ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 10-03-2013 دمشق
ـ عبدالله أمين الحلاق (إلى
إياد العبدالله.. صديقاً) المستقبل على أرض
الواقع، وبعد ثلاثة وعشرين شهراً من
انطلاقتها، تبدو الثورة السورية بعد
كل تلك التضحيات والعذابات
والاحتقانات، التي تولدت في مسيرتها،
أقرب لأن تكون مواجهةً بين نظام ذي
غالبية علوية وثورة ذات غالبية سنية.
هذا فرز على أسس ما قبل وطنية، ومن
المؤسف أن الحال وصلت إلى اعتباره
توصيفاً للمآل السوري المُمعن في
الانسداد، وهو يسير على غير ما تشتهي
نفس يعقوب وغاياتها. لكن في المقابل،
تترك "الغالبية" من كلا الطرفين
هامشاً تستوطن فيه "أقلية"، تجاور
سنّة الثورة من جهة، وعلويي النظام من
جهة ثانية، ونعني علويين مع الثورة
وسنّة مع النظام. ذلك أن الثورة
السورية التي بدأت على غير ما وصلت
إليه حالها اليوم، كانت تحمل، بدايةً،
خطاباً قادراً على استيعاب السوريين
في الدولة المدنية المأمولة، وهي لا
تزال كذلك في بعض نقاطها الأقل سخونةً
من المناطق الثائرة الأخرى. إلا أن حجم
العنف الذي قوبلت به الثورة من قبل
النظام كان من شأنه أن يلغّم المجتمع
السوري أكثر، ويجعله قابلاً ليس
للتشظي في وجه النظام وحسب، وإنما في
مواجهة نفسه أيضاً، منسوباً إلى
مكونات وانتماءات ما قبل وطنية. لم
تسجّل حتى الآن حالات مواجهة على أسس
طائفية من قبل الثوار على الأرض تجاه
النظام وأياديه، رغم وجود حالات قليلة
ذات علاقة (تصريحات، مناوشات، تحريض
على أسس طائفية...) لم تصل إلى مستوى
اقتتال طائفي في رقعة جغرافية واسعة...
مع ذلك، وبالتزامن مع تقدّم فُرص
الاحتراب والاقتتال بين السوريين
اليوم، لا يَعجب المرء من طاقة النظام
على إبراز مقاطع فيديو موثقة أو إشاعات
غير موثقة، تختزن عنفاً تجاه الثوار
والناشطين على أساس طائفتهم، المقترنة
بـ"العرعور" و"القرضاوي" من
وجهة نظر شبيحة النظام ومخابراته،
وبابن تيمية والأشاعرة من وجهة نظر "مثقفيه"
وباحثيه ومؤرخيه، وبالوالي التركي على
اللاجئين من وجهة نظر سياسييه في سوريا
وامتداداتهم الطائفية في لبنان. واستطراداً
نسأل: هل النظام السوري نظام علوي؟ يصعب
قبول هذه الفكرة أخلاقياً. ففي هذا ظلم
عميم لطائفة وُجدت قبل أن تعتلي
السلالة الأسدية عرش الجمهورية في
سوريا. إلا أن هذه الطائفة ورغم كل ما
كان يعتريها من غُبن تاريخي وتهميش
واحتكار لفضاءات السياسة والمدينة على
حساب تواجدها وحصرها في مناطق سورية
معينة، وَجدت بعض شرائحها ذاتها
لاحقاً في موقع السلطة، وهي تحوز
امتيازات وصلاحيات واسعة. كان ذلك
جزءاً من مشهد وصول البعث إلى السلطة
بالانقلاب، وكان مَتنَه الفاعل ضباطٌ
من الأقليات صاروا هم السلطة في سوريا
والعراق. نمَت تلك الصلاحيات
والامتيازات بعد وصول حافظ الأسد إلى
الرئاسة، وأيضاً بالانقلاب. اعتمد هذا
الأخير على الطائفة العلوية التي
ينتمي إليها، ووضَع ضباطاً علويين في
أهم المواقع الاستخباراتية والعسكرية
والأمنية، التي بدأت تتحول إلى مراكز
لتقاسم النفوذ الأمني والفساد،
وتحوّلت إلى كانتونات متجاورة مع
بقائها مرتبطة برأس النظام. تطييف
النظام ووضع الطائفة العلوية معه في
مواجهة المجتمع السوري، كانت هي
السياسة التي اقترفها حافظ الأسد عن
سبق الإصرار والتصميم، واستطاع
تراكمياً عبرها مماهاة تلك الطائفة
بالنظام إلى أبعد الحدود. يفسر هذا بعض
الشيء حضورَ فكرةٍ، باتت واضحةً اليوم
في يوميات الثورة، ومفادها ارتباط
الطائفة ووجودها بالنظام ووجوده. لسان
حال علويين كُثر، منذ اندلاع الثورة
السورية يقول ذلك، وهم يربطون مصيرهم
بمصير النظام: بقاء النظام يعني بقاءهم
وزواله يعني مذبحة كبرى أو أقل قليلاً
بحقهم، على ما يرون. وفي الوقت الذي بدا
فيه النظام، عن غير حق وغير صواب،
حامياً للأقلية العلوية في سوريا،
فإنه صدّر نفسه حامياً للأقليات
الأخرى التي ثار جزء منها في مواجهته:
مسيحية ودرزية واسماعيلية و... مماهاةُ
زوال الأقليات بزوال الاستبداد لا
يشابهه إلا مماهاةٌ كاريكاتوريةٌ
لسوريا بالأسد. زوال
سوريا ووقوعها فريسة الفوضى والحرب
الطائفية أو الأهلية هو "نتيجة
فعلية" لزوال الأسد! يا له من خيار
يفترض أن يلتزمه السوريون إن أرادوا
لبلدهم ألا يزول. وبالنظر
إلى نظام عائلي - مافيوي يقوده فردٌ،
مستهتر الى هذه الدرجة بالسوريين
وبمطالبهم وبأرواحهم، يبدو القبول
بمقولة أن النظام هو "نظام علوي"
إجحافاً بحق العلويين، كما يتبدى
الإجحاف بحق جميع السوريين لدى القول
بأن سوريا هي "سوريا الأسد". نقول
ذلك استناداً إلى أن الأسَد اعتمد على
العلويين كبنية تحتية، بمعنى الاحتقار.
حوّلهم الى جنود، مخابرات، موظفين في
أعمال خدمية. وقام بتجهيلهم وإفسادهم،
وحرمهم من مرجعية دينية، ليتماهى
المرجع الديني لديهم في شخصه. بينما
اعتمد على الطبقة الرأسمالية السنية
في تثبيت حكمه من وجهه الآخر، وعندما
بدأت تتكون طبقة من الأثرياء العلويين
الفاسدين غالباً ومن أبناء الضباط
خصوصاً، اختلف الأمر قليلاً لكن ليس
كثيراً. ذلك أن
النظام لا يرى العلويين، من مؤيديه
وشبيحته، إلا أرقاماً وجزءاً من محرقة
ومقتَلة يومية في سوريا، الهدف منها
بقاؤه على قيد الحكم، أياً كان عدد
الضحايا وأياً كانت الطائفة التي
انتموا إليها. ومن الواضح اليوم
وسابقاً أن مصير أي سوري تسول له نفسه
أن يجهر بمعارضته، سيكون على الأقل
كمصير د. عارف دليلة سابقاً ود. عبد
العزيز الخير راهناً، وهذا الأخير
اختطف من قبل المخابرات الجوية في مطار
دمشق الدولي ولم يعرف شيء عن مصيره أو
مكان تواجده حتى اليوم. وهما بالمناسبة
من أبناء الطائفة العلوية بالمعنى
التاريخي والاجتماعي. علاقة
النظام السوري بالطائفة العلوية هي
علاقة اقتحام وتعدٍ، والدمج بينهما لا
يماثل الإ ذلك الدمج السمِج بين جبهة
النصرة والثورة السورية، إذ تبحث
الجبهة عن الخلافة الإسلامية على هامش
ثورة ذات مطالب شعبية محقة، لم تَقم
وتندلع بحثاً عن الخلافة. الخلافة
الأسدية والخلافة الإسلامية وجهان
لعملة واحدة هي مصادرة حياة السوريين
وحقهم في العيش بتجاور من دون عبادات
قسرية مقررة سلفاً على أسس طائفية أو
دينية. في المقابل، من شأن استمرار
الوضع السوري على ما هو عليه اليوم أن
يعمق من الانقسام الطائفي بين
السوريين، وأن يزيد مشاعر "الكره
للعلويين"، ضمن الطبقات والشرائح
الأكثر هشاشة، والأكثر تعرضاً للقتل
النوعي والإبادة على يد النظام، بخاصة
في ظل غياب خطاب مؤثر من الطائفة
العلوية يعترض على دورة الموت اليومية
في سوريا التي يديرها هذا النظام. مع حجم
التجييش الهائل لمتطوعين في الجيش
والمخابرات، كانت لهم دوماً الأولوية
في حيازة مواقعهم قياساً بالسوريين من
غير الطائفة العلوية، والاعتماد على
شبيحة تحت مسمى "اللجان الشعبية"
في مناطق وأحياء علوية أساساً، منذ بدء
الثورة، للقيام بأبشع المجازر تجاه
السوريين... يقع المجتمع السوري الثائر
ضحية انجراره للمواجهة مع الطائفة
العلوية بالتزامن مع مجابهته الواسعة
للنظام، وهو أمر يغبط له النظام
ويُسرّ، مذ تحدثت بثينة شعبان عن
الفتنة الطائفية بعد أسبوع من اندلاع
الثورة، ولم يكن ثمة دماء وقتها في
مسار الثورة إلا تلك الدماء التي سفكها
النظام في درعا. عُنف النظام وزجّه
الطائفة العلوية في مواجهة السوريين
يغيّب حالات خلاقة للانخراط في الثورة
السورية، وهو ما ثابر عليه ناشطون
ومثقفون من أبناء تلك الطائفة منذ
بداية الثورة. الجدير
بالذكر هنا كِتاب الكاتبة والروائية
سمر يزبك "تقاطع نيران"، كوثيقة
في أرشيف الثورة السورية وشهادة
لكاتبة خاطرت بنفسها، وتعرضت لما
تعرضت له من قبل أبناء طائفتها
المتماهين مع النظام في مدينة جبلة،
وشُهّر بها في موقع "فيلكا اسرائيل"،
وهو موقع يديره حزب الله وعناصر في
المخابرات السورية، كما تشير
المعلومات المتواترة عنه. لوحقت سمر
يزبك وتم توقيفها مرات عدة قبل أن تخرج
من سوريا، وتقرر جمع تجربتها وما عاشته
في يوميات الثورة في كتاب. لكن ذلك لم
يعجب النظام ولم يعجب معارضين اتهموا
سمر يزبك بأنها "من فلول النظام
السوري"، لمجرد أنها "علوية"! وفي
الفسحة الفاصلة بين هؤلاء المثقفين
والناشطين القلّة والمنخرطين في
الثورة من أبناء الطائفة العلوية من
جهة، والقتَلة من أبنائها أيضاً من جهة
ثانية - وثمة قتَلة وشبيحة خدموا
النظام وقاتلوا وقتلوا سوريين لأجله،
هم من طوائف وشرائح اجتماعية أخرى بما
فيها الأكثرية السنية - يستوطن علويون
مهمشون من قبل النظام، اقتصادياً
واجتماعياً وسياسياً، لم ينخرطوا
بالثورة السورية وفضلوا الصمت، خوفاً
من مصير أسود أو انتقام قد يتهددهم من
الآخر السوري إن زال النظام، وهو
الخطاب الذي أدمن إعلام الأسد بثه،
ووجد في بيئة شعبية بسيطة ومفقَرة
حاضناً اجتماعياً وأهلياً له. في
الثورة أخطاء وخطايا تتراكم،
وانحرافات عن النهج الوطني، تتناسل من
رحم بعضها البعض، وهي مع ذلك، لا تصبغ
الثورة بصبغة سلبية شاملة، رغم
تزايدها يوماً بعد يوم، مع تعقد الوضع
السوري واستعصائه على حل نهائي. لكن،
وكما أنه من الظلم الفادح اعتبار
الثورة السورية مجرد تمرد مسلحين
وسلفيين وإخوان وعراعرة على ما سوّق
النظام دوماً، رغم علوّ صوت الإسلام
المتطرف فيها اليوم، فإن الحال ينطبق
كذلك على اعتبار الطائفة العلوية
متماهية مع النظام على ما سوق النظام
وأراد. يبقى
الوضع السوري مرشحاً للمزيد من التطرف
والتموضع دينياً وطائفياً، طالما أن
النظام لم ينكسر أو يتغير بعد. ومن دون
أن يبدو أن ثمة استعداداً لانسلاخ واسع
لأبناء الطائفة العلوية عنه على ما
نرى، فإن من شأن سقوط هذا النظام أن
يعجل في تذويب الانقسامات الحادة بين
السوريين، وفي إعادة التئام جراحهم
والعبور على آلامهم النفسية والجسدية
والاجتماعية، وهي جراحٌ وآلام نجح
الأسَدَان في إبقائها تحت السطح طوال
عقود، لتطفو عند أي هزة كبرى قد يشهدها
البلد. كلما
طال أمد بقاء بشار الأسد ونظامه في
السلطة ازداد الاحتقان وقلّت احتمالات
المصالحة المفترضة والمأمولة ورأْب
الصدع بين السوريين، وازدادوا بعداً
عن الالتقاء على وطنية سورية جامعة لهم...
وهو الهدف الثاني والمعبّدةُ طريقه
بالنصال الطائفية وغير الطائفية، بعد
إنجاز الهدف الاول للثورة ممثلاً
برحيل النظام الأسدي، الذي لا طائفة
ولا دين ولا مذهبَ له، وضعياً علمانياً,
أو دينياً سماوياً، على تعدد طوائف هذا
الأخير. ===================== الشخصية
المفهومية في الثورة السورية اسطنبول
ـ عمر كوش المستقبل 10-3-2013 مع
اقتراب الثورة السورية من أتمام عامها
الثاني، لا يسعني سوى التوقف عند
الاستعداد اللا محدود للتضحيات، وعند
معاني ومدلولات الشجاعة والبطولات
المنقطعة النظير، التي يسطّرها الثوار
السوريون، في مواجهة ما تقوم به قوات
جيش النظام السوري وأجهزة أمنه
وميليشيات شبيحته، من أعمال قتل
ومجازر وجرائم، وقصف بالصواريخ
والطائرات للمناطق المدنية. ويجتاحني
السؤال عن الكيفية التي أفضت إلى نهوض
الثورة السورية، وعن العملية
التأسيسية المرافقة للكيان الاحتجاجي.
ويذهب التفكير نحو فضاءات جديدة،
مميزة بتراكيب غير عادية، وبأرضيات
غير قابلة للاحتواء، حيث التضحيات
وقوافل الشهداء تطبع طرق القدر
الجديدة، وتخطّ ملامح مستقبل جديد. يمكن
القول، ببساطة، إن ما يحدث منذ عامين،
هو احتجاج ورفض من لدن جماعات واسعة من
السوريين، العاديين والمهمشين، على
عقود مديدة من الاستبداد المقيم
وامتهان كرامة الناس، وعلى الأزمة
الاجتماعية العميقة، وعلى الاستبعاد
والاستعباد والإقصاء والتمييز في كل
شيء. ويعبر عن مدى احتقان كتلة شعبية
هائلة، مأزومة وقلقة. كتلة لم تجد أي
تعبير سياسي لها في ظل النظام الأسدي،
العائلي والمافيوي، يمكنه أن يفتح لها
في الفضاء أفقاً، ويمنح مشاركتها في
الحياة العامة معنى وتأثيراً. وبالرغم
من الأثمان الباهظة للحراك الثوري
السوري، على صعيد المعاناة والتضحيات
بالأرواح، ودمار أماكن السكن ومصادر
الرزق، فإن لا شيء يخفف من رغبة السوري
في الانعتاق والتحرر، والرغبة في
الوصول إلى فضاءات جديدة، وبناء صروح
الحرية وتشييد مقاماتها. وإن كان
ثمة مناسبة للحديث عن تضحيات السوريين
في زمن الثورة السورية، فإنه لن يخرج
عن تناول الإنسان البسيط، العادي،
المقموع لعقود طويلة، والذي خرج
متظاهراً سلمياً في الخامس عشر من آذار
/ مارس 2011، كاسراً حاجز الخوف، الذي
بناه النظام الأسدي في عهدي الأب
والإن، ومتحدياً بجسده العاري رصاص
قوات النظام واستخباراته وسكاكين
وسيوف الشبيحة وجرائمهم. وهو إنسان
بالمفهوم الشائع للإنسان، اكتشف صوته
وجسده، وراح يعبر عن ذاته في تظاهرات
الساحات والشوراع والأزقة، غير آبه
بالثمن الذي يدفعه، نتيجه خروجه من
القوقعة المظلمة، التي حبسته فيها
أجهزة النظام لمدة تزيدة عن أربعة عقود
مديدة. ويحيلنا
مفهوم الإنسان البسيط، من عامة الناس،
أي من العوام في عالم الثورة، إلى عالم
المواجدة والتحايث، الذي يمنح الإبداع
وجوداً مستقلاً، حيث يتخلى إنسان
الثورة عما تتمسك به ذاكرته الموروثة
من كل براثن النظام وشخصناته ورموزه،
وتدخل عالم الاختلاف والغيرية، حيث
مفاهيم الثورة وشخصياتها المفهومية
كليات غير متراصة وغير متطابقة، ما
يعني تشظيها، مع أن الثورة وإنسانها
متقاربان بشكل كبير، إلا أنهما غير
متطابقين فيما بينهما. وقد
ارتبطت الثورة السورية بشخصية
المتظاهر السوري، ذلك الإنسان
المقموع، الذي تحول إلى بطل مفهومي في
حدث الثورة، حين ظهر في احتجاجات
وتظاهرات دمشق ودرعا وبانياس والبيضاء
والميدان والزبداني وحمص وحماة ودير
الزور وجامعة حلب وكفرنبل وبنش والباب
وسواها. وتكونت شخصيته في مشاهد الحراك
الثوري، التي لا تزال ماثلة في
الأذهان، حين خرجت مدينة حمص إلى
اعتصام ساحة الساعة، الذي أنهاه
النظام بمجزرة، وحين خرجت مدينة حماه
عن بكرة أبيها في تظاهرات سلمية لعدة
أسابيع، أنهاها النظام أيضاً بارتكاب
مجزرة، ثم عندما خرج معظم أهالي دير
الزور في حراك سلمي مشهود، تكرر الأمر
ذاته. وقد
سطرت كل من داريا وحرستا ودوما
والميدان والمرجة وبستان القصر ومدارس
حلب وجامعتها حلب وكفرنبل وبنش
وسواها، أمثلة على بطولات مفهومية،
بوصفها أمكنة أجساد لمحتجين سلميين
قدموا من سائر مناطق سوريا، وشهدت
حالات جامعة لمختلف مكونات الشعب
السوري، بل وشكلت إيقونات لهوية وطنية
جديدة. ولعل
الثورة السورية ارتبطت رمزياً بصور
شهداء المجازر المحمولين على الاكتاف،
فيما المشيّعون لم يسلموا بدورهم من
أعمال القتل، بل كانوا يتعرضون على
الدوام، ومازالوا، للقصف بمختلف أنواع
الأسلحة، ويتحولون بدورهم إلى شهداء،
لتتحول مواكب التشييع إلى حدث رمزي،
يرتقي إلى مقام مفهوم، يرتبط بحدث
الثورة التاريخي، وينتج عنه مركبات
ودلالات، ويرسم معنى جديد للبطولة،
بوصفها تجسيداً لرفض الإذلال والمهانة
والخنوع، لذلك ليس مصادفة أن يطالب
المحتجون السوريون، الذين خرجوا منذ
بداية الثورة، باسترجاع كرامتهم
المهدورة. وتجسد هذا المطلب في شعار
ثورتهم التأسيسي، حيث أنطلق شعار "الشعب
السوري ما بينذل"، في أول تظاهرة
عفوية، ملأت ساحة الحريقة في قلب دمشق
التجاري في السابع عشر من شباط /فبراير
2001، ثم تأقلم هذا الشعار في مدينة درعا
في صيغة: "الموت.. ولا المذلة". ولم يقف
الأمر عند هذا الحدّ، بل دخل مفهوم
الكرامة إلى كوجيتو الثورة السورية في
تلك العبارة، التي نطق بها أحد
الشخصيات المفهومية للثورة السورية (أحمد
عبد الوهاب)، حين صرخ بكل جوارحه، دون
خوف او وجل، أمام الكاميرا: "أنا
إنسان.. ماني حيوان". والواقع
هو أن المحتج السوري، الذي بنى الشخصية
المفهومية في الثورة، تحول إلى مشروع
شهيد، لكنه لم يجنح نحو الاستثمار
المفرط للتظاهر من أجل التظاهر، كما لم
يواجه جيش النظام وأجهزة أمنه وشبيحته
من أجل الموت، بل من أجل التحرر
والخلاص مع الاستبداد، أي كي ينال
حريته وحقوقه، ويحقق تطلعاته في سوريا
جديدة. سوريا الدولة الوطنية المدنية.
دولة المواطنة المتساوية والتعددية
والديمقراطية، واقتضى الدفاع عن ناسها
حمل السلاح ومواجهة آلة القتل
الأسدية، في اقتران بيّن في الثورة ما
بين الحرية والتحرر، وبات للثورة
مكوناً عسكرياً، من أجل رد العدوان،
وخلاص الإنسان، وتحرير الوطن. وإن
كانت ثمة علاقة بين الثائر السوري
وسلوكه الحياتي، وبين الثورة التي
يستشهد من أجلها، فإنها لم تأخذ شكل
علاقة الضرورة الإلهية، إلا حين ترك
السوريون يواجهون لوحدهم الموت على يد
قوات النظام، دون أن ينصرهم أحد على
الظلم، وبات شعار "يالله مالنا غيرك"،
يلخص مفهوماً جديداً في الثورة، يخط
استعانة الثورة بشبابها الذين حملوا
السلاح، وبضباطها وجنودها، الذين
رفضوا إطلاق النار على ذويهم
وأهاليهم، كي يشكلوا جيش الثورة،
دفاعاً عن حاضنة الثورة وناسها. ===================== سوريا
التي نعرف .. سوريا التي لا نعرف * عريب
الرنتاوي الدستور 10-3-2013 الغرب
لا يريد لسوريا أن تكون دولة إسلامية،
تخضع لحكم الإخوان وحلفائهم من
السلفيين الجهاديين..في أحسن الأحوال،
يمكن للولايات المتحدة وحلفائها
الأروبيين، أن “يتساهلوا” مع مشاركة
إخوانية، غير متفردة، وغير حاسمة أو
مقررة بخصوص مستقبل سوريا..هذا الدرس
تعملته واشنطن على ما يبدو، بعد أحداث
ليبيا وتجربة إخوان مصر بشكل خاص، بعد
عام أو أكثر من “الترحيب غير المشروط”
بالربيع العربي بكل ما انطوى عليه من
صعود إخواني/إسلامي. بعض
الدول العربية، لا تريد لسوريا أن تكون
دولة ديمقراطية – مدنية، مثل هذا
الاحتمال سيعيد تعريف الربيع العربي
بوصفه خطراً استراتيجياً، أو أقله،
أحد مهددات الأمن والاستقرار ..بعض هذه
الدول، نظرت منذ اليوم الأول للربيع
بوصفه عنصر تهديد لأمنها واستقرارها،
يستوجب اليقظة والاستعداد واستنفار
الموارد، كل الموارد (من مالية ونفطية
وسلفية ودبلوماسية وإعلامية)، بدلالة
ما حصل في مصر وتونس في سياق الثورة
وبعدها، وما يحصل في عدة أقطار عربية. داخل
المنظومة الغربية، هناك تباينات
بالطبع، لا تلغي المشتركات..دول
وتيارات يهمها استقرار سوريا وتحولها
الديمقراطي، سواء جاء بالإخوان أم
بغيرهم، وحدهم أم بالشراكة مع آخرين..بيد
أن القاسم المشترك الأعظم هنا، يتجلى
في منع سقوط سوريا في قبضة “الجهاديين”
وتحولها إلى ملاذ آمن لهم، ومنع تحولها
إلى دولة فاشلة، تتهدد مختلف دول
الجوار، وبشكل خاص، إسرائيل الطفل
المدلل لجميع الدول الغربية، وإن
بدرجات متفاوتة من “التدليل” و”التغنيج”. وداخل
المنظومة العربية، ثمة دول (دولة) تدعم
بقوة جماعة الإخوان المسلمين، في
سوريا والمنطقة عموماً..وثمة دول تدعم
السلفيين بمدارسهم المختلفة، مباشرة
وبصورة غير مباشرة، من دون أن تبخل
عليهم لا بالمال أو السلاح، ولا حتى
بالرجال الذي يأتون ويروحون تحت سمع
وبصر أجهزتها الأمنية..وثمة صراع تحت
السطح يدور بين دول هذه المنظومة، لم
تعد أخباره خافية على أحد، على أية
حال، لكنه صراع مختبئ تحت سطح المصلحة
المشتركة في إسقاط نظام بشار الأسد. في
سوريا إسلاميون وديمقراطيون، وداخل
كلا المعسكرين، ثمة معسكرات متفاوتة
في درجة “أصوليتها” الدينية أو
العلمانية، ومتفاوتة أيضاَ في درجة
توزعها على “الأجندات الإقليمية
والدولية”..وأياً كانت هوية الفريق
المنتصر في نهاية المطاف، فإنه سيجد
نفسه في مواجهة مفتوحة مع “كتلة”
إقليمية أو دولية وازنة، ما ينبئ بدوام
الحال على هذا المنوال، واستمرار حالة
الشقاق والاقتتال، وتواصل فصول
الأزمة، أو ربما انتقال البلاد
والعباد إلى “الحرب الأهلية الثانية”
التي تحدثنا عنها في هذه الزاوية قبل
أيام، بعد أن أنجزت “الحرب الأهلية
الأولى” أغراضها في تفكيك الدولة ووضع
البلاد عند نقطة “اللاعودة”. ولهذه
الأسباب، يخطئ من يعتقد بأن الأزمة
السورية ستضع أوزارها ما أن يغادر
الرئيس السوري باحات قصره الجمهوري..وليس
ثمة ما ينبئ، سواء بفعل تجربة “شتات
المعارضة السورية وانقساماتها” أو في
ضوء تجربة العلاقة بين الإسلاميين
والديمقراطيين في دول الربيع العربي،
بأن هذه القوى قادرة على العمل سوياً
أولاً، ووضع مصلحة البلاد والعباد فوق
المصالح الحزبية الضيقة ثانياً. في ضوء
ما سبق كله، لا نستغرب أن تخرج علينا
تقديرات إسرائيلية، تتحدث عن “نهاية
سوريا التي نعرف”، ودخول البلاد في
مرحلة التقسيم الفعلي، تزامناً مع “نهاية
عصر الأسد” التي دخلت فعلياً ولسنا
بانتظارها كما يقول الإسرائيليون..هذه
التقديرات التي كانت ترجح سقوط الأسد
سريعاً (إيهود باراك)، وفي غضون أيام
وأسابيع معدودة، باتت تتحدث اليوم عن
بقائه لفترة أطول، ولكن ليس كحاكم
لسوريا (التي نعرف) وإنما كحاكم لقسم
منها، أو لكانتون من كانتوناتها
الطائفية والمذهبية، فيما ستبحث بقية
المكونات عن كيانات وحكومات وحكام، من
لونها وطرازها. هذا
التقدير “السوداوي” يقابله تقدير أقل
سوداوية، وإن كان أسود كذلك، يقضي بأن
تذهب سوريا إلى حكم فيدرالي، تتوزع فيه
الأقاليم على خرائط الأقوام والطوائف
والمذاهب التي تتكون منها سوريا (فيدرالية
طائفية/قومية)، شبيهة بأقاليم العراق،
الذي يكاد يتفكك بين شمال وجنوب، وشرق
وغرب..باعتبار ذلك “حلّاً ديمقراطياً”
لإشكالية الأقليات والتنوع القومي
والعرقي والديني في البلاد..عندها ليس
مهم من يحكم هذا “الإقليم” أو ذاك،
طالما أن لكل إقليم ولايته الخاصة على
أهله، لا يتعداها إلى الأقاليم الأخرى. بالنسبة
للغرب، ثمة خطوط حمراء لا يجوز لأحد أن
يجتازها في سوريا: حفظ أمن إسرائيل
أولاً، ومنع تحول سوريا إلى أفغانستان
أو صومال ثانية..لا يريدون طالبان ولا
حركة الشباب، والمؤكد أنهم لا يريدون
لا حزب الله ولا حركتي حماس والجهاد،
وبعد ذلك فليأت الطوفان، فمن يأبه
لسوريا إن كان السوريون أنفسهم، هم من
يدمرون بلدهم ويقتلون شعبهم بأيديهم. بالنسبة
لبعض دول الخليج العربية، ليس المهم
كيف ستؤول سوريا أو أين ستنتهي..المهم
أن يرحل نظام الاسد، وأن يفقد “عدو
الأمة الأول: إيران” حليفاً موثوقاً
في دمشق، وأن يغيب “الهلال الشيعي” عن
سماء المنطقة وأرضها..وأن يتوقف “قطار
الربيع العربي” في محطته الدمشقية،
وحتى إشعار آخر، ولا بأس بعد ذلك من بعض
“جوائر الترضية” من نفط سوريا وغازها
وموقعها ومكانتها. لا أحد
معني بمعرفة ما الذي تريده الكثرة
الكاثرة من السوريين..لا أحد مهتم
بالإصغاء إلى مطالب الشارع السوري
وأشواقه وتطلعاته..لا أحد مكترث
بأجندته الوطنية..جميعهم غارقون في
البحث عن مصالحهم الأنانية في حمأة
الصراع الدائر في سوريا وعليها. ===================== تناقضات
أممية.. انحياز لمجرمي الحرب اليوم
السعودية تستمر
الأمم المتحدة في تناقضاتها التي لا
تنتهي بحق السوريين. ويوم
أمس قال الأمين العام للأمم المتحدة
بان كي مون، في لقاء صحفي، إنه يدعم
تقديم بشار الأسد إلى محكمة جرائم
الحرب لارتكابه فظائع في سوريا. ولكنه،
الأمين العام، قال أيضاً إنه لا يدعم
تسليم أسلحة إلى السوريين. وهذا
تناقض واضح، إذ كيف يعترف بان كي مون
بأن مصير السوريين بيد مجرم حرب يمطر
مدنهم ليلياً بأشد أنواع الأسلحة
فتكاً ثم لا يرى تسليح هؤلاء الذين
يحصد نظام الأسد المئات منهم يومياً،
ويشن عليهم حرباً طائفية لتدمير مدنهم
وحقولهم وبناهم التحتية وحتى مساجدهم. وكان
الأولى أن يدافع أمين المنظمة الدولية
عن ضرورات تزويد المدنيين السوريين
العزل بأسلحة ليدافعوا عن أنفسهم ضد
آلة القتل الوحشية التي لا تميز بين
طفل وامرأة وأعزل في المدينة أو الحقل
أو الطرقات وحتى بين الاشجار. وبان كي
مون وأضرابه من المتلونين في الإدارة
الأمريكية وحكومات أوروبا يبذلون
جهوداً حثيثة ومتيقظة لمنع السوريين
من الحصول على أسلحة يدافعون بها عن
أنفسهم فيما لا ينطقون بأية إدانة
لترسانات الأسلحة التي تنهال على
النظام من روسيا وطهران مصحوبة بجحافل
ميليشيات إيرانية من العراق ولبنان.
ولا يرون بأساً أن تغزو ميليشيات حزب
الله الأراضي السورية لتحتل قرى
وأحياء سورية وتهجر سوريين من قراهم
ومنازلهم. وحجة
الأمين العام وأضرابه هو الخشية من حرب
أهلية في سوريا، وإذا لم يكن ما يجري في
سوريا الآن حرباً أهلية بأبشع صورها..
فما الحرب الأهلية؟. بل ان ما يجري في
سوريا ليس حرباً أهلية فحسب، إنما هو
حرب تطهير طائفي، تستدعي أحقاد
التاريخ، وأسوأ من الحرب الأهلية
بمعناها التقليدي للخصومات السياسية. وإذا لم
تكن صواريخ سكود الفتاكة المدمرة،
التي يطلقها نظام الأسد واتباعه على
مدينة حمص ومدن أخرى وتدمر مساحات
واسعة من المدن السورية تلفت انتباه
الأمين العام ليدعم تسليح أبرياء
للدفاع عن أنفسهم، فما الذي سوف يلفت
انتباهه؟. وإذا
كان مئات الآلاف من القتلى والجرحى
ومئات آلاف أخرى من المغيبين
والمعتقلين وملايين المهجرين لا
يثيرون عاطفة الأمين العام وأممه
المتحدة، فهل ينتظر بان كي مون افناء
كاملاً للشعب السوري كي يعلن أسفه. أو
أنه ينضم إلى الذين يخططون لتدمير
سوريا إما بتقسيمها أو بتعميق جراحها.
أم أن الأمين العام نسى أن الدفاع عن
النفس حق مشروع لكل إنسان، وهو احد
بديهيات الحياة نصت عليه مبادئ الأمم
المتحدة. وكان
الأولى بالأمين العام أن ينحاز إلى
المظلومين والأبرياء الذين تنتهك
حقوقهم وتحصد أرواحهم كل يوم بأقسى
أنواع السلاح الفتاك وآلة الدمار
الغشوم، لا أن يقدم تناقضات مثيرة
للسخرية، لأبسط مبادئ الأمم المتحدة
وحقوق الإنسان، بأن يدعو إلى جعل
أبرياء عزل تحت رحمة مجرم حرب. ===================== فايز
سارة الشرق
الاوسط 10-3-2013 لا تمثل
صور وأخبار القتل والدمار والتهجير،
التي تصيب السوريين، إلا بعضا مما قدم
حزب البعث وقياداته للسوريين في
الخمسين عاما الماضية، والتي بدأت يوم
استيلائهم على السلطة في الثامن من
آذار/ مارس عام 1963. وهو بعض نتائج
سياسات وممارسات طبقها البعث على
السوريين في سنوات حكمه الطويل. وقد
تكون محصلة ما تبقى من زمن يحكم فيه
البعث سوريا أشد خطرا وأكثر دمارا
وقتلا وتهجيرا، مما حدث حتى الآن، ما
لم تحدث معجزة تضع حدا لنظام الاستبداد
والقتل، وتأخذ السوريين إلى استعادة
حياتهم وتطبيعها، وسوريا إلى نظام
ديمقراطي تعددي يوفر العدالة
والمساواة والتقدم. ونتائج
سياسات وممارسات سلطة البعث في سوريا،
ليست مفصولة عن مجريات الحال منذ تسلم
البعث زمام السلطة، بل إنه محصلة
طبيعية. ذلك أنه ومنذ اليوم الأول
لاستيلاء البعث على السلطة شرع في رسم
سياسات، واتخاذ خطوات، تندرج في أربع
نقاط. أولى هذه النقاط وأهمها إعطاء
السلطة للمؤسسة العسكرية وتحويلها إلى
«جيش عقائدي» مما يعني السيطرة
المطلقة على الجيش وجعله اليد القوية
للنظام وليس للدولة والمجتمع، وهو أمر
كان واضحا في مؤشرات منها احتلال
العسكريين أغلبية مقاعد المجلس الوطني
لقيادة الثورة، والأهم من ذلك الدور
الحاسم الذي كانت تقوم به اللجنة
العسكرية، والتي كان أعضاؤها من ضباط
البعث، كما أن من دلالات دور المؤسسة
العسكرية في حكم البعث، أن المنصب
الأول في السلطة أعطي للعسكريين،
والمرة التي كانت بخلاف ذلك، كانت فترة
رئاسة نور الدين الأتاسي (شباط/ فبراير
1966 - تشرين/ أكتوبر 1970) حيث كانت السلطة
الفعلية بيد اللواء صلاح جديد، وطوال
حكم البعث كان للعسكريين، ومنهم ضباط
صغار، دور مؤثر في الحياة السورية
والأمثلة لا تعد ولا تحصى، وكان من
ثمار ذلك، أن صار الدور الأساسي للجيش
والأمن في حكم البلاد والسيطرة عليها
عبر القوة العسكرية. والنقطة
الثانية، تمثلت في وضع البلاد تحت
قانون الطوارئ والأحكام العرفية، وهو
ما تم القيام به عمليا صبيحة الاستيلاء
على السلطة في 8 آذار 1963، واستمرت
الحالة قائمة حتى اندلاع الثورة عام 2011،
حيث أجبر النظام على إنهاء حالة
الطوارئ ورفع الأحكام العرفية بصورة
شكلية، بينما الواقع الفعلي يؤكد أن
سوريا تعيش أكثر بكثير من حالة الطوارئ
والأحكام العرفية. وإذا كانت تلك
الحالة تعني غياب الدستور والقوانين
أو تجميدهما، فإن إعلان الدستور
المؤقت 1971، ثم الدائم في عام 1973
وتعديلاته، وكل القوانين المتعلقة
بطبيعة السلطة وصلاحياتها، ظلت محكومة
بحالة الطوارئ والأحكام العرفية،
تكريسا لإطلاق يد السلطة دون أي قيود
دستورية أو قانونية. وركزت
النقطة الثالثة على تغييب السياسة
فكرا ونخبة ومؤسسات، هو ما تم القيام
به عبر حظر الأحزاب وعزل الشخصيات
السياسية وتهميشها، واعتبار البعث في
فكره ونخبته وتنظيمه الحزب الشرعي
الوحيد في البداية، ثم الحاكم والقائد
في الدولة والمجتمع لاحقا، وهو تطور
رافق إعطاء وجود هامشي لأحزاب
وجماعات، قبلت العمل تحت سيطرة البعث
في إطار الجبهة الوطنية التقدمية بعد
تأسيسها عام 1972، مما أدى إلى تهميش هذه
الأحزاب في فكرها ونخبتها، إضافة إلى
تهميش أفكار ونخبة حزب البعث
وتنظيماته أيضا، طالما تطلبت مصلحة
النظام ذلك. وشمل التهميش أحزاب
المعارضة في فكرها ونخبتها بكل
اتجاهاتها، عبر حرب ضدها، شملت
الدعاية ضدها وتدمير منظماتها،
وملاحقة قياداتها وكوادرها وأعضائها
ونفيهم أو اعتقالهم أو قتلهم،
والنتيجة في كل الأحوال، تغييب
السياسة وإضعاف كل عناصرها فكرا ونخبة
ومؤسسات. والنقطة
الرابعة السيطرة على الإعلام والصحافة
وتهميشهما من خلال جعل الإعلام حكوميا
بالتزامن مع تغييب الصحافة الحرة
والمستقلة بإيقافها، ومصادرة
ممتلكاتها، وإحلال منشورات تابعة
مكانها، منشورات ذات طبيعة تعبوية
تبريرية ومن سوية مهنية وفنية متدنية،
الأمر الذي يعني غياب أي دور معرفي
ثقافي وتنويري للصحافة، وغياب دور
الإعلام في الرقابة على السلطة
وممارساتها في الدولة والمجتمع. وسط تلك
السياسات، مضت سلطة البعث في مواجهة
السوريين. فأحكمت قبضتها على السوريين
في حياتهم الخاصة والعامة، وعملت على
إخضاعهم بكل السبل ولا سيما بالقوة من
خلال تسلط الأجهزة الأمنية، وحيث عجزت
الأخيرة، فلم تتأخر سلطة البعث في
استخدام الجيش، وثمة كثير من الأمثلة
منها الاضطرابات والمظاهرات التي
شهدتها المدن السورية بعد أحداث حماه
الدامية في نيسان/ أبريل 1964، وسنوات
الصراع بين السلطة والجماعات
الإسلامية في أواخر السبعينات وبداية
الثمانينات، وعلى نحو ما يتم القيام به
في مواجهة الثورة السورية حاليا من عنف
متعدد الأشكال بهدف إعادة إخضاع
السوريين. وتزامنت عملية الإخضاع مع
عملية أخرى أساسها نهب موارد وثروات
البلاد وتحويلها إلى ثروات شخصية
لقادة البعث، وخاصة لكبار المسؤولين،
ولم يكن ذلك مقتصرا على نهب المال
العام وجعل الدولة ومؤسساتها بمثابة
ملكيات شخصية، بل من خلال تعميم
العمولات والرشى وإعطاء مزايا
الاحتكار في التجارة والاستثمار كما
في موضوع الخليوي، وتم في هذا المجال
نهب عشرات مليارات الدولارات، جعلت
بعض قادة البعث السوري وأقرباء لهم بين
أغنياء العالم في وقت صارت أكثرية
السوريين بين أفقر فقراء العالم. وشملت
سياسة النهب التي طبقت في عهد البعث،
نهب الأراضي الزراعية التي جرى
توزيعها أو بيعها رمزيا لأركان في نظام
البعث وأقاربهم، وتم حرمان الفلاحين
منها وهو ما حصل في الجزيرة والموصوفة
بأنها بين أفضل الأراضي الزراعية في
سوريا. إن
فظاعات ما تركته سنوات البعث الطويلة
من مآس على سوريا والسوريين، أكثر من
أن تحصى وتعد، لكنها ودون أن تعد أو
تحصى، تمثل كارثة لم تحدث في تاريخ
سوريا، كارثة دمرت حياة السوريين
لجيلين على الأقل، وهي تتابع حاليا
دمار سوريا من خلال ما تلحقه بالسوريين
من قتل وجرح واعتقال وتهجير، ودمار
للبيوت ومصادر العيش وللبنى التحتية.
ترى أي ذنب ارتكبه السوريون حيال البعث
وقياداته حتى استحقوا هذا الجزاء؟ ===================== صبرت
سورية التاريخ والحضارة سنوات وسنوات.
وحين توارت النخبة قليلاً تحت سيف
القمع الرهيب، لم يجد الشعب بداً من أن
يخرج بنفسه إلى الشوارع د.
وائل مرزا الأحد
10/03/2013 المدينة (الهجرة)
السورية الكبرى يمكن
وصف الثورة السورية بألف طريقة
وطريقة، فهي تحمل في طياتها بحراً من
المعاني سيأتي قريباً اليومُ الذي
تظهر دلالاتهُ الحقيقية للناس. لكن وصف
(الهجرة) قد يبدو في هذه المرحلة
مُعبّراً عن واقع السوريين أكثر من
غيره من التوصيفات. صبرَ
الشعب السوري عقوداً طويلة على واقعٍ
مرير،تارةً باسم التحرير والممانعة،
وتارةً أخرى باسم التنمية والتقدم
والازدهار. مرّت
السنوات والعقود، فلم يسمع الشعب إلا
الوعود. ولم يرَ إلا الاحتفالات
بإنجازات كلامية ليس لها أثر على أرض
الواقع. ظهرت
مسمياتٌ دون مضمون. وبُنيت هياكل كان
يملؤها أولاً الفراغُ والضباب. ثم صار
يحشوها الزيف والفساد والمحسوبية
والنفاق. طال زمن
الانتظار السوري على رصيف التاريخ. لم يعد
ممكناً التعامل مع هذا الواقع بأنصاف
الحلول ولم يكن هناك بدٌ من هجرةٍ كبرى. صبرت
سورية التاريخ والحضارة سنوات وسنوات.
وحين توارت النخبة قليلاً تحت سيف
القمع الرهيب، لم يجد الشعب بداً من أن
يخرج بنفسه إلى الشوارع. سدّ
الفكر السياسي المتخلّفُ للنظام
الزائل جميع المداخل، وأغلق كلّ
الأبواب والنوافذ، لكنه نسي أن حركة
التاريخ لايمكن أن تتوقف. انفجرت
العبقرية الجماهيرية للشعب السوري
وظهرت باهرةً كضوء الشمس من تحت ركام
سنين طويلة من الألم والمعاناة. قرر
المارد أن يخرج بنفسه من القمقم. وجدَ
أن الوقت قد حان لكي يستلم زمام
الأمور، ولكي يطلب حقوقه بصورةٍ تليق
بكل المعاني الكبرى الكامنة في حضارته
العريقة. هاجر
السوريون إذاً بحثاً عن ولادةٍ جديدةٍ
لواقعٍ إنسانيٍ جديد. واقعٍ
لا تتنافر فيه بالضرورة مقوّمات
الأصالة مع مقوّمات المعاصرة، ولا
يشتبك فيه لزاماً التاريخ بالحاضر،
ولا تتناقض فيه وجوباً متطلبات الدنيا
مع متطلبات الآخرة، ولا تتضارب فيه
عوامل الهوية الذاتية مع مقتضيات
العلاقة مع الآخر. وفي
خضمّ ثورتهم، يهجر السوريون تدريجياً
ثقافةً حدّيةً تنظر إلى العالم وتفهم
الحياة فقط من خلال الثنائيات
المتناقضة، ويهاجرون بحثاً عن ثقافةٍ
أخرى. ثقافةٍ
تدرك كيف يمكن أن يكون شعبٌ أصيلاً
ومعاصراً في الوقت نفسه. ثقافة
تتصور إمكانية أن يعيش شعبٌ حاضرهُ
وزمانه بكل الحيوية المطلوبة، وأن
يكون في الوقت نفسه ممتلئاً بعبق
التاريخ. ثقافةٍ
تفهم أنه يمكن لشعبٍ أن يحيا في هذه
الدنيا حياةً طيبةً، ملؤها الخير
والحق والعدل والحرية والجمال، ثم
تكون تلك الحياة بحدّ ذاتها طريقاً إلى
نعيم الآخرة الموعود للصالحين
المصلحين من بني البشر. ثقافةٍ
تدرك أنه يمكن لشعبٍ أن يحافظ على كل
خصائص ومقومات هويته الذاتية، وأن
ينفتح في الوقت نفسه على الآخر في هذا
العالم أياً كان، ويتفاعل معه أخذاً
وعطاءً، بكل الطلاقة وبكل الحيوية،
دون أن يكون هذا بالضرورة سبيلاً
لذوبان الهوية وضياع الخصوصيات. وجد
الشعب السوري في رحلة الهجرة، وبعد
عقودٍ من الصبر والمعاناة والتعب،
فِراشهُ الأصلي الذي كان يبحث عنه.
فراش الكرامة والحرية والوحدة الوطنية.
وبدأ يندسُّ في هذا الفراش الممتدّ على
مساحة الوطن بأسره. شرح
الله من عليائه صدر هذا الشعب المصابر
على طريق الهجرة، فرمى عن ظهره وزر
أثقالٍ أنقضته من القهر والذلّ
والهوان، واندسَّ في ذلك الفراش،
ملتحفاً بكل مافي طاقة الإنسان على هذه
الأرض من معاني العزّة والشجاعة
والبطولة والتضحية والفداء. شعر
بالدفء بعد بردٍ قارسٍ طويل، فانفجرت
عبقريته بألف طريقة وطريقة لتُظهر
للعالم نموذجاً فريداً عما يمكن أن
تفعله الشعوب حين يشتعل شوقها إلى
الحرية. كلمةٌ واضحة هي مناطُ التكريم
الإنساني الفريد على هذه الأرض،
ولاتحتاج إلى تعريفٍ تطلبه أبواقٌ
تافهة لاتستحق أن تُذكر بأكثر من هاتين
الكلمتين. اندسَّ
الشعب السوري في فراش الكرامة
والحرية، فظهرت فيه طاقةٌ أسطورية على
مواجهة الرصاص والمدافع والدبابات. يمضي
اليوم وراء اليوم، والأسبوع خلفه
الأسبوع، وإرادة هذا الشعب لاتتزعزع. يتساقط
الشهداء مثل ورود ربيعٍ قطفتها يدٌ
آثمة. تُعتقل آلافٌ في إثرها آلاف.
تُحاصر مدنٌ ومناطق بكل مافيها ومن
فيها. تُستخدم كل أنواع الإرهاب
والترويع والتعذيب والإهانة لكسر
النفوس قبل الأجساد. فلا تجد
إلا الإصرار على متابعة المسيرة،
ولاتسمع إلا قصص الصمود والتحدي
والتصدي. كلماتٌ حسب الناس أنها صارت
محض شعارات تلوكها الألسن زوراً
وبُهتاناً، وإذا بالشعب السوري يبث
فيها روحاً تنبض بالحياة. هكذا
تستعيد الشعوب رصيدها الأخلاقي السامي
في لحظاتٍ تاريخية تسوق الأقدار
ظروفها المناسبة. عرف
شباب سورية أنه لم يبقَ أمامهم إلا أن
يفرضوا عودتهم إلى التاريخ فرضاً،
فقاموا بكل مايجب عليهم القيام به
لتحقيق ذلك الهدف. المفارقة
التاريخية أن سورية شهدت خلال رحلة
الهجرة تطبيقاً حقيقياً لكل الشعارات
التي كان النظام ينادي بها زيفاً
وادّعاءً على مدى عقود. أظهر
السوريون خلال هذه الفترة ماهو المعنى
الحقيقي لمقولة أن سورية هي (قلب
العروبة النابض). فالقلب هو العضو
الحساس في الجسد، وهو الذي يجب أن
يقاوم بكل مايستطيع ليبقى الجسد حياً،
مهما كانت الهجمة عليه قويةً وشرسة. ستنتصر
الثورة السورية وستكتمل هجرتها الكبرى
في آخر الأمر وقف العالمُ معها أم لم
يقف. فمن الواضح من جميع المؤشرات أن
خيار الشعب السوري يتمثل في استمرار
ثورته وتطويرها، حتى لو سار فترةً من
الزمن على طريق الآلام ، وستغير هجرته
وجه المنطقة والعالم، تماماً كما حصل
بعد هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام. ===================== قطر
ستظل إلى جانب الشعب السوري الراية
القطرية التاريخ:
10 مارس 2013 يعكس
نجاح أعمال المؤتمر الأول للتجمع الحر
للعاملين في مؤسسات الدولة السورية
الذي استضافته الدوحة وخروجه برؤية
سياسية تؤكد على ضرورة تحقيق مطالب
الشعب السوري بالحرية ولتغيير قدرة
الشعب السوري الذي قدم أعظم التضحيات
من أجل نيل حريته على توحيد صفوفه وحفز
طاقات أبنائه وبناته للاستعداد لما
بعد نظام الأسد. المؤتمر
الذي عقد بعد أيام على تكريس الجامعة
العربية لشرعية المعارضة السورية
واعتبار الائتلاف الوطني السوري لقوى
الثورة والمعارضة الممثل الشرعي
والوحيد للشعب السوري كان اختبارا
لقدرة الشعب السوري على مواكبة هذا
الاعتراف وقدرتها على ملء الفراغ بعد
سقوط النظام للحفاظ على مؤسسات الدولة
السورية التي هي ملك للشعب السوري
وليست ملكا لنظام بشار الأسد. المعارضة
السورية التي حققت العديد من
الإنجازات العسكرية على الأرض رغم
وحشية النظام وقصفه للمدن والبلدات
السورية بالطائرات وصواريخ سكود تستعد
خلال الأيام المقبلة لتشكيل هيئة
تنفيذية لشغل مقعد سوريا بالجامعة
العربية ومنظماتها ومجالسها وأجهزتها
بما سيمكنها من المشاركة في قمة الدوحة
المقررة نهاية مارس الجاري وهي القمة
التي ستقدمها للمجتمع الدولي بوصفها
الممثل الشرعي والطبيعي للشعب السوري
وهو ما سيكسب الثورة السورية زخما
وتأييدا دوليا يساهم في عزلة النظام
ويضع الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها
الأخلاقية والاضطلاع بدورها في حماية
الشعب السوري وتمكينه من الدفاع عن
نفسه في وجه نظام يرتكب جرائم الحرب
ويمارس الإبادة الجماعية ضد شعبه. إن
استضافة الدوحة للمؤتمر الأول للتجمع
للعاملين في الدولة السورية الذين
يمثلون مليون ونصف المليون موظف سوري
يعملون في مؤسسات الدولة وأجهزتها
المختلفة يؤكد مرة أخرى وقوف دولة قطر
إلى جانب تطلعات الشعب السوري
المشروعة وحرصها على نجاح ثورته
وتحقيق أهدافها بالحرية والكرامة
والتغيير، فالدوحة التي تنطلق في
مبادئها من واجبها الديني والقومي
والإنساني في دعم الشعوب التواقة
للحرية والديمقراطية واحترام حقوق
الإنسان لا يمكن أن تتخلى عن الشعب
السوري الشقيق الذي يواجه بإمكاناته
المحدودة نظاما دمويا لا يعرف إلا لغة
القتل والموت في مواجهة شعب خرج عن
بكرة أبيه ليطالب بالحرية. ==================== الحكومة
السورية الموقتة المرتقبة الوطن
السعودية التاريخ:
10 مارس 2013 يأتي
الاجتماع الذي يعقده الائتلاف الوطني
لقوى الثورة والمعارضة السورية بعد غد
في إسطنبول ليشكل – كما يفترض - مرحلة
مختلفة من كفاح الشعب السوري من أجل
حريته، وعلى المجتمعين أن يكونوا على
مستوى المسؤولية في الخروج بحكومة
موقتة توافقية ينتظرها الجالسون تحت
القصف واللاجئون قبل الدول العربية
ودول العالم، فالعرب سوف يسلمون
الائتلاف مقعد سورية في جامعة الدول
العربية حال نجاح الائتلاف في تحقيق
طلب الجامعة بحسب اشتراط وزراء
الخارجية العرب على الائتلاف أن يشكّل
هيئة تنفيذية. تسليم
الائتلاف الوطني مقعد سورية له أكثر من
معنى، فهو من جهة اعتراف عربي شامل به
ممثلا شرعيا للشعب، والاعتراف العربي
بدوره مدخل لاعتراف دولي واسع قد ينتهي
إلى تسليم الائتلاف مقعد سورية في
الأمم المتحدة إن كان ذلك ممكنا من غير
"فيتو"، لأن روسيا آنذاك لن تتردد
في استخدام "الفيتو" لحماية
النظام والإبقاء عليه ضمن المنظمة
الدولية. إلى
ذلك، حين يكون لدى الائتلاف وبالتالي
الشعب السوري حكومة وإن كانت موقتة،
فإن باب تسليح الثوار سوف ينفتح بدءا
من الدول العربية التي لم تمانع فيه
خلال اجتماعات جامعة الدول العربية
الأخير في القاهرة، أو دول الاتحاد
الأوروبي والولايات المتحدة
الأميركية وغيرها، فالمقاتلون أحوج ما
يكونون اليوم لمضادات جوية تمنع
الطائرات من قصف الناس وترد صواريخ "سكود"
التي تنهمر على الأبنية السكنية ملحقة
بالمواطنين السوريين أكبر قدر يستطيعه
النظام من الدمار. كل ما
سبق يعني أن على الائتلاف أن يرتقي إلى
الواقع ويحسم مسألة تشكيل الحكومة،
فالاجتماعات الدولية لن تسفر إلا عن
تمديد زمن الأزمة ومعاناة البشر، مثل
اللقاء الذي سوف ينعقد في العاصمة
البريطانية لندن نهاية الأسبوع الجاري
ويجمع المبعوث الروسي لسورية ميخائيل
بوجدانوف مع نظيره الأميركي وليام
بيرنز والمبعوث الدولي والعربي الأخضر
الإبراهيمي لمناقشة الأزمة في سورية،
فالموقف الروسي واضح
ويبدو أنه لن يتغير، وهو التمسك
بالرئيس بشار الأسد حتى النهاية، أو
حتى لحظة شعورهم بأنه انتهى، عندها في
الغالب سوف تتغير الأوضاع وتعود روسيا
إلى صوت العقل، لكن بعد أن يكون الشعب
السوري قد دفع عددا إضافيا من الضحايا. ===================== سوريا:
اختطاف المراقبين... أين الحقيقة؟ تاريخ
النشر: الأحد 10 مارس 2013 الاتحاد ليز
سلاي غازي
عنتاب - تركيا يوم
الخميس الماضي، أعلنت مجموعة تابعة
للمعارضة السورية، كانت قد ادعت من قبل
أنها اختطفت مجموعة من مراقبي الأمم
المتحدة العاملين في هضبة الجولان،
أنها قد قامت، في حقيقة الأمر،
بإنقاذهم من القتال الدائر في
المنطقة، ودعت الأمم المتحدة إلى
إرسال قافلة أمنية لتسلمهم. والإعلان
الذي أذاعه لواء «شهداء اليرموك» وضع
على صفحة «فيسبوك» نفسها، التي
استخدمتها الجماعة لنشر خبر الاختطاف
يوم الأربعاء الماضي. كما أن
شريط الفيديو الذي حذر فيه الخاطفون من
أن المراقبين لن يطلق سراحهم، ما لم
يقم الرئيس السوري بسحب قواته من
المنطقة مُسح من الصفحة، وهو ما يشير
إلى أن المفاوضات التي جرت ليلاً
لتأمين الإفراج عن المجموعة المختطفة
في طريقها للنجاح. وجاء في البيان
المذكور « بعون الله، نجحنا في تأمين
مجموعة من أعضاء الأمم المتحدة
العاملين في مدينة جملة الحدودية، بعد
أن تعرضوا لقصف مجرم من عصابات الأسد».
وأضاف البيان «نحن نطلب من الأمم
المتحدة إرسال قافلة أمنية حتى نتمكن
من تسليم المراقبين»، وجاء أيضاً في
القيد الجديد على صفحة «فيسبوك»،
الخاصة باللواء المذكور «ليس لنا أي
علاقة بالبيانات السابقة التي ظهرت
قبل هذا البيان». وقال
متحدث باسم الأمم المتحدة يوم الخميس «إن
مسؤولين بالمنظمة كانوا على تواصل
بمراقبي حفظ السلام عبر الهاتف أكدوا
أنهم لم يتعرضوا لأذى». وكان مقاتلو
المعارضة قد اختطفوا 20 مراقباً تابعين
للأمم المتحدة من هضبة الجولان يوم
الأربعاء، وهددوا باحتجازهم إلى أن
تقوم الحكومة السورية بسحب قواتها من
المنطقة، وهو ما مثل أكبر تصعيد للصراع
حتى الآن على حدود سوريا الجنوبية مع
إسرائيل. في
نيويورك، سارع مجلس الأمن إلى إصدار
بيان وجه فيه اللوم إلى «العناصر
المسلحة»، التابعة للمعارضة السورية
لإقدامها على اختطاف المراقبين وطالب
بالإفراج «غير المشروط والفوري» عن
جميع المراقبين. في فترة
تجاوز فيها عدد اللاجئين السوريين
الذين هربوا من القتال حاجز المليون
حسب مصادر رسمية، يأتي حادث الاختطاف
الأخير، ليسلط الضوء على خطر انتقال
الصراع المتفاقم في سوريا إلى ما وراء
حدودها، وجر، ليس فقط جيران سوريا،
وإنما المجتمع الدولي الأوسع إلى
حلبته. ويُشار
إلى أن الأغلبية العظمى من اللاجئين قد
التمست الملاذ في لبنان، والأردن،
وتركيا، والعراق حيث يستنزفون الموارد
المتاحة، ويهددون استقرار مجتمعات
تتسم أصلاً بالتقلب وعدم الثبات. وقد
أدلى «فيتالي تشوكرين» المبعوث الروسي
لدى مجلس الأمن، بتصريح عقب جلسة
المجلس التي ناقشت موضوع الاختطاف؛
أشار فيه إلى أن الحادث يأتي بعد يومين
فقط على إقدام مسلحين عراقيين على قتل
تسعة حراس عراقيين إلى جانب 48 جندياً
سورياً كانوا قد فروا أمام زحف مقاتلي
المعارضة إلى العراق، الذي كان بصدد
إعادتهم مرة أخرى إلى سوريا عندما
تعرضوا لكمين. وقال «تشوكرين» في
تصريحه أيضاً: «يبدو أن هناك بعض الناس
الذين يحاولون جاهدين مد نطاق جغرافية
الصراع السوري»، وأضاف تشوكرين: «هناك
من يحاول جاهداً تفجير هذه الأزمة».
وأكد «هيرف لادسوس» أحد مسؤولي حفظ
السلام بالأمم المتحدة، يوم الأربعاء
الماضي أن المفاوضات كانت مستمرة مع
الخاطفين، من أجل تأمين حرية
المراقبين الذين يعملون كجزء من قوة
مراقبي فض الاشتباك التابعة للأمم
المتحدة، الذين يراقبون الالتزام بوقف
إطلاق النار على خطوط عام 1967 الفاصلة
بين سوريا وإسرائيل. وقال «لادسوس»
للصحفيين بعد تقديم إيجاز لمجلس الأمن
عن الحادث «إنه لحادث خطير للغاية».
وفقاً للبيان الصادر من الأمم
المتحدة، جرى احتجاز 20 مراقباً كانوا
في طريقهم لتنفيذ مهمة إمداد روتينية
للمنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل،
من قبل مجموعة تقدر بثلاثين مقاتلاً
مسلحاً، بالقرب من موقع كان قد تعرض
للتدمير جراء قتال دار مؤخراً في
المنطقة، وتم إجلاء المراقبين الذين
كانوا موجودين فيه نهاية الأسبوع. وقال
مسؤول الأمم المتحدة إن مراقبي حفظ
السلام المختطفين فلبينيو الجنسية،
وقال مسؤول الأمم المتحدة الذي رفض
الكشف عن هويته بسبب حساسية المفاوضات
أن المجموعة التي اختطفت المراقبين،
تبدو مكونة في الأساس من مقاتلين
فلسطينيين مرتبطين على نحو فضفاض مع
مسلحي المعارضة.(تجدر الإشارة إلى أن
اليرموك هو اسم أكبر معسكر للاجئين
الفلسطينيين في دمشق). وقد وقع الحادث
بعد ساعات من إعلان بريطانيا أنها قد
قامت بتأمين إعفاء من حظر تصدير
الأسلحة الأوروبية المفروض ضد سوريا،
يتم بموجبه تمكين تلك الدول الأوروبية
من إرسال معدات عسكرية غير فتاكة
لائتلاف المعارضة السورية، وهو عبارة
عن مظلة جامعة تدعى أنها تضم القوى
المناوئة للأسد. وكان وزير الخارجية
البريطاني «ويليام هيج» قد أخبر
برلمان بلاده أن الإمدادات ستشمل
سترات واقية وسيارات مدرعة رباعية
الدفع لمساعدة القادة الميدانيين
للمعارضة السورية على حماية أنفسهم. وهذه
الحزمة من المساعدات، التي تبلغ
قيمتها 20 مليون جنيه استرليني، تأتي
كإضافة للعرض المقدم الأسبوع الماضي
من قبل الأمم المتحدة بتزويد المعارضة
بأسلحة غير فتاكة بقيمة 60 مليون جنيه
استرليني. والحزمتان تأتيان في إطار
مجهود نشط من قبل الدول الأوروبية
وحلفائها العرب لمواجهة النفوذ
المتزايد للراديكاليين الإسلاميين
على مجموعات المعارضة السورية، وذلك
من خلال زيادة مقدار المساعدات
المقدمة للعناصر الأكثر اعتدالاً في
المعارضة. ينشر
بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست
وبلومبيرج نيوز سيرفس» ===================== صالح
القلاب الرأي
الاردنية 10-3-2013 عندما
تصل أعداد الذين يلجأون يومياً من
الأشقاء السوريين ، أعانهم الله، إلى
الأردن إلى هذه الأرقام الفلكية
وعندما تغرق سوريا في هذه الفوضى غير
الخلاقة وعندما تغلق روسيا كل أبواب
الحلول السياسية وتمنع بشار الأسد من
حتى التفكير بالمرحلة الإنتقالية التي
يجري الحديث عنها على أساس الست نقاط
التي كان توصل إليها مؤتمر جنيف الأول
فإنه لم يعد هناك إلاَّ اللجوء إلى
الحلول الجراحية لوضع حدٍّ لكل هذا
الذي يجري والذي بات يُصدِّر الإرتباك
وعدم الإستقرار والمخاطر الأمنية
الفعلية إلى الدول المجاورة وفي
مقدمتها هذا البلد المملكة الأردنية
الهاشمية. والمشكلة
هنا أن بعض المتحذلقين وبعض المنافقين
وبعض الذين يتابعون الأمور عن بعد لا
يتورعون من أنْ يحمِّلوا الأردن
مسؤولية نزوح وصل معدل أعداده اليومية
إلى أربعة آلاف من الأطفال والنساء وكل
هذا وهم يعرفون أنَّ بشار الأسد كان قد
أعلن بعظمة لسانه وقبل نحو عامين أنه
إذا تعرض نظامه للخطر فإن الفوضى سوف
تعم المنطقة وأنَّ عدم الإستقرار سيصل
إلى الدول المجاورة وحقيقة أن المقصود
هنا كان ولا يزال هو هذا البلد وليس
لبنان ولا تركيا ولا العراق بالطبع
الذي بات يعتبر مجالاً حيوياً لدولة
الولي الفقيه الإيرانية. ولعل ما
يجب أن يدركه الذين لا يترددون في
تحميل هذا البلد وتحميل نظامه مسؤولية
لجوء الأشقاء السوريين بكل هذه
الأعداد المتزايدة هو أن المشكلة لا
تقتصر على المأوى والأكل والشرب
والطبابة والمدارس بل تتعداها إلى ما
هو أخطر كثيراً وهو الجوانب الأمنية
التي لا يعرف حقيقتها وخطورتها إلاّ
أجهزتنا الأمنية المستنفرة على مدار
الساعة وإلاّ جيشنا العربي الباسل
الذي يعيش حالة طوارئ في أعلى
مستوياتها منذ لحظة إنطلاق شرارة هذه
الأحداث من مدينة درعا الحورانية قبل
عامين. لا حلول
سياسية تلوح في الأفق إطلاقاً ولهذا
فإنه علينا ألاَّ نبقى نختبئ وراء
أصابع أيدينا حتى لا نرى الحقائق وحتى
نبقى ندعو لمثل هذه الحلول ثم وأنه
علينا أنْ نُفهم العالم ونُفهم هذا
النظام، الذي بات واضحاً أنَّه ماضٍ في
ما كان بدأه حتى لو لم يبقَ في سوريا
حجر على حجر وحتى لو غادر الشعب السوري
كله وطنه وفرَّ إلى الدول المجاورة
وإلى أربع رياح الأرض، أنه لابد من
الحلول الجراحية وبسرعة حتى لا تعم
الفوضى، التي توعد بها بشار الأسد
المنطقة، الدول المجاورة وفي مقدمتها
الأردن. إنه على
الذين لا يجدون الجرأة في قول هذه
الحقائق ويفضلون الإستمرار في
الإختباء وراء أصابع أيديهم أن يعرفوا
أنَّ الحرب الهندية-الباكستانية
الطاحنة في بدايات سبعينات القرن
الماضي سببها أن نيودلهي وجدت أنها غير
قادرة على إستيعاب ملايين اللاجئين من
بنغلادش التي تحولت إلى ساحة معركة بعد
الحركة الإنفصالية التي قادها الشيخ
مجيب الرحمن ضد بقاء بلاده جزءاً من
باكستان وأن حافظ الأسد بالإتفاق مع
هنري كيسنجر قد أرسل جيوشه إلى لبنان
في عام 1976 بحجة وضع حدٍّ للفوضى التي
أعقبت إنفجار الحرب الأهلية وأيضاً
بحجة أن سوريا لم تعد تحتمل المزيد من
اللاجئين اللبنانيين وكذلك فإن
المعروف أنَّ الإتحاد السوفياتي قد
أرسل الجيش الأحمر إلى أفغانستان في
نهايات سبعينات القرن الماضي بحجة أن
الفوضى التي غدت تضرب هذا البلد، بعد
انقلاب حفيظ الله أمين، باتت تشكل
خطراً على الجمهوريات الإسلامية
المتاخمة. إنه من
غير الممكن احتمال استمرار تدفق
الأشقاء من اللاجئين السوريين لا
أمنياً ولا «لوجستياً» وبخاصة وأن
المتوقع أن تصل أعدادهم إلى عشرات
الألوف يومياً ولذلك فيجب أن يتركز
الجهد العربي والدولي الآن على نقطتين
هما الأولى: كإيجاد ملاذات آمنة محمية
دولياً بموجب البند السابع من ميثاق
الأمم المتحدة داخل الأراضي السورية
للاجئين السوريين وبأشراف دولي
ومسؤولية دولية أما الثانية ، فهي أنه
لابد مما لابدَّ منه وهو لجوء مجلس
الأمن أو حتى حلف الأطلسي إلى عملية
استئصالية كالتي جرت في ليبيا وكالتي
كانت قبل ذلك قد جرت في البلقان.. إن
الأمور لم تعد تحتمل الإنتظار وإنَّ
الحلول السياسية التي يجري الحديث
عنها بات من الواضح أنها غير ممكنة في
ظل هذا الموقف المستغرب الذي تتخذه
روسيا ولذلك فإنه هذا هو الرَّد. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |