ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 09-03-2013 في
ضرورة الحوار بين الديموقراطيين
والإسلاميين ميشيل
كيلو السفير 9-3-2013 لا
بد من كسر المحرّم الذي يجعل الحوار
جريمة والآخر عدواً، فاحتمال أن تذهب
سوريا إلى الفوضى، لا مجال للحيلولة
دونها بغير التوافق على صورة الوطن بين
تياري العمل السياسي الراهن:
الديموقراطي والإسلامي، وتحريم
استعمال السلاح بين أطراف المعارضة. يعيش
العقل السياسي السوري على المحرمات،
التي منها الحوار أو التفاوض مع أهل
النظام، وبالمقابل، التعرض بالنقد
والتأمل لما تعيشه المعارضة من ثغرات
وعيوب ونواقص لا حصر لها، كان من شأنها
القضاء على الثورة لولا التضحيات
الأسطورية التي أخذ الشعب على عاتقه
تقديمها يومياً وفي كل مكان من ارض
سوريا. من
محرمات العقل السياسي السوري الحوار
بين الأحزاب والجماعات السياسية
والمقاومة. ومن يقرأ كيف يخوّن بعض
حملة السلاح، رئيس المجلس العسكري في
الحسكة العقيد حسن عبد الله، لأنه وقع
اتفاقاً ينهي النزاع مع حزب «البايادي»
الكردي ويخرج سوريا من خطة رسمها
النظام بإتقان وحرص كي يدفعها إلى حرب
اهلية تتنوع أطرافها بتنوع الأمكنة
والمناطق التي يريد لها أن تنشب فيها،
يدرك كم هي مستحكمة عقلية رفـض الحوار
مع الآخر ومعرفة الوقائع على حقيقتها،
وكم يجنح السوريون اليوم إلى إطلاق
احكام جائرة وتعسفية ضد من لا يتفقون
معهم في الرأي والموقف، حتى إن كانوا
مقاومين وعلى استعداد لأن يضحوا
يومـياً بحياتهم في سبيل الوطن
والثورة. بدل سؤال العقـيد عن الاتفاق
الذي وقعه ومناقشته معه، ينقض نقاده
عليه بتهم تخوينية، لكن هذا ما يحدث،
لشديد الأسف، بين من يفترض أنهم ينتمون
إلى صف واحد وقضية مشتركة. لا
يعود رفض الحوار إلى الحال الانفعالية
التي يعشيها السوريون نتيجة البطش
الرسمي بهم. إنه متأصل في بنيتهم
العقلية القليلة العقلانية، التي تجعل
رأي كل واحد منهم هو الفيصل في كل أمر،
وتوهمه أن رفض أي رأي آخر، بما في ذلك
رفض التعرف عليه، مسألة مبدئية لا يجوز
التهاون فيها تحت أي ظرف ولأي سبب كان.
لا عجب إذن أن الأحزاب السورية لا
تتحاور بل تتهاتر، وأن جماعات الشعب لا
تعرف بعضها البعض، وأن المؤسسات
السياسية تقوم على إقصاء سواها وتشويه
سمعته والعمل على تقييد حركته وتجريده
من اتباعه وانصاره، وأن عملها يتلخص في
انكار حقوقه بل والقضاء عليه. لا عجب
أيضا أن تسود حتى في المنظمات الجامعة،
التي تضم أكثر من طرف سياسي او مقاوم،
صراعات استبعادية ومكائد تحريضية
وتقويضية على حساب الجوامع المشتركة
والتصرفات المتعدية لأي تنظيم أو حزب،
وأن تستخدم المشتركات من أجل إقصاء
الآخر، الذي لا يمكن أن يكون غير منافس
ومزاحم، ومن المحال كسبه ولا مفر من
تحجيمه أو تهميشه أو إخضاعه للخطط
والرغبات الخاصة، حتى عندما تكون هناك
علاقات تحالفية وصلات تكاملية معه،
فالتحالف لا يعني الاقلاع عن إفراغ
التنظيمات الأخرى من قوتها او حضورها
الشعبي، وعن تقويض قدرتها على
المبادرة، وإلزامها برأي التنظيم
الخاص، خاصة إن كان أكثر مالاً وسلاحاً
وعلاقات مع الخارج. ولئن كانت الضرورات
تفرض التعامل مع الآخر، فإن هذا
التعامل يجب أن يكون ظرفياً تتخلله
محاولات خفية او معلنة لتبديل توازنات
القوى ضده، باستخدام قوتها نفسها من
اجل إنهاكه وإضعافه، ريثما يتم التخلي
عن العلاقة معه وإخراجه من الساحة
السياسية أو احتواؤه. ومن يتابع كيف
تصرف إسلاميو المجلس الوطني يرى بأم
عينيه كيف استخدم هؤلاء قوة الآخرين
وسمعتهم لخدمة أغراضهم، التي كانت
خفية أول الأمر، ثم توضحت بقدر ما
تمكنوا من السيطرة على المجلس
والتلاعب بتياراته وتحويلها إلى هياكل
تابعة، لم يبق لها في نهاية المطاف أي
شيء من أمرها غير الاستسلام لهم، علماً
بأن المجلس تأسس من أجل توحيد المعارضة
ـ كي تقدم التغطية «الوطنية» اللازمة
لتدخلات الخارج في الشأن السوري -، ولم
يؤسس كي ترضخ أطرافها لأحابيل ومكائد
الإسلاميين ولنفوذهم ومالهم السياسي.
والملاحظ أن هؤلاء كانوا يرفضون دوماً
فتح أي حوار مع أي «حليف « لهم في
المجلس، خاصة إن كان يتناول علاقات
أطرافه الداخلية، أو يريد إرساءها على
أرضية التكافؤ والندية. لا
بد اليوم من كسر هذا المحرَّم، الذي
يجعل الحوار جريمة والآخر عدواً.
والحوار الذي أعنيه هو الحوار بين
الديموقراطيين والإسلاميين من مختلف
الأطياف والتوجهات، وهو ضروري للأسباب
التالية: -
احتمال
أن تذهب سوريا من النظام الحالي إلى
حقبة مديدة من الفوضى، لا مجال
للحيلولة دونها ولصيانة ما سيبقى في
وطننا من بشر وحجر بغير التوافق على
صورة وطننا المستقبلية بين تياري
العمل السياسي الراهن: الديموقراطي
والإسلامي، التي يمكن أن نرسم حدودها
الدنيا والعليا بالحوار أو بالسلاح،
ومن الحكمة والعقلانية رسمها بالحوار
وحده، لأن السلاح بالذات سيكون أداة
الفوضى، فلا بد أن نحرم استعماله في ما
بيننا تحريماً مطلقاً، علما بأن
الحوار مع الطرف الآخر، مهما بدا اليوم
مستحيلاً وبعيد المنال، هو خشبة
خلاصنا، خاصة إن تمّ في ظل حسن النية
والصراحة والهم الوطني المشترك. لا
خيار لنا كديموقراطيين غير الحوار مع
الإسلاميين، بأطيافهم المختلفة: من
الطيف الذي يتعهد بتبني المشروع
الديموقراطي، إلى الطيف الذي يريد
إقامة دولة إسلامية، على أن نراعي في
الحوار الفروق بين هذين التيارين،
ونعمل على إقامة علاقة تحالفية مع
التيار الأول، إن تبين خلال الحوار أنه
صادق في ما يدّعيه، والتفاهم مع الثاني
والبقاء في حال حوار دائم معه، حتى إن
لم يتم التوصل إلى اتفاق ومشتركات
جامعة معه، ما دام درء الضرر وتحاشي
الفوضى وجلب المنفعة والانفتاح على
الآخر والتفاهم معه، السبيل الوحيد
للإبقاء على وحدة وطننا وشعبنا وسيادة
دولتنا. -
تراجع
دور السياسة خلال العام الذي تلى ظهور
«الجيش السوري الحر» والعمل المقاوم،
وتقدم دور السلاح الحثيث إلى صدارة
العمل العام، مع ما رافق ذلك من فوضى
تنظيمات مسلحة وتبعثر إرادات وضياع
للضبط والربط، وتراجع في أدوار
السياسيين وتدنٍّ في مكانتهم العامة،
وتنافس مؤذٍ جعـل كل طرف من الاطراف
يرى مصلحة الوطن من خلال مصالحه بدل أن
يفعل العكس، وتعاظم تدخلات الخارج
بالتفاهم مع تنظيمات معارضة ومسلحة،
ووضع يـد الأجـانب والأغـراب على
قراراتها وخـياراتها بخصوص «المسألة
الوطنية السورية»، قبل تهميشها وفعل
كل ما هو ضروري لدفعهـا إلى حيث يريدون:
إلى الفوضى كخيار رئيس إن لم يكن
وحيداً، بما ان العالم يرفض بكل وضوح
أن تكون سورية ديموقراطية أو إسلامية،
ولا يترك لها اي خيار غير الفوضى،
لانتفاء بدائلها السياسية المنظمة،
اقله في الحقبة الأولى التالية لسقوط
بشار الأسد. مع تقدم دور السلاح، الذي
يتركز أكثر فأكثر في أيدي الإسلاميين،
وخاصة أيدي الأكثر «جهادية» منـهم،
يمكن لسوريا ما بعد النظام أن تنزلق
إلى سلسلة مقاتل داخلية ستحول دون
وقوفها على قدميـها وتشكل مجتمعة حربا
أهلية لا تبقي ولا تذر، يرجح ان تفتح
الباب أمام تقسيم البلاد إلى كيانات
يقولون في أميركا إنها ضرورية لتكوين
فيدرالية تحمي حقوق الاقليات.
كي
لا يكون السلاح، بهذه النتائج
الكارثية، هو الفيصل بالنسبة إلى تطور
بلادنا، لا بد من إقناع أصحابه بوضعه
جانبا أثناء الحوار حول شكل الدولة
المقبلة، التي سيفضي أي حل وسط بصددها
إلى جعلها الخيار الأفضل المتاح، حتى
في حال لم يصل الإسلام الجهادي إلى
السلطة. ومع أنني لا أعتقد بواقعية
احتمال وصول هؤلاء الى الحـكم، أقـله
بمـا هـو بديل تاريخي يريده
السـوريون، وأرى فـيه احـتمالاً
ضعيفاً، بالنظر إلى التركيب السـكاني
الـسوري ووجود كتلة بشرية راجحة الحجم
ذات مواصفات علمية وثقافية وسلوكية
وتاريخية من الصعب على الجهاديين
كسبها، فإنني أدعو إلى الحوار من أجل
هدف من غير الجائز ان يغيب عنا هو رد
الاعتبار للسياسة في زمن تهافتها على
ايدي المعارضة البائسة، وصعود زمن
السلاح وما يملـيه على حملته من ميل
إلى العنف والحلول القطعية، علماً بان
استعـادة زمن السيـاسة لا تكـون بغير
طــرح جمـيع مسائلـها الحالية
والمـقبلة على طاولة حوار يدور بين
بديلي نظامها الحالي: الديموقراطي
والإسلامي. -
التباعد
المتسارع بين هذين البديلين، الذي بدأ
يأخذ شكل تنافٍ متبادل لديهما كليهما،
يهدد بنقل سوريا من الثورة ضد نظامها
الطغياني الاستبدادي إلى الاقتتال بين
مواطنيها، مع ما سينتج عن ذلك من كوارث
قد لا يكون لديها القدرة على الخروج
منها في فترة قصيرة. ولعله من الحكمة
الحوار أول الأمر حول موضوع رئيس هو
كبح هذا التباعد والبحث عن مشتركات
يوفرها لهما موقفهما الموحد من
النظام، هي في قناعتي متاحة لهما، إن
كان البحث عن جوامع تضمهما بالنسبة إلى
المراحل التالية مسألة صعبة أو
مستحيلة الآن، من المستحبّ إرجاؤها
إلى حقبة مقبلة يواجه الطرفان فيها
واقعاً وطنياً سيطرح عليهما تحديات
ربما أفضت إلى شيء من التقارب الإجباري
بينهما. هذا
الحوار الديموقراطي/الإسلامي يتطلب
قبل كل شيء حواراً بين الديموقراطيين
أنفسهم يوحدهم ويبلور رؤى ومواقف
مشتركة بينهم، إن كان المطلوب بلوغ
تسوية تاريخية طويلة الامد مع
الاسلاميين. ذلك لا يعني بطبيعة الحال
أنه لا يحق لأي طرف ديموقراطي الشروع
في حوار مع أي طرف إسلامي قبل استكمال
هذا التوافق الديموقراطي العام، بل
يعني أنه لن يمكن بلوغ أية تسوية
تاريخية قابلة للعيش دون هذا التوافق،
في حين يمكن ربما بلوغ تسويات جزئية
حول مسائل محددة بعينها، تعقد بين
أطراف معينة من هنا وهناك. أين
نحن من هذا الحوار الضروري للنجاح؟
وأين نحن من الحوار بين القوى
الديموقراطية؟ أين نحن من إنجاز ما
علينا من مهام وطنية تسبق التفاوض مع
النظام أو إسقاطه بالقوة؟ وأخيراً،
أين نحن من أي شيء وكل شيء؟ =============== غازي
دحمان المستقبل 9-3-2013 الذهاب
من دمشق إلى موسكو، وبالعكس، لايحتاج،
من الناحية الجغرافية، إلى ترانزيت
إيراني، حتى في ظل فتوى دينية إيرانية
بأن سوريا هي المحافظة رقم 35 لإيران،
غير أن للسياسة حدوداً وتضاريس وطرقاً
تحتم الهبوط الإضطراري لرحلة وزير
خارجية الأسد في طهران. هي
طائرة وليد المعلم وزير خارجية دولة
الأسد" القادمة"، وليست الحالية
التي يجري التفاوض بشأن الفكاك منها،
وهو المعلم الذي يذهب إلى موسكو وفي
جعبته عرض تفاوضي مداور يلقيه في وجه
العالم عبر البوابة الروسية"
الحكومة السورية جاهزة للحوار مع كل من
يرغب بالحوار بمن في ذلك من حمل السلاح"!،
المعلم ذاته، وقبل أشهر معدودة، كان قد
أكد ان الحوار سيتم بعد القضاء على
الجماعات الارهابية وتطهير البلاد
منها؟، فما سر الفارق بين اللهجتين؟. لا
يبدو ان ثمة معنى واقعياً لكثير من
التحليلات الإستراتيجية التي قد ترد
أسباب هذه الإنعطافة إلى حصول متغيرات
في موازين القوى على أرض الميدان لصالح
المعارضة، بسبب حصول هذه الأخيرة على
شحنات من الأسلحة النوعية، وخاصة تلك
المضادة للدروع والطائرات، ذلك أن
مشكلة النظام لم تكن يوماً بالعتاد
الذي يفقده في مواجهة الثوار ولايهتم
تالياً بأنماط الأسلحة التي يستمعلها
هؤلاء ضده ما دامت محركات إشتغاله تعمل
على مبدأ" قاتل أو مقتول". كما
أنه لامعنى للقول أن هذا السلوك
السياسي الجديد هو محض مناورة سياسية
يلعبها حكام دمشق بعد ان ادركوا نجاح
التكتيكات السياسية الجديدة المعارضة
الخارجية، وإحتمال أن تحدث فارقاً في
التعاطي الدولي مع الأزمة السورية،
وخاصة في ظل الحديث عن إمكانية تبلور
مقاربة أمريكية جديدة للأزمة. لكن،
هل غير العدمية السياسية قد تفضي إلى
مثل هذه التصورات؟، ونحن نحلل سلوك
نظام يوصف بإتقانه المناورة السياسية
وقدرته على تحقيق المكاسب عبرها،
ومراهنته الدائمة على عنصر الوقت في
نظريته السياسية، ألا يصير نوعاً من
التجديف السياسي القفز إلى خلاصات
ومآلات تحمل شبهة الإنحياز إلى
التبشير بيأس النظام، أو نجاح الثورة
في إيصاله إلى هذه المرحلة؟ ليس
الأمر على هذه الشاكلة ولا تلك، بل هو
نتاج لصيرورة متغيرات إستدامت لعامين
متواصلين، إستخدم النظام فيهما كل
أدواته وأسلحته، السياسية والعسكرية،
في سياق فعل إعادة تشكيل سوريا، على
طريق تشكيل المنطقة برمتها، وفي هذا
الإطار جرى ترسيخ جملة من المتغيرات،
مثل تدمير المدن الأساسية والتأسيس
لفوضى إجتماعية وسياسية معمّمة، ونحن
الأن أمام حالة إكتمال تحقق إنجاز
المشهد الجديد، بإنتظار بعض التفاصيل
التي سوف يتم إضافتها للمشهد، وهي التي
قد تحتاج إلى بعض من الوقت لتحقيقها. يتزامن
ذلك مع تأسيس بيئة إقليمية حاضنة
ومشجعة لسياق هذه التطورات، وخاصة في
العراق المجاور، الذي رفع سنته شعار"
المالكي أو العراق"؟ في محاكاة
معاكسة للشعار السوري الشهير" الأسد
أو نحرق البلد"، وكذا لبنان الذي
يترنح تحت تأثير قانون إنتخابي "
كانتوني الطابع". في
ظل هذه المعطيات، يبدو أن المدرك
السياسي لـ"جماعة الحكم" في دمشق،
بات على مشارف القناعة بلحظة وصول
سوريا والمنطقة إلى القبول بشرعية
قيام الكيان العلوي، ما دامت اللحظة هي
لحظة إستنهاض الحس المكوناتي ونهوض
الصراعات الأهلية على أسس مذهبية، وما
دامت بروباغندا التطرف وخطر إبادة
الأقليات قد لاقت صدى واسعاً في وجدان
العالم كله. هنا قد تلعب المعطيات
دورها في ترسيخ قناعات النظام في
توجهاته هذه، وخاصة بعد أن أصبح النظام
يقاتل من رصيده البشري الصافي،
وإنتهاء مرحلة القتال بفائض ماكان
يملكه من جنود الطرف المقابل، أو
إقتراب وصوله من هذه الحافة، فضلاً عن
إقتراب نفاذ موارده المالية التي
تمكنه من إدارة البلاد بكاملها،
وقناعة مموليه الإقليميين بعبثية هذه
العملية، وضرورة حصرها في أطر ذات جدوى
أكبر. النظام
ليس بصدد مناورة لكسب الوقت، بل هو
اليوم، أكثر من أي يوم سبق، أمام
حقيقته، لذا فلم تكن عبثاً إشارة
المعلم إلى الحوار مع المسلحين
وتأكيده أن "الإصلاح" لا يكون
بإراقة الدماء وإنما بالحوار، فالرجل
يعرف تماماً أن الحديث عن الإصلاح أصبح
خارج سياق الزمن، ويعرف شروط سياسيي
المعارضة وعسكرييها، ويعرف أن شرط
رحيل الأسد يأتي على رأس أولويات هذه
الشروط، وهذا الشرط هو ما يشرعن تالياً
قضية البحث عن حلول شرعية، بإعتبار أن
الأسد أيضاً يملك قاعدة شعبية لا تقبل
بالتعايش مع المسلحين تحديداً الذين
يتم وصمهم بالإنحياز لطرف أهلي معين
وإنتماؤهم له.
وفي
ظل هذه اللحظة المكثفة لحالة التموضع
الجديدة للأزمة السورية في الإطار
الجيوإستراتيجي للمنطقة والعالم،
تصبح روسيا طرفاً برانياً، وإن بدت
وكيلاً مفاوضاً، في مقابل إعلان مرشد
إيران، وبشكل رسمي وواضح ومن دون
الحاجة للمناورة، كمرجع وقائد للجبهة
التي يقاتل الأسد على أحد أطرافها، وفي
ذلك إحالة لوزير الخارجية الأميركي
جون كيري، الذي يتأمل بأن تقوم موسكو
بإقناع الأسد بالتنحي، بأن عليه ان
يقنع المرشد علي خامنئي أولاً وأخيراً. =============== حلبة
الموت... متورّطون ومتفرّجون! راجح
الخوري 2013-03-09 النهار انهى
جون كيري جولته الخليجية بخلاصة
مفادها ان بشار الاسد متمسك بالحل
العسكري وان كل دعواته الى التفاوض هي
مجرد إعلانات. بدا ذلك واضحاً عبر قوله
لقناة "فوكس" الاميركية: "المهم
ان يقوم الاسد بتعديل مقاربته الحالية
وان يقول له حلفاؤه ينبغي الجلوس الى
طاولة المفاوضات والوصول الى حل سلمي"! ينطوي
هذا الكلام على مدلولات خطيرة يمكن من
خلالها الإستنتاج ان المأساة لن تتوقف
والقتال سيستمر وان سوريا ستبقى حلبة
للموت يتفرج عليها العالم، بعضه من
موقع العاجز وبعضه من موقع المتلذذ
وبعضه من موقع صاحب المصلحة!
والخطير
ليس ان الاسد لم يغيّر مقاربته، بل ان
حلفاءه لم يقولوا له رغم سقوط اكثر من 80
الف ضحية وتدمير نصف سوريا انه ينبغي
الجلوس الى طاولة المفاوضات، والأخطر
ربما ان هؤلاء الحلفاء لا يريدون هذا
"الجلوس" الذي سيفضي بالضرورة الى
عملية انتقال سياسي قد تقلب قواعد
مصالحهم رأساً على عقب، ذلك ان سوريا
ما بعد الاسد لن تبقى سوريا الملعب
المفتوح على مداه وتحديداً امام ايران
وروسيا! اذاً
ما معنى القول تكراراً ان "إعلان
جنيف" هو المدخل الى الحل، اذا كان
الاسد لم يغيّر مقاربته واذا استمرت
خلافات الكبار ضمناً على تفسير المسار
الاجرائي والزمني لعملية الانتقال
السياسي؟ ثم ما معنى رهان كيري على هذا
الاعلان اذا كانت سلفه هيلاري كلينتون
قد خرجت على خلاف مع سيرغي لافروف حول
تفسير دور الاسد بعد تشكيل حكومة
انتقالية ذات صلاحيات كاملة وما اذا
كان سيبقى حتى نهاية ولايته في سنة 2014؟
لست
ادري ما اذا كان في وسع اقنية
الديبلوماسية السرية الناشطة بين
موسكو وواشنطن ان تجد صيغة تقنع الاسد
بتغيير مقاربته، التي بات واضحاً انها
تقوم على ما يأتي: أبقى رئيساً له رأيه
التقريري في صيغة الحكومة الانتقالية
سواء في ما يتعلق بالاسماء او
الصلاحيات، وأخوض الانتخابات المقبلة
سنة 2014 وان لم أفز اذهب الى عيادتي في
دمشق... وليرحم الله القتلى وإنا لله
وإنا اليه راجعون!
واضح
ان الاتصالات الخلفية بين ميخائيل
بوغدانوف ووليم بيرنز سواء في لندن او
في الامم المتحدة الاسبوع المقبل،
تركز في شكل اساسي على وضع صيغة تفسير
مقبول لـ"إعلان جنيف". وفي هذا
السياق نفى فيتالي تشوركين ان تكون
روسيا واميركا قد وصلتا الى طريق
مسدود، مؤكداً انه من دون حوار سياسي
لن يحصل شيء ايجابي في سوريا.
عظيم،
ولكن يبقى سؤال جوهري: اين ايران من كل
هذا وهي الشريك المضارب الذي يملك
دوراً حاسماً سواء في صنع "مقاربة"
الاسد او في رؤية واشنطن وموسكو للحل؟ =============== مزيد
من العزلة لنظام بشار * ياسر الزعاترة الدستور 9-3-2013 بوسع
نظام بشار وشبيحته في الداخل والخارج
أن يشنوا حملة عرمرية ضد الجامعة
العربية، ويحولوها إلى “عبرية” بعد
قرارها منح الائتلاف الوطني مقعد
سوريا في الجامعة العربية، فقد فعلوا
ذلك من قبل، وبوسعهم أن يتهموها
بالتبعية للصهاينة أيضا، لكن كل
بلاغتهم الإعلامية لن يكون بوسعها
التغطية على دلالات القرار المهم الذي
تم اتخاذه يوم الأربعاء، لاسيما أنه
جاء معطوفا على تشريع عميلة الدعم
العسكري للثوار، حيث قال بيان وزراء
الخارجية العرب إن من “حق كل دولة وفق
رغبتها تقديم كافة وسائل الدفاع عن
النفس بما في ذلك العسكرية لدعم صمود
الشعب السوري والجيش الحر”. لعل
اغرب ما رد به مندوب العراق (هوشيار
زيباري) هو قوله إن من الممكن منح مقعد
مصر في الجامعة العربية لجبهة
الإنقاذ؛ في مقارنة غير منطقية بين
نظام جاء بإرادة شعبية، وبين نظام جاء
بعملية توريث أهانت شعبا بأكمله،
بينما هو يتورط في قتل شعبه الذي خرج
إلى الشوارع يطالب بالحرية والتعددية. والحال
أن القرار العربي ما كان له أن يمضي في
هذا الاتجاه لولا شعور الدول العربية
بأن الوضع يمضي في اتجاه تغيير النظام،
أكان بسبب التطورات العسكرية على
الأرض، أم بسبب ملامح التغير في المزاج
الدولي، والذي يتحرك أيضا على إيقاع
التقدم العسكري للثوار. بعد
تحرير محافظة الرقة، والضغط المتواصل
على مدينة دمشق واقتراب معركة الحسم،
بل انطلاقها عمليا، صار بوسع الجميع أن
يروا بأم أعينهم ملامح سقوط النظام،
بصرف النظر عن حديث الحل السياسي الذي
لا تتوفر ملامح على إمكانيته في ظل رفض
النظام وحلفائه الروس والإيرانيين
لفكرة رحيل بشار الأسد. صحيح
أن الحوار بين واشنطن وموسكو لا يزال
مستمرا من أجل التوصل إلى حل سياسي،
لكن أحدا لن يكون بمقدوره أن يفرض على
الشعب السوري ما لا يريد، كما أن
الثوار لن يقبلوا بأية تسوية تبقي بشار
في السلطة، الأمر الذي ينطبق على القوى
الداعمة للثورة، والتي لن نتقبل أمرا
كهذا لأنها تدرك طبيعة النظام الذي
يجعل أي تغيير لا يشمل رأسه بلا قيمة،
مهما قيل عن التعددية التالية. لم
يعد بوسع أحد أن يقدم رؤية حول قدرة
النظام على البقاء، فالجميع اليوم
ينام ويصحو على مخاوف سقوط النظام،
وحين يستنفر الكيان الصهيوني كل
أدواته وتحالفاته من أجل السيطرة على
الأسلحة الكيماوية، فهو لا يفعل ذلك
إلا لأن تقاريره تؤكد أن سقوط النظام
لا يعدو أن يكون مسألة وقت، بل ربما كان
الوقت قريبا، مع أنه حسم التوقيت يبدو
صعبا إلى حد ما. الأمر
ذاته ينطبق على الغرب الذي أخذ يبدي
تسامحا مضطردا فيما يتصل بتسليح
الثوار، مع أن القوى الداعمة للثورة لم
تعد تتردد كثيرا في التمرد على شروط
التسليح عبر تهريب بعض السلاح النوعي
للثوار، وإن بشكل محدود. من
هنا يأخذ قرار الجامعة العربية أهميته
القصوى، إذ يعكس المزاج السائد في
الأوساط العربية والإقليمية بأن سقوط
النظام قد أخذ يقترب شيئا فشيئا، وإذا
قيل إن النظام لا يزال قويا وإنه لن
يتأثر بالقرار، فإن مثل الكلام لا يبدو
مقنعا كما يعكس ذلك الوضع على الأرض،
فضلا عن حقيقة أن مسألة صموده تظل برسم
التساؤل بعد نزع شرعيته، الأمر الذي قد
يؤدي لانهياره بأسرع مما يتوقع كثيرون. في
أي حال، فإن قرار الجامعة العربي يُعد
بالغ الأهمية، إذ يعكس حسم الموقف
العربي من القرار الذي لم تعترض عليه
سوى ثلاثة دول (لولا تبنيه من طرف مصر
لكان تمريره صعبا)، اثنتان منهما
تتبعان الموقف الإيراني، فيما تأخذ
الثالثة (الجزائر) موقفا غريبا يعكس
مخاوفها الداخلية أكثر من أي شيء آخر. =============== تاريخ
النشر: السبت 09 مارس 2013 د.خالص
جلبي الاتحاد يستخدم
نظام الأسد آلة حربية باطشة فهو يحصد
أرواح السوريين في استعراض لجنون
القوة المدمر. وفي يوم 21 فبراير 2013 كان
اليوم الأشد دموية حيث قفز فيه عدد
القتلى عن المائتين. وأعجب ما سمعنا من
أخبار الدم في سوريا هو بيع الجثث
لصالح جيوب ضباط النظام البعثي وضرب
حلب بصواريخ «سكود». وأخشى أننا سنقبل
على مرحلة الغازات السامة قريباً. ولكن
ماذا يقول التاريخ ويروي من دروس عن
قصص دول القوة وجبروت السلطة؟ لعل
نموذج الدولة الآشورية هو الأشد فتكاً
وقد تحدث عنه المؤرخ البريطاني الشهير
آرنولد توينبي بالتفصيل في كتابه «مختصر
دراسة التاريخ». وقد
وصف «توينبي» الدولة الآشورية بأنها
ماتت في درعها، وعندما هوت هذه الجثة
إلى الأرض لم يرحمها جيرانها، بل مزقوا
جثتها إرباً إرباً، لأنهم لم يصدقوا أن
تسقط تلك الدولة الرهيبة التي حكمت
معظم الشرق الأوسط ومصر وهي في زهوة
القوة، فدولة آشور كانت تتفقد آلتها
الحربية باستمرار وتطورها بإحكام. وعندما
دفنت جثة الدولة الآشورية في مقبرة
التاريخ، لم يعد يتذكر أحد، أن العراق
الشمالي وتحديداً في نينوى (مدينة
الموصل العراقية الحالية) كانت توجد
ذات يوم دولة ذات ذراع باطشة طويلة
دفنت معظم شعوب الشرق الأوسط تحت
الثرى، وسوّت مدنه بالأرض في حملات
عسكرية جهنمية، إلى درجة أن بعثة
عسكرية يونانية مرت بعد قرنين في
المنطقة وخلدتها بلوحة أدبية دون أية
إشارة إلى طبيعة واسم الشعب الذي عاش
في هذه المنطقة. وجاء
أيضاً في كتاب «توينبي»: «وإذا تطلعنا
إلى الوراء عبر فترة القرن ونصفه التي
اتسمت باشتداد حدة الحرب، والتي بدأت
بتسلم تيجلات بيليسير العرش عام 745 قبل
الميلاد وانتهت بانتصار نبوخذ نصر على
الفرعون نخاو في موقعة كركميش عام 605
قبل الميلاد، نجد أن الأحداث
التاريخية التي تبرز لدى النظرة
الأولى، هي الضربات القاضية
المتتابعة، التي دمرت فيها آشور
جماعات بأسرها وسوّت مدنها بالأرض،
وحملت إلى الأسر سكاناً بأجمعهم: دمشق
عام 732 وسامرا عام 722 وموساسير 714 وبابل
عام 689 وصيدا عام 677 وممفيس عام 471 وطيبة
عام 663 وسوسا عام 639 قبل الميلاد ولم
يسلم من عدوان الآشوريين، إلى أن خربت
نينوى نفسها عام 612 قبل الميلاد، سوى
صور والقدس، من جميع كبريات مدن الدول
التي بلغتها جميعها الذراع الآشورية!
وإن البؤس والدمار اللذين ابتلت بهما
آشور جيرانها فوق ما يتصور... وإذا كان
جميع ضحايا آشور الذين ذكرتهم هذه
السجلات قد كافحوا ليعودوا إلى
الحياة، وينتظر بعضهم مستقبل عظيم،
إلا أن نينوى نفسها سقطت ميتة ولم تبعث
قط». لقد
تفتقت جهنمية العقل العسكري الآشوري
عن وسائل جديدة لتطويع وتركيع الشعوب
المجاورة لقبضته الفولاذية، فمدن
الشرق الأوسط إما أن تستسلم بدون قيد
أو شرط لإرادة ملوك آشور، أو أمامهم
هدم مدنهم وتسويتها بالأرض واقتلاع
شعوب بأكملها؛ لتجمع في معسكرات
اعتقال جماعية مروعة، قبل أن يهتدي إلى
هذه الطرق الفاشيون في العصر الحديث،
كما فعلت إيطاليا الفاشية مع الشعب
الليبي، والنازيون مع شعوب لا حصر لها،
والغولاغ في سيبريا، وتدمر في سوريا،
وقصر النهاية في العراق. =============== تاريخ
النشر: السبت 09 مارس 2013 خليل
علي حيدر الاتحاد هل
ستنقسم سوريا تحت ضغط هذا الصراع
الدامي والقمع المتواصل، أم ستحافظ
على كيانها مهما اشتدت التحديات؟ وهل
سيجد السوريون ما يجمعهم ثانية بعد أن
برزت المخاوف الطائفية والإثنية،
وتفرقت الأحياء والحواري، وسادت
المجتمع السوري المخاوف والاختلافات
من كل نوع؟ فقَدَ
نظام الأسد كل أمل في تحقيق النصر ضد
الثوار، وتحولت الانتفاضة السورية
بسبب فظائع النظام إلى حرب طاحنة
متوحشة لا يمكن لأي طرف فيها أن ينتصر
كما يتمنى. ويرى المراقبون أن البلاد
قد تواصل انحدارها «نحو المزيد من
العنف، ما لم تتبدل المصالح الدولية
وتتدخل الدول الأجنبية». وثمة مآس أخرى
قادمة في المدن السورية، فقد سقطت هيبة
السلطة، وراح قتلة النظام يطاردون
القادة المدنيين وعناصر النخبة
ويتخلصون منهم. وهكذا حل خليط من أسياد
الحرب والميليشيات، شبيه بما نراه في
الصومال، فسيطر هذا الخليط الجديد على
المناطق التي تركتها قوات النظام.
وبقدر ما كانت سوريا دولة رئيسية
وقيادية في المنطقة، فإن تشرذمها قد
يكون كارثة أخطر بكثير مما نرى اليوم
من تأثير أحداثها وثورتها على جوارها.
ولهذا يرى المتشائمون «أن سوريا
ستتحول لا محالة إلى دولة صومالية أخرى». ولا
يستطيع كثير من السوريين البقاء اليوم
في مدنهم وقراهم بسبب الحرب والتهديد
والدمار. ويتهم
الكاتب عبدالوهاب بدرخان إيران بأن
الأولوية لديها البقاء في سوريا، أكان
ذلك عبر سيطرة كاملة للنظام على كل
سوريا، أو على جزء منها، و«لم يبق
لإيران من هذا النظام سوى بُعده
المذهبي، وهذا سبب كاف لأن تعلن أن أي
اعتداء عليه بمثابة اعتداء عليها». ولكن
مستقبل سوريا قد يكون أعقد من أن تتفتت
إلى دويلات، ومن التقارير ما يرجح «أن
تسقط سوريا فريسة لأمراء الحرب
الإسلاميين ورجال العصابات، وتتحول
بذلك كما ذكرنا إلى صومال جديدة تتآكل
في قلب المشرق». وإذا ما حدث هذا سيهلك
الملايين من أبناء الشعب. ولكن حتى لو
لم يتمكن الأسد من السيطرة على البلاد،
إلا أنه يستطيع الاستمرار لوقت ما بفضل
استمرار تأييد بعض طائفته وخوف
السوريين مما قد يحدث لاحقاً، وهو لا
يزال يقود حوالي خمسين ألفاً من الجنود
الموالين له والمسلحين جيداً... إلى
جانب التأييد الخارجي. ويناقش
الكاتب السوري المعروف «فايز سارة»
قضية تقسيم سوريا تاريخياً وسياسياً،
فيقول: «يتردد كلام متعدد المصادر
والمستويات عن تقسيم سوريا، فتتحول
إلى كيانات أحدها قومي وآخر ديني وغيره
طائفي، وقد يكون هناك كيان إقليمي.
والكلام عن تقسيم سوريا له إرث موصول
في تاريخ البلاد، وله حضور في الأفكار
السياسية المطروحة حول مستقبل سوريا
والمنطقة. ففي الحالة الأولى حاول
الانتداب الفرنسي على سوريا تقسيم
البلاد إلى خمسة كيانات في العشرينيات
لكنه تراجع، واضطر الانتداب في
النهاية إلى الإبقاء على كيان سوري
موحد». ويستبعد الكاتب انقسام سوريا
ويقول إن هناك ما يمنع تفتت البلاد «ففي
الداخل السوري ثمة فئات واسعة تمانع
التقسيم، ليس بفعل ثقافتها وإرثها
السياسي، وإنما أيضاً بفعل وعيها
للمصلحة المشتركة للسوريين. وفي
الخارج الإقليمي والدولي ثمة قوى
وأطراف تمانع بصورة جدية عملية تقسيم
سوريا». والسبب في هذا خطر انقسام
سوريا على تركيبة بعض دول الجوار
ومكوناتها. ويرى الكاتب أن الدول
الكبرى كذلك تمانع في أغلبها تقسيم
سوريا لما سيخلقه من مشاكل وصعوبات. وتقول
موسوعة عن الشرق الأوسط إن ضعف القيادة
كان مشكلة سوريا بعد الاستقلال. إذ
سرعان ما تفككت «الكتلة الوطنية»،
القوة الرئيسية التي قادت البلاد نحو
الاستقلال. والتفّ قادة حلب ونخبتها
حول «حزب الشعب»، الذي دخل في صراع مع
الزعامة الدمشقية والكتلة الوطنية،
كما برزت بين السوريين الخلافات
المناطقية والعشائرية. ففي انتخابات
عام 1947 لم يحقق أي حزب أو مرشح فوزاً
ساحقاً، كما ناصر العديد من الفائزين
المصالح القبلية والعشائرية، وبرزت
قضايا مصيرية مثل: هل ينبغي لسوريا أن
تواصل المسيرة كدولة مستقلة، أم ينبغي
عليها الاتحاد مع جاراتها العربية،
وبخاصة الدولتين الهاشميتين الأردن
والعراق؟ وكانت حلب بقيادتها ومصالحها
وعلاقاتها التجارية تناصر مثل هذه
الوحدة، بينما كانت دمشق تعارض بمختلف
حكوماتها هذه «المخططات الهاشمية»
الوحدوية، تؤيدها في ذلك مصر والمملكة
العربية السعودية ولبنان. ومن
المصطلحات التي راجت خلال هذه الفترة «سوريا
الكبرى» حيث برزت ثلاثة مفاهيم في ظله:
مشروع الحزب السوري القومي الذي يشمل
كل منطقة الهلال الخصيب إضافة إلى
قبرص، ويمتد من جبال طوروس التركية في
الشمال، إلى قناة السويس والبحر
الأحمر في الغرب، ويضم كل دول الشام
والعراق. وقد قام الحزب بانقلاب فاشل
في لبنان حيث أعدم زعيمه «انطون سعادة»
عام 1949. والثاني
من مشاريع سوريا الكبرى مشروع الملك
عبدالله ملك الأردن، ويقتصر على بلاد
الشام الأربعة سوريا والأردن ولبنان
وفلسطين، وقال في تصريح له: «إن سياستي
واضحة، إنني أريد دولة تضم سوريا
والأردن وفلسطين ولبنان». وقد ظلت
سوريا الكبرى حلم الملك عبدالله وهدف
وجوده إلى يوم اغتياله عام 1951. وكان
لفرنسا مشروع مماثل يضم، كما يقول الأب
هنري لامانس اليسوعي عام 1920، «سوريا
الطبيعية بكل فسيفسائها الطائفية
والمذهبية والعرقية وبكل أقلياتها
الاجتماعية». وقد
اعتبر الملك عبدالله إنشاء الجامعة
العربية محاولة من مصطفى النحاس، رئيس
وزراء مصر، لإفشال مشروع سوريا الكبرى
تحت عرشه... وفي سوريا قاوم الرئيس شكري
القوتلي وأيده فارس الخوري رئيس
الوزراء وأكرم الحوراني رئيس الحزب
العربي... أما عن الموقف الدولي من
المشروع، فقد كان لبريطانيا دور فاعل
وأساسي فيه، لأن بريطانيا كان يهمها
جداً مسعى إقامة سوريا الكبرى تحت
لوائها ولواء الملك عبدالله من أجل
إيجاد مخرج للأزمة الصهيونية. ويعارض
د. برهان غليون، الرئيس السابق للمجلس
الوطني السوري، ما يُروج له البعض حول
مصير سوريا في الثورة الحالية واحتمال
تأثير زوال النظام على وحدة البلاد،
ويقول إن هذه الوحدة قائمة على القوة
والإجبار. فسوريا الحديثة لها تاريخ
طويل بدأ منذ القرن التاسع عشر، امتزجت
فيه الثقافات والمجموعات البشرية
المحلية، وكونت جماعة وطنية ومشاريع
مشتركة. كما قامت سوريا انطلاقاً من
كتلة بشرية لم تدخل الطائفية في
قاموسها الوطني إلا في عصر النظام
القائم. وقد يكون هذا كله صحيحاً... ولكن
لماذا تتعرض بلدان العالم العربي
للتفكك الداخلي والانقسام... عندما
تطالب شعوبها بالديمقراطية؟ هل من
يدرس بعمق أسرار هذه الهشاشة؟ =============== البترول
في بلاد الشام «سوريا كمثال» د.
أنور أبوالعلا الرياض 9-3-2013
لقد كان شهر
فبراير زاخراً بالتقارير التي أصدرتها
إدارة معلومات الطاقة الامريكية عن
تحليل احوال الطاقة في عدة دول فقد
تلقيت في الايميل تقاريرها على
التوالي عن كل من: تركيا، ومنطقة بحر
جنوب الصين، والقابون، وتايلند،
وسوريا. وبإجراء خيرة حادي بادي
لاختيار موضوع زاوية اليوم اخترت
سوريا كممثلة لبلاد الشام (سوريا،
الأردن، لبنان، فلسطين/اسرائيل، شمال
سينا). سأبدأ
بإلقاء نكتة تبادلتها الصحافة
الاسرائيلية مؤخراً تقول إن موسى
عندما خرج ببني اسرائيل من مصر تائهاً
في سينا أخذ يتنقل سائحاً في الأرض
يبحث عن وطن آمن لبني اسرائيل إلى أن
قادته عصاه إلى البقعة الوحيدة في
المنطقة التي لا يوجد فيها قطرة بترول. ثم
تلتها نكتة اسرائيلية أخرى تقول ولكن
أخيراً قد تتحقق المعجزة، فقد تبين
مؤخراً أن اسرائيل يوجد فيها احتياطي
بترول (متوقع اكتشافه) أكبر من احتياطي
بترول المملكة. لا علينا فلنترك النكات
جانباً فالاسرائيليون لن يبزوا العرب
في تبادل نكات المبالغة عن احتياطيات
البترول. كذلك لن ندخل مع أبناء
عمومتنا (كما يزعمون) في جدال من لديه
بترول أكثر من الثاني حتى لايتوّهوننا
كما توّه اسلافهم موسى وهارون أربعين
سنة في صحراء سينا، وسنعود للحديث عن
البترول في سوريا. سوريا
هي الحصن المنيع الأخير الذي استعصى -
حتى الآن - على منجنيق الربيع العربي أن
يدك أسوار عاصمتها دمشق (قبل أن يستطيع
الانتقال إلى عواصم بلاد الشام الأخرى)
لكن الربيع السوري استطاع بجدارة أن
يشل الحركة الاقتصادية السورية
بكاملها فأدى - وفقاً للتقرير - إلى خفض
إنتاج بترولها بأكثر من 50% منذ مارس 2011 (بداية
الربيع السوري) وبدأ قطاع الطاقة يعاني
من استمرار الحرب فبلغت تكاليف تدمير
الحرب لصناعة البترول 2.9 مليار دولار
حتى اكتوبر 2012. يقول
التقرير في بداية عام 2013 بلغ احتياطي
بترول سوريا 2.5 مليار برميل أكبر من
احتياطي أي دولة من دول بلاد الشام (سوريا،
الأردن، لبنان، فلسطين/اسرائيل) ومعظم
بترول سوريا من البترول الثقيل
والحامض مما يجعل تكريره صعباً
ومكلفاً للمصافي، وبالتالي غير مرغوب
للدول المستوردة خارج الاتحاد
الاوروبي. ولذا أدّت المقاطعة
الاوروبية إلى حرمان سوريا من حوالي 3.6
مليارات دولار حصلت عليها سوريا من
تصديرها البترول إلى الأسواق
الاوروبية عام 2011. لعدم
وجود مصافي كافية تستورد سوريا
المنتجات المكررة من الخارج ولكن
فقدانها لإيرادات تصديرها البترول
الخام بسبب المقاطعة جعلها تجد صعوبة
في استيراد احتياجاتها من المنتجات
رغم استمرار بعض الدول كالعراق وايران
وروسيا وفنزويلا في التعاون مع سوريا
في مجال الطاقة. سوريا
بدأت اصدار الامتيازات لشركات البترول
منذ الثلاثينيات ولكن لم يبدأ الإنتاج
إلا أواخر الستينيات بكميات بسيطة
اخذت تزداد تدريجياً ببطء إلى أن وصلت
ذروتها 600 ألف برميل في اليوم عام 1995 ثم
أخذت تنخفض تدريجيا إلى أن وصلت حوالي
300 ألف برميل في اليوم عام 2011. تعتمد
سوريا على ايرادات البترول ليس فقط من
تصديره بل أيضاً من الرسوم على مرور
أنابيب البترول العالمية في أراضيها
التي تأمل سوريا أن تزداد أهميتها في
المستقبل. =============== لبنان..
وزير الحزب الذي خطف اللبنانيين اليوم
السعودية 9-3-2013 واضح
أن حزب الله اللبناني قد قرر التخلي عن
تمويهاته بشأن ضلوعه في المشاركة في
حملة القمع والتطهير العرقي والطائفي
الذي ينتهجه نظام الأسد ورعاته ضد
الشعب السوري. فالمعارضة السورية منذ
بداية الثورة تقول إن حزب الله متورط
في المشاركة في جرائم آلة القتل
الأسدية الإيرانية. وينفذ حزب الله
استراتيجية إيرانية تقضي بتطهير قرى
في سوريا لصالح نظام الأسد بهدف
تحويلها إلى ممتلكات لكونتونات طائفية
في المستقبل. وهذا يعني أن حزب الله
يخدم التوغل الإيراني في الوطن العربي
ولا يهمه مستقبل لبنان واستقراره
ومصالح الأمة العربية التي تتنافى في
أحيان كثيرة مع السلوكيات العدوانية
للنظام الإيراني الذي ينفذ خطة
عدوانية معلنة ضد الأمة العربية تحت
ستار وشعارات المقاومة التي لم تخلص
لها طهران حينما تعرضت غزة لعدوانين
إسرائيليين. ويوظف نظام طهران
أدوات ناطقة بالعربية لتنفيذ خططه،
وذلك يتحقق يوميا وعلنا في سوريا
ولبنان واليمن وفي بلدان الخليج. وأصبح
معروفا أن حزب الله يشارك عسكريا في
حملات جرائمه ضد السوريين،
وسبق للحزب أن اضطر أن يعلن قتلاه في
سوريا بعد أن تكاثرت أعدادهم وكان من
العسير عليه التغطية على اختفائهم.
ويوم الثلاثاء أضاف حزب الله إلى
مساندته العسكرية لنظام الأسد مساندة
دبلوماسية، بتوجيه وزير الخارجية
اللبناني عدنان منصور،
بأن يكون ناطقا باسم نظام الأسد في
الاجتماعات الوزارية للجامعة
العربية، تعويضا عن غياب النظام بحكم
قرار تعليق عضويته في الجامعة العربية.
وأثار هذا السلوك دهشة الوزراء العرب
والسوريين والأمة العربية لأن لبنان
أعلن منذ بداية الثورة السورية أن
بيروت ستنأى بنفسها عن اتخاذ أي موقف
بشأن سوريا. وأحدث
الوزير حرجا في بلاده لأنه تجاهل مبدأ
حكومته ورئيس البلاد وشرائح واسعة من
الشعب اللبناني والتزم بتعليمات حزبه
الذي بدوره يتلقى تعليمات من طهران
ويشارك في زرع الفوضى والفتن في الوطن
العربي واستباحة الأمة العربية إنسانا
ووطنا وتاريخا واستقلالا، وآخرها
مشاركة الحزب في جرائم الحرب ضد
السوريين وتحالفه مع نظام طاغ وقاتل
ولا يشرف أحدا التحالف معه أو المشاركة
في أعماله القبيحة المخزية. وواضح
أن حزب الله ينخرط في علمية خطف علنية
للبنان وعزله عن قضايا أمته العربية
ومصادرة الإرادة اللبنانية لصالح قوى
الظلام والدم والجريمة والعدوان. وليس ذلك غريبا فإن
الحزب يتعهد باستمرار بأن ولاءه الأول
لنظام طهران. ويتفاخر الحزب بأنه أحد
الأدوات التي تنفذ تعليمات طهران
وخططها في بلاد الشام والوطن العربي. مما
يعني أن وزير الخارجية اللبناني قد خطف
لبنان بلدا وشعبا وموقفا وأداه لنظام
الأسد ورعاته. ومع ذلك يتفاخر الوزير
ويرى نفسه قد أنجز أعظم أعمال حياته. =============== جمال
خاشقجي * السبت
٩ مارس ٢٠١٣ الحياة إنه
سيناريو طائفي بغيض، ولكن يحصل حالياً
في سورية. ثمة أطباء مترددون بطبعهم،
يأتيهم المريض فيوقن الطبيب أنه بحاجة
إلى جراحة صعبة، ولكنه يبدأ بشتى
العلاجات، لعله وعسى يتحاشى الجراحة
الصعبة. من يسيء الظن يقول إن الطبيب
يريد أن يتكسب من إطالة مدة العلاج، أو
إن الطبيب غير واثق من قدرته على إجراء
الجراحة، ومن يحسن الظن يقول إنه يرأف
بالمريض ويحاول أن يجد له مخرجاً من
دون مخاطرة تعرّض حياته للخطر. كذلك
حال الرئيس الأميركي أوباما مع المريض
السوري، أما الطبيب الآخر الرئيس
الروسي فلادمير بوتين فأمره محسوم
ونواياه مفضوحة، ولكن لا مناص من ترك
المريض في رعاية ذلك «الكونسرتيوم».
لقد قدما وصفة يعلمان أنها غير ناجعة.
اتفقا على تكليف وزيري خارجيتهما
بالاجتماع والخروج بحل سلمي، إنهما
يعلمان أن «السلام» يرفضه تماماً
النظام، فهو لا يستطيع أن يعيش به،
المعارضة تحتاج إلى السلام، ذلك أنها
اضطرت إلى الحرب، أما حديث النظام عن
المفاوضات فما هو إلا حملة علاقات عامة. النظام
ومعه روسيا الاتحادية يتحدثان عن
ضرورة وقف تسليح المعارضة لتوفير
أجواء لمفاوضات سلمية بين طرفي
النزاع، ولكن لا يوجد «طرفا نزاع»
ابتداء، إنما نظام قمعي مصرّ على
البقاء في السلطة، وشعب ثائر غاضب يريد
الحرية وبناء سورية جديدة. لا يوجد حزب
أو طائفة سورية بذاتها تقود الصراع لكي
يمكن وصفها بالطرف المقابل للنظام،
فالجميع يعلم أن «الجيش الحر» و»الائتلاف
الوطني» مكوّنان من كل طوائف الشعب،
ومختلفان في المشارب والتوجهات،
متحدان الآن فقط «ضدّ النظام»، ولكن
سيتمايزان في جماعات وأحزاب تتواجه في
انتخابات ديموقراطية بعد سقوطه. حتى
السوريون في دمشق وفي أحياء حلب وحمص
التي لا تزال تحت سيطرة النظام، والذين
يبدو أنهم موالون للنظام، سيخرج جلهم
ضده في تظاهرات يطالبون بالتغيير فور
ما تختفي قبضته الأمنية. بالطبع
يجب أن يكون أحد شروط أي اتفاق سلمي بين
النظام وخصومه يتوصل إليه النظام
والمعارضة - هذا إذا حصل لقاء كهذا
وبرعاية لافروف وجون كيري - أن يوقف
النظام العنف مثلما توقف المعارضة
عنفها، ووقف العنف يعني السماح
للتظاهرات السلمية ومنع ملاحقة
المتظاهرين. إنها العودة إلى نقطة
الصفر التي طالب بها الشعب السوري في
آذار (مارس) 2011، ثم مبادرة الجامعة
العربية والأمم المتحدة والسيدين كوفي
عنان والأخضر الإبراهيمي التي رفضها
النظام، وسيرفضها ثانية وثالثة.
السلام واللاعنف لا يخدمان النظام،
إنه يعيش بالقوة ولن ينتصر إلا بالقوة،
فما بال القوم يضيعون وقتهم في مبادرات
عقيمة؟ إنها
لعبة تدعى «الديبلوماسية الدولية»
للهرب من المسؤولية، وبالتأكيد يتمنى
الرئيس أوباما والعاهل الأردني الملك
عبدالله الثاني ورئيس الوزراء التركي
أردوغان وكل مسؤول عربي وأوروبي، أن
يحصل شيء ما في دمشق ينهي الصراع من دون
تدخلهم، ولكن من الواضح أن ما من شيء
يبدو في الأفق أنه يسير نحو ذلك، بل
الأسوأ هو الذي يحصل، فالأزمة السورية
بدأت «تطفح» خارج سورية، إذ سقط سبعة
عراقيين الأسبوع الماضي كانوا برفقة
جنود سوريين فروا من موقعهم الحدودي،
فكان «الأشقاء من جنود النظامين» في
قافلة تمضي لاستعادة ذلك الموقع الذي
احتله «الجيش الحر»، فوقعوا في مكمن
داخل الأراضي العراقية لم يتضح من
نفّذه، هل هم عناصر من «الجيش السوري
الحر» أم حلفاؤهم من سنّة العراق الذين
لم يخفوا تعاطفهم مع الثورة السورية،
ورفعوا أعلامها في انتفاضتهم ضد حكومة
رئيس الوزراء نوري المالكي. المحصلة
النهائية أن العراقيين المنقسمين حول
قضاياهم الداخلية، زادوا عليها واحدة
هي الانقسام حول الثورة السورية. شيعة
العراق من جهتهم لم يخفوا تضامنهم في
الحرب مع النظام السوري وإن تعللوا بأن
كتيبتهم المسلحة «أبي الفضل العباس»
هي في دمشق لحماية ضريح السيدة زينب
الذي يحترمه السوريون السنّة، مثلما
يحترم المصريون ضريح الحسين في
القاهرة، طائفية صريحة عبثية تستدعي
صراعاً عمره 1400 عام، وتطل بوجهها
القبيح لتغري البسطاء، وتنذر بمعركة
شرسة ستكون في دمشق كلما تقدم «الجيش
الحر». بعيداً
إلى الغرب، ينشط «حزب الله» بقدر لا
يقل طائفية، فهو يحارب في داخل سورية
وتحديداً في المناطق الشمالية من
لبنان، حيث شاءت خرائط «سايكس بيكو»،
وحسابات «لبنان المناسب» في تعداد
طوائفه، والجغرافيا في أن تترك قرى
بغالبية سنية ضمن سورية لتعزل لبنان عن
جبال العلويين حيث تكمن الخطة «ب» وهي
الدولة العلوية التي ينكفئ إليها بشار
الأسد وسط أهله وطائفته، وبالتالي
يحتاج «حزب الله» إلى ضمان خط إمداد،
فيقاتل الآن حول منطقة القصير في ما
يشبه عمليات الصرب في البوسنة، إذ من
لزوميات تلك الحرب عمليات تطهير عرقي
تمتد من شمال لبنان عبر منطقة القصير
إلى غرب حمص، لضمان خط التأمين الذي
يحتاجه، فلو سقطت سورية من دون تقسيم
وكما هي بيد قوى وطنية، فذلك حبل مشنقة
يشد على رقبة الحزب، ويحوله إلى مجرد
فريق سياسي متساوٍ مع آخرين في لبنان،
وهي حال لم يتعود عليها. النظام
المتهاوي الذي سيلجأ إلى «دولة
العلويين» يحتاج هو الآخر إلى حملة
تطهير عرقي في الساحل السوري السني في
غالبيته، كي يستطيع أن يضمن دويلة
قادرة على البقاء. سيناريو
طائفي متشائم، ولكنه يحصل، إنكاره هو
الخطأ، وليس الحديث عنه! =============== المرأة
السوريّة أم... «المجوس»؟ حازم
صاغيّة السبت
٩ مارس ٢٠١٣ الحياة أنقذتنا
المرأة السوريّة من إعطاء يوم الجمعة
اسماً يذكّر بـ «المجوس»، بعدما كان
يوم المرأة العالميّ قد أنقذنا من «ثورة
8 آذار» التي افتتح بها البعث حكمه في
1963. لكنّ
اقتراح «المجوس» الذي كاد أن يُعتمد،
ينبغي ألاّ يمرّ مرور الكرام، لا
لدلالته فحسب بل أيضاً لأصوله ولما
يوحي به من نتائج مرتجاة. فحين
استلّ صدّام حسين من بطن التاريخ
السحيق ذاك التعبير ورمى به
الإيرانيّين من غير استثناء، كان يقصد
أهدافاً محدّدة كلّها سيّء وكلّها
عنصريّ. وكان أحد تلك الأهداف أنّ
الإيرانيّين تظاهروا تظاهراً
بالإسلام، إلاّ أنّهم، في حقيقة
أمرهم، ظلّوا يدينون بدياناتهم
السابقة على الإسلام كالزرادشتيّة
والمزدكيّة. في
هذا كان صدّام يعلن انتماءه إلى مدرسة
خرافيّة في «التأريخ» ذهب بعض روّادها
من المناهضين للساميّة إلى أنّ اليهود
الذين تحوّلوا إلى المسيحيّة كانوا
كاذبين لأنّهم ظلّوا، في حقيقة أمرهم
وفي ممارساتهم الداخليّة والبيتيّة،
يهوداً. وكان هناك مؤرّخون من غلاة
الصهاينة، أبرزهم بنزيون نتانياهو،
والد بنيامين نتانياهو، قد سجّلوا «الحقيقة»
نفسها إنّما على نحو مقلوب. فهؤلاء
أيضاً رأوا أنّ العداء لليهود لا يحول
ولا يزول حتّى لو تحوّل اليهود الإسبان
إلى مسيحيّة لا يقرّ لهم بها
المسيحيّون. فإذا
كان اليهود لا يتغيّرون، كان هناك حلّ
من اثنين: إمّا القضاء عليهم، كما يقول
اللاساميّون، وإمّا أن يعيشوا في وطن
قوميّ يكون لهم وحدهم، كما يرى غلاة
الصهاينة. هكذا
يلوح أنّ الذين دافعوا عن ربط الجمعة
السوريّة الأخيرة بـ «المجوس»،
يصطفّون وراء صدّام حسين في افتراضه
وجود جوهر إيرانيّ وشيعيّ لا تطاوله يد
التغيير والتحوّل. أمّا ما يخونه هؤلاء
الإيرانيّون والشيعة فيرقى إلى
الإسلام نفسه، الإسلامِ الذي لا يرفع
رايته النقيّة إلاّ من يتحدّثون عن «المجوس»
ومن يحازبونهم. والحال
أنّ مسألة الثورة السوريّة ليست
الإسلام، ولا استئناف نزاع نشب في
التاريخ الإسلاميّ قبل أربعة عشر
قرناً، كما أنّ حلّها ليس «اجتثاث» أحد
طرفي النزاع للطرف الآخر. وهذا مع
العلم أنّ الخمينيّة، في السياق
التاريخيّ الإيرانيّ، ترقى إلى قطع مع
محاولات بعث التقاليد السابقة على
الإسلام التي سبق أن رعاها النظام
الشاهنشاهيّ. إنّها، في المقابل،
الإسلام الإيرانيّ في حالته القصوى
وفي ارتداده على تاريخ عريق تربّع «المجوس»
في صدارته. إنّ
في أوساط الثورة السوريّة من لا
يميّزون بين النظام الخمينيّ وسائر
الإيرانيّين، وبين بشّار الأسد وسائر
العلويّين، وبين «حزب الله» وسائر
الشيعة، مكتّلين الأعداء ضدّ الثورة،
ومستبعدين تحييد مَن ليس عدوّاً لها،
وجاعلين من الصعب على أصدقائها أن
يبقوا أصدقاء. وهذا فضلاً عن الهبوط
الأخلاقيّ والقيميّ في وهدة
الجوهرانيّين، من صدّام حسين إلى
النظامين الإيرانيّ والسوريّ و «حزب
الله» الذين يقاتلون الشعب السوريّ
بلا تمييز. وهذا
كلّه إنّما يسيء إلى ثورة يُعوّل عليها
أن تنتج أفكاراً جديدة أشدّ رحابة
وتسامحاً بعد سنوات القهر البعثيّ،
فيقرنها بـ «ثقافة» متخلّفة عنها
ومضادّة لأهدافها العميقة. فإذا كانوا
«هم» كلاًّ واحداً يستعصي على أيّ
تغيير، وكنّا «نحن» كذلك، بقيت أمامنا
الحرب الضروس الشاملة الجانحة بنا إلى
الفناء والإفناء، بدل انتصار الثورة
السوريّة. فشكراً،
مرّة أخرى، لنساء سوريّة. =============== عبدالرحمن
الراشد الشرق
الاوسط 9-3-2013 السلاح
يدخل الحدود إلى الثوار السوريين منذ
عامين تقريبا، من دون موافقة مجلس
الأمن أو الجامعة العربية، وبالطبع
بلا إذن جوازات الرئيس بشار الأسد. هذا
أمر كان ولا يزال واقعا، وبالتالي
عندما رخصت الجامعة العربية الأسبوع
الماضي للدول المجاورة إدخال السلاح
لدعم الثوار، وهو قرار تفصيلي غير
مسبوق حسبما أظن، بهذا تكون الجامعة
أولا أعطت الغطاء الشرعي لفعل مستمر،
وساندت رسميا إسقاط نظام سوريا بقوة
السلاح، وهيأت للمرحلة الجديدة من
الثورة السورية. القرار
كتب بصيغة الجمع لكن المعني بالدول
المجاورة فقط الأردن وتركيا، البلدان
الوحيدان اللذان غضا النظر جزئيا عن
عمليات التهريب، ودعما بشكل غير رسمي
الثوار والمعارضة باستضافة قياداتها
ونشاطاتها على أرضيهما؛ لأن الجارين
الآخرين، العراق ولبنان، يقفان مع
نظام الأسد، أما الجار الخامس، أي
إسرائيل، فمتفرج. فهل
قرار الجامعة، عدا عن قيمته القانونية
المهمة، يعني أننا سنرى أسلحة أكثر
ونوعية أفضل في أيدي نحو مائة ألف
مقاتل يمثلون القوة المنتشرة في أنحاء
سوريا؟ هذا ما يوحي به، ولو أن إدخال
السلاح شرع مبكرا ربما ما كانت هناك
جماعات متطرفة تعمل اليوم في ساحة
الحرب، لكن المنع والتضييق أضرا
بالجماعات المعارضة السورية الأكثر
استحقاقا، التي لديها مشروع وطني
سوري، وأعان المنع الجماعات المتطرفة
التي لم تكن مضطرة للانضباط أو التعامل
مع مؤسسات الثورة أو الاستماع
لتعليمات قياداتها. الجامعة
العربية منعت بيد تسليم كرسي دولة
سوريا الشاغر لهيئة ائتلاف الثورة،
الذين يمثلون الشعب السوري، رفضت بحجة
أنهم لم يؤسسوا كيان «دولة» بعد، لكنها
سمحت باليد الأخرى بإدخال السلاح الذي
كان يدخل أصلا. والحقيقة أنه ليس مهما
كرسي سفير سوريا لدى الجامعة، فالأهم
في هذه المرحلة إدخال السلاح من أجل
اختصار الوقت والدم والمعاناة. الآن،
صار مسموحا فتح الحدود للثوار والسلاح..
فهل سنرى تغيرا كبيرا على الأرض؟ في
تصوري، هذا ما سيحدث؛ لأن الأزمة
السورية صارت مشكلة للجميع، فقد أراد
الأسد تصدير الأزمة للدول المجاورة
وإحراج المجتمع الدولي، وقد نجح في
ذلك، وقد شرعت حكومات الدول المتضررة
والأمم المتحدة بالصراخ من حجم
الكارثة. لكن بدل أن يأتي المجتمع
الدولي للتفاوض مع الرئيس الأسد،
اقتنع الكثيرون بأن الحل الوحيد إسقاط
النظام. شحنات
السلاح في الطريق من أنحاء العالم، وهي
بكل تأكيد ستغير كفة الحرب خلال الأشهر
المقبلة، لكن هناك إشكالات كثيرة، كما
شرح أحد المتابعين؛ تدريب المقاتلين
على استخدامه، والسيطرة على نشاط
الجيش الحر، الذي هو بالفعل عنوان عريض
لعشرات الجماعات غير المنضبطة. وتكفي
حادثة واحدة، مثل أن تسقط أسلحة نوعية
مهمة قي يد جماعات إرهابية، لتغلق
الحدود ويوقف مدد السلاح. وربما هذه
المخاوف من أسباب تفادي معظم شركات
الطيران التحليق في الأجواء السورية. أخيرا،
أعطت الجامعة العربية الشعب السوري
أملا بقرارها ترخيص إمرار السلاح ودعم
الثوار، فقد زاد الأمل بعد الكثير من
الإحباطات العربية والدولية. =============== طارق
الحميد الشرق
الاوسط 9-3-2013 في
الأول من سبتمبر (أيلول) 2011 كتبنا في
هذه الزاوية عن «أفول النجم الشيعي»
وذلك عطفا على تداعيات الثورة
السورية، وما سوف يترتب عليها،
واليوم، وبعد مرور العامين على
الثورة، نجد أن مرحلة ما بعد أفول
النجم الشيعي قد تحولت إلى كماشة شيعية
على سوريا، ومن طرفين، واليد الممسكة
بتلك الكماشة هي إيران. فمع
تقدم الثوار السوريين على الأرض،
والتحركات الدولية الملموسة، وقبلها
الموقف العربي المتصاعد، وخصوصا ما
جاء في البيان الختامي لاجتماع وزراء
الخارجية العرب الذي شدد على «حق كل
دولة وفق رغبتها في تقديم كافة وسائل
الدفاع عن النفس بما في ذلك العسكرية
لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر»،
مع كل ما سبق تحرك حلفاء إيران، العراق
وحزب الله، عسكريا ضد الثوار
السوريين، من العراق ولبنان مما
جعلهم، أي الثوار، واقعين بين فكي
الكماشة الشيعية، وعليه فإن السؤال هو:
لماذا؟ الإجابة
السريعة، والواضحة، هي أن إيران
استوعبت أن سقوط نظام الأسد بات حتميا،
ومجرد مسألة وقت، ولذا فإنها تدفع
بحلفائها للتدخل عسكريا الآن وليس
للدفاع عن الأسد، بل لإرسال رسالة
للقوى الإقليمية، والمجتمع الدولي،
بأنها، أي إيران، لن تقف مكتوفة الأيدي
وهي ترى مشروعها الوحيد القائم على نشر
الثورة الخمينية، وبسط نفوذ طهران
بالمنطقة يدمر عبر إسقاط نظام الأسد
الذي استثمرت به مطولا عبر نظام الأسد
الأب والابن بهذه السهولة، فطهران
تدرك جيدا أن سقوط الأسد هو سقوط
لمشروعها، مما يعني أن الأزمة لن تكون
أزمة حزب الله أو نوري المالكي، بل
إنها ستكون أزمة بالداخل الإيراني،
وهو أمر متوقع، طال الزمان أو قصر. ولذلك
فإن إيران تتحرك الآن عبر الكماشة
الشيعية، حزب الله وقوات المالكي،
لفرض أمر واقع على الأراضي السورية
بالنسبة لنظام ما بعد الأسد، والقوى
الإقليمية، والمجتمع الدولي،
وبالتالي فإن إيران تريد أن تفرض على
الجميع أن يعيدوا حساباتهم من الآن،
ويتوقعوا أياما صعبة بعد الأسد، وتفعل
إيران ذلك من أجل أن تفرض على من يأتي
بعد الأسد التفاوض معها، وبالتالي
تصبح إيران هي المسؤولة عن بقايا نظام
الأسد، بل ومسؤولة عن الطائفة العلوية
نفسها، وكل من يريد محاربة النظام
الجديد بسوريا. تفعل إيران كل ذلك، أي
وضع سوريا بين كماشة شيعية لتقول بأنه
لا سوريا بعد الأسد، أو من دون نفوذ
إيراني! وهذا
هو التحدي القادم في سوريا، وهذه هي
ملامح الخطة الإيرانية لسوريا ما بعد
الأسد، وهو ما يتطلب وعياً سورياً، على
مستوى الثوار لتفويت الفرصة على
إيران، ويتطلب أيضا وعياً عربياً
ودولياً، فكما قلنا من قبل فإن قوة
إيران الحقيقية هي التخريب، وليس
تقديم الحلول، ولذا فلا ينبغي منح
طهران ما لا تستحقه، وإنما يجب
الاستعداد لإفشال مشروعها من خلال
اتفاق واضح على ملامح سوريا ما بعد
الأسد، والتأكيد لطهران بأن كماشتها
ستكسر، وذلك بالأفعال، وليس الأقوال. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |