجازر
والمآسي. ففي الوقت الذي تقوم فيه
موسكو بمبادرات متواصلة لكسر ذراع
المعارضة السورية وإكراهها على القبول
صاغرة بالتفاوض والحوار مع الحكم
الفاشي في دمشق المتمثل ببشار الأسد
وطغمته، تتسم سياسة واشنطن بالمراوغة
حيال الأزمة السورية. فهي تصور فريقاً
محدوداً من الثوار جماعة النصرة كما لو
كانوا كل أطياف المعارضة وذلك لتبرر
تمنعها وإحجامها أو تلكوئها في تسليم
المعارضة أسلحة فعالة بمواجهة ترسانة
الأسلحة المتجددة، وتزعم واشنطن أنها
تكتفي في الوقت الحاضر بتزويد
المعارضة بالمعدات الإلكترونية "النوعية". إن الانطباع السائد
في المنطقة أن ثمة تفاهماً ضمنياً
أميركياً روسياً يغطي الوضع في سوريا
وأن سوريا ليست معرضة للتقسيم أو لحركة
انفصالية ما. ولكن ماذا عن لبنان حيث
حكومة الصناعة السورية عندنا مستمرة
رغماً عن إفلاسها الشامل والمفجع على
كافة الصعد. وصاحبها الفعلي هو حزب
الله الذي يجيد إدخال اللبنانيين في
دوامات نقاش كيدية بشأن الهواجس
المذهبية وصدقية التمثيل بل يصبح
الحزب الشمولي المدعي تمثيل الحق
الإلهي أشد أنصار القانون النسبي
حرصاً منه على الديموقراطية، تلك
الديموقراطية المزعومة التي شهدناها
نهار 7 أيار 2008 في شوارع بيروت الغربية
وصيدا والشحار؟ ===================== هل
يستطيع العرب إقناع اللبنانيين بـ"النأي"؟ سركيس
نعوم 2013-03-08 النهار تبدو دول عربية عدة
مؤيدة بقوة للثورة الشعبية السورية،
مقتنعة بأن انهيار النظام السوري
سيحصل حتماً وربما قريباً. وما يدفعها
الى اقتناع كهذا هو نجاح الثوار، رغم
التضييق المالي والتسليحي غربياً
وعربياً، اولاً في الصمود وبأسلحة
بدائية وأخرى جدية حصلوا عليها نتيجة
المعارك مع جيش نظامي لا يزال متماسكاً
وقوياً رغم انشقاق عشرات الالوف عنه
جراء سيطرة عصبية فئوية عليه. وثانياً،
في السيطرة على مساحات شاسعة من اراضي
بلادهم. وثالثاً، في منع قوات النظام
من سحق الثوار في المدن الرئيسية ومنها
العاصمة وريفها والعاصمة الثانية حلب
وريفها. ورابعاً، في إقناع غالبية
جامعة الدول العربية باعطاء مقعد
سوريا فيها للمعارضة. وخامساً، في سماح
الجامعة للدول العربية بتقديم كل
وسائل الدعم للثوار بما في ذلك السلاح.
وسادساً، في إعلان اميركا على لسان
وزير خارجيتها جون كيري وفي اعقاب جولة
اقليمية اوروبية اولى له استعدادها
لتسليح المعتدلين من الثوار السوريين.
علماً ان الجو العام الذي ساد المنطقة
في الاسبوعين الاخيرين كان ان هناك
تغييراً جدياً في سياسة "اوباما
الثاني" حيال الأزمة – الحرب في
سوريا عنوانه تغيير موقفه السلبي من
الاسد بسبب "الارهاب التكفيري". طبعاً هناك دول عربية
اخرى مؤيدة للثوار السوريين، واخرى
متحفظة عن تأييدها وعن إظهار مساندتها
الفعلية لنظام الاسد، لا تشارك
زميلاتها المشار اليها اعلاه اقتناعها
بقرب انهيار النظام السوري وسقوط
الاسد رغم اقتناعها بحتمية هذا الامر
في النهاية. وهذا يعني في رأيها ان نظام
الاسد سيسقط جزئياً في مرحلة اولى قد
تكون بعد اشهر أو حتى بعد سنة أو اكثر،
اي سيفقد وتدريجاً سيطرته على مناطق
سورية جديدة ريفية ومدينية. وعندما
يتعذر عليه الاحتفاظ بدمشق العاصمة
فانه سيلجأ إلى "الخطة ب" في حال
صار حكم سوريا كلها مستحيلاً. وهي تقضي
بـ"استمرار" النظام على قسم من
سوريا يشمل حمص كي يصبح هناك رابط
جغرافي مع ايران عبر عراق المالكي
المؤيد له لسببين ايراني وفئوي. وبذلك،
ومع البحر المفتوح على العالم كله وفي
مقدمه روسيا، يصبح ما تبقى من النظام
قادراً على الصمود والقتال في الوقت
نفسه. وتدخل ساعتها سوريا مرحلة جديدة
عنوانها التقسيم الواقعي الذي يرجح
كثيرون ان يستمر سنوات ربما، ولكن من
دون ان تكون عنده حظوظ الديمومة. لماذا هذا الكلام
اليوم عن التوقعات المتفائلة عند بعض
الدول العربية والمتحفظة عند بعضها
الآخر؟ لأن هذه الدول كلها
وفي مقدمها المملكة العربية السعودية
حريصة على دوام استقرار لبنان، او
بالأحرى على بقاء عدم استقراره
المتنوع الحالي وعلى منع تحوله
اصطدامات اهلية وفتناً مذهبية وطائفية.
وذلك امر محتمل في رأي من يعرف بدقة
الاحقاد المذهبية المتصاعدة،
والمداخلات الاقليمية والدولية في
لبنان، وحرص نظام سوريا او ما يتبقى
منه على توسيع ساحة الحرب الى لبنان
لأنها توجع اعداءه. ولذلك فإنها تسأل
وبجدية عن الطريقة التي يمكن بها اقناع
الاطراف اللبنانيين كلهم، وفي مقدمهم 8
و14 آذار وتحديداً "حزب الله"
وحركة "امل" وشعبهما و"تيار
المستقبل" وشعبه، بالتحاور توصلاً
الى تفاهم لا يحل خلافاتهم والمشكلات
لكنه يمنع الانزلاق نحو الحروب. الطريقة التي تسأل
عنها الدول المشار اليها واحدة. ولا
طرق اخرى غيرها. وهي اتخاذها قراراً
واضحاً بتهدئة حلفائها في لبنان،
وبمنع اصحاب الرؤوس الحامية منهم من
الاستفزاز لاستدراج الاخصام او
الاعداء الى مشكلة او فتنة. وثانياً
قراراً بالحوار الجاد مع اخصامها او
اعدائها اللبنانيين حول مطالبهم
ورؤيتهم للبنان وطريقة حمايته من
الداخل والخارج. وثالثاً بابداء
الاستعداد لمساعدة الطرفين على ترجمة
النأي بالنفس عمّا يجري في سوريا الذي
قررته حكومة لبنان، والذي لم تستطع
فرضه داخل صفوفها ولا في اوساط
اللبنانيين على تناقضهم. هل تنجح مساعٍ
كالمذكورة اعلاه في حال بدأت؟ لا احد يعرف. علماً ان
صعوبات النجاح كثيرة. وأبرزها كون
الدول العربية نفسها من جهة وايران
خصمها او عدوتها من جهة اخرى تخوضان
حرباً ضارية مباشرة سياسياً
واعلامياً، وحرباً عسكرية دامية
بواسطة السوريين نظاماً وثواراً. ولا
شيء يمنع ان يوسعاها لتصبح ايضاً
بواسطة الشعوب اللبنانية. ===================== راجح
الخوري 2013-03-08 النهار مرة ثانية بدا جون
كيري وكأنه وزير خارجية دولة من العالم
الثالث عندما وقف الى جانب نظيره
القطري الشيخ حمد بن جاسم ليقدم اجابات
فيها الكثير من المراوغة المتصلة
بتسليح المعارضة السورية ومن الاوهام
المتصلة باعلان جنيف ! جاء ذلك بعد محادثات
صريحة مع المسؤولين القطريين الذين
يدعمون الثورة ضد بشار الاسد الذي يريد
إيهام واشنطن بأنه يقاتل "الارهابيين"
وهو ما دفع الشيخ حمد الى القول "هو
الارهابي لأنه هو من بدأ بقتل شعبه".
لكن كيري لزم الحرص على التدقيق في
نوعية الاسلحة التي ترسل الى الثوار
وفي "الايدي المعتدلة" التي
تتسلمها متناسياً أمرين: اولاً ان عدد
القتلى تجاوز الـ80ـ الفاً والنظام
يواصل قصف المدن بالطائرات وصواريخ
"سكود"، وهو ما قال الشيخ حمد انه
يذكر بأهوال الحرب العالمية الثانية.
وثانياً وهو الأهم ان التغاضي
الاميركي الطويل عن القتل وحمامات
الدم والانحياز الروسي الاعمى الى
النظام، كانا السبب الرئيسي الذي ادى
الى ظهور عناصر التطرف في بعض الاماكن . وهنا كان لا بد من ان
يضع الشيخ حمد نقاط المرارة العربية
على حروف التغاضي الاميركي عن فصول
المذبحة وكذلك على حماقة "الفيتو"
الروسي، فقال: "لو عمل الجميع بشكل
جدي منذ بداية الازمة لزال النظام.
وانه كلما طالت الازمة سنجد اطرافاً
متطرفة تدخل فيها، ونحن لا نريد لهذه
الاطراف ان تكسب بل نريد للاعتدال ان
يكسب". واذا كان من المضحك
ان يستعير كيري كلاماً منسياً طالما
كرره باراك اوباما فيقول "ان الاسد
فقد شرعيته بقتله المواطنين وتدمير
البلاد" فمن المثير لا بل من المعيب
ان يقع في تناقض محيّر عندما يشدد على
"ضرورة الوقوف ضد الايرانيين و"حزب
الله" اللذين يمدان يد العون لنظام
الاسد"، ثم يدعو بعد لحظة الى احياء
اعلان جنيف قائلاً: "يمكن
الايرانيين والروس والاسد ايضاً ان
يدعموا هذا الاعلان" ! هنا ايضاً كان لا بد
من ان يضع الشيخ حمد النقاط على "حروف
جنيف" فقال انه كان من اعضاء اللجنة
التي صاغت اعلان جنيف وكان الامر
واضحاً في مسألة نقل السلطة عبر حكومة
انتقالية تكون لها صلاحيات كاملة،
وهنا وقع الخلاف حول تفسير نقل السلطة...
لربما اراد الشيخ حمد تذكير كيري بأن
سلفه هيلاري كلينتون عارضت التفسير
الروسي الذي يريد ابقاء الاسد في
السلطة الى سنة 2014، لكن الاهم ان
النظام بالاستناد الى دعم روسيا
وايران والى التغاضي الاميركي، جعل من
تفسير الاعلان مدخلاً لكسب الوقت في
رهان واضح على الحل العسكري وهو راكم
المأساة الى هذا الحد المرعب ! في النهاية لم يقدم
لنا المستر كيري غير تسريحته العالية
وصوته الخفيض وابتسامته الحائرة. ===================== إسرائيل
وجهاً لوجه مع "القاعدة" رندى
حيدر 2013-03-08 النهار يشكل خطف 21 مراقباً
من قوات الأمم المتحدة لفك الاشتباك
"أندوف" على أيدي مجموعة مسلحة
تطلق على نفسها "كتيبة شهداء
اليرموك" مؤشراً واضحاً للفوضى
المرشحة للازدياد والتفاقم مع استمرار
القتال في سوريا من دون ايجاد مخرج
سياسي للأزمة، وللمأزق الذي قد تواجهه
إسرائيل إذا قررت قوات فك الاشتباك
الموجودة في هضبة الجولان منذ اتفاق
وقف اطلاق النار بين سوريا وإسرائيل
عام 1974 الانسحاب من الهضبة تاركة
إسرائيل وجهاً لوجه مع تنظيم "القاعدة". وهكذا، مثلما تحولت
الأزمة السورية أزمة مشتركة لكل من
لبنان والأردن والعراق وتركيا، فإنها
باتت تشكل مشكلة أيضاً لإسرائيل التي
لا يبدو حتى الآن أنها توصلت الى بلورة
استراتيجية واضحة لطريقة تعاملها مع
الوضع المتدهور في سوريا، ولا كيف
ستواجه خطر سيطرة المجموعات المسلحة
القريبة من "القاعدة" على المناطق
المحاذية لحدودها. ليس خافياً ان
إسرائيل الرسمية كانت تأمل في صمود
نظام الأسد في الصراع الداخلي الدائر
في سوريا، وخروجه منه ضعيفاً وتالياً
أقل قدرة على تهديدها. لكن تزايد
المؤشرات لخسارة النظام السيطرة على
مناطق كبيرة من الأراضي السورية،
وخصوصاً تلك المتاخمة للحدود، الى
التقارير التي تحدثت عن تسلل مجموعات
مؤيدة لـ"القاعدة" الى المناطق
الحدودية مع إسرائيل، أدى الى تبدد
الآمال المعقودة على صمود الأسد، وزاد
مخاوف إسرائيل من نشوء وضع على الحدود
في الجولان مشابه لما كان الوضع في
جنوب لبنان مع الوجود العسكري لـ"حزب
الله". وكان الجيش الإسرائيلي قد رصد
منذ أشهر تسلل مجموعات جهادية تابعة لـ"القاعدة"
الى منطقة حوران القريبة من مواقعه
العسكرية. ويبدو أن هؤلاء الجهاديين
جاؤوا من السعودية واليمن عبر الأردن.
كما تجدر الاشارة الى ان المنطقة التي
حصل فيها الخطف من الصعب مراقبتها عن
كثب من الجانب الإسرائيلي نظراً الى
وجودها في واد عميق الأمر الذي قد
يجعلها مستقبلاً منطقة لتسلل الخلايا
الجهادية من هناك لمهاجمة إسرائيل. أهمية حادث الخطف لا
تقاس بانعكاساته السلبية على صورة
الثورة السورية، ولا بتوظيف النظام
السوري اياه لمصلحته كي يثبت للعالم أن
لا خيار له سوى نظام الأسد أو الفوضى؛
وإنما لكونه يحمل دلالة واضحة على
صوملة سوريا، التي حذر منها أكثر من
مسؤول عربي وأجنبي، والوتيرة السريعة
والهائلة لانهيار الدولة المركزية في
هذا البلد، والانعكاسات الخطيرة
المترتبة على ذلك على نسيج المجتمع
السوري، وعلى وحدة الأراضي السورية،
وعلى سلامة حدود الدولة، وعلى كل الدول
المجاورة. ===================== رأي
البيان التاريخ: 08 مارس
2013 قرار جامعة الدول
العربية الذي دعا الائتلاف الوطني
السوري المعارض إلى أن يملأ فراغ مقعد
دمشق في "بيت العرب"، يعتبر خطوة
قد تسهم في تحريك وحلحلة الأزمة
السورية التي تقترب من إكمال عامها
الثاني. الخطوة جاءت نتيجة
لسأم العرب من المماطلة والتسويف الذي
صبغ المسار السياسي خلال العامين
الماضيين، خاصة أن الدول العربية هي
نفسها من كانت السباقة إلى طرح الحلول
عبر المبعوثين، والاجتماعات المتكررة
التي لم تجد سوى صدّاً من قبل من يفترض
أن يسهموا في وضع حد لنزيف الدماء، لا
ضخ المزيد من الدماء في شوارع المدن
السورية. ما سيأتي بعد القرار
العربي، يجب أن يصب في صالح الشعب
السوري ومصلحته أولاً وأخيراً، لكي
تطوى صفحة النزاع إلى ما لا نهاية،
ويتطلع السوريون بعد ذلك إلى مستقبل
ينسيهم آلام الماضي. بمعنى، أنه ينبغي
أن ينعكس القرار إيجاباً على المواطن
السوري البسيط، الذي يعاني قتلاً
وتشريداً ونزوحاً داخلياً، حتى باتت
الأزمة تهدد دول الجوار، في ظل الوضع
الحساس والمعقد الذي يضرب منطقة الشرق
الأوسط. فالمواطن
السوري العادي، ينتظر أن تترجم
الاجتماعات إلى أفعال ملموسة، خاصة
على الصعيد الإنساني المزري، فضلاً عن
السياسي منه، عدا عن المصاعب التي
تواجه أولئك الذين اضطروا إلى مغادرة
بلادهم، لاجئين قانونيين، إن صح
التعبير، هرباً من الموت المحتم. بالقرار المشار
إليه، يكون العرب أوفوا بكثير من
الواجبات إلى الشعب السوري وآماله نحو
الحرية، وأثبتوا مجدداً أنهم حاضرون
لمساعدة بعضهم البعض، كما حصل في
المثال اليمني قبل أكثر من عام ونصف،
عبر المبادرة الخليجية الناصعة. ويبقى
أن تتوافر الإرادة الدولية، عبر مجلس
الأمن، التي لا بد لها أن تضع خلافاتها
جانباً، وتنهي الانقسامات التي وضعت
مصداقية المجتمع الدولي على المحك.
وإلا، فإن مجلس الأمن مطالب بتغيير
هيكلي في طريقة إدارته للأزمات. ===================== تاريخ النشر:
الجمعة 08 مارس 2013 د. رياض نعسان
أغا الاتحاد يقول الثوار في سوريا
لا حل إلا برحيل الأسد والنظام معاً،
ومحاسبة القتلة المجرمين الذين شاركوا
بإبادة المدن والقرى، وقصفوا شعبهم
بكل أنواع الأسلحة، من المدفعية
والدبابات والطائرات الحربية إلى
الصواريخ البالستية شديدة التدمير،
فضلاً عن عشرات الآلاف من المعتقلين
الذين يتعرضون لأنواع شبه خيالية من
التعذيب. وفوق ذلك تشريد الملايين خارج
سوريا وداخلها، وتعريض الشعب الثائر
إلى مجاعات وعطش، من خلال الحصار
القاتل الذي بدأ في درعا مع بداية
الأحداث بحرمان الأطفال من الحليب، ما
دعا بعض الناشطين والمثقفين الذين
كانوا موالين للنظام إلى إصدار بيان
اشتهر باسم "بيان الحليب" وتم
اعتقالهم، وتوالت التصرفات الحمقاء
التي جعلت نار الثورة تتقد، ولاسيما
بعد أن تم تهجير أول دفعة نازحين إلى
تركيا. وكنت شخصياً أحد المطالبين
بتوفير الحليب للأطفال والأدوية
للجرحى، واقترحت تشكيل وفد من شخصيات
اعتبارية من النظام ومن المستقلين
يذهب باسم الدولة إلى النازحين إلى
تركيا، ويعيدهم إلى قراهم ضامناً لهم
الأمان قبل أن يتسع الخرق على الراقع.
وكتبت في هذه الصفحة من "وجهات نظر"
مقالاً بعنوان "دعوة إلى حوار وطني"
بتاريخ 22/4/2011، فانهالت عليَّ الشتائم
النظامية المقذعة لكوني أتعاطف مع "قتلة"
و"مجرمين"! وقال لي من يمثل عقلية
الإبادة من الحمقى "عليك أن تطالب
بإعدامهم فهم جراثيم ومجرمون"!
وأيقنت إذاك أن سوريا ستمضي بقيادة هذه
العقلية المستبدة إلى الجحيم. وأعترف بأن مخيلتي لم
ترسم قط صورة للجحيم تضاهي ما حدث
حقيقة في سوريا، ربما لأن تصوري لجهنم
كان على كل القسوة الرمزية مشفوعاً
برحمة الله التي وسعت كل شيء. وأما جهنم
التي يصطلى فيها شعبنا، فقد خلا
قاموسها من كلمة الرحمة ومن معانيها،
وهذا ما جعل الناس يجدون أنفسهم مضطرين
لحمل السلاح لمقاومة هذا العنف
المجنون الذي استدعى تصاعد العنف في
الرد. وظهرت تنظيمات وصمت بأنها
إسلامية إرهابية متطرفة، ولكن الشعب
لم يهتم بهذا التوصيف، فقد التف حول من
يدافع عنه ويحميه، وهو ينادي على مدى
عامين كما لم ينادِ شعب قبله "يا
الله ما لنا غيرك". كان الناس في سوريا
يتوقعون حلاً سريعاً تضمنه نخوة دولية
تتعاطف مع مطالبهم بالحرية وتعينهم
على إقامة دولة مدنية، ولم يخطر على
بال أحد -إلا من ندر- أن يقف المجتمع
الدولي موقف العاجز المتفرج، مكتفياً
بالتعابير الدبلوماسية التي لم تعد
ذات مضمون في مزاد التصريحات اليومية
التي تتداولها وسائل الإعلام. وإزاء
تصاعد العنف لقمع الثورة طالب بعض
المعارضين بحظر جوي أو تدخل خارجي يمنع
تدمير المدن وإبادة الشعب، وطالبوا
بتسليح الثوار، ثم اكتشفوا أن من
يتفاءلون بدعمهم هم في الحقيقة يدعمون
النظام علناً أو سراً خوفاً من انتصار
الثورة وتبدل الموازين في المنطقة، ما
قد يشكل تهديداً لمستقبل إسرائيل. ومع أنني كنت وما زلت
ضد أي تدخل عسكري خارجي، إلا أنني لم
أصدق قط أن "الفيتو" الروسي
والصيني كان معاكساً لإرادة الولايات
المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد أدرك
المعارضون أنها تمثيلية دولية، نتج
عنها تدمير سوريا وإعادة كثير من
مناطقها إلى العصر الحجري، والسماح
بظهور "التطرف، والإرهاب، والسعي
لتحويل الثورة إلى حرب أهلية طائفية،
وتدويل القضية، وسحب القرار من يد
الثوار والنظام معاً". وقد فوجئ السوريون
بأن يصير المتحدث الرسمي باسم الحكومة
السورية وزير خارجية روسيا، وأن يصير
مفتاح الحل بيده مع نسخة منه بيد وزير
الخارجية الإيراني، والأميركان
والأوربيون يأسفون ويعبرون أن لديهم
رؤية مختلفة، ولكن "كيري" قال
مؤخراً إن إعلان جنيف هو الحل، وفيه
حفاظ على النظام، وتبرئة للقتلة
والمجرمين، ولأنه رأى صواريخ "سكود"
تدمر المدن وتقتل الشعب بالآلاف وعد
بالسماح للمعارضة بأسلحة غير مميتة،
وخشي أن تصل إلى الأيدي الخطأ، وعبر عن
رؤية حل إعلان جنيف بحكومة تضم النظام
والمعارضة معاً، ولم يفسر الإعلان
موقع الأسد من هذه الحكومة. ومع أن الأميركان
يعلنون أنهم مع وحدة التراب السوري،
ويرفضون أية دعوة للتقسيم، إلا أن ما
حدث في مناطق تلكلخ ويبرود والهجمة
العنيفة الراهنة على حمص، واحتلال "حزب
الله" لعدد من القرى السورية التي
تشكل امتداداً جغرافياً لدويلة علوية
شيعية ترسم طرقاً عبر البادية السورية
إلى العراق يضمن استمرار النفوذ
الإيراني، وطرقاً نحو جنوب لبنان الذي
يسيطر عليه الإيرانيون أيضاً،
وتفريغاً سكانياً لمناطق جبال
التركمان، ربما تتبعه حملة تطهير عرقي
لإجبار أهل السنة على الهجرة من الساحل
والجبال المتاخمة للحدود مع تركيا،
وكل ذلك يوحي باحتمال وجود خطة للتقسيم.
ويقال إن مناطق العلويين صارت ثكنات
عسكرية جهزها الروس والإيرانيون، ونقل
النظام إليها أهم أسلحته التي انتشرت
على الجبال المطلة على منطقة الغاب. ومع قناعتي بأن عامة
العلويين يرفضون أية فكرة للتقسيم،
لأنهم سوريون قبل أن يكونوا علويين،
ويرفضون أن يعيشوا في "كانتون"
مغلق، وفي دويلة لن تعرف الاستقرار
ليلة واحدة ولو بقيت قائمة مئة عام،
وبالطبع يتم تصور هذا الحل الواهم مع
تشجيع قيام دويلة سنية إسلامية متطرفة
في الشمال، يعاديها العالم كله
ويحاصرها ويحاربها، وسيكون مناسباً
للأشقاء الأكراد أن يطالبوا بكردستان
سورية! وما قاله المالكي في تخوفه من
انتصار الثورة السورية هو تعزيز لجعل
التقسيم حلاً ضامناً لرؤيته الطائفية،
وحفاظاً على تقدم المشروع الإيراني
الذي سيشغل المنطقة كلها بصراع سني
شيعي، يصير الصراع العربي الإسرائيلي
إزاءه هامشياً! وعلى رغم هشاشة هذه
الرؤية في التقسيم والشك في كونها
أضغاث أحلام، إلا الخطر من سايكس- بيكو
القرن الحادي والعشرين، بحيث يعاد
تشكيل المنطقة عرقياً وطائفياً حدس
قائم ومريع. ومع أن القضية
السورية تزداد تعقيداً، إلا أنني أرى
أن الحل لا يزال سهلاً وضامناً لسلام
المنطقة كلها واستعادة الأمن
والاستقرار فيها، وهو ببساطة أن يتنحى
رجل واحد عن موقعه الرئاسي، وفي النظام
رجال شرفاء كثر قادرون على إنقاذ
مستقبل سوريا بحوار عقلاني يضمن كل
الحقوق، وينقذ السفينة قبل الغرق
الأخير. ===================== شراء
الوقت على الطريقة السورية عماد الدين
اديب الشرق الاوسط 8-3-2013 في لقاء سري بين
مسؤول سوري ونظيره الإسرائيلي جرى هذا
الحوار الافتراضي التخيلي الذي لم
يحدث، ولكن يكتب عنه من قبيل الخيال
السياسي. وفيما يلي ما دار في هذا
الحوار. الإسرائيلي: أنا سعيد
لأنه على الرغم من كل الظروف
والملابسات فإن حواراتنا لم تنقطع قط.
السوري: السياسة العلنية شيء وما يحدث
في الغرف المغلقة شيء آخر. الإسرائيلي:
هل يمكن أن توضح حقيقة الوضع في سوريا
الآن؟ السوري: لا أحد
منتصر، والحروب كر وفر لكن «المخربين»
يستقوون بالسلاح الجديد الذي يأتي عبر
الحدود التركية. الإسرائيلي: وما
اتجاهات المخربين؟ السوري: إنهم من
التيارات الدينية المتشددة ذات
الأفكار التكفيرية وهي قريبة للأصول
الفكرية التي قام عليها تنظيم القاعدة
وروافده. الإسرائيلي: لكنهم
بدأوا في تحرير مناطق جغرافية
بأكملها؟ السوري: هذه شائعات،
ونحن الذين نترك لهم مساحات خالية أو
نجرهم إلى الدخول في مناطق سكنية ثم
نقوم بقصفهم وتسوية مخابئهم بالأرض.
الإسرائيلي: وما قدراتكم العسكرية
الآن؟ السوري: إيران أكدت
مؤخرا لوزير خارجيتنا وليد المعلم أن
كل الالتزامات المالية لمشتريات
السلاح مستمرة، وموسكو وبكين وبيونغ
يانغ كلها تسلمنا الأسلحة والذخيرة
المطلوبة في مواعيدها. الإسرائيلي: الخوف أن
تفقدوا ولاء سلاح الجو في جيشكم ويتوجه
ولاءه إلى «المخربين». السوري: هذا مستحيل،
هذا أمر مسيطر عليه بشكل حديدي، ولا
تنس أن الرئيس حافظ الأسد كان من قواد
سلاح الجو السوري وقام بتأسيس نظامه
الداخلي. الإسرائيلي: وهل يمكن أن
تطمئنا على الوضع الاقتصادي الداخلي؟ السوري: لدينا خطوط
إمداد وتموين مفتوحة ويتم تأمينها من
العراق ولبنان. وأرصدتنا من العملات
الأجنبية بحالة جيدة؟ الإسرائيلي: إذن
النظام قوي ومستقر ومستمر. السوري:
بالتأكيد السيد الرئيس باق في منصبه
وسيدخل - إن شاء الله - في الانتخابات
الرئاسية عام 2014 والحديث عن قرب سقوط
النظام هو مجرد أوهام. الإسرائيلي: وما جدية
فكرة الحوار مع المعارضة؟ السوري: أولا هم
ليسوا معارضين، إنهم مخربون ولكن نحن
نستجيب للضغوط الدولية ونعلن عن
رغبتنا في الحوار، لكن الحقيقة
المسألة كلها شراء للوقت. الإسرائيلي: وهل
الوقت في صالحكم؟ السوري: بالتأكيد! الإسرائيلي: إلى متى؟ السوري: إلى قيام
الساعة! ===================== ماذا
يريد الإيرانيون؟ وماذا يريد
الأميركيون؟ رضوان السيد الشرق الاوسط 8-3-2013 كان المؤتمر الصحافي
الذي عقده وزير الخارجية السعودي
الأمير سعود الفيصل مع وزير الخارجية
الأميركي جون كيري يوم الثلاثاء
الماضي بالرياض، غريبا في وقائعه. فقد
بدا الوزير السعودي شديد الوضوح،
بينما بدا الوزير الأميركي شديد
الغموض، إن لم نقل شديد التردد والحيرة. الفيصل قال إن سياسات
التفاوض مع إيران على ملفها النووي سوف
تؤدي إلى أن يمتلك الإيرانيون السلاح
النووي خلال سنوات قليلة، وإن
السياسات تجاه الثورة في سوريا تعني
الدمار الكامل للبلاد، وإن الأخلاق (وليس
الأمن الدولي وحسب) تقتضي في الحد
الأدنى إمداد السوريين الثائرين
بوسائل الدفاع عن النفس في مواجهة
النظام المصر على إبادة شعبه. ووافق
الوزير الأميركي على كلام الفيصل، ثم
خالفه في الحالتين.. قال إن الولايات
المتحدة مصممة على منع إيران من تملك
السلاح النووي، وهي تريد حلا سياسيا
تفاوضيا في سوريا. أما وسيلتا تحقيق
هذا وذاك فقد بقيتا غامضتين. ماذا يريد
الأميركيون حقا في شأن الملف النووي
الإيراني؟ وماذا يريدون تحقيقه أو عدم
تحقيقه في الملف السوري؟ بعد سنوات
طويلة من التفاوض على نووي إيران، وعام
ونصف على «التفكير والتقدير» في الملف
السوري، يبدو لي أن السؤالين بشأن
أميركا والملفين ما عادا صحيحين، بل
تقديري أن المسألة تقع في جهة ثالثة،
وهي أن أميركيي أوباما ما عادوا
مستعدين للدخول في أي نزاع بالشرق
الأوسط يقتضي حسمه تدخلا عسكريا
مباشرا أو غير مباشر؛ فقد جربوا التدخل
في أفغانستان والعراق، وكان ذلك مؤلما
جدا لهم ولهيبتهم، وربما لمصالحهم. كان بوش الابن يقول
في أواخر أيامه في الرئاسة إن الولايات
المتحدة صارت أكثر أمنا. وإذا كان معنى
ذلك أن الولايات المتحدة ما عادت معرضة
لهجوم كهجوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001،
فربما كان ذلك صحيحا. بيد أن أبرز ما
حصل أن سياسات الولايات المتحدة، بل
أولوياتها صار لها فيها شركاء في
المنطقة هم بالترتيب: إيران وإسرائيل
وتركيا. والولايات المتحدة
مضطرة الآن (أو أنها تريد ذلك) إلى
إشراك كل هؤلاء في القرار، إضافة
للاتحاد الأوروبي وروسيا، وربما الصين
أيضا! فقد كسبت إيران مناطق نفوذ
جديدة، ونقاطا وملفات للمساومة
والتبادل. وتصاعدت إمكانيات إسرائيل
نتنياهو لتجاهل حل الدولتين. وصار
الأتراك لاعبين حقيقيين على مستوى
الشرق الأوسط وأوروبا. وهنا يتدخل
أوباما ليقول: لكن سياسات أميركا في
عهدي منعت نشوب حروب كبرى بالمنطقة ومن
حولها وعلى مدى أربع سنوات! هناك أمران إذن تقول
أميركا أوباما إنها حققتهما: جعل
الولايات المتحدة آمنة أو أكثر أمنا،
والحيلولة دون نشوب حروب جديدة بمنطقة
الشرق الأوسط. وهاتان النقطتان بالذات
هما موطن القوة في الموقف الإيراني.
فحتى خروج العسكر الأميركي من العراق،
كانت الولايات المتحدة محتاجة إلى
إيران. واعتمادا على ذلك أقدمت إيران
على بسط نفوذها أو تقويته في العراق
وسوريا ولبنان، وفتحت مناطق نزاع
جديدة في مثل اليمن والبحرين، وتابعت «تنمية»
وتطوير ملفها النووي. وبعد خروج
الأميركيين انصرفت إيران لتثبيت مواقع
النفوذ، ومحاولة الامتداد لمنافذ
أخرى، وكل ذلك بالاعتماد على أن
الولايات المتحدة ما عادت تجرؤ على شن
حروب جديدة. وقد اعتبر الإيرانيون أنهم
يستطيعون السير قدما إلى ما لا نهاية،
ما دام الأميركيون غير مستعدين للعودة
للحرب. بينما هي مستعدة دائما للوصول
إلى هاوية النزاع أو حافة الحرب،
مطمئنة إلى أن الأميركيين ما عادوا
قادرين أو مريدين مجاراتها. ففي مكافحة
النووي الإيراني ما عادت الولايات
المتحدة قادرة على تجاوز روسيا. وفي
مسائل مناطق النفوذ، تعلم الولايات
المتحدة أن إيران لن تخرج من البلدان
الثلاثة إلا بالقوة، فضلا عما يشكله
خيار القوة من جانها إن أتيح من أخطار
على إسرائيل، وعلى أمن الخليج. ويسعى الأميركيون «لإغراء»
الإيرانيين وليس لتهديدهم، من أجل
العودة إلى سنوات الاستقرار و«الغلبة»
بعد عام 2010: في الملف النووي بتقوية
الحصار أو تخفيفه، وفي الملف السوري
بعدم المساعدة على انتصار الثوار حتى
لا يتهمهم الإيرانيون فيعمدوا للتحرش
بإسرائيل من طريق صواريخ حزب الله! وإذا كانت مسألة «الحرب»
أو خوفها هي نقطة ضعف الولايات
المتحدة، وهي في الوقت نفسه نقطة قوة
إيران (أي المضي باتجاه التحدي وحدود
الحرب في كل مكان)، فماذا يكون على
العرب أن يفعلوا؟ ما يقال هنا ما عاد
جديدا ولا فريدا. في سوريا على العرب
جميعا «مساعدة الشعب السوري في الدفاع
عن نفسه»، وهم يستطيعون توقع الدعم
التركي، بل الدعم الأوروبي. وفي الملف
الفلسطيني يستطيعون المضي في اتجاه
المجتمع الدولي الذي يقف معهم
باستثناء الولايات المتحدة. أما في
النووي الإيراني، فليس من المصلحة
القريبة القيام بأي شيء؛ لأن
الأميركيين اعتادوا على المبادلة مع
إيران، وعلى إغراء إسرائيل بالمزيد من
العطايا والضمانات، دونما توقع لمتاعب
من جانب العرب! في عام 2010 اقترح علي
ناشر كتابي «الصراع على الإسلام»،
وبعد أن لاحظ شدة اهتمامي بالكتابة عن
العرب وإيران وتركيا، أن أكتب كتابا
بعنوان «الصراع على العرب»! وقد بدا لي
لأول وهلة أن الأمر يستحق، ثم تركت
ذلك؛ فقد كان الأميركيون يخرجون من
العراق، ويسلمونه لإيران، ويعيدون
سفيرهم إلى سوريا الذي كان البوشيون قد
سحبوه، ويغضون النظر عن استيلاء حزب
الله على لبنان في مقابل عدم التحرش
بإسرائيل. وقد بدا الأتراك راضين
بنصيبهم أو ما اعتقدوا أنهم حصلوا عليه
بعد التبادل التجاري المزدهر، من هدوء
نسبي على حدودهم مع إيران والعراق
وسوريا. لقد تغيرت حسابات
الإيرانيين والأتراك بعد نشوب الثورة
في سوريا؛ فالأتراك شعروا بالخديعة،
وأظهروا سخطهم على الأسد وعلى المالكي
معا، وقووا علاقاتهم بكردستان العراق،
لكنهم حتى اليوم لا يرون مصلحة في
الصراع مع إيران، ويعتقدون أنها عائدة
إليها أو أنها ستعرض عليهم شراكة أكثر
فائدة، بسبب سوء العلاقة مع أميركا،
وسوء العلاقة مع دول الخليج وعلى رأسها
السعودية. وهكذا رأيت بعد تأمل الموقف
أنه لا حاجة لافتراض الصراع على العرب،
ما دام الأميركيون والأتراك قد سلموا
بالغلبة الإيرانية. والأولى الانصراف
للتفكير في «إمكانيات» الاستجابة
العربية للتحدي الإيراني، والانكفاء
الأميركي، والإقبال الروسي على اجتراح
شراكة مع الأميركيين ومع الإيرانيين. والواقع أن «الفراغ
الاستراتيجي» الذي تحدث عنه الأمير
سعود الفيصل في مؤتمر القمة بسرت
الليبية عام 2010 ما دخل على إدراكه منذ
ذلك الحين غير اعتبارين اثنين: الثورة
السورية، والاضطراب السني بالعراق.
وهذا معنى تركيز الفيصل منذ قرابة
العام على الوضع في سوريا واحتمالاته
وإمكانياته. فلدينا الآن ضرورة دعم
الشعب السوري، الذي تألب عليه
الإيرانيون و«حلفاؤهم» العرب، والنظر
في إمكان المساعدة على حدوث توازن في
العراق، يحول دون استمرار الغلبة
الإيرانية على ذلك البلد. لا صراع إذن
على العرب، بل هو صراع عربي مع إيران
على سوريا والعراق ولبنان، «والله
غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا
يعلمون». ===================== البلاغ
الرقم 1 للحرب الطائفية في المنطقة! محمد مشموشي * الجمعة ٨
مارس ٢٠١٣ الحياة هل كان رئيس الحكومة
العراقية نوري المالكي يقرأ البلاغ
الرقم 1 لما يسمى «الهلال الشيعي» بدء
حربه الأهلية الفعلية في عموم
المنطقة، الحرب السنية - الشيعية
تحديداً، عندما قال أخيراً «إن انتصار
المسلحين في سورية سيؤدي إلى إطلاق حرب
طائفية في العراق ولبنان والأردن»؟. يبقى السؤال وارداً
بالرغم من أن وزير النقل في حكومة
المالكي نفسها، رئيس «منظمة بدر»
المسلحة سابقاً، هادي العامري، لم
ينتظر طويلاً لشرح كلام رئيسه بالقول
بعد ساعات فقط: «إن دعم تركيا وقطر
للمسلحين في سورية يرقى إلى مستوى
إعلان حرب على العراق»، الذي اعتبر أنه
«سيعاني تبعات صراع تتزايد صبغته
الطائفية إلى جواره». إذاً، هي الحرب
الطائفية (المذهبية بين المسلمين
تحديداً) التي يتحدث عنها المالكي
ووزيره الخبير فيها، وليس في العراق
وحده إنما في المنطقة كلها. ذلك أن تطورات الوضع
في سورية، وبدء انهيار النظام عسكرياً
في أكثر من منطقة منها، لم يتركا
لحليفه الاستراتيجي في إيران (وبالتبعية
في العراق) سوى لعب أوراقه كاملة
وبصورة مكشوفة الآن، بعد عامين كاملين
من تهديد دمشق وطهران معاً ومنذ اللحظة
الأولى للثورة السورية، من أن «زلزالاً
مدمراً» سيضرب المنطقة كلها إذا ما جرى
تغيير هذا النظام أو حتى تهديده
بالزوال. وليس خافياً أن نظام
بشار الأسد عمل طيلة الفترة الماضية،
وبتنسيق سياسي وعسكري مع إيران
والعراق و»حزب الله»، على تحويل
الثورة ضده حرباً طائفية ومذهبية
وعرقية بين مكونات الشعب السوري، وإنه
نجح في ذلك إلى حد ما، لكن من دون أن
تنفعه هذه الحال لا في إنقاذ نفسه من
السقوط في النهاية، ولا بعد ذلك في
إبعاد الكأس نفسها عن حلفائه الذين
يدعمونه بكل ما يملكون، لأنهم يرون في
سقوطه سقوطاً محتماً لهم ولو بعد حين. في قراءة عراقية
لكلام المالكي، أنه يدافع عن نفسه
أولاً فيما يواجه في بلاده ومنذ شهور
ثورة فعلية وشبه شاملة في الرمادي
والأنبار والموصل وكركوك وغيرها،
فضلاً عن أنه أعطى أكثر من دليل خلال
عامي الثورة السورية إلى أنه يقف بقوة
إلى جانب نظام الأسد، ويمده بما يحتاجه
من مال ونفط وسلاح... اضافة طبعاً إلى
الموقف السياسي، إن في الجامعة
العربية أو في مجلس التعاون الإسلامي
أو في الأمم المتحدة. وللتذكير، فقد صرح
المالكي نفسه قبل يومين فقط من كلامه
الأخير بأن نظام الأسد لن يسقط ولا
يمكن أن يسقط («ولماذا يسقط؟»، كما
تساءل)، وبأن ما يجري في سورية وفي
المنطقة تحت اسم «الربيع العربي» هو
مؤامرة عليهما لا أكثر ولا أقل. وعما يشهده العراق من
تظاهرات واعتصامات شعبية منذ ثلاثة
شهور ضد حكم المالكي، وأساساً من أجل
حقوق ومطالب حياتية محددة وضد الهيمنة
الإيرانية على مفاصل السلطة، لا يجد
المالكي ما يقوله سوى إنها عبارة عن
حركة انفصالية، وطائفية سنية تحديداً،
وأن دولاً خارجية (السعودية وقطر ودولة
الإمارات العربية) تقف خلفها... في
إشارة جلية أخرى إلى الهدف إياه: الحرب
الطائفية، ليس في العراق وحده إنما على
مساحة المنطقة كلها أيضاً. وليس تفصيلاً في أي
حال، بل يأتي في سياق الهدف نفسه ما هدد
به في الفترة ذاتها تقريباً حليفه
وحليف إيران وسورية كذلك، الأمين
العام لـ «حزب الله» السيد حسن
نصرالله، جموع اللبنانيين الذين
يعترضون على تورط حزبه في القتال إلى
جانب النظام السوري، من أن عليهم ألا
يدفعوه إلى «التجربة» مرة ثانية...
إشارة منه إلى احتلال قواته بيروت يوم 7
أيار (مايو) 2008 واعتبره في حينه «يوماً
مجيداً»، ليس في حياة الحزب فحسب، بل
في حياة لبنان والمنطقة كلها أيضاً. واقع الحال، أن ما
تشهده الأراضي السورية ومناطقها
الحدودية مع لبنان من عمليات قتالية لـ
«حزب الله» دعماً للنظام وضد الثورة
منذ شهور من جهة، وما شهدته منطقة
اليعربية على الحدود العراقية -
السورية في الفترة الأخيرة من جهة
ثانية، وما بات مؤكداً بالوثائق عن
مشاركة القوات المسلحة الإيرانية
والحرس الثوري إلى جانب قوات الأسد من
جهة ثالثة، ومسلسل بيانات المسؤولين
في طهران تأييداً له ولقواته في مواجهة
ما يصفونه بـ»الحرب الكونية» ضد ما
يعتبرونه المحافظة الإيرانية الرقم 36
وفق تعبير أحد كبار رجال الدين فيها...،
كل ذلك لا يعني سوى شيء واحد، بخاصة بعد
عامين كاملين تأكد فيهما عجز النظام عن
إنقاذ نفسه: بدء مرحلة جديدة في دفاع
الحلفاء عنه. وهي المرحلة التي هدد
بها الأسد عندما تحدث منذ اليوم الأول
للثورة بـ «زلزال» سيضرب المنطقة ولن
ينجو منها بلد واحد فيها. ولا حاجة للقول إن
التهديدات بها والتلميحات إليها تبدو
واضحة على أكثر من مستوى وفي أكثر من
موقع في المنطقة، وليس في الجوار
السوري فقط، سواء في لبنان أو في
العراق أو في الأردن وصولاً حتى إلى
تركيا نفسها. فعلها نظام الأسد في
الداخل وبين أطياف الشعب السوري، لكن
مردودها عليه كان محدوداً بالرغم من كل
ما يقال عن «القاعدة» أو «جبهة النصرة»
أو «حزب العمال الكردستاني»، ومن
الدعم العسكري والمادي الذي قدمه
ويقدمه له الحلفاء، وبدا جلياً في
المدة الأخيرة أن سقوطه الكامل مسألة
شهور أو أسابيع فقط. وليس من المبالغة في
شيء اعتبار أن هؤلاء الحلفاء، من طهران
إلى بغداد إلى بيروت، هم الذين يستعدون
لبدء الحرب الآن... حرب تخريب المنطقة
مادياً، بعد ضربها فكرياً ونفسياً
بالفتنة بين السنة والشيعة، في محاولة
لإنقاذ نظام الأسد من جهة أولى، ولكن
لإنقاذ أنفسهم ومشروعهم الإمبراطوري
الفارسي من جهة ثانية. ومن هنا السؤال: هل ما
فعله نوري المالكي، وفي سياقه من بعد
على لسان نصرالله والعامري، هو تلاوة
البلاغ الرقم 1 لبدء هذه الحرب؟. ===================== تأرجح
الموقف الأميركي يطيل المأساة السورية راغدة درغام الجمعة ٨
مارس ٢٠١٣ الحياة تدرّجت مواقف وزير
الخارجية الأميركي جون كيري بين ليونة
نحو القيادة السورية والجمهورية
الإسلامية الإيرانية بدأ بها جولته
الأوروبية، ومواقف متشددة نحو الرئيس
السوري بشار الأسد ودور إيران في سورية
مع نهاية جولته الشرق أوسطية في قطر.
طرأ أكثر من تغيير على المواقف التي
تأبطها في البدء كيري لتعكس شخصية
رئيسه باراك أوباما وأولويته العازمة
على الرهان على الوهن الرافضة أسلوب
التدخل المباشر. بعض من التغيير أتى
كجزء طبيعي من جولة الاستماع
والاستطلاع التي وصف بها كيري زيارته
إلى العواصم الأوروبية والعربية
مروراً بتركيا. المساهم الآخر هو
الإجراءات والتطورات على الساحة
السورية، العسكرية منها والسياسية.
لكن المساهم الغائب الحاضر الذي جعل
وزير الخارجية الأميركي الجديد يستدرك
بعض شغفه إلى الترغيب بدل التهديد هو
روسيا وسرعة وضوح عزمها على التلاعب
بتلهف إدارة أوباما إلى الانعزالية. مصادر خليجية مطلعة
قالت إن وزير خارجية روسيا سيرغي
لافروف أبلغ الخليجيين قبل أيام أن
الرئيس السوري «خط أحمر» وأن روسيا
استثمرت كثيراً في سورية ولن تعيد
تكرار تجربة ليبيا – إشارة إلى ما
تعتبره استبعاداً غربياً لها وإهانة
قومية. هذا الموقف، عملياً،
يشكل تراجعاً آخر عن تفاهم مبهم آخر
بين الديبلوماسية الروسية
والديبلوماسية الأميركية. فمنذ عشرة
أيام فقط، أوحى لافروف إلى كيري في
اجتماعهما مطلع جولة كيري الأوروبية
أن روسيا جاهزة للعمل الجدي نحو الحل
السياسي وأنها جدية في ضغوط ستمارسها
على الأسد مقابل ضغوط أميركية على
المعارضة السورية. لم يقدم أية ضمانات،
وفق ما فسّر الديبلوماسيون الروس
لاحقاً. وعد فقط بالسعي وبذل الجهود مع
النظام السوري مع العلم أن موسكو كررت
دائماً – عندما لاءمها ذلك – أن
نفوذها مع الرئيس السوري محدود إذ إنه
لا يستمع إلى كل ما تقول له عكس مدى
استماعه إلى ما تقوله إيران. لم تقل الديبلوماسية
الروسية أبداً إنها جاهزة للتخلي عن
الرئيس السوري بل إنها تمسكت باستمرار
أدواره في العملية السياسية
الانتقالية مصرة على تراجع
الديبلوماسية الأميركية عن مطالبته
بالتنحي والرحيل إذا أرادت الحل
السياسي. وزيرة الخارجية
الأميركية السابقة هيلاري كلينتون
اعتبرت اتفاق جنيف في حزيران (يونيو)
الماضي إنجازاً ديبلوماسياً إذ فسّرته
بأنه اتفاق الدول الخمس الدائمة
العضوية في مجلس الأمن على عملية
سياسية تنقل سورية من حكمها الحالي إلى
حكم جديد. افترضت، منطقياً، أن هذه
العملية تعني عملياً انسحاب الرئيس
السوري من السلطة تدريجاً تحت مظلة
روسية - صينية - أميركية - بريطانية -
فرنسية. عندما اتضح لهيلاري كلينتون أن
ذلك الافتراض لم يكن أبداً في ذهن
سيرغي لافروف بل عكسه، اعتبرت أن
نظيرها الروسي نصب لها مكمناً، إذ كان
في ذهنه منذ البداية قطف ما يلائمه في
اتفاق جنيف ونصب الفخ الذي وقعت فيه
كلينتون ونظراؤها الأوروبيون. جون كيري بدا متحمساً
لإقبال سيرغي لافروف على علاقة
تهادنية وإيجابية معه. أسرع إلى إيلاء
مهام قيادة الملف السوري إلى روسيا
معتبراً أن الفرصة متاحة لنقلة نوعية
في التفاهم الأميركي – الروسي بعدما
وافقت واشنطن على شروط روسية غيّرت
شروط العملية السياسية الانتقالية،
أبرزها، الكف الأميركي عن مطالبة
الأسد بالتنحي، وتتبنى الدعم للحل
السياسي حصراً. افترض كيري، كما سبق
وافترضت كلينتون، أن هذا يعني موافقة
روسيا على عملية انتقالية سياسية
جديدة تؤدي إلى رحيل الأسد لاحقاً
بظروف تدريجية. هذا الافتراض أميركي
محض وليس روسياً، ولعل كيري أدرك ذلك
في المحطة الخليجية من جولته بعدما سمع
ما أبلغه لافروف إلى الخليجيين عن تمسك
موسكو ببشار الأسد في السلطة واعتباره
«خطاً أحمر». فلقد استهل كيري
جولته الأولى كوزير خارجية في إدارة
أوباما الثانية متمنياً على الرئيس
السوري الإصغاء إلى شعبه وأنهاها
بقوله «أعتقد أن الأسد يدمر شعبه وبلده
وأن السلطة لم تعد ملكاً له لأن الشعب
أوضح له أنه فقد شرعيته»، وأردف لاحقاً
أن «الأسد فقد شرعيته من حكم شعبه ولا
مجال لاستعادته شعبيته... فالأسد قرر
تدمير البلاد ليستمر في الحكم». التدرج في مواقف كيري
لم يقتصر على تقويم الرئيس السوري،
وإنما شمل العلاقة الأميركية مع «الحل
السياسي» ومع نوعية الدعم للمعارضة
السورية. بدأ جولته بعرض إيصال
المساعدة الطبية والغذائية مباشرة إلى
المعارضة السورية وتقديم بعض التدريب
لها مع حجب السماح بمدها بأسلحة فتاكة
كي لا تقع في أيدي المتطرفين من أمثال «جبهة
النصرة» وأخواتها. أنهاها بقوله «لا
توجد ضمانات لعدم وصول الأسلحة إلى
الأيدي الخطأ ولكنأ يمكن أن نؤكد أن
هناك قدرة واضحة حالياً على أن نضمن أن
تصل الأسلحة إلى المعتدلين من
المعارضة، وبالتالي يزيدون الضغط على
النظام». قال إن «العناصر السيئة لديها
قدرة على الحصول على السلاح من إيران
ومن حزب الله ومن روسيا»، و «نحن نقف ضد
الإيرانيين الذين يقومون بمساعدتها
وحزب الله والجهات المرتبطة بالقاعدة». لقد تطوّرت مواقف
كيري أثناء جولته وتدرجت حزماً نحو
دمشق وطهران، بموازاة مع التمييز بين
المعارضة السورية المتطرفة والمعارضة
السورية المعتدلة. شدد كيري على أهمية
وصول الأسلحة إلى المعارضة المعتدلة
وقال «لدينا الآن ثقة أكبر في
المعارضة، لكن لا يمكن ضمان وصول
الأسلحة إلى جهات لسنا راضين عنها.
فعلينا أن نتأكد أن دعمنا يعزز
المعارضة المعتدلة». فالولايات المتحدة
كانت مترددة في دعم «الجيش الحر» في
سورية خوفاً من الإسلاميين المتطرفين.
الآن، يبدو أنها أعادت النظر ولا خوف
لديها من سقوط السلاح في أيدي
الأصوليين الجهاديين. لماذا؟ لأن «الجيش
الحر» ما زال متماسكاً أمام المعادلة
العسكرية التي هي حالياً لمصلحة
النظام، ولأن هناك حاجة إلى إعادة
التوازن على الأرض. إعادة التوازن
العسكري على الأرض، كما أوضحت مواقف
كيري المتدرجة، مسألة ضرورية ليس فقط
في المعركة بين النظام والمعارضة،
وإنما أيضاً في إطار المفاوضات أو
التفاهمات الأميركية – الروسية. فالتوازن عنصر مهم
للتأثير في المواقف الروسية لأن موسكو
تزداد حدة وثقة بنفسها وإملاءً على
المفاوض الأميركي كلما كانت موازين
القوى على الأرض لمصلحة حليفها النظام
السوري. وعليه، تدرجت المواقف
الأميركية من معارض للحل العسكري
وللدعم العسكري المباشر للمعارضة
السورية إلى موافق على إحداث تغيير جدي
في المعادلة العسكرية على الأرض قبل
فوات الأوان، وإلى مستعد لتقديم أنواع
معينة من الدعم العسكري على نسق
التدريبات والمعلومات الاستخبارية
وغيرها. هذا إلى جانب التنسيق مع
بريطانيا ودول أخرى أوروبية وعربية
لتوفير أنواع أخرى من الدعم العسكري
الأكثر تطوراً للمعارضة السورية ترافق
وتزامن مع انتهاء جولة كيري في الدوحة
لقاء بالغ الأهمية بين ولي العهد
السعودي وأمير قطر اعتُبِر
استراتيجياً أتى بعدما تراجع الخوف
الأميركي من وقوع الأسلحة في أيدي
المتطرفين وبعدما برزت مؤشرات إلى دور
أميركي أقل تقلصاً بل أكثر إقداماً. تقلص أيضاً، في الوقت
ذاته، أي أمل بإقناع روسيا بالموافقة
على قرار في مجلس الأمن تحت الفصل
السابع يجعل من العملية السياسية
الانتقالية في سورية مسألة جدية وليست
مجرد وسيلة للإلهاء ومبدأ «خذ وطالب».
فلقد أوضح الخليجيون لوزير الخارجية
الأميركي أن لا مجال للتخلي عن
المعارضة السورية والتفرج على تقهقرها
انتظاراً لتفاهم أميركي – روسي لا أفق
جدياً له ولحل سياسي بلا أفق زمني. ومع انتهاء جولة كيري
الاستطلاعية اتخذ مجلس التعاون
الخليجي وجامعة الدول العربية مواقف
ملفتة. بعض منها أتى ليؤكد للوزير
الأميركي جدية عربية برفض الاكتفاء
بالتفرج فيما تغازل إدارة أوباما
الثانية إيران وتساوم روسيا على مسائل
لا علاقة لسورية بها. والبعض الآخر أتى
ليشكل مواقف جديدة نحو المسألة
السورية. فإلى جانب الزيارة
المهمة لولي العهد السعودي إلى
الدوحة، توجه الأمين العام لمجلس
التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني
إلى لبنان بتكليف من دول الخليج «ليبلغه
قلق مجلس التعاون البالغ من مواقف
لبنان الأخيرة وبعض الأطراف اللبنانية
من الأوضاع في سورية التي لا تعكس
سياسة (النأي بالنفس) التي أعلن لبنان
التزامه بها». ترجمة ذلك أن دول الخليج
ستعتبر لبنان الرسمي الحكومي إما
منضماً إلى سياسة «حزب الله» الداعمة
مباشرة للنظام السوري أو أن رئيس
الجمهورية ورئيس الحكومة فقدا السيطرة
على «حزب الله» – والنتيجة واحدة.
فالرسالة ليست فقط رسالة استياء وإنما
هي أيضاً رسالة تنبيه إلى أن هناك
عواقب «للشطارة» اللبنانية. هذه العواقب، وفق
المصادر الخليجية لن تقتصر على تدهور
العلاقة الاقتصادية بين لبنان ودول
الخليج وما لذلك من إفرازات قاتلة على
الاقتصاد اللبناني. ذلك أن دخول «حزب
الله» طرفاً مباشراً في المحور الذي
يضم إيران والنظام في دمشق بدعم روسيا
يورط لبنان على الحدود السورية –
اللبنانية ويوسّع دائرة المعركة مع
النظام السوري لتشمل «حزب الله». وهذا
يعني، وفق الخليجيين، أن على لبنان
الدولة أن يتحمل عواقب مواقفه وأن على
«حزب الله» أن يتهيأ للبعد الأوروبي في
علاقاته ومكانته الدولية، لأن
الأوروبيين على وشك مشاطرة هذا الرأي
ورفع الحماية عن «حزب الله». فإيفاد الأمين العام
لمجلس التعاون الخليجي بهذه الزيارة
والرسالة غير المسبوقة تطور مهم يعكس
جدية المسألة وخطورة معالجتها. فأما
الحكومة اللبنانية قادرة أو أنها غير
قادرة – وفي الحالين، هناك استحقاقات. فلقد تحركت الدول
الخليجية وكذلك جامعة الدول العربية،
هذا الأسبوع لتطويق الغزل الإيراني
والروسي الذي تقبلته الإدارة الثانية
بشغف، ولتطويق الاكتفاء بالتفرج على
الكارثة السورية. سترتفع سخونة
المواجهات في الجولة الآتية وستتأرجح
السياسة الأميركية، مجدداً، هذه المرة
نحو تفاهم أكبر مع الدول الخليجية إنما
إبرة البوصلة الأميركية غير مستقرة
حتى إشعار آخر. وهذا ما يساهم في إطالة
المأساة السورية. ===================== وليد شقير الجمعة ٨
مارس ٢٠١٣ الحياة لا يمر يوم في لبنان
إلا ويتأكد مدى ترابط أزماته الداخلية
مع وقائع الأزمة السورية المفتوحة.
وليس صدفة أن يتداخل الخلاف الداخلي
حول قانون الانتخاب وتبادل الاتهامات
حول السعي الى تأجيل الاستحقاق
الانتخابي المقرر في 9 حزيران (يونيو)
المقبل، مع الانقسام المتزايد حيال ما
يجري في سورية. وليس غريباً أن يصل
الصراع في الشأنين الداخلي والسوري
الى ذروة متوازية وفي توقيت واحد.
ويكون من السذاجة عدم رؤية العلاقة بين
إصرار رئيسي الجمهورية ميشال سليمان
والحكومة نجيب ميقاتي على الدعوة الى
الانتخابات ولو على أساس قانون مختلف
عليه، لكنه نافذ، وبين الحملة التي
ووجهت بها هذه الدعوة من حلفاء سورية
وإيران، ودعوة وزير الخارجية اللبناني
عدنان منصور الى رفع قرار تعليق عضوية
سورية في الجامعة العربية والحملة
التي واجهته من قوى 14 آذار التي تعتبر
أن النظام السوري آيل الى السقوط،
مقابل توخي منصور الذي يمثل تطلعات «حزب
الله» وحلفائه إعادة تكريس شرعية
النظام تحت مظلة الجهود الدولية
المفترضة سعياً وراء حل سياسي في سورية. يختصر الترابط بين
المسألتين مدى حاجة القوى السياسية
الحليفة للنظام السوري في لبنان الى
غطاء السلطة السياسية المركزية من أجل
مواصلة سياسة دعم النظام انطلاقاً من
لبنان. وبهذا المعنى يرمز الصراع على
قانون الانتخاب وعلى إجراء أو عدم
إجراء الانتخابات في موعدها، الى
الخلاف على ما إذا كان لبنان يجب أن
يكون ساحة مساعدة على إطالة عمر النظام
في دمشق أم أنه يجب أن يلتزم مقاطعته.
فالسلطة التي ستعيد الانتخابات
إنتاجها ستحدد السياسة اللبنانية
الرسمية حيال الصراع في سورية، في وقت
يعتبر «حزب الله»، الفريق الأقوى
والأكثر فاعلية في الطاقم الحاكم الآن
أنه يخوض معركة مصير بدفاعه عن نظام
بشار الأسد ولو بالسلاح وإرسال
المقاتلين الى دمشق أو الى منطقة
القصير وحمص في القرى والبلدات
المحاذية لمنطقة نفوذه في البقاع
الشمالي. فإذا ضمن أن تعزز الانتخابات
أكثرية لمصلحته دعم القانون الذي يحقق
هذه النتيجة. أما إذا لم يضمن ذلك، فإنه
يفضل تأجيلاً مديداً لهذه الانتخابات،
لأنه كما يقول أحد الوزراء يوفر له
بقاء هذه الحكومة التي لن يضمن تشكيل
مثلها لاحقاً، ولأنها تشكل التغطية
الأفضل لسياسة الدعم السياسي والعسكري
والأمني لنظام دمشق. ومجيء سلطة أخرى
وحكومة مختلفة، سيجعل من الصعب تمرير
المحروقات والبضائع وتهريب الأموال
وتخطي العقوبات الغربية المفروضة على
قيادات النظام وسفرهم وتنقلهم باتجاه
عواصم مساندة للنظام، خصوصاً طهران
وموسكو. لم تعد الانتخابات
اللبنانية شأناً داخلياً بحتاً، على
رغم ما يردده سفراء الدول الكبرى في
بيروت. ولربما تنبه هؤلاء الى مغزى عدم
إجراء الانتخابات في موعدها فعادوا
يدعون الى حصولها بعد أن تيقنوا أن
تأجيلها هو تمديد لواقع يعاكس مواقف
حكوماتهم من الأزمة السورية. ولو لم
يكن الأمر كذلك لما جاء التحذير الذي
أطلقته دول مجلس التعاون الخليجي
بوجوب التزام لبنان سياسة النأي
بالنفس، بعدما أفاد النظام السوري من
وجود سلطة متماسكة فيه. يكشف الترابط بين
الانتخابات اللبنانية وبين الأزمة
السورية مدى البعد الاستراتيجي لهوية
السلطة السياسية المستقبلية في لبنان
في حسابات القوى المتصارعة. بل ان ما
يجري في لبنان، وما يهيأ له في السياق
الإقليمي، قد يكون نموذجاً لما يهيأ
لسورية أيضاً انطلاقاً من أراضيه. فالنظر الى المسرح
الإقليمي يشير الى تشابه الاستراتيجية
المتبعة في عدد من دوله الأساسية، حيث
لإيران موطئ قدم يرجح كفتها في القرار
من طريق وجود حكومة لا تتمتع بمركزية
القرار، ففئوية التمثيل قياساً الى
تعددية القوى السياسية والطائفية كما
هي الحال في العراق وسورية ولبنان،
بموازاة وجود قوة عسكرية موازية لقوة
الدولة، تفرض عليها حسابات جهوية، وسط
تعدد الأجهزة العسكرية والأمنية
الموزعة الولاءات. وإذا كان هذا يقود
الى ضعف الدولة فإنه يسهل للنافذين
فيها وخارجها أن يوجهوا الأحداث
والقرارات، سواء باسمها أو باسم الأمر
الواقع. ولا يؤسس الوجود
الإيراني المباشر على الأرض في سورية
وكذلك وجود مقاتلي «حزب الله» في عدد
من المناطق، وتدريب جيش شعبي موالٍ
للنظام وبإشراف من طهران إلا لحالة
شبيهة في ظل تداعي مركزية الدولة في
سورية. إذا بقي النظام
صامداً في سورية تبقى للجيش الموازي
الذي نشأ في سورية كلمته في أي تسوية
إذا حان وقتها. وإذا سقط النظام وصمد
الجيش الموازي الذي أُنشئ فإنه سيقوّض
مركزية الدولة الجديدة التي ستنشأ
لأنها ستكون عاجزة عن مد سلطتها على
سائر الأراضي السورية التي ستخضع
حينها لتقاسم نفوذ. في لبنان يجري العمل
على ضمان بقاء السلطة على ما هي عليه
إما بالانتخابات أو بتعطيلها، وفي
سورية (وفي العراق) يجري الحؤول دون
تغيير السلطة وإذا تعذر ذلك فالبديل هو
الحؤول دون تمكن أي نظام جديد من أن
يمسك زمام الأمور إذا استمرت الحرب بين
المكونات السورية من بعدها، بالإفادة
من الفوضى التي يتيحها غياب أي سلطة
مركزية. ===================== الأسد
حين «انتصر» لبنان حين نأى عن نفسه زهير
قصيباتي الخميس
٧ مارس ٢٠١٣ الحياة سندعم
الثوار في سورية بالطعام، فلا يقاتلون
بأمعاء خاوية، إلى أن يجد بوتين الحل «السحري».
إن كانت تلك هي «الرؤية» الأميركية «الجديدة»
في مقاربة حرب وثورة أوشكتا على توديع
عامهما الثاني في سورية، وإذا صح
افتراض تفويض إدارة الرئيس باراك
أوباما الكرملين تجريب حظه في إيجاد
ذاك الحل، فالحال أن ما أطلقه وزير
الخارجية الأميركي جون كيري خلال
جولته الخليجية من مواقف، لا يعني سوى
الانتقال من الانكفاء الى ديبلوماسية
السلحفاة العجوز. دعم
أميركي لبطون خاوية، في مقابل دعم
عسكري روسي- إيراني للجيش السوري بما
يكفي لمنع انهيار النظام، والحؤول دون
انتصار مَن يصنّفهم الكرملين «متطرّفين»
أو مجموعات مسلحة. والسؤال هو هل
تمخّضت وعود كيري عن «جسر جوي» لنقل
الأجبان والوجبات الجاهزة الى «الجيش
الحر»، فيما صواريخ «سكود» ما زالت
تتساقط على المدن وتمحو الحجر والبشر؟ قد يعني
إسقاط مدينة الرقة شمال سورية، بداية «تغيير
لموازين القوى» على الأرض، راهنت عليه
الدول التي شاركت في اجتماع روما. وفي
حين لا يتبدّل التباين بين مفهوم موسكو
لحوار بين النظام والمعارضة، لا
يستثني الرئيس بشار الأسد، ويستبعد
الغرب ودول عربية بينها دول مجلس
التعاون الخليجي، أي دور للأسد في
المرحلة الانتقالية، كان واضحاً أن
الرئيس السوري بدّد ثمرة الضغوط
الروسية على وزير خارجيته وليد المعلم
الذي أعلن القبول بحوار مع المعارضين
المسلحين، إذ اشترط الأسد إلقاء
السلاح. عودة
الى المربع الأول إذاً، لذلك التقطت
موسكو خيطاً آخر لصرف الانتباه عن
مبادرتها التي ولدت ميتة، إذ تجعل
الضحية جانياً، والجاني معبراً
ضرورياً للحل. لكنّ اللافت في تضخيم
روسيا خطر «المجموعات المسلحة» في
الجولان هو تزامنه مع تلويح إسرائيل
بخطوات لدرء انفلات على تخوم الهضبة
المحتلة. وإذا
كان الأسد وجّه الضربة الأولى الى «المبادرة»
الروسية باشتراطه أولوية إلقاء
المعارضة السلاح، فالضربة الثانية
سارعت إليها إيران بدعم علني لـ «شرعية»
بقاء الرئيس السوري حتى عام 2014 وموعد
الانتخابات المقبلة... كأن طهران توجّه
رسالة الى الغرب وأميركا خصوصاً،
فحواها أنها تحتكر ورقة الحل. واضح أن
التباين الروسي- الإيراني إزاء الصراع
في سورية، لن يساهم إلا في ازدياد تشبث
الأسد بقوله إنه لا يسمع أحداً من شعبه
يطالبه بالتنحي أو الرحيل... وربما لم
يسمع بسقوط سبعين ألف قتيل خلال الحرب
التي يسميها «كونية». وهو إذ يعلن «انتصاره»
ويغامر بإضعاف الدعم الروسي له
سياسياً، يبدو رهينة حسابات إيرانية
أفلحت منذ آذار (مارس) 2011، لكنها تتحول
حبلاً على عنق النظام كله، كلما نجح «الجيش
الحر» في استنزاف قواته. وفي
مقابل التباين الروسي- الإيراني،
تباين خليجي- أميركي إزاء تسليح
المعارضة، بل استياء خليجي صامت من نهج
السلحفاة الذي باشرته إدارة أوباما
الثانية وما زال تحت سقف قلقها من غياب
ضمانات بعدم وصول السلاح الى «الأيدي
الخطأ» («جبهة النصرة» وسواها من
الفصائل المتشددة). هي
ذاتها الأيدي التي تراها موسكو وتل
أبيب تحرك كوابيس الجولان، ويهجّر
خطرها عناصر من قوات الأمم المتحدة في
الهضبة. ومرة أخرى تلتقي الذرائع
الأميركية والروسية، فيكسب النظام
السوري مزيداً من الوقت ويخسر
السوريون آلافاً من الأرواح... تربح
المعارضة دعماً للأمعاء الخاوية،
إغاثة أميركية غذائية، وتربح إسرائيل
مزيداً من فرص الابتزاز لإدارة أوباما. لن يكفي
السوريين ترداد واشنطن مقولة فقدان
النظام ورأسه كل شرعية، كما لن يوقف
أسى أوباما جنون القتل والتدمير
الشامل لسورية. وإن كانت حصيلة سنتين
من المأساة، أقنعت الولايات المتحدة
بتقديم الطعام للثوار، فالحال أن
الحوار الروسي- الأميركي مرشح ايضاً
لتمديد الحرب ومآسيها. قد يبدو
لبعضهم أنّ الحليف الإيراني للنظام
السوري يستخدم الثورة والقلق الغربي
من احتمالات تحكّم «جبهة النصرة»
والمتشددين بمسارها، ورقة جديدة
للتسويف في المفاوضات «النووية»،
مفترضاً أن أولوية الدول الكبرى
الانهماك في منع تمدد الحرائق من سورية
إلى ما وراء حدودها. ولكن، ماذا لو
صدَقَت واشنطن، وأعلنت نهاية السباق
مع المراوغة الإيرانية؟ لعل
مصير الثورة في سورية يبقى إلى حين بين
مَنْ لا يسمع ولا يرى ولا يصدق في دمشق،
ومَنْ يتوهم في طهران ان السلحفاة
الأميركية ستظل لاعباً وحيداً. ويبقى
الأكيد هو صدق التحذيرات الأميركية-
الروسية من تمدد نار الحرب في سورية
إلى الجوار، فيما لبنان المنقسم على
ذاته وعلى «النأي بالنفس» يتطوع وزير
خارجيته بالدعوة الى تفعيل عضوية
سورية في الجامعة العربية، بالتالي
إحياء شرعية عربية للنظام. قبل ذلك
بساعات قليلة، وصف رئيس الوزراء
القطري حمد بن جاسم رأس النظام بأنه «إرهابي». و «الحكمة»
في لبنان أنه ينأى عن نفسه فيهرول الى
الحرائق. ===================== رحيل
صديق القذافي والأسد ونجاد حسان
حيدر الخميس
٧ مارس ٢٠١٣ الحياة تركت
مواقف وسياسات الرئيس الفنزويلي
الراحل هوغو تشافيز تساؤلات وانقسامات
على الصعيد الداخلي في بلاده،
والاقليمي في منطقة اميركا اللاتينية،
بين مؤيدين ومنتقدين، لكن سياسته
وتحالفاته في منطقة الشرق الاوسط كشفت
عن سذاجة مفرطة جعلته يخلط بين الغث
والسمين، وينخدع بالشعارات التي تجيد
بعض الانظمة استخدامها في تغطية
حقيقتها. فقد كان
«القائد»، كما حلا له تسمية نفسه
تيمناً بمثاله الاعلى تشي غيفارا،
حليفاً ومسانداً لطغاة عرب اطاحت
الشعوب بعضهم، مثل معمر القذافي،
وآخرين لا تزال تحاول اطاحتهم، مثل
بشار الاسد، لكن علاقته الوثيقة كانت
مع ايران التي جمعه بها العداء لـ «الشيطان
الاكبر»، على رغم ان الزعيم الفنزويلي
ظل يبيع معظم نفطه الى الاميركيين. بالطبع
كان اهتمام تشافيز منصبّاً على العمل
في اميركا اللاتينية، وخصوصاً على
إنقاذ انظمة متهالكة مثل نظام «آل
كاسترو» في كوبا التي أمدّها بالنفط
والمال بلا حساب، لكنه ايضاً نسج
علاقات تعاون مع روسيا والصين، وكل من
«يعادي» الولايات المتحدة او ينافسها
في اقاصي الارض. وقد منح
تشافيز العقيد الليبي صفة الشهادة بعد
مقتله، واعتبر سقوطه وموته خسارة
لليبيا وللعالم «الثوري» الذي كان
يحلم بإقامته، ذلك ان اوجه الشبه
بينهما كانت كثيرة. فكلاهما ضابط وصل
الى الحكم بعد انقلاب، وكلاهما اعتبر
نفسه «صديق الفقراء» وتبنى مبدأ «توزيع
الثروة»، وكلاهما احب اطلاق الشعارات
والخطابات المطولة والظهور الاعلامي
الاستفزازي والمثير. لكن تشافيز كان
اصدق من القذافي، بعدما تبين ان الاخير
كان عملياً يوزع ثروة بلاده التي
يسرقها على اولاده، وكان يعادي «الامبريالية»
بالكلام ويتوق الى الارتماء في
أحضانها مثلما فعل في نهايات حكمه. اما
ايران التي وجدت في حكم تشافيز ضالتها
للتغلغل في مناطق النفوذ التقليدي
للولايات المتحدة، فاستغلت علاقتها
الوطيدة به للقيام بما تقول واشنطن
انها عمليات ارهابية نفذها عملاء
ايرانيون بينهم لبنانيون من «حزب الله»
وسوريون. وليس مستغرباً ان يضمه الرئيس
الايراني احمدي نجاد بعد وفاته الى ركب
«المهدي المنتظر» ويبشر العالم بعودته
لاحقاً. اما
النظام الحاكم في دمشق فأشاد بموقف
الراحل «المشرّف من المؤامرة على
سورية» وتضامنه معها «في وجه الهجمة
الامبريالية الشرسة التي تتعرض لها»،
وهو الوصف المحبب لأجهزة اعلام الاسد
الذي تطلقه على انتفاضة الشعب السوري،
خصوصاً ان تشافيز زود هذا النظام
بالنفط بعد فرض حظر دولي عليه، ووصف
الأسد بأنه «رئيس اشتراكي يملك شعوراً
انسانياً كبيراً» واعتبر ان
الاميركيين يديرون مؤامرة ضده، علماً
ان الثوار السوريين يشكون التجاهل
الاميركي للوضع في بلادهم. لكن
اليتيم الفعلي هو كوبا التي قد لا
يستطيع الرئيس الفنزويلي المقبل، حتى
لو كان من اختاره تشافيز خلفاً له،
مواصلة الدعم غير المشروط لها. ذلك ان
رئيس فنزويلا الراحل كان قادراً بسبب
شخصيته القوية التي طغت على حكومته
وخطابه الحماسي وقدرته على اثارة
مشاعر مؤيديه، ان يتصرف بثروات بلاده
كأنها خزنته الشخصية يوزع منها ما يشاء
على من يشاء، اما خليفته فسيكون مضطراً
على الارجح الى اعتماد سياسات اكثر
عقلانية وتقديم حسابات اكثر دقة. ===================== البحث
عن مخارج من الأزمة السورية عبدالرحيم
صابر * الخميس
٧ مارس ٢٠١٣ الحياة بعد
لقائه الاخير مع الرئيس السوري بشار
الأسد في دمشق، يبدو أن المبعوث الأممي
- العربي الاخضر الإبراهيمي دخل في
المحظور في ما يخص القيادة السورية
ومصير/دور الرئيس في المرحلة
الإنتقالية. لا شك في أن هذا الإنتقال
من الحديث في العموميات إلى الدخول في
جوهر العملية الإنتقالية وما تستلزمه
والدور الذي يجب أن يلعبه كل طرف،
سيخلف أثاره في موقف الحكومة السورية
في الوقت الراهن. لكن لا مناص من فتح
الملف بأكمله حتى يعرف كل طرف ما له وما
عليه إن كان فعلياً يؤمن بضرورة انتقال
السلطة والخروج من الفوضى والدمار
اللذين تعيشهما سورية اليوم. ردود فعل
النظام السوري، من خلال إعلامه الرسمي
على الأقل، كانت واضحة تجاه المبعوث
الاممي، وأبانت عن مدى تذمر المسؤولين
من خطاب الإبراهيمي الصريح وتصوره
للمرحلة الإنتقالية. لا أظن أن هذا
الإستياء سيستمر ويعرقل اللقاءات
القادمة بين الإبراهيمي والأسد.
النظام السوري يدرك أنه في حاجة إلى
الإبراهيمي للبحث عن مخرج مقبول. كما
أن الحليف الروسي لا يزال داعماً لدور
المبعوث الأممي في الخروج من المرحلة
الراهنة. الحل لم
ينضج بعد. لكن الأطراف المتصارعة، أو
بعضها على الأقل، بدأت فعلياً في
استيعاب أنه لا مناص من الحوار. يمكن أن
نقول إن هذه الأطراف بدأت تدرك أنه لا
يمكنها الحسم عسكرياً وبالتالي يجب
البحث عن آلية اخرى لإنهاء الصراع
الدموي الذي يستنزف البلد منذ شهور. لا
تزال الأمور في بداية الطريق وربما
تشهد الأسابيع أو الشهور المقبلة
تغييراً في التكتيك وانطلاقة اخرى
تجاه الحوار/التفاوض للخروج من
التقوقع في الرأي الواحد والمكان
الواحد. وما مبادرة رئيس الإئتلاف
الوطني، الشيخ معاذ الخطيب الاخيرة
والتي فاجأت كثيرين بمن فيهم جزء من
المعارضة السورية المتواجدة ضمن
الإئتلاف، والتي لا تزال على رفضها
الدخول في أي حوار مع النظام، الا نقطة
بداية لزحزحة هذا الجمود الذي ميز منذ
البداية هذا الصراع بين المعارضات
السورية والنظام. ليس
هناك بصيص أمل للخروج من هذه الأزمة
إلا من خلال حوار/مفاوضات، فلنسمّها ما
شئنا، بين كل أطراف هذا الصراع الدموي
الذي طال وسبب دماراً هائلاً وأدخل
سورية في المجهول. سنتان من المعارضة
المسلحة لم تجلبا إلا الدمار والفوضى
من النظام وشتى المعارضات. على
المعارضة السورية والتي عولت كثيراً
على آخرين لإسقاط النظام أن تعيد
حساباتها. فالقرار الأول والأخير
لإسقاط النظام وليس الدولة ولتجنيب
البلد مزيداً من الدمار يعود لهم كما
يعود للنظام الذي لا يزال متمسكاً إلى
حد ما بالحسم العسكري والأمني. لكن
الوصول إلى هذا الحوار/المفاوضات
يستلزم كذلك دخول أطراف أخرى للمساهمة
في إنضاج الرؤى وتذليل المطبات لإخراج
سورية البلد من العبث. ركز المبعوث
الأممي - العربي الاخضر الإبراهيمي في
لقاءاته الأخيرة على الجانب الدولي من
خلال لقاءات جنيف مع مبعوثي الولايات
المتحدة وروسيا، وهذا ضروري ومهم في
هذه المرحلة التي تعيشها سورية والتي
تتداخل فيها المصالح الإقليمية
والدولية. لكن يجب إعادة النظر في
الدور الإقليمي المتأثر المباشر من أي
حلول يمكن أن تطرح في سورية. المملكة
العربية السعودية وتركيا وإيران تلعب
دوراً اقليمياً أساسياً في الوقت
الراهن سواء من خلال الجغرافيا أو
المصالح الجيوسياسية، ويمكن أن تلعب
دوراً كبيراً في إنضاج الحلول الممكنة
لإنهاء الصراع بين النظام والمعارضة
السورية ووضع خريطة طريق تساهم في
الإنتقال السياسي وتمهد لبناء سورية
جديدة. هذه الدول ستساهم، في شكل أو
آخر، في ضمان إنجاح أي حل سيتوافق
السوريون عليه، كما أنها، أي هذه
الدول، لها وجود مهم وفاعل في الخريطة
الإقليمية وهي المتضرر أو المستفيد
الأول من أي تغيير سيحصل في سورية. من
المستبعد أن يغير الجانب الروسي موقفه
«المبدئي»، كما يقولون، من التغيير في
سورية أو أن «الدعم» الخطابي حتى الآن
الذي تقدمه الدول الغربية سيخطو أبعد
من ذلك. كما أن الطرف الأميركي خلال
ولاية أوباما الثانية لن يفكر في أي
مغامرة أو تدخل عسكري في سورية وسينتظر
ما ستسفر عنه الصراعات الدموية
القائمة حالياً خصوصاً أنها استوعبت
محاذير مشاركة قوى غير سورية في الصراع
السوري ولأهداف غير أهداف البناء
الديموقراطي ودولة المواطنة الكاملة
وسمو الحق والقانون. قتل
السفير الأميركي في ليبيا من طرف
متشددين «اسلاميين» كان نقطة تحول في
موقف البيت الأبيض تجاه عدم دعم
المعارضة السورية بالسلاح، على رغم
مما يقال حول دعم البنتاغون ووزارة
الخارجية لذلك. حان الوقت لتحسم
المعارضة السورية موقفها وتدرك أن
القرار بيدها لإخراج البلد من الجمود
وفرض أجندة للتغيير السياسي على
النظام. فالنظام منهك لكنه عنيد والحسم
لا محالة لن يكون عسكرياً لكن استمرار
الصراع الدموي سيدمر سورية المواطن
والبلد. الشيخ الخطيب كان أكثر جرأة في
طرح مبادرته الأخيرة وعلى المعارضة أن
تكون في حجم المسؤولية والجرأة
السياسية. ===================== ورقة
تنحي الأسد في يد المرشد الإيراني غازي
دحمان * الخميس
٧ مارس ٢٠١٣ الحياة الذهاب
من دمشق إلى موسكو، وبالعكس، لا يحتاج،
من الناحية الجغرافية، إلى ترانزيت
إيراني، حتى في ظل فتوى دينية إيرانية
بأن سورية هي المحافظة رقم 35 لإيران،
غير أن للسياسة حدوداً وتضاريس وطرقاً
تحتم الهبوط الاضطراري لرحلة وزير
خارجية الأسد في طهران. هي
طائرة وليد المعلم وزير خارجية دولة
الأسد «القادمة»، وليست الحالية التي
يجري التفاوض في شأن الفكاك منها، وهو
المعلم الذي يذهب إلى موسكو وفي جعبته
عرض تفاوضي «مداور» يلقيه في وجه
العالم عبر البوابة الروسية «الحكومة
السورية جاهزة للحوار مع كل من يرغب
بالحوار بمن في ذلك من حمل السلاح»!.
المعلم ذاته، وقبل أشهر معدودة، كان قد
أكد أن الحوار سيتم بعد القضاء على
الجماعات الإرهابية وتطهير البلاد
منها، فما سر الفارق بين اللهجتين؟. لا يبدو
أن ثمة معنى واقعياً لكثير من
التحليلات الإستراتيجية التي قد ترد
أسباب هذه الانعطافة إلى حصول متغيرات
في موازين القوى على أرض الميدان لصالح
المعارضة، بسبب حصول هذه الأخيرة على
شحنات من الأسلحة النوعية، وبخاصة تلك
المضادة للدروع والطائرات، ذلك أن
مشكلة النظام لم تكن يوماً بالعتاد
الذي يفقده في مواجهة الثوار، ولا يهتم
تالياً بأنماط الأسلحة التي يستعملها
هؤلاء ضده ما دامت محركات اشتغاله تعمل
على مبدأ «قاتل أو مقتول». كما أنه
لا معنى للقول إن هذا السلوك السياسي
الجديد هو محض مناورة سياسية يلعبها
حكام دمشق بعد أن أدركوا نجاح
التكتيكات السياسية الجديدة المعارضة
الخارجية، واحتمال أن تحدث فارقاً في
التعاطي الدولي مع الأزمة السورية،
بخاصة في ظل الحديث عن إمكانية تبلور
مقاربة أميركية جديدة للأزمة. لكن، هل
غير العدمية السياسية قد تفضي إلى مثل
هذه التصورات؟ ونحن نحلل سلوك نظام
يوصف بإتقانه المناورة السياسية
وقدرته على تحقيق المكاسب عبرها،
ومراهنته الدائمة على عنصر الوقت في
نظريته السياسية، ألا يصير نوعاً من
التجديف السياسي القفز إلى خلاصات
ومآلات تحمل شبهة الانحياز إلى
التبشير بيأس النظام، أو نجاح الثورة
في إيصاله إلى هذه المرحلة؟ ليس
الأمر على هذه الشاكلة ولا تلك، بل هو
نتاج لصيرورة متغيرات استدامت لعامين
متواصلين، استخدم النظام فيهما كل
أدواته وأسلحته، السياسية والعسكرية،
في سياق فعل إعادة تشكيل سورية، على
طريق تشكيل المنطقة برمتها، وفي هذا
الإطار جرى ترسيخ جملة من المتغيرات،
مثل تدمير المدن الأساسية والتأسيس
لفوضى اجتماعية وسياسية معمّمة، ونحن
الآن أمام حالة اكتمال تحقق إنجاز
المشهد الجديد، بانتظار بعض التفاصيل
التي سوف يتم إضافتها إلى المشهد، وهي
التي قد تحتاج إلى بعض الوقت لتحقيقها. يتزامن
ذلك مع تأسيس بيئة إقليمية حاضنة
ومشجعة لسياق هذه التطورات، وبخاصة في
العراق المجاور، الذي رفع سنّته شعار»المالكي
أو العراق»، في محاكاة معاكسة للشعار
السوري الشهير»الأسد أو نحرق البلد»،
وكذا لبنان الذي يترنح تحت تأثير قانون
انتخابي «كانتوني الطابع». في ظل
هذه المعطيات، يبدو أن المدرك السياسي
لـ «جماعة الحكم» في دمشق، بات على
مشارف القناعة بلحظة وصول سورية
والمنطقة إلى القبول بشرعية قيام
الكيان العلوي، ما دامت اللحظة هي لحظة
استنهاض الحس المكوناتي ونهوض
الصراعات الأهلية على أسس مذهبية، وما
دامت بروباغندا التطرف وخطر إبادة
الأقليات قد لاقت صدى واسعاً في وجدان
العالم كله. هنا قد تلعب المعطيات
دورها في ترسيخ قناعات النظام في
توجهاته هذه، خصوصاً بعد أن أصبح يقاتل
من رصيده البشري الصافي، وانتهاء
مرحلة القتال بفائض ما كان يملكه من
جنود الطرف المقابل، أو اقتراب وصوله
من هذه الحافة، فضلاً عن اقتراب نفاد
موارده المالية التي تمكنه من إدارة
البلاد بكاملها، وقناعة مموليه
الإقليميين بعبثية هذه العملية،
وضرورة حصرها في أطر ذات جدوى أكبر. النظام
ليس بصدد مناورة لكسب الوقت، بل هو
اليوم، أكثر من أي يوم سبق، أمام
حقيقته، لذا فلم تكن عبثاً إشارة
المعلم إلى الحوار مع المسلحين
وتأكيده أن «الإصلاح» لا يكون بإراقة
الدماء وإنما بالحوار، فالرجل يعرف
تماماً أن الحديث عن الإصلاح أصبح خارج
سياق الزمن، ويعرف شروط سياسيي
المعارضة وعسكرييها، ويعرف أن شرط
رحيل الأسد يأتي على رأس أولويات هذه
الشروط، وهذا الشرط هو ما يشرعن تالياً
قضية البحث عن حلول شرعية، باعتبار أن
الأسد أيضاً يملك قاعدة شعبية لا تقبل
بالتعايش مع المسلحين تحديداً الذين
يتم وصمهم بالانحياز لطرف أهلي معين
وانتماؤهم له. وفي ظل
هذه اللحظة المكثفة لحالة التموضع
الجديدة للأزمة السورية في الإطار
الجيو إستراتيجي للمنطقة والعالم،
تصبح روسيا طرفاً خارجياً، وإن بدت
وكيلاً مفاوضاً، في مقابل إعلان مرشد
إيران، وبشكل رسمي وواضح ومن دون
الحاجة إلى المناورة، كمرجع وقائد
للجبهة التي يقاتل الأسد على أحد
أطرافها. وفي ذلك إحالة لوزير الخارجية
الأميركي جون كيري، الذي يأمل أن تقوم
موسكو بإقناع الأسد بالتنحي، بأن عليه
أن يقنع المرشد علي خامنئي أولاً
وأخيراً. ===================== حرب
«على المكشوف» بمشاركة ايران والعراق
و«حزب الله» عبدالوهاب
بدرخان * الخميس
٧ مارس ٢٠١٣ الحياة بدل أن
يقوم نوري المالكي بما هو واجبه فيطرح
مبادرة للخروج من الأزمة العصيبة في
العراق، وهي أزمة داخلية أولاً
وأخيراً قبل أن تكون لها تشعّبات
اقليمية، فقد اختار أن يهرب الى
الخارج، الى سورية. وبدل أن
يؤكد ما أعلنه سابقاً واتهم به خصومه،
أي رفضه الانجرار الى صراع طائفي، فإذا
به يقرع طبول هذه الصراع، متبرّعاً
بتقدير للموقف مفاده أن انتصار الثورة
في سورية لا بدّ من أن يعني اندلاع حرب
طائفية في العراق وحرب أهلية في لبنان
وانقساماً في الاردن. في
لبنان، اختار حسن نصرالله لغةً مواربة
للوصول الى التقويم نفسه، بلهجة أكثر
غطرسة وقوة وأكثر استصغاراً للخصوم. اذ
هددهم بـ «الفتنة» التي قال إنه لا
يريدها، وحذّرهم من أي خطأ في تقويم
قدرات «حزب الله». واذا
كان الأمين العام لهذا الحزب يتساهل
معهم الآن اذ يكثرون الكلام عن سلاحه «غير
الشرعي» الذي استُخدم ضد اللبنانيين
في الداخل وبات يُستخدم ضد السوريين
داخل سورية، فإنه يتحسّب خصوصاً لسقوط
النظام ولانتصار المعارضة، وهما
احتمالان مستبعدان في عرفه، ومن دون
الاعتراف بأي هامش للخطأ، بل يكاد
يُقسم بأنهما لن يتحققا. لا
يبالي المالكي بالدستور العراقي وما
يمنحه لكلٍّ من مكوّنات المجتمع وقد
بات أحدها، الذي يمثله هو، متخاصماً مع
المكوّنين الآخرين. ولا
يكترث نصرالله بالدولة أو بالجيش أو
بمــبدأ التعايش بين الطوائف، لأنه
يتبع منهج «فـــرّق تسد»، ويمارس
السلطة في لبنان علـــى طريقة «حــكم
المرشد» في مصر. فالاثنان يقولان
حـــالياً ما يمكن كشفه من الخطة
الايرانية في حال وقعت الخسارة الكبرى
وسقط النظام السوري في شكــل أو فــي
آخـــر، وقد باتت طهران مدركة أن حتى «الحل
السياسي» الذي تحاول روسيا طبخه لا
يمكن أن يعني بقاء النظام. لماذا
دُفعت الخطة الايرانية الى الواجهة في
هذا التوقيت؟ لأن طهران أدركت أن ثمة
تغييراً بدأ في المقاربة الدولية (الاميركية)
للأزمة السورية ولن يكون لمصلحتها،
فهي مثل نظام بشار الاسد لا تحبذ كل هذا
الترويج لـ «حل سياسي»، اذ يفضّلان
استمرار الصراع لاعتقادهما بأن الحسم
ممكن. والسبب الآخر لظهور الخطة هو أن
الايرانيين يريدون التحكّم بالوضع
السوري لتنسيق تطوّره مع التقدّم في
مفاوضاتهم النووية. فطهران تخاطب
الغرب، وبالأخص الولايات المتحدة،
وطالما أن هذه المفاوضات بالكاد شهدت
شبه انفراج أولي في ألما آتا، ويلزم
وقت وتنازلات لتأكيد الاختراق، فقد
شاءت لفت النظر الى الورقة التالية
التي ستلعبها: العبث بالاقليم تسريعاً
للتفاوض معها «حول سورية والبحرين»،
كما طلبت مراراً. ولأن المفاوضات
النووية يُفترَض أن تحقق نجاحاً
كاملاً لتمهّد الطريق للتفاوض الثنائي
مع الولايات المتحدة، فإن طهران حرّكت
بيادقها لتقول إن حل الأزمة النووية
وسقوط النظام السوري، اذا حصلا، لا
يمكن أن يقللا من نفوذها الاقليمي،
بدليل أنها قادرة على تخريب أي حوار أو
حل سواء في سورية أو في البحرين. وعليه
أرادت التحذير من تجاهلها في
الترتيبات الاقليمية التي يستوجبها
التغيير في سورية، فضلاً عن الانذار
بأن خسارتها سورية لن تكون مقدمة
لسلسلة من الخسائر. لكن ايران تعرف
جيداً أن التلويح بحروب طائفية، أو
بالأحرى بمواجهة سنّية - شيعية كما
تحاول في سورية، لا يمكن أن تشكّل
الوصفة المثلى للحدّ من الخسائر، أو
حتى لتثبيت المكاسب في دول متعددة
المكوّنات. لم
يقتصر المالكي ونصرالله على الكلام،
بل إن «حزب الدعوة» و «حزب الله»
التابعين لايران سجّلا أخيراً ظهورهما
على خريطة القتال الى جانب قوات النظام
السوري، ويتوقع الكثير من المعارضين
السوريين زيادة تدخلهما مع احتدام
المعارك. فمنذ الربع الأخير لعام 2011
اعتبر النظام السوري أن حمص هي عنوان «الحسم»
واستهلك نحو خمسة شهور لإنهاء القتال
في حي بابا عمرو، ثم فرض حصاراً على
المدينة لاستكمال السيطرة عليها.
ويبدو الآن أنه سيستعين بمقاتلي «حزب
الله» للضغط على القصير في الريف
الغربي لحمص بغية تمكينه من اقتحام حي
الخالدية وإعلان إسقاط المدينة. يضفي «حزب
الله» على تدخله قناع الدفاع عن سكان
شيعة أو مسيحيين موزّعين في ثماني قرى
قريبة من القصير ومن الحدود اللبنانية
- السورية. لكن
البداية كانت داخل الاراضي اللبنانية
حين راحت عناصره تراقب الحدود بحجة
إقفال الطرق المعتمدة لتهريب الأسلحة،
لكنها وسّعت هذه المهمة لجعل الممرات
الحدودية غير آمنة للجرحى أو حتى
للنازحين هرباً من القتال، وكذلك
لترهيب قرى لبنانية قريبة، مثل عرسال،
ذات الغالبية المذهبية السنّية. ومع
الوقت ازدادت نية ربط مناطق سيطرة «حزب
الله» في محيط القصير بمناطق سيطرة
قوات النظام غربي حمص تأميناً للطريق
الممتد من شمال غربي دمشق فحمص
والملتفّ بموازاة الحدود اللبنانية
وصولاً الى المنطقة الساحلية. هذا ليس
مجرد مؤازرة ايرانية للنظام وتمكينه -
باعتباره «السلطة الشرعية» - من حكم لم
يعد قابلاً للاستعادة، وإنما فيه منحى
رسم لخريطة منطقة يُشتبه بأن النظام
يريدها معقلاً مذهبياً (للعلويين
والشيعة) وخطاً دفاعياً متقدماً عن
الجيب الساحلي، تـحضيراً للمساومـة
على جـــغرافـيـة سورية. بالنسبة
الى النظام وحليفه الايراني لا مجال
لتسوية سياسية قائمة على المحاصصة مع
أطراف المعارضة، فإما أن يكون الحل تحت
سقف النظام وبشروطه، وإما أن سورية
التي نعرفها ستكون شيئاً آخر تماماً.
هذا هو المطمع المشترك لإيران
والنظام، وهذا هو الاختبار الأول
لإيران كي تظهر وتبرهن كيف تحافظ على «المكاسب»
الاستراتيجية التي استثمرت فيها
كثيراً وطويلاً. والواقع
أن ما يجري على الأرض يتناقض كلياً مع
المناخ الدولي الذي يوحي بأن ثمة
سعيـاً يـكاد يثمر بداية حل سياسي، في
حين أن المقاتلين يعرفون جيداً وعلى
نحو ملموس أن تورّط ايران و «حزب الله»
يجعل الحل السياسي أشبه بالمستحيل. لذا
يمكن روسيا أن تتابع مساعيها إلا أنها
أثبتت أن نفوذها يقتصر على تشجيع
النظام على فعل ما كان اعتزمه، ولا
يبدو أن لديها ما يمكنها فرضه عليه،
فهي لم تفكّر اطلاقاً بوقف تسليحه، ولم
يُسجّل أنها جرّبت اقناعه بوقف حقيقي
لإطلاق النار، ولم تحاول اطلاق
السجناء أقلّه لامتحان استجابته، كما
أنها لم تبذل جهداً كافياً لفتح قنوات
عمل جدي مع المعارضة، ومع ذلك تقول
يومياً إن الحل في سورية لا بدّ من أن
يكون سياسياً، بل تراهن على تعاون هذه
المعارضة. لذلك
يصحّ التساؤل عما يمكن أن يتوقعه
الاميركيون من الروس واذا كانوا
يعتقدون فعلاً أن لدى هؤلاء تصوراً
حقيقياً لحلٍ ما، وبالتالي اذا كانوا
مدركين أن خيوط اللعبة باتت موصولة
بإيران وما الذي سيفعلونه في هذه الحال. وفي
انتظار أن يفصحوا عن فحوى سياستهم «الجديدة»
أصبحت ايران تلعب «على المكشوف»، فلم
يعد مستبعداً في المدى القريب أن يُعلن
صراحة عن مساهمة العراق، مثــلاً، أو
عـــن دور «حزب الله»، بل إن إيران
تريد أن يذهب إعلام النظام أبعد فــي
الجــهر بنـــوعية أنشطته، كأن يعلن
على سبيل المثال عن عمليات القصف
بصواريخ «سكود» أو الإغارة بطائرات «الميغ»
تأكيداً لـ «حقه»، طالما أن الحرب
بالوكالة في صدد أن تصبح اقليمية:
النظام وإيران في مواجهة تركيا
والسعودية وقطر. وفي
الحديث الأخير مع «الصنداي تايمز»،
بدا بشار الاسد كأنه يلبي الرغبة
الايرانية، اذ قال إن سورية على مفترق
وإن اللعب على هذا المفترق سيتسبب
بتداعيات في عموم الشرق الاوسط. ===================== لا
حلول سياسية بعد حديث بشار الأسد لـ«الصنداي»
البريطانية!! صالح
القلاب الشرق
الاوسط 7-3-2013 في
مقابلة مع «الصنداي تايمز» البريطانية
عدد يوم الأحد الماضي كرر الرئيس
السوري بشار الأسد كلمة «الإرهاب
والإرهابيين»، في وصف الجيش الحر وقوى
المعارضة السورية، أربعا وثلاثين مرة
وهذا يدل على كم أنه يحاول إقناع نفسه
بهذه «الكذبة» التي اخترعتها أجهزته
الأمنية أكثر من إقناع الذين يحاولون
إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة التي غدت
شائكة ومعقدة وعلى كم أنه أيضا يحاول
إيجاد مبررات مقنعة لارتكاب كل هذه
الجرائم التي ارتكبها والتي قد
يرتكبها ضد شعب له مطالب إصلاحية محقة
من المفترض أنه شعبه. عندما
يكون الجيش الحر، الذي كل ضباطه على
مختلف رتبهم وكل جنوده من المنشقين عن
الجيش النظامي «العقائدي»!!، مجموعات
إرهابية وشراذم وعصابات مسلحة وعندما
تكون المعارضة السورية، التي كل
قياداتها معروفة وبالأسماء الثلاثية
والرباعية، مجموعات من القتلة
والمأجورين وعملاء لدول أجنبية فلماذا
إذن يطرح بشار الأسد مشروع المصالحة
الوطنية ولمن يطرحه ثم ما معنى أن يقول:
إنه لا ينبغي أن يكون هذا الحوار
المفتوح بين مجموعات حصرية بل بين جميع
السوريين وعلى كل المستويات لأنه يدور
حول مستقبل سوريا.. نحن ثلاثة وعشرون
مليون سوري ولنا الحق جميعا في
المشاركة في صياغة مستقبل البلاد..؟!. قال
بشار الأسد في حديثه لـ«الصنداي تايمز»
البريطانية بأنه لا وجود للمجموعات
المعتدلة في سوريا وأن هناك ثمة معارضة
تتكون من تشكيلات سياسية كما أن هناك
إرهابيين مسلحين: «يمكننا الانخراط في
حوار مع هذه المعارضة لكن لا يمكننا
الانخراط مع هؤلاء الإرهابيين قبل أن
يسلموا أسلحتهم.. نحن هنا نحارب
الإرهاب»، وهذا يعني أنه لا ضرورة لكل
هذه الوساطات العربية والدولية ولكل
هذه الجهود التي لا تزال تبذل على هذا
الصعيد والتي كانت بذلت على مدى
العامين السابقين من مشروع الحل
العربي الذي أفشله هذا النظام قبل أن
يرى النور إلى مبادرة كوفي أنان ذات
الست نقاط إلى بيان جنيف الشهير إلى
اجتماعات مجلس الأمن الدولي التي تصدى
لها الروس والصينيون بحق النقض «الفيتو»
وحالوا دون اتخاذها أي قرار يحقن دماء
أبناء الشعب السوري ويضع حدّا لهذه
المأساة السورية المتصاعدة. إنه لم
يعد هناك أي أمل بأي حل سياسي يوقف
شلالات الدماء ويضع حدا لهذه المأساة
التي تعيشها سوريا ويعيشها السوريون
ما دام أن بشار الأسد قد قال هذا الذي
قاله وما دام أنه يعتبر أن هدف الحوار
الذي دعا إليه هو: «فتح الباب للمسلحين
لتسليم أسلحتهم» وأيضا ما دام أنه
يعتبر أن التدخل الروسي والإيراني
وتدخل حزب الله في الشؤون السورية
الداخلية دعما للشعب السوري في حربه ضد
الإرهاب ولذلك فإنه لم يعد هناك أي
مجال للحديث عن أي حلول سياسية وأي
مفاوضات ما لم يتوفر للجيش الحر
وللمعارضة السورية الدعم الكفيل
بإيجاد تغيير حقيقي في موازين القوى
على الأرض يُلزم المجموعة الحاكمة في
دمشق بالتخلي عن تعنتها والقبول
بالتنحي السلمي عن السلطة كما فعل
الرئيس المصري السابق حسني مبارك
وأيضا كما فعل علي عبد الله صالح. في
مداخلة له في آخر اجتماع لمجلس أمناء
مؤسسة ياسر عرفات في مبنى الجامعة
العربية في القاهرة تحدث الأخضر
الإبراهيمي عن الأزمة السورية بالكثير
من التشاؤم والكثير من المرارة وهو
أشار إلى أن هناك ثلاث دوائر للحل باتت
عاجزة وغير قادرة أن تفعل أي شيء،
فالنظام، حسب رأي الإبراهيمي، يعتبر
أن كل هذا الذي يجري عبارة عن مؤامرة
دولية ضده وأنه في كل ما يقوم إنما
يحارب الإرهاب الذي يستهدف سوريا
كدولة «ممانعة ومقاومة» وذلك في حين أن
المعارضة تعتبر أن هناك ثورة شعبية ضد
نظام فقد شرعيته وكل هذا بينما من هم في
الدائرة الخارجية منقسمون على أنفسهم
فروسيا لها رأي تتمسك به وتعتبره خشبة
الخلاص الوحيدة بينما الولايات
المتحدة ومعها معظم دول الاتحاد
الأوروبي لها رأي آخر وهكذا فقد بقي
مجلس الأمن الدولي من الناحية الفعلية
معطلا وهو سيبقى معطلا ما لم تطرأ
معجزة حقيقية في زمن ليس فيه معجزات. وبهذا
فإنه لم يعد هناك أي خيار إلا خيار الحل
العسكري فبشار الأسد، وفقا لما قاله
لأسبوعية «الصنداي تايمز»
البريطانية، مصر على حلول العنف
والقوة ومصمم على الذهاب بهذا الشوط
حتى النهاية وهذا يعني أنه على
الولايات المتحدة، التي تعرف تمام
المعرفة أن ما يجري في سوريا هو صراع
إقليمي يشكل امتدادا لصراع دولي أوسع
هي رقم رئيسي في معادلته، أن تحسم
أمرها نهائيا وأن تتخلى عن مواقفها
المائعة، التي ساهمت مساهمة رئيسية في
وصول الأوضاع إلى ما وصلت إليه، وأن
توفر للمعارضة السورية ما يجعلها
قادرة أولا على الحد من نفوذ التنظيمات
المتطرفة وتحجيم أدوارها وثانيا إلزام
النظام السوري بالاستجابة لدعوات تنحي
رئيسه والانخراط في أقرب وقت ممكن في
مرحلة انتقالية تشرف عليها حكومة
وطنية وبصلاحيات كاملة. إن هذه
المنطقة هي منطقة مصالح حيوية و«استراتيجية»
وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة وإنه
بالتأكيد سيكون لانهيار سوريا أو فشل
ثورتها ووقوعها نهائيا في القبضة
الروسية - الإيرانية تأثير مباشر على
هذه المصالح ولهذا فإنه على واشنطن،
التي يبدو أن مخاوفها على إسرائيل في
ظل ثورات الربيع العربي وكل هذه
التحولات الجذرية التي تشهدها المنطقة
لها الأولوية على مخاوفها هي من التورط
في مأزق كالمأزق الذي تورطت فيه في
أفغانستان والذي تورطت فيه أيضا في
العراق، أن تدرك معنى أن يطول هذا
الصراع المحتدم الآن في إحدى دول الشرق
الأوسط الرئيسية وكذلك معنى أن يصبح
هذا الشرق الأوسط في قبضة إيران
الخمينية ومعنى أن تتشكل في هذه
المنطقة إمبراطورية طائفية تمتد من
مناطق وجود أقلية «الهزارا» الأفغانية
وحتى شواطئ البحر الأبيض المتوسط من
الناحية الغربية. لقد
أجاب بشار الأسد عن سؤال: «هل ستردون
على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة..
وكيف ستردون على أي هجمات مستقبلية»
بالقول: «لقد ردَّت سوريا في كل مرة لكن
بطريقتها وليس بالمِثْل
والإسرائيليون وحدهم يعرفون ما نقصده
أي كيف كان ردنا.. نعم الرد لا يعني
صاروخا بصاروخ أو رصاصة برصاصه.. لا
ينبغي أن يكون الرد معلنا بالضرورة
والإسرائيليون وحدهم يعرفون ما أعنيه». فما
الذي يعنيه بشار الأسد يا ترى..؟! هناك
حكاية «شامية» تقول إن رجلا من أبناء
المدن روى لأصحابه أنه امتطى فرسه
قاصدا إحدى مناطق البادية السورية
البعيدة وأن قاطع طريق قد اعترض طريقه
وطلب منه أن يتخلى عن بندقيته فتخلى له
عنها وطلب منه أن يتخلى له عن ثيابه
فتخلى له عن آخر قطعة منها.. ثم وعندما
قال إن قاطع الطريق هذا قد طلب منه
التخلي عن فرسه سأله أحد الحضور: وماذا
فعلت.. هل تخليت له عنها؟! فكان جوابه:
بالطبع لقد أخذها وفر هاربا كالكلب لا
يلوي على شيء.. وهل تريد مني أن أنزل إلى
مستوى قاطع طريق جبان يكفيه أنني قلت
له همسا حتى لا أبح صوتي وهو يغادر
مذعورا: إلى الجحيم يا بدوي يا حافي
القدمين.. يا «إمشلْعطْ» ويا «إمقلْعط»!! ===================== العراق
يحجب عن سوريا كهرباء إيران! هدى
الحسيني الشرق
الاوسط 7-3-2013 خلال
المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير
خارجية سوريا وليد المعلم، في طهران،
إلى جانب وزير الخارجية الإيراني علي
أكبر صالحي، وأثناء حديثه عن الدعم
الروسي لسوريا الذي يزداد قوة وثباتا،
وعن الدعم الإيراني اللانهائي، وصف
الروس بالأصدقاء، ووصف الإيرانيين
بالأشقاء. كان بهذا الوصف (الأشقاء) يرد
على التأويلات التي ترددت، لأنه كان من
المفروض أن يصل إلى طهران بعد انتهاء
زيارته لموسكو، في 26 فبراير (شباط)
الماضي، حيث التقى وزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف. لكن، وحسبما برّر
الطرف الإيراني، فإن تلك الزيارة
تأجلت بسبب عطل طرأ على الطائرة الخاصة
التي أقلت المعلم، فتأخر موعد وصوله
إلى طهران، ولأنه كان للوزير صالحي
ارتباطات مسبقة رأى الطرفان تأجيلها.
يومها، ذكرت بعض وسائل الإعلام أن
السبب سياسي. هذا لا
يعني أنه ليست هناك «تصريحات» سياسية
أزعجت سوريا، خصوصا وصف أحد رجال الدين
الإيرانيين لها بالمحافظة الإيرانية.
وقد أثار هذا استياء كثير من السوريين
المؤيدين للنظام، على الرغم من حاجة
النظام للدعم الإيراني، وعلى الرغم من
استطراد رجل الدين قائلا: «إذا سقطت
دمشق، لن يعود باستطاعتنا الدفاع عن
طهران». ويلاحظ
أن خطوط الدفاع الإيرانية الأمامية
قائمة في الدول العربية: 1 - في لبنان، «حزب
الله» وهو خط الدفاع الأول. 2 - في
سوريا، النظام القائم. 3 - في العراق،
حكومة المالكي. في
طهران، التقى المعلم وأجرى مباحثات،
إضافة إلى صالحي، مع الرئيس الإيراني
محمود أحمدي نجاد وسعيد جليلي أمين
مجلس الأمن القومي، وكلها تركزت على
الأحداث في سوريا ودور إيران هناك. ونظرا
للعلاقات الأمنية والعسكرية القوية
التي تربط البلدين، أكد المعلم للطرف
الإيراني أن الأجهزة الأمنية
والعسكرية السورية لا تزال متماسكة
وقوية، متهما من يقول عكس ذلك بـ«الإعلام
المضلل». وحسب
مصدر إيراني رفيع المستوى، فإن المعلم
اعترف بوجود أخطاء ارتكبها النظام
السوري، ووجود «بعض المشكلات» التي
يعاني منها، إلا أنه أضاف: «لا يمكن
إسقاط النظام»، إنه باقٍ ومستمر، وهذا
واقع على الجميع التعامل والتصرف على
أساسه، و«قد بدأ المجتمع الدولي
يستوعب هذا الوضع». في
إيران، اعتبر المعلم أن الحملات
والغارات العسكرية التي يشنها النظام
على المدن السورية أدت إلى أن «يتحسن»
الوضع لـ«صالح الجيش السوري، خصوصا في
دمشق وريفها»، وأشاد كثيرا بالتقدم
الذي أحرزه الجيش النظامي في سيطرته
على طريق حماه - حلب الدولي، وكشف أن
الجيش بهذه العملية نجح في فك الحصار
عن لواءين كاملين للجيش السوري، شمال
حلب، كان يحاصرهما الجيش السوري الحر،
و«بعض» جماعة «جبهة النصرة»، مبلغا
الإيرانيين بأن فك هذا الحصار سيعني
التقدم تجاه شمال حلب صوب الحدود مع
تركيا. أبلغ
الإيرانيون ضيفهم بأن «جبهة النصرة»
والجيش السوري الحر يسيطران على الجزء
الشمالي من حلب حتى الحدود مع تركيا.
فرد المعلم بأن لديهم معلومات عن صراع
بين «جبهة النصرة» وقيادة الجيش
السوري الحر على إدارة القسم الذي
يسيطرون عليه شمال مدينة حلب، بسبب
إصرار «جبهة النصرة» على إدارة هذه
الأجزاء، وقد بدأت بالفعل ممارسة «سلطاتها
الشرعية» على الجميع، الأمر الذي أدى
إلى مواجهات بين عناصرها وعناصر الجيش
السوري الحر. في
لقاءاته، عبّر المعلم عن استيائه من
المحاولات التركية لـ«استغلال» تأمين
إيصال المساعدات الإنسانية بتقديم
اقتراح فتح طريق خاص داخل سوريا.
وارتاح لأن كثيرا من الدول الغربية
رفضت الاقتراح التركي، كونه سيؤدي إلى
تدخل عسكري أجنبي لحمايته، كما كان
مرتاحا لفشل «مؤتمر أصدقاء سوريا» في
إسطنبول من أجل الحصول على الموافقة
الغربية للإعلان عن حكومة سورية في
المنفى. وقال إن سوريا تعتبر هذا مؤشرا
إيجابيا. نقل
المعلم إلى مستمعيه الإيرانيين ما بلغ
دمشق عن لقاء برلين بين وزيري خارجية
روسيا والولايات المتحدة سيرغي لافروف
وجون كيري، مشيرا إلى أنه نتج عنه تغير
في الموقف الأميركي من التطورات في
سوريا، وبشكل خاص فيما يتعلق بتنحي
الرئيس السوري بشار الأسد! والجدل حول
صلاحيات الحكومة الانتقالية. «وهذا
يعود إلى تخوفهم»، كما قال، من عدم
وجود بديل للأسد يضمن عملية انتقال
السلطة، والخوف من انهيار المؤسسات
الأمنية والعسكرية الذي سيؤدي إلى
فراغ في السلطة، والخوف من سيطرة
الجماعات المتطرفة على الحكم في سوريا. وبالنسبة
إلى الحوار مع المعارضة، أكد المعلم أن
النظام متمسك بأن يكون الحوار داخل
سوريا، وبين السوريين، ورفض أي مظلة
إقليمية أو دولية. وقال إن بلاده فوجئت
بموقف رئيس الائتلاف معاذ الخطيب «السلبي»
بطلبه تنحي الأسد. لكنه عاد وأكد رغبة
سوريا في الحوار مع الجميع و«من دون
تحفظ، بمن فيهم المجموعات المسلحة،
وبشكل خاص (جبهة النصرة) والجيش السوري
الحر». أولا،
لم يشر المعلم إلى أن النظام يقاتل فقط
«إرهابيين». ثانيا، جاءت تأكيداته قبل
حديث الأسد إلى صحيفة الـ«صنداي تايمز»
البريطانية، يوم الأحد الماضي، عندما
عرض الحوار مع الأطراف التي «تتخلى عن
أسلحتها». أبلغ
المعلم ارتياح القيادة السورية وثقتها
الكاملة بالمواقف الروسية الثابتة،
وقال إن روسيا تتحدث بكل وضوح وقوة مع
الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة
الأميركية، وبأنها لن تسمح بالتدخل
الأميركي أو الغربي في سوريا «مهما كان
الثمن». وقال المعلم، إن الرسالة
الروسية القوية زادت قوة بعد إعلان
سوريا عن استعدادها للحوار مع الجميع،
و«بلا استثناء، بما فيها الجماعات
المسلحة»، لذلك «ترى سوريا أن وعد جون
كيري بدعم المعارضة السورية بـ60 مليون
دولار كمساعدات إنسانية، ورفضه الدعم
العسكري هو استجابة أميركية للرسالة
الروسية». في
حواراته مع الإيرانيين، أشار المعلم
إلى الموقف الأردني الذي يختلف تماما
عن الموقف المعلن. قال إن عمان قلقة من
التطورات في سوريا وتأثيرها المباشر
على وضع الأردن، خصوصا أن «حركة
الإخوان المسلمين تشكل القاعدة الأكبر
للمعارضة الأردنية، مما يهدد العرش
الهاشمي»، كما أن هذا القلق والخوف
شكلا أرضية لـ«حوار سري أمني سياسي بين
سوريا والأردن». في
طهران، طلب المعلم تدخل إيران لدى
العراق لتأمين إيصال الكهرباء من
إيران لسوريا، التي يستولي عليها
العراق على الرغم من زيادة الدعم من 50
إلى 100 ميغاواط. فاتصل سعيد جليلي
مباشرة برئيس الوزراء العراقي نوري
المالكي الذي وعد بحل هذه المشكلة مع
محافظ الأنبار، لضمان وصول الكهرباء
الإيرانية لسوريا. وكان
رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي نقل،
الشهر الماضي، الاستياء نفسه، خصوصا
أن «سوريا هي بأمسّ الحاجة للكهرباء»،
ويومذاك وعد المالكي بحل المشكلة. والمعروف
أن الإيرانيين يمدون النظام السوري
بوقود المحطات الكهربائية والمواد
الغذائية والطبية عن طريق كردستان
العراق، وبضمانات مباشرة من مسعود
بارزاني رئيس الإقليم الكردي، على
الرغم من الكلفة المالية. وهناك اتفاق
بين سوريا وإيران لتدير إيران قطاع
النفط السوري، وتسويق المشتقات
بشرائها إيرانيا وبيع الفائض منها في
السوق العالمية، لتسديد المستحقات
المالية السورية لإيران. وعلى الرغم من
تأكيدات المعلم لجهة الانتصارات
العسكرية التي يحققها النظام،
واعترافه بـ«فقر» النظام اقتصاديا،
هناك أخبار مؤكدة عن وجود اتصالات بين
إيران والجيش السوري الحر، والائتلاف
السوري، كما أن هناك اتصالات غير
مباشرة مع «جبهة النصرة» عن طريق
وسطاء، لأن إيران، كما يشير مصدر
إيراني، ترفض الحوار المباشر مع هذه
الجبهة لتفادي أي تعزيز لمركزها أو
موقفها. ===================== ما
الذي يجري بين واشنطن وموسكو؟ د.
صبحي غندور التاريخ:
07 مارس 2013 البيان يشهد
العالم في هذه الفترة تحركاً
دبلوماسياً كبيراً في الملفين السوري
والإيراني، وصل درجة من النشاط بحيث
كثرت التوقعات عن إمكانية تفاهم الدول
الكبرى مع إيران بشأن ملفها النووي،
وعن وجود توافق أميركي ـ روسي حول
ضرورة وضع تسوية سياسية للأزمة
الدامية في سوريا. لم يكن
الأمر هكذا في الأشهر والسنوات
القليلة الماضية، فالتباين في المواقف
بين موسكو وبكين من جهة، وبين واشنطن
والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، كان في
السابق قد بلغ درجة كبيرة من السخونة،
خاصة في الموقف من تطورات الأوضاع
السورية. وقد لمس
"حلف الناتو" جدّية الموقفين
الروسي والصيني، و"الخطوط الحمراء"
التي وضعتها موسكو ضدّ أيّ عملٍ عسكري
أجنبي على إيران، أو في سوريا. لقد
أدركت الولايات المتحدة، وخلفها
الحليف الأوروبي، مخاطر التأزّم في
العلاقات مع موسكو وبكين في هذه
المرحلة، التي وقف فيها الاقتصاد
الأوروبي والأميركي على حافة الهاوية،
وحيث توجد أيضاً حاجةٌ قصوى لعلاقات
طيّبة مع روسيا الاتحادية، لتسهيل
انسحاب قوات "الناتو" من
أفغانستان، والتي تعاني من أوضاع صعبة
تتفاقم يوماً بعد يوم. كما
أدركت واشنطن أن فلاديمير بوتين عاد
لرئاسة روسيا الاتحادية، على قاعدة
السياسة التي أطلقها أولاً عام 2007 في
مؤتمر ميونخ، حيث أكّد آنذاك رفضه
للقطبية الدولية الواحدة وللانفراد
الأميركي بتقرير مصير العالم، ما
اعْتبِر حينها نقطة تحوّل في سياسة
موسكو ما بعد الاتحاد السوفييتي. ومنذ
ذلك التاريخ، تنظر روسيا إلى السياسة
الأميركية على أنّها مصدر خطر مباشر
على المصالح الروسية. وكذلك، نظرت
موسكو إلى الوجود العسكري الأميركي في
منطقة الخليج العربي، وفي أفغانستان،
وفي جمهوريات آسيوية إسلامية،
باعتباره تطويقاً شاملاً للأمن
الروسي، يتكامل مع امتداد "حلف
الناتو" في أوروبا الشرقية. لكن هذه
السياسة الروسية "البوتينية"،
المستمرة عملياً منذ 2007، لم تكن ساعيةً
بالضرورة إلى عودة أجواء "الحرب
الباردة"، ولا أيضاً إلى سباق
التسلّح والحروب غير المباشرة بين
موسكو وواشنطن، بل كان هدف روسيا في
السنوات القليلة الماضية، ومن خلال
السير بخطى ثابتة ولو بطيئة، هو
استعادة بعض مواقع النفوذ التي فقدتها
عقب سقوط الاتحاد السوفييتي. وها هي
الآن، موسكو غير الشيوعية، تعود إلى
منطقة "الشرق الأوسط" دولةً كبرى،
قادرةً على المنح والمنع معاً! إنّ
العالم قد شهد، بعد فشل سياسة إدارة
جورج بوش الابن، هبوطاً متدرّجاً لدور
الإمبراطورية الأميركية، مقابل
تصاعدٍ ملحوظ لدور روسيا والصين. وما
حدث من توتّر وخلافات، خاصة بين واشنطن
وموسكو، لم يكن غيمةً عابرة كما اعتقد
البعض، لكنها أيضاً لم تكن حربا باردة
جديدة بين قطبين دوليين متنافرين
أيديولوجياً، كما كان الأمر في القرن
الماضي. فأولويّات روسيا وأميركا الآن
هي مصالحهما المباشرة، وعدم رغبتهما (إن
لم نقل عدم قدرتهما) على استنزاف
متبادل يضرّ بهما معاً. وتتصرّف
موسكو حالياً مع إدارة أوباما على أنها
أكثر تفهّماً للموقف الروسي، وبأمل أن
يواصل الرئيس أوباما السياسات التي
أعلنها حينما تولّى الحكم عام 2009، لجهة
وقف الانفراد الأميركي في القرارات
الدولية، وباحترام مرجعية الأمم
المتحدة ومجلس الأمن فيها. لذلك
وجدنا أنّ الطرفين كانا حريصين في
الفترة الماضية، على إبقاء الصراع
بينهما مضبوطاً بسقفٍ محدد، وبالتأكيد
على مواصلة التشاور بينهما، وعلى عدم
دفع الخلافات بينهما إلى حائط مسدود. إنّ
لائحة القضايا المختلَف عليها بين
موسكو من جهة، وواشنطن و"الناتو"
من جهة أخرى، هي بلا شك لائحة كبيرة،
لكنّ موسكو تدرك أيضاً حاجة واشنطن و"حلف
الناتو" للتنسيق معها في القضية
الأفغانية، وفي الملف الإيراني، وفي
الموقف من كوريا الشمالية. فالحرب
في أفغانستان مثلاً جرت وتستمر في إطار
مسؤولية الولايات المتحدة، ومشاركة
قوات أوروبية وكندية تريد الآن كل
دولها الخروج من المستنقع الأفغاني،
بينما تستفيد موسكو طبعاً من محاربة
"الناتو" لجماعات "طالبان" و"القاعدة"،
ودرء مخاطرها عن الأمن الروسي في
أقاليم إسلامية تابعة للاتحاد الروسي،
أو في جمهوريات دائرة في فلكه. لكن
موسكو أيضاً لم تجد ضرراً من انغماس
"الناتو"، في مستنقعٍ ساهم أصلاً
في إسقاط روسيا السوفييتية وقلّص من
حجم نفوذها الدولي. إنّ روسيا، بغضّ
النظر عن نظام الحكم فيها، لا يمكن لها
أن تكون منعزلةً أو محصورةً فقط في
حدودها. هكذا كانت روسيا القيصرية،
وروسيا الشيوعية، وهكذا هي الآن روسيا
"البوتينيّة". ولقد
حقّقت إدارة بوتين، بعد توليه الحكم
عام 1999، إنجازاتٍ ضخمة على الصعيدين
الداخلي والخارجي. فمعدّلات
التضخّم في روسيا كانت حينما استلم
بوتين الحكم حوالي 37%، وكان حجم الديون
الخارجية يتجاوز 165 مليار دولار لدولةٍ
انتشر فيها الفساد والفقر وسوء
الإدارة على كل المستويات. وقد
استطاع بوتين في سنوات حكمه كرئيس، ثم
في فترة رئاسته فيما بعد للحكومة،
تخفيض معدّل التضخّم، وتسديد كافّة
الديون الخارجية، وامتلاك احتياطي من
الذهب بمئات المليارات من الدولارات. صورة
معاكسة تماماً حدثت في الولايات
المتحدة في فترتيْ حكم بوش الابن،
المتزامنتين مع فترة حكم بوتين الأولى.
فأميركا عانت اقتصادياً واجتماعياً،
من السياسات الداخلية والخارجية التي
اتبعتها إدارة الجمهوريين والمحافظين
الجدد. وقد
ساهمت السياسة الخارجية السيّئة
لإدارة بوش، إلى حدٍّ كبير، في تدهور
أوضاع الاقتصاد الأميركي، وحصول
انقسام سياسي حاد داخل المجتمع
الأميركي. فالعالم
شهد بعد انتهاء العقد الماضي، هبوطاً
متدرّجاً لدور الإمبراطورية
الأميركية، مقابل تصاعد ملحوظ لدورٍ
روسي قاده بوتين، ويستمرّ الآن في
رعايته. طبعاً
هناك مصلحة لكل شعوب العالم، في تصحيح
الخلل الحاصل في ميزان العلاقات
الدولية، والعودة إلى مرجعية دولية
متوازنة في التعامل مع الأزمات
القائمة حالياً، ووقف التفرّد
الأميركي الذي حصل في ظلّ إدارة بوش
الابن، والحروب التي خاضتها خارج
مرجعية "مجلس الأمن الدولي". وإذا
أحسنت القوى الكبرى توظيف هذه
المرحلة، فإنّ ذلك قد ينعكس إيجاباً
على كل الأزمات الدولية، وفي مقدّمتها
الآن أزمات منطقة "الشرق الأوسط". لكنّ
الصراع السياسي، الذي شهده العالم
مؤخراً بين موسكو وواشنطن، هو صراع
مصالح ونفوذ، وليس صراعاً أيديولوجياً
يجب أن تنتهي بهزيمة أحد الطرفين. لذلك
لا يصحّ عربياً المراهنة على أي طرف
خارجي (إقليمي أو دولي) في تحقيق
المصالح العربية. فالمصالح الوطنية
والقومية العربية، تتطلّب أولاً
الاعتماد على الذات العربية، وتحسين
واقع الحال العربي في أجزائه الوطنية
وفي كلّيته العربية، وهذا ما لم يتحقّق
بعد! ===================== الراية
القطرية التاريخ:
07 مارس 2013 يُشكل
قرار مجلس الجامعة العربية على
المستوى الوزاري، بأن يشغل الائتلاف
الوطني السوري المُعارض مقعد سوريا في
الجامعة ودعوة الائتلاف الوطني السوري
المعارض لاختيار ممثل له لحضور قمة
الدوحة في وقت لاحق هذا الشهر، تكريسًا
لشرعية المعارضة السورية المُمثل
الحقيقي للشعب السوري وتطورًا
إيجابيًا في الموقف العربي الرسمي
تجاه الشعب السوري الذي يتعرّض للقتل
على أيدي النظام منذ عامين كاملين. لقد فقد
النظام السوري، من خلال هذا القرار
الذي يُعدّ اعترافًا عربيًا رسميًا
بأمر واقع، شرعيته تمامًا فمن يقتل
شعبه بالطائرات وصواريخ سكود لا يمكن
أن يُمثله في المحافل العربية
والدولية. إن قرار
جامعة الدول العربية بترك الخيار
للدول العربية في حرية تقديم الدعم
العسكري للمعارضة السورية هو انحياز
حقيقي للشعب السوري الذي يدافع عن نفسه
في وجه نظام يستخدم القتل ضدّ شعبه،
فالنظام هو الذي اختار الحل العسكري في
مواجهة الثورة السورية وكان ذلك خياره
الأول والأخير استخدام القتل والعنف
لإخماد الثورة السورية وإجهاض كل
المبادرات التي تقدّمت بها الجامعة
العربية لحل الأزمة السورية
والاستجابة لمطالب الشعب السوري
العادلة. فالقرارات العربية منذ بداية
الأزمة كانت تسعى إلى حل الأزمة سلميًا
ولم تكن سببًا في بحور الدماء التي
صنعها بشار الأسد ونظامه من خلال رفضه
لكافة الحلول والقرارات التي أصدرتها
الجامعة العربية. لقد
حمّل معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل
ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية
القيادة السورية مسؤولية التدمير وبحر
الدماء الذي تشهده سوريا والذي خلّف
آلاف الضحايا، فنظام بشار الأسد هو
الذي أوجد بحار دماء وهو الذي يقصف
المدن السورية والشعب السوري بصواريخ
سكود، وهو الذي رفض كل الحلول بشكل
وديّ وأخوي. إن
تسويف ومماطلة النظام السوري ورفضه
وقف العنف واستمراره في استخدام
الطائرات والصواريخ في قصف المدن
والبلدات السورية فاقمت من الأوضاع
الإنسانية للمواطنين السوريين وأدّت
إلى نزوح الملايين من مدنهم وبلداتهم
وقراهم ولجوء أكثر من مليون مواطن سوري
إلى دول الجوار هربًا من القتل. لقد آن
للمجتمع الدولي الذي وقف عاجزًا طيلة
عامين كاملين عن حماية الشعب السوري أن
يتحمّل مسؤولياته الأخلاقية ويتغلّب
على انقساماته ويُسارع إلى تقديم
العون والمساعدة للشعب السوري للتخفيف
من معاناته سواء داخل سوريا أو خارجها
في مخيمات اللجوء، كما أن الواجب
يستدعي سرعة التحرّك للضط على النظام
لإجباره على وقف القتل والرضوخ لمطالب
الشعب السوري وحقه في اختيار من يُمثله
ويحكمه. ===================== سورية..
صراعات بالوكالة ومستقبل مجهول الوطن
السعودية التاريخ:
07 مارس 2013 في
الوقت الذي حرر فيه الجيش الحر مدينة
الرقة؛ يحاول حزب الله إرسال عناصر
جديدة للقتال في سورية والعمل على
نشرها في حوض العاصي وريف حمص وحماة،
لأن دعم بشار ونظامه هي قضية وجود
بالنسبة لحزب الله، وفي الوقت ذاته
تصرح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون
اللاجئين بأن أعداد النازحين السوريين
إلى دول الجوار قاربت المليون نازح،
نصفهم من الأطفال دون سن الحادية عشرة.
، مما يعني أن الأزمة ـ على المستوى
الإنساني ـ وصلت إلى ذروتها. الأكثر
إثارة، هو أن الأمور تراوح مكانها على
المستوى السياسي، الأمر الذي أدى إلى
تطورات مفاجئة في المواقف السياسية،
وهي تطورات ناجمة عن العجز العربي
والدولي عن تحريك الأحداث من مرحلة
التعقد، إلى مرحلة الانفراج، ومن ذلك
دعوة وزير الخارجية اللبناني عدنان
منصور ـ أمس ـ إلى إعادة سورية الى
الجامعة العربية، بعد تعليق عضويتها
في نوفمبر 2011، ما يشي بأن تعليق
العضوية لم يحقق أهدافه، ولم يغير من
نهج النظام، ولا طريقة تعاطيه مع
الأحداث على المستويين السياسي
والعسكري. لقد
باتت سورية ساحة صراع مفتوحة للقوى
العظمى، وكل الظروف هيأتها لذلك؛ موقع
استراتيجي في غاية الأهمية، ونظام
قمعي عسكري بثقافة شمولية أحادية، مما
جعل البلاد رهنا في أيدي أنظمة تطمح
للتوسع، كإيران وروسيا. القوى
العظمى خاضت الحروب الساخنة، والأخرى
الباردة، فيما تخوض الحرب ذاتها على
الأرض أطراف أخرى بالوكالة، وهو ما
يفسر حالة الترقب وعدم الاستعجال من
المجتمع الدولي بخصوص إنهاء الأزمة
السورية، والضحية هو الشعب وحده،
الإنسان السوري أولا، ثم الوطن ثانيا. إن مجرد
التفكير في مستقبل سورية، ينبئ بمخاطر
عدة في الأيام المقبلة، فالأسد وزمرته
سيذهبون جفاء، ولكن الوطن السوري بعد
أن دمره نظام البعث إنسانيا وعسكريا
بحاجة إلى جهود دولية مستمرة، من
الواجب أن تبدأ الآن، لوضع خطط بعيدة
المدى تعيد بناء وإعمار سورية، تبدأ
بالإنسان السوري، الذي سيجد نفسه بعد
زوال النظام أمام خيارات مفروضة عليه،
من الفقر والحاجة، والصراع المقبل بين
تيارات وقوى قد لا تمثل معاناته
وتطلعاته، والأمثلة حية على ذلك، وما
حدث في بعض بلدان الربيع العربي خير
شاهد. ===================== سوريا...
ثغرة في مقاربة «كيري» تاريخ
النشر: الخميس 07 مارس 2013 ترودي
روبن الاتحاد البسكويت
وضمادات الجروح... هاتان الكلمتان
تلخصان السياسة الأميركية الجديدة نحو
سوريا التي أعلنها وزير خارجيتها
الجديد جون كيري خلال الاجتماع الذي
جمعه في روما مع زعماء المعارضة
السورية. فالشيء
الذي تشدقت به الإدارة، ووصفته بأنه
يمثل اختراقاً يتمثل في أن الولايات
المتحدة، ستقدم للمرة الأولى المساعدة
للمعارضة السورية المسلحة. ولكن
السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: ما هو
الشيء الذي نقدمه لمساعدة مقاتلي
المعارضة السورية المسلحة على مواجهة
الصواريخ والقنابل التي قتلت حتى الآن
عشرات الآلاف من المدنيين؟ الإجابة: لا
شيء. فنحن لم نقدم القذائف المضادة
للدروع التي يحتاجها هؤلاء المقاتلون
بصورة ماسة، كما لم نقدم الأسلحة
المضادة للطائرات، التي تقصف المدنيين
وتدمر الأحياء بلا رحمة، كل ما قدمناه
هو المساعدات الطبية، وتلك الوجبات
الجاهزة التي تقدم كطعام ميداني
للجنود في القتال. هل يعقل
أن نقدم البسكويت والضمادات الطبية
لمواجهة صواريخ «سكود» التي يطلقها
الأسد؟ إن اجتماع روما، كان من المفترض
أن يكون نقطة بارزة في أول رحلة خارجية
لكيري حيث كان الهدف منه هو تعزيز
مصداقية قادة المعارضة السوريين
المعتدلين. ولكن الذي حدث في الواقع
كان عكس ذلك تماماً، حيث قوض مصداقية
هؤلاء القادة، وأثار سؤالا عما إذا
كانت واشنطن تريد حقاً رحيل الأسد. وليس
هناك شك في أن الإدارة محقة في قلقها من
حقيقة أن الجماعات المرتبطة بـ«القاعدة»،
هي التي تتولى القيادة في المعركة ضد
نظام الرئيس السوري؛ ولكن من الواضح
أنها ليست قلقة بما يكفي، لدفعها للعمل
على إيقاف تلك الجماعات. وتشير معلومات
مؤكدة أن الإسلاميين الراديكاليين
يجمعون الأموال، وهو ما يمكنهم من من
استقطاب المقاتلين، وتوزيع الإعانات،
والمساعدات، على السكان المدنيين
اليائسين.أما الجماعات المعتدلة التي
يقودها ضباط سوريون منشقون عن النظام
أو مدنيون فتعاني من نقص الذخيرة. وهذا
في حد ذاته يثير مخاوف من هيمنة
الجماعات الراديكالية على الأوضاع على
الأرض في حالة ما إذا سقط الأسد. من
ناحية أخرى نجد أن المقاتلين سواء
كانوا راديكاليين أو معتدلين، لا
تتوافر لديهم الأسلحة الثقيلة التي
تمكنهم من مواجهة طائرات الأسد
وصواريخه، وهو ما أدى إلى حالة من
الجمود العسكري الناشئ عن عدم قدرة أي
طرف من طرفي الصراع على حسم الموقف
لصالحه. وكلما طال أمد بقاء الوضع على
هذا النحو كلما زادت احتمالات تحول
سوريا لدولة فاشلة، أو قبلة للجهاديين
في قلب الشرق الأوسط. وهذا هو
السبب الذي دفع المسؤولين السابقين في
إدارة أوباما، كهيلاري، وبانيتا،
وبيترايوس مع «ديمبسي» رئيس هيئة
الأركان المشتركة إلى دعم خطة ترمي
لتسليح وتدريب مقاتلي معارضة معينين
تم التحقق من هوياتهم وخلفياتهم من قبل
وكالة الاستخبارات المركزية
الأميركية، وهو ما رفضه أوباما في حينه. تقول
الإدارة إنها تريد تسهيل التوصل لحل
عبر المفاوضات، و«كيري» يقول إن هدفه
هو تغيير حسابات الأسد (وحلفائه في
موسكو أيضاً) . ولكن
عرض «كيري» العسكري المتواضع يوصل
رسالة عكسية. هذا ما يوضحه «سليمان شيخ»
مدير معهد بروكنجز - فرع الدوحة- الذي
يعمل مع زعماء القبائل والعشائر
السورية من أجل التوصل لأفكار للعملية
الانتقالية في سوريا، الذي يقول : «البسكويت
وضمادات الإسعاف لن يكون لها تأثير
كبير في هذا النقطة من الزمن». ويقول «شيخ»
أيضاً إنه في الوقت الذي يستمر فيه
القتال بين الجيش النظامي وقوات
المعارضة، تسقط المزيد من المناطق
القبلية تحت نفوذ العناصر
الراديكالية، وأن المناطق الواقعة شرق
الفرات على الأخص يمكن أن تسقط كلها
تحت سيطرة «جبهة النصرة» المرتبطة بـ«القاعدة». هناك
احتمال ضئيل أن عرض كيرى ليس إلا خطوة
أولى سيتلوها خطوات من جانب بريطانيا
وفرنسا اللتين وعدتا بإرسال نظارات
رؤية ليلية ودروعاً واقية للجسم، وأنه
على الرغم من أن كل تلك الأشياء أقل مما
يجب، وتأتي متأخرة عما يجب، إلا أنها
أفضل من دون شك من البسكويت الجاف
والوجبات القتالية الجاهزة. هناك
الكثير مما يحتاجه الموقف لكسر حالة
الجمود العسكري المترتبة على عدم قدرة
أي من الطرفين على إلحاق الهزيمة
بالآخر. فواشنطن وحلفاؤها سيكون
مطلوباً منهم زيادة كفاءة الجيش
السوري الحر، من خلال تقديم التدريب
والأسلحة الثقيلة. وأوباما سيكون
مطلوباً منه أن يعمل على تبني موقفاً
أكثر صلابة تجاه الروس، وأن يصمم على
أنهم إذا لم يقوموا بالضغط بقوة على
الأسد من أجل إيقاف القتل، فإنه سيساعد
المعارضة على كسب الحرب. ليس
هناك إشارات على أن أوباما يمضي في هذا
الاتجاه. هذا ما يؤيده «شيخ» الذي يقول
:« إن لديكم رئيس لا يريد أن يتبنى هذا
الصراع وتزداد شعبيته عندما يقول إنه
يريد أن يخرجكم من الشرق الأوسط».
ويضيف «إذا لم يفعل أوباما المزيد فلن
يكون بمقدوره التأثير على الوضع».
فالبسكويت وضمادات الإسعاف وحدهما لن
يقنعا الأسد بأنه لن يستطيع الخروج من
المأزق الحالي من خلال الاستمرار في
القتل. ترودي
روبن كاتبة
ومحللة سياسية أميركية ينشر
بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي.تي
إنترناشيونال» ===================== سوريا:
وحدها الأرض تفرض التغيير
علي حماده 2013-03-07 النهار كم كان
مخجلا خطاب وزير الخارجية عدنان منصور
امام مجلس جامعة الدول العربية، وهو
يدعو الى اعادة النظام في سوريا الى
مقعده في الجامعة العربية، فيما كانت
صواريخ الـ"سكود" تتهاوى فوق رؤوس
السوريين، بمدفعية النظام وطائراته
تدكّ حمص ومعظم المدن السورية، والامم
المتحدة تعلن رسميا عن بلوغ عدد
النازحين السوريين الى خارج بلادهم
المليون. لقد
هوجم عدنان منصور، وحسنا فعل من
تناولوا كلمته المخجلة. لكن من هاجموه
حاذروا انتقاد مرجعيته التي كتبت له
الكلمة وامرته بتلاوتها باسم لبنان،
في عمل اظهر حقا ان حكومة لبنان هي اصلا
حكومة "حزب الله" ونظام بشار
الاسد، كما اظهرت ان الفريق الذي ينتمي
اليه منصور، وبينه الرئيس نبيه بري،
كان وسيبقى جزءا من هذه المرجعية،
حليفا لها وتابعا لسياساتها. لقد كان
اجدى برئيس الحكومة الذي اصدر بيانا
يعلن فيه تمسكه بسياسة "النأي
بالنفس" ان يتصدى لمنصور ومن وراءه
علنا، بدل ان يستمر في توزيع
الابتسامات والمواقف المفرغة من كل
مضمون او صدق. وكم كان حريا حتى بقيادات
١٤ آذار ألا تقصر انتقاداتها على
منصور و"حزب الله" بل ان تكون اكثر
جرأة في التعامل مع رئيس حركة "امل"
شاغل رئاسة مجلس النواب، بتسميته أحد
اولياء منصور الذي لولاه لما تجرأ على
تلاوة خطاب سيئ كالذي تلاه، وربما تبين
بعد حين ان النص ارسل اليه جاهزا من عين
التينة نفسها. لا نقول
هذا الكلام استهدافا لشخص بعينه.
فالانتقاد والموقف السياسي المندد
يفترض ان يكونا حقيقيين، والا يخضعا
لاعتبارات لم نتبين جدواها بعد. ورأينا
ان لا فرق في فريق ٨ آذار بين "حزب
الله" وتابعيه ايا كانوا. والرئيس
بري ليس استثناء. اما بعد
هذا الاداء "المسخ" في الجامعة
العربية، فوحده لبنان هو الخاسر لان
عجلة التاريخ العربي لا يوقفها منصور
ولا من هم خلفه. فسوريا تكتب بالدم
مستقبلها، وتقاتل نظام القتلة
والمجرمين، وسوف تنتصر الثورة لا
محالة، ولن يوقفها اداء سخيف كأداء
وزير الخارجية، ولا مناورات اكثر سخفا
كمناورات الثنائي الذي يقف خلفه، ولا
حتى المواقف المفرغة كموقف رئيس
الحكومة الصوري. في مطلق
الاحوال، وكما سبق لنا ان قلنا، فان
معادلة الارض هي التي ستفرض نفسها،
وتضحيات الشعب في مواجهة القتلة هي
التي ستغير وجه سوريا الغد. وما بدء
تسليح المعارضة بموافقة دولية سوى
ثمرة التضحيات والنضال والتصميم على
قتال حتى تحرير سوريا. وما الاعلان عن
منح "الائتلاف المعارض" مقعد
سوريا في الجامعة العربية سوى الدليل
على ان الارض هي التي فرضت المعادلة في
نهاية الامر. قريباً،
وقريبا جدا ستتغير الامور على الارض،
فمعركة الربيع الكبرى صارت اقرب من أي
وقت مضى، ويقيننا ان بشار لن يكون في
دمشق بحلول الصيف. ===================== صالح
القلاب الرأي
الاردنية 7-3-2013 كنت
شاهدت إسقاط أحد تماثيل شاه إيران
السابق محمد رضا بهلوي، ..كان ذلك في
طهران وفي مثل الشهر الفائت شباط (فبراير)
العام 1979، كان الشاه ممتطياً صهوة جواد
مطهم وكان يشير بإصبع يده اليمنى من
فوق رأس جواده.. ثم وفي لحظةٍ هجم
الشبان المتحمسون الذين كانوا يهتفون
بالفارسية ما ترجمته بالعربية: «الموت
لأميركا وللشاه ويحيا الخميني» على
التمثال فأسقطوه أرضاً وأخذوا يحطمونه
ويرفسونه بأقدامهم إلى أن تحول إلى قطع
مبعثرة من الحجارة الإسمنتية المجبولة
بقطع من الحديد. هذا هو
التمثال الأول الذي شاهدت سقوطه خلال
حياتي أمَّا التمثال الثاني فكان
تمثال صدام حسين وكان ذلك في مثل هذه
الأيام من عام 2003.. كنت في دبي وكان
بصحبتي ابني بشار.. كنا في معرض
للسيارات قبالة فضائية «العربية» التي
كنت أشارك زملاء آخرين في تأسيسها
وإطلاقها فشاهدت على شاشة التلفزيون
العشرات يهاجمون تمثالا عملاقا للرئيس
العراقي الأسبق هو أحد آلاف التماثيل
الموزعة على مدى مساحة الجغرافيا
العراقية.. كانت دبابة أميركية تشارك
المتظاهرين الغاضبين مهمتهم وخلال
دقائق كان التمثال أرضاً والشبان
يتناهشونه بأيديهم وأرجلهم وكان جندي
الدبابة الأميركية يتابع ذلك المشهد
بنشوة عارمة. سألني
أحد الذين كانوا يشاركونني متابعة
الشاشة التلفزيونية عن الوضع في
العراق وعمَّا سيحدث فقلت له وأنا أعود
بذاكرتي إلى سنوات سابقة بعيدة وقريبة:
لقد إنتهى الأمر.. لقد «استوى» العدس
إنها نهاية حقبة بدأت في العام 1968.. بل
في شباط (فبراير) العام 1963 وبداية حقبة
ستسيل فيها الدماء حتى الرُّكب
وسيواجه العراق خلالها استحقاقات ربما
تكون أصعب وأخطر من كل استحقاقات ما
بعد ذلك الانقلاب الدموي الذي أطاح
النظام الملكي في عام 1958. أمَّا
التمثال الثالث الذي شاهدت سقوطه فهو
تمثال حافظ الأسد الذي أُسقط في الرقة
يوم الإثنين الماضي هذه المدينة التي
كنت قد تعرفت عليها وزرتها مراراً خلال
مشاركتي عام 1969 في «معسكر» طلابي عالمي
أقيم في تلك المنطقة للمساهمة الرمزية
في بناء سد الفرات أو سد الطبقة الذي
كان رئيس الوزراء السوري الأسبق يوسف
زعين المقيم الآن في بودابست في المجر
أكثر المتحمسين لبنائه والذي بعد
إنقلاب «الحركة التصحيحية» وبعد
إتمامه أصبح اسمه سد حافظ الأسد. سألني
أحد الذين كانوا يشاركوني مشاهدة سقوط
هذا التمثال ومتابعة هجمات صِبْية
مدينة «الرقة» عليه وركله وضربه
بأيديهم وأرجلهم عمَّا يعني هذا
السقوط وعما يعني هذا التطور فقلت،
وأنا أستعرض في مخيلتي وجوه قادة البعث
الذين أكلت أعمارهم زنازين «المزة»
والذين ثقَّب رصاص الإغتيالات أجسادهم..
وأنا أستعرض في مخيلتي أيضاً بعض صور
مذابح «حماه» في عام 1982 التي كانت
وصلتني عندما كنت أعمل محرراً في صحيفة
«السفير» اللبنانية من خلال صحافي
فرنسي لم أعد أذكر أسمه ولكنه كان يعمل
في وكالة الصحافة الفرنسية.. لقد قلت :إنتهت
الأمور ولقد «استوى» العدس.. فسقوط
تمثال حافظ الأسد يعني سقوط هذا النظام
الذي أقامه صاحبه بعد رحلة تصفيات
طويلة لـ«رفاقه» وبعد مسيرة تآمرية لا
يعرفها إلاَّ الذين اكتووا بنيرانها
من بعثيين ومن سوريين ولبنانيين
وفلسطينيين.. وأيضاً من أردنيين
وعراقيين. والسؤال
الآن ونحن نرى كل هذه المآسي التي تسحق
سوريا سحقاً هو :هل كان ضرورياً يا ترى
أن يتحول حكم يقول إنه «بعثي» وإنه
تقدمي وثوري إلى حكم وراثي..؟ وهل كان
ضرورياً يا ترى أن تختطف الإنقلابات
العسكرية، التي بلغ عددها من إنقلاب
حسني الزعيم في مثل هذا الشهر من عام 1949
وحتى إنقلاب حافظ الأسد في عام 1970 اثنا
عشر انقلاباً، هذا البلد العربي
العظيم من تجربة ديموقراطية كانت
واعدة وكان بالإمكان أن تنتقل عدواها
الحميدة إلى العديد من «الأقطار»
العربية إلى كل هذه المذابح المتلاحقة
وإلى كل هذا الدمار والخراب وإلى إنعاش
طائفية بغيضة ومرفوضة كانت على الأقل
نائمة فها هي تستيقظ لتعيد منطقتنا إلى
ذلك الصراع المذهبي بين الدولة
العثمانية والدولة الصفوية ===================== هل
اتضح الموقف الروسي أم تغير؟ جهاد
المومني الرأي
الاردنية 7-3-2013 من
موسكو ترد التوضيحات تلو التوضيحات
فيما يخص الموقف الروسي من الازمة
السورية خاصة بعد لقاء الوزيرين كيري
ولافروف، ومن عمان ايضا يقدم السفير
الروسي اضاءات مختلفة للموقف الروسي
ولا يعترف بظهور موقف جديد لروسيا مما
يجري في سوريا بل يرى ان المواقف
الغربية هي التي تغيرت واقتربت من
الموقف الروسي وليس العكس، حتى انهم في
موسكو يتحدثون عن مواقف عربية أخرى غير
تلك التي واكبت احداث سوريا لسنتين
كاملتين، فاليوم تلوح في الاجواء
العربية مواقف اكثر حذرا، واذا كانت
روسيا تقر بعد سنتين من الدعم العسكري
والدبلوماسي لنظام الاسد، بأن ما يجري
في سوريا ليس مؤامرة كونية على النظام
السوري ولا حرب نظام ضد عصابات، وانما
حرب أهلية مدمرة مدعومة من الخارج وجدت
لها بيئة مناسبة بين اوساط الشعب
السوري -وهذا هو جديد الموقف الروسي
على هذا الصعيد- فإن العرب لا يبتعدون
كثيرا عن هذا التصور الذي تتبناه
الولايات المتحدة والغرب عموما مع
التأكيد على تحميل النظام منفردا
المسؤولية عن النتائج بسبب توفيره
للبيئة المواتية ولأرضية خصبة من
الغضب الشعبي نظرا لممارسات الحكم
القائمة على تهميش حقوق الشعب
وممارسته ديكاتورية الحزب والعائلة
كما كان نظام صدام حسين ومعمر القذافي
وزين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي
عبد الله صالح وغيرها من الانظمة
الشمولية. السفير
الروسي في عمان الكسندر كالوغين كرر
موقف بلاده من النظام الحاكم في سوريا
عدة مرات في برنامج ( الرأي الثالث )
للتلفزيون الاردني، ولم يكن استدراجا
في الكلام قوله ان روسيا لا تهتم
لخسارة النظام لكنها قلقة على مصير
سوريا اي خسارة سوريا بعد نهاية
النظام، وعندما سألته عن اسباب دعم
روسيا بشدة للنظام ما دام الحرص على
سوريا وليس على نظام بشار الاسد، اوضح
بأن مخاوفنا واحدة نحن والانظمة
العربية غير المعنية بتدمير سوريا ولا
تقسيمها، فسقوط النظام في هذه المرحلة
يعني وصول المتطرفين الى السلطة -او
الارهابيين بالاحرى- لانهم اقوى
جماعات المناهضين للنظام، وهؤلاء
نموذج تقليدي من المتطرفين المستعدين
لنقل الحرب الجهادية الى دول الجوار,فأي
مستقبل للدولة السورية ولسوريا كلها،
واي مصير ينتظر المنطقة..! يؤكد
السفير ان هذا هو الموقف الروسي منذ
بداية الاحداث في سوريا ولا تغيير على
هذا الموقف، لكن رصد الوقائع لا يشير
الى ذلك، كما انه لا يؤكد قلق الدول
الغربية في بداية الازمة من سقوط
الدولة السورية بيد المتطرفين وانما
بايدي اعداء اسرائيل، على عكس روسيا
التي لا تنكر مصالحها الاستراتيجية مع
نظام الاسد ولذلك وقفت الى جانبه داعمة
بقاءه واشتركت مع الغرب والعرب في
الثقة بأن هذه الثورة لن تصمد أكثر من
عدة شهور ثم تنتهي بالنسبة لروسيا
بهزيمة ساحقة للمعارضة، وبالنسبة
للغرب وللعرب بسقوط جديد لنظام عربي
غير متعاون ولا مفهوم، فلا هو مقاوم،
ولا هو مطيع لينضم الى نادي الغربيين
من العرب، بل واصل سياسة تكديس الاسرار
وابتزاز روسيا كما فعل مع الاتحاد
السوفيتي سابقا فاقام نموذج حكم
العائلة ومنح الروس قاعدة عسكرية
وحارب باللبنانيين ورفع شعار تحرير
الارادة المؤجل الى اشعار آخر. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |