ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 11-03-2013 جمهورية
'جبهة النصرة' واخواتها عبد
الباري عطوان 2013-03-10 القدس
العربي من
الواضح ان جامعة الدول العربية والدول
التي تجلس خلف عجلة القيادة فيها في
واد، بينما الأمور تسير في واد آخر
مختلف كليا. نحن بالقطع نتحدث هنا عن
الشأن السوري وتطوراته وليس عن القضية
الفلسطينية التي لم تعد القضية
المركزية الاولى، ولا حتى العاشرة على
سلم اولويات الحكومات العربية. الدكتور
نبيل العربي امين عام هذه الجامعة
فاجأنا قبل ايام بدعوة الائتلاف
الوطني السوري الممثل الشرعي المعترف
به عربيا للمعارضة لتشكيل 'هيئة
تنفيذية'، او بالأحرى حكومة انتقالية
لتسليمها مقعد سورية، وتمثيلها رسميا
في القمة العربية التي ستعقد في الدوحة
اواخر هذا الشهر. الرد
على هذه الدعوة جاء سريعا بالأمس عندما
اعلنت المعارضة السورية تأجيل
اجتماعها الذي كان مقررا في مدينة
اسطنبول يوم غد، بسبب خلافات متفاقمة
بين الرؤوس داخل الائتلاف الوطني حول
الحقائب الوزارية، ورئاسة الوزراء
والحصص، حسب ما قال السيد سمير النشار
عضو المجلس الوطني السوري. تشكيل
مجموعات اسلامية مقاتلة لوزارة حقيقية
تحت اسم الهيئة الشرعية للمنطقة
الشرقية (دير الزور وجوارها) من سورية
يوم امس، لكي تتولى ادارة شؤون الناس
في هذه المناطق التي يسيطر عليها
مقاتلو المعارضة، والجبهات الاسلامية
المتشددة على وجه الخصوص، يؤكد ان هذه
الجبهات هي القيادة المستقبلية لأجزاء
عديدة من سورية، سواء بقي النظام او لم
يبق. جبهة
النصرة الاسلامية واخواتها تطبق حاليا
نموذج حركة طالبان في افغانستان
حرفيا، وهو النموذج الذي بدأ بتطبيق
الشريعة وتحقيق الأمان، وطرد لوردات
الحرب في قندهار، ليمتد بعد ذلك الى
تسعين في المئة من الاراضي الأفغانية. ' ' ' اهالي
مدينة قندهار ضاقوا ذرعا من حالات
الفوضى الأمنية واعمال النهب والسرقة،
وبلطجة لوردات الحرب، اسوة بالمناطق
الاخرى بعد انهيار الحكومة المركزية
التي كان يتولاها الشيخ رباني في
كابول، ولذلك رحبوا بالزحف الطالباني
بحثا عن الامن الذي تقدم عندهم على
رغيف الخبز. مناطق
اخرى عانت من البلطجة نفسها ارسلت
وفودا الى حركة طالبان تحمل دعوات
صريحة بإدارة شؤونهم وتخليصهم من
البلطجة واعادة الأمن والطمأنينة الى
نفوسهم، وحماية مصالحهم وأعراضهم. سورية
في الوقت الراهن تعيش الظروف نفسها
التي عاشتها افغانستان في فترة ما بعد
خروج القوات السوفييتية وانتصار
المجاهدين، وبات النزوح الى مناطق
آمنة في دول الجوار هو الخيار لأكثر من
مليون سوري منذ بدء الأزمة، وهناك
توقعات بأن يرتفع الرقم الى ثلاثة
ملايين مع نهاية هذا العام، تماما
مثلما حدث في افغانستان (اللجوء الى
باكستان) واريتريا (السودان) والصومال (اليمن
وكينيا). الدول
الخليجية، والسعودية وقطر على وجه
الخصوص، اقنعت جون كيري وزير الخارجية
الامريكية بأن تكثيف عمليات التسليح
للمعارضة المسلحة التي تقاتل لإسقاط
النظام هو الطريق الوحيد لتغيير
موازين القوى وانهاء حالة الجمود
الحالية لانجاز احد هدفين، الاول
اسقاط النظام بوتيرة اسرع،والثاني
الضغط عليه للقبول بحل سياسي يؤدي الى
رحيله في نهاية المطاف. النظام
السوري بات يدرك جيدا ان معركته
للسيطرة على الاطراف خاسرة، ولذلك بات
يركز كل جهوده لحماية العاصمة دمشق
ومنع سقوطها، لان سقوطها يعني سقوطه،
ولهذا سحب معظم قواته الضاربة
والموالية للدفاع عنها. اختطاف
مجموعة المراقبين الدوليين قرب حدود
هضبة الجولان من قبل احدى الجماعات
المسلحة يؤكد هذا التوجه، وانكفاء
النظام الى الداخل استعدادا للمعركة
المصيرية للاستيلاء على العاصمة. هذا
الفراغ الذي تتسع رقعته حاليا وبشكل
متسارع ستملأه جبهة النصرة واخواتها،
تماما مثلما ملأت طالبان الفراغ
الناجم عن تراجع سيطرة الحكومة
المركزية وضعف قبضتها الامنية
والادارية. ويمكن الاشارة ايضا الى
نموذج حزب الله في جنوب لبنان كمثل
اضافي في هذا الاطار. القلق
الاسرائيلي المتصاعد من هذا الفراغ
وتنامي سيطرة الجماعات الاسلامية
المتشددة، والمتمثل في اقامة السور
العازل على الحدود، وتكثيف اعداد
القوات المرابطة على الجانب الآخر من
حدود الجولان، وتحذير النظام السوري
من اقامة منطقة عازلة على الحدود بعمق
بضعة كيلومترات على غرار نظيرتها في
جنوب لبنان، كلها شواهد تعزز هذا
السيناريو. ' ' ' المملكة
العربية السعودية قدمت ضمانات لوزير
الخارجية الامريكي بان الاسلحة
الكرواتية المتقدمة التي ارسلتها
للمعارضة المسلحة في الاسابيع
الماضية، واي اسلحة جديدة تسير في
الاتجاه نفسه، لن تصل الى الجماعات
الاسلامية المتشددة، ويبدو انها قدمت
حججا اقنعته بتأييد خطوتها هذه،
وتبديد مخاوفه السابقة، ولكن من الصعب
الجزم، ومن خلال تجارب سابقة،
الاقتناع بمدى عملية هذه الضمانات
السعودية. فالاسلحة حتما ستصل الى جبهة
النصرة والفصائل الاخرى الاقرب الى
ايديولوجية 'القاعدة' بشكل مباشر او
غير مباشر. النظام
السوري يعيش مأزقا كبيرا لا شك في ذلك،
وكذلك الدول العربية الداعمة للثورة
السورية المسلحة، ولكن المأزق الاكبر
هو الذي تعيشه اسرائيل، ففترة الهدوء
التي عاشتها جبهة الجولان منذ عام 1973
تتآكل تدريجيا، امام زحف الكتائب
الاسلامية نحو الحدود، وقد تجد
اسرائيل نفسها تواجه حزب الله في جنوب
لبنان، وربما كتائب للقاعدة بالتنسيق
او عدم التنسيق معه، وكتائب النصرة
وشقيقاتها في الحدود الشرقية. المعارضة
السورية المعتدلة التي تريدها دول
اصدقاء الشعب السوري تأخرت هي والدول
الداعمة لها، وانشغلت اكثر بالمناصب
وتشكيل الائتلافات، بينما تحصد
الجماعات الجهادية ثمار انتصاراتها
على الارض. فإذا كان البعض يخشى من
اسلام الاخوان المسلمين ويحاربه،
فعليه الآن ان يستعد للاسلام الجهادي
الذي هزم امريكا في العراق وفي
افغانستان، وربما فرنسا وقواتها في
مالي والساحل الافريقي. ================= جعجع
يدعو "حزب الله" عبر "النهار" إلى
التوقّف عن التدخّل في سوريا
ايلي الحاج
2013-03-11 النهار نأى
رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير
جعجع بنفسه موقتاً آخر ساعات عطلة
الأسبوع أمس عن الشأن الانتخابي الذي
لم يحمل جديداً لافتاً، وبدا خلال حديث
هاتفي مع "النهار" شديد الاهتمام
بما يجري في سوريا. في
السياق، قال جعجع إنه يتابع تقارير
أجنبية تتحدث عن استخدام أسلحة
كيميائية في حمص، و"إذا صحّت هذه
التقارير فيكون نظام بشار الأسد دخل
مسار القضاء على نفسه بنفسه. المسألة
ليست أقل من هذا الحجم. هذه سابقة في
التاريخ ان تستخدم اسلحة تكتية لقمع
ثورة شعبية داخلية. وفي رأيي إذا كانت
التقارير صحيحة فلن تتأخر المجموعة
العربية والدولية في التدخل مباشرةً
في سوريا عاجلاً ام آجلاً، وذلك بفعل
ضغط الرأي العام العربي والدولي". هذا
الموضوع، أضاف، "أضعه برسم كل من
يستمرّ في لبنان في تأييد النظام
السوري او يدعمه في شكلٍ او آخر،
وأيضاً برسم الرأي العام اللبناني
ليتبيّن له بوضوح ما هي طبيعة الافرقاء
السياسيين المعنيين في لبنان، وما هي
حدود اخلاقياتهم". وتناول
"ادعاء حزب الله" انه يقاتل "جبهة
النصرة" في حمص لئلا يضطر إلى قتالها
في بيروت. قال: "هذا كلام مردود. فمن
عليه ان يقاتل "النصرة" او غيرها
من المتطرفين في بيروت، او الهرمل او
النبطية او زحلة او عكار او سواها، هو
الدولة اللبنانية ومن خلفها الشعب
اللبناني بأكمله، تماماً كما حدث مع
"فتح الاسلام" في نهر البارد.
الدولة قاتلت الارهاب بنفسها هناك
وكان خلفها الشعب، وإن باستثناء حزب
الله". وكانت
نبرة جعجع خلال الحديث الهاتفي تؤكد
اقتناعه التام بأن "أعمال حزب الله
في سوريا هي التي ستستجرّ "جبهة
النصرة" الى لبنان، مما يوقع بلادنا
وشعبنا بأكمله في ورطة اكبر بكثير من
قدرتها على التحمّل. لذلك المطلوب قبل
اي شيء آخر ان يتوقف حزب الله عن التدخل
العسكري والأمني في سوريا. وكذلك وقف
أي تدخل لبناني أمني او عسكري – اذا
كان هناك تدخل من هذا القبيل – في
الثورة السورية". ليختم،
بأسلوبه: "ماذا وإلا... سيكون حزب
الله او غيره مسؤولين من جديد عن الزج
بلبنان في أتون حديد ونار، لا يعرف
مداه إلا الله". ================= "النأي"
فَشِل وغالبية الحكومة مع الأسد! سركيس
نعوم
2013-03-11 النهار اذا كان
صحيحاً ما نشرته السبت الماضي الزميلة
"الاخبار"، وهو قول الرئيس ميشال
سليمان في رومانيا في شباط 2012، "علينا
البحث في استعادة سوريا الى جامعة
الدول العربية لأن لبنان اعترض على
تجميد عضويتها" فلا يكون خرق سياسة
"النأي بالنفس" التي اعتمدتها
الدولة رسمياً في "اعلان بعبدا"
بالحياد الذي وافق عليه اطراف "الحوار
الوطني" في 11/ 6/ 2012، والتي عبّر عنها
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اكثر من مرة
قبل الاعلان وبعده. لكن احداً لم "تُقَم
القيامة عليه" آنذاك ربما لأن
الأزمة – الحرب السورية لم تكن اكملت
عامها الأول ولأن غموضاً كثيفاً كان
يلفها. طبعاً
ليس الهدف من "الموقف" اليوم
التعرض لرئيس الجمهورية. بل هو تناول
ما ورد في كلمة وزير الخارجية عدنان
منصور في جلسة مجلس وزراء الخارجية
العرب الذي استضافته القاهرة الاسبوع
الماضي، وتناقض مواقف فريقي 8 و14 آذار
منه. إذ اعتبره الأول منسجماً مع سياسة
الحكومة والآخر مناقضاً لها. وفي هذا
المجال يمكن الاشارة الى الآتي: 1 – لا
يمكن أي متابع محايد لاوضاع لبنان الا
اعتبار كلمة الوزير منصور خروجاً على
سياسة "النأي بالنفس" الرسمية في
الموضوع السوري. والاعتداد بكلام
الرئيس سليمان في رومانيا لتبريرها
ليس في محله لأن سياسة الدولة داخلاً
وخارجاً يضعها مجلس الوزراء وليس رئيس
الجمهورية جزءاً منه الا عندما يقرر
حضور واحدة من جلساته. 2 – لا
يمكن أي متابع محايد لاوضاع لبنان الا
اعتبار ان مكونات الحكومة الحالية،
وغالبيتها تنتمي الى فريق 8 آذار
المؤيد لنظام الاسد، وافقت على "النأي
بالنفس" رسمياً على الأقل، ولم
تعترض على أي ترجمة عملية له على
الصعيد الحكومي. 3 – لا
يمكن أي متابع محايد لأوضاع لبنان الا
اعتبار ان الحكومة الحالية فشلت في
تطبيق "سياسة النأي بالنفس" عن
الأزمة – الحرب السورية. فهي اكتفت
بمواقف سياسية واعلامية في محافل
خارجية، باستثناء "المحفل"
الأخير في القاهرة، وفي مناسبات
داخلية معينة. لكنها عجزت عن منع
اللبنانيين المنقسمين نصفين شبه
متساويين من "التورط" أو الانضمام
إلى أحد طرفيها، ومن تلبية حاجاتهما
سواء الى السلاح أو الى الرجال أو الى
المال (نقله) أو الى الخبرة. وبدت
الحكومة جراء ذلك مثل "النعامة التي
تدفن رأسها في الرمال". ذلك ان "النأي
بالنفس" يجب ان يشمل اللبنانيين كي
يبعد الأذى عن لبنان. فضلاً عن ان
اكتفاء الحكومة بممارسته نظرياً أبعد
الأذى عنها وحدها أو عن رئيسها ورئيس
الدولة في صورة موقتة. والآن حان وقت
الاستحقاق. اما لبنان فقد وضعه ذلك في
عين العاصفة. 4 –
نُسِبَت الحكومة الحالية يوم تشكيلها
الى "حزب الله" و"سوريا الأسد"
وايران الاسلامية. وعاد ذلك الى تأييد
غالبية مكوناتها للثلاثي المذكور. أما
مكوناتها الأخرى فنوعان: واحد، مع "الحزب"
لأسباب واقعية معروفة. وآخر، كان مع
الثلاثي نفسه، ويعارض بعض سياساته
اللبنانية ويجهر بذلك، لكن لا أحد يعرف
اذا كان يستطيع فعلاً الخروج عليه.
وطبعاً وفَّر ذلك للحكومة أجواء دولية
مريحة. أما الأجواء الاقليمية (العربية)
فبقيت سلبية. الا ان ما حصل بسبب
المواقف الأخيرة للوزير منصور كشف ان
الحكومة بغالبيتها ليست مع "النأي
بالنفس"، وانها عاجزة في الوقت نفسه
عن منع خصوم الثلاثي المذكور أعلاه من
العمل لمصلحة خصومه. 5 –
نظرياً، كان موقف منصور في القاهرة
مؤذياً لميقاتي خصوصاً انه جاء بعد
موقف "عنتري" له في تلفزيون
لبناني أكد فيه انه هو وليس منصور من
يحدد السياسة الخارجية للبنان.
والرسالة "القاسية" التي قيل انه
وجهها الى وزير خارجيته لا ترد
الاعتبار. فالأذى تسبب به كلام علني،
ولا يمحوه كتاب خطي غير منشور، ولا حتى
اعتذار فعلي أو شفوي. علماً ان ذلك ليس
وارداً حتى الآن على الأقل. طبعاً،
لا نحرض بذلك على وزير الخارجية
المعروف بمهنيته واحترافه رغم
اختلافنا معه في السياسة. لكننا نشرح
واقعاً يحتاج الى معالجة. فهل تكون
المعالجة بفصل وزير أو باستقالته على
شبه استحالة ذلك؟ او تكون باستقالة
الرئيس ميقاتي اذا كان قادراً على ذلك؟
أم تكون، ولبنان على أبواب انتخابات
نيابية، معالجة شاملة اي اتفاق على
قانون انتخابي نسبي – أكثري (قاعدته
قانون الرئيس نبيه بري)، وعلى حكومة
جديدة "محايدة" للاشراف على
الانتخابات؟ ================= الشعب
السوري.. بين التوغل السبئي والسرطان
الطائفي! خالد
هنداوي 11-3-2013 الشرق لعل
التطورات الدراماتيكية المتسارعة
مؤخرا في حلبة الصراع السورية ـ
ميدانيا بين المقاومة الشعبية والجيش
الحر وبين جيش عصابة الأسد وشبيحته من
جهة وسياسيا بين ائتلاف الثورة
والمعارضة ومعهم القلة القليلة من
الأصدقاء الأوفياء للشعب السوري وبين
الكثرة المتآمرة في الحقيقة ضد الثورة
من اللاعبين الكبار وأذنابهم الصغار
في الحلبة ـ تفسر لنا لماذا يطول مشوار
هذه الحرب بشقيها الميداني والسياسي،
دون أن يظهر الغالب على وجه قوي يحقق
التوازن وذلك بسبب مواصلة وضع العصي في
العجلات كيلا تحرز الثورة تقدما
حقيقيا ملموسا يرجح الكفة، لأنه يراد
لها من قوى الظلام المحلية والإقليمية
والدولية ألا ترتفع إلى حد الانتصار
الحاسم طبعا مع عجز هذه القوى الجبارة
عن أن توقف حركة السنن الكونية في تقدم
هذا الحق على الباطل في جولات وصولات
فارقات رغم تباين عتاد الفريقين إذ لا
مقارنة إطلاقا، ولعل هذا هو وحده ما
يجعل الثورة مستمرة باقية إذ إن ثقتها
بحقها تجعلها لا تعول إلا على الله
وتضحية الثوار الوطنيين حقا غير عابئة
بنيران التدمير التي تحصد العباد
والبلاد مما يعمق ثباتها على الأرض
فتعيد الكرة تلو الكرة على جيوش الظلام
وخفافيش الشبيحة لتدك أمس بابا عمرو في
حمص العدية وتسيطر عليه تماما مع جزء
من حي الإنشاءات بعد أن ظن الأشرار
أنهم تمكنوا منهما منذ عدة أشهر وهكذا
فالحق أقوى من الطغيان وهاهي كتائبه
تدقه من جديد ويحرز أبطاله أكبر التقدم
والانتصار في دير الزور وريف حماة
وتتهاوى طائرات الغدر كل يوم لنبقى مع
ورود الآمال فالتشاؤم علامة العجز وأي
تشاؤم يمكن أن يستحوذ على القلوب
ومحافظة الرقة تسقط بكاملها ويؤسر
محافظها ورئيس الحزب والأمن فيها قبل
أيام، إنني أجزم أنه مع هذه البطولات
الخارقة لو تبنت دولة صادقة حقا ومهما
كانت صغيرة أولئك الأشاوس لصنعوا
المعجزات العظيمة وفي زمن قياسي، لكن
الحر يسأل أين الرجال أليس في منتهى
العجب والخيبة أن تجد من يدعم اللانظام
القاتل من صهاينة وطائفيين بكل وقاحة
دون مواربة لأجل حماية إسرائيل
والباطنيين دون أن تجد الحاكم البطل
المنتظر الواهب جل ما لديه من موارد
بشرية وثروات لحماية المدنيين
والمظلومين والسجناء والمشردين ونصر
الثوار الذين يدافعون عن كل حر ليقطعوا
الطريق أمام مشاريع التوغل السبئي
والطائفية السرطانية المصاحبة له على
الدوام، ولعل ما نلمسه من حرب إعلامية
وسياسية بل وميدانية اليوم كيلا يسقط
هذان الخبيثان هو ما يفسر الخوف الذريع
من بزوغ فجر الحرية بعد ليل الاستبداد
الطويل، وإن هذا الدرس الذي يعلمه
المستعمر والمحتل الكبير للمستبد
والدكتاتور الصغير هو المنهج الذي لم
يشذ من قبل ولا من بعد حفاظا على
مكاسبهما ولو هلكت العباد والبلاد، ثم
لا تسأل أبداً عن الضمير فإن فاقد
الشيء لا يعطيه ألم ينفذ المجرم حافظ
الأسد الشعار الذي طرحه منذ يوم 8/3/1963
من القرن الماضي أن الرجعية أخطر من
إسرائيل ويجب القضاء عليها قبل
إسرائيل، فوفى بتعهده للصهاينة
الأرجاس وقتل وقبر جماعيا عشرات
الآلاف وشرد الملايين ليضمن حق المحتل
فالمستبد لابد خادم له وهو الأخطر، وما
المجازر التي يقترفها الجزار ابنه
بالمئات إلا امتدادا لعشراتها التي
ارتكبها هو قبله، ولاشك أن الكرسي له
ثمن وإن هذا لهو أرخص شيء لديهما عند
أسيادهما وما أشبه الليلة بالبارحة
فهذا نوري بل ظلامي المالكي الطائفي
الحاقد يصرح بمنتهى الوقاحة أنه إذا
أحرزت المعارضة السورية تقدما أو
انتصارا فإن حربا أهلية ستبدأ في لبنان
وإن الأردن سوف يقسم وإن الحرب
الطائفية ستندلع في العراق - أما يكفي
ما يعانيه من مشكلات ضده في بلده - أي إن
كل حال لابد أن يكون في صالح الجزارين
الطائفيين إلا انتصار الثوار على
الأشرار ولا غرو فالأشرار هم شركاؤه
والأخيار هم أعداؤه ويكفي أن
الايدولوجيا مختلفة وأن ولاية الفقيه
هي الحاكمة عليه وأن هذا هو هدف إيران
الذي هو تابع لها وأمريكا التي هو
صنيعتها حتى قال أحد رجال ائتلاف دولة
القانون: وما المانع أن يكون المالكي
ذكيا فيرضي إيران وأمريكا في وقت واحد،
فلا ريب أبداً أن أهداف الصهاينة
والباطنية تتلاقى عبر التاريخ وإن
كانت الثانية أخطر لأنها تمثل الطائفي
الحاقد المستبد فها هو المالكي يسخر
جنوده وقاذفاته لمناجزة الجيش الحر
على معبر اليعربية مع الحدود العراقية
كما سخر نصر الله جنوده لمناجزة
واحتلال القرى التسع السورية الحدودية
مع لبنان. إن العدو المتربص واحد،
إسرائيل وأمريكا وروسيا والصين
التابعة وإيران وعراق المالكي وحزب
الله الطائفيين الذين يتقربون إلى
ملاليهم بذبح السنة بالسكاكين كما حدث
أمس في المليحة بريف دمشق وكما حدث
لأربعة عشر من المدنيين الذين وجدوا
قتلى في نهر قويق في حلب وكما سلط
الجزار صواريخ سكود أمس على الشمال
السوري، ورغم كل هذا فقد تزايدت
الانشقاقات حتى من الفرقة الرابعة
التي يقودها ماهر الأسد حيث انشق أمس
خمسمائة جندي، والآخرون إذا تمكنوا
فسوف يفعلون مما يؤيد أن الحل السياسي
الذي تسعى له السياسة الأوبامية
الحربائية مع البوتينية الدببية
الغبية واللتان يبدو أنهما قد اتفقتا
على إبقاء الجزار المجرم هذه المرحلة
الانتقالية على ما تريان سوف لن ينجح
مادام الشعب ومقاومته والجيش الحر
لمكرهما بالمرصاد، هؤلاء الذين لن
يبيعوا ضمائرهم كما باعها ويبيعها
هؤلاء بجميع ما في الأرض من أموال
وإغراءات وهكذا ففسطاط أهل الشام ساحة
الحق وما يعده الصهاينة والمستعمرون
والباطنيون ومن معهم والذين اتفقوا
على عشق الظلام هو ساحة الباطل، وليقل
كيري وزير الخارجية وهاغل وزير الدفاع
الأمريكيان ما يشاءان من أن في إيران
حكومة منتخبة ولينفذا طلبها أن تبقى
ذات دور إقليمي خصوصا في العراق وسوريا
ولبنان وليوافقهما أوباما فالقول في
النهاية ما تقوله الشعوب طال الزمن أو
قصر وإن جولة الباطل ساعة وإن صولة
الحق إلى قيام الساعة. ================= أيها
العلمانيون والإسلاميون العرب تعلموا
من تركيا! فيصل
القاسم الشرق
11-3-2013 لا شك
أن زعيم حركة النهضة التونسية السيد
راشد الغنوشي كان موفقاً جداً في
تصريحه رداً على وزير الداخلية
الفرنسي الذي اتهم الإسلاميين
التونسيين بأنهم يحاولون فرض توجههم
الديني على المجتمع التونسي. فرد عليه
الغنوشي قائلاً: "إن أبواب المساجد
والحانات والشواطئ مفتوحة في تونس".
وهو لا شك رد مفحم على الذين راحوا
يخوفون بلدان الربيع العربي التي
تحكمها أحزاب إسلامية من قيام
الإسلاميين بفرض تقاليدهم وعاداتهم
بالقوة على المجتمع وأسلمته عنوة. قد
يختلف بعض الإسلاميين مع حركة النهضة
على اعتبار أنها أقرب إلى النموذج
الإسلامي التركي المعتدل جداً منها
إلى الحركات التي تسعى إلى فرض نموذج
إسلامي خالص على بلدانها. لكن، وبكل
صراحة، إذا أرادت الحركات الإسلامية
التي دخلت المعترك السياسي بقوة بعد
الربيع العربي أن تبقى في الساحة،
وتتنافس بشكل ديمقراطي حقيقي مع بقية
الأحزاب، عليها أن تحذو حذو المثال
التونسي والتركي، لأنهما حزبان
إسلاميان ديمقراطيان بامتياز يقبلان
بالتعددية التي هي جوهر الديمقراطية.
وخير دليل على ذلك أن السيد الغنوشي
قال في رده على منتقدي الإسلاميين إن
المسجد في تونس لن يفرض أجندته على
الناس، بل هو مجرد مرفق من مرافق
الدولة، مثله في ذلك مثل الحانة وشواطئ
السباحة والسياحة. كلام
السيد الغنوشي طبعاً يجب ألا يؤخذ
بمعناه السطحي الذي قد يثير بعض
الإسلاميين المتشددين الذين وجدوا في
وصولهم إلى السلطة بعد ثورات الربيع
العربي فرصة لتحويل المجتمعات العربية
إلى مجتمعات ذات لون إسلامي خالص. لكن
التصريح في واقع الأمر يؤسس لدولة
ديمقراطية مدنية حقيقية يستطيع فيها
الإسلاميون أن يحكموا بطريقة لا تنفّر
أحداً، ويتناوبوا على الحكم طالما
التزموا بمبدأ التعددية المقدس
ديمقراطياً. هناك
أمران في غاية الأهمية يرتكز عليهما
تصريح السيد الغنوشي، ويجب على جميع
الإسلاميين أن يأخذوهما بعين
الاعتبار، ألا وهما أن جوهر
الديمقراطية أن يكون الحكم فيها
مدنياً وقائماً على مبدأ المواطنة
التعددية التي تترك شأن المعتقد
للشعب، ولا تحاول فرضه على الناس لا
بالقوة الخشنة ولا حتى الناعمة،
فالمواطنة الحقيقية تعني أن يكون
الإنسان حراً في توجهاته السياسية
والفكرية والثقافية والدينية
والحياتية العامة، فمن شاء أن يرتاد
المسجد فليفعل، ومن شاء أن يرتاد
الحانة أو الشواطئ فليفعل. وهذا لا
يعني أن القوى السياسية في المجتمع لا
تستطيع أن تعبر عن توجهاتها الثقافية
والفكرية والعقدية، فهذا مسموح به في
الديمقراطيات، وبإمكان الجميع أن
يتنافسوا ديمقراطياً وسلمياً، والرأي
يعود في النهاية إلى الناس، فهم الذين
يقررون من يتبعون بناء على سياساته
وبرامجه الانتخابية وإنجازاته
السابقة. وقد لاحظنا كيف تحول جزء مهم
من الشعب التركي إلى مناصرة التيار
الإسلامي رغم وجود علمانية صارخة
ومتشددة في البلاد منصوص عليها عنوة في
الدستور. لقد
لاحظنا كيف أن العاملين في المرافق
الترفيهية كالحانات وحتى بيوت اللهو
قد صوتوا لأردوغان، لأنهم وجدوا فيه
وفي حزبه مثالاً يحتذى في محاربة
الفساد والظلم والتنمية والنهوض
بالبلاد اقتصادياً. لا يستطيع إنسان في
رأسه ذرة عقل حتى لو كان ماجناً إلا أن
يبايع حزب أردوغان عندما يراه وقد وضع
تركيا على قائمة الدول العشر الأكثر
نمواً اقتصادياً في العالم، وفي الوقت
نفسه ترك الناس يديرون حياتهم
بطريقتهم الخاصة بعيداً عن الابتزاز
أو التوجيه الديني الفاقع. إن
الأنظمة الإسلامية كالنموذج التركي
والتونسي هي وحدها القادرة ليس فقط على
البقاء في المعترك السياسي، بل أيضاً
المحافظة على وحدة بلادها، خاصة أن
الأنظمة المتشددة التي حاولت فرض
النموذج الإسلامي بالقوة انتهى بها
الأمر إلى تخريب بلدانها وتفتيتها
وتمزيقها. لاحظوا كيف تفكك السودان
بسبب السياسات الطائشة التي بدل أن
تترك جنوب السودان يعيش على طريقته،
حاولت أن تفرض عليه الشريعة الإسلامية
رغماً عنه، فانتهى به الأمر إلى
الانفصال عن البلاد، لا بل الدخول معها
في معارك عدائية لا تنتهي. ولا ننس ما
حل بفلسطين بسبب الفشل في عدم المواءمة
بين العلمانية والإسلام، فانتهى الأمر
بالفلسطينيين إلى دويلتي غزة
الإسلامية ورام الله العلمانية. وعلى
القيادة المصرية الجديدة أن تتعلم
الدرس من السودان وفلسطين، وأن تعلم أن
الانقسام في مصر خطير جداً، ليس فقط
بين مسلم ومسيحي، بل أيضاً بين القوى
الإسلامية والقوى الليبرالية
والعلمانية المسلمة. ليس كل
من يدين بالدين الإسلامي يريد أن يعيش
بموجب الشريعة الإسلامية. وهذه حقيقة
واضحة للعيان في مصر وفلسطين وتونس
وسوريا وبقية البلدان العربية. لاحظوا
الفرق الهائل في أسلوب العيش الذي
يريده سكان قطاع غزة، والأسلوب الذي
يريده سكان رام الله. ولاحظوا أيضاً
الفرق الشاسع بين أسلوب الحياة الذي
تريده القوى المنضوية تحت لواء جبهة
الإنقاذ المصرية والأسلوب الذي يريده
الإخوان والسلفيون في مصر. على الأحزاب
الإسلامية التي تصل إلى السلطة أن تضع
هذه الحقائق الصارخة أمام أعينها، وأن
تعمل بنصيحة السيد الغنوشي الذي لا
يمانع في فتح أبواب المساجد والحانات
والشواطئ في آن معاً. ويجب ألا تنسى تلك
الأحزاب أننا نعيش في عصر العولمة التي
جعلت من العالم قرية واحدة يتعايش فيها
كل التيارات الثقافية والدينية
والقومية جنباً إلى جنب. وكل من يحاول
أن يفرض نموذجه على الآخرين سيخسر
المعركة، ويصبح منبوذاً. لاحظوا كيف أن
المعارضة المصرية تقف بالمرصاد لحزب
الحرية والعدالة الإسلامي رغم أنه حزب
معتدل، ويسعى إلى دولة مدنية حسب قوله،
مع ذلك فهناك حساسية كبيرة لدى الأطراف
الأخرى تجاهه خوفاً من أن يفرض أجندته
الثقافية على المجتمع. ولاحظوا أيضاً
الهيجان السياسي والإعلامي ضد حركة
النهضة التونسية رغم اعتدالها الشديد
واقترابها من النموذج التركي، مع ذلك
فهي تتعرض لحملة شعواء لمجرد أنها ذات
لون إسلامي. باختصار،
على القوى الإسلامية أن تدرك أن أي
محاولة لفرض لون واحد على المجتمعات
العربية في حقبة ما بعد الربيع العربي
ستكون كارثية بكل المقاييس. وهذا
الكلام موجه أيضاً للقوى العلمانية
والليبرالية التي يجب عليها أيضاً أن
تتخلص من أصوليتها العلمانية الصارخة،
وأن تتوقف عن شيطنة الإسلاميين لمجرد
أنهم يخالفونها في الرأي والتوجه.
فليتعلم العلمانيون العرب من جماعة
أتاتورك في تركيا الذين بعد تخندقهم
وتعنتهم الشديد لعشرات السنين وراء
متاريسهم العلمانية المتطرفة، إلا
أنهم لم يستطيعوا في نهاية المطاف إلا
أن يتعايشوا، ويقبلوا بالتيار
الإسلامي من أجل مصلحة تركيا. لذلك،
فكما هو مطلوب من الإسلاميين العرب أن
يتعلموا من أردوغان، فعلى العلمانيين
العرب أن يتعلموا أيضاً من علمانيي
تركيا، وألا يضعوا العصي في عجلات
الحكومات الإسلامية بطريقة صبيانية
شلت الحياة الاقتصادية، وعكرت صفو
الشعوب، وأثرت على لقمة عيشها في بلاد
مثل مصر وتونس، وجعلتها في حيرة من
أمرها كي لا نقول شيئاً آخر. ================= ميسر
الشمري الإثنين
١١ مارس ٢٠١٣ الحياة سورية
تحترق. الشعب السوري يُذبح بالمُهل
والمؤتمرات. عدم توافق المجتمع الدولي
أعطى نظام الأسد عشرات الفرص لارتكاب
المجزرة تلو الأخرى. أبشع الأنظمة عبر
التاريخ لم تضع الأطفال دروعاً بشرية.
الأسد فعل ذلك بخِسَّة. حرائر سورية
اغتُصبن. علماء المسلمين يناقشون جواز
إجهاض المغتصبة من عدمه. حصل ذلك في
التاريخ البعيد. الأسد لا يعيد إنتاج
التاريخ، لكنه يريد أن يزيد عليه صفحة
من البشاعة واللانسانية. صحيح أن
هناك أصواتاً عدة حاولت - ولا تزال - أن
تقول للمجتمع الدولي إن هناك جريمة
يندى لها جبين الإنسانية، لكن هذه
الأصوات اصطدمت بجدار العهر السياسي
الذي تقاسمته - في هذا العصر الذي أصبحت
فيه السياسية تدار كما المواخير - كل من
روسيا والصين وإيران. شعوب
العالم تغلي وهي تتابع ما يجري في
سورية. الناس تغتسل بماء الصبر على
حكام توضأوا بالقذارة السياسية.
أميركا تنتظر قرار إسرائيل. أوباما
رهين لونه. الاتحاد الأوروبي الذي تدين
غالبية شعوبه بالمسيحية ما زال يتعلم
كيفية صلاة الاستخارة لدى المسلمين.
الأتراك يراقبون تحركات حزب العمال
الكردستاني من أعالي الأناضول وعيونهم
على جبال قنديل. العالم العربي مشغول
بصعود «الإخوان المسلمون» في دول «الربيع
العربي»، وعيناه على ما يكتبه جيل تحرر
من عبودية الرقابة بفضل مواقع التواصل
الاجتماعي. عروش أصبحت ترى في «تويتر»
قبورها وفي «فيسبوك» أكفاناً لعروش
أينعت ولم يحن وقت قطافها بعدُ. الأسد
يدرك كل هذه المعطيات. الذين حوله
يعيدون عليه مشاهد مقتل القذافي كلما
لاحظوا أنه تراخى في الحل الأمني، وهو
بلا شك لا يريد مصيراً مثل مصير زميله
القذافي، فيزداد حباً للدم فيعمل آلته
الحربية في الشعب الأعزل. الأسد ليس
دموياً أو سيئاً كما يقول من عرفوه،
لكنا عرفنا - خلال الثورة السورية - أن
السوء يتبرأ منه، ولو أنه استعاذ من
الشيطان لخرج إبليس وقال له: لم أفعل ما
فعلته يا فخامة الرئيس. الثورة
السورية مرحلة مفصلية في تاريخ الأمة،
ونجاحها يعني - في ما يعني - انتصار
المقاومة العراقية واجتثاث أزلام
إيران من العراق ولبنان، وبالتالي
تجنيب المنطقة صراعاً طائفياً مهدت له
الثورة الإسلامية في إيران منذ أن وصل
الخميني إلى الحكم في شباط (فبراير) 1979.
نجاح الثورة السورية هو نهاية التجاذب
الطائفي الذي جعل شعوب المنطقة
يتمترسون خلف مذاهبهم، خوفاً من ضياع
الهوية. ثوار سورية يصنعون اليوم كفن
القلق الذي انتابنا منذ أكثر من ثلاثة
عقود. السوريون سيكنسون المد الصفوي
الذي وصل إلى شواطئ المتوسط بتواطؤ من
نظام الأسد الأب أولاً والابن لاحقاً.
ثوار سورية اليوم يكتبون التاريخ بدم
عربي. تماماً كما فعل العراقيون في حرب
السنوات الثمان. المحابر والأقلام
التي سيكتب بها التاريخ من الآن
فصاعداً ستكون أقلاماً عربية لا
أعجمية. ثوار سورية سيجعلون أبو الطيب
المتنبئ يخجل من كل كلمة مدح قالها في
بنات فارس وأعياد النيروز. ثوار
سورية يصنعون سفينة خلاص الأمة. أتمنى
صادقاً أن يبقى المجتمع الدولي
متردداً حيال الثورة في سورية،
ليفاجئه الثوار ذات صباح أغر وهم
يقرأون البيان رقم واحد عبر إذاعة دمشق.
عندها سترتفع بساطير الثوار فوق رؤوس
المتخاذلين. لا
يساورني شك في أن دمشق قاب قوسين أو
أدنى من أيدي الثوار. الدم ضريبة
الحرية، والدم السوري الذي استباحه
الأسد وزمرته الفاسدة سيكون ثمنه
غالياً، ليس على الأسد فحسب، بل على
المجتمع الدولي الذي ترك «سفاح جلق» (وجلق
منه براء) يعربد في دماء الشعب السوري
لأكثر من عامين من دون أن يرف له جفن.
أخيراً أقول لثوار سورية من درعا
جنوباً إلى إدلب شمالاً ومن دير الزور
شرقاً إلى اللاذقية غرباً: إن «النصر
صبر ساعة» وقد صبرتم شهوراً. أنتم الآن
تكتبون بيان الثورة الأول بدماء
أطفالكم. هذا كله سيصبح جزءاً من تاريخ
أنتم من أراد أن يصنعه، وعليكم ألا
تدعوا الآخرين يصنعون تاريخكم بعد
انتصار الثورة. تسامَحوا. تسامَوا على
الجراح. أعطوا من تخاذل عن اللحاق
بالثورة فرصة ليكفر عن خطئه. العلويون
والدروز والأرمن والسريان والتركمان
والأكراد والمردلية جزء من نسيج سورية
فلا تمزقوا هذا النسيج الذي حماه
أجدادكم بالدم كما تفعلون أنتم اليوم. ================= المواجهة
المذهبية... من بيروت إلى بغداد! جورج
سمعان الإثنين
١١ مارس ٢٠١٣ الحياة بات من
العبث الحديث عن تسوية محتملة لوقف
الحرب في سورية. والمنتظرون نتائج
الحوار بين واشنطن وموسكو، أو بينها
وبين طهران، ربما عليهم أن ينتظروا
طويلاً حتى تكتمل عناصر الصفقة، لأنها
تشمل الكثير من الملفات العالقة
والمترابطة. وليس هناك ما يشير إلى
توافر الشروط والعناصر المطلوبة
لإنجاز كبير أو اختراق مفصلي. يكفي أن
إيران التي باتت اللاعب الأول في هذا
الحرب، يزداد شعورها باستحالة قدرة
المجتمع الدولي على منعها من امتلاك
قنبلتها النووية. فإذا كانت الإدارة
الأميركية تخشى التدخل العسكري في
سورية، على خلفية ما واجهت قواتها في
العراق وما تواجه في أفغانستان، كيف
يمكن الجمهورية الإسلامية أن تقتنع
بجدية التلويح بالخيار العسكري؟ تعتقد
إيران أن المجتمع الدولي يمكن أن
يتعامل مع قنبلتها كتعامله مع القنبلة
الهندية والباكستانية والكورية
الشمالية. ما يريده منها وما تريده هي
أيضاً هو انخراطها في آليات العمل
الدولي لحماية السلم في الشرق الأوسط
الكبير، من المتوسط إلى آسيا الوسطى
وبناء نظام يوفر الاستقرار والحماية
للمصالح الدولية. والخلاف هو على تعريف
دور الجمهورية الإسلامية وحدود هذا
الدور لئلا يكون مجرد انخراط في
المشروع الأميركي، على جبهة فلسطين
والخليج وغيرهما. وما يعزز الموقف
الإيراني هو تزامنه مع طموح روسيا إلى
استعادة حضورها في هذه المنطقة وحماية
مصالحها فيها، وإلى ضمان حصتها في سوق
السلاح، فضلاً عن رغبتها في تبديد
مخاوفها من الدرع الصاروخية التي بدأ
حلف «الناتو» نشرها على نحو يحكم الطوق
حولها. ويمتد الطموح إلى جنوب شرقي
آسيا حيث تلتقي والصين لمواجهة
الاستراتيجية الأميركية الجديدة هناك. في ضوء
هذه العوامل يبدو من الهراء الحديث عن
إمكان قيام مرحلة انتقالية أو حكومة
موقتة أو انتقال سلمي للسلطة في دمشق.
فلا المعارضة تؤمن بشيء اسمه الحوار مع
النظام لأن ذلك يعني القبول بتسوية
معه، ما تريده هو مفاوضات تمهد لتسلمها
السلطة، ولا النظام يمكنه أن يقدم على
تنازل ذي معنى لأن ذلك يقوده حتماً إلى
تقديم المزيد حتى الرحيل. وأبعد من
هذين الموقفين، ظهرت على سطح الأزمة
قضايا كبتتها طويلاً اليد الثقيلة
للأجهزة الأمنية. خرج إلى العلن «تحالف
الأقليات» (المسيحيين والعلويين
والدروز...) و «استقلال» الأكراد في
مناطقهم، فيما يتوسع انخراط السنّة
بمعظم طبقاتهم وفئاتهم في الحرب
الدائرة. في ظل هذا الفرز وما تخلفه
المواجهات من مجازر وتهجير واقتلاع
وتدمير، كيف يمكن إعادة تركيب الصورة
الواحدة؟ أو كيف يمكن إعادة بناء الثقة
بين هذه المكونات؟ ثمة تجربة معبرة في
العراق حيث الثقة مفقودة في هذا البلد
الذي لا يزال يتلمس وحدته بلا جدوى منذ
سقوط نظام صدام حسين. من
العبث انتظار تسوية داخلية في سورية،
فيما الحرب تصب مزيداً من الزيت في
الصراع المذهبي المكبوت تحت الرماد في
كل الإقليم. ونظرة إلى جزء من الخريطة
الممتدة من شواطئ بيروت إلى ضفاف دجلة
والفرات، تظهر خطوط التماس التي
تتواجه فيها مجموعات مذهبية متناحرة
تضع الإصبع على الزناد. ولعل أخطر ما في
هذا الاصطفاف أن شرارة واحدة، أو خطأ
في الحسابات والتقديرات، يمكن أن يشعل
حرباً واسعة على امتداد هذه الخطوط.
بات واضحاً أن النظام السوري وحلفاءه
اللبنانيين يركزون على خط طويل يمتد من
محافظة إدلب إلى الجولان، مروراً بحمص
وريفها والشريط الساحلي إلى دمشق أو
جزئها الغربي، ويتصل شمالاً وغرباً
بالهرمل والبقاع حيث التجمعات الشيعية
الأكبر. ومن شأن
هذا الخط ليس توفير منطقة آمنة للنظام
إذا أرغم على الخروج من العاصمة، بل
عزل الكتل السنّية اللبنانية، في
الشمال خصوصاً عن نظيرتها في سورية،
وتعطيل قدرتها على مد المعارضة بما
تحتاج إليه من أسباب القوة. في حين تسعى
الحكومة العراقية وأجهزتها والقوى
الحليفة لإيران في قطع التواصل عبر
الحدود بين التجمعات السنّية شرق
سورية وغرب العراق. في المشهد أكثر من
كماشة، بحيث يحاول كل من هذه الخطوط أن
يضغط على الآخر ليضعه بين مطرقة
وسندان، أو بين طرفي «أكورديان»، على
ما كان يقول ياسر عرفات عشية الاجتياح
الإسرائيلي لبنان عام 1982. وليس
سراً أن ثمة تصميماً سورياً - عراقياً
على بقاء الحدود مفتوحة بين البلدين
لتوفير انسياب كل ما تحتاج إليه دمشق
من العراق وإيران، بعدما هدد أهل
الأنبار بقطع خطوط الإمداد هذه، وبعد
استيلاء «الجيش الحر» على معابر
أساسية بين البلدين. ولم تتوانَ حكومة
بغداد عن زج قواتها علناً لمنع اكتمال
الحلقة الشرقية من الطوق على سورية.
وليس سراً أيضاً أن ثمة تصميماً
مماثلاً سورياً - لبنانياً على بقاء «طريق
الشام» مفتوحة بين البلدين لتوفير
حرية الحركة هذه. ويشي
هذا بأن المعركة الحاسمة التي يتحدثون
عنها في العاصمة السورية قد لا تكون
قريبة. كما أن ما يتداول عن مشروع
انكفاء النظام إلى الشريط الساحلي
مبالغ فيه. صحيح أن أركان النظام
يستعدون لخيار الإقامة في هذا الشريط
إذا ضاق الخناق عليهم واضطروا إلى
إخلاء العاصمة، لكن الصحيح أيضاً أن
خروجهم من دمشق سيشكل مجازفة كبيرة
بفقدانهم «شرعيتهم». وهذا ما لا يساعد
حلفاءهم على مواصلة دعمهم. كما أن
خروجهم قد يولد خلافات وانقسامات في
أوساط الحلقات الضيقة والواسعة التي
تلتف حول الرئيس وإدارته. إذ لا يبقى
هناك معنى لأن تواصل هذه دعمها لشخص
رئيس أعاد الطائفة إلى قاعدتها
الجغرافية بعدما كانت تمددت في طول
البلاد وعرضها وتجاوزت الحدود إلى
الجيران في الجهات الأربع؟ حيال
هذا الانخراط اللبناني والعراقي في
الحرب، وحيال المراوحة الأميركية –
الروسية، وتصميم إيران على بقاء
الرئيس الأسد في «قصر الشعب» في
قاسيون، و «حزب الله» في السراي
الحكومية، و «دولة القانون» على رأس
الحكومة في بغداد، يحاول المحور
المناهض لدمشق وطهران استعادة زمام
المبادرة. ولم يكن منح ائتلاف المعارضة
مقعد سورية في مجلس الجامعة أولى
الخطوات. ســبق ذلك تبدل في المواقف
على الحدود مع الأردن وتركيا لإصلاح
الخلل في ميزان القوى بين المتصارعين.
ويرجح أن ترتفع وتيرة التحرك عبر هذه
الحدود إذا ما بدا أن سورية مقبلة على
مزيد من التفتيت بما يسمح بتصاعد قوى
التطرف. فقدرة اللاعبين الدوليين على
الانتظار والاحتمال غير قدرة الأردن
وتركيا، إذا تحول جارهما إلى صومال أو
أفغانستان. المحور
المناهض عاد يستنهض قواه لرفع التحدي.
نجحت دول الخليج وعلى رأسها المملكة
العربية السعودية في ضبط إيقاع الأزمة
في البحرين. لكن استجابتها للرغبة
الدولية في إعطاء فرصة لحل سياسي في
سورية طالت أكثر مما يمكن الانتظار،
فبدت كمن يتعثر في السعي إلى كسر «الطوق
الإيراني» الملتف من اليمن إلى العراق
فسورية ولبنان. ولم يقتصر «سلاح» هذا
المحور على مواجهة جسري الإمداد
الإيراني والروسي لنظام الأسد بـ «جسر
ميداني» عبر أكثر من بوابة. تعداه إلى
أدوات أخرى، إذ لم تتأخر الأمانة
العامة لدول مجلس التعاون في نقل رسالة
واضحة إلى المسؤولين اللبنانيين تظل -
مهما قيل في مضمونها - تحمل تحذيراً من
مغبة انخراط هذا البلد في الحرب
السورية دعماً لطرف على حساب الآخر. لم
تسكت هذه الدول على موقف وزير الخارجية
اللبناني في مجلس الجامعة، مثلما لن
تسكت على تعرض مسؤولين أو قيادات
سياسية مشاركة في حكومة نجيب ميقاتي
لدول خليجية. وتمتلك هذه الدول كثيراً
من وسائل الضغط التي تبدأ بوقف تجديد
إجازات العمل والتأشيرات للعاملين
اللبنانيين في أراضيها، ووقف
المساعدات لخزينة الدولة والمشاريع
المشتركة أو تمويل مشاريع معينة، إلى
فرض نوع من العقوبات كتلك المفروضة على
سورية، من تحويلات مالية وصادرات
نفطية واستثمارات... لا
يتوقع أن تثمر الضغوط الخليجية
تغييراً في لبنان حيث يتوقع استمرار
الحكومة ما دام بقاؤها يخدم المصلحة
الإيرانية والسورية. وقد تتأجل
الانتخابات النيابية ما لم يضمن أطراف
هذه الوزارة قانوناً انتخابياً يوفر
لهم أرجحية في المجلس المقبل. فلبنان،
على رغم مشاركة طرفيه المتصارعين في
الحرب الدائرة في سورية، يظل بوابة
رئيسة مفتوحة تتيح لأركان النظام
السوري التفلت من العقوبات المفروضة
عليهم، سواء في حركة الأموال والبضائع
وحركة السفر من مطار بيروت وغيره من
المرافئ... وكل ذلك بتغطية من الحكومة
ومساعدتها. إلا أن موقف مجلس التعاون
العائد إلى بيروت قد يعيد ترميم ما
تهدم من جسور بين أركان حلفائه في «14
آذار» الذين ضربهم انقسام حاد ليس بسبب
تعدد المواقف من مشروع القانون «الأرثوذكسي»
للانتخابات فحسب، بل من جملة اعتبارات
ومعطيات على رأسها عدم وضوح الرؤية أو
الخطة التي يملكها خصوم دمشق وطهران في
ما يخص ملفات كثيرة في مقدمها الثورة
السورية. ومن
لبنان إلى العراق، يبدو واضحاً أن
الدعم العربي، والخليجي خصوصاً، الذي
يلقاه الحراك الواسع والمتصاعد في
المحافظات السنّية يحرج رئيس الحكومة
نوري المالكي ويخرجه من مواقفه
الملتبسة إلى الإفصاح عن حقيقة دوره في
مساندة النظام السوري. ويؤكد أن دولاً
عربية كبيرة لا يمكن أن تسلم بارتهان
بغداد للمشروع الإيراني، وإن بدا أن
واشنطن سلمت بهذه الحقيقة. فإذا لم
تنجح مقاومتها هذا التمدد الإيراني،
فإنها لن تمده بأسباب الراحة
والاستكانة والهدوء. والسؤال
المقلق على ضفاف هذه الخطوط المذهبية
المتقابلة: هل تقتصر الحرب السورية على
حدودها الحالية أم تجتاح المنطقة كلها
تفتيتاً وتقسيماً تفيد منهما دول
الجوار الكبرى، وعلى رأسها إيران وليس...
إسرائيل وحدها؟ ================= الحوار
السوريّ يمنعه انتماء السلطة الى محور
اقليمي متصلّب يوسف
فخر الدين * الإثنين
١١ مارس ٢٠١٣ الحياة كانت
مبادرة الشيخ معاذ الخطيب، رئيس
الائتلاف الوطنيّ لقوى الثورة
والمعارضة السوريّة، للحوار مع من لم
تتلوّث أيديهم بالدماء من أجل نقل
السلطة، لاقت موجة من الرفض في بعض
أوساط المعارضة، وكان من الواضح أنّ
هناك من الانتقادات التي سيقت ما هو
صائب، ومنها ما يبدو انفعاليّاً وغير
مدروس بما يكفي. إلّا أنّ الملفت
للانتباه بين وجهات النظر المعترضة
واحدة عكست مزاجاً عصبيّاً رافضاً
للحوار من أصله. وهو ما يتناسب مع
التجذّر الذي طبع الثورة بطابعه كردّ
فعل على دمويّة النظام، وقد تمّ
التعبير عنه في تسمية أحد أيّام الجمع
«لا للحوار». وامتازت
وجهة النظر هذه بتقديمها، بوضوح،
عناصر خطاب عدميّة سياسيّة لا يقلّل من
سلبيّتها أنّها ردّ فعل على عدميّة
النظام، كما ظهر أنّها تعاكس معنى
الثورة السوريّة الديموقراطيّة التي
بشّرت بانفتاح السياسة وأساليبها بعد
طول إغلاق ومنع. أبعد من ذلك، أظهرت
استعادة العدميّين الحجج نفسها التي
قُدّمت في مواجهة هيئة التنسيق
الوطنيّة للاعتراض على مبادرة الخطيب،
فقدانهم العلاقة مع التغييرات الجارية
في البلد، ومنها تنامي المكوّن
العسكريّ في الثورة، وتحوّله إلى سلطة
أمر واقع على مساحات متزايدة. وهو ما
يفترض الانتقال من ردّ الفعل السياسيّ
إلى الفعل والمبادرة، وإدراك تغيّر
النتائج المتوقّعة من الحوار إن حصل،
فالمتوقّع من السياسيّ حساسيّة عالية
تجاه التحوّلات للاستفادة منها، فما
بالك بمن انتقل من موقع المعارض الذي
يطالب بالاعتراف به إلى ممثّل إحدى
السلطتين الفعليّتين في سورية. بكلام
آخر، تفترض التغيّرات على الأرض من
أوساط «المعارضة» أن تمتلك الوعي
الكافي لإدراك أنّ الحوار الذي كانت
نتائجه المتوقّعة في بداية الثورة
إفساح المجال أمام النظام للمناورة
وإشاعة الاسترخاء داخليّاً وخارجيّاً
للاستفراد بالثورة وسحقها، أصبح بعد
سيطرة الجيش الحرّ على مناطق واسعة
يؤدي إلى انتزاع مكتسبات ليس أقلّها –
إن حصل، وأحسنت المعارضة إدارته -
إطلاق سراح عشرات الآلاف من
المعتقلين، الذين ستشارك غالبيتهم في
العمل الثوريّ المدنيّ، ووقف قصف
المدن والبلدات المحرّرة، فيُتاح لها
البدء في عمليّة بناء مؤسّساتها. هذا
إذا وضعنا جانباً أنّ أيّ تسوية ممكنة
لا تستطيع بعد اليوم تجاوز مطالب ممثّل
سياسيّ لطرف يسيطر على مناطق واسعة،
ويحوز على شعبيّة كبيرة في الكثير من
المناطق التي يسيطر عليها النظام. مع
العلم أنّه من العسف والتسرّع افتراض
أنّ كلّ من يرفض الحوار لا يدرك
المتغيّرات وما تفتح عليه من إمكانات،
فهناك من يرفض الحوار، مع معرفته
بالمتغيّرات، لعدم ثقته بأنّ القوى
السياسيّة والعسكريّة للثورة
بمقدورها بناء نموذج مغرٍ في مناطق
سيطرتها، ومن البدهيّ أنّ الفشل في هذا
الصدد سينعكس على المجتمع السوريّ
نفوراً من البديل الذي خذلهم. أيضاً
هناك من يجد أنّ اتساع دائرة العنف هو
سبيله لزيادة شعبيّته، ومفتاحه
للسيطرة، ومثل هذا لا ينحصر في القوى
الراديكاليّة من المكوّن العسكريّ
فقط، بل في بعض من ينتمون إلى قوى
سياسيّة صغيرة تجد في محاكاة الغضب
الشعبيّ الناتج من دمويّة النظام
فرصتها لزيادة شعبيّتها وتوسيع دورها.
ولعلّ هناك في ما يقولونه شبهة بأنّهم
يخشون من أنّ إطلاق عمليّة سياسيّة في
ظرفهم الراهن قد يؤدّي إلى توزيع أدوار
مبكّرة استناداً إلى حجم القوى
وتأثيرها، ما يضعف دوراً اكتسبوه على
أساس الفرز بين مؤيّد للحوار ورافض له
في مراحل الثورة الأولى. في
المقابل، ينتمي المنحازون لطرح
الحوار، إلى مواقع سياسيّة وفكريّة
متباينة، منهم من يتشارك مع النظام في
أفكار أو حساسيّات، ومنهم من يخشى من
المكوّن العسكريّ بوضعه الراهن
والنفوذ الإسلاميّ الراديكاليّ
المتنامي فيه، ومنهم من لم يقنعه ما
تمّ من محاولات للتنظيم في مقابل فوضى
واسعة النطاق ما زالت معمّمة في
المناطق المحرّرة. وإضافة إلى هؤلاء
وغيرهم هناك من يدافع عن الحوار كمنهج
تفكير لا يقطع مع حقّ الناس بمقاومة
القهر والطغيان، ولكنّه يجده سبيلاً
أصيلاً لتحصيل الحقوق، ويعتقد أنّ
أهميّته تتعدّى الفترة الراهنة إلى
ضرورة تعميمه ثقافة لدى ثوّار وجمهور
سيكون عليهم إيجاد حلول لمشكلات بينهم
ليست بالقليلة. وأصحاب هذا الرأي
مهجوسون بالبناء، في الوقت الذي يفرض
عنف السلطة الحاكمة الانشغال بالهدم،
ولا يسوءهم اتهامهم بأنّهم إصلاحيّون،
أو ممثّلون عن الطبقة الوسطى الفزعة من
الثورة (في الواقع الكثيرون منهم هم
ممّن شاركوا فيها منذ بداياتها). ويعلم
أصحاب منهج الحوار أنّ له شروطاً
ومساراً ونتيجة تنتمي إلى المستوى
السياسيّ للصراع الجاري، ويعلمون
أيضاً أنّ تصلّب السلطة الحاكمة،
وانتماءها إلى محور إقليميّ متصلّب،
هو السبب الرئيس لغياب إمكانيّة
الحوار حتّى الآن، ويعتقدون أنّه في
سياق الصراعات تجرى تغيّرات من
المفترض على أصحاب القرار إدراكها
والتفاعل معها، والتقاط انعكاسها على
الاحتمالات السياسيّة. وهو ما يعني
عندهم أنّ من واجب أصحاب القرار في
المعارضة أن يقلّبوا كلّ يوم إمكانيّة
أن يكون الوقت قد أصبح مناسباً لتحصيل
المكاسب، وفتح باب التاريخ السياسيّ،
أمام الشعب السوريّ، من دون المزيد من
الخسائر، أي أن تفكّر المعارضة من موقع
الدولة الوطنيّة بعد أن ثبت أنّ السلطة
الحاكمة لا تفعل. ويترقّب أصحاب منهج
الحوار المرحلة التي سينتقل فيها
الصراع في شكل كامل، ومن الطرفين، إلى
حرب أهليّة طائفيّة بعد أن فعل النظام
ما بوسعه للوصول إليها. ويعتقدون أنّ
كفّة تقسيم البلد حينها ستكون أكثر
رجحاناً، وأنّ القدرة على المصالحة
الوطنيّة ستصبح أبعد منالاً، وأنّ
مكتسبات طرح الحوار من قبل المعارضة،
بعد التطوّرات التي حصلت، تتضمّن
تجاوز انغلاق تفكير بعض أطرافها على
متابعة إمكانية تلقّي الدعم الدوليّ
من عدمها، إلى مستويين سياسيّين
داخليّين لا غنى عنهما للمكوّن
المدنيّ الديموقراطيّ. فطرح
الحوار يساهم في استعادة المعارضة
حيويّة سياسيّة بدا لفترة أنّها
فقدتها، ما يفعّل مهمّة بناء
مؤسّساتها، واستعادة اللغة اللازمة
لولادة ثقافة مدنيّة ديموقراطيّة شاع
الإحباط أخيراً من أن يكون الأمل
بتحقّقها من ضحايا الحرب. وكلا الأمرين
(المؤسّساتيّ والثقافيّ) لازم
لاسترجاع المكوّن المدنيّ
الديموقراطيّ بعض دوره. ولكلّ ما سبق،
استنكر الحريصون على الحوار، كثقافة
وفاعليّة سياسيّة، بشدّة، رفض بعض
السياسيّين طرحه كفكرة واحتمال، بصرف
النظرّ عن إمكانيّة تحقيقه اليوم أو
بعد حين، مع السلطة الحاكمة أو مع
مؤيّديها بعد سقوطها. ================= اكرم
البني الشرق
الاوسط 11-3-2013 هو سؤال
يثار باستغراب بعد عامين من الثورة، عن
سر استمرار السوريين في ثورتهم أمام
هذا القمع العنيف والمعمم، ومن أين
يستمدون قوتهم وعزيمتهم في ظل ما
يكابدونه وهذا العدد الكبير من
الضحايا والجرحى والمعتقلين
واللاجئين، وفي ظل مشهد يبدون فيه
كأنهم يواجهون مصيرهم منفردين، ربطا
بضعف الموقفين العربي والدولي، فالأول
لم يرق إلى مصاف شدة هذه الأزمة
وعمقها، والثاني يعاني من تشتت
وحسابات سياسية تعوق بناء دور أممي
يساهم في المعالجة والحل! بعد
معاناة لم يعرف شعب ثائر لها مثيلا،
يفاجئك إصرار غير مسبوق عند الناس على
الاستمرار والتغيير، نابع ربما ليس من
عمق الرد على اضطهاد وإذلال مديدين
وقهر شديد من التمييز والتهميش، أو من
رفض عميق لهذه الاستباحة غير المسبوقة
من قبل أهل الحكم لحقوقهم وحيواتهم
واستخدام كل أصناف الفتك والتنكيل
للحفاظ على مواقعهم وامتيازاتهم، بقدر
ما هو إصرار الناس على رفض واقع وصل إلى
حدود غير مقبولة، تتجاوز كل طاقة على
الاحتمال، وصار فيه العيش محالا ورجحت
كفة تفضيل الموت على الخضوع! وما
يزيد من دينامية السوريين ويرفع روح
الإيثار ودرجة الاستعداد لمواجهة
العنف المفرط، شيوع إحساس لدى
غالبيتهم بأن ما يحصل هو لحظة للتغيير
يصعب تكرارها، ولنقل فرصة تاريخية
نادرة للخلاص من منطق القوة والتمييز
والغلبة، والأهم حضور إدراك عام بأن أي
توقف أو عودة إلى الوراء هو الطامة
الكبرى وسوف يمكن الدولة الأمنية من
تثبيت تحكمها بمصائر البلاد والعباد
ويضع الأجيال القادمة في شروط أسوأ
بكثير مما هو قائم الآن، وهنا لعب
العجز المزمن لأشد أدوات الفتك
والتدمير في قمع الثورة أو محاصرتها
دورا إضافيا في منح السوريين كثيرا من
الأمل والثقة بقدرتهم على الاستمرار
وتحقيق أهدافهم. إن
الحملات العسكرية والأمنية على
اتساعها وشدتها لم تستطع أن تثني الناس
أو تكسر إرادتها، ولم تنفع مناورات
النظام السياسية ودعواته للحوار، أو
محاولات استمالة بعض القطاعات
الاجتماعية بتوفير حاجاتها المعيشية
على حساب حرمان قطاعات أخرى، أو
تخويفهم بالفوضى وغياب الأمن وباحتمال
استيلاء تنظيمات إسلامية متطرفة على
السلطة وفرض ثقافتها وأجندتها على
الدولة والمجتمع. والقصد أن عجز الخيار
الأمني والعسكري بأسلحته الجبارة عن
حسم الأمور وفشله في إطفاء جذوة الحراك
الشعبي على الرغم من حجم الدمار
والخراب والضحايا، عزز ثقة الناس
بأنفسهم وبخياراتهم وبجدوى ما يقومون
به، وبأن قضيتهم أصبحت عصية على القمع. وما زاد
الثقة والإصرار وعزيمة الاستمرار،
نجاح الثورة في إفشال محاولات تشويهها
أخلاقيا والتشكيك بأغراضها السياسية،
أو عزلها وإثارة الفتن والتفرقة بين
صفوفها وفئاتها، مما يشجع على
الاستنتاج بأن لغة الحديد والنار، لم
يعد لها أي فاعلية وجدوى، بل صارت تحفز
همم الناس أكثر، وتترك أصحابها عرضة
للمزيد من ردود الفعل السلبية
ولتأثيرات بعيدة المدى في علاقتهم مع
المجتمع ومدى تماسك صفوفهم، بدليل
تواتر الانشقاقات وظواهر التهرب من
المسؤولية التي باتت تسم سلوك الكثير
من العاملين في مرافق الدولة
ومؤسساتها. ثمة
حافز آخر مكن السوريين وشد من أزرهم،
هو طابع ثورتهم التي بدأت ولا تزال في
وجهها الرئيسي عفوية، واستمرت رغم شدة
الفتك والتنكيل، من دون قوى سياسية
عريقة تقودها أو شخصيات تاريخية تتصدر
صفوفها، وأنها أينعت بفعل الانتشار
الواسع لقيادات ميدانية مختلفة
المنابت والرؤى لا تخضع لمرجعية واحدة
ويجمعها هدف مشترك هو توظيف
الاحتقانات والرفض الشعبي لتعزيز خيار
التمرد والاستمرار في الثورة. صحيح أن
المعارضة السياسية على اختلاف أطيافها
وضعت نفسها في خدمة الثورة، وصحيح أن
ثمة مبادرات لتنظيم صفوفها وتوحيد
المواقف تتوالد ولا بد أن يكتب لها
النجاح تحت ضغط الحاجة وحجم التضحيات،
لكن ربما صحيح أيضا تندر البعض بأنه من
حسن حظ الثورة السورية أنها نشأت عفوية
واستمرت من دون رأس واضح يديرها أو
مخطط يحكمها، وإلا لكانت آلة التدمير
الهائلة قد قطعت رأسها ودمرت مخططاتها
منذ زمن بعيد. الرفض
العميق للاستبداد وما خلفه من قهر
وفساد، ووضوح مطالب الحرية والكرامة
واتساع المناطق التي خرجت عن سيطرة
السلطة، على الرغم من الملاحظات
السلبية حول إدارة شؤونها وحول تمثل
أهداف الثورة في الحرية واحترام
التنوع والتعددية، ثم ديمومة الاحتضان
الشعبي وتنوع قياداتها الميدانية، هي
حوافز صريحة لهذا الاستمرار المبين
للسوريين في ثورتهم. وإذا
أضفنا ما تعممه الثقافة الإسلامية من
حب للشهادة وأيضا روح الوفاء للدماء
الزكية التي أريقت ولمعاناة الألوف من
الجرحى والمعتقلين والمشردين، وما
يترتب على ذلك من حرج أخلاقي في
التراجع أو إبداء الضعف ونكث الوعود،
ومن مسؤولية كبيرة في الاستبسال من أجل
استمرار الثورة وحمايتها، ثم الحماسة
المنقطعة النظير لمن يفاخرون بأنهم
تذوقوا طعم الحرية وصار الموت عندهم
سهلا دونها، يمكن أن نقف عند أهم
الأسباب التي لا تزال تحفز همم أكثرية
السوريين للتغيير وتساعد أيضا على كسر
تردد آخرين وضم فئات جديدة إلى الصفوف. ليس
الغرض من عرض حوافز استمرار السوريين
في ثورتهم تقديم أمل كاذب أو شحنة
تفاؤل، بل للتأكيد على أن هذا الشعب
المنكوب قد تجاوز مرحلة الانتكاس ووصل
لنقطة لا عودة منها، وأن خطر إجهاض
ثورته أو كسر شوكتها صار وراءه،
وللتذكير أيضا بأن هذا الشعب الذي
طالما صنف في خانة الاستثناء عند
الحديث عن الانتفاض والثورة، يثبت
للعالم أجمع اليوم أنه شعب حر، وأنه
مثلما كابد وواجه طيلة عقود ظلما
وشروطا لا ترحم، فهو يزخر بطاقة لا
تنضب وباستعداد استثنائي للتضحية، حتى
تحقيق حلمه في مجتمع الحرية والكرامة. ==================== مسلسل
خلافات المعارضة السورية.. المؤسف اليوم
السعودية 11-3-2013 مجدداً
تدخل أطراف المعارضة السورية في دوامة
الخلافات فيما يتعلق بتشكيل حكومة. وفي
الحقيقة فإن أعجب الخلافات هي
الخلافات التي تدب في أوساط المعارضة
السورية، لأنها خلافات مجانية وليس
لها مناسبة ولا سبب ولا طعم ولا رئحة،
بالنظر إلى أن سوريا تتمزق
وسيناريوهات التقسيم والالتهام تفصح
عن نفسها يومياً، والسوريون يواجهون
آلة قتل إيرانية روسية عاتية وجبارة لا
ترحم صغيراً ولا كبيراً ولا امرأة ولا
رجلاً ولا توقفها محرمات أو مبادئ،
وعملية التطهير تعمل ليل نهار،
واللاجئون السوريون يلتحفون السماوات
ويجولون في فجاج الأرض. ومع كل ذلك تجد
أطراف المعارضة السورية مناسبة ووقتاً
للخلاف والهرج والمرج حول منصب أو
أسلوب او كلمة. والخلاف
حول تشكيل الحكومة ليس خلافا طارئاً
ولا جديداً وما بات مستغرباً إذ
المعارضة السورية منذ سنتين لا تتخلص
من خلاف حتى تلقي نفسها في آخر، وكأن
أعضاء المعارضة زبائن منتديات فكرية
يتناقشون في رفاهيات الحياة
وفلسفاتها، إلى الدرجة التي يعتقد
فيها المرء أن سبب تأخر انتصار الثورة
هي خلافات المعارضة نفسها. فهذه
الخلافات أعطت لنظام الأسد ورعاته
وقتاً ثميناً لإعاقة انتصار الثورة،
وأعطتهم الفرص الذهبية لترتيب مواقفهم
وشراء الوقت لنظام الأسد، وأعطتهم
الفرصة لممارسة مساوماتهم الدولية في
وقت مريح، فيما غبار المعارضة السورية
يثور في العواصم العالمية وفي القنوات
التلفزيونية. والذي
يعود إلى المشهد السوري منذ اندلاع
ثورة التحرير في درعا، يجد أن المعارضة
أخذت وقتاً طويلاً حتى بدأت على شكل
هيئة وأخذت وقتاً حتى شكلت المجلس
الوطني ووقتاً أطول حتى وافقت على
البدء بالدفاع المسلح عن النفس بعد
أشهر عجاف يتلقى السوريون رصاص النظام
بصدورهم وأيديهم العزلى. ثم مضى وقت
طويل حتى تكون الائتلاف الوطني السوري.
وحتى الائتلاف لم تشكله لمعارضة
طواعية أو من باب الحاجة والضرورة
وإنما شكلته بضغط دولي. والعجيب أيضاً
أن المعارضة السورية تحتاج لضغط دولي
حتى تقتنع بفكرة الوحدة، فيما وحشية
النظام ورعاته موحدة وتمارس قتلاً
يومياً للسوريين وتدميراً حاقداً
للمدن السورية. وسبق أن
أخفقت المعارضة في محاولة تشكيل
حكومة، والآن تدب الخلافات حول حكومة
جديدة، على الرغم أيضاً من وجود ضغط
عربي لتشكيل هيئة تمثيلية تسلم مقعد
سوريا في الجامعة العربية. والمخيف
إنه إذا كانت المعارضة تتنازع وتتخالف
على لا شيء، فكيف يمكنها أن تتفق على
حكومة سورية في الداخل تدير بلداً
وثروات وتبرم معاهدات وتخطط لبناء
سوريا الحرة الجديدة المستقلة وتواجه
تغولات الأعداء ومؤامراتهم. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |